الفقه والمسائل الطبيّة

الشيخ محمد آصف المحسني

الفقه والمسائل الطبيّة

المؤلف:

الشيخ محمد آصف المحسني


الموضوع : الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: ياران
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٣

استرخت فشدها بالذهب.

ونحن مع احترامنا لصاحب الجواهر رضي الله عنه وفقهه وتتبعه نقول : إنّ المتيقن هو حرمة لبس الذهب. ولاحظ ما ذكرنا حوله في الجزء الثاني من كتابنا حدود الشريعة مادة لبس الذهب.

وأجاز أكثر فقهاء أهل السنة شد السن المتحركة بالذهب سوى أبي حنيفة وأبي يوسف فقالا إنه محرم ولا يباح إلاّ للضرورة (١).

٥ ـ يجوز وصل عظام الاِنسان بعظام الحيوانات وبالمواد البلاستيكية الحديثة وغيرها وبالحديد اذا كسر العظم أو تعيب ، نعم اذا كان في ظاهر البدن فلا بد من مراعاة ما لا ينافي الوضوء والغسل وغيرهما.

٦ ـ يجوز قطع الاصبع الزائد أو السن الزائدة لاصالة البراءة ، بل ولان بناء العقلاء على أنّ الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم ، وهذا البناء ممضاة عند الشارع في غير ما منعه ، ولاَنه نقص وشين فابقاءه عسر وقال تعالى : ( ويريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) (٢).

والبحث إنّما هو في قطع اليد أو الرجل أو العين أو الاَنف الزائدة ، والعمدة هي الثلاثة الاَُولى ، فهل يجوز قطعها؟ فيه وجهان ، وجه الجواز ما مرّ ، ووجه المنع إمكان فهم منعه من مذاق الشرع ، والاوجه الجواز. والعمدة من له رأسان فإن فرضنا أنّ كل رأس له فكر وقصد خاص به بحيث يعلم أنّ لكل رأس روحاً تعلق به فهما فردان وان كان بدنهما أو بعض بدنهما واحداً كما رأينا صورته في هذه الايام في بعض النشريات اليومية فلا يجوز قطع أحدهما ، واما ان علمنا من وحدة القصد والفكر أنّ

__________________

(١) الرؤية الاسلامية لبعض المسائل الطبية ص ٥١٠.

(٢) البقرة آية ١٨٥.

٢٦١

لهما روحاً واحدة ففي جواز قطع أحدهما وجهان ، والمسألة مشكلة جداً (١).

٧ ـ يجوز ثقب الاذان وتعليق الحلق فيها لعدم الدليل على المنع حتّى في الصبي ، فإنّ ألم الثقب في مثل زماننا خفيف جداً ، وما ذكره الغزالي وغيره من وجوه المنع (٢) ضعيف جداً لا يلتفت إليه.

٨ ـ يجوز تغيير هيئة الاَعضاء بالزيادة والنقصان بعملية جراحية كالانف والاذان والشفة والفك والذقن والثديين لرغبة في الحسن والجمال أو بطلب من زوجها : لعدم الدليل على المنع ، وأمّا تغييرها لاَجل نظر المشاهدين الاَجانب في السينما والتلفزيون ومحافل الفسق والفجوز فلا يجوز.

لا يقال : إنّ الفرض الاَوّل أيضاً يحرم للتدليس.

فإنّا نقول : قد مرّ سابقاً أنّ التدليس إنّما يحرم اذا أوجب ضرراً للغير لا مطلقاً ، على أنّ في صدق التدليس في المقام نظراً ، لان ـ الفرد ـ سواء فيه الذكر والاَُنثى ـ قد غير الواقع لا أنّه ستر الواقع بامر جميل مرغوب.

٩ ـ يجوز استقطاع بعض أعضاء البدن وزرعه في محل العضو المبتور ، ولا فرق في ذلك بين كون الاَوّل انفع أو الثاني ، فإنّ الناس مسلطون على أنفسهم فيما لم يحرمه الشارع ، نعم يمكن أنّ نستثني منه موردان :

__________________

(١) واما جواز زرع رأس آخر في بدن الانسان على مستوى فرد أو أفراد محدودة ففيه نظر لا يبعد الجواز ان لم يستلزم محذوراً آخر. لكن في اجراء أحكام من له الرأس أو من له البدن عليه بحث.

(٢) الرؤية الاسلامية لبعض المسائل الطبية ص ٥١٣ ـ ٥١٧.

٢٦٢

الاَوّل : ما اذا أمكن زرع مادة صناعية أو فلزية أو عضو من حيوان ، ففي مثله يشكل الاَمر بجواز قطع عضو البدن ، فتأمل.

الثاني : ما اذا كان العضو الذي يراد قطعه مهماً جداً كقطع لسانه لاصلاح انفه ، فإنه لا يجوز جزماً ، أو قلع عينه لاصلاح عضده مثلاً ، وهكذا. والبحث حول تفصيل جزئيات هذا الاستثناء طويل جداً ، وليس الحكم الشرعي واضحاً في جميع الصور ، كما اذا دار الاَمر بين فساد العينين معاً وفساد اللسان فهل يقطع أحدهما لاَجل الآخر؟ وأيّهما لايهما؟ ولِمَ؟ وكما اذا دار الامر بين الرجلين واليدين. وبالجملة : ترجيح الاَعضاء المهمة التي نعلم من مذاق الشرع حرمة الاِضرار بها وافسادها اذا دار الاَمر بين اتلاف بعضها لحفظ بعضها الآخر ليس بسهل.

١٠ ـ يجوز للاِنسان أنْ يهزل بدنه بأي وجه كان ، مثل المشي وتقليل الطعام وعملية سحب الدهون من الجسم اذا لم يضر بسلامته ضرراً كثيراً ، كما يجوز له تسمينه بأسباب مباحة.

١١ ـ يجوز استئصال ثدي امرأة اُصيبت بمرض سرطان الثدي وثبت ذلك بالقطع وكان بقاءه مضراً بحياتها ، ويجوز لها إجراء عملية تجميل للثدي المستأصل. وان شئت فقل : إنّ الاَوّل واجب والثاني جائز للاصل. وربما يمكن ان تجب أيضاً اذا أمر به الزوج وكان الزوج يتنفر من الزوجة بدون العملية المذكورة.

وهل مئونة العملية على الزوج أو على الزوجة أو فيه تفصيل؟ ولابدّ من مراجعة باب النفقات في كتاب النكاح لمعرفة الحكم.

ثم إنّ نزع الثدي لاَجل بيعها على الغير مما يشكل الحكم بجوازها شرعاً ، فلا يبعد تحريمه على الاحوط.

٢٦٣

المسألة الحادية والثلاثون

ما يتعلق بالخنثى

قال بعض الاَطباء : ظاهرة الخنثى : هناك سبع درجات من الذكورة ، وسبع درجات من الاَُنوثة ، كل أنثى فيها سبع صفات معينة على مستويات معينة في التركيب.

وكل رجل أيضاً له سبع درجات إذا اختلت درجة أو اكثر من هذه ، سيحدث فيه شيء من التناقض ، قد يقل وقد يكثر ، فإذا كان التناقض كاملاً ، نجد مخلوقاً انساناً جسمه جسم أنثى ، وجلده جلد أنثى ومظهره مظهر أنثى ، وله نعومة الاَُنثى ، وله فرج الاَُنثى ، إلاّ أن تركيبه الكروموزومي اكس واي مثل الذكر فهمنا تناقض ، الجسم له شكل ، والتركيب الكرموزومي له شكل آخر ، هذا أحد أنواع الخنوثة.

ولكن مثل هذا المخلوق ، أي هذه السيّدة تتزوج ، وتكون كفئا للزوجية ، وقد تكون على درجة عالية من الجمال الاَُنثوي ، وتعيش حياة زوجية سعيدة ، ولكنها لا تحمل أيضاً.

وقد يوجد بالمقابل الرجل الذي لا تنبت له لحية ، وقد تكون خصيتاه صغيرتين ، وقد يكون جسمه شحمياً كجسم المرأة ، وقد يكون ذكره صغيراً جداً ، وقد يكون كيسه خالياً من الخصيتين ، لاَنّ الخصيتين لم تنزلا من (الى ظ) الكيس ، وإنما ظلتا في البطن في مكانهما أيام أن كان جنيناً ، وقد يكون طرفة عند قناة البول ، لاَنها لا تفتح على طرف الذكر ولكن في قاعدته.

٢٦٤

وكم من مواليد ولدت على هذه الصورة ، تنظر القابلة أو المولدة فإذا هناك ما يشبه أن يكون ذكراً ، فإذا بال المولود لن يخرج البول من طرف الذكر ، وإنما من قاعدته ، ولاَن الكيس خال من الخصيتين ، لا ينهض أن يعطي أو يقنع أنه كيس ، فإذا بالطفل يسمى باسم أنثى. وآخر واحدة منهن عندي كان اسمها معصومة وولدت معصومة ولبست الفستان ، وراحت المدرسة وتخرجت من الثانوية ، وذهبت للتعيين ، وفي القومسيون الطبي أدركوا أنها مشعرة ، جسمها فيه شعر كثير ، وحضرت معصومة ، وجدنا أن تركيبها الاَصلي ذكر ، وأن في بطنها خصيتين ، وأن كلا من الشعر وكبر البظر ناتج عن الهرمونات.

ولما كانت قد نشأت أُنثى ، فإنها حتى بالرغم من أنها ذكر لن تصلح أبداً أن تكون ذكراً ، فأجريت لها عملية جراحية لاِنزال الخصيتين الموجودتين في البطن ، لاَنهما تكونان معرضتين للسرطان ، وحتى تتخلص من الهرمون الذكري ، الذي تفرزه الخصيتان ، وأزلنا معظم الذكر لنرد إليها علامات الاَُنوثة ، وأعطيناها الهرمون الاَُنثوي ، فكبر لها النهدان وأخبرنا أهلها أنها عندما تأتي لكي تتزوج تحضر لكي نعمل لها فرجاً صناعياً ، لتكون جاهزة للجنس ، ولكن أعلموا خطيبها أنها لاَمر ما لا تستطيع الاِنجاب.

الخنوثة قد تعقد لها المؤتمرات التي تستمر عدة أيام. ونكتفي بهذا القدر (١).

وقال آخر : إنّ تحديد الجنس نعتبره خمس خطوات : الخطوة الاَُولى التحديد الصبغي إذا كان يحمل الصبغ الصادي ام الصبغ السيني بجرعة

__________________

(١) ص ٤٦ وص ٤٦ الانجاب في ضوء الاسلام.

٢٦٥

مزدوجة ، وهذا المستوى الاَوّل. المستوى الثاني : هو نتيجة لوجود الصبغ الصادي سوف ينتج عنه تكوين الغدة الذكرية التي هي التناسلية التي هي الخصية ، ثم بعد ذلك يأتي دور الهرمونات في تكوين الاَعضاء الذكرية الخارجية والداخلية ، هذا أربع مستويات. والمستوى الخامس وهو بعد الولادة هذا الطفل بالنسبة لنا ذكر هذه خمسة مستويات فاذا كانت في اتجاه واحد يعتبر هذا ذكر كامل؛ وإذا كان فيه خلل بمعنى مستوى يؤدي إلى الاَُنوثة ومستوى يؤدي إلى الذكورة ، فهنا نبدأ في المشكلة ...

الطفل المخنث نوعان : مخنث كاذب ومخنث حقيقي ، المخنث الكاذب ممكن يكون خنثى لكن ذكرية أو خنثى أُنثوية ، يعني ، الاَعضاء التناسلية الخارجية تشير ان فيها شيئاً من الرجولة ولكن داخلها يبقى فيه مبيضان ، أو العكس صحيح الاَعضاء التناسلية فيها تقترب إلى الاَُنوثة لكن يبقى فيه خصيتان. أمّا النوع الثاني وهو الخصية الحقيقية هذا يستوجب وجود المبيض والخصيتين يعني خصية ومبيض لازم يكونوا موجودين ... (١) إذا عرفت هذا فالكلام يقع في أُمور :

( الاَمر الاَوّل ) : في نقل الاَحاديث المعتبرة سنداً :

١ ـ صحيح داود بن فرقد عن الصادق عليه السلام قال : سئل عن مولود ولد ( و ) له قبل وذكر ، كيف يورث؟ قال : إنْ كان يبول من ذكره فله ميراث الذكر ، وان كان يبول من القبل فله ميراث الاَُنثى (٢).

أقول : ليس المبال موضوعاً لمجرد الميراث ، بل هو علامة الذكورية

__________________

(١) ص ٥٣٢ وص ٥٣٣ رؤية إسلامية لزراعة بعض الاعضاء البشرية.

(٢) لاحظ كل ما نقله في هذا المقام من الاحاديث السبعة في ص ٤٨٧ إلى ص ٥٠١ ج ٢٤ جامع الاحاديث.

٢٦٦

والاَُنثوية كما يدلّ الحديث الآتي ثم لا مجال في مثل المفروض إعمال علامة الحيض والاحتلام كما لا يخفى ، لكن تجري فيه علامة عدد الاضلاع ، وهل هما مترتبان أو يكتفي بكل منهما عن الآخر؟ فيه وجهان ، ظاهر هذه الصحيحة وغيرها تقدم المبال على عدد الاَضلاع؟ والله أعلم.

٢ ـ صحيح محمّد بن قيس ـ المروي في الخصال ـ ... إلى أنْ قال ( الحسن المجتبى عليه السلام ) : وأمّا المؤنث فهو الذي لا يدري أذكر هو أم أُنثى فإنه ينتظر به ، فان كان ذكر احتلم وإنْ كانت أُنثى حاضت وبدا ثدييها ، وإلاّ قيل : بُل ، فإنْ أصاب بوله الحائط فهو ذكر وان انتكص بوله ( على رجليه ـ مستدرك الوسائل ) كما انتكص بول البعير فهي امرأة.

أقول : يظهر منه تقدم التعرف بالحيض وظهور الثدي والاحتلام على البول في فرض تيسر الانتظار.

ثم إنّ ذيل الرواية ينافي ما تقدم ، لكن لا بد من حمله عليه جمعاً بينهما ، فانتكاص البول عبارة أُخرى عن خروجه من الفرج وعدمه عن خروجه عن الذكر ، بل هذا التعبير احسن لعدم جواز النظر إلى العورتين معاً في غير الضرورة ، فينظر إلى نفس البول يصيب الحائط مثلاً أو ينتكص.

٣ ـ صحيح محمّد بن قيس المروي في الفقيه عن الباقر عليه السلام ان شريحاً القاضي بينما هو في مجلس القضاء إذْ أتته امرأة فقالت : أيها القاضي اِقضِ بيني وبين خصمي ، فقال لها : وَمَن خصمك؟ قالت : انت ، قال : افرجوا لها ، فافرجوا لها فدخلت ، فقال لها ما ظلامتك قالت : إنّ لي ما للرجال وما للنساء ، قال شريح فان امير المؤمنين يقضي على المبال ، قالت فأني ابول بهما جميعاً ويسكنان معاً قال شريح والله ما سمعت بأعجب من هذا ، قالت وأعجب من هذا قال : وما هو؟ قالت : جامعني

٢٦٧

زوجي فولدت منه ، وجامعت جاريتي فولدت مني ، فضرب شريح إحدى يديه على الاَُخرى متعجباً ، ثم جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام ... فقال : عليه السلام لها : وَمَن زوجك؟ قالت : فلان ، فبعث إليه فدعاه ، فقال : أتعرف هذه؟ قال : نعم هي زوجتي ، فسأله عما قالت ، فقال : هو كذلك ، فقال عليه السلام له : لاَنت أجرأ من راكب الاسد حيث تقدم عليها بهذه الحال ، ثم قال : يا قنبر أدخلها بيتاً مع امرأة تعد أضلاعها ، فقال : يا أمير المؤمنين لا آمن (١) عليها رجلاً ولا ائتمن عليها امرأة ، فقال : عليه السلام : عليّ بدينار الخصي ـ وكان من صالحي أهل الكوفة وكان يثق به ـ فقال له : يا دينار أدخلها بيتاً وعرّها من ثيابها وامرها أن تشد مئزراً وعُد أضلاعها ، ففعل دينار ذلك وكانت أضلاعها سبعة عشر ، تسعة في اليمين وثمانية في اليسار ، فألبسها ثياب الرجال والقلنسوة والنعلين وألقى عليها الرداء وألحقه بالرجال.

فقال زوجها : يا أمير المؤمنين ابنة عمي وقد ولدت مني ، تلحقها بالرجال؟!!! فقال : اني حكمت عليها بحكم الله إنّ الله تبارك وتعالى خلق حواء من ضلع آدم الاَيسر وأضلاع الرجال تنقص وأضلاع النساء تمام (٢).

__________________

(١) قول الرجل هذا من خوفه عليها في بيت تحت نظارة الحكومة ربما يشبه قصص الاطفال ولا يبعد لالته على عدم صحة الرواية. أو حمق الزوج.

(٢) ربما يلوح من الحديث جواز زواج الخنثى وإلا للامهما امير المؤمنين عليه السلام ولجرى الحد على الخنثى لانه اما زانية واما مساحقة ، وذكر ان ولده من الزوج والجارية ولد شبهة أو ولد زنا. إلا ان يقال ان الخنثى وزوجه والجارية كانوا جاهلين قاصرين ولا يجب ، أو لا يجوز تعيير المذنب على الذنب الماضي وان قوله عليه السلام لانت أجرأ من راكب الاسد بدل على حرمة الزواج أو الدخول وودل الشبهة ولا حكم له حتى ينبه عليه وكذا ولد الزنا سوى بطلان التوارث بينه وبين والديه وهو كان خارجاً عن محل الابتلاء فعلاً ولعله عليه السلام بينه ولم يذكره الباقر عليه السلام اختصاراً فتأمل على كل

٢٦٨

والعجب أنّ عد الاضلاع لم يذكر في سائر الروايات ، بل ظاهر الحديثين الآتيين عدم اعتباره ، وهذا عجيب.

وقال المحقق في الشرائع : والرواية ضعيفة (١). ونقل في الجواهر عن الحلي دعوى تواترها ، والظاهر أنّ الرواية بطريق الصدوق صحيحة سنداً إنْ وفى الصدوق بقوله في المشيخه (٢) وأمّا تواترها فهو ممنوع.

وقال صاحب الجواهر (٣) : نعم لا ريب في عدم تيسره غالباً على وجه تطمئن النفس بمعرفة ذلك خصوصاً في الجسم السمين ، ولذا ذكروا : غير ذلك من الاَمارات وحكموا بإعطاء نصف النصيبين لعلمهم بعدم تيسر معرفة هذه العلامة لغيرهم ، ومن هنا ظن بعض الناس مخالفة هذه العلامة للحس ، مدعياً أنه اختبر ذلك غير مرة فلم يتحققها؛ بل قيل : إنّ أهل التشريح يدعون التساوي بين الرجل والمرأة بالاَضلاع. إلاّ أنّه كما ترى بعد الرواية الصحيحة ...

أقول : الطب الحديث قادر على الجواب الدقيق فإذا أثبت التساوي بينهما فلا يعمل بالامارة المذكورة ، وحيث إنّ ذيل الرواية يجعلها غير قابلة لاختصاصها بموردها ، فترّد إلى منَ صدر عنه.

٤ ـ صحيح هشام بن سالم ـ المروي في الكافي ـ عن الصادق عليه السلام : قلت له : المولود يولد له ما للرجال وللنساء؟ قال : يورث من حيث سبق (يسبق خ ل) بوله ، فإن خرج منهما سواء فمن حيث ينبعث (٤) ، فان كانا

__________________

الحديث يدل على جواز النظر ولمس البدن في امثال المقام. واعلم ان ذيل الحديث يشمل فاقد العورتين أيضاً.

(١ و ٢ و ٣) ص ٢٨٤ ج ٣٩ من الجواهر.

(٤) وفي الجواهر (ص ٢٨١ ج ٣٩) نعم عن بعض النسخ ينبت بمعنى ينقطع. ثم

٢٦٩

سواء ، ورث ميراث الرجال والنساء (١).

أقول : يقيد اطلاقه بغيره جمعاً ، كما هو كذلك في تاليه.

٥ ـ في موثق إسحاق بن عمار عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليه السلام : إنّ علياً عليه السلام كان يقول : الخنثى يورث من حيث يبول ، فان بال منهما جميعاً فمن أيهما سبق البول ورث منه ، فإنْ مات ولم يبل فنصف عقل المرأة ونصف عقل الرجل (٢).

أقول : فسّر صاحب الجواهر العقل بالميراث ، وهو غير بعيد وعلى كلٍّ ظاهر الحديث ـ وهو عن علي عليه السلام ـ ينفي عدد الاضلاع امارة على تعيين الجنس.

٦ ـ صحيح عبدالله بن مسكان ـ المروي في التهذيب ـ عن إسحاق المرادي قال : سئل وانا عنده ـ يعني أبا عبدالله عليه السلام ـ عن مولود ليس بذكر ولا اُنثى ليس له إلاّ دبر ، كيف يورث؟ قال : يجلس الامام ويجلس معه أُناث ويدعو الله ويجيل السهام على أي ميراث يورثه ، ميراث الذكر ام ميراث الاَُنثى ، فاي ذلك خرج ورث عليه. ثم قال : وأي قضية أعدل من قضية يجال عليها بالسهام؟ إنّ الله عزّ وجلّ يقول فساهم فكان من المدحضين (٣).

أقول : وقريب منه معتبرة ثعلبة عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله عليه السلام. والظاهر أتّحاد الروايتين.

ثم إنْ كان قوله ( سئل ) مبنياً للفاعل ورجع الضمير إلى إسحاق فالسند

__________________

البعث اما بمعنى الثوران والقوة والكثرة واما بمعنى الاسترسال كما في القاموس : بعثه كمنعه ارسله فانبعث لاحظ ص ٢٧٩ نفس المصدر أيضاً.

(١) جامع الاحاديث ج ٢٤ ص ٤٩٦.

(٢) المصدر ص ٤٩٧.

(٣) المصدر ٤٩٩.

٢٧٠

معتبر مطلقاً ، وان كان مبنياً للمفعول ونائب فاعله الامام عليه السلام يسقط الحديث عن الاعتبار لجهالة إسحاق المرادي ، والعبارة إنْ لم تكن ظاهرة في الثاني لا أقل من اجمالها الموجب لعدم أعتبارها.

هذا ، وروى الشيخ رحمه الله في تهذيبه ( ج ٩ ص ٣٥٧ ) بسنده عن علي بن الحسن بن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن عبدالله بن مسكان قال : سئل أبو عبدالله عليه السلام وأنا عنده عن مولود. بتفاوت ما. والظاهر وحدة الحديث ، وهذا السند يعين الوجه الاَول ، فيصبح السند معتبراً.

واحتمال حذف كلمة إسحاق المرادي ( الفزاري ) عن هذا السند خلاف الظاهر ، فتأمل جيداً.

وأعلم أنّ في صحة طريق الشيخ إلى علي بن الحسن كلام طويل جداً ذكرناه في كتابنا ( بحوث في علم الرجال ) ـ الطبعة الثالثة ـ في شرح مشيخة التهذيبين.

٧ ـ صحيح الفضيل بن يسار ( المروي في الكتب الاربعة وغيرها ) قال : سألت أبا عبدالله عن مولود ليس له ما للرجال ولا ( وليس ) له ما للنساء ، قال : ( هذا ) يقرع الامام ( أو المقرع ) به ( عليه ) يكتب على سهم عبدالله و ( يكتب ) على سهم ( آخر ) امة الله ثم يقول الامام : اللّهم أنت الله لا إله إلاّ أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون : بين لنا أمر هذا المولود كيف ( حتى ) يورث ما فرضت له في الكتاب. ثم يطرح السهمان في سهام مبهمة ثم تجال السهام على ما ( أيهما ) خرج ورثه عليه (١).

__________________

(١) اشرنا ان كل هذه الاحاديث السبعة نقلناها من ٤٨٧ إلى ص ٥٠١ ج ٢٤ جامع الاحاديث.

٢٧١

أقول : الحديثان الاَخيران : يبينان حكم نوع آخر من الخنثى ولا يمكن تمييزه بالاحتلام والحيض ، كما يمكن بانبات اللحية وظهور الثدي واختلاف الاضلاع وتساويها ـ بناء على اعتباره ـ والظاهر أنّ عدم بيانها من الامام من أجل عدم إمكان الانتظار سنين متمادية ولا مؤمن على حفظ حقه أي الميراث ، فارجع رفع مشكلته إلى القرعة.

( الامر الثاني ) : مدلول الاَحاديث أنّ لتمييز الذكر والاَُنثى في الفرد الخنثى الذي له آلة الرجل وفرج المرأة علامات :

أوّلها : الحيض وظهور الثدي والاحتلام ، وهذه الثلاثة مقدمة على غيرها في مقام التمييز إذا أمكنت بالفعل أو بالانتظار الميسور غير الطويل.

ثانيها : المبال ، فإنْ بال من الفرج فهو أُنثى ، وان بال من الذكر فهو ذكر ، وان بال منهما جميعاً فمن أيهما سبق البول ، فإنْ تساويا في السبق فمن حيث ينبعث على اشكال في معنى الانبعاث ، وضبطه كما مر في الحاشية السابقة.

ثالثها : تساوي الاضلاع واختلافها على إشكال فيه وقد سبق ، وعلى فرض اعتباره فالاظهر تساوي هذه العلامة مع السابقتين وان كان الاَحوط تقدم الاَُولى عليه بل الثانية أيضاً.

وأمّا فاقد العورتين فيتميز بالقرعة ، ويحتمل تمييزه بإنبات اللحية وظهور الثديين وان لم يرد بهما نص فيه.

وعلى ضوء ما ذكرنا لا يبقى الخنثى مشكلاً ، أما في فاقد العورتين فان ما يرفع الاشكال عنه هي القرعة. وأمّا في واجد العورتين فمورد الاِشكال فيه مَن لم يتميّز بالمبال وسبّق البول وانبعاثه وبالحيض وظهور الثدي والاحتلام والعلامات غير المنصوصة كانبات اللحية ونحوها مما

٢٧٢

يوجب الاطمئنان بالجنس ، فإذا قلنا بجريان القرعة للروايات العامة ـ منها رواية ابن مسكان المتقدّمة ـ كما هو الارجح فلا يبقى للخنثى المشكل مصداقاً ، نعم الاحوط لزوماً في مورد موثقة اسحاق بن عمار الاقتصار على ما فيها من إعطاء نصف ميراث الرجال ونصف ميراث النساء. وأمّا في غير الميراث فيرجع إلى القرعة ، فإنْ صح ما قلنا فتزيل العقبة أمام تزويجه وتزوجه وسائر أحكام أحد الجنسين عليه الخاصة به ، والله أعلم.

ثمّ إنْ دخل الطفل الواجد للعورتين في أحد الصنفين بعملية طبية فان صار واجداً لجميع أوصاف ذاك الصنف فهو محكوم باحكامه حتّى في الميراث وهكذا غير الطفل ، وإنْ بقي فيه بعض صفات الاَُنثى ففيه إشكال.

وهل لولي الطفل حق في تغييره إلى أحد الجنسين؟ فيه بحث وكلام.

( والاَمر الثالث ) : نظر الفقهاء ( رض ) في ذلك :

قال المحقق رحمه الله في الشرائع : ( من له فرج الرجال والنساء يرث على الفرج الذي ) يبول (١) منه ... بل الاجماع بقسميه عليه ... فإن بال منهما فمن حيث ( يسبق منه البول ) بلا خلاف محقق أجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه أيضاً ... ( فإنْ جاء منهما ) دفعة ( اعتبر الذي ينقطع أخيراً فيورث عليه ) إجماعاً في محكي السرائر والتحرير والمفاتيح وظاهر الغنية والخلاف ، بل وكتاب الاَعلام للمفيد (٢). ( فان ) كانت مشكلاً بان كان المخرجان قد ( تساويا في السبق ـ والتأخر ـ خ ) قال في الخلاف « يعمل

__________________

(١) الجملات الخارجية عن الهلالين من كلام صاحب الجواهر رحمه الله.

(٢) المخالفون في المقام هم القاضي والصدوق والاسكافي والمرتضى فلاحظ كلامهم في الجواهر.

٢٧٣

بالقرعة » محتجاً بالاخبار والاجماع ، وقال في النهاية والايجاز والمبسوط « نصف ميراث رجل ونصف ميراث امرأة » ... بل هو المشهور نقلاً وتحصيلاً ، بل عن الغنية الاجماع عليه (وقال المفيد رحمه الله والمرتضى رحمه الله تعد اضلاعه فان استوى فهو امرأة وان اختلفا فهو ذكر ، وهي رواية شريح القاضي حكاية لفعل علي عليه السلام واحتجا (١) بالاجماع) مع ذلك ( والرواية ضعيفة والاجماع لم نتحققه (٢) ).

( وقال الشيخ في محكي مبسوطه : ولو كان الخنثى زوجاً أو زوجة كان له نصف ميراث الزوج ونصف ميراث الزوجة ).

أقول : يظهر من هذا الكلام صحة زواج الخنثى المشكل عند الشيخ الطوسي قدس سره وإنْ قال صاحب الجواهر قدس سره : لكن فيه أنّ المعلوم عدم جوازه نكاح الخنثى المشكل لاِصالة حرمة الوطء.

ثم قال : ( من ليس له فرج الرجال والنساء يورث بالقرعة ) عند المشهور بين الاَصحاب شهرة عظيمة ، بل عن السرائر وظاهر الغنية والتنقيح الاجماع عليه (٣).

خاتمة

اشتهر البحث في لسان أهل العلم من أنّ الخنثى المشكل جنس ثالث أو هو داخل في أحد الجنسين؟ ومعنى الثاني أنه لا يخلو في الواقع إما أن يكون ذكراً أو أُنثى.

قال في الجواهر ( ج ٣٩ ص ٢٧٧ ) : لعدم الواسطة على الظاهر من

__________________

(١) أي المفيد والمرتضى وكذلك الحلي في السرائر كما في الجواهر.

(٢) وخالف صاحب الجواهر المحقق واعترض عليه في تضعيفه الرواية والاجماع.

(٣) ص ٢٩٤ ج ٣٩ من الجواهر.

٢٧٤

تقسيم الانسان بل مطلق الحيوان إلى الذكر والاَُنثى في جميع الاصناف في الكتاب والسنة على وجه لا يستطاع انكاره ، لكن احتمال نظارة ما في الكتاب والسنة إلى الاغلبية بل الغالبية العظمى قائم لا دافع له ، واما وجود الخنثى أو خنثى المشكل في الحيوانات فلا علم لنا ولم أر ولم أسمع من علماء العلوم الحديثة فيه شيئاً أصلاً وهو سؤال يعجبني جوابه. وبناء على ما رجحنا من جريان القرعة في واجد العورتين لا يبقى مصداقاً للخنثى المشكل بحسب التعبد الشرعي ، أي السلوك الفقهي ، وأمّا بحسب ما نقلناه عن الطبيب الثاني أنّ الخنثى المشكل جنس ثالث مركب من الجنسين. لكن المتأمّل في مجموع كلام الطبيبين السابق يقتنع بان جواب هذا السؤال مبني على تعريف دقيق علمي لجنس الذكر ولجنس الاَُنثى فهنالك يتبين حال مصاديق الخنثى المختلفة ، وأنهم داخلون في أحد الجنسين أو يبقى بعضهم خارجاً عنهما ، فيكون مشكلاً أو حقيقياً كما في تعبير بعض الاَطباء.

لكن الكلام في صحة هذا التعريف بعدما سبق كلامهم ـ وان كان ناقصاً ـ في الدرجات والمستويات الجنسية ، ولا أظن طبيباً يثبت صحة تعريفه في قبال من خالفه وذكر تعريفاً مغايراً له.

فالجواب المتعين عاجلاً عندي ـ ولست من الاَطباء بل ولا من الفقهاء ـ أنّ من فيه خنوثة داخل في أحد الجنسين على بعض التعاريف والوجوه وداخل في الجنس الآخر على بعض التعريفات الاَُخر ، وربما لا يبقى خنثى مشكل على بعض الوجوه ، والله العالم.

والنتيجة أنّ هذا السؤال ( هل الخنثى المشكل جنس مستقل أو داخل في أحد الجنسين ) جوابه مبني على الاصطلاحات ، ولا مشاحة في الاصطلاح.

٢٧٥

المسألة الثانية والثلاثون

نصب الاَجهزة التعويضية لعلاج الضعف الجنسي

إليكم ما نشرته يومية الوطن ذيل هذا العنوان

القاهرة ـ الوطن

أخيراً تم اكتشاف علاج أكيد وفعال للضعف الجنسي ... العلاج الجديد عبارة عن أجهزة تعويضية يتم تركيبها داخل جسم الرجل فتؤدي الوظيفة المطلوبة منها دون أن تتأثر قدرته على الانجاب .. هذه الاَجهزة تعيش مع الرجل طوال حياته دون ان تتلف ويتم ادخالها للجسم بعملية جراحية بسيطة لا تستغرق أكثر من ساعة واحدة ويستخدمها حالياً آلاف الرجال في اميركا.

وفي مصر قام الدكتور أيمن محمود شكري اخصائي جراحة العقم والتناسل بتركيب هذه الاجهزة لمئات المرضى فهي اتم علاج للضعف الجنسي يرحم المريض من الاَدوية الكيمياوية التي لم تحقق أي نتائج فعالة حتى الآن. اسرار هذه الاجهزة يكشفها هذا التحقيق.

الاَجهزة التعويضية تقوم بوظيفة الدم .. ولكي نفهم ذلك يجب ان نعرف كيف تتم عملية الانتصاب أساساً ـ الكلام للدكتور أيمن محمود شكري الطبيب الوحيد الذي يقوم بتركيب هذه الاَجهزة ، يقول : إنّ الانتصاب يتم عندما تكون لدى الانسان رغبة أساساً فيعطى المخ اشارة للدم لكي يتدفق الجسم الكهفي الموجود في العضو التناسلي الذكري وبعد

٢٧٦

ذلك تقوم الاَوردة بحبس هذا الدم داخل العضو فتحدث عملية الانتصاب.

فاذا حدث أي عطل في الاعصاب الموصلة بين المخ والجهاز التناسلي أو في شرايين العضو الذكري أو في الاَوردة لا تحدث عملية الانتصاب بصورة كاملة وفعالة وهو ما نطلق عليه الضعف الجنسي .. قد نعالج هذا الضعف من خلال عملية جراحية لتوسيع الشرايين أو ربط الاَوردة ولكن هذه العملية صعبة جداً ولا تتعدى نسبة نجاحها٤٠ % تقريباً .. كما ان هناك نوعية معينة من الناس لا يمكن اجراء عمليات جراحية معقدة لهم مثل مرضى السكر والقلب والفشل الكلوي .. وبصفة عامة كان تركيب الاَجهزة التعويضية أكثر أماناً وفاعلية لمعظم مرضى الضعف الجنسي.

يضيف اخصائي الاَجهزة التعويضية أنّ هذه الاَجهزة تقوم بدور الدم الذي يتدفق داخل الجسم الكهفي للعضو الذكري ، فاذا لم يتدفق بشكل كاف بسبب عطل في الشرايين أو يتسرب سريعاً بسبب عطل في الاَوردة فيمكن تركيب الاَجهزة التعويضية .. هذه الاَجهزة نقوم بادخالها إلى الجسم الكهفي لتجعل العضو منتصباً ويستطيع المريض بفضلها ممارسة العملية الجنسية في أي وقت.

ويعتبر ف. د أيمن شكري بأنّ فكرة الاَجهزة التعويضية قديمة جداً .. بدأت عام ١٩٢٦ على يد الطبيب الاميركي « بوجوراسي » الذي زرع أحد ضلوع القفص الصدري داخل جسم العضو الذكري .. ثم كان الطبيب المصري « البحيري » هو أول من زرع هذه الاجهزة التعويضية داخل الجسم الكهفي للعضو الذكري ولكنها كانت صلبة في ذلك الوقت مما كان يجعل الشكل العام غير مقبول حيث يظل العضو منتصباً مدى الحياة. ومنذ

٢٧٧

السبعينات حدث تطور كبير في هذه الاجهزة جعلها العلاج الاَكيد والفعال حالياً للضعف الجنسي ـ ذلك المرض الذي يعذب صاحبه يومياً والذي حار فيه ومعه الاَطباء والعلماء ـ ويوجد من هذه الاَجهزة نوعان .. النوع الاَول هو القابل للتمدد والثاني القابل للانثناء.

أما النوع الاَول فيتكون من أنبوبتين ومضخة يتم تركيب الاَنبوبتين في الجسم الكهفي بينما توضع المضخة داخل الكيس الذي يحمي الخصيتين وعندما يرغب الرجل يضغط على المضخة فتتمدد الاَنابيب .. وحينما ينتهي من الممارسة يستطيع الضغط على المضخة مرة أُخرى فتنكمش الاَنابيب. وميزة هذا الجهاز هي أنه يجعل العضو الذكري يبدو لو كان طبيعياً ومشكلته تكمن في ارتفاع ثمنه.

النوع الثاني هو القابل للانثناء .. وهو يتيح ممارسة طبيعية جداً .. كما أنه أرخص كثيراً من النوع الاَول وتركيبه يتم بسهولة أكثر ولكن مشكلته أنه يجعل العضو كبيراً بصفة مستمرة .. ولذلك يمكن التغلب على هذا الحجم الكبير بثني القضيب إلى أسفل أو إلى أعلى وعند الممارسة تجعل وضعه أفقياً.

ويوضح د. أيمن شكري السبب الاساسي في عدم انتشار الاَجهزة التعويضية كعلاج للضعف الجنسي يكمن في عدم توافر اخصائيين في هذا المجال داخل العالم العربي .. فالمشكلة ان الضعف الجنسي مجال أساسي « للدجل الطبي » .. والثابت أن معظم الاَطباء الذين يعملون في هذا المجال ليس لديهم شهادات عليا في هذا التخصص ، وقد عملوا به لاَنه يحقق أرباحاً مادية كبيرة مقارنة بالتخصصات الطبية الاَُخرى .. وفي حالة توافر الاخصائيين سوف تنتشر الاَجهزة التعويضية دون شك كعلاج للضعف

٢٧٨

الجنسي ..

وهناك سبب آخر يحول دون انتشارها وهو عدم معرفة الناس بطبيعة هذه الاجهزة حيث يخالف معظم المرضى من خوض هذه التجربة.

يواصل اخصائي جراحة التناسل ان نسبة نجاح عملية تركيب الاَجهزة التعويضية تصل إلى ١٠٠% فهي عملية بسيطة وسهلة لا يستغرق اتمامها أكثر من ساعة .. يتم خلال العملية استخدام أُسلوب التخدير النصفي للمريض بمعنى أنه يستطيع متابعة ما يحدث له خلال تركيب الجهاز .. ومثل هذه العملية هي الوحيدة من نوعها في العالم التي يرى المريض نتائجها بنفسه أولاً بأول مما يجعله يحس بالراحة والطمأنينة ويشعر ان مشكلته قد انتهت إلى الاَبد وعادت اليه مرة أُخرى فحولته المفقودة.

والظاهر جواز هذه العملية من نظر الفقه وعدم المانع فيه سوى رؤية العورة ومسها وقد مرّ الكلام حولهما مفصلاً ومكرراً ، فان لم يكن له حرج فلا تجوز العملية الاّ اذا كان المباشر طبيبة عقدها الرجل المريض ـولو عقد موقتاًـ واما اذا كان بقاء المريض على حاله مستلزماً للحجرج الشديد فلا تحرم العملية المذكورة عليه وعلى الطبيب.

٢٧٩

المسألة الثالثة والثلاثون

زراعة الخلايا والانسجة داخل المخ

١ ـ هل هناك ما يسمى بزراعة المخ؟

أما وقد تم الآن زراعة كل شيء بشري في جسم الانسان تقريباً من اطراف كالايدي والاَرجل ومن أعضاء كالقلب والكبد والرئة .. (والكلية) فانه لم يبق ما لم يزرع إلاّ المخ.

إننا نعرف انه من مبادئ علم زراعة الاَعضاء إن العضو الذي ينقل للزراعة لا بد ان يكون عضواً حياً سليماً لنقله مكان عضو تلف واشرف صاحبه على الوفاة ، ونحن نعلم أيضاً إنّ وفاة الانسان تكون لتلف مخه واستئصال مخ سليم من شخص ما ، هو قتل له ، فتكون الترجمة الحرفية لهذا العمل هو « قتل انسان لنقل مخّه لانسان توفى فعلاً ».

فالانسان الحي هو الذي يملك مخاً حياً مهما تلفت بعض اعضاء جسمه لان ايها يمكن تعويضه بطريقة أو اُخرى ، فمثلاً الكلى يمكن الاستعاضة عنها بالكلى الصناعية أو بنقل كلى حية من متبرع ، ولا يمكن أنْ يقال : نفس الشيء عن المخ ، لاَنّ الذي توفى بتلف مخه لا يمكن لبشر ان يبعثه بان ينقل مخ حي إليه. إنّ ما يقال عن نقل المخ ما هو إلاّ من قبيل الخيال العلمي ، وعلى الفرض الجدلي إذا أمكن نقل مخ انسان حي إلى انسان متوفى ففي هذه الحالة يقال : إنّ جسد المتوفى قد نقل الى المخ وليس العكس (١).

__________________

(١) ص ٥٥ وص ٥٦ رؤية اسلامية لزراعة بعض الاَعضاء البشرية.

٢٨٠