موسوعة حديث الثقلين - ج ٤

مركز الأبحاث العقائديّة

موسوعة حديث الثقلين - ج ٤

المؤلف:

مركز الأبحاث العقائديّة


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-66-9
ISBN الدورة:
978-600-5213-62-1

الصفحات: ٢٦٤
  الجزء ١ الجزء ٣ الجزء ٤

يدأب على قراءة آراء الفارابي وابن سينا ، ويشتغل بدرس العلوم النقلية ، والعلوم العقلية ، والبحث في الأديان والعقائد ، والاطلاع على الأدب ، وشعر الشعراء العرب والفرس ، ويأخذ من كل فنّ طرفاً حتّى بلغ درجة عليا في العلم والحكمة والمعرفة.

ولد سنة ٣٩٤ هـ ، في قباديان ، وتوفّي صبيحة يوم الجمعة في الثامن والعشرين من ربيع الأوّل سنة ٤٨١ هـ ، ببلدة بمكان من مواضع بدخشان ، وكان قد نزح إلى هذه البلدة فراراً من أمراء السلاجقة الذين ناهضوه وطلبوه ، بعد أن وشي به أعداؤه حسداً.

عاش طيلة حياته تحت أستار التقيّة ، وقد لاقى من التشريد والفرار في الجبال ما لا يمكن وصفه ، ومن المشهور أنّ أخاه أبا سعيد رثاه بالأبيات التالية :

طويت بلاد الله علّمت حكمة

وصيرت بين الناس قرماً ممجّداً

سقاك إله الناس سقياً مروياً

وألبس الغفران يا ناصر الهدى (١)

قال الأفندي في الرياض : سيّد الحكماء ، أبو المعين ناصر بن خسرو ابن حارث بن علي بن حسن بن محمّد بن علي بن موسى الرضا ، السيّد الحكيم العلوي الحسيني الموسوي الرضوي ، المعروف بناصر خسرو الأصبهاني البلخي.

كان من مشاهير الحكماء والفقهاء في عصر الخلفاء.

إلى أن قال : وقد اختلف الناس في حال ناصر خسرو ، فبعضهم

____________

١ ـ تاريخ الإسماعيليّة ٤ : ١٤٦.

١٨١

يكفّره ، وينسبه إلى الإلحاد ، وبعضهم يعظّمه في غاية ما يمكن أن يقال في شأن العلماء الإلهيين الأمجاد (١).

قال العلاّمة الطهراني في الطبقات ـ بعد أن ذكر اسمه ونسبه ـ : وله « التأويلات » الذي ألّفه على مشرب الملاحدة ، فكفّروه لذلك الكتاب الكاشف عن عقيدته ، لكنّه اعتذر عن ذلك في سوانحه المطبوع بأنّه قد طلبه منّي حاكم الملاحدة ، وكنت يومئذ تحت سيطرته فألّفته على مذاقهم ، تقيّة عنه وعن القتل ، فبعث هو نسخة إلى أطراف العالم ، وطالعه العلماء ، وكفّروني لذلك ، ولم يلتفتوا إلى عذري واضطراري.

وقد ذكر ولادته في ٣٩٤ هـ ، ووفاته في ٤٨١ هـ (٢).

وفي الأعيان ذكر نسبه وتاريخ ولادته ووفاته كما تقدّم ، وذكر جملاً من تواريخه وحالاته كما في كتاب ناصر خسرو نفسه ، وهو ( سفر نامة ) (٣) وهناك بعض المصادر اختلفت في تحديد تاريخ وفاته (٤).

____________

١ ـ رياض العلماء ٥ : ٢٣٢.

٢ ـ طبقات أعلام الشيعة : ١٩٨ ، المائة الخامسة.

٣ ـ أعيان الشيعة ١٠ : ٢٠٢.

٤ ـ انظر في ترجمته : القرامطة لطه الولي : ٢٠٦ ، خاتمة المستدرك ١ : ٢٥٤ ، معجم المؤلّفين ١٣ : ٧٠ ، كشف الظنون ١ : ١٤٣ ، هديّة العارفين ٢ : ٤٨٧.

١٨٢

كتاب كلام بير ( هفت باب ) أي : سبعة أبواب

نسبه إيفانوف إلى ناصر خسرو ، كما نقل ذلك علي نقي منزوي في الملحق الثالث لكتاب فهرست المجدوع (١).

قال الشيخ الطهراني في الذريعة : كلام بير لناصر خسرو العلوي المروزي ... ، فارسي في سبعة أبواب ، طبع بمبي بمباشرة إيوانُف ، مؤلّف الفهرس لكتب الإسماعيليّة في ١٣٥٢ هـ مع مطلوب المؤمنين ، المنسوبة إلى الخواجة نصير الدين الطوسي (٢).

ونسبها إليه في مكان آخر تحت عنوان هفت باب ، أي : سبعة أبواب (٣).

قال الدكتور فرهاد دفتري ما ترجمته من الفارسية : إنّ السلطان حسين غورباني الهراتي المعروف بخير خواه الذي كان حياً سنة ٩٦٠ هـ ، أنّه أخذ كتاب هفت باب لأبي إسحاق ، وأضاف عليه أموراً ، ثمّ سمّاه كلام بير ، ونسبه إلى ناصر خسرو (٤).

____________

١ ـ فهرست المجدوع : ٣٣٨ ، الملحق الثالث.

٢ ـ الذريعة ١٨ : ١٠٨.

٣ ـ انظر : الذريعة ٢٥ : ٢٣٠.

٤ ـ تاريخ وعقائد الإسماعيليّة : ٥٣٤.

١٨٣

أقول والذي يؤيّد هذا الكلام عدم نسبة كثير ممّن ترجم لناصر خسرو هذا الكتاب إليه.

وهو كتاب في سبعة أبواب ذكر فيه عقائد الإسماعيليّة ، وقد طبع في الهند باللغة الفارسية.

١٨٤

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة

القرن السادس الهجري

١٨٥
١٨٦

( ١٥ ) كنز الولد

لإبراهيم بن الحسين الحامدي ( ت ٥٥٧ هـ )

الحديث :

قال : فإذا كان الرسول الفاضل متعلّماً وله معلّم ، وبينه وبين خالقه وسائط ، فمن أيّ جهة يقع العذر لأهل العمى والجهل عن العلم والتعليم ، والالتزام بالوسائط التي نصبها الرسول ، ودلّ عليها بقوله : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا من بعدي : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّه نبّأني العليم الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض كهاتين » وأشار بأصبعيه المسبحتين (١).

____________

١ ـ كنز الولد : ٣٥ ، الباب الثاني.

١٨٧

إبراهيم بن الحسين الحامدي

قال : مصطفى غالب في مقدّمة تحقيق كنز الولد : الداعي السلطان إبراهيم بن الحسين بن أبي السعود الحامدي الهمداني ، وهو من كتّاب الدعاة العلماء الذين أوجدتهم مدارس الدعوة الإسماعيليّة المستعلية الطيبية في اليمن.

ولمّا توفّي الذؤيب (١) خلفه مأذونه السلطان إبراهيم داعياً مطلقاً للإمام المستور الطيب بن الآمر في اليمن ، وما جاورها من البلاد ، والهند والسند ، وذلك سنة ٥٣٦ هـ ، وجعل الشيخ عليّ بن الحسين بن جعفر الأنف القريشي العبشمي مأذوناً له ، فكان له معاضداً على أمره ، قائماً بنشر الدعوة في سرّه وجهره ، ولم يعمّر عليّ بن الحسين طويلاً ، فقد وافته المنيّة في سنة ٥٥٤ هـ ، فاستعان الحامدي بابنه حاتم حيث اتّخذه مأذوناً له ، ونقل مقرّه إلى صنعاء ، ثُمّ أعلن عدم تدخّله في سياسة الدولة ، وواظب على دراسة العلوم ، ونقل التراث العلمي الإسماعيلي ، وجمعه وتدريسه للدعاة التابعين لمدرسته ، ووزّع الدعاة في بلاد اليمن والهند والسند ...

ويذكر التاريخ الإسماعيلي اليمني له عدّة مؤلّفات علمية ، تبحث في فلسفة الدعوة الإسماعيليّة ، وفي التأويل والحقائق ... ، وفي عهد هذا

____________

١ ـ وهو الداعي ذؤيب بن موسى الذي عيّنته السيّدة مروة الصليحية ليقوم بشؤون وأعباء الدعوة الإسماعيليّة.

١٨٨

الداعي الأجل تعرّضت الدعوة المستعلية الطيبية إلى هزّات عنيفة قاسية ; لأنّ ملوك آل زريع في عدن مالوا إلى الدعوة المستعلية المجيدية التي أخذت تنتشر بقوّة في أنحاء اليمن حتّى أصبح لها دعاة نشيطون في قلب تنظيمات الدعوة الطيبة ، وفي معاقلها كحراز ونجران واليمن الأسفل.

وكذلك أعلن ملوك همدان الياميون في صنعاء وبلاد همدان عن تنصّلهم من جميع الدعوات والمذاهب ، ومع كل هذا فقد ضلّ الداعي إبراهيم بن الحسين الحامدي على إخلاصه للدعوة الطيبية ، مواصلاً نشاطه الدعاوي والعلمي حتّى توفّاه الله في صنعاء في شهر شعبان سنة ٥٥٧ هجرية (١).

قال الطهراني في الذريعة : إبراهيم بن الحسين الحامدي الإسماعيلي المتوفّى (٢).

قال الزركلي في الأعلام : إبراهيم بن الحسين الهمداني الحامدي ، من دعاة الإسماعيليّة وعلمائهم في اليمن ، كان داعية للمستور من سلالة المستعلي الفاطمي ، وسمّي داعياً مطلقاً سنة ٥٣٦ ، وجعل مقرّه صنعاء ، ووزّع الدعاة في بلاد اليمن والهند والسند.

ثُمّ ذكر الزركلي أنّ وفاته ٥٥٧ هـ (٣).

____________

١ ـ كنز الولد : ٣٠ ، مقدّمة المحقّق.

٢ ـ الذريعة ١٨ : ١٦٩.

٣ ـ الأعلام ١ : ٣٦ ، وانظر في ترجمته أيضاً : معجم المؤلّفين ١ : ٢٣ ، القرامطة لطه الولي : ٢١٤.

١٨٩
١٩٠

كتاب : كنز الولد

قال إبراهيم بن الحسين الحامدي في مقدّمة كتابه هذا : ولما تبلبلت الألسن بالكفر والنفاق والتمويه والشقاق بالطعن على الحدود ، والكفر بالمعبود ، عزم العبد الضعيف المسكين الحنيف ، المستميح من تأييد مولاه وموداه وسناه ، أن يجمع مجموعاً بعون الله ومشيئته ... ، ووسمته بكتاب كنز الولد ، وجعلته أبواباً مفنّنة ، وفصولاً مبيّنة ، أربعة عشر باباً ، والله الموفّق للصواب :

الباب الأوّل : في القول على التوحيد من غير تشبيه ولا تعطيل.

الباب الثاني : في القول على الإبداع الذي هو المبدع الأوّل.

الباب الثالث : في القول على المنبعثين عن المبدع الأوّل معاً وتباينهما.

الباب الرابع : في القول على المنبعث الأوّل القائم بالفصل ، وما ذلك الفعل.

الباب الخامس : في القول على المنبعث الثاني القائم بالقوّة ، وما سبب ذلك.

الباب السادس : في القول على الهيولي والصورة وماهما في ذاتهما ، وسبب تكثّفهما وامتزاجهما.

١٩١

الباب السابع : في القول على ظهور المواليد الثلاثة : المعدن والنبات والحيوان.

الباب الثامن : في القول على ظهور الشخص البشري أولاً ، وفي كُلّ ظهور بعد وفاء الكور.

الباب التاسع : في القول على ظهور الشخص الفاضل من تحت خط الاعتدال.

الباب العاشر : في القول على الارتقاء والصعود إلى دار المعاد ، إنْ شاء الله تعالى.

الباب الحادي عشر : في القول على معرفة الحدود العلوية والسفلية.

الباب الثاني عشر : في القول على الثواب والارتقاء في الدرج إلى الجنّة الدانية والعالية ، إنْ شاء الله.

الباب الثالث عشر : في القول على اتصال المستفيد بالمفيد ، وارتقائه إليه واتصاله به.

الباب الرابع عشر : في القول على العذاب بحقيقته وكيفيّته ، نعوذ بالله منه (١).

ونسبه إليه الشيخ إسماعيل المجدوع في الفهرست ، وذكر أنّه من الكتب الكبار في علم المبدأ والمعاد (٢).

____________

١ ـ كنز الولد : ٥ ، مقدّمة المؤلّف.

٢ ـ فهرست المجدوع : ٢٧٩.

١٩٢

وكذا نسبه إليه الطهراني في الذريعة (١) ، وعمر رضا كحالة في معجم المؤلّفين (٢) ، والزركلي في الأعلام (٣) ، وطه الولي في كتابه القرامطة (٤).

قال الدكتور مصطفى غالب في مقدّمة تحقيق كنز الولد : إنّ كنز الولد من الكتب السرّيّة النادرة الوجود ، الجليلة القدر ، المحتوية على تسلسل المراتب الباطنيّة ، والحدود الروحانية ، والنظريّات العقلانية العميقة في علم الحقيقة ، أي : العبادة العلميّة ، أو علم الباطن ، كما هو معروف لدى دعاة الإسماعيليّة ، فعقائد الإسماعيليّة الطيبية ، وأسرار التوحيد الإسماعيلي التي يرسم خطوطها المؤلّف تجسّد ما هي عليه اليوم عند طائفة البهرة بفرعيها السليماني والداوودي ، ولقد وصفه المؤرّخ الداعي إدريس عماد الدين القرشي : بأنّه الكتاب الجليل في علم الحقائق ، الموسوم بكنز الولد.

وممّا يعطي قيمة فكريّة كبرى لهذا الكتاب من الناحية الفلسفيّة أنّ المؤلّف ذكر فيه لأوّل مرّة في تاريخ الفكر الإسماعيلي رسائل إخوان الصفا ، والرسالة الجامعة ، واعتمد في مناقشاته على آراء الشخص الفاضل صاحب الرسائل والجامعة ونظريّاته ، لذلك نلاحظ بأنّ دعاة الطيبية في اليمن قد نهجوا فيما بعد نهج الحامدي في دراسة الرسائل والجامعة ، واعتبروها بمثابة الكتاب الثاني بعد القرآن (٥).

وقال في سبب تسمية الكتاب بكنز الولد : ودعي الكتاب كنز الولد ;

____________

١ ـ الذريعة ١٨ : ١٦٩.

٢ ـ معجم المؤلّفين ١ : ٢٣.

٣ ـ الأعلام ١ : ٣٦.

٤ ـ القرامطة : ٢١٥.

٥ ـ كنز الولد : ٥ ، مقدّمة المحقّق.

١٩٣

لما ذكر في مواضع عدّة عن ظهور الولد التام ، الذي هو القائم المنتظر ... ، وكنز الولد هو كنز القائم المنتظر الذي سيظهر عند تمام الأدوار السبعة المعروفة لدى الإسماعيليّة.

ثمّ يذكر أبواب الكتاب ، والأبحاث التي جائت فيها (١).

____________

١ ـ كنز الولد : ٣٢ ، مقدّمة المحقّق.

١٩٤

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة

القرن السابع الهجري

١٩٥
١٩٦

مؤلّفات علي بن محمّد بن الوليد ( ت ٦١٢ هـ )

( ١٦ ) دامغ الباطل وحتف المناضل

الحديث :

الأوّل : قال : وأتمّ النعمة ، ورضي الإسلام ديناً بطاعة من نصّ على طاعتهم ، تبياناً لغرض ولاياتهم ، وتعيناً بقوله تعالى ( ... ) ، وألقى إليهم مقاليد وحيه المنزل ، وأوضح أنّهم قرناء كتابه المهيمن على سالف الكتب ، المفضّل على لسان رسوله صلوات الله عليه وعليهم ، حين قال لأمّته معذراً مبشراً للمطيعين وللعاصين منذراً : « خلّفت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وأنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (١).

الثاني : قال : ثمّ قال هذا المارق : الطرف الثالث في بيان معتقدهم في الإمامة ، وقد اتفقوا أن لابدّ في كل عصر من إمام معصوم قائم بالحقّ ... ، ولا يجوز أن ينقطع ; إذ يكون فيه إهمال الحق ، وتغطيته على الخلق ، وإبطال قوله ( عليه السلام ) « ... » وقوله : « ألم أترك فيكم القرآن وعترتي » هذا قوله ، نقول في جواب ذلك ... (٢).

____________

١ ـ دامغ الباطل وحتف المناضل ١ : ٢٦ ، مقدّمة المؤلّف.

٢ ـ دامغ الباطل وحتف المناضل ١ : ١٥٢.

١٩٧

الثالث : قال : وقرن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الصامت بالناطق ، فقال : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي » وأجرى العترة من الكتاب والشريعة مجرى النفس من عالم الشخص ، والملائكة من عالم الدنيا ، إذاً الإمامة واجبة (١).

الرابع : قال : فجعل البيان إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) القائم بالكتاب ، وجعل الكتاب بيّنة وتبياناً وبرهاناً كما قال الله تعالى ( ... ) وجعله النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مقروناً بعترته ، فقال : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي » لتكون العترة الطاهرين هم القائمون بالبيان عن الكتاب (٢).

الخامس : قال ـ في جوابه عن المستشكل ـ : فإن زعم أنّا لم نجد أكثر القضايا في الكتاب ، وهو في أيدينا ، نتلوه بكرة وعشيّا ، فجوابه : أنّه لا يعلم ذلك بجملتة ، ولا يحيط بكلّيّته إلاّ الله والراسخون في العلم ، المنزل على جدِّهم الكتاب ، المفوّض إليه الحكم به إليهم بقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « خلّفت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبدا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي » (٣).

السادس : قال : وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في حديث ثاني : « ألا إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، طرف منه بيد الله ، وطرف منه بأيديكم ، فتمسّكوا بهما ، فإنّكم لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما ، وقد سألت ربّي أن يردا عليّ الحوض كهاتين » وجمع بين المسبحة والوسطى من يده الواحدة « إحداهما تسبق الأخرى ، ناصرهما

____________

١ ـ دامع الباطل وحتف المناضل ١ : ١٦٠.

٢ ـ دامغ الباطل وحتف المناضل ١ : ٢٦٣.

٣ ـ دامغ الباطل وحتف المناضل ٢ : ٨١.

١٩٨

لي ناصر ، وخاذلهما لي خاذل » (١).

السابع : قال : فإذا وجب حصول الهادي في كل عصر وزمان ، وإذا كان واجباً فبوجوبه يجب تسلسل الإمامة في الأعقاب ، واتّصال الأنساب منهم والأسباب كما قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وأهل بيتي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وأنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهم لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » (٢).

الثامن : قال : يؤكّد جميع ذلك ما قدّمنا ذكره من قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « إنّي خلّفت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض كهاتين » وقال على إثر ذلك : « اللهمّ هل بلّغت؟ » قالوا : نعم (٣).

التاسع : قال : وممّا يزيد ذلك تأكيداً ما جاء عن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) في بعض خطبه : « أيّها الناس ، خذوا عن خاتم النبيين أنّه قال : يموت من مات منّا ، ويبلى من يبلى منّا ، وليس يسأل عصر جديد هما (٤) وآزروهما ، وحجّة من ذي الحجّة في حجّة الوداع ، إذ يقول : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبدا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي » وذلك في حجّة الوداع يوم غدير خمّ (٥).

____________

١ ـ دامغ الباطل وحتف المناضل ٢ : ٨١.

٢ ـ دامغ الباطل وحتف المناضل ٢ : ١١٥.

٣ ـ دامغ الباطل وحتف المناضل ٢ : ١٢٥.

٤ ـ كذا في الأصل.

٥ ـ دامغ الباطل وحتف المناضل ٢ : ١٢٥.

١٩٩

العاشر : قال في إدامة كلامه السابق : وكذلك يقول : « إنّكم واردون عليّ الحوض ، عرضه ما بين بصري إلى صنعا ، فيه عدد نجوم السماء ، أقداح من فضّة ، ألا وإنّي سائلكم عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني بهما ».

فقالوا : يا رسول الله ، وما الثقلان؟

فقال : « الثقل الأكبر كتاب الله ، والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي حبل ممدود من السماء ، طرف منه بيد الله ، وطرف منه بأيديكم ، تمسّكوا بهما ، فإنّكم لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما ، فإنّه باقي (١) اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، قال الإمام علي سلام الله عليه : « شهدت بهذا وما شهدت إلاّ بالحق ، تخلّف من خالفهما ، وبرئت إلى الله ممّن شذّ عنهما » (٢).

الحادي عشر : قال ـ عند استعراضه لبعض كلام الإمام علي ( عليه السلام ) ـ : وقال فيهم أيضاً : « ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر ، وتركت فيكم الثقل الأصغر ، وركزت فيكم راية الإيمان » (٣).

الثاني عشر : قال : وفرقة تقول بإمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وهم الشيعة على ما ينقسمون إليه من زيدي وإمامي وكيساني وغال وغيرهم ، وتتفرّق فرقتين : فرقة تقول : بالنصّ والتوقيف الجلي ، وفرقة تقول : بالنصّ ، وكان قول من يقول بالنصّ الخفي إن كان من ذرّيّة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حسنيّاً أم حسينيّاً ، فهو من أهل البيت والعترة ، وأنّ من شهر منهم سيفه ،

____________

١ ـ كذا في الأصل.

٢ ـ دامغ الباطل وحتف المناضل ٢ : ١٢٦.

٣ ـ دامغ الباطل وحتف المناضل ٢ : ١٢٧.

٢٠٠