موسوعة حديث الثقلين - ج ٤

مركز الأبحاث العقائديّة

موسوعة حديث الثقلين - ج ٤

المؤلف:

مركز الأبحاث العقائديّة


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-66-9
ISBN الدورة:
978-600-5213-62-1

الصفحات: ٢٦٤
  الجزء ١ الجزء ٣ الجزء ٤

وقال : وكتاب دعائم الإسلام قد كان أكثر أهل عصرنا يتوهّمون أنّه تأليف الصدوق رحمه الله ، وقد ظهر لنا أنّه تأليف أبي حنيفة النعمان بن محمّد بن منصور ، قاضي مصر في أيّام الدولة الإسماعيليّة ... ، وأخبار هذا الكتاب أكثرها موافقة لما في كتبنا المشهورة ، لكن لم يرو عن الأئمّة بعد الصادق ( عليه السلام ) ... ، وأخباره تصلح للتأييد والتأكيد (١).

قال الأفندي ( ت ١١٢٠ هـ ) في الرياض ـ بعد أن ذكر اسم القاضي ونسبه ـ : مؤلّف كتاب دعائم الإسلام وغيره ، وعندنا من ذلك الكتاب نسخة في مجلّدين ، وكان من أقدم النسخ ... ، ثمّ إنّ عندنا نسخة عتيقة جدّاً من النصف الآخر من كتاب دعائم الإسلام له ، وعلى حواشيها فوائد جليلة كثيرة من كتاب مختصر الآثار ، له أيضاً (٢).

قال السيّد الخوئي ( ت ١٤١٣ هـ ) : إنّ كتاب دعائم الإسلام فيه من الفروع على خلاف مذهب الإمامية ، قد ذكر جملة منها في ذيل محاضراتنا في الفقه الجعفري ، ومع ذلك فقد بالغ شيخنا المحدّث النوري ـ قدس الله نفسه ـ في اعتبار الرجل (٣) ، وأنّه كان من الإمامية المحقّة ، فهو لم يثبت ، فالرجل مجهول الحال ، وعلى تقدير الثبوت فكتابه دعائم الإسلام غير معتبر ; لأنّ رواياته كلّها مرسلة (٤).

ونسبه إليه الشيخ عبّاس القمّي في الكنى والألقاب (٥) ، والسيّد الأمين

____________

١ ـ بحار الأنوار ١ : ٣٨ ، توثيق المصادر.

٢ ـ رياض العلماء ٥ : ٢٧٥.

٣ ـ وقد تقدّم مفصّلاً رأي الشيخ النوري ونقاشه.

٤ ـ معجم رجال الحديث ٢٠ : ١٨٥.

٥ ـ الكنى والألقاب ١ : ٥٧.

١٠١

في أعيان الشيعة (١) ، وعمر رضا كحالة في معجم المؤلّفين (٢) ، والزركلي في الأعلام (٣) ، ومصطفى غالب في تاريخ الدعوة الإسماعيليّة (٤) ، ومقدّمة كتاب اختلاف أصول المذاهب (٥).

ونسبه إليه العلاّمة الطهراني في الذريعة ، وذكر عدّة نسخ للكتاب (٦).

قال محقّق كتاب الدعائم آصف بن علي أصغر فيضي : وكتاب دعائم الإسلام للقاضي النعمان بن محمّد بن منصور بن أحمد بن حيون التميمي المغربي المتوفّى سنة ٣٦٣ هـ ( ٩٧٤ م ) أقوم مصدر لدراسة القانون عند الفاطميين ، وهو مقسّم إلى جزئين : الأوّل يبحث في العبادات ، وهي :

( أ ) الإيمان من وجهة نظر الفاطميين ، ( ب ) الطهارة ، ( ج ) الصلاة ، ويشتمل أيضاً على الجنائز ، ( د ) الزكاة ، ( هـ ) الصوم ، ( و ) الحج ، ( ز ) الجهاد ، وهذه هي دعائم الإسلام السبع عند الشيعة الفاطميين ، وهذا الجزء في ثمانية كتب ، وحديثه عن الصلاة والجنائز متناثر في فصوله المختلفة ، ويغلب على معالجته للموضوعات الصبغة الدينية والكلامية ، وكما نجد بها مسائل تشريعيّة.

أمّا الجزء الثاني فهو يبحث في المعاملات ، ويشتمل على خمسة وعشرين كتاباً ... ، والجزء الأوّل قيّم للباحث في علم الكلام ، كما يتّضح ذلك من الكتاب الأوّل الذي يعدّ من أقدم النصوص في عقائد الفاطميين ،

____________

١ ـ أعيان الشيعة ١٠ : ٢٤ ، ٧ : ١٧٣.

٢ ـ معجم المؤلّفين ١٣ : ١٠٧.

٣ ـ الأعلام ٨ : ٤١.

٤ ـ تاريخ الدعوة الإسماعيليّة : ١٩٩.

٥ ـ اختلاف أصول المذاهب : ٢٠ ، مقدّمة المحقّق.

٦ ـ الذريعة ٨ : ١٩٧.

١٠٢

فهو يبدأ بتعريف الإيمان ، والفرق بين الإسلام والإيمان ، ثمّ يتحدّث عن ضرورة الاعتقاد في الإمامة ... ، نرى في الكتاب الثاني الحديث عن وصيّة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وبكتاب الوصايا أهم الآراء المنسوبة إلى علي نفسه في توثيق عقيدة الإمامة ... ، يقول رواة الفاطميين : إنّه لم يؤلِّف شيئاً ـ [ أي : القاضي النعمان ] ـ دون الرجوع إلى أئمّة عصره ، ويعتبر أقوم كتبه كتاب « دعائم الإسلام » أنّه من عمل المعز نفسه ، وليس من عمل قاضيه الأكبر ، ولهذا كان هذا الكتاب هو القانون الرسمي منذ عهد المعز حتّى نهاية الدولة الفاطمية ... ، بل لا يزال هذا الكتاب هو الوحيد الذي يسيطر على حياة طائفة البهرة في الهند ، وعليه المعوّل في أحوالهم الشخصيّة.

ثمّ قال : وتتّضح قيمة هذا الكتاب أيضاً من أنّ عدداً كبيراً من المختصرات له ألّفت ; لتكون بين يدي القضاة والطلبة.

ثمّ ذكر المحقّق النسخ التي اعتمد عليها ، وذكر خصوصيّاتها (١).

وقد ذكر السيّد محمّد حسين الجلالي في مقدّمة كتاب شرح الأخبار عدّة نسخ لكتاب الدعائم (٢).

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في فهرسته ـ بعد أن ذكر كتاب الاقتصار للقاضي النعمان ـ : ذكر فيه من أين نقل هذه العلوم الفقهية ، وكيف جمعها في كتاب ، ثُمّ استخرج منه ما استخرج من سائر تصانيفه ، ولم سمّي كُلّ كتاب بما سمّي به ، ثُمّ كان بعد ذلك كله تصنيف كتاب « الدعائم » الذي أوردنا ذكره قبل هذا ، فهو آخر كل كتاب صنّفه في علم الفقه ، وأجمعه للآثار ، وأتقنه في الأخبار ، والذي ينبغي إذا احتيج إلى

____________

١ ـ دعائم الإسلام ١ : ٩ ، مقدّمة المحقّق.

٢ ـ شرح الأخبار ١ : ٥٢.

١٠٣

جواب مسألة من علوم الفقه أنْ ينظر فيه أولاً ، كما ورد في رسالة « إيضاح الأعلام » لسيدنا إدريس بن حسن قدس الله روحه ، وذلك قوله ـ كما ذكر مولانا الحاكم ( عليه السلام ) لداعيه باليمن هارون بن أحمد ـ : وليكن فتواك في الحلال والحرام من كتاب « دعائم الإسلام » دون ما سواه (١).

وقد ألّف القاضي النعمان كتاب أساس التأويل في الباطن ، وهو تأويل ما في الدعائم ، قال الشيخ المجدوع في الفهرست : كتاب أساس التأويل في الباطن ، تأويل ما في كتاب دعائم الإسلام لسيدنا النعمان ، والموجود كتاب الولاية ، الذى جمع فيه تأويل ما أتى من ظاهر قصص الأنبياء (٢).

وقد ألّف القاضي النعمان أيضاً كتاب تأويل الدعائم ، قال الشيخ المجدوع : كتاب تأويل الدعائم لسيدنا القاضي النعمان بن محمّد ( قس ) وسمّي به لأنّه أتى بهذا الكتاب بتأويل ما في ذلك الكتاب من ظاهر دعائم الإسلام ، صنّفه بعد كتابه الموسوم بأساس التأويل بأعلى درجة منه في وجوه التأويل (٣).

____________

١ ـ فهرست المجدوع : ٣٤.

٢ ـ فهرست المجدوع : ١٣٤.

٣ ـ فهرست المجدوع : ١٣٥.

١٠٤

(٤) المجالس والمسايرات

الحديث :

قال : وسألته ( عليه السلام ) عن الرواية في يوم الغدير ، وما قاله رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذلك اليوم لعلي ( عليه السلام ) ، وما قام به من ولايته بقوله : « من كنت مولاه فعلي مولاه ».

وقلت : جاءت الرواية أنّ ذلك كان في منصرفه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من حجّة الوداع ، لمّا صار عند غدير خمّ ، وذلك لثماني عشرة خلت من ذي الحجّة ، وأنّ الله عزّ وجلّ أنزل عليه حينئذ لمّا قام بولاية علي ( عليه السلام ) ، وأجاب المسلمون ما عقده له : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) (١).

فقال : نعم ، كذلك كان الأمر.

ثمّ قال : قلت : ويوم عرفة يوم تسعة من ذي الحجّة ، فكأنّ ذلك ـ على الحديث ـ نزل قبل يوم الغدير بتسعة أيّام.

فتبسّم ( عليه السلام ) ، وقال : فما قلت أنت في ذلك؟

قلت : ما ذهب وهمي في ذلك أنّ قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « خلّفت فيكم ما إن تمسّكتم به بعدي لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي »

____________

١ ـ المائدة : ٣.

١٠٥

ـ قال : هذا يوم عرفة ـ أَنَزِلَ فوجبت به الولاية ، وفسّرها بعد ذلك يوم الغدير.

فقال : لا ، ولكن كان في يوم عرفة كما قال أبو جعفر ( عليه السلام ) ، وذكر تأويل عرفة ، فتبيّن لي الأمر ، وصحّ الحديثان (١).

____________

١ ـ المجالس والمسايرات : ٣٢٨ ، كلام في قصّة يوم الغدير.

١٠٦

كتاب : المجالس والمسايرات

قال القاضي النعمان في مقدّمة كتابه هذا : ولقد كنت جمعت عن المهدي بالله ، والقائم بأمر الله ، والمنصور بالله صلوات الله عليهم ورحمته وبركاته ، وفيهم وفي فضائلهم ، من الكتب ما يطول ذكرها ، وألّفت سيرة المعز لدين الله صلوات الله عليه ، من الوقت الذي أفضى الله عزّ وجلّ بأمر الإمامة إليه إلى اليوم ، وأنا ذائب في ذلك إلى أن ينقضي عمري إن شاء الله تعالى ، ويصلها من بعدي من عقبي وأعقابهم بتوفيق الله إيّاهم بطول بقاء وليّه ، ودوام عزّه وسلطانه ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

ثمّ رأيت وجوهاً من الحكم والعلم والآداب والمعرفة تنفجر عن منطقه ، وتندفع من ألفاظه ، وتشير عن رمزه وإشارته ، ولا تجري مجرى السير التي صنّفتها ، ولا تدخل في أبوابها التي ألّفتها على ما في تلك السير من الحكمة والعلم والمعجزات والبراهين والدلائل والآيات.

فرأيت إفراد هذه في كتب تشبهها وتليق بها ، وأن أفرد السير في كتابها مع ما شاكلها وكان من معناها ، وأن أذكر في هذا الكتاب ما سمعته من المعز صلوات الله عليه من حكمة وفائدة وعلم ومعرفة ، عن مذاكرة في مجلس أو مقام أو مسايرة ، وما تأدّى إليّ من ذلك عن بلاغ أو توقيع أو مكاتبة على تأدية المعنى دون اللفظ ، حقيقة بلا زيادة ولا نقص ، بعد بسط

١٠٧

العذر في التخلّف عن تأدية حقيقة لفظه (١).

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في فهرسته : كتاب المجالس والمسايرات والمواقف والتوقيعات ، للقاضي المذكور ( قس ) وهو نصفان ، كلّ نصف منهما مجلّد برأسه (٢).

نسبه إليه : الزركلي في الأعلام (٣) ، وأتان كلبرك في كتابه « كتابخانه ابن طاووس » (٤) ، وحسن الأمين في مستدركات أعيان الشيعة (٥).

قال محقّق هذا الكتاب : سجّل اسم الكتاب على النسخة الآصفية ـ التي اعتمدنا نصفها الأوّل ـ بهذه الصورة : « المجالس والمسايرات في تاريخ الإسماعيليّة وعقائدهم » ويبدو أنّ اسمه الأصلي هو ما ذكره المجدوع : « المجالس والمسايرات والمواقف والتوقيعات » وهو اسم كثر مطابقة لمحتوى الكتاب ومادّته.

وقد نصّ في مقدّمته على ما سبق له من تآليف كتبها عن الخلفاء : المهدي والقائم والمنصور ، ثمّ عن المعز منذ بداية إمامته ... ، ومما يزيد في الأهميّة الوثائقية لهذا الكتاب أنّ النعمان كان حريصاً على تسجيل مادّته إثر كل مجلس مباشرة ، ويتحرّى في نقل ما ينقله حتّى يأتي بلفظ المعز كما ورد على لسانه ، مع ما في هذا العمل من صعوبة وجهد ، وكانت مراجعة الخليفة لمحتواه تزيد النعمان وثوقاً من عمله ، فيقول : إنّ ما أثبته في هذا

____________

١ ـ المجالس والمسايرات : ٤٦ ـ ٤٧ ، مقدّمة المؤلّف.

٢ ـ فهرست المجدوع : ٥٢.

٣ ـ الأعلام ٨ : ٤١.

٤ ـ كتابخانة ابن طاووس ( فارسي ) : ٣٨٣.

٥ ـ مستدركات أعيان الشيعة ١ : ٢٤٢ ، ٢ : ٣٣٩.

١٠٨

الكتاب كأنّه هو لفظه ، وإنْ لم يكن هو بحقيقته ، لما أجازه على المعنى ، وسقط عنه تهمة التحريف والإحالة ، وإن سقطت منه فضيلة الفصاحة والجزالة ، ومعجز الألفاظ في المقالة ....

وإذا كان النعمان قد وضّح خطّة العمل في هذا الكتاب ، وحدّد مادّته ومحتواه ، ومرتبته من الوثوق باعتبار توخّيه التسجيل المباشر أوّلاً ، ثُمّ مراجعة المعز لهذه المواد التي تسقّطها كاتبها على توالي الأيام ، فقد ظلّ التاريخ الذي توقف فيه مبهما نظراً لأنّ صفة التاريخ لم تجي في هذا الكتاب إلاّ بصورة عرضية ... ، لم يكن كتاب المجالس كتاب تاريخ ، ولا كتاب سيرة فقط ، بل هو أيضاً كتاب عقيدة ، وكتاب أدب ... ، ونتبيّن من هذا الكتاب مكانة القاضي النعمان في الدولة الفاطمية ، ومختلف وظائفه الدينية المذهبية والسياسية الديوانية ، كما نجد فيه مسائل عقائدية كمبحث الإمامة ، وما قيل في نسب الفاطميين ، وما نسبه الغلاة إلى الأئمّة ممّا لا يتّفق مع عقيدة الإسلام ، ومسائل في الظاهر والباطن.

ونجد كذلك في الكتاب صورة من الصعوبات التي لقيها الفاطميون في بسط نفوذهم المذهبي على المجتمع الأفريقي ... ، ونستخلص منه أيضاً معلومات عن المهدي والقائم والمنصور والمعز ، وسياستهم الداخلية والخارجية ، وعن طباعهم ومعاملاتهم للناس ، مع نماذج كثيرة من حكمتهم ومواعظهم.

وفي خصوص الأئمّة يمكن جمع الأخبار والإشارات الواردة في الكتاب ، مبثوثة هنا وهناك في كلام المعز ، أو في ذكريات النعمان ....

يصوّر لنا القاضي النعمان في كتابه المجالس والمسايرات المعز على

١٠٩

أنّه الرجل الذي تحصّل على علم الأولين والآخرين ، فالمعز متبحّر في كُلّ علم وفن ، عارف بعلم الظاهر ، وعلم الباطن ، وبأحكام الدين وأصوله وفروعه ، وبالعلوم الرياضية والطب والهندسة و ....

وفي نهاية المقدّمة يذكر المحقّق مواصفات النسخة المعتمدة في التحقيق (١).

قال السيّد محمّد حسين الجلالي في مقدّمة كتاب شرح الأخبار : المجالس والمسايرات ، ويعتبر هذا الكتاب أهم مصدر إسماعيلي في تواريخ الخلفاء الفاطميين ، وخاصّة الخليفة الرابع المعز ، فقد نقل المؤلّف عنه نصوصاً ذات قيمة تأريخية ، تلقي بعض الضوء على جوانب من حياة الفاطميين وعقائدهم المغطّاة بستار التقيّة ....

وقد طبع هذا الكتاب طباعة محقّقة وافية باهتمام إبراهيم شيوخ وآخرين في المطبعة الرسمية بتونس سنة ١٩٧٨م ، واعتمد في تحقيقه على عدّة نسخ ملفّقه ....

ثمّ ذكر السيّد الجلالي عدّة نسخ للكتاب (٢).

____________

١ ـ المجالس والمسايرات : ١٧ ، مقدّمة التحقيق.

٢ ـ شرح الأخبار ١ : ٥٦ ، مقدّمة السيّد محمّد حسين الجلالي.

١١٠

(٥) افتتاح الدعوة

الحديث :

قال : وأخذ أبو عبد الله في هيئة الخروج إلى سجلماسة ، فلمّا تهيّأت أموره ، وفرغ من حوائجه ، كتب كتاباً جعله نسخاً ، وبعث كل نسخة منه إلى كل منبر بأفريقية ، فقرئت عليه ، وهذه نسخة عما جاء فيه :

بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه عوني ، وعليه توكّلي ، أمّا بعد : ... ، ثمّ دلّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أمّته على الشيئين المنجيين من الضلال ، والهاديين إلى الرشاد ، وأمر أمّته بالتمسّك بهما ، وقال : « إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي : كتاب الله وعترتي أهل البيت » (١).

____________

١ ـ افتتاح الدعوة : ١٥٥ ـ ١٥٦.

١١١
١١٢

كتاب : افتتاح الدعوة

أو ابتداء الدعوة للعبيديين

قال القاضي النعمان في مفتتح كتابه هذا ـ بعد الحمد والثناء ـ : ولم يخل الأرض من إمام فيها للأمّة ، وقائل بالحق ، وقائم بالحجّة ، وإن تغلّب فيها المتغلّبون ، واستتر للتقيّة الأئمّة المستحفظون ، وإنّ لهم بكلّ جزيرة من جزائر الأرض داعياً لهم ، وبكل ناحية من نواحيها دليلاً عليهم ، ولو ذكرنا كل إمام منهم صلوات الله عليهم ، ومن دعا إليه ، وقام بأمره لطال الكتاب بذكرهم ، ولكنّا آثرنا من ذلك ذكر أمر الدعوة بأرض المغرب إلى المهدي صلوات الله عليه ، وابتداءها فيها ، وهجرته صلوات الله عليه إليها ، وقيامه عنها ، فظهوره بأسبابها ; ليبقى ذكر ذلك مسطوراً ، ويجري مذكوراً مأثوراً على مرّ الزمان في غابر الدهور والأيّام (١).

نسبه إليه ابن خلّكان في وفيات الأعيان ، قال : وصنّف كتاب : « ابتداء الدعوة للعبيديين » (٢).

ونسبه إليه الصفدي في الوافي بالوفيات (٣) ، والذهبي في تاريخ

____________

١ ـ افتتاح الدعوة : ١٥.

٢ ـ وفيات الأعيان ٤ : ٥٨٦.

٣ ـ الوافي بالوفيات ٢٧ : ٩٥.

١١٣

الإسلام تحت عنوان ابتداء الدعوة (١) ، والكاتب الإسماعيلي مصطفى غالب في مقدّمة كتاب اختلاف أصول المذاهب تحت عنوان افتتاح الدعوة (٢).

ونسبه إليه إسماعيل باشا البغدادي في كتابيه إيضاح المكنون (٣) ، وهديّة العارفين (٤) ، تحت عنوان ابتداء الدعوة للعبيديين بمصر ، ونسبه إليه الزركلي في الأعلام ، وذكر العنوانين للكتاب (٥).

ونسبه إليه عمر رضا كحالة في معجم المؤلّفين تحت عنوان ابتداء الدعوة للعبيديين (٦) ، والسيّد محسن الأمين تحت عنوان افتتاح الدعوة (٧).

ونسبه إليه العلاّمة الطهراني تارة تحت عنوان ابتداء الدعوة للعبيديين (٨) ، وأخرى تحت عنوان رسالة افتتاح الدعوة (٩).

قال الكاتب الإسماعيلي عارف تامر ـ محقّق الكتاب ـ في المقدّمة : هذا الكتاب يعتبر من روائع كتب الدعوة الإسماعيليّة المعترف بها رسمياً لدى المقامات الدينية العليا التي ظهرت للوجود في بدء قيام الدولة الفاطمية في شمالي أفريقيا ، وفي عهد الأئمّة الفاطميين المستورين الذين عاشوا في مدينة سلمية السورية في منتصف القرن الأول ، وفي القرن الثاني من الهجرة المحمّدية الهادية.

____________

١ ـ تاريخ الإسلام ٢٦ : ٣١٦.

٢ ـ اختلاف أصول المذاهب : ٢١ ، مقدّمة المحقّق.

٣ ـ إيضاح المكنون ١ : ٨.

٤ ـ هديّة العارفين ٢ : ٤٩٥.

٥ ـ الأعلام ٨ : ٤١.

٦ ـ معجم المؤلّفين ١٣ : ١٠٧.

٧ ـ أعيان الشيعة ١٠ : ٢٢٣.

٨ ـ الذريعة ١ : ٦٠.

٩ ـ الذريعة ١١ : ٩٨.

١١٤

من الواضح أنّ هذا الكتاب القيم ، الموضوع سنة٣١٦ هـ ، لا يتطرّق مؤلّفه النعمان إلى العقائد الدينية ، أو للفلسفة أو للأحكام الشرعية والفقهية مما لا يمكن تقديمه ، أو التعريف عنه ، أو اعتباره ، إلاّ كقصّة تاريخية طريفة تروي وقائع مهمّة ، وأحداث رهيبة جسيمة ، وقعت على ساحتي اليمن والمغرب ، فكان بطل الأولى الداعي الكبير « ابن حوشب منصور » ، وكان الثاني أبو عبد الله الشيعي.

أمّا المحور الذي قامت عليه الوقائع والأحداث فكان « الإمام محمّد المهدي » مؤسس الدولة الفاطمية في تونس ، وأوّل خليفة لعامّة المسلمين (١).

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في الفهرست : كتاب افتتاح الدعوة وابتداء الدولة ، من تأليفاته في ذكر أمر الدعوة بأرض المغرب إلى المهدي ، بدأ فيه بذكر ابتداء الدعوة باليمن ، والقائم بها ، وهو أبو القاسم الحسن بن فرح بن حوشب الكوفي من أولاد مسلم بن عقيل بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وكيف كان ظهوره فيها ، حتّى نفذ إليه الداعي بالمغرب ، وهو أبو عبد الله ، وخرج منه إلى أرض المغرب بعدما أخذ عنه ، وتأدّب في كُلّ الأمور بآدابه ، وما الذي كان من أمره بعد وصوله إليها ، وقبل وصوله ، من الأسباب التي هيّأها الله تعالى له في طريقه ... ، إلى أنْ ظهر فيها أمره ، وهاجر إليها الإمام المهدي بالله ، وولده القائم بأمر الله ، واستقرّ قرارهما بها ، وفيه ذكر شيء من سيرة أبي عبد الله ، وأخلاقة ، وآدابه التي كان بها ما كان من استقامة أمره ، وظهور دعوته ، واشتهار فضله ، وذكر مما يجب على كُلّ وال ولي من عمل الدعوة شيئاً أنْ يأخذ بحظّه منها ، ويلتزم بسببها ، ويتعلّق

____________

١ ـ افتتاح الدعوة : ٥ ، مقدّمة المحقّق.

١١٥

بوثائقها (١).

وقد نسب ابن شهر آشوب في المعالم كتاب الدولة للقاضي النعمان (٢) ، وقال السيّد الجلالي ـ صاحب مقدّمة كتاب شرح الأخبار للقاضي النعمان ـ : افتتاح الدعوة وإنشاء الدولة ، ألّفه سنة ٣٤٦ هـ ، ذكره ابن شهر آشوب بعنوان الدولة (٣) (٤).

وقال السيّد الجلالي أيضاً : وقد طبع الكتاب أوّلاً بتحقيق وداد القاضي ببيروت ١٩٧٠م بعنوان « كتاب افتتاح الدعوة ».

ثمّ ذكر السيّد الجلالي مواصفات بعض نسخ الكتاب (٥).

وقد طبع الكتاب سنة ١٩٩٦م بتحقيق عارف تامر ، تحت عنوان « كتاب افتتاح الدعوة » وهي الطبعة التي اعتمدناها في النقل.

____________

١ ـ فهرست المجدوع : ٦٧.

٢ ـ معالم العلماء : ١٢٦.

٣ ـ شرح الأخبار ١ : ٤٥ ، مقدّمة السيّد محمّد حسين الجلالي.

٤ ـ أقول : لعل الوجه في استظهار اتّحادهما هو كلام الشيخ المجدوع المتقدّم.

٥ ـ شرح الأخبار ١ : ٤٦ ، مقدّمة السيّد محمّد حسين الجلالي.

١١٦

(٦) المناقب والمثالب

الحديث :

قال : وعن أبي ذر أنّه قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : « ترد على الحوض أمّتي على خمس رايات » وذكر حديثاً طويلاً ، قال فيه : « ثمّ يرد فرعون في أتباعه ، فآخذ بيده ، فإذا أخذتها اسودّ وجهه ، ورجفت قدماه ، وصفقت أحشاؤه ، ويفعل ذلك بأتباعه » ثمّ قال : « هو معاوية بن أبي سفيان ، فأقول : بماذا خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون كذّبنا الأكبر ومزّقناه وقاتلنا الأصغر وقتلناه ، فأقول : اسلكوا طريق أصحابكم ، فيصرفون ضمأى مسودّة وجوههم ، لا يطعمون منه قطرة » (١).

____________

١ ـ المناقب والمثالب : ٢٣٢ ، أقوال في معاوية.

١١٧
١١٨

كتاب : المناقب والمثالب

قال القاضي النعمان في مقدّمة كتابه هذا ـ بعد الحمد والثناء ، وذكر الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل بيته ( عليهم السلام ) ، وذكر بعض فضائلهم ـ : وبسطنا في صدر كتابنا هذا منه ما بسطناه ، لما تأدّى إلينا وسمعنا من دعوى بني أمية الفضل مع العترة الطاهرة ، آل الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وعيوب بني أميّة مع ذلك بادية مكشوفة ، وفضائل آل الرسول ظاهرة معروفة ، وطاعة الأئمّة منهم ( عليهم السلام ) لازمة لهم ، وحقوقهم عليهم واجبة ، فاستكبروا كاستكبار إبليس ، وعندوا عنوده ، وادعوا كما ادعى الفضل على من فضّله الله عزّ وجلّ عليه ، فرأينا وبالله التوفيق ، وبه نستعين ، بسط كتابنا هذا في إبطال دعواهم ، وذكر أسباب عدواتهم ، وما جرى عليه منها من تقدّم من أسلافهم من قبل مبعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وبعد مبعثه ووفاته ، ومن نصب له منهم العداوة في حياته ; تكذيباً لنبوّته ، وما نال وصيّه وذرّيته منهم من بعد موته ، ونذكر مثالبهم ومناقب آل الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ; لنوضّح الحق لمن أبصره من أوليائه ، ويهدي الله بذلك إليه إنْ شاء من يحب أنْ يهديه ، ويمنّ بالتوفيق عليه ، ولو لا أنّ ذكر المثالب والمساوئ ههنا من الضرورة لما ذكرناها ، ولو وجدنا بدّاً من ذكرها لسترناها ، فقد كان يقال : لا خير في ذكر العيوب إلاّ من ضرورة ، وستر المساوئ في الواجب من الخيانة ، وليس هذا مما يعارض بالحديث المرفوع : « لا تسبّوا الأحياء بسبّ الأموات » إنّما ذلك في الأموات

١١٩

الذين لا يجوز سبّهم ، فأمّا من كان سبّهم فريضة ، ونشر معايبه من أوجب الشريعة ، فليس من معنى هذا الحديث ... ، ولا نعلم بدعة هي أضرّ بالمسلمين والملّة الحنيفية والدين من بدعة تعاطي بها المفضول منزلة الفاضل ، وجلس بها امام البغي منزلة مجلس الإمام العادل ، ولا ثواب ـ إنْ شاء الله ـ أجزل من ثواب قائل أبان الحق في ذلك ، ونفى الشبهة عنه ، ودمغ بقوله الباطل ، وأظهر عوار مدّعيه ، نسأل الله بلوغ ذلك والعون عليه.

ولمّا نظرنا في عداوة بني أميّة للعترة الطاهرة الزكية ، رأيناها عداوة أصلية قديمة ... ، ورأينا وبالله التوفيق أن نبتدئ بذكر هذه العداوة من حيث ابتدأت ... ، إلى أن بلغت ما بلغت ... ، إلى وقت تأليف كتابنا هذا (١).

ونسبه المصنّف إلى نفسه في عدّة مواضع من كتابه شرح الأخبار ، قال : وقد ألّفت كتاباً سمّيته كتاب المناقب والمثالب ، وذكرت فيه فضل هاشم وولده ، وماله ومالهم من المناقب في الجاهليّة والإسلام ، وفضلهم في ذلك على عبد شمس وولده ، ومثالب عبد شمس وولده في الجاهليّة والإسلام ، على الموازنة رجلاً برجل إلى وقت تأليفي ذلك (٢).

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في فهرسته : قال سيّد عماد الدين ( قس ) في كتاب عيون الأخبار : قال القاضي النعمان بن محمّد ( قس ) : أمرني أمير المؤمنين المعز لدين الله بجمع أخبار الدولة في كتاب ، ومناقب بني هاشم ومثالب بني عبد شمس في كتاب ، ففعلت على ما رتّبه وأفاد ، ورفعتهما إليه ، فاستحسنهما ، وارتضاهما ، واستجاد معناهما ، وقال : أمّا

____________

١ ـ المناقب والمثالب : ٢٠ ـ ٢٣ ، مقدّمة المؤلّف.

٢ ـ شرح الأخبار ٢ : ٩٨ ، ١٤٥ ، ١٧٤ ، وغيرها.

١٢٠