كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٦

باب

* (تحريم المدينة وفضلها) *

٣١٤٨ ـ روى زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة ما بين لا بتيها صيدها ، حرم عليه‌السلام ما حولها بريدا في بريد أن يختلى خلاها أو يعضد شجرها إلا عودي الناضح » (١).

٣١٤٩ ـ وروي « أن لا بتيها ما أحاطت به الحرار » (٢).

٣١٥٠ ـ وروي في خبر آخر : « أن ما بين لابتيها ما بين الصورين إلى الثنية » (٣) والذي حرمه من الشجر ما بين ظل عائر إلى فيئ وعير وهو الذي حرم وليس

__________________

(١) لابتا المدينة : حرتاها اللتان تكتنفان بها من الشرق والغرب ، والخلي مقصورة : الرطب من النبات واحدته خلاة ، أو كل بقلة قلعتها ، واختلاه جزه أو نزعه ، ويختلي خلاها أي يجز عشبها ، ويعضد أي يقطع ، وعودا الناضح ما يستقى عليهما الماء ، والناضح الإبل يستقى به ، واختلف في هذا الحكم فذهب جماعة من أصحابنا إلى أنه لا يجوز قطع شجر هذه المحدودة ولا قتل صيدها ، وقال في المدارك : أسنده في المنتهى إلى علمائنا ، وقيل بالكراهة و هو اختيار المحقق بل هو الأشهر وربما قيل بتحريم قطع الشجر وكراهة الصيد ، وقال العلامة المجلسي : المعتمد الأول ، وأنكر أبو حنيفة تحريم الصيد وحرمه الشافعي ومالك.

(٢) رواه الكليني ج ٤ ص ٥٦٤ والشيخ في الصحيح عن ابن مسكان ، عن الحسن الصقيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، والحرار جمع حرة : ارض ذات حجارة سود. وسيأتي الكلام فيها.

(٣) رواه الكليني في ذيل صحيحة ابن مسكان ، و « الصورين » تثنية الصور ـ بالفتح ثم السكون ـ موضع في أقصى بقيع الغرقد مما يلي طريق بني قريظة ، والثنية ـ بتشديد الياء ـ هو اسم موضع ثنية مشرفة على المدينة وفى الأصل كل عقبة في جبل مسلوكة ، وللمدينة ثنيتان إحديهما ثنية مدران ـ بكسر الميم ـ : موضع في طريق تبوك من المدينة في شمالها الغربي فيه مسجد للنبي عليه‌السلام. وأخرى ثنية الوداع وهو ثنية مشرفة على المدينة في جنوبها الغربي يطؤها من يريد مكة.

٥٦١

صيدها كصيد مكة ، يؤكل هذا ، ولا يؤكل ذاك (١).

٣١٥١ ـ وروى أبو بصير (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « حد ما حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المدينة من رباب (٣) إلى وأقم والعريض ، والنقب (٤) من قبل مكة ».

٣١٥٢ ـ وفي رواية عبد الله بن سنان (٥) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « يحرم من

__________________

(١) في الكافي ج ٤ ص ٥٦٤ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان مكة حرم الله حرمها إبراهيم عليه‌السلام ، و ان المدينة حرمي ما بين لابتيها حرم ، لا يعضد شجرها وهو ما بين ظل عائر إلى وعير ، و ليس صيدها كصيد مكة يؤكل هذا ولا يؤكل ذلك » وقيل المراد بالظل والفيئ أصل الجبل الذي منه الظل الفيئ. ولكن تقدم شرح ذلك مفصلا في المجلد الأول ص ٤٤٨ ، وقوله « يؤكل » يومى إلى الكراهة كما لا يخفى.

(٢) الظاهر هو ليث المرادي ولم يذكر المصنف طريقه إليه ويشتبه كثيرا ، ورواه الكليني ج ٤ ص ٥٦٤ في الصحيح عن ابن مسكان عنه.

(٣) كذا وهو بفتح الراء وتخفيف الباء الموحدة الأولى : جبل بين المدينة و فيد على طريق كان يسلك قديما. وفى الكافي « ذباب » ـ بضم المعجمة ـ وهو جبل بالمدينة.

(٤) وأقم ـ بالقاف ـ : أطعم من آطام المدينة في شرقيها عند منازل بنى عبد الأشهل إلى جانبه حرة نسبت إليه ، والاطم الحصن. والعريض ـ ومصغرا ـ واد في شرقي المدينة قرب وادى قناة ، والنقب في غربي المدينة قرب وادى عقيق يقال : نقب المدينة وقد سلكه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في مسيره إلى بدر قال ابن هشام قال ابن إسحاق « فسلك صلى‌الله‌عليه‌وآله طريقه من المدينة إلى مكة على نقب المدينة ثم على العقيق ثم على ذي الحليفة ثم على أولات الجيش ـ أو ذات الجيش ـ ثم على تربان ثم على ملل ـ الخ » والجار في قوله عليه‌السلام « من قبل مكة » متعلق بالأخير ، ويحتمل أن يكون العريض معطوفا على وأقم لان كلاهما في الجهة الشرقي ، والنقب في الجهة الغربي. وان أردت أن تكون على بصيرة من الامر راجع الخريطة التقريبية للمدينة المنورة التي نشرت مع كتاب قصص الأنبياء طبع مكتبتنا.

(٥) طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة كما في الخلاصة.

٥٦٢

صيد المدينة ما صيد بين الحرتين » (١).

٣١٥٣ ـ وسأله يونس بن يعقوب قال : « يحرم علي في حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما يحرم علي في حرم الله تعالى؟ قال : لا » (٢).

٣١٥٤ ـ وروى أبان ، عن أبي العباس ـ يعني الفضل بن عبد الملك ـ قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام « حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة؟ فقال : نعم حرم بريدا في بريد عضاها ، قلت : صيدها؟ قال : لا ، يكذب الناس » (٣).

__________________

(١) الحرتان هما حرة وأقم التي كانت في مشرق المدينة ممتدة من الشمال إلى الجنوب دون وادى العريض ، وحرة وبرة التي كانت في مغربها وهي أيضا ممتدة من الشمال إلى الجنوب دون وادى عقيق ، ويستفاد من هذا الخبر الفرق بين صيد حرم مكة وصيد حرم المدينة لان صيد مكة يحرم في جميع الحرم وليس كذلك في حرم المدينة لان الذي يحرم منها هو القدر المخصوص وهو ما بين الحرتين فقط.

(٢) يدل على عدم المساواة في جميع الأحكام ولا ينافي مساواته لها في بعض الأحكام كالصيد وقطع الحشيش والشجر ، أو يحمل الحرمة على الكراهة الشديدة كما ذهب إليه جماعة وفى المدارك : قال العلامة في المنتهى : « حرم المدينة يفارق حرم مكة في أمور أحدها أنه لا كفارة فيما يقتل فيه من صيد أو قطع شجر ، الثاني أنه يباح من شجر المدينة ما تدعو الحاجة إليه من الحشيش للعلف ، الثالث أنه لا يجب دخولها الا بالاحرام ، الرابع أن من أدخل صيدا إلى المدينة لم يجب ارساله. انتهى كلامه ـ رحمه‌الله ـ » وهو جيد لمطابقة ما ذكر لمقتضى الأصل وان أمكن المناقشة في جواز الاحتشاش.

(٣) العضاه ـ بكسر العين المهملة ، والضاد المعجمة وبعد الألف هاء ـ : جمع عضاهة وهي شجرة الخمط ، وقيل : بل كل شجرة ذات شوك ، وقيل : ما عظم منها ، قال الجوهري في باب الهاء فصل العين المهملة : العضاه : كل شجر يعظم وله شوك ، وفى باب الياء فصل الغين المعجمة : الغضى : شجر ـ انتهى ، وقال صاحب المنتقى : قد ضبطت في الكافي والتهذيب بالغين المعجمة ولا يخلو من نظر إذ ظاهر أن المراد ههنا مطلق الشجر ، والغضى شجر مخصوص ـ انتهى ، أقول : روى مسلم باسناده عن عامر بن سعد عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « انى أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها ، أو يقتل صيدها » وهكذا رواه البغوي في المصابيح ، وقوله « لا يكذب الناس » قال الفيض ـ رحمه‌الله ـ يحتمل

٥٦٣

٣١٥٥ ـ ولما دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة قال : « اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد ، وبارك في صاعها ومدها ، وانقل حماها ووباها إلى الجحفة » (١).

٣١٥٦ ـ وروي أن الصادق عليه‌السلام ذكر الدجال فقال : « لا يبقى منها سهل إلا وطئه إلا مكة والمدينة فإن على كل نقب من أنقابهما ملك يحفظهما من الطاعون والدجال » (٢) والله الموفق.

__________________

معنيين أحدهما أن يكون « لا » كلاما برأسه ، و « يكذب الناس » كلاما آخر على حدة من الكذب ، والثاني أن يكونا كلاما واحدا من التكذيب على سبيل التقية فان العامة روت في التحريم رواية ـ انتهى ، وقال الشيخ : التكذيب إنما هو للتعميم بل لا يحرم الا ما بين الحرتين.

(١) روى البغوي في مصابيح السنة ج ١ ص ١٨٧ عن عائشة قالت : « لما قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المدينة وعك أبو بكر وبلال فجئت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبرته ، فقال : اللهم حبب إلينا المدينة ـ وساق كما في المتن ـ » ورواه البخاري و مسلم أيضا ، وفى اللمعات الجحفة ـ بضم الجيم وسكون الحاء موضع بين مكة والمدينة و كان ساكنوها يومئذ اليهود ، وقال النووي : فيه دليل للدعاء على الكفار بالأمراض والأسقام والهلاك ، وفيه الدعاء للمسلمين بالصحة وطيب بلادهم والبركة فيها وكشف الضر والشدائد عنهم وهذا مذهب العلماء كافة. وفى هذا الحديث علم من أعلام نبوة نبينا (ص) فان الجحفة من يومئذ مجتنبة ولا يشرب أحد من مائها الاحم ـ انتهى ، وقال المنذري في الترغيب : يقال للجحفة قديما « مهيعة » بفتح الميم واسكان الهاء وفتح الياء ، وهي اسم لقرية قديمة كانت بميقات الحج الشامي على اثنين وثلاثين ميلا من مكة ، فلما اخرج العماليق بنى عبيل اخوة عاد من يثرب نزلوها فجاءهم سيل الجحاف ـ بضم الجيم ـ فجحفهم وذهب بهم فسميت حينئذ الجحفة.

(٢) رواه الشيخ ج ٢ ص ٥ من التهذيب في الموثق كالصحيح ، وأخرجه مسلم في صحيحه باب صيانة المدينة في كتاب الحج عن أبي هريرة هكذا قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم » « على أنقاب المدينة ملائكة ، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال ».

٥٦٤

باب

* (ما جاء فيمن حج ولم يزر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله) *

* (وفيمن مات بمكة أو المدينة) *

٣١٥٧ ـ روى محمد بن سليمان الديلمي ، عن إبراهيم بن أبي حجر الأسلمي (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أتى مكة حاجا ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة ، ومن أتاني زائرا وجبت له شفاعتي ، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة ، ومن مات في أحد الحرمين مكة والمدينة لم يعرض ولم بحاسب ومات مهاجرا إلى الله عزوجل وحشر يوم القيامة مع أصحاب بدر ».

* (اتيان المدينة) *

إذا دخلت المدينة (٢) فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تدخلها ، ثم ائت قبر ـ

__________________

(١) كذا في جميع النسخ ، وفى الكافي « عن أبي حجر الأسلمي » وفى التهذيب نقلا عن محمد بن يعقوب « عن أبي يحيى الأسلمي » ولعل الصواب ما في التهذيب الا أن فيه سقطا والصواب « ابن أبي يحيى » وهو نسبة إلى الجد والظاهر أن الرجل هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي المذكور في رجال العامة كنيته أبو إسحاق وضعفه جماعة منهم وقالوا كان كذابا قدريا رافضيا وفى المحكى عن الشافعي قال : انه ثقة ، وأنت خبير بأن تضعيف القوم بعض الرواة كثيرا ما يكون من جهة الرفض أو التشيع فلا عبرة به ، وبالجملة توفى إبراهيم ١٨٤ أو ١٩١ على اختلاف.

(٢) رواه الكليني ج ٤ ص ٥٥٠ في الصحيح عن معاوية عمار أبى عبد الله عليه‌السلام ، و اعلم ـ أيدك الله ـ أن جماعة قليلة من العامة ينكرون علينا زيارة المشاهد لا سيما مشاهد العترة الطاهرة والدعاء عندها والصلاة فيها والتوسل والتبرك بها قال استاذنا الأميني ـ رضوان الله تعالى عليه ـ في كتابه الغدير الأغر : قد جرت السيرة المطردة من صدر الاسلام منذ عهد الصحابة الأولين والتابعين لهم باحسان على زيارة قبور ضمنت في كنفها نبيا مرسلا ، أو إماما طاهرا ، أو وليا صالحا أو عظيما من عظماء الدين وفى مقدمها قبر النبي الأقدس صلى‌الله‌عليه‌وآله. وكانت الصلاة لديها ، والدعاء عندها ، والتبرك والتوسل بها ، والتقرب إلى الله وابتغاء

٥٦٥

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وادخل المسجد من باب جبرئيل عليه‌السلام ، فإذا دخلت فسلم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قم عند الأسطوانة المقدمة من جانب القبر من عند زاوية القبر وأنت مستقبل القبلة ، ومنكبك الأيسر إلى جانب القبر ومنكبك الأيمن مما يلي المنبر فإنه موضع رأس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم تقول : أشهد أن لا إله إلا الله

__________________

الزلفة لديه باتيان تلك المشاهد من المتسالم عليه بين فرق المسلمين من دون أي نكير من أحادهم وأي غميزة من أحد منهم على اختلاف مذاهبهم حتى ولد الدهر ابن تيمية الحراني ، فجاء كالمغمور مستهترا يهذي ولا يبالي ، فتراه وأنكر تلك السنة الجارية سنة الله التي لا تبديل لها ولن تجد لسنة الله تحويلا ، وخالف هاتيك السيرة المتبعة وشذ عن تلك الآداب الاسلامية الحميدة ، وشدد النكير عليها بلسان بذى وبيان تافه ووجوه خارجة عن نطاق العقل السليم ، بعيدا عن أدب العلم ، أدب الكتابة ، أدب العفة ، وأفتى بحرمة شد الرحال لزيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعد السفر لأجل ذلك سفر معصية لا تقصر فيه الصلاة ، فخالفه أعلام عصره ورجالات قومه فقابلوه بالطعن الشديد فأفرد هذا بالوقيعة عليه تأليفا حافلا (كشفاء السقام في زيارة خير الأنام للسبكي) و (الدرة المضيئة في الرد على ابن تيمية) له أيضا ، والمقالة المرضية لقاضي القضاة المالكية تقى الدين أبى عبد الله الأخنائي ، ونجم المهتدي ورجم المقتدى للفخر ابن المعلم القرشي ، ودفع الشبه لتقي الدين الحصني ، والتحفة المختارة في الرد على منكر الزيارة لتاج الدين الفاكهاني ، وتأليف أبى عبد الله محمد بن عبد المجيد الفاسي. وجاء ذلك يزيف آراءه ومعتقداته في طي تآليفه القيمة كالصواعق الإلهية في الرد على الوهابية للشيخ سليمان بن عبد الوهاب في الرد على أخيه محمد بن عبد الوهاب النجدي ، والفتاوى الحديثة لابن حجر ، والمواهب اللدنية للقسطلاني ، وشرحه للزرقاني. وهناك آخر يترجمه بعجره وبجره ويعرفه للملاء ببدعه وضلالاته.

ثم قال : وقد أصدر الشاميون فتيا بتكفيره وعرضت الفتيا هذه على قاضى القضاة بمصر البدر بن جماعة فكتب على ظاهر الفتوى « الحمد لله هذا المنقول باطنها جواب عن السؤال عن قول ابن تيمية » ان زيارة الأنبياء والصالحين بدعة وما ذكره من نحو ذلك ومن أنه لا يرخص بالسفر لزيارة الأنبياء باطل مردود عليه ، وقد نقل جماعة من العلماء أن زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فضيلة وسنة مجمع عليها ، وهذا المفتى المذكور ـ يعنى ابن تيمية ـ ينبغي أن يزجر عن مثل هذه الفتاوى الباطلة عند الأئمة والعلماء ويمنع من الفتاوى الغريبة ، ويحبس إذا لم يمتنع من ذلك ويشهر أمره ليحتفظ الناس من الاقتداء به ، راجع الغدير ج ٥ ص ٨٧.

٥٦٦

وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأشهد أنك رسول الله ، وأشهد أنك محمد بن عبد الله (١) ، وأشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لامتك وجاهدت في سبيل الله ، وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين ، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأديت الذي عليك من الحق ، وأنك قد رؤفت بالمؤمنين وغلظت على الكافرين فبلغ الله بك أشرف محل المكرمين ، الحمد لله الذي استنقذنا بك من الشرك والضلالة ، اللهم اجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقربين وعبادك الصالحين وأنبيائك المرسلين وأهل السماوات والأرضين ومن سبح لك يا رب العالمين من الأولين والآخرين على محمد عبدك ورسولك ونبيك وأمينك ونجيك وحبيبك وصفيك و خاصتك وصفوتك من بريتك وخيرتك من خلقك ، اللهم وأعطه الدرجة والوسيلة من الجنة وابعثه مقاما محمودا يغبطه بن الأولون والآخرون ، اللهم إنك قلت وقولك الحق : « ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما » وإني أتيت نبيك مستغفرا تائبا من ذنوبي ، يا رسول الله إني أتوجه بك إلى الله ربي وربك ليغفر لي ذنوبي.

وإن كانت لك حاجة فاجعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خلف كتفيك واستقبل القبلة وارفع يديك وسل حاجتك فإنك حري أن تقضى لك إن شاء الله تعالى (٢).

ثم قل وأنت مسند ظهرك إلى المروة الخضراء الدقيقة العرض مما يلي القبر وأنت مسند إليه مستقبل القبلة : « اللهم إليك ألجأت أمري وإلى قبر محمد عبدك رسولك صلواتك عليه وآله أسندت ظهري والقبلة التي رضيت لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اسقبلت ، اللهم

__________________

(١) أي المبشر به في كتب الله وعلى لسان أنبيائه عليهم‌السلام. (المرآة)

(٢) إلى هنا تمام الخبر وقال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : استدبار النبي (ص) وإن كان خلاف الأدب لكن لا بأس به إذا كان التوجه إلى الله تعالى ، وقال العلامة المجلسي (ره) يحتمل أن يكون المراد الاستدبار فيما بين القبر والمنبر بأن لا يكون استدبارا حقيقيا كما يدل عليه بعض القرائن فالمراد بالقبر في الثاني الجدار الذي أدير على القبر فإنه المكشوف والقبر مستور ، والله يعلم.

٥٦٧

إني أصحبت لا أملك لنفسي خير ما أرجو لها ، ولا أدفع عنها شر ما أحذر عليها ، وأصبحت الأمور بيدك ، فلا فقير أفقر مني إني لما أنزلت إلي من خير فقير ، اللهم ارددني منك بخير ، لا راد لفضلك ، اللهم إني أعوذ بك من أن تبدل اسمي ، وأن تغير جسمي ، أو تزيل نعمتك عني ، اللهم زيني بالتقوى ، وجملني بالنعمة ، و اغمرني بالعافية ، وارزقني شكرك » (١).

* (اتيان المنبر) *

ثم ائت المنبر فامسح عينيك ووجهك برمانتيه فإنه يقال : إنه شفاء للعين ، وقم عنده واحمد الله واثن عليه وسل حاجتك.

٣١٥٨ ـ فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة وإن منبري على ترعة من ترع الجنة ». ـ قوائم المنبر ربت في الجنة ، والترعة هي الباب الصغير ـ.

ثم ائت مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فصل عنده ما بدا لك ، ومتى دخلت المسجد فصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكذلك إذا خرجت (٢).

__________________

(١) روى الكليني ج ٤ ص ٥٥١ باسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : « كان أبى علي بن الحسين عليهم‌السلام يقف على قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فيسلم عليه ويشهد له بالبلاغ ويدعوا بما حضره ، ثم يسند ظهر إلى المروة الخضراء الدقيقة العرض مما يلي القبر ويلتزق بالقبر ويسند ظهره إلى القبر ويستقبل القبلة و يقول « اللهم ـ الخ » الا أن فيه « ألجأت ظهري » وقال الفيض (ره) لعل ما في الفقيه أصوب ، وفيه أيضا « اللهم كرمني بالتقوى » مكان « اللهم زيني بالتقوى » وفيه وفى بعض نسخ الفقيه « وارزقني شكر العافية » مكان « ارزقني شكرك ». والمروة في القاموس المرو حجارة بيض براقة تورى النار أو أصلب الحجارة وفى بعض نسخه » أو أصل الحجارة.

(٢) روى الكليني في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إذا فرغت من الدعاء عند قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فائت المنبر فامسحه بيدك وخذ برمانتيه وهما السفلا وان وامسح عينيك ووجهك به فإنه يقال : إنه شفاء للعين وقم عنده فاحمد الله واثن عليه وسل حاجتك فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من ترع

٥٦٨

ثم ائت مقام جبرئيل عليه‌السلام وهو تحت الميزاب ، فإنه كان مقامه إذا استأذن على نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قل : « أي جواد أي كريم أي قريب أي أسألك (١) أن ترد علي نعمتك ».

وذلك مقام لا تدعو فيه حائض فتستقبل القبلة إلا رأت الطهر ، ثم تدعو بدعاء الدم تقول : « اللهم إني أسألك بكل اسم هولك أو تسميت به لاحد من خلقك ، أو هو مأثور في علم الغيب عندك ، وأسألك باسمك الأعظم الأعظم الأعظم ، وبكل حرف أنزلته على موسى ، وبكل حرف أنزلته على عيسى ، وبكل حرف أنزلته على محمد صلواتك عليه وآله وعلى أنبياء الله إلا فعلت بي كذ وكذا » والحائض تقول : « إلا أذهبت عني هذا الدم » (٢).

__________________

الجنة ـ والترعة هي الباب الصغير ـ ثم تأتى مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فتصلى فيه ما بدا لك فإذا دخلت المسجد فصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإذا خرجت فاصنع مثل ذلك وأكثر من الصلاة في مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ». وقال الفيض ـ رحمه‌الله ـ : الترعة ـ بضم المثناة الفوقانية ثم المهملتين ـ في الأصل هي الروضة على المكان المرتفع خاصة فإذا كانت في المطمئن فهي روضة ، قال القتيبي في معنى الحديث : ان الصلاة والذكر في هذا الموضع يؤديان إلى الجنة فكأنه قطعة منها ، وقيل : الترعة : الدرجة : وقيل : الباب كما في هذا الحديث ، وكان الوجه فيه أن بالعبادة هناك يتيسر دخول الجنة كما أن بالباب يتمكن من الدخول.

(١) في الكافي « أسألك أن تصلى على محمد وأهل بيته ، وأسألك ـ إلى آخر الدعاء ».

(٢) في الكافي ج ٤ ص ٤٥٢ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا أشرفت المرأة على مناسكها وهي حائض فلتغتسل ولتحتش بالكرسف ولتقف هي و نسوة خلفها فيؤمن على دعائها وتقول : « اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك أو تسميت به لاحد من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك وأسألك باسمك الأعظم الأعظم وبكل حرف أنزلته على موسى وبكل حرف أنزلته على عيسى وبكل حرف أنزلته على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الا أذهبت عنى هذا الدم « وإذا أرادت أن تدخل المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فعلت مثل ذلك ، قال : وتأتي مقام جبرئيل عليه‌السلام وهو تحت الميزاب فإنه كان مكانه إذا استأذن على نبي الله (ص) قال : فدلك مقام لا تدعوا الله فيه حائض تستقبل القبلة وتدعو بدعاء الدم ـ

٥٦٩

* (الصوم بالمدينة والاعتكاف عند الأساطين) *

إن كان لك بالمدينة مقام ثلاثة أيام (١) صمت يوم الأربعاء وصليت ليلة الأربعاء

__________________

الا رأت الطهر إن شاء الله ». وباسناده عن عمر بن يزيد قال « حاضت صاحبتي وأنا بالمدينة وكان ميعاد جمالنا وابان مقامنا وخروجنا قبل أن تطهر ، ولم تقرب المسجد ولا القبر ولا المنبر ، فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه‌السلام ، فقال : مرها فلتغتسل ولتأت مقام جبرئيل عليه‌السلام فان جبرئيل كان يجيئ فيستأذن على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإن كان على حال لا ينبغي أن يأذن له قام في مكانه حتى يخرج إليه وان اذن له دخل عليه ، فقلت : وأين المكان؟ فقال : حيال الميزاب الذي إذا خرجت من الباب الذي يقال له باب فاطمة بحذاء القبر إذا رفعت رأسك بحذاء الميزاب ، والميزاب فوق رأسك والباب من وراء ظهرك وتجلس في ذلك الموضع وتجلس معها نساء ولتدع ربها ويؤمن على دعائها ، قال : فقلت : وأي شئ تقول؟ قال : تقول : » اللهم إني أسألك بأنك أنت الله ليس كمثلك شئ أن تفعل بي كذا وكذا « قال : فصنعت صاحبتي الذي أمرني فطهرت ـ الخ » وروى ص ٤٥٣ باسناده عن بكر بن عبد الله الأزدي قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك ان امرأة مسلمة صحبتني حتى انتهيت إلى بستان بنى عامر فحرمت عليها الصلاة فدخلها من ذاك أمر عظيم فخافت أن تذهب متعتها فأمرتني أن أذكر ذلك لك وأسألك كيف تصنع ، فقال قل لها فلتغتسل نصف النهار وتلبس ثيابا نظافا وتجلس في مكان نظيف وتجلس حولها نساء يؤمن إذا دعت وتعاهد لها زوال الشمس فإذا زالت فمرها فلتدع بهذا الدعاء وليؤمن النساء على دعائها حولها كلما دعت تقول : « اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك وبكل اسم تسميت به لاحد من خلقك وهو مرفوع مخزون في علم الغيب عندك وأسألك باسمك الأعظم الأعظم الذي إذا سئلت به كان حقا عليك أن تجيب أن تقطع عنى هذا الدم » فان انقطع الدم والا دعت بهذا الدعاء الثاني فقل لها فلتقل : « اللهم إني أسألك بكل حرف أنزلته على محمد صلى الله عليه ـ وآله ، وبكل حرف أنزلته على موسى عليه‌السلام وبكل حرف أنزلته على عيسى عليه‌السلام وبكل حرف أنزلته في كتاب من كتبك ، وبكل دعوة دعاك بها ملك من ملائكتك أن تقطع عنى هذا الدم » فان انقطع فلم تر يومها ذلك شيئا والا فلتغتسل من الغد في مثل الساعة التي اغتسلت فيها بالأمس فإذا زالت الشمس فلتصل ولتدع بالدعاء وليؤمن النسوة إذا دعت ، ففعلت ذلك المرأة فارتفع عنها الدم حتى قضت متعتها وحجها وانصرفنا راجعين ، فلما انتهينا إلى بستان بنى عامر عاودها الدم ، فقلت له : أدعو بهذين الدعائين في دبر صلاتي؟ فقال : ادع بالأول ان أحببت ، وأما الاخر فلا تدع به الا في الامر الفظيع ينزل بك ».

(١) روى الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٦ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن كان

٥٧٠

عند أسطوانة التوبة وهي أسطوانة أبي لبابة (١) التي ربط نفسه إليها وتقعد عندها يوم الأربعاء ، ثم تأتي ليلة الخميس الأسطوانة التي تليها مما يلي مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم الأربعاء ـ وساق مثل ما في المتن بأدنى اختلاف في اللفظ وزاد في آخره « فإنك حرى أن تقضى حاجتك إن شاء الله » ، وقال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : فيستحب الاعتكاف الشرعي بالشرائط المتقدمة ، وظاهر كلام المصنف الاعتكاف اللغوي وهو ملازمة المسجد ، وعلى أي حال يجوز الصوم في السفر بخصوص هذه الثلاثة الأيام وان قلنا بحرمة صيام النافلة فيه ، ولو تيسر أن يكون اقامته فيها في الأربعاء والخميس والجمعة كان أحسن ، وربما قيل باختصاص الصوم بهذه الثلاثة لأنها مورد الروايات وهو أحوط ـ انتهى.

(١) هو أبو لبابة بن عبد المنذر الأنصاري المدني ، واختلف في اسمه ، فقيل : رفاعة ، و قيل مبشر ، وقيل بشير ، وهو أحد النقباء وقصته معروفة في التواريخ والتفاسير ، ذيل قوله تعالى « يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون » وهي أن بني قريظة لما حوصروا بعثوا إلى رسول الله (ص) أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بنى عمرو بن عوف ـ وكانوا حلفاء الأوس ـ لنستشيره في أمرنا ، فأرسله رسول الله (ص) إليهم ، فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه فرق لهم ، و قالوا له : يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد ، قال : نعم وأشار بيده إلى حلقه ـ أنه الذبح ـ قال أبو لبابة : فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أنى قد خنت الله ورسوله (ص) ثم انطلق على وجهه ولم يأت رسول الله (ص) فذهب إلى المسجد وارتبط نفسه إلى عمود من عمده وقال : لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله على وعاهد الله أن لا أطأ بني قريظة أبدا ، فأنزل الله تعالى الآية ، فلما بلغ خبره رسول الله (ص) قال : أما انه لو جاءني لاستغفرت له فأما إذا قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه حتى يتوب الله عليه ، فلم يزل مرتبطا بالجذع ست ليال وتأتيه امرأته في كل وقت صلاة فتحله للصلاة ، ثم يعود فيرتبط ، ونزلت توبته ورسول الله في بيت أم سلمة قالت : سمعت رسول الله في السحر وهو يضحك ، فسألته مم تضحك أضحك الله سنك؟ قال : تيب على أبى لبابة ، قلت : أفلا أبشره! قال : بلى ان شئت ، قالت : فقمت إلى باب الحجرة وقلت يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك ، فثار الناس إليه ليطلقوه ، فقال : لا والله حتى يكون رسول ـ الله (ص) هو الذي أطلقني بيده فمر عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين خرج لصلاة الصبح وأطلقه. ووهم بعض الشراح فعده من الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك.

٥٧١

فتقعد عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الخميس ، ثم تأتي الأسطوانة التي تلي مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومصلاه ليلة الجمعة فتصلي عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الجمعة ، وإن استطعت أن لا تتكلم بشئ هذه الأيام إلا بما لا بد منه ولا تخرج من المسجد إلا لحاجة ولا تنام في ليل ولا نهار إلا القليل فافعل ، واحمد الله عزوجل يوم الجمعة واثن عليه وصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم سل حاجتك ، ثم قل : « اللهم ما كانت لي إليك من حاجة شرعت في طلبها والتماسها أو لم أشرع ، سألتكها أو لم أسألكها فإني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة في قضاء حوائجي صغيرها وكبيرها ».

* (زيارة فاطمة بنت النبي صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها) *

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : اختلفت الروايات في موضع قبر فاطمة سيدة نساء العالمين عليها‌السلام ، فمنهم من روى أنها دفنت في البقيع (١) ، ومنهم من روى أنها دفنت بين القبر والمنبر وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إنما قال : ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة لان قبرها بين القبر والمنبر (٢) ، ومنهم من روى أنها دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد (٣) وهذا هو الصحيح عندي ، وإني لما حججت بيت الله الحرام كان رجوعي على المدينة بتوفيق الله تعالى ذكره ، فلما فرغت من زيارة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قصدت إلى بيت فاطمة عليها‌السلام وهو من عند الأسطوانة التي تدخل إليها من باب جبرئيل عليه‌السلام إلى مؤخر الحظيرة التي فيها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقمت عند الحظيرة ويساري إليها وجعلت ظهري إلى القبلة واستقبلها بوجهي وأنا على

__________________

(١) راجع مناقب ابن شهرآشوب.

(٢) روى المصنف في معاني الأخبار ص ٢٦٧ مسندا عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من ترع الجنة لان قبر فاطمة صلوات الله عليها بين قبره ومنبره ، وقبرها روضة من رياض الجنة واليه ترعة من ترع الجنة ».

(٣) كما تقدم تحت رقم ٦٨٥ ورواه الكليني عن البزنطي عن الرضا عليه‌السلام ج ١ ص ٤٦١ من الكافي.

٥٧٢

غسل وقلت : « السلام عليك يا بنت رسول الله ، السلام عليك يا بنت نبي الله ، السلام عليك يا بنت حبيب الله ، السلام عليك يا بنت خليل الله ، السلام عليك يا بنت صفي الله ، السلام عليك يا بنت أمين الله ، السلام عليك يا بنت خير خلق الله ، السلام عليك يا بنت أفضل أنبياء الله ورسله وملائكته ، السلام عليك يا ابنة خير البرية ، السلام عليك يا سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، السلام عليك يا زوجة ولي الله وخير الخلق بعد رسول الله ، السلام عليك يا أم الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، السلام عليك أيتها الصديقة الشهيدة ، السلام عليك أيتها الرضية المرضية السلام عليك أيتها الفاضلة الزكية ، السلام عليك أيتها الحورية الانسية ، السلام عليك أيتها التقية النقية ، السلام عليك أيتها المحدثة العليمة ، السلام عليك أيتها المظلومة المغصوبة ، السلام عليك أيتها المضطهدة المقهورة (١) ، السلام عليك يا فاطمة بنت رسول الله ورحمة الله وبركاته ، صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك ، أشهد أنك مضيت على بينة من ربك وأن من سرك فقد سر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن جفاك فقد جفا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن آذاك فقد آذى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن وصلك فقد وصل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن قطعك فقد قطع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنك بضعة منه وروحه التي بين جنبيه ، كما قال عليه أفضل سلام الله وصلواته اشهد الله ورسله وملائكته أني راض عمن رضيت عنه ، ساخط على من سخطت عليه ، متبرئ ممن تبرأت منه ، موال لمن واليت ، معاد لمن عاديت ، مبغض لمن أبغضت ، محب لم أحببت ، وكفى بالله شهيدا وحسيبا وجازيا ومثيبا ».

ثم قلت : « اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد بن عبد الله خاتم النبيين وخير الخلائق أجمعين ، وصل على وصيه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام المسلمين وخير الوصيين ، وصل على فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين ، وصل على سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين ، وصل على زين العابدين علي بن ـ

__________________

(١) في اللغة أضهده وأضهد به واضطهده : قهره وجار عليه ، وآذاه وأضر به بسبب المذهب أو الدين.

٥٧٣

الحسين ، وصل على محمد بن علي باقر علم النبيين ، وصل على الصادق عن الله جعفر ابن محمد ، وصل على كاظم الغيظ في الله موسى بن جعفر ، وصل على الرضا علي بن موسى ، وصل على التقي محمد بن علي ، وصل على النقي علي بن محمد ، وصل على الزكي الحسن بن علي ، وصل على الحجة القائم ابن الحسن بن علي ، اللهم أحي بن العدل ، وأمت به الجور ، وزين بطول بقائه الأرض ، وأظهر به دينك وسنة نبيك حتى لا يستخفى بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق واجعلنا من أعوانه و أشياعه والمقبولين في زمرة أوليائه يا رب العالمين ، اللهم صل على محمد وأهل بيته الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتم تطهيرا ».

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : لم أجد في الاخبار شيئا موظفا محدودا لزيارة الصديقة عليها‌السلام فرضيت لمن نظر في كتابي هذا من زيارتها ما رضيت لنفسي والله الموفق للصواب وهو حسبنا ونعم الوكيل.

* (اتيان المشاهد وقبور الشهداء) *

ولا تدع أن تأتي المشاهد كلها : مسجد قبا ، ومشربة أم إبراهيم ، ومسجد الفضيخ وقبور الشهداء ، ومسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح ، وتطوع فيها بما أحببت من الصلاة. وإذا أتيت قبور الشهداء فقل : « السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار » وإذا أتيت مسجد الفتح فقل : « يا صريخ المكروبين ويا مجيب [دعوة] المضطرين اكشف عني غمي وهمي وكربي كما كشفت عن نبيك صلواتك عليه وآله همه وغمه وكربه وكفيته هول عدوه في هذا المكان » (١).

__________________

(١) في الكافي ج ٤ ص ٥٦٠ في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « لا تدع اتيان المشاهد كلها مسجد قبا فإنه المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم ، ومشربة أم إبراهيم ، ومسجد الفضيخ وقبور الشهداء ومسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح ، قال : وبلغنا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا أتى قبور الشهداء قال : « السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار » وليكن فيما تقول عند مسجد الفتح : « يا صريخ المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين ـ إلى آخره ».

٥٧٤

* (توديع قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومنبره) *

فإذا أردت أن تخرج من المدينة فائت موضع رأس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسلم عليه ، ثم ائت المنبر وصل عنده على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما استطعت وادع لنفسك بما أحببت للدين والدنيا ، ثم ارجع إلى قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وألزق منكبك الأيسر بالقبر قريبا من الأسطوانة التي دون الأسطوانة المخلفة عند رأس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فصل ست ركعات أو ثمان ركعات واقرأ في كل ركعة الحمد وسورة واقنت في كل ركعتين ، فإذا فرغت منها استقبلت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقلت مودعا له عليه‌السلام : « صلى الله عليك السلام عليك لا جعله الله آخر تسليمي عليك ، اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر نبيك صلواتك عليه وآله وإن توفيتني قبل ذلك فاني أشهد في مماتي على ما أشهد في حياتي أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك » (١).

* (زيارة قبور الأئمة) *

* (الحسن بن علي بن أبي طالب ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن) *

* (على الباقر ، وجعفر بن محمد الصادق عليهم‌السلام بالبقيع) *

فإذا أتيت قبور الأئمة عليهم‌السلام بالبقيع فاجعلها بين يديك (٢) ، ثم قل : « السلام عليكم يا أئمة الهدى ، السلام عليكم يا أهل التقوى ، السلام عليكم يا حجج الله على أهل الدنيا ، السلام عليكم أيها القوامون في البرية بالقسط ، السلام عليكم يا أهل الصفوة ، السلام عليكم يا أهل النجوى ، أشهد أنكم قد بلغتم ونصحتم وصبرتم في

__________________

(١) جمع المؤلف بين الخبرين المرويين في الكافي ج ٤ ص ٥٦٣ أحدهما عن معاوية بن عمار والاخر عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٢) رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٥٥٩ موقوفا مرسلا والظاهر كونه من تتمة خبر معاوية بن عمار الذي تقدم ذكره سابقا في الصوم بالمدينة والاعتكاف عند الأساطين كما يظهر من سياق الكلام في الكافي ، ورواه ابن قولويه في الكامل ص ٥٤ عن حكيم بن ـ داود ، عن سلمة بن الخطاب ، عن عبد الله بن أحمد ، عن بكر بن صالح ، عن عمرو بن هاشم [أو هشام] عن بعض أصحابنا عن أحدهم [أو أحدهما] عليهما‌السلام ، نقله العلامة المجلسي في مزار البحار وشرحه مجملا.

٥٧٥

ذات الله عزوجل وكذبتم ، وأسئ إليكم فغفرتم ، وأشهد أنكم الأئمة الراشدون (١) وأن طاعتكم مفروضة ، وأن قولكم الصدق ، وأنكم دعوتم فلم تجابوا ، وأمرتم فلم تطاعوا ، وأنكم دعائم الدين ، وأركان الأرض ، لم تزالوا بعين الله ، ينسخكم في أصلاب المطهرين (٢) ، وينقلكم في أرحام المطهرات ، لم تدنسكم الجاهلية الجهلاء ولم تشرك فيكم فتن الأهواء (٣) ، طبتم وطابت منبتكم ، أنتم الذين من بكم علينا ديان الدين (٤) فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، وجعل صلواتنا عليكم رحمة لنا وكفارة لذنوبنا إذا اختاركم لنا ، وطيب خلقنا بما من علينا من ولايتكم ، وكنا عنده بفضلكم معترفين ، وبتصديقنا إياكم مقرين (٥) وهذا مقام من أسرف وأخطأ واستكان وأقر بما جنى ، ورجا بمقامه الخلاص ، وأن يستنقذه بكم مستنقذ الهلكى من النار (٦) فكونوا لي شفعاء ، فقد وفدت إليكم إذ رغب عنكم أهل الدنيا ، واتخذوا آيات الله هزوا ، واستكبروا عنها ، يامن هو قائم لا يسهو ودائم لا يلهو ومحيط بكل شئ ، لك المن بما وفقتني وعرفتني بما ائتمنتني عليه إذ صد عنه عبادك ، وجهلوا ، معرفتهم ، واستخفوا بحقهم ، ومالوا إلى سواهم ، فكانت المنة منك علي مع أقوام خصصتهم بما خصصتني به فلك الحمد إذ كنت عندك في مقامي مكتوبا ، فلا تحرمني ما رجوت ، ولا تخيبني فيما دعوت » وادع لنفسك بما أحببت (٧).

__________________

(١) زاد في الكافي والكامل « المهديون » وفى نسخة في الكامل « المهتدون ».

(٢) النسخ في الأصل النقل ، ونسخت الريح آثار الدار أي غيرتها.

(٣) دنس ثوبه : وسخه ، ووصف الجاهلية بالجهلاء من قبيل ليل أليل تأكيد. والفتن جمع فتنة ـ بالكسر ـ : الحيرة والضلالة.

(٤) الديان : القهار والقاضي والحاكم والسايس الحاسب والمجازي الذي لا يضيع عملا بل يجزى بالخير والشر. (القاموس)

(٥) في الكافي « وكنا عنده مسمين بفضلكم معترفين بتصديقنا إياكم ».

(٦) الهلكى ـ بفتح الهاء وسكون اللام ـ جمع هالك.

(٧) إلى هنا تمام الخبر الذي في الكافي وقد أشرنا إليه.

٥٧٦

ثم صل ثمان ركعتان (١) في المسجد الذي هناك وتقرا فيها ما أحببت وتسلم في كل ركعتين. ويقال : إنه مكان صلت فيه فاطمة عليها‌السلام.

باب

* (ثواب زيارة النبي والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين) *

٣١٥٩ ـ قال الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا أبتاه ما جزاء من زارك؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بني من زارني حيا أو ميتا أوزار أباك أو زار أخاك أو زارك كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة وأخلصه من ذنوبه » (٢).

٣١٦٠ ـ وروى الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : « إن لكل إمام عهدا في عنق أوليائه وشيعته ، وإن من تمام الوفاء بالعهد زيارة قبورهم ، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا بما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاؤهم يوم القيامة » (٣).

٣١٦١ ـ وروى علي بن الحكم ، عن زياد بن أبي الحلال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ما من نبي ولا وصي يبقى في الأرض أكثر من ثلاثة أيام حتى يرفع بروحه وعظمه ولحمه إلى السماء ، وإنما يؤتى مواضع آثارهم ويبلغونهم من بعيد السلام ، ويسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب » (٤).

__________________

(١) إنما يصلى ثمان ركعات لان الأئمة عليهم‌السلام هناك أربعة : المجتبى والسجاد والباقر والصادق عليهم‌السلام فيصلى لكل منهم ركعتين.

(٢) رواه الكليني ج ٤ ص ٥٤٨ في الموثق عن عثمان بن عيسى ، عن المعلى أبى ـ شهاب.

(٣) رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٥٦٧. وقال الفاضل التفرشي : قوله ان لكل امام عهدا ، المراد بالعهد ما يشبه العهد فان من قال بامامة الأئمة ، وبأنهم أوصياء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن الله عزوجل فرض طاعتهم فكأنه عهد إليه أن يطيعه ويخلص له عقيدته ويزوره إلى غير ذلك.

(٤) هنا شبهة مشهورة وهي أن نوح عليه‌السلام نقل عظام آدم عليه‌السلام من الماء أو

٥٧٧

٣١٦٢ ـ وروى جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « من تمام الحج لقاء الامام » (١).

٣١٦٣ ـ وروى صالح بن عقبة ، عن زيد الشحام قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام « ما لمن زار واحدا منكم ، قال : كمن زار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٣١٦٤ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : يا علي من زارني في حياتي أو بعد مماتي ، أو زارك في حياتك أو بعد مماتك ، أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد مماتهما ضمنت له يوم القيامة أن أخلصه من أهوالها وشدائدها حتى أصيره معي

__________________

سر نديب إلى الغري ، وكذا موسى عليه‌السلام نقل عظام يوسف عليه‌السلام من مصر إلى بيت المقدس ، ورأس الحسين عليه‌السلام نقل من كربلا إلى الشام ومن الشام إلى النجف أو كربلاء وأن بعض أهل الكتاب كان يأخذ عظم نبي من الأنبياء عليهم‌السلام بيده ويستسقى وكان بإذن الله ينزل المطر حتى اخذ منه ذلك العظم فما نزل بعد ذلك باستسقائه ، وقد نطقت الأحاديث بتلك الوقايع. ووجه بامكان العود بعد تلك الأيام ولا يخفى ما فيه ومنافاته لتتمة الخبر.

واحتمل الفيض ـ قدس‌سره ـ في الوافي بأن يكون المراد باللحم والعظم المرفوعين المثاليين منهما أعني البرزخيين وذلك لعدم تعلقهم بهذه الأجساد العنصرية فكأنهم وهم بعد في جلابيب من أبدانهم قد نفضوها وتجردوا عنها فضلا عما بعد وفاتهم ، والدليل على ذلك من الحديث قولهم عليهم‌السلام « ان الله خلق أرواح شيعتنا مما خلق منه أبداننا » فأبدانهم عليهم‌السلام ليست الا تلك الأجساد اللطيفة المثالية ، وأما العنصرية فكأنها أبدان الأبدان ـ ثم أيد قوله بما تقدم من اخراج نوح (ع) عظام آدم (ع) ، وكذا خبر موسى واخراجه عظام يوسف عليهما‌السلام ، وقال : فلو لا أن الأجسام العنصرية منهم تبقى في الأرض لما كان لاستخراج العظام ونقلها من موضع إلى آخر بعد سنين مديدة معنى ، وإنما يبلغونهم من بعيد السلام لأنهم في الأرض وهم عليهم‌السلام في السماء ـ الخ ، وقيل : لعل صدور أمثال هذا الخبر لنوع مصلحة تورية لقطع أطماع الخوارج وبنى أمية وأضرابهم بالنبش والله يعلم.

(١) تقدم أنه من قضاء التفث ، وذلك لان إبراهيم (ع) حين رفع قواعد البيت وجعل لذريته عندها مسكنا قال : « ربنا انى أسكنت من ذريتي بواد غير ذي ذرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهرى إليهم » فاستجاب دعاءه وأمر الناس بالاتيان إلى الحج من كل فج عميق ليتحببوا إلى ذريته.

٥٧٨

في درجتي (١).

٣١٦٥ ـ وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « موضع قبر الحسين عليه‌السلام منذ يوم دفن فيه روضة من رياض الجنة ».

٣١٦٦ ـ وقال عليه‌السلام : « موضع قبر الحسين عليه‌السلام ترعة من ترع الجنة » (٢)

٣١٦٧ ـ وقال عليه‌السلام : « حريم قبر الحسين عليه‌السلام خمسة فراسخ من أربعة جوانب القبر » (٣).

٣١٦٨ ـ وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ما بين قبر الحسين عليه‌السلام إلى السماء السابعة مختلف الملائكة » (٤).

__________________

(١) رواه الكليني كالخبر السابق في الكافي ج ٤ ص ٥٧٩ بسند مرفوع.

(٢) رواه المصنف مع الخبر السابق كليهما في ثواب الأعمال ص ١٢٠ في خبر عن إسحاق بن عمار وهكذا ابن قولويه في الكامل ص ٢٧١. وفى نسخة « نزعة من نزع الجنة » ولعله تصحيف.

(٣) رواه ابن قولويه في الكامل ص ٢٧٢ بسند مرفوع ونقله الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٢٥ عنه ، وروى عن محمد بن إسماعيل عمن رواه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « حرم الحسين فرسخ في فرسخ من أربع جوانب القبر » بأن يكون من القبر إلى فرسخ حريمه من الجوانب الأربعة ، وروى الكليني ج ٤ ص ٥٨٨ والمؤلف في ثواب الأعمال ص ١١٩ في الصحيح عن إسحاق بن عمار قال : « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لموضع قبر الحسين عليه‌السلام حرمة معلومة من عرفها واستجار بها أجير ، فقلت : صف لي موضعها؟ قال : امسح من موضع قبره اليوم خمسة وعشرين ذراعا من قدامة وخمسة وعشرين ذراعا عند رأسه وخمسة وعشرين ذراعا من ناحية رجليه وخمسة وعشرين ذراعا من خلفه ـ الخ » وروى أيضا ج ٤ ص ٥٨٨ باسناده عن سليمان بن عمر السراج ، عن بعض أصحابنا قال : « يؤخذ طين قبر الحسين عليه‌السلام من عند القبر على سبعين ذراعا » وجمع الشيخ وغيره بين الاخبار المختلفة الواردة في ذلك على اختلاف مراتب الفضل.

(٤) أي محل ترددهم بالصعود والنزول كما روى المصنف في ثواب الأعمال ص ١٢١ عن ابن المتوكل عن الحميري عن أحمد عن السراد عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سمعته يقول : ليس ملك في السماوات والأرض الا وهم يسألون الله

٥٧٩

٣١٦٩ ـ وروى صالح بن عقبة ، عن بشير الدهان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « ربما فاتني الحج فاعرف عند قبر الحسين عليه‌السلام (١) ، قال : أحسنت يا بشير أيما مؤمن اتى قبر الحسين عليه‌السلام عارفا بحقه في غير يوم عيد كتبت له عشرون حجة و عشرون عمرة مبرورات متقبلات ، وعشرون غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل ، ومن أتاه في يوم عيد كتب له ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات ، وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل ، قال : فقلت له : وكيف لي بمثل الموقف؟ قال : فنظر إلي شبه المغضب ، ثم قال : يا بشير إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين عليه‌السلام يوم عرفة [عارفا بحقه] فاغتسل بالفرات ثم توجه إليه كتب الله عزوجل له بكل خطوة حجة بمناسكها ـ ولا أعلمه إلا قال ـ وعمرة ».

٣١٧٠ ـ وروي عن داود الرقي قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد وأبا الحسن موسى بن جعفر ، وأبا الحسن علي بن موسى عليهم‌السلام وهم يقولون : « من أتى قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام بعرفة قلبه الله تعالى ثلج الصدر » (٢).

٣١٧١ وقال الصادق عليه‌السلام : « إن الله تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام عشية عرفة ، قيل له : قبل نظره إلى أهل الموقف؟ قال : نعم ، قيل له وكيف ذاك؟ قال : لان في أولئك أولاد زنا وليس في هؤلاء أولاد زنا » (٣).

__________________

أن يأذن لهم في زيارة قبر الحسين عليه‌السلام ففوج ينزل وفوج يعرج » ومثله في الكامل ص ٢٧٢

(١) أي أعمل أعمال عرفة من الغسل والدعاء وغيرهما في يوم عرفة عند قبره عليه‌السلام

(٢) رواه المصنف ـ رحمه‌الله ـ في ثواب الأعمال مسندا وفيه « ثلج الفؤاد » وقال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ أي أعطاه الله تعالى يقينا بالأئمة المعصومين حتى يصير نفسه مطمئنة لا يدخلها شك ولا ريبة ، أو أذهب الله عنه غمه ، أو رجع من المحشر إلى الجنة بعد زوال أهوال يوم القيامة عنه ، أو الجميع. وفى بعض النسخ « أبلج الوج » واليلوج الاشراق كما في قوله تعالى « يوم تبيض وجوه ».

(٣) رواه المصنف في الصحيح في ثواب الأعمال ص ١١٥ عن علي بن أسباط يرفعه إلى أبى عبد الله عليه‌السلام.

٥٨٠