كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٦

واقف ، يقول : يا داود حبستني تعال فاقبض مالك » (١).

٣١١٧ ـ وقال أبو عبد الله عليه‌السلام وأبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : « من سهى عن السعي حتى يصير من السعي على بعضه أو كله ، ثم ذكر فلا يصرف وجهه منصرفا ولكن يرجع القهقرى إلى المكان الذي يجب منه السعي » (٢).

٣١١٨ ـ وروى سعد بن سعد الأشعري عن الرضا عليه‌السلام قال : قلت : « المحرم يشتري الجواري أو يبيع؟ فقال : نعم » (٢).

٣١١٩ ـ وفي رواية حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل قدم مكة في وقت العصر ، فقال : يبدأ بالعصر ثم يطوف » (٤).

٣١٢٠ ـ وروى السكوني باسناده قال : قال علي عليه‌السلام « في امرأة نذرت أن تطوف على أربع ، فقال : تطوف أسبوعا ليديها وأسبوعا لرجليها » (٥).

٣١٢١ ـ وقيل للصادق عليه‌السلام : « رجل في ثوبه دم مما لا يجوز الصلاة في مثله

__________________

(١) الخبر رواه الكليني ج ٤ ص ٥٤٤ بسند مجهول ، ويدل على استحباب الطواف عن الموتى لا سيما الأكابر ، ويدل على ايمان هؤلاء المذكورين كما هو مذهب الإمامية وعلى جلالة مقامهم ورفعة شأنهم ، وكذا يدل على أن الطواف عنهم يوجب استجابة الدعاء وتيسر الأمور.

(٢) يدل على أنه من نسي الهرولة رجع القهقرى ولم نطلع على سنده وعمل به الأصحاب (م ت) أقول : ورواه الشيخ والتهذيب ج ١ ب ٥٧٦ هكذا مرسلا.

(٣) رواه الكليني ج ٤ ص ٣٧٣ في الصحيح وعليه الفتوى.

(٤) الطريق صحيح ويدل على تقديم اليومية على الطواف. (م ت)

(٥) الطريق إلى السكوني فيه النوفلي ولم يوثق ورواه الكليني ج ٤ ص ٤٢٩ بسند مجهول وعمل به الشيخ وجماعة في الرجل والمرأة وقالوا بوجوب الطوافين ، وقال ابن إدريس ببطلان النذر ، وفى المنتهى بالبطلان في الرجل والتوقف في المرأة لورود النص فيها ، ولا يبعد القول بوجوب طواف واحد على الهيئة الشرعية لانعقاد النذر في أصل الطواف وعدمه في الهيئة لمرجوحيتها ولم أر من قال به هنا وان قيل في نظائره. (المرآة)

٥٢١

فطاف في ثوبه ، فقال : أجزأه الطواف فيه ثم ينزعه ويصلي في ثوب طاهر » (١)

٣١٢٢ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « دع الطواف وأنت تشتهيه » (٢).

٣١٢٣ ـ وقال الهيثم بن عروة التميمي (٣) لأبي عبد الله عليه‌السلام « إني حملت امرأتي ثم طفت بها وكانت مريضة وإني طفت بها بالبيت في طواف الفريضة وبالصفا والمروة واحتسبت بذلك لنفسي فهل يجزيني؟ فقال : نعم ».

٣١٢٤ ـ وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : قلت له : « إن أصحابنا يروون أن حلق الرأس في غير حج ولا عمرة مثلة ، فقال :

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٨٢ في الصحيح عن البزنطي عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام والمشهور اشتراط طهارة الثوب والبدن في الطواف الواجب والمندوب وذهب بعض الأصحاب إلى العفو ههنا عما يعفى عنه في الصلاة ، ونقل عن ابن الجنيد وابن حمزة أنهما كرها الطواف في الثوب النجس ، وقال في المدارك : هنا مسائل : الأول من طاف وعلى ثوبه أو بدنه نجاسة لم يعف عنها مع العلم بها يبطل طوافه وهو موضع وفاق من القائلين باعتبار طهارة الثوب والجسد.

الثانية من لم يعلم بالنجاسة حتى فرغ من طوافه كان طوافه صحيحا ، وهو مذهب الأصحاب لا أعلم فيه مخالفا.

الثالثة من لم يعلم بالنجاسة ثم علم في أثناء الطواف وجب عليه إزالة النجاسة واتمام الطواف ، واطلاق عبارة المحقق يقتضى عدم الفرق بين أن يقع العلم بعد اكمال أربعة أشواط أو قبل ذلك ، وجزم الشهيدان بوجوب الاستيناف ان توقفت الإزالة على فعل يستدعى قطع الطواف ولما يكمل أربعة أشواط نظرا إلى ثبوت ذلك مع الحدث في أثناء الطواف ، ولو قيل بوجوب الاستيناف مطلقا مع الاخلال بالموالاة الواجبة بدليل التأسي وغيره أمكن لقصور الروايتين المتضمنتين للبناء من حيث السند والاحتياط في البناء والاكمال ثم الاستيناف مطلقا.

(٢) أي لا تبالغ في كثرته حيث تمله فتطوف من غير نشاط ، ورواه الكليني ج ٤ ص ٤٢٩ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة عن بعض أصحابنا عنه عليه‌السلام.

(٣) هو ثقة وتقدم الخبر مع بيانه تحت رقم ٢٨٣٦ في باب نوادر الطواف بنحو آخر ورواه الكليني ج ٤ ص ٤٢٨ نحوه في الصحيح عنه.

٥٢٢

كان أبو الحسن عليه‌السلام إذا قضى نسكه عدل إلى قرية يقال لها ساية فحلق » (١).

٣١٢٥ ـ وروي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « حلق الرأس في غير حج ولا عمرة مثلة لأعدائكم وجمال لكم » (٢).

٣١٢٦ ـ وروى محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من ركب زاملة (٣) ثم وقع منها فمات دخل النار » (٤).

قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ كان الناس يركبون الزوامل فإذا أراد أحدهم النزول وقع عن راحلته من غير أن يتعلق بشئ من الرحل فنهوا عن ذلك لئلا يسقط أحدهم متعمدا فيموت فيكون قاتل نفسه ويستوجب بذلك دخول النار ، فهذا معنى الحديث ، وذلك أن الناس في أيام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة صلوات الله عليهم كانوا يركبون الزوامل فلا يمنعون ولا ينكر عليهم ذلك.

٣١٢٧ ـ وأما الحديث الذي روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « من ركب زاملة فليوص » (٥).

فليس بنهي عن ركوب الزاملة ، وإنما هو أمر بالاحتراز من السقوط وهذا مثل قول القائل : من خرج إلى الحج أو إلى الجهاد في سبيل الله فليوص ، ولم يكن فيما مضى إلا الزوامل وإنما المحامل محدثة ، ولم تعرف فيما مضى.

__________________

(١) قوله « مثلة » أي قبيح كالعقوبة والنكال ، أو لا يكون الا في العقوبة كما في حلق رأس الزاني ، فقال عليه‌السلام : لو كان مثلة لما فعله أبو الحسن موسى عليه‌السلام مع أنه كان دأبه أن يحلق رأسه بعد المراجعة عن مكة في قرية يقال لها : ساية مع قربها من مكة. (م ت)

(٢) تقدم تحت رقم ٢٨٨ وللمؤلف بيان له هناك.

(٣) الزاملة : ما يحمل عليه من المطايا سواء كان من الإبل أو من غيره ، وفى النهاية الزاملة : البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع.

(٤) ربما يحمل على ما إذا استكراه للحمل لا للركوب.

(٥) رواه الكليني ج ٤ ص ٥٤٢ عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن يعقوب ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه‌السلام وفيه « من ركب راحلة فليوص ».

٥٢٣

٣١٢٨ ـ وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن رجل أفرد الحج فلما دخل مكة طاف بالبيت ثم أتى أصحابه وهم يقصرون فقصر معهم ثم ذكر بعد ما قصر أنه مفرد للحج ، فقال : ليس عليه شئ إذا صلى فليجدد التلبية » (١).

٣١٢٩ ـ وروي عن علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن الأول عليه‌السلام عن رجل يعطي خمسة نفر حجة واحدة ، ويخرج فيها واحد منهم ألهم أجر؟ قال : نعم لكل واحد منهم أجر حاج. قال : فقلت : فأيهم أعظم أجرا؟ فقال : الذي نابه الحر والبرد (٢) ، وإن كان صرورة لم يجز ذلك عنهم ، والحج لمن حج ».

٣١٣٠ ـ وروي عن منصور بن حازم قال : « سأل سلمة بن محرز أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر فقال : إني طفت بالبيت وبين الصفا والمروة ثم أتيت منى فوقعت على أهلي ولم أطف طواف النساء ، فقال : بئس ما صنعت فجهلني ، فقلت : ابتليت فقال : لا شئ عليك » (٣).

٣١٣١ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « أمرتم بالحج والعمرة فلا تبالوا بأيهما بدأتم » (٤).

__________________

(١) يدل على وجوب تجديد التلبية لو فعل ذلك ناسيا وتقدم.

(٢) إلى هنا تقدم بلفظ آخر باب فضائل الحج تحت رقم ٢٢٤١ مع بيانه وروى الكليني نحوه في الكافي ج ٤ ص ٣١٢ إلى قوله « والبرد » ويحتمل قريبا أن يكون الباقي من كلام المؤلف.

(٣) تقدم وقوله « فجهلني » أي نسبني إلى الجهل وقال : ان فعلك هذا وقع بسبب الجهالة ويمكن أن يراد بالابتلاء توجه ضرر لا يندفع الا بالجماع ، وأن يراد به الفقر وعجزه عن ـ البدنة (مراد) أقول : روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٨٥ في الموثق كالصحيح عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل وقع على امرأته قبل أن يطوف طواف النساء قال : عليه جزور سمينة ، قلت : رجل قبل امرأته وقد طاف طواف النساء ولم تطف هي ، قال : عليه دم يهريقه من عنده ». وعليه الفتوى.

(٤) يمكن أن يكون التخيير بالنظر إلى من يجب عليه أحدهما أو وقع تقية أو اخبارا بأنكم لا تبالون وإن كان الواجب على المجاور تقديم الحج وعلى غيره تقديم العمرة وما ذكره المصنف أيضا حسن. (م ت)

٥٢٤

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : يعني العمرة المفردة فأما العمرة التي يتمتع بها إلى الحج فلا يجوز إلا أن يبدأ بها قبل الحج ، ولا يجوز أن يبدأ بالحج قبلها إلا أن لا يدرك المتمتع ليلة عرفة فيبدأ بالحج ثم يعتمر من بعده.

٣١٣٢ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « أول ما يظهر القائم عليه‌السلام من العدل أن ينادي مناديه أن يسلم أصحاب النافلة لأصحاب الفريضة الحجر الأسود والطواف بالبيت » (١)

٣١٣٣ ـ وروي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « مقام يوم قبل الحج أفضل من مقام يومين بعد الحج » (٢).

وقد أخرجت هذه النوادر مسندة مع غيرها من النوادر في كتاب جامع نوادر الحج.

باب

* (سياق مناسك الحج) *

إذا أردت الخروج إلى الحج فاجمع أهلك وصل ركعتين (٣) ومجد الله كثيرا وصل على محمد وآله ، وقل : « اللهم إني أستودعك اليوم ديني ونفسي ومالي وأهلي وولدي وجيراني ، وأهل حزانتي (٤) الشاهد منا والغائب وجميع ما أنعمت به علي ،

__________________

(١) رواه الكليني ج ٤ ص ٤٢٧ مسندا عن البزنطي عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام ويدل على استحباب عدم مزاحمة من يطوف مستحبا لمن يطوف واجبا في استلام الحجر وفى أصل الطواف إذا كان الطائف كثيرا. (م ت)

(٢) أي بمكة ، ولعل وجه ذلك أنه حينئذ اما محرم باحرام العمرة أو مرتبط باحرام الحج (مراد) وقال سلطان العلماء : لعله لأجل التلبس بالاحرام وما في حكمه ـ انتهى ، أقول : روى الكليني ج ٤ ص ٤٣٠ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه ـ السلام قال : « طواف في العشر أفضل من سبعين طوافا في الحج » يعنى بالعشر عشر ذي الحجة.

(٣) راجع الكافي ج ٤ ص ٢٨٣.

(٤) الحزانة ـ بضم المهملة والتخفيف ـ : عيال الرجل الذين يحزنه أمرهم.

٥٢٥

اللهم اجعلنا في كنفك ومنعك وعياذك وعزك ، عز جارك (١) وجل ثناؤك ، وامتنع عائذك ، ولا إله غيرك ، توكلت على الحي الذي لا يموت الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، ولم يكن له شريك في الملك ، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ، الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ».

فإذا خرجت من منزلك فقل : « بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب (٢) وسوء المنظر في الأهل والمال والولد ، اللهم إني أسألك في سفري هذا السرور والعمل بما يرضيك عني ، اللهم اقطع عني بعده ومشقته وأصحبني فيه واخلفني في أهلي بخير » (٣).

فإذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك فقل : « الحمد لله الذي هدانا للاسلام ، وعلمنا القرآن ، ومن علينا بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين ، اللهم أنت الحامل على الظهر ، والمستعان على الامر ، وأنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل والمال والولد (٤) ، اللهم أنت عضدي وناصري ».

فإذا مضت بك راحلتك فقل في طريقك : « خرجت بحول الله وقوته بغير حول مني وقوة ولكن بحول الله وقوته ، برئت إليك يا رب من الحول والقوة ، اللهم إني أسألك بركة سفري هذا وبركة أهله ، اللهم إني أسألك من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا تسوقه إلي وأنا خائض في عافية بقوتك وقدرتك ، اللهم إني سرت في سفري بلا ثقة مني بغيرك ولا رجاء لسواك فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك

__________________

(١) أي عز من أجرته من أن يظلمه ظالم.

(٢) وعثاء السفر : مشقته ، وكآبة المنقلب : الرجوع من السفر بالغم والحزن والانكسار.

(٣) أي كن عوضي في أهلي في ايصال الخيرات إليهم ومنع السوء عنهم.

(٤) هاتان الصفتان مما لا يجتمعان في واحد سوى الله تعالى وفى كلام أمير المؤمنين عليه السلام « اللهم أنت الصاحب في السفر وأنت الخليفة في الأهل ولا يجمعهما غيرك لان المستخلف لا يكون مستصحبا والمستصحب لا يكون مستخلفا ».

٥٢٦

ووفقني لطاعتك وعبادتك حتى ترضى وبعد الرضا » (١).

وعليك في طريقك بتقوى الله تعالى وإيثار طاعته واجتناب معصيته واستعمال مكارم الأخلاق والافعال ، وحسن الخلق ، وحسن الصاحبة لمن صحبك ، وكظم الغيظ وأكثر من تلاوة القرآن وذكر الله عزوجل والدعاء.

فإذا بلغت أحد المواقيت التي وقتها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإنه عليه‌السلام وقت لأهل العراق العقيق وأوله المسلخ ووسطه غمرة وآخر ذات عرق وأوله أفضل ، ووقت لأهل الطائف قرن المنازل ، ووقت لأهل اليمن يلملم ولأهل الشام المهيعة وهي الجحفة ولأهل المدينة ذا الحليفة وهي مسجد الشجرة ، فاغتسل بعد أن تقلم أظافيرك وتأخذ من شاربك وتنتف إبطيك وتتنور.

وقل إذا اغتسلت : « بسم الله وبالله اللهم اجعله لي نورا وطهورا وحرزا وأمنا من كل خوف ، وشفاء من كل داء وسقم ، اللهم طهرني وطهر لي قلبي واشرح لي صدري ، وأجر على لساني محبتك ومدحتك والثناء عليك فإنه لا قوة لي إلا بك ، وقد علمت أن قوام ديني التسليم لأمرك والاتباع لسنة نبيك صلواتك عليه وآله » ثم البس ثوبي إحرامك وقل : « الحمد لله الذي رزقني ما أواري به عورتي وأؤدي به فرضي وأعبد فيه ربي وأنتهي فيه إلى ما أمرني ، الحمد لله الذي قصدته فبلغني وأردته فأعانني ، وقبلني ولم يقطع بي ، ووجه أردت فسلمني ، فهو حصني وكهفي وحرزي وظهري وملاذي وملجأي ومنجاي وذخري وعدتي في شدتي ورخائي ».

وصل للاحرام ست ركعات وتوجه في الأولي منها واقرأ في كل ركعتين في الأولى الحمد وقل هو الله أحد ، وفي الثانية الحمد وقل يا أيها الكافرون وتقنت في الثانية من كل ركعتين قبل الركوع وبعد القراءة ، وتسلم في كل ركعتين. وإن شئت صليت ركعتين للاحرام على ما وصفت.

وأفضل الساعات للاحرام عند زوال الشمس فلا يضرك في أي الساعات أحرمت عند طلوع الشمس وعند غروبها (٢). وإن كان وقت صلاة فريضة فصل هذه الركعات

__________________

(١) حتى ترضى بالواجبات وبعد الرضا بالمندوبات والنوافل. (م ت)

(٢) في الكافي ج ٣ ص ٢٨٨ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : « سمعت أبا عبد الله

٥٢٧

قبل الفريضة ثم صل الفريضة وأحرم في دبرها ليكون أفضل ، فإذا فرغت من صلاتك فاحمد الله عزوجل واثن عليه بما هو أهله وصل على نبيه محمد وآله وسلم ، ثم قل : « اللهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع أمرك فاني عبدك وفي قبضتك ، لا اوقي إلا ما وقيت ولا آخذ إلا ما أعطيت ، اللهم إني أريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك صلواتك عليه و آله ، فإن عرض لي عارض يحبسني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي اللهم وإن لم يكن حجة فعمرة أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي و مخي وعصبي من النساء والطيب أبتغي بذلك وجهك الكريم والدار الآخرة » (١) و يجزيك أن تقول هذا مرة واحدة حين تحرم.

* (التلبية) *

ثم لب بالتلبيات الأربع سرا (٢) وهي المفروضات (٣) تقول « لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ، أن الحمد والنعمة لك ، والملك لا شريك لك » هذه الأربع مفروضات ، ثم قم فامض هنيئة فإذا استوت بك الأرض راكبا كنت أو ماشيا فأعلن التلبية وارفع صوتك بها ، وإن كنت أخذت على طريق المدينة وأحرمت من مسجد

__________________

عليه‌السلام يقول : خمس صلوات لا تترك على كل حال : إذا طفت بالبيت وإذا أردت أن تحرم وصلاة الكسوف وإذا نسيت فصل إذا ذكرت وصلاة الجنازة » وفى الموثق عن أبي بصير عنه عليه السلام قال : « خمس صلوات تصليهن في كل وقت : صلاة الكسوف ، والصلاة على الميت ، وصلاة الاحرام ، والصلاة التي تفوت ، وصلاة الطواف من الفجر إلى طلوع الشمس وبعد العصر إلى الليل ».

(١) تقدم مسندا راجع ص ٣١٨ إلى ٣٢٧.

(٢) كما هو المشهور بين الأصحاب من أن التلبية بمنزلة التكبيرة للاحرام في وجوب المقارنة وحملوا ما ورد في الأخبار الصحيحة في التأخير إلى البيداء وغيرها على التلبية جهرا فالأحوط أن يلبى سرا بعد النية ويجهر بها بعده في المواضع التي تقدمت. (م ت)

(٣) يظهر منه أنه يقول بوجوب الزيادة وتقدم الكلام فيه.

٥٢٨

الشجرة فلب سرا بهذه التلبيات الأربع المفروضات حتى تأتي البيداء وتبلغ الميل الذي على يسار الطريق ، فإذا بلغته فارفع صوتك بالتلبية ولا تجز الميل إلا ملبيا وتقول : « لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك بيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، لبيك ذا المعارج ، لبيك لبيك تبدئ والمعاد إليك ، لبيك لبيك داعيا إلى دار السلام ، لبيك لبيك غفار الذنوب ، لبيك لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك ، لبيك لبيك أنت الغنى ونحن الفقراء إليك ، لبيك لبيك ذا الجلال والاكرام لبيك لبيك إله الحق ، لبيك لبيك ذا النعماء والفضل الحسن الجميل ، لبيك لبيك كشاف الكرب العظام ، لبيك لبيك عبدك وابن عبديك ، لبيك لبيك يا كريم ، لبيك لبيك أتقرب إليك بمحمد وآل محمد ، لبيك لبيك بحجة وعمرة معا لبيك لبيك هذه عمرة متعة إلى الحج ، لبيك لبيك أهل التلبية ، لبيك لبيك تلبية تمامها وبلاغها عليك لبيك ».

تقول هذا في دبر كل صلاة مكتوبة أو نافلة وحين ينهض بك بعيرك ، أو علوت شرفا ، أو هبطت واديا ، أو لقيت راكبا ، أو استيقظت من منامك ، أو ركبت أو نزلت وبالأسحار ، وإن تركت بعض التلبية فلا يضرك غير أنها أفضل إلا المفروضات فلا تترك منها شيئا ، وأكثر من « ذي المعارج ».

فإذا بلغت الحرم فاغتسل من بئر ميمون (١) أو من فخ وإن اغتسلت في منزلك بمكة فلا بأس ، وقل عند دخول الحرم : « اللهم إنك قلت في كتابك المنزل وقولك الحق « وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق »

__________________

(١) روى الكليني ج ٤ ص ٤٠٠ باسناده القوى عن عجلان أبى صالح قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إذا انتهيت إلى بئر ميمون أو بئر عبد الصمد فاغتسل واخلع نعليك وامش حافيا وعليك السكينة والوقار » وفى الحسن كالصحيح عن الحلبي قال : « أمرنا أبو عبد الله عليه‌السلام أن نغتسل من فخ قبل أن ندخل مكة ». وبئر ميمون بمكة عندها قبر أبى جعفر المنصور. وفخ بئر قريبة من مكة على نحو فرسخ عندها كانت واقعة فخ حيث استشهد الحسين ابن علي بن الحسين عليهما‌السلام مع جماعة من أهل البيت في أيام الهادي العباسي.

٥٢٩

اللهم وإني أرجو أن أكون ممن أجاب دعوتك ، وقد جئت من شقة بعيدة ومن فج عميق سامعا لندائك ومستجيبا لك ، مطيعا لأمرك ، وكل ذلك بفضلك علي وإحسانك إلي فلك الحمد على ما وفقتني له ، أبتغي بذلك الزلفة عندك ، والقربة إليك ، والمنزلة لديك ، والمغفرة لذنوبي ، والتوبة علي منها بمنك ، اللهم صل على محمد وآل محمد وحرم بدني على النار ، وآمني من عذابك وعقابك برحمتك [يا أرحم الراحمين] ».

فإذا نظرت إلى بيوت مكة فاقطع التلبية ، وحدها عقبة المدنين أو بحذائها (١).

ومن أخذ على طريق المدينة قطع التلبية إذا نظر إلي عريش مكة وهي عقبة ذي طوى وعليك بالتكبير والتهليل والتحميد والتسبيح والصلاة على النبي [محمد] وآله.

* (دخول مكة) *

فإذا أردت دخول مكة فاجهد أن تدخلها على غسل بسكينة ووقار (٢).

* (دخول المسجد الحرام) *

فإذا أردت أن تدخل المسجد الحرام فادخل من باب بني شيبة حافيا ، وأدخل رجلك اليمنى قبل اليسرى ، وعليك السكينة والوقار فإنه من دخله بخشوع غفر له ، وقل وأنت على باب المسجد : « السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته بسم الله وبالله ومن الله وما شاء الله ، والسلام على رسول الله وآله ، والسلام على إبراهيم وآله ، والسلام على أنبياء الله ورسله ، والحمد لله رب العالمين » (٣).

* (النظر إلى الكعبة) *

فإذا دخلت المسجد فانظر إلى الكعبة وقل : « الحمد لله الذي عظمك وشرفك وكرمك وجعلك مثابة للناس وأمنا مباركا وهدى للعالمين ».

__________________

(١) كما في خبر معاوية بن عمار في الكافي ج ٤ ص ٣٩٩.

(٢) كما تقدم في خبر عجلان آنفا.

(٣) راجع صحيحة معاوية بن عمار المروية في الكافي ج ٤ ص ٤٠١.

٥٣٠

* (النظر إلى الحجر الأسود) *

ثم انظر إلى الحجر الأسود واستقبله بوجهك وقل « الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيى ويميت ، ويميت ويحيي وهو حي لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كل شئ قدير ، اللهم صل على محمد وآل محمد (١) ، وبارك على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وسلام على جميع النبيين والمرسلين والحمد الله رب العالمين ، اللهم إني أومن بوعدك ، وأصدق رسلك ، وأتبع كتابك ».

* (استلام الحجر الأسود) *

ثم استلم الحجر الأسود وقبله في كل شوط ، فإن لم تقدر عليه فافتح به واختم به ، فإن لم تقدر عليه فامسحه بيدك اليمنى وقبلها ، فإن لم تقدر عليه عليه فأشر إليه بيدك وقبلها وقل : « أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة ، آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت واللات والعزى وعبادة الشيطان وعبادة الأوثان وعبادة كل ند يدعى من دون الله عزوجل (٢) ».

* (الطواف) *

ثم طف بالبيت سبعة أشواط وقبل الحجر في كل شوط وقارب بين خطاك ، فإذا بلغت باب البيت فقل : « سائلك مسكينك ببابك فتصدق عليه بالجنة اللهم البيت بيتك ، والحرم حرمك ، والعبد عبدك ، وهذا مقام العائذ المستجير

__________________

(١) كما روى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام راجع الكافي ج ٤ ص ٤٠٣.

(٢) راجع الكافي ج ٤ ص ٤٠٤ وقال في الدروس : يستحب استلام الحجر ببطنه وبدنه أجمع ، فان تعذر فبيده فان تعذر أشار إليه بيده يفعل ذلك في ابتداء الطواف وفى كل شوط ، ويستحب تقبيله ، وأوجبه السلار ، ولو لم يتمكن من تقبيله استلمه بيده ثم قبلها ويستحب وضع الخد عليه وليكن ذلك في كل شوط وأقله الفتح والختم. (المرآة)

٥٣١

بك من النار ، فأعتقني ووالدي وأهلي وولدي وإخواني المؤمنين من النار ، يا جواد يا كريم ».

فإذا بلغت مقابل الميزاب فقل : « اللهم أعتق رقبتي من النار ، ووسع علي من الرزق الحلال ، وادرأ عني شر فسقه العرب والعجم وشر فسقه الجن والإنس » (١) وتقول وأنت تجوز : « اللهم إني إليك فقير ، وإني منك خائف ومستجير فلا تبدل اسمي ، ولا تغير جسمي » (٢).

* (القول في الطواف) *

وتقول في طوافك : « اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشي به على طلل الماء كما يمشي به على جدد الأرض (٣) ، وأسألك باسمك المخزون المكنون عندك ، وأسألك باسمك الأعظم الأعظم الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت ، وإذا سئلت به أعطيت أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي ـ كذا وكذا ـ ».

فإذا بلغت الركن اليماني فالتزمه وقبله (٤) وصل على النبي محمد وآله في كل شوط.

__________________

(١) في الكافي ج ٤ ص ٤٠٧ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كان علي بن الحسين عليهما‌السلام إذا بلغ الحجر قبل أن يبلغ الميزاب يرفع رأسه ثم يقول : اللهم أدخلني الجنة برحمتك ـ وهو ينظر إلى الميزاب ـ وأجرني برحمتك من النار وعافني من السقم وأوسع على من الرزق الحلال وادرأ عنى شر فسقة الجن والإنس وشر فسقة العرب والعجم ».

(٢) كما في ذيل صحيحة معاوية بن عمار في الكافي ج ٤ ص ٤٠٧.

(٣) الطل ـ بالطاء المهملة ـ محركة ـ : الظهر ، ومشى على طلل الماء أي على ظهره (القاموس) والجدد ـ محركة ـ : الأرض الغليظة المستوية ، والى هنا رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٤٠٦ من حديث معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٤) كما في خبر زيد الشحام قال : « كنت أطوف مع أبي عبد الله عليه‌السلام وكان إذا انتهى إلى الحجر مسحه بيده وقبله وإذا انتهى إلى الركن اليماني التزمه ، فقلت : جعلت فداك تمسح الحجر بيدك وتلتزم اليماني؟ فقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أتيت الركن اليماني الا وجدت

٥٣٢

* (القول بين الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود) *

وقل بين هذين الركنين : « ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة و قنا برحمتك عذاب النار » (١).

* (الوقوف بالمستجار) *

فإذا كنت في الشوط السابع فقف بالمستجار ـ وهو مؤخر الكعبة مما يلي الركن اليماني بحذاء باب الكعبة ـ فابسط يديك على البيت وألزق خدك وبطنك بالبيت وقل : « اللهم البيت بيتك ، والعبد عبدك ، وهذا مقام العائذ بك من النار ، اللهم إني حللت بفنائك فاجعل قراي مغفرتك ، وهب لي ما بيني وبينك ، واستوهبني من خلقك » وادع بما شئت ثم أقر لربك بذنوبك وقل « اللهم من قبلك الروح والراحة والفرح والعافية ، اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي واغفر لي ما اطلعت عليه مني وخفي على خلقك ، أستجير بالله من النار » وتكثر لنفسك من الدعاء ثم استلم الركن اليماني ثم استلم الركن الذي فيه الحجر الأسود (٢) وقبله واختم به وإن لم تستطع

__________________

جبرئيل قد سبقني إليه يلتزمه ». وباسناده عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام قال : « كان رسول الله (ص) لا يستلم الا الركن الأسود واليماني ثم يقبلهما ويضع خده عليهما ورأيت أبي يفعله ».

(١) كما في ذيل صحيحة معاوية بن عمار في الكافي ج ٤ ص ٤٠٧ ، وفى صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يستحب أن تقول بين الركن والحجر « اللهم آتنا في الدنيا  ـ ثم ذكر نحوه ».

(٢) روى الكليني ج ٤ ص ٤١١ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : « إذا فرغت من طوافك وبلغت مؤخر الكعبة ـ وهو بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل ـ فابسط يديك على البيت والصق بطنك وخدك بالبيت وقل : اللهم البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مكان العائذ بك من النار » ثم أقر لربك بما عملت فإنه ليس من عبد مؤمن يقر لربه بذنوبه في هذا المكان الا غفر الله له إن شاء الله ، وتقول : « اللهم من قبلك الروح والفرح والعافية ، اللهم ان عملي ضعيف فضاعفه لي واغفر لي ما اطلعت عليه منى وخفى على خلقك » ثم تستجير بالله من النار وتخير لنفسك من الدعاء ، ثم استلم الركن اليماني ، ثم ائت الحجر الأسود.

٥٣٣

ذلك فلا يضرك غير أنه لا بد من أن تفتح بالحجر الأسود وتختم به وتقول ، « اللهم قنعني بما رزقتني ، وبارك لي فيما آتيتني ».

* (مقام إبراهيم عليه‌السلام) *

ثم ائت مقام إبراهيم عليه‌السلام فصل فيه ركعتين واجعله أمامك (١) وأقرأ في الأولى منهما الحمد وقل هو الله أحد ، وفي الثانية الحمد وقل يا أيها الكافرون ، ثم تشهد وسلم واحمد الله واثن عليه وصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واسأل الله تعالى أن يتقبله منك وأن لا يجعله آخر العهد منك ، فهاتان الركعتان هما الفريضة وليس يكره لك أن تصليهما في أي الساعات شئت عند طلوع الشمس وعند غروبها ، فإنما وقتهما عند فراغك من الطواف ما لم يكن وقت صلاة مكتوبة ، فإن كان وقت صلاة مكتوبة فابدأ بها ثم صل ركعتي الطواف ، فإذا فرغت من الركعتين فقل : « الحمد لله بمحامده كلها على نعمائه كلها حتى ينتهى الحمد إلى ما يحب ربي ويرضى ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وتقبل منى ، وطهر قلبي وزك عملي » واجتهد في الدعاء واسأل الله عزوجل أن يتقبل منك ، ثم ائت الحجر الأسود واستلمه وقبله أو امسحه بيدك ، أو أشر إليه وقل ما قلته أو لا فإنه لابد من ذلك (٢).

* (الشرب من ماء زمزم) *

فان قدرت أن تشرب من ماء زمزم قبل أن تخرج إلى الصفا فافعل وتقول حين تشرب : « اللهم اجعله علما نافعا ، ورزقا واسعا ، وشفاء من كل داء وسقم (٣) إنك قادر يا رب العالمين ».

__________________

(١) في الكافي ج ٤ ص ٤٢٣ في صحيحة معاوية بن عمار « إذا فرغت من طوافك فائت مقام إبراهيم عليه‌السلام فصل ركعتين واجعله أماما واقرأ ـ الخ ».

(٢) راجع الكافي ج ٤ ص ٤٣٠ صحيحة معاوية بن عمار.

(٣) في الكافي ذيل صحيحة معاوية بن عمار قال : ان قدرت أن تشرب ـ ثم ساق إلى هنا وقال بعد ذلك ـ : « قال : وبلغنا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال حين نظر إلى زمزم : لولا أن أشق على أمتي لاخذت منه ذنوبا أو ذنوبين ». والذنوب الدلو العظيم.

٥٣٤

* (الخروج إلى الصفا) *

ثم اخرج إلى الصفا وقم عليه حتى تنظر إلى البيت وتستقبل الركن الذي فيه الحج واحمد الله عزوجل واثن عليه واذكر من آلائه وحسن ما صنع إليك ما قدرت عليه ثم قل : « لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير » ثلاث مرات وتقول : « اللهم إني أسألك العفو والعافية واليقين في الدنيا والآخرة » ثلاث مرات ، وتقول : « اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار » ثلاث مرات ، وتقول : الحمد لله ـ مائة مرة ـ والله أكبر  ـ مائة مرة ـ وسبحان الله ـ مائة مرة ـ ولا إله إلا الله ـ مائة مرة ـ وأستغفر الله وأتوب إليه ـ مائة مرة ـ. وصل على محمد وآل محمد ـ مائة مرة ـ (١) ، وتقول : « يا من لا يخيب سائله ولا ينفد نائله صل على محمد وآل محمد ، وأعذني من النار برحمتك » وادع لنفسك ما أحببت ، وليكن وقوفك على الصفا أول مرة أطول من غيرها.

__________________

(١) في الكافي ج ٤ ص ٤٣١ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام « ثم اخرج إلى الصفا من الباب الذي خرج منه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو الباب الذي يقابل الحجر الأسود حتى تقطع الوادي وعليك السكينة والوقار فاصعد على الصفا حتى تنظر إلى البيت وتستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود واحمد الله واثن عليه ثم أذكر من آلائه وبلائه وحسن ما صنع إليك ما قدرت على ذكره ، ثم كبر الله سبعا واحمده سبعا وهلله سبعا ، وقل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت وهو على كل شئ قدير ـ ثلاث مرات ـ » ثم صل على النبي (ص) وقل « الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا ، والحمد لله الحي القيوم ، والحمد لله الحي ـ الدائم ثلاث مرات ـ وقل » أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، لا نعبد الا إياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون ـ ثلاث مرات ـ اللهم إني أسألك إلى قوله ـ وقنا عذاب النار ثلاث مرات ، ثم كبر الله مائة مرة وهلل مائة مرة واحمد مائة مرة وسبح مائة مرة ، وتقول : « لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ونصر عبده وغلب الأحزاب وحده فله الملك وله الحمد وحده وحده ، اللهم بارك لي في الموت وفى ما بعد الموت اللهم إني أعوذ بك من ظلمة القبر ووحشته اللهم أظلني في ظل عرشك يوم لا ظل الا ظلك ».

٥٣٥

ثم انحدر وقف على المرقاة الرابعة حيال الكعبة وقل : « اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وفتنته وغربته ووحشته وظلمته وضيقه وضنكه ، اللهم أظلني في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك ».

ثم انحدر عن المرقاة وأنت كاشف عن ظهرك وقل : « يا رب العفو ، يا من أمر بالعفو ، يا من هو أولى بالعفو ، يا من يثيب على العفو ، العفو العفو العفو ، يا جواد يا كريم يا قريب يا بعيد أردد علي نعمتك ، واستعملني بطاعتك ومرضاتك » ثم امش وعليك السكينة والوقار حتى تصير إلى المنارة وهي طرف المسعى فاسع ملء فروجك (١) وقل : « بسم الله والله أكبر ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم ، انك أنت الأعز الأكرم (٢) واهدني للتي هي أقوم اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي ، وتقبل مني ، اللهم لك سعيي وبك حولي وقوتي ، فتقبل عملي يا من يقبل عمل المتقين » فإذا جزت زقاق العطارين فاقطع الهرولة وامش على سكون ووقار وقل : « يا ذا المن والطول والكرم والنعماء والجود صل على محمد وآل محمد واغفر لي ذنوبي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يا كريم ».

فإذا أتيت المروة فاصعد عليها وقم حتى يبدو لك البيت وادع كما دعوت على الصفا واسأل الله عزوجل حوائجك وقل في دعائك : « يامن أمر بالعفو ، يامن يجزي على العفو ، يامن دل على العفو ، يامن زين العفو ، يامن يثيب على العفو يامن يحب العفو ، يامن يعطي على العفو ، يامن يعفو على العفو ، يا رب العفو العفو العفو العفو » وتضرع إلى الله عزوجل وابك ، فإن لم تقدر على البكاء فتباك واجهد أن تخرج من عينيك الدموع ولو مثل رأس الذباب ، واجتهد في الدعاء ، ثم انحدر عن المروة إلى الصفا وأنت تمشي ، فإذا بلغت زقاق العطارين فاسع ملء فروجك إلى المنارة الأولى التي تلي الصفا ، فإذا بلغتها فاقطع الهرولة وامش حتى

__________________

(١) يعنى أسرع في مسيرك ، جمع فرج وهو ما بين الرجلين ، يقال للفرس ملا فرجه و فروجه إذا عدى وأسرع وبه سمى فرج الرجل والمرأة لأنه ما بين الرجلين. (الوافي)

(٢) راجع الكافي ج ٤ ص ٤٣٤ حسنة معاوية بن عمار.

٥٣٦

تأتي الصفا وقم عليه (١) ، واستقبل البيت بوجهك وقل مثل ما قلته في الدفعة الأولى ، [ثم انحدر إلى المروة فافعل ما كنت فعلته ، وقل مثل ما كنت قلته في الدفعة الأولى] حتى تأتي المروة ، فطف بين الصفا والمروة سبعة أشواط يكون وقوفك على الصفا أربعا وعلى المروة أربعا والسعي بينهما سبعا تبدأ بالصفا وتختم بالمروة.

ومن ترك الهرولة في السعي حتى صار في بعض المكان لم يحول وجهه ورجع القهقرى حتى يبلغ الموضع الذي ترك معه الهرولة ، ثم يهرول منه إلى الموضع الذي ينبغي له أن يقطعها فيه إن شاء الله تعالى.

* (التقصير) *

فإذا فرغت من سعيك فأنزل من المروة وقصر من شعر رأسك من جوانبه ومن حاجبيك ومن لحيتك وخذ من شاربك وقلم أظفارك وابق منها لحجك ، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شئ أحرمت منه ، ويجوز لك أن تطوف بالبيت تطوعا ما شئت ، ولا بأس أن تصلي ركعتي طواف التطوع حيث شئت من المسجد وإنما لا يجوز أن تصلي ركعتي طواف الفريضة إلا عند المقام (٢).

فإذا كان يوم التروية فاغتسل والبس ثوبيك ، وادخل المسجد الحرام حافيا ، وعليك السكينة والوقار فطف بالبيت أسبوعا تطوعا ، وإن شئت فصل ركعتين لطوافك

__________________

(١) روى الكليني عن سماعة في الموثق قال : « سألته عن السعي بين الصفا والمروة ، قال : إذا انتهيت إلى الدار التي على يمينك عند أول الوادي فاسع حتى تنتهي إلى أول زقاق عن يمينك بعد ما تجاوز الوادي إلى المروة فإذا انتهيت إليه فكف عن السعي وامش مشيا ، وإذا جئت من عند المروة فابدء من عند الزقاق الذي وصفت لك ، فإذا انتهيت إلى الباب الذي من قبل الصفا بعد ما تجاوز الوادي فاكفف عن السعي وامش مشيا ، فإنما السعي على الرجال وليس على النساء سعى » ، يعنى بالسعي السرعة دون العدو.

(٢) في الكافي ج ٤ ص ٤٢٤ عن زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « لا ينبغي أن تصلى ركعتي طواف الفريضة الا عند مقام إبراهيم عليه‌السلام ، فاما التطوع فحيث شئت من المسجد » وقوله « لا ينبغي » ظاهره الكراهة وحمل في المشهور على الحرمة. (المرآة)

٥٣٧

عند مقام إبراهيم عليه‌السلام أو في الحجر ، واقعد تزول الشمس ، فإذا زالت الشمس فصل ست ركعات قبل الفريضة ، ثم صل الفريضة واعقد الاحرام في دبر الظهر وإن شئت في دبر العصر بالحج مفردا تقول : « لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين ، اللهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع كتابك وأمرك فاني عبدك وفي قبضتك لا أوقي إلا ما وقيت ، ولا آخذ إلا ما أعطيت ، اللهم إني أريد ما أمرت به من الحج على كتابك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله فقوني على ما ضعفت عنه ويسره لي وتقبله مني وتسلم مني مناسكي في يسر منك وعافية واجعلني من وفدك وحجاج بيتك الذين رضيت عنهم وارتضيت وسميت وكتبت ، اللهم ارزقني قضاء مناسكي في يسر منك وعافية وأعني عليه وتقبله مني ، اللهم وإن عرض لي عارض يحبسني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي واصرف عني سوء القضاء وسوء القدر أحرم لك وجهي وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخي وعظامي وعصبي من النساء والطيب والثياب أريد بذلك وجهك الكريم ، والدار الآخرة » ثم لب سرا بالتلبيات الأربع المفروضات إن شئت قائما ، وإن شئت قاعدا ، وإن شئت على باب المسجد وأنت خارج عنه مستقبل الحجر الأسود ، تقول : « لبيك اللهم لبيك لبيك ، لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك » ثم توجه وعليك السكينة والوقار بالتسبيح والتهليل وذكر الله عزوجل ، فإذا بلغت الرقطاء دون الردم وهو ملتقى الطريقين حتى تشرف على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي منى (١).

__________________

(١) روى الكليني ج ٤ ص ٤٥٤ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه ـ السلام قال : إذا كان يوم التروية إن شاء الله فاغتسل والبس ثوبيك وادخل المسجد حافيا وعليك السكينة والوقار ، ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه‌السلام أو في الحجر ثم اقعد حتى تزول الشمس وصل المكتوبة ، ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة فأحرم بالحج

٥٣٨

ولب مثل ما لبيت في العمرة وأكثر من « ذي المعارج » ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكثر منها ، وتقول وأنت متوجه إلى منى اللهم إياك أرجو ، وإياك أدعو فبلغني أملي ، وأصلح لي عملي.

فإذا أتيت منى فقل : « الحمد الله الذي أقدمنيها صالحا في عافية وبلغني هذا المكان ، اللهم وهذه منى وهي مما مننت به على أوليائك من المناسك فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تمن علي فيها بما مننت على أوليائك وأهل طاعتك ، فإنما أنا عبدك وفي قبضتك » ثم صل بها المغرب والعشاء الآخرة والفجر في مسجد الخيف (١) ، ولتكن صلاتك فيه عند المنارة التي في وسط المسجد وعلى ثلاثين ذراعا من جميع جوانبها فذاك مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومصلى الأنبياء الذين صلوا فيه قبله عليهم‌السلام ، وما كان خارجا من ثلاثين ذراعا حولها من كل جانب فليس من

__________________

ثم امض وعليك السكينة والوقار ، فإذا انتهيت إلى الرفضاء (وفى التهذيب الرقطاء) دون الردم فلب ، فإذا انتهيت إلى الردم وأشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتى منى ». وفى رواية أبي بصير » اغتسل والبس ثوبيك ثم ائت المسجد الحرام فصل فيه ست ركعات قبل أن تحرم وتدعو الله وتسأله العون وتقول : « اللهم إني أريد الحج فيسره لي وحلني حيث حسبتني لقدرك الذي قدرت على » وتقول : « أحرم لك شعري وبشرى ولحمي ودمي من النساء والطيب والثياب أريد بذلك وجهك والدار الآخرة وحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت على ثم تلب من المسجد الحرام كما لبيت حين أحرمت ـ الخ » ، وفى الصحيح عن عمرو بن حريث الصيرفي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « من أين أهل بالحج؟ فقال : ان شئت من رحلك وان شئت من الكعبة وان شئت من الطريق ».

(١) روى الكليني ج ٤ ص ٤٦١ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : « إذا انتهيت إلى منى فقل : « اللهم هذه منى وهي مما مننت بها علينا من المناسك فأسألك أن تمن علينا بما مننت به على أنبيائك ، فإنما أنا عبدك وفى قبضتك » ثم تصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر ، والامام يصلى بها الظهر لا يسعه الا ذلك وموسع عليك أن تصلى بغيرها ان لم تقدر ثم تدركهم بعرفات ، قال : وحد منى من العقبة إلى وادى محسر ».

٥٣٩

المسجد (١).

* (الغدو إلى عرفات) * (٢)

ثم امض إلى عرفات وقل أنت متوجه إليها : « اللهم إليك صمدت ، وإياك اعتمدت ، ووجهك أردت ، وقولك صدقت ، وأمرك اتبعت ، أسألك أن تبارك لي في أجلي (٣) ، وأن تقضي لي حاجتي وأن تجعلني ممن تباهي به اليوم من هو أفضل مني » ثم تلب وأنت مار إلى عرفات ، ولا تخرج من منى قبل طلوع الفجر بوجه (٤).

فإذا اتيت إلى عرفات فاضرب خباءك بنمرة قريبا من المسجد فإن ثم ضرب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خبأه وقبته ، فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية (٥) واغتسل وصل به الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ، وإنما تتعجل في الصلاة وتجمع بينهما

__________________

(١) روى الكليني ج ٤ ص ٥١٩ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه ـ السلام قال : « صل في مسجد الخيف وهو مسجد منى وكان مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا وعن يمينها وعن يسارها وخلفها نحوا من ذلك ، فقال : فتحر ذلك فان استطعت أن يكون مصلاك فيه فافعل فإنه قد صلى فيه ألف نبي ، وإنما سمى الخيف لأنه مرتفع عن الوادي وما ارتفع عنه يسمى خيفا ».

(٢) يعنى المضي في الغداة إليها.

(٣) كذا هو الصواب.

(٤) تقدم أن المستحب أن لا تخرج الا بعد طلوع الشمس ويجوز التقديم للمشاة والخائف من الزحام وغيرهما من أصحاب الاعذار. (م ت)

(٥) روى الكليني ج ٤ ص ٤٦٢ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « الحاج يقطع التلبية يوم عرفة زوال الشمس » وفى الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « قطع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله التلبية حين زاغت الشمس يوم عرفة ، وكان علي بن الحسين عليهما‌السلام يقطع التلبية إذا زاغت الشمس يوم عرفة ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : فإذا قطعت التلبية فعليك بالتهليل والتحميد والتمجيد والثناء على الله عزوجل ».

٥٤٠