كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٦

فان فضل من ذلك شئ فهو للورثة إن لم يكن عليه دين ، قلت : أرأيت إن كانت الحجة تطوعا ثم مات في الطريق قبل أن يحرم لمن يكون جمله ونفقة وما معه؟ قال : يكون جميع ما معه وما ترك للورثة ، إلا أن يكون عليه دين فيقضى عنه أو يكون أوصى بوصية فينفذ ذلك لمن أوصى له ويجعل ذلك من ثلثه ».

باب

* (ما يقضى عن الميت من حجة الاسلام ، أوصى أو لم يوص) *

٢٩١٧ ـ روى هارون بن حمزة الغنوي (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل مات ولم يحج حجة الاسلام (٢) ولم يترك إلا قدر نفقة الحج وله ورثة (٣) ، قال : هم أحق بميراثه إن شاؤوا أكلوا وإن شاؤوا حجوا عنه » (٤).

٢٩١٨ ـ وروي عن حارث بياع الأنماط (٥) أنه سئل أبو عبد الله عليه‌السلام « عن رجل أوصى بحجة ، فقال : إن كان صرورة فهي من صلب ماله إنما هي دين عليه ، وإن كان قد حج فهي من الثلث » (٦).

__________________

(١) الطريق إليه صحيح وهو ثقة عين كما في الخلاصة.

(٢) مع عدم وجوبها عليه واستقرارها. أو لم تستقر بأن يكون الموت في سنة الاستطاعة قبل الاتيان بالحج. (م ت)

(٣) ولم يترك نفقة العيال ولم يكن مستقرا وله ورثة.

(٤) فالحاصل يحمل على سنة الاستطاعة إذا لم تكن له نفقة العيال أو كانت ولم يصر مستطيعا بأن يكون قد مات قبل أوان الحج بمقدار ما يمكن الاتيان به أو قبل دخول الحرم كما قاله بعض. (م ت)

(٥) الطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان وروى نحوه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل مات فأوصى أن يحج عنه ، قال : إن كان صرورة فمن جميع المال وإن كان تطوعا فمن ثلثه ».

(٦) يدل على أن حجة الاسلام من الأصل كسائر الديون المالية ، وغيرها من الثلث ويشمل النذر. والخبر بكتاب الوصية أنسب من هذا الكتاب.

٤٤١

٢٩١٩ ـ وروي عن الحارث بن المغيرة (١) قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « إن ابنتي أوصت بحجة ولم تحج ، قال : فحج عنها فإنها لك ولها ، قلت : إن أمي ماتت ولم تحج ، قال : حج عنها فإنها لك ولها » (٢).

٢٩٢٠ ـ وروي عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة أوصت بمال في الصدقة والحج والعتق ، فقال : ابدأ بالحج فإنه مفروض فإن بقي شئ فاجعل في الصدقة طائفة وفي العتق طائفة » (٣).

٢٩٢١ ـ وروي عن بشير النبال (٤) قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « إن والدتي توفيت ولم تحج ، قال : يحج عنها رجل أو امرأة ، قال : قلت : أيهم أحب إليك؟ قال : رجل أحب إلي » (٥).

٢٩٢٢ ـ وروي عن عاصم بن حميد (٦) ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها أيقضى عنه؟ قال : نعم » (٧).

__________________

(١) الطريق إليه صحيح على ما في الخلاصة الا أن فيه أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه ومحمد بن ماجيلوية وتوثيقه من تصحيح العلامة نحو هذا الطرق (جامع الرواة).

(٢) أي لك ثوابا ولها أصالة ان كانت واجبة عليها دونه وبالعكس لو كان الامر بالعكس أو كان لهما أصالة كما يفهم من اخبار كثيرة وقد تقدم بعضها ، وروى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « حج الصرورة يجزى عنه وعمن حج عنه ». وحمل على الاجزاء في الثواب حتى يجب عليه الحج ويحج عن نفسه. (م ت)

(٣) يدل على تقديم الحج لكونه مفروضا والتعليل يشعر بتقديم الفرائض لو وقعت مع غيرها وربما يقيده بالمالية كما في المعلل. (م ت)

(٤) الطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان.

(٥) يدل على جواز نيابة المرأة وأفضلية الرجل. (م ت)

(٦) الطريق إليه حسن كالصحيح وهو ثقة عين.

(٧) يدل على وجوب قضاء الحج عن الميت وان لم يوص ، ويؤيده ما في الكافي ج ٤ ص ٢٧٧ في الصحيح عن رفاعة قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل يموت ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها أيقضى عنه؟ قال : نعم ».

٤٤٢

باب

* (الرجل يوصى بحجة فيجعلها وصيه في نسمة) *

٢٩٢٣ ـ روى ابن مسكان (١) قال : حدثني أبو سعيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن رجل أوصى بحجة فجعلها وصيه في نسمة ، قال : يغرمها وصيه ويجعلها في حجة كما أوصى فإن الله عزوجل يقول : « فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه » (٢).

باب

* (الحج عن أم الولد إذا ماتت) *

٢٩٢٤ ـ روى ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب قال : « أرسلت إلى أبي ـ عبد الله عليه‌السلام أن أم امرأة كانت أم ولد فماتت فأرادت المرأة أن تحج عنها ، قال : أو ليس قد عتقت بولدها (٣) تحج عنها ».

باب

* (الرجل يوصى إليه الرجل أن يحج عنه ثلاثة رجال ، فيحل له أن) *

* (يأخذ لنفسه حجة منها) *

٢٩٢٥ ـ كتب عمرو بن سعيد الساباطي (٤) إلى أبي جعفر عليه‌السلام يسأله « عن رجل أوصى إليه رجل أن يحج عنه ثلاثة رجال فيحل له أن يأخذ لنفسه حجة منها؟ فوقع عليه‌السلام بخطه وقرأته : حج عنه إن شاء الله تعالى فان لك مثل أجره ،

__________________

(١) الطريق إليه صحيح والظاهر أن أبا سعيد هو القماط الثقة.

(٢) يدل على ضمان الوصي إذا غير الوصية.

(٣) أي بموت مولاها والامر بالحج عنها اما وجوبا مع الاستقرار أو استحبابا مع عدمه ، وقال سلطان العلماء : لعله إشارة إلى عدم بقائها على الرقية فينبغي الحج عنها.

(٤) في الطريق إليه أحمد بن الحسن بن علي بن فضال وهو فطحي ثقة.

٤٤٣

ولا ينقض من أجره شئ إن شاء الله تعالى » (١).

باب

* (من يأخذ حجة فلا تكفيه) *

٢٩٢٦ ـ روى علي بن مهزيار (٢) عن محمد بن إسماعيل قال : أمرت رجلا أن يسأل أبا الحسن عليه‌السلام « عن الرجل يأخذ من الرجل حجة فلا تكفيه أله أن يأخذ من رجل آخر حجة أخرى فيتسع بها فتجزي عنهما جمعيا أو يتركهما جميعا إن لم تكفه إحداهما؟ فذكر أنه قال : أحب إلي أن تكون خالصة لواحد فان كانت لا تكفيه فلا يأخذها ».

باب

* (من أوصى في الحج بدون الكفاية) *

٢٩٢٧ ـ روى ابن مسكان ، عن أبي بصير (٣) عمن سأله قال : قلت له : « رجل أوصى بعشرين دينارا في حجة ، فقال : يحج بها رجل من حيث يبلغه » (٤).

٢٩٢٨ ـ وكتب إبراهيم بن مهزيار إلى أبي محمد عليه‌السلام : « أعلمك يا مولاي أن مولاك علي بن مهزيار أوصى أن يحج عنه من ضيعة ـ صير ربعها لك ـ حجة في كل سنة بعشرين دينارا وإنه منذ انقطع طريق البصرة تضاعفت المؤونة على الناس فليس يكتفون بعشرين دينارا ، وكذلك أوصى عدة من مواليك في حجتين (٥) فكتب عليه‌السلام :

__________________

(١) مع أن ظاهر الوصية ارسال الغير أو لأنه يشترط التعدد في الموجب والقابل ولعل ذلك مبنى على أن العبارة عامة والتغاير الاعتباري كاف.

(٢) الطريق إليه صحيح وهو ومحمد بن إسماعيل ثقتان.

(٣) كذا في جميع النسخ وفى الكافي ج ٤ ص ٣٠٨ والتهذيب « عن أبي سعيد » و هو الصواب.

(٤) لعل المراد به موضع يفي به ذلك المال وهو أيضا في الوصية. (المرآة)

(٥) في الكافي ج ٤ ص ٣١٠ « وكذلك أوصى عدة من مواليك في حججهم ».

٤٤٤

يجعل ثلاث حجج حجتين إن شاء الله تعالى » (١).

٢٩٢٩ ـ وكتب إليه علي بن محمد الحضيني : « أن ابن عمي أوصى أن يحج عنه بخمسة عشر دينارا في كل سنة فليس يكفي فما تأمرني في ذلك؟ فكتب عليه‌السلام : تجعل حجتين في حجة إن شاء الله ، إن الله عالم بذلك ».

باب

* (الحج من الوديعة) *

٢٩٣٠ ـ روى سويد القلاء ، عن أيوب بن حر ، عن بريد العجلي (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن رجل استودعني مالا فهلك وليس لولده شئ ولم يحج حجة الاسلام ، قال : حج عنه وما فضل فأعطهم » (٣).

__________________

(١) اعلم أن الأصحاب قد قطعوا بأنه إذا أوصى أن يحج عنه سنين متعددة وعين لكل سنة قدرا معينا اما مفصلا كمائة أو مجملا كغلة بستان فقصر عن أجرة الحج جمع مما زاد على السنة ما يكمل به أجرة المثل لسنة ثم يضم الزائد إلى ما بعده وهكذا ، واستدلوا بهذه الرواية والرواية الآتية ، ولعلهم حملوا هذه الرواية على أنه عليه‌السلام علم في تلك الواقعة أنه لا تكمل أجرة المثل الا بضم نصف أجر السنة الثانية بقرينة أن حكم في الحديث الاخر بجعل حجتين حجة لعلمه بأنه في تلك الواقعة لا تكمل الأجرة الا بضم مثل ما عين لكل سنة إليه ويظهر منهما أن اجرة الحج في تلك السنين كانت ثلاثين دينارا فلما كان علي بن مهريار أوصى لكل سنة بعشرين فبانضمام نصف اجرة السنة الثانية تم الأجرة ولما كان الاخر أوصى بخمسة عشر أمر بتضعيفها لتمام الأجرة فتأمل (المرآة) أقول : ويظهر من هذا الخبر أن وفاة علي بن مهزيار الأهوازي في حياة أبى محمد العسكري عليه‌السلام فما رواه المصنف رحمه‌الله ـ في كمال الدين باب من شاهد القائم عليه‌السلام من ملاقاته إياه عليه‌السلام في زمان الغيبة ففيه ما فيه وبسطنا الكلام هناك (راجع كمال الدين ص ٤٦٦ طبع مكتبة الصدوق).

(٢) طريق الرواية صحيح ورواه الكليني أيضا في الصحيح.

(٣) قال في المدارك ص ٣٣٨ : اعتبر المحقق وغيره في جواز الاخراج علم المستودع أن الورثة لا يؤدون والا وجب استيذانهم وهو جيد لان مقدار أجرة الحج وإن كان خارجا عن ملك الورثة الا أن الوارث مخير في جهات القضاء وله الحج بنفسه والاستقلال بالتركة و

٤٤٥

باب

* (الرجل يموت وما يدرى ابنه هل حج أو لا) *

٢٩٣١ ـ سئل أبو عبد الله عليه‌السلام (١) « عن رجل مات وله ابن فلم يدر حج أبوه أم لا ، قال : يحج عنه ، فإن كان أبوه قد حج كتب لأبيه نافلة وللابن فريضة ، وإن لم يكن حج أبوه كتب لأبيه فريضة وللابن نافلة » (٢).

باب

* (المتمتع عن أبيه) *

٢٩٣٢ ـ روى جعفر بن بشير (٣) ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر

__________________

الاستيجار بدون أجرة المثل فيقتصر في منعه من التركة على موضع الوفاق ، واعتبر في التذكرة مع ذلك أمن الضرر فلو خاف على نفسه أو ماله لم يجز له ذلك وهو حسن ، واعتبر أيضا عدم التمكن من الحاكم واثبات الحق عنده والأوجب استيذانه ، وحكى الشهيد في اللمعة قولا باعتبار اذن الحاكم في ذلك مطلقا واستبعده ، وذكر الشارح أن وجه البعد اطلاق النص الوارد بذلك وهو غير جيد فان الرواية إنما تضمنت أمر الصادق عليه‌السلام لبريد في الحج عمن له عنده الوديعة وهو اذن وزيادة ، ولا ريب أن استيذان الحاكم مع امكانه أولى أما مع التعذر فلا يبعد سقوطه حذرا من تعطيل الحق الذي يعلم من بيده المال ثبوته ، ومورد الرواية الوديعة وألحق بها غيرها من الحقوق المالية حتى الغصب والدين ويقوى اعتبار استيذان الحاكم في الدين فإنه إنما يتعين بقبض المالك أو ما في معناه ، ومقتضى الرواية أن المستودع يحج لكن جواز الاستيجار ربما كان أولى خصوصا إذا كان الأجير أنسب لذلك من الودعي.

(١) رواه الكليني ج ٤ ص ٢٧٧ بسند مرفوع عنه عليه‌السلام.

(٢) قال العلامة المجلسي : لعله محمول على أنه لم يترك سوى ما يحج به وليس للولد مال غيره فلو كان الأب قد حج يكون الابن مستطيعا بهذا المال ، ولو لم يكن قد حج كان يلزمه صرف هذا المال في حج أبيه فيجب على الولد أن يحج بهذا المال ويردد النية بين والده ونفسه فإن لم يكن أبوه حج كان لأبيه مكان الفريضة والا فللابن ، فلا ينافي هذا وجوب الحج على الابن مع الاستطاعة بمال آخر لتيقن البراءة.

(٣) الطريق إليه صحيح وهو ثقة والمراد بالعلاء العلاء بن رزين القلاء وهو الذي صحب محمد بن مسلم وتفقه عليه وكان ثقة جليلا.

٤٤٦

عليه‌السلام قال : « سألته عن رجل يحج عن أبيه أيتمتع (١)؟ قال : نعم ، المتعة له والحج عن أبيه » (٢).

باب

* (تسويف الحج) *

٢٩٣٣ ـ روى محمد بن الفضيل قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا » فقال : نزلت فيمن سوف الحج (٣) ـ حجة الاسلام ـ وعنده ما يحج به ، فقال : العام أحج ، العام أحج حتى يموت قبل أن يحج ».

٢٩٣٤ ـ وروي عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل لم يحج قط وله مال ، فقال : هو ممن قال الله عزوجل : « ونحشره يوم القيمة أعمى » فقلت : سبحان الله أعمى؟! فقال : أعماه الله عزوجل عن طريق الخير ».

٢٩٣٥ ـ وروى صفوان بن يحيى (٤) عن ذريح المحاربي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق منه الحج (٥) أو سلطان يمنعه منه ، فليمت يهوديا أو نصرانيا ». (٦)

__________________

(١) مع أنه لا فائدة للأب في التمتع لأنه لا يمكن له التمتع بالنساء والثياب والطيب الذي هو فائدة حج التمتع. (م ت)

(٢) لعله محمول على أنه كان على أبيه حج الافراد والمطلق فإذا تفضل الابن بالتمتع كان الفضيلة له وأصل الحج للأب. (سلطان)

(٣) التسويف : التأخير ، يقال : سوفته أي مطلته ، فكأن الانسان في تأخير الحج يماطل نفسه فيما ينفعه. (المرآة)

(٤) طريق المصنف إلى صفوان حسن كالصحيح ورواه الكليني والشيخ في الصحيح. وصفوان وذريح ثقتان.

(٥) في بعض النسخ « معه الحج ».

(٦) يعنى كان حشره معهم أو يكون مثلهم في ترك الحج.

٤٤٧

٢٩٣٦ ـ وروى علي بن أبي حمزة عنه عليه‌السلام أنه قال : « من قدر على ما يحج به وجعل يدفع ذلك وليس له عنه شغل يعذره الله فيه حتى جاء الموت فقد ضيع شريعة من شرايع الاسلام ».

باب

* (العمرة في أشهر الحج) *

٢٩٣٧ ـ روى سماعة بن مهران (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « من حج معتمرا (٢) في شوال ومن نيته أن يعتمر ويرجع إلى بلاده فلا بأس بذلك ، وإن هو أقام إلى الحج فهو متمتع لان أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة ، فمن اعتمر فيهن وأقام إلى الحج فهي متعة ، ومن رجع إلى بلاده ولم يقم إلى الحج فهي عمرة ، فان اعتمر في شهر رمضان أو قبله فأقام إلى الحج فليس بمتمتع وإنما هو مجاور أفرد العمرة ، فان هو أحب أن يتمتع في أشهر الحج بالعمرة إلى الحج فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق (٣) ، أو يجاوز عسفان (٤) فيدخل متمتعا بعمرة إلى

__________________

(١) الطريق إليه حسن قوى وهو واقفي ثقة.

(٢) أي قصد العمرة ، وكونه بمعنى الحج الاصطلاحي بعيد. قد ذكر سابقا أخبار تدل على وجوب العمرة على الناس مثل الحج كما في قوله تعالى : « وأتموا الحج والعمرة لله ». ومن تمتع بالعمرة إلى الحج لا يجب عليه عمرة أخرى ، ويجب العمرة المفردة على القارن والمفرد مقدما على الحج أو مؤخرا عنه ، واستطاعة العمرة مثل استطاعة الحج ومن استطاع العمرة المفردة فقط لا يجب عليه الحج الا أن يستطيع له بعد فيجب عليه الحج متمتعا على قول.

(٣) ذات عرق موضع أول تهامة وآخر عقيق وهو على نحو مرحلتين من مكة.

(٤) وعسفان ـ كعثمان ـ موضع بين مكة والمدينة ، بينه وبين مكة مرحلتان. و قال بعض الشراح : ان لم يكن التجاوز بمعنى الوصول إلى الجحفة يمكن أن يكون الاحرام منه للمحاذاة.

٤٤٨

الحج فإن هو أحب أن يفرد الحج فليخرج إلى الجعرانة فيلبي منها » (١).

٢٩٣٨ ـ وروى عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج إلى أهله متى شاء إلا أن يدركه خروج الناس يوم التروية » (٢)

٢٩٣٩ ـ وفي رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « العمرة في العشر متعة » (٣).

__________________

(١) قال في المراصد : « الجعرانة » لا خلاف في كسر أوله ، وأصحاب الحديث يكسرون عينه ويشددون راءه ، وأهل الأدب يخطئونهم ويسكنون العين ويخففون الراء ، و الصحيح أنهما لغتان جيدتان ، قال علي بن المديني : أهل المدينة يثقلون الجعرانة والحديبية وأهل العراق يخففونهما ـ : منزل ـ أوماء ـ بين الطائف ومكة وهي إلى مكة أقرب ، نزله النبي عليه‌السلام وقسم بها غنائم حنين وأحرم منه بالعمرة ، وله فيه مسجد وبه بئار متقاربة ـ انتهى وقال سلطان العلماء : لعل المراد أنه أراد افراد الحج عن هذه العمرة التي أراد فعلها فليخرج إلى الجعرانة لاحرام هذه العمرة المفردة فالخروج إليها للعمرة التي أحب افراد الحج عنها لا للحج كما توهم العبارة ، فان ميقات حج الافراد اما مكة أو دويرة أهلها ولا دخل للجعرانة فيها هذا على المشهور ، وأما على ما في روايتين صحيحتين إحديهما عن عبد الرحمن ابن الحجاج عن الصادق عليه‌السلام والأخرى عن سالم الحناط عنه عليه‌السلام : ان المجاور إذا أراد الحج فليخرج إلى الجعرانة. فيمكن حمل هذا أيضا عليهما ـ انتهى ، أقول : لعل المراد برواية عبد الرحمن بن الحجاج ما في التهذيب ج ١ ص ٤٥٩ وأما رواية سالم فما عثرت عليها.

(٢) ظاهره أنه يصح له التمتع بتلك العمرة فيشترط وقوعها في أشهر الحج ، ولعل المراد بادراكه خروج الناس يوم التروية وقوعه في العشر من ذي الحجة فيكون في معنى ما يجيئ من قوله عليه‌السلام « وإن كان في ذي الحجة فلا يصلح الا الحج » والظاهر أن الاتيان بالحج الذي يفهم من الاستثناء على سبيل الوجوب اما من حيث إنه حينئذ يستطيع الحج فيكون داخلا في عموم الآية فيكون ذلك بالنسبة إليه حجة الاسلام إن كان مستطيعا من منزله ، ولا ينافي ذلك وجوبه على غير المستطيع مرة أخرى لو استطاع لدليل آخر واما من حيث إنه أتى بالعمرة فيكون ذلك حجة الاسلام بالنسبة إلى المستطيع من منزله دون من لا يستطيع منه فلو استطاع بعد ذلك وجب عليه كما هو المشهور. (مراد)

(٣) يدل على تأكد استحباب جعل العمرة في العشر من ذي الحجة تمتعا أو وجوبه إذا قصد بها التمتع سواء كان في العشر أو في أشهر الحج. (م ت)

٤٤٩

٢٩٤٠ ـ وروى معاوية بن عمار قال : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل أفرد الحج هل له أن يعتمر بعد الحج؟ فقال : نعم إذا أمكن الموسى من رأسه فحسن » (١).

٢٩٤١ ـ وروى المفضل بن صالح (٢) عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « العمرة مفروضة مثل الحج ، فإذا أدى المتعة فقد أدى العمرة المفروضة ».

٢٩٤٢ ـ وسأله عبد الله بن سنان « عن المملوك يكون في الظهر يرعى وهو يرضى أن يعتمر ثم يخرج ، فقال : إن كان اعتمر في ذي القعدة فحسن ، وإن كان في ذي الحجة فلا يصلح إلا الحج » (٣).

٢٩٤٣ ـ « واعتمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث عمر متفرقات كلها في ذي القعدة (٤)

__________________

(١) وفى الكافي عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله مثله. ولعله كناية عن الاحلال فينتقل الذهن من تمكينه الموسى من رأسه إلى الحلق ومنه إلى الاحلال (مراد) وقال المولى المجلسي هذا الخبر يدل على عدم الاحتياج إلى الفصل بين العمرة المفردة وحجها بشهر بل يكفي اليومين والثلاثة ـ انتهى ، وقال السيد ـ رحمه‌الله ـ في المدارك : محل العمرة المفردة بعد الفراغ من الحج وذكر جمع من الأصحاب أنه يجب تأخيرها إلى انقضاء أيام التشريق ، و نص العلامة وغيره على جواز تأخيرها إلى استقبال المحرم واستشكل جدي ـ رحمه‌الله ـ هذا الحكم بوجوب ايقاع الحج والعمرة المفردة في عام واحد ، قال : الا أن يراد بالعام اثنى عشر شهرا مبدؤها زمان التلبس بالحج ، وهو محتمل مع أنه لا دليل على اعتبار هذا الشرط وأوضح ما وقفت عليه صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قلت له : العمرة بعد الحج؟ قال إذا أمكن الموسى من الرأس ».

(٢) طريق المصنف إليه غير مذكور وهو ضعيف.

(٣) فيه نوع منافاة مع خبر عمر بن يزيد المتقدم تحت رقم ٢٩٣٨ ويمكن الجمع بحمل ذي الحجة وتقييده بادراك يوم التروية والتفصيل في كتاب منتقى الجمان ج ٢ ص ٥٩٧ فلتراجع.

(٤) رواه الكليني في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، و ينافي ما تقدم ص ٢٣٨ عن المصنف أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله اعتمر تسع عمر ولم يحج حجة الوداع الا وقبلها حج.

٤٥٠

عمرة أهل فيها من عسفان وهي عمرة الحديبية ، وعمرة القضاء أحرم فيها من الجحفة وعمرة أهل فيها من الجعرانة وهي بعد أن رجع من الطائف من غزوة حنين » (١).

باب

* (اهلال العمرة المبتولة واحلالها ونسكها) *

٢٩٤٤ ـ روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا دخل المعتمر مكة من غير تمتع وطاف بالبيت وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه‌السلام وسعى بين الصفا والمروة فليلحق بأهله إن شاء » (٢).

__________________

(١) « أهل » أي رفع صوته بالتلبية ، وعسفان ـ كعثمان ـ : موضع على مرحلتين من مكة لقاصد المدينة.

(٢) ظاهره موافق لمذهب الجعفي من عدم وجوب طواف النساء في العمرة المفردة وهو الظاهر من كلام المصنف ـ رحمه‌الله ـ كما سيأتي خلافا للمشهور بل الاجماع على ما نقل في المنتهى (سلطان) وقال المولى المجلسي ـ قدس‌سره ـ : « لم يذكر فيه التقصير وطواف النساء لا يدل على عدم الوجوب لأنهما للاحلال وليسا من الأركان والنسك مع وجودهما في أخبار أخر والمثبت مقدم ـ إلى آخر ما قال ـ » أقول : روى الكليني ج ٤ ص ٥٣٨ في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن إسماعيل بن رباح عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : « سألته عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ قال نعم » ورواه الشيخ في كتابيه. وفيه عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن إبراهيم ابن عبد الحميد ، عن عمر بن يزيد أو غيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « المعتمر يطوف ويسعى ويحلق ، قال : ولا بد له من بعد الحلق من طواف آخر » ونقله الشيخ في الاستبصار ج ٢ ص ٢٣٢ وقال : أما ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن علي بن محمد بن عبد الحميد ، عن أبي خالد مولى علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ فقال : ليس عليه طواف النساء » فلا ينافي ما قدمناه لان هذا الخبر محمول على من دخل معتمرا عمرة مفردة في أشهر الحج ، ثم أراد أن يجعلها متعة للحج

٤٥١

٢٩٤٥ ـ وروى عنه عليه‌السلام أنه قال : « من ساق هديا في عمرة فلينحر قبل أن يحلق رأسه ، قال : ومن ساق هديا وهو معتمر نحر هديه عند المنحر وهو بين الصفا والمروة وهي الحزورة » (١).

٢٩٤٦ ـ وروى علي بن رئاب ، عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام  « في الرجل يعتمر عمرة مفردة ثم يطوف بالبيت طواف الفريضة ، ثم يغشى امرأته قبل أن يسعى بين الصفا والمروة ، قال : قد أفسد عمرته وعليه بدنة ويقيم بمكة حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه (٢) ، ثم يخرج إلى الوقت الذي وقته رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

جاز له ذلك ، ولم يلزمه طواف النساء لان طواف النساء إنما يلزم المعتمر العمرة المفردة عن الحج ، فإذا تمتع بها إلى الحج سقط عنه فرضه. يدل على ذلك ما رواه محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى قال : كتب أبو القاسم مخلد ابن موسى الرازي إلى الرجل « سأله عن العمرة المبتولة هل على صاحبها طواف النساء ، والعمرة التي يتمتع بها إلى الحج؟ فكتب أما العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء ، واما التي يتمتع بها إلى الحج فليس على صاحبها طواف النساء » واما ما رواه محمد بن أحمد ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن سيف ، عن يونس عمن رواه قال : « ليس طواف النساء الا على الحاج » فلا ينافي ما ذكرناه لأن هذه الرواية موقوفة غير مسندة إلى أحد من الأئمة عليهم‌السلام وإذا لم تكن مسندة لم يجب العمل بها لأنه يجوز أن يكون ذلك مذهبا ليونس اختاره على بعض آرائه كما اختار مذاهب كثيرة لا يلزمنا المصير إليها لقيام الدلالة على فسادها.

(١) ما اشتمل عليه من ذبح ما ساقه في العمرة بالحزورة محمول على الاستحباب كما هو المشهور بين الأصحاب. والحزورة ـ كقسورة ـ موضع بمكة عند باب الحناطين بين الصفا والمروة.

(٢) المنع فيه من الاتيان بالعمرة التي للافساد في الشهر الأول لا ينافي ما يجيئ من تجويز الاتيان بالعمرة بعد مضى عشرة أيام من العمرة الأولى لان ذلك لعل بطريق الاستحباب أو بخصوص صورة الافساد.

٤٥٢

لأهله فيحرم منه ويعتمر ».

٢٩٤٧ ـ وقد روى علي بن رئاب ، عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه‌السلام « أنه يخرج إلى بعض المواقيت فيحرم منه ويعتمر ».

ولا يجب طواف النساء إلا على الحاج (١)

والمعتمر عمرة مفردة يقطع التلبية إذا دخل أول الحرم (٢).

٢٩٤٨ ـ وروى صفوان بن يحيى ، عن سالم بن الفضيل (٣) قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « دخلنا بعمرة فنقصر أو نحلق؟ فقال : احلق (٤) فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ترحم على المحلقين ثلاث مرات وعلى المقصرين مرة ».

فإن أحل رجل من عمرته فقصر من شعره ونسي أظفاره فإنه يجز به ذلك وإن تعمد ذلك أو هو جاهل فليس عليه شئ (٥).

باب

* (العمرة في شهر رمضان ورجب وغيرهما) *

٢٩٤٩ ـ روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه « سئل أي العمرة

__________________

(١) تقدم الكلام فيه آنفا من أنه مذهب المؤلف خلافا للمشهور وظاهر أكثر النصوص ويمكن أن نقول بان الحصر إضافي بالنسبة إلى عمرة التمتع بها إلى الحج كما هو المشهور.

(٢) ستجيئ الاخبار في هذا الحكم عن قريب.

(٣) هكذا في النسخ التي بأيدينا وسالم بن الفضيل مجهول وعد صاحب المدارك هذه الرواية من الصحاح ، ولعل في نسخته سالم أبى الفضل وهو الصواب والمراد سالم الحناط وكنيته أبو الفضل ورواية صفوان عنه كثيرة في التهذيب والاستبصار والفقيه.

(٤) لعل المراد العمرة المفردة فان فيها التخيير بين الحلق والتقصير ، والحلق فيها أفضل على المشهور بخلاف عمرة التمتع فان التقصير فيها متعين. (سلطان)

(٥) سيجئ أن الواجب فيها الحلق أو التقصير ويكفى في التقصير مسماه ، فلو اكتفى بقلم الأظفار أو بتقصير الشعر جاز والجمع أفضل ومع الحلق أكمل. (م ت)

٤٥٣

أفضل : عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان؟ فقال : لا بل عمرة في شهر رجب أفضل »

٢٩٥٠ ـ وروى عنه عليه‌السلام عبد الرحمن بن الحجاج « في رجل أحرم في شهر وأحل في آخر ، قال : يكتب له في الذي نوى ، وقال (١) : يكتب له في أفضلهما ».

٢٩٥١ ـ وفي رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا أحرمت وعليك من رجب يوم وليلة فعمرتك رجبية ».

باب

* (مواقيت العمرة من مكة وقطع تلبية المعتمر) *

٢٩٥٢ ـ روى عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحرم من الجعرانة والحديبية وما أشبههما ، ومن خرج من مكة يريد العمرة ثم دخل معتمرا لم يقطع التلبية حتى ينظر إلى الكعبة » (٢).

__________________

(١) في الكافي « أو يكتب له في أفضلهما » فإن كان هو الصواب بالترديد من الراوي ، أو المراد أنه ان لم يكن في أحدهما فضل على الاخر يكتب في الذي نوى والا ففي الأفضل.

وقال الفاضل التفرشي : قوله « في الذي نوى » ظاهره أن عمرته يحسب في الفضل من عمرة الشهر الذي نوى وأهل فيه ، ولعل مقصود السائل أن يسأل عمن أحرم في رجب وأحل في شعبان وقد علم عليه‌السلام ذلك من قصده فأجاب بأن عمرته هذه رجبية ثم ذكر لتتميم الإفادة أن تلك العمرة وان اختلف احرامها واحلالها بحسب الشهر تحسب من أفضل الشهرين عمرة فلا منافاة بين القولين ، ويمكن أن يراد بالقول الأول أنها معدودة من عمرة الشهر الذي أهل فيه وبالقول الثاني أنه يثاب بثواب أفضل الشهرين ، وأن يراد بقوله عليه‌السلام « في الذي نوى » في الشهر الذي هو المقصود بالذات من تلك العمرة.

(٢) قال الشيخ بعد نقله في التهذيب ج ١ ص ٤٧٣ : يجوز أن تكون هذه الرواية مخصوصة بمن خرج من مكة للعمرة دون من سواه.

٤٥٤

٢٩٥٣ ـ وروي أنه « يقطع التلبية إذا نظر إلى المسجد الحرام » (١).

٢٩٥٤ ـ وروي أنه « يقطع التلبية إذا دخل أول الحرم » (٢).

٢٩٥٥ ـ وفي رواية الفضيل (٣) قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام قلت : دخلت بعمرة فأين أقطع التلبية؟ فقال : بحيال العقبة ـ عقبة المدنيين ـ ، قلت : أين عقبة المدنيين؟ قال : بحيال القصارين » (٤).

٢٩٥٦ ـ وروي عن يونس بن يعقوب (٥) قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة ، فقال : إذا رأيت ذا طوى فاقطع التلبية » (٦).

٢٩٥٧ ـ وفي رواية مرازم (٧) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « يقطع صاحب العمرة

__________________

(١) روى الكليني ج ٤ ص ٥٣٧ في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من اعتمر من التنعيم فلا يقطع التلبية حتى ينظر إلى المسجد » والتنعيم موضع بمكة خارج الحرم وهو أدنى الحل إليها على طريق المدينة.

(٢) روى الكليني ج ٤ ص ٥٣٧ في الموثق عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « يقطع تلبية المعتمر إذا دخل الحرم ».

(٣) المراد بالفضيل الفضيل بن يسار كما صرح به في التهذيب ج ١ ص ٤٧٣ ، وفى طريقه علي بن الحسين السعد آبادي وهو قوى.

(٤) خص ذلك بمن جاء من المدينة كما قال الشيخ ـ رحمه‌الله ـ وقال المولى المجلسي : ويمكن القول بالتخيير بينه وبين دخول الحرم وهو مشترك بين الجانبين ، ويمكن حمله على عمرة التمتع كما سيجئ أنه موضع قطعها من طريق المدينة وإن كان الأظهر المفردة.

(٥) في الطريق إليه الحكم بن مسكين ولم يوثق ورواه الشيخ في الاستبصار والتهذيب عنه بسند حسن ، ويونس بن يعقوب كوفي ثقة له كتب.

(٦) ذو طوى موضع بمكة داخل الحرم على نحو فرسخ من مكة ترى منه بيوت مكة ، وحمل الشيخ الخبر على من جاء من طريق العراق.

(٧) طريق المصنف إليه حسن بإبراهيم بن هاشم وهو كالصحيح وفى الكافي ج ٤ ص ٥٣٧ أيضا في الحسن كالصحيح ، ومرازم بن حكيم ثقة.

٤٥٥

المفردة التلبية إذا وضعت الإبل أخفافها في الحرم » (١).

٢٩٥٨ ـ وروي أنه « يقطع التلبية إذا نظر إلى بيوت مكة » (٢).

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : هذه الأخبار كلها صحيحة متفقة ليست بمختلفة والمعتمر عمرة مفردة في ذلك بالخيار يحرم من أي ميقات من هذه المواقيت شاء (٣) ، ويقطع التلبية في أي موضع من هذه المواضع شاء ، وهو موسع عليه ، ولا قوة إلا بالله [العلي العظيم].

باب

* (أشهر الحج وأشهر السياحة والأشهر الحرم) *

٢٩٥٩ ـ روى زرارة (٤) عن أبي جعفر عليه‌السلام « في قول الله عزوجل : « الحج

__________________

(١) محمول على من أحرم من المواقيت الخمسة لعمرة التمتع أو من دويرة الأهل غير خارج الحرم من التنعيم والحديبية والجعرانة. (م ت)

(٢) روى الكليني في الحسن كالصحيح ج ٤ ص ٣٩٩ عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « المتمتع إذا نظر إلى بيوت مكة قطع التلبية ». وفى خبر آخر عن سدير قال : قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما‌السلام : « إذا رأيت أبيات مكة فاقطع التلبية ».

(٣) حمله على التخيير باعتبار فهم المنافاة في الجميع ولا منافاة بينها على ما ذكرنا ولا تفهم منها الا في بعضها ، مع أنه لا معنى للتخيير للمحرم من خارج الحرم كالتنعيم فإنه أول الحرم بين القطع ومن دخول الحرم وبين النظر إلى المسجد والى الكعبة لان ظاهر الابتداء والقطع يقتضى الفصل ولا فاصلة هنا وكذا ما ذكره الشيخ ـ رحمه‌الله ـ من عدم المنافاة بين الجميع أيضا بحمل القطع عند دخول الحرم لمن أحرم من خارجه ، والقطع عند النظر إلى المسجد والى الكعبة لمن أحرم من أول الحرم ، والقطع عند العقبة لمن جاء من طريق المدينة. وعند ذي طوى لمن جاء من قبل العراق فإنه يبقى المنافاة بين النظر إلى المسجد والى الكعبة وبين القطع عند أول الحرم والقطع عند ذي طوى والعقبة فالأولى الجمع بالتخيير في موضع المنافاة كما ذكرنا والله تعالى يعلم. (م ت)

(٤) كذا في بعض النسخ وفى بعضها « أبان » ولعل المراد ابن تغلب لعدم رواية أبان بن عثمان عن أبي جعفر عليه‌السلام ولكن الصواب النسخة التي جعلناها في المتن يعنى « زرارة » لما في الكافي ج ٤ ص ٢٨٩ ومعاني الاخبار ص ٢٩٤ طبع مكتبة الصدوق مروى عنه.

٤٥٦

أشهر معلومات » (١) قال : شوال وذو القعدة وذو الحجة ، ليس لأحد أن يحرم بالحج فيما سواهن ».

٢٩٦٠ ـ وفي رواية أخرى « وشهر مفرد لعمرة رجب » (٢).

٢٩٦١ ـ وقال عليه‌السلام : « ما خلق الله عزوجل في الأرض بقعة أحب إليه من الكعبة ولا أكرم عليه منها ولها حرم الله عزوجل الأشهر الحرم الأربعة في كتابه يوم خلق السماوات والأرض ثلاثة منها متوالية للحج وشهر مفرد للعمرة رجب » (٣).

٢٩٦٢ ـ وقال عليه‌السلام : في قول الله عزوجل : « فسيحوا في الأرض أربعة أشهر » قال : عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشرة أيام من شهر

__________________

(١) قال الطبرسي في المجمع : يعنى وقت الحج أشهر معلومات لا يجوز فيها التبديل والتغيير بالتقديم والتأخير كما يفعلهما النساء الذين انزل فيهم « إنما النسئ ـ الآية » وأشهر الحج عندنا شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة على ما روى عن أبي جعفر عليه‌السلام وبه قال ابن عباس وإنما صارت هذه الأشهر أشهر الحج لأنه لا يصح الاحرام بالحج الا فيها.

(٢) الظاهر أنه تتمة خبر مثل الخبر المتقدم [أو ما يأتي] ويكون فيه هذه الزيادة فتصير المعنى أن أشهر الحج ثلاثة وشهر مفرد قرره الله تعالى لعمرة رجب ، ويمكن أن يكون من كلام المعصوم تتمة لقول الله تعالى (م ت) وقال الفاضل التفرشي : ينبغي أن يقرأ « رجب » بالرفع على أن يكون بيانا لشهر ويجعل تنوين عمرة للتعظيم ، ويؤيده ما يجيئ من قوله عليه‌السلام « وشهر مفرد للعمرة رجب ».

(٣) رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٢٣٩ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في ذيل حديث ، وأما الأشهر الحرم فهي الأشهر الذي حرم الله تعالى فيها القتال والجهاد وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ، وقد يخطر بالبال اشكال في الكلام حيث قال « ولها حرم الله الأشهر الحرم » يعنى لحرمة الكعبة والحج فان أريد بالأشهر المتوالية شوال وتالياه فليس شوال من الأشهر الذي حرم فيه القتال وعلى تقديره كانت الأربعة متوالية لا ثلاثة منها ولم يكن رجب منها ، وان أريد ذو القعدة وتالياه فليس للمحرم دخل في الحج فلم يكن تحريم القتال فيه للحج ، ويمكن رفع الاشكال بأن يقال : لما كان الحج في ذي الحجة حرم الله قبله شهر للمجيئ وبعده شهر لعود الحاج إلى أوطانهم حتى لا يكون حرب في الطريق ويأمن السبل.

٤٥٧

ربيع الآخر ، ولا يحسب في الأربعة الأشهر عشرة أيام من أول ذي الحجة (١).

٢٩٦٣ ـ وروي أبو جعفر الأحول عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل فرض الحج في غير أشهر الحج ، قال : يجعلها عمرة (٢) ».

باب

* (العمرة في كل شهر وفى أقل ما يكون) *

٢٩٦٤ ـ روى إسحاق بن عمار (٣) قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « السنة اثنا عشر شهرا يعتمر لكل شهر عمرة (٤) ».

٢٩٦٥ ـ وروى علي بن أبي حمزة (٥) عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : « لكل شهر عمرة ، قال : فقلت له : أيكون أقل من ذلك؟ قال : لكل عشرة أيام عمرة (٦) ».

__________________

(١) لا مناسبة بين الحديث والباب لان الآية نزلت في أمر آخر لا صلة له بأشهر الحج وهو امهال المشركين الناكثين أربعة أشهر من يوم الابلاغ كما في الخبر غير الأشهر الحرم المشهورة.

(٢) الطريق حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم. وقوله : « فرض الحج » أي أحرم وقيل : أي أراد ، وقوله « يجعلها عمرة » أي أحرم بالعمرة دون الحج.

(٣) الطريق إليه صحيح وهو ثقة على المشهور.

(٤) يدل على استحباب العمرة في كل شهر ويشعر بكراهة الأقل.

(٥) الظاهر أنه البطائني الواقفي وهو ضعيف.

(٦) اختلف الأصحاب في حد الفصل بين العمرتين فقال ابن أبي عقيل : لا يجوز عمرتان في عام واحد ، وقال أبو الصلاح وابن حمزة والمحقق في النافع والعلامة في المختلف : أقله شهر ، وقال الشيخ في المبسوط : أقل ما بين العمرتين عشرة أيام ، وقال السيد المرتضى وابن إدريس وجماعة إلى جواز الاتباع بين العمرتين مطلقا ، وأما القول بأنه « لا يجوز عمرتان في عام واحد » فلعله لصحيح الحلبي في التهذيب ج ١ ص ٥٧١ عن الصادق عليه‌السلام « العمرة في كل سنة مرة » وقول أبى جعفر عليه‌السلام في صحيح حريز وزرارة « لا يكون عمرتان في سنة » وقد حملا على خصوص عمرة التمتع للأخبار المستفيضة بجواز الأكثر بل استحبابها. وأما القول

٤٥٨

٢٩٦٦ ـ وروى أبان ، عن أبي الجارود (١) عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن العمرة بعد الحج في ذي الحجة ، قال : حسن (٢) ».

باب

* (يقول الرجل إذا حج عن غيره أو طاف عنه) *

٢٩٦٧ ـ روى ابن مسكان ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يقضي عن أخيه أو عن أبيه أو عن رجل من الناس الحج هل ينبغي له أن يتكلم بشئ؟ قال : نعم يقول عند إحرامه بعد ما يحرم : « اللهم ما أصابني في سفري هذا من نصب أو شدة أو بلاء أو شعث (٣) فأجر فلانا فيه وأجرني في قضائي عنه (٤) ».

__________________

بأن أقل الفصل شهر فلرواية إسحاق بن عمار وما رواه الكليني ج ٤ ص ٥٣٤ في الحسن عن يونس بن يعقوب قال : « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان عليا عليه‌السلام كان يقول : في كل شهر عمرة » وصحيحة ابن الحجاج عن الصادق عليه‌السلام قال : « في كتاب علي عليه السلام في كل شهر عمرة » ويمكن المناقشة بعدم صراحتها في المنع من تكرر العمرة في الشهر الواحد إذ من الجائز أن يكون الوجه في تخصيص الشهر تأكد الاستحباب ، وأما القول بعدم الحد فلعله من جهة الاطلاق مع أنه يشكل استفادته من الاخبار أو النبوي المشهور « والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما » وهو كما ترى لا يستفاد منه عدم الحد ، غير أنه من طرق العامة ورواه أحمد ابن حنبل في مسنده ج ٣ ص ٤٤٧ و ج ٢ ص ٢٤٦ و ٤٦٢ من حديث عامر بن ربيعة.

(١) الطريق إلى أبان بن عثمان صحيح وهو الذي روى كثيرا في الكافي والتهذيب والاستبصار عن أبي الجارود زياد بن المنذر الضعيف.

(٢) يدل على جواز العمرة في ذي الحجة بعد الحج وقد تقدمت الأخبار الصحيحة في ذلك.

(٣) الشعث ـ محركة ـ : انتشار الامر ، وقد يطلق على ما يعرض للشعر من ترك الترجيل والتدهين. وفى بعض النسخ « أو شغب » أي جوع.

(٤) المشهور بين الأصحاب أنه إنما يجب تعيين المنوب عنه عند الافعال قصدا ، وحملوا التكلم به لا سيما الألفاظ المخصوصة على الاستحباب.

٤٥٩

٢٩٦٨ ـ وفي رواية معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إذا أردت أن تطوف بالبيت عن أحد من إخوانك فائت الحجر الأسود وقل : بسم الله ، اللهم تقبل من فلان (١) ».

٢٩٦٩ ـ وروي عن البزنطي أنه قال : « سأل رجل أبا الحسن الأول عليه‌السلام عن الرجل يحج عن الرجل يسميه باسمه؟ قال : الله عزوجل لا تخفى عليه خافية (٢) ».

٢٩٧٠ ـ وروى مثنى بن عبد السلام (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الرجل يحج عن الانسان يذكره في المواطن كلها؟ قال : إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل ، الله يعلم أنه قد حج عنه ولكن يذكره عند الأضحية إذا هو ذبحها (٤) ».

باب

* (الرجل يحج عن الرجل أو يشركه في حجة أو يطوف عنه) *

٢٩٧١ ـ روى معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « إن أبي قد حج ووالدتي قد حجت ، وإن أخوي قد حجا ، وقد أردت أن ادخلهم في حجتي كأني قد أحببت أن يكونوا معي ، فقال : اجعلهم معك فإن الله عزوجل جاعل لهم حجا ولك حجا ، ولك أجرا بصلتك إياهم (٥) ».

٢٩٧٢ ـ وقال عليه‌السلام : « يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج

__________________

(١) أي يسمى المنوب.

(٢) يدل على عدم وجوب التلفظ والاجتزاء بالقصد الذي هو لازم لفعل المختار.

(٣) الطريق إليه قوى بمعاوية بن حكيم ، والمثنى لا بأس به.

(٤) يدل على عدم الاستحباب الا عند الذبح ، وتحمل الاخبار الأولة على الأدعية لا النية. (م ت)

(٥) يدل على عدم استحباب تشريك ذوي القرابة في ثواب الحج والأولى أن يكون بعد الحج لو كان واجبا. (م ت)

٤٦٠