كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٦

باب

* (دفع الحج إلى من يخرج فيها) * (١)

٢٨٦٤ ـ روى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن كان موسرا (٢) حال بينه وبين الحج مرض أو أمر يعذره الله عزوجل فيه فإن عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لا مال له » (٣).

٢٨٦٥ ـ وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن أمير المؤمنين عليه‌السلام أمر شيخا كبيرا لم يحج قط ولم يطق الحج لكبره أن يجهز رجلا يحج عنه » (٤).

__________________

باب الحج والعمرة ، منها ما فيه في الصحيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج على من استطاع لان الله تعالى يقول : « وأتموا الحج والعمرة لله » ـ الحديث ».

(١) أي الحجة والامر في التذكير والتأنيث سهل قال الزمخشري في الكشاف عن ابن روبة : الامر في التذكير والتأنيث بيدك.

(٢) أي المكلف.

(٣) الصرورة ـ بالفتح ـ : الذي لم يتزوج أو لم يحج ، وهذه الكلمة من النوادر التي وصف بها المذكر والمؤنث (المصباح المنير) والخبر صحيح ويدل على الوجوب مطلقا سواء استقر قبل عروض المانع في ذمته أم لا ، وسواء كان المانع مرضا أو غيره من ضعف أصلى أو هرم أو عدو أو غيرها ، وظاهره كون الحج الممنوع منه حجة الاسلام كما في المرآة.

(٤) أجمع الأصحاب على أنه إذا وجب الحج على كل مكلف ولم يحج حتى استقر في ذمته ثم عرض له مانع يمنعه عن الحج لا يرجى زواله عادة من مرض أو كبر أو خوف أو نحو ذلك يجب عليه الاستنابة ، واختلف فيما إذا عرض له مانع قبل استقرار الوجوب ، فذهب الشيخ و أبو الصلاح وابن الجنيد وابن البراج إلى وجوب الاستنابة ، وقال ابن إدريس : لا يجب و استقر به في المختلف ، وإنما يجب الاستنابة مع اليأس من البرء وإذا رجا البرء لم تجب عليه الاستنابة اجماعا. وربما لاح من كلام الشهيد في الدروس وجوب الاستنابة مع عدم اليأس من

٤٢١

٢٨٦٦ ـ وسأل معاوية بن عمار أبا عبد الله عليه‌السلام « عن رجل حج عن غيره أيجزيه ذلك عن حجة الاسلام؟ قال : نعم » (١).

٢٨٦٧ ـ وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لو أن رجلا معسرا أحجه رجل كانت له حجة ، فان أيسر بعد ذلك كان عليه الحج ، وكذلك الناصب إذا عرف فعليه الحج وإن قد حج » (٢).

٢٨٦٨ ـ وروى سعد بن عبد الله ، عن موسى بن الحسن ، عن أبي علي أحمد بن محمد بن مطهر (٣) قال : « كتبت إلى أبي محمد عليه‌السلام إني دفعت إلى ستة أنفس مائة دينار

__________________

البرء على التراخي وهو ضعيف نعم قال في المنتهى باستحباب الاستنابة مع عدم اليأس من البرء والحال هذه ولو حصل له اليأس بعد الاستنابة وجب عليه ، الإعادة ، ولو اتفق موته قبل حصول اليأس لم يجب القضاء عنه. (المرآة)

(١) حمل على أنه يجزيه إن كان معسرا إلى وقت اليسار ، أي ان له ثواب حجة الاسلام إلى أن يستطيع لها فيحجها كما يأتي ، وروى الشيخ في القوى عن آدم بن علي عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : « من حج عن انسان ولم يكن له مال يحج به أجزأت عنه حتى يرزقه الله ما يحج ويجب عليه الحج » (التهذيب ج ١ ص ٤٤٨) وقال سلطان العلماء : الظاهر أن ضمير يجزيه راجع إلى الغير ويكون محمولا على من لا يقدر على الذهاب بنفسه.

(٢) حمل إعادة المعسر والناصب على الاستحباب ، والمشهور بين الأصحاب أن المخالف إذا استبصر لا يعيد الحج الا أن يخل بركن منه ، ونقل عن ابن الجنيد وابن البراج أنهما أوجبا الإعادة على المخالف وان لم يخل بشئ ، وربما كان مستندهما مضافا إلى ما دل على بطلان عبادة المخالف هذه الرواية وأجيب أولا بالطعن في السند لمقام البطائني وثانيا بالحمل على الاستحباب جمعا بين الأدلة ، وقال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : يمكن القول بالفرق بين الناصب والمخالف فان الناصب كافر لا يجرى عليه شئ من أحكام الاسلام. ثم قال : اعلم أنه اعتبر الشيخ وأكثر الأصحاب في عدم إعادة الحج أن لا يكون المخالف قد أخل بركن منه والنصوص خالية من هذا القيد.

(٣) طريق المؤلف إلى سعد بن عبد الله صحيح وموسى بن الحسن هو أبو الحسن الأشعري وكان ثقة ، وأحمد بن محمد بن مطهر حسن.

٤٢٢

وخمسين دينارا ليحجوا بها ، فرجعوا ولم يشخص بعضهم (١) وأتاني بعض فذكر أنه قد أنفق بعض الدنانير وبقيت بقية وانه يرد علي ما بقي ، وإني قد رمت مطالبة من لم يأتني (٢) بما دفعت إليه ، فكتب عليه‌السلام : لا تعرض لمن لم يأتك ، ولا تأخذ ممن أتاك شيئا مما يأتيك به ، والاجر قد وقع على الله عزوجل » (٣).

٢٨٦٩ ـ وروى البزنطي عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : « سألته عن رجل أخذ حجة من رجل فقطع عليه الطريق فأعطاه رجل حجة أخرى أيجوز له ذلك (٤)؟ فقال : جائز له ذلك محسوب للأول والآخر (٥) ، وما كان يسعه غير الذي فعل إذا وجد من يعطيه الحجة ».

٢٨٧٠ ـ وروى جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل ليس له مال حج عن رجل أو أحجه غيره ثم أصاب مالا هل عليه الحج؟ فقال : يجزي عنهما » (٦).

٢٨٧١ ـ وقيل لأبي عبد الله عليه‌السلام : « الرجل يأخذ الحجة من الرجل

__________________

(١) يمكن أن يكون المراد ذهبوا جميعا إلى الحج وحجوا ثم رجعوا ، وأن يكون المراد أنه لم يذهب بعضهم ، والأول أظهر بقرينة قوله « فرجعوا ».

(٢) يعنى أتاني بعضهم فرد على ما زاد من نفقة حجه ولم يراجعني بعضهم فقصدت مطالبة من لم يأتني.

(٣) ربما يحمل على هبته إياهم مالا ليحجوا بدون شرط واستيجار ، ويدل على كراهة أخذ ما زاد أو استحباب عدم الاخذ.

(٤) أي مع كونه مشغول الذمة بالأولى.

(٥) لعل المراد حساب الثواب لهما في الآخرة حيث لا يقدر على غير ذلك فهو محمول على استحباب الحجتين. (سلطان)

(٦) لعل الضمير راجع إلى المنوبين المذكورين أي يجزى عنهما فقط لا عن النائب ورجوع الضمير إلى المنوب والنائب كما هو ظاهر العبارة خلاف الفتوى بالتسبة إلى النائب كما لا يخفى (سلطان) وقال الفاضل التفرشي : لعل الفرق بين الذي حج عنه والذي أحج أن الأول ميت والثاني حي.

٤٢٣

فيموت فلا يترك شيئا ، فقال : أجزأت عن الميت ، وإن كانت له عند الله حجة أثبتت لصاحبه » (١).

٢٨٧٢ ـ وسأل سعيد بن عبد الله الأعرج أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الصرورة أيحج عن الميت؟ فقال : نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به ، وإن كان له مال فليس له ذلك حتى يحج من ماله وهو يجزي عن الميت (٢) كان له مال أو لم يكن له مال » (٣).

٢٨٧٣ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب (٤) عن أبي عبد الله عليه‌السلام  « في رجل أعطى رجلا حجة يحج بها عنه من الكوفة ، فحج بها عنه من البصرة ، قال :

__________________

(١) روى الكليني ٤ ص ٣١١ في الحسن عن ابن أبي عمير عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل أخذ من رجل مالا ولم يحج عنه ومات لم يخلف شيئا ، قال : إن كان حج الأجير أخذت حجته ودفعت إلى صاحب المال وان لم يكن حج كتب لصاحب المال ثواب الحج ». فإن كان مراد المصنف هذا الخبر فلا يدل على براءة ذمة الميت. وإن كان غيره فالمراد به الاجزاء في الثواب أو إذا كان الحج مندوبا والا فالظاهر أنه لا يبرى ذمة الميت ما لم يحج عنه الحج الصحيح الا بفضل الله تبارك وتعالى (م ت) وقال علماؤنا : لا تبرء ذمة المنوب والنائب الا باحرام النائب ودخول الحرم وفى بعض الروايات الاجزاء ان مات في الطريق ولا يفتى به أحد.

(٢) كذا في النسخ وفى الكافي والتهذيب في نظير هذا الخبر عن موسى بن جعفر عليهما السلام « وهي تجزى عن الميت » فالضمير لا محالة راجع إلى حج الصرورة.

(٣) يعنى ان حج الصرورة من مال ميت عن الميت يجزى عن الميت سواء كان للصرورة مال أم لا ، ولا يجزى عن نفسه الا إذا لم يجد ما يحج به عن نفسه فحينئذ يجزى عنهما أي يجزى عن الميت ويوجر هو فيه وهذا لا ينافي وجوب الحج عليه إذا أصر ، وظاهر قوله عليه‌السلام : « فليس له ذلك حتى يحج عن نفسه » يدل أن مشغول الذمة بالحج الواجب لا يجوز له أن يحج عن غيره مع امكانه عن نفسه. وان أتم فحج عن الغير كان مجزيا عن الغبر. وارجاع ضمير « له » إلى الميت بعيد جدا.

(٤) رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٣٠٧ والشيخ في التهذيب في الصحيح عن علي ابن رئاب ، عن حريز عنه عليه‌السلام.

٤٢٤

لا بأس إذا قضى جميع مناسكه فقدتم حجه » (١).

٢٨٧٤ ـ وروى ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير عن أحدهما عليهما‌السلام « في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها عنه حجة مفردة أيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال : نعم إنما خالفه إلى الفضل والخير » (٢).

٢٨٧٥ ـ وقال وهب بن عبد ربه (٣) للصادق عليه‌السلام : « أيحج الرجل عن الناصب؟

__________________

(١) قال الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في جملة من كتبه والمفيد ـ قدس‌سره ـ في المقنعة بجواز العدول عن الطريق الذي عينه المستأجر إلى طريق آخر مطلقا مستدلين بهذه الرواية. وأورد عليه بأنها لا تدل على جواز المخالفة لاحتمال أن يكون قوله « من الكوفة » صفة لرجل لا صلة ليحج. (المرآة)

وقال الأستاذ الشعراني : يحمل الحديث على عدم تعلق غرض بالكوفة وأما إذا كان الذكر على التقييد وعلم أو احتمل تعلق غرض به فالظاهر عدم جواز المخالفة ، نعم يقع الحج عن المنوب مع المخالفة قطعا وان لم يستحق الأجرة ويجزى عنه.

(٢) المشهور بين الأصحاب أنه يجب على المؤجر أن يأتي بما شرط عليه من تمتع أو قران أو افراد ، وهذه الرواية تدل على جواز العدول عن الافراد إلى التمتع ، ومقتضى التعليل الواقع فيها اختصاص هذا الحكم بما إذا كان المستأجر مخيرا بين الأنواع كالمتطوع وذي المنزلين وناذر الحج مطلقا لان التمتع لا يجزى مع تعين الافراد فضلا عن أن يكون أفضل منه ، وقال المحقق (قده) في المعتبر : ان الرواية محمولة على حج مندوب فالغرض به تحصيل الاجر فيعرف الاذن من قصد المستأجر ويكون ذلك كالمنطوق به انتهى (المرآة) وقال الأستاذ الشعراني في بيان الحديث : الأصل أن لا يخالف الأجير مورد الإجارة ، ويحمل الحديث على أن المذكور في الإجارة كان من التصريح بأقل ما يكتفى به لا من التقييد ، ويتفق مثله كثيرا مثل أن يستأجر الكاتب للكتابة من غير مقابلة أو اعراب فزاد الأجير في العمل ، أو الحفار على حفر البئر فقط فحفرها وطواها ولو علم التقييد فلا يجوز أن يخالف ، وأما أجر الميت تفضلا ان لم يوص واستحقاقا ان أوصى ولو مع المخالفة فمتجه بل الاجزاء عنه وسقوط الإعادة عن الولي أو النائب أيضا متجه وان خالف الأجير ولم يستحق الأجرة بمخالفته.

(٣) رواه الكليني ج ٤ ص ٣٠٩ عن علي ، عن أبيه ، عن وهب والمؤلف لم يذكر طريقه إلى وهب فإن كان أخذه عن كتابه فصحيح وان أخذه عن الكافي فحسن كالصحيح.

٤٢٥

فقال : لا ، قلت : فإن كان أبي؟ فقال : إن كان أباك فحج عنه » (١).

٢٨٧٦ ـ وروي « أن الصادق عليه‌السلام أعطى رجلا ثلاثين دينارا فقال له : حج عن إسماعيل وافعل وافعل ، ولك تسع وله واحدة » (٢).

٢٨٧٧ ـ وروى أبان بن عثمان ، عن يحيى الأزرق عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من حج عن إنسان اشتركا حتى إذا قضى طواف الفريضة انقطعت الشركة ، فما كان بعد ذلك من عمل كان لذلك الحاج ».

٢٨٧٨ ـ وقال عليه‌السلام « في رجل أعطى رجلا مالا يحج عنه فحج عن نفسه فقال : هي عن صاحب المال » (٣).

ولا بأس أن تحج المرأة عن المرأة ، والمرأة عن الرجل (٤) ، والرجل عن المرأة

__________________

(١) المشهور عدم جواز الحج عن المخالف الا إذا كان أبا ، وتردد في المعتبر في عدم الجواز وأنكر ابن إدريس النيابة عن الأب أيضا وادعى عليه الاجماع.

(٢) قوله عليه‌السلام « وافعل وافعل » : أي افعل كذا وكذا وعد عليه المناسك من العمرة إلى الحج واشترط عليه كلها حتى السعي في وادى محسر ، كما في الكافي ج ٤ ص ٣١٢ والتهذيب ج ١ ص ٥٧٦ حيث رويا عن عبد الله بن سنان ـ قال : « كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ دخل عليه رجل فأعطاه ثلاثين دينارا يحج بها عن إسماعيل ولم يترك شيئا من العمرة إلى الحج الا اشترط عليه حتى اشترط عليه أن يسعى [في] وادى محسر ثم قال : يا هذا إذا أنت فعلت هذا كان لإسماعيل حجة بما أنفق من ماله وكان لك تسع بما أتعبت من بدنك ».

(٣) ان المقطوع به في كلام الأصحاب أنه لا يجوز للنائب عدول النية إلى نفسه ، واختلفوا فيما إذا عدل النية ، فذهب أكثر المتأخرين إلى أنه لا يجزى عن واحد منهما فيقع باطلا ، وقال الشيخ بوقوعه عن المستأجر ، واختاره المحقق في المعتبر ، وهذا الخبر يدل على مختارهما ، وطعن فيه بضعف السند ومخالفة الأصول ، ويمكن حمله على الحج المندوب ويكون المراد أن الثواب لصاحب المال. (المرآة)

(٤) في الكافي ج ٤ ص ٣٠٧ والتهذيب ج ١ ص ٥٦٥ في الحسن كالصحيح عن معاوية ابن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « الرجل يحج عن المرأة والمرأة تحج عن الرجل قال : لا بأس ».

٤٢٦

والرجل عن الرجل.

ولا بأس أن يحج الصرورة عن الصرورة (١) ، والصرورة عن غير الصرورة ، وغير الصرورة عن الصرورة.

٢٨٧٩ ـ وروى حريز ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصرورة أيحج من مال الزكاة؟ قال : نعم » (٢).

__________________

(١) إذا لم يكن على النائب حج واجب وكذا إذا حج عن غير الصرورة ، وتقدم أنه إذا أثم وحج برء ذمة المنوب وظهر من بعض الأخبار استحباب استنابة الصرورة للصرورة روى الكليني ج ٤ ص ٤٠٦ في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل صرورة مات ولم يحج حجة الاسلام وله مال؟ قال : يحج عنه صرورة لا مال له ». وقال في المدارك : منع الشيخ في الاستبصار عن نيابة المرأة الصرورة عن الرجل ، وفى النهاية أطلق المنع من نيابة المرأة الصرورة وهو ظاهر اختياره في التهذيب والمعتمد الأول ، لنا أن الحج مما تصح فيه النيابة ولها أهلية الاستقلال بالحج فتكون نيابتها جائزة وما رواه الشيخ في الصحيح في التهذيب (ج ١ ص ٥٦٥) عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال « المرأة تحج عن أخيها وعن أختها؟ قال : تحج المرأة عن أبيها » وفى حسنة معاوية بن عمار المتقدمة واحتج الشيخ بما رواه عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سمعته يقول : يحج الرجل الصرورة عن الرجل الصرورة ولا يحج المرأة الصرورة عن الرجل الصرورة » وعن مصادف قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام تحج المرأة عن الرجل قال : نعم إذا كانت فقيهه مسلمة وقد كانت قد حجت ، رب امرأة خير من رجل » والجواب عن الروايتين أولا بالطعن في السند لاشتمال سند الأولى على المفضل وهو مشترك بين عدة من الضعفاء وبان راوي الثانية وهو صادف نص العلامة على ضعفه ، وثانيا بالحمل على الكراهة كما يشعر به رواية سليمان بن جعفر قال : « سألت الرضا عليه‌السلام عن امرأة صرورة حجت عن امرأة صرورة ، قال : لا ينبغي » ولفظ « لا ينبغي » صريح في الكراهة.

(٢) الطريق صحيح. ويدل على جواز اعطاء سهم سبيل الله أو الفقراء الصرورة الذي لا مال له بقدر ما صار به مستطيعا ويجوز له الاخذ واتيان الحج به.

٤٢٧

٢٨٨٠ ـ وروي عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « الرجل يخرج في تجارة إلى مكة أو يكون له إبل فيكريها ، حجته ناقصة أو تامة؟ قال : لا با حجته تامة » (١).

باب

* (حج الجمال والأجير) *

٢٨٨١ ـ روي عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « حجة الجمال تامة أم ناقصة (٢)؟ قال : تامة ، قلت : حجة الأجير تامة أو ناقصة؟ قال : تامة » (٣).

باب

* (من يموت وعليه حجة الاسلام وحجة في نذر عليه) *

٢٨٨٢ ـ روى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن ضريس الكناسي

__________________

(١) يدل على أنه لا يضر بصحة الحج نية التجارة والكراية وغيرهما إذا كان الحج لله أو منضما بل لا يضر التجارة في أصله كالنائب فإنه لو لم يكن مال الإجارة لا يذهب إلى الحج لكن لما آجر نفسه صار الحج واجبا عليه (م ت) أقول : المناسب للحديث أن يذكر في الباب التالي المعقود لمثله.

(٢) الجمال هو الذي له الجمل وكان مستطيعا للحج أو حج حجة الاسلام ويحج ندبا لكن بنية ليست بخالصة ، ويطلق على خدمة الجمل أيضا ، وقوله « تامة » أي مبرئة للذمة أو صحيحة وقوله عليه‌السلام « تامة » أي في المستطيع بالبراءة وفى غيره بالصحة. (م ت)

(٣) الأجير من يوجر نفسه للخدمة بالزاد والراحلة أو من يوجر نفسه للحج نيابة أو الأعم. واعلم أن بعض العلماء استدل بالخبر على وجوب الحج لمن آجر نفسه للخدمة بالزاد والراحلة لكن الاجمال في الأجير والتمامية يمنعان من الدلالة ، والاستدلال بالآية باعتبار شمول الاستطاعة له أولى.

٤٢٨

قال : « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل عليه حجة الاسلام نذر نذرا في شكر (١) ليحجن به رجلا إلى مكة ، فمات الذي نذر قبل أن يحج حجة الاسلام ومن قبل أن يفي بنذره الذي نذر ، قال : إن كان ترك مالا يحج عنه حجة الاسلام من جميع المال وأخرج من ثلثه ما يحج به رجل لنذره وقد وفى بالنذر وإن لم يكن ترك مالا إلا بقدر ما يحج به حجة الاسلام حج عنه بما ترك ويحج عنه وليه حجة النذر إنما هو مثل دين عليه » (٢).

باب

* (ما جاء في الحج قبل المعرفة) *

٢٨٨٣ ـ روى عمر بن أذينة قال : « كتبت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام أسأله عن رجل حج ولا يدري ولا يعرف هذا الامر ، ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به أعليه حجة الاسلام؟ قال : قد قضى فريضة الله عزوجل والحج أحب إلي » (٣).

__________________

(١) السند صحيح والنذر في الشكر ما كان متعلقه طاعة مشروطة بوصول نعمة أو دفع بلية أو فعل طاعة أو ترك معصية. (م ت)

(٢) يدل على وجوب اخراج حجة الاسلام من الأصل ، والنذر من الثلث مع وفاء المال ، و مع عدمه يحج الولي حجة النذر وهو محمول على الاستحباب والاحتياط ظاهر (م ت) وذهب جماعة إلى وجوب قضاء الحج المنذور من أصل المال إذا لم يتمكن من فعله وتأخر ، وذهب جماعة إلى وجوب قضائه من الثلث واعترض عليهم صاحب المدارك بعدم المستند ، وقيل بعدم وجوب القضاء مطلقا ، وقال في المدارك في موضع آخر بعدم دلالة هذا الخبر على مدعى من ذهب إلى وجوب قضائه من الثلث إذ مدعاهم ما لو نذر أن يحج بنفسه والخبر يدل على بذل المال للحج والفرق ظاهر لان الثاني مالي صرف. ويمكن أن يستدل به على مدعاهم بالطريق الأولى فتأمل.

(٣) السند صحيح والمراد بالمعرفة معرفة الأئمة صلوات الله عليهم بالإمامة والخبر يدل على الاجزاء واستحباب الإعادة وقد تقدم قول المشهور من عدم وجوب الإعادة على المخالف ما لم يخل بركن ، والمحكى عن ابن الجنيد وابن البراج وجوب الإعادة مطلقا.

٤٢٩

٢٨٨٤ ـ وروي عن أبي عبد الله الخراساني عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال قلت له : « إني حججت وأنا مخالف وحججت حجتي هذه وقد من الله عزوجل علي بمعرفتكم وعلمت أن الذي كنت فيه كان باطلا فما ترى في حجتي؟ قال : اجعل هذه حجة الاسلام وتلك نافلة » (١).

باب

* (ما جاء في حج المجتاز) *

٢٨٨٥ ـ روى معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « الرجل يمر مجتازا يريد اليمن أو غيرها من البلدان وطريقه بمكة فيدرك الناس وهم يخرجون إلى الحج فيخرج معهم إلى المشاهد ، أيجزيه ذلك عن حجة الاسلام : قال : نعم » (٢)

باب

* (حج المملوك والمملوكة) * (٣)

٢٨٨٦ ـ روى حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كلما أصاب العبد المحرم في إحرامه فهو على السيد إذا أذن له في الاحرام » (٤).

__________________

(١) يدل على جواز القلب بعد الفعل كما مر في صلاة الجماعة ، وعلى استحباب الإعادة كما دل عليه الاخبار منها ما تقدم.

(٢) حمل على الاستطاعة في البلد ، وظاهر الخبر أعم من ذلك ، ويشمله عموم الآية إذ كان مستطيعا حين الإرادة.

(٣) لا خلاف بين الأصحاب في اشتراط حجة الاسلام بالحرية ، وفى صحة حجهما وفى أن لهما ثواب حجة الاسلام إذا حجا إلى أن يعتقا ، فإذا أعتقا وحصل الشرائط يجب عليهما حجة الاسلام. (م ت)

(٤) يدل على أن جنايات العبد كلها على المولى إذا أذن له في الاحرام وبه قال المحقق في المعتبر وجماعة ، وقال الشيخ : انه يلزم ذلك العبد لأنه فعله بدون اذن مولاه ، ويسقط الدم

٤٣٠

٢٨٨٧ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن الفضل بن يونس قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام فقلت : تكون عندي الجواري وأنا بمكة فأمرهن أن يعقدن بالحج (١) يوم التروية فأخرج بهن فيشهدن المناسك أو اخلفهن بمكة؟ قال : فقال : إن خرجت بهن فهو أفضل ، وإن خلفتهن عند ثقة فلا بأس ، فليس على المملوك حج ولا عمرة حتى يعتق » (٢).

٢٨٨٨ ـ وروى مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لو أن عبدا حج عشر حجج كانت عليه حجة الاسلام إذا استطاع إلى ذلك سبيلا » (٣).

٢٨٨٩ ـ وفي رواية النضر (٤) عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن المملوك إن حج وهو مملوك أجزأه إذا مات قبل أن يعتق ، وإن أعتق فعليه الحج ».

__________________

إلى الصوم ، وقال المفيد على السيد الفداء في الصيد وهذا في جناياته ، وأما دم الهدى فمولاه بالخيار بين أن يذبح عنه أو يأمره بالصوم اتفاقا (المرآة) أقول : ربما حمل الخبر على الاستحباب لما رواه الشيخ (في التهذيب ج ١ ص ٥٥٦) في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن عبد أصاب صيدا وهو محرم هل على مولاه شئ من الفداء؟ قال : لا شئ على مولاه ».

(١) حرف الاستفهام محذوف أي أفآمرهن. (مراد)

(٢) يدل على عدم وجوب الحج على المملوك وعليه اجماع الأصحاب. (م ت)

(٣) يدل على اشتراط حجة الاسلام للعبد بالاستطاعة بعد العتق (م ت) أقول : هذا القول مبنى على كون المراد بالعبد المملوك كما فهمه المصنف ولم يثبت ، والظاهر من الكليني أن المراد بالعبد غير المملوك حيث رواه في باب ما يجزى من حجة الاسلام ومالا يجزى وقال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : ليس المراد بالعبد المملوك وحمل الخبر على الحج المندوب بدون الاستطاعة ويؤيد نظر العلامة المجلسي ذيل الخبر في الكافي (ج ٤ ص ٢٧٨) حيث ذكر فيه بعده حج الغلام قبل أن يحتلم ثم حج المملوك قبل أن يعتق. ولم ينقله المصنف ـ رحمه‌الله ـ.

(٤) الطريق صحيح ورواه الشيخ في الصحيح أيضا عن صفوان وابن أبي عمير جميعا عن عبد الله بن سنان.

٤٣١

٢٨٩٠ ـ وروى إسحاق بن عمار (١) قال : « سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن أم ولد تكون للرجل قد أحجها أيجوز ذلك عنها من حجة الاسلام؟ قال : لا ، قلت : لها أجر في حجها؟ قال : نعم ».

باب

* (ما يجزى عن المعتق عشية عرفة من حجة الاسلام) *

٢٨٩١ ـ روى الحسن بن محبوب ، عن شهاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل أعتق عشية عرفة عبدا له ، قال : يجزي عن العبد حجة الاسلام ويكتب للسيد أجران : ثواب العتق وثواب الحج » (٢).

٢٨٩٢ ـ وروي عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « مملوك أعتق يوم عرفة ، قال : إذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحج » (٣).

__________________

(١) الطريق إليه صحيح وهو ثقة بل من الاجلاء ، وفى بعض النسخ « روى عن إسحاق ».

(٢) الطريق إليه صحيح والخبر رواه الكليني ج ٤ ص ٢٧٦ والشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٤٧ والاستبصار ج ٢ ص ١٤٨ هكذا « في رجل أعتق عشية عرفة عبدا له أيجزي عن العبد حجة الاسلام؟ قال : نعم ، قلت : أم ولد أحجها مولاها أيجزي عنها؟ قال : لا ، قلت : أله أجر في حجتها؟ قال نعم ـ إلى آخر الحديث » ويحتمل التعدد أو يكون من قوله « ويكتب الخ » من كلام المصنف والمراد بعشية عرفة بعد الظهر إلى المغرب أو مع الليل حتى يشهد اضطراري عرفة وقال المولى المجلسي : السؤال منه لا يدل على عدم الاكتفاء بالمشعر إذ الظاهر أن شهابا توهم الاحتياج إلى وقوف عرفة في الاجزاء فسأل عنه.

(٣) « إذا أدرك » أي العبد معتقا أو الأعم كما هو الواقع ولا يعتبر خصوص السؤال بل العبرة بالجواب وخصوصه أو عمومه. والظاهر أن ادراك أحد الموقفين شامل للاختياري والاضطراري كل منهما فحينئذ الحاق الصبي والمجنون به ليس من باب القياس بل هما داخلان في هذا العموم و غيره من العمومات بأنهما إذا بلغا أو عقلا مع ادراك أحد الموقفين كان مجزيا عن حجة الاسلام كما قاله أكثر الأصحاب بل لا مخالف لهم ظاهرا. (م ت)

٤٣٢

باب

* (حج الصبيان) *

٢٨٩٣ ـ روى زرارة (١) عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « إذا الرجل بابنه وهو صغير فإنه يأمره أن يلبي ويفرض الحج ، فإن لم يحسن أن يلبي لبي عنه (٢) ويطاف به ويصلى عنه ، قلت : ليس لهم ما يذبحون عنه؟ (٣) قال : يذبح عن الصغار ويصوم الكبار (٤) ويتقى عليهم (٥) ما يتقى على المحرم من الثياب والطيب ، فإن قتل صيدا فعلى أبيه » (٦).

٢٨٩٤ ـ وروي عن أيوب أخي أديم (٧) قال : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام من أين يجرد الصبيان؟ فقال : كان أبي عليه‌السلام يجردهم من فخ » (٨).

__________________

(١) كذا في أكثر النسخ فيكون صحيحا وفى بعض النسخ « روى عن زرارة » فرواه الكليني عن العدة ، عن سهل ، عن البزنطي ، عن المثنى ، عن زرارة فيكون ضعيفا على المشهور لمقام سهل.

(٢) في بعض النسخ والتهذيب ج ١ ص ٥٦٤ « لبوا عنه » بصيغة الجمع فيدل على جواز التلبية عنه لغير الولي.

(٣) في الكافي والتهذيب بدون لفظ « عنه ».

(٤) يحتمل أن يكون المراد بالكبار المميزين من الأطفال أو البلغ ـ بشد اللام ـ أي يصومون لأنفسهم ويذبحون لأطفالهم والأول أظهر (المرآة) وقال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : أي يجوز للولي أن يأمرهم بالصوم وأن يذبح عنهم من ماله.

(٥) في بعض النسخ « يتقى عليه » وفى الكافي والتهذيب كما في المتن.

(٦) لأنه صار سببا لاحرامه ، والمشهور لزوم جميع الكفارات على الولي وهذا الخبر يدل على خصوص كفارة الصيد ، وقيل : يلزمه في ماله لكونه صادرا عن جنايته ، وأيضا اختلف في أنه هل يختلف عمده وخطؤه أو يكون عمده في قوة الخطأ كما هو حكمه في باب الديات.

(٧) طريق المصنف إلى أيوب بن الحر صحيح ، وهو ثقة لكن قوله « روى » يشعر بكونه مأخوذا من الكافي أو غيره وفيه في طريقه سهل بن زياد فيكون السند ضعيفا على المشهور.

(٨) الظاهر أن المراد بالتجريد الاحرام كما فهمه الأكثر ، وفخ : بئر معروف على فرسخ

٤٣٣

٢٨٩٥ ـ وروي عن يونس بن يعقوب (١) عن أبيه قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « إن معي صبية صغارا وأنا أخاف عليهم البرد فمن أين يحرمون؟ فقال : ائت بهم العرج (٢) فليحرموا منها فإنك إذا أتيت العرج وقعت في تهامة (٣) ثم قال : فإن خفت عليهم فائت بهم الجحفة (٤) ».

٢٨٩٦ ـ وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « انظروا من كان معكم من الصبيان فقدموه إلى الجحفة أو إلى بطن مر (٥) ويصنع بهم ما يصنع بالمحرم ويطاف بهم ويرمى عنهم ، ومن لا يجد الهدي منهم فليصم عنه وليه ، وكان علي بن الحسين عليهما‌السلام يضع السكين في يد الصبي ثم يقبض على يده الرجل فيذبح (٦) ».

٢٨٩٧ ـ وسأله سماعة « عن رجل أمر غلمانه أن يتمتعوا قال : عليه أن يضحي

__________________

من مكة ، وقد نص الشيخ وغيره على أن الأفضل الاحرام بالصبيان من الميقات لكن رخص في تأخير الاحرام بهم حتى يصيروا إلى فخ وتدل على أن الأفضل الاحرام بهم من الميقات روايات (المرآة) وقال المولى المجلسي : ذهب جماعة إلى أنه لا يدل على أكثر من التجريد وهو واجب من الاحرام فيمكن أن يكون احرامهم من الميقات سوى التجريد ويكون تجريدهم منه جمعا بينه و بين ما سيأتي. (م ت)

(١) يونس بن يعقوب ثقة وفى طريق المصنف إليه الحكم بن مسكين ولم يوثق صريحا وهو حسن ، ويعقوب بن قيس أبوه لم يوثق أيضا ورواه الكليني بطريق قوى عن يونس عن أبيه في الكافي ج ٤ ص ٣٠٣.

(٢) العرج ـ كفلس ـ : عقبة بين مكة والمدينة (المراصد) وقيل قرية من أعمال الفرع على أيام من المدينة.

(٣) المراد أعمال مكة وتوابعها التي لا يجوز لاحد أن يدخلها بدون الاحرام. وتهامة أرض أولها ذات عرق من قبل نجد إلى مكة وما وراءها بمرحلتين (المصباح المنير).

(٤) الجحفة ـ بضم الجيم هي مكان بين مكة والمدينة محاذية لذي الحليفة من الجانب الشامي قريب من رابغ بين بدر وخليص وهي أقرب من العرج إلى مكة.

(٥) بطن مر موضع بقرب مكة من جهة الشام نحو مرحلة.

(٦) قوله « كان علي بن الحسين عليهما‌السلام ـ الخ » داخل في حديث معاوية كما في الكافي ج ٤ ص ٣٠٤ ، ووضع السكين في يد الصبي على المشهور محمول على الاستحباب (المرآة)

٤٣٤

عنهم (١) قلت : فإنه أعطاهم دراهم فبعضهم ضحى وبعضهم أمسك الدراهم وصام ، قال : قد أجزأ عنهم وهو بالخيار إن شاء تركها (٢) قال : قال : ولو أنه أمرهم فصاموا كان قد أجزأ عنهم (٣) ».

٢٨٩٨ ـ وروى صفوان ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن ابن عشر سنين يحج؟ قال : عليه حجة الاسلام إذا احتلم ، وكذلك الجارية عليها الحج إذا طمثت (٤) ».

٢٨٩٩ ـ وروي عن علي بن مهزيار ، عن محمد بن الفضيل قال : « سألت أبا جعفر الثاني عليه‌السلام عن الصبي متى يحرم به؟ قال : إذا أثغر » (٥).

٢٩٠٠ ـ وروى أبان ، عن الحكم (٦) قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « الصبي إذا حج به فقد قضى حجة الاسلام حتى يكبر ، والعبد إذا حج به فقد قضى حجة الاسلام حتى يعتق (٧) ».

__________________

(١) الظاهر أن المراد بالغلمان العبيد وحمله المصنف على الصبيان وهو بعيد. والخبر في الكافي أيضا مضمر.

(٢) أي ان شاء ترك الدراهم لمن صام وان شاء أخذها منه واكتفاه بالشق الأول أولى. (مراد)

(٣) يدل على اجزاء الصوم عنهم مع التمكن.

(٤) يدل على اشتراط البلوغ في حجة الاسلام والطمث دليل البلوغ في الزمان المحتمل له (م ت)

(٥) ثغر ـ مجهولا ـ وأثغر ، واثغر ـ بشد المثلثة ـ الغلام ألقى سنة أو نبت والقاء السن غالبا يكون في سن يحصل فيه تميز ما وهو السبع ، ويحمل على الحج التمريني والا فالظاهر استحبابه في أقل من هذا كما تقدم ، وقال العلامة المجلسي : لعله محمول على تأكد الاستحباب أو على احرامهم بأنفسهم دون أن يحرم عنهم.

(٦) يعنى به حكم بن حكيم الصيرفي الثقة كما في التهذيب.

(٧) بهذا الخبر يجمع بين الأخبار الدالة على جواز حجهما وعدم اجزائها عن حجة الاسلام يعنى أن العبد تكفيه ما دام عبدا فلا بد له من حجة أخرى بعد العتق والاستطاعة وكذا الصبي.

٤٣٥

باب

* (الرجل يستدين ويحج ، ووجوب الحج على من عليه الدين) *

٢٩٠١ ـ روي عن يعقوب بن شعيب (١) قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل يحج بدين وقد حج حجة الاسلام ، قال : نعم إن الله عزوجل سيقضي عنه إن شاء الله تعالى (٢) ».

٢٩٠٢ ـ وروي عن عبد الملك بن عتبة (٣) قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل عليه دين يستقرض ويحج؟ قال : إن كان له وجه في مال فلا بأس (٤) ».

٢٩٠٣ ـ وروى موسى بن بكر (٥) عنه عليه‌السلام قال : قلت له : « هل يستقرض الرجل ويحج إذا كان خلف ظهره ما يؤدي به عنه إذا حدث به حدث؟ قال : نعم ».

٢٩٠٤ ـ وروي عن أبي همام (٦) قال : قلت للرضا عليه‌السلام : « الرجل يكون عليه الدين ويحضره الشئ (٧) أيقضي دينه أو يحج؟ قال : يقضي ببعض ويحج ببعض قلت : فإنه لا يكون إلا بقدر نفقة الحج ، قال : يقضي سنة ويحج سنة ، قلت : أعطي

__________________

(١) الطريق إلى يعقوب بن شعيب صحيح كما في الخلاصة ورواه الكليني في الصحيح أيضا.

(٢) لعله محمول على ما إذا كان له وجه لأداء الدين لما سيأتي. (المرآة)

(٣) طريق المصنف إلى عبد الملك قوى بحسن بن علي بن فضال ، ورواه الكليني ج ٤ ص ٢٧٩ في الصحيح.

(٤) يدل على الجواز بدون الكراهة مع الوجه. (م ت)

(٥) طريق المصنف إليه غير مذكور في المشيخة ورواه الكليني في الضعيف على المشهور وكذا الشيخ.

(٦) طريق المصنف إلى أبى همام وهو إسماعيل بن همام صحيح وهو ثقة.

(٧) الظاهر أن المراد بالشئ مستغل تحصل له في كل سنة ، بقرينة ما يجيئ من قوله عليه‌السلام : يقضى سنة ويحج سنة. (مراد)

٤٣٦

المال من ناحية السلطان ، قال : لا بأس عليكم (١) ».

٢٩٠٥ ـ وسال رجل أبا عبد الله عليه‌السلام فقال له : « إني رجل ذو دين فأتدين وأحج؟ فقال : نعم هو أقضى للدين (٢) ».

٢٩٠٦ ـ وروى ابن محبوب ، عن أبان ، عن الحسن بن زياد العطار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « يكون علي الدين فيقع في يدي الدراهم فإن وزعتها بينهم لم يقع شيئا (٣) أفأحج أو أوزعها بين الغرماء؟ قال : حج بها وادع الله أن يقضي عنك دينك إن شاء الله تعالى (٤) ».

باب

* (ما جاء في المرأة يمنعها زوجها من حجة الاسلام أو حجة تطوع) *

٢٩٠٧ ـ روى أبان ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « سألته عن امرأة لها

__________________

(١) يدل على جواز الحج مع الدين وكذا جواز أخذ جوائز السلطان للشيعة و الحج بها.

(٢) رواه الشيخ في الاستبصار ج ٢ ص ٣٢٩ وحمله على ما إذا كان له وجه يقضى ينه منه ، وربما حمل على المندوب أو على استقرار الوجوب. وقال الفاضل التفرشي قوله « هو أقضى للدين » يدل على أن الاستدانة للحج تصير سببا لان يقضى الله تعالى دينه هذا وغيره من الديون ، وقال يمكن التوفيق بين منطوق هذا الخبر والذي يأتي وما في معناهما وبين مفهوم حديث عبد الملك بن عتبة بحمل الاستدانة للحج عند عدم ما يؤدى به عنه على الكراهة ، وأما قوله : « هو أقضى للدين » فلا يوجب رفع الكراهة فان معناه أنه مقتضى لذلك وان توقف تأثيره على تحقق الشرائط وارتفاع الموانع ، والاستدانة اشتغال الذمة ناجزا بما ليس عنده بالفعل ما يبرء الذمة ، فمجرد اتيانه بما يقتضى حصول ما يبرء الذمة لا يرتفع تلك الكراهة.

(٣) كذا في النسخ ولعله ضمن فيه معنى فعل معتد أي لم يقع التوزيع والتقسيم مبقيا شيئا أو تاركا شيئا ، وفى الكافي ج ٤ ص ٢٧٩ « لم يبق شئ » فيستقيم المعنى بدون تكلف ، ولعل ما في المتن تصحيف من النساخ.

(٤) قوله : « حج بها وادع الله » أي مع رضاهم أو مع كونه مستجاب الدعوة. (م ت)

٤٣٧

زوج وهي صرورة ولا يأذن لها في الحج ، قال : تحج وإن لم يأذن لها (١) ».

٢٩٠٨ ـ وفي رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله (٢) عن الصادق عليه‌السلام قال : « تحج وإن رغم أنفه (٣) ».

٢٩٠٩ ـ وروى إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال : « سألته عن المرأة الموسرة قد حجت الاسلام فتقول لزوجها : أحجني مرة أخرى أله أن يمنعها؟ قال : نعم (٤) ، يقول لها : حقي عليك أعظم من حقك علي في ذا (٥) ».

باب

* (حج المرأة مع غير محرم أو ولى) *

٢٩١٠ ـ روي عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المرأة تخرج إلى مكة بغير ولي ، فقال : لا بأس تخرج مع قوم ثقات ».

__________________

(١) طريق المصنف إلى أبان بن عثمان صحيح وهو مقبول الرواية ، ورواه الكليني في ج ٤ ص ٢٨٢ وفى طريقه معلى بن محمد البصري وقال ابن الغضائري : نعرف حديثه وننكره ويجوز أن يخرج شاهدا.

(٢) طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة.

(٣) أي تحج بدون اذنها إذا كانت صرورة وان ذل الزوج بخروجها.

(٤) يدل على اشتراط اذن الزوج في المندوب. (م ت)

(٥) ادعى الاجماع على أنه لا يصح حجها تطوعا الا باذن زوجها بل قال في المنتهى انه لا نعلم فيه مخالفا بين أهل العلم ثم استدل بهذا الخبر ، وقال فقيه عصرنا ـ مد ظله ـ في جامع المدارك : لا يخفى أن جواز المنع لا يترتب عليه الفساد ما لم يستلزم الخروج بغير اذن الزوج كما لو كان الخروج مع الزوج وباذنه وقارن معه الحج ، نعم الحج مضاد للاستمتاع ومجرد هذا لا يوجب الفساد ، ولو أحرمت بغير اذنها وقلنا بصحة احرامها يشكل تحللها بغير ما يوجب التحلل من أفعال الحج والعمرة ، وأما التمسك بالآية الشريفة « الرجال قوامون على النساء » فمشكل لاثبات عدم صحة أعمالها بدون إجازة الزوج بحيث يحتاج في كل عمل يصدر منها إلى مراجعته ، ألا ترى أنه لا مجال للشك في صحة الصلوات المندوبة منها بدون الاذن.

٤٣٨

٢٩١١ ـ وفي رواية هشام ، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في المرأة تريد الحج وليس معها محرم هل يصلح لها الحج؟ فقال : نعم إذا كانت مأمونة (١) ».

٢٩١٢ ـ وروى البزنطي ، عن صفوان الجمال قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « قد عرفتني بعملي (٢) ، تأتيني المرأة أعرفها باسلامها وحبها إياكم وولايتها لكم ليس لها محرم ، قال : إذا جاءت المرأة المسلمة فاحملها (٣) فإن المؤمن محرم المؤمنة ، ثم تلا هذه الآية : والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ».

باب

* (حج المرأة في العدة) *

٢٩١٣ ـ روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « المطلقة تحج في عدتها » (٣).

__________________

(١) يمكن أن يراد بذلك كونها مع قوم ثقات أو أن يكون لها سيرة يأمن عليها الزوج فحينئذ ليس للزوج منعها عن الحج (مراد) وقال العلامة المجلسي : ظاهره أن هذا الشرط لعدم جواز منع أهاليها من حجها فإنهم إذا لم يعتمدوا عليها في ترك ارتكاب المحرمات وما يصير سببا لذهاب عرضهم يجوز لهم أن يمنعوها إذا لم يمكنهم بعث أمين معها ، ويحتمل أن يكون المراد مأمونة عند نفسها أي آمنة من ذهاب عرضها فيوافق الاخبار الاخر.

(٢) أي كنت عرفت أنى جمال.

(٣) أي يجوز لك كرايتها والتولي لأمورها. وقال في المدارك : الظاهر أن المراد من قوله عليه‌السلام « المؤمن محرم المؤمنة » أن المؤمن كالمحرم في جواز مرافقته للمرأة ، ومقتضى هذه الروايات الاكتفاء في المرأة بوجود الرفقة المأمونة وهي التي يغلب ظنها بالسلامة معها فلو انتفى الظن المذكور بان خافت على النفس أو البضع أو العرض فلم يندفع ذلك الا بالمحرم اعتبر وجوده قطعا لما في التكليف بالحج مع الخوف من فوات شئ من ذلك من الحرج والضرر.

(٤) محمول على الحج الواجب في الرجعية ، فتكون مستثناة من منع خروجها عن البيت الذي طلق فيه. (مراد)

٤٣٩

٢٩١٤ ـ وروى ابن بكير ، عن زرارة قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المرأة التي يتوفى عنها زوجها أتحج في عدتها؟ قال : نعم ».

باب

* (الحاج يموت في الطريق) *

٢٩١٥ ـ روى علي بن رئاب (١) ، عن ضريس عن أبي جعفر عليه‌السلام « في رجل خرج حاجا حجة الاسلام فمات في الطريق ، فقال : إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الاسلام ، وإن كان مات دون الحرم فليقض عنه وليه حجة الاسلام » (٢)

٢٩١٦ ـ وروى علي بن رئاب ، عن بريد العجلي (٣) قال : « سألت أبا ـ جعفر عليه‌السلام عن رجل خرج حاجا ومعه جمل له ونفقة وزاد فمات في الطريق ، قال : إن كان صرورة ثم مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الاسلام ، وإن كان مات و هو صرورة قبل أن يحرم (٤) جعل جمله وزاده ونفقته وما معه في حجة الاسلام ،

__________________

(١) الطريق إلى ابن رئاب صحيح وهو ثقة جليل ، وضريس الكناسي ثقة خير فاضل.

(٢) ينبغي حمله على ما إذا كانت الحجة عليه مستقرة وكان له مال يفي بالحج (مراد) وقال في المدارك ما حاصله : لا ريب في وجوب القضاء لو مات قبل الاحرام ودخول الحرم وقد استقر الحج في ذمته بأن يكون قد وجب قبل تلك السنة وتأخر ، وقد قطع المتأخرون بسقوط القضاء إذا لم تكن الحجة مستقرة في ذمته بأن كان خروجه في عام الاستطاعة ، و أطلق المفيد في المقنعة والشيخ في جملة من كتبه وجوب القضاء إذا مات قبل دخول الحرم ولعلهما نظرا إلى اطلاق الامر بالقضاء في بعض الروايات وأجيب عنهما بالحمل على من استقر الحج في ذمته.

(٣) بريد بن معاوية العجلي من وجوه أصحابنا ثقة فقيه له محل عند الأئمة عليهم‌السلام.

(٤) قال في المدارك : ذهب علماؤنا إلى أنه إذا مات بعد الاحرام ودخول الحرم أجزأ عنه ، واختلفوا فيما إذا كان بعد الاحرام وقبل دخول الحرم والأشهر عدم الاجزاء ، و ذهب الشيخ في الخلاف وابن إدريس إلى الاجتزاء وربما أشعر به مفهوم قوله عليه‌السلام « قبل أن يحرم » لكنه معارض بمنطوق قوله عليه‌السلام « وإن كان مات دون الحرم ».

٤٤٠