كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٦

باب

* (ما جاء في طواف الأغلف) *

٢٨١٤ ـ روى حريز ، وإبراهيم بن عمر قالا : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « لا بأس بأن تطوف المرأة غير مخفوضة فأما الرجل فلا يطوف الا مختونا » (١).

٢٨١٥ ـ وروى ابن مسكان ، عن إبراهيم بن ميمون عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الرجل الذي يسلم فيريد أن يختتن وقد حضر الحج أيحج أو يختتن؟ قال : لا يحج حتى يختتن » (٢).

باب

* (القران بين الأسابيع) * (٣)

٢٨١٦ ـ روى ابن مسكان ، عن زرارة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إنما يكره أن يجمع الرجل بين السبوعين (٣) والطوافين في الفريضة ، فأما في النافلة فلا بأس » (٤)

__________________

(١) اشتراط الاختتان مقطوع به في كلام الأصحاب ، ونقل عن ابن إدريس أنه توقف في هذا الحكم ، وقيل يسقط مع التعذر ويحتمل اشتراطه مطلقا فتأمل (سلطان) والخبر يدل على الوجوب للرجال والاستحباب للنساء ، وخفض الجواري بمنزلة الختان للرجال.

(٢) ظاهره الاشتراط لان النهى عن العبادة مستلزم للفساد. (م ت)

(٣) المراد بالقران على ما ذكره الأصحاب الزيادة على السبع وإن كان خطوة أو أقل وقالوا بحرمتها في الفريضة وكراهتها في النافلة ، وظاهر الاخبار يدل على أن المراد الاتيان بطوافين بدون صلاته في البين. (م ت)

(٣) في النهاية : في الحديث انه طاف بالبيت أسبوعا أي سبع مرات ومنه الأسبوع للأيام السبعة ويقال له : سبوع ـ بلا ألف ـ لغة فيه قليلة ، وقيل : هو جمع سبع أو سبع كبرد وبرود وضرب وضروب.

(٤) قال في المدارك : حكم المحقق في النافع وغيره بكراهة القران في النافلة وعزى تحريمه وبطلان الطواف به في الفريضة إلى الشهرة. ونقل عن الشيخ رحمه‌الله أنه حكم بالتحريم خاصة في الفريضة ، وعن

٤٠١

٢٨١٧ ـ وقال زرارة : « ربما طفت مع أبي جعفر عليه‌السلام وهو ممسك بيدي الطوافين والثلاثة ثم ينصرف ويصلي الركعات ستا » (١).

وكلما قرن الرجل بين طواف النافلة صلى لكل أسبوع أسبوع ركعتين ركعتين (٢).

باب

* (طواف المريض والمحمول من غير علة) *

٢٨١٨ ـ روى محمد بن مسلم قال : « سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : حدثني أبي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طاف على راحلته واستلم الحجر بمحجنه (٣) وسعى عليها بين الصفا والمروة ».

٢٨١٩ ـ وفي خبر آخر « إنه كان يقبل المحجن » (٤).

__________________

ابن إدريس أنه حكم بالكراهة ، والمستفاد من صحيحة زرارة كراهة القران في الفريضة دون النافلة ، ويمكن أن يقال بالكراهة في النافلة أيضا وحمل هذا الخبر وخبر عمر بن يزيد عن الصادق عليه‌السلام « إنما يكره القران في الفريضة فأما النافلة فلا والله ما به بأس » على التقية كما تدل عليه صحيحة صفوان والبزنطي قالا : « سألناه عن قران الطواف السبوعين والثلاثة ، قال : لا إنما هو سبوع وركعتان ، وقال : كان أبى يطوف مع محمد بن إبراهيم فيقرن وإنما كان ذلك منه لحال التقية ».

(١) كذا في جميع النسخ وفى التهذيب ج ١ ص ٥٨١ في الصحيح عن زرارة قال : « طفت مع أبي جعفر عليه‌السلام ثلاثة عشر أسبوعا قرنها جميعا وهو آخذ بيدي ثم خرج فتنحى ناحية فصلى ستا وعشرين ركعة وصليت معه » والظاهر الصواب ما في التهذيب لعدم التناسب بين قوله « الطوافين والثلاثة » وبين قوله : يصلى ست ركعات.

(٢) تقدم في الاخبار ما يدل عليه.

(٣) المحجن ـ كمنبر ـ عصا معوجة الرأس كالصولجان.

(٤) في الكافي ج ٤ ص ٤٢٩ في الصحيح عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال : « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : طاف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ناقته العضباء وجعل يستلم الأركان بمحجنه ويقبل المحجن » وفى بعض نسخ الفقيه « يقبل الحجر » وزاد في بعضها « بمحجنه ».

٤٠٢

٢٨٢٠ ـ وروي عن أبي بصير « أن أبا عبد الله عليه‌السلام مرض فأمر غلمانه أن يحملوه ويطوفوا به ، فأمرهم أن يخطوا برجله الأرض حتى تمس الأرض قدماه في الطواف ».

وفي رواية محمد بن الفضيل ، عن الربيع بن خثيم (١) أنه كان يفعل ذلك كلما بلغ إلى الركن اليماني (٢).

٢٨٢١ ـ وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه‌السلام « عن المريض المغلوب يطاف عنه بالكعبة؟ فقال : لا ولكن يطاف به » (٣).

وقد روى عنه حريز رخصة في أن يطاف عنه وعن المغمى عليه ويرمى عنه (٤).

__________________

(١) ضبطه المولى المجلسي ـ كزبير ـ وهو اما أن يكون الذي هو من الزهاد الثمانية فالمراد بأبي عبد الله السبط الشهيد المفدى عليه‌السلام لأنه مات قبل السبعين ولم يدرك الصادق عليه‌السلام واما أن يكون غيره فهو مجهول وعلى الأول يكون مرسلا عن محمد بن الفضيل وهو بعيد جدا.

(٢) الخبر في الكافي ج ٤ ص ٤٢٢ عن محمد بن الفضيل عن الربيع بن خثيم قال « شهدت أبا عبد الله عليه‌السلام وهو يطاف به حول الكعبة في محمل وهو شديد المرض فكان كلما بلغ الركن اليماني أمرهم فوضعوه بالأرض ، فأخرج يده من كوة المحمل حتى يجرها على الأرض ثم يقول ارفعوني ، فلما فعل ذلك مرارا في كل شوط ، قلت له : جعلت فداك يا ابن رسول الله ان هذا يشق عليك. فقال : انى سمعت الله عزوجل يقول : « ليشهدوا منافع لهم » فقلت : منافع الدنيا أو منافع الآخرة؟ فقال : الكل ». والخبر كما ترى مفاده مغاير لخبر أبي بصير المتقدم وكأن المؤلف رضوان الله عليه غفل عن عدم توافق الخبرين.

(٣) يحمل المغلوب على من اشتد مرضه وغلب عليه لا المغلوب على عقله لكنه بعيد.

(٤) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٨١ و ٤٨٢ في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « المريض المغمى عليه يرمى عنه ويطاف به ، قال : وسألته عن الرجل يطاف به ويرمى عنه قال : نعم إذا كان لا يستطيع ». وقال في المرآة لا خلاف بين الأصحاب في أن من لم يتمكن من الطواف بنفسه يطاف به فإن لم يمكن ذلك اما لأنه لا يستمسك الطهارة أو لأنه يشق عليه مشقة شديدة يطاف عنه ، وحمل المبطون والكسير الواردين في خبر عمار على ما هو الغالب

٤٠٣

٢٨٢٢ ـ وفي رواية معاوية بن عمار عنه عليه‌السلام قال : « الكسير يحمل فيرمي الجمار ، والمبطون يرمى عنه ويصلى عنه ».

وقد روى معاوية عنه عليه‌السلام رخصة في الطواف والرمي عنهما (١).

٢٨٢٣ ـ وقال : « في الصبيان يطاف بهم ويرمى عنهم » (٢).

باب

* (ما يجب على من بدأ بالسعي قبل الطواف أو طاف وأخر السعي) * (٣)

٢٨٢٤ ـ روى صفوان ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة فبينا هو يطوف إذ ذكر أنه قد ترك من طوافه بالبيت ، فقال : يرجع إلى البيت فيتم طوافه ثم يرجع إلى الصفا والمروة فيتم ما بقي ، قلت : فإنه بدأ بالصفا والمروة قبل أن يبدأ بالبيت؟ قال : يأتي البيت فيطوف به ثم يستأنف طوافه بين الصفا والمروة ، قلت : فما الفرق بين هذين؟ قال : لان هذا قد دخل في شئ من الطواف وهذا لم يدخل في شئ منه » (٤).

__________________

فيهما من أن الأول لا يستمسك الطهارة والثاني يشق عليه تحريكه مشقة شديدة ويحمل ما ورد من أنه يطاف بالكسير على ما إذا لم يكن كذلك رفعا للتنافي بين الاخبار.

(١) روى الكليني في الكافي ج ٤ ص ٤٢٢ في الحسن كالصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج ومعاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « المبطون والكسير يطاف عنهما ويرمى عنهما الجمار ».

(٢) في الكافي ج ٤ ص ٤٢٢ في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « الصبيان يطاف بهم ويرمى عنهم ـ إلى آخر الحديث ».

(٣) لا ريب في وجوب الابتداء بالطواف قبل السعي للتأسي ولاخبار كثيرة تقدمت ، والمشهور بين الأصحاب جواز تأخير السعي للاستراحة إلى يوم آخر. (م ت)

(٤) هو صريح في أنه إذا تلبس بشئ من الطواف ثم دخل في السعي سهوا لا يستأنفهما كما مر ، وأما إذا لم يتلبس بالطواف وبدأ بالسعي فيدل الخبر على أنه لا يعتد بالسعي ويأتي

٤٠٤

٢٨٢٥ ـ وسأله عبد الله بن سنان « عن الرجل يقدم حاجا وقد اشتد عليه الحر فيطوف بالكعبة ويؤخر السعي إلى أن يبرد ، فقال : لا بأس به وربما فعلته » (١) ٢٨٢٦ ـ وفي حديث آخر : « يؤخره إلى اليل » (٢).

٢٨٢٧ ـ وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيا أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة إلى غد؟ قال : لا » (٣).

٢٨٢٨ ـ وسأله رفاعة « عن الرجل يطوف بالبيت فيدخل وقت العصر أيسعى قبل أن يصلي أو يصلي قبل أن يسعى؟ قال : لا بأس أن يصلي ثم يسعى » (٤).

__________________

بالطواف ويعيد السعي ، وقطع به في الدروس وقال فيه : قال ابن الجنيد : لو بدأ بالسعي قبل الطواف أعاده بعده فان فاته ذلك قدم. والمشهور وجوب الإعادة مطلقا (المرآة) وقال في المدارك في قوله « لان هذا قد دخل في شئ » : هذا التعليل كالصريح في عدم الفرق بين تجاوز النصف وعدمه لكن الرواية قاصرة من حيث السند فيمكن المصير إلى ما اعتبره القوم من التقييد إذ الظاهر أنه لا خلاف في البناء مع تجاوز النصف ومع ذلك فلا ريب أن الاتمام ثم الاستيناف طريق الاحتياط.

(١) يدل على تأخير السعي مع ايقاعه في يوم الطواف ولا خلاف فيه ، قال في الدروس لا يجوز تأخير السعي عن يوم الطواف إلى الغد في المشهور الا لضرورة فلو أخره أثم وأجزأ ، و قال المحقق يجوز تأخيره إلى الغد ولا يجوز عن الغد ، والأول مروى وفى خبر عبد الله بن سنان يجوز تأخيره إلى الليل. (المرآة)

(٢) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٨٣ خبر عبد الله بن سنان وزاد « قال ـ يعنى عبد الله ـ : ربما رأيته يؤخر السعي إلى الليل » وقال المولى المجلسي : يمكن أن يكون في كتاب عبد الله خبرين أحدهما مع الزيادة والآخر بدونها كما يقع كثيرا ، منها خبر إسحاق المتقدم فان المشايخ الثلاثة ذكروه في كتبهم مع الزيادة وبدونها.

(٣) رواه الكليني عن العلاء فيمكن أن يكون سمعه من شيخه أولا وبعد ما أدرك الإمام عليه‌السلام سأله عنه أيضا ، ويدل الخبر على عدم التأخير من يوم إلى آخر ، ويحتمل الكراهة كما قال بها بعض الأصحاب والاحتياط ظاهر. (م ت)

(٤) كذا وفى الكافي ج ٤ ص ٤٢١ « لا بل يصلى ثم يسعى » ولا يخفى اختلاف المفهومين فما في الفقيه يدل على جواز تقديم الصلاة ، وما في الكافي يدل على وجوبه.

٤٠٥

باب

* (الرجل يطوف عن الرجل وهو غائب أو شاهد (١)) *

٢٨٢٩ ـ روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : إذا أردت أن تطوف عن أحد (٢) من إخوانك فائت الحجر الأسود وقل : « بسم الله اللهم تقبل من ـ فلان ـ » (٣).

٢٨٣٠ ـ وسأله يحيى الأزرق (٤) « عن الرجل يصلح له أن يطوف عن أقاربه؟ فقال : إذا قضى مناسك الحج فليصنع ما شاء » (٥).

ولا يجوز للرجل إذا كان مقيما بمكة ليست به علة أن يطوف عنه غيره (٦).

__________________

(١) يجوز الطواف تبرعا عن الحاضر والغائب لعموم الاخبار ، وكذا صلاة الطواف ولا يطوف نيابة في الواجب الا مع العذر وقد تقدم. (م ت)

(٢) مطلقا مستحبا كان أو واجبا.

(٣) ويسمى باسمه ، وان أضمر جاز لما سيجيئ.

(٤) رواه الكليني ج ٤ ص ٣١١ في الصحيح عن يحيى عن أبي الحسن عليه‌السلام وهو الكاظم ولم يتقدم ذكره عليه‌السلام فلا يصح الاضمار ، ولعله سأله عن أبي عبد الله عليه‌السلام مرة وعنه مرة أخرى فيصح الاضمار.

(٥) قال المولى المجلسي : الخبر يدل على استحباب الطواف عن الأقارب وغيره بعد قضاء المناسك لا قبله بمفهوم الشرط المعتبر عند المحققين.

(٦) روى الكليني ج ٤ ص ٤٢٣ في الحسن عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : « كنت إلى جنب أبى عبد الله عليه‌السلام وعنده ابنه عبد الله وابنه الذي يليه فقال له رجل :  ـ أصلحك الله ـ يطوف الرجل عن الرجل وهو مقيم بمكة ليس به علة؟ فقال : لا ، لو كان ذلك يجوز لأمرت ابني فلانا فطاف عنى ـ سمى الأصغر ـ وهما يسمعان » ويشمل الواجب والمندوب ويدل على أنه لا يجوز نيابة الطواف في المندوب أيضا لمن حضر بمكة من غير عذر.

٤٠٦

باب

* (السهو في ركعتي الطواف) * (١)

٢٨٣١ ـ روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه « قال في رجل طاف طواف الفريضة ونسي الركعتين حتى طاف بين الصفا والمروة ثم ذكر قال : يعلم ذلك المكان ثم يعود فيصلي الركعتين ثم يعود إلى مكانه (١). (وقد رخص له أن يتم طوافه ثم يرجع فيركع خلف المقام روى ذلك محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام فبأي الخبرين أخذ جاز (٣)) قال : قلت له : رجل نسي الركعتين خلف مقام إبراهيم عليه‌السلام فلم يذكر حتى ارتحل من مكة ، قال : فليصلهما حيث ذكر ، وإن ذكرهما وهو بالبلد فلا يبرح حتى يقضيهما » (٤).

__________________

(١) ان تعلق الشك والسهو بالركعات أو الافعال فحكمه حكم اليومية والنظر هنا إلى سهو الأصل. (م ت)

(٢) المشهور بين الأصحاب أنه إذا سهى ركعتي الطواف فان أمكنه الرجوع يرجع ويصلى في المقام وان لم يمكنه الرجوع أو يمكن مع المشقة الشديدة فلا يجب بل يتخير بين أن يصلى حيث يذكر أو يرجع أو يستنيب ، لكن ان أمكنه الرجوع فهو أولى منهما والأحوط الرجوع مع الامكان ومع عدمه الصلاة بنفسه والاستنابة خروجا من الخلاف وجمعا بين الاخبار ، ولو فاته فالأحوط للولي أن يقضى عنه في المقام ان أمكنه والا حيث أمكن. (م ت)

(٣) قال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : لم نطلع على الرخصة. بل تقدم خلافه ـ انتهى وقوله « أن يتم طوافه » أي بين الصفا والمروة. وما بين القوسين توضيح من المؤلف توسط بين رواية معاوية بن عمار ، وقوله « قال : وقلت » تتمة كلام ابن عمار.

(٤) يدل على أن مع الخروج من مكة يجوز له ايقاع الصلاة في أي مكان ذكرها وان أراد الرجوع إلى مكة بعد ذلك ، ويمكن حمله على ما إذا لم يرد الرجوع. وأما إذا كان بمكة صلى عند مقام إبراهيم عليه‌السلام ويؤيد ذلك ما رواه الكليني ج ٤ ص ٤٢٥ في الصحيح عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل نسي أن يصلى الركعتين عند

٤٠٧

٢٨٣٢ ـ وفي رواية عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام « إن كان قد مضى قليلا فليرجع فليصلهما أو يأمر بعض الناس فليصلهما عنه » (١).

٢٨٣٣ ـ وروى الحسين بن سعيد ، عن أحمد بن عمر (٢) قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل نسي ركعتي طواف الفريضة وقد طاف بالبيت حتى يأتي منى ، قال : يرجع إلى مقام إبراهيم عليه‌السلام فليصلهما » (٣).

وقد رويت رخصة في أن يصليهما بمنى رواها ابن مسكان ، عن عمر بن البراء عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٤).

٢٨٣٤ ـ وفي رواية جميل بن دراج (٥) عن أحدهما عليهما‌السلام « إن الجاهل في

__________________

(١) حمل على ما إذا لم يتعسر عليه الرجوع. والطريق صحيح.

(٢) الطريق صحيح وأحمد بن عمر الحلال ثقة من أصحاب الرضا عليه‌السلام.

(٣) يدل على وجوب الرجوع أو استحبابه من منى. (م ت)

(٤) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٨٦ والاستبصار ج ٢ ص ٢٣٥ بطريق فيه جهالة عن ابن مسكان قال : حدثني عمر بن يزيد أو عمر بن البراء عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سأل « عن رجل نسي أن يصلى الركعتين ركعتي الفريضة عند مقام إبراهيم عليه‌السلام حتى أتى منى؟ قال : يصليهما بمنى ». وروى الكليني ج ٤ ص ٤٢٦ عن هشام بن المثنى وحنان قال : « طفنا بالبيت طواف النساء ونسينا الركعتين فلما صرنا بمنى ذكرناهما فأتينا أبا ـ عبد الله عليه‌السلام فسألناه ، فقال : صلياهما بمنى » وحمل الشيخ هذين الخبرين على ما إذا شق عليه الرجوع ، وحمل المؤلف على الرخصة.

(٥) جميل بن دراج من أصحاب الصادق والكاظم عليهما‌السلام والظاهر أن الواسطة محمد ابن مسلم أو زرارة أو يكون المراد بأحدهما الصادق والكاظم عليهما‌السلام لا الباقر والصادق صلوات الله عليهما كما هو المتعارف في كتب الحديث وعلى أي حال لا يضر لاجماع العصابة.

٤٠٨

ترك الركعتين عند مقام إبراهيم عليه‌السلام بمنزلة الناسي » (١).

باب

* (نوادر الطواف) *

٢٨٣٥ ـ روى عاصم بن حميد ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يطوف ويسعى ، ثم يطوف بالبيت تطوعا قبل أن يقصر؟ قال : ما يعجبني » (٢).

٢٨٣٦ ـ وروى صفوان بن يحيى ، عن هيثم التميمي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « رجل كانت معه صاحبته لا تستطيع القيام على رجلها ، فحملها زوجها في محمل فطاف بها طواف الفريضة بالبيت وبالصفا والمروة أيجزيه ذلك الطواف عن نفسه طوافه بها؟ فقال : إيها والله إذا » (٣).

__________________

(١) يدل على أن الناسي والجاهل سيان في حكم صلاة الطواف.

(٢) الطريق صحيح ويدل على كراهة الطواف المندوب قبل التقصير (م ت).

(٣) قال في المنتقى ج ٢ ص ٤٩٤ اتفق في النسخ التي رأيتها للكافي ومن لا يحضره الفقيه اثبات الجواب هكذا « أيها الله إذا » وفى بعضها « اذن » وهو موجب لالتباس المعنى واحتمال صورة لفظ « أيها » لغير المعنى المقصود المستفاد من رواية الحديث بطريقي الشيخ ولولاها لم يكد يفهم الغرض بعد وقوع هذا التصحيف ، قال الجوهري : و « ها » للتنبيه قد يقسم بها ، يقال : « لاها الله ما فعلت » أي لا والله. أبدلت الهاء من الواو ، وان شئت حذفت الألف التي بعد الهاء وان شئت أثبت ، وقولهم « لاها الله ذا » أصله لا والله هذا ، ففرقت بين « ها و « ذا » وجعلت الاسم بينهما وجررته بحرف التنبيه والتقدير لا والله ما فعلت هذا فحذف واختصر لكثرة استعمالهم هذا في كلامهم ، وقدم « ها » كما قدم في قولهم « ها هو ذا ، وها أنا ذا ». ومن هذا الكلام يتضح معنى الحديث بجعل كلمة » أي فيه مكسورة الهمزة بمعنى نعم ، أي نعم واقعة ، مكان قولهم في الكلام الذي حكاه الجوهري لا وبقية الكلمات متناسبة فيكون معناها متحدا والاختلاف بإرادة النفي في ذلك الكلام والايجاب في الحديث فالتقدير فيه على

٤٠٩

٢٨٣٧ ـ وروى ابن مسكان عن الهذيل (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الرجل يتكل على عدد صاحبته في الطواف أيجزيه عنهما ، وعن الصبي؟ فقال : نعم ألا ترى أنك تأتم بالامام إذا صليت خلفه ، وهو مثله » (٢).

٢٨٣٨ ـ وسأله سعيد الأعرج « عن الطواف أيكتفي الرجل بإحصاء صاحبه قال : نعم ».

٢٨٣٩ ـ وروى صفوان ، عن يزيد بن خليفة (٣) قال : رآني أبو عبد الله عليه‌السلام أطوف حول الكعبة وعلي برطلة (٤) فقال بعد ذلك : تطوف حول الكعبة وعليك

__________________

موازنة ما ذكره الجوهري نعم والله يجزيه هذا ، وأما على الصورة المصحفة فالمعنى في « أيها » على ضد المقصود ، قال الجوهري إذا كففت الرجل قلت « أيها عنا » بالكسر ، وإذا أردت التبعيد قلت أيها ـ بفتح الهمزة ـ بمعنى هيهات. وباقي الكلمات لا يتحصل لها معنى الا بالتكلف التام مع منافاة الغرض ـ انتهى.

وقال العلامة المجلسي : العجب منه ـ رحمه‌الله ـ كيف حكم بغلط النسخ مع اتفاقها من غير ضرورة وقرأ أي ها الله ذا ، مع أنه قال في الغريبين « أيها » تصديق وارتضاء. وقال في النهاية : « قد ترد أيها » منصوبة بمعنى التصديق والرضا بالشئ ومنه حديث ابن الزبير لما قيل له « يا ابن ذات النطاقين » فقال : « أيها والاله » أي صدفت ورضيت بذلك « فقوله » أيها كلمة تصديق و « الله » مجرور بحذف حرف القسم ، و « إذا » بالتنوين ظرف والمعنى مستقيم من غير تصحيف وتكلف.

(١) مجهول لكن جهله لا يضر. (م ت)

(٢) سياق الكلام يشعر باشتراط العدالة في المتكل عليه والتمثيل للتفهيم لا القياس المحكوم في مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، واطلاق الكلام يقتضى عدم الفرق في الحافظ بين الذكر والأنثى لكن يشترط فيه البلوغ والعقل إذ لا اعتداد بخبر المجنون والصبي ولا يبعد اعتبار عدالته للامر بالتثبت عند خبر الفاسق كما قاله صاحب المدارك ـ رحمه‌الله ـ.

(٣) يزيد بن خليفة الخولاني واقفي ولم يوثق ولكن لا يضر.

(٤) البرطلة ـ بضم الباء والطاء واسكان الراء وتشديد اللام المفتوحة ـ : قلنسوة طويلة كانت تلبس قديما على ما ذكره جماعة.

٤١٠

برطلة ، لا تلبسها حول الكعبة فإنها من زي اليهود (١).

٢٨٤٠ ـ وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « يستحب أن تطوف ثلاثمائة وستين أسبوعا عدد أيام السنة ، فإن لم تستطع فثلاثمائة وستين شوطا ، فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف » (٢).

٢٨٤١ ـ وسأل أبان (٣) أبا عبد الله عليه‌السلام « أكان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طواف يعرف به؟ فقال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يطوف بالليل والنهار عشرة أسابيع (٤) ، ثلاثة أول الليل ، وثلاثة آخر الليل ، واثنين إذا أصبح. واثنين بعد الظهر ، وكان فيما بين ذلك راحته ».

٢٨٤٢ ـ وسأله سعيد الأعرج « عن المسرع والمبطئ في الطواف ، فقال : كل واسع ما لم يؤذ أحدا ».

٢٨٤٣ ـ وروى علي بن النعمان عن يحيى الأزرق قال : « قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : إني طفت أربعة أسابيع فعييت أفأصلي ركعاتها وأنا جالس (٥)؟ قال : لا ، قلت : وكيف يصلي الرجل صلاة الليل إذا أعيا أو وجد فترة وهو جالس؟ فقال :

__________________

(١) قد اختلف الأصحاب في حكم لبس البرطلة في الطواف فقال الشيخ : لا يجوز الطواف فيها وقال في التهذيب بالكراهة ، وقال ابن إدريس : ان لبسها مكروه في طواف الحج ، محرم في طواف العمرة نظرا إلى تحريم تغطية الرأس فيه. (المرآة)

(٢) على مضمونه عمل الأصحاب ومقتضى استحباب الثلاثمائة والستين شوطا أن يكون الطواف الأخير عشرة أشواط وقد قطع المحقق بعدم كراهة الزيادة هنا وهو كذلك لظاهر النص ونقل العلامة في المختلف عن ابن زهرة أنه استحب زيادة أربعة أشواط ليصير الأخير طوافا كاملا حذرا من كراهة القران ولتوافق عدد أيام السنة الشمسية ونفى عنه البأس وهو حسن الا أنه خلاف مدلول الرواية. (المرآة)

(٣) إن كان ابن عثمان وهو الأظهر فموثق كالصحيح ، وإن كان ابن تغلب فقوى وفى طريقه في الكافي أبى الفرج وهو مجهول.

(٤) في بعض النسخ « عشرة أسباع ».

(٥) في بعض النسخ « فأعييت أفأصلي ركعتيها وأنا جالس ».

٤١١

يطوف الرجل جالسا؟ (١) فقلت : لا ، قال : فتصليهما وأنت قائم ».

٢٨٤٤ وروى علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه‌السلام « أنه سئل عن رجل سها أن يطوف بالبيت حتى يرجع إلى أهله ، فقال : إذا كان على وجه الجهالة أعاد الحج وعليه بدنة » (٢).

٢٨٤٥ وروى هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من أقام بمكة سنة فالطواف له أفضل من الصلاة ، ومن أقام سنتين خلط من ذا وذا ، ومن أقام ثلاث سنين كانت الصلاة له أفضل » (٣).

٢٨٤٦ وروى معاوية بن عمار عنه عليه‌السلام أنه قال : « يستحب أن تحصي أسبوعك في كل يوم وليلة » (٤).

٢٨٤٧ ـ وروى صفوان ، عن عبد الحميد بن سعد قال : « سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن باب الصفا (٥) فقلت : إن أصحابنا قد اختلفوا فيه فبعضهم يقول : الذي يلي السقاية ، وبعضهم يقول : الذي يستقبل الحجر الأسود ، فقال : هو الذي يستقبل الحجر ، والذي

__________________

(١) لعل غرضه عليه‌السلام تنبيهه على عدم جواز المقايسة في الأحكام لا مقايسة الصلاة بالطواف ، ولا يبعد حمل الخبر على الكراهة وإن كان الأحوط الترك. (المرآة)

(٢) لعل المراد الجاهل بالحكم فإنه كالعامد بخلاف الناسي فإنه يصح حجه ويجب عليه تداركه اما بنفسه ان أمكن والا فبالنائب (سلطان) وقال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ حمل إعادة الحج على إعادة الطواف أو الاستحباب.

(٣) يدل على أفضلية الطواف على الصلاة في السنة الأولى عكس الثالثة والتساوي في الثانية. (م ت)

(٤) بأن يكون لطوافك عدد مقدر كعشرة وعشرين ، والفائدة فيه أنه لا يحصل الكسل لان كلما صار عادة لا يتعسر فعله ولا ينخدع النفس عن الشيطان بأنك أكثرت أو تحسبها حتى تكون في الزيادة لا في النقصان كما هو المجرب أن من يعد أذكاره بالسبحة ونحوها يزداد يوما فيوما. (م ت)

(٥) لأنه يستحب أن يخرج منه إلى الصفا للسعى كما سيجئ (م ت)

٤١٢

يلي السقاية محدث صنعه داود ، وفتحه داود » (١).

باب

* (السهو في السعي بين الصفا والمروة) *

٢٨٤٨ ـ روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة ، قال : يطاف عنه » (٢).

٢٨٤٩ ـ وسئل أبو عبد الله عليه‌السلام « عن رجل طاف بين الصفا والمروة ستة أشواط وهو يظن أنها سبعة ، فذكر بعد ما أحل وواقع النساء أنه إنما طاف ستة ، قال : عليه بقرة يذبحها ويطوف شوطا آخر » (٣).

ومن لم يدر ما سعى فليبتدئ السعي (٤).

__________________

(١) يعنى داود بن علي بن العباس الذي كان واليا على مكة.

(٢) أي يستنيب مع تعسر الرجوع (م ت) وقال سلطان العلماء : لا خلاف في أن السعي ركن يبطل بتركه الحج والعمرة عمدا وأما إذا ترك سهوا يجب الاتيان به والعود لاستدراكه أن أمكن أي بدون مشقة شديدة والا استناب ـ انتهى وقال الشيخ في الاستبصار بعد نقل خبر المتن الوجه في هذا الخبر أن نحمله على من لا يتمكن من الرجوع إلى مكة فإنه يجوز له أن يستنيب غيره في ذلك ومن تمكن فلا يجوز له غير الرجوع على ما تضمنه خبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : « رجل نسي السعي بين الصفا والمروة ، فقال : يعيد السعي ، قلت : فإنه يخرج قال : يرجع فيعيد السعي ، ان هذا ليس كرمى الجمار ان الرمي سنة والسعي بين الصفا والمروة فريضة ـ الخ ».

(٣) رواه الشيخ في القوى في التهذيب ج ١ ص ٤٩٠. وقال صاحب المدارك : لا يحل لمن أخل بالسعي ما يتوقف عليه من المحرمات كالنساء حتى يأتي به كملا بنفسه أو بنائبه ، وهل يلزمه الكفارة لو ذكر ثم واقع؟ لم أقف فيه على نص لكن الحكم بوجوبها على من ظن اتمام السعي فواقع ثم تبين النقص كما سيأتي يقتضى الوجوب هنا بطريق أولى ، وفى الحاق الجاهل بالعامد أو الناسي وجهان أظهرهما الأول ـ انتهى.

(٤) قال بعض الشراح : قد قطع الأصحاب بأن الشك في النقيصة في السعي يبطل ، وأما

٤١٣

ومن سعى بين الصفا والمروة ثمانية أشواط فعليه أن يعيد ، وإن سعى بينهما تسعة أشواط فلا شئ عليه (١).

وفقه ذلك أنه إذا سعى ثمانية أشواط يكون قد بدأ بالمروة وختم بها وكان ذلك خلاف السنة ، وإذا سعى تسعة يكون قد بدأ بالصفا وختم بالمروة ، ومن بدأ بالمروة قبل الصفا فعليه أن يعيد.

__________________

إذا كان بين الاكمال والزيادة فيقطع ويصح سعيه. وقال فقيه عصرنا ـ مد ظله العالي ـ في جامع المدارك ج ٢ ص ٥٢٧ : لزوم الإعادة مع عدم تحصيل العدد إنما خصص بصورة حصول الشك في الأثناء قبل الفراغ وعدم احراز السبعة لدوران الامر بين الزيادة والنقيصة الموجبتين للبطلان والاعتماد على أصالة الأقل ، واستدل أيضا بالصحيح قال سعيد بن يسار : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام « : رجل متمتع سعى بين الصفا والمروة ستة أشواط ثم رجع إلى منزله وهو يرى أنه قد فرغ منه وقلم أظافيره وأحل ثم ذكر أنه سعى ستة أشواط؟ فقال لي : يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فإن كان يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد وليتم شوطا وليرق دما ، فقلت : دم ماذا؟ قال : بقرة ، قال : وان لم يكن حفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد فليبتدء السعي حتى يكمل سبعة أشواط ، ثم ليرق دم بقرة ». ويمكن أن يقال : أما صورة الشك بعد الفراغ فمقتضى القاعدة عدم الالتفات بالشك لكن بعد التجاوز عن المحل الشرعي بالدخول فيما رتب على العمل لا مجرد الانصراف بناء على اعتبار الموالاة في الأشواط ، ومع ذلك مقتضى اطلاق الصحيح المذكور لزوم الإعادة ، ولا استبعاد في تخصيص القاعدة بالصحيح المذكور مع فرض الخروج عن العمل في الصحيح ، وأما صورة حصول الشك في الأثناء فلولا الصحيح المذكور لأمكن التصحيح بدون لزوم محذور بأن يسعى عدة أشواط يقطع معها بحصول المأمور به بقصر حصول المأمور به بما كان لازما مع الغاء ما كان زائدا نظير ما قيل في الطواف لاحراز البدأة بأول البدن مع أول الحجر الأسود مع عدم تيسر احراز الجزء الأول منهما فالحكم بالاستيناف في الصحيح يمكن أن يكون من جهة عدم الاعتداد بما ذكر ، ويمكن أن يكون من جهة عدم سهولة الاستيناف وعدم الاعتداد بالأشواط السابقة فالمتعين الاخذ به.

(١) روى الشيخ في الصحيح في التهذيب ج ٢ ص ٤٩٠ عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ان طاف الرجل بين الصفا والمروة تسعة أشواط فليسع على

٤١٤

ومن ترك شيئا من الرمل (١) في سعيه فلا شئ عليه (٢).

٢٨٥٠ ـ وروى عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه‌السلام « في رجل سعى بين الصفا والمروة ثمانية أشواط ، فقال إن كان خطأ طرح واحدا واعتد بسبعة » (٣)

__________________

واحد ويطرح ثمانية وان طاف بين الصفا والمروة ثمانية أشواط فليطرحها وليستأنف السعي ، وان بدأ بالمروة فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا ». وقال المولى المجلسي : هذا الخبر يحتمل وجوها منها أن يجعل السبعة مندوبا ويبنى على واحد ويتمه بستة كما فهمه الشيخ لان الشوط الذي وقع من المروة إلى الصفا باطل فيبنى على التاسع ويتمه بستة ، ولو بنى على السبعة و أبطل الزائد كان صحيحا لما سيجيئ من الاخبار وعلى هذا يكون في المروة ويكون الثمانية باطلا لأنه ينكشف أنه كان الابتداء منها ، والظاهر أن المصنف عمل بابطال الزائد لأنه قال لا شئ عليه. ومنها أن يكون على المروة ويكون باطلا للزيادة التي وقعت منه عمدا أو جهلا ويحمل الصحة على ما وقع منه نسيانا ولا يضر حينئذ البناء على التاسع باعتبار أنه لم ينوه لأنه مشترك بين الجميع ، ويدل هذا الخبر أيضا على المساهلة فيها شرعا لأنها هي القصد لله ولا يخلو العبد منه سيما في أفعال الحج ، يحتمل أن يكون على المروة وكان لم يحسب الشوط الذي من المروة إلى الصفا أولا أو ثانيا كما ذكر سابقا في الزيادة سهوا.

(١) الرمل ـ بالتحريك ـ : الهرولة وهي المشي بالاسراع من تقارب الخطأ دون الوثب والعدو.

(٢) روى الكليني ج ٤ ص ٤٣٦ في الصحيح عن سعيد الأعرج قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل ترك شيئا من الرمل في سعيه بين الصفا والمروة ، قال : لا شئ عليه ـ الحديث ».

(٣) يدل على أنه إذا زاد على السعي سهوا لا يبطل سعيه ، وبمفهومه يدل على أنه إذا كان عامدا يبطل سعيه ، والثاني مقطوع به في كلام الأصحاب وحكموا في الأول بالتخيير بين طرح الزائد والاعتداد بالسبعة وبين اكمالها أسبوعين فيكون الثاني مستحبا ، وقالوا : إنما يتخير إذا لم يتذكر الا بعد اكمال الثامن والا تعين القطع ولم يحكموا باستحباب السعي الا هنا (المرآة) وقال صاحب جامع المدارك : استشكل في المقام بأن التخيير المذكور في كلام الأصحاب مستلزم لامرين يشكل الالتزام بهما ، أحدهما وقوع السعي كالطواف واجبا ومستحبا وهذا غير معهود ولم نقف على دليل يدل عليه غير الخبر المذكور في هذا الباب ، والثاني كون الابتداء من المروة واطلاق الاخبار وكلمات الأصحاب يقتضى كون الابتداء من الصفا ، واجب

٤١٥

وفي رواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : يضيف إليها ستة (١).

باب

* (السعي راكبا والجلوس بين الصفا والمروة) *

٢٨٥١ ـ روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قلت له : المرأة تسعى بن الصفا والمروة على دابة أو على بعير ، قال : لا بأس بدلك ، قال : وسألته عن الرجل يفعل ذلك ، قال : لا بأس به والمشي أفضل » (٢).

٢٨٥٢ ـ وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا إبراهيم عليه‌السلام « عن النساء يطفن على الإبل والدواب بين الصفا والمروة أيجزيهن أن يقفن تحت الصفا والمروة حيث يرين البيت؟ فقال : نعم » (٣).

__________________

بأن ما ذكر كالاجتهاد في قبال النص فإنه بعد وجود الدليل نلتزم بما ذكر ، قلت : مقتضى صحيح معاوية بن عمار المتقدم عدم الاعتداد بالشوط المبتدأة من المروة فيكون هذا صحيح معارضا في المقام لما دل على الاعتداد به فبعد المعارضة يكون عموم ما دل على لزوم البدأة من الصفا مرجعا أو مرجحا ، وبالجملة المسألة غير خالية عن شوب الاشكال ـ انتهى كلامه أدام الله ظله ـ.

(١) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٨٩ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « ان في كتاب علي عليه‌السلام قال : إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة واستيقن ثمانية أضاف إليها ستا وكذلك إذا استيقن أنه سعى ثمانية أشواط أضاف إليها ستا ـ الخ » وقال في الاستبصار بعد نقله : الوجه في هذا الخبر أن نحمله على من فعل ذلك ساهيا على ما قدمناه ويكون مع ذلك إذا سعى ثمانية يكون عند الصفا ، فأما إذ علم أنه سعى ثمانية وهو عند المروة فتجب عليه الإعادة على كل حال لأنه يكون بدأ بالمروة ولا يجوز لمن فعل ذلك البناء عليه ، ثم استدل له بخبر معاوية بن عمار المتقدم.

(٢) يدل على جواز الركوب واستحباب المشي ولا خلاف فيه بين الأصحاب

(٣) مروى في الكافي ج ٤ ص ٤٣٧ في الصحيح وفيه « أيجزيهن أن يقفن تحت الصفا والمروة قال : نعم بحيث يرين البيت » ويدل على جواز الركوب سيما على نسخة الكافي وعلى تأكد استحباب رؤية البيت في ابتداء السعي. (م ت)

٤١٦

٢٨٥٣ ـ وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ليس على الراكب سعي ولكن ليسرع شيئا » (١).

٢٨٥٤ ـ وروى عنه عليه‌السلام عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : « لا تجلس بين الصفا والمروة إلا من جهد ».

باب

* (حكم من قطع عليه السعي لصلاة أو غيرها) *

٢٨٥٥ ـ روى معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيدخل وقت الصلاة أيخفف أو يصلي ثم يعود أو يلبث كما هو على حاله حتى يفرغ؟ فقال : أو ليس عليهما مسجد له (٢) ، لا بل يصلي ثم يعود ، قلت : ويجلس على الصفا والمروة؟ قال : نعم » (٣).

٢٨٥٦ ـ وروى علي بن النعمان ، وصفوان ، عن يحيى الارزق (٤) قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يسعى بين الصفا والمروة فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة فيلقاه الصديق فيدعوه إلى الحاجة أو إلى الطعام ، قال : إن أجابه فلا بأس ، ولكن يقضي حق الله عزوجل أحب إلي من أن يقضي حق صاحبه » (٥).

__________________

(١) يدل على أنه يستحب للراكب تحريك دابته في مقام الهرولة كما ذكره الأصحاب

(٢) أي موضع صلاة له. وقيل : المراد به المسجد الحرام وكونه عليهما كناية عن قرية وظهوره للساعين. ولا يخفى بعده (المرآة) وقوله : « لا » أي لا يسعى معجلا ولا مخففا بل يصلى ثم يعود.

(٣) في الكافي ج ٤ ص ٤٣٨ « قلت : جلس عليهما؟ قال : أو ليس هو ذا يسعى على الدواب » أي يجلس عليها وهو شايع وجائز فكيف لا يكون الجلوس جائزا. (م ت)

(٤) طريق علي بن نعمان صحيح وطريق صفوان حسن كالصحيح ، ويحيى بن عبد الرحمن الأزرق ثقة والمراد بأبي الحسن أبو الحسن الأول لعدم روايته عن الثاني صلوات الله عليهما.

(٥) يدل على جواز القطع لقضاء الحاجة وعلى أن الاتمام أفضل ، ويحتمل أن يكون لأجل عدم مجاوزة النصف. (م ت)

٤١٧

٢٨٥٧ ـ وروي عن ابن فضال قال : سأل محمد بن علي أبا الحسن عليه‌السلام فقال له : « سعيت شوطا ثم طلع الفجر ، فقال : صل ثم عد فأتم سعيك » (١).

باب

* (استطاعة السبيل إلى الحج) * (٢)

٢٨٥٨ ـ روي عن أبي الربيع الشامي (٣) قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا » فقال : ما يقول الناس فيها (٤)؟ فقيل له : الزاد والراحلة ، فقال عليه‌السلام : قد سئل أبو جعفر عليه‌السلام عن هذا فقال : هلك الناس إذا لئن كان من كان له زاد وراحلة قدر ما يقوت به عياله ويستغني به عن الناس ينطلق إليه (٥) فيسلبهم إياه لقد هلكوا إذا (٦) ، فقيل له : فما السبيل؟ فقال :

__________________

(١) قال المحقق : لو دخل وقت الفريضة وهو في السعي قطعه وصلى ثم أتمه ، وكذا لو قطعه لحاجة له أو لغيره. وقال في المدارك : ما اختاره المحقق من جواز قطع السعي في هاتين الصورتين والبناء مطلقا هو المشهور بين الأصحاب بل قال في التذكرة : انه لا يعرف فيه خلافا ونقل عن المفيد وأبى الصلاح وسلار أنهم جعلوا ذلك كالطواف في اعتبار مجاوزة النصف والمعتمد الأول للأصل وخبر معاوية بن عمار وابن فضال ويحيى الأزرق ، ولم يتعرض الأكثر لجواز قطعه اختيارا في غير هاتين الصورتين لكن مقتضى الاجماع المنقول على عدم وجوب الموالاة فيه الجواز مطلقا ولا ريب أن الاحتياط يقتضى عدم قطعه في غير المواضع المنصوصة.

(٢) أي حجة الاسلام وهي ما أوجبه الاسلام بأصل الشرع على المستطيع دون ما أوجبه المكلف على نفسه بالنذر وشبهه. (م ت)

(٣) في القوى كالكليني والشيخ والمصنف لكن طريق المصنف والكليني بل الشيخ صحيح إلى الحسن بن محبوب وهو في الطريق ولا يضر جهالة ما بعده فيكون الخبر صحيحا ولهذا تلقاه الأصحاب بالقبول ولم يرده أحد سوى بعض المتأخرين ممن لا معرفة له بطرق الاخبار ، وعلى أي حال فالشهرة بين الأصحاب كافية في العمل به. (م ت)

(٤) أي في الآية أو في الاستطاعة.

(٥) أي إلى الحج ، وقوله « فيسلبهم إياه » يعنى يسلب عياله ما يقوتون به.

(٦) أي لقد هلك إذا عياله لأنه أنفق زادهم ونفقتهم في سبيل الحج وتركهم معدمين.

٤١٨

السعة في المال إذا كان يحج ببعض ويبقى بعض لقوت عياله (١) أليس قد فرض الله عزوجل الزكاة فلم يجعلها إلا على من يملك مائتي درهم.

٢٨٥٩ ـ وروى هشام بن سالم ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « من عرض عليه الحج ولو على حمار أجدع ـ مقطوع الذنب ـ فأبى فهو مستطيع للحج » (٢).

باب

* (ترك الحج) *

٢٨٦٠ ـ روى حنان بن سدير (٣) قال : ذكرت لأبي جعفر عليه‌السلام البيت ، فقال : « لو عطلوه سنة واحدة لم يناظروا » (٤) وفي خبر آخر : لينزل عليهم العذاب (٥).

__________________

(١) اعلم أن المشهور بين الأصحاب أنه لا يشترط في الاستطاعة الرجوع إلى كفاية من صناعة أو مال أو حرفة ، وقال الشيخان وأبو الصلاح وابن البراج وابن حمزة باشتراطه مستدلين بهذا الخبر ، وأجيب عنه أو لا بالطعن في السند بجهالة الراوي وثانيا بالقول بالموجب فانا نعتبر زيادة على الزاد والراحلة بقاء النفقة لعياله مدة ذهابه وعوده ، ثم قال العلامة المجلسي بعد كلام : الحق أن هذه الرواية ظاهرة في اعتبار ما ذهبوا إليه من الاشتراط ، لكن تخصيص الآية والأخبار المستفيضة بها مع جهالة سندها وعدم صراحة متنها لا يخلو من اشكال.

(٢) أي العرض عليه موجب لوجوب الحج والاباء لا يسقطه فهو مستطيع أي في حكم المستطيع فيجب عليه ولو بالمشقة ، ولعله محمول على من يكفيه ذلك حيث ليس له عيال و حصل له نفقة نفسه (سلطان) والأجدع ـ بالدال المهملة ـ : مقطوع الاذن. وقيل : ظاهره عدم اعتبار مناسبة حاله في الشرف وهو المشهور.

(٣) سقطت هنا لفظة « عن أبيه » لعدم رواية حنان بلا واسطة عن أبي جعفر عليه‌السلام والخبر في الكافي ج ٤ ص ٢٧١ في الموثق عنه عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام.

(٤) المراد بالمناظرة ههنا الانظار بمعنى المهملة فالمعنى : لم يمهلوا من العذاب ولو تضرعوا إلى الله بأن يمهلوا للمفاعلة.

(٥) في الكافي في الحسن كالصحيح عن الحسين بن عثمان الأحمسي الثقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لو ترك الناس الحج لما نوظروا العذاب ـ أو قال : أنزل عليهم العذاب ـ ».

٤١٩

باب

* (الاجبار على الحج وعلى زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله) *

٢٨٦١ ـ روى حفص بن البختري ، وهشام بن سالم ، ومعاوية بن عمار ، وغيرهم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لو أن الناس تركوا الحج لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده ، ولو تركوا زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده ، فإن لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين » (١).

باب

* (علة التخلف عن الحج) *

٢٨٦٢ ـ روى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ما تخلف رجل عن الحج إلا بذنب ، وما يعفو الله عزوجل أكثر ».

٢٨٦٣ ـ وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : « ما من عبد يؤثر على الحج حاجة من حوائج الدنيا إلا نظر إلى المحلقين قد انصرفوا قبل أن تقضى له تلك الحاجة » (٢).

__________________

(١) يدل على كون عمارة البيت وعمارة روضة النبي وزيارته صلى‌الله‌عليه‌وآله وتعاهدها من الواجبات الكفائية فان الاجبار لا يتصور في الامر المستحب ، وربما يقال : إنما يجبر لان ترك الناس كلهم ذلك يتضمن الاستخفاف والتحقير وعدم الاعتناء بشأن تلك الأماكن ومشرفيها وذلك أن لم يكن كفرا يكون فسقا. والجواب أن ذلك مما يؤيد الوجوب الكفائي ولا ينافيه (المرآة) وقوله : « وعلى المقام عنده » أي يجب على الامام أن يجبر جماعة على الإقامة في الحرمين ، وان لم يكن لهم مال ينفق عليهم من بيت المال.

(٢) اعلم أن التأكيدات المتقدمة شاملة للحج والعمرة معا ، وذكر الحج فقط اما لشموله للعمرة لغة بل شرعا كما جاءت به روايات راجع الكافي (ج ٤ ص ٢٦٤)

٤٢٠