كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٦

٢٥٦٣ ـ وفي رواية هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا أحرمت من غمرة (١) أو بريد البعث صليت وقلت ما يقول المحرم في دبر صلاتك وإن شئت لبيت من موضعك ، والفضل أن تمشي قليلا ثم تلب » (٢).

٢٥٦٤ ـ وفي رواية ابن فضال عن أبي الحسن عليه‌السلام « في الرجل يأتي ذا الحليفة أو بعض الأوقات بعد صلاة العصر أو في غير وقت صلاة؟ قال : لا ، ينتظر حتى تكون الساعة التي يصلي فيها ـ وإنما قال ذلك مخافة الشهرة ـ » (٣).

٢٥٦٥ ـ وروى حفص بن البختري (٤) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « فيمن عقد الاحرام في مسجد الشجرة ، ثم وقع على أهله قبل أن يلبي ، قال : ليس عليه شئ » (٥).

__________________

وعليك السكينة والوقار ، ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه‌السلام أو في الحجر ، ثم اقعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة ، وأحرم بالحج ، ثم امض وعليك السكينة والوقار فإذا انتهيت إلى الرفضاء دون الردم فلب ، فإذا انتهيت إلى الردم وأشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتى منى ».

(١) أوسط وادى العقيق أو آخره كما تقدم ، وبريد البعث أوله. (م ت)

(٢) قوله « صليت » أي للاحرام « قلت ما يقول المحرم » من نية العمرة المتمتع بها إلى الحج لفظا مع القصد (م ت)

(٣) الظاهر أن هذه الجملة من كلام المؤلف ـ رحمه‌الله ـ وحمل الخبر على الاتقاء عليهم أو التقية ويدل عليه خبر إدريس بن عبد الله في التهذيب ج ١ ص ٤٦٨ قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يأتي بعض المواقيت بعد العصر كيف يصنع؟ قال : يقيم إلى المغرب ، قلت : فان أبى جماله أن يقيم عليه ، قال : ليس له أن يخالف السنة ، قلت : أله أن يتطوع بعد العصر؟ قال : لا بأس به ولكني أكرهه للشهرة وتأخير ذلك أحب ـ الخ »

(٤) الطريق إليه صحيح وهو ثقة.

(٥) يدل على أن الاحرام هو نية التحريم ، ولا ينعقد الا بالتلبية ويجوز الجماع قبلها (م ت) وهو مجمع عليه بين الأصحاب.

٣٢١

٢٥٦٦ ـ وفي رواية أبان ، عن علي بن عبد العزيز (١) قال : اغتسل أبو عبد الله عليه‌السلام بذي الحليفة للاحرام وصلى ، ثم قال : هاتوا ما عندكم من لحوم الصيد فاتي بحجلتين (٢) فأكلهما قبل أن يحرم (٣).

٢٥٦٧ ـ وفي رواية عبد الرحمن بن الحجاج عنه عليه‌السلام « أنه صلى ركعتين وعقد في مسجد الشجرة ، ثم خرج فاتي بخبيص (٤) فيه زعفران فأكل ـ قبل أن يلبي ـ منه ».

٢٥٦٨ ـ وروى عنه وهب بن عبد ربه (٥) « في رجل كانت معه أم ولد له فأحرمت قبل سيدها أله أن ينقض إحرامها ويطأها قبل أن يحرم؟ قال : نعم » (٦).

٢٥٦٩ ـ وكتب بعض أصحابنا إلى أبي إبراهيم عليه‌السلام « في رجل دخل مسجد الشجرة فصلى وأحرم ، ثم خرج من المسجد فبدا له قبل أن يلبي [أله] أن ينقض ذلك بمواقعة النساء؟ فكتب عليه‌السلام : نعم ـ أو لا بأس به ـ » (٧).

__________________

(١) رواه الكليني في الصحيح عن ابن مسكان ، عن علي بن عبد العزيز.

(٢) الحجل الذكر من القبج معرب كبك.

(٣) استدل به على عدم انتقاض الغسل بأكل لحم الصيد ، ويمكن أن يكون عليه‌السلام اغتسل بعد ذلك ، نعم يدل على جواز الأكل منه بعدهما وأن كان الظاهر الأول. (م ت)

(٤) الخبيص ـ وزان فعيل بمعنى مفعول ـ : طعام يعمل من التمر والزيت والسمن.

(٥) طريق المصنف إليه غير مذكور في المشيخة لكنه ثقة ورواه الكليني في القوى عن ابن محبوب عنه.

(٦) يدل ظاهرا على عدم انعقاد احرام المملوك بدون اذن مولاه ، وعلى جواز نقضه لو قيل بالانعقاد ولا مدخل لهذا الخبر في هذا الباب وكأن المصنف ـ رحمه‌الله ـ حمله على الاحرام بدون التلبية وهو خلاف ظاهر المقام. (م ت)

(٧) مروى في الكافي ج ٤ ص ٣٣١ عن النظر بن سويد في الصحيح ، ويدل على ما هو المقطوع به في كلام الأصحاب من أنه إذا عقد نية الاحرام ولبس ثوبيه ولم يلب ثم فعل ما لا يحل للمحرم فعله لم يلزمه بذلك كفارة.

٣٢٢

باب

* (الاشعار والتقليد) * (١)

٢٥٧٠ ـ روى عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إنما استحسنوا إشعار البدن لان أول قطرة تقطر من دمها يغفر الله عزوجل له على ذلك » (٢).

٢٥٧١ ـ وروى حريز ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « كان الناس يقلدون الغنم والبقر (٣) وإنما تركه الناس حديثا ويقلدون بخيط أو بسير » (٤).

٢٥٧٢ ـ وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل ساق هديا ولم يقلده ولم يشعره ، قال : قد أجزأ عنه (٥) ما أكثر ما لا يقلد ولا يشعر ولا

__________________

(١) الاشعار مختص بالبدن بشق سنامها من الجانب الأيمن ولطخه بدمها ، والتقليد مشترك بين الانعام الثلاثة بأن يقلد في رقبتها نعل خلق قد صلى فيها أو غيره ، أو خيط أو سير على ما يظهر من الاخبار ، والبدن جمع للبدنة ـ ككتب للكتبة ـ وهي الإبل الجسيم ذو البدن وسيجئ أنها الثنى منها ، وهي ما دخل في السادسة وقد تطلق على البقرة لكن في غير أخبارنا اعلامها بشق سنامها ولطخها بالدم. (م ت)

(٢) « استحسنوا اشعار البدن » أي مع اشتماله على الاضرار بها ، ولعل مرجع الضمير الخواص والعوام وضمير « له » لصاحب البدن. (مراد)

(٣) لعل المراد كانوا يقلدونها بالنعل التي يصلون فيها لان تقليدها به هو الشايع المتعارف. (مراد)

(٤) السير كالخيط من الجلد.

(٥) لعل المراد بعد ما وقع عنه التلبية فإنه حينئذ يستحب التقليد والاشعار (سلطان) وقال الفاضل التفرشي : لعل المراد اجزاء التلبية عن عقد الاحرام بهما ، و « ما أكثر » فعل التعجب و « ما » الثانية عبارة عن الهدى. واسناد لا يحلل ـ على بناء الفاعل من التحليل ـ إليه مجازي أي كثيرا ما من الهدى هدى لا يقلد ولا يشعر ولا يوجب ذلك أن يكون صاحبه حلالا لم ينعقد احرامه. ويجوز أن يكون « ما » بمعنى « من » أي كثير من الناس يعقد احرامه بغير الاشعار والتقليد ولا يلزم من ذلك أن يكون حلالا فاسد الاحرام.

٣٢٣

يجلل » (١).

٢٥٧٣ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « رجل أحرم من الوقت (٢) ومضى ثم إنه اشترى بدنة بعد ذلك بيوم أو يومين فأشعرها وقلدها وساقها ، فقال : إن كان ابتاعها قبل أن يدخل الحرم فلا بأس ، قلت : فإنه اشتراها قبل أن ينتهي إلى الوقت الذي يحرم منه فأشعرها وقلدها أيجب عليه حين فعل ذلك ما يجب على المحرم؟ قال : لا ولكن إذا انتهى إلى الوقت فليحرم ، ثم يشعرها ويقلدها فإن تقليده الأول ليس بشئ » (٣).

٢٥٧٤ ـ وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا ـ عبد الله عليه‌السلام عن البدن كيف تشعر؟ فقال : تشعر وهي باركة من شق سنامها الأيمن وتنحر وهي قائمة من قبل الأيمن ».

٢٥٧٥ ـ وفي رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « تقلدها (٤) نعلا خلقا قد صليت فيها (٥) والاشعار والتقليد بمنزلة التلبية ».

٢٥٧٦ ـ وفي رواية عبد الله بن سنان عنه عليه‌السلام « إنها تشعر وهي معقولة ».

٢٥٧٧ ـ وروى ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب قال : خرجت في عمرة (٦)

__________________

(١) تجليل الهدى : ستره بثوب ، ومنه الجل للفرس وروى أنهم كانوا يجللون بالبرد. وقال سلطان العلماء : قد ضبطه بعضهم بالحاء المهملة على صيغة المجهول أي كثيرا ما لا يبلغ الهدى محله من التحليل أي تبليغ الهدى محله ، وقيل : المراد كثيرا ما لا يقلد ولا يشعر ولا يصير بذلك المكلف حلالا أي لا يبطل احرامه ولا يخفى بعد ذلك كله.

(٢) أي من الميقات وكذا ما يأتي في الموضعين.

(٣) يدل على جواز الاشعار والتقليد بعد الاحرام لو كان قبل دخول الحرم ، وعلى أن الاحرام والتقليد والاشعار قبل الميقات بمنزلة العدم. (م ت)

(٤) في بعض النسخ « يقلدها » بالياء.

(٥) الخلق : البالي ، وقوله « صليت » على نسخة « تقلدها » يقرء معلوما وعلى نسخة « يقلدها » يقرء مجهولا ، والذي ذهب إليه أكثر الفقهاء صيغة المعلوم يعنى كون المحرم صلى فيها.

(٦) أي عمرة التمتع بقرينة قوله « من عرفة ».

٣٢٤

فاشتريت بدنة وأنا بالمدينة فأرسلت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام فسألته كيف أصنع بها؟ فأرسل إلى ما كنت تصنع بهذا فإنه كان يجزيك أن تشتري منه من عرفة ، وقال : انطلق حتى تأتي مسجد الشجرة فاستقبل بها القبلة وأنخها ثم ادخل المسجد فصل ركعتين ثم اخرج إليها فأشعرها في الجانب الأيمن ، ثم قل : « بسم الله اللهم منك ولك ، اللهم تقبل مني » فإذا علوت البيداء فلب (١).

* (باب التلبية) *

٢٥٧٨ ـ روى النضر بن سويد (٢) عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لما لبى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد (٣) والنعمة لك والملك ، لا شريك لك [لبيك] ، لبيك ذا المعارج لبيك » وكان عليه‌السلام يكثر من ذي المعارج (٤) وكان يلبي كلما لقي راكبا أو علا أكمة (٥) أو هبط واديا ، ومن آخر الليل ، وفي أدبار الصلوات » (٦).

٢٥٧٩ ـ وفي رواية حريز « أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أحرم أتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : مر أصحابك بالعج والثج ، فالعج رفع الصوت بالتلبية ، والثج نحر البدن » (٧)

__________________

(١) يدل ظاهرا على عدم استحباب السياق من التمتع أو عدم تأكده ولهذا رخص له (م ت) والخبر رواه الكليني ج ٤ ص ٢٩٦ مع اختلاف ويمكن أن يكون هذا غيره.

(٢) الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة.

(٣) يجوز الفتح والكسر في الهمزة والكسر أولى ، لأنه يدل على العموم بخلاف الفتح لما يدل على خصوص المقام لأنه يصير كالعلة في اختصاص التلبية به تعالى وفى الكسر يدل عليه وعلى غيره من المحامد. (م ت)

(٤) أي كان صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « لبيك ذا المعارج لبيك » كثيرا. (م ت)

(٥) الأكمة ـ محركة ـ : التل وهي دون الجبال.

(٦) رواه الكليني في حديث مفصل في باب حج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ج ٤ ص ٢٥٠.

(٧) في الكافي ج ٤ ص ٣٣٦ « علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز رفعه قال » ان رسول الله (ص) ـ الخ « وزاد في آخره » قال جابر بن عبد الله : ما بلغنا الروحاء حتى بحت أصواتنا أي خشنت أصواتنا. والروحاء على نحو أربعين ميلا من المدينة.

٣٢٥

٢٥٨٠ ـ وروى أبو سعيد المكاري (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن الله عزوجل وضع عن النساء أربعا : الاجهار بالتلبية ، والسعي بين الصفا والمروة ـ يعني الهرولة ـ ودخول الكعبة ، واستلام الحجر الأسود » (٢).

٢٥٨١ ـ وروى الحلبي (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « لا بأس أن تلبي وأنت على غير طهر ، وعلى كل حال » (٤).

٢٥٨٢ ـ وروى جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « لا بأس أن يلبي الجنب » (٥).

٢٥٨٣ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « يكره للرجل أن يجيب بالتلبية إذا نودي وهو محرم ».

٢٥٨٤ ـ وفي خبر آخر « إذا نودي المحرم فلا يقل لبيك ولكن يقول : يا سعد » (٦).

٢٥٨٥ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « جاء جبرئيل عليه‌السلام إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : إن التلبية شعار المحرم فارفع صوتك بالتلبية » لبيك اللهم لبيك لبيك

__________________

(١) لم يذكر المؤلف طريقه إليه وهو ضعيف ورواه الشيخ بسند فيه ارسال.

(٢) روى الكليني عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي سعيد المكارى ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ليس على النساء جهر بالتلبية » وقال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : في بعض نسخ الكافي الصحيحة بزيادة « ولا استلام الحجر ولا دخول البيت ولا سعى بين الصفا والمروة ـ يعنى الهرولة ـ ». وفى طريق هذا الخبر ابن أبي عمير وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه فالسند معتبر لصحته عنه.

(٣) الطريق إليه صحيح وهو عبيد الله بن علي الحلبي وكان ثقة.

(٤) يدل على عدم اشراط الطهارة في التلبية وان كانت أحسن كما سيجئ. (م ت)

(٥) كذا في النسخ التي عندي وقد قرأه بعضهم : « لا بأس أن يلبى المجيب ».

(٦) محمول على الكراهة ولعل المراد ما رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٣٦٦ في الصحيح عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ليس للمحرم أن يلبى من دعاه حتى يقضى احرامه ، قلت : كيف يقول قال يقول : يا سعد » وهو أيضا ، محمول على الكراهة. والحكمة فيه واضحة لان التلبية هنا إجابة لله تعالى فيكره أن يشرك غيره فيها ما دام في احرامه.

٣٢٦

لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك [لبيك] (١).

٢٥٨٦ ـ وروى لي محمد بن القاسم الاسترآبادي (٢) ، عن يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن يسار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى ابن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب [عن أبيه] عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما بعث الله عزوجل موسى ابن عمران واصطفاه نجيا ، وفلق له البحر ، ونجى بني إسرائيل ، وأعطاه التوراة والألواح رأى مكانه من ربه عزوجل فقال : يا رب لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا من قبلي ، فقال الله جل جلاله ، يا موسى أما علمت أن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل عندي من جميع ملائكتي وجميع خلقي ، فقال موسى : يا رب فإن كان محمد أكرم عندك من جميع خلقك فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟ قال الله عزوجل : يا موسى أما علمت أن فضل آل محمد على جميع آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين؟ فقال : يا رب فإن كان آل محمد كذلك فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمتي ظللت عليهم الغمام ، وأنزلت عليهم المن والسلوى ، وفلقت لهم البحر؟ فقال الله عزوجل : يا موسى أما علمت أن فضل أمة محمد على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي ، فقال موسى عليه‌السلام : يا رب ليتني كنت أراهم ، فأوحى الله عزوجل إليه يا موسى إنك لن تراهم فليس هذا أوان ظهورهم ولكن سوف تراهم في الجنان جنات عدن والفردوس بحضرة محمد ، في نعيمها يتقلبون ، وفي خيراتها يتبجحون (٣) أفتحب أن أسمعك كلامهم؟ قال : نعم يا إلهي قال الله عزوجل : قم بين يدي واشدد مئزرك

__________________

(١) يدل على كيفية التلبية ، وعلى أنها شعار المحرم وعلامته ، وعلى استحباب الجهر فيها. (م ت)

(٢) هو صاحب التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام قال العلامة في الخلاصة انه ضعيف كذاب روى الصدوق عنه تفسيرا يرويه عن رجلين مجهولين أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد والاخر علي بن محمد بن يسار عن أبيهما عن أبي الحسن الثالث عليه‌السلام والتفسير موضوع عن سهل الديباجي عن أبيه بأحاديث من هذه المناكير ـ انتهى.

(٣) بتقديم المعجمة على المهملة أي يتنعمون.

٣٢٧

قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل ، ففعل ذلك موسى عليه‌السلام فنادى ربنا عزوجل يا أمة محمد! فأجابوه كلهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم » لبيك اللهم لبيك لبيك ، لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك [لبيك] « قال : فجعل الله عزوجل تلك الإجابة شعار الحج ».

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وقد أخرجته في تفسير القرآن.

باب

* (ما يجب على المحرم اجتنابه من الرفث والفسوق والجدال (١)) *

* (في الحج) *

٢٥٨٧ ـ روى محمد بن مسلم ، والحلبي جميعا عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج » (٢) فقال : إن الله عزوجل اشترط على الناس شرطا وشرط لهم شرطا ، فمن وفى له وفى الله له ، فقالا له : فما الذي اشترط عليهم وما الذي شرط لهم؟ فقال : أما الذي اشترط عليهم فإنه قال : « الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ». وأما ما شرط لهم فإنه قال : « فمن تعضل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى » قال يرجع ولا ذنب له ، فقالا له : أرأيت من ابتلي بالفسوق ما عليه؟ فقال : لم يجعل الله عزوجل له حدا يستغفر الله ويلبي ، فقالا له : فمن ابتلي بالجدال ما عليه؟ فقال : إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه شاة ، وعلى المخطئ بقرة (٣) وقال أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ في رسالته إلي (٤) : إتق في إحرامك الكذب

__________________

(١) الرفث هو الجماع أو الأعم منه ومن الفحش والكلام القبيح ، والفسوق : الكذب ، والجدال هو قول : « لا والله وبلى والله ».

(٢) أي لاجماع ولا كذب ولا سباب ولا جدال في أيام الحج.

(٣) يعنى يجب على الصادق في يمينه دم شاة يهريقه ويطعمها على المساكين ، وعلى المخطئ بقرة.

(٤) اكتفى في هذه الأحكام بقول أبيه ولم ينقل الأخبار الواردة فيها اختصارا.

٣٢٨

واليمين الكاذبة والصادقة وهو الجدال ، والجدال قول الرجل : (لا والله وبلى والله) فإن جادلت مرة أو مرتين وأنت صادق فلا شئ عليك ، فإن جادلت ثلاثا وأنت صادق فعليك دم شاة ، فإن جادلت مرة كاذبا فعليك دم شاة ، وإن جادلت مرتين كاذبا فعليك دم بقرة ، وإن جادلت كاذبا ثلاثا فعليك بدنة (١) ، والفسوق الكذب فاستغفر الله منه ، والرفث الجماع ، فإن جامعت وأنت محرم في الفرج فعليك بدنة والحج من قابل ، ويجب أن يفرق بينك وبين أهلك حتى تقضيا المناسك ، ثم تجتمعان ، فإن أخذتما على طريق غير الذي كنتما أخذتما عليه عام أول لم يفرق بينكما ، وتلزم المرأة بدنة إذا جامعها الرجل ، فإن أكرهها لزمته بدنتان ولم يلزم

__________________

(١) في الكافي ج ٤ ص ٣٣٨ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إذا أحرمت فعليك بتقوى الله ، وذكر الله كثيرا ، وقلة الكلام الا بخير فان من تمام الحج والعمرة أن يحفظ المرء لسانه الا من خير كما قال الله عزوجل فان الله عزوجل يقول : « فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج » والرفث : الجماع ، والفسوق : الكذب والسباب ، والجدال : قول الرجل « لا والله وبلى والله » واعلم أن الرجل إذا حلف بثلاث أيمان ولاء في مقام واحد وهو محرم فقد جادل فعليه دم يهريقه ويتصدق به ، وإذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل وعليه دم يهريقه ويتصدق به ، وقال : اتق المفاخرة وعليك بورع يحجزك عن معاصي الله فان الله عزوجل يقول : « ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق » قال أبو عبد الله : من التفث أن تتكلم في احرامك بكلام قبيح ، فإذا دخلت مكة وطفت بالبيت وتكلمت بكلام طيب فكان ذلك كفارة ، قال : وسألته عن الرجل يقول : لا لعمري وبلى لعمري ، قال : ليس هذا من الجدال إنما الجدال لا والله وبلى والله ».

وفيه بسند ضعيف ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « إذا حلف ثلاث أيمان متتابعات صادقا فقد جادل وعليه دم ، وإذا حلف بيمين واحدة كاذبا فقد جادل وعليه دم ».

وفيه بسند صحيح عن سليمان بن خالد قال : « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : » في الجدال شاة ، وفى السباب والفسوق بقرة ، والرفث فساد الحج.

٣٢٩

المرأة شئ ، فإن كان جماعك دون الفرج فعليك بدنة وليس عليك الحج من قابل. (١)

٢٥٨٨ ـ وقال الصادق عليه‌السلام (٢) : إن وقعت على أهلك بعد ما تعقد للاحرام

__________________

(١) في الكافي ج ٤ ص ٣٧٣ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في المحرم يقع على أهله ، قال : إن كان أفضى إليها فعليه بدنة والحج من قابل ، وان لم يكن أفضى إليها فعليه بدنة وليس عليه الحج من قابل ، قال : وسألته عن رجل وقع على امرأته وهو محرم ، قال : إن كان جاهلا فليس عليه شئ وان لم يكن جاهلا فعليه سوق بدنة وعليه الحج من قابل ، فإذا انتهى إلى المكان الذي وقع بها فرق محملهما فلم يجتمعا في خبأ واحد الا أن يكون معهما غيرهما حتى يبلغ الهدى محله ».

وفيه في الصحيح عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن رجل باشر امرأته وهما محرمان ما عليهما؟ فقال : ان كانت المرأة أعانت بشهوة مع شهوة الرجل فعليهما الهدى جميعا ويفرق بينهما حتى يفرغا من المناسك وحتى يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا وان كانت المرأة لم تعن بشهوة واستكرهها صاحبها فليس عليها شئ ».

وفيه ج ٤ ص ٣٧٣ في الحسن كالصحيح عن زرارة قال : « سألته عن محرم غشى امرأته وهي محرمة ، قال : جاهلين أو عالمين؟ قلت : أجنبي في الوجهين جميعا ، قال : ان كانا جاهلين استغفرا ربهما ومضيا على حجهما وليس عليهما شئ ، وان كانا عالمين فرق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه وعليهما بدنة وعليهما الحج من قابل ، فإذا بلغا المكان الذي أحدثا فيه فرق بينهما حتى يقضيا نسكهما ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا ، قلت : فأي الحجتين لهما ، قال : الأولى التي أحدثا فيها ما أحدثا والأخرى عليهما عقوبة ».

وقال في المدارك ص ٤٥١ اطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضى عدم الفرق في الزوجة بين الدائم والمستمتع بها ، ولا في الوطي بين القبل والدبر ، ونقل عن الشيخ في المبسوط أنه أوجب بالوطي في الدبر البدنة دون الإعادة وهو ضعيف لان المواقعة المنوط بها الإعادة يتناول الامرين ، وألحق العلامة في المنتهى بوطي الزوجة الزنا ووطي الغلام لأنه أبلغ في هتك الاحترام فكانت العقوبة عليه أولى بالوجوب ، وهو غير بعيد وان أمكن المناقشة في دليله ، ولا فرق في الحج بين كونه واجبا أو مندوبا لاطلاق النص ولان الحج المندوب يجب اتمامه بالشروع فيه كما يجب اتمام الحج الواجب ، وإنما يفسد الحج بالجماع إذا وقع قبل الوقوف بالمشعر كما سيجئ التصريح به. وقال في ص ٤٥٣ ان من جامع بعد الوقوف بالمشعر قبل طواف النساء كان حجه صحيحا ووجب عليه بدنة لا غير.

(٢) احتمل المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ أن يكون هذا من تتمة كلام أبيه ويكون ملفقا من أخبار. وقال : إن كان من كلام المصنف لم نطلع عليه في غير هذا الكتاب.

٣٣٠

وقبل أن تلبي فلا شئ عليك ، وإن جامعت وأنت محرم قبل أن تقف بالمشعر فعليك بدنة والحج من قابل ، وإن جامعت بعد وقوفك بالمشعر فعليك بدنة وليس عليك الحج من قابل ، وإن كنت ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليك.

٢٥٨٩ ـ وسأله أبو بصير « عن رجل واقع امرأته (١) وهو محرم ، قال ، عليه‌السلام : عليه جزور كوماء (٢) فقال : لا يقدر ، قال عليه‌السلام : ينبغي لأصحابه أن يجمعوا له ولا يفسدوا عليه حجه » (٣).

وإن نظر محرم إلى غير أهله فأنزل فعليه جزورا أو بقرة ، فإن لم يقدر فشاة. (٣) وإذا نظر المحرم إلى المرأة (٥) نظر شهوة فليس عليه شئ ، فإن لمسها فعليه

__________________

(١) في بعض النسخ « واقع أهله ».

(٢) أي الناقة العظيمة السنام.

(٣) « ينبغي » أي يستحب. والخبر يحمل على ما إذا كان بعد الوقوف بالمشعر.

(٤) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٤٠ في الصحيح عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل محرم نظر إلى غير أهله فأنزل ، قال عليه جزور أو بقرة ، فإن لم تجد فشاة ». وفى الكافي ج ٤ ص ٣٧٧ في الصحيح عن معاوية بن عمار « في محرم نظر إلى غير أهله فأنزل ، قال : عليه دم لأنه نظر إلى غير ما يحل له ، وان لم يكن أنزل فليتق الله ولا يعد وليس عليه شئ ». وهذا الخبر مجمل يفسره الخبر الأول أو يحمل الأول على الاستحباب عينا والوجوب تخييريا كما قاله المولى المجلسي.

(٥) أي امرأته دون الأجنبية روى الكليني في الكافي ج ٤ ص ٣٧٥ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم ، قال : لا شئ عليه ولكن ليغتسل ويستغفر ربه وان حملها من غير شهوة فأمنى أو أمذى فلا شئ عليه وان حملها أو مسها بشهوة فأمنى أو أمذى فعليه دم ، قال في المحرم ينظر إلى امرأته وينزلها بشهوة حتى ينزل قال : عليه بدنة ».

وفيه في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته ، قال : نعم يصلح عليها خمارها ويصلح عليها ثوبها ومحملها. قلت : أفيمسها وهي محرمة؟ قال : نعم ، قلت : المحرم يضع يده بشهوة؟ قال : يهريق دم شاة ، قلت : فان قبل؟ قال : هذا أشد ينحر بدنة ».

٣٣١

دم شاة ، فان قبلها فعليه دم شاة (١).

فإن أتى المحرم أهله ناسيا فلا شئ عليه إنما هو بمنزلة من أكل في شهر رمضان وهو ناس (٢).

٢٥٩٠ ـ وسأل أبو بصير (٣) أبا عبد الله عليه‌السلام « عن رجل محرم نظر إلى ساق امرأة أو إلى فرجها فأمنى ، فقال : إن كان موسرا فعليه بدنة ، وإن كان وسطا فعليه بقرة ، وإن كان فقيرا فعليه شاة ، وقال : إني لم أجعل عليه هذا لأنه أمنى ولكني جعلته عليه لأنه نظر إلى ما لا يحل له ».

٢٥٩١ ـ وسأله محمد بن مسلم « عن الرجل يحمل امرأته أو يمسها فأمنى أو أمذى؟ فقال : إن حملها أو مسها بشهوة فأمنى أو لم يمن أو أمذى أو لم يمذ فعليه دم شاة يهريقه ، وإن حملها أو مسها بغير شهوة فليس عليه شئ أمنى أو لم يمن ، أمذى أو لم يمذ ».

وإذا وجبت على الرجل بدنة في كفارة فلم يجدها فعليه سبع شياه ، فإن لم

__________________

(١) في الكافي في الصحيح عن مسمع أبى سيار قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : « يا أبا سيار ان حال المحرم ضيقة فمن قبل امرأته على غير شهوة وهو محرم فعليه دم شاة ، ومن قبل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور ويستغفر ربه ، ومن مس امرأته بيده وهو محرم على شهوة فعليه دم شاة ، ومن نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور ، ومن مس امرأته أو لازمها من غير شهوة فلا شئ عليه » ويأتي تحت رقم ٢٧١٥ عن الحلبي ما يدل على كلام المؤلف.

(٢) روى المؤلف في العلل عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام « في المحرم يأتي أهله ناسيا؟ قال : لا شئ عليه إنما هو بمنزلة من أكل في شهر رمضان وهو ناس » ويؤيده ما رواه الكليني ج ٤ ص ٣٨١ في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام  ـ في حديث ـ : « وليس عليك فداء ما أتيته بجهالة الا الصيد ، فان عليك فيه الفداء بجهل كان أو بعمد » وكذا ما روى في تحف العقول في مرسل عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام في حديث طويل قال : وكلما أتى به المحرم بجهالة أو خطا فلا شئ عليه الا الصيد ـ الحديث.

(٣) طريق المؤلف إلى أبي بصير ضعيف بعلى بن أبي حمزة البطائني ، لكن الخبر رواه الكليني ج ٤ ص ٣٧٧ في الموثق كالصحيح.

٣٣٢

يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في منزله (١).

وإن طفت بالبيت وبالصفا والمروة وقد تمتعت ثم عجلت فقبلت أهلك قبل أن تقصر من رأسك فإن عليك دما تهريقه ، وإن جامعت فعليك جزور أو بقرة (٢)

٢٥٩٢ ـ وروى ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول له أصحابه : والله لا تعلمه (٣) فيقول : والله لأعملنه فيحالفه مرارا ، فيلزمه ما يلزم صاحب الجدال؟ فقال : لا إنما أراد بهذا إكرام أخيه إنما يلزمه ما كان لله عزوجل معصية ».

٢٥٩٣ ـ وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إتق المفاخرة وعليك بورع يحجزك عن معاصي الله عزوجل فإن الله عزوجل يقول : « ثم ليقضوا تفثهم » ومن التفث أن تتكلم في إحرامك بكلام قبيح فإذا دخلت مكة فطفت

__________________

(١) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٨٤ في الصحيح عن ابن محبوب ، عن داود الرقي عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء ، قال : إذا لم يجد بدنة فسبع شياه ، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما ». ورواه الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن محمد ، عن داود الرقي.

(٢) روى الكليني في الكافي ج ٤ ص ٤٤٠ في الحسن كالصحيح والشيخ في التهذيب في الصحيح عن الحلبي واللفظ للكليني قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل طاف بالبيت ثم بالصفا والمروة وقد تمتع ثم عجل فقبل امرأته قبل أن يقصر من رأسه ، فقال : عليه دم يهريقه ، وان جامع فعليه جزور أو بقرة » وقال العلامة المجلسي ـ ره ـ : ظاهره التخيير والمشهور أنه يجب عليه بدنة فان عجز فشاة وهو اختيار ابن إدريس ، وقال ابن أبي عقيل : عليه بدنة ، وقال سلار : عليه بقرة. والمعتمد الأول ، وقال في التحرير : ولو جامع امرأته عامدا قبل التقصير وجب عليه جزور إن كان موسرا وإن كان متوسطا فبقرة ، وإن كان فقيرا فشاة ولا تبطل عمرته ، والمرأة ان طاوعته وجب عليها مثل ذلك ولو أكرهها تحمل عنها الكفارة ولو كان جاهلا لم يكن عليه شئ ، ولو قبل امرأته قبل التقصير وجب عليه دم شاة.

(٣) أي يريد أن يخدمهم على وجه الاكرام وهم يقسمون عليه على وجه التواضع ان لا تفعل. (المرآة)

٣٣٣

بالبيت تكلمت بكلام طيب وكان ذلك كفارة لذلك (١).

باب

* (ما يجوز الاحرام فيه وما لا يجوز) *

٢٥٩٤ ـ روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كان ثوبا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اللذان أحرم فيهما يمانيين عبري وظفار وفيهما كفن » (٢).

٢٥٩٥ ـ وروى حماد ، عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كل ثوب تصلي فيه فلا بأس تحرم فيه (٣) ».

٢٥٩٦ ـ وسأله حماد النواء (٤) أو سئل وهو حاضر « عن المحرم يحرم في برد (٥) قال : لا بأس به وهل كان الناس يحرمون إلا في البرود (٦) ».

٢٥٩٧ ـ وروى خالد بن أبي العلاء (٧) الخفاف قال : « رأيت أبا جعفر عليه‌السلام

__________________

(١) هذا جزء من الحديث الذي تقدم تمامه في الهامش على الكليني والشيخ  ـ رحمهما‌الله ـ.

(٢) العبر ـ بالكسر ـ : ما أخذ على غربي الفرات إلى برية العرب ، وقبيلة (القاموس) وظفار ـ بفتح أوله والبناء على الكسر ـ كقطام وحذام مدينتان باليمن إحداهما قرب صنعاء ينسب إليها الجزع الظفاري ، بها كان مسكن ملوك حمير ، وقيل : ظفار هي مدينة صنعاء نفسها. (المراصد)

(٣) في بعض النسخ « تصلى فيه » وكيف كان يستدل به على أنه يشترط أن يكونا من جنس ما يصلى فيه فلا يجوز في الحرير ولا النجس عدا النجاسة المعفو عنها في الصلاة ولا في جلد مالا يؤكل لحمه وشعره ووبره بل استشكل بعضهم في الجلد مطلقا بأنه لم يعهد من النبي (ص) ومن الأئمة (ع) وفيه أن الخبر كاف في المعهودية مع تأيده بأخبار أخر مثله نعم الأفضل أن يكون قطنا محضا لما رواه الكليني من فعل النبي (ص). (م ت)

(٤) الطريق إليه ضعيف كما في الخلاصة.

(٥) أي مع كونه مغشوشا بالحرير. (م ت)

(٦) مبالغة في كثرة الاحرام في البرد ومثله شايع في المبالغة. (مراد)

(٧) كذا ، وهكذا في المشيخة لكن في كتب الرجال خالد بن بكار أبو العلاء الخفاف ، وفى الكافي عن خالد أبى العلاء الخفاف.

٣٣٤

وعليه برد أخضر وهو محرم (١) ».

٢٥٩٨ ـ وروي عن عمرو بن شمر [عن أبيه] (٢) قال : « رأيت أبا جعفر عليه‌السلام وعليه برد مخفف (٣) وهو محرم ».

٢٥٩٩ ـ وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام أنه « سئل عن الرجل يحرم في الثوب الوسخ فقال : لا ولا أقول إنه حرام ، ولكن أحب ذلك إلي أن يطهر [ه] وطهره غسله (٤) ولا يغسل الرجل ثوبه الذي يحرم فيه حتى يحل وإن توسخ إلا أن تصيبه جنابة أو شئ فيغسله (٥) ».

٢٦٠٠ ـ وروى ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس أن يحرم الرجل في ثوب مصبوغ ممشق (٦) ».

٢٦٠١ ـ وروي عن أبي بصير قال : « سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : كان علي عليه‌السلام معه بعض صبيانه (٧) فمر عليه عمر فقال : ما هذان الثوبان المصبوغان وأنت

__________________

(١) يدل على جواز الاحرام في الأخضر إذا كان بردا بغير كراهية الا أن يكون لبيان الجواز. (م ت)

(٢) ما بين القوسين زيادة في أكثر النسخ ، ورواية عمرو بن شمر عن أبيه غريب لم نعهده الا هنا ولم يذكر في كتب الرجال. ولعله من زيادة النساخ.

(٣) في بعض النسخ « مخفق » أي لماع شفاف ، وأخفق الرجل بثوبه لمع به. وعلى نسخة المتن يحتمل أن يكون المراد رقة الثواب أو قلة قيمته كما قاله سلطان العلماء ـ ره ـ.

(٤) لعل ذلك إشارة إلى الثواب الذي يحرم فيه ومعنى أن يطهر كونه خاليا عن الوسخ وفى بعض النسخ أن يطهره أي يزيل وسخه بالغسل فذلك إشارة إلى الثواب الوسخ وعلى التقديرين فضمير غسله للوسخ. (مراد)

(٥) المشهور بين الأصحاب كراهة الاحرام في الثياب الوسخة كما دلت عليه الرواية وكذا كراهة الغسل للثوب الذي أحرم فيه وان توسخ الا مع النجاسة. (المرآة)

(٦) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٦٧ عن ابن مسكان عن الحلبي نحوه في حديث. والممشق ـ كمعظم : المصبوغ بالمشق وهو بالكسر : طين أحمر يقال له بالفارسية « گل أرمني ».

(٧) في بعض النسخ « بعض أصحابه » لكن في التهذيب كما في المتن في حديث مفصل.

٣٣٥

محرم؟ فقال علي عليه‌السلام ما نريد أحدا يعلمنا بالسنة إن هذين الثوبين صبغا بطين ».

٢٦٠٢ ـ وروي عن الحسين بن المختار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « أيحرم الرجل في الثوب الأسود؟ قال : لا يحرم في الثوب الأسود ، ولا يكفن فيه الميت (١) ».

٢٦٠٣ ـ وروى حنان بن سدير قال : « كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فسأله رجل أيحرم في ثوب فيه حرير ، قال : فدعا بإزار له فرقبي (٢) فقال : أنا أحرم في هذا وفيه حرير ».

٢٦٠٤ ـ وروي عن الحلبي قال : « سألته عن الرجل يحرم في ثوب له علم؟ فقال : لا بأس به » (٣).

٢٦٠٥ ـ وفي رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس أن يحرم الرجل في الثوب المعلم ، وتركه أحب إلي إذا قدر على غيره ».

٢٦٠٦ ـ وسأله ليث المرادي « عن الثوب المعلم هل يحرم فيه الرجل؟ قال : نعم إنما يكره الملحم (٤) ».

٢٦٠٧ ـ وسأله الحسين بن أبي العلاء « عن الثوب للمحرم يصيبه الزعفران ثم يغسل فقال : لا بأس به إذا ذهب ريحه ولو كان مصبوغا كله إذا ضرب إلى البياض

__________________

(١) ظاهر الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في النهاية حرمة الاحرام في السواد وحمل على تأكد الكراهة.

(٢) هو ثوب مصري أبيض من كتان ، قال الزمخشري : الفرقبية : ثياب مصرية بيض من كتان. وفى بعض النسخ « قرقبى » منسوب إلى قرقوب حذف منه الواو كما حذف في السابري حيث ينسب إلى سابور ، وقرقوب ـ بالضم ثم السكون وقاف أخرى وواو ساكنة وآخره باء موحدة ـ : بلدة متوسطة بين واسط والبصرة والأهواز كما في المراصد.

(٣) « في ثوب له علم » أي لون يخالف لونه.

(٤) في الصحاح الملحم ـ كمكرم ـ : جنس من الثياب. وقد قطع المحقق وجمع من الأصحاب بكراهة الاحرام في الملحم. وقال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : الخبر محمول على الكراهة وعلى أن المراد بالملحم ما كان من الحرير المحض. وقال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : الظاهر أن المراد بالملحم ما كان لحمته حريرا كالقطني المعروف بيننا فان حريره ظاهر شفاف بخلاف مثل الخزفان سداه أبريشم ولا يظهر.

٣٣٦

وغسل فلا بأس (١) ».

٢٦٠٨ ـ وروى القاسم بن محمد الجوهري (٢) عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن اضطر المحرم إلى أن يلبس قباء من برد ولا يجد ثوبا غيره فليلبسه مقلوبا ، ولا يدخل يديه في يدي القباء ».

٢٦٠٩ ـ وروي عن الكاهلي قال : « سأله رجل وأنا حاضر عن الثوب يكون مصبوغا بالعصفر (٣) ثم يغسل ألبسه وأنا محرم؟ فقال : نعم ليس العصفر من الطيب ، ولكني أكره أن تلبس ما يشهرك به الناس ».

٢٦١٠ ـ و « سأله إسماعيل بن الفضل (٤) عن المحرم أيلبس الثوب قد أصابه الطيب؟ فقال : إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه ».

٢٦١١ ـ وروي عن أبي الحسن النهدي قال : « سأل سعيد الأعرج أبا عبد الله

__________________

(١) أي لا يكون مشبعا بلونه فإنه لا يكاد يذهب ريحه غالبا وإذا ضرب إلى البياض ان غسل حتى يذهب ريحه يجوز والا فلا يجوز لان الزعفران طيب بلا خلاف. (م ت)

(٢) ضعيف واقفي كعلى بن أبي حمزة ، ورواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٦٦ في الصحيح عن موسى بن القاسم ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام ، وفى المدارك : هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب بل ظاهر التذكرة والمنتهى أنه موضع وفاق ويستفاد من الروايات أن معنى قلب الثوب تنكيسه وجعل الذيل على الكتفين كما ذكره ابن إدريس ، وفسره بعضهم بجعل باطن القباء ظاهرا ، واجتزأ العلامة في المختلف بكل من الامرين ، أما التنكيس فلما تقدم ، وأما جعل الباطن ظاهرا فلقوله عليه‌السلام « ولا يدخل يديه » فان هذا النهى إنما يتحقق مع القلب بالتفسير الثاني ، ولخبر محمد بن مسلم والاحتياط يقتضى الجمع بينهما ـ انتهى. أقول : أراد بخبر محمد بن مسلم ما يأتي تحت رقم ٢٦١٦.

(٣) المشهور بين الأصحاب كراهة المعصفر (أي المصبوغ بالعصفر وهو صبغ أصفر اللون) وكل ثوب مصبوغ مفدم ، وقال في المنتهى : لا بأس بالمعصفر من الثياب ويكره إذا كان مشبعا وعليه علماؤنا ، والأظهر عدم كراهة المعصفر مطلقا إذ الظاهر من الاخبار أن أخبار النهى محمولة على التقية كما يومى إليه آخر هذا الخبر. (المرآة)

(٤) السند حسن كالصحيح.

٣٣٧

عليه‌السلام وأنا عنده عن الخميصة (١) سداها إبريسم ولحمتها مرعزي (٢) فقال : لا بأس بأن تحرم فيها ، إنما يكره الخالص منها (٣) ».

٢٦١٢ ـ وسأل حماد بن عثمان أبا عبد الله عليه‌السلام « عن خلوق الكعبة وخلوق القبر يكون في ثوب الاحرام ، فقال : لا بأس بهما هما طهوران (٤) ».

٢٦١٣ ـ وسأله سماعة « عن الرجل يصيب ثوبه زعفران الكعبة وهو محرم ، فقال : لا بأس به وهو طهور فلا تتقه أن يصيبك ».

٢٦١٤ ـ وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في المحرم يلبس الطيلسان المزرر؟ قال : نعم في كتاب علي عليه‌السلام : لا تلبس طيلسانا حتى تحل أزراره ، وقال :

__________________

(١) الخميصة : كساء أسود مربع له علمان فإن لم يكن معلما فليس بخميصة (الصحاح) وفى النهاية : ثوب خز أو صوف معلم ، وقيل : لا تسمى بها الا أن تكون سوداء معلمة.

(٢) رواه الكليني عن أبي بصير وفيه « ولحمتها من غزل ». والمرعزى ـ بكسر الميم وتشديد الياء وبفتح الميم وتخفيف الياء ـ : صغار شعر العنز الذي ينسج منه الصوف.

(٣) لعل المراد بالكراهة الحرمة.

(٤) أراد بالقبر قبر النبي (ص) فان القبر كثيرا ما يطلق في كلامهم عليهم‌السلام ويراد به قبره صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فان أضافوا إليه الطين فالمراد قبر الحسين عليه‌السلام ، وإنما كانا طهورين لشرفهما المستفاد من المكان الشريف فتطهيرهما معنوي عقلي ، لا صوري حسي كتطهير الماء (الوافي) وفى النهاية الأثيرية : الخلوق طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب ويغلب عليه الحمرة والصفرة ـ ا ه. وقيل : خلوق الكعبة ما يتخذ من زعفران الكعبة أي يكون غالب أخلاطه الزعفران ، وخلوق القبر ـ بكسر القاف وسكون الموحدة ما يكون غالب أخلاطه القبر وهو كما في القاموس موضع متأكل في عود الطيب. وقال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : الظاهر أن الخلوق كان طيبا مركبا من أشياء منها الزعفران وكانوا يرشونها على الكعبة وعلى القبر فكان يصيب المحرم فرخص فيه للعسر والغرض من ذكر القبر بيان الخلوق المتخذ لهما إذا كان في الكعبة أو إذا أحرموا من مسجد الشجرة ورجعوا إلى زيارته صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٣٨

إنما كره ذلك مخافة أن يزره الجاهل عليه فأما الفقيه فلا بأس أن يلبسه (١) ».

__________________

(١) قال في المدارك : لم أقف في كلام أهل اللغة على معنى طيلسان ، وعرفه المحقق بأنه ثوب منسوج محيط بالبدن ، ومقتضى العبارة جواز لبسه اختيارا ، وبه صرح العلامة في جملة من كتبه والشهيد في الدروس ، واعتبر العلامة في الارشاد في جواز لبسه الضرورة والمعتمد الجواز مطلقا للأصل والأخبار الكثيرة.

وقال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : الظاهر أنه ثوب يشمل البدن وليس له كم ، ويكون فوق الثياب ويكون في بلاد الهند مخيطا وعندنا من اللبد للمطر ، والظاهر تجويز الجميع بشرط ان لا يزر أزراره عليه ، والأحوط نزع الازرار لئلا يزر الجاهل عليه أو ناسيا وان لم يلزم الناسي شئ لكن لما كانت المقدمة اختيارية فهو بمنزلة العمد ، وأما الفقيه العالم فلا بأس لان تقواه مانع من النسيان كما هو المجرب.

أقول : قال في النافع في المحرمات على المحرم « ولبس المخيط للرجال وفى النساء قولان أصحهما الجواز ». ولم توجد رواية دالة على الحرمة وإنما نهى عن القميص والقباء والسراويل وعن ثوب تزره أو تدرعه. ويمكن التمسك بما ورد في كيفية الاحرام من قول المحرم « أحرم لك شعري وبشرى ولحمي ودمي وعظامي وعصبي من النساء والطيب والثياب » وقد ورد الترخيص في بعض الأخبار قال العلامة في التذكرة : « ألحق أهل العلم بما نص النبي (ص) ما في معناه ، فالجبة والدراعة وشبههما تلحق بالقميص ، والتبان والران ملحق بالسراويل ، والقلنسوة وشبهها مسا وللبرنس ، والساعدان والقفازين وشبهها مسا وللخفين إذا عرفت هذا فيحرم لبس الثياب المخيط وغيرها إذا شابهها كالدرع المنسوج والمعقق كجبة الملبد ، والملصق بعضه ببعض حملا على المخيط ولمشابهته له في المعنى من الرفه ».

وقال فقيه عصرنا مد ظله العالي في جامع المدارك : « الظاهر أن مراده من النص ما روى العامة « أن رجلا سأل رسول الله (ص) ما يلبس المحرم من الثياب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف الا أحدا لا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين » (رواه أبو داود في السنن ج ٢ ص ٤٢٣ ومسلم في صحيحه ج ٤ ص ٢) ثم قال : والحق أن يقال : إن اندرج شئ من المذكورات في النص المذكور وقلنا باعتباره من جهة أخذ الفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ به أو تحقق اجماع فلا اشكال والا فما الوجه في حرمته كما أنه قد يوهن دعوى الاجماع من جهة ذكر مدرك المجمعين ، الا أن يتمسك بقول المحرم في حال الاحرام « أحرم لك شعري ـ الخ ».

(بقية الحاشية في الصفحة الآتية)

٣٣٩

٢٦١٥ ـ وسأله رفاعة بن موسى (١) « عن المحرم يلبس الجوربين ، فقال : نعم ، والخفين إذا اضطر إليهما (٢) ».

٢٦١٦ ـ وروى محمد بن مسلم (٣) عن أبي جعفر عليه‌السلام « في المحرم يلبس الخف إذا لم يكن له نعل؟ قال : نعم ولكن يشق ظهر القدم ، ويلبس المحرم القباء إذا لم يكن له رداء ، ويقلب ظهره لباطنه ».

٢٦١٧ ـ وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا تلبس ثوبا له أزرار وأنت محرم إلا أن تنكسه ، ولا ثوبا تدرعه (٤) ، ولا سراويل إلا أن لا يكون

__________________

وهذا كله للرجال وأما النساء ففي حرمة لبس المخيط عليهن خلاف ففي المحكى عن المنتهى » ويجوز للمرأة لبس المخيط اجماعا لأنها عورة وليست كالرجال ولا نعلم فيه خلافا الا قولا شاذا للشيخ ـ رحمه‌الله ـ. وهذا القول ذهب إليه الشيخ في النهاية في ظاهر كلامه حيث قال : ويحرم على المرأة في حال الاحرام من لبس الثياب جميع ما يحرم على الرجل ويحل لها ما يحل له. مع أنه قال بعد ذلك : وقد وردت رواية بجواز لبس القميص للنساء والأفضل ما قدمناه ، وفى بعض نسخه. « والأصل ما قدمناه » وأما لبس السراويل فلا بأس بلبسه لهن على كل حال.

(١) الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة حسن الطريقة.

(٢) ظاهره عدم وجوب الشق. وفى المدارك ص ٣٧٣ : لا خلاف في جواز لبسهما عند الضرورة ، إنما الخلاف في وجوب شقهما ، فقال الشيخ وأتباعه بالوجوب لرواية محمد ابن مسلم وأبى بصير وفى طريقهما ضعف ، وقال ابن إدريس وجماعة : لا يجب الشق ، واختلف في كيفية الشق ، فقيل : يشق ظهر قدميها كما هو ظاهر الرواية ، وقيل : يقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين ، وقال ابن حمزة : يشق ظاهر القدمين وان قطع الساقين أفضل ـ انتهى ملخصا.

(٣) في طريق المصنف إليه علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه وهما غير مذكورين.

(٤) أي يكون كالقميص والقباء وان لم يكن مخيطا (م ت) وفى الوافي : « تدرعه »  ـ بحذف إحدى التائين ـ أي تلبسه بادخال يديك في يدي الثوب.

٣٤٠