كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٦

٢٤٥١ ـ وروي عن نصر الخادم قال : « نظر العبد الصالح أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام إلى سفرة عليها حلق صفر (١) فقال : انزعوا هذه واجعلوا مكانها حديدا فإنه لا يقرب شيئا مما فيها شئ من الهوام ».

باب

* (السفر الذي يكره فيه اتخاذ السفرة) *

٢٤٥٢ ـ قال الصادق عليه‌السلام لبعض أصحابه : تأتون قبر أبي عبد الله صلوات الله عليه؟ فقال له : نعم ، قال : تتخذون لذلك سفرة؟ قال : نعم ، قال : أما لو أتيتم قبور آبائكم وأمهاتكم لم تفعلوا ذلك ، قال : قلت : فأي شئ نأكل؟ قال : الخبز باللبن (٢).

٢٤٥٣ ـ وفي خبر آخر قال الصادق عليه‌السلام : « بلغني أن قوما إذا زاروا الحسين عليه‌السلام حملوا معهم السفرة فيها الجداء والاخبصة (٣) وأشباهه ، لو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا معهم هذا ».

باب

* (الزاد في السفر) *

٢٤٥٤ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفر (٤) ».

__________________

(١) الحلق ـ كعنب ـ حلقة والحديد يدفع الهوام.

(٢) يدل على استحباب ترك المطاعم الجيدة في سفر زيادة أبى عبد الله الحسين عليه‌السلام واستشعار الحزن فيه ، والخبر رواه ابن قولويه في كامل الزيارات ص ١٢٩ مسندا.

(٣) الجداء : الجدي المشوي ، وفى الكامل « الحلاوة » ، والخبيص حلواء من التمر.

(٤) رواه الكليني ج ٨ ص ٣٠٣ تحت رقم ٤٦٧ عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال رسول الله (ص) الحديث » وشرف الرجل : مجده وأصالته

٢٨١

٢٤٥٥ ـ و « كان علي بن الحسين عليهما‌السلام إذا سافر إلى مكة للحج أو العمرة تزود من أطيب الزاد من اللوز والسكر ، والسويق المحمض والمحلى ».

٢٤٥٦ ـ وروي أنه « قام أبو ذر ـ رحمة الله عليه ـ عند الكعبة فقال : أنا جندب ابن السكن ، فاكتنفه الناس فقال : لو أن أحدكم أراد سفرا لاتخذ فيه من الزاد ما يصلحه لسفره ، فتزودوا لسفر يوم القيامة ، أما تريدون فيه ما يصلحكم؟ فأقم إليه رجل فقال : أرشدنا ، فقال : صم يوما شديد الحر للنشور ، وحج حجة لعظائم الأمور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور ، كلمة خير تقولها ، وكلمة شر تسكت عنها ، أو صدقة منك على مسكين لعلك تنجو بها يا مسكين من يوم عسير ، اجعل الدنيا درهمين درهما قد أنفقته على عيالك ودرهما قدمته لآخرتك ، والثالث يضر ولا ينفع لا ترده ، اجعل الدنيا كلمتين كلمة في طلب الحلال وكلمة للآخرة ، والثالثة تضر ولا تنفع لا تردها ، ثم قال : قتلني هم يوم لا أدركه ».

٢٤٥٧ ـ وقال لقمان لابنه : « يا بني إن الدنيا بحر عميق ، وقد هلك فيها عالم كثير ، فاجعل سفينتك فيها الايمان بالله ، واجعل شراعها التوكل على الله (١) واجعل زادك فيها تقوى الله عزوجل ، فإن نجوت فبرحمة الله ، وإن هلكت فبذنوبك ».

باب

* (حمل الآلات والسلاح في السفر) *

٢٤٥٨ ـ روى سليمان بن داود المنقري ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « في وصية لقمان لابنه : يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وحبالك (٢)

__________________

(١) رواه الكليني ج ١ ص ١٦ في حديث طويل عن هشام بن الحكم ، عن موسى بن جعفر عليهما‌السلام مع اختلاف وفيه « فلتكن سفينتك فيها تقوى الله ، وحوشها الايمان ، وشراعها التوكل » والشراع ـ ككتاب ـ ما يقال له بالفارسية بادبان.

(٢) الحبال : الرسن. ورواه الكليني في الروضة ص ٣٠٣ تحت رقم ٤٦٦ ، وفيه « وخبائك » والخباء : الخيمة.

٢٨٢

وسقائك وخيوطك ومخرزك (١) وتزود معك من الأدوية ما تنتفع به أنت ومن معك ، وكن لأصحابك موافقا إلا في معصية الله عزوجل ـ وزاد فيه بعضهم : وفرسك ـ (٢) ».

باب

* (الخيل وارتباطها وأول من ركبها) *

٢٤٥٩ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة (٣) والمنفق عليها في سبيل الله عزوجل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها » (٤).

فإذا أعددت شيئا فأعده أقرح أرثم محجل الثلاثة ، طلق اليمين ، كميتا ثم أغر تسلم وتغنم (٥).

__________________

(١) في الكافي « وسقائك وأبرتك وخيوطك » والمخرز ما يخرز به الخف والجراب والسقاء وما كان من الجلود.

(٢) في بعض النسخ « وقوسك » كما في المحاسن ص ٣٦٠. ولعله الأصوب.

(٣) إلى هنا رواه الكليني ج ٥ ص ٤٨ في الصحيح وكذا البرقي في المحاسن ص ٦٣١ وفيهما « الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة » وهكذا رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة.

(٤) رواه أبو داود السجستاني باسناده عن سهل بن الربيع بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وآله ، ورواه الطبراني في الأوسط ـ على ما في الجامع الصغير ـ عن أبي هريرة عن النبي (ص) هكذا « الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة ، والمنفق على الخيل كالباسط كفه بالنفقة لا يقبضها ».

(٥) روى ابن حبان في صحيحة عن عقبة بن عامر وأبى قتادة قال : قال رسول الله (ص) « خير الخيل الأدهم الاقرح الارثم المحجل طلق اليد اليمنى ، قال يزيد بن أبي حبيب : فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية » وروى الحاكم في المستدرك عن عقبة عن النبي (ص) قال : « إذا أردت أن تغزو فاشتر فرسا أغر محجلا مطلق اليمنى فإنك تغنم وتسلم » ونحوه في المحاسن ص ٤٣١. والاقرح هو الفرس يكون في وسط جبهته قرحه ـ بالضم ـ وهي بياض يسير ، والارثم ـ بفتح الهمزة والثاء المثلثة المفتوحة ـ هو الفرس الذي أنفه وشفته العليا

٢٨٣

٢٤٦٠ ـ وروى بكر بن صالح ، عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : « سمعته يقول : الخيل على كل منخر منها شيطان ، فإذا أراد أحدكم أن يلجمها فليسم » (١).

٢٤٦١ ـ قال : وسمعته يقول : « من ربط فرسا عتيقا محيت عنه عشر سيئات (٢) وكتبت له إحدى عشرة حسنة في كل يوم ، ومن ارتبط هجينا (٣) محيت عنه في كل يوم سيئتان وكتبت له تسع حسنات في كل يوم ، ومن ارتبط برذونا (٤) يريد به جمالا أو قضاء حاجة أو دفع عدو محيت عنه في كل يوم سيئة وكتبت له ست حسنات.(٥) ومن (٦) ارتبط فرسا

__________________

أبيض ، والمحجل هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الارساغ ولا يجاوز الركبتين لأنهما مواضع الأحجال وهي الخلاخيل والقيود ولا يكون التحجيل باليد واليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان (النهاية) وطلق اليمين بفتح الطاء وسكون اللام وبضمها أيضا إذا لم يكن بها تحجيل. والكميت ـ بضم الكاف وفتح الميم ـ هو الفرس الأحمر أو الذي ليس بالأشقر ولا الأدهم بل يخالط حمرته سواد ، والشية بكسر الشين المعجمة وفتح الياء مخففة هو كل لون في الحيوان يكون معظم لونها على خلافه. وقوله « محجل الثلاثة » أي يكون يده اليسرى ورجلاه بيضاء أو يكون فيها بياض. والأغر ما يكون في جبهته بياض.

(١) رواه الكليني ج ٦ ص ٥٣٩ من يعقوب بن جعفر عنه عليه‌السلام وفيه « فليسم الله عزوجل » ، وهكذا في المحاسن.

(٢) في المحاسن والكافي ج ٥ ص ٤٨ « ثلاث سيئات ». والعتيق هو الذي أبواه عربيان وفرس عتيق ـ ككريم ـ وزنا ومعنى.

(٣) الهجين هو الذي أبوه عربي وأمه أمة غير محصنة ، ومن الخيل : الذي ولدته برذونة من حصان عربي.

(٤) البرذون ـ بالكسر ـ ما لم يكن شئ من أبويه عربيا ، والتركي من الخيل. (راجع الصحاح والنهاية)

(٥) إلى هنا في الكافي ج ٥ ص ٤٨ والمحاسن ص ٦٣١ وثواب الأعمال ص ٢٢٦ عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم الجعفري عن أبي الحسن عليه‌السلام.

(٦) من هنا في المحاسن ص ٦٣١ وثواب الأعمال من حديث بكر بن صالح عن سليمان بن جعفر الجعفري.

٢٨٤

أشقر أغر أو أقرح ـ فإن كان أغر سائل الغرة به وضح في قوائمه (١) فهو أحب إلي ـ لم يدخل بيته فقر ما دام ذاك الفرس فيه ، وما دام في ملك صاحبه لا يدخل بيته حيف » (٢).

٢٤٦٢ ـ قال (٣) : وسمعته يقول : « أهدى أمير المؤمنين عليه‌السلام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أربعة أفراس من اليمن فأتاه فقال : يا رسول الله أهديت لك أربعة أفراس ، قال : صفها (٤) قال : هي ألوان مختلفة ، قال : فيها وضح؟ قال : نعم ، قال : فيها أشقر به وضح؟ قال نعم ، قال : فأمسكه لي ، وقال : فيها كميتان أوضحان ، قال : أعطهما ابنيك ، قال : والرابع أدهم بهيم (٥) قال : بعه واستخلف قيمته لعيالك ، إنما يمن الخيل في ذوات الأوضاح ».

٢٤٦٣ ـ قال (٣) : وسمعته يقول : « من خرج من منزله أو منزل غير منزله في أول الغداة فلقي فرسا أشقر به أوضاح بورك له في يومه ، وإن كانت به غرة سائلة فهو العيش ، ولم يلق في يومه ذلك إلا سرورا ، وقضى الله عزوجل حاجته (٦) ».

__________________

(١) الشقرة : حمرة صافية في الخيل وهي لون يأخذ من الأحمر والأصفر وهو أشقر وقد قيل : الأشقر : شديدة الحمرة ، والغرة : بياض في جبهة الفرس وهو أغر ، وتقدم بيان الأقرح من أنه الذي يكون في جبهته قرحة وهي بياض بقدر الدرهم أو دونه ، والوضح : الضوء والبياض ، يقال : بالفرس وضح إذا كان في قوائمه كلها بياض ، وقد يكون به البرص.

(٢) كذا في المحاسن وفى بعض النسخ « حيق » والحيق ما يشمل الانسان من المكروه لكن في ثواب الأعمال « لا يدخل في بيته حنق ». والظاهر أن كل ما ذكره من فضائل ارتباط الفرس العتيق والهجين والبرذون والأشقر وجده في كتاب سليمان بن جعفر الجعفري أو غيره متفرقا فذكره هنا مجتمعا أو كان فيه مجتمعا ونقله البرقي والكليني متفرقا في تضاعيف الأبواب.

(٣) يعنى سليمان قال : سمعت موسى بن جعفر عليهما‌السلام.

(٤) في الكافي ج ٦ ص ٥٣٨ والمحاسن « فقال : سمها لي ».

(٥) البهيم من الدواب المصمت منها وهو الذي لا يخالط لونه لون غيره والجمع بهم.

(٦) رواه هكذا البرقي في المحاسن والمؤلف نحوه في ثواب الأعمال عن سليمان عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام والظاهر أنه تصحيف لان سليمان لم يدرك الباقر عليه‌السلام. ويحتمل التعدد ، أو رواه سليمان مرسلا ويؤيده اختلاف الألفاظ.

٢٨٥

٢٤٦٤ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « كانت الخيل وحوشا في بلاد العرب ، وصعد إبراهيم وإسماعيل عليهما‌السلام على أبي قبيس فناديا : ألا هلا ألا هلم ، فما بقي فرس إلا أعطى بقيادة وأمكن من ناصيته (١) ».

باب

* (حق الدابة على صاحبها) *

٢٤٦٥ ـ روى إسماعيل بن أبي زياد (٢) باسناده قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : للدابة على صاحبها خصال : يبدأ بعلفها إذا نزل ، ويعرض عليها الماء إذا مر به ، ولا يضرب وجهها فإنها تسبح بحمد ربها ، ولا يقف على ظهرها إلا في سبيل الله عزوجل ، ولا يحملها فوق طاقتها ، ولا يكلفها من المشي إلا ما تطيق ».

٢٤٦٦ ـ وسأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام « متى أضرب دابتي تحتي؟ قال : إذا لم تمش تحتك كمشيها إلى مذودها (٣) ».

٢٤٦٧ ـ وروي أنه قال : « اضربوها على العثار ، ولا تضربوها على النفار فإنها ترى ما لا ترون (٤) ».

٢٤٦٨ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا عثرت الدابة تحت الرجل فقال لها :

__________________

(١) رواه البرقي في المحاسن ص ٦٣٠ بسند مرفوع عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٢) يعنى السكوني ، ورواه الكليني ج ٦ ص ٥٢٧ بتقديم وتأخير.

(٣) المذود ـ بالذال أخت الدال كمنبر ـ : معتلف الدابة.

(٤) في الكافي ج ٦ ص ٥٣٨ باسناده عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اضربوها على النفار ولا تضربوها على العثار » و رواه أيضا مرسلا في خبر آخر أيضا ، وقال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : « لعل ما في الكافي أوفق وأظهر » والتعليل لا يلائمه. وفى المحاسن كما في الكافي.

٢٨٦

تعست ، تقول : تعس أعصانا للرب (١) ».

٢٤٦٩ ـ وقال علي عليه‌السلام « في الدواب : لا تضربوا الوجوه ولا تلعنوها فإن الله عزوجل لعن لاعنها (٢) » وفي خبر آخر : « لا تقبحوا الوجوه ».

٢٤٧٠ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن الدواب إذا لعنت لزمتها اللعنة (٣) ».

٢٤٧١ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تتوركوا على الدواب ولا تتخذوا ظهورها مجالس (٤) ».

__________________

(١) تعس يتعس إذا عثر وانكب بوجهه وقد يفتح العين وهو دعاء عليه بالهلاك (النهاية) وقال العلامة المجلسي في المرآة : لعل المراد بالرب المالك. في الكافي ج ٦ ص ٥٣٨ رواه عن العدة عن سهل عن جعفر بن محمد بن يسار عن الدهقان عن درست عن أبي عبد الله عليه‌السلام عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٢) روى البرقي ص ٦٣٣ باسناده عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « لا تضربوا الدواب على وجوهها فإنها تسبح بحمد ربها ». وفى حديث آخر « لا تسموها في وجوهها » وهكذا مروى في الكافي ج ٦ ص ٥٣٨. ويحتمل التعدد ، ويؤيده الخبر الآتي. وقال المولى المجلسي قوله « ولا تقبحوا الوجوه » أي الدواب أو وجوهها بالكي ونحوه. وقال الفاضل التفرشي : الوجوه في « لا تضربوا الوجوه » بدل الضمير بدل البعض ، ويمكن أن يراد بتقبيح الوجه ضربه فان الضرب قد تقبحه ، وقال سلطان العلماء : لا تقبحوا الوجوه بالاحراق بالكي وغيره ، ويحتمل أن يكون المراد لا تقولوا : قبح الله وجهك. ويحتمل أن يكون المراد لا تضربوا وجوهها ضربا مؤثرا.

(٣) لعل المراد انه يلزم عليها أن تلعن لاعنيها ، أو تصير ملعونا ، أو تصير سبب هلاكها وتضروا.

(٤) رواه الكليني ج ٦ ص ٥٣٥ باسناده عن عمرو بن جميع عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله. والمراد الجلوس عليها على أحد الوركين فإنه يضربها ويصير سببا لدبرها ، أو المراد رفع إحدى الرجلين ووضعها فوق السرج للاستراحة ، قال الفيروزآبادي تورك على الدابة ثنى رجليه لينزل أو ليستريح ، وقال الجوهري : تورك على الدابة أي ثنى رجله ووضع إحدى وركيه في السرج (المرآة) وفى بعض نسخ الكافي « لا تتوكؤوا ». و قوله « لا تتخذوا ظهورها مجالس » أي بان تقفوا عليها للصحبة بل أنزلوا وتكلموا الا أن يكون يسيرا. (م ت)

٢٨٧

٢٤٧٢ ـ وقال الباقر عليه‌السلام : « لكل شئ حرمة وحرمة البهائم في وجوهها (١) ».

باب

* (ما لم تبهم عنه البهائم) *

٢٤٧٣ ـ روى علي بن رئاب ، عن أبي حمزة عن علي بن الحسين عليهما‌السلام أنه كان يقول : « ما بهمت البهائم عنه فلم تبهم عن أربعة : معرفتها بالرب تبارك وتعالى ، و معرفتها بالموت (٢) ، ومعرفتها بالاثني من الذكر ، ومعرفتها بالمرعى الخصب ».

٢٤٧٤ ـ وأما الخبر الذي روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « لو عرفت البهائم من الموت ما تعرفون ما أكلتم منها سمينا قط » فليس بخلاف هذا الخبر لأنها تعرف الموت لكنها لا تعرف منه ما تعرفون.

باب

* (ثواب النفقة على الخيل) *

٢٤٧٥ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله « في قول الله عزوجل : « الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون « قال : نزلت في النفقة على الخيل ».

قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ : هذه الآية روي أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه‌السلام وكان سبب نزولها أنه كان معه أربعة دراهم فتصدق بدرهم منها بالليل وبدرهم منها بالنهار ، ودرهم في السر ، وبدرهم في العلانية فنزلت فيه هذه الآية (٣). والآية إذا نزلت في شئ فهي منزلة في كل ما يجري فيه ، فالاعتقاد في تفسيرها أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه‌السلام وجرت في النفقة على الخيل وأشباه ذلك (٤).

__________________

(١) الخبر في الكافي والمحاسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام مسندا.

(٢) الظاهر أنها تعرف الموت ولا تعرف ما بعدها لأنه ليس لها عذاب كما كان لبنى آدم.

(٣) رواه ابن المغازلي وموفق بن أحمد والمفيد في الاختصاص والعياشي.

(٤) لعموم الآية وخصوص السبب لا يخصص العموم كما في كثير من الآيات ، ويمكن أن يكون صدقته عليه‌السلام على الخيل المربوطة للجهاد. (م ت)

٢٨٨

باب

* (علة الرقعتين في باطن يدي الدابة) *

٢٤٧٦ ـ روى حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : « جعلت فداك نرى الدواب في بطون أيديها مثل الرقعتين (١) في باطن يديها مثل الكي (٢) فأي شئ هو؟ قال : ذلك موضع منخريه في بطن أمه ».

باب

* (حسن القيام على الدواب) *

٢٤٧٧ ـ روي عن أبي ذر ـ رحمة الله عليه ـ أنه قال : « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن الدابة تقول : اللهم ارزقني مليك صدق يشبعني ويسقيني ولا يحملني مالا أطيق (٣) ».

٢٤٧٨ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « ما اشترى أحد دابة إلا قالت : اللهم اجعله بي رحيما » (٤).

٢٤٧٩ ـ وروى عنه عبد الله بن سنان أنه قال : « اتخذوا الدابة فإنها زين وتقضى عليها الحوائج ، ورزقها على الله عزوجل ».

٢٤٨٠ ـ وروى السكوني باسناده (٥) قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن الله تبارك

__________________

(١) الرقعة ـ بالضم ـ مأخوذ من الرقعة التي ترقع به الثوب. (مراد)

(٢) الكي احراق قطعة من الجلد بحديدة محماة ويقال له بالفارسية « داغ ».

(٣) مروى نحوه في المحاسن ورواه الكليني بلفظ آخر مسندا عن الصادق عليه‌السلام في ج ٦ ص ٥٣٧.

(٤) في المحاسن ص ٦٢٦ مسندا عن علي بن جعفر عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال : ما من دابة يريد صاحبها أن يركبها الا قالت : « اللهم اجعله بي رحيما ».

(٥) يعنى عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢٨٩

وتعالى يحب الرفق ويعين عليه ، فإذا ركبتم الدواب العجاف (١) فأنزلوها منازلها فإن كانت الأرض مجدبة فانجوا (٢) عليها ، وإن كانت مخصبة فأنزلوها منازلها.

٢٤٨١ ـ وقال علي صلوات الله عليه (٣) : « من سافر منكم بدابة فيبدأ حين ينزل بعلفها وسقيها ».

٢٤٨٢ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « إذا سرت في أرض خصبة فارفق بالسير ، وإذا سرت في أرض مجدبة فعجل بالسير ».

باب

* (ما جاء في الإبل) *

٢٤٨٣ ـ قال الصادق عليه‌السلام : « إياكم والإبل الحمر ، فإنها أقصر الإبل أعمارا (٤) ».

٢٤٨٤ ـ وقال عليه‌السلام : « إن على ذروة كل بعير شيطان فأشبعه وامتهنه (٥) ».

٢٤٨٥ ـ وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « اشتروا السود القباح فإنها أطول الإبل أعمارا (٦) ».

٢٤٨٦ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « الإبل عز لأهلها (٧) ».

__________________

(١) العجف ـ بالتحريك ـ : الهزال ، والأعجف المهزول ، والعجفاء الأنثى والجمع عجاف على غير قياس لان فعلاء لا يجمع على فعال. (الصحاح)

(٢) أي أسرعوا ، ونجوت أي أسرعت وسبقت.

(٣) مروى في المحاسن ص ٣٦١ مسندا.

(٤) مروى في الكافي ج ٦ ص ٥٤٣ عن ابن أبي يعفور عن أبي جعفر عليه‌السلام.

(٥) أي استعمله وذلله واستفد منه.

(٦) مروى في الكافي ج ٦ ص ٥٤٣ في ذيل حديث رواه عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله عليه‌السلام وقال فيه : « اشتر لي جملا وخذه أشوه ـ الخ ». وفى المحاسن في حديث رواه أيضا عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٧) رواه البرقي ص ٦٣٥ باسناده عن عمر بن أبان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢٩٠

٢٤٨٧ ـ و « نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يتخطى القطار (١) قيل : يا رسول الله ولم؟ قال : لأنه ليس من قطار إلا وما بين البعير إلى البعير شيطان ».

٢٤٨٨ ـ و « سئل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أي المال خير؟ قال : زرع زرعه صاحبه وأصلحه وأدى حقه يوم حصاده ، قيل : يا رسول الله فأي المال بعد الزرع خير؟ قال : رجل في غنمه قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ، قيل : يا رسول الله فأي المال بعد الغنم خير؟ قال : البقر تغدو بخير وتروح بخير (٢) قيل : يا رسول الله فأي المال بعد البقر خير؟ فقال : الراسيات في الوحل ، المطعمات في المحل (٣) نعم الشئ النخل من باعه فإنما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهقة (٤) اشتدت به الريح في يوم عاصف إلا أن يخلف مكانها ، قيل : يا رسول الله فأي المال بعد النخل خير؟ فسكت فقال له رجل : فأين الإبل؟ قال : فيها الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار ، تغدو مدبرة وتروح مدبرة (٥) لا يأتي خيرها إلا من جانبها الأشأم ، أما إنها لا تعدم الأشقياء الفجرة (٦) ».

قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ : معنى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يأتي خيرها إلا من جانبها الأشأم » هو أنها لا تحلب ولا تركب إلا من الجانب الأيسر (٧).

__________________

(١) أي التجاوز من بينهم. الخبر رواه البرقي بسند فيه ارسال.

(٢) أي تحلب منها اللبن في الغداة أي أول اليوم والرواح أي آخره. (م ت)

(٣) أي الثابتات أرجلها في الطين والمطعمات في أيام الجدب والقحط فإنها صابرة العطش ، والمراد النخل كما صرح به.

(٤) الشاهقة : الجبل الراسخ والعالي.

(٥) أي أن الادبار والنحوسة لا ينفك عنها في وقت من الأوقات. (مراد)

(٦) جواب لسؤال مقدر كأنه قيل : إذا كان كذلك فمن مربيها قال عليه‌السلام أما انها لا تعدم الأشقياء الفجرة وهم الجمالون كما هو المسموع والمشهود ، وفى الخصال « انهم الظلمة ».

(٧) يحتمل أن يكون جانبها الأيسر كناية عن عدم اليمن وقلة الخير والبركة. (سلطان)

٢٩١

٢٤٨٩ ـ وقال عليه‌السلام : « في الغنم إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أقبلت (١) ، والبقر إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أدبرت ، والإبل ، إذا أقبلت أدبرت وإذا أدبرت أدبرت ».

باب

* (ما يجب من العدل على الجمل وترك ضربه واجتناب ظلمه) *

٢٤٩٠ ـ روى السكوني باسناده « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها ، فقال : أين صاحبها ، مروه فليستعد غدا للخصومة » (٢).

٢٤٩١ ـ وفي خبر آخر قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أخروا الأحمال فإن اليدين معلقة ، والرجلين موثقة ».

٢٤٩٢ ـ وروى ابن فضال ، عن حماد اللحام قال : « مر قطار لأبي عبد الله عليه‌السلام فرأى زاملة (٣) قد مالت ، فقال : يا غلام اعدل على هذا الحمل ، فإن الله تعالى يحب العدل ».

٢٤٩٣ ـ وروى أيوب بن أعين قال : « سمعت الوليد بن صبيح يقول لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن أبا حنيفة (٤) رأى هلال ذي الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة ،

__________________

(١) أي إذا أقبلت بالنتاج فهو وإذا أدبرت يعنى بالموت يذبحها صاحبها وينتفع من لحمها وجلدها ، أما البقر فوسط ، وأما الإبل فاقبالها ادبارها لأنه إذا حصل له بعض النتاج أو النفع أنفق لها صاحبها أزيد من نتاجها.

(٢) يعنى يوم القيامة لان عقال الناقة وعليها حملها ظلم عليها فإذا كان يوم القيامة تخاصم صاحبه بين يدي الجبار وتقول : ما ذنبي حتى ظلمتني فينتصف الله سبحانه منك لها.

(٣) الزاملة المحمل وبعير يحمل الطعام والمتاع ، وميل الحمل إلى جانب سبب لدبر الدابة.

(٤) هو سعيد بن بيان سابق الحاج الهمداني ومع أنه ثقة يذم فعله ، وقيل إنه كان يذهب بجماعة إلى الحج في نهاية السرعة وذهب بهم في هذا الخبر من القادسية التي كانت قريبة من النجف إلى عرفات في ثمانية أيام وشئ. وروى العياشي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :

٢٩٢

فقال : ما لهذا صلاة ، ما لهذا صلاة » (١).

٢٤٩٤ ـ و « حج علي بن الحسين عليهما‌السلام على ناقة له أربعين حجة فما قرعها بسوط » (٢).

٢٤٩٥ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « أي بعير حج عليه ثلاث سنين يجعل من نعم الجنة » وروى « سبع سنين » (٣).

باب

* (ما جاء في ركوب العقب) * (٤)

٢٤٩٦ ـ روى علي بن رئاب ، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين عليه‌السلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعقبون بعيرا بينهم وهم منطلقون إلى بدر ».

باب

* (ثواب من أعان مؤمنا مسافرا) *

٢٤٩٧ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أعان مؤمنا مسافرا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة ، وأجاره في الدنيا والآخرة من الغم والهم ، ونفس عنه كربه العظيم يوم يغص الناس بأنفاسهم » وفي خبر آخر « حيث يتشاغل الناس بأنفاسهم ».

__________________

« أتى قنبر أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : هذا سابق الحاج ، فقال : لا قرب الله داره هذا خاسر الحاج يتعب البهيمة ، وينقر الصلاة ، اخرج إليه فاطرده ».

(١) لأنه لا يمكن الصلاة مع هذه الحركة الا بالايماء واحداث هذه الضرورة اختياري لامكان الخروج قبله بأيام فمعنى نفى الصلاة عدم اتيانها على وجهها لاشتغاله بالسير والسرعة.

(٢) روى البرقي بسندين صحيحين عن عبد الله بن سنان نحوه في أحدهما « ولقد بركت به في سنة من سنواته فما قرعها بسوط ».

(٣) تقدم تحت رقم ٢٢٠٧ ونحوه مروى في المحاسن ص ٦٣٥.

(٤) أي الركوب بالنوبة.

٢٩٣

باب

* (المروءة في السفر) *

٢٤٩٨ ـ تذاكر الناس عند الصادق عليه‌السلام أمر الفتوة فقال : « تظنون أمر الفتوة بالفسق والفجور إنما الفتوة والمروءة طعام موضوع ، ونائل مبذول بشئ معروف ، وأذى مكفوف فأما تلك فشطارة وفسق ، ثم قال : ما المروءة؟ فقال الناس : لا نعلم ، قال : المروءة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره ، والمروءة مروءتان مروءة في الحضر ومروءة في السفر ، فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن ولزوم المساجد والمشي مع الاخوان في الحوائج (١) والنعمة ترى على الخادم أنها تسر الصديق وتكبت العدو ، وأما التي في السفر فكثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك وكتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك إياهم وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عزوجل ، ثم قال عليه‌السلام : والذي بعث جدي صلوات الله عليه وآله بالحق نبيا إن الله عزوجل ليرزق العبد على قدر المروءة وإن المعونة تنزل على قدر المؤونة ، وإن الصبر ينزل على قدر شدة البلاء ».

باب

* (ارتياد المنازل والأمكنة التي يكره النزول فيها) *

٢٤٩٩ ـ روى السكوني باسناده (٢) قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إياكم والتعريس (٣) على ظهر الطريق وبطون الأودية فإنها مدارج السباع ومأوى الحيات ».

٢٥٠٠ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من نزل منزلا يتخوف فيه السبع فقال : » أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، بيده الخير وهو على

__________________

(١) راجع معاني الأخبار ص ٢٥٨ روى نحوه مسندا.

(٢) يعنى عن أبي عبد الله عن آبائه عن علي عليهم‌السلام.

(٣) التعريس : نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة.

٢٩٤

كل شئ قدير ، اللهم إني أعوذ بك من شر كل سبع « إلا أمن (١) من شر ذلك السبع حتى يرحل من ذلك المنزل إن شاء الله تعالى ».

باب

* (المشي في السفر) *

٢٥٠١ ـ روى منذر بن جيفر (٢) ، عن يحيى بن طلحة النهدي قال : قال لنا أبو عبد الله عليه‌السلام : « سيروا وانسلوا فإنه أخف عليكم » (٣).

٢٥٠٢ ـ وروي « أن قوما مشاة أدركهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكوا إليه شدة المشي ، فقال لهم : استعينوا بالنسل » (٤).

٢٥٠٣ ـ وسأل معاوية بن عمار أبا عبد الله عليه‌السلام « عن رجل عليه دين أعليه أن يحج؟ قال : نعم إن حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين ، ولقد كان أكثر من حج مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مشاة ، ولقد مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بكراع الغميم (٥) فشكوا إليه الجهد والطاقة والاعياء ، فقال : شدوا أزركم واستبطنوا ، ففعلوا [ذلك] فذهب ذلك عنهم ».

٢٥٠٤ ـ وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : قول الله عزوجل : « ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا » قال : يخرج يمشي إن لم يكن عنده [شئ] قلت : لا يقدر على المشي؟ قال : يمشي

__________________

(١) أي لا يتم هذه الكلمات الا أمن ، أو لا يدعوا بها الا أمن.

(٢) منذر بن جيفر بن حكيم العبدي عربي صميم له كتاب وجيفر اختلف فيه و الأصح بتقديم الياء على الفاء. وطريق الصدوق إليه فيه إبراهيم بن هاشم وهو حسن كالصحيح.

(٣) نسل ينسل نسلا ونسلانا في المشي أي أسرع.

(٤) في النهاية وفى رواية « شكوا إليه الاعياء فقال : عليكم بالنسلان » أي الاسراع في المشي.

(٥) كراع الغميم موضع بين مكة والمدينة وهو واد أمام عسفان ، والكراع جانب مستطيل من الحرة تشبيها بالكراع وهو ما دون الركبة من الساق.

٢٩٥

ويركب ، قلت : لا يقدر على ذلك ، قال : يخدم القوم ويخرج معهم (١).

باب

* (آداب المسافر) *

٢٥٠٥ ـ روى سليمان بن داود المنقري ، عن حماد بن عيسى (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال لقمان لابنه : إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم ، وأكثر التبسم في وجوههم ، وكن كريما على زادك بينهم ، وإذا دعوك فأجبهم وإذا استعانوا بك فأعنهم ، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك

__________________

(١) هذا الحديث ليس بمعمول به عند الفقهاء وقد حملوه على التقية أو الاستحباب و في المدارك ص ٣١٨ « أجمع العلماء كافة أن الاستطاعة شرط في الحج قال الله تعالى » ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا « وقال عزوجل » لا يكلف الله نفسا الا وسعها « قال في المنتهى وقد اتفق علماءنا على أن الزاد والراحلة شرطان في الوجوب فمن فقدهما أو أحدهما مع بعد مسافته لم يجب عليه الحج وان تمكن من المشي ، ويدل على اعتبارهما مضافا إلى عدم تحقق الاستطاعة عرفا بدونهما غالبا صحيحة محمد بن يحيى الخثعمي قال : » سأل حفص الكناسي أبا عبد الله (ع) وأنا عنده عن قول الله عزوجل « ولله على الناس ـ الآية » ما يعنى بذلك؟ قال : من كان صحيحا في بدنه ، مخلى سربه ، له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج وصحيحة محمد بن مسلم قال : « قلت لأبي جعفر عليه‌السلام قوله تعالى » ولله على الناس  ـ إلى قوله ـ إليه سبيلا « قال : يكون له ما يحج به ، قلت : فان عرض عليه الحج فاستحيى؟ قال : هو ممن يستطيع ولم يستحيى ولو على حمار أجدع أبتر ، فإن كان يستطيع أن يمشى راجلا بعضا ويركب بعضا فليفعل » قال في المنتهى : إنما يشترط الزاد والراحلة في حق المحتاج إليهما لبعد مسافته أما القريب إلى مكة فلا يعتبر في حقه وجود الراحلة إذا لم يكن محتاج إليها. وهو جيد لكن في تحديد القرب الموجب لذلك خفاء والرجوع إلى اعتبار المشقة وعدمها جيد الا أن اللازم منه عدم اعتبار الراحلة في حق البعيد أيضا إذا تمكن من المشي من غير مشقة شديدة ولا نعلم به قائلا.

(٢) في المحاسن « عن حماد بن عثمان » وفى الكافي « عن حماد » بدون ذكر الأب وعلى أي حال هما ثقتان.

٢٩٦

من دابة أو ماء أو زاد ، وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم ، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ، ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر ، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك ، فان من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الأمانة ، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم ، وإذا رأيتهم يعلمون فاعمل ، وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فأعط معهم واسمع لمن هو أكبر منك سنا ، وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا فقل : نعم ، ولا تقل : لا ، فإن « لا » عي (١) ولؤم وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا ، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتؤامروا ، وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه فان الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله أن يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم ، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا مالا أرى. فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه ، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ ، صلها واسترح منها فإنها دين ، وصل في جماعة ولو على رأس زج (٢) ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها (٣) وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل (٤) ، وإذا قربت من المنزل فأنزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك ، وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا ، فإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس ، وإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الأرض ، وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الأرض التي حللت بها وسلم عليها وعلى أهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة ، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتصدق منه فافعل.

__________________

(١) بكسر العين أي جهل وبفتحها أي عجز. (م ت)

(٢) الزج ـ بالضم : الرمح والحديدة التي في أسفل الرمح ، وذلك يكون للمبالغة.

(٣) الدبر ـ بالتحريك : جراحة على ظهر الدابة.

(٤) لاسترخاء المفاصل أي إذا لم يمدد يسترخى المفاصل.

٢٩٧

وعليك (١) بقراءة كتاب الله عزوجل ما دمت راكبا ، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا [عملا] وعليك بالدعاء ما دمت خاليا ، وإياك والسير من أول الليل وسر في آخره ، وإياك ورفع الصوت في مسيرك.

باب

* (دعاء الضال عن الطريق) *

٢٥٠٦ ـ روى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :  « إذا ضللت عن الطريق فناد » يا صالح ـ أو يا أبا صالح ـ أرشدونا إلى طريق يرحمكم الله.

٢٥٠٧ ـ وروي « أن البر موكل به صالح ، والبحر موكل به حمزة » (٢).

باب

* (القول عند نزول المنزل) *

٢٥٠٨ ـ قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : « يا علي إذا نزلت منزلا فقل : « اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين » ترزق خيره ويدفع عنك شره ».

باب

* (القول عند دخول مدينة أو قرية) *

٢٥٠٩ ـ كان في وصية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : « يا علي إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها : « اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها ، اللهم

__________________

(١) احتمل بعض الاعلام أن من هنا إلى آخر الحديث من قول الصادق عليه‌السلام جعله عليه‌السلام متمما لوصية لقمان حيث إنه كان في نسخته « وعليك بقراءة القرآن » مكان « عليك بقراءة كتاب الله » كما صرح هو بذلك.

(٢) المشهور أن الموكل بالبر الخضر وبالبحر الياس عليهما‌السلام. (م ت)

٢٩٨

حببنا إلى أهلها ، وحبب صالحي أهلها إلينا (١).

باب

* (الموت في الغربة) *

٢٥١٠ ـ روى الحسن بن محبوب ، عن أبي محمد الوابشي ، (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ما من مؤمن يموت في أرض غربة تغيب عنه فيها بواكيه إلا بكته بقاع الأرض التي كان يعبد الله عزوجل عليها ، وبكته أثوابه ، وبكته أبواب السماء التي كان يصعد فيها عمله ، وبكاه الملكان الموكلان به ».

٢٥١١ ـ وقال عليه‌السلام : « إن الغريب إذا حضره الموت التفت يمنة ويسرة ولم ير أحدا رفع رأسه ، فيقول الله عزوجل : إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير لك مني و عزتي وجلالي لئن أطلقتك عن عقدتك (٣) لأصيرنك في طاعتي ، ولئن قبضتك لأصيرنك إلى كرامتي ».

باب

* (تهنئة القادم من الحج) *

٢٥١٢ قال الصادق عليه‌السلام : « إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول للقادم من مكة : قبل الله منك ، وأخلف عليك نفقتك ، وغفر ذنبك ».

باب

* (ثواب معانقة الحاج) *

٢٥١٣ في رواية أبي الحسين الأسدي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : قال الصادق عليه‌السلام

__________________

(١) كذا وفى المحاسن ص ٣٧٤ « اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها ، اللهم أطعمنا من جناها وأعذنا من وبائها وحببنا إلى أهلها ، وحبب صالحي أهلها إلينا ». وفى بعض نسخه « أطعمنا من خانها » وقال بعضهم : الظاهر أن المراد بالخان الخوان.

(٢) كان من رجال الصادق عليه‌السلام وكأنه عبد الله بن سعيد.

(٣) أي المرض المقدر عليه كالعقدة.

٢٩٩

« من عانق حاجا بغباره كان كأنما استلم الحجر الأسود ».

باب النوادر

٢٥١٤ ـ روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : « نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا جاء من الغيبة حتى يؤذنهم » (١).

٢٥١٥ ـ وقال عليه‌السلام : « السفر قطعة من العذاب ، فإذا قضى أحدكم سفره فليسرع الإياب إلى أهله » (٢).

٢٥١٦ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « سير المنازل ينفد الزاد ، ويسيئ الأخلاق ، ويخلق الثياب ، والسير ثمانية عشر » (٣).

٢٥١٧ وروى عبد الله بن ميمون باسناده (٤) قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا ضللتم الطريق فتيامنوا » (٥).

__________________

(١) يدل على كراهة دخول المسافر منزله في الليل الا أن يعلمهم. وروى « أنه دخل رجل منزله في زمان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورأي ابنه نائما مع زوجته فتوهم أنه أجنبي فقتله ، فلما سمعه (ص) نهى عن ذلك ».

(٢) رواه البرقي ص ٣٧٧ عن النوفلي عن السكوني باسناده قال قال رسول الله (ص).

(٣) رواه البرقي عن أبيه عن أبن أبى نجران عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

والظاهر أن المراد به أن السير للتنزه والتفرج ينبغي أن لا يصير إلى المنازل ، وهي ثمانية فراسخ بل نهايته ثمانية عشر ميلا ستة فراسخ فان الزائد عليها ينفد الزاد لان الانسان لا يتهيأ غالبا لها ما يكفيها بخلاف السفر ويسيئ أخلاق المصاحبين ويتسخ ثيابهم وتبلى بخلاف ما إذا كان قريبا فإنه يرطب الدماغ ويخرج البدن والروح من الكلال. (م ت)

(٤) يعنى عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كما في المحاسن ص ٣٦٢.

(٥) « فتيامنوا » أي توجهوا إلى جانب يمينكم. (م ت)

٣٠٠