كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٦

خلوا سبيله ». (١)

٢٣٦٣ ـ وروى ابن مسكان ، عن إبراهيم بن ميمون قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « رجل نتف حمامة من حمام الحرم (٢) فقال : يتصدق بصدقة على مسكين ويعطي باليد التي نتف بها فإنه قد أوجعه ».

٢٣٦٤ ـ وروى صفوان ، عن منصور بن حازم قال : قلت « لأبي عبد الله عليه‌السلام أهدي لنا طير مذبوح بمكة فأكله أهلنا ، فقال : لا يرى به أهل مكة بأسا ، قلت : فأي شئ تقول أنت؟ قال : عليهم ثمنه ».

٢٣٦٥ ـ وروى صفوان ، عن عبد الله بن سنان قال : أبو عبد الله عليه‌السلام : « لا يذبح الصيد في الحرم وإن صيد في الحل ».

٢٣٦٦ ـ وروى النضر (٣) عن عبد الله بن سنان قال : « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في حمام مكة : الطير الأهلي من حمام الحرم (٤) من ذبح منه طيرا فعليه أن يتصدق

__________________

(١) مقتضى الرواية جواز ايداعه المسلم ليحفظه إلى أن يكمل واعتبر في المنتهى كونه ثقة لرواية المثنى. (المرآة)

(٢) كذا في الكافي أيضا ، وفى التهذيب « نتف ريشة حمامة من حمامة الحرم » ولذا قطع الأصحاب بأن من نتف ريشة حمامة من حمام الحرم كان عليه صدقة ويجب أن يسلمها بتلك اليد الجانية ، وتردد بعضهم فيما لو نتف أكثر من الريشة واحتمل الأرش كقوله من الجنايات وتعدد الفدية بتعدده ، واستوجه العلامة في المنتهى تكرر الفدية إن كان النتف متفرقا والأرش إن كان دفعة ، ويشكل الأرش حيث لا يوجب ذلك نقصا أصلا ، هذا على نسخة التهذيب ، وأما على ما في الكافي والمتن يتناول نتف الريشة فما فوقها ، ويحتمل أن يكون المراد نتف جميع ريشاتها أو أكثرها ولو نتف ريشة غير الحمامة أو غير الريش قيل : وجب الأرش ولا يجب تسليمه باليد الجانية ولا تسقط الفدية بنبات الريش كما ذكره الأصحاب. (المرآة)

(٣) هو النضر بن سويد الثقة والطريق إليه صحيح.

(٤) في الكافي ج ٤ ص ٢٣٥ « الطير الأهلي غير حمام الحرم » ولعل المراد الطير الذي ادخل الحرم من خارجه ، وما في المتن أظهر كما في المرآة.

٢٦١

بصدقة أفضل من ثمنه (١) فإن كان محرما فشاة عن كل طير ».

٢٣٦٧ ـ وسأل معاوية بن عمار أبا عبد الله عليه‌السلام عن طير أهلي أقبل فدخل الحرم ، فقال : [لا يؤخذ] ولا يمس لان الله عزوجل يقول : « ومن دخله كان آمنا ».

٢٣٦٨ ـ وسأل محمد بن مسلم أحدهما عليهما‌السلام عن الظبي يدخل الحرم ، فقال : لا يؤخذ ولا يمس لان الله عزوجل يقول : « ومن دخله كان آمنا ».

٢٣٦٩ ـ وروى ابن مسكان ، عن يزيد بن خليفة قال : « كان في جانب بيتي مكتل (٢) كان فيه بيضتان من حمام الحرم ، فذهب غلامي فكب المكتل وهو لا يعلم أن فيه بيضتين فكسرهما ، فخرجت فلقيت عبد الله بن الحسن فذكرت ذلك له فقال تصدق بكفين من دقيق ، قال : فلقيت أبا عبد الله عليه‌السلام بعد فأخبرته فقال لي عليه‌السلام : عليه ثمن طيرين يطعم به حمام الحرم. فلقيت عبد الله بن الحسن فأخبرته ، فقال : صدق خذ به فإنه أخذ عن آبائه عليهم‌السلام ».

٢٣٧٠ ـ وروي عن شهاب بن عبد ربه قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « إني أتسحر بفراخ اتي بها من غير مكة فتذبح في الحرم فأتسحر بها؟ فقال : بئس السحور سحورك أما علمت أن ما أدخلت به الحرم حيا فقد حرم عليك ذبحه وإمساكه (٣) ».

٢٣٧١ ـ وروى محمد بن حمران عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام قال : « كنت مع علي بن الحسين عليهما‌السلام بالحرم فرآني أوذي الخطاطيف (٤) فقال : يا بني لا تقتلهن ولا تؤذهن فإنهن لا يؤذين شيئا ».

__________________

(١) الظاهر أن المراد به الدرهم ، حيث كان في ذلك الزمان أكثر من الثمن ، فعلى القول بلزوم الثمن يكون الأفضل محمولا على الفضل ، وقوله « فإن كان محرما » أي في الحل أو المعنى فشاة أيضا. (المرآة)

(٢) المكتل ـ كمنبر ـ : الزنبيل الكبير.

(٣) الذي صار سببا لتوهم شهاب هو أنه جيئ به من خارج الحرم فلا يكون من حمام الحرم كما أنه لو خرج من الحرم لا يجوز صيده لأنه من الحرم. (م ت)

(٤) أي أريد أن أخرجها لتلويثها البيت غالبا وتعشيشها على أشيائه.

٢٦٢

٢٣٧٢ ـ وروي عن عبد الرحمن بن الحجاج (١) قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن فرخين مسرولين (٢) ذبحتهما وأنا بمكة ، فقال لي : لم ذبحتهما؟ فقلت : جاءتني بهما جارية من أهل مكة فسألتني أن أذبحهما فظننت أني بالكوفة ولم أذكر الحرم قال : تصدق بقيمتهما ، قلت : كم؟ قال : درهما وهو خير منهما ».

٢٣٧٣ ـ وسأله زرارة « عن رجل أخرج طيرا من مكة إلى الكوفة ، فقال : يرده إلى مكة ».

٢٣٧٤ ـ وروى المثنى عن محمد بن أبي الحكم قال : قلت لغلام لنا : « هيئ لنا غداءنا فأخذ لنا من أطيار مكة فذبحها وطبخها فدخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : ادفنهن وأفد عن كل طير منهن ».

٢٣٧٥ ـ وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل قتل طيرا من طيور الحرم وهو محرم في الحرم ، فقال : عليه شاة وقيمة الحمام درهم يعلف به حمام الحرم ، وإن كان فرخا فعليه حمل وقيمة الفرخ نصف درهم يعلف به حمام الحرم ».

٢٣٧٦ ـ وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا تشترين في الحرم إلا مذبوحا قد ذبح في الحل ، ثم جئ به إلى الحرم مذبوحا فلا بأس به للحلال (٣) ».

٢٣٧٧ ـ وسأل سعيد بن عبد الله الأعرج أبا عبد الله عليه‌السلام « عن بيضة نعامة أكلت في الحرم ، فقال : تصدق بثمنها (٤) ».

٢٣٧٨ ـ وروى عبد الرحمن بن الحجاج قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « في قيمة الحمامة درهم ، وفي الفرخ نصف درهم ، وفي البيضة ربع درهم (٥) ».

__________________

(١) الطريق إليه حسن ورواه الشيخ والكليني في الكافي ج ٤ ص ٢٣٧ في الصحيح.

(٢) حمام مسرول الذي في رجليه ريش كأنه سراويل.

(٣) يدل على جواز أكل المحل في الحرم ما ذبح في الحل وأدخل الحرم وفى معناه أخبار كثيرة. (م ت)

(٤) حمل على ما إذا كان محلا وكانت البيضة من نعام الحرم. (المرآة)

(٥) رواه الكليني ج ٤ ص ٢٣٤ والشيخ في التهذيب في الصحيح عن حفص بن

٢٦٣

باب

* (ما يجوز أن يذبح في الحرم ويخرج به منه) *

٢٣٧٩ ـ روى ابن مسكان ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يذبح في الحرم إلا الإبل والبقر والغنم والدجاج (١) ».

٢٣٨٠ ـ وسأله معاوية بن عمار « عن دجاج الحبش ، فقال : ليس من الصيد إنما الطير ما طار بين السماء والأرض وصف (٢) ».

٢٣٨١ ـ وقال جميل بن دراج ، ومحمد بن مسلم : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الدجاج السندي يخرج به من الحرم؟ فقال : نعم لأنها لا تستقل بالطيران » وفي خبر آخر « أنها تدف دفيفا » (٣).

٢٣٨٢ ـ وسأله (٤) الحسين بن الصيقل « عن دجاج مكة وطيرها ، فقال : ما لم يصف فكله ، وما كان يصف فخل سبيله ».

٢٣٨٣ ـ و « سئل الصادق عليه‌السلام عن رجل أدخل فهده إلى الحرم أله أن يخرجه؟ فقال : هو سبع فكلما أدخلت من السبع الحرم أسيرا فلك أن تخرجه ».

__________________

البختري عنه عليه‌السلام.

(١) أي مما يؤكل لحمه كما هو الظاهر فلا ينافي جواز قتل بعض ما لا يؤكل لحمه و اما استثناء الأربعة فموضع وفاق. (المرآة)

(٢) « دجاج الحبش » قيل إنه طائر أغبر اللون في قدر الدجاج الأهلي أصله من البحر ويظهر من كلام بعض أن كل دجاج أصله من الحبش « فقال ليس من الصيد » بل هو ما كان ممتنعا بالطيران. والدجاج وإن كان يطير لكن ليس له صفيف مثل ما للحمام بل له دفيف فقط. (م ت)

(٣) روى الكليني في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه‌السلام « ما كان يصف من الطير فليس لك أن تخرجه وما كان لا يصف فلك أن تخرجه » فإن كان مراده هذا الخبر فالنقل بالمعنى ويمكن أن يكون خبرا آخر. (م ت)

(٤) هذه الاضمارات من المصنف اختصارا لا أنه مضمر كما فهمه بعض. (م ت)

٢٦٤

٢٣٨٤ ـ وروى عنه عليه‌السلام معاوية بن عمار أنه قال : « لا بأس بقتل النمل (١) والبق في الحرم ، وقال : لا بأس بقتل القملة في الحرم وغيره ».

٢٣٨٥ ـ وروى عبد الله بن سنان عنه عليه‌السلام أنه قال : « كلما لم يصف من الطير فهو بمنزلة الدجاج ».

باب

* (ما جاء في السفر إلى الحج وغيره من الطاعات) *

٢٣٨٦ ـ روى عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « في حكمة آل داود عليه‌السلام : أن على العاقل أن لا يكون ظاعنا (٢) إلا في ثلاث : تزود لمعاد ، أو مرمة لمعاش (٣) ، أو لذة في غير محرم ».

٢٣٨٧ ـ وروى السكوني باسناده (٤) قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سافروا تصحوا وجاهدوا تغنموا ، وحجوا تستغنوا ».

٢٣٨٨ ـ وروى جعفر بن بشير (٥) عن إبراهيم بن الفضل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا سبب الله عزوجل لعبد الرزق في أرض جعل له فيها حاجة ».

__________________

(١) في بعض النسخ « النحل » لكن في التهذيب بسندين صحيحين « النمل » وهو أظهر ، وسيجيئ النهى عن قتل النحل مطلقا. ويمكن أن يكون القمل وهو بالتخفيف ما يكون في بدن الانسان. والقملة ـ بالتشديد ـ ما يكون في الحيوان وسيجيئ حكمها.

(٢) أي مسافرا أو يخرج من منزله.

(٣) أي اصلاح لما يعيش به والعيش الحياة.

(٤) يعنى عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام.

(٤) الطريق إليه صحيح وهو ثقة وإبراهيم بن الفضل أسند عنه ولم يوثق لكن اعتمد عليه الفضلاء.

٢٦٥

باب

* (الأيام والأوقات التي يستحب فيها السفر ، والأيام) *

* (والأوقات التي يكره فيها السفر) *

٢٣٨٩ ـ روى حفص بن غياث النخغي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من أراد سفرا فليسافر يوم السبت ، فلو أن حجرا زال عن جبل في يوم السبت لرده الله عزوجل إلى مكانه ، ومن تعذرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء فإنه اليوم الذي ألان الله عزوجل فيه الحديد لداود عليه‌السلام (١) ».

٢٣٩٠ ـ وروى إبراهيم بن أبي يحيى المديني عنه عليه‌السلام أنه قال : « لا بأس بالخروج في السفر ليلة الجمعة ».

٢٣٩١ ـ وروى عبد الله بن سليمان عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يسافر يوم الخميس ».

٢٣٩٢ ـ وقال عليه‌السلام : « يوم الخميس يوم يحبه الله ورسوله وملائكته ».

٢٣٩٣ ـ وكتب بعض البغداديين إلى أبي الحسن الثاني عليه‌السلام « يسأله عن الخروج يوم الأربعاء لا يدور (٢) فكتب عليه‌السلام : من خرج يوم الأربعاء لا يدور خلافا على أهل الطيرة وقي من كل آفة ، وعوفي من كل عاهة ، وقضى الله عزوجل له حاجته ».

٢٣٩٤ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « عليكم بالسير بالليل ، فإن الأرض تطوى بالليل ».

٢٣٩٥ ـ وفي رواية جميل بن دراج ، وحماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « الأرض تطوى من آخر الليل ».

__________________

(١) رواه المصنف إلى هنا في الخصال عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن سعد بن عبد الله ، عن القاسم بن محمد الأصبهاني ، عن المنقري ، عن حفص بن غياث وكان عاميا. ورواه الكليني في الروضة ص ١٤٣ مسندا عن القاسم بن محمد عن المنقري عن حفص.

(٢) الأربعاء لا يدور آخر أربعاء من الشهر والجملة صفة ليوم الأربعاء. وقيل : هو أربعاء آخر الصفر.

٢٦٦

٢٣٩٦ ـ وروى محمد بن يحيى الخثعمي عنه عليه‌السلام : « لا تخرج يوم الجمعة في حاجة فإذا كان يوم السبت وطلعت الشمس فاخرج في حاجتك ».

٢٣٩٧ ـ وسأل أبو أيوب الخزاز ، وعبد الله بن سنان أبا عبد الله عليه‌السلام « عن قول الله عزوجل : « فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله » فقال عليه‌السلام : الصلاة يوم الجمعة والانتشار يوم السبت (١) ».

٢٣٩٨ ـ وقال عليه‌السلام : « السبت لنا والأحد لبني أمية ».

٢٣٩٩ ـ وقال عليه‌السلام : « لا تسافر يوم الاثنين ولا تطلب فيه حاجة ».

٢٤٠٠ ـ وروي عن أبي أيوب الخزاز أنه قال : « أردنا أن نخرج فجئنا نسلم على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : كأنكم طلبتم بركة الاثنين؟ قلنا : نعم ، قال : فأي يوم أعظم شؤما من يوم الاثنين فقدنا فيه نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله وارتفع الوحي عنا ، لا تخرجوا يوم الاثنين واخرجوا يوم الثلاثاء ».

٢٤٠١ ـ وروى محمد بن حمران ، عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى ».

٢٤٠٢ ـ وروى [عن] عبد الملك بن أعين قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إني قد ابتليت بهذا العلم فأريد الحاجة ، فإذا نظرت إلى الطالع ورأيت الطالع الشر جلست ولم أذهب فيها ، وإذا رأيت الطالع الخير ذهبت في الحاجة ، فقال لي : تقضي (٢)؟ قلت : نعم : قال : أحرق كتبك (٣) ».

__________________

(١) تقدم الحديث ج ١ تحت رقم ١٢٥٣.

(٢) أي تحكم بأن للنجوم تأثيرا تعلمه أو لذلك الطالع أثرا ، أو صنعت في ذلك كتبا.

(٣) أي لا تعتقد بما تظن من ذلك وإن كان للنجوم تأثيرا ما لكن لا تعلمه أنت ولا أقرانك لأنكم لا تحيطون بذلك علما « وما أوتيتم من العلم الا قليلا » قال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ اعلم أنه ورد في الأخبار الكثيرة في الكافي وغيره بأن للنجوم تأثيرا وروى في أخبار كثيرة تهديدات شديدة في تعليمها وتعلمها ولا أعلم خلافا بين أصحابنا في حرمتها ، والذي يظهر

٢٦٧

٢٤٠٣ ـ وروى سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : الشؤم للمسافر في طريقه في ستة (١) الغراب الناعق عن يمينه ، والكلب الناشر لذنبه (٢) والذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرجل وهو مقع على ذنبه يعوي ثم يرتفع (٣) ثم ينخفض ثلاثا ، والظبي السانح من يمين إلى شمال (٤) والبومة الصارخة ، والمرأة الشمطاء (٥) تلقى فرجها ، والاتان العضباء يعني الجدعاء (٦) فمن أوجس في

__________________

من الاخبار أن النهى اما لسد باب الاعتقاد فإنه يفضى بأنها مستبدة في التأثير وهي المؤثرة كما قاله كفرة المنجمين وهم طائفتان فطائفة لا يقولون بالواجب بالذات بل يقولون انها الواجب ، وطائفة يقولون بهما وهم مشركون ، فلما كان هذا العلم يفضى إلى هذه الاعتقادات الفاسدة نهى الشارع عن تعلمها وتعليمها لئلا يفضى إليها ، واما بالنظر إلى الموحدين الذين يقولون بحدوثها وأن لها تأثير السقمونيا والفلفل ولا شعور لها أو قيل بشعورها وتأثيرها لكنها مسخرات بتسخير الواجب بالذات ، فالظاهر أن هذا الاعتقاد على سبيل الاجمال لا يضر ، واما بالتفضيل الذي يقوله المنجمون فإنه وهم محض وقول بما لا يعلم لأنه لا يمكن الإحاطة به الا من علمه الله تعالى من الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين ولهذا ورد عن الصادق عليه‌السلام قال : « انكم تنظرون في شئ كثيره لا يدرك وقليله لا ينفع ».

(١) كذا مع أن المعدود سبعة وفى الخصال والمحاسن خمسة.

(٢) أي الرافع لذنبه.

(٣) أي نفسه أو ذنبه أو صوته « ثم ينخفض ثلاثا » أي إذا فعل الفعلات ثلاث مرات فهو شوم.

(٤) سنح لي الظبي يسنح سنوحا إذا مر من مياسرك إلى ميامنك ، والعرب تتيمن بالسانح وتتشأم بالبارح. (الصحاح)

(٥) الشمطاء هي التي اختلط شيبها بالشباب ، أو بياض شعرها بالسواد وذهب خيرها. وقوله « تلقى فرجها » في الكافي ج ٨ ص ٣١٥ « تلقاء فرجها » وهو في الجميع تصحيف والصواب « تلقاء وجهها » أي شعر ناصيتها بياض مخلوط بالسواد. وقيل في معنى لفظ المتن أقوال لا يخلو جميعها من الركاكة.

(٦) الجدعاء أي المقطوعة الأذن وفسرها بالجدعاء لئلا يتوهم أن المراد المشوقة الاذن.

٢٦٨

نفسه منهن شيئا فليقل : « اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك » قال : فيعصم من ذلك ،

باب

* (افتتاح السفر بالصدقة) *

٢٤٠٤ ـ روى الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « تصدق واخرج أي يوم شئت ».

٢٤٠٥ ـ وروي عن حماد بن عثمان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « أيكره السفر في شئ من الأيام المكروهة مثل الأربعاء وغيره؟ فقال : افتتح سفرك بالصدقة واخرج إذا بدا لك ، واقرأ آية الكرسي واحتجم إذا بدا لك (١) ».

٢٤٠٦ ـ وروي عن ابن أبي عمير أنه (٢) قال : « كنت أنظر في النجوم وأعرفها (٣) وأعرف الطالع ، فيدخلني من ذلك شئ فشكوت ذلك إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، فقال : إذا وقع في نفسك شئ فتصدق على أول مسكين ثم امض ، فإن الله عز وجل يدفع عنك (٤) ».

٢٤٠٧ ـ وروى كردين عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من تصدق بصدقة إذا أصبح دفع الله عزوجل عنه نحس ذلك اليوم ».

__________________

(١) في الكافي والمحاسن والتهذيب عن حماد عنه عليه‌السلام « افتتح سفرك بالصدقة و اقرأ آية الكرسي إذا بدا لك » فيكون قراءتها للسفر لا للحجامة ، ويمكن أن يكون حماد سمعه مرتين ، والذي رواه المصنف ـ رحمه‌الله ـ غير ما رووه.

(٢) فيه سقط وفى المحاسن ص ٣٤٩ باسناده عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن سفيان ابن عمر قال : كنت أنظر في النجوم ـ الخ.

(٣) التعبير بالماضي إشارة إلى أنه تارك له.

(٤) ظاهر الخبر أنه عليه‌السلام لا ينهى عنه ، ويمكن أن يكون عدم النهى لعدم المفسدة في مثله.

٢٦٩

٢٤٠٨ ـ وروى هارون بن خارجة ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « كان علي بن الحسين عليهما‌السلام إذا أراد الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة من الله عزوجل بما تيسر له ، ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب ، فإذا سلمه الله عزوجل وانصرف حمد الله تعالى وشكره وتصدق بما تيسر له ».

باب

* (حمل العصا في السفر) *

٢٤٠٩ ـ قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من خرج في سفر ومعه عصا لوزمر (١) وتلا هذه الآية : « ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ـ إلى قول الله عزوجل ـ والله على ما نقول وكيل » آمنه الله عز وجل من كل سبع ضار (٢) ومن كل لص عاد ، وكل ذات حمة (٣) حتى يرجع إلى أهله و منزله ، وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات (٤) يستغفرون له حتى يرجع ويضعها ».

٢٤١٠ ـ وقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « حمل العصا ينفي الفقر ولا يجاوره الشيطان » (٥)

٢٤١١ ـ وقال عليه‌السلام : « من أراد أن تطوى له الأرض فليتخذ النقد من العصا والنقد عصا لوزمر ـ ».

٢٤١٢ ـ وقال عليه‌السلام : « تعصوا فإنها من سنن إخواني النبيين وكانت بنو إسرائيل الصغار والكبار يمشون على العصا حتى لا يختالوا في مشيهم ».

__________________

(١) أعم من الجبلي والبستاني والمسموع من المشايخ الأول. (م ت)

(٢) أي معتاد الصيد خصوصا بالانسان كالأسد.

(٣) مخففة : السم ، وقرء بالتشديد ، والتخفيف أفصح ، وقيل : المراد بالحمة إبرة العقرب ونحوها.

(٤) المعقبات الملائكة الذين يجيئ بعضهم عقيب بعض للحفظ.

(٥) « لا يجاوره » في بعض النسخ بالحاء المهملة.

٢٧٠

باب

* (ما يستحب للمسافر من الصلاة إذا أراد الخروج) *

٢٤١٣ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) : ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفره ويقول : « اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وذريتي (٢) ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي » فما قال ذلك أحد إلا أعطاه الله عزوجل ما سأل.

وسيأتي ذلك في أول باب سياق المناسك في هذا الكتاب عند انتهائي إليه إن شاء الله تعالى.

باب

* (ما يستحب للمسافر من الدعاء عند خروجه في السفر) *

٢٤١٤ ـ روى موسى بن القاسم البجلي ، عن صباح الحذاء قال : « سمعت موسى بن جعفر عليهما‌السلام يقول : لو كان الرجل منكم إذا أراد سفرا أقام على باب داره تلقاء الوجه الذي يتوجه إليه فقراء فاتحة الكتاب أمامه وعن يمينه وعن شماله ، وآية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله ، ثم قال : « اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن » لحفظه الله ولحفظ ما معه وسلمه الله وسلم ما معه وبلغه الله وبلغ ما معه ، قال : ثم قال : يا صباح أما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ ما معه ويسلم ولا يسلم ما معه ويبلغ ولا يبغ ما معه؟ قلت : بلى جعلت فداك ».

٢٤١٥ ـ و « كان الصادق عليه‌السلام إذا أراد سفرا قال : « اللهم خل سبيلنا وأحسن

__________________

(١) رواه الكليني باسناده عن السكوني ج ٤ ص ٢٨٣ والشيخ في التهذيب.

(٢) في التهذيب « مالي وديني ودنياي وآخرتي ».

٢٧١

تسييرنا وأعظم عافيتنا.

٢٤١٦ ـ وروى علي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (١) قال : قال لي : « إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل : « بسم الله ، آمنت بالله ، توكلت على الله ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله » فتلقاه الشياطين (٢) فتضرب الملائكة وجوهها وتقول : ما سبيلكم عليه (٣) وقد سمى الله عزوجل وآمن به وتوكل على الله ، وقال ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله ».

٢٤١٧ ـ وروى أبو بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « من قال حين يخرج من باب داره (٤) : « أعوذ بالله مما عاذت منه ملائكة الله من شر هذا اليوم ، ومن شر الشياطين ، ومن شر من نصب لأولياء الله عزوجل ، ومن شر الجن والإنس ، ومن شر السباع والهوام ومن شر ركوب المحارم كلها أجير نفسي بالله من كل شر » غفر الله له ، وتاب عليه (٥) وكفاه المهم ، وحجزه عن السوء وعصمه من الشر ».

باب

* (القول عند الركوب) *

٢٤١٨ ـ كان الصادق عليه‌السلام (٦) إذا وضع رجله في الركاب يقول : « سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين » (٧) ويسبح الله سبعا ، ويحمد الله سبعا ، ويهلل الله سبعا.

٢٤١٩ ـ وروي عن الأصبغ بن نباتة أنه قال : أمسكت لأمير المؤمنين عليه‌السلام

__________________

(١) رواه الكليني ج ٢ ص ٥٤٣ باسناده عن الحسن بن الجهم عنه عليه‌السلام.

(٢) فيه حذف يعنى من قال ذلك تلقاه الشياطين ، وفى الكافي « فتنصرف وتضرب الملائكة ».

(٣) الضمير المؤنث في « وجوهها » للشياطين و « ما » موصولة أي أي سلطة لكم عليه.

(٤) في السفر والحضر كما يقتضيه الاطلاق.

(٥) أي قبل توبته أو وفقه للتوبة ، والحجز : المنع والفعل كينصر.

(٦) رواه البرقي بسند قوى في المحاسن ص ٣٥٣.

(٧) أي مطيقين لتسخيره ، قادرين عليه بدون تسخيرك إياه لنا. (م ت)

٢٧٢

بالركاب وهو يريد أن يركب فرفع رأسه ثم تبسم فقلت : يا أمير المؤمنين رأيتك رفعت رأسك وتبسمت ، قال : نعم يا أصبغ أمسكت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كما أمسكت لي فرفع رأسه [إلى السماء] وتبسم ، فسألته كما سألتني وسأخبرك كما أخبرني أمسكت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الشهباء فرفع رأسه إلى السماء وتبسم فقلت : يا رسول الله رفعت رأسك إلى السماء وتبسمت فقال : يا علي إنه ليس من أحد يركب ما أنعم الله عليه ثم يقرأ آية السخرة (١) ثم يقول : « أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، اللهم اغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت » إلا (٢) قال السيد الكريم : يا ملائكتي عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري اشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه.

باب

* (ذكر الله عزوجل والدعاء في المسير) *

٢٤٢٠ ـ روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في سفره إذا هبط سبح ، وإذا صعد كبر (٣) ».

٢٤٢١ ـ وروى العلاء ، عن أبي عبيدة عن أحدهما عليهما‌السلام قال : إذا كنت في سفر فقل : « اللهم اجعل مسيري عبرا ، وصمتي تفكرا ، وكلامي ذكرا ».

٢٤٢٢ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) : « والذي نفس أبي القاسم بيده ما هلل

__________________

(١) « آية السخرة » هي قوله تعالى « ان ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض  ـ إلى قوله : ـ رب العالمين ». والمشهور إلى قوله. « انه لا يحب المعتدين » للتصريح في بعض الروايات (م ت) وهي في الأعراف ٥٤ ولعل المراد هنا ما ذكر في الخبر السابق قوله تعالى « سبحان الذي سخر » وقيل : المراد من آية السخرة آيتان في آخر حم السجدة : « سنريهم آياتنا » ولا يخفى أن الضمير الجمع البارز في قوله « سنريهم » راجع إلى المشركين الضالين المعاندين ، لا المسلمين الموحدين والآية في مقام التخويف بلا مرية كما صرح به في الكافي والارشاد وتفسير على ابن إبراهيم في روايات عن الصادق والكاظم عليهما‌السلام فسراها بالاسقام والآفات الدنيوية وعليه فلا مناسبة لها ههنا وقول القيل مبتن على الوهم.

(٢) استثناء من قوله : « ليس من أحد ».

(٣) لا يخفى مناسبة التسبيح في الهبوط والتكبير في الصعود. (م ت)

(٤) مروى في المحاسن ص ٣٥٣ بسند مرفوع عن الصادق عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأدنى اختلاف.

٢٧٣

[الله] مهلل ، ولا كبر [الله] مكبر على شرف من الاشراف إلا هلل ما خلفه وكبر ما يديه بتهليله وتكبيره حتى يبلغ مقطع التراب ».

باب

* (ما يجب على المسافر في الطريق من حسن الصحابة ، وكظم) *

* (الغيظ ، وحسن الخلق ، وكف الأذى ، والورع) *

٢٤٢٣ ـ روي عن أبي الربيع الشامي قال : « كنا عند أبي عبد الله عليه‌السلام والبيت غاص بأهله (١) فقال : ليس منا من لم يحسن صحبة من صحبه ، ومرافقة من رافقه وممالحة من مالحه ، ومخالقة من خالقه (٢) ».

٢٤٢٤ ـ وروى صفوان الجمال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كان أبي عليه‌السلام يقول : ما يعبؤ بمن يؤم هذا البيت (٣) إذا لم يكن فيه ثلاث خصال : خلق يخالق به من صحبه ، وحلم يملك به غضبه ، وورع يحجزه عن محارم الله عزوجل ».

٢٤٢٥ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « ليس من المروءة أن يحدث الرجل بما يلقى في السفر من خير أو شر » (٤).

٢٤٢٦ ـ وروي عن عمار بن مروان الكلبي (٥) قال : أوصاني أبو عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) أي ممتلئ بأهله. وقوله : « ليس منا » أي من شيعتنا أو من خواصهم.

(٢) في المغرب « الممالحة : المؤاكلة ، ومنها قولهم « بينهما حرمة الملح والممالحة وهي المراضعة ». والمخالقة : المعاشرة. وفى بعض النسخ » مخالفة من خالفه وقال المولى المجلسي : أي مخالفة من خالفه في الدين الا مع التقية ولو لم يكن في الدين فينبغي أن لا يخالف إلى حد لا يبقى طريق الاصلاح.

(٣) أي ما أبالي به ولا أرى به وزنا.

(٤) أي من خير صنعه هو لغيره ومن شر صنعه غيره به ، أو يكون ذكر الخير استتباعا للشر ، فان ذكر محاسن الرفقاء حسن وإنما يقبح نقل مساويهم.

(٥) بنو كلب قبيلة من العرب ووصفه بالكلبي موجود في المحاسن وليس في الكافي ، و في الرجال اليشكري ، والخبر صحيح.

٢٧٤

فقال : « أوصيك بتقوى الله ، وأداء الأمانة ، وصدق الحديث ، وحسن الصحبة لمن صحبك ، ولا قوة إلا بالله ».

٢٤٢٧ ـ وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « من خالطت فإن استطعت أن يكون يدك العليا عليه (١) فافعل ».

باب

* (تشييع المسافر وتوديعه والدعاء له) *

٢٤٢٨ ـ « لما شيع أمير المؤمنين عليه‌السلام أبا ذر ـ رحمة الله عليه ـ شيعه الحسن والحسين عليهما‌السلام ، وعقيل بن أبي طالب ، وعبد الله بن جعفر ، وعمار بن ياسر ، قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ودعوا أخاكم فإنه لابد للشاخص (٣) أن يمضي وللمشيع من أن يرجع ، فتكلم كل رجل منهم على حياله (٤) فقال الحسين بن علي عليهما‌السلام : رحمك الله يا أبا ذر إن القوم إنما امتهنوك بالبلاء (٥) لأنك منعتهم دينك فمنعوك دنياهم ، فما أحوجك غدا إلى ما منعتهم وأغناك عما منعوك ، فقال أبو ذر : رحمكم الله من أهل بيت فمالي شجن (٦) في الدنيا غيركم ، إني إذا ذكرتكم ذكرت بكم جدكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٧) ».

__________________

(١) بأن تزيد عليه في المال والخدمة والتواضع فافعل بشرط أن لا تذله ولا تفقره.

(٢) رواه البرقي في المحاسن ص ٣٥٣ مسندا عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٣) الشاخص : المسافر.

(٤) أي منفردا أو تلقاء وجهه.

(٥) كذا في النسخ وفى المحاسن ص ٣٥٤ ، أيضا والامتهان الابتذال للخدمة. وفى الكافي ج ٨ ص ٢٠٧ تحت رقم ٢٥١ نحوه بتفصيل وفيه « امتحنوك بالبلاء ».

(٦) في الكافي « ومالي بالمدينة شجن ولا سكن » والشجن ـ بالتحريك ـ : الحاجة ، والسكن ـ بالتحريك ـ ما يسكن إليه.

(٧) في الكافي نقل كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام أولا ، ثم كلام عقيل ، ثم الحسن ، الحسين عليهما‌السلام وفى آخره كلام عمار فبعد ذلك كلام أبي ذر جوابا لهم.

٢٧٥

٢٤٢٩ ـ و « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا ودع المؤمنين قال : زودكم الله التقوى ، ووجهكم إلى كل خير ، وقضى لكم كل حاجة ، وسلم لكم دينكم ودنياكم ، وردكم سالمين إلى سالمين (١) ».

٢٤٣٠ ـ وفي خبر آخر (٢) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا ودع مسافرا أخذ بيده ، ثم قال : أحسن الله لك الصحابة ، وأكمل لك المعونة ، وسهل لك الحزونة (٣) وقرب لك البعيد ، وكفاك المهم ، وحفظ لك دينك وأمانتك و خواتيم عملك ، ووجهك لكل خير ، عليك بتقوى الله ، أستودع الله نفسك ، سر على بركة الله عزوجل ».

باب

* (ما يقول من خرج وحده في سفر) *

٢٤٣١ ـ روى بكر بن صالح ، عن سليمان بن جعفر عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : « من خرج وحده في سفر (٤) فليقل : ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله اللهم آنس وحشتي ، وأعني على وحدتي ، وأد غيبتي » (٥).

باب

* (كراهة الوحدة في السفر) *

٢٤٣٢ ـ روى علي بن أسباط ، عن عبد الملك بن مسلمة ، عن السري بن خالد

__________________

(١) رواه البرقي في المحاسن ص ٣٥٤ باسناده عن ابن مسكان عن أبي عبد الله (ع) ، وقوله « سالمين إلى سالمين » أي ردكم بالسلامة إلى عيالاتكم وهم سالمون أو إلينا ونحن سالمون.

(٢) رواه البرقي ص ٣٥٤ أيضا باسناده عن عبد الرحيم عن أبي جعفر عليه‌السلام.

(٣) الحزونة ـ بضم المهملة ـ غلاظة الأرض.

(٤) أي خرج ولم يكن له رفيق يسافر معه.

(٥) بأن أرجع سالما عنها ، مجاز في الاسناد أي أدنى عن غيبتي. (م ت)

٢٧٦

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا أنبئكم بشر الناس؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : من سافر وحده ، ومنع رفده (١) وضرب عبده ».

٢٤٣٣ ـ وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : « في وصية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام لا تخرج في سفر وحدك فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ، يا علي إن الرجل إذا سافر وحده فهو غاو ، والاثنان غاويان ، والثلاثة نفر ـ وروى بعضهم : سفر ـ » (٢).

٢٤٣٤ ـ وروى إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : « لعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة : الآكل زاده وحده ، والنائم في بيت وحده ، والراكب في الفلاة وحده (٣) ».

٢٤٣٥ ـ وروى محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر قال : « كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام بمكة إذ جاءه رجل من المدينة فقال له : من صحبك؟ فقال : ما صحبت أحدا فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : أما لو كنت تقدمت إليك لأحسنت أدبك (٤) ثم قال : واحد شيطان ، واثنان شيطانان ، وثلاثة صحب ، وأربعة رفقاء (٥) ».

__________________

(١) الرفد ـ بالكسر ـ : العطاء أي عطاه من الواجبات أو الأعم (م ت) و « ضرب عبده » أي من غير سيئة.

(٢) النفر ـ بالتحريك ـ : عدة رجال من الثلاثة إلى العشرة (الصحاح) والسفر ـ بفتح المهملة وسكون الفاء ـ : جمع سافر مثل صحب وصاحب. (النهاية)

(٣) مبالغة في النهى عن تلك الأفعال لكونها خلاف المروءة والحزم.

(٤) أي لو كنت رأيتك قبل السفر لعلمتك آدابه (م ت) أو المعنى لو كنت عندك حين أقدمت على السفر بدون صاحب لضربتك ، وفيه مبالغة في أنه ارتكب أمرا شنيعا. (مراد)

(٥) روى الكليني في الكافي ج ٦ ص ٥٣٣ باسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الشيطان أشد ما يهم بالانسان حين يكون وحده خاليا لا أرى أن يرقد وحده. وعن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ان الشيطان أشد ما يهم بالانسان إذا كان وحده فلا تبيتن وحدك ولا تسافرن وحدك » (ج ٦ ص ٥٣٤).

٢٧٧

باب

* (الرفقاء في السفر ووجوب حق بعضهم على بعض) *

٢٤٣٦ ـ روى السكوني باسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « الرفيق ثم السفر (١) ».

٢٤٣٧ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما اصطحب اثنان إلا كان أعظمهما أجرا و أحبهما إلى الله عزوجل أرفقهما لصاحبه (٢) ».

٢٤٣٨ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « لا تصحبن في سفر من لا يرى لك من الفضل عليه كما ترى له عليك (٣) ».

٢٤٣٩ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من السنة إذا خرج القوم في سفر أن يخرجوا نفقتهم فإن ذلك أطيب لأنفسهم وأحسن لأخلاقهم (٤) ».

٢٤٤٠ ـ وروى إسحاق بن جرير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كان يقول : اصحب من تتزين به (٥) ، ولا تصحب من يتزين بك ».

٢٤٤١ ـ وروى شهاب بن عبد ربه قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « قد عرفت

__________________

(١) رواه الكليني ج ٤ ص ٢٨٦ عن علي عن أبيه عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ الخ ». وفى المحاسن « الرفيق ثم الطريق » كما هو المشهور في الألسنة.

(٢) رواه الكليني ج ٢ ص ٦٦٩ والبرقي في المحاسن ص ٣٥٧ عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام.

(٣) رواه الكليني عن السكوني بالسند المتقدم ذكره. أي اصحب من يعتقد أنك أفضل منه كما تعتقد أنه أفضل منك ، وهذا من صفات الكمال لمؤمنين (م ت) وقيل : يحتمل أن يكون الفضل بمعنى الاحسان والتفضل والأول أظهر.

(٤) رواه في المحاسن ص ٣٥٩ بالسند المذكور سابقا والظاهر أن المراد أن يخرج كل منهم مثل ما يخرج الاخر فيتركون المجموع عند أحد وينفقون منه لئلا يتوهم أحد منهم أنه أنفق زائدا عما أنفق صاحبه.

(٥) أي من كان أفضل منك ويصير سببا لكمالك وتزيينك. (مراد)

٢٧٨

حالي وسعة يدي وتوسيعي على إخواني ، فأصحب النفر منهم في طريق مكة فأوسع عليهم ، قال : لا تفعل يا شهاب فإنك إن بسطت وبسطوا أجحفت بهم (١) ، وإن هم أمسكوا أذللتهم ، فاصحب نظراءك ، اصحب نظراءك (٢).

٢٤٤٢ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « إذا صحبت فاصحب نحوك ولا تصحب من يكفيك فإن ذلك مذلة للمؤمن (٣) ».

٢٤٤٣ ـ وروى أبو خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « البائت في البيت وحده شيطان ، والاثنان لمة ، والثلاثة أنس (٤) ».

٢٤٤٤ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أحب الصحابة إلى الله عزوجل أربعة ، وما زاد قوم على سبعة إلا كثر لغطهم (٥) ».

٢٤٤٥ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « حق المسافر أن يقيم عليه إخوانه إذا مرض ثلاثا (٦) ».

٢٤٤٦ ـ وروى عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من نفقة أحب إلى الله من نفقة قصد ، ويبغض الاسراف إلا في حج أو عمرة (٧) »

__________________

(١) أجحفت بهم بتقديم الجيم أي أفقرتهم وأحوجتهم بسبب صرفهم الزيادة عن شأنهم.

(٢) « اصحب نظراءك » تأكيد للأول وليس في الكافي والمحاسن.

(٣) رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٢٨٦ والبرقي في المحاسن بسند فيه ارسال. و قوله « نحوك » أي مثلك في الغنى والفقر ، ولا تصحب من يكفيك مؤونتك.

(٤) اللمة ـ بالضم ـ : الصاحب والأصحاب في السفر ، والانس ـ محركة ـ : الجماعة الكثيرة ، ومن تأنس به جمع أناس.

(٥) رواه الكليني في الروضة تحت رقم ٤٦٤ مسندا ، واللغط صوت وضجة لا يفهم معناه.

(٦) رواه الكليني ج ٢ ص ٦٧٠ في الصحيح عن يعقوب بن يزيد عن عدة من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. وقوله ثلاثا أي ثلاثة أيام بلياليها بقرينة التأنيث ولا يلزم أكثر من ذلك للحرج ولان لهم أيضا حقا ، هذا إذا كان في بلدة أو سفر يمكنهم الإقامة. (م ت)

(٧) القصد : القوام والوسط. ولا اسراف في الحج لأنه لا اسراف في الخير والحج من أعظم الخيرات بشرط أن لا يتعدى حتى يحتاج إلى السؤال.

٢٧٩

باب

* (الحداء والشعر في السفر) *

٢٤٤٧ ـ روى السكوني باسناده قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : زاد المسافر الحداء والشعر ما كان منه ليس فيه خنا » (١).

باب

* (حفظ النفقة في السفر) *

٢٤٤٨ ـ روي عن صفوان الجمال قال « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن معي أهلي وأنا أريد الحج فأشد نفقتي في حقوي؟ قال : نعم فإن أبي عليه‌السلام كان يقول : من قوة المسافر حفظ نفقته (٢) ».

٢٤٤٩ ـ وروى علي بن أسباط ، عن عمه يعقوب بن سالم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « تكون معي الدراهم فيها تماثيل وأنا محرم فأجعلها في همياني وأشده في وسطي؟ قال : لا بأس أو ليس هي نفقتك وعليها اعتمادك بعد الله عزوجل؟ ».

باب

* (اتخاذ السفرة في السفر) *

٢٤٥٠ ـ قال الصادق عليه‌السلام : « إذا سافرتم فاتخذوا سفرة وتنوقوا فيها (٣) ».

__________________

(١) الحداء نوع من الغناء المجوز تقوله العرب لسوق الإبل. والخنا : الفحش ، أي الذي لا يكون فيه هجو للمؤمن أو مدح لامرأة مغنية.

(٢) الحقو : معقد الإزار أي أشده في وسطى. وقال المجلسي : ترك استفصاله يدل على جواز الصلاة معها ولو كان دنانير مع أنه لم يرد نهى فيه وليس بتزين للذهب حتى يكون حراما والظاهر من النهى على تقدير صحته هو التزين ، وربما يقال بالجواز لأنه موضع الضرورة.

(٣) « سفرة » أي طعاما من الخبز والحلو والطير المشوي أو مع الجلد الذي يكون الأطعمة فيه. « تنوقوا » أي تجودوا وبالغوا في جودة الطعام أو مع السفرة. (م ت)

٢٨٠