كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٦

١٩٧٤ ـ وسأل عبيد بن زرارة أبا عبد الله عليه‌السلام « عن قول الله عزوجل : « فمن شهد منكم الشهر فليصمه (١) » قال : ما أبينها من شهد فليصمه ومن سافر فلا يصمه ».

١٩٧٥ ـ وروى محمد بن حكيم عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « لو أن رجلا مات صائما في السفر لما صليت عليه ».

١٩٧٦ ـ وروى حريز ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمى رسول ـ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قوما صاموا حين أفطر وقصر : العصاة ، قال : وهم العصاة إلى يوم القيامة ، وإنا لنعرف أبناءهم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا.

١٩٧٧ ـ وروى العيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا خرج الرجل في شهر رمضان مسافرا أفطر ، وقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج من المدينة إلى مكة في شهر رمضان ومعه الناس وفيهم المشاة فلما انتهى إلى كراع الغميم (٢) دعا بقدح من ماء فيما بين الظهر والعصر فشرب وأفطر وأفطر الناس معه وتم أناس على صومهم فسماهم العصاة ، وإنما يؤخذ بأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » (٣).

١٩٧٨ ـ وروى أبان بن تغلب عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خيار أمتي الذين إذا سافروا أفطروا وقصروا ، وإذا أحسنوا استبشروا ، وإذا أساؤوا استغفروا ، وشرار أمتي الذين ولدوا في النعيم وغذوا به ، يأكلون طيب الطعام ، ويلبسون لين الثياب ، وإذا تكلموا لم يصدقوا ».

__________________

(١) « فمن شهد » أي فمن حضر في موضع في هذا الشهر ولم يكن مسافرا ولا مريضا.

(٢) هو اسم موضع بين مكة والمدينة ، والكراع جانب مستطيل من الحرة ، تشبيها بالكراع وهو ما دون الركبة من الساق ، والغميم ـ بالفتح ـ واد بالحجاز أمام عسفان.

(٣) بيان لوجه عصيانهم أي يجب الاخذ والعمل بأوامر الرسول (ص) فإذا أمر بالافطار وجب الافطار ، فمن لم يفطر كان عاصيا ، وإنما يؤخذ الصوم بأمره فلما أفطر يجب الإطاعة (سلطان) أقول : كأن في سقطا والأصل « إنما يؤخذ بآخر أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » كما في الكافي ج ٤ ص ١٢٧ ولعله من النساخ ، وذلك لرفع توهم عدم كونهم عصاة لاخذهم بقوله السابق.

١٤١

١٩٧٩ ـ وروى ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن عمار بن مروان عن أبي ـ عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : من سافر قصر وأفطر إلا أن يكون رجلا سفره إلى صيد (١) أو في معصية الله عزوجل ، أو رسولا لمن يعص الله عزوجل ، أو طلب عدو أو شحناء ، أو سعاية (٢) أو ضرر على قوم من المسلمين.

١٩٨٠ ـ وقال عليه‌السلام : « لا يفطر الرجل في شهر رمضان إلا بسبيل حق » (٣).

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : قد أخرجت تقصير المسافر في جملة أبواب الصلاة في هذا الكتاب ، والحد الذي يجب فيه التقصير ، والذين يجب عليهم التمام.

فأما صوم التطوع في السفر

١٩٨١ ـ فقد قال الصادق عليه‌السلام : « ليس من البر الصوم في السفر » (٤).

١٩٨٢ ـ وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه « سئل عن الرجل يخرج من بيته وهو يريد السفر وهو صائم ، فقال : إن خرج قبل أن ينتصف النهار فليفطر وليقض ذلك اليوم ، وإن خرج بعد الزوال فليتم يومه » (٥).

١٩٨٣ ـ وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم ويعتد به من شهر رمضان ، وإذا دخل أرضا قبل طلوع الفجر وهو يريد الإقامة بها فعليه صوم ذلك

__________________

(١) المراد بالصيد اللهوى منه ، قال الشيخ في النهاية والمبسوط « ان طلب الصيد للتجارة يقصر صومه ويتم صلاته » وفى خصوص هذه المسألة اختلاف بين فقهائنا راجع مصباح الفقيه ص ٧٤٤ من كتاب الصلاة.

(٢) سعى به إلى الوالي : وشى به. والشحناء : العداوة.

(٣) أي مباح كما هو المشهور ، أو راجح كما قيل. (المرآة)

(٤) ظاهره نفى صحة الصوم ومشروعيته في السفر إذ العبادة ليست غير البر ، الا أن يكون المراد ليس من البر الكامل ، ثم لا يخفى أن الحديث ليس صريحا في صوم التطوع إذ ربما كان المراد صوم شهر رمضان (سلطان) أقول : في بعض النسخ « الصيام في السفر ».

(٥) في بعض النسخ « فليتم صومه ».

١٤٢

اليوم ، وإن دخل بعد طلوع الفجر فلا صيام عليه ، وإن شاء صام » (١).

١٩٨٤ ـ وفي رواية رفاعة بن موسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن رجل يقبل (٢) في شهر رمضان من سفر حتى يرى أنه سيدخل أهله ضحوة (٣) أو ارتفاع النهار ، قال : إذا طلع الفجر وهو خارج لم يدخل فهو بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر ».

١٩٨٥ ـ وروى يونس بن عبد الرحمن عن موسى بن جعفر عليهما‌السلام أنه قال : « في المسافر يدخل أهله وهو جنب قبل الزوال ولم يكن أكل فعليه أن يتم صومه ولا قضاء عليه ـ قال : (٤) يعني إذا كانت جنابته من احتلام ـ ».

١٩٨٦ ـ وسأل عبد الله بن سنان أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الرجل يأتي جاريته في شهر رمضان بالنهار في السفر ، فقال : ما عرف هذا حق شهر رمضان إن له في الليل سبحا طويلا (٥) قال : قلت له : أليس له أن يأكل ويشرب ويقصر؟ قال : إن الله عزوجل رخص للمسافر في الافطار والتقصير رحمة وتخفيفا لموضع التعب والنصب ووعث السفر (٦) ولم يرخص له في مجامعة النساء في السفر بالنهار في شهر رمضان ، وأوجب عليه قضاء

__________________

(١) المشهور وجوب الصوم إذا دخل قبل الزوال ولم يفطر ، وحمل هذا الخبر وأمثاله على التخيير قبل الدخول ويؤيده خبر رفاعة الآتي.

(٢) في الكافي ج ٤ ص ١٣٢ « يقدم »

(٣) ضحوة النهار : بعد طلوع الشمس ، والضحى ارتفاعه.

(٤) لعله كلام يونس وحملها على جنابة لم تخل بصحة الصوم فالمراد الاحتلام في اليوم أو في الليل ولم ينتبه الا بعد طلوع الفجر أو انتبه ونام بقصد الغسل (المرآة) وقال الفاضل التفرشي : لعل مراده بالاحتلام في اليوم دون الليل وبقائه على الجنابة حتى يطلع الفجر إذ الظاهر عدم الفرق بين الاحتلام والجماع في الليل.

(٥) السبح : الفراغ والتصرف في المعاش كما قال قتادة في قوله تعالى « ان لك في النهار سبحا طويلا ». أي فراغا طويلا. (الصحاح)

(٦) الوعث : المكان السهل الكثير الدهس ، ووعثاء السفر مشتقة.

١٤٣

الصيام ولم يوجب عليه قضاء تمام الصلاة إذا آب من سفره ، ثم قال : والسنة لا تقاس (١) وإني إذا سافرت في شهر رمضان ما آكل كل القوت (٢) وما أشرب كل الري ».

والنهي عن الجماع للمقصر في السفر إنما هو نهي كراهة لا نهي تحريم.

١٩٨٧ ـ وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : « رجل صام في السفر فقال : إن كان بلغه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن ذلك فعليه القضاء ، وإن لم يكن بلغه فلا شئ عليه ».

باب

* (صوم الحائض والمستحاضة) *

١٩٨٨ ـ روى أبو الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشاء (٣) حاضت أتفطر؟ قال : نعم وإن كان قبل المغرب فلتفطر ، وعن امرأة ترى الطهر في أول النهار في شهر رمضان ولم تغتسل ولم تطعم كيف تصنع بذلك اليوم؟ قال : إنما فطرها من الدم » (٤).

١٩٨٩ ـ وروي عن علي بن مهزيار قال : كتبت إليه عليه‌السلام (٥) « امرأة طهرت

__________________

(١) ذكره هذه الجملة هنا كأنه لبيان عدم صحة القياس حتى يقاس جواز الجماع بجواز الأكل والشرب ، ثم الظاهر من الخبر حرمة الجماع بالنهار في السفر وحمله الأكثر على الكراهة جمعا (المرآة) وذهب الشيخ إلى عدم الجواز في بعض كتبه وعمل بظاهر هذا الخبر وحمل ما يدل على الجواز على غلبة الشهوة وخوف وقوعه في المحظور أو على الوطي بالليل ولا يخفى بعدهما.

(٢) في الكافي « الا القوت » وما في المتن أظهر ، ويدل على كراهة التملي من الطعام والشراب للمسافر كما هو مذهب الأصحاب فيه وفى سائر ذوي الأعذار. (المرآة)

(٣) العشاء هي الزوال إلى المغرب والمشهور أنه آخر النهار. (المغرب)

(٤) أي لا صوم لها ولا بأس عليها.

(٥) يعنى أبا جعفر الجواد عليه‌السلام.

١٤٤

من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت وصامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين هل يجوز صومها وصلاتها أم لا؟ فكتب عليه‌السلام : تقضي صومها ولا تقضي صلاتها لان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يأمر المؤمنات (١) من نسائه بذلك » (٢).

١٩٩٠ ـ وروي عن سماعة قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام » عن المستحاضة ، قال : تصوم شهر رمضان إلا الأيام التي كانت تحيض فيهن ، ثم تقضيها من بعده.

١٩٩١ ـ وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا الحسن عليه‌السلام « عن المرأة تلد بعد العصر أتتم ذلك اليوم أم تفطر؟ فقال : تفطر ثم تقضي ذلك اليوم ».

١٩٩٢ ـ وروى العيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن المرأة

__________________

(١) في الكافي ج ٤ ص ١٣٦ والتهذيب ج ١ ص ٤٤٠ « يأمر فاطمة والمؤمنات من نسائه بذلك ».

(٢) هذا الخبر مع اضماره مخالف للاخبار الكثيرة والاجماع على اشتراط الصلاة بالطهارة ، وفى هامش التهذيب السائل سأل عن حكم المستحاضة التي صلت وصامت في شهر رمضان ولم تعمل أعمال المستحاضة ، والإمام عليه‌السلام ذكر حكم الحائض وعدل عن جواب السائل من باب التقية لان الاستحاضة من باب الحدث الأصغر عند العامة فلا توجب غسلا عندهم. وقال الفيض ـ رحمه‌الله ـ في الوافي : هذا الخبر مع اضماره متروك بالاتفاق ولو كان الحكم بقضاء الصوم دون الصلاة متعاكسا لكان له وجه ، على أنه قد ثبت عندنا أن فاطمة لم تر حمرة قط ، اللهم الا أن يقال : إن المراد بفاطمة فاطمة بنت أبي حبيش فإنها كانت مشتهرة بكثرة الاستحاضة والسؤال عن مسائلها في ذلك الزمان ، ويحمل قضاء الصوم على قضاء صوم أيام حيضها خاصة دون سائر الأيام وكذا نفى قضاء الصلاة ـ انتهى.

وقال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله : اعلم أن المشهور بين الأصحاب أن المستحاضة إذا أخلت بالأغسال تقضى صومها ، واستدلوا بهذا الخبر وفيه اشكال لاشتماله على عدم قضاء الصلاة ، ولم يقل به أحد ومخالف لسائر الاخبار قال : وقد وجه بوجوه (نقلنا بعضها) :

الأول ما ذكره الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في التهذيب حيث قال : لم يأمرها بقضاء الصلاة إذا لا تعلم أن عليها لكل صلاتين غسلا أو لا يعلم ما يلزم المستحاضة فاما مع العلم بذلك والترك له

١٤٥

تطمث في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس؟ قال : تفطر حين تطمث.

١٩٩٣ ـ وروى علي بن الحكم ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل أن يخرج شهر رمضان

__________________

على العمد يلزمها القضاء. وأورد عليه أنه ان بقي الفرق بين الصوم والصلاة فالاشكال بحاله وان حكم بالمساواة بينهما ونزل قضاء الصوم على حالة العلم وعدم قضاء الصلاة على حالة الجهل فتعسف ظاهر.

الثاني ما ذكره المحقق الأردبيلي ـ قدس الله روحه ـ وهو أن المراد لا يجب عليها قضاء جميع الصلوات لان منها ما كان واقعا في الحيض ، وهو بعيد.

الثالث ما ذكره صاحب المنتقى ـ روح الله روحه ـ قال : والذي يختلج بخاطر أن الجواب الواقع في الحديث غير متعلق بالسؤال المذكور فيه والانتقال إلى ذلك من وجهين أحدهما قوله فيه « ان رسول الله (ص) كان يأمر فاطمة ـ الخ » فان مثل هذه العبارة إنما تستعمل فيما يكثر وقوعه ويتكرر وكيف يعقل كون تركهن لما تعمله المستحاضة في شهر رمضان جهلا والثاني أن هذه العبارة بعينها كانت في أخبار الحيض في كتاب الطهارة مرادا بها قضاء الحائض للصوم دون الصلاة ـ إلى أن قال ـ : ولا يخفى أن للعبارة بذلك الحكم مناسبة ظاهرة تشهد بها السليقة لكثرة وقوع الحيض وتكرره والرجوع إليه (ص) في حكمه وبالجملة فارتباطها بذلك الحكم ومنافرتها لقضية الاستحاضة مما لا يرتاب فيه أهل الذوق السليم وليس بالمستبعد أن يبلغ الوهم إلى موضع الجواب مع غير سؤاله فان من شأن الكتابة في الغالب أن تجمع الاسؤلة المتعددة فإذا لم ينعم الناقل نظره فيها يقع له نحو هذا الوهم ـ انتهى كلامه (ر ه) واحتمل سبطه الجليل احتمالا لعله قريب حاصله أن قوله « تقضى صومها ولا تقضى صلاتها » أصله « تقضى صومها ولاء وتقضى صلاتها » ثم ذكر في توجيهها كلاما لا يسعنا ذكره راجع مرآة العقول ج ٣ ص ٢٣٣.

وأقول : قال المحقق التستري صاحب الاخبار الدخيلة ـ مد ظله ـ فيما كتب إلى : الظاهر أن علي بن مهزيار في أصوله التي جمع منها كتابه خبران : خبر في السؤال عن حكم تاركة غسل الاستحاضة في شهر رمضان لصلاتها وصومها ، وخبر في السؤال عن قضاء الحائض صلاتها وصومها فخلط بين الخبرين بنقل سؤال الخبر الأول وجواب الخبر الثاني في كتابه فنقله المشايخ الثلاثة عن كتابه مثل ما وجدوا ولم يأوله أحد منهم الا الشيخ ـ رحمه‌الله ـ.

١٤٦

هل يقضى عنها؟ قال : أما الطمث والمرض فلا ، وأما السفر فنعم (١).

١٩٩٤ ـ وروى ابن مسكان ، عن محمد بن جعفر قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : « إن امرأتي جعلت على نفسها صوم شهرين فوضعت ولدها وأدركها الحبل فلم تقدر (٢) على الصوم ، قال : فلتصدق مكان كل يوم بمد على مسكين » (٣).

باب

* (قضاء صوم شهر رمضان) *

١٩٩٥ ـ روى عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل مرض في شهر رمضان فلما برأ أراد الحج كيف يصنع بقضاء الصوم؟ قال : إذا رجع فليصمه » (٤).

١٩٩٦ ـ وسأله عبد الرحمن بن أبي عبد الله « عن قضاء شهر رمضان في ذي الحجة وقطعه قال : إقضه في ذي الحجة واقطعه إن شئت » (٥).

__________________

(١) عمل الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في التهذيب بظاهره ، والمشهور الاستحباب.

(٢) نسخة في الجميع « لم تقو ».

(٣) المشهور بين الأصحاب أن مع العجز عن الصوم المنذور يسقط الصوم ولا يلزمه شئ وذهب جماعة إلى لزوم الكفارة عن كل يوم بمد وجماعة بمدين لرواية أخرى ، والقائلون بالمشهور حملوا تلك الأخبار على الاستحباب لكن العجز لا يتحقق في النذر المطلق الا باليأس منه في جميع العمر فهذا الخبر اما محمول على شهرين معينين أو على اليأس بأن يكون ظنها أنها تكون دائما اما في الحمل أو في الرضاع ، مع أنه يحتمل أن يكون الكفارة في الخبر للتأخير مع عدم سقوط المنذور. (المرآة)

(٤) في بعض النسخ « فليقضه ». ويدل على عدم جواز قضاء صوم شهر رمضان في السفر وعليه الأصحاب.

(٥) ليس التتابع شرطا في القضاء فلا بأس أن يقطع بالعيد أو غيره (سلطان) وقال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : الشرط متعلق بالامرين لا بخصوص القطع مع احتماله فيكون المراد القطع بغير العيد ، ثم إن الخبر يدل على عدم مرجوحية القضاء في عشر ذي الحجة كما هو المشهور بين الأصحاب ، وروى الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في التهذيب بسند موثق عن غياث ابن إبراهيم عن أبي

١٤٧

١٩٩٧ ـ وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا كان على الرجل شئ من صوم شهر رمضان فليقضه في أي شهر شاء أياما متتابعة فإن لم يستطع فليقضه كيف شاء ، وليحص الأيام ، فإن فرق فحسن وإن تابع فحسن ».

١٩٩٨ ـ وسأل سليمان بن جعفر الجعفري أبا الحسن الرضا عليه‌السلام « عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان أيقضيها متفرقة؟ قال : لا بأس بتفرقة قضاء شهر رمضان ، إنما الصيام الذي لا يفرق صوم كفارة الظهار ، وكفارة الدم وكفارة اليمين » (١).

١٩٩٩ ـ وروى جميل ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام « في الرجل يمرض فيدركه شهر رمضان ويخرج عنه وهو مريض فلا يصح حتى يدركه شهر رمضان آخر ، قال : يتصدق عن الأول ويصوم الثاني ، وإن كان صح فيما بينهما ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر صامهما جميعا وتصدق عن الأول ».

ومن فاته شهر رمضان حتى يدخل الشهر الثالث من مرض فعليه أن يصوم هذا الذي دخله وتصدق عن الأول لكل يوم بمد من طعام ويقضي الثاني (٢).

__________________

عبد الله عليه‌السلام المنع منه وحمله على ما إذا كان مسافرا ولعله محمول على التقية لان بعض العامة يمنعون من ذلك لفوات التتابع الذي يقولون بلزومه. وقال الشهيد  ـ رحمه‌الله ـ في الدروس : لا يكره القضاء في عشر ذي الحجة والرواية عن علي عليه‌السلام بالنهي عنه مدخولة.

(١) الحصر إضافي بالنسبة إلى قضاء شهر رمضان ، أو المراد كفارة الظهار وأمثالها من الكفارات (سلطان) وقال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : تخصيص الثلاث بالذكر لكونها منصوصا عليها في القرآن أو لمزيد الاهتمام.

(٢) يمكن أن يكون من تتمة خبر زرارة وأن يكون قول الصدوق ، ويؤيده عدم ذكر الكليني والشيخ لهذه الزيادة ، وظاهره أن التصدق واجب للسنة الأولى ويجب القضاء فقط للسنة الثانية أو يكون هذا الحكم من خبر وصل إليه ان لم يكن جزء الخبر ، والمشهور العمل بالاخبار الأولة ، ويمكن حمله على ما إذا صح فيما بين الثاني والثالث ولم يقض ولم يتهاون بل كان في نيته القضاء ثم مرض ولم يقض ولم يصح فيما بين الأول والثاني ، واختلف في وجوب تعدد الكفارة بتعدد

١٤٨

٢٠٠٠ ـ وروى ابن محبوب ، عن الحارث بن محمد ، عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه‌السلام « في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان ، قال : إن كان أتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه إلا يوما مكان يوم ، وإن أتى أهله بعد زوال الشمس فإن عليه أن يتصدق على عشرة مساكين لكل مسكين مد ، فإن لم يقدر عليه صام يوما مكان يوم وصام ثلاثة أيام كفارة لما صنع » (١).

وقد روي أنه إن أفطر قبل الزوال فلا شئ عليه ، وإن أفطر بعد الزوال فعليه الكفارة مثل ما على من أفطر يوما من شهر رمضان (٢).

٢٠٠١ ـ وروى سماعة ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المرأة تقضي شهر رمضان فيكرهها زوجها على الافطار فقال : لا ينبغي (٣) أن يكرهها بعد زوال الشمس ».

٢٠٠٢ ـ وسأله سماعة عن قوله : « الصائم بالخيار إلى زوال الشمس » قال :  « إن ذلك في الفريضة فأما في النافلة فله أن يفطر أي ساعة شاء إلى غروب الشمس ».

٢٠٠٣ ـ وروى ابن فضال ، عن صالح بن عبد الله الخثعمي قال : « سألت أبا عبد الله

__________________

السنين والأحوط التعدد بمعنى أنه إذا مرض وتهاون في القضاء حتى مضى أربع سنين فهل يجب لكل يوم أربعة أم يكفي مد واحد. (م ت)

(١) قال بعض الشراح تحريم الافطار بعد الزوال في قضاء رمضان هو مذهب الأصحاب لا يعلم فيه خلاف وأما الجواز قبله فمذهب الأكثر ونقل عن أبي الصلاح القول بوجوب اتمام كل صوم واجب ، وعن ابن أبي عقيل عدم جواز الافطار في قضاء رمضان مطلقا هذا مع التوسعة وأما مع تضييق الوقت يحرم الافطار مطلقا لكن لا تجب الكفارة قبل الزوال.

(٢) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٣٠ عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر (ع) عن رجل صام قضاء من شهر رمضان فأتى النساء ، قال : عليه من الكفارة ما على الذي أصاب في شهر رمضان » وحمله الشيخ على الاستحباب وجوز فيه الحمل على الافطار مع الاستخفاف و يمكن الحمل على التشبيه في وجوب الكفارة لا في قدرها.

(٣) ظاهره الكراهة وحمل على الحرمة. (المرآة)

١٤٩

عليه‌السلام عن الرجل ينوي الصوم فيلقاه أخوه الذي هو على أمره (١) فيسأله أن يفطر أيفطر؟ قال : إن كان تطوعا أجزأه وحسب له ، وإن كان قضاء فريضة قضاه » (٢).

وإذا أصبح الرجل وليس من نيته أن يصوم ثم بدا له فله أن يصوم (٣).

٢٠٠٤ ـ وسئل عليه‌السلام « عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة ، فقال : هو بالخيار ما بينه وبين العصر وإن مكث حتى العصر ثم بدا له أن يصوم ولم يكن (٤) نوى ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء (٥) ».

وإذا طهرت المرأة من حيضها وقد بقي عليها بقية يوم صامت ذلك المقدار تأديبا وعليها قضاء ذلك اليوم ، وإن حاضت وقد بقي عليها بقية يوم أفطرت وعليها القضاء (٦).

__________________

(١) أي على دينه ومذهبه أو عليه أطاعته وقبول أمره.

(٢) ظاهر الخبر أن بدعوة المؤمن يستحب افطار صوم القضاء أيضا لكن لا يجزيه بل يلزمه فعله مرة أخرى ، وأما حمله على أن المراد بالقضاء اتمام هذا الصوم وعدم الافطار فلا يخفى بعده. (المرآة)

(٣) يدل عليه أخبار منها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه‌السلام « في الرجل يبدو له بعد ما يصبح ويرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر رمضان ولم يكن نوى ذلك من الليل : قال : نعم ليصمه وليعتد به إذا لم يكن أحدث شيئا » (الكافي ج ٤ ص ١٢٢).

(٤) رواه الكليني ج ٤ ص ١٢٢ بسند موثق عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصائم ـ الخبر » وفيه « فإن لم يكن » وما في المتن أظهر.

(٥) قد قطع الأصحاب بأن وقت النية في الواجب غير المعين كالقضاء والنذر المطلق يستمر من الليل إلى الزوال إذا لم يفعل المنافى نهارا ويدل عليه روايات كثيرة ويظهر من كلام ابن الجنيد جواز تجديد النية بعد الزوال أيضا وفى المعين المشهور أنه يجوز النية مع النسيان إلى الزوال لا مع العمد وبعد الزوال لا يجوز الا على ظاهر ابن الجنيد ، وفى النافلة ذهب جماعة إلى امتداد وقت النية إلى الغروب. (سلطان)

(٦) روى الشيخ ـ رحمه‌الله ـ عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام



١٥٠

وإذا وجب على الرجل صوم شهرين متتابعين فصام شهرا ولم يصم من الشهر الثاني شيئا فعليه أن يعيد صومه ولم يجزئه الشهر الأول إلا أن يكون أفطر لمرض فله أن يبني على ما صام فان الله عزوجل حبسه (١) ، فإن صام شهرا وصام من الشهر الثاني أياما (٢) ثم أفطر فعليه أن يبني على ما صام (٣).

__________________

عن امرأة أصبحت صائمة في رمضان فلما ارتفع النهار حاضت؟ قال : تفطر ، قال : وسألته عن امرأة رأت الطهر أول النهار؟ قال : تصلى وتتم صومها ـ أي تأديبا ـ ويقضى ».

(١) أي منعه من الصوم وعموم التعليل ربما يدل على عموم الحكم لكل مانع من قبل الله كالحيض وغيره. وفى المدارك : اما وجوب البناء إذا كان قد صام من الشهر الثاني يوما فصاعدا فقال العلامة في التذكرة والمنتهى وولده في الشرح : انه قول علمائنا أجمع واختلف الأصحاب في جواز التفريق اختيارا بعد الاتيان بما يتحقق به التتابع فذهب الأكثر إلى الجواز والمفيد ـ رحمه‌الله ـ إلى المنع واختاره ابن إدريس ـ قدس‌سره ـ.

(٢) المشهور كفاية يوم واحد ومراد المصنف أعم منه لقوله سابقا « ولم يصم من الشهر الثاني شيئا ».

(٣) روى الكليني ج ٤ ص ١٣٨ في الصحيح عن جميل ومحمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الرجل الحر يلزمه صوم شهرين متتابعين في ظهار فيصوم شهرا ثم يمرض ، قال : يستقبل وان زاد على الشهر الاخر يوما أو يومين بنى على ما بقي » ورواه الشيخ في التهذيب وحمل قوله « يستقبل » على مرض يمنعه من الصيام وإن كان يشق عليه. ولعل حمله على الاستحباب أظهر.

وروى الكليني أيضا في الحسن كالصحيح والشيخ في الصحيح واللفظ له عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « صيام كفارة اليمين في الظهار شهران متتابعان ، والتتابع أن يصوم شهرا ويصوم من الشهر الاخر أياما أو شيئا منه فان عرض له شئ يفطر فيه أفطر ثم قضى ما بقي عليه وان صام شهرا ثم عرض له شئ فأفطر قبل أن يصوم من الاخر شيئا فلم يتابع أعاد الصيام كله » ، وظاهر قوله « فان عرض له شئ » غير الاعذار الشرعية. وفى الموثق عن سماعة قال : « سألته عن الرجل يكون عليه صوم شهرين متتابعين أيفرق بين الأيام؟ فقال : إذا صام أكثر من شهر فوصله ثم عرض له أمر فأفطر فلا بأس ، فإن كان أقل من شهر أو شهرا فعليه أن يعيد الصيام ».

١٥١

٢٠٠٥ ـ وروى موسى بن بكر ، عن الفضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « في رجل عليه (١) صوم شهر فصام منه خمسة عشر يوما ثم عرض له أمر ، فقال : إن كان صام خمسة عشر يوما فله أن يقضي ما بقي ، وإن كان صام أقل من خمسة عشر يوما لم يجزئه حتى يصوم شهرا تاما (٢) ».

٢٠٠٦ ـ وروى منصور بن حازم عنه عليه‌السلام أنه قال « في رجل صام في ظهار شعبان ثم أدركه شهر رمضان قال : يصوم شهر رمضان ثم يستأنف الصوم وإن هو صام في الظهار فزاد في النصف يوما قضى بقيته ».

٢٠٠٧ ـ وروى ابن محبوب ، عن أبي أيوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل كان عليه صوم شهرين متتابعين في ظهار فصام ذا القعدة ودخل عليه ذو الحجة ، قال : يصوم ذا الحجة كله إلا أيام التشريق ، ثم يقضيها في أول يوم من المحرم حتى يتم ثلاثة أيام فيكون قد صام شهرين متتابعين ، قال : ولا ينبغي له أن يقرب أهله حتى يقضي ثلاثة أيام التشريق التي لم يصمها ، ولا بأس إن صام شهرا ثم صام من الشهر الذي يليه أياما ثم عرضت له علة أن يقطعها (٣) ، ثم يقضي بعد تمام الشهرين ».

باب

* (قضاء الصوم عن الميت) *

٢٠٠٨ ـ روى أبان بن عثمان ، عن أبي مريم الأنصاري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا صام الرجل شيئا من شهر رمضان ، ثم لم يزل مريضا حتى مات فليس

__________________

(١) في التهذيب ج ١ ص ٤٣٢ والكافي ج ٤ ص ١٣٩ « في رجل جعل عليه » وكأنه سقط من النساخ.

(٢) ذلك لان الشهر قد يكون تسعة وعشرين فإذا صام خمسة عشر فقد جاوز النصف. ومضمون الخبر مشهور بين فقهائنا ومنهم من رده لضعف السند.

(٣) ظاهره عدم جواز الافطار بدون العذر وإن كان العذر خفيفا ، ولعله محمول على الأفضلية بقرينة « لا ينبغي ». (المرآة)

١٥٢

عليه قضاء ، وإن صح ثم مرض ثم مات وكان له مال تصدق عنه مكان كل يوم بمد فإن لم يكن له مال صام عنه وليه (١) ».

وإذا مات رجل وعليه صوم شهر رمضان فعلى وليه أن يقضي عنه ، وكذلك من فاته في السفر والمرض إلا أن يكون مات في مرضه من قبل أن يصح بمقدار ما يقضي به صومه فلا قضاء عليه إذا كان كذلك (٢) وإن كان للميت وليان فعلى أكبرهما من الرجال أن يقضي عنه. فإن لم يكن له ولي من الرجال قضى عنه وليه من النساء (٣).

٢٠٠٩ ـ وقد روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « إذا مات الرجل وعليه صوم شهر رمضان فليقض عنه من شاء من أهله ».

٢٠١٠ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفار ـ رضي‌الله‌عنه ـ إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام في رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام وله وليان هل يجوز لهما

__________________

(١) يدل على أنه يجب على الولي قضاء الصلاة والصيام عن الميت سواء تمكن من القضاء أم لا وسواء فات بمرض أو غيره ويدل أيضا على أن الولي مطلق الوارث من الذكور وفى المسألة أقوال شتى ففي الدروس : لو مات قبل التمكن من القضاء فلا قضاء ولا كفارة ويستحب القضاء وفى التهذيب يقضى ما فات في السفر ولو مات في رمضان لرواية منصور بن حازم والسر فيه تمكن المسافر من الأداء وهو أبلغ من التمكن من القضاء إذا كان تركه للسفر سائغا ، وان تمكن من القضاء ومات قبله فالمشهور وجوب القضاء على الولي سواء كان صوم رمضان أو لا ، وسواء كان له مال أو لا. ومع عدم الولي يتصدق من أصل ماله عن كل يوم بمد ، قال المرتضى يتصدق عنه فإن لم يكن له مال صام وليه ، وقال الحسن : يتصدق عنه لا غير ، وقال الحلبي : مع عدم الولي يصام عنه من ماله كالحج والأول أصح ، والمرأة هنا كالرجل على الأصح وأما العبد فمشكل والمساواة قريبة ، ثم الولي عند الشيخ أكبر أولاده الذكور لا غير ، وعند المفيد لو فقد أكبر الولد فأكبر أهله من الذكور فان فقدوا فالنساء وهو ظاهر القدماء والاخبار والمختار ، ولو كان له وليان فصاعدا متساويان توزعوا الا أن يتبرع به بعضهم ، وقال القاضي : يقرع بينهما ، وقال ابن إدريس : لا قضاء والأول أثبت. (المرآة)

(٢) راجع الكافي ج ٤ ص ١٢٣.

(٣) يمكن أن يكون الدليل الخبر الآتي أو العمومات.

١٥٣

أن يقضيا عنه جميعا خمسة أيام أحد الوليين وخمسة أيام الآخر؟ فوقع عليه‌السلام يقضي عنه أكبر ولييه عشرة أيام ولاء إن شاء الله (١).

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : وهذا التوقيع عندي مع توقيعاته إلى محمد بن الحسن الصفار بخطه عليه‌السلام.

باب

* (فدية صوم النذر) *

٢٠١١ ـ روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام « في رجل نذر على نفسه إن هو سلم من مرض أو تخلص من حبس أن يصوم كل يوم أربعاء وهو اليوم الذي تخلص فيه فعجز عن ذلك لعلة أصابته أو غير ذلك فمد الله عزوجل للرجل في عمره واجتمع عليه صوم كثير ما كفارة ذلك؟ قال : تصدق لكل يوم مدا من حنطة أو بمد تمر (٢) ».

٢٠١٢ ـ وفي رواية إدريس بن زيد ، وعلي بن إدريس عن الرضا عليه‌السلام « تصدق عن كل يوم بمد من حنطة أو شعير (٣) ».

باب

* (صوم الاذن) *

٢٠١٣ ـ روى الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دخل رجل بلدة فهو ضيف على من بها من أهل دينه حتى يرحل عنهم ، ولا ينبغي للضيف أن يصوم إلا بإذنهم لئلا يعملوا شيئا فيفسد ، ولا ينبغي لهم أن يصوموا

__________________

(١) الحكم بالتتابع محمول على الأفضل. (الوافي)

(٢) اختلف الأصحاب فيمن عجز عن صوم النذر فقيل : يجب عليه القضاء دون الكفارة وقيل بالعكس ، والكفارة اما مد على المشهور أو مدان كما ذهب إليه الشيخ وبعض الأصحاب فهذا الخبر يدل على الاكتفاء بالكفارة وأنها مد. (المرآة)

(٣) هذا الخبر في الكافي ج ٤ ص ١٤٣ مثل خبر البزنطي بأدنى اختلاف في اللفظ.

١٥٤

إلا بإذن الضيف لئلا يحتشمهم (١) ويشتهي فيتركه لهم ».

٢٠١٤ ـ وروى نشيط بن صالح ، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من فقه الضيف أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه ، و من طاعة المرأة لزوجها أن لا تصوم تطوعا إلا بإذنه وأمره ، ومن صلاح العبد و طاعته ونصيحته لمولاه أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن مولاه ، ومن بر الولد بأبويه أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن أبويه وأمرهما ، وإلا كان الضيف جاهلا ، وكانت المرأة عاصية وكان العبد فاسدا عاصيا ، وكان الولد عاقا (٢) ».

باب

* (الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان وما جاء في) *

* (العشر الأواخر وفى ليلة القدر) *

٢٠١٥ ـ روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام أنه قال : « يغتسل في ثلاث ليال من شهر رمضان ، في تسع عشرة ، وإحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وأصيب أمير المؤمنين عليه‌السلام في تسع عشرة ، وقبض عليه‌السلام في إحدى وعشرين ، قال :

__________________

(١) الاحتشام بمعنى الغضب وبمعنى الحياء وبمعنى الخجلة والانقباض. وقوله « ويشتهي » أي حال كونه يشتهى الطعام فيتركه لهم مع اشتهائه.

(٢) اختلف الأصحاب في صوم الضيف نافلة من دون اذن مضيفه فقال المحقق في الشرايع انه مكروه الا مع النهى فيفسد ، وقال في النافع والمعتبر : انه غير صحيح ، وأطلق العلامة وجماعة الكراهة وهو المعتمد كما هو الظاهر من سياق الرواية ، وقوله صلى الله عليه وآله « وكانت المرأة عاصية » يدل على حرمة صومها بدون اذن زوجها مطلقا (المرآة) وقال ملاذنا وفقيه عصرنا الآية الخوانساري ـ دامت بركاته ـ : وقد يفصل بين عدم الإذن والنهى لما في خبر هشام من التعبير بالعقوق والعصيان ويمكن أن يقال : لعل التعبير بالعقوق والعصيان للمبالغة في الكراهة مع حفظ اطلاق عدم الإذن لصورة عدم النهى (جامع المدارك ج ٢ ص ٢٣٠).

١٥٥

والغسل في أول الليل وهو يجزي إلى آخره (١) ».

٢٠١٦ ـ وقد روي أنه « يغتسل في ليلة سبع عشرة ».

٢٠١٧ ـ وروى زرارة ، وفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « الغسل في شهر رمضان عند وجوب الشمس قبيله ، ثم يصلي ويفطر (٢) ».

٢٠١٨ ـ وروى سماعة ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دخل العشر الأواخر شد المئزر (٣) واجتنب النساء وأحيا الليل و تفرغ للعبادة ».

٢٠١٩ ـ وروى سليمان الجعفري عن أبي الحسن عليه‌السلام أنه قال : « صل ليلة إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين مائة ركعة ، تقرأ في كل ركعة الحمد مرة و قل هو الله أحد عشر مرات ».

٢٠٢٠ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير ، وفي ليلة إحدى وعشرين القضاء ، وفي ليلة ثلاث وعشرين إبرام ما يكون في السنة إلى مثلها (٤) ، ولله عزوجل أن يفعل ما يشاء في خلقه ».

٢٠٢١ ـ وروى رفاعة عنه عليه‌السلام أنه قال : « ليلة القدر هي أول السنة وهي آخرها » (٥).

__________________

(١) يدل أن الغسل في أول الليل أفضل.

(٢) وجوب الشمس غروبها ، في القاموس وجب الشمس وجبا ووجوبا غابت ، و « قبيلة » أي قبل سقوط الشمس وغروبها بقليل.

(٣) شد المئزر كناية عن الجد والاجتهاد في العبادة أو عن اجتناب النساء أو عنهما معا وعلى الأخيرين يكون العطف تفسيرا أو تخصيصا بعد التعميم والأول أظهر. (م ت)

(٤) هكذا جاء في هذه الرواية وفى الكافي ج ٤ ص ١٥٩ مسندا عن زرارة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « التقدير في ليلة تسع عشرة ، والابرام في ليلة إحدى وعشرين ، والامضاء في ليلة ثلاث وعشرين ».

(٥) الظاهر أن الأولية باعتبار التقدير أي أول السنة التي يقدر فيها الأمور لليلة القدر

١٥٦

٢٠٢٢ ـ « واري (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في منامه بني أمية يصعدون منبره من بعده يضلون الناس عن الصراط القهقرى فأصبح كئيبا حزينا ، فهبط عليه جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا رسول الله مالي أراك كئيبا حزينا؟ قال : يا جبرئيل إني رأيت بني أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلون الناس عن الصراط القهقرى فقال : والذي بعثك بالحق نبيا إن هذا لشئ ما اطلعت عليه ، ثم عرج إلى السماء فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها : « أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون (٢) » وأنزل عليه « إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر » جعل ليلة القدر لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله خيرا من ألف شهر من ملك بني أمية » (٣).

__________________

والاخرية باعتبار المجاورة فان ما قدر في السنة الماضية انتهى إليها كما سيجئ أن أول السنة التي يحل فيها الأكل والشرب يوم الفطر ، أو أن عملها يكتب في آخر السنة الأولى وأول السنة الثانية كصلاة الصبح في أول الوقت ، أو يكون أول السنة باعتبار تقدير ما يكون في السنة الثانية وآخر السنة المقدر فيها الأمور. (م ت)

(١) في الكافي ج ٤ ص ١٥٩ باسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « رأى رسول الله (ص) ـ الخ ».

(٢) قال في المجمع معناه : أرأيت ان أنظرناهم أو أخرناهم سنين ومتعناهم بشئ من الدنيا ثم أتاهم العذاب لم يغن عنهم ما متعوا في تلك السنين من النعيم لازديادهم في الآثام واكتسابهم من الاجرام.

(٣) قد حوسب مدة ملك بنى أمية فكانت ألف شهر من دون زيادة يوم ولا نقصان يوم وإنما أرى اضلالهم للناس عن الدين القهقرى لان الناس كانوا يظهرون الاسلام وكانوا يصلون إلى القبلة ومع هذا كانوا يخرجون من الدين شيئا فشيئا كالذي يرتد عن الصراط السوي القهقرى ويكون وجهه إلى الحق حتى إذا بلغ غاية سعيه رأى نفسه في جهنم (الوافي).

أقول : في هامش الطبع الأول من الوافي الذي لم يتم طبعه أن المستفاد من كتب السير أن أول انفراد بنى أمية بالامر كان عندما صالح الحسن بن علي عليهما‌السلام معاوية سنة ٤٠

١٥٧

٢٠٢٣ ـ وسأل رجل الصادق عليه‌السلام فقال : « أخبرني عن ليلة القدر كانت أو تكون في كل عام؟ فقال : لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن » (١).

٢٠٢٤ ـ وسأل حمران أبا جعفر عليه‌السلام « عن قول الله عزوجل : « إنا أنزلناه في ليلة مباركة » قال : هي ليلة القدر وهي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر ، ولم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر قال الله عزوجل : « فيها يفرق كل أمر حكيم » قال : يقدر في ليلة القدر كل شئ يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل من خير أو شر ، أو طاعة أو معصية ، أو مولود أو أجل أو رزق ، فما قدر في تلك الليلة وقضي فهو المحتوم ولله عزوجل فيه المشيئة ، قال : قلت له : ليلة القدر خير من ألف شهر أي شئ عنى بذلك؟ فقال : العمل الصالح في ليلة القدر (٢) ولولا ما يضاعف الله تبارك وتعالى للمؤمنين ما بلغوا (٣) ولكن الله عزوجل يضاعف لهم الحسنات ».

٢٠٢٥ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام « كيف تكون ليلة القدر خيرا من ألف شهر؟ قال : العمل الصالح فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ». (٤)

__________________

من الهجرة وكان انقضاء ملكهم على يد أبى مسلم المروزي سنة ١٣٢ منها ، فكانت تمام دولتهم اثنتان وتسعون سنة حذفت منها خلافة عبد الله بن الزبير وهي ثمان سنين وثمانية أشهر بقي ثلاث وثمانون سنة أربعة أشهر بلا زيادة ولا نقصان وهي ألف شهر ـ انتهى. أقول : ولعل المراد بألف شهر المبالغة في التكثير ، لا حقيقة.

(١) أي تبقى ليلة القدر إلى انقضاء التكليف الذي علامته رفع القرآن إلى السماء ، ويحتمل أن يكون المعنى رفع حكم القرآن ومدلوله أي لو ذهبت ليلة القدر بطل حكم القرآن حيث يدل على استمراره فان قوله « تنزل الملائكة والروح فيها » يدل على الاستمرار التجددي ثم اعلم أنه لا خلاف بين الامامية في استمرار ليلة القدر وبقائها ، واليه ذهب أكثر العامة وذهب شاذ منهم إلى أنها كانت مختصة بزمن الرسول (ص) وبعد وفاته رفعت.

(٢) في الكافي ج ٤ ص ١٥٨ « العمل الصالح فيها من الصلاة والزكاة وأنواع الخير خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر » ولعل هذه الزيادة سقطت من نسخة الفقيه.

(٣) أي غاية الفضل والثواب. (المرآة)

(٤) في الكافي هذا الخبر جزء من حديث حمران المتقدم كما أشرنا إليه.

١٥٨

٢٠٢٦ ـ وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « نزلت التوراة في ست مضين من شهر رمضان ، ونزل الإنجيل في اثنى عشرة مضت من شهر رمضان ، ونزل الزبور في ليلة ثمان عشرة من شهر رمضان ، ونزل القرآن [الفرقان ـ خ ل) في ليلة القدر ».

٢٠٢٧ ـ وروي عن العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن علامة ليلة القدر؟ فقال : علامتها أن تطيب ريحها وإن كانت في برد دفئت (١) وإن كانت في حر بردت وطابت ».

٢٠٢٨ ـ وسئل عليه‌السلام « عن ليلة القدر فقال : تنزل فيها الملائكة والكتبة إلى السماء الدنيا فيكتبون ما يكون في أمر السنة وما يصيب العباد وأمر عنده عزوجل موقوف له فيه المشيئة فيقدم منه (٢) ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ويمحو ويثبت وعنده أم الكتاب ».

٢٠٢٩ ـ وروي عن علي بن أبي حمزة (٣) قال : « كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له أبو بصير : جعلت فداك الليلة التي يرجى فيها ما يرجى (٤) أي ليلة هي؟ فقال : في ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين ، قال : فإن لم أقو على كلتيهما ، فقال : ما أيسر ليلتين فيما تطلب ، قال : فقلت : ربما رأينا الهلال عندنا وجاءنا من يخبرنا بخلاف ذلك في أرض أخرى؟ فقال : ما أيسر أربع ليال فيما تطلب فيها ، قلت : جعلت فداك ليلة

__________________

(١) بالدال المهملة مهموزة اللام من باب فرح أي سخنت.

(٢) الظاهر أن « له » خبر المشيئة قدم عليها ، و « فيه » متعلق به ، ولعل المراد بذلك الامر ما لم يطلع الكتبة على تفصيله فيكتبونه على وجه الاجمال وتفصيله موكول إلى مشيئة الله تعالى ومعنى التقديم والتأخير أنه قد تراءى منه أنه يقدم وهو في علم الله تعالى الذي لم يطلع عليه أحد مؤخر فيؤخر أو بالعكس ، ولعل ذلك هو معنى المحو والاثبات ومعنى البداء. (مراد)

(٣) السند ضعيف لأنه البطائني تحقيقا.

(٤) يعنى من الرحمة والمغفرة وتضاعف الحسنات وقبول الطاعات يعنى بها ليلة القدر (الوافي) وفى بعض النسخ « نرجو فيها ما نرجو ».

١٥٩

ثلاث وعشرين ليلة الجهني (١) قال : إن ذلك ليقال ، قلت : جعلت فداك إن سليمان بن خالد روى أن في تسع عشرة يكتب وفد الحاج (٢) ، فقال : يا أبا محمد وفد الحاج يكتب في ليلة القدر والمنايا (٣) والبلايا والأرزاق وما يكون إلى مثلها في قابل فاطلبها في إحدى وعشرين وثلاث وعشرين ، وصل في كل واحدة منهما مائة ركعة وأحيهما إن استطعت إلى النور (٤) واغتسل فيهما ، قال : قلت : فإن لم أقدر على ذلك وأنا قائم؟ قال : فصل وأنت جالس ، قلت : فإن لم أستطع؟ قال : فعلى فراشك ، قلت : فإن لم أستطع؟ فقال : لا عليك أن تكتحل أول الليل بشئ من النوم (٥) إن أبواب السماء تفتح في شهر رمضان وتصفد الشياطين (٦) وتقبل الأعمال ـ أعمال المؤمنين ـ نعم الشهر شهر رمضان كان يسمى على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المرزوق ».

٢٠٣٠ ـ وروى محمد بن حمران ، عن سفيان بن السمط قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « الليالي التي يرجى فيها من شهر رمضان؟ فقال : تسع عشرة ، وإحدى و عشرين ، وثلاث وعشرين ، قلت : فإن أخذت إنسانا الفترة أو علة ما المعتمد عليه من ذلك؟ فقال : ثلاث وعشرين ».

٢٠٣١ ـ وفي رواية عبد الله بن بكير ، عن زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال :  « سألته عن الليالي التي يستحب فيها الغسل في شهر رمضان؟ فقال : ليلة تسع عشرة

__________________

(١) إشارة إلى ما يأتي تحت رقم ٢٠٣١ وقوله « ما أيسر » يدل على استحباب الاحتياط في الأمور المستحبة عند اشتباه الهلال لئلا يقع في حرام كصوم يوم عرفة عند اشتباه الهلال في ذي الحجة لاحتمال العيد المحرم صومه.

(٢) وفد الحاج هم القادمون إلى مكة للحج فان في تلك الليلة تكتب أسماء من قدر أن يحج في تلك السنة. (الوافي)

(٣) المنايا جمع المنية وهي الموت. والبلايا جمع البلية وهي الآفات.

(٤) النور كناية عن انفجار الصبح بالفلق. (الوافي)

(٥) استعارة عن قلة النوم أول الليل. و « لا عليك » أي لا بأس عليك.

(٦) في القاموس صفده يصفده : شده وأوثقه كأصفده وصفده من باب التفعيل.

١٦٠