كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٦

إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب ، قال : قد تم صومه ولا يقضيه » (١).

١٩٠٢ ـ وروى حماد ، عن حريز ، عن زرارة قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : « وقت المغرب إذا غاب القرص فإن رأيته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك ، وتكف عن الطعام إن كنت قد أصبت منه شيئا ».

وكذلك روى زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

وبهذه الاخبار أفتي ، ولا أفتي بالخبر الذي أوجب عليه القضاء لأنه رواية سماعة بن مهران وكان واقفيا (٣).

__________________

(١) قال في المدارك ص ٢٧٥ : لا خلاف بين علمائنا ظاهرا في جواز الافطار عند ظن الغروب إذا لم يكن للظان طريق إلى العلم ، وإنما اختلفوا في وجوب القضاء وعدمه إذا انكشف فساد الظن ، فذهب الشيخ في جملة من كتبه وابن بابويه في من لا يحضره الفقيه وجمع من الأصحاب إلى أنه غير واجب ، وقال المفيد وأبو الصلاح بالوجوب واختاره المحقق في المعتبر والمعتمد الأول ، ثم تمسك ـ رحمه‌الله ـ لمختاره بالروايات الآتية.

(٢) في التهذيب ج ١ ص ٤٢٨ عن أبي جميلة عن الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام نحو حديث أبي الصباح الكناني المتقدم.

(٢) في الكافي ج ٤ ص ١٠٠ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن عثمان ابن عيسى عن سماعة قال : « سألته عن قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فظنوا أنه ليل فأفطروا ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس ، فقال : على الذي أفطر صيام ذلك اليوم ، ان الله عزوجل يقول : « ثم أتموا الصيام إلى الليل » فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه أكل متعمدا » ورواه العياشي عن أبي بصير في التفسير ج ١ ص ٨٢ فالطريق غير منحصر بسماعة. وفى الكافي أيضا عن أبي بصير وسماعة. وعلى أي حال نوقش في السند لاشتماله على محمد بن عيسى عن يونس وباشتراك أبي بصير بين الثقة والضعيف و قول المصنف « لأنه رواية سماعة » يعنى من متفرداته أو المراد لا أعمل به عند التعارض والا فهو يروى عنه كثيرا ، ويمكن حملها على الاستحباب جمعا وتوفيقا بين الأدلة.

١٢١

باب

* (الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصوم) *

١٩٠٣ ـ قال الصادق عليه‌السلام : « الصبي يؤخذ بالصيام إذا بلغ تسع سنين على قدر ما يطيقه ، فإن أطاق إلى الظهر أو بعده صام إلى ذلك الوقت ، فإذا غلب عليه الجوع أو العطش أفطر » (١).

١٩٠٤ ـ وروى عنه إسماعيل بن مسلم أنه قال : « إذا أطاق الغلام صوم ثلاثة أيام متتابعة فقد وجب عليه صيام شهر رمضان » (٢).

١٩٠٥ ـ وسأله سماعة « عن الصبي متى يصوم؟ قال : إذا قوي على الصيام ».

١٩٠٦ ـ وفي رواية معاوية بن وهب قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام في كم يؤخذ الصبي بالصيام؟ قال : ما بينه وبين خمس عشرة سنة ، أو أربع عشرة سنة (٣) ، فإن هو صام قبل ذلك فدعه ، ولقد صام ابني فلان قبل ذلك فتركته ».

١٩٠٧ ـ وفي خبر آخر : « على الصبي إذا احتلم الصيام ، وعلى المرأة إذا حاضت الصيام » (٤).

وهذه الأخبار كلها متفقة المعاني ، يؤخذ الصبي بالصيام إذا بلغ تسع سنين إلى أربع عشرة سنة أو خمس عشرة سنة وإلى الاحتلام ، وكذلك المرأة إلى الحيض ، ووجوب الصوم عليهما بعد الاحتلام والحيض ، وما قبل ذلك تأديب.

__________________

(١) روى نحوه الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عنه عليه‌السلام.

(٢) حمل على تأكد الاستحباب وكأن المراد أنه يجب على وليه تكليفه بالصوم.

(٣) العائد في « بينه » يرجع إلى الصبي ، يعنى وقت مؤاخذته بالصيام ووجوبه عليه بلوغه خمس عشرة سنة وأربع عشرة سنة وإنما لم يعين أحدهما لاختلاف الصبيان في الحلم والاحتلام وكان أحدهما أقله والاخر أكثره. (الوافي)

(٤) أي الصيام الواجب الذي يعاقب بتركه. ورواه الشيخ ج ٢ ص ٤٤٤ من التهذيب بزيادة من حديث أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

١٢٢

باب

* (الصوم للرؤية والفطر للرؤية) *

١٩٠٨ ـ روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا ، وليس بالرأي والتظني (١) وليس الرؤية أن يقوم عشرة نفر ينظرون فيقول واحد منهم : هو ذا [هو ذا] ، وينظر تسعة فلا يرونه ، ولكن إذا رآه واحد رآه ألف ».

١٩٠٩ ـ وروى الفضل بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال : « ليس على أهل القبلة إلا الرؤية ، [و] ليس على المسلمين إلا الرؤية » (٢).

١٩١٠ ـ وفي رواية القاسم بن عروة ، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « الصوم للرؤية ، والفطر للرؤية ، وليس الرؤية أن يراه واحد ولا اثنان ولا خمسون » (٣).

١٩١١ ـ وفي رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا رأيتم الهلال فأفطروا ، أو شهد عليه عدل من المسلمين (٤) ، وإن لم تروا

__________________

(١) في الصحاح التظني اعمال الظن ، وأصله التظنن أبدل إحدى النونات ياء.

(٢) الحصر إضافي بالنسبة إلى الجدول والحساب وأمثالها لا حقيقي فان الهلال يثبت بعدلين ، ويمكن تصحيح كون الحصر حقيقيا بأن يكون المراد الحصر فيما ينتهى إلى الرؤية وشهادة العدلين إنما يعتبر إذا استند إلى الرؤية لا إلى الجدول ومثله ، ويحتمل أن المراد بالحصر أن الروية تكفى ولا تتوقف على الثبوت عند الحاكم على ما زعم بعض العامة فحينئذ لا يكون المراد أنه لا يثبت بشئ آخر بل لا يتوقف على شئ آخر فتأمل. (سلطان)

(٣) أي ليس المناط ذلك ولا يكفي مجرد رؤية هؤلاء ان لم يفد علما بالرؤية أو ظنا متاخما للعلم حيث لم يكونوا عدولا.

(٤) قوله « أو شهد عليه عدل من المسلمين » استدل به على الاكتفاء بالعدل الواحد وأجاب عنه العلامة ـ رحمه‌الله ـ في التذكرة بان لفظ العدل يصح اطلاقه على الواحد فما زاد

١٢٣

الهلال إلا من وسط النهار أو آخره فأتموا الصيام إلى الليل ، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ليلة ثم افطروا ».

١٩١٢ ـ وفي رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « ان عليا عليه‌السلام كان يقول : لا أجيز في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين ».

١٩١٣ ـ وسأله سماعة عن اليوم في شهر رمضان يختلف فيه قال : « إذا اجتمع أهل المصر على صيامه للرؤية فاقضه إذا كان أهل المصر خمسمائة إنسان ».

١٩١٤ ـ وقال علي عليه‌السلام : « لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين » (١).

١٩١٥ ـ وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن الرجل يرى الهلال (٢) في شهر رمضان وحده لا يبصره غيره أله أن يصوم؟ قال : إذا لم يشك فليفطر (٣) ، وإلا فليصمه مع الناس ».

١٩١٦ ـ وروى محمد بن مرازم ، عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا تطوق الهلال فهو لليلتين (٤) ، وإذا رأيت ظل رأسك فيه فهو لثلاث ليال ».

__________________

لأنه مصدر يطلق على القليل والكثير (الشيخ محمد) وقال سلطان العلماء : هذا مؤيد للمستدل على كفاية الواحد إذ صحة الاطلاق على الواحد يكفيه فعلى من ادعى الاثنين اثبات الزائد وكان مراد العلامة أن لنا دليلا على الزائد وهذا طريق الجمع ـ انتهى.

أقول : الخبر في التهذيب ج ١ ص ٣٩٦ كما في المتن لكن رواه في الاستبصار ج ٢ ص ٦٤ وفيه « أو تشهد عليه بينة عدول من المسلمين » وعليه فلا مجال للاستدلال به للواحد.

(١) رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٧٧ عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام.

(٢) يعنى هلال شوال.

(٣) لأنه كثيرا ما يخيل الانسان ورأي شعرة معلقة من حاجبه أو رأى غيمة هلالية محمرة زعم أنها هلال فبعد الدقة والتأمل ينكشف خطأه. وفى التهذيب « إذا لم يشك فليصم » فعليه المراد بالهلال هلال شهر رمضان.

(٤) نقل الاجماع على عدم اعتبار ذلك الا أن الشيخ في كتابي الاخبار حملها على ما إذا كان في السماء علة من غيم.

١٢٤

١٩١٧ ـ وروى حماد بن عيسى ، عن إسماعيل بن الحر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة ، وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين ».

١٩١٨ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إذا صح هلال رجب فعد تسعة وخمسين يوما وصم يوم الستين » (١).

١٩١٩ ـ وقال عليه‌السلام : « إذا صمت شهر رمضان في العام الماضي في يوم معلوم فعد في العام المستقبل من ذلك اليوم خمسة أيام وصم يوم الخامس » (٢).

١٩٢٠ ـ وروى أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : « رجل أسرته الروم ولم يصح له شهر رمضان ولم يدر أي شهر هو؟ قال : يصوم شهرا يتوخى ويحسب فإن كان الشهر الذي صامه قبل شهر

__________________

(١) المشهور عدم اعتبار تلك الأمور (المرآة) والخبر في الكافي ج ٣ ص ٧٧ رواه مرفوعا وحمل على أن المراد به استحباب صيام يوم الشك. (م ت)

(٢) مثلا إذا كان أول شهر رمضان يوم الأربعاء في سنة فهو في السنة التي بعدها يوم الاثنين لان السنة القمرية ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وثلث يوم تقريبا أي ثمان ساعات وبضع دقايق فإذا قسمنا عدد الأيام على السبعة وهو عدد أيام الأسبوع بقي أربعة فيكون أول شهر رمضان في السنة المتأخرة بعد مضى أربعة أيام من غرة شهد رمضان في السنة الماضية فيكون اليوم الخامس من شهر رمضان مع قطع النظر عن ثلث يوم هو كسر السنة ، وهذا حساب صحيح حكى في الجواهر عن عجائب المخلوقات للقزويني قال : قد امتحنوا ذلك خمسين سنة فكان صحيحا ـ انتهى ، وقد عمل بذلك أن غمت شهور السنة الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في المبسوط والفاضل في المحكى عن جملة من كتبه ، والشهيدان في الدروس والروضة ، وفى المختلف أن المعتمد في ذلك العادة لا الرواية ، واعترض عليه بمالا حاجة إلى ذكره هنا ولكن الحق أن العمل بهذا الحديث متعين مع غمة شهور السنة أو أكثرها إذ لولا العمل به لزم عد كل شهر ثلاثين وهو مخالف للقطع واليقين ، إذ لم يعهد في العادات توالى أكثر من ثلاثة أشهر تامة بل توالى الثلاثة أيضا قليل وأثبت المنجمون بالحساب أن غاية ما يتصور أن يكون تامة أربعة أشهر ولا يمكن أكثر من ذلك ، وشرط الاستصحاب وكل حكم ظاهري أن لا يكون القطع بخلافه واقعا بل الظن المتأخم للعام ، وبالجملة فاليوم الخامس بعد السنة الماضية أقرب

١٢٥

رمضان لم يجزئه ، وإن كان بعد شهر رمضان أجزأه » (١).

١٩٢١ ـ وسأله العيص بن القاسم « عن الهلال إذا رآه القوم جميعا فاتفقوا على أنه لليلتين أيجوز ذلك؟ قال : نعم » (٢).

باب

* (صوم يوم الشك) *

١٩٢٢ ـ « سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن اليوم المشكوك فيه ، فقال : لئن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من شهر رمضان » (٣).

فيجوز أن يصام على أنه من شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزأه ، وإن كان من شعبان لم يضره ، ومن صامه وهو شاك فيه فعليه قضاؤه وإن كان من شهر رمضان لأنه لا يقبل شئ من الفرائض إلا باليقين ، ولا يجوز أن ينوي من يصوم يوم الشك أنه من شهر رمضان.

١٩٢٣ ـ لان أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « لئن أفطر يوما من شهر رمضان

__________________

شئ إلى الحقيقة في الحساب والعادة والتجربة وقد وردت فيه الرواية فلا شبهة فيه إن شاء الله (ذلك من تحقيقات أستاذنا الشعراني ـ مد ظله ـ ذكرها في هامش الوافي).

(١) ما تضمنه هذا الخبر من وجوب التوخي ـ أي التحري ـ والسعي في تحصيل الظن والاجتزاء بمع الموافقة والتأخر ووجوب القضاء مع التقدم مقطوع به في كلام الأصحاب.

(٢) هذه الأخبار حملها في التهذيبين على ما إذا كانت السماء متغيمة ويكون فيها علة مانعة من الرؤية فيعتبر حينئذ في الليلة المستقبلة الغيبوبة والتطوق ورؤية الظل ونحوها دون أن تكون مصحية كما أن الشاهدين من خارج البلد (في خبر حبيب الخزاعي المروى في التهذيب) إنما يعتبر مع العلة دون الصحو. (الوافي)

(٣) لعل اسم التفضيل هنا من قبيل قولهم : العسل أحلى من النحل. والمراد بافطار يوم من شهر رمضان افطار يوم يكون واقعا منه وان لم يكن مكلفا بصومه ، ويدل على رجحان صوم يوم الشك والمشهور استحباب صومه بنية الندب مطلقا. (المرآة)

١٢٦

أحب إلي من أن أصوم يوما من شعبان أزيده في شهر رمضان » (١).

١٩٢٤ ـ وسأل بشير النبال أبا عبد الله عليه‌السلام « عن صوم يوم الشك فقال : صمه (٢) فإن كان من شعبان كان تطوعا ، وإن كان من شهر رمضان فيوم وفقت له ».

١٩٢٥ ـ وسأله عبد الكريم بن عمرو فقال : « إني جعلت على نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم عليه‌السلام ، فقال : لا تصم في السفر (٣) ، ولا في العيدين ، ولا [في] أيام التشريق (٤) ولا اليوم الذي يشك فيه » (٥).

ومن كان في بلد فيه سلطان فالصوم معه والفطر معه لان في خلافه دخولا في نهي الله عزوجل حيث يقول : « ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ».

١٩٢٦ ـ وقد روي عن عيسى بن أبي منصور أنه قال : « كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام في اليوم الذي يشك فيه الناس فقال : يا غلام اذهب فانظر أصام الأمير (٦) أم لا؟ فذهب ثم عاد فقال : لا ، فدعا بالغداء فتغدينا معه ».

١٩٢٧ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « لو قلت : إن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا ».

__________________

(١) قال في الوافي : « معنى الحديث السابق أن صيام يوم الشك بنية شعبان أحب إلى من افطاره وذلك لأنه ان صامه بنية شعبان وكان في الواقع من شهر رمضان فكان قد أفطر يوما من شهر رمضان وصيام يوم من شهر شعبان خير من الافطار يوم من شهر رمضان ، ومعنى الحديث الأخير أن افطار يوم الشك بنية شعبان إذا لم يعلم أنه من شهر رمضان أحب إلى من صيامه بنية أنه من شهر رمضان وذلك لان افطاره على تلك النية جائز مرخص فيه وصيامه على هذه النية بدعة منهى عنه فلا منافاة بين الحديثين بوجه ».

(٢) أي بنية الندب.

(٣) يدل على مرجوحية صوم النافلة في السفر.

(٤) يعنى إذا كانت بمعنى ناسكا.

(٥) حمل على الصوم بنية أنه من شهر رمضان.

(٦) في بعض النسخ « هل صام الأمير ».

١٢٧

١٩٢٨ ـ وقال عليه‌السلام : « لا دين لمن لا تقية له » (١).

١٩٢٩ ـ وروى عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن سهل بن سعد قال : « سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : الصوم للرؤية ، والفطر للرؤية ، وليس منا من صام قبل الرؤية للرؤية وأفطر قبل الرؤية للرؤية (٢) ، قال : قلت له : يا ابن رسول الله فما ترى في صوم يوم الشك؟ فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لئن أصوم يوما من شهر شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من شهر رمضان ».

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : وهذا حديث غريب لا أعرفه إلا من طريق عبد العظيم بن عبد الله الحسني المدفون بالري في مقابر الشجرة وكان مرضيا  ـ رضي‌الله‌عنه ـ.

باب

* (الرجل يسلم وقد مضى بعض شهر رمضان) *

١٩٣٠ ـ « سئل الصادق عليه‌السلام عن رجل أسلم في النصف من شهر رمضان ما عليه من صيامه؟ فقال : ليس عليه أن يصوم إلا ما أسلم فيه ، وليس عليه أن يقضي ما قد مضى منه » (٣).

__________________

(١) رواه الكليني ج ٢ ص ٢١٧ في الحسن كالصحيح عن أبي عمر الأعجمي عنه عليه السلام في حديث.

(٢) أي لرؤية من لم يثبت الهلال برؤيته (مراد) وقوله : « للرؤية » في الموضعين ليس في بعض النسخ.

(٣) لا خلاف في سقوط القضاء عن الكافر بعد الاسلام والمراد الكافر الأصلي أما غيره كالمرتد ومن انتحل الاسلام من الفرق المحكوم بكفرها كالخوارج والغلاة فيجب عليهم القضاء قطعا ، ولو استبصر المخالف وجب عليه قضاء ما فاته من العبادات دون ما أتى به سوى الزكاة. (المرآة)

١٢٨

١٩٣١ ـ وروى صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيام هل عليهم أن يصوموا ما مضى منه أو يومهم الذي أسلموا فيه؟ فقال : ليس عليهم قضاء ولا يومهم الذي أسلموا فيه إلا أن يكونوا أسلموا فيه قبل طلوع الفجر (١) ».

باب

* (الوقت الذي يحل فيه الافطار وتجب فيه الصلاة) *

١٩٣٢ ـ روى عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا غاب القرص (٢) أفطر الصائم ودخل وقت الصلاة ».

وقال أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ في رسالته إلي : يحل لك الافطار إذا بدت ثلاثة أنجم وهي تطلع مع غروب الشمس (٣).

وهي رواية أبان عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (٤).

١٩٣٣ ـ وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن الافطار قبل الصلاة أو بعدها؟ قال : إن كان معه قوم يخشى أن يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم (٥) وإن

__________________

(١) هذا أحد القولين في المسألة ونقل عن الشيخ (ره) قال في المبسوط : وجوب الصوم إذا كان الاسلام قبل الزوال وقواه في المعتبر (سلطان) وقال العلامة المجلسي : يدل على أنه إذا أسلم في أثناء النهار لا يجب عليه صوم ذلك اليوم وإن كان قبل الزوال وهو المشهور بين الأصحاب وقالوا باستحباب الامساك بقية اليوم وقال الشيخ في المبسوط بوجوب الأداء إذا أسلم قبل الزوال ومع الاخلال به فالقضاء ، وقواه في المختلف.

(٢) المراد بغيبوبة القرص ذهاب الحمرة.

(٣) الظاهر أنه من كلام المصنف ـ رحمه‌الله ـ ذكره لتقوية مذهبه.

(٤) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٤٢ باسناده عن أحمد بن محمد ، عن الحسين ابن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن وقت افطار الصائم ، قال : حين يبدو ثلاثة أنجم الحديث.

(٥) العشاء بالفتح الطعام الذي يؤكل في العشاء ، يدل على استحباب تقديم الصلاة على الافطار الا مع الانتظار. (م ت)

١٢٩

كان غير ذلك فليصل ثم ليفطر.

باب

* (الوقت الذي يحرم فيه الأكل والشرب على الصائم) *

* (وتحل فيه صلاة الغداة) *

١٩٣٤ ـ روى عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ليث المرادي قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت : متى يحرم الطعام على الصائم وتحل الصلاة ـ صلاة الفجر ـ؟ فقال لي : إذا اعترض الفجر فكان كالقبطية (١) البيضاء فثم يحرم الطعام على الصائم وتحل الصلاة ـ صلاة الفجر ـ قلت : أفلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس؟ قال : هيهات أين تذهب بك تلك صلاة الصبيان ».

١٩٣٥ ـ وروى أبو بصير (٢) ، عن أحدهما عليهما‌السلام في قول الله عزوجل : « وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر (٣) » فقال : نزلت في خوات بن جبير الأنصاري (٤) وكان مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الخندق وهو صائم وأمسى على تلك الحال وكانوا قبل أن تنزل هذه الآية إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام

__________________

(١) القبطية واحدة القباطي ـ بفتح القاف ثياب رقاق من كتان تتخذ بمصر ، وقد يضم لأنهم يغيرون في النسبة (الصحاح) وقوله « اعترض الفجر » أي حصل البياض في عرض الأفق وهو الصادق لا في طوله فإنه الكاذب. (م ت)

(٢) هو أيضا ليث المرادي لما في الكافي عن ابن مسكان عنه.

(٣) مروى في الكافي ج ٤ ص ٩٨ وفيه في قول الله تعالى « أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم الآية » فقال : نزلت في خوات بن جبير الأنصاري وهكذا في التهذيب.

(٤) خوات ـ بتشديد الواو ـ عده الشيخ في رجاله منم أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام وأنه بدري. وفى أسد الغابة : خرج خوات بن جبير مع رسول الله (ص) إلى بدر فلما بلغ الصفراء أصاب ساقه حجر فرجع فضرب له رسول الله بسهمه ، وقال ابن إسحاق : لم يشهد خوات بدرا ولكن رسول الله (ص) ضرب بسهمه مع أصحاب بدر. ومثله قال ابن الكلبي.

١٣٠

فجاءخوات إلى أهله حين أمسى فقال : عندكم طعام؟ فقالوا : لا تنم (١) حتى نصنع لك طعاما فاتكى فنام ، قالوا : قد فعلت؟ قال : نعم ، فبات على تلك الحال وأصبح ثم غدا إلى الخندق فجعل يغشى عليه ، فمر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما رأى الذي به أخبره كيف كان أمره ، فأنزل الله عزوجل : « وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ».

١٩٣٦ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام « عن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر فقال : بياض النهار من سواد الليل » (٢).

١٩٣٧ ـ وقال في خبر آخر : « وهو الفجر الذي لا شك فيه ».

١٩٣٨ ـ وسأله سماعة بن مهران « عن رجلين قاما فنظرا إلى الفجر فقال : أحدهما هو ذا ، وقال الآخر : ما أرى شيئا ، قال : فليأكل الذي لم يتبين له الفجر وليشرب لان الله عزوجل يقول : « وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل » قال سماعة : وسألته عن رجل أكل وشرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان ، فقال : إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ، ثم أعاد النظر فرأى الفجر فليتم صومه ولا إعادة عليه ، وإن كان قام فأكل وشرب ، ثم نظر إلى الفجر فرآه قد طلع فليتم صومه ذلك ويقضي يوما آخر ، لأنه بدأ بالاكل قبل النظر فعليه الإعادة ».

١٩٣٩ ـ وروى صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل خرج في شهر رمضان وأصحابه يتسحرون في بيت فنظر إلى الفجر فناداهم أنه قد طلع [الفجر] فكف بعض وظن بعض أنه يسخر فأكل ، فقال : يتم ويقضي » (٣).

١٩٤٠ ـ وروى محمد بن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال : « قلت لأبي عبد الله

__________________

(١) في الكافي « لا ، لا تنم ».

(٢) رواه الشيخ في التهذيب والكليني ج ٤ ص ٩٨ بسند صحيح عن الحلبي عنه عليه‌السلام.

(٣) قيده بعض الأصحاب بما إذا لم يكن المخبر عدلين. (سلطان)

١٣١

عليه‌السلام : آمر الجارية لتنظر إلى الفجر فتقول : لم يطلع بعد ، فآكل ثم أنظر فأجده قد كان طلع حين نظرت (١) قال : اقضه أما إنك لو كنت أنت الذي نظرت لم يكن عليك شئ ».

باب

* (حد المرض الذي يفطر صاحبه) *

١٩٤١ ـ روى ابن بكير ، عن زرارة قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ما حد المرض الذي يفطر فيه الصائم ويدع الصلاة من قيام؟ فقال : بل الانسان على نفسه بصيرة [و] هو أعلم بما يطيقه ».

١٩٤٢ ـ وروى جميل بن دراج (٢) ، عن الوليد بن صبيح قال : « حممت بالمدينة يوما في شهر رمضان ، فبعث إلي أبو عبد الله عليه‌السلام بقصعة فيها خل وزيت ، وقال لي : أفطر وصل وأنت قاعد ».

١٩٤٣ ـ وروى بكر بن محمد الأزدي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سأله أبي و أنا أسمع عن حد المرض الذي يترك الانسان فيه الصوم ، قال : إذا لم يستطع أن يتسحر » (٣).

١٩٤٤ ـ وروى سليمان بن عمرو عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « اشتكت أم سلمة رضي‌الله‌عنها عينها في شهر رمضان فأمرها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن تفطر وقال : عشاء الليل لعينيك ردي » (٤).

١٩٤٥ ـ وفي رواية حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « الصائم إذا خاف على

__________________

(١) يعنى حين نظرت الجارية.

(٢) الطريق إليه صحيح ، وفى الكافي حسن كالصحيح.

(٣) أي من شدة المرض ، ونقل العلامة المجلسي عن والده ـ رحمهما‌الله ـ قال : المراد به ان لم يستطع أن يشرب الدواء في السحر ويصوم فليفطر.

(٤) أي مضر.

١٣٢

عينيه من الرمد أفطر ».

١٩٤٦ ـ وقال عليه‌السلام : « كلما أضر به الصوم فالافطار له واجب ».

باب

* (ما جاء فيمن يضعف عن الصيام من شيخ أو شاب أو حامل أو مرضع) *

١٩٤٧ ـ روى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : الشيخ الكبير والذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام ولا قضاء عليهما ، فإن لم يقدرا فلا شئ عليهما » (١).

١٩٤٨ ـ وروى عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الرجل يصيبه العطش حتى يخاف على نفسه ، قال : يشرب بقدر ما يمسك رمقه ، ولا يشرب حتى يروي » (٢).

١٩٤٩ ـ وفي رواية ابن بكير أنه سئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله عزوجل :

__________________

(١) أي لم يقدرا على التصدق. ويحتمل أن المراد أنه ان لم يقدرا على الصوم أي أصلا حتى مع المشقة فلا شئ عليهما من الكفارة والاثم بترك الصوم ، فيكون المراد في أول الكلام من يقدر على الصوم لكن بمشقة ويؤيده لفظة « لا حرج » فإنه مع عدم القدرة أصلا يجب الافطار فلا يلائمه نفى الحرج (سلطان) وظاهر الحديث الاكتفاء بالمد كما ذهب إليه جماعة ، وذهب الشيخ في النهاية ـ على المحكى ـ إلى وجوب مدين فإن لم يقدر فمد لما في بعض الأخبار ، وربما حمل المدين على الاستحباب.

(٢) قال في المدارك : هل يجب على ذي العطاش الاقتصار من الشرب على ما تندفع به الضرورة أم يجوز له التملى من الشراب وغيره؟ قيل بالأول لرواية عمار وقيل بالثاني وهو خيرة الأكثر لاطلاق سائر الأخبار ، ولا ريب أن الأول أحوط ـ انتهى.

وقال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ ظاهر رواية عمار أنها فيمن أصابه العطش اتفاقا من غير أن تكون له علة مقتضية له مستمرة وظاهر أخبار الفدية أنها وردت في صاحب العلة فلا يبعد أن يكون حكم الأول جواز الشرب بقدر سد الرمق والقضاء بدون فدية ، وحكم الثاني وجوب الفدية وسقوط القضاء وعدم وجوب الاقتصار على سد الرمق.

١٣٣

« وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين » قال : على الذين كانوا يطيقون الصوم ثم أصابهم كبر أو عطاش أو شبه ذلك فعليهم لكل يوم مد.

١٩٥٠ ـ وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « سمعته يقول : الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان لأنهما لا تطيقان الصوم ، وعليهما أن تتصدق كل واحدة منهما في كل يوم تفطر فيه بمد من طعام وعليهما قضاء كل يوم أفطرا فيه ثم تقضيانه بعد ».

١٩٥١ ـ وسأل عبد الملك بن عتبة الهاشمي أبا الحسن عليه‌السلام « عن الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان ، قال : يتصدق عن كل يوم بمد من حنطة ».

باب

* (ثواب من فطر صائما) *

١٩٥٢ ـ روى أبو الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من فطر صائما فله أجر مثله ».

١٩٥٣ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « دخل سدير على أبي عليه‌السلام في شهر رمضان فقال له : يا سدير هل تدري أي ليال هذه؟ فقال له : نعم جعلت فداك إن هذه ليالي شهر رمضان فما ذاك؟ فقال له أبي : أتقدر على أن تعتق كل ليلة من هذه الليالي عشر رقاب من ولد إسماعيل؟ فقال له سدير : بأبي أنت وأمي لا يبلغ مالي ذاك ، فما زال ينقص حتى بلغ به رقبة واحدة ، في كل ذلك يقول : لا أقدر عليه ، فقال له : أفما تقدر أن تفطر في كل ليلة رجلا مسلما؟ فقال له : بلى وعشرة ، فقال له أبي عليه‌السلام : فذاك الذي أردت ، يا سدير إن إفطارك أخاك المسلم يعدل عتق رقبة من ولد إسماعيل عليه‌السلام ».

١٩٥٤ ـ وروى موسى بن بكر عن أبي الحسن عليه‌السلام أنه قال : « تفطيرك أخاك الصائم أفضل من صيامك ».

١٩٥٥ ـ و « كان علي بن الحسين عليهما‌السلام إذا كان اليوم الذي يصوم فيه أمر بشاة

١٣٤

فتذبح وتقطع أعضاؤه وتطبخ ، فإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح المرق وهو صائم ، ثم يقول : هاتوا القصاع (١) اغرفوا لآل فلان ، اغرفوا لآل فلان ، ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاؤه » (٢).

١٩٥٦ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) « من فطر في هذا الشهر مؤمنا صائما كان له بذلك عند الله عزوجل عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه ، فقيل له : يا رسول الله ليس كلنا نقدر على أن نفطر صائما ، فقال : إن الله تبارك وتعالى كريم يعطي هذا الثواب منكم من لم يقدر إلا على مذقة (٤) من لبن يفطر بها صائما ، أو شربة من ماء عذب ، أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك ».

باب

* (ثواب السحور) *

١٩٥٧ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « السحور بركة ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تدع أمتي السحور ولو على حشفة تمر ». (٥)

١٩٥٨ ـ وسأل سماعة أبا عبد الله عليه‌السلام « عن السحور لمن أراد الصوم ، فقال : أما في شهر رمضان فإن الفضل في السحور ولو بشربة من ماء ، وأما في التطوع فمن أحب أن يتسحر فليفعل : ومن لم يفعل فلا بأس ».

__________________

(١) القصاع : جمع قصعة وهي الظرف الذي يؤكل فيه.

(٢) العشاء ـ بالفتح والمد ـ الطعام الذي يؤكل بالعشي.

(٣) جزء من الخطبة التي خطبها (ص) في آخر جمعة من شعبان.

(٤) المذق : اللبن الممزوج بالماء ومميه أصلية.

(٥) السحور ـ بالفتح ـ : ما يتسحر به من الطعام والشراب. وفى الكافي عن علي عن أبيه ، عن النوفلي عن السكوني ، عن جعفر عن آبائه عليهم‌السلام قال : « قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : السحور بركة ، قال : وقال رسول الله (ص) : لا تدع أمتي السحور ولو على حشفة ». والتاء للوحدة. والحشف : أردى التمر واليابس الفاسد منه. (النهاية)

١٣٥

١٩٥٩ ـ وسأله أبو بصير « عن السحور لمن أراد الصوم (١) أواجب هو عليه؟ فقال : لا بأس بأن لا يتسحر إن شاء ، فأما في شهر رمضان فإنه أفضل أن يتسحر ، أحب (٢) أن لا يترك في شهر رمضان ».

١٩٦٠ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « تعاونوا بأكل السحور على صيام النهار ، وبالنوم عند القيلولة على قيام الليل ».

١٩٦١ ـ وروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : « إن الله تبارك وتعالى وملائكته يصلون على المستغفرين والمتسحرين بالاسحار فليتسحر أحدكم ولو بشربة من ماء ».

وأفضل السحور السويق والتمر (٣) ، ومطلق لك الطعام والشراب إلى أن تستيقن طلوع الفجر (٥).

١٩٦٢ ـ وسأل رجل الصادق عليه‌السلام فقال : « آكل وأنا أشك في الفجر؟ فقال : كل حتى لا تشك ».

١٩٦٣ ـ وقال عليه‌السلام : « لو أن الناس تسحروا ثم لم يفطروا إلا على الماء لقدروا على أن يصوموا الدهر ».

باب

* (الرجل يتطوع بالصيام وعليه شئ من الفرض) *

وردت الاخبار والآثار عن الأئمة عليهم‌السلام أنه لا يجوز أن يتطوع الرجل بالصيام وعليه شئ من الفرض ، وممن روى ذلك الحلبي وأبو الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٥).

__________________

(١) كذا في بعض النسخ والكافي وفى أكثرها « في أداء الصوم ».

(٢) في الكافي ج ٤ ص ٨٦ « نحب » كما هو نسخة في بعض النسخ.

(٣) رواه حفص بن البختري عن الصادق عليه‌السلام في التهذيب ج ١ ص ٤٠٨.

(٤) كما في قوله تعالى « فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ».

(٥) في الكافي ج ٤ ص ١٢٥ عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ،

١٣٦

باب

* (الصلاة في شهر رمضان) *

١٩٦٤ ـ سأل زرارة ، ومحمد بن مسلم ، والفضيل أبا جعفرالباقر وأبا عبد الله الصادق عليهما‌السلام عن الصلاة في شهر رمضان نافلة بالليل جماعة ، فقالا : (١) إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا صلى العشاء الآخرة انصرف إلى منزله ثم يخرج من آخر الليل إلى المسجد فيقوم فيصلي ، فخرج في أول ليلة من شهر رمضان ليصلي كما كان يصلي فاصطف الناس خلفه فهرب منهم إلى بيته وتركهم ففعلوا ذلك ثلاث ليال ، فقام صلى‌الله‌عليه‌وآله في اليوم الثالث (٢) على منبره فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : « أيها الناس إن الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة ، وصلاة الضحى بدعة ، ألا فلا تجتمعوا ليلا في شهر رمضان لصلاة الليل ، ولا تصلوا صلاة الضحى فإن تلك معصية ، ألا فإن كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة سبيلها إلى النار ، ثم نزل صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقول : قليل في سنة خير من كثير في بدعة ».

١٩٦٥ ـ وروى ابن مسكان ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في شهر رمضان ، فقال : ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الصبح قبل الفجر كذلك كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي ، وأنا كذلك أصلي ، ولو كان خيرا لم يتركه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

١٩٦٦ ـ وروى عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن الصلاة في شهر رمضان فقال : ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتان

__________________

عن حماد ، عن الحلبي ، قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أيتطوع؟ فقال : لا حتى يقضى ما عليه من شهر رمضان ». وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل عليه من شهر رمضان أيام أيتطوع؟ فقال : لا حتى يقضى ما عليه من شهر رمضان » ورواهما الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٣٠.

(١) في بعض النسخ « فقالا : لا » وجعل « لا » نسخة.

(٢) في بعض النسخ « في اليوم الرابع ».

١٣٧

قبل صلاة الفجر ولو كان فضلا كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أعمل به وأحق ». (١)

وممن روى الزيادة في التطوع في شهر رمضان زرعة عن سماعة وهما واقفيان (٢).

١٩٦٧ ـ قال (٣) : « سألته عن شهر رمضان كم يصلى فيه؟ قال : كما يصلى في غيره إلا أن لشهر رمضان على سائر الشهور من الفضل ما ينبغي للعبد أن يزيد في تطوعه ، فإن أحب وقوي على ذلك أن يزيد في أول الشهر إلى عشرين ليلة كل ليلة عشرين ركعة سوى ما كان يصلي قبل ذلك ، يصلي من هذه العشرين اثنتي عشرة ركعة بين المغرب والعتمة ، وثمان ركعات بعد العتمة ، ثم يصلي صلاة الليل التي كان يصليها قبل ذلك ثمان والوتر ثلاث يصلي ركعتين ويسلم فيهما ثم يقوم فيصلي واحدة ، فيقنت فيها فهذا الوتر ، ثم يصلي ركعتي الفجر حتى ينشق الفجر فهذه ثلاث عشرة ركعة ، فإذا بقي من شهر رمضان عشر ليال فليصل ثلاثين ركعة في كل ليلة سوى هذه الثلاث عشرة يصلي منها بين المغرب والعشاء اثنتين وعشرين ركعة وثمان ركعات بعد العتمة ، ثم يصلي صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة كما وصفت لك. وفي ليلة إحدى و عشرين وثلاث وعشرين يصلي في كل واحدة منهما إذا قوي على ذلك مائة ركعة سوى هذه الثلاث عشرة ركعة ، وليسهر فيهما حتى يصبح فإن ذلك يستحب أن يكون في

__________________

(١) ظاهر هذه الأخبار نفى الصلاة رأسا وحملت على الجماعة للخبر المتقدم وأمثاله ولوجودها في الأخبار الكثيرة البالغة حد التواتر ، ويمكن حمل أخبار النفي اما على نفى السنة وأخبار الاثبات على التطوع فان السنة لا تترك من النبي والأئمة عليهم‌السلام والتطوع قد يترك ، كما قاله المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ وأما أحاديث الاثبات فتحمل على التقية كما قاله بعض المحققين. وأجيب عن رواية عبد الله بن سنان بتجوير أن يكون السؤال وقع عن النوافل الراتبة هل تزيد في شهر رمضان أم لا.

(٢) في شرعية الزيادة روايات كثيرة كرواية أبى خديجة ، ومحمد بن يحيى ، وأبى بصير ، وعبيد بن زرارة وجميل بن صالح جميعا عن أبي عبد الله عليه‌السلام. (الذكرى)

(٣) يعنى سماعة كما هو الظاهر.

١٣٨

صلاة ودعاء وتضرع فإنه يرجى أن يكون ليلة القدر في إحديهما ».

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : إنما أوردت هذا الخبر في هذا الباب مع عدولي عنه وتركي لاستعماله ليعلم الناظر في كتابي هذا كيف يروى ومن رواه وليعلم من اعتقادي فيه أني لا أرى بأسا باستعماله.

باب

* (ما جاء في كراهية السفر في شهر رمضان) *

١٩٦٨ ـ روى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الخروج إذا دخل شهر رمضان ، فقال : لا إلا فيما أخبرك به : خروج إلى مكة ، أو غزو في سبيل الله عزوجل ، أو مال تخاف هلاكه ، أو أخ تخاف هلاكه وإنه ليس بأخ من الأب والام » (١).

١٩٦٩ ـ وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن الرجل يدخل شهر رمضان وهو مقيم لا يريد براحا (٢) ثم يبدو له بعد ما يدخل شهر رمضان أن يسافر فسكت ، فسألته غير مرة ، فقال : يقيم أفضل إلا أن يكون له حاجة لابد له من الخروج فيها ، أو يتخوف على ماله ».

قال مصنف هذا الكتاب ـ أسكنه الله جنته ـ : فالنهي عن الخروج في السفر في شهر رمضان نهي كراهية لا نهي تحريم ، والفضل في المقام لئلا يقصر في الصيام.

١٩٧٠ ـ وقد روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه سئل « عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان وهو مقيم وقد مضى منه أيام ، فقال : لا بأس

__________________

(١) يعنى أن مرادي من الأخ من كان مؤمنا لا الأخ النسبي.

(٢) البراح ـ بالفتح ـ : المتسع من الأرض التي لا زرع فيها ولا نبات ، والبراح أيضا مصدر قولك : برح مكانه أي زال عنه وصار في البراح (الصحاح) ويمكن أن يقرأ « نزاحا » بالنون والزاي المعجمة ـ كما في بعض نسخ الكافي ـ من قولهم نزح بفلان إذا بعد عن دياره غيبة بعيدة.

١٣٩

بأن يسافر ويفطر ولا يصوم (١) ».

وقد روى ذلك أبان بن عثمان عن الصادق عليه‌السلام.

١٩٧١ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام (٢) « عن الرجل يخرج يشيع أخاه مسيرة يومين أو ثلاثة ، فقال : إن كان في شهر رمضان فليفطر فسئل أيهما أفضل [يقيم و] يصوم أو يشيعه؟ قال : يشيعه إن الله عزوجل وضع الصوم عنه إذا شيعه ».

١٩٧٢ ـ وروى الوشاء ، عن حماد بن عثمان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « رجل من أصحابي قد جاءني خبره من الأعوص (٣) وذلك في شهر رمضان أتلقاه (٤) وأفطر؟ قال : نعم ، قلت : أتلقاه وأفطر أو أقيم وأصوم؟ قال : تلقاه وأفطر ».

باب

* (وجوب التقصير في الصوم في السفر) *

١٩٧٣ ـ روى يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « الصائم في شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر ، ثم قال : إن رجلا أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله أصوم شهر رمضان في السفر؟ فقال : لا ، فقال : يا رسول الله إنه علي يسير ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تبارك وتعالى تصدق على مرضى أمتي ومسافريها بالافطار في شهر رمضان ، أيحب أحدكم إذا تصدق بصدقة أن ترد عليه ».

__________________

(١) يمكن الجواب عنه بأنه يشعر بضرورة السفر ومحل الخلاف السفر الاختياري.

(سلطان)

(٢) الظاهر أن السائل محمد بن مسلم كما يظهر من الكافي ج ٤ ص ١٢٩.

(٣) في المراصد : « أعوص ـ بفتح الواو والصاد المهملة ـ : موضع قرب المدينة على أميال منها يسيرة ، وأعوص واد في ديار باهلة لبنى حصن ويقال الاعوصين » : ونسخة في الجميع « الاعراض » وأعراض الحجاز : رساتيقه.

(٤) الهمزة للمتكلم والأصل « تتلقاه » فحذفت إحدى التائين والكلام مسوق على وجه الاستفهام.

١٤٠