كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٦

والمسارعة إلى ما تحب وترضى ، اللهم بارك لنا في شهرنا هذا ، وارزقنا عونه وخيره واصرف عنا ضره وشره وبلاءه وفتنته ».

١٨٤٧ ـ وكان من قول أمير المؤمنين عليه‌السلام عند رؤية الهلال : « أيها الخلق المطيع الدائب السريع (١) المتردد في فلك التدبير ، المتصرف في منازل التقدير (٢) ، آمنت بمن نور بك الظلم ، وأضاء بك البهم (٣) ، وجعلك آية من آيات سلطانه (٤) و امتهنك بالزيادة والنقصان (٥) والطلوع والأفول ، والإنارة والكسوف ، في كل ذلك أنت له مطيع ، وإلى إرادته سريع (٦) سبحانه ما أحسن ما دبر وأتقن ما صنع في ملكه وجعلك الله هلال شهر حادث لأمر حادث ، جعلك الله هلال أمن وإيمان (٧) وسلامة وإسلام ، ـ هلال أمنة (٨) من العاهات ، وسلامة من السيئات ـ اللهم اجعلنا أهدى من

__________________

(١) الخلق بمعنى المخلوق كاللفظ بمعنى الملفوظ ، ودأب في عمله من باب منع : جد وتعب ، والدؤوب دوام العمل واستمراره على حالة أخذا من الدأب وهو العادة المستمرة كما في كريمة « سخر لكم الشمس والقمر دائبين » أي مستمرين.

(٢) ترددت إلى فلان أي رجعت إليه مرة بعد أخرى. ولعل المراد بالفلك هنا السماء الدنيا. وفى الصحيفة السجادية « المتردد في منازل التقدير ، المتصرف في فلك التدبير » وهو الأوفق بالآية حيث قال : « والقمر قدرناه منازل » ولعله من تصرف النساخ أو الرواة.

(٣) الظلم جمع ظلمة. والبهم جع بهمة ـ بالضم ـ وهي ما يصعب أدركه على الحاسة إن كان محسوسا وعلى الفهم إن كان معقولا.

(٤) الآية العلامة الظاهرة ، والمراد بسلطانه تعالى استيلاؤه وقدرته على التصرف بالامر والنهى وغلبته التامة.

(٥) الامتهان افتعال من المهن ، يقال. مهن مهنا من بابي قتل ونفع ـ : خدم غيره وامتهنه امتهانا : استخدمه أو ابتذله واستعمله في الخدمة. والمراد بالزيادة والنقصان زيادة نور القمر ونقصانه في شكل الهلال والبدر بحسب ما يظهر للحس.

(٦) قوله « في كل ذلك ـ الخ » تقرير لانقياده وطاعته للمشيئة والإرادة الإلهية ، وايثار الجملة الاسمية للاشعار بدوام الطاعة واستمرار سرعة الانقياد ، وتقديم الظرف في الفقرتين للاهتمام ورعاية التقفية كما قاله السيد المدني ـ رحمه‌الله ـ في رياض السالكين.

(٧) جملة دعائية أي أسأل الله أن يجعلك هلال أمن وايمان ـ الخ.

(٨) في بعض النسخ « هلال أمن ».

١٠١

طلع عليه وأزكى من نظر إليه ، وصلى الله على محمد [النبي] وآله ، اللهم افعل بي كذا وكذا ـ يا أرحم الراحمين ».

باب

* (ما يقال في أول يوم من شهر رمضان) *

١٨٤٨ ـ روي عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : « ادع بهذا الدعاء في شهر رمضان مستقبل دخول السنة (١) وذكر أن من دعا به محتسبا مخلصا لم تصبه في تلك السنة فتنة ولا آفة في دينه ودنياه وبدنه ، ووقاه الله شر ما يأتي به في تلك السنة » اللهم إني أسألك باسمك الذي دان له كل شئ (٢) ، وبرحمتك التي وسعت كل شئ ، وبعزتك التي قهرت بها كل شئ ، وبعظمتك التي تواضع لها كل شئ ، وبقوتك التي خضع لها كل شئ ، وبجبروتك التي غلبت كل شئ ، وبعلمك الذي أحاط بكل شئ ، يا نور يا قدوس ، يا أول قبل كل شئ ، ويا باقي بعد كل شئ ، يا الله يا رحمن ، صل على محمد وآل محمد واغفر لي الذنوب التي تغير النعم ، واغفر لي الذنوب التي تنزل النقم ، واغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء ، واغفر لي الذنوب التي تديل الأعداء (٣) ، واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء ، واغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء ، واغفر لي الذنوب التي تحبس غيث السماء (٤) واغفر لي الذنوب التي تهتك العصم ، وألبسني درعك الحصينة التي لا ترام (٥) ، وعافني من شر

__________________

(١) أي حال دخول السنة ، فان شهر رمضان أول السنة عند الأكثر.

(٢) أي أطاع وذل له جميع الأشياء.

(٣) الادالة : الغلبة ، يقال : اللهم أدلني على فلان وانصرني.

(٤) وهي الجور في الحكم كما ورد في الاخبار منها خبر أبي ولاد الحناط المروى في الكافي ج ٥ ص ٢٩٠ حيث قضى أبو حنيفة في قضية بغير الحق فقال الصادق عليه‌السلام : « في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها وتمنع الأرض بركتها ».

(٥) « تهتك العصم » المراد اما رفع حفظ الله وعصمته عن الذنوب ، أو رفع ستره الذي

١٠٢

ما أحاذر بالليل والنهار في مستقبل سنتي هذه ، اللهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم ، ورب السبع المثاني والقرآن العظيم ، ورب إسرافيل وميكائيل وجبرئيل ورب محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين أسألك بك وبما تسميت به يا عظيم (١) أنت الذي تمن بالعظيم ، وتدفع كل محذور ، وتعطي كل جزيل ، وتضاعف من الحسنات الكثير بالقليل (٢) وتفعل ما تشاء يا قدير.

يا الله يا رحمن صل على محمد وآل محمد ، وألبسني في مستقبل سنتي هذه سترك ، وأضئ وجهي بنورك ، وأحيني بمحبتك (٣) ، وبلغ بي رضوانك وشريف كرائمك ، وجسيم عطائك من خير ما عندك ، ومن خير ما أنت معطيه أحدا من خلقك ، وألبسني مع ذلك عافيتك ، يا موضع كل شكوى ، وشاهد كل نجوى وعالم كل خفية ، ويا دافع ما تشاء من بلية ، يا كريم العفو ، يا حسن التجاوز توفني على ملة إبراهيم وفطرته ، وعلى دين محمد وسنته ، وعلى خير الوفاة فتوفني مواليا لأوليائك ، معاديا لأعدائك ، اللهم وجنبني في هذه السنة كل عمل أو قول أو فعل يباعدني منك ، واجلبني إلى كل عمل أو فعل أو قول يقربني منك في هذه السنة يا أرحم الراحمين ، وامنعني من كل عمل أو فعل أو قول يكون مني أخاف سوء عاقبته ومقتك إياي عليه حذرا أن تصرف وجهك الكريم عني (٤) وأستوجب به نقصا من

__________________

ستره به عن الملائكة أو الثقلين. و « التي لا ترام » أي لا يقصد الأعادي الظاهرة والباطنة لابسها بالضرر ، أو لا تقصد هي بالهتك والرفع وهي عصمته تعالى وحفظه وعونه. (المرآة)

(١) في بعض النسخ « سميت » كما في الكافي.

(٢) أي تضاعف أضعافا كثيرة بسبب القليل من الأعمال وفى الكافي « وتضاعف من الحسنات بالقليل والكثير » أي تضاعف الاجر بسبب قليل الحسنات وكثيرها ، وفى مصباح المتهجد مثل ما في الكافي.

(٣) في بعض النسخ « وأحبني بمحبتك » وفى بعضها « واحببني ».

(٤) « حذرا » مفعول مطلق أي أحذر حذرا ، وفى القاموس الحذر ـ بالكسر ويحرك ـ : الاحتراز والفعل كعلم. وفى بعض النسخ « حذار ». (مراد)

١٠٣

حظ لي عندك يا رؤوف يا رحيم ، اللهم اجعلني في مستقبل سنتي هذه في حفظك و جوارك وكنفك ، وجللني ستر عافيتك ، وهب لي كرامتك ، عز جارك ، وجل ثناؤك ولا إله غيرك.

اللهم اجعلني تابعا لصالحي من مضى (١) من أوليائك ، وألحقني بهم ، واجعلني مسلما لمن قال بالصدق عليك منهم ، وأعوذ بك يا إلهي أن تحيط بي خطيئتي وظلمي وإسرافي على نفسي واتباعي لهواي واشتغالي بشهواتي فيحول ذلك بيني و بين رحمتك ورضوانك فأكون منسيا عندك (٢) متعرضا لسخطك ونقمتك ، اللهم وفقني لكل عمل صالح ترضى به عني وقربني إليك زلفى ، اللهم كما كفيت نبيك محمدا صلواتك عليه وآله هول عدوه ، وفرجت همه ، وكشفت كربه ، وصدقته وعدك (٣) وأنجزت له عهدك ، اللهم فبذلك فاكفني (٤) هول هذه السنة وآفاتها وأسقامها وفتنها وشرورها وأحزانها وضيق المعاش فيها ، وبلغني برحمتك كمال العافية بتمام دوام النعم عندي إلى منتهى أجلي ، أسألك سؤال من أساء وظلم واستكان واعترف أن تغفر لي ما مضى من الذنوب التي حضرتها حفظتك ، وأحصتها كرام ملائكتك علي وأن تعصمني اللهم من الذنوب فيما بقي من عمري إلى منتهى أجلي ، يا الله يا رحمن صل على محمد وأهل بيت محمد وآتني كلما سألتك ورغبت إليك فيه فإنك أمرتني بالدعاء وتكفلت بالإجابة يا أرحم الراحمين (٥).

١٨٤٩ ـ وكان علي بن الحسين عليهما‌السلام يدعو بهذا الدعاء في شهر رمضان (٦) « اللهم

__________________

(١) في بعض النسخ « صالح من مضى ».

(٢) أي متروكا من رحمتك أو كالمنسي مجازا. (المرآة)

(٣) أي وفيت له بما وعدته من النصر والغلبة على الأعداء.

(٤) أي بمثل ذلك الحفظ والكفاية ، أو بحقه.

(٥) في بعض النسخ « يا حميد يا مجيد » مكان « يا أرحم الراحمين ».

(٦) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٢٨٣ والكليني في الكافي ج ٤ ص ٧٥ بسند فيه ارسال وفيه « اللهم ان هذا شهر رمضان وهذا شهر الصيام » وزاد في بعض نسخه « كان يدعو بهذا الدعاء في كل يوم من شهر رمضان ».

١٠٤

هذا شهر رمضان الذي أنزلت فيه القرآن ، وهذا شهر الصيام ، وهذا شهر الإنابة ، و هذا شهر التوبة ، وهذا شهر المغفرة والرحمة ، وهذا شهر العتق من النار والفوز بالجنة اللهم فسلمه لي ، وتسلمه مني ، وأعني عليه بأفضل عونك ، ووفقني فيه لطاعتك وفرغني فيه لعبادتك ودعائك وتلاوة كتابك ، وأعظم لي فيه البركة ، وأحسن لي فيه العافية ، وصحح لي فيه بدني (١) وأوسع فيه رزقي ، واكفني فيه ما أهمني ، واستجب فيه دعائي ، وبلغني فيه رجائي ، اللهم أذهب عني فيه النعاس والكسل والسأمة والفترة (٢) والقسوة والغفلة والغرة ، اللهم جنبني فيه العلل والأسقام والهموم والأحزان ، والاعراض والأمراض ، والخطايا والذنوب ، واصرف عني فيه السوء والفحشاء ، والجهد والبلاء ، والتعب والعناء ، إنك سميع الدعاء ، اللهم أعذني فيه من الشيطان [الرجيم] وهمزه ولمزه ونفثه ونفخه (٣) ووسواسه وكيده ومكره وختله (٤) وأمانيه وخدعه وغروره وفتنته وخيله ورجله (٥) وشركائه [وأحزابه] وأعوانه وأتباعه وأخدانه (٦) وأشياعه وأوليائه وجميع كيدهم ، اللهم ارزقني فيه تمام صيامه ، وبلوغ الامل في قيامه ، واستكمال ما يرضيك عني صبرا وإيمانا ويقينا واحتسابا ثم تقبل ذلك مني بالاضعاف الكثيرة والاجر العظيم ، اللهم ارزقني فيه الجد و الاجتهاد ، والقوة والنشاط ، والإنابة والتوبة ، والرغبة والرهبة ، والجزع والخشوع

__________________

(١) في الكافي « وأحسن لي فيه العاقبة وأصح لي فيه بدني ». وكذا في التهذيب.

(٢) الكسل : التثاقل. والسأمة : الملال. والفترة : الانكسار والضعف.

(٣) الهمز : النحس والغمز والغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم ، واللمز : العيب والضرب والدفع وأصله الإشارة بالعين ، والمراد بنفثه ما يلقى من الباطل في النفس ، والنفخ ، أيضا كذلك أو كبره وتعاظمه.

(٤) الختل : الخدعة. وفى بعض النسخ والكافي « وحيله » وفى بعض نسخه « وحبائله ». ولعل ما في متن الكافي أصوب لعدم التكرار.

(٥) الرجل ـ بفتح الراء وكسر الجيم ـ اسم جمع للراجل وهو خلاف الراكب. وفى الكافي « وشركه وأعوانه » والشرك ـ محركة ـ : حبائل الصيد.

(٦) جمع خدين وهو الصديق والمصاحب.

١٠٥

والرقة وصدق اللسان والوجل منك (١) والرجاء لك والتوكل عليك والثقة بك ، والورع عن محارمك مع صالح القول ومقبول السعي [واستكمال ما يرضيك فيه عني صبرا ويقينا وإيمانا واحتسابا ، ثم تقبل ذلك مني بالاضعاف الكثيرة والاجر العظيم اللهم ارزقني فيه الجد والاجتهاد والقوة والنشاط والإنابة والتوبة والرغبة والرهبة والجزع والرقة] (٢) ومرفوع العمل ومستجاب الدعاء ، ولا تحل بيني وبين شئ من ذلك بعرض ولا مرض ولا هم برحمتك يا أرحم الراحمين » (٣).

باب

* (القول عند الافطار كل ليلة من شهر رمضان من أوله إلى آخره) *

١٨٥٠ ـ كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أفطر قال : « اللهم لك صمنا ، وعلى رزقك أفطرنا فتقبله منا ، ذهب الظمأ ، وابتلت العروق وبقي الاجر » (٤).

١٨٥١ ـ وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : تقول كل ليلة من شهر رمضان عند الافطار إلى آخره : « الحمد لله الذي أعاننا فصمنا ورزقنا فأفطرنا ، اللهم تقبل منا وأعنا عليه ، وسلمنا فيه ، وتسلمه منا في يسر منك وعافية ، الحمد الله الذي قضى عنا (٥) يوما من شهر رمضان ».

١٨٥٢ ـ وقال عليه‌السلام : « يستجاب دعاء الصائم عند الافطار ».

__________________

(١) الجزع إلى الله محمود كالطمع والرغبة والرهبة والخشوع والكل إلى غيره مذموم (الوافي) والوجل ـ محركة ـ : الخوف.

(٢) من قوله « واستكمال ما يرضيك » إلى هنا موجود في جميع النسخ وليس في الكافي والظاهر أن هذه الجملة زيادة من النساخ سهوا وسبقت قبل سطرين.

(٣) وزاد في التهذيب تتمة طويلة مع اختلافه فيما تقدم.

(٤) رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٩٥ بسند موثق عن أبي جعفر عن آبائه عليهم‌السلام.

(٥) أي وفقنا لأداء صومه.

١٠٦

باب

* (آداب الصائم وما ينقض صومه وما لا ينقضه) *

١٨٥٣ ـ روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب أربع خصال : الطعام والشراب ، والنساء ، والارتماس في الماء » (١).

١٨٥٤ ـ وفي رواية منصور بن يونس ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام « إن الكذب على الله وعلى الأئمة عليهم‌السلام يفطر الصائم » (٢).

__________________

(١) قوله : « لا يضر الصائم » هذا عام يخصص بأمور يدل دليل على نقضها الصوم ، والمضاف في الثلاثة الأول محذوف أي أكل الطعام وشرب الشراب ووطي النساء ، ويمكن حمل الحديث على أن تلك الأربعة هي العمدة في نقض الصوم ، وأشق الأمور اجتنابا وإن كان في الارتماس منها مساهلة. (مراد) وفى مفطرية الارتماس اختلاف.

(٢) الظاهر أنه نقل بالمعنى فان الحديث رواه الكليني ج ٤ ص ٨٩ هكذا « قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم ، قال : قلت : هلكنا ، قال : ليس حيث تذهب إنما ذلك الكذب على الله عزوجل وعلى رسوله وعلى الأئمة عليهم‌السلام » وقال العلامة المجلسي : اختلف الأصحاب في فساد الصوم بالكذب على الله وعلى رسوله والأئمة عليهم السلام بعد اتفاقهم على أن غيره من أنواع الكذب لا يفسد الصوم وإن كان محرما ، فقال الشيخان و المرتضى في الانتصار انه مفسد للصوم ويجب به القضاء والكفارة ، وقال السيد في الجمل وابن إدريس لا يفسد ، وهو الأقوى إذ الظاهر أن المراد بالافطار في هذا الخبر ابطال كمال الصوم كما يدل عليه ضمه إلى الوضوء وهو غير مبطل له قطعا ، فان قلت : مطلق الكذب ينقض ثواب الصوم وكماله فلم خصه بهذا النوع؟ قلت : لان النوع أشد تأثيرا في ذلك والله يعلم. أقول : بعد رفع اليد عن الحصر المستفاد من صحيحة محمد بن مسلم المذكور اقتر ان هذا الخبر وأمثاله بنقض الكذب للوضوء لا يوهن ظهورها في الافطار إذ ليس الدليل منحصرا بها ففي التهذيب ج ١ ص ٤٠٩ في الموثق عن سماعة قال « سألته عن الرجل كذب في شهر رمضان فقال : قد أفطر وعليه قضاؤه فقلت : فما كذبته؟ قال يكذب على الله وعلى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله » وفى الخصال ص ٢٨٦ عن ابن الوليد عن الصفار عن البرقي عن أبيه رفعه إلى أبى عبد الله عليه‌السلام قال : خمسة أشياء تفطر الصائم : الأكل والشرب والجماع والارتماس في الماء والكذب على الله ورسوله وعلى الأئمة

١٠٧

١٨٥٥ ـ وروى محمد بن مسلم عنه عليه‌السلام أنه قال : « إذا صمت فليصم سمعك و بصرك وشعرك وجلدك ، وعدد أشياء غير هذا ، وقال : لا يكون يوم صومك كيوم فطرك ».

١٨٥٦ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن الله تبارك وتعالى كره لي ست خصال و كرهتهن للأوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي ، أحدها الرفث في الصوم » (١).

١٨٥٧ ـ وروى أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام (٢) أنه قال : « إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ، إن مريم قالت : « إني نذرت للرحمن صوما » أي صمتا فاحفظوا ألسنتكم ، وغضوا أبصاركم ، ولا تحاسدوا ، ولا تنازعوا ، فان الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب ».

١٨٥٨ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام (٣) : « عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار والدعاء ، فأما الدعاء فيدفع عنكم البلاء (٤) وأما الاستغفار فتمحى به ذنوبكم » (٥).

١٨٥٩ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « لا تنشد الشعر بليل (٦) ولا تنشده في شهر

__________________

عليهم‌السلام. وكذا رواية المتن وأمثالها فكلها متعرض لنقض الصوم فقط ، فالقول بالافساد مع اشتهاره بين القدماء موافق للاحتياط.

(١) الرفث : الجماع والفحش ، والمراد هنا الثاني (الوافي) أقول : تمام الرواية في الخصال ص ٣٢٧.

(٢) رواه الكليني مسندا من حديث جراح المدائني عنه عليه‌السلام.

(٣) رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٨٨ مسندا عن أبي عبد الله عليه‌السلام « قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ».

(٤) أي في جميع السنة لان التقدير فيه (المرآة) وفى بعض النسخ « فيدفع به البلاء عنكم »

(٥) في الكافي « فيمحى ذنوبكم ».

(٦) الخبر في الكافي ج ٤ ص ٨٨ بسند حسن كالصحيح. والانشاد قراءة الشعر وهو ما غلب على المنظوم من القول وأصله الكلام التخييلي الذي أحد الصناعات الخمس ، نظما كان أو نثرا ولعل المنظوم المشتمل على الحكمة والموعظة والمناجاة مع الله سبحانه مما لم يكن فيه تخييل

١٠٨

رمضان بليل ولا نهار ، فقال له إسماعيل يا أبتاه : وإن كان فينا؟ قال عليه‌السلام : وإن كان فينا » (١).

١٨٦٠ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) : « ما من عبد صائم يشتم فيقول : إني صائم سلام عليك لا أشتمك كما تشتمني إلا قال الرب تبارك وتعالى : استجار عبدي بالصوم من شر عبدي قد أجرته من النار » (٣).

١٨٦١ ـ و « سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله امرأة تسب جاريه لها وهي صائمة ، فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بطعام فقال لها : كلي ، فقالت : إني صائمة ، فقال : كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك إن الصوم ليس من الطعام والشراب فقط » (٤).

١٨٦٢ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ، ودع المراء ، وأذى الخادم ، وليكن عليك وقار الصائم ، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك » (٥).

ولا بأس أن يحتجم الصائم في شهر رمضان كذلك رواه :

١٨٦٣ ـ الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إنا إذا أردنا أن نحتجم في شهر

__________________

شعري مستثنى عن هذا الحكم وغير داخل فيه لما ورد أن ما لا بأس به من الشعر فلا بأس به. كما قاله الفيض ـ رحمه‌الله ـ في الوافي.

(١) يدل على مرجوحية الشعر في الليل مطلقا وفى شهر رمضان ليلا ونهارا وإن كان في مدح الأئمة عليهم‌السلام ، ولعله في مدحهم عليهم‌السلام يرجع إلى كونه أقل ثوابا من سائر الأوقات (المرآة) وقال الفيض ـ رحمه‌الله ـ : لان كونه في مدحهم عليهم‌السلام لا يخرجه عن التخييل الشعرى.

(٢) مروى في الكافي بسند ضعيف عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام.

(٣) المراد بقوله « عبدي » أولا المشتوم وبالثاني الشاتم أي استجار من شر سيئة مشاتمته ووبالها والعقوبة المترتبة عليها أو شر التشاجر والتشاتم بينهما بالصوم. وفى بعض النسخ « من شتم عبدي ».

(٤) رواه الكليني ج ٤ ص ٨٧ ذيل حديث جراح المدائني.

(٥) رواه الكليني عن أبي بصير ج ٤ ص ٨٩.

١٠٩

رمضان احتجمنا بالليل ».

١٨٦٤ ـ قال : « وسألته أيحتجم الصائم؟ فقال : إني أتخوف عليه ما يتخوف به على نفسه ، قال : قلت : ما [ذا] تتخوف عليه؟ قال : الغشي أن تثور به مرة (١) قلت : أرأيت إن قوي على ذلك ولم يخش شيئا؟ قال : نعم إن شاء ».

١٨٦٥ ـ و « كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يكره أن يحتجم الصائم خشية أن يغشى عليه فيفطر » (٢).

ولا بأس أن يكتحل الصائم بكحل فيه مسك (٣) ولا بأس أن يكتحل بالحضض (٤) ولا بأس بأن يستاك بالماء أو بالعود الرطب يجد طعمه ، أي النهار شاء (٥).

١٨٦٦ ـ وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه « سئل عن القلس (٦) أيفطر الصائم؟ فقال لا ».

ولا بأس بالمضمضة والاستنشاق للصائم ، فإذا تمضمض واستنشق فلا يبلع ريقه

__________________

(١) المرة ـ بالكسر ـ : هي الصفراء والسوداء ، وقال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : الخبر يدل على كراهة الحجامة من خوف ثوران المرة وطريان الغشي ، ولا خلاف بين الأصحاب في عدم حرمة اخراج الدم في الصوم ولا في كراهته إذا كان مضعفا.

(٢) في بعض النسخ « ففطر ».

(٣) المشهور كراهة الاكتحال بما فيه صبر أو مسك. (المرآة)

(٤) الحضض ـ بضمتين وقد يفتح العين وبالضادين وقيل بالظائين وقيل بضاد ثم ظاء ـ : عصارة شجرة معروفة وهو صنفان مكي وهندي (بحر الجواهر) في الكافي ج ٤ ص ١١١ باسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام « في الصائم يكتحل؟ قال : لا بأس به ليس بطعام ولا شراب ».

(٥) في الكافي ج ٤ ص ١١١ باسناده عن الحسين بن أبي العلاء قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن السواك للصائم ، فقال : نعم يستاك أي النهار شاء ».

(٦) القلس : ما خرج من البطن إلى الفم من الطعام أو الشراب فإذا غلب فهو القئ ، وقال في النهاية : ما خرج من الجوف ملء الفم أو دونه وليس بقئ فان عاد فهو القئ.

١١٠

حتى يبزق ثلاثا (١) ، وإن تمضمض فدخل الماء حلقه فإن كان ذلك لوضوء الصلاة فلا قضاء عليه (٢).

١٨٦٧ ـ وسأل سماعة بن مهران أبا عبد الله عليه‌السلام « عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه ، قال : عليه قضاؤه ، فإن كان في وضوء فلا بأس به ».

١٨٦٨ ـ قال : « وسألته عن القئ في شهر رمضان قال : إن كان شئ يذرعه (٣) فلا بأس ، وإن كان شئ يكره عليه نفسه فقد أفطر وعليه القضاء » (٤).

١٨٦٩ ـ وسأل أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي أبا الحسن الرضا عليه‌السلام « عن الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان ، فقال : الصائم لا يجوز له أن يحتقن » (٥).

__________________

(١) كما في مرسل حماد وخبر زيد الشحام المرويين في الكافي ج ٤ ص ١٠٧.

(٢) روى الكليني ج ٤ ص ١٠٧ باسناد حسن كالصحيح عن حماد عن الصادق عليه‌السلام « في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه؟ فقال : إن كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شئ وإن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء » وفى رواية أخرى عن يونس « قال : الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء وان تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه فليس عليه شئ وقد تم صومه وان تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الإعادة ، والأفضل للصائم أن لا يتمضمض » وقال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : المشهور بين الأصحاب أنه من أدخل فمه الماء فابتلعه سهوا فإن كان متبردا فعليه القضاء وإن كان للمضمضة به للطهارة فلا شئ عليه.

(٣) في بعض النسخ « يبدره » كما في التهذيب.

(٤) قال في المدارك : اختلف الأصحاب في حكم تعمد القئ بعد اتفاقهم على أنه لو ذرعه  ـ أي سبقه بغير اختيار ـ لم يفطر ، فذهب الشيخ وأكثر الأصحاب إلى أنه موجب للقضاء خاصة ، وقال ابن إدريس انه محرم ولا يجب به قضاء ولا كفارة ، وحكى المرتضى عن بعض أصحابنا قولا بوجوب القضاء والكفارة والمعتمد الأول.

(٥) حمل على الاحتقان بالمايع.

١١١

ولا يجوز للصائم أن يستعط (١) ولا بأس أن يصب الدواء في اذنه (٢) ، ولا بأس أن يزق الفرخ (٣) ويمضغ الخبز للرضيع من غير أن يبلع شيئا (٤) ولا بأس بأن يشم الطيب إلا المسحوق منه فإنه يصعد إلى دماغه (٥) ، ولا بأس بأن يذوق الطباخ المرق وهو صائم بلسانه من غير أن يبلعه ليعرف حلوه من حامضه (٦).

١٨٧٠ ـ وروي عن منصور بن حازم أنه قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « الرجل يجعل النواة في فيه وهو صائم؟ قال : لا ، قلت : فيجعل الخاتم؟ قال : نعم ».

ومن احتلم بالنهار في شهر رمضان فليتم صيامه ولا قضاء عليه.

١٨٧١ ـ وروى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الصائم ينزع ضرسه؟ قال : لا ، ولا يدمي فمه » (٧).

١٨٧٢ ـ وروي عن الحسن بن راشد أنه قال : « كان أبو عبد الله عليه‌السلام إذا صام

__________________

(١) كما في موثق ليث المرادي قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصائم يحتجم ويصب في اذنه الدهن؟ قال : لا بأس الا السعوط فإنه يكره » ويدل الخبر على كراهة صب الدواء في الاذن والمشهور كراهة التعسط بما يتعدى إلى الحلق ونقل عن المفيد وسلار ـ رحمهما‌الله ـ أنهما أوجبا به القضاء والكفارة ، واما السعوط بما لا يتعدى إلى الحلق فالمشهور أن تعمده يوجب القضاء والكفارة ويمكن المناقشة بانتفاء ما يدل على كون مطلق الايصال إلى الجوف مفسدا. (المرآة) والسعوط ادخال الدواء في الانف.

(٢) كما في صحيحة حماد بن عثمان عن الصادق عليه‌السلام المروية في الكافي ج ٤ ص ١١٠.

(٣) زق الطائر فرخه : أطعمه بمنقاره.

(٤) كما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ج ٤ ص ١١٤) والمشهور جواز مضغ الطعام للصبي وزق الطائر وذوق المرق مطلقا.

(٥) لما تقدم في السعوط. والمشهور استحباب التطيب للصائم بأنواع الطيب وإنما خصوا الكراهة بشم الرياحين خصوصا النرجس.

(٦) كما في صحيحة الحلبي التي أشرنا إليها سابقا.

(٧) الظاهر الكراهة خوفا من دخول الدم ، وقال الفاضل التفرشي : لعله محمول على الاستحباب.

١١٢

تطيب بالطيب ويقول : الطيب تحفة الصائم » (١).

١٨٧٣ ـ وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه « سئل عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم؟ فقال : لا بأس ما لم يخش ضعفا ».

ولا بأس بالقبلة للصائم للشيخ الكبير ، فأما الشاب الشبق فلا ، فإنه لا يؤمن أن تسبقه شهوته (٢).

١٨٧٤ ـ وقد سئل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « عن الرجل يقبل امرأته وهو صائم؟ قال : هل هي إلا ريحانة يشمها » (٣)

وأفضل ذلك أن يتنزه الصائم عن القبلة.

١٨٧٥ ـ فقد قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « أما يستحيي أحدكم أن لا يصبر يوما إلى الليل ، إنه كان يقال : إن بدء القتال اللطام » (٤).

ولو أن رجلا لصق بأهله في شهر رمضان فأدفق كان عليه عتق رقبة (٥).

١٨٧٦ ـ وسأل رفاعة بن موسى أبا عبد الله عليه‌السلام « عن رجل لامس جاريته في شهر رمضان فأمذى ، قال : إن كان حراما فليستغفر الله استغفار من لا يعود أبدا ويصوم

__________________

(١) يدل على عدم كراهة استعمال مطلق الطيب بل يدل على استحبابه. (المرآة)

(٢) كما في صحيحة منصور بن حازم قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في الصائم يقبل الجارية والمرأة؟ فقال : أما الشيخ الكبير مثلي ومثلك فلا بأس ، وأما الشاب الشبق فلا لأنه لا يؤمن ـ الحديث » الكافي ج ٤ ص ١٠٤. والشبق ـ بالكسر مشتق من الشبق ـ محركة ـ أي شدة الشهوة. وفى صحيحة الحلبي عن الصادق عليه‌السلام « ان ذلك يكره للرجل الشاب مخافة أن يسبقه المنى ».

(٣) وشم الريحان للصائم مكروه مع الأسف.

(٤) أي كما أن اللطمة تنجر إلى القتل كذلك القبلة تنجر إلى الجماع. (م ت)

(٥) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٤٢ باسناده عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل وضع يده على شئ من جسد امرأته فأدفق ، فقال كفارته أن يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة ».

١١٣

يوما مكان يوم » (١).

١٨٧٧ ـ وسأله سماعة « عن الرجل يلصق بأهله في شهر رمضان؟ فقال : ما لم يخف على نفسه (٢) فلا بأس ».

١٨٧٨ ـ وروى محمد بن الفيض التيمي ، عن ابن رئاب قال : « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ينهى عن النرجس للصائم ، فقلت : جعلت فداك ولم؟ قال : لأنه ريحان الأعاجم ».

١٨٧٩ ـ و « سئل الصادق عليه‌السلام عن المحرم يشم الريحان ، قال : لا ، قيل : فالصائم؟ قال : لا ، قيل : يشم الصائم الغالية والدخنة؟ قال : نعم ، قيل : كيف حل له أن يشم الطيب ولا يشم الريحان (٣)؟ قال : لان الطيب سنة ، والريحان بدعة للصائم » (٤).

١٨٨٠ ـ و « كان الصادق عليه‌السلام إذا صام لا يشم الريحان ، فسئل عن ذلك فقال : أكره أن أخلط صومي بلذة ».

١٨٨١ ـ وروي « أن من تطيب بطيب أول النهار وهو صائم لم يكد يفقد عقله ».

__________________

(١) حمله الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٤٢ على الاستحباب لان المذي ليس مما يفسد الصيام. وعمل بظاهر الحديث ابن الجنيد وأوجب القضاء بالمذي. ورواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٢٩ وزاد « وإن كان من حلال فليستغفر الله ولا يعود ويصوم يوما مكان يوم ». وقال : هذا حديث شاذ نادر ومخالف لفتيا مشايخنا كلهم ، ولعل الراوي وهم في قوله في آخر الخبر « ويصوم يوما مكان يوم » لان مقتضى الخبر يدل عليه ألا ترى أنه شرع في الفرق بين أن يكون أمذى من مباشرة حرام وبين أن يكون الامذاء من مباشرة حلال وعلى الفتيا التي رواه لا فرق بينهما فعلم أنه وهم من الراوي.

(٢) أي من الانزال أو الجماع أو الأعم. (م ت)

(٣) احتمل الشيخ أن يكون المراد به النرجس لما تقدم من الاخبار ، والمشهور كراهة مطلق الريحان وتتأكد في النرجس.

(٤) ظاهره التحريم ويحمل على الكراهة لما تعارضه. (سلطان)

١١٤

١٨٨٢ ـ وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه « سأله (١) عن الرجل يجد البرد أيدخل مع أهله في لحاف وهو صائم؟ قال : يجعل بينهما ثوبا ».

وقد روى عبد الله بن سنان عنه عليه‌السلام (٢) رخصة للشيخ في المباشرة.

١٨٨٣ ـ وسأل حنان بن سدير أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الصائم يستنقع في الماء ، قال : لا بأس ولكن لا يغمس ، والمرأة لا تستنقع في الماء لأنها تحمل الماء بقبلها » (٣).

باب

* (ما يجب على من أفطر أو جامع في) *

* (شهر رمضان متعمدا أو ناسيا) *

١٨٨٤ ـ روى الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام  « في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر ، قال : يعتق رقبة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر تصدق بما يطيق ». (٤) ١٨٨٥ ـ وروى عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري (٥) عن أبي جعفر عليه‌السلام « أن رجلا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : هلكت وأهلكت (٦) فقال : وما أهلكك؟ قال : أتيت

__________________

(١) في بعض النسخ « أنه سئل ».

(٢) ظاهره أبو جعفر الباقر (ع) لكن لم يرو عبد الله بن سنان عنه عليه‌السلام وهو من أصحاب الصادق سلام الله عليه ، ولم أجد لفظ الخبر على وجهه فيما عندي من كتب الحديث.

(٣) الظاهر من الاستنقاع الجلوس في الماء من دون أن يخفى رأسه فيه ، وبالانغماس اختفاء الرأس فيه. (مراد)

(٤) ظاهره كفاية كفارة واحدة بسبب الافطار في يوم واحد سواء وقع منه الاتيان بمفطر واحد أو مختلف لترك الاستفصال. (مراد)

(٥) في الطريق الحكم بن مسكين وأبو كهمس وهما مجهولان.

(٦) يقال لمن ارتكب أمرا عظيما : هلكت وأهلكت من باب التفعيل والافعال.

١١٥

امرأتي في شهر رمضان وأنا صائم ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعتق رقبة ، قال : لا أجد ، قال : فصم شهرين متتابعين ، قال : لا أطيق ، قال : تصدق على ستين مسكينا ، قال : لا أجد فأتي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعذق في مكتل (١)فيه خمسة عشرا صاعا من تمر ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : خذها فتصدق بها ، فقال : والذي بعثك بالحق نبيا ما بين لابتيها (٢) أهل بيت أحوج إليه منا ، فقال : خذه فكله أنت وأهلك فإنه كفارة لك » (٣).

١٨٨٦ ـ وفي رواية جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام « إن المكتل الذي اتي به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان فيه عشرون صاعا من تمر » (٤).

١٨٨٧ ـ وروى إدريس بن هلال (٥) عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه « سئل عن رجل أتى أهله في شهر رمضان ، قال : عليه عشرون صاعا من تمر ، فبذلك أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الرجل الذي أتاه فسأله عن ذلك ».

١٨٨٨ ـ وروى محمد بن النعمان عنه عليه‌السلام أنه « سئل عن رجل أفطر يوما من

__________________

(١) العذق ـ بالكسر ـ : عنقود التمر أو العنب ، والقنو من النخلة. والمكتل شبيه الزنبيل تسع خمسة عشر صاعا.

(٢) اللابة : الحرة ، ولابتا المدينة حرتان تكتنفانها ، والحرة ـ بالفتح ـ والتشديد أرض ذات أحجار سود.

(٣) استدل بهذا الخبر على وجوب الترتيب في الكفارة وحمل علل الاستحباب وإن كان ظاهره الوجوب جمعا بينه وبين سائر الأخبار الظاهرة في التخيير.

(٤) يمكن تطبيق الروايتين بأن في رواية جميل انه كان في المكتل عشرون صاعا وذلك لا يدل على أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى الرجل مجموع العشرين فجاز أن يكون (ص) أعطى الرجل منها خمسة عشر صاعا وليس في الرواية الأولى أنه لم يكن في المكتل أزيد من خمسة عشر صاعا لينافي ذلك ، وأما رواية إدريس الآتية فينبغي أن يحمل العشرون فيها على الاستحباب ، ولعل الرجل الذي أمره النبي (ص) بالعشرين غير الرجل الذي أعطاه خمسة عشر فيحمل الامر أيضا على الندب دون الوجوب وكذا الكلام في حديث محمد ابن النعمان. (مراد)

(٥) السند ضعيف لمكان محمد بن سنان في الطريق.

١١٦

شهر رمضان ، فقال : كفارته جريبان من طعام وهو عشرون صاعا » (١).

١٨٨٩ ـ وفي رواية المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة ، فقال : إن كان استكرهها فعليه كفارتان ، وإن كانت طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة ، وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد وإن كانت طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطا ، وضربت خمسة وعشرين سوطا » (٢).

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : لم أجد [شيئا في] ذلك في شئ من الأصول وإنما تفرد بروايته علي بن إبراهيم بن هاشم (٣).

١٨٩٠ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن بريد العجلي قال : « سئل أبو جعفر عليه‌السلام عن رجل شهد عليه شهود أنه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيام قال : يسئل هل عليك في إفطارك في شهر رمضان إثم؟ فإن قال : لا فإن على الامام أن يقتله ، وإن قال : نعم فعلى الامام أن ينهكه ضربا » (٤).

١٨٩١ ـ وفي رواية سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن رجل اخذ في شهر رمضان وقد أفطر ثلاث مرات وقد رفع إلى الامام ثلاث مرات ، قال : فيقتل في الثالثة » (٥).

__________________

(١) الضمير يرجع إلى الجريبين باعتبار أنهما مقدار من طعام. (مراد)

(٢) قال في المنتهى : الرواية وان كانت ضعيفة السند الا أن الأصحاب ادعوا الاجماع على مضمونها مع ظهور العمل والقول بها.

(٣) هكذا في جميع النسخ التي عندي والصواب « تفرد به علي بن محمد بن بندار » كما في الكافي ج ٤ ص ١٠٣ والتهذيب ج ١ ص ٤١٣. وقال المحقق ـ رحمه‌الله ـ في المعتبر ص ٣٠٩ ـ بعد نقل الرواية وتضعيف السند ـ : « قال ابن بابويه : لم يرو هذه غير المفضل » فيظهر من هذا النقل أن في نسخته بدل علي بن إبراهيم بن هاشم « المفضل ».

(٤) يدل على أن مستحل افطار الصوم كافر يجب قتله ، وفى القاموس نهكه السلطان ـ كسمعه ـ نهكا ونهكة بالغ في عقوبته كأنهكه. (المرآة)

(٥) هذه الموثقة تدل على وجوب القتل وذهب إليه جماعة وتدل عليه أخبار أخر ، وقيل يقتل في الرابعة احتياطا للدماء ، وهذا إذا لم يكن مستحلا والا فالقتل أولا إذا كان فطريا ومع الاستتابة ثلاثا إذا كان مليا. (م ت)

١١٧

١٨٩٢ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « من أفطر يوما من شهر رمضان خرج روح الايمان منه ، ومن أفطر في شهر رمضان متعمدا فعليه كفارة واحدة وقضاء يوم مكانه وأنى له بمثله ».

وأما الخبر الذي روي فيمن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا أن عليه ثلاث كفارات (١) فإني أفتي به فيمن أفطر بجماع محرم عليه أو بطعام محرم عليه لوجود ذلك (٢) في روايات أبي الحسين الأسدي ـ رضي‌الله‌عنه ـ (٣) فيما ورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري ـ قدس الله روحه ـ.

١٨٩٣ ـ وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه « سئل عن رجل نسي فأكل وشرب ، ثم ذكر ، قال : لا يفطر إنما هو شئ رزقه الله فليتم صومه ».

١٨٩٤ ـ وسأله عمار بن موسى « عن الرجل ينسى وهو صائم فجامع أهله قال : يغتسل ولا شئ عليه » (٤).

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : وذلك في شهر رمضان وغيره ولا يجب فيه القضاء هكذا روي عن الأئمة عليهم‌السلام.

١٨٩٥ ـ وروى علي بن رئاب ، عن إبراهيم بن ميمون قال : « سألت أبا عبد الله

__________________

(١) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤١١ في الموثق عن سماعة قال : « سألته عن رجل أتى أهله في رمضان متعمدا ، فقال : عليه عتق رقبة واطعام ستين مسكينا وصيام شهرين متتابعين وقضاء ذلك اليوم وأنى له مثل ذلك اليوم ».

(٢) أي لوجداني ذلك ، أو لأني قد وجدت ذلك.

(٣) يعد من البواب والوكلاء ، قال الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في كتاب الغيبة : « وقد كان في زمن السفراء أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات منهم أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي  ـ إلى أن قال : ومات الأسدي على ظاهر العدالة ولم يتغير ولم يطعن عليه ، في شهر ربيع الاخر سنة ٣١٢ من الهجرة ». والظاهر اتصال الرواية بصاحب الامر عليه‌السلام لاما ظنه بعض أنها لم يعلم أنها من الامام (الشيخ محمد)

(٤) رواه الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في الموثق وحمله على ما إذا جامع ناسيا دون العمد.

١١٨

عليه‌السلام عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان ، ثم ينسى أن يغتسل حتى يمضي لذلك جمعة أو يخرج شهر رمضان ، قال : عليه قضاء الصلاة والصوم » (١).

١٨٩٦ ـ وروي في خبر آخر « أن من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتى خرج شهر رمضان أن عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصومه إلا أن يكون قد اغتسل للجمعة فإنه يقضي صلاته وصيامه إلى ذلك اليوم ولا يقضي ما بعد ذلك » (٢).

١٨٩٧ ـ وفي رواية ابن أبي نصر ، عن أبي سعيد القماط أنه « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عمن أجنب في أول الليل في شهر رمضان فنام حتى أصبح (٣) قال : لا شئ عليه وذلك أن جنابته كانت في وقت حلال ».

١٨٩٨ ـ وروى ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له :  « الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ، ثم ينام ، ثم يستيقظ ، ثم ينام حتى يصبح؟ قال : يتم صومه ويقضي يوما آخر ، فإن لم يستيقظ حتى يصبح أتم صومه

__________________

(١) أما قضاء الصلاة فلا ريب فيه وإنما الخلاف في قضاء الصوم ، فذهب الأكثر إلى وجوبه لهذا الخبر ولصحيحة الحلبي عن الصادق عليه‌السلام « سألته عن الرجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج رمضان قال : عليه أن يقضى الصلاة والصيام » (التهذيب ج ١ ص ٤٤٠ و ٤٤٣) وقال ابن إدريس ـ رحمه‌الله ـ : لا يجب قضاء الصوم لأنه ليس من شرطه الطهارة في الرجال الا إذا تركها الانسان متعمدا من غير اضطرار ، وهذا لم يتعمد تركها ووافقه المحقق في الشرايع والنافع (المرآة) أقول : المراد بالجمعة الأسبوع.

(٢) هذا يؤيد كفاية الغسل المندوب عن الواجب والتداخل مطلقا كما هو قول بعض الأصحاب وعلى قول من خص التداخل بما إذا ضم إليه الواجب ، ربما يؤيد وجوب غسل الجمعة كما هو مذهب المصنف (سلطان) وقد يحمل على من اغتسل بنية ما في الذمة وهو بعيد.

(٣) أي في النوم الأول أو الأعم ، بل الأعم من أن يكون بنية الغسل أولا ، بقرينة التعليل بأن جنابته كانت في وقت أحلها الله تعالى بقوله « أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم » ونومه أيضا حلال ولكن لا يدل على جواز البقاء عليها عمدا. لكن يحمل على النومة الأولى جمعا بين الاخبار. (م ت)

١١٩

وجاز له » (١).

١٨٩٩ ـ وسأله عبد الله بن سنان « عن الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أول الليل ولا يغتسل حتى يجئ آخر الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع ، قال : لا يصوم ذلك اليوم ويصوم غيره » (٢).

١٩٠٠ ـ وسأله العيص بن القاسم « عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم ، ثم يستيقظ ثم ينام قبل أن يغتسل ، قال : لا بأس » (٣).

١٩٠١ ـ وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء غيم فأفطر ، ثم

__________________

(١) طريق المصنف إلى عبد الله بن أبي يعفور حسن ، ورواه الشيخ في الصحيح. وقوله « يجنب » أي يحتلم كما هو الظاهر ويحتمل أن يكون المراد به يجامع ثم ينام ثم يستيقظ. وقوله « فإن لم يستيقظ » أي من النومة الأولى. وقوله : « أتم صومه » في بعض النسخ « أتم يومه » (م ت) وقيل قوله « يتم صومه ويقضى يوما آخر » ينافي مذهب من قال بعدم اشتراط الصوم بالطهارة الا أن يحمل على الندب.

(٢) يدل على أن مع أدرك الصبح جنبا لا يصح له قضاء شهر رمضان كما هو مختار أكثر المحققين من المتأخرين ، واطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضى عدم الفرق في ذلك بين من أصبح في النومة الأولى أو الثانية ولا في القضاء بين الموسع والمضيق ، واحتمل الشهيد الثاني  ـ قدس‌سره ـ جواز القضاء مع التضيق لمن لم يعلم بالجنابة حتى أصبح ، ويحتمل مساواته لصوم شهر رمضان فيصح إذا أصبح في النومة الأولى خاصة ، وقال السيد المحقق في المدارك : قال المحقق في المعتبر ـ بعد ايراد الروايات المتضمنة لفساد صوم شهر رمضان بتعمد البقاء على الجنابة ـ : ولقائل أن يخص هذا الحكم برمضان دون غيره من الصيام ، وأقول : الحق أن قضاء شهر رمضان ملحق بأدائه بل الظاهر عدم وقوعه من الجنب في حال الاختيار مطلقا للأخبار الصحيحة ، ويبقى الاشكال فيما عداه من الصوم الواجب والمطابق للأصل عدم اعتبار هذا الشرط انتهى كلامه ولا يخفى متانته. (المرآة)

(٣) يدل على عدم حرمة النوم ثانيا ولا ينافيه وجوب القضاء بالاخبار المتقدمة ، وان أمكن حمل أخبار القضاء على الاستحباب. (م ت)

١٢٠