بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

فقال لي : يا ابا الحسن إن الله تعالى جعل قبرك وقبر ولدك بقاعا من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها ، وإن الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوة من عباده تحن إليكم وتحتمل المذلة والاذى فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقربا منهم إلى الله ومودة منهم لرسوله ، أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي الواردون حوضي وهم زواري غدا في الجنة.

يا علي من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس.

ومن زار قبوركم عدل ذلك ثواب سبعين حجة بعد حجة الاسلام وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه ، فابشر وبشر أولياءك ومحبيك من النعيم وقرة العين بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، و لكن حثالة من الناس يعيرون زوار قبوركم كما تغير الزانية بزنائها أولئك شرار أمتي لا أنالهم الله شفاعتي ولا يردون حوضي (١).

٢٣ ـ حه : الوزير السعيد نصير الدين الطوسي ، عن والده ، عن القطب الراوندي ، عن ذي الفقار بن معبد ، عن شيخ الطائفة ، عن المفيد ، عن محمد بن أحمد بن داود عن إسحاق بن محمد ، عن أحمد بن زكريا بن طهمان ، عن الحسن بن عبدالله بن المغيرة ، عن علي بن حسان ، عن عمه عبدالرحمن ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله (٢)

٢٤ ـ وقال ايضا : أخبرنا محمد بن علي بن الفضل ، عن إسحاق بن محمد ، عن أحمد بن زكريا بن طهمان مثله (٣).

٢٣ ـ يب : محمد بن علي بن الفضل ، عن الحسين بن محمد بن الفرزدق ، عن علي ابن موسى الاحول ، عن محمد بن ابي السري ، عن عبدالله بن محمد البلوي مثله (٤).

٢٦ ـ مل : أحمد بن جعفر البلدي ، عن محمد بن يزيد البكري ، عن منصور

__________________

(١) فرحة الغرى ص ٣١ والحثالة : بضم الحاء ، الردئ من كل شئ ومنه حثالة الشعير والارز والتمر وكل ذى قشر (النهاية ج ١ ص ٢٣٣ ( حثل).

(٢ ـ ٣) فرحة الغرى ص ٣٢.

(٤) التهذيب ج ٦ ص ٢٢.

١٢١

ابن نصر المدايني ، عن عبدالرحمن بن مسلم قال : دخلت على الكاظم عليه‌السلام فقلت له : أيما افضل الزيارة لامير المؤمنين صلوات الله عليه أولابي عبدالله عليه‌السلام أو لفلان أو فلان وسميت الائمة واحدا واحدا؟ فقال لي : يا عبدالرحمن بن مسلم من زار أولنا فقد زار آخرنا ، ومن زار آخرنا فقد زار أولنا ومن تولى أولنا فقد تولى آخرنا ومن تولى آخرنا فقد تولى أولنا ، ومن قضى حاجة لاحد من أوليائنا فكأنما قضاها لجميعنا ، يا عبدالرحمن أحببنا وأحبب فينا وأحبب لنا وتولنا وتول من يتولانا وأبغض من يبغضنا ألا وإن الراد علينا كالراد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جدنا ومن رد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد رد على الله ، ألا يا عبدالرحمن من أبغضنا فقد أبغض محمدا ومن أبغض محمدا فقد أبغض الله جل وعلا ، ومن أبغض الله جل وعلا كان حقا على الله أن يصليه النار وماله من نصير (١).

٢٧ ـ بشا : ابن شيخ الطائفة ، عن أبيه ، عن المفيد ، عن ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ما خلق الله خلقا أكثر من الملائكة وإنه لينزل كل يوم سبعون ألف ملك فيأتون البيت المعمور فيطوفون به فاذا هم طافوا به نزلوا فطافوا بالكعبة ، فاذا طافوا أتوا قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسلموا عليه ، ثم أتوا قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام فسلموا عليه ، ثم أتوا قبر الحسين عليه‌السلام فسلموا عليه ثم عرجوا وينزل مثلهم أبدا إلى يوم القيامة (٢).

٢٨ ـ بشا : أبوعلي ابن شيخ الطائفة ، عن محمد بن الحسين المعروف بابن الصقال ، عن محمد بن معقل العجلي ، عن محمد بن أبي الصهبان ، عن الحسن بن علي ابن فضال ، عن حمزة بن حمران ، عن ابي عبدالله ، عن ابيه عليهما‌السلام ، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في خبر طويل : إن الله قد وكل بفاطمة رعيلا من الملائكة يحفظونها من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن يسارها وهم معها

__________________

(١) كامل الزيارات ص ٣٣٥.

(٢) بشارة المصطفى ص ١٠٨ الطبعة الثانية سنة ١٣٨٣ في النجف.

١٢٢

في حياتها وعند قبرها بعد موتها ، يكثرون الصلاة عليها وعلى أبيها وبعلها و بنيها ، فمن زارني بعد وفاتي فكأنما زار فاطمة ، ومن زار فاطمه فكأنما زارني ، و من زار علي بن أبي طالب فكأنما زار فاطمة ، ومن زار الحسن والحسين فكأنما زار عليا ، ومن زار ذريتهما فكأنما زارهما (١).

٢٩ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن علي بن الحسين النيشابوري ، عن إبراهيم بن أحمد ، عن عبدالرحمن بن سعيد المكي ، عن يحيى بن سليمان المازني ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة كان على عرض الرحمن اربعة من الاولين وأربعة من الآخرين ، فأما الاربعة الذين هم من الاولين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم‌السلام وأما الاربعة من الآخرين محمد وعلي والحسن والحسين عليهم‌السلام ثم يمد الطعام ، فيقعد معنا من زار قبور الائمة ، ألا إن أعلاهم درجة وأقربهم حيوة زوار قبر ولدي عليه‌السلام (٢).

أقول : سيأتي الخبر بتمامه برواية الصدوق رحمه الله في باب ثواب زنيارة الرضا عليه‌السلام وفيه : ثم يمد المطمار.

٣٠ ـ كا : أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن محمد بن سنان عن محمد بن علي رفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي من زارني في حياتي أو بعد موتي أو زارك في حياتك أو بعد موتك أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد موتهما ضمنت له يوم القيامة أن أخلصه من أهوالها وشدائدها حتى أصيره معي في درجتي (٣).

٣١ ـ مل : الكليني ، عن عدة من اصحابنا منهم أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى ، عن العمركي ، عن يحيى وكان خادما لابي جعفر الثاني عليه‌السلام ، عن بعض أصحابنا رفعه إلى محمد بن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من زارني أو زار أحدا من ذريتي زرته يوم القيامة فأنقذته من أهوالها (٤).

__________________

(١) نفس المصدر ص ١٣٩.

(٢) الكافى ج ٤ ص ٥٨٥ ذيل حديث.

(٣) نفس المصدر ج ٤ ص ٥٧٩.

(٤) كامل الزيارات ص ١١.

١٢٣

٣٢ ـ لد : روي أن من زار إماما مفترض الطاعة بعد وفاته وصلى عنده أربع ركعات كتبت له حجة وعمرة.

٣٣ ـ مؤلف المزار الكبير ، عن شيخيه : عبدالله بن جعفر الدوريستي ره وشاذان بن جبرئيل باسنادهما إلى الصدوق محمد بن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد عن البرقي ، عن الوشا قال : قلت للرضا عليه‌السلام : ما لمن زار قبر أحد من الائمة؟ قال : له مثل من أتى قبر أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : قلت له : وما لمن زار قبر أبي عبدالله عليه‌السلام؟ قال : الجنة والله (١).

٣٤ ـ وباسناده عن عبدالرحمان بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه قال : من زارنا في مماتنا فكأنما زارنا في حياتنا ، ومن جاهد عدونا فكأنما جاهد معنا ، ومن تولى محبنا فقد أحبنا ، ومن سر مؤمنا فقد سرنا ، ومن أعان فقيرنا كان مكافاته على جدنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

أقول : وجدت في بعض مؤلفات متأخري اصحابنا قال في كتاب تحرير العبادة روي عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : من نوى من بيته زيارة قبر إمام مفترض طاعته وأخرج لنفقته درهما واحدا كتب الله جل ذكره له سبعين ألف حسنة ، ومحى عنه سبعين ألف سيئة ، وكتب اسمه في ديوان الصديقين والشهداء أسرف في تلك النفقة أو لم يسرف.

٣

* (باب) *

* « (آداب الزيارة وأحكام الروضات وبعض النوادر) » *

الايات : طه : « فاخلع نعليك انك بالواد المقدس طوى ‌» (٣).

الحجرات : « يا ايها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي

__________________

(١) المرار الكبير ص ٣ نسخة الحكيم.

(٢) نفس المصدر ص ٥.

(٣) سورة طه الاية : ١٢.

١٢٤

ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون * إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم ‌» (١).

تفسير : أقول : الآية الاولى تؤمي إلى إكرام الروضات المقدسة وخلع النعلين فيها بل عند القرب منها لا سيما في الطف والغرى لما روي أن الشجرة كانت في كربلا وأن الغرى قطعة من الطور والثانية تدل على لزوم خفض الصوت عند قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعدم جهر الصوت لا بالزيارة ولا بغيرها.

لما روي أن حرمتهم بعد موتهم كحرمتهم في حياتهم ، وكذا عند قبور ساير الائمة عليهم‌السلام لما ورد أن حرمتهم كحرمة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١ ـ ويؤيد ما ذكرنا ما رواه الكليني ره باسناده عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في خبر طويل يذكر فيه وفاة الحسن بن علي صلوات الله عليهما قال : فلما أن صلي عليه حمل فادخل المسجد فلما أوقف على قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بلغ عايشة الخبر وقيل لها إنهم قد اقبلوا بالحسن ليدفن مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فخرجت مبادرة على بغل بسرج فكانت أول امرأة ركبت في الاسلام سرجا فوقفت فقالت : نحو ا ابنكم عن بيتي ، فانه لا يدفن فيه شئ ولا يهتك على رسول الله حجابه ، فقال لها الحسين بن علي صلوات الله عليهما : قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قربه ، وإن الله سائلك عن ذلك ، يا عايشة ، إن أخي أمرني أن أقربه من أبيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليحدث به عهدا واعلمي أن أخي أعلم الناس بالله ورسوله وأعلم بتاويل كتابه من أن يهتك على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ستره لان الله تبارك وتعالى يقول : « يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ‌» وقد أدخلت أنت بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الرجال بغير إذنه ، وقد قال الله عزوجل « يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ‌» و لعمري لقد ضربت أنت لابيك وفاروقه عند أذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المعاول وقال الله

__________________

(١) سورة الحجرات الاية : ٢.

١٢٥

عزوجل : « إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ‌» ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقربهما منه الاذى وما رعيا من حقه ما أمرهما الله به على لسان رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن الله حرم من المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياء ، وتالله يا عايشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه عليه‌السلام جايزا فيما بيننا وبين الله لعلمت أنه سيدفن وإن رغم معطسك (١).

أقول : هذا الخبر يدل على أنه ينبغي أن يراعى في روضاتهم ما كان ينبغي أن يراعى في حياتهم من الآداب والتعظيم والاكرام.

٢ ـ ب : ابن سعد ، عن الازدي قال : خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبدالله عليه‌السلام فلحقنا أبوبصير خارجا من زقاق من أزقة المدينة وهو جنب ونحن لا علم لنا حتى دخلنا على ابي عبدالله عليه‌السلام فسلمنا عليه ، فرفع راسه إلى أبي بصير فقال له : يا أبا بصير أما تعلم أنه لا ينبغي أن يدخل بيوت الانبياء ، فرجع أبوبصير ودخلنا (٢).

٣ ـ ع : أبي عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : لا تشرب وأنت قائم ، ولا تطف بقبر ، ولا تبل في ماء نقيع ، فانه من فعل ذلك فأصابه شئ فلا يلومن إلا نفسه ، ومن فعل شيئا من ذلك لم يكن يفارقه إلا ما شاء الله (٣).

بيان : يحتمل أن يكون النهي عن الطواف بالعدد المخصوص الذي يطاف  بالبيت.

وسيأتي في بعض الزيارات : إلا أن نطوف حول مشاهدكم ، وفي بعض الروايات قبل جونب القبر.

٤ ـ وروى الكليني عن محمد بن يحيى وأحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن أحمد بن

__________________

(١) الكافى ج ٦ ص ١٥٠.

(٢) قرب الاسناد ص ٢١.

(٣) علل الشرائع ص ٢٨٣.

١٢٦

الحسين ، عن محمد بن طيب ، عن عبدالوهاب بن منصور ، عن محمد بن أبي العلا قال : سمعت يحيى بن أكثم قاضي سامراء بعد ما جهدت به وناظرته وحاورته وواصلته و سألته عن علوم آل محمد قال : بينا أنا ذات يوم دخلت أطوف بقبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فرأيت محمد بن علي الرضا عليه‌السلام يطوف به ، فناظرته في مسائل عندي فأخرجها إلي الخبر (١).

والاحوط أن لا يطوف إلا للاتيان بالادعية والاعمال المأثورة وإن أمكن تخصيص النهي بقبر غير المعصوم إن كان معارض صريح ، ويحتمل أن يكون المراد بالطواف المنفي هنا التغوط.

قال في النهاية (٢) الطوف الحدث من الطعام ومنه الحديث نهي عن متحدثين على طوفهما اي عند الغايط ويؤيد هذا الوجه :

٥ ـ أنه روى الكليني بسند صحيح ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من تخلى عند قبر أو بال قائما أو بال في ماء قائم ، أو مشى في حذاء واحد أو شرب قائما أو خلى في بيت وحده أو بات على غمر فأصابه شئ من الشيطان لم يدعه إلا أن يشاء الله ، وأسرع ما يكون الشيطان إلى الانسان وهو على بعض هذه الحالات (٣).

٦ ـ مع أنه روى أيضا بسند آخر فيه ضعف عن محمد بن مسلم راوي هذا الحديث عن أحدهما عليهما‌السلام أنه قال : لا تشرب وأنت قائم ، ولا تبل في ماء نقيع ، ولا تطف بقبر ، ولا تخل في بيت وحدك ، ولا تمش بنعل واحدة فان الشيطان أسرع ما يكون إلى العبد إذا كان على بعض هذه الحالات وقال : إنه ما اصاب أحدا شئ على هذه الحال فكاد أن يفارقه إلا أن يشاء الله عزوجل (٤).

فان كون كل ما في هذا الخبر موجودا في الخبر السابق سوى قوله لا تطف

__________________

(١) الكافى ج ١ ص ٣٥٣.

(٢) النهاية ج ٣ ص ٥٢ (طوف).

(٣) الكافى ج ٦ ص ٥٣٣ بزيادة في آخره.

(٤) نفس المصدر ج ٦ ص ٥٣٤.

١٢٧

بقبر مع أن فيه مكانه : من تخلى على قبر ، لا سيما مع اتحاد الراوي واشتراك المفسدة المترتبة فيهما ما يورث ظنا قويا بكون الطوف هنا بمعنى التخلي ، وكذا اشتراك المفسدة وساير الخصال بين خبر الحلبي والخبر الاول يدل على أن الطوف فيه أيضا بهذا المعنى ، ولا اظنك ترتاب بعد التأمل الصادق في الاخبار الثلاثة في أن الاظهر ما ذكرنا.

٧ ـ ع : ابن المتوكل عن علي عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : الصلاة بين القبور قال : صل بين خلالها ولا تتخذ شيئا منها قبلة فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن ذلك وقال : لاتتخذوا قبري قبلة ولا مسجدا فان الله عزوجل لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (١).

٨ ـ ج : كتب الحميري إلى الناحية المقدسة يسال عن الرجل يزور قبور الائمة عليهم‌السلام هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا؟ وهل يجوز لمن صلى عند بعض قبورهم عليهم‌السلام أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة أم يقوم عند رأسه أو رجليه؟ وهل يجوز أن يتقدم القبر ويصلي ويجعل القبر خلفه أم لا؟ فأجاب عليه‌السلام أما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة ، والذي عليه العمل أن يضع خده الايمن على القبر ، وأما الصلاة فانها خلفه ويجعل القبر أمامه ، ولا يجوز أن يصلي بين يديه ولا عن يمينه ولا عن يساره لان الامام صلى الله عليه ولا يتقدم عليه ولا يساوى (٢).

بيان : يمكن حمل الخبر السابق على التقية أو على أنه لا يجوز أن يجعل قبورهم بمنزلة الكعبة قبلة يتوجه إليها من كل جانب ومن الاصحاب من حمل الخبر الاول على الصلاة جماعة ، والخبر الثاني على الصلاة فرادى ، وسيأتي الاخبار المؤيدة للخبر الثاني في أبواب الزيارات.

٩ ـ كف : يقول في أثناء غسل الزيارة ما ذكره ابن عياش في كتاب الاغسال

__________________

(١) علل الشرائع ص ٣٥٨ وفيه (في خلالها).

(٢) الاحتجاج ج ٢ ص ٣١٢ طبع النجف.

١٢٨

« اللهم طهرني من كل ذنب ونجني من كل كرب وذلل لي كل صعب إنك نعم المولى ونعم الرب رب كل يابس ورطب ‌« وتقول أيضا ما روي في غسل الزيارة « بسم الله وبالله اللهم اجعله لي نورا وطهورا وحرزا وشفاء من كل داء وآفة وعاهة اللهم طهر به قلبي واشرح به صدري وسهل به أمري (١).

١٠ ـ مل : أبى ، عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن بزيع ، عن بعض أصحابه يرفعه إلى أبي عبدالله علهى السلام قال : قلت : نكون بمكة أو بالمدينة أو الحير أو المواضع التي يرجى فيها الفضل فربما يخرج الرجل يتوضأ فيجئ آخر فيصير مكانه قال : من سبق إلى موضع فهو أحق به يومه وليلته (٢).

١١ ـ مل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى مثله (٣).

١٢ ـ يب : ابن عيسى مثله (٤).

بيان : ظاهر الخبر بقاء حقه وإن لم يبق فيه رحله ، وحمله بعض الاصحاب على ما إذا بقي رحله فيه فالتقييد باليوم والليلة إما مبني على الغالب من عدم بقاء الرجل في مثل ذلك المكان أزيد من هذا الزمان أو يقال بأن مع بقاء الرجل أيضا لا يبقى حقه أكثر من ذلك.

قال الشهيد الثاني رحمة الله عليه : لا خلاف في زوال ولايته مع انتقاله عنه بنية المفارقة أما مع خروجه عنه بنية العود إليه فان كان رحله باقيا وهو شئ من أمتعته وإن قل فهو أحق به للنص على ذلك هنا.

وقيده في الذكرى بأن لا يطول زمان المفارقة وإلا بطل حقه أيضا ، وإن لم يكن رحله باقيا فان كان قيامه لغير ضرورة سقط حقه مطلقا في المشهور ، وإن كان قيامه لضرورة كتجديد طهارة وإزالة نجاسة وقضاء حاجة ففي بطلان حقه وجهان انتهى.

١٣ ـ مل : أبي والكليني ، عن محمد بن يحيى وغيره ، عن أحمد بن محمد ، عن

__________________

(١) مصباح الكفعمي ص ٤٧٢.

(٢) كامل الزيارات ص ٣٣٠.

(٣) كامل الزيارات ص ٣٣١.

(٤) التهذيب ج ٦ ص ١١٠.

١٢٩

علي بن الحكم ، عن زياد بن أبي الحلال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ما من نبي ولا وصي نبي يبقى في الارض أكثر من ثلاثة أيام حتى يرفع روحه وعظمه ولحمه إلى السماء فانما تؤتى مواضع آثارهم لانهم يبلغون من بعيد السلام ويسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب (١).

١٤ ـ يب : محمد بن أحمد بن داود القمي ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن أحمد ابن محمد مثله (٢).

١٥ ـ صبا : عن الصادق عليه‌السلام قال : من زار إماما مفترض الطاعة بعد وفاته وصلى عنده أربع ركعات كتبت له حجة وعمرة.

١٦ ـ كش : حمدويه عن اليقطيني ، عن يونس ، عن أبي الحسن المكفوف عن رجل ، عن بكير قال : لقيت أبا بصير المرادي فقلت : أين تريد؟ قال : أريد مولاك قلت : أنا أتبعك فمضى معي فدخلنا عليه وأحد النظر فقال : هكذا تدخل بيوت الانبياء وأنت جنب قال : أعوذ بالله من غضب الله وغضبك فقال : أستغفر الله ولا أعود ، روى ذلك أبو عبدالله البرقي عن بكير (٣).

بيان : يفهم من هذا الخبر المنع من دخول الجنب في مشاهدهم لما دلت عليه الاخبار من أن حرمتهم بعد موتهم كحرمتهم في حياتهم ، ويؤيده العمومات الدالة على تكريمهم وتعظيمهم بل الاحوط عدم دخول الحائض والنفساء إيضا فيها.

١٧ ـ يب : المفيد ، عن محمد بن أحمد بن طاهر الموسوي ، عن ابن عقدة عن علي بن فضال ، عن أخيه أحمد ، عن العلا بن يحيى أخي مغلس ، عن عمرو بن زياد ، عن عطية الابزاري قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : لا تمكث جثة نبي ولا وصي نبي في الارض أكثر من أربعين يوما (٤).

بيان : يمكن الجمع بين هذا الخبر وما سبق بأن يكون رفع الاكثر بعد

__________________

(١) كامل الزيارات ص ٣٢٩.

(٢) التهذيب ج ٦ ص ١٠٧.

(٣) رجال الكشى ص ١٥٢ طبع النجف.

(٤) التهذيب ج ٦ ص ١٠٦.

١٣٠

الثلاثة ويمكث بعضهم إلى اربعين ثم يرفع ، أو بأنه يرفع كل منهم بعد الثلاثة ثم يرجع إلى قبره ثم يرفع بعد الاربعين.

ثم أن في هذين الخبرين إشكالا من جهة منافاتهما لكثير من الاخبار الدالة على بقاء ابدانهم في الارض كأخبار نقل عظام آدم عليه‌السلام ونقل عظام يوسف عليه‌السلام وبعض الآثار الواردة بأنهم نبشوا قبر الحسين عليه‌السلام فوجدوه في قبره ، وأنهم حفروا في الرصافة بئرا فوجدوا فيها شعيب بن صالح وأمثال تلك الاخبار كثيرة.

فمنهم من حمل أخبار الرفع على انهم يرفعون بعد الثلاثة ثم يرجعون إلى قبورهم كما ورد في بعض الاخبار أن كل وصي يموت يلحق بنبيه ثم يرجع إلى مكانه.

ومنهم من حملها على أنها صدرت لنوع من المصلحة تورية لقطع أطماع الخوارج والنواصب الذين كانوا يريدون نبش قبورهم وإخراجهم منها وقد عزموا على ذلك مرارا فلم يتيسر لهم.

ويمكن محمل أخبار نقل العظام على أن المراد نقل الصندوق المتشرف بعظامهم وجسدهم في ثلاثة أيام أو أربعين يوما أو أن الله تعالى ردهم إليها لتلك المصلحة وعلى هذا الاخير يحمل الاخبار الاخر والله يعلم.

وقال الشيخ أبوالفتح الكراجكي في كنز الفوايد : إنا لا نشك في موت الانبياء عليهم‌السلام ، غير أن الخبر قد ورد بأن الله تعالى يرفعهم بعد مماتهم إلى سمائه و أنهم يكونون فيها أحياء منعمين إلى يوم القيامة وليس ذلك بمستحيل في قدرة الله تعالى ، وقد ورد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : أنا أكرم على الله من أن يدعني في الارض أكثر من ثلاث ، وهكذا عندنا حكم الائمة عليهم‌السلام قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو مات نبي بالمشرق ومات وصيه بالمغرب لجمع الله بينهما ، وليست زيارتنا لمشاهدهم على أنهم بها ولكن لشرف الموضع فكانت غيبة الاجسام فيها ولعبادة ايضا ندبنا إليها إلى آخر ما قال رحمه الله والله يعلم (١).

__________________

(١) كنز الفوائد ص ٢٥٨.

١٣١

١٨ ـ كا : عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد ، عن عثمان بن عيسى ، عن عدة من أصحابنا قال : لما قبض أبوجعفر عليه‌السلام أمر أبوعبدالله عليه‌السلام بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتى قبض أبوعبدالله ، ثم أمر أبوالحسن عليه‌السلام بمثل ذلك في بيت ابي عبدالله عليه‌السلام حتى خرج به إلى العراق ، ثم لا أدري ما كان (١).

١٩ ـ يب : محمد بن أبي عمير ، عن حفص بن البختري قال : من خرج من مكة أو المدينة أو مسجد الكوفة أو حاير الحسين صلوات الله عليه قبل أن ينتظر الجمعة نادته الملائكة : أين تذهب لاردك الله (٢).

٢٠ ـ يب : محمد بن أحمد بن داود القمي ، عن الحسين بن أحمد بن إدريس عن أبيه ، عن الحسن بن علي الدقاق ، عن إبراهيم بن الزيات ، عن محمد بن سليمان زرقان ، عن علي بن محمد العسكري عليهما‌السلام قال : قال لي : يا زرقان إن تربتنا كانت واحدة فلما كان أيام الطوفان افترقت التربة فصارت قبورنا شتى والتربة واحدة (٣).

٢١ ـ يب : محمد بن أحمد بن داود ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن رجل ، عن الزبير بن عقبة ، عن فضال بن موسى النهدي ، عن العلاء بن سيابة ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام في قوله تعالى « خذوا زينتكم عند كل مسجد » قال : الغسل عند لقاء كل إمام (٤).

٢٢ ـ يب : محمد بن أحمد بن داود ، عن أبي بشر بن إبراهيم القمي ، عن ابي محمد الحسن بن علي الزعفراني ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال : كان أبوعبدالله عليه‌السلام يقول في غسل الزيارة اذا فرغ من الغسل « اللهم اجعله لي نورا وطهورا وحرزا وكافيا من كل داء وسقم ومن كل آفة وعاهة وطهر به قلبي وجوارحي وعظامي ولحمي ودمي وشعري وبشري ومخي وعصبي وما اقلت الارض

__________________

(١) الكافي ج ٣ ص ٢٥١.

(٢) التهذيب ج ٦ ص ١٠٧.

(٣) نفس المصدر ج ٦ ص ١٠٩.

(٤) المصدر السابق ج ٦ ص ١١٠.

١٣٢

مني واجعله لي شاهدا يوم القيامة يوم حاجتي وفقري وفاقتي (١).

بيان : الزيارة في هذا الخبر يحتمل أن يكون المراد بها طواف الزيارة بل هو الاكثر في إطلاق الاخبار ، لكن الشيخ ره أورده في باب غسل زيارة الائمة عليهم‌السلام.

فلعله اطلع على ما يؤيد هذا المعنى ، وقد وردت أخبار كثيرة بهذه اللفظة في تعداد الاغسال قد مر بعضها في كتاب الطهارة ، واستدل بعض الاصحاب باطلاقها وعمومها على استحباب الغسل لزيارتهم عليهم‌السلام للقريب والبعيد وما ذكرنا من الاحتمال جار فيها ، وقد مر الكلام فيها في أبواب الاغسال فتذكر.

٢٣ ـ يب : موسى بن القاسم ، عن محمد بن عذافر ، عن عمر بن يزيد ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : من اغتسل بعد طلوع الفجر كفاه غسله إلى الليل في كل موضع يجب فيه الغسل ، ومن اغتسل ليلا كفاه غسله إلى طلوع الفجر (٢).

بيان : هذا الخبر الصحيح يدل بعمومه على أن غسل الزيارة إذ أتى به في اليوم يكتفى به إلى الليل ، وكذا إن فعل في الليل كفى إلى الفجر إذ الظاهر ان المراد بالوجوب هنا اللزوم والاستحباب المؤكد ، إذ الاغسال التي هذا حكمها مستحبة على الاشهر والاظهر فلا يبطل الغسل الحدث الاصغر من النوم وغيره ، و الاخبار الواردة في إعادة الغسل انما هي في غسل الاحرام وليس فيها عموم ، ويؤيده أن بعض الاخبار التي استدل القوم بها لاستحباب غسل الزيارة ورد بهذا اللفظ ويوم الزيارة كما مر وقد سبق الكلام فيه.

٢٤ ـ سر ، جميل عن حسين الخراساني ، عن أحدهما عليه‌السلام أنه سمعه يقول : غسل يومك يجزيك لليلتك وغسل ليلتك يجزيك ليومك (٣).

بيان : هذا الخبر الذي أخرجه ابن ادريس من كتاب جميل الذي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه يدل على ما هو أوسع من الخبر المتقدم وأنه إذا أغتسل في أول اليوم يجزيه إلى آخر الليل أو بالعكس.

__________________

(١) المصدر السابق ج ٦ ص ٥٤.

(٢) المصدر السابق ج ٥ ص ٦٤.

(٣) السرائر ص ٤٨٢.

١٣٣

ثم أقول : سيأتي في الزيارة الكبيرة للحسين عليه‌السلام برواية الثمالي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال في سياق كيفية زياراته عليه‌السلام : وصل عند رأسه ركعتين تقرأ في الاولى الحمد ويس وفي الثانية الحمد والرحمن ، وإن شئت صليت خلف القبر وعند رأسه أفضل ، فاذا فرغت فصل ما أحببت إلا أن ركعتي الزيارة لا بد منهما عند كل قبر انتهى.

أقول : لعل هذا الخبر مستند القوم في ذكر هاتين السورتين في كيفية كل من زيارات الائمة عليهم‌السلام وسيأتي أيضا في تلك الزيارة كيفية الاستيذان وأن الرقة علامة الاذن فلا تغفل.

قال الشهيد رحمة الله عليه في الدروس : للزيارة آداب :

(أحدها) الغسل قبل دخول المشهد والكون على طهارة فلو أحدث أعاد الغسل قاله المفيد ره وإتيانه بخضوع وخشوع في ثياب طاهرة نظيفة جدد.

(وثانيها) الوقوف على بابه والدعاء والاستيذان بالمأثور فان وجد خشوعا ورقة دخل وإلا فالافضل له تحري زمان الرقة ، لان الغرض الاهم حضور القلب ليلقى الرحمة النازلة من الرب ، فاذا دخل قدم رجله اليمنى وإذا خرج فباليسرى.

(وثالثها) الوقوف على الضريح ملاصقا له أو غير ملاصق وتوهم أن البعد ادب وهم ، فقد نص على الاتكاء على الضريح وتقبيله.

(ورابعها) استقبال وجه المزور واستدبار القبلة حال الزيارة ، ثم يضع  عليه خده الايمن عند الفراغ من الزيارة ويدعو متضرعا ، ثم يضع خده الايسر ويدعو سائلا من الله تعالى بحقه وحق صاحب القبر أن يجعله من أهل شفاعته ويبالغ في الدعاء والالحاح ، ثم ينصرف إلى ما يلي الرأس ثم يستقبل القبلة ويدعو.

(وخامسها) الزيارة بالمأثور ويكفي السلام (والحضور).

(وسادسها) صلاة ركعتين للزيارة عند الفراغ فان كان زائرا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

١٣٤

ففي الروضة ، وإن كان لاحد الائمة صلى الله عليهم فعند رأسه ، ولو صلاهما بمسجد المكان جاز ، ورويت رخصة في صلاتهما إلى القبر ولو استدبر القبلة وصلى جاز و إن كان غير مستحسن إلا مع البعد.

(وسابعها) الدعاء بعد الركعتين بما نقل وإلا فبما سنح له في أمور دينه ودنياه ، وليعمم الدعاء فانه أقرب إلى الاجابة.

(وثامنها) تلاوة شئ من القرآن عند الضريح وإهداؤه إلى المزور والمنتفع بذلك الزائر وفيه تعظيم للمزور.

(وتاسعها) إحضار القلب في جميع أحواله مهما استطاع والتوبة من الذنب والاستغفار ، والاقلاع.

(وعاشرها) التصدق على السدنة والحفظة للمشهد باكرامهم وإعظامهم فان فيه إكرام صاحب المشهد عليه الصلاة والسلام ، وينبغي لهؤلاء أن يكونوا من أهل الخير والصلاح والدين والمروة والاحتمال والصبر وكظم الغيظ خالين من الغلظة على الزائرين قائمين بحوائج المحتاجين ، مرشدين ضال الغرباء والواردين ، وليتعهد أحوالهم الناظر فيه ، فان وجد من أحد منهم تصيرا نبهه عليه ، فان أصر زجره ، فان كان من المحرم جاز ردعه بالضرب إن لم يجد التعنيف من باب النهي عن المنكر.

(وحادي عشرها) أنه إذا انصرف من الزيارة إلى منزله استحب له العود إليها ما دام مقيما ، فاذا حان الخروج ودع وداعا بالمأثور ، وسأل الله تعالى العود إليه.

(وثاني عشرها) أن يكون الزائر بعد الزيارة خيرا منه قبلها فانها تحط الاوزار إذا صادفت القبول.

(وثالث عشرها) تعجيل الخروج عند قضاء الوطر من الزيارة لتعظم الحرمة ويشتد الشوق وروي أن الخارج يمشي القهقرى حتى يتوارى.

(ورابع عشرها) الصدقة على المحاويج بتلك البقعة فان الصدقة مضاعفة

١٣٥

هنالك وخصوصا على الذرية الطاهرة كما تقدم بالمدينة.

ويستحب الزيارة في المواسم المشهورة قصدا وقصد الامام الرضا في رجب فانه من أفضل الاعمال.

ولا كراهة في تقبيل الضرايح بل هو سنة عندنا ولو كان هناك تقية فتركه أولى.

وأما تقبيل الاعتاب فلم نقف فيه على نص نعتد به ، ولكن عليه الامامية ولو سجد الزائر ونوى بالسجدة الشكر لله تعالى على بلوغه تلك البقعة كان أولى ، وإذا أدرك الجمعة فلا يخرج قبل الصلاة.

ومن دخل المشهد والامام يصلي بدء بالصلاة قبل الزيارة ، وكذلك لو كان قد حضر وقتها وإلا فالبدأة بالزيارة أولى لانها غاية مقصده ، ولو أقيمت الصلاة استحب للزايرين قطع الزيارة والاقبال على الصلاة ، ويكره تركه وعلى الناظر أمرهم بذلك ، وإذا أزار النساء فليكن منفردات عن الرجال ، ولو كان ليلا فهو أولى ، وليكن متنكرات مستترات ، ولوزرن بين الرجال جاز وإن كره وينبغي مع كثرة الزائرين أن يخفف السابقون إلى الضريح الزيارة وينصرفوا ليحضر من بعدهم فيفوزوا من القرب إلى الضريح بما فاز أولئك (١).

وقال ره : ويستحب لمن حضر مزارا أن يزور عن والديه وأحبائه وعن جميع المؤمنين فيقول : « السلام عليك يا مولاي من فلان بن فلان أتيتك زائرا عنه فاشفع له عند ربك » وتدعوا له ولو قال « السلام عليك يا نبي الله من ابي و أمي وزوجتي وولدي وحامتي وجميع إخواني من المؤمنين » أجزأ وجاز له أن يقول لكل واحد : قد أقرأت رسول الله عنك السلام وكذا باقي الانبياء و الائمة عليهم‌السلام (٢).

وقال رحمه الله : قد بينا في كتاب الذكرى (٣) استحباب بناء قبور الائمة

__________________

(١) الدروس ص ١٥٨ طبع ايران سنة ١٢٦٩.

(٢) نفس المصدر ص ١٥٦.

(٣) الذكرى ص ٦٩.

١٣٦

عليهم‌السلام وتعاهدها.

ولنذكرهنا نبذا من أحكام المشاهد المقدسة لم يذكرها الاصحاب : قد جمع المشهد بين المسجدية والرباط فله حكمهما فمن سبق إلى منزل منه فهو أولى ما دام رحله باقيا ، ولو استبق اثنان ولم يمكن الجمع أقرع ، ولا فرق بين من يعتاد منزلا منه وبين غيره ، والوقف على المشاهد يتبع شرط الواقف ، ولو فضل شئ من المصالح ادخر له إما عينا أو مشغولا في عقار يرجع نفعه عليه ، ولو فضل عن ذلك كله فالاقرب جواز صرفه في مشهد آخر أو مسجد ، وأمر مصالحه العامة إلى الحاكم الشرعي ، ويجوز أنتفاع الزائر بالآلات المعدة فاذا انصرف سلمها إلى الناظر فيه ، ولو نقلت فرشه إلى مكان آخر للزائر جاز وإن خرج عن خطة المشهد ، وفي جواز صرف أوقافه ونذوره إلى مصالح الزائرين مع استغنائهم عنها نظر ، أما مع الحاجة فيجوز كالمنقطع به عن أهله (١).

وقال رحمه الله في الذكرى : من الصلوات المستحبة صلاة الزيارة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأحد الائمة عليهم‌السلام وهي ركعتان بعد الفراغ من الزيارة يصلي عند الراس ، وإذا زار أمير المؤمنين عليه‌السلام صلى ست ركعات ، لان معه آدم ونوح على ما ورد في الاخبار (٢).

وقال ابن زهرة رحمه الله : من زار وهو مقيم في بلده قدم الصلاة ثم زار عقيبها (٣).

٢٥ ـ أقول : وجدت بخط الشيخ حسين بن عبدالصمد ره ما هذا لفظه : ذكر الشيخ أبوالطيب الحسين بن أحمد الفقيه من زار الرضا عليه‌السلام أو واحدا من الائمة عليهم‌السلام فصلى عنده صلاة جعفر فانه يكتب له بكل ركعة ثواب من حج ألف حجة واعتمر الف عمرة وأعتق ألف رقبة ووقف ألف وقفة في سبيل الله مع نبي

__________________

(١) نفس المصدر ص ١٥٨.

(٢) نفس المصدر في آخر الركن الرابع في نفل الصلوات.

(٣) الغنية ص ٤٣ ضمن الجوامع الفقهية.

١٣٧

مرسل ، وله بكل خطوة ثواب مائة حجة ومائة عمرة وعتق مائة رقبة في سبيل الله وكتب له مائة حسنة وحط منه مائة سيئة.

وسيأتي في باب زيارة النبي من البعيد برواية ابي الدنيا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : لا تتخذوا قبري مسجدا.

٢٦ ـ كتاب محمد بن المثنى ، عن جعفر بن محمد بن شريح ، عن ذريح المحاربي قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : الرجل يزور القبر كيف الصلاة على صاحب القبر؟ قال : يصلي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى صاحب القبر وليس فيه شئ موقت (١).

__________________

(١) كتاب محمد بن المثنى ص ٨٩ ضمن الاصول الستة عشر.

١٣٨

(أبواب)

* « (زيارة النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وساير المشاهد في المدينة) ‌» *

١

* (باب) *

* « (فضل زيارة النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله) ‌» *

* « (وفاطمة صلوات الله عليها والائمة) ‌» *

* « (بالبقيع صلوات الله عليهم أجمعين) ‌» *

١ ـ ع ، ن : السناني ، عن ابن زكريا القطان ، عن ابن حبيب ، عن ابن بهلول ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مهران ، عن الصادق عليه‌السلام قال : إذا حج أحدكم فليختم حجه بزيارتنا لان ذلك من تمام الحج (١).

٢ ـ ب : هارون عن ابن صدقة ، عن الصادق ، عن ابيه عليهما‌السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال : من زارني حيا وميتا كنت له شفيعا يوم القيامة (٢).

٣ ـ ل : الاربعمائة قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : أتموا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حجكم إذا خرجتم إلى بيت الله ، فان تركه جفاء وبذلك أمرتم ، وأتموا بالقبور التي ألزمكم الله عزوجل زيارتها وحقها واطلبوا الرزق عندها (٣).

٤ ـ ن : الهمداني عن علي ، عن أبيه ، عن الهروي قال : قلت للرضا عليه‌السلام يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث أن المؤمنين يزورون

__________________

(١) علل الشرائع ص ٤٥٩ وعيون أخبار الرضا عليه‌السلام ج ٢ ص ٢٦٢.

(٢) قرب الاسناد ص ٣١.

(٣) الخصال ج ٢ ص ٤٠٦ ضمن حديث طويل.

١٣٩

ربهم من منازلهم في الجنة؟ فقال عليه‌السلام : يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله على جميع خلقه من النبيين والملائكة وجعل طاعته طاعته ومبايعته مبايعته وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته فقال الله عزوجل : « من يطع الرسول فقد أطاع الله » (١) وقال : « إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم » (٢) وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله تعالى ودرجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الجنة أرفع الدرجات ، فمن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى (٣).

٥ ـ ع : ابي عن سعد ، عن عباد بن سليمان ، عن محمد بن سليمان الديلمي عن إبراهيم بن أبي حجر الاسلمي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أتى مكة حاجا ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة ، ومن جاءني زائرا وجبت له شفاعتي ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة (٤).

٦ ـ مل : ابن الوليد والكليني ، عن علي بن محمد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن محمد بن سليمان ، عن ابي حجر الاسلمي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر مثله وزاد في آخره : ومن مات في أحد الحرمين : مكة أو المدينة لم يعرض إلى الحساب ومات مهاجرا إلى الله وحشر يوم القيامة مع أصحاب بدر (٥).

٧ ـ ع : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن المعلى بن شهاب ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : قال الحسن بن علي عليهما‌السلام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا أبتاه ما جزاء من زارك؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بني من زارني حيا أو ميتا أو زار أباك أو أخاك أو زارك كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة فأخلصه من ذنوبه (٦).

__________________

(١) سورة النساء الآية : ٨٠.

(٢) سورة الفتح الاية : ١٠.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ج ١ ص ١١٥.

(٤) علل الشرائع ص ٤٦٠.

(٥) كامل الزيارات ص ٤٦٠.

(٦) علل الشرائع ص ٤٦٠.

١٤٠