كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٩٩

والغسل كله سنة ما خلا غسل الجنابة (١) وقد يجزي الغسل من الجنابة عن الوضوء لأنهما فرضان اجتمعا فأكبرهما يجزي عن أصغرهما (٢). ومن اغتسل لغير جنابة فليبدأ بالوضوء ثم يغتسل ، ولا يجزيه الغسل عن الوضوء (٣) ، لان الغسل سنة والوضوء فرض ولا يجزي السنة عن الفرض.

باب

* ( صفة غسل الجنابة ) *

قال أبي رضي‌الله‌عنه في رسالته إلي : إذا أردت الغسل من الجنابة فاجتهد أن تبول ليخرج ما بقي في إحليلك من المني ، ثم اغسل يديك ثلاثا (٤) من قبل أن

__________________

(١) أي ثبت وجوبه واستحبابه بالسنة دون الكتاب سوى غسل الجنابة فان وجوبه ثبت بقوله تعالى : « وان كنتم جنبا فاطهروا » وقوله « ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا ».

(٢) مضمونه في الخبر فيكون من قبيل بيان العلل الشرعية ، واما الاستدلال بمثله فمشكل لان ثبوت أمرين بالكتاب لا يقتضى كفاية أكبرهما عن أصغرهما بديهة ، وليس دليل يدل عليه وكذا ثبوت أمر بالنسبة لا يقتضى عدم كفايته عما ثبت بالكتاب. ( مراد ) وقال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : لو كان هذا القول من الخبر أمكن أن يكون موافقا للواقع ومما شاة للرد على العامة في استحساناتهم العقلية ولو كان من الصدوق ـ رحمه‌الله ـ فهو عجيب.

(٣) أجمع علماؤنا على أن غسل الجنابة مجز عن الوضوء ، واختلف في غيره من الأغسال فالمشهور أنه لا يكفي بل تجب معه الضوء للصلاة سواء كان فرضا أو سنة ، وقال السيد المرتضى : لا يجب الوضوء مع الغسل سواء كان فرضا أو نقلا وهو اختيار ابن الجنيد وقواء شيخنا المعاصر ( مراد ).

(٤) الظاهر الاستحباب وان لم يكن من الاناء وان تأكد الاستحباب في الاناء قبل ادخال اليد فيه لرفع النجاسة الوهمية ، والظاهر حصول الاستحباب بالمرة والمرتين وإن كان الثلاث أفضل. (م ت)

٨١

تدخلهما الاناء وإن لم يكن بهما قذر ، فإن أدخلتهما الاناء وبهما قذر (١) فأهرق ذلك الماء ، وإن لم يكن بهما قذر فليس به بأس ، وإن كان أصاب جسدك مني فاغسله عن بدنك ، ثم استنج واغسل وأنق فرجك (٢) ، ثم ضع على رأسك ثلاث أكف من ماء ، وميز الشعر بأناملك (٣) حتى يبلغ الماء إلى أصل الشعر كله.

وتناول الاناء بيدك وصبه على رأسك وبدنك مرتين ، وامرر يدك على بدنك كله ، وخلل أذنيك بإصبعيك ، وكلما أصابه الماء فقد طهر (٤) فانظر أن لا تبقى شعرة من رأسك ولحيتك إلا [ و ] يدخل الماء تحتها ، ومن ترك شعرة من الجنابة لم يغسلها متعمدا فهو في النار (٥).

__________________

(١) المراد بالقذر هنا النجس.

(٢) قوله « استنج » أي بعد ما غسلت المنى عن بدنك غير محل الاستنجاء. وقوله « اغسل » لبيان أن إزالة المنى عن محل الاستنجاء إن كان قد وصل إليه لا يكون الا بالماء. ويمكن ان يراد بالاستنجاء ما كان بالمسحات الثلاث فيكون جمع الغسل معه للاستحباب. وقوله « أنق » تأكيد للفعل. ( مراد )

(٣) هذا قبل الغسل من باب المقدمة الاحتياطية ليصل الماء حين الفعل إلى أصل الشعر بلا مشقة.

(٤) المراد بالإصابة الجريان ، فلا يوجب التقديم والتأخير في الجانبين ، لكن المشهور تقديم اليمين على اليسار كما هو ظاهر حسنة زرارة « قال : كيف يغتسل الجنب؟ فقال : ان لم يكن أصاب كفه شئ غمسها في الماء ، ثم بدء بفرجه فأنقاه بثلاث غرف ، ثم صب على رأسه ثلاث اكف ، ثم صب على منكبه الأيمن ، وعلى منكبه الأيسر مرتين ، فما جرى عليه الماء فقد أجزأه » الكافي ج ٣ ص ٤٣ فكما أن الظاهر تقديم الرأس على اليمين تقديم اليمين على اليسار وان لم يدل عليه اللفظ لغة. ويمكن أن يستدل على وجوب تقديم جانب اليمين بما دل من الاخبار على أن غسل الميت كغسل الجنابة ويجب الترتيب فيه اجماعا كما صرح به في المعتبر.

(٥) الظاهر أن المراد مقدار شعره أو ما تحت الشعر لأن الظاهر أنه لم يقل أحد بوجوب غسل الشعر. (م ت)

٨٢

ومن ترك البول على أثر الجنابة أو شك أن يتردد بقية الماء في بدنه فيورثه الداء الذي لا دواء له.

ومن أحب أن يتمضمض ويستنشق في غسل الجنابة فليفل وليس ذلك بواجب (١) لان الغسل على ما ظهر لا على ما بطن ، غير أن الرجل إذا أراد أن يأكل أو يشرب قبل الغسل لم يجز له إلا أن يغسل يديه ويتمضمض ويستنشق فإنه إن أكل أو شرب قبل أن يفعل (٢) ذلك خيف عليه [ من ] البرص (٣).

١٧٨ ـ وروي « أن الاكل على الجنابة يورث الفقر » (٤).

١٧٩ ـ وقال عبيد الله بن علي الحلبي (٥) « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل أينبغي له أن ينام وهو جنب؟ فقال : يكره ذلك حتى يتوضأ ».

١٨٠ ـ وفي حديث آخر قال : « أنا أنام على ذلك حتى أصبح وذلك أني أريد أن أعود » (٦).

١٨١ ـ وقال (٧) عن أبيه عليهما‌السلام : « إذا كان الرجل جنبا لم يأكل ولم يشرب

__________________

(١) ظاهره عدم الاستحباب ويحمل على عدم الوجوب للاخبار الكثيرة بالامر بهما وأقل مراتبه الاستحباب. (م ت)

(٢) في بعض النسخ « أن يغسل » وأقول : راجع الوسائل باب استحباب المضمضة والاستنشاق قبل الغسل.

(٣) كما رواه الكليني ـ رحمه‌الله ـ في الكافي ج ٣ ص ٥١.

(٤) رواه المصنف في الخصال ص ٥٠٥ مسندا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٥) طريق الصدوق ـ رحمه‌الله ـ إليه صحيح ( كما في الخلاصة للعلامة ـ رحمه الله ـ ) وكتابه معروض على الصادق عليه‌السلام ومدحه ، وأصحاب الحديث يعتبرونه غاية الاعتبار وكأنه عندهم بمنزلة المسموع عنه عليه‌السلام. (م ت)

(٦) ذكر هذا الخبر هنا لبيان الجواز وفيه اشعار بعدم الكراهة لمن يريد العود.

(٧) تتمة حديث الحلبي ـ رحمه‌الله ـ يعنى أن أبا عبد الله نقل عن أبيه عليهما‌السلام.

٨٣

حتى يتوضأ » (١).

١٨٢ ـ وقال : « إني أكره الجنابة حين تصفر الشمس (٢) وحين تطلع وهي صفراء. »

١٨٣ ـ قال الحلبي : « وسألته عن الرجل يغتسل بغير إزار حيث لا يراه أحد ، : لا بأس به ».

١٨٤ ـ وقال : « وسئل عن الرجل يصيب المرأة فلا ينزل أعليه غسل؟ قال : كان علي عليه‌السلام يقول : إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل ».

١٨٥ ـ وكان علي عليه‌السلام يقول : « كيف لا يوجب الغسل والحد يجب فيه (٣). قال : يجب عليه المهر والغسل ».

١٨٦ ـ وسئل (٤) « عن الرجل يصيب المرأة فيما دون الفرج (٥) أعليها غسل

__________________

(١) استدل به على كراهة الأكل والشرب للجنب قبل الوضوء.

(٢) كناية عن قربها من الغروب كما أن ما بعدها كناية عن قربها من الطلوع ( مراد ).

(٣) الظاهر أن قوله « كان على » ليس من رواية الحلبي إنما هي كما في التهذيب ج ١ ص ٣٣ من رواية زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال جمع عمر أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ما تقولون في الرجل يأتي أهل فيخالطها ولا ينزل؟ فقالت الأنصار الماء من الماء ، وقال المهاجرون : إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل ، فقال عمر لعلى عليه‌السلام : ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال عليه‌السلام : أتوجبون عليه الحد والرجم ، ولا توجبون عليه صاعا من الماء ، إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل ، فقال عمر : القول ما قال المهاجرون ودعوا ما قالت الأنصار ». وهذا الكلام منه عليه‌السلام لبيان العلل رفعا لاستبعاد القول بايجابه الغسل وليس من القياس المحكوم في مذهب أهل البيت عليهم‌السلام فلذا صرح بالحكم بعده وقال : « إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ».

(٤) هذا من تتمة رواية الحلبي ـ رحمه‌الله ـ كما هو الظاهر من الكافي ج ٣ ص ٤٦. وكذا الخبر الآتي.

(٥) الفرج في أصل اللغة الشق بين الشيئين كالفرجة ، وكنى به عن السوأة لانفراجها وكثر استعماله حتى صار كالصريح ، قال الله تعالى « والذين هم لفروجهم حافظون » والمراد بالفرج في هذا الخبر مطلق السوأة قبلا ودبرا. ويؤيد ما ذكرنا لفظ الخبر في الكافي فان

٨٤

إن هو أنزل ولم تنزل هي؟ قال : ليس عليها غسل وإن لم ينزل هو فليس عليه غسل »

١٨٧ ـ وسئل عن الرجل يغتسل ثم يجد بعد ذلك بللا وقد كان بال قبل أن يغتسل؟ قال : ليتوضأ ، وإن لم يكن بال قبل الغسل فليعد الغسل » (١).

٨٨ ـ وروي في حديث آخر (٢) « إن كان قد رأى بللا ولم يكن بال فليتوضأ ولا يغتسل إنما ذلك من الحبائل ».

قال مصنف هذا الكتاب : أعاد الغسل أصل والخبر الثاني رخصة (٣).

__________________

فيه « سألت أبا عبد الله عن المفخذ عليه غسل ـ الحديث ». ويراد بالمفخذ من أصاب فيما بين الفخذين من دون ايلاج وفى بعض النسخ « دون ذلك ».

(١) يحمل على كون المراد من البلل أحد النواقض يعنى رأى بللا مشتبها بين المنى والبول لا غير ، لان البلل الخارج من الإحليل إذا لم يعلم كونه ماذا لا يوجب غسلا ولا وضوءا لأصالة البراءة.

(٢) هذا الخبر من رواية جميل بن دراج عن الصادق عليه‌السلام وليس من رواية الحلبي كما في التهذيب ج ١ ص ٤٠ وحمل على ما إذا كان اجتهد في البول فلم يتأت له فحينئذ لم يلزم إعادة الغسل. أو يكون ذلك مختصا بمن ترك البول ناسيا كما في خبر أحمد بن هلال المروى في التهذيب ج ١ ص ٤٠ « قال : سألته عن رجل اغتسل قبل أن يبول فكتب ان الغسل بعد البول لان أن يكون ناسيا فلا يعيد ومنه الغسل » وقال لفاضل التفرشي : قوله في الخبر السابق « فليعد الغسل » يمكن حمله على الاستحباب ان لم يقع الاجماع على الوجوب جمعا بينه وبين هذا الخبر من قوله عليه‌السلام « فليتوضأ ولا يغتسل » أي وجوبا. وفسر الحبائل بعروق في الظهر ، ويستفاد من ذلك استحباب الوضوء أيضا لان موجبه البول دون ما يخرج من الحبائل فوجه استحباب الوضوء احتمال كونه مخلوطا بالبول وفى الغسل احتمال كونه مخلوطا بالمنى.

(٣) لعل مراد المصنف ـ رحمه‌الله ـ أن الإعادة هي الواجبة وما دل عليه الخبر الثاني من عدم الغسل للضرورة كأكل الميتة للمضطر ويراد به ما ذكره الشيخ من أن من لم يقدر على البول لا يعيد الغسل فيكون الرخصة لمن هذا شأنه ولا يخفى ما في هذا الحمل لان الرخصة لا وجه لها حينئذ إذ الجامع غير قائم في صورة عدم امكان البول فلا يتم معنى

٨٥

١٨٩ ـ وسئل (١) « عن الرجل ينام ثم يستيقظ فيمس ذكره فيرى بللا ولم ير في منامه شيئا أيغتسل؟ قال : لا إنما الغسل من الماء الأكبر » (٢).

١٩٠ ـ و « عن المرأة (٣) ترى في المنام ما ير الرجل ، قال : إن أنزلت فعليها الغسل وإن لم تنزل فليس عليها غسل ».

١٩١ ـ قال الحلبي حدثني من سمعه يقول : إذا اغتمس الجنب في الماء اغتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله » (٤).

ومن أجنب في يوم أو في ليلة مرارا أجزأه غسل واحد إلا أن يكون يجنب بعد الغسل أو يحتلم ، فإن احتلم فلا يجامع حتى يغتسل من الاحتلام (٥).

ولا بأس بأن يقرأ الجنب القرآن كله ما خلا العزائم التي يسجد فيها وهي سجدة لقمان (٦) وحم السجدة ، والنجم ، وسورة اقرأ باسم ربك.

__________________

الرخصة وجواب هذا يعلم من معنى الرخصة في الأصول ، وبالجملة فمقصود المصنف غير واضح ويحتمل أن المراد الرخصة في انسان خاص للضرورة وهو بعيد ( شيخ محمد ).

(١) من تتمة رواية الحلبي على الظاهر.

(٢) هذا يدل على عدم وجوب الغسل بالبلل لتوقفه على العلم بكون ذلك من الماء الأكبر ( مراد ) والحصر إضافي بالنسبة إلى المياه التي تخرج من مخرج البول ومحمول على ما لم يعلم كونه منيا.

(٣) من تتمة رواية الحلبي ـ رحمه‌الله ـ كما هو الظاهر من التهذيب ج ١ ص ٣٤ والكافي ج ٣ ص ٤٨.

(٤) يفهم منه أن الأصل في الغسل الترتيب ، والارتماس مجز عنه ، وظاهر الاخبار أنه لا يحتاج إلى نية الترتيب والآن الترتيب الحكمي يحصل منه كما ذكره جماعة من الأصحاب والظاهر أنه إذا كان أكثره في الماء أيضا وغمس في الماء بعد النية أو نوى بعد الغمس يكفي ولا يحتاج إلى الخروج عن الماء وإن كان أحوط. (م ت)

(٥) لم يقل : أو يتوضأ كما في كثير من الكتب فلعله لم يصل إليه دليل على ارتفاع الكراهة بالوضوء. ( مراد )

(٦) أي سورة السجدة التي بعد سورة لقمان وهي ألم تنزيل.

٨٦

ومن كان جنبا أو على غير وضوء فلا يمس القرآن ، وجائز له أن يمس الورق أو يقلب له الورق غيره ويقرأ هو ويذكر الله عزوجل.

ولا يجوز للحائض والجنب أن يدخلا المسجد إلا مجتازين (١) ولهما أن يأخذا منه وليس لهما أن يضعا فيه شيئا (٢) لان ما فيه لا يقدران على أخذه من غيره وهما قادران على وضع ما معهما في غيره.

وإذا أرادت المرأة أن تغتسل من الجنابة فأصابها حيض فلتترك الغسل إلى أن تطهر ، فإذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للجنابة والحيض.

ولا بأس بأن يختضب الجنب (٣) ويجنب وهو مختضب ، ويحتجم ، ويذكر الله تعالى ، ويتنور ، ويذبح ، ويلبس الخاتم ، وينام في المسجد ويمر فيه (٤) ويجنب أول الليل وينام إلى آخره ، ومن أجنب في أرض ولم يجد الماء إلا ماء جامدا ولا يخلص

__________________

(١) لا نعرف فيه خلافا الا من سلار من أصحابنا فإنه كرهه. ( منتهى المطلب )

(٢) هو مذهب علمائنا أجمع الا سلار فإنه كره الوضع ( المنتهى )

(٣) قال في المنتهى : الخضاب مكروه للجنب وهو اختيار الشيخ والسيد المرتضى والمفيد ، وقال ابن بابويه « لا بأس أن يخضب ـ الخ » فأسند الخلاف إليه ـ رحمه‌الله ـ و يمكن حمل كلامه على نفى التحريم فلا مخالفة.

(٤) في التهذيب ج ١ ص ١٠٥ عن الحسين بن سعيد عن محمد بن القاسم قال : « سألت أبا الحسن (ع) عن الجنب ينام في المسجد فقال : يتوضأ ولا بأس أن ينام في المسجد ويمر فيه ». وأفتى المصنف ـ رحمه‌الله ـ بمضمون هذا الخبر ولكن الفقهاء حملوه على الضرورة أو على التقية فان جماعة من العامة يستبيحون استيطان المساجد للجنب بالوضوء وبعضهم يجوزه بغير وضوء. وقال الفاضل التفرشي : قوله « وينام في المسجد » ظاهره يفيد جواز اللبث فيه إذ لابد من النائم فيه أن يلبث زمانا يقظان ، الا أن يراد به النوم الذي يحصل له من غير اختيار.

٨٧

إلى الصعيد (١) فليصل بالمسح (٢) ، ثم لا يعد إلى الأرض التي يوبق فيها دينه (٣).

وقال أبي رحمه‌الله في رسالته إلي : لا بأس بتبعيض الغسل ، تغسل يديك وفرجك ورأسك وتؤخر غسل جسدك إلى وقت الصلاة ، ثم تغسل جسدك إذا أردت ذلك ، فإن أحدثت حدثنا من بول أو غائط أو ريح بعد ما غسلت رأسك من قبل أن تغسل جسدك فأعد الغسل من أوله (٤) فإذا بدأت بغسل جسدك قبل الرأس فأعد الغسل على جسدك بعد غسل رأسك.

باب

* ( غسل الحيض والنفاس ) *

١٩٢ ـ قال الصادق عليه‌السلام : « أول دم وقع على وجه الأرض دم حواء حين حاضت ».

١٩٣ ـ وقال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : إن الحيض للنساء نجاسة رماهن الله

__________________

(١) خلص إليه الشئ : وصل. أي لا يظفر بالتراب أو وجه الأرض للتيمم ولا يجد طريقا للوصول إلى التراب.

(٢) ظاهره أنه يمسح بدنه برطوبة ذلك الجمد أو الثلج فيغتسل بها ويؤيده ما اختار سابقا من أن الوضوء بالثلج جائز ، ويحتمل بعيدا كون مراده التيمم على الجمد والثلج ( سلطان ) وقال التفرشي : ظاهره أن المراد انه يمسح الماء الجامد على بدنه ويغتسل بتلك الرطوبة ، ويحتمل أن يريد بالمسح ضرب اليد على وجعله بمنزلة التراب للتيمم ، ويؤيد ذلك قوله « ولا يخلص إلى الصعيد » حيث أخره عن التيمم بالصعيد ولو كان المراد الاغتسال به كان مقدما على التيمم.

(٣) أوبقه ايباقا : أهلكه.

(٤) هذا مذهب الشيخ وابن بابويه ، وقال ابن البراج : يتم الغسل ولا شئ عليه. وهو اختيار ابن إدريس ، وقال السيد المرتضى : يتم الغسل ويتوضأ إذا أراد الدخول في الصلاة ( سلطان ).

٨٨

عزوجل بها ، وقد كن النساء (١) في زمن نوح عليه‌السلام إنما تحيض المرأة في السنة حيضة حتى خرج نسوة من مجانهن (٢) وكن سبعمائة امرأة فانطلقن فلبسن المعصفرات من الثياب وتحلين وتعطرن ، ثم خرجن فتفرقن في البلاد فجلسن مع الرجال ، وشهدن الأعياد معهم ، وجلسن في صفوفهم فرماهن الله عزوجل بالحيض عند ذلك في كل شهر يعني أولئك النسوة بأعيانهن (٣) فسالت دماؤهن فأخرجن من بين الرجال فكن يحضن في كل شهر حيضة فشغلهن الله تعالى بالحيض وكسر شهوتهن قال وكان غيرهن من النساء اللواتي لم يفعلن مثل ما فعلن يحضن في كل سنة حيضة قال فتزوج بنو اللائي يحضن في كل شهر بنات اللائي يحضن في كل سنة حيضة فامتزج القوم فحضن بنات هؤلاء وهؤلاء في كل شهر حيضة ، فكثر أولاد اللائي يحضن في كل سنة حيضة لاستقامة الحيض (٤) وقل أولاد اللائي يحضن في كل سنة حيضة لفساد الدم ، قال : فكثر نسل هؤلاء وقل نسل أولئك.

١٩٤ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن فاطمة ( صلوات الله عليها ) ليست كأحد منكن إنها لا ترى دما في حيض ولا نفاس كالحورية ».

١٩٥ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام « عن قول الله عزوجل : « لهم فيها أزواج مطهرة » قال : الأزواج المطهرة اللائي لم يحضن ولا يحدثن ».

وقال أبي رحمه‌الله في رسالته إلي : إعلم أن أقل أيام الحيض ثلاثة أيام ، وأكثرها عشرة أيام ، فان رأت المرأة الدم ثلاثة أيام وما زاد إلى عشرة أيام فهو حيض

__________________

(١) كذا والظاهر وقد كانت النساء من غير ضمير الجمع مع الفاعل الظاهر الا أن يقال إن سام الظاهر بدل عن الضمير. ( سلطان )

(٢) المجن : الموضع الذي يستتر فيه. وفى بعض النسخ « محاربيهن » وفى بعضها حجالهن وفى بعضها « مخازنهن » وفى بعضها « مخابهن ».

(٣) أي بأشخاصهن.

(٤) إضافة الاستقامة إلى الحيض من قبيل إضافة المسبب إلى السبب أي استقامة المزاج من جهة الحيض فكثرة الحيض سبب كثرة النسل لاستقامة المزاج المثمرة للحمل على خلاف الامر في احباس الحيض فان سبب لفساد الدم وعدم استقامة المزاج فتعسر الحمل وتقل النسل فاللام للتعليل لا للعاقبة كما ربما يتوهم ( م ح ق ).

٨٩

وعليها أن تترك الصلاة ولا تدخل المسجد إلا أن تكون مجتازة ، ويجب عليها (١) عند حضور كل صلاة أن تتوضأ وضوء الصلاة وتجلس مستقبلة القبلة وتذكر الله بمقدار صلاتها كل يوم.

فإن رأت الدم يوما أو يومين فليس ذلك من الحيض ما لم تر الدم ثلاثة أيام متواليات (٢) وعليها أن تقضي الصلاة التي تركتها في اليوم أو اليومين ، وإن رأت الدم أكثر من عشرة أيام فلتقعد عن الصلاة عشرة أيام (٣) وتغتسل يوم حادي عشر و تحتشي فإن لم يثقب الدم الكرسف صلت صلاتها كل صلاة بوضوء ، وإن ثقب الدم الكرسف ولم يسل صلت صلاة الليل وصلاة الغداة بغسل وسائر الصلوات بوضوء. (٤) وإن غلب الدم الكرسف وسال صلت بصلاة الليل وصلاة الغداة بغسل ، والظهر والعصر بغسل ، تؤخر الظهر قليلا وتعجل العصر وتصلي المغرب والعشاء الآخرة بغسل واحد (٥) تؤخر المغرب قليلا وتعجل العشاء الآخرة إلى أيام حيضها ، فإذا دخلت في أيام حيضها تركت الصلاة.

__________________

(١) نقل العلامة ـ رحمه‌الله ـ في المختلف هذا الكلام عن أب المنصف ويحتمل تأكيد الاستحباب كما مر في نظائره وهو مبالغة في استحبابه.

(٢) هل يشترط في الثلاثة الأيام التوالي للأصحاب فيه قولان : قال الشيخ في النهاية : لا يشترط التوالي بمعنى أنها لو رأت الأول والثالث والخامس مثلا لكان حيضا ، وقال في المبسوط والجمل : يشترط التتابع وبه قال ابن بابويه والسيد المرتضى واتفق الفريقان على أنه يشترط كون الثلاثة من جملة العشرة. ( منتهى المطلب )

(٣) هذا في المبتدئة والمضطربة وأما ذات العادة فلا ، بل ترجع إلى العادة على المشهور.

(٤) هذا مخالف لما سبق من الحكم بثلاثة أغسال لمطلق ثقب الكرسف ، ولعل هذا مختار أبيه وذلك مختاره. ( سلطان )

(٥) هذا إذا ما لم يحصل الفاصلة المعتد بها والا اغتسلت غسلين كما ذكره الأصحاب وكذا في كل جميع. (م ت).

٩٠

ومتى اغتسلت (١) على ما وصفت حل لزوجها أن يأتيها ، وأقل الطهر عشرة أيام وأكثره لا حد له ، والحائض تغتسل بتسعة أرطال من الماء بالرطل المدني (٢).

وإذا رأت المرأة الصفرة في أيام الحيض فهو حيض ، وإن رأت في أيام الطهر فهو طهر.

١٩٦ ـ وروي « في المرأة ترى الصفرة أنه إن كان ذلك قبل الحيض بيومين فهو من الحيض ، وإن كان بعد الحيض بيومين (٣) فليس من الحيض (٤) ».

وغسل الجنابة والحيض واحد ، ولا يجوز للحائض أن تختضب (٥) لأنه يخاف عليها من الشيطان.

١٩٧ ـ و « سأل سلمان الفارسي رحمة الله عليه أمير المؤمنين عليه‌السلام عن رزق الولد في بطن أمه ، فقال : إن الله تبارك وتعالى حبس عليه الحيضة فجعلها رزقه في بطن أمه ».

والحبلى إذا رأت الدم تركت الصلاة ، فإن الحبلى ربما قذفت الدم وذلك

__________________

(١) أي من الحيض فان المستحاضة حل لزوجها بدون الغسل. وظاهر كلامه عدم الحل لو لم تغتسل بعد الطهر. والمسألة خلافية.

(٢) لعل مستنده كتاب الصفار إلى أبى محمد (ع) كما يأتي تحت رقم ٣٩٣.

(٣) خلاف المشهور من الفتوى الا ان يحمل على الزائد على العشرة وحينئذ لا خصوصية له بيومين. ( سلطان )

(٤) المفهوم من هذه الرواية أن ذات العادة تترك العبادة بمجرد رؤية الصفرة قبل أيام عادتها بيومين ، وتعمل عمل المستحاضة إذا رأتها بعد أيام عادتها بيومين وهذه الرواية وما يقرب منها مذكورة في الكافي ج ٣ ص ٧٨. ( مراد )

(٥) الظاهر الكراهة لاخبار صحيحة بالجواز وظاهر كلامه الحرمة مع أنه يمكن حمل كلامه على الكراهة. (م ت)

(٦) لان الزينة ربما يوجب ميل الزوج إلى الجماع.

٩١

إذا رأت الدم كثيرا أحمر ، فإن كان قليلا أصفر فلتصل وليس عليها إلا الوضوء (١) ، والحائض إذا طهرت فعليها أن تقضي الصوم وليس عليها أن تقضي الصلاة ، وفي ذلك علتان إحداهما : ليعلم الناس أن السنة لا تقاس ، والأخرى : لأن الصوم إنما هو في السنة شهر ، والصلاة في كل يوم وليلة ، فأوجب الله عزوجل عليها قضاء الصوم ولم يوجب عليها قضاء الصلاة لذلك.

ولا يجوز أن يحضر الجنب والحائض عند التلقين (٢) لان الملائكة تتأذى بهما.

ولا بأس بأن يليا غسله ويصليا عليه ، ولا ينزلا قبره ، فإن حضراه (٣) ولم يجدا من ذلك بدا فليخرجا إذا قرب خروج نفسه.

١٩٨ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « المرأة إذا بلغت خمسين سنة لم تر حمرة (٤) إلا أن تكون امرأة من قريش (٥) ».

وهو حد المرأة التي تيأس من الحيض ، والمرأة إذا حاضت أول حيضها (٦) فدام دمها ثلاثة أشهر وهي لا تعرف أيام أقرائها فاقراؤها مثل اقراء نسائها ، وإن كن نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام ، والقرء [ و ] (٧) هو جمع الدم بين الحيضتين وهو الطهر

__________________

(١) ظاهر الأخبار الصحيحة دل على جواز اجتماع الحيض والحمل ، وما ورد بعدم اجتماعهما محمول على الغالب أو على ما لم يكن في زمان الحيض. (م ت)

(٢) حمل على الكراهة الشديدة. والمراد بالتلقين حالة الاحتضار.

(٣) أي حين الاحتضار.

(٤) ألحق الشيخ ـ رحمه‌الله ـ النبطية بالقرشية في البلوغ إلى الستين ( المنتهى ).

(٥) في بعض النسخ « لا ترى حمرة ».

(٦) أي المبتدئة. وقوله : « فدام دمها » أي استمر.

(٧) في أكثر النسخ بدون الواو ولا غبار عليه فان خبر المبتدأ لفظ جمع الدم في بعض النسخ مع الواو وعلى ذلك اما يقدر خبر المبدأ أو الظروف خبر المبدأ بين الحيضتين ، وقوله : « وهو جمع الدم » جملة معترضة ، والمراد أن القرء ما بين الحيضتين. ( سلطان ) وقال الفاضل التفرشي : قوله : « والقرء هو جمع الدم » القرء مبتدأ حذف خبره وأقيم تعليله مقامه أي القرء سمى قرءا لأن المرأة تقرء الدم ـ الخ. وفى بعض النسخ « هو جمع الدم ».

٩٢

لأن المرأة تقرأ الدم أي تجمعه في أيام طهرها ، ثم تدفعه في أيام حيضها.

والمرأة التي تطهر من حيضها عند العصر (١) فليس عليها أن تصلي [ عند ] الظهر إنما تصلي الصلاة التي تطهر عندها ، ومتى رأت الطهر في وقت صلاة فأخرت الغسل حتى يدخل وقت صلاة أخرى (٢) ، فان كانت فرطت فيها فعليها قضاء تلك الصلاة ، وإن لم تفرط وإنما كانت في تهيئة ذلك (٣) حتى دخل وقت صلاة أخرى فليس عليها القضاة ، إنما تصلي الصلاة التي دخل وقتها.

فإن صلت المرأة من الظهر ركعتين ثم رأت الدم من مجلسها وليس عليها إذا طهرت قضاء الركعتين ، فإن كانت في صلاة المغرب وقد صلت منها ركعتين قامت من مجلسها فإذا طهرت قضت الركعة (٤).

__________________

(١) أي الوقت المختص بالعصر ، وروى الكليني ـ رحمه‌الله ـ في الكافي ج ٣ ص ١٠٢ باسناده عن معمر بن يحيى قال : سألت أبا جعفر (ع) عن الحائض تطهر عند العصر تصلى الأولى؟ قال : لا إنما تصلى الصلاة التي تطهر عندها والمراد وقت المختص لان وقت الاجزاء موسع.

(٢) أي الوقت المختص بها أيضا.

(٣) أي في تهيئة أسباب ذلك مثل تحصيل الماء والظرف وغير ذلك من أسباب الغسل.

(٤) في الكافي ج ٣ ص ١٠٣ مسندا عن أبي الورد قال : « سألت أبا جعفر (ع) عن المرأة التي تكون في صلاة الظهر وقد صلت ركعتين ثم ترى الدم؟ قال تقوم من مسجدها ولا تقضى الركعتين وان كانت رأت الدم وهي في صلاة المغرب وقد صلت ركعتين فلتقم من مسجدها ، فإذا طهرت فلتقض الركعة التي فاتها من المغرب » فعمل أو أفتى بمضمونه المصنف  ـ رحمه‌الله ـ ورواه الشيخ في التهذيب وقال : « ما يتضمن هذا الخبر من اسقاط قضاء الركعتين من صلاة الظهر متوجه إلى من دخل في الصلاة في أول وقتها لان من ذلك حكمه لا يكون فرط وإذا لم يفرط لم يلزمه القضاء ، وما يتضمن من الامر بإعادة الركعة من المغرب متوجه إلى من دخل في الصلاة عند تضيق الوقت ثم حاضت فيلزمها حينئذ ما فاتها ». وقال العلامة ـ رحمه‌الله ـ في المختلف ج ١ ص ٣٩ : عول ابن بابويه على هذه الرواية



٩٣

وإذا كانت في الصلاة فظنت أنها قد حاضت أدخلت يدها ومست الموضع فإن رأت الدم انصرفت ، وإن لم تر شيئا أتمت صلاتها.

١٩٩ ـ وسئل موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن رجل اشترى جارية فمكثت عنده أشهرا لم تطمث وليس ذلك من كبر ، وذكر النساء أنه ليس بها حبل هل يجوز أن تنكح في الفرج؟ فقال : إن الطمث قد تحبسه الريح من غير حبل ، فلا بأس أن يمسها في الفرج ».

وإذا احتبس على المرأة حيضها شهرا فلا يجوز أن تسقي دواء الطمث من يومها لان النطفة إذا وقعت في الرحم تصير إلى علقة ، ثم إلى مضغة ، ثم إلى ما شاء الله وإن النطفة إذا وقعت في غير الرحم لم يخلق منها شئ (٢) ، فإذا ارتفع طمثها شهرا وجاوز وقتها التي كانت تطمث فيه لم تسق دواء (٣).

وإذا اشترى الرجل جارية مدركة ولم تحض عنده حتى مضى لذلك ستة أشهر وليس بها حبل فإن كان مثلها تحيض لم يكن ذلك من كبر فهذا عيب ترد به.

وليس على الحائض إذا طهرت أن تغسل ثيابها التي لبستها في طمثها أو عرقت فيها إلا أن يكون أصابها شئ من الدم فتغسل ذلك منها.

فإن أصاب ثوبها دم الحيض فغسلته فلم يذهب أثره صبغته بمشق حتى يختلط

__________________

وهي متأولة على من فرطت في المغرب دون الظهر وإنما يتم قضاء الركعة بقضاء باقي الصلاة ويكون اطلاق الركعة « على الصلاة مجازا » انتهى ولا يخفى بعده من سوق الكلام وتجاوب الشقين.

(١) لعل المراد أن ذلك قد يكون بوقوع النطفة في الرحم وصيرورتها علقة فيمنع الحيض فلا يلزم أن تكون ذلك لمرض لتسقى دواء لرفع ذلك المرض. ( مراد )

(٢) بخلاف ما إذا وقعت في الرحم فإنه محتمل للحمل فلا يسقى الدواء للطمث لأنه موجب لقتل انسان.

(٣) لاحتمال الحمل.

٩٤

ويذهب (١).

وإن انقطع عن المرأة الحيض فخضبت رأسها بالحناء فإنه يعود إليها الحيض (٢).

ولا بأس أن تسكب الحائض الماء على يد المتوضي وتناوله الخمرة.

ولا يجوز مجامعة المرأة في حيضها لان الله عزوجل نهى عن ذلك فقال : « ولا تقربوهن حتى يطهرن » (٣) يعني بذلك الغسل من الحيض (٤) ، فإن كان الرجل شبقا (٥) وقد طهرت المرأة وأراد أن يجامعها قبل الغسل أمرها أن تغسل فرجها ، ثم يجامعها (٦).

__________________

(١) المشق : الطين الأحمر ، وظاهره أن الصبغ به لاذهاب الدم بالاختلاط ويظهر من الاخبار أن ذلك لاذهاب الكراهة عن النفس بان تحمل الحمرة الباقية من الدم على حمرة المشق. ( مراد )

(٢) المراد بانقطاع الحيض عن المرأة ارتفاعه بالكلية وهو عيب قد يندفع بالحناء.

(٣) قرأ المؤلف بالتشديد بقرينة المعنى الذي ذكره.

(٤) لا ريب في جواز الوطي الحل بعد الغسل وحرمة الوطي في الحيض ، إنما الخلاف بعد الانقطاع قبل الغسل ، فعلى قراءة التشديد ( يعنى في يطهرن ) ظاهرها الحرمة مع تأييدها بقوله تعالى « فإذا تطهرن فآتوهن ـ الآية » فإنه كالتأكيد لها ، وان الطهارة والتطهير ظاهرهما الغسل. وعلى قراءة التخفيف ظاهرها الجواز لمفهوم الغاية وهو معتبر عند المحققين ولا ينافيها قوله « فإذا تطهرن » لأنه يمكن أن يكون حراما إلى الانقطاع ومكروها إلى الغسل كما يظهر من الاخبار ، ويمكن تنزيل كل رواية على أخرى بأن يراد بالأطهار الطهارة أو بالعكس تجوزا ، لكن التجوز في العكس أسهل من التجوز في عكسه (م ت)

(٥) الشبق ـ بالتحريك ـ الشهوة والميل المفرط إلى الجماع.

(٦) قال العلامة في المنتهى : ان مذهب الصدوق تحريم الوطي قبل الغسل فما صرح بعد هذا يحمل على الضرورة. واستدل فيه على جواز الوطي قبل الغسل لقوله تعالى



٩٥

ومتى جامعها وهي حائض في أول الحيض فعليه أن يتصدق بدينار ، فإن كان في وسطه فنصف دينار ، وإن كان في آخره فربع دينار (١).

٢٠٠ ـ وروي أنه « إذا جامعها وهي حائض تصدق على مسكين بقدر شبعه » (٢).

ومن جامع أمته وهي حائض تصدق بثلاثة أمداد من طعام ، هذا أتاها في الفرج فإذا أتاها من دون الفرج فلا شئ عليه.

٢٠١ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من جامع امرأته وهي حائض فخرج الولد مجذوما أو أبرص فلا يلومن إلا نفسه ».

٢٠٢ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام « عن المشوهين في خلقهم ، فقال : هم الذين يأتي آباؤهم نساءهم في الطمث ».

٢٠٣ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « لا يبغضنا إلا من خبثت ولادته أو حملت به أمه في حيضها ».

وتستبرئ الأمة إذا اشتريت بحيضة ، ومن اشترى أمة فدخل بها قبل أن يستبرأها فقد زنى بماله.

وإذا أرادت المرأة الغسل من الحيض فعليها ان تستبرئ ، والاستبراء أن تدخل قطنة فإن كان هناك دم خرج ولو مثل رأس الذباب فإن خرج لم تغتسل ، وإن لم

__________________

« ولا تقربوهن حتى يطهرن » بالتخفيف أي حتى يخرجن من الحيض فيجب القول بالإباحة بعد هذه الغاية وعلى صورة التشديد يحمل على الاستحباب والأول على الجواز صونا للقرآن عن التنافي.

(١) وجوب الكفارة خلافي فليراجع كتب الفقه. والدينار هو مثقال الذهب الذي كانت قيمته في أول الاسلام عشرة دراهم ولا يجزى قيمته ، والمراد بالأول والوسط والاخر بحسب عادة المرأة ونفاسها على الأصح وقيل بحسب أكثر الحيض كما في هامش الشرايع.

(٢) الشبع نقيض الجوع وهو ما أشبعك من طعام.

٩٦

يخرج اغتسلت ، وإذا رأت الصفرة والنتن (١) فعليها أن تلصق بطنها بالحائط وترفع رجلها اليسرى كما ترى الكلب إذا بال وتدخل قطنة فإن خرج فيها دم فهي حائض ، وإن لم يخرج فليس بحائض.

وإن اشتبه عليها دم الحيض ودم القرحة ، فربما كان في فرجها قرحة فعليها أن تستلقي على قفائها وتدخل إصبعها فإن خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من القرحة ، وإن خرج من الجانب الأيسر فهو من الحيض (٢).

وان اقتضها زوجها ولم يرقأ دمها ولا تدري دم الحيض هو أم دم العذرة (٣)؟ فعليها تدخل قطنة ، فإن خرجت القطنة مطوقة بالدم فهو من العذرة ، وإن

__________________

(١) المراد بالصفرة يشابه الدم ولم يتحقق كونه دما. ( مراد )

(٢) في الكافي ج ٣ ص ٩٤ مرفوعا هكذا « فان خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من الحيض وان خرج من الجانب الأيسر فهو من القرحة ». وقال صاحب المدارك ص ٤٧ كيفما كان الأجود اطراح هذه الرواية كما ذكره المحقق في المعتبر لضعفها وارسالها واضطرابها ومخالفتها للاعتبار لان القرحة يحتمل كونها من كل من الجانبين والأولى الرجوع إلى حكم الأصل واعتبار الأوصاف. انتهى.

وقال استاذنا الشعراني ـ مد ظله ـ : هذا خبر مضطرب المتن لا يحتج به والصيح الموافق للاعتبار والعقل الذي يحتمل أن يكون أصل الخبر أيضا على طبقه ثم تغير بتصرف النساخ أو الرواة : أن المرأة إذا أحست بكون الدم خارجا من الأيمن أو الأيسر أو فوق أو تحت من جدران المهبل فهو من القرحة لان خروجه من جانب بخصوصه علامة كونه من الجدران ولو كان حيضا لخرج من قعر الرحم ولم تختص بجانب دون جانب ولا يبعد أن يكون الإمام عليه‌السلام صرح بأنه لو كان من الأيمن فهو من القرحة من غير أن يصرح بأنه لو كان من الأيسر فهو من الحيض وألحقه بعض الرواة بتبادر ذهنه وكان غرض الإمام عليه‌السلام من ذكر الأيمن التمثيل لا التخصيص وفهمه المخاطب أيضا وبالجملة الدم سواء كان من الأيمن أو الأيسر أو جانب مخصوص فهو من القرحة ولو كان من قعر الرحم من غير أن يختص بجانب فهو من الحيض انتهى.

(٣) الاقتضاض ـ بالقاف ـ : إزالة البكارة. والافتضاض ـ بالفاء ـ بمعناه. والرقاء : السكون يقال رقأ الدم أو الدمع رقاء إذا سكن. والعذرة ـ بالضم ـ : البكارة.

٩٧

خرجت منغمسة فهو من الحيض.

ودم العذرة لا يجوز الشفرين (١) ودم الحيض حار يخرج بحرارة شديدة. ودم المستحاضة بارد يسيل منها وهي لا تعلم ، كذلك ذكره أبي رحمه‌الله في رسالته إلي.

فإذا رأت الدم خمسة أيام والطهر خمسة أيام أو رأت الدم أربعة أيام والطهر ستة أيام ، فإذا رأت الدم لم تصل ، وإذا رأت الطهر صلت ، تفعل ذلك ما بينها وبين ثلاثين يوما ، فإذا مضت ثلاثون يوما ثم رأت دما صبيبا (٢) اغتسلت واحتشت بالكرسف واستثفرت (٣) في وقت كل صلاة ، وإذا رأت صفرة توضأت (٤).

__________________

(١) الشفران ـ بالضم فالسكون ـ : اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم.

(٢) الصبيب فعيل من الصب بمعنى السكب. أي مصبوبا.

(٣) الاستثفار ـ بالثاء المثلثة والفاء والراء ـ أن تدخل إزارها بين فخذيها ملويا ، أو تأخذ خرقة طويلة تشد أحد طرفيها من قدام وتخرجها من بين فخذيها وتشد طرفها الآخر من خلف مأخوذ من استثفر الكب إذا دخل ذنبه بين رجليه. والاحتشاء بالكرسف أن تدخله فرجها لتحبس الدم. ( الوافي )

(٤) روى الشيخ في كتابيه بمضمون هذا الكلام رواية ثم قال في توجيهها وتوجيه رواية قبلها كلاما طويلا حاصله أن هذا الحكم خاص بالمستحاضة التي اختلطت عليها أيام عادتها في الحيض وتغيرت واستمرت بها الدم وتشتبه صفة الدم فترى ما يشبه دم الحيض أياما وما يشبه دم الاستحاضة أياما ولم يتحصل لها العلم بأحدهما فان فرضها أن تترك الصلاة في الأيام التي يشبه الحيض وتصلى فيما يشبه الاستحاضة إلى شهر وتعمل بعد ذلك عمل المستحاضة. وقال المولى المجلسي (ره) : لما كانت الرواية مخالفة للاخبار الكثيرة الدالة على أن أقل الطهر عشرة أيام لم يعمل بها أكثر الأصحاب ويعمل عليه القدماء في المبتدئة والمضطربة. وقال العلامة (ره) في المختلف : « الظاهر مراد ابن بابويه ( حيث أفتى بعبارة الخبر ) أنها ترى الدم بصفة دم الحيض أربعة والطهر الذي هو النقاء خمسة أيام وترى تتمة العشرة أو الشهر بصفة دم الاستحاضة فإنها تحيض بما هو بصفة الحيض » وأنكر عليه بعض المحشين للفقيه ، وقال استاذنا الشعراني ـ مد ظله ـ في هامش الوافي : تفسير العلامة في المختلف صحيح لا غبار عليه ، وليس الرواية مخالفة لاخبار كثيرة وكان المحشيين رحمهما‌الله فرضا الكلام في امرأة واحدة طرأت عليها أربعة حالات ، الدم خمسة أيام ثم الطهر خمسة أيام ثم الدم

٩٨

والمرأة الحائض إذا رأت الطهر في السفر وليس معها ماء يكفيها لغسلها وحضرت الصلاة فإن كان معها من الماء قدر ما تغسل به فرجها غسلته وتيممت وصلت ، وحل لزوجها أن يأتيها في تلك الحال إذا غسلت فرجها وتيممت ، ولا يجوز للنساء أن ينظرن إلى أنفسهن في المحيض (١) لأنهن قد نهين عن ذلك.

٢٠٤ ـ وسأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الحائض ما يحل لزوجها منها؟ قال : تتزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرتها ثم له ما فوق الإزار » (٢).

٢٠٥ ـ وذكر عن أبيه عليهما‌السلام « أن ميمونة (٣) كانت تقول : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يأمرني إذا كنت حائضا أن أتزر بثوب ثم أضطجع معه في الفراش ».

__________________

أربعة ثم الطهر ستة مع أن غرض السائل التنويع بأن يكون امرأتان إحديهما رأت الدم خمسة والطهر خمسة ثم استمر عليها الدم ، والأخرى رأت الدم أربعة ثم الطهر ستة ثم استمر الدم وحكم هاتين المرأتين أن تجعلا الطهر مع ما لحقه من الدم إلى آخر الشهر طهرا وما سبق من الدم على الطهر حيضة فلا يصير الطهر حيضة فلا يصير الطهر أقل من عشرة أيام.

(١) أي إلى فرجهن فيمكن حمله على أنه لا يجوز لهن التزيين أي لا يتوجهن إلى أنفسهن بان يتزين ( مراد ) وفى المحكى عن النهاية قوله : « أن ينظرون » من التنظير وهو تزيين أنفسهن ليصير الزوج مايلا إليهن.

(٢) الظاهر المراد بما فوق الإزار أعالي بدنها ويمكن الحمل على ما هو خارج عن الإزار فيشمل ما تحت الركبتين. ( مراد ) وقال المولى المجلسي (ره) : الخبر الصحيح يدل على كراهة الاستمتاع من الحائض بما بين السرة والركبة كما عليه أكثر الأصحاب جمعا بين الاخبار ، وذهب جماعة إلى الحرمة عملا بظاهر هذا الخبر وغيره من الاخبار القوية على أنه يمكن حملها على التقية والحمل الأول أولى.

(٣) هي ميمونة بنت الحارث الهلالية من ولد عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة ، تزوج النبي بها وبنى بها بسرف ـ على عشرة أميال من مكة ـ بعد عمرة القضاء. وكانت قبل أن يتزوجها تحت أبى سبرة بن أبي رهم العامري. وتوفيت بسرف سنة ثمان وثلاثين ودفنت هناك كما في المعارف لابن قتيبة الدينوري.

٩٩

٢٠٦ ـ قال : « وكن نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يقضين الصلاة (١) إذا حضن ولكن يتحشين حين يدخل وقت الصلاة ويتوضين ، ثم يجلسن قريبا من المسجد (٢) فيذكرن الله عزوجل ».

٢٠٧ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام « في امرأة ادعت أنها حاضت في شهر واحد ثلاث حيض : إنه تسأل نسوة من بطانتها (٣) هل كان حيضها فيما مضى على ما ادعت؟ فإن شهدن صدقت وإلا فهي كاذبة ».

٢٠٨ ـ وسأل عمار بن موسى الساباطي أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الحائض تغتسل وعلى جسدها الزعفران (٤) لم يذهب به الماء ، قال : لا بأس به. وعن المرأة تغتسل وقد امتشطت بقرامل (٥) ولم تنقض شعرها كم يجزيها من الماء؟ قال : مثل الذي يشرب شعرها (٦) وهو ثلاث حفنات على رأسها وحفنتان على اليمين وحفنتان على اليسار ، ثم تمر يدها على جسدها كله ».

٢٠٩ ـ « وكان بعض نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ترجل شعرها وتغسل رأسها وهي حائض ».

__________________

(١) الظاهر أن القضاء هنا بمعنى الاتيان والفعل لا المعنى المصطلح.

(٢) يعنى مسجد المدينة كما هو الظاهر لأنه كانت بيوت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله متصلة بالمسجد ، ولو كان المراد موضع صلاتهن لما قال « قريبا » ، وعلله في المعتبر بالتمرين على العبادة.

(٣) أي من خواصها وحاصلها أن ذلك أمر خلاف الغالب إذ الغالب أن يرى في كل شهر مرة.

(٤) أي لون الزعفران بحيث لا يمنع وصول الماء ولا يصير مضافا بوصوله إليه.

(٥) اي فعلت ما تفعله الماشطة من التزيين. والظاهر أن المراد أنها امتشطت مع كون القرامل بحالها ، والقرمل ما تشده المرأة في شعرها من الخيوط أو ما وصلت به من الشعر والصوف.

(٦) أي مثل الماء الذي يشربه شعرها أي مقدار الماء الذي إذا صب على الشعر وصل إلى البشرة ، وفى بعض النسخ « نشرت شعرها » من باب التفعيل. والحفنة ملء الكف.

١٠٠