كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٩٩

مكانه ثم شك في شئ من وضوئه فلا يلتفت إلى الشك إلا أن يستيقن ، ومن شك في الوضوء وهو على يقين من الحدث فليتوضأ ، ومن شك في الحدث وكان على يقين من الوضوء فلا ينقض اليقين بالشك إلا أن يستيقن ، ومن كان على يقين من الوضوء والحدث ولا يدري أيهما أسبق فليتوضأ (١).

باب

* ( ما ينقض الوضوء ) *

١٣٧ ـ سأل زرارة بن أعين أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما‌السلام « عما ينقض الوضوء فقالا : ما خرج من طرفيك الأسفلين (٢) الذكر والدبر من غائط أو بول أو مني أو ريح ، والنوم (٣) حتى يذهب العقل » (٤).

ولا ينقض الوضوء (٥) ما سوى ذلك من القئ والقلس والرعاف والحجامة

__________________

(١) راجع نصوصها الكافي ج ٣ ص ٣٣ و ٣٤.

(٢) ظاهر هذا الخبر الحصر لكن لم يذكر فيه الدماء ومس الأموات فيمكن أن يكون الحصر إضافيا بالنسبة إلى ما قاله أكثر العامة من القئ والقلس ( والقلس : ما خرج من البطن إلى الفم من الطعام والشراب فإذا غلب فهو القئ ) أو يحمل على الحقيقة بالنظر إلى الرجال بقرينة الذكر ، وفى مس الميت لم يظهر لنا دليل على النقض وان قلنا بوجوب الغسل نعم الأحوط الوضوء ، والأولى النقض ثم الوضوء مع أن الظاهر أنه إذا اغتسل لا يحتاج إلى الوضوء لعموم الأخبار الصحيحة في أن « أي وضوء أطهر من الغسل » (م ت).

(٣) قوله « حتى يذهب العقل » فيه ايماء إلى أن كل ما يذهب به العقل ناقض للوضوء وقوله « ولا ينقض الوضوء ـ الخ » تأكيد للحصر المذكور ردا على المخالفين ( مراد ).

(٤) لم يذكر الجنون والاغماء والسكر في الجواب وإن كان في قوله « حتى يذهب العقل » اشعار بها. ( سلطان )

(٥) الظاهر أنه من كلام الصدوق ـ رحمه‌الله ـ (م ت).

٦١

والدماميل والجروح والقروح ، ولا يوجب الاستنجاء (١).

١٣٨ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « ليس في حب القرع والديدان الصغار (٢) وضوء إنما هو بمنزلة القمل ».

وهذا (٣) إذا لم يكن فيه ثفل ، فإذا كان فيه ثفل ففيه الاستنجاء والوضوء.

وكلما خرج من الطرفين من دم وقيح ومذي ووذي وغير ذلك فلا وضوء فيه ولا استنجاء ما لم يخرج بول أو غائط أو ريح أو مني (٤).

١٣٩ ـ وقال عبد الرحمان بن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام : « أجد الريح في بطني حتى أظن أنها قد خرجت ، فقال : ليس عليك وضوء حتى تسمع الصوت (٥) ، أو تجد الريح ، ثم قال : إن إبليس يجلس بين أليتي الرجل فيحدث ليشككه ». (٦)

__________________

(١) قوله « ولا يوجب الاستنجاء » أي ما سوى المذكور يخرج من الذكر والدبر من وذي أو مذي أو دود وغيرها لا يوجب الاستنجاء كما لا يوجب الوضوء وذلك لا يستلزم أن يكون كل ما ذكر موجبا للاستنجاء حتى يلزم كون الريح موجبا له واما خروج الدم من الموضعين وإن كان موجبا للغسل لكن لا يسمى ذلك الغسل استنجاء ( مراد ).

(٢) يطلق حب القرع على يدان عراض في المعا الأعور والقولون يشبه بحب القرع ولذا سميت به ( بحر الجواهر ).

(٣) من كلام المؤلف ويدل عليه موثق عمار الساباطي المروى في التهذيب ج ١ ص ٤ و ٥٨ عن أبي عبد الله (ع) قال : « سئل عن الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حب ـ القرع كيف يصنع؟ قال : إن كان خرج نظيفا من العذرة فليس عليه شئ ولم ينقض وضوءه وان خرج متلطخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء ، وإن كان في الصلاة قطع الصلاة وأعاد الوضوء والصلاة ».

(٤) ففي البول والغائط الاستنجاء والوضوء ، وفى الريح الوضوء بدون الاستنجاء ، وفى المنى بالعكس ( مراد ) يعنى فيه الغسل.

(٥) كناية عن تحقيق وقوعه لا بمجرد التوهم أو الظن الذي لا يجرى مجرى العلم مما يمكن أن يكون من فعل الشيطان. ( مراد ) والطريق صحيح.

(٦) المراد بحدث الشيطان التوهمات التي تحمل للموسوسين (م ت).

٦٢

١٤٠ ـ وسأل زرارة أبا جعفر عليه‌السلام « عن الرجل يقلم أظافيره ويجز شاربه ويأخذ من شعر لحيته ورأسه هل ينقض ذلك الوضوء؟ فقال : يا زرارة كل هذا سنة والوضوء فريضة ، وليس شئ من السنة ينقض الفريضة ، وإن ذلك ليزيده تطهيرا » (١).

١٤١ ـ وسأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الرجل يأخذ من أظافيره وشاربه أيمسحه بالماء؟ فقال : لا (٢) هو طهور » (٣).

١٤٢ ـ وسئل عن إنشاد الشعر هل ينقض الوضوء؟ فقال لا

١٤٣ ـ وسأله سماعة بن مهران « عن الرجل يخفق (٤) وهو في الصلاة قائما أو راكعا؟ قال : ليس عليه وضوء » (٥).

١٤٤ ـ وسئل موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن الرجل يرقد وهو قاعد (٦) هل

__________________

(١) لعل المراد بالسنة السنة التي وضعت للتطهير اما بان يكون قوله : « وان ذلك الخ » جملة حالية أو تحمل السنة على هذا الفرد بقرينة ما بعده فلا ينتقض بالجماع لأنه ليس وضعه للتطهير وعلى التقادير الزام على العامة بمثل ما يعتبرونه من الاستحسانات ، و يوجه بأن الوضوء فريضة من فرائض الله تعالى على عباده وقرر لنقضها الاحداث المذكور في القرآن والسنة المتواترة فكيف ينقضه ما جعله الله سبحانه للتطهير مثل المذكورات (م ت).

(٢) قوله (ع) : « لا » الظاهر أن المراد انه لا يجب مسحه بالماء ويمكن أن يكون السائل جعل المسح كناية عن الوضوء. وقوله (ع) « هو طهور » تشبيه أي كالطهور في التنظيف فلا يحتاج إلى التطهير. ( مراد ). والطريق إلى إسماعيل بن جابر صحيح ( صه )

(٣) يحتمل أنه يعنى به الطاهر أي المذكور طاهر فلا حاجة إلى استعمال الماء ويحتمل انه بمعنى المطهر أي الاخذ المذكور مطهر فكيف يوجب التطهير ( سلطان ).

(٤) الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم. ويخفق أي أخذته سنة من النعاس فحرك رأسه وهو ناعس.

(٥) حمل على ما إذا لم يغلب النوم على العقل أي المشاعر.

(٦) الرقاد : النوم والمراد بالرقود هنا مقدمته أي النعاس بقرينة قوله « وهو قاعد » إذ الغالب في القاعد هو النعاس (م ت).

٦٣

عليه وضوء؟ فقال : لا وضوء عليه ما دام قاعدا (١) إن لم ينفرج » (٢).

١٤٥ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « ليس في القبلة ولا المباشرة ولا مس الفرج وضوء ».

١٤٦ ـ وروى حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « إذا كان الرجل يقطر منه البول والدم إذا كان حين الصلاة اتخذ كيسا وجعل فيه قطنا ثم علقه عليه وأدخل ذكره فيه ، ثم صلى ، يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر (٣) يؤخر الظهر ويعجل العصر بأذان وإقامتين ، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء بأذان إقامتين ، ويفعل ذلك في الصبح » (٤).

١٤٧ ـ وسأل عبد الله بن أبي يعفور أبا عبد الله عليه‌السلام « عن رجل بال ثم توضأ وقام إلى الصلاة فوجد بللا ، قال لا شئ عليه ولا يتوضأ » (٥).

__________________

(١) إشارة إلى أن المراد بالرقود النعاس إذ الغالب عند عدم انفراج الأعضاء وبقائها على حالها لا يحصل النوم الذاهب للعقل ، ويمكن حمل الكلام على التقية ( مراد ).

(٢) محمول على النعاس الذي يسمع الصوت معه ، أو على التقية لموافقته لمذهب كثير من العامة في أن النوم بنفسه ليس بناقض لي باعتبار خروج الريح ، والظاهر من الصدوق أنه عمل به كما نقل عنه ، والعمل على المشهور ، ولو احتاط بالنقض بحدث والوضوء بعده كان أو أولى خروجا من خلافه (م ت).

(٣) يدل على أن من به السلس يكفيه وضوء واحد للصلاتين والمشهور خلافه ( سلطان ) وقال بعض : لعل الجمع بين الصلاة لعدم إعادة الاذان لأنه إذا فصل بينهما يستحب الاذان ، أو لعدم تعدد الوضوء لكل صلاة ، العدم وقوع الحدث الكثير. والطريق صحيح.

(٤) قيل : الظاهر أن اسم الإشارة راجع إلى اتخاذ الكيس ويتحمل أن يرجع إلى أصل الوضوء والى جميع ما تقدم ويكون الجمع مع صلاة الليل. وقال التفرشي : قوله : « يؤخر الظهر » أي يوقعها في آخر فضيلتها ويوقع العصر في أول وقتها ليقع كل منهما في الفضيلة ، ويستفاد من ظاهر الحديث جواز الاتيان بصلاتين بوضوء واحد لمن به السلس.

(٥) الطريق موثق أو حسن ورواه الكليني ج ٣ ص ١٩ وظاهره الاطلاق وحمل على ما بعد الاستبراء لاخبار أخر (م ت).

٦٤

١٤٨ ـ وروى غيره (١) « في الرجل يبول ، ثم يستنجي ، ثم يرى بعد ذلك بللا أنه إذا بال فخرط ما بين المقعدة والأنثيين ثلاث مرات وغمز ما بينهما (٢) ثم استنجى ، فإن سال ذلك حتى بلغ السوق فلا يبالي » (٣).

وإذا مس الرجل باطن دبره أو باطن إحليله فعليه أن يعيد الوضوء ، وإن كان في الصلاة قطع الصلاة وتوضأ وأعاد الصلاة ، وإن فتح إحليله أعاد الوضوء والصلاة (٤).

ومن احتقن أو حمل شيافة [ قذرا ] فليس عليه إعادة الوضوء وإن خرج ذلك منه إلا أن يكون مختلطا بالثفل فعليه الاستنجاء والوضوء.

باب

* ( ما ينجس الثوب والجسد ) *

١٤٩ ـ كان أمير المؤمنين عليه‌السلام : « لا يرى في المذي وضوء أو لا غسل ما أصاب

__________________

(١) هو عبد الملك بن عمرو كما في التهذيب ج ١ ص ٧ وسنده حسن كالصحيح وطريق الصدوق إليه فيه الحكم بن مسكين وهو مهمل.

(٢) أي بين الأنثيين ، ولعل المراد كون ابتداء الغمز مما بين الأنثيين وهو أصل الذكر ( مراد ).

(٣) السوق جمع ساق وهو ما بين الركبة إلى الكعب.

(٤) هذا مذهب الصدوق ـ رحمه‌الله ـ على ما نقل عنه ووافقه ابن الجنيد واحتج المصنف بخبر عمار الساباطي المروى في التهذيب ج ١ ص ٩٩ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال « سئل عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن دبره؟ قال : نقض وضوؤه وان مس باطن إحليله فعليه أن يعيد الوضوء وإن كان في الصلاة قطع الصلاة ويتوضأ ويعيد الصلاة ـ الحديث » وأجيب أولا بكونه معارضا لصحاح اخر وموافقا لمذهب العامة فيحمل على التقية.

(٥) في بعض النسخ بدون « قذرا » وفى بعضها « شيئا قذرا ». وقوله « قذرا » أي نجسا قبله خصصه بالقذر إذا دخل في الجوف وخرج منه انه لا يلزم الوضوء حيث إن خروج القذر الذي كان فيه يوجبه وإذا كان حمل القذر لا يوجب الوضوء فحمل الطاهر لا يوجبه بطريق أولى ( مراد )

٦٥

الثوب منه » (١).

١٥٠ ـ وروي أن المذي والوذي بمنزلة البصاق والمخاط (٢) فلا يغسل منهما الثوب ولا الإحليل وهي (٣) أربعة أشياء : المني ، والمذي ، والوذي ، والودي.

فأما المني فهو الماء الغليظ الدافق الذي يوجب الغسل.

والمذي ما يخرج قبل المني والوذي ما يخرج بعد المني على أثره ، والودي ما يخرج على أثر البول ، لا يجب في شئ من ذلك (٤) الغسل ولا الوضوء ولا غسل ثوب ولا غسل ما يصيب الجسد منه إلا المني.

١٥١ ـ وسأل عبد الله بن بكير (٥) أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الرجل يلبس الثوب

__________________

(١) قوله و « لا غسل ما ـ » بالإضافة. وفى بعض النسخ « ولا غسلا » بفتح الغين مصدر والموصول مفعولة مفعوله. ( مراد )

(٢) البزاق والبصاق بضم الباء ـ : ألفاظ مترادفة وهو ماء الفم إذا خرج منه وهو ريق ما دام فيه ، وفى الصحاح المخاط ما يسيل من الانف. ( مراد )

(٣) « هي » ضمير القصة وما بعدها مفسر لها « وأربعة أشياء » مبتدأ وقوله : المنى والمذي والوذي والودي بدل منها ، وقوله : « لا يجب شئ من ذلك » خبر له. وفى بعض النسخ « في أربعة أشياء ».

(٤) قوله « شئ من ذلك » بدل من قوله « في أربعة أشياء » فهو متعلق بلا يجب فيصير الكلام في قوة في شئ من أربعة أشياء لا يجب الغسل ولا الوضوء ـ الخ ، والترتيب الطبيعي يقتضى تقديم الوضوء لان الغسل أكلم منه فيقال : لا يقدر على هذا وزير ولا أمير ولو عكس اختل النظم ، لكن لما كان المذي أشبه بالمنى فتوهم ايجابه الغسل أقوى من توهم ايجابه الوضوء فرفع توهم الأول أهم. وفى حاشية المحقق الشيخ على (ره) على الشرايع المذي ماء لزج يخرج عقيب الملاعبة بعد انكسار الشهوة. والوذي بالمعجمة ما يخرج عقيب الانزال والودي بالمهملة ماء أبيض غليظ عقيب البول ( مراد ).

(٥) الطريق قوي.

٦٦

وفيه الجنابة (١) فيعرق فيه ، فقال : إن الثوب لا يجنب الرجل » (٢).

١٥٢ ـ وفي خبر آخر أنه « لا يجنب الثوب الرجل ولا الرجل يجنب الثوب ».

١٥٣ ـ وسأل زيد الشحام أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الثوب يكون فيه الجنابة (٣) وتصيبني السماء حتى يبتل علي ، فقال : لا بأس به ».

وإذا نام الرجل على فراش قد أصابه مني فعرق فيه فلا بأس به (٤).

ومتى عرق في ثوبه وهو جنب فليتنشف فيه إذا اغتسل (٥) ، وإن كانت الجنابة من حلال فحلال الصلاة فيه ، وإن كانت من حرام فحرام الصلاة فيه ، وإذا عرقت الحائض في ثوب فلا بأس بالصلاة فيه.

١٥٤ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لبعض نسائه : « ناوليني الخمرة (٧) فقالت له : أنا حائض ، فقال لها : أحيضك في يدك ».

__________________

(١) الضمير راجع إلى الثوب ، يعنى رجل لبس ثوبا أصابه المنى فيعرق فيه.

(٢) ولعل مقصود السائل تحقيق حكم عرق الجنب فيكون معنى الكلام أن الرجل يلبس ثوبا حصلت فيه الجنابة سابقا فيعرق فيه فقال عليه‌السلام : ان الثوب لا يجنب الرجل أي الثوب الذي حصلت فيه الجنابة وقتا ما لا تأثير له في حال الرجل من تنجسه وغير ذلك بل هو طاهر. وكذا القول في الخبر الآخر أي لا تأثير لجنابة لرجل في الثوب ولا الثوب الملبوس حال الجنابة في الرجل لو لبسه بعد ذلك فعرق فيه ( سلطان ).

(٣) في الطريق أبو جميلة وهو ضعيف ورواه الكليني بسند موثق كالصحيح. وكأنه كناية عن إصابة المنى لكن يوجه بالوجه الذي ذكر في الحديث السابق. يعنى المراد الثوب الذي كان يلبسه ويجامع فيه سابقا. وقد حمله بعضهم اما على كثرة ماء المطر بحيث يطهر الثوب أو على التقية.

(٤) لان مجرد العرق لا يوجب التنجس الا إذا علم وصول النجاسة إليه.

(٥) يعنى لا مانع بالتنشف بالثوب الذي عرق فيه الجنب لأنه لا يتعدى الجنابة إلى الثوب وأيضا عرق الجنب لا ينجس الثوب. وحمله الشيخ ـ رحمه‌الله ـ على ما كان من حرام.

(٦) يعنى لو كانت الجنابة من الحرام لا يجوز الصلاة فيه مطلقا أو حال كونه رطبا بذلك العرق وذهب إلى كل جماعة.

(٧) الخمرة ـ بالضم ـ : سجادة صغيرة تعمل من سعف النخل وتزمل بالخيوط.

٦٧

١٥٥ ـ وسأل محمد الحلبي أبا عبد الله عليه‌السلام « عن رجل أجنب في ثوبه (١) وليس معه ثوب غيره ، قال : يصلي فيه فإذا وجد الماء غسله » (٢).

١٥٦ ـ وفي خبر آخر « وأعاد الصلاة » (٣).

والثوب إذا أصابه البول غسل في ماء جار مرة ، وإن غسل في ماء راكد فمرتين ثم يعصر (٤) ، وإن كان بول الغلام الرضيع صب عليه الماء صبا ، وإن كان قد أكل الطعام غسل ، والغلام والجارية في هذا سواء (٥).

١٥٧ ـ وقد روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال : « لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب قبل أتطعم لان لبنها يخرج من مثانة أمها (٦) ، ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب قبل أن يطعم ولا بوله (٧) لان لبن الغلام يخرج من المنكبين والعضدين ».

__________________

(١) الطريق صحيح. و « أجنب ثوبه » يعنى احتلم فيه.

(٢) ظاهره صحة الصلاة فيه مطلقا ، ويمكن حمله على ما إذا لم يقدر على أن يطرحه عند الصلاة لبرد أو غيره ( كوجود ناظر محترم ) ويصلى عريانا ( مراد ).

(٣) محمول على الاستحباب. وقال الفاضل التفرشي : « لا منافاة بين هذا الخبر والخبر الأول إذ ليس فيه أنه لا يعيد الصلاة ». أقول : فيه نظر لاستلزامه تأخير البيان عن وقت الحاجة.

(٤) « ثم يعصر » ظاهره الاكتفاء في الغسلتين بعصر واحد بعدهما ، ولعل المراد بيان أن الغسل في الماء الجاري بادخال النجس فيه وفى حكمه الكر لا يحتاج إلى العصر بخلاف الماء الراكد يصب على المحل فإنه لابد في تحقق الغسل فيه من العصر فكأنه قال : لا يكتفى في المرتين بورود الماء على المحل بل لابد في كل من عصر. ( مراد ) أقول : « في ماء راكد » « في » بمعنى الباء والمراد بالراكد ما كان أقل من الكر ولذا قال : صب عليه الماء.

(٥) أي بعد أكل الطعام.

(٦) بيان للحكم وليس استدلالا ليرد أن خروجه من مثانة الام لا يستلزم تنجسه بعد استحالته لبنا والانتقال إلى جوفها واستحالته بولاء. ( مراد ).

(٧) التقييد باعتبار عطف البول على اللبن إذ لا دخل لهذا القيد في طهارة اللبن



٦٨

١٥٨ ـ وسأل حكم بن حكيم ابن أخي خلاد (١) أبا عبد الله عليه‌السلام « فقال له : أبول فلا أصيب الماء وقد أصاب يدي شئ من البول فأمسحه بالحائط وبالتراب ثم تعرق يدي فأمس وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي ، فقال : لا بأس به » (٢).

١٥٩ ـ وسأل إبراهيم بن أبي محمود الرضا عليه‌السلام « عن الطنفسة والفراش يصيبهما البول كيف يصنع وهو ثخين كثير الحشو؟ فقال : يغسل منه ما ظهر في وجهه » (٣).

١٦٠ ـ وسأل حنان بن سدير أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : « إني ربما بلت فلا

__________________

فكأنه عليه‌السلام قال : ولبن الغلام وبوله لا يغسل منه الثوب قبل أن يطعم لان ـ ا ه ـ وذلك لأن مرتبة العطف على المسند إليه مقدم على مرتبة الحكم لان كونه بحيث يشاركه غيره في الحكم من صفاته المعتبرة فيه ( مراد ) وقال الشيخ في التهذيبين : إنما نفى غسل الثوب منه كما يغسل من بول الرجل أو بوله بعد أن يأكل الطعام ولم ينف أن يصب الماء عليه ، وليس كذلك حكم بول الجارية لان بولها لابد من غسله ـ انتهى.

وقال المجلسي الأول ـ رحمه‌الله ـ : الخبر رواه الشيخ عن النوفلي عن السكوني والسند ضعيف لكن شهادة الصدوق بصحته تمنع من رده مع كونه منجبرا بعمل الأصحاب ويدل على الفرق بين بول الرضيع والرضيعة كما هو المشهور بين الأصحاب ، فلابد من حمل الخبر الأول على الفطيم ، وان حمل على الرضيع والتسوية بينه وبين الجارية فلابد من حمل الثاني على الاستحباب أو التقية.

(١) كذا وفى كتب الرجال « حكم بن الحكيم أبو خلاد الصيرفي » والطريق صحيح.

(٢) يحتمل توجيهه بان وصول موضع النجاسة إلى الوجه أو بعض الجسد أو الثوب غير متيقن فلا بأس بالثوب وسائر الجسد والوجه وإن كان اليد نجسة ، وهذا إذا لم يكن المس بكل اليد ، ويمكن حمل عدم البأس على صحة الصلاة من حيث عدم الصابة الماء وعدم القدرة عليه كما يشعر به كلام السائل. ( سلطان )

(٣) اما محمول على عدم ظهور أن البول دخل في عمق ما سئل عنه ، واما على غسل الظاهر بوضعه في الجاري ، أو غسله على وجه لا يصل الماء إلى القطن عند الغسل ، أو على القول بطهارة الغسالة ، فلا ينجس الماء المنفصل عن القطن الملاقى لوجه المغسول ( مراد ).

٦٩

أقدر على الماء ويشتد ذلك علي ، فقال : إذا بلت وتمسحت فامسح ذكرك بريقك (١) فان وجدت شيئا فقل : هذا من ذاك » (٢).

١٦١ ـ وسئل عليه‌السلام « عن امرأة ليس لها إلا قميص واحد ولها مولود فيبول عليها كيف تصنع؟ قال : تغسل القميص في اليوم مرة » (٣).

١٦٢ ـ وقال محمد بن النعمان لأبي عبد الله عليه‌السلام : « أخرج من الخلاء فأستنجي بالماء فيقع ثوبي في ذلك الماء الذي استنجيت به ، فقال : لا بأس به وليس عليك شئ » (٤).

١٦٣ ـ وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام « في طين المطر : إنه لا بأس به أن يصيب الثوب ثلاثة أيام إلا أن يعلم أنه قد نجسه شئ بعد المطر فإن أصابه بعد ثلاثة أيام غسله ، وإن كان طريقا نظيفا لم يغسله » (٥).

١٦٤ ـ وسأل أبو الأعز النخاس أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : إني أعالج الدواب فربما خرجت باليل وقد بالت وراثت فتضرب إحداها بيدها أو برجلها (٦) فينضح على

__________________

(١) قيل : هذا الخبر متروك عند الأصحاب كما نبه عليه الشهيد (ره) في الذكرى.

(٢) « فقل هذا من ذاك » أي هذا الذي وجدت على الثوب أو البدن من رطوبة من ذاك الريق الذي مسحته على الذكر في غير محل البول لا من البول الباقي على الذكر ( مراد ) ولعل المراد مسح ما عدا مخرج البول بالريق لأجل أنه لو رأى بللا بعد ذلك حمله على أنه من الريق لا من البول. ( سلطان )

(٣) لعل المراد اليوم بليلته وهذا اطلاق شايع. ( مراد )

(٤) حمل على ما لم تكن فيه أجزاء النجاسة مميزة. وقال المولى المجلسي : الخبر حسن كالصحيح دل على طهارة ماء الاستنجاء ظاهرا ويؤيده أخبار آخر ، وقيل بالعفو دون الطهارة.

(٥) لعل المراد غسله استحبابا ( مراد ) والمشهور بين الأصحاب استحباب إزالة طين المطر بعد مضى ثلاثة أيام بعد انقطاعه وانه لا بأس في الثلاثة ما لم يعلم فيه نجاسة ( الشيخ محمد ).

(٦) طريق الصدوق إليه حسن وطريق الكليني إليه صحيح وله كتاب هو معتمد الصدوقين وعمل به أكثر الأصحاب ويعارضه أخبار أخر عنهم عليهم‌السلام بالامر بغسل أبوال الدواب دون أرواثها وحملها أكثر الأصحاب على الاستحباب جمعا بين الاخبار وظاهر بعضهم وجوب الاجتناب وهو الأحوط (م ت) وقوله « برجلها » في بعض النسخ « بيدها ورجليها ».

٧٠

ثوبي؟ فقال : لا بأس به.

ولا بأس بخرء الدجاجة والحمامة يصيب الثوب ، ولا بأس بخرء ما طار وبوله ، ولا بأس ببول كل شئ أكل لحمه فيصيب الثوب ، ولا بأس بلبن المرأة المرضعة يصيب قميصها فيكثر وييبس (١).

١٦٥ ـ وسئل الرضا عليه‌السلام « عن الرجل يطأ في الحمام وفي رجليه الشقاق (٢) فيطأ البول والنورة ، فيدخل الشقاق أثر أسود مما وطئه من القذر وقد غسله كيف يصنع به وبرجله التي وطئ بها أيجزيه الغسل؟ أن يخلل (٣) [ أظفاره ] بأظفاره (٤) ويستنجي فيجد الريح من أظفاره ولا يرى شيئا؟ فقال : لا شئ عليه من الريح والشقاق (٥) بعد غسله ».

ولا بأس أن يتدلك الرجل في الحمام بالسويق والدقيق والنخالة ، فليس فيما ينفع البدن إسراف إنما الاسراف فيما أتلف الماء وأضر بالبدن.

والدم إذا أصاب الثوب فلا بأس بالصلاة فيه ما لم يكن مقداره مقدار درهم

__________________

(١) في بعض النسخ « ويلبس ».

(٢) قال في الصحاح : « تقول : بيد فلان وبرجله شقوق ، ولا تقل شقاق ، وإنما الشقاق داء يكون بالدواب وهو تشقق يصيب أرساغها ، وربما ارتفع إلى أوظفتها ».

(٣) في بعض النسخ « يحكك ».

(٤) قوله « يخلل بأظفاره » في بعض النسخ « أظفاره بدون الباء ، وفى بعضها » أظفاره بأظفاره والنسخة الأولى أوفق بالسؤال ، أو ظاهره السؤال عن كفاية الغسل عن ادخال الأظفار في تلك الشقوق لا تخليل الأظفار لئلا يبقى فيه شئ من تلك النجاسة الداخل تحتها عند ازالتها عن الشقوق الا أن يحمل على أن الشقاق تحت أظفاره ، وقوله : « ويستنجى فيجد الريح » عطف على قوله : « يطأ » أي عن الرجل يستنجى فيجد الريح فيكون سؤالا ثانيا. ( مراد )

(٥) لعله لموافقة قول السائل أو يكون ما في الصحاح وهما.

٧١

واف (١) ، والوافي ما يكون وزنه درهما وثلثا ، وما كان دون الدرهم الوافي فقد يجب غسله (٢) ولا بأس بالصلاة فيه.

وإن كان الدم دون حمصة فلا بأس بأن لا يغسل (٣) إلا أن يكون دم الحيض فإنه يجب غسل الثوب منه ومن البول والمني قليلا كان أو كثيرا وتعاد منه الصلاة علم به أو لم يعلم.

١٦٦ ـ وقال علي عليه‌السلام : « ما أبالي أبول أصابني أو ماء إذا لم أعلم » (٤).

١٦٧ ـ وقد روي في المني « أنه إذا كان الرجل جنبا حيث قام ونظر وطلب فلم يجد شيئا فلا شئ عليه ، فإن كان لم ينظر ولم يطلب فعليه أن يغسله ويعيد صلاته ». (٥)

__________________

(١) الظاهر المراد قدر سعته لا وزنه وحكاية الوزن لتعيين الدرهم وتميزه. ( سلطان )

(٢) أي فيما يشترط فيه الطهارة غير الصلاة ، أو المراد نجاسته بمعنى أنه لا يتوهم من جواز الصلاة فيه طهارته (م ت).

(٣) يمكن الجمع بينهما بان تكون المراد بالدرهم سعته وبالحمصة وزنه ، فان قدر الحمصة إذا وقعت على الثوب أو البدن يصير بقدر الدرهم في السعة ، لكن الجمع بين قولي الصدوق مشكل لان ظاهر كلامه أن العفو عن وزن الدرهم الوافي لا عن السعة الا أن يأول بأن مراده السعة مع الكبر كما نقل أنه كان بقدر أخمص الراحة أو رؤوس الابهام أو المدور الذي قطره طول رأس الابهام وفى بعض النسخ « خمصه » بالخاء المعجمة والصاد المهملة بمعنى أخمص الراحة وكأنه تصحيف أو بحمل الخبر الثاني على الاستحباب. وفى المتفرق خلاف والظاهر من الاخبار أنه إذا كان قدر الدرهم حال الاجتماع يجب ازالته (م ت).

(٤) أي لا حرج على في نفس الامر إذا استمر عدم العلم ، فلا ينافي ما ذكر في السابق. وقال المولى التفرشي : ظاهر المساواة بينهما فيدل ظاهره على عدم وجوب إعادة الصلاة بذلك في الوقت وخارجه. أقول : في سند هذا الخبر على طريق الكليني والشيخ حفص بن غياث وهو رجل عامي من قضاتهم ولى القضاء ببغداد الشرقية لهارون ثم ولاه قضاء الكوفة.

(٥) ظاهره أنه إذا حصل عند الانسان أمارة الجنابة من رؤيا أو غيره فان تفحص ولم ير شيئا من المنى في ثوبه وبدنه ثم بعد الصلاة يراه لم يكن عليه شئ ، وان لم يتفص فرآه بعد الصلاة أعادها للتقصير في التفحص ( مراد ) والخبر مروى في الكافي ج ٣ ص ٤٠٥ وفى التهذيب ج ١ ص ١٢٠.

٧٢

ولا بأس بدم السمك في الثوب أن يصلي فيه الانسان قليلا كان أو كثيرا.

ومن أصاب قلنسوته أو عمامته أو تكته أو جوربه أو خفه مني أو بول أو دم أو غائط فلا بأس بالصلاة فيه (١) وذلك لان الصلاة لا تتم في شئ من هذا وحده.

ومن وقع ثوبه على حمار ميت فليس عليه غسله (٢) ولا بأس بالصلاة فيه.

ولا بأس أن يمس الرجل عظم الميت إذا جاز سنة ، ولا بأس أن يجعل سن الميت للحي مكان سنه (٣).

ومن أصاب ثوبه كلب جاف ولم يكن بكلب صيد فعليه أن يرشه بالماء ، وإن كان رطبا فعليه أن يغسله ، وإن كان كلب صيد وكان جافا فليس عليه شئ (٤) ، وإن كان رطبا فعليه أن يرشه بالماء (٥).

__________________

(١) المشهور عدم العفو عن العمامة لان الهيئة لا مدخل لها في عدم ستر العورتين بها فيلزم جواز الصلاة في كل ثوب نجس مطوى والظاهر أنه لا يقول به (م ت).

(٢) هذا إذا كان يابسا لا رطبا.

(٣) ذلك لان الغالب عدم بقاء اللحم والجلد بعد مضى سنة وعظم الميت ليس بنجس. وقال المولى التفرشي ظاهره : يشمل ميت الانسان وغيره ووجوب الغسل بمس العظم المجرد عند البعض لا يستلزم نجاسته. واستشكل المجلسي الأول من حيث وجوب الدفن ومن حيث عدم جواز الصلاة في جزء الحيوان غير المأكول اللحم وقال : يحمل على سن الشاة وما أشبهها.

وقال التفرشي : يدل على طهارة السن وعدم وجوب دفنه ان تفرد عن الميت وعلى جواز المقلوع من الحي مكان السن. ( مراد )

(٤) هذا القول مدفوع لعموم رواية الفضل أبى العباس في الصحيح قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام « إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله ، وان مسحه جافا صب الماء عليه » كذا قال العلامة في المنتهى والشهيد في الذكرى. ( سلطان )

(٥) المشهور نجاسة الكلب مطلقا ويجب الغسل إن كان رطبا وينضح إن كان يابسا ، وما قاله الصدوق من استثناء كلب الصيد يمكن أن يصل إليه خبر. (م ت)

٧٣

ولا بأس بالصلاة في ثوب أصابه خمر (١) لان الله عزوجل حرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب أصابته. فأما في بيت فيه خمر (٢) فلا يجوز الصلاة فيه (٣).

ومن بال فأصاب فخذه نكتة من بوله فصلى ثم ذكر أنه لم يغسله (٤) فعليه أن يغسله ويعيد صلاته (٥).

وإن وقعت فأرة في الماء ثم خرجت فمشت على الثياب فاغسل ما رأيت من أثرها وما لم تره انضحه بالماء. (٦)

__________________

(١) ظاهر الصدوق طهارة الخمر ، ويمكن حمل كلامه على العفو عنها ، والاخبار متعارضة وحمل أكثر الأصحاب اختار الجواز على التقية ويشكل بأن أكثرهم على النجاسة الا أن يقال : التقية كانت من ملوك بنى أمية وبنى العباس فإنهم كانوا يشربونها ويزاولونها والاستدلال بالآية أشكل واحتياط في الدين الاجتناب وإن كان الجمع بالاستحباب أسهل كما ذكر في المعتبر والله تعالى يعلم. (م ت)

(٢) يمكن توجيهه بان عين الخمر هنا موجودة باخلاف إصابة الثوب منها فربما كان للعين اثر لا يكون للأثر ( سلطان ).

(٣) روى أخبار بالنهي عن الصلاة في بيت فيه خمر وحملها الأصحاب على الكراهة الصدوق الحرمة وان أمكن حمل كلامه على الكراهة لاستعمالهم عدم الجواز في الكراهة كثيرا والأحوط أن لا يصلى فيه. (م ت)

(٤) « ثم ذكر » يدل على أنه كان عالما بذلك فنسي الإزالة وصلى. ( مراد ) أقول رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٧٦. باسناده عن الحسن بن زياد عن الصادق عليه‌السلام.

(٥) قد ذكر أن ناسي النجاسة يعيد في الوقت وجوبا على المشهور وفى الخارج استحبابا ، ويمكن حمل الرواية على الأعم ، وربما يقال باستحباب الإعادة مطلقا ويؤكد في الوقت ولا يخلو من قوة جمعا بين الاخبار. (م ت)

(٦) كما في رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام وظاهره النجاسة وحمل على الاستحباب جمعا بينه وبين صحيحه الاخر. (م ت) أقول : الخبر في التهذيب ج ١ ص ٧٤ و ٢٤١. والمشهور انه محمول على الاستحباب وذهب الشيخ في النهاية إلى وجوب غسل ما رؤي من أثرها.

٧٤

وإن كان بالرجل جرح سائل فأصاب ثوبه من دمه فلا بأس بأن لا يغسل حتى يبرأ أو ينقطع الدم (١).

١٦٨ ـ وسئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن خصي يبول فيلقى من ذلك شدة ويرى البلل بعد البلل ، قال : يتوضأ ثم ينضح ثوبه في النهار مرة واحدة » (٢).

١٦٩ ـ وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن الرجل وقع ثوبه على كلب ميت ، قال : ينضحه ويصلي فيه ولا بأس » (٣).

باب

* ( العلة التي من أجلها وجب الغسل من الجنابة ولم يجب من البول والغائط ) *

١٧٠ ـ « جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله أعلمهم عن مسائل وكان

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٧٣ باسناد فيه جهالة عن سماعة عن الصادق عليه‌السلام ويؤيده اخبار صحيحة ، ولا ريب في العفو مع السيلان أو عدم الانقطاع. وفيما ينقطع أحيانا الأحوط الغسل إذا لم يضر ، وكذا الأحوط الاجتناب مهما تيسر وإن كان الأظهر من الاخبار العفو مطلقا ما لم يبرء أو ينقطع الدم فإذا انقطع فالاجتناب عن مقدار الدرهم والأزيد لازم. (م ت)

(٢) رواه الكليني ( ج ٣ ص ٢٠ ) بسند فيه جهالة والظاهر أن المراد بالنضح الغسل ان علم أنه بول ، فإن لم يعلم فالمراد به الصب استحبابا وهو الأظهر من الرواية. (م ت) وقال التفرشي « قوله : ثم ينضح ثوبه » ظاهره الاكتفاء به فيكون معفوا عنه من قبيل نجاسة ثوب المربية للصبي ببوله وتخصيص ذلك بما إذا انحصر ثوبه في واحد محتمل ، كما في المربية ، ويحتمل أن يراد بالنضح الغسل بقرينة تخصيصه بالنهار وإن كان استعمال النضح في الرش هو الشايع.

(٣) ظاهر الخبر الملاقاة باليبوسة بقرينة النضح وليوافق الاخبار الاخر من الغسل مع الرطوبة والصب مع اليبوسة.

٧٥

فيما سأله أن قال : لأي شئ أمر الله تعالى بالاغتسال من الجنابة ولم يأمر بالغسل من الغائط والبول؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن آدم لما أكل من الشجرة دب ذلك في عروقه وشعره وبشره فإذا جامع الرجل أهله خرج الماء من كل عرق وشعرة في جسده ، فأوجب الله عزوجل على ذريته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة ، والبول يخرج من فضلة الشراب الذي يشربه الانسان ، والغائط يخرج من فضلة الطعام الذي يأكله الانسان فعليه من ذلك الوضوء ، قال اليهودي : صدقت يا محمد » (١).

١٧١ ـ وكتب الرضا عليه‌السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله :  « علة غسل الجنابة النظافة لتطهير الانسان مما أصاب من إذا (٢) وتطهير سائر جسده لان الجنابة خارجة من كل جسده ، فلذلك وجب عليه تطهير جسده كله ، وعلة التخفيف في البول والغائط أنه أكثر وأدوم (٣) من الجنابة ، فرضي فيه (٤) بالوضوء لكثرته ومشقته ومجيئه بغير إرادة منه ولا شهوة ، والجنابة لا تكون إلا بالاستلذاذ

__________________

(١) ظاهر هذا الخبر والذي بعده وجوب الوضوء والغسل لنفسهما كما يظهر من أخبار أخر وان أمكن حمل الوجوب على السببية لكن الظاهر الأول والخبر الذي تقدم في الوضوء يدل على الوجوب لنفسه بخلاف خبر محمد بن سنان في الوضوء فان ظاهره الوجوب للصلاة وبالجملة يظهر من بعض الأخبار وظاهر الآية الوجوب لغيره ومن بعضها الوجوب لنفسه ، ولا منافاة بين أن يكون واجبا لنفسه وباعتبار اشتراط الصلاة به يكون واجبا لغيره ، والاحتياط في الغسل قبل الوقت إذا لم يكن مشغول الذمة أن ينوى القربة به من الوجوب والندب و إن كان الأظهر الاكتفاء بها مطلقا ، لكنه يحتاط فيما كان الوجه معلوما بنيتها وفيما لم يكن معلوما الاحتياط في العدم. وان أراد الخروج من الخلاف ينبغي أن يعلق نيته بصلاة بالنذر و شبهه حتى ينوى جزما (م ت).

(٢) أي أذى الجنابة وتذكير الضمير بتأويل ما يوجب الغسل.

(٣) قوله : « أدوم » عطف تفسيري للأكثر.

(٤) الضمير راجع إلى كل من البول والغائط.

٧٦

منهم والاكراه (١) لأنفسهم ».

* ( باب الأغسال ) * (٢)

١٧٢ ـ قال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : « الغسل في سبعة عشر موطنا : ليلة سبعه عشر (٣) من شهر رمضان ، وليلة تسعة عشر ، وليلة إحدى وعشرين ، وليلة ثلاث وعشرين وفيها يرجى ليلة القدر ، وغسل العيدين ، وإذا دخلت الحرمين ، ويوم تحرم ويوم الزيارة ، ويوم تدخل البيت ، ويوم التروية ، ويوم عرفة ، وإذا غسلت ميتا و كفنته أو مسسته بعد ما يبرد ، ويوم الجمعة ، وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاستيقظت ولم تصل فعليك إن تغتسل وتقضى الصلاة (٤) ، وغسل الجنابة فريضة ».

١٧٣ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « غسل الجنابة والحيض واحد » (٥).

١٧٤ ـ وأن من قتل وزغا فعليه الغسل » (٦).

__________________

(١) لما يلزم منهم من الحركة العنيفة والتعب في الجملة. وفى بعض النسخ « ولا اكراه » أي ليست بغير إرادة ، وعليها فالواو للحال.

(٢) في بعض النسخ « باب الاغتسال ».

(٣) أي غسل ليلة سبعة عشر بقرينة قوله بعد ذلك. ولو كان المراد عد المواطن لم يستقم ذلك على أن الباب معقود لتعداد الأغسال دون المواطن.

(٤) يستحب الغسل لقضاء صلاة الكسوف إذا تركها متعمدا مع استيعاب الاحتراق وهو مذهب أكثر الأصحاب وقيل بوجوبه.

(٥) أي نوع واحد أو يكفي غسل واحد لهما ( مراد ) وقال المجلسي ـ رحمه‌الله ـ قوله « واحد » يعنى في الكيفية ، وربما يستدل بها على أنه لا يجب في غسل الحيض وضوء كما ذهب إليه جماعة من الأصحاب ، ويؤيده قوله (ع) « أي وضوء أطهر من الغسل » ويمكن أن يراد به التداخل وهو بعيد.

(٦) في روضة الكافي تحت رقم ٣٠٤ عن عبد الله بن طلحة قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الوزغ فقال : رجس وهو مسخ كله فإذا قتلته فاغتسل ـ الحديث ». وقال في المرآة المشهور بين الأصحاب استحباب ذلك الغسل.

٧٧

وقال بعض مشايخنا : إن العلة في ذلك أنه يخرج من ذنوبه فيغتسل منها (١).

١٧٥ ـ وروي « أن من قصد إلى مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل عقوبة » (٢).

١٧٦ ـ وسأل سماعة بن مهران أبا عبد الله عليه‌السلام « عن غسل الجمعة فقال : واجب (٣) في السفر والحضر إلا أنه رخص للنساء في السفر لقلة الماء (٤). وغسل الجنابة واجب ، وغسل الحيض واجب ، وغسل المستحاضة واجب ، وإذا احتشت بالكرسف فجاز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل صلاتين ، وللفجر غسل ، وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الوضوء لكل صلاة (٥) ، وغسل النفساء واجب ، وغسل

__________________

(١) روى في بعض الأخبار « أن أعداء آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله يصيرون وزغا بعد الموت فقتلهم كفارة للذنوب ».

(٢) قيده بعض الأصحاب بما بعد ثلاثة أيام ، وعمم المصلوب بأعم من الحق والباطل وبالهيئة الشرعية أو بغيرها وحمل الوجوب على الاستحباب المؤكد (م ت).

(٣) ذهب إلى وجوب غسل الجمعة جماعة منهم الكليني والصدوق وشيخنا البهائي رحمهم‌الله على ما نقل عنهم لظاهر كثير من الاخبار لكن المشهور استحبابه ، والوجوب في تلك الأخبار منزل على تأكد الاستحباب وفيها قرائن كثيرة على إرادة هذا المعنى كعد غيره من الأغسال المستحبة في عرض تلك الأخبار.

(٤) يعنى إذا كان الماء قليلا أو لكون الماء في السفر قليلا غالبا فلو لم يغتسل لا يضرها مع وجوب الماء فكأنه رخص لهم مطلقا وهذه علتها ، ويؤيد وجوب غسل الجمعة الأخبار الصحيحة بلفظ الوجوب وعارضها أخبار صحيحة أيضا أنه سنة وليس بفريضة وان أمكن الجمع بينهما بان ثبت وجوبها بالسنة لكن لما كان اطلاق الوجوب في الاخبار على السنة الوكيدة شايع أشكل الحكم مع وجود المعارض فالاحتياط أنه لا يترك ولا ينوى الوجوب والندب بل لقصد القربة. (م ت)

(٥) لا خلاف بين الأصحاب في وجوب الأغسال الثلاثة للكثيرة وإنما الخلاف في المتوسطة وظاهر الخبر وجوبه وان حكمها الكثيرة والذي يظهر من أكثر الاخبار تثنية حكمها لا التثليث كما هو المشهور (م ت) وقال الفاضل التفرشي : لعل سكوته عن تقسيم هذا القسم إلى الذي لم يثقب الكرسف ففيه الوضوء فقط ، والى ما يثقبه ولم يسل ففيه مع ذلك غسل لصلاة الغداة لعدم احتياج المخاطبين إليه أو لاغناء اشتهاره عن البيان.

٧٨

المولود واجب (١) ، وغسل الميت واجب ، وغسل من غسل ميتا (٢) واجب ، وغسل المحرم واجب (٣) ، وغسل يوم عرفة واجب ، وغسل الزيارة واجب (٤) إلا من [ به ] علة ، وغسل دخول البيت واجب ، وغسل دخول الحرم واجب ، ويستحب أن لا يدخله الرجل إلا بغسل (٥) وغسل المباهلة واجب (٦) ، وغسل الاستسقاء واجب (٧) وغسل أول ليلة من شهر رمضان يستحب ، وغسل ليلة إحدى وعشرين سنة ، وغسل ليلة ثلاث وعشرين لا تتركه فإنه يرجى في إحداهما ليلة القدر ، وغسل يوم الفطر وغسل يوم الأضحى لا أحب تركهما ، وغسل الاستخارة يستحب (٨).

__________________

(١) حمل على تأكد الاستحباب وذهب بعضهم إلى وجوبه وقال : يجب حين الولادة ولابد فيه من النية وهو متروك والمراد بالوجوب الاستحباب المؤكد لما رواه الشيخ (ره) عن سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال : « وغسل المولود مستحب لأنه خرج من محل الخبث واستحب غسله ».

(٢) في بعض النسخ « غسل من مس ميتا » ولعله تفسير.

(٣) يعنى حين يريد الاحرام للحج أو العمرة تجوزا ، فالأكثر على الاستحباب وذهب بعضهم إلى الوجوب. (م ت)

(٤) أي زيارة البيت وطوافه.

(٥) قرينة على إرادة تأكيد الاستحباب من الوجوب. ( سلطان ) وقال الفاضل التفرشي : ذكر ذلك بعد ما ذكر أنه واجب وهو دال على تأكيد الاستحباب كما في نظائره لعله للفرق بين الرجل والمرأة ، فاستحبابه للمرأة مقيد بكون الدخول لقصد الزيارة وللرجل مطلقا. ( مراد )

(٦) وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة على المشهور ، وقيل الخامس والعشرون منه ( مراد ).

(٧) يعنى لصلاة الاستسقاء أو الأعم منها ومن الدعاء للاستسقاء (م ت).

(٨) ظاهره الاستحباب مطلقا والمشهور أنه لصلاة الاستخارة التي وردت فيها الغسل ويحمل هذا المطلق على ذلك المقيد (م ت).

وقال الفاضل التفرشي : ظاهره يدل على استحبابه لكل استخارة لئلا يتأخر البيان عن

٧٩

١٧٧ ـ وقال رجل للصادق عليه‌السلام : « إن لي جيرانا ولهم جوار يتغنين ويضربن بالعود فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا مني لهن فقال له الصادق عليه‌السلام : لا تفعل ، فقال : والله ما هو شئ آتيه برجلي إنما هو سماع أسمعه بأذني (١) ، فقال الصادق عليه‌السلام : تا لله أنت (٢) أما سمعت الله عزوجل يقول : « إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا » فقال الرجل : كأنني لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله عزوجل من عربي ولا عجمي ، لا جرم أني قد تركتها ، وأنا أستغفر الله تعالى ، فقال له الصادق عليه‌السلام : قم فاغتسل وصل ما بدا لك (٣) ، فلقد كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوأ حالك لو مت على ذلك! استغفر الله تعالى واسأله التوبة من كل ما يكره فإنه لا يكره إلا القبيح والقبيح دعه لأهله فإن لكل أهلا » (٤).

__________________

وقت الحاجة والأصل عدم علم المخاطبين بما يغنيهم عن البيان لكنهم رضي‌الله‌عنهم يخصصون ذلك بصلاة خاصة للاستخارة.

(١) أي لم أقصد بدخول المخرج استماع الغناء ليكون الاتيان حراما بل الدخول لقضاء الحاجة ، وبعد ما دخلت اتفق السماع.

(٢) في بعض النسخ « تالله تب » وفى بعضها « بالله أنت ». وقوله : « تالله أنت » الظاهر أن « أنت » مبتدأ خبره محذوف ، ويمكن أن يكون تقول قولا عجيبا.

(٣) أي ما ظهر لك أنه ينبغي أن تصلى وحاصله أي صلاة تريد. وسمعت شيخنا  ـ رحمه‌الله ـ يقول : ان أصحابنا ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ استدلوا بهذا الحديث على استحباب غسل التوبة وهو كما يدل على ذلك يدل على استحباب الصلاة لها ، والعجب أن أحدا منهم لم يعد تلك الصلاة من أقسام الصلاة المندوبة ، ويمكن أن يقال : قوله عليه السلام « ما بدا لك » يدل على الاتيان بالصلاة أي صلاة كانت لأنها تذهب السيئة وذلك يشمل الصلاة الموظفة فلم يدل على استحباب صلاة لأجل التوبة بخلاف الغسل إذ ليس له فرد موظف في كل يوم ليكتفي به ( مراد ).

(٤) لا خلاف في حرمة الغناء للاخبار الكثيرة وربما يفهم من هذا الخبر أنها كبيرة للامر بالتوبة بناء على أن الصغائر مكفرة لا يحتاج إليها وفيه أن الاجتناب من الكبائر مكفرة للصغائر لا مطلقا. (م ت)

٨٠