كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٩٩

الرجل ينظر إلى الرجل قد ابتلت قدمه من عرقه » (١).

١٥٠٩ ـ وسأل عبد الرحمن بن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام « عن الريح والظلمة تكون في السماء والكسوف؟ فقال الصادق عليه‌السلام : صلاتهما سواء » (٢).

١٥١٠ ـ وفي العلل التي ذكرها الفضل بن شاذان رحمه‌الله عن الرضا عليه‌السلام قال : « وإنما جعلت للكسوف صلاة لأنه من آيات الله تبارك وتعالى ، لا يدري الرحمة ظهرت أم لعذاب ، فأحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن تفزع أمته إلى خالقها وراحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها ، كما صرف عن قوم يونس عليه‌السلام حين تضرعوا إلى الله عزوجل ، وإنما جعلت عشر ركعات لان أصل الصلاة التي نزل فرضها

__________________

(١) يدل على استحاب التطويل إذا ظن طولها.

(٢) هذا الحديث صحيح وفيه دلالة على مساواة الكسوف للمذكورين معه وظاهر الحال الوجوب في الجميع كما هو قول جماعة من الأصحاب ، ونقل عن أبي الصلاح أنه لم يتعرض لغير الكسوفين ، ونقل المحقق في الشرايع أن هذه الصلاة مستحبة لأخاويف غير الكسوفين ولم أقف على ذلك ، نعم هذا الخبر كما ترى خاص بالريح والظلمة ، والمنقول عن بعض أصحابنا اختصاص الوجوب مع الكسوف بالريح المخوفة والظلمة الشديدة والتقييد غير مستفاد من هذه الرواية ( الشيخ محمد ) وقال الأستاذ في هامش الوافي : لا ريب أن صلاة الآيات للخوف وأن الظلمة غير الشديدة والارياح المعتادة لا توجب الصلاة ومناط وجوب الصلاة ليس الخوف الشخصي ولا خوف أكثر أهل البلد بل كون الآية من شأنها أن يخاف منها الناس لدلالتها على تغيير فينظم العالم وأنه في معرض الفناء والزوال وهلاك أهله ، والزلزلة هكذا وان انتفقت في بلد كانت الأبنية بحيث لا يستلزم خطرا غالبا ولا يخاف منه الناس ومع هذا يجب الصلاة لأنها في معرض الخطر وكذا الكسوف والخسوف لا يستلزمان خوف أكثر الناس في غالب البلاد لكنهما من شأنهما أن يخاف منهما ومن نوعهما إذ يتذكر كون الشمس والقمر في معرض التغيير والزوال ولذلك قال جماعة : انهما يوجبان الصلاة وان لم يوجبا خوفا لغالب الناس ، ثم إن الظاهر ما من شأنه أن يهلك به خلق كثير لا مثل الصاعقة والحجر السماوي وكذلك المراد ما يغير بعض أجزاء الكون ويذكر به خلل نظم العالم لا مثل الطاعون والوباء والقحط وكثرة السباع في ناحية وبلد وكذلك السيل المجحف وطغيان الماء والرياح العاصفة غير السواء والحمراء والسموم والبرق الخاطف ونزول البرد وان عظم وأمثال ذلك مع احتمال الوجوب في بعضها.

٥٤١

من السماء أولا في اليوم والليلة إنما هي عشر ركعات (١) فجمعت تلك الركعات ههنا وإنما جعل فيها السجود لأنه لا تكن صلاة فيها ركوع إلا وفي سجود ولان يختموا صلاتهم أيضا بالسجود والخضوع ، وإنما جعلة أربع سجدات لان كل صلاة نقص سجودها من أربع سجدات لا تكون صلاة لان أقل الفرض من السجود في الصلاة لا يكون إلا أربع سجدات ، وإنما لم يجعل بدل الركوع سجود لان الصلاة قائما أفضل من الصلاة قاعدا ، ولان القائم يرى الكسوف والا على (٢) والساجد لا يرى ، وإنما غيرت عن أصل الصلاة التي افترضها الله عزوجل لان تصلى لعلة تغير أمر من الأمور وهو الكسوف ، فلما تغيرت العلة تغير المعلول ».

١٥١١ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إن ذا القرنين لما انتهى إلى السد جاوزه فدخل في الظلمات فإذا هو بملك قائم على جبل طوله خمسمائة ذراع فقال له الملك يا ذا القرنين أما كان خلفك مسلك؟ فقال له ذو القرنين : من أنت؟ قال : أنا ملك من ملائكة الرحمن موكل بهذا الجبل ، وليس من جبل خلقه الله إلا وله عرق متصل بهذا الجبل فإذا أراد الله عزوجل أن يزلزل مدينة أوحى إلي فزلزلتها ». (٣)

وقد تكون الزلزلة من غير ذلك.

١٥١٢ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إن الله تبارك وتعالى خلق الأرض فأمر الحوت فحملتها ، فقالت : حملتها (٤) بقوتي ، فبعث الله عزوجل إليها حوتا قدر فتر (٥) فدخلت

__________________

(١) المراد بالركعات : الركوعات ، وهذا اطلاق شايع وكون ركعات اليومية عشرا بناءا على ما أوجب أولا ، وإنما ألحقت السبع ثانيا. ( مراد )

(٢) كذا. وفى العيون « الانجلاء » ولعل ما في المتن تصحيف والظاهر أن الناسخ الأول كتب « الانجلى » بالقصر فصحف فيما بعد بالأعلى لقرب كتابتهما ، وعلى فرض صحة الاعلى المراد به الفوق أو السماء.

(٣) مروى في التهذيب ج ١ ص ٣٣٥ بسند مجهول.

(٤) التأنيث باعتبار الحوتة أو السمكة.

(٥) الفتر ـ بكسر الفاء وزان شبر ـ ما بين طرفي السبابة والابهام إذا فتحتهما.

٥٤٢

في منخرها فاضطربت أربعين صباحا فإذا أراد الله عزوجل أن يزلزل أرضا تراءت لها (١) تلك الحوتة الصغيرة فزلزلت الأرض فرقا ». (٢)

وقد تكون الزلزلة من غير هذا الوجه.

١٥١٣ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إن الله تبارك وتعالى أمر الحوت بحمل الأرض وكل بلد من البلدان على فلس من فلوسه ، فإذا أراد الله عزوجل أن يزلزل أرضا أمر الحوت أن يحرك ذلك الفلس فيحركه ، ولو رفع الفلس لانقلبت الأرض بإذن الله عزوجل ».

والزلزلة قد تكون من هذه الوجوه الثلاثة وليست هذه الأخبار بمختلفة. (٣)

١٥١٤ ـ وسأل سليمان الديلمي أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الزلزلة ما هي؟ فقال آية ، فقال : وما سببها؟ قال : إن الله تبارك وتعالى وكل بعروق الأرض ملكا فإذا أراد الله أن يزلزل أرضا أوحى إلى ذلك الملك أن حرك عرق كذا وكذا قال : فيحرك ذلك الملك عرق تلك الأرض التي أمر الله تبارك وتعالى فتتحرك بأهلها ، قال : قلت فإذا كان ذلك فما أصنع؟ قال : صل صلاة الكسوف فإذا فرغت خررت لله عزوجل ساجدا ، وتقول في سجودك : يا من يمسك السماوات والأرض أن تزولا (٤) ولئن زالتا

__________________

(١) أي ظهرت ، أو تظاهرت.

(٢) الفرق ـ بالتحريك ـ : الخوف.

(٣) اعلم أن الصدوق ـ رحمه‌الله ـ ذكر طرق هذه الأخبار في العلل وفيها جهالة وارسال ولما كانت مختلفة ظاهرا جمع بينها بأن الزلزلة تكون لهذه الأسباب حتى لا يكون بينها منافاة ، ويمكن الجمع بينها ـ على تقدير صحتها ـ بوجه آخر بأن يكون عروق البلدان بيد الملك الذي على جبل قاف المحيط بجميع الأرض ويكون كل بلد على فلس من فلوس الحوت الحامل لها بقدرة الله ، فإذا أراد الله أن يزلزل أرضا أمر الملك أن يحرك عرق تلك الأرض وأمر الحوتة الصغيرة أن يتراءى الحوت الكبير حتى يفزع لها فيحرك الفلس الذي تحت الأرض التي أراد الله تعالى زلزلتها (م ت).

(٤) أي كراهة أن تزولا ، فان الباقي في بقائه يحتاج إلى مؤثر وحافظ ، أو لتضمن الامساك معنى الحفظ والمنع.

٥٤٣

إن أمسكها من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا ، يا من يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه أمسك عنا السوء إنك على كل شئ قدير ».

١٥١٥ ـ وروي عن علي بن مهزيار قال : « كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام وشكوت إليه كثرة الزلازل في الأهواز وقلت : ترى لي التحويل عنها؟ فكتب عليه‌السلام : لا تتحولوا عنها وصوموا الأربعاء والخميس والجمعة واغتسلوا وطهروا ثيابكم وأبرزوا يوم الجمعة وادعوا الله فإنه يرفع عنكم قال : ففعلنا فسكنت الزلازل ».

١٥١٦ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إن الصاعقة تصيب المؤمن والكافر ، ولا تصيب ذاكرا ».

١٥١٧ ـ وقال علي عليه‌السلام : « للريح رأس وجناحان ». (١)

١٥١٨ ـ ووري عن كامل (٢) قال : « كنت مع أبي جعفر عليه‌السلام بالعريض فهبت ريح شديدة فجعل أبو جعفر عليه‌السلام يكبر ، ثم قال : إن التكبير يرد الريح ».

١٥١٩ ـ وقال عليه‌السلام : « ما بعث الله عزوجل ريحا إلا رحمة أو عذابا فإذا رأيتموها فقولوا : « اللهم إنا نسألك خيرها وخير ما أرسلت له ، ونعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت له » وكبروا وارفعوا أصواتكم بالتكبير فإنه يكسرها ».

١٥٢٠ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تسبوا الرياح فإنها مأمورة ، ولا الجبال ولا الساعات ، ولا الأيام ، ولا الليالي فتأثموا ويرجع إليكم ». (٣)

__________________

(١) لعل الكلام مبنى على الاستعارة ، أي يشبه الطائر في أنها تطير إلى كل جانب ، و في أنها في بدء حدوثها قليلة ثم تنتشر ، كالطائر الذي بسط جناحيه ، والله يعلم. ( البحار )

(٢) يعنى به كامل بن العلاء وهو من أصحاب أبي جعفر الباقر عليه‌السلام.

(٣) أي يرجع السب إليكم ، وفى العلل « عليكم » وكيف كان التأنيث باعتبار تضمن السب معنى اللعنة. وروى السيوطي نحو الخبر في الدر المنثور ج ١ ص ١٦٥. والمنع من السب لأنها مأمورة مبعوثة من جانب الله سواء كانت للبشارة أو للعذاب فسبها باطل لا ينفع بل يضر.

٥٤٤

١٥٢١ ـ وقال عليه‌السلام : « ما خرجت ريح قط إلا بمكيال (١) إلا زمن عاد فإنها عتت على خزانها فخرجت في مثل خرق الإبرة فأهلكت قوم عاد ».

١٥٢٢ ـ وروى علي بن رئاب ، عن أبي بصير (١) قال : « سألت أبا جعفر عليه‌السلامعن الرياح الأربع : الشمال ، والجنوب ، والصبا ، والدبور (٣) وقلت له : إن الناس يقولون : إن الشمال من الجنة ، والجنوب من النار ، فقال : إن لله عزوجل جنودا من الريح يعذب بها من عصاه ، موكل بكل ريح منهن ملك مطاع ، فإذا أراد الله عزوجل أن يعذب قوما بعذاب أوحى الله إلى الملك الموكل بذلك النوع من الريح الذي يريد أن يعذبهم به ، فيأمر بها الملك فتهيج كما يهيج الأسد المغضب ، ولكل ريح منهن اسم ، أما تسمع لقول الله عزوجل : « إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر » (٤) وقال عزوجل : « الريح العقيم » (٥) وقال تعالى : « فأصابها إعصار

__________________

(١) قد مر هذا الحديث في باب الاستسقاء تحت رقم ١٤٩٤ مع بيانه. وذكره ههنا للمناسبة كما هو دأب المحدثين.

(٢) رواه الكليني ـ رحمه‌الله ـ في روضة الكافي تحت رقم ٦٣ مع اختلاف يسير.

(٣) في القاموس الشمال ـ بالفتح ويكسر ـ : الريح التي تهب من قبل الحجر  ـ بكسر الحاء ـ أو ما استقبلك عن يمينك وأنت مستقبل ، والصحيح أنه ما مهبه بين مطلع الشمس وبنات نعش إلى مسقط النسر الطائر ويكون اسما وصفة ، ولا تكاد تهب ليلا. وقال : الجنوب : ريح تخالف الشمال ، مهبها من مطلع سهيل إلى مطلع الثريا. وقال : الصباريح مهبها من مطلع الثريا إلى بنات نعش. وقال : الدبور ريح تقابل الصبا. وفى المحكى عن الشيد ـ رحمه‌الله ـ في الذكرى : الجنوب محلها ما بين مطلع سهيل إلى مطلع الشمس في الاعتدالين ، والصبا محلها ما بين مطلع الشمس إلى الجدي ، والشمال محلها من الجدي إلى مغرب الشمس في الاعتدال ، والدبور محلها من مغرب الشمس إلى سهيل.

(٤) « صرصرا » أي باردا ، أو شديد الهبوط. « في يوم نحس » أي شوم. « مستمر » أي استمر شومه ، أو استمر عليهم حتى أهلكتهم ، أو على جميعهم كبيرهم وصغيرهم فلم يبق منهم أحدا واشتد مرارته أو استمرت نحوسته بعدهم. ( المرآة )

(٥) إشارة إلى قوله تعالى « وفى عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم » وإنما سماها عقيما

٥٤٥

فيه نار فاحترقت » (١) وما ذكر في الكتاب من الرياح التي يعذب بها من عصاه ، والله عزوجل رياح رحمة لواقح ورياح تهيج السحاب فتسوق السحاب ، ورياح تحبس السحاب بين السماء والأرض ، ورياح تعصره فتمطره بإذن الله ، ورياح تفرق السحاب ورياح مما عد الله عزوجل في الكتاب ، فأما الرياح الأربع فإنها أسماء الملائكة الشمال والجنوب والصبا والدبور ، وعلى كل ريح منهم ملك موكل بها ، فإذا أراد الله تبارك وتعالى أن يهب شمالا أمر الملك الذي اسمه الشمال فهبط على البيت الحرام فقام على الركن اليماني (٢) فضرب بجناحيه فتفرقت ريح الشمال حيث يريد الله عزوجل في البر والبحر ، وإذا أراد الله تبارك وتعالى أن يبعث الصبا أمر الملك الذي اسمه الصبا فهبط على البيت الحرام فقام على الركن اليماني فضرب بجناحيه فتفرقت ريح الصبا حيث يريد الله تعالى في البر والبحر ، وإذا أراد الله تبارك وتعالى أن يبعث جنوبا أمر الملك الذي اسمه الجنوب فهبط على البيت الحرام فقام على الركن اليماني فضرب بجناحيه فتفرقت ريح الجنوب حيث يريد الله في البر والبحر ، وإذا أراد الله عزوجل أن يبعث دبورا أمر الملك الذي اسمه الدبور فهبط على البيت الحرام فقام على الركن اليماني فضرب بجناحيه فتفرقت الدبور حيث يريد الله تعالى في البر والبحر ». (٣)

__________________

لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم ، أو لأنها لا تتضمن منفعة وهي الدبور أو الجنوب أو النكباء كما قيل.

(١) الاعصار : ريح تثير الغبار إلى السماء كأنه عمود. ( الصحاح )

(٢) في الكافي « الركن الشامي » وكذا في ما يأتي.

(٣) قال استاذنا الشعراني ـ دام ظله العالي ـ في ذيل شرح الكافي للمولى صالح المازندراني : هذا الحديث من جهة الاسناد ، قريب من جهة الاعتبار ، منبه على طريقتهم عليهم‌السلام في أمثال هذه المسائل الكونية ، والمعلوم من سؤال السائل « أن الناس يقولون » أن ذهنهم متوجه إلى السبب الطبيعي الموجب لوجود الرياح ومنشأها وعلة اختلافها من البرودة والحرارة وغيرها ، وغاية ما وصل إليه فكرهم أن الشمال لبرودتها

٥٤٦

١٥٢٣ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « نعم الريح الجنوب ، تكسر البرد عن المساكين وتلقيح الشجر وتسيل الأودية » (١).

١٥٢٤ ـ وقال علي عليه‌السلام : « الرياح خمسا منها العقيم فنعوذ بالله من شرها ».

١٥٢٥ ـ و « كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا هبت ريح صفراء أو حمراء أو سوداء تغير وجهه

__________________

من الجنة ، والجنوب لحرارتها من النار ، فصرف الإمام عليه‌السلام ذهنهم عن التحقيق لهذا الغرض إذ ليس المقصود من بعث الأنبياء والرسل وانزال الكتب كشف الأمور الطبيعية ، ولو كان المقصود ذلك لبين ما يحتاج إليه الناس من أدوية الأمراض كالسل والسرطان وخواص المركبات والمواليد ، ولذكر في القرآن مكررا علة الكسوف والخسوف كما تكرر ذكر الزكاة والصلاة وتوحيد الله تعالى ورسالة الرسل ، ولو رد ذكر الحوت في الروايات متواترا كما ورد ذكر الإمامة والولاية والمعاد والجنة ، وكذلك ما يستقر عليه الأرض وما خلق منه الماء ، مع أنا لا نرى من أمثال ذلك شيئا في الكتاب والسنة المتواترة الا بعض أحاديث ضعيفة غير معتبرة أو بوجه يحتمل التحريف والسهو ، والمعهود في كل ما هو مهم في الشرع ويجب على الناس معرفته أن يصر الامام أو النبي عليهما‌السلام على تثبيته وتسجيله وبيانه بطرق عديدة غير محتملة للتأويل حتى لا يغفل عنه أحد.

وبالجملة لما رأى الإمام عليه‌السلام اعتناء الناس بالجهة الطبيعية صرفهم بان الواجب على الناظر في أمر الرياح والمتفكر فيها أن يعتنى بالجهة الإلهية وكيفية الاعتبار بها واتعاظ بما يترتب عليها من الخير والشر ، سواء كانت من الجنة أو من الشام أو من إفريقية واليمن ، فأول ما يجب : أن يعترف بأن جميع العوامل الطبيعية مسخرة بأمر الله تعالى ، وعلى كل شئ ملك موكل به وان الجسم الملكي تحت سيطرة المجرد الملكوتي المفارق عن الماديات كما ثبت في محله « أن المادة قائمة بالصورة والصورة قائمة بالعقل الفارق » وهذا أهم ما يدل عليه هذا الحديث الذي يلوح عليه أثر الصدق وصحة النسبة إلى المعصوم ، ثم بعد هذا الاعتراف يجب الاعتبار بما وقع من العذاب على الأمم السالفة بهذه الرياح وما يترتب من المنافع على جريانها وهذا هو الواجب على المسلم من جهة الدين إذا نظر إلى الأمور الطبيعية.

(١) سال الماء : جرى وأسال وسيل الماء تسييلا أجراء.

٥٤٧

واصفر لونه (١) وكان كالخائف الوجل حتى تنزل من السماء قطرة من مطر فيرجع إليه لونه ويقول : جاءتكم بالرحمة ».

١٥٢٦ ـ وروى زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قالا : قلنا له : أرأيت هذه الرياح والظلم التي تكون هل يصلى بها؟ قال : كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصل لها صلاة الكسوف حتى تسكن. (٢)

١٥٢٧ ـ وروى محمد بن مسلم وبريد بن معاوية عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قالا : « إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات صلها ما لم تتخوف أن يذهب وقت الفريضة ، فإن تخوفت فابدأ بالفريضة واقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف فإذا فرغت من الفريضة فارجع إلى حيث كنت قطعت واحتسب بما مضى ». (٣)

١٥٢٨ ـ ووري عن علي بن الفضل الواسطي أنه قال : « كتبت إلى الرضا عليه‌السلام إذا انكسفت الشمس والقمر وأنا راكب لا أقدر على النزول؟ فكتب عليه‌السلام إلي : صل على مركبك الذي أنت عليه » (٤).

__________________

(١) لأنها من أخاويف السماء عند أولى النهى.

(٢) « حتى تسكن » يحتمل التعليق والغاية فيفيد التكرار والتويل كلاهما على الاحتمال الثاني. ( سلطان )

(٣) ذهب إلى القطع والبناء الشيخان والمرتضى والمصنف وأتباعهم وذهب الشيخ في المبسوط إلى القطع والاستيناف لتخلل الصلاة الأجنبية ، واختاره الشهيد أيضا في الذكرى وهذا الخبر يدفعه. ( سلطان )

وفى المدارك : لو خشي فوات الحاضرة قدمها على الكسوف ولو دخل في الكسوف قبل تضييق الحاضرة وخشي لو أتم فوات الحاضرة فقطع اجماعا وصلى الحاضرة ثم أتم صلاة الكسوف من حيث قطع على ما نصل عليه الشيخان والمرتضى وابنا بابويه وأتباعهم وذهب الشيخ في المبسوط إلى وجوب الاستيناف حينئذ واختاره في الذكرى. أقول : سيأتي مزيد الكلام فيه أيضا.

(٤) يدل على جواز هذه الصلاة راكبا مع عدم القدرة على النزول كغيرها من الفرائض (م ت) ولا ريب في الجواز مع الضرورة كما هو مدلول الخبر وذهب ابن الجنيد إلى الجواز مطلقا وهو متروك. ( سلطان )

٥٤٨

١٥٢٩ ـ وروي عن محمد بن مسلم والفضيل بن يسار أنهما قالا : « قلنا لأبي جعفر عليه‌السلام : أيقضي صلاة الكسوف من إذا أصبح فعلم وإذا أمسى فعلم؟ قال : إن كان القرصان احترقا كلهما قضيت (١) ، وإن كان إنما احترق بعضهما فليس عليك قضاؤه ». (٢)

١٥٣٠ ـ وسأل الحلبي أبا عبد الله عليه‌السلام « عن صلاة الكسوف كسوف الشمس والقمر قال : عشر ركعات وأربع سجدات ، تركع خمسا ثم تسجد في الخامسة ، ثم تركع خمسا ثم تسجد في العاشرة ، وإن شئت قرأت سورة في كل ركعة ، وإن شئت قرأت نصف سورة في كل ركعة ، فإذا قرأت سورة في كل ركعة فاقرأ فاتحة الكتاب وإن قرأت نصف سورة أجزأك أن لا تقرأ فاتحة الكتاب إلا في أول ركعة حتى تستأنف أخرى ، ولا تقل سمع الله لمن حمده في رفع رأسك من الركوع إلا في الركعة التي تريد أن تسجد فيها ».

١٥٣١ ـ وروى عمر بن أذينة (٣) « أن القنوت في الركعة الثانية قبل الركوع ثم في الرابعة ثم في السادسة ، ثم في الثامنة ، ثم في العاشرة ».

وإن لم تقنت إلا في الخامسة والعاشرة فهو جائز لورود الخبر به.

وإذا فرغ الرجل من صلاة الكسوف ولم تكن انجلت فليعد الصلاة وإن شاء

__________________

(١) يدل على وجوب القضاء مع احتراق القرص وإن كان جاهلا ويؤيده صحيحة زرارة وحريز وأما إذا تعمد تركه أو نسي فان يجب عليه القضاء مطلقا لصحيحة حريز الآتية الدالة على القضاء مع الغسل في الغد.

(٢) هذا إذا كان لم يعلم ، أما إذا علم وتعمد تركه أو نسي فإنه يجب عليه القضاء مطلقا جمعا بينه وبين الاخبار الاخر ، كمرسل حريز عن أبي عب الله عليه‌السلام قال : « إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل فكسل أن يصلى فليغتسل من غد وليقض الصلاة ، وان لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه الا القضاء بغير غسل ».

(٣) رواه عن رهط وهم الفضل وزرارة وبريد ومحمد بن مسلم عن الباقر والصادق عليهما‌السلام في حديث طويل رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٢٩٩.

٥٤٩

قعد ومجد الله عزوجل حتى ينجلي (١).

ولا يجوز أن يصليهما في وقت فريضة حتى يصلي الفريضة (٢).

وإذا كان في صلاة الكسوف ودخل عليه وقت الفريضة فليقطعها وليصل الفريضة

__________________

(١) قال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ في البحار : « اما إعادة الصلاة ان فرغ منها قبل الانجلاء فالمشهور استحبابها ، ونقل عن ظاهر المرتضى وأبى الصلاح وسلار وجوبها قال في الذكرى : وهؤلاء كالمصرحين بان آخر وقتها تمام الانجلاء ، ومنع ابن إدريس الإعادة وجوبا واستحبابا ، والأول أقرب ، وفى الفقه الرضوي ما يدل على التخيير بين الصلاة والدعاء مستقبل القبلة وهو وجه بين الاخبار ، ولم أر قائلا بالوجوب التخييري بينهما وإن كان الأحوط ذلك ».

أقول روى الشيخ في التهذيب في تطويل الصلاة وإعادة الانجلاء أخبارا منها ما رواه باسناده عن عمار بن أبي عبد الله عليه‌السلام قال « قال : ان صليت الكسوف إلى أن يذهب الكسوف عن الشمس والقمر وتطول في صلاتك فان ذلك أفضل وان أحببت أن تصلى فتفرغ من صلاتك قبل أن يذهب الكسوف فهو جائز ـ الحديث » قال استاذنا الشعراني : قوله « وتطول في صلاتك فان ذلك أفضل » يدل على أن آخر وقت الصلاة هو تمام الانجلاء لا الشروع فيه لان ذهاب الكسوف هو تمام الانجلاء على أن الشروع في الانجلاء في الجزئي ، والكسوف الكلى وإن كان للشروع في الانجلاء فيه معنى وله مبدء لكن لا يمكن أن يكون أخر الوقت إذ يجوز بمقتضى هذه الأخبار تطويل الصلاة حتى يظهر له الانجلاء فيتم الصلاة عمدا بعد الانجلاء ولا يظهر الانجلاء الا مدة بعد حصول واقعا. بل يمكن أن يستفاد من هذه الأخبار عدم كون صلاة الكسوف مقيدة بالوقت كالصلوات اليومية بل يكفي وقوع شئ منها في الوقت فلو شرع في الصلاة وانجلى قبل أن يركع الركعة الأولى لكان عليه اتمام الصلاة أداء الا أنه لا يرجح له التطويل ، وبالجملة فتطويل السور في معرض أن يفاجئه الانجلاء في أثناء الصلاة فتكون مجوزا.

(٢) يدل عليه صحيحة بن مسلم وحمله على الكراهة أظهر (م ت) راجع الكافي ج ٣ ص ٤٦٤.

٥٥٠

ثم يبني على ما صلى من صلاة الكسوف (١).

١٥٣٢ ـ وروى حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ذكروا عنده انكساف

__________________

(١) قال العلامة ـ رحمه‌الله ـ في المختلف : لو دخل في صلاة الكسوف ثم دخل وقت الفريضة وكان متسعا لم يجز له قطعها بل يجب عليه اتمامها ثم الابتداء بالحاضرة ، وإن كان وقت الحاضرة قد تضيق قطع الكسوف وابتدأ بالفريضة ثم أتم الكسوف ، والشيخ (ره) في النهاية أطلق ان بدأ بصلاة الكسوف ودخل عليه وقت فريضة قطعها وصلى الفريضة ثم رجع فتمم صلاته ، وقال في المبسوط : فان دخل في صلاة الكسوف فدخل عليه الوقت قطع صلاة الكسوف ثم صلى الفرض ثم استأنف صلاة الكسوف. وقال ابنا بابويه وابن البراج مثل قول الشيخ في النهاية وكذا أبو الصلاح وابن حمزة ، والأصل ما اخترناه. لنا على وجوب الاتمام مع سعة وقت الحاضرة أن قد شرع في صلاة واجبة فيجب عليه اكمالها ولا يجوز له ابطالها لان المقتضى لتحريم الابطال موجود وهو قوله تعالى : « ولا تبطلوا أعمالكم » والنهى عن ابطال الصلاة ، والمانع وهو تفويت الحاضرة مفقود ، إذ التقدير مع اتساع الوقت ، ولما رواه على ابن عبد الله ( في التهذيب ج ١ ص ٢٩٩ ) عن الكاظم عليه‌السلام ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :  « فإذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا » وهو مطلق وعلى القطع مع التضيق أن فيه تحصيل الفرضين فيتعين. وما رواه محمد بن مسلم في الصحيح ( التهذيب ج ١ ص ٢٩٩ ) قال : « قلت : لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة ، فان صليت الكسوف خشينا أن تفوتنا الفريضة ، فقال : إذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك واقض فريضتك ثم عد فيها » وفى الصحيح عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :  سألته عن صلاة الكسوف قبل أن تغيب الشمس وتخشى فوت الفريضة؟ فقال : اقطعوها وصلوا الفريضة وعودوا إلى صلاتكم ( التهذيب ج ١ ص ٢٣٦ ). ثم قال :

احتج الشيع على كلامه في النهاية بالحديثين وبان الحاضرة أولى فقطع الكسوف للأولوية ثم يصلى الحاضرة ثم يعود إلى الكسوف لأنه الصلاة الحاضرة لو كانت مبطلة في أول الوقت لكانت مبطلة في آخره. وعلى قوله في المبسوط بالاستيناف بأنه فعل كثير فيستأنف. والجواب أن الحديثين يدلان على التقييد بالتضيق كما ذهبنا إليه أولوية قبل الاشتغال اما بعده فلا أولوية ، وأما كونه فعلا كثيرا مسلم لكن نمنع عمومية ابطال الفعل الكثير مطلقا ولهذا لو أكثر التسبيح أو التحميد لم يبطل صلاته وكذا الحاضرة. انتهى

٥٥١

القمر وما يلقى الناس من شدته ، فقال عليه‌السلام : إذا انجلى منه شئ فقد انجلى (١).

باب

* ( صلاة الحبوة والتسبيح وهي صلاة جعفر بن أبي طالب (ع) ) *

١٥٣٣ ـ روى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لجعفر بن أبي طالب : يا جعفر ألا أمنحك ، ألا أعطيك ، ألا أحبوك (٢) ألا أعلمك صلاة إذا أنت صليتها لو كنت فررت من الزحف وكان عليك مثل رمل عالج (٣) وزبد البحر ذنوبا غفرت لك؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : تصلي أربع ركعات إذا شئت إن شئت كل ليلة ، وإن شئت كل يوم ، وإن شئت فمن جمعة إلى جمعة ، وإن شئت فمن شهر إلى شهر ، وإن شئت فمن سنة إلى سنة ، تفتتح الصلاة ثم تكبر خمس عشرة مرة ، تقول : الله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ، ثم تقرأ الفاتحة وسورة وتركع فتقولهن في ركوعك عشر مرات ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولهن عشر مرات ، وتخر ساجدا وتقولهن عشر مرات في سجودك ، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولهن عشر مرات ، ثم تخر ساجدا وتقولهن عشر مرات ، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولهن عشر مرات ، ثم تنهض فتقولهن خمس عشرة مرة ، ثم تقرأ فاتحة الكتاب وسورة ، ثم تركع فتقولهن عشر مرات ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولهن

__________________

(١) استدل به على المشهور من أن آخر وقتها أو الانجلاء ، وقال في المعتبر : لا حجة في لاحتمال أن يريد تساوى الحالين في زوال الشدة لا بيان الوقت.

وقال المولى المجلسي : استدل به على أن وقته إلى الاخذ في الانجلاء وليس بظاهر الا أن يحمل الشدة على شدة الصلاة وهو غير ظاهر لأنه يمكن حمله على الشدة للخوف ، ويكون الجواب برفع الخوف عند الاخذ في الانجلاء ، بل هو أظهر.

(٢) أمنحك وأعطيك وأحبوك متقاربة المعاني ، والمنحة : العطية. والحباء : العطاء ومنه الحبوبة باعتبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لجعفر عليه‌السلام.

(٣) الرمل العالج أي المتراكم ، وعوالج الرمل هو ما تراكم منه.

٥٥٢

عشر مرات ، ثم تخر ساجدا فتقولهن عشر مرات ، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولهن عشر مرات ، ثم تسجد فتقولهن عشر مرات ، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولهن عشر مرات ، ثم تتشهد وتسلم ، ثم تقوم وتصلي ركعتين أخراوين تصنع فيهما مثل ذلك ثم تسلم قال أبو جعفر عليه‌السلام : فذلك خمس وسبعون مرة في كل ركعة ثلاثمائة تسبيحة تكون ثلاثمائة مرة في الأربع ركعات ألف ومائتا تسبيحة يضاعفها الله عزوجل ويكتب لك بها اثنتي عشرة ألف حسنة ، الحسنة منها جبل أحد و أعظم ».

١٥٣٤ ـ وقد روي « أن التسبيح في صلاة جعفر بعد القراءة ، وأن ترتيب التسبيح سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر » (١).

فبأي الحديثين أخذ المصلي فهو مصيب وجائز له.

والقنوت في كل ركعتين منهما قبل الركوع ، والقراءة في الركعة الأولى الحمد وإذا زلزلت ، وفي الثانية الحمد والعاديات ، وفي الثالثة الحمد وإذا جاء نصر الله ، و في الرابعة الحمد وقل هو الله أحد (٢) ، وإن شئت صليتها كلها بالحمد وقل هو الله أحد.

١٥٣٥ ـ وفي رواية عبد الله بن المغيرة عن الصادق عليه‌السلام قال : « اقرأ في صلاة جعفر عليه‌السلام بقل هو الله أحد ، وقل يا أيها الكافرون ».

١٥٣٦ ـ وروي عن إبراهيم بن أبي البلاد قال : « قلت لأبي الحسن يعني موسى ابن جعفر عليهما‌السلام أي شئ لمن صلى صلاة جعفر؟ قال : لو كان عليه مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوبا لغفرها الله له ، قال : قلت : هذه لنا؟ قال : فلمن هي إلا لكم خاصة قال : قلت : فأي شئ أقرأ فيها؟ قال : وقلت : أعترض القرآن (٣)؟ قال : لا إقرأ فيها

__________________

(١) وهذه الرواية أشهر وعليه معظم الأصحاب. ( الذكرى )

(٢) كما في الكافي ج ٣ ص ٤٦٦ في رواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه‌السلام.

(٣) أي أقع فيه واختار منه السور ( الوافي ) أو أعرضه على نفسي فأقرء منه ما شئت؟ ولعل المنع على سبيل الاستحسان. ( مراد )

٥٥٣

إذا زلزلت ، وإذا جاء نصر الله ، وإنا أنزلناه في ليلة القدر ، وقل هو الله أحد ».

١٥٣٧ ـ وسئل أبو عبد الله عليه‌السلام « عمن صلى صلاة جعفر هل يكتب له من الاجر مثل ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لجعفر؟ قال : إي والله ».

١٥٣٨ ـ وروي عن علي بن الريان أنه قال : « كتبت إلى الماضي الأخير عليه‌السلام (١) أسأله عن رجل صلى من صلاة جعفر عليه‌السلام ركعتين ، ثم تعجله عن الركعتين الأخيرتين (٢) حاجة أو يقطع ذلك لحادث يحدث (٣) أيجوز له أن يتمها إذا فرغ من حاجته وإن قام عن مجلسه أم لا يحتسب بذلك إلا أن يستأنف الصلاة ويصلي الأربع ركعات كلها في مقام واحد؟ فكتب عليه‌السلام : بلى إن قطعه عن ذلك أمر (٤) لابد له منه فليقطع ثم ليرجع فليبن على ما بقي منها إن شاء الله ».

١٥٣٩ ـ وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « صل صلاة جعفر في أي وقت شئت من ليل أو نهار ، وإن شئت حسبتها من نوافل الليل وإن شئت حسبتها من نوافل النهار تحسب لك من نوافلك ، وتحسب لك من صلاة جعفر عليه‌السلام ».

١٥٤٠ ـ وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا كنت مستعجلا فصل صلاة جعفر مجردة ، ثم اقض التسبيح ».

١٥٤١ ـ وفي رواية الحسن بن محبوب قال : تقول في آخر سجدة (٥) من صلاة

__________________

(١) يعنى به أبا الحسن الثالث عليه‌السلام.

(٢) قوله « تعجله » من باب الافعال أي تزعجه وتعوقه عن الركعتين الأخيرتين.

( م ح ق ).

(٣) الفرق بين الحاجة والحادث يمكن أن يكون بان الحاجة ما يذكرها في الصلاة والحادث ما يحدث في أثنائها كتردى طفل. ( مراد )

(٤) فيه دلالة على أنه لو قطع الاختيار لابد له من الاستيناف ان قلنا بالمفهوم ، وان لم نقل به ففيه اشعار بأنه ينبغي حينئذ الاستيناف. ( مراد )

(٥) أي في السجدة الأخيرة كما يدل غيره من الاخبار والظاهر عدم اشتراط الصلاة به ( المرآة ) وفى بعض النسخ « في آخر ركعة ».

٥٥٤

جعفر بن أبي طالب عليه‌السلام : « يا من لبس العز والوقار ، يا من تعطف بالمجد (١) تكرم به ، يا من لا ينبغي التسبيح إلا له ، يا من أحصى كل شئ علمه ، يا ذا النعمة والطول يا ذا المن والفضل ، يا ذا القدرة والكرم ، أسألك بمعاقد العز من عرشك (٢) ومنتهى الرحمة من كتابك (٣) وباسمك الأعظم الاعلى ، وكلماتك التامات (٤) أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تفعل بي كذا وكذا » (٥).

* ( باب صلاة الحاجة ) *

١٥٤٢ ـ روى مرازم عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : إذا فدحك أمر عظيم (٦) فتصدق في نهارك على ستين مسكينا ، على كل مسكين [ نصف ] صاع بصاع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٧) من تمر أو بر أو شعير ، فإذا كان بالليل اغتسلت في ثلث

__________________

(١) أي ارتدى برداء المجد وفى النهاية « سبحان من تعطف بالعز » أي تردى بالعز ، العطاف والمعطف : الرداء ، وسمى عطافا لوقوعه على عطفى الرجل وهما ناحيتا عنقه. والمجد في كلام العرب : الشرف الواسع ، ورجل ماجد : مفضال كثير الخير شريف ، والمجيد فعيل للمبالغة ، وقيل : هو الكريم الفعال ، وقيل إذا قارن شرف الذات حسن الفعال سمى مجدا.

(٢) معاقد العز من العرش : الخصال التي استحق بها العز ، أو مواضع انعقادها منه كذا في النهاية ، وقال : وحقيقة معناه بعز عرشك.

(٣) اما ناظر إلى قوله تعالى : كتب على نفسه الرحمة « أو يكون » من بيانية أي أسألك بكتابك : القرآن الذي هو نهاية رحمتك على عبادك ولا يكون لك رحمة أعظم منه عندنا أو أسألك بحق نهاية رحمتك التي أثبت في كتابك اللوح المحفوظ أو القرآن.

(٤) أي صفاتك الكاملة من العلم والقدرة والإرادة وغيرها مما لا يحصى ، أو أنبيائك أو أوصيائك أو القرآن.

(٥) تذكر مكانها الحاجات.

(٦) فدحه الدين : أثقله ، وفوادح الدهر : خطوبه ، والفادحة : النازلة.

(٧) وهو خمسة أمداد والصاع المعروف أربعة أمداد. (م ت)

٥٥٥

الليل الأخير ثم لبست أدنى ما يلبس من تعول من الثياب (١) إلا أن عليك في تلك الثياب إزار ، ثم تصلي ركعتين تقرأ فيهما بالتوحيد وقيل أيها الكافرون ، فإذا وضعت جبينك في الركعة الأخيرة للسجود هللت الله وقدسته وعظمته ومجدته (٢) ، ثم ذكرت ذنوبك فأقررت بما تعرف منها تسمي ، وما لم تعرف أقررت به جملة ، ثم رفعت رأسك فإذا وضعت جبينك في السجدة الثانية استخرت الله مائة مرة تقول : « اللهم إني أستخيرك بعلمك (٣) » ثم تدعو الله بما شئت من أسمائه وتقول « يا كائنا قبل كل شئ ويا مكون كل شئ ويا كائنا بعد كل شئ افعل بي كذا وكذا » وكلما سجدت فأفض بركبتيك إلى الأرض (٤) وترفع الإزار حتى تكشف عنهما واجعل الإزار من خلفك بين أليتيك وباطن ساقيك ، فإني أرجو أن تقضى حاجتك إن شاء الله تعالى ، وأبدأ بالصلاة على النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين.

صلاة أخرى للحاجة

١٥٤٣ ـ روى موسى بن القاسم البجلي ، عن صفوان بن يحيى ، ومحمد بن سهل عن أشياخهما عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا حضرت لك حاجة مهمة إلى الله عز و جل فصم ثلاثة أيام متوالية : الأربعاء والخميس والجمعة ، فإذا كان يوم الجمعة إن شاء الله تعالى فاغتسل والبس ثوبا جديدا ثم اصعد إلى أعلى بيت في دارك وصل فيه ركعتين ، وارفع يديك إلى السماء ثم قل : « اللهم إني حللت بساحتك لمعرفتي

__________________

(١) أي أخشن الثياب التي تلبسها عيالك.

(٢) يعنى قلت « لا إله إلا الله » سبحان الله ، الله أكبر ، لا حول ولا قوة الا بالله وأمثالها.

(٣) أي أطلب منك أن تجعل خيرى في قضاء حاجتي ، أو تجعل قضاء حاجتي خيرا لي ، أو تقضى حاجتي إن كان خيرا في علمك وقدرتك عليها وعلى جعلها خيرا. (م ت)

(٤) أفضى بيده على الأرض إذا مسها بباطن راحته في سجوده.

٥٥٦

بوحدانيتك وصمدانيتك (١) وإنه لا قادر على حاجتي غيرك ، وقد علمت يا رب أنه كلما تظاهرت نعمتك علي اشتدت فاقتي إليك ، وقد طرقني هم كذا وكذا (٢) وأنت بكشفه عالم غير معلم ، واسع غير متكلف (٣) ، فأسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت (٤) ووضعته على السماء فانشقت ، وعلى النجوم فانتثرت ، وعلى الأرض فسطحت ، وأسألك بالحق الذي جعلته عند محمد والأئمة عليهم‌السلام وتسمهم إلى آخرهم أن تصلي على محمد وأهل بيته وأن تقضي حاجتي وأن تيسر لي عسيرها ، و تكفيني مهمها ، فإن فعلت فلك الحمد ، وإن لم تفعل فلك الحمد ، غير جائر في حكمك ولا متهم في قضائك ولا حائف في عدلك (٥) وتلصق خدك بالأرض وتقول : « اللهم إن يونس بن متي عبدك دعاك في بطن الحوت وهو عبدك فاستجبت له (٦) وأنا عبدك أدعوك فاستجب لي » ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لربما كانت الحاجة لي فأدعو بهذا الدعاء فأرجع وقد قضيت ».

صلاة أخرى للحاجة

١٥٤٤ ـ روى سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « إن أحدكم إذا مرض

__________________

(١) « حللت بساحتك » أي نزلت ووقفت ببابك ، والساحة : فناء الدار وفضاء الدار والصمد : الرفيع والدائم والسند ومن يقصد إليه في الحوائج أي كونك مصمودا إليه في الحوائج مقصودا فيها.

(٢) أي نزل بي هم كذا ، وتذكر مكان « كذا وكذا » مهمك.

(٣) « عالم » أي لا يحتاج إلى ذكر أسباب الكشف عندك. « واسع » أي واسع القدرة أو واسع الكرم أو الأعم. « غير متكلف » أي غير شاق عليك.

(٤) نسفت البناء نسفا : قلعته ، والتعبير بلفظ الماضي لتحقق الوقع أو المراد في الدنيا أي بأن جعلته رملا.

(٥) الحيف : الجور والظلم

(٦) يعنى أن العبودية والتذلل والانكسار سبب القضاء الحوائج وهو مشترك ، فلا يرد أن بينهما بون بعيد. (م ت)

٥٥٧

دعا الطبيب وأعطاه ، وإذا كانت له حاجة إلى سلطان رشا البواب وأعطاه ، ولو أن أحدكم إذا فدحه أمر فزع إلى الله تعالى فتطهر (١) وتصدق بصدقة قلت أو كثرت ثم دخل المسجد فصلى ركعتين فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وأهل بيته عليهم‌السلام ، ثم قال » : اللهم إن عافيتني من مرضي ، أو رددتني من سفري ، أو عافيتني مما أخاف من كذا وكذا « إلا آتاه الله ذلك (٢) وهي اليمين الواجبة وما جعل الله تبارك وتعالى عليه في الشكر ».

صلاة أخرى للحاجة

١٥٤٥ ـ « كان علي بن الحسين عليهما‌السلام إذا حزنه أمر (٣) لبس ثوبين من أغلظ ثيابه وأخشنها ، ثم ركع في آخر الليل ركعتين حتى إذا كان في آخر سجدة من سجوده سبح الله مائة تسبيحة ، وحمد الله مائة مرة ، وهلل الله مائة مرة ، وكبر الله مائة مرة ، ثم يعترف بذنوبه كلها (٤) ما عرف منها أقر له تبارك وتعالى به في سجوده وما لم يذكر منها اعترف به جملة ثم يدعو الله عزوجل ويفضي بركبتيه إلى الأرض ».

__________________

(١) لعل المراد الغسل أو الوضوء.

(٢) جواب الشرط محذوف مثل قوله « فأنت أهل لذلك » ونحوه. وقيل : الظاهر أن جوابه التزام نذر من صدقه وغيرها بقرينة ما سبق من قوله « دعا الطبيب وأعطاه ورشا البواب » ولا يخفى بعده وما جعله قرينة ليس بقرينة لأنه عليه‌السلام ذكر الصدقة قبل ذلك ، وقوله « الا آتاه الله ذلك » مستثنى من مقدر أي لم يفعل أو ما يفعله الا آتاه الله ، المذكور والمقدر جواب لقوله عليه‌السلام : « وهي اليمين الواجبة » أي هذه الصلوات والصدقة والدعاء بمنزلة اليمين الواجب على الله قبولها. قال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ.

(٣) في جميع النسخ جعل « حزبه » ـ بالزاي والباء الموحدة من تحت ـ نسخة ، وحزبه أمر أي نابه واشتد عليه أو ضغطه ، أو نزلت به مهمة واصابه غم.

(٤) أي يعترف بالتقصير في العبادة أو القصور فيها في بعض الأحيان ، وهو مقتضى مقام العبودية والا فهو معصوم عصمه الله تعالى من الخطأ والنسيان فضلا عن الذنب وقد تقدم الكلام في أمثاله.

٥٥٨

صلاة أخرى للحاجة

١٥٤٦ ـ روي عن يونس بن عمار قال : « شكوت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام رجلا كان يؤذيني ، فقال : أدع عليه فقلت : قد دعوت عليه ، فقال : ليس هكذا ولكن اقلع عن الذنوب وصم وصل وتصدق فإذا كان آخر الليل فأسبغ الوضوء ، ثم قم فصل ركعتين ثم قل : وأنت ساجد : « اللهم إن فلان بن فلان قد آذاني اللهم أسقم بدنه ، واقطع أثره وانقص أجله واجعل له ذلك في عامه هذا » قال : ففعلت ، فما لبث أن هلك » (١).

صلاة أخرى للحاجة

١٥٤٧ ـ روى عمر بن أذينة عن شيخ من آل سعد قال : « كانت بيني وبين رجل من أهل المدينة خصوصة ذات خطر عظيم ، فدخلت على أبى عبد الله عليه‌السلام فذكرت له ذلك ، وقلت : علمني شيئا لعل الله يرد على مظلمتي (٢) فقال : إذا أردت العدو فصل بين القبر والمنبر ركعتين أو أربع ركعات وإن شئت ففي بيتك ، وأسال الله أن يعينك وخذ شيئا مما تيسر فتصدق به على أول مسكين تلقاه ، قال : ففعلت ما أمرني فقضى لي ورد الله على أرضى ».

صلاة أخرى للحاجة

١٥٤٨ ـ روى زياد القندي ، عن عبد الرحيم القصير قال : « دخلت على أبى ـ

__________________

(١) في بعض النسخ « فما لبثت أن هلك » والظاهر أن الرجل كان من المخالفين و أراد قتله ولهذا جوز له الدعاء بالهلاك الا أن يقصد بقطع الأثر الظلم ، ويحتمل جواز الدعاء على الظالم مطلقا بالهلاك لعدم الاستفصال ، والأولى الدعاء برفع ظلمه وهدايته فهو أسرع إجابة فيما جربناه. (م ت)

(٢) المظلمة : ما يظلم الرجل وما تطلبه عند الظالم وهو اسم ما اخذ منك. (م ت)

٥٥٩

عبد الله عليه‌السلام فقلت : جعلت فداك إني اخترعت دعاء ، فقال : دعني من اختراعك (١) إذا نزل بك أمر فافزع إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فصل ركعتين تهديهما إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قلت : كيف أصنع؟ قال : تغتسل وتصلي ركعتين تستفتح بهما افتتاح الفريضة وتتشهد تشهد الفريضة (٢) فإذا فرغت من التشهد وسلمت قلت : « اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يرجع السلام (٣) اللهم صلى على محمد وآل محمد ، وبلغ روح محمد وآل محمد عني السلام ، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته ، اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني إلى رسولك صلى‌الله‌عليه‌وآله فأثبني عليهما (٤) ما أملت ورجوت منك وفي رسولك (٥) يا ولي المؤمنين » ثم تخر ساجدا وتقول : « يا حي يا قيوم ، يا حيا لا يموت ، لا حي لا إله إلا أنت يا ذا الجلال والاكرام ، يا أرحم الراحمين » أربعين مرة ، ثم تضع خدك الأيمن على الأرض فتقولها أربعين مرة ، ثم تضع خدك الأيسر فتقول ذلك أربعين مرة ، ثم ترفع رأسك وتمد يديك وتقول ذلك أربعين مرة ثم ترد يدك إلى رقبتك وتلوذ

__________________

(١) يدل ظاهرا على النهى عن اختراع الدعاء وحمل على الكراهة لعموم الامر بالدعاء الا فيمن لا يعرف الله وصفاته العليا ، فربما يتكلم بما لا يجوز له ، ولا ريب أن الدعاء بالمنقول أولى ، ويمكن أن يكون مراده الدعاء بقضاء الحاجة ويكون النهى لاشتراطه بشرائط كثيرة من الاستشفاع برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصلاة الهدية والغسل وغيرها (م ت) أقول : زياد القندي هو زياد بن مروان واقفي بل من أركان الوقف ولم يوثق ، وعبد الرحيم القصير مجهول الحال.

(٢) « افتتاح الفريضة » أي بالتكبيرات السبع أو بتكبيرة الاحرام وكذا التشهد باشتماله على المندوب والواجبات. (م ت)

(٣) « أنت السلام » أي السالم من العيوب وصفات النقص أو مما يلحق غيره تعالى من الفناء والآفات. « ومنك السلام » أي السلامة. « واليك يعود السلام » أي لو وقع من المخلوقين سلامة العيوب فإليك ترجع لأنها بتأييدك وتوفيقك. (م ت)

(٤) من الإثابة بمعنى الجزاء ، وفى بعض النسخ « فأتني » من الايتاء بمعنى الاعطاء.

(٥) أي في الاستشفاع برسولك أو في بلاغ السلام والصلاة. (م ت)

٥٦٠