كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٩٩

بعضها فوق بعض ، ولا بحر لجي يدلج بين يدي المدلج من خلقك (١) تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور (٢) غارت النجوم ونامت العيون وأنت الحي القيوم ، لا تأخذك سنة ولا نوم ، سبحان الله رب العالمين وإله المرسلين وخالق النبيين ، والحمد لله رب العالمين ، اللهم اغفر لي وارحمني وتب علي ، إنك أنت التواب الرحيم » ثم اقرأ خمس آيات من آخر آل عمران « إن في خلق السماوات والأرض إلى قوله إنك لا تخلف الميعاد » (٣).

وعليك بالسواك فإن السواك في السحر قبل الوضوء من السنة ، ثم توضأ (٤).

١٣٩١ ـ وروى أبو عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « تتجافى جنوبهم عن المضاجع » (٥) فقال : لعلك ترى أن القوم لم يكونوا ينامون؟ فقلت : الله ورسوله أعلم ، فقال : لابد لهذا البدن أن تريحه حتى يخرج نفسه ، فإذا خرج النفس استراح البدن ورجعت الروح فيه وفيه قوة على العمل ، فإنما

__________________

(١) لجة الماء معظمه ، وأدلج القوم إذا ساروا من أول الليل وان ساروا في آخره فقد ادلجوا بتشديد الدال ، والمراد بادلاج البحر بين يدي المدلج ـ بسكون الدال فيهما أو بتشديدها فيهما ـ : تحركه عند حركة السفينة. ( مراد )

(٢) وحاصل الدعاء أن هذه الأشياء الساترة والمظلمة لا يستر ولا يظلم عليك شيئا بل كل الأشياء عندك ظاهر وعلمك بها محيط ، فكيف يخفى عليك حالي وعبادتي في هذه الليلة المظلمة. (م ت)

(٣) إلى هنا مروى في التهذيب ج ١ ص ١٧٥ وفى الكافي بسند حسن كالصحيح مع اختلاف وبعده فيهما « ثم استك وتوضأ فإذا وضعت يدك في الماء فقل « بسم الله وبالله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين » فإذا فرغت فقل : « الحمد لله رب العالمين » فإذا قمت إلى صلاتك فقل : « بسم الله وبالله ومن الله وما شاء الله ولا حول ولا قوة الا بالله ، اللهم اجعلني من زوار بيتك وعمار مساجدك ، وافتح لي باب توبتك ، وأغلق عنى باب معصيتك وكل معصية ، الحمد لله الذي جعلني ممن يناجيه ، اللهم أقبل على بوجهك ، جل ثناؤك » ثم افتتح الصلاة بالتكبير ».

(٤) من كلام المؤلف ـ رحمه‌الله ـ أخذه من ذيل حديث زرارة وغيره.

(٥) أي لم يلزم مكانه وقام جنوبهم عن فراشهم. (م ت)

٤٨١

ذكرهم فقال : « تتجافى جنوبهم على المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا » أنزلت في أمير المؤمنين عليه‌السلام وأتباعه من شيعتنا ينامون في أول الليل فإذا ذهب ثلثا الليل أو ما شاء الله فزعوا إلى ربهم ، راغبين راهبين طامعين فيما عنده ، فذكرهم الله عز وجل في كتابه لنبيه عليه‌السلام وأخبرهم بما أعطاهم وأنه أسكنهم في جواره وأدخلهم جنته ، وآمن خوفهم وآمن روعتهم ، قلت : جعلت فداك إن أنا قمت في آخر الليل أي شئ أقول إذا قمت؟ فقال : قل « الحمد لله رب العالمين وإله المرسلين والحمد لله الذي يحيي الموتى ويبعث من في القبور » فإنك إذا قلتها ذهب عنك رجز الشيطان ووسواسه إن شاء الله تعالى.

باب

* ( القول عند صراخ الديك ) *

١٣٩٢ ـ قال الصادق عليه‌السلام : « إذا سمعت صراخ الديك فقل : سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، سبقت رحمتك غضبك ، لا إله إلا أنت ، سبحانك وبحمدك ، عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت » (١).

١٣٩٣ ـ وقال عليه‌السلام : « تعلموا من الديك خمس خصال : محافظته على أوقات الصلاة ، والغيرة ، والسخاء ، والشجاعة ، وكثرة الطروقة » (٢).

١٣٩٤ ـ وقال عليه‌السلام : « تعلموا من الغراب ثلاث خصال : استتاره بالسفاد (٣) ، وبكوره في طلب الرزق (٤) وحذره ».

١٣٩٥ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « إن لله تبارك وتعالى ملك على صورة ديك

__________________

(١) هذا الخبر جزء من حديث زرارة الذي تقدم آنفا.

(٢) الطروقة بمعنى الجماع وكذا السفاد. (م ت)

(٣) السفاد : نزو الذكر على الأنثى. ( مراد )

(٤) هذا لا ينافي كراهة الدخول في السوق أولا لان المراد ترك الكسل في طلب الرزق والجلوس في المصلى حتى تطلع الشمس أعون في طلب الرزق من الضرب في الأرض كما ورد في الحديث. ( مراد )

٤٨٢

أبيض ، رأسه تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة ، له جناح في المشرق و جناح في المغرب ، لا تصيح الديوك حتى يصيح ، فإذا صاح خفق بجناحيه (١) ثم قال : « سبحان الله ، سبحان الله ، سبحان الله العظيم الذي ليس كمثله شئ » قال : فيجيبه الله تبارك وتعالى ويقول : لا يحلف بي كاذبا من يعرف ما تقول » (٢).

١٣٩٦ ـ وروي : « أن فيه نزلت : « والطور صافات كل قد لم صلاته و تسبيحه » (٣).

١٣٩٧ ـ وروى : « أن حمله العرش اليوم أربعة : واحد منهم على صورة الديك يسترزق الله عزوجل للطير ، وواحد على صورة الأسد يسترزق الله تعالى للسباع وواحد على صورة الثور يسترزق الله تعالى للبهائم ، وواحد منهم على صورة بني آدم يسترزق الله تعالى لولد آدم عليه‌السلام ، فإذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية ، قال الله عزوجل : ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ».

باب

* ( القول عند القيام إلى صلاة الليل ) *

١٣٩٨ ـ قال الصادق عليه‌السلام : « إذا أردت أن تقوم إلى صلاة الليل فقل : « اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة وآله (٤) وأقدمهم بين يدي حوائجي ، فاجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ، اللهم ارحمني بهم (٥) ولا تعذبني بهم

__________________

(١) في القاموس : خفق الطائر : طار ، وأخفق : ضر بجناحيه.

(٢) يعين من عقل الله تعالى بما يدل عليه هذا الصوت من العظمة والجلال لا يجترء على أن يحلف به تبارك وتعالى حلفا كاذبا. ( مراد )

(٣) هذا لا ينافي عموم المنزل إذ كثيرا ما ينزل العام في الخاص. ( مراد )

(٤) أي مستشفعا بهم إليك ، متلبسا بعرفانهم ، أو مقتديا بهم ، مقتفيا آثارهم.

(٥) أي بشأنهم ومكانتهم عندك ، أو بسببهم وكذا القول في الفقرات الآتية.

٤٨٣

واهدني بهم ولا تضلني بهم ، وارزقني بهم ولا تحرمني بهم ، واقض لي حوائجي للدنيا والآخرة ، إنك على كل شئ قدير ، وبكل شئ عليم ».

باب

* ( الصلوات التي جرت السنة بالتوجه فيهن ) *

من السنة التوجه (١) في ست صلوات وهي أول ركعة من صلاة الليل ، والمفردة من الوتر (٢) وأول ركعة من ركعتي الزوال ، وأول ركعة من ركعتي الاحرام ، و أول ركعة من نوافل المغرب ، وأول ركعة من الفريضة (٣) كذلك ذكره أبي رضي الله عنه في رسالته إلي.

باب

* ( صلاة الليل ) *

قال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا » فصارت صلاة الليل فريضة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لقول الله عزوجل فتهجد ، وهي لغيرة سنة ونافلة.

١٣٩٩ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في وصيته لعلي عليه‌السلام : « يا علي عليك بصلاة الليل ، [ و ] عليك بصلاة الليل ، [ و ] عليك بصلاة الليل » (٤).

__________________

(١) المراد بالتوجه التكبيرات الافتتاحية وقول : « وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ـ الآية ». وقال الشهيد ـ رحمه‌الله ـ في الذكرى : والأقرب عموم استحباب السبع في جمع الصلوات. وقال علي بن بابويه يختص بالمواضع الستة.

(٢) أي المفردة بالسلام من الركعات الثلاث وهذا اطلاق شايع كاطلاق الشفع على الركعتين منها والوتر على الأخيرة. ( مراد )

(٣) أي أول كل فريضة ( الذكرى ) وقال الفاضل التفرشي : من أي فريضة كانت أو أي فريضة كانت من الخمس.

(٤) رواه الكليني في الكافي ج ٨ ص ٧٩ في الصحيح بدون التكرار والصدوق في الوصايا.

٤٨٤

فإذا أردت أن تصليها فكبر الله عزوجل سبعا ، واحمده سبعا ، ثم توجه ثم صل ركعتين تقرأ في الأولى الحمد وقل هو الله أحد ، وفي الثانية الحمد وقل يا أيها الكافرون ، وتقرأ في الست الركعات بما أحببت إن شئت طولت وإن شئت قصرت.

١٤٠٠ ـ وروي « أن من قرأ في الركعتين الأولتين من صلاة الليل في كل ركعة منهما الحمد مرة وقل هو الله أحد ثلاثين مرة انفتل وليس بينه وبين الله عزوجل ذنب إلا غفر له » (١).

وتقر في ركعتي الشفع وركعة الوتر قل هو الله أحد ، وافصل بين الشفع والوتر بتسليمة (٢).

١٤٠١ ـ وروي (٣) « أن من قرأ في الوتر بالمعوذتين وقل هو الله أحد قيل له أبشر يا عبد الله فقد قبل الله وترك » (٤).

والقنوت في كل ركعتين في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة ، والقراءة بها جهارا.

والقنوت في الوتر قبل الركوع.

وإن قمت ولم يكن عليك من الوقت بقدر ما تصلي فيه صلاة الليل على ما تريد فصلها وأدرجها إدراجا (٥) ، والادراج أن تقرأ في كل ركعة الحمد وحدها ، فإن

__________________

(١) مروى في التهذيب ج ١ ص ١٧٠ مرسلا أيضا.

(٢) كما في رواية سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام المروية في التهذيب ج ١ ص ١٧١ ورواية معاوية بن عمار عنه عليه‌السلام.

(٣) رواه في ثواب الأعمال ص ١٥٨ بسند ضعيف عن الباقر عليه‌السلام.

(٤) الأولى أن يقرأ في الثلاث في كل ركعة بعد الحمد بالمعوذتين والتوحيد وان قرء في الركعتين من الشفع في إحديهما إحدى المعوذتين والتوحيد وفى الأخرى أخريهما والتوحيد وفى الوتر بالمعوذتين والتوحيد ثلاث مرات لكان جامعا بين الاخبار أيضا (م ت) راجع التهذيب ج ١ ص ١٧١.

(٥) روى الكليني في الكافي ج ٣ ص ٤٤٩ باسناده عن إسماعيل بن جابر أو عبد الله ابن سنان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : انى أقوم آخر الليل وأخاف الصبح ، قال : اقرأ

٤٨٥

خشيت طلوع الفجر فصل ركعتين وأوتر بالثالثة ، وإن طلع الفجر فصل ركعتي الفجر وقد مضى الوقت بما فيه.

وإذا صليت من صلاة الليل أربع ركعات من قبل طلوع الفجر فأتم الصلاة طلع الفجر أو لم يطلع (١).

وقد رويت رخصة في أن يصلي الرجل صلاة الليل بعد طلوع الفجر المرة بعد المرة ، ولا يتخذ ذلك عادة (٢).

وإذا كان عليك قضاء صلاة الليل (٣) فقمت وعليك من الوقت بقدر ما تصلي الفائتة وصلاة ليلتك (٤) فابدأ بالفائتة فصل ثم صل صلاة ليلتك ، فإن كان الوقت

__________________

الحمد وأعجل وأعجل ». وفى التهذيب ج ١ ص ٢٣٣ في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام يقول : إذا قمت وقد طلع الفجر ( يعنى الأول ) فابدأ بالوتر ثم صل ركعتين ثم صل الركعات إذا أصبحت ». وهذا الخبر يدل على أن ايقاع الوتر بالطمأنينة أفضل من ايقاع الجميع مدرجا.

(١) في التهذيب ج ١ ص ١٧٠ باسناده عن أبي جعفر الأحول محمد بن نعمان قال : قال أبو عبد عليه‌السلام : « إذا كنت صليت أربع ركعات من صلاة الليل قبل طلوع فأتم الصلاة طلع الفجر أو لم يطلع ».

(٢) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٧٠ في موثق عن عمر بن يزيد قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أقوم وقد طلع الفجر فان أنا بدأت بالفجر صليتها في أول وقتها وان بدأت بصلاة الليل والوتر صليت الفجر في وقت هؤلاء ، فقال : ابدأ بصلاة الليل والوتر ولا تجعل ذلك عادة ».

وفيه ج ١ ص ٢٣٢ عن في الصحيح سليمان بن خالد قال : « قال : لي أبو عبد الله عليه‌السلام ربما قمت وقد طلع الفجر فاصلي صلاة الليل والوتر والركعتين قبل الفجر ثم اصلى الفجر ، قال : قلت : أفعل أنا ذا؟ قال : نعم ولا يكون منك عادة ». وحمل الشيخ أمثال هذه الأخبار على الرخصة في جواز تأخير صلاة الغداة عن أول الوقت إلى آخره ، وقال : إنما يجوز ذلك إذا كان تأخيره للاشتغال بشئ من العبادات. أقول : هذا الحمل إنما كان لورود النهى عن التطوع في وقت الفريضة في اخبار.

(٣) يعنى ما فاتك من صلاة الليل في الليلة السابقة. ( مراد )

(٤) راجع الكافي ج ٣ ص ٤٥٣ رواية زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام.

٤٨٦

بقدر ما تصلي واحدة فصل صلاة ليلتك لئلا تصيرا جميعا قضاء ، ثم اقض الصلاة الفائتة من الغد أو بعد ذلك.

باب

* ( دعاء قنوت الوتر ) *

١٤٠٢ ـ كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في قنوت الوتر : « اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، سبحانك رب البيت ، أستغفرك وأتوب إليك ، وأومن بك ، وأتوكل عليك ، ولا حول ولا قوة إلا بك يا رحيم ».

١٤٠٣ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أطولكم قنوتا في دار الدنيا أطولكم راحة يوم القيامة في الموقف » (١).

١٤٠٤ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « القنوت في يوم الجمعة تمجيد [ الله ] والصلاة على نبي الله ، وكلمات الفرج » ثم هذا الدعاء (٢).

والقنوت في الوتر كقنوتك يوم الجمعة (٣) ، ثم تقول قبل دعائك لنفسك (٤) :

__________________

(١) رواه المصنف ـ رحمه‌الله ـ في ثواب الأعمال ص ٥٥ مسندا. وقوله « دار الدنيا » أي دار الحياة الدنيا.

(٢) من كلام المؤلف ـ رحمه‌الله ـ والإشارة إلى الدعاء المنقول عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله آنفا ( مراد ، م ت ، سلطان ).

(٣) روى المصنف مضمونه في الأمالي ص ٢٣٥ عن أبيه عن علي عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة قال : « قال أبو جعفر عليه‌السلام : القنوت في الوتر كقنوتك يوم الجمعة تقول في دعاء القنوت : « اللهم تم نورك فهديت ـ إلى آخر الدعاء كما يأتي. ورواه الشيخ في مجالسه مرسلا مع اختلافات نشير إليها.

(٤) يعنى دعاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي تقدم آنفا. وقال الفاضل التفرشي : لفظ ثم للترقي في المرتبة فان مرتبة الاتيان بهذا الدعاء أعلى من مرتبة الاكتفاء بما سبق ، ويمكن أن يراد بالدعاء الدعاء الذي يريده المصلى.

٤٨٧

« اللهم تم نورك فهديت فلك الحمد ربنا (١) ، وبسطت يدك فأعطيت فلك الحمد ربنا ، وعظم حلمك فعفوت فلك الحمد ربنا ، وجهك أكرم الوجوه وجهتك خير الجهات وعطيتك أفضل العطيات وأهنؤها ، تطاع ربنا فتشكر ، وتعصى ربنا فتغفر لمن شئت ، تجيب المضطر وتكشف الضر وتشفي السقيم وتنجي من الكرب العظيم ، لا يجزي بالآئك أحد (٢) ولا يحصي نعمائك قول قائل ، اللهم إليك رفعت الابصار ونقلت الاقدام ، ومدت الأعناق ، ورفعت الأيدي ، ودعيت بالألسن وإليك سرهم ونجواهم في الأعمال (٣) ، ربنا اغفر لنا وارحمنا وافتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ، اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا عنا (٤) ، وشدة الزمان علينا ، ووقوع الفتن بنا ، وتظاهر الأعداء علينا وكثرة عدونا وقلة عددنا فرج (٥) ذلك يا رب بفتح منك تعجله ، ونصر منك تعزه ، وإمام عدل تظهره إليه الحق رب العالمين (٦) » ثم تقول : أستغفر الله ربي وأتوب إليه سبعين مرة (٧) وتعوذ بالله من النار كثيرا (٨).

__________________

(١) الظاهر نصب « ربنا » على أنه منادى ، ويمكن جره على أنه عطف بيان لكاف « لك » ورفعه على الخبرية أي أنت ربنا. ( مراد )

(٢) أي لا يقدر أحد على جزاء نعمائك ولا يقابلها بعوض. ( سلطان )

(٣) في الأمالي والمجالس « ودعيت بالألسن وتحوكم إليك في الأعمال ».

(٤) في الأمالي « اللهم إليك نشكو غيبة نبينا » وفى المجالس « اللهم انا نشكو إليك فقد نبينا وغيبة امامنا وكثرة عدونا وتظاهر الزمان علينا ووقوع الفتن بنا وقلة عددنا ففرج ـ الدعاء ».

(٥) كذا وفى المجالس والأمالي « ففرج ».

(٦) في المجالس « وسلطان حق تظهره وعافية منك تجللناها ، ورحمة منك تلبسناها برحمتك يا أرحم الراحمين آمين رب العالمين ».

(٧) في الأمالي والمجالس « ثم تقول في قنوت الوتر بعد هذا الدعاء : أستغفر الله وأتوب إليه ـ سبعين مرة ـ الخ ».

(٨) « تعوذ » أمره في صورة الخبر ، أصله تتعوذ ، وعطف على قوله « تقول » في معنى « قل ». ( مراد )

٤٨٨

١٤٠٥ ـ وروى عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « من قال في وتره إذا أوتر : « استغفر الله ربي وأتوب إليه » سبعين مرة وواظب على ذلك حتى تمضي سنة كتبه الله عنده من المستغفرين بالاسحار (١) ، ووجبت له الجنة والمغفرة من الله عزوجل ».

١٤٠٦ ـ وروى عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : استغفر الله في الوتر سبعين مرة تنصب يدك اليسرى (٢) وتعد باليمنى الاستغفار.

وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يستغفر الله في الوتر سبعين مرة ويقول « هذا مقام العائذ بك من النار سبع مرات (٣) ».

١٤٠٧ ـ وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « تدعو في الوتر على العدو وإن شئت سميتهم وتستغفر وترفع يديك في الوتر حيال وجهك (٤) وإن شئت فتحت ثوبك » (٥).

١٤٠٨ ـ وكان علي بن الحسين عليهما‌السلام سيد العابدين يقول : « العفو العفو »

__________________

(١) أي من الذين مدحهم الله تعلى في كتابه العزيز ووعد قبول دعائهم ( سلطان ) ايماء بقبول استغفارهم فيغفر لهم والا فمجرد الاستغفار بالسحر يصدق عليه أنه من المستغفرين بالاسحار ، ويمكن أن يقال أيضا : المراد بالمستغفرين بالاسحار ليس كون المجموع مستغفرين بالاسحار حتى يتحقق على التوزيع بكون كل واحد مستغفرا بسحر ، بل المراد كون كل واحد مستغفرا بالاسحار وظاهر ذلك تقتضي كونه مستغفرا في جميع أسحار عمره فيخصص بالحديث بأسحار سنة ويكون استغفاره في كل سحر سبعين مرة ، وقوله « وواظب على ذلك » يقتضى اتصال الليالي ولا يكفي في ذلك عدد أيام السنة على التفريق. ( مراد )

(٢) لعل لمراد بنصبها جعلها حيال الوجه. ( مراد )

(٣) الظاهر أنه من تتمة خبر ابن يعفور ويمكن أن يكون خبرا آخر ورواه الشيخ عن أبي بصير.

(٤) يفهم منه ومن الحديث السابق أن المندوب رفع اليدين الا في وقت الاستغفار فإنه حينئذ يرفع اليد اليسرى ويرسل اليمنى يعد بها الاستغفار اما بالعقد على الأصابع واما بإدارة السبحة. ( مراد )

(٥) أي فترفعها تحت ثوبك ، ولعل المراد بالثوب الرداء. ( مراد )

٤٨٩

ثلاثمائة مرة في الوتر في السحر (١).

١٤٠٩ ـ وروى معروف بن خربوذ عن أحدهما يعني أبا جعفر عليه‌السلام وأبا عبد الله عليهما‌السلام قال : قل في قنوت الوتر : « لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ، وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم ، اللهم أنت الله نور السماوات والأرض ، وأنت الله زين السماوات والأرض ، وأنت الله جمال السماوات والأرض ، وأنت الله عماد السماوات والأرض ، وأنت الله قوام السماوات والأرض ، وأنت الله صريخ المستصرخين ، وأنت الله غياث المستغيثين ، وأنت الله المفرج عن المكروبين ، وأنت الله المروح عن المغمومين وأنت الله مجيب دعوة المضطرين ، وأنت الله إله العالمين ، وأنت الله الرحمن الرحيم وأنت الله كاشف السوء ، وأنت الله كاشف السوء ، وأنت الله بك منزل كل حاجة (٢) ، يا الله ليس يرد غضبك إلا حلمك ، ولا ينجي من عذابك إلا رحمتك ، ولا ينجي منك إلا التضرع إليك (٣) فهب لي من لدنك يا إلهي رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك ، بالقدرة التي بها أحييت جميع ما في البلاد ، وبها تنشر ميت العباد ، ولا تهلكني غما حتى تغفر لي وترحمني (٤) وتعرفني الاستجابة في دعائي ، وارزقني العافية إلى منتهى أجلي ، وأقلني عثرتي ، ولا تشمت بي عدوي ، ولا تمكنه من رقبتي ، اللهم إن رفعتني فمن ذا الذي يضعني ، وإن وضعتني فمن ذا الذي يرفعني ، وإن أهلكتني (٥) فمن ذا الذي يحول بينك وبيني ، أو يتعرض لك في شئ من أمري ، وقد علمت أن ليس في حكمك ظلم ، ولا في نقمتك

__________________

(١) « العفو » اما منصوب بتقدير اطلب أو يكون مفعولا مطلقا حذف فعله أعف العفو ، أو مرفوع بالخبرية ومبتدأه محذوف أي مطلوبي العفو. وظاهر العبارة ثلاثمائة مكررا فيكون ستمائة والمشهور « العفو » ثلاثمائة.

(٢) في بعض النسخ « بك تنزل كل حاجة » والظاهر أن « كل حاجة » مبتدأ تقدم عليه خبره وهو « منزل » على صيغة اسم المفعول من الانزال و « بك » متعلق به ، وتقديمه عليه للحصر كما قال الفاضل التفرشي.

(٣) القصر إضافي بالنسبة إلى الاستكبار وعدم التضرع ، وليس بحقيقي لمكان التفضل.

(٤) أي لا تمتني حتى تغفر لي ولولا ذلك لهلكت غما.

(٥) أي ان أردت اهلاكي.

٤٩٠

عجلة ، إنما يعجل من يخاف الفوت ، وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف ، وقد تعاليت عن ذلك يا إلهي فلا تجعلني للبلاء غرضا ، ولا لنقمتك نصبا ، ومهلني ونفسني (١) وأقلني عثرتي ، ولا تتبعني ببلاء على أثر بلاء ، فقد ترى ضعفي وقلة حيلتي ، أستعيذ بك الليلة فأعذني ، وأستجير بك من النار فأجرني ، وأسألك الجنة فلا تحرمني. ثم ادع الله بما أحببت ، واستغفر الله سبعين مرة ».

١٤١٠ ـ ووري عن أبي حمزة الثمالي قال : « كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يقول في آخر وتره وهو قائم : رب أسأت وظلمت نفسي وبئس ما صنعت ، وهذه يداي جزاء بما صنعتا » (٢) قال : ثم يبسط يديه جميعا قدام وجهه ويقول : « وهذه رقبتي خاضعة لك لما أتت » قال : ثم يطأطئ رأسه ويخضع برقبته ثم يقول : وها أنا ذا بين يديك فخذ لنفسك الرضا من نفسي حتى ترضى لك العتبى (٣) ، لا أعود لا أعود لا أعود قال : وكان والله إذا قال : « لا أعود » لم يعد.

١٤١١ ـ وروى عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « القنوت في الوتر استغفار ، وفي الفريضة الدعاء » (٤).

١٤١٢ ـ وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام يدعو في قنوت الوتر بهذا الدعاء : « اللهم

__________________

(١) من التنفيس أي نفس غمي أو كربتي.

(٢) أي هذه الجارحة الخاضعة قد خضعت لأجل الجزاء والتلاقى لما صنعت من العصيان وافراد المبتداء على قصد الجنس وتثنية الخبر لتحقق ذلك الجنس في ضمنها. ( مراد )

(٣) أي رجعت عن الذنوب لترضى عنى. وفى الصحاح : أعتبني فلان إذا عاد إلى مسرتي راجعا من الإساءة ، والاسم منه العتبى. وتقديم الخبر وهو « لك » للحصر.

(٤) يعنى أن القنوت في الوتر كان لطلب المغفرة والتجاوز عن المعاصي ودفع الضرر ، و في الفريضة لجلب النفع. ( مراد ) أقول : ويفهم من الخبر أن الاستغفار في قنوت الوتر آكد منه في قنوت سائر الصلوات ، وأيضا الدعاء بسائر المطالب في سائر الصلوات آكد من الاستغفار.

٤٩١

خلقتني بتقدير وتدبير وتبصير بغير تقصير (١) وأخرجتني من ظلمات ثلاث (٢) بحولك وقوتك أحاول الدنيا ثم أزاولها ، ثم أزايلها وآتيتني فيها الكلاء والمرعى ، وبصرتني فيها الهدى ، فنعم الرب أنت ونعم المولى ، فيا من كرمني وشرفني ونعمني ، أعوذ بك من الزقوم ، وأعوذ بك من الحميم ، وأعوذ بك من مقيل في النار (٣) بين أطباق النار في ظلال النار يوم النار يا رب النار ، اللهم إني أسألك مقيلا في الجنة بين أنهارها وأشجارها وثمارها وريحانها وخدمها وأزواجها اللهم إني أسألك خير الخير : رضوانك والجنة ، وأعوذ بك من شر الشر : سخطك والنار ، هذا مقام العائذ بك من النار ثلاث مرات اللهم اجعل خوفك في جسدي كله ، واجعل قلبي أشد مخافة لك مما هو ، واجعل لي في كل يوم وليلة حظا ونصيبا من عمل بطاعتك واتباع مرضاتك ، اللهم أنت منتهى غايتي ورجائي ومسئلتي وطلبتي أسألك يا إلهي كمال الايمان ، وتمام اليقين ، وصدق التوكل عليك ، وحسن الظن بك ، يا سيدي اجعل إحساني مضاعفا ، وصلاتي تضرعا ، ودعائي مستجابا ، وعملي مقبولا ، وسعيي مشكورا ، وذنبي مغفورا ، ولقني منك نضرة وسرورا وصلى الله عليه محمد وآله ».

١٤١٣ ـ وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « القنوت في كل ركعتين في التطوع والفريضة ».

١٤١٤ ـ وروى عنه زرارة أنه قال : « القنوت في كل الصلوات ».

__________________

(١) قوله « بتقدير » أي بما ينبغي أن أكون عليه من القدر ، و « تدبير » أي بما يترتب على من المصالح من جلب المنافع ودفع المضار ، و « تبصير » أي على بصيرة وعلم ، « بغير تقصير » أي بغير أن تجعلني قاصرا عما ينبغي أن أكون عليه. ( مراد )

(٢) يعنى ظلمة البطن وظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة ظاهرا.

(٣) اما من القيلولة كما في نظيره الذي يأتي في الجنة ، أو بمعنى الغموس على صيغة الفعيل بمعنى الغمس. ( سلطان ).

٤٩٢

١٤١٥ ـ وروى أبان بن عثمان ، عن الحلبي أنه قال لأبي عبد الله عليه‌السلام « أسمي الأئمة عليهم‌السلام في الصلاة؟ فقال : أجملهم » (١).

١٤١٦ ـ وقال عليه‌السلام : « كل ما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام » (٢).

١٤١٧ ـ وروي عن أبي ولاد حفص بن سالم الحناط أنه قال : « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا بأس بأن يصلي الرجل ركعتين من الوتر ، ثم ينصرف فيقضي حاجته ثم يرجع فيصلي ركعة » (٣).

ولا بأس أن يصلي الرجل ركعتين من الوتر ثم يشرب الماء ويتكلم وينكح ويقضي ما شاء من حاجة ويحدث وضوءا ثم يصلي الركعة قبل أن يصلي الغداة.

١٤١٨ ـ وسأل معاوية بن عمار أبا عبد الله عليه‌السلام « عن القنوت في الوتر ، قال : قبل الركوع ، قال : فإن نسيت أقنت إذا رفعت رأسي؟ فقال : لا ».

قال مصنف هذا الكتاب : حكم من ينسى القنوت حتى يركع أن يقنت إذا رفع رأسه من الركوع ، وإنما منع الصادق عليه‌السلام من ذلك في الوتر والغداة خلافا للعامة لأنهم يقنتون فيهما بعد الركوع وإنما أطلق ذلك في سائر الصلوات لان جمهور العامة لا يرون القنوت فيها فإذا فرغ الانسان من الوتر صلى ركعتي الفجر.

١٤١٩ ـ وقال الصادق عليه‌السلام « صل ركعتي الفجر قبل الفجر وعنده وبعيده تقرأ في الأولى الحمد وقل يا أيها الكافرون وفى الثانية الحمد وقل هو الله أحد » ويجوز للرجل أن يحشوهم في صلاة الليل حشوا (٥) وكلما قرب من الفجر فهو

__________________

(١) أي أذكرهم مجملا كامام المسلمين ونحوه ، أو اكتف فيهم بالصلاة على محمد وآله أو وآل محمد.

(٢) أي كل كلام مبطل للصلاة ، وظاهره يشمل المناجاة بغير العربية ، ويمكن اجراء سلب الكلام عنه على ظاهره بحمل المناجاة على حديث النفس. ( مراد )

(٣) المراد بالوتر ركعات الشفع والوتر وهذا الاطلاق شايع في اخبار صلاة الليل.

(٤) أي وإن كان الفجر طالعا. ( مراد )

(٥) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٧٣ في الصحيح عن البزنطي قال : « سألت الرضا عليه‌السلام عن صلاة الفجر قبل الفجر. قال : احشوا بهما صلاة الليل ».

٤٩٣

أفضل فإذا طلع الفجر فصل الغداة وافصل بين ركعتي الفجر وبين الغداة باضطجاع ويجزيك التسليم (١)

١٤٢٠ ـ فقد قال الصادق عليه‌السلام « أي قطع أقطع من التسليم »

١٤٢١ ـ وروي عن سعيد الأعرج أنه قال « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام جعلت فداك إني أكون في الوتر وأكون قد نويت الصوم وأكون في الدعاء وأخاف الفجر وأكره أن أقطع على نفسي الدعاء وأشرب الماء وتكون القلة أمامي قال فقال لي : فاخط إليها الخطوة والخطوتين والثلاث واشرب وارجع إلى مكانك ولا تقطع على نفسك الدعاء »

١٤٢٢ ـ وروي زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إذا أنت انصرفت من الوتر فقل : « سبحان ربى الملك القدوس العزيز الحكيم » ثلاث مرات ، ثم تقول : يا حي يا قيوم يا بر يا رحيم يا غنى يا كريم ارزقني من التجارة أعظمها فضلا وأوسعها رزقا وخيرها لي عاقبة فإنه لا خير فيما لا عاقبة له ».

باب

* ( القول في الضجعة بين ركعتي الفجر وركعتي الغداة ) *

اضطجع بين ركعتي الفجر وركعتي الغداة على يمينك مستقبل القبلة وقل في ضجعتك استمسكت بعروة الله الوثقى التي لا انفصام لها ، واعتصمت بحبل الله المتين ، وأعوذ بالله من شر فسقة العرب والعجم ، وأعوذ بالله من شر فسقه الجن والإنس ، سبحان رب الصباح ، فالق الاصباح ، سبحان رب الصباح ، فالق الاصباح ،

__________________

(١) المراد بالاضطجاع الرقدة دون النوم وظاهر الروايات استحبابه بين صلاة الليل وركعتي الفجر. وظاهر المؤلف استحبابه بين نافلة الصبح وفريضته كما في الباب الآتي وروى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٧٤ باسناده عن سليمان المروزي قال : « قال أبو الحسن الأخير عليه‌السلام : إياك والنوم بين صلاة الليل والفجر ولكن ضجعة بلا نوم ». وقال الشيخ يجوز بدلا من الاضطجاع السجدة والمشي والكلام. ثم استدل بروايتين عن الرضا عليه‌السلام وعن الصادق سلام الله عليه.

٤٩٤

سبحان رب الصباح فالق الاصباح « ثم تقول : بسم الله وضعت جنبي لله ، فوضت أمري إلى الله أطلب حاجتي من الله توكلت على الله حسبي الله ونعم الوكيل ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا اللهم ومن أصبح وحاجته إلى مخلوق فإن حاجتي ورغبتي إليك » وتقرأ خمس آيات من آخر آل عمران « إن في خلق السماوات والأرض ـ إلى قوله : ـ إنك لا تخلف الميعاد » (١). وصل على محمد وآله مائة مرة فإنه :

١٤٢٣ ـ روي أنه « من صلى على محمد وآله مائة مرة بين ركعتي الفجر وركعتي الغداة وقى الله وجهه حر النار ومن قال : مائة مرة » سبحان ربى العظيم وبحمده أستغفر الله ربى وأتوب إليه « بنى الله له بيتا في الجنة ومن قرأ إحدى وعشرين مرة » قل هو الله أحد بنى الله له بيتا في الجنة فإن قرأها أربعين مرة غفر الله له.

باب

* ( المواضع التي يستحب أن يقرأ فيها قل هو الله أحد و قل يا أيها الكافرون ) *

١٤٢٤ ـ لا تدع أن تقرأ « قل هو الله أحد» و « قل يا أيها الكافرون » في سبعة مواطن : في الركعتين الأولتين من صلاة الليل وفى الركعتين اللتين قبل الفجر ، وركعتي الزوال ، وفي الركعتين اللتين بعد المغرب وركعتي الطواف وركعتي الاحرام والفجر إذا أصبحت بها (٢).

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٧٤ بتقديم وتأخير وزيادة ونقص عن سليمان ابن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٢) روى الكليني في الكافي ج ٣ ص ٣١٦ والشيخ ج ١ ص ١٥٥ من التهذيب بهذا المضمون خبرا عن معاذ بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام.

٤٩٥

باب

* ( أفضل النوافل ) *

قال أبى ـ رضي‌الله‌عنه ـ في رسالته إلي : اعلم يا بنى إن أفضل النوافل ركعتا الفجر ، وبعدهما ركعة الوتر ، وبعدها ركعتا الزال ، وبعدهما نوافل المغرب ، وبعدها تمام صلاة الليل ، وبعدها تمام نوافل النهار.

باب

* ( قضاء صلاة الليل ) *

١٤٢٥ ـ قال الصادق عليه‌السلام كلما فاتك بالليل فاقضه بالنهار قال الله تبارك وتعالى : « وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا » (١).

يعنى أن يقضى الرجل ما فاته بالليل بالنهار ، وما فاته بالنهار بالليل. واقض ما فاتك من صلاة الليل أي وقت شئت من ليل أو نهار ما لم يكن وقت فريضة (٢) وإن فاتتك فريضة فصلها إذا ذكرت فان ذكرتها وأنت في وقت فريضة أخرى فصل التي أنت في وقتها ثم صل الصلاة الفائتة (٣).

__________________

(١) رواه الشيخ في الموثق عن عنبسة العابد ج ١ ص ٢١٤ من التهذيب.

(٢) لعل ذلك لورود النهى في الاخبار عن التطوع في وقت الفريضة ، ففي التهذيب ج ١ ص ١٨٣ مسندا عن إسماعيل بن عيسى قال : « سألت الرضا عليه‌السلام عن الرجل يصلى الأولى ثم يتنفل فيدركه وقت العصر من قبل أن يفرغ من نافلته فيبطئ بالعصر ثم يقضى نافلته بعد العصر أو يؤخرها حتى يصليها في وقت آخر؟ قال : يصلى العصر ويقضى نافلته في يوم آخر ». وفى آخر عن الصادق عليه‌السلام : « إذا دخل وقت صلاة مفروضة فلا تطوع » ومثله أيضا عن الباقر عليه‌السلام.

(٣) ظاهر المؤلف تقديم الحاضرة على الفائتة ويدل عليه أخبار منها موثق إسماعيل ابن همام عن أبي الحسن عليه‌السلام أنه قال : « في الرجل يؤخر الظهر حتى يدخل وقت العصر فإنه يبدأ بالعصر ثم يصلى الظهر » ( التهذيب ج ١ ص ٢١٣ ) وفى قبالها أخبار منها ما رواه الشيخ بسند فيه جهالة عن زرارة أبى جعفر عليه‌السلام قال : إذا فاتتك

٤٩٦

١٤٢٦ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « قضاء صلاة الليل بعد الغداة وبعد العصر من سر آل محمد المخزون » (١).

وقد روي نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها لان الشمس تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان (٢) إلا أنه روي لي جماعة من مشائخنا عن :

__________________

صلاة فذكرتها في وقت أخرى فان كنت تعلم أنك إذا صليت التي قد فاتتك كنت في الأخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك فان الله عزوجل يقول : « أقم الصلاة لذكرى » ، وان كنت تعلم أنك ان صليت التي فاتتك فاتتك التي بعدها أيضا فابدأ بالتي أنت في وقتها واقض الأخرى « وفى آخر عن سهل بن زياد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل نسي الظهر حتى دخل وقت العصر؟ قال : يبدأ بالظهر ، وكذلك الصلوات تبدأ بالتي نسيت الا أن تخاف أن يخرج وقت الصلاة فتبدأ بالتي أنت في وقتها ثم تقضى ما نسيت ».

(١) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٨٥ والاستبصار ج ١ ص ٢٩٠ بسند حسن كالصحيح ، وهو من سرهم المخزون لان العامة يحرمون الصلاة في هذين الوقتين مع أنهم رووا في كثير من أخبارهم أن النبي كان يصلى في هذين الوقتين وقد أخرجت جملة من رواياتهم في هامش الخصال ( ص ٦٩ إلى ٧٢ ). وفى التهذيب ج ١ ص ١٨٥ باسناده عن لي بن بلال قال : « كتبت إليه ( يعنى الهادي عليه‌السلام ) في قضاء نافلة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ومن بعد العصر إلى أن تغيب الشمس؟ فكتب : لا يجوز ذلك الا للمقتضى فاما لغيره فلا ».

(٢) في الكافي ج ٣ ص ١٨٠ بسند صحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه ـ السلام ـ في حديث ـ قال : « إنما تكره الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها ـ إلى أن قال : ـ لأنها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين قرني شيطان ».

وفيه أيضا ج ٣ ص ٢٩٠ عن علي بن إبراهيم عن أبيه رفعه قال : « قال رجل لأبي عبد الله عليه‌السلام : الحديث الذي روى عن أبي جعفر عليه‌السلام » ان الشمس تطلع بين قرني الشيطان ، قال : نعم ان إبليس اتخذ عرشا بين السماء والأرض فإذا طلعت الشمس وسجد في ذلك الوقت الناس قال إبليس لشياطينه : ان بني آدم يصلون لي.

وطلوع الشمس وغروبها بين قرني الشيطان هو الكناية عن شدة تسلط الشيطان على بني آدم في هذين الوقتين. وقيل فيه وجوه أخر ـ راجع الجواهر كتاب الصلاة أوقات الصلاة في كراهة النوافل المبتدأة عند الطلوع والغروب ـ وهامش الكافي ج ٣ ص ١٨.

٤٩٧

١٤٢٧ ـ أبى الحسين محمد بن جعفر الأسدي رضي‌الله‌عنه أنه ورد عليه فيما ورد من جواب مسائله من محمد بن عثمان العمري ـ قدس الله روحه ـ «وأماما سألت عنه من الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها فلئن كان كما يقول الناس إن الشمس تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان فما أرغم أنف الشيطان بشئ أفضل من الصلاة فصلها وأرغم أنف الشيطان » (١).

١٤٢٨ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن الله تبارك وتعالى ليباهي ملائكته بالعبد يقضى صلاة الليل بالنهار ، فيقول : يا ملائكتي انظروا إلى عبدي يقضى ما لم أفترضه عليه ، أشهدكم أنى قد غفرت له ».

١٤٢٩ ـ وروي بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « أفضل قضاء صلاة الليل في الساعة التي فاتتك آخر الليل ، وليس بأس أن تقضيها بالنهار (٢) وقبل أن تزول الشمس ».

١٤٣٠ ـ وروي عن مرازم بن حكيم الأزدي أنه قال : كنت مرضت أربعة

__________________

(١) يدل هذا الخبر على أن الخبر المشهور من مفتريات العامة وكان وروده عنهم عليهم‌السلام من جهة التقية ، ويمكن تأويلها بغير النوافل المبتدأة من قضاء الفرائض والنوافل الموقتة (م ت). أقول في الاستبصار ج ١ ص ٢٩٠ باسناده عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان الشمس تطلع بين قرني الشيطان وتغرب بين قرني الشيطان وقال : لا صلاة بعد العصر حتى تصلى المغرب » وفيه باسناده عن معاوية بن عمار عنه عليه‌السلام قال : « لا صلاة بعد العصر حتى تصلى المغرب ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس » ، وقال الشيخ ـ رحمه الله ـ : الوجه في هذه الأخبار وما جانسها أحد شيئين أحدهما أن تكون محمولة على التقية لأنها موافقة لمذهب العامة ، والثاني أن تكون محمولة على كراهة ابتداء النوافل في هذين الوقتين وان لم يكن ذلك محظورا لأنه قد رويت رخصة في جواز الابتداء بالنوافل في هذين الوقتين.

(٢) في التهذيب ج ١ ص ٢١٣ باسناده الصحيح عن حسان بن مهران قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قضاء النوافل قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قضاء النوافل قال : ما بين طلوع الشمس إلى غروبها ».

٤٩٨

أشهر لم أصل نافلة فيها فقلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إني مرضت أربعة أشهر لم أصل نافلة ، فقال : ليس عليك قضاء إن المريض ليس كالصحيح ، كلما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر فيه (١).

١٤٣١ ـ وروي محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « قلت له : رجل مرض فترك النافلة؟ فقال : يا محمد ليست بفريضة إن قضاها فخير يفعله ، وإن لم يفعل فلا شئ عليه ».

١٤٣٢ ـ وسأله سليمان بن خالد « عن قضاء الوتر بعد الظهر ، فقال : اقضه وترا أبدا كما فاتك ».

١٤٣٢ ـ وسأله حماد بن عثمان فقال له : « أصبح عن الوتر إلى الليل (٢) فكيف أقضي؟ فقال : مثلا بمثل » (٣).

__________________

(١) في الكافي ج ٣ ص ٤٥١ عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن مرازم قال : « سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : أصلحك الله ان على نوافل كثيرة فيكف أصنع؟ قال : اقضها ، فقال له : انها أكثر من ذلك ، قال : اقضها ، قلت : لا أحصيها ، قال : توخ. قال مرازم : وكنت مرضت ـ الخبر ». وهكذا في التهذيب ج ١ ص ١٩٢.

(٢) أي صارت صلاتي قضاء وما صليتها إلى الليل.

(٣) اعلم أن التأكيدات التي وردت في الاخبار الظاهر أنها للرد على العامة فإنهم يقضون بعد الزوال شفعا ، والاخبار التي وردت من طرقنا كذلك محمولة على التقية ( م ث ) وفى التذكرة حكى عن الشافعي القول بالمماثلة في القضاء ، وقد روى الشيخ في الاستبصار ج ١ ص ٢٩٣ باسناده عن الفضيل قال : « سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول » : يقضيه من النهار ما لم تزل الشمس وترا فإذا زالت الشمس فمثنى مثنى « وعن أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام قال » : الوتر ثلاث ركعات إلى زوال الشمس فإذا زالت فأربع ركعات « وعن كردويه الهمداني قال » : سألت أبا الحسين عليه‌السلام عن قضاء الوتر؟ فقال : ما كان بعد الزوال فهو شفع ركعتين ركعتين « وحملها الشيخ تارة على القضاء قاعدا وتارة على متعمد الترك عقوبة لما تضمنه مقطوعة زرارة قال » : متى قضيته نهارا بعد ذلك اليوم قضيته شفعا ، تضيف إليه أخرى حتى يكون شفعا ، قال : قلت : ولم جعل الشفع؟ قال : لتضييعه الوتر. ( الاستبصار ج ١ ص ٢٩٤ ).

٤٩٩

١٤٣٤ ـ وروي عنه (١) حريز أنه قال : « كان أبى عليه‌السلام ربما قضى عشرين وترا في ليلة ».

١٤٣٥ ـ وسأل عبد الله بن المغيرة أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن الرجل يفوته الوتر ، فقال : يقضيه وترا أبدا ».

باب

* ( معرفه الصبح والقول عند النظر إليه ) *

١٤٣٦ ـ روي علي بن عطيه (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « الفجر هو الذي إذا رأيته كان معترضا كأنه بياض (٣) نهر سورى ».

__________________

(١) دل على أنه عليه‌السلام قد منع الوتر كثيرا ( مراد ) أقول : في الجواهر : « وبالى أن بعض العامة منع من تعدد الوتر في ليلة واحدة ولو قضاء ».

والظاهر بحسب العبارة ان المروى عنه هو أبو جعفر عليه‌السلام لكن الظاهر أن المراد هو الصادق عليه‌السلام لان حريز بن عبد الله السجستاني كان من أصحابه لا من أصحاب أبي جعفر الباقر عليه‌السلام. ( سلطان )

(٢) الطريق فيه علي بن حسان وهو إن كان الواسطي فهو صحيح وإن كان الهاشمي فضعيف ( صه ) وقال صاحب منهج المقال : وكأنه الواسطي فان الظاهر رواية الهاشمي عن عمه عبد الرحمن بن كثير. أقول : رواه الكليني في الكافي ج ٣ ص ٢٨٣ عن علي عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن علي بن عطية فهو حسن كالصحيح.

(٣) كذا في جميع النسخ ـ يعنى بالباء الموحدة ثم الياء المثناة التحتانية ـ : ضد السواد وهو المعروف لكن ذكر الشيخ بها الملة والدين ـ قدس‌سره ـ في الحبل المتين المراد ببياضها نهرها كما في رواية هشام بن هذيل عن الكاظم عليه‌السلام وقد سأله « عن وقت صلاة الصبح ، فقال : حين تعرض الفجر فتراه كأنه نهر سورى » انتهى كلامه في المتن وكتب طاب ثراه في الحاشية : أن النباض بالنون والباء الموحدة وآخره الضاد معجمة وأصله من نبض

٥٠٠