كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٩٩

٨١ ـ وروي « أن تجديد الوضوء لصلاة العشاء يمحو له والله وبلى والله ».

٨٢ ـ وروي في خبر آخر « أن الوضوء على الوضوء نور على نور ، ومن جدد وضوءه من غير حدث آخر جدد الله عزوجل توبته من غير استغفار ».

وقد فوض الله عزوجل إلى نبيه عليه‌السلام أمر دينه ولم يفوض إليه تعدي حدوده.

٨٣ ـ وقول الصادق عليه‌السلام : « من توضأ مرتين لم يؤجر ».

يعني به أنه أتى بغير الذي أمر به (١) ووعد الاجر عليه فلا يستحق الاجر وكذلك كل أجير إذا فعل غير الذي استؤجر عليه لم يكن له أجرة.

باب

* ( صفة وضوء أمير المؤمنين عليه‌السلام ) *

٨٤ ـ قال الصادق عليه‌السلام : بينا أمير المؤمنين عليه‌السلام ذات يوم جالس مع محمد بن الحنفية إذ قال [ له ] : يا محمد ائتني بإناء من ماء أتوضأ للصلاة فأتاه محمد بالماء

__________________

(١) لعله أراد بالامر ما يشمل أمر الايجاب والندب ، فالوضوء الأول مأمور به بأمر الايجاب فيكون مأجورا عليه ، والوضوء الثاني مأمور به بأمر الندب فيوجر ، والوضوء الثالث غير مأمور به مطلقا فلا يوجر عليه ، فقد حمل المرتين على المجددتين وعدم الاجر باعتبار التجديد الثاني الذي بسببه حصلت الاثنينية فيرجع إلى أن التجديد الثاني لا أجر له ، و يمكن أن يراد بالتوضي بالغسلة. ( مراد )

وقال بعض المحشين : لا حاجة في توجيه كلام الصدوق (ره) إلى التكلف الذي ارتكبه الفاضل التفرشي : بل يمكن توجيهه بان المراد من التوضأ مرتين هو التجديد الواحد ، وقوله « بغير الذي امر به » أي أمرا واجبا كما هو المتبادر وقوله « ووعد الاجر عليه » أي على وجه اللزوم. وقوله « فلا يستحق الاجر » أي أجرا لازما ، فلا ينافي كونه مأمورا به على وجه الندب وايصال النفع إليه من حيث التفضل ، وهذا التوجيه في غاية القرب وهو الظاهر من كلام الصدوق ـ رحمه‌الله ـ أيضا. وهذا المحشى وجه الحديث بذلك أيضا فيما بعد ، فينبغي له حمل كلام الصدوق ـ رحمه‌الله ـ عليه أيضا من غير تكلف فتدبر.

٤١

فأكفا (١) بيده اليمنى على يده اليسرى (٢) ثم قال : « بسم الله وبالله والحمد لله (٣) الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا » قال : ثم استنجى ، فقال : « اللهم حصن فرجي واعفه ، واستر عورتي وحرمني على النار » (٤). قال : ثم تمضمض فقال : « اللهم لقني حجتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكرك وشكرك » (٥). ثم استنشق فقال : « اللهم لا تحرم علي ريح الجنة ، واجعلني ممن يشم ريحها وروحها وطيبها » (٦). قال : ثم غسل وجهه فقال : « اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه الوجوه » (٧). ثم غسل يده اليمنى فقال : « اللهم أعطني كتابي بيميني ، والخلد في الجنان بيساري (٨) وحاسبني حسابا يسيرا ». ثم غسل يده اليسرى فقال : « اللهم لا تعطني كتابي بيساري ، ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي ، وأعوذ بك [ ربي ] من مقطعات النيران ». (٩) ثم مسح رأسه فقال :

__________________

(١) في بعض النسخ « فأكفاه » كما في التهذيب.

(٢) كذا في الكافي ولكن في التهذيب « بيده اليسرى على يده اليمنى ».

(٣) في التهذيب « بسم الله والحمد لله » وفى الكافي ابتدأ بالحمد دون ذكر البسملة.

(٤) المراد بتحصين الفرج ستره وصونه عن الحرام ، وعطف الاعفاف عليه تفسيري ، وعطف ستر العورة عليه من قبيل عطف العام على الخاص فان العورة في اللغة كلما يستحيي منه. ( شرح الأربعين للشيخ البهائي )

(٥) قدم في الكافي الاستنشاق عليه المضمضة وقال في دعائه « اللهم أنطق لساني بذكرك واجعلني ممن ترضى عنه » وفى بعض نسخ الكتاب « لساني بذكراك ».

(٦) في الكافي « ريحها وطيبها وريحانها ».

(٧) بياض الوجه وسواده اما على حقيقتهما أو كنايتان عن بهجة السرور كآبة الحزن. و إضافة « ال » بالوجوه الظاهر كونها سهوا من الراوي ولا يلائم الآية « يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ».

(٨) يعنى براة الخلد في الجنان فحذف المضاف والباء للظرفية. وقيل فيه وجوها اخر راجع شرح الأربعين للبهائي رحمه‌الله ذيل الحديث الخامس.

(٩) المقطعات أثواب قطعت كالقميص دون مثل الردا ، ولما كان الأول أشمل للبدن كان العذاب به أكثر ، وهو مأخوذ من قوله تعالى : « قطعت لهم ثياب من نار ». ( مراد ) والمحكى عن بعض اللغويين المقطعات جمع لا واحد له من لفظه وواحدها ثوب.

٤٢

« اللهم غشني برحمتك وبركاتك وعفوك » (١) ثم مسح رجليه فقال : « اللهم ثبتني على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ، واجعل سعيي فيما يرضيك عني [ يا ذا الجلال والاكرام ] (٢).

ثم رفع رأسه فنظر إلى محمد فقال : يا محمد من توضأ مثل وضوئي وقال مثل قولي خلق الله تبارك وتعالى من كل قطرة ملكا يقدسه ويسبحه ويكبره ، فيكتب الله عز وجل ثواب ذلك له إلى يوم القيامة » (٣).

٨٥ ـ و « كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا توضأ لم يدع أحدا يصب عليه الماء فقيل له : أمير المؤمنين لم لا تدعهم يصبون عليك الماء؟ فقال : لا أحب أن أشرك في صلاتي أحدا » (٤).

وقال الله تبارك وتعالى : « فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ».

٨٦ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « مسح أمير المؤمنين عليه‌السلام على النعلين ولم يستبطن الشراكين » (٥).

٨٧ ـ وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا توضأ قال : « بسم الله وبالله وخير الأسماء لله ، وأكبر الأسماء لله ، وقاهر لمن في السماء ، وقاهر لمن في الأرض (٦) ، الحمد لله

__________________

(١) « غشني » بالمعجمات وتشديد الشين أي أعطني بها واجعلها شاملة لي.

(٢) ما بين القوسين ليس في بغض النسخ ولا في الكافي والتهذيب.

(٣) قوله « إلى يوم القيامة » ليس في الكافي ، ويمكن أن يكون متعلقا بيكتب أو بخلق أو بهما وبالأفعال الخمسة على سبيل التنازع وهو الأظهر. (م ت)

(٤) إلى هنا رواه الشيخ (ره) في التهذيب ج ١ ص ١٠١ والظاهر أن ما بعده ليس من الحديث وان قال به بعض.

(٥) النعل العربي شراكه في طول ، والذي شراكه في العرض يسمى بالبصرى. (م ت) وقوله : « لم يستبطن الشراكين » أي لم يدخل يده تحتهما وهو لا يستلزم أن يبقى من طول ظهر القدم شئ لم يمسح لجواز أن يكون الشراك على الطول دون العرض ( مراد )

(٦) القاهر في أسمائه تعالى هو الغالب على جميع الخلائق.

٤٣

الذي جعل من الماء كل شئ حي ، وأحيا قلبي بالايمان ، اللهم تب علي وطهرني واقض لي بالحسنى ، وأرني كل الذي أحب ، وافتح لي بالخيرات من عندك يا سميع الدعاء ».

باب

* ( حد الوضوء وترتيبه وثوابه ) *

٨٨ ـ قال زرارة بن أعين لأبي جعفر الباقر عليه‌السلام : أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي أن يوضأ الذي قال الله عزوجل ، فقال : الوجه الذي قال الله وأمر الله عزوجل بغسله الذي لا ينبغي لاحد أن يزيد عليه ولا ينقص منه إن زاد عليه لم يؤجر وإن نقص منه أثم (١) ما دارت عليه الوسطى والابهام من قصاص شعر الرأس إلى الذقن (٢) وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه وما سوى ذلك فليس من الوجه ، فقال له : الصدغ (٣) من الوجه؟ فقال : لا ، قال زرارة : قلت له : أرأيت ما أحاط

__________________

(١) هذه الشرطية مع الشرطية المعطوفة عليها اما مفسرة لقوله : « لا ينبغي لاحد » واما معترضة بين المبتدأ والخبر واما صلة ثانية للمصول ، وتعدد الصلة وان لم يكن مسطورا في كتب النحو الا أنه لا مانع فيه كالخبر والحال وقد جوزه التفتازاني في حاشية الكشاف عند قوله تعالى : « فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين » ( شرح الأربعين ).

(٢) في الوافي : « القصاص منتهى منابت شعر الرأس من مقدمه ومؤخره والمراد هنا المقدم والمستفاد من هذا الحديث أن كلا من طول الوجه وعرضه شئ واحد ، وهو ما اشتمل عليه الإصبعان عند دورانهما بمعنى أن الخط المتوهم من القصاص إلى طرف الذقن ـ وهو الذي يشتمل عليه الإصبعان غالبا ـ إذا ثبت وسطه وأدير على نفسه حتى يحصل شبه دائرة فذلك القدر الذي يجب غسله ، وقد ذهب فهم هذا المعنى عن متأخري أصحابنا سوى شيخنا المدقق بهاء الملة والدين محمد العاملي ـ طاب ثراه ـ فان الله أعطاه حق فهمه كما أعطاه فهم الكعب. انتهى. أقول : في التهذيب والكافي » ما دارت عليه السبابة والوسطى والابهام. والذقن من الانسان مجتمع لحييه من أسفلهما ـ ثم اعلم أن ما قاله الفيض في بيان الخبر أخذه من كلام الشيخ البهائي (ره) وهذا بقول المهندس أشبه من قوله الفقيه ، والحق أن التعبير بالدوران في الجملة الأولى بمناسبة تدوير الوجه بتدوير الرأس وأن وضع الإصبعين يوجب توهم دائرة ، وفى الجملة الثانية بملاحظة تدوير الوجه عرفا باستدارة اللحيين إلى الذقن.

(٣) الصدغ هو المنخفض بين أعلى الاذن وطرف الحاجب.

٤٤

به الشعر؟ فقال : كلما أحاط به من الشعر فليس على العباد أن يطلبوه ولا يبحثوا عنه ولكن يجري عليه الماء.

وحد غسل اليدين من المرفق إلى أطراف الأصابع ، وحد مسح الرأس أن تمسح بثلاث أصابع مضمومة من مقدم الرأس (١) ، وحد مسح الرجلين أن تضع كفيك على أطراف أصابع رجليك وتمدهما إلى الكعبين (٢) فتبدأ بالرجل اليمنى في المسح قبل اليسرى ويكون ذلك بما بقي في اليدين من النداوة من غير أن تجدد له ماء ، ولا ترد الشعر في غسل اليدين ولا في مسح الرأس والقدمين (٣).

٨٩ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « تابع بين الوضوء كما قال الله عزوجل إبدأ بالوجه ثم باليدين ، ثم امسح بالرأس والرجلين ، ولا تقدمن شيئا بين يدي شئ تخالف ما أمرت به (٤) فإن غسلت الذراع قبل الوجه فابدء بالوجه وأعد على الذراع

__________________

(١) المشهور اجزاء المسمى في مسح الرأس وأوجب السيد المرتضى وابن بابويه  ـ رحمهما‌الله ـ ثلاث أصابع مضمومة وتبعهما الشيخ في النهاية ( سلطان ).

(٢) راجع في تحقيق معنى الكعب شرح الأربعين والبحار ج ١٨ ص ٦٨ الطبع الحجري والظاهر من هذا الكلام وجوب مسح الرجلين بتمام الكف ويدل عليه صحيح البزنطي عن الرضا (ع) المروى في الكافي ج ٣ ص ٣٠ « قال : سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟ فوضع كفه على الأصابع فمسحا إلى الكعبين إلى ظاهر القدم ، فقلت : جعلت فداك لو أن رجلا قال بإصبعين من أصابعه هكذا؟ فقال : لا الا بكفه ». والمشهور الاكتفاء بمسمى المسح ، ويمكن حمل الخبر على الاستحباب عملا بالمشهور المعتضد بالصحاح من الاخبار.

(٣) لعل المراد المنع من النكس في المسح بطريق التحريم أو الكراهة ، ويحتمل أن مراده نفى وجوب التخليل أي لا يجب رد الشعر وايصال الماء إلى تحته كما هو مذهب البعض ( سلطان ) وفى بعض النسخ « ولا يرد » ضبط بالتخفيف.

(٤) قوله (ع) : « تخالف ما أمرت به » قال شيخنا البهائي : تخالف بالرفع حال من فاعل لا تقدمن ، ولا يجوز جزمه على أنه جواب النهى لأنه يصير من قبيل « لا تكفر تدخل النار » وهو ممتنع على المختار انتهى. وأيضا على تقدير الجزم لابد من التقدير أي لا تقدمن

٤٥

وإن مسحت الرجل قبل الرأس فامسح على الرأس ثم أعد على الرجل ، إبدأ بما بدأ الله به ».

وكذلك في الأذان والإقامة ، فابدأ بالأول فالأول ، فإن قلت : حي على الصلاة قبل الشهادتين تشهدت ثم قلت حي على الصلاة.

٩٠ ـ وروي في حديث آخر فيمن بدأ بغسل يساره قبل يمينه « أنه يعيد على يمينه ثم يعيد على يساره » (١) ، وقد روي « أنه يعيد على يساره » (٢).

٩١ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « اغسل يدك من البول مرة ، ومن الغائط مرتين ومن الجنابة ثلاثا ».

٩٢ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : اغسل يدك من النوم مرة (٣).

__________________

شيئا أخره الله عزوجل على شئ قدمه. وقال الفيض (ره) قوله « تابع بين الوضوء » أي اجعل بعض أفعاله تابعا مؤخرا وبعضها متبوعا مقدما من قولهم تبع فلان فلانا إذا مشى خلفه فيدل على وجوب الترتيب لا على ترك الفصل والانقطاع.

(١) قوله : « روى في حديث آخر » يمكن التوفيق بين الروايتين بحمل الرواية الأولى على أن التذكر كان بعد غسل اليسار قبل غسل اليمين والثانية على أنه كان بعد غسل اليدين وحينئذ فاطلاق الإعادة على غسل اليمين اما من باب المشاكلة أو باعتبار أصل الغسل أي يعيد الغسل كائنا على يمينه وبحمل الأولى على ما إذا كان قد غسل اليمين بقصد أنه المأمور به على هذا الوجه أي بأن يغسله بعد غسل اليسار وإن كان ساهيا في ذلك ، والثانية على أنه غسله لا من هذه الحيثية بل من حيث إنه جزء الوضوء وإن كان بالغسل الحكمي المستمر كما في سائر الأجزاء ، واما حمل الرواية الأولى على ما إذا غسل اليمين بعد اليسار وقد جف اليمين فيعيد عليه ففي غاية البعد على أن جفاف الوجه على هذا التقدير أولى حيث توسط غسل اليسار بين غسله وغسل اليمين فحينئذ ينبغي أن يستأنف الوضوء ( مراد ).

(٢) يعنى أن في حديث آخر أنه لابد لمن غسل يديه بغير ترتيب من إعادة غسلهما جميعا وقد روى الاكتفاء بغسل اليسار وحدها. ( وافى )

(٣) ظاهر الاخبار الاستحباب لادخال الاناء لرفع النجاسة الوهمية أو القذارة فلو توضأ من الإبريق أو الحوض لم يكن مستحبا لاطلاق بعض الأخبار (م ت).

٤٦

ومن كان وضؤوه من النوم ونسي [ أن يغسل يده ] فأدخل يده الماء قبل أن يغسلها فعليه أن يصب ذلك الماء ولا يستعمله (١) فإن أدخلها في الماء من حدث البول والغائط قبل أن يغسلها ناسيا فلا بأس به. إلا أن يكون في يده قذر ينجس الماء (٢).

والوضوء مرة مرة ، ومن توضأ مرتين لم يؤجر ومن توضأ ثلاثا فقد أبدع ، ومن مسح باطن قدميه فقد تبع وسواس الشيطان (٣).

٩٣ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « لولا أني رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يمسح ظاهر قدميه لظننت أن باطنهما أولى بالمسح من ظاهرهما » (٤).

ومن كان به في المواضع التي يجب عليها الوضوء قرحة أو جراحة أو دماميل ولم يؤذه حلها ، فليحلها وليغسلها ، وإن أضر به حلها ، فليمسح يده على الجبائر والقروح ولا يحلها ولا يعبث بجراحته.

٩٤ ـ وقد روي في الجبائر عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « يغسل ما حولها ».

ولا يجوز المسح على العمامة ولا على القلنسوة ولا على الخفين والجوربين (٥) إلا في حال التقية والخيفة من العدو أو في ثلج يخاف فيه على الرجلين ، تقام الخفان مقام الجبائر فيمسح عليهما.

__________________

(١) الظاهر حمله على الاستحباب ، ويمكن الحمل على التقية لأنه مذهب كثير من العامة.

(٢) قوله ينجس الماء من كلام الصدوق رحمه‌الله ولم نجده في الرواية نعم ورد الامر بالاهراق ويفهم منه النجاسة ظاهرا (م ت).

(٣) اما لان الشيطان يأمره بخلاف الحق ، أو لأنه يأمره بمسح باطن قدميه بأن الباطن محل التلطخ فهو أولى من الظاهر كما في الخبر عن أمير المؤمنين (ع). (م ت)

(٤) الظاهر أنه (ع) قاله مماشاة مع العامة بأني متأس بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا أعمل بالقياس والاستحسان ولو كنت أعملها لكنت أقول مثلكم ان الباطن أو لي بالمسح من الظاهر (م ت)

(٥) في أكثر النسخ جعل « الجرموقين » نسخة ، والجرموق هو خف واسع قصير يلبس فوق الخف والجمع جراميق كعصافير.

٤٧

٩٥ ـ وقال العالم عليه‌السلام (١) : « ثلاثة لا أتقي فيها أحدا : شرب المسكر ، والمسح على الخفين ، ومتعة الحج » (٢)

٩٦ ـ وروت عائشة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : « أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى وضوءه على جلد غيره » (٣).

٩٧ ـ وروي عنها (٤) أنها قالت : « لئن أمسح على ظهر عير (٥) بالفلاة أحب إلي من أن أمسح على خفي ».

ولم يعرف للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خف إلا خفا أهداه له النجاشي ، وكان موضع ظهر القدمين منه مشقوقا ، فمسح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على رجليه وعليه خفاه ، فقال الناس : إنه مسح على خفيه على أن الحديث في ذلك غير صحيح الاسناد (٦).

٩٨ ـ وسئل موسى بن جعفر عليهما‌السلام عن الرجل يكون خفه مخرقا فيدخل يده ويمسح ظهر قدميه أيجزيه؟ فقال : نعم (٧).

٩٩ ـ وسئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : « عن رجل قطعت يده من المرفق

__________________

(١) المراد بالعالم في الاخبار وفى كلام القدماء المعصوم لا الكاظم (ع) فإنه قول من لا معرفة له ، وكذا الفقيه والمراد به الهادي لا الكاظم (ع) ووقع هذا الغلط من بعض المتأخرين واشتهر بين الفضلاء ، والدليل على الغلط رواية الرواة والمراد بالعالم هنا الصادق (ع) لان الكليني رواه عنه (ع). (م ت)

(٢) كأنه عليه‌السلام أخبر عن نفسه أنه لا يتقى أحدا ، ويجوز أن يكون إنما أخبر بذلك لعلمه بأنه لا يحتاج إلى ما يتقى فيه في ذلك ، ولم يقل : لا تتقوا أنتم فيه أحدا. و هذا وجه ذكره زرارة بن أعين ( الاستبصار )

(٣) ان هذه الأخبار من طرق العامة ونقلها الصدوق (ره) للرد عليهم وان أمكن ورودها من طرقنا أيضا من الأئمة عليهم‌السلام ردا عليهم.

(٤) ان هذه الأخبار من طرق العامة ونقلها الصدوق (ره) للرد عليهم وان أمكن ورودها من طرقنا أيضا من الأئمة عليهم‌السلام ردا عليهم.

(٥) العير : الحمار الوحشي.

(٦) رواه أبو داود ج ص ٣٤ بسند فيه دلهم بن صالح ضعفه ابن معين وقال ابن حبان وهو منكر الحديث جدا.

(٧) ظاهره عدم وجوب الاستيعاب واطلاق الجواب وعدم الاستفصال يدلان عليه. (م ت)

٤٨

كيف يتوضأ؟ قال : يغسل ما بقي من عضده » (١) وكذلك روي في قطع الرجل (٢).

وإذا توضأت المرأة ألقت قناعها عن موضع مسح رأسها في صلاة الغداة والمغرب وتمسح عليه ، ويجزيها في سائر الصلوات أن تدخل إصبعها فتمسح على رأسها من غير أن تلقي [ عنها ] قناعها (٣).

١٠٠ ـ وقال الرضا عليه‌السلام : « فرض الله عزوجل على الناس في الوضوء أن تبدأ المرأة بباطن ذراعها ، والرجل بظاهر الذراع » (٤).

١٠١ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « من ذكر اسم الله على وضوئه فكأنما اغتسل » (٥).

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ج ٣ ص ٢٩ والشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٠٢ بسند صحيح ، وتدل على أن المرفق محل الغسل أصالة وهو مركب من رأس العظمين أي عظمي الذراع والعضد فيكون معناه يجب غسل ما بقي من العضدين مما كان يجب غسله وهو جزء المرفق ، ففيها ايماء إلى أن « إلى » في آية الوضوء بمعى « مع » دون انتهاء الغاية ( مراد ) وقال سلطان العلماء : فهذه الرواية حينئذ تكون مؤيدة لكون المرفق يجب غسله أصالة لا من باب المقدمة ويكون « من » تبعيضية.

(٢) في الكافي ج ٣ ص ٢٩ باسناده عن محمد بن مسلم عن الباقر (ع) قال : « سألته عن الأقطع اليد والرجل؟ قال تغسلهما ». والمراد بالنسبة إلى الرجل مسحها.

(٣) الظاهر أن هذا بطريق الاستحباب ولعل وجهه أن القاء القناع في هذين الوقتين أسهل اما بناء على أنهما وقتي الانتقال من الليل إلى النهار أو بالعكس والعادة جرت بتغيير اللباس فيه ، واما بناء على الامن من نظر الأجنبي في هذين الوقتين للظلمة والخلوة غالبا ( سلطان ).

(٤) الفرض في هذا الخبر بمعنى التقدير فيدل على الاستحباب المؤكد لا الوجوب وإن كان ظاهره الوجوب ، والخبر مروى في الكافي ج ٣ ص ٢٩ والتهذيب ج ١ ص ٢١ و في السند إسحاق بن إبراهيم بن هاشم القمي وهو مجهول ، أو مهمل.

(٥) أي ثوابه كثواب الغسل. أو أنه لما كان الوضوء سببا لتطهير الأعضاء من السيئات التي حصلت منها ، والغسل لتطهير جميع البدن من الخطيئات فإذا سمى حصل له التطهير من الجميع كالغسل ويؤيده الخبر الآتي. (م ت)

٤٩

١٠٢ ـ وروي « أن من توضأ فذكر اسم الله طهر جميع جسده ، وكان الوضوء إلى الوضوء كفارة لما بينهما من الذنوب ، ومن لم يسم لم يطهر من جسده إلا ما أصابه الماء ».

١٠٣ ـ وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : « من توضأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في نهاره ما خلا الكبائر ، ومن توضأ لصلاة الصبح كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلا الكبائر ».

١٠٤ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلها لا ترى نار جهنم » (١).

١٠٥ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « من توضأ وتمندل كتب [ الله ] له حسنة ، ومن توضأ ولم يتمندل حتى يجف وضوؤه كتب [ الله ] له ثلاثون حسنة » (٢).

وبأس بأن يصلي الرجل بوضوء واحد صلوات الليل والنهار كلها ما لم يحدث وكذلك بتيمم واحد ما لم يحدث أو يصب ماء (٣).

__________________

(١) يفهم منه استحباب فتح العين عند الوضوء ولا يفهم ايصال الماء إلى العين كما روى النهى عنه وأن ابن عباس عمى بسببه لان فتح العين أعم من ايصال الماء إليها ، ويمكن أن يكون لملاحظة ايصال الماء إلى الجوارح أو يكون تعبدا على تقدير صحته. (م ت)

(٢) استدل به على كراهة تجفيف الوضوء ـ بالفتح ـ أي ماء الوضوء بالمنديل وهو في محله لأنه مما يقل الثواب ولا يعاقب فاعله عليه ، وقد يعم الكراهة بحيث يشمل التجفيف بمسح غير المنديل بل التجفيف بالنار والشمس وهو يناسب القول بالقياس مع ظهور الفرق في الاحتمال الثاني. ( مراد ) (٣) قوله « يصب ماء » بالجزم كما في أكثر النسخ عطفا على « يحدث » ليكون المنفى أحد الامرين أي القدر المشترك بينهما ليلزم منه انتفاء كل واحد منهما لظهور أن بقاء التيمم مشروط بانتفاء الحدث وإصابة الماء جميعا دون أن يقدر الجازم في « يصب » ليكون الترديد في النفي حتى يفيد اشتراط بقائه بأحد النفيين فيلزم منه لو تحقق عدم الحدث بقي التيمم سواء تحقق إصابة الماء أم لا ، وكذا بقي بعدم إصابة الماء سواء تحقق الحدث أم لا. وفى بعض النسخ « يصيب » بالرفع باطل لافادته الترديد بين

٥٠

١٠٦ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إذا توضأ الرجل فليصفق وجهه بالماء فإنه إن كان ناعسا فزع واستيقظ ، وإن كان البرد فزع فلم يجد البرد » (١).

فإذا كان مع الرجل خاتم فليدوره (٢) في الوضوء ، ويحوله عند الغسل.

١٠٧ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « وإن نسيت حتى تقوم من الصلاة فلا آمرك أن تعيد ».

وإذا استيقظ الرجل من نومه ولم يبل فلا يدخل يده في الاناء حتى يغسلها فإنه لا يدري أين باتت يده (٤).

وزكاة الوضوء أن يقول المتوضي : « اللهم إني أسألك تمام الوضوء وتمام الصلاة

__________________

عدم لحدث وإصابة الماء فيكون كل منهما موجبا لبقائه فيكون إصابة الماء موجبا بقاء التيمم تحقق الحدث أم لا ومثله عبارة الشرايع في ماء الاستنجاء فإنه طاهر ما لم يتغير بالنجاسة أو تلاقه نجاسة من خارج. ( مراد )

(١) التصفيق : الضرب الشديد الذي يسمع له صوت. وقوله « ناعسا » وكذا « وإن كان البرد » يشعر ان باختصاص التصفيق بالحالين فلا ينافي ما في الكافي ج ٣ ص ٢٨ والتهذيب ج ١ ص ١٠٢ من حديث عبد الله بن المغيرة عن السكوني عن الصادق عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تضربوا وجوهكم بالماء ضربا إذا توضأتم ولكن شنوا الماء شنا » والشن التفريق فيحمل التصفيق على جوازه والشن على غيرهما كما قال التفرشي وجمع الشيخ بينهما بحمل التصفيق على جوازه والشن على أنه الأولى ، وقد يحمل أحدهما على الندب والاخر على الجواز.

(٢) التدوير : التحويل وفى نسخة « فليدره » والتدوير محمول على أن لا يكون الخاتم مانعا من وصول الماء. وكلام المؤلف مضمون خبر في الكافي ج ٣ ص ٤٥.

(٣) ذلك لان مرجعه إلى الشك بعد الفراغ ولا يعتد به.

(٤) كما في خبر عبد الكريم بن عتبة عن الصادق (ع) في الكافي ج ٣ ص ١١ و التهذيب ج ١ ص ١٢ وحمله الشيخ على الاستحباب دون الوجوب. وفيهما وفى العلل زاد في آخره « فيغسلهما ».

٥١

وتمام رضوانك والجنة » فهذا زكاة الوضوء (١).

* ( باب السواك ) *

١٠٨ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما زال جبرئيل عليه‌السلام يوصيني بالسواك حتى خشيت أن احفى أو ادرد (٢) ، وما زال يوصيني بالجارة حتى ظننت أنه سيورثه ، وما زال يوصيني بالمملوك حتى ظننت أنه سيضرب له أجلا يعتق فيه ».

وفي خبر آخر « وما زال يوصيني بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها ».

١٠٩ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « نزل جبرئيل عليه‌السلام بالسواك والحجامة والخلال » (٣).

١١٠ ـ وقال موسى بن جعفر عليهما‌السلام : « أكل الأشنان يذيب البدن ، والتدلك بالخزف يبلي الجسد ، والسواك في الخلاء يورث البخر » (٤).

١١١ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « أربع من سنن المرسلين : التعطر ، والسواك ، والنساء ، والحناء ».

__________________

(١) المراد بزكاة الوضوء ما يوجب خلوصه كما أن زكاة المال توجب خلوص الباقي منه ، وبتمام الوضوء جعله وضوءا كاملا أي أن يثيب عليه ثواب الوضوء الكامل وكذا بتمام الصلاة. ( مراد )

(٢) هما رقة الأسنان وتساقطها ، وفى الصحاح « رجل أدرد : ليس في فمه سن ، بين الدرد ، والأنثى درداء وفى الحديث » أمرت بالسواك حتى خفت لادردن « أراد بالخوف الظن والعرب تذهب بالظن مذهب اليقين فتجاب بجوابها فيقولون » ظننت لعبد الله خير منك « وفى النهاية : في الحديث » لزمت السواك حتى خشيت حتى خشيت أن يدردنى أي يذهب بأسناني ، والدرد سقوط الأسنان.

(٣) أي بحكمها أو استحبابها أو بآلاتها مع حكمها. (م ت)

(٤) كل الأشنان ، كأنهم كانوا يأكلونه لدفع رطوبات المعدة (م ت) والبخر بالتحريك ـ : النتن في الفم وغيره.

٥٢

١١٢ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « إن أفواهكم طرق القرآن فطهروها بالسواك ».

١١٣ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في وصيته لعلي عليه‌السلام : « يا علي عليك بالسواك عند وضوء كل صلاة ».

١١٤ ـ وقال عليه‌السلام : « السواك شطر الوضوء ».

١١٥ ـ وقال الصادق عليه‌السلام (١) : لما دخل الناس في الدين أفواجا أتتهم الأزد (٢) : أرقها قلوبا ، وأعذبها أفواها ، فقيل : يا رسول الله هذا أرقها قلوبا عرفناه فلم صارت أعذبها أفواها؟ فقال : إنها كانت تستاك في الجاهلية.

١١٦ ـ وقال عليه‌السلام : « لكل شئ طهور ، وطهور الفم السواك ».

١١٧ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكثر السواك وليس بواجب فلا يضرك تركه في فرط الأيام » (٤).

ولا بأس أن يستاك الصائم في شهر رمضان أي النهار شاء (٥). ولا بأس بالسواك

__________________

(١) لعله سقط من العبارة شئ وهو « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » كما كان في العلل باب ٢٧٧.

(٢) الأزد : حي من اليمن يقال : أزد شنوءة ، وأزد عمان ، وأزد السراة.

(٣) أي بما رأيناهم من الميل إلى الدين والتقوى والبكاء. ( سلطان )

(٤) يقال : آتيك فرط يوم أو يومين أي بعدهما ، ولقيته ، الفرط بعد الفرط أي الحين بعد الحين. ( النهاية )

(٥) أي أي وقت من النهار شاء. وقيل بالكراهة في أواخره بالرطب سواء كان بالخشبة الرطبة أو بترطب الخشبة والخرقة ، لكن المشهور الاستحباب كما قاله الصدوق لكن ينبغي أن يحتاط في أن لا يبتلع الرطوبة الخارجة سواء كان من السواك أو من ماء الفم إذا أخرجه وأدخله فإنه يحرم ابتلاع ماء الفم بعد الخروج على المشهور ، وقيل بوجوب كفارة الجمع ، وكذا في غير الصوم أيضا يحتاط في عدم ابتلاع مائه لان الغالب في التحريك أن يخرج ماء الفم ويدخل وان لم نجزم بالتحريم لأنهم كانوا يستاكون كثيرا ولم يبلغ إلينا وجوب المج

٥٣

للمحرم ، ويكره السواك في الحمام لأنه يورث وباء الأسنان ، والسواك من الحنيفية وهي عشر سنن : خمس في الرأس وخمس في الجسد ، فأما التي في الرأس فالمضمضة ، والاستنشاق ، والسواك ، وقص الشارب (١) والفرق لمن طول شعر رأسه ، ومن لم يفرق شعر رأسه فرقه الله يوم القيامة بمنشار من نار (٢).

وأما التي في الجسد : فالاستنجاء ، والختان (٣) ، وحلق العانة ، وقص الأظفار ونتف الإبطين (٤).

١١٨ ـ وقال الباقر الصادق عليهما‌السلام : « صلاة ركعتين بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك ».

١١٩ ـ وقال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام في السواك : « لا تدعه في كل ثلاثة أيام ولو أن تمره مرة واحدة ».

١٢٠ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « اكتحلوا وترا ، واستاكوا عرضا » (٥).

١٢١ ـ وترك الصادق عليه‌السلام : « السواك قبل أن يقبض بسنتين وذلك أن أسنانه ضعفت ».

__________________

مع أنه عام البلوى ، ولو كان واجبا لوصل إلينا ، لكن يلزم من كلام الأصحاب ذلك لأنهم قالوا بحرمة فضلات الانسان من النخامة والبصاق مع الخروج من الفم وغيرهما فالاحتياط التام في المج. (م ت)

(١) روى المؤلف في الخصال ص ٢٧١ بمضمون كلامه هذا خبرا عن موسى بن جعفر عليهما‌السلام وليس فيه قوله « ومن لم يفرق ـ الخ »

(٢) الفرق يكون لمن اتخذ شعرا مستحبا والرواية بأنه « إذا لم يفرقه فرق بمنشار من نار » محمول على شدة الاستحباب أو على ترك اعتقاد المشروعية أو أنه يمنع المسح في الوضوء على البشرة. ( كنز العرفان )

(٣) الختان قبل البلوغ استحبابا وبعده واجبا مطلقا.

(٤) لعل المقصود إزالة شعرها وذكر الحلق مبنى على أن النورة لم تكن في زمن إبراهيم عليه‌السلام بل كانت إزالة شعرها بالحلق وكذا الكلام في نتف الإبطين. ( مراد )

(٥) « عرضا » أبأن يمر السواك على عرض الأسنان.

٥٤

١٢٢ ـ وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن الرجل يستاك مرة بيده إذا قام إلى صلاة الليل وهو يقدر على السواك ، [ ف ] قال : إذا خاف الصبح فلا بأس به ».

١٢٣ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند وضوء كل صلاة ».

١٢٤ ـ وروي « لو علم الناس ما في السواك لأباتوه معهم في لحاف ».

١٢٥ ـ وروي « أن الكعبة شكت إلى الله عزوجل ما تقلى من أنفاس المشركين فأوحى الله تعالى إليها قري يا كعبة ، فإني مبدلك بهم قوما يتنظفون بقضبان الشجر فلما بعث الله عزوجل نبيه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله نزل عليه الروح الأمين جبرئيل عليه‌السلام بالسواك ».

١٢٦ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « في السواك اثنتا عشرة خصلة : هو من السنة ، ومطهرة للفم ، ومجلاة للبصر ، ويرضي الرحمن ، ويبيض الأسنان ، ويذهب بالحفر (١) ، ويشد اللثة ، ويشهي الطعام ، ويذهب بالبلغم ، ويزيد في الحفظ ، ويضاعف الحسنات ، وتفرح به الملائكة ».

باب

* ( علة الوضوء ) *

١٢٧ ـ « جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألوه عن مسائل فكان فيما سألوه أخبرنا يا محمد لأي علة توضئ هذه الجوارح الأربع وهي أنظف المواضع في الجسد (٢)؟ قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أن وسوس الشيطان إلى آدم عليه‌السلام دنا من الشجرة

__________________

(١) الحفر : صفرة تعلو الأسنان. ( القاموس )

(٢) لعل المراد أن في الجسد مواضع هي ـ أي المواضع الأربعة التي هو الوجه واليدان من المغسولة والرأس والرجلان من الممسوحة ـ أنظف منها فتلك المواضع وهي ما قرب من

٥٥

فنظر إليها فذهب ماء وجهه (١) ، ثم قام ومشى إليها وهي أول قدم مشت إلى الخطيئة ثم تناول بيده منها ما عليها ، فأكل ، فطار الحلي والحلل من جسده فوضع آدم يده على أم رأسه وبكى ، فلما تاب الله عزوجل عليه فرض الله عليه وعلى ذريته تطهير هذه الجوارح الأربع. فأمر الله عزوجل بغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة ، وأمره بغسل اليدين إلى المرفقين لما تناول بهما ، وأمره بمسح الرأس لما وضع يده على أم رأسه ، وأمره بمسح القدمين لما مشى بهما إلى الخطيئة ».

١٢٨ ـ وكتب أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله « أن علة الوضوء التي من أجلها صار على العبد غسل الوجه الذراعين ومسح الرأس والقدمين فلقيامه (٣) بين يدي الله تعالى ، واستقباله إياه بجوارحه الظاهرة ، وملاقاته بها الكرام الكاتبين (٤) فيغسل الوجه للسجود والخضوع

__________________

الفرجين بالغسل والمسح أولى لأنها كثيرا ما يكتسب النجاسة منهما وهذا القدر كاف في السؤال ولا تحتاج إلى أن يكون هذه الجوارح أنظف من جميع الأعضاء ليرد أن الرجل مثلا ليس أنظف من الصدر. ( مراد )

(١) لعل المراد أنه لما نظر إلى الشجرة نظر ميل ورغبة شبيه ميل العاصي إلى المنهى عنه في أن الأولى واللائق بحاله الاحتراز عنه ، تغير لون وجهه استحياء عن ارتكاب ذلك وذلك هو المراد بالخطيئة. ( مراد )

(٢) استعارة تبعية حيث شبة ذهاب الحلى والحلل بسرعة طيران الطائر.

(٣) حق العبارة قيامه بدون ذكر الفاء وللأم ليكون خبرا عن « ان » لكن لما كان الكلام جواب سائل صار المقام مقام التفصيل فكأنه قال : أما أن المتوضى يغسل الوجه واليدين ويمسح الرأس والرجلين فليقامه ـ الخ. والظاهر أن المراد بالقيام القيام في الصلاة ، و كونه بين يدي الله تمثيل فشبه حال من له القيام في الصلاة والتضرع وينقطع إليه. وأطلق اللفظ الموضوع للمشبه به على المشبه كما هو شأن التمثيل. ( مراد )

(٤) لان تلك الجوارح هي محل ملاقاة الانسان في المصافحة وغيرها سواء أريد بالملاقاة الملاقاة في الصلاة فان المصلى نزل نفسها منزلة الملاقى المتضرع ، أو الملاقاة يوم القيامة عند اتيان الكتاب ( مراد ).

٥٦

ويغسل اليدين ليقلبهما ويرغب بهما ويرهب ويتبتل (١) ، ويمسح الرأس القدمين لأنهما ظاهران مكشوفان ، يستقبل بهما كل حالاته ، وليس فيهما من الخضوع والتبتل ما في الوجه والذراعين ».

باب

* ( حكم جفاف بعض الوضوء قبل تمامه ) *

قال أبي رضي‌الله‌عنه في رسالته إلي (٢) : إن فرغت من بعض وضوئك وانقطع بك الماء من قبل أن تتمه فأتيت بالماء فتمم وضوءك إذا كان ما غسلته رطبا ، وإن كان قد جف فأعد وضوءك ، وإن جف بعض وضوئك (٣) قبل أن تتم الوضوء من غير أن ينقطع عنك الماء فاغسل ما بقي ، جف وضوؤك أو لم يجف.

__________________

(١) الرغبة السؤال والطلب ، والرهبة : الخوف والفزع. والتبتل : الانقطاع إلى عبادة الله واخلاص العمل له وأصله من بتلت الشئ أي قطعته ومنه البتول لانقطاعها إلى عبادة الله عزوجل. وقال الفاضل التفرشي : قوله « ليقلبهما » القلب هو التحويل ولعل المراد أن المصلى يحولهما في الصلاة من مكان ويجعلهما بحيال وجهه في القنوت والحاصل أن كثيرا من أفعال الصلاة يتأتى بهما فينبغي أن تغسلا.

(٢) لما كان الصدوق ـ رحمه‌الله ـ سافر في طلب الحديث بعد أن كان في قم وروى عن مشايخه خصوصا عن أبيه وكتب أبوه علي بن الحسين إليه رسالة ليعمل الصدوق عليه اما بسؤاله أو تبرعا ولما كان الرسالة من الأخبار الصحيحة التي وصل إلى الصدوق يذكر أحيانا من الرسالة تيمنا وتركا. (م ت)

(٣) قوله « وان جف بعض وضوئك » ينبغي أن يقرء الوضوء هنا بفتح الواو وهو ماء الوضوء والفرق بين المسئلتين وجود المتابعة في الافعال في الثانية دون الأولى فيظهر منه أن تحقق أحد الامرين أي مراعاة عدم الجفاف والتتابع كاف في صحة الوضوء. ( مراد ) قوله « فأعد وضوءك » لأنه مع حصول الجفاف فاتت المتابعة وأيضا من حيث انقطاع الماء وانتظار حصوله وما بينهما من التراخي غالبا بخلاف ما سيذكر من الجفاف بدون انقطاع الماء فإنه لم يفت فيه المتابعة وان حصل الجفاف فيكون أحد الامرين بزعمه كافيا ( سلطان ).

٥٧

باب

* ( فيمن ترك الوضوء أو بعضه أو شك فيه ) *

١٢٩ ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام : « لا صلاة إلا بطهور » (١).

١٣٠ ـ وروي « أن رجلا من الأحبار (٢) أقعد في قبره فقيل له : إنا جالدوك مائة جلدة من عذاب الله عزوجل ، قال : لا أطيقها ، فلم يزالوا به (٣) حتى ردوه إلى واحدة فقال : لا أطيقها ، فقالوا : لابد منها ، قال : فبما تجلدونيها؟ قالوا : نجلدك بأنك صليت يوما بغير وضوء (٤) ، ومررت على ضعيف فلم تنصره (٥) فجلدوه جلدة من

__________________

(١) المشهور أن الطهور ـ بالضم ـ هو الطهارة وبالفتح ما يطهر به ، فان قرء الحديث هنا بالضم فالظاهر أنه لا يصح الصلاة الا بالطهارة ، وان قرء بالفتح فالظاهر منه أنه لا يجب الصلاة الا مع وجود ما يتطهر به فلا صلاة مع فاقد الطهورين ( سلطان ). وقال التفرشي : قوله « لا صلاة الا بطهور » أي لا صلاة صحيحة الا صلاة مقرونة بطهور ، والقصر إضافي بالنسبة إلى عدم الطهور فيستفاد منه اشتراطها بالطهور. ومن يقدر الكمال في الافعال الشرعية المدخولة للنفي أي لا صلاة كاملة لم يفهم الشرطية عنده من هذا الحديث والحاجة إلى التقدير على تقدير أن يكون الفعل الشرعي هو الهيئة المخصوصة ، وأما إذا كان عبارة عن المعتبر شرعا فلا ، لصحة ارجاع النفي حينئذ إلى نفس المهية المعتبرة. انتهى.

(٢) الأحبار جمع حبر ـ بالكسر أو الفتح ـ ففي الصحاح عن الأصمعي قال : لا أدرى هو الحبر ـ بالكسر ـ أو الحبر ـ بالفتح ـ للرجل العالم. والحمل على أحبار اليهود غير مناسب هنا. ( مراد )

(٣) الا يزالون ينقصون منه.

(٤) الظاهر أن الرجل حضر جماعة المسلمين وصلى معهم أو عندهم بدون وضوء عامدا للتظاهر والا فكيف يتصور كونه منفردا في بيته يصلى بدون الوضوء الا أن يكون مجنونا والمجنون مرفوع عنه. ويمكن أن يكون صلى معهم بدون الوضوء ثم أعاد مع الوضوء ، فيدل الخبر على حرمة الصلاة بغير وضوء.

(٥) يدل على وجوب نصرة الضعيف كما هو ظاهر من الآيات والاخبار.

٥٨

عذاب الله تعالى فامتلأ قبره نارا ».

١٣١ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ثمانية لا يقبل الله لهم صلاة العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه ، والناشز عن زوجها ، وهو عليها ساخط (٢) ، ومانع الزكاة ، وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون (٣) ، وتارك الوضوء ، والمرأة المدركة تصلي بغير خمار ، والزبين (٤) وهو الذي يدافع البول والغائط ، والسكران ».

وتارك الوضوء ناسيا متى ذكر فعليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة.

١٣٢ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وضع عن أمتي تسعة أشياء : السهو ، والخطأ ، والنسيان ، وما أكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، والطيرة (٥) ، والحسد ، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الانسان بشفة » (٦).

__________________

(١) قوله عليه‌السلام « لا يقبل لهم صلاة » ظاهر الاخبار بل الآيات أن القبول غير الاجزاء ولكن الخلاف في معناهما فقال السيد المرتضى ـ رحمه‌الله ـ ان القبول هو استحقاق الثواب والاجزاء هو الخلوص من العقاب ، وظاهر الأكثر القبول هو كثرة الثواب والاجزاء قلته لا عدمه ، والظاهر هو قول الأكثر. والمراد بعدم القبول هنا أعم من عدم الصحة والكمال بالنسبة إلى أفراد العباد (م ت).

(٢) النشوز : العصيان وعدم طاعة الزوج. وفى الخصال ص ٤٠٧ « النشازة عن زوجها ».

(٣) لعله كناية عن كنه مخالفا يصلون خلفه كراهة أن يتضرروا بتركها ( مراد ).

(٤) الزبين ـ بكسر الزاي المعجمة وشد الباء كسكين ـ هو الذي يدافع الأخبثين.

(٥) الظاهر أن المراد بوضع الطيرة عن الأمة وضع تشأمها عنهم ، فلا يكون على نسق ما قبلها فان المراد من الوضع فيما قبلها وبعدها وضع المؤاخذة والعقاب ( سلطان ).

(٦) الظاهر أن المراد بالخلق المخلوقات أي الناس ، والمراد بالتفكر حديث النفس بعيوبهم وتفتيش أحوالهم والتأمل فيهم فان هذا العمل والحسد وضع عنهما المؤاخذة ما لم ينطق الانسان بهما. وقيل المراد التفكر في مسألة خلق الأعمال أو التشكيك في خلق الله ولا يخفى بعده فتأمل ( سلطان ).

٥٩

١٣٣ ـ وسئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن الرجل يبقى من وجهه إذا توضأ موضع لم يصبه الماء ، فقال : يجزيه (١) أن يبله من بعض جسده » (٢).

١٣٤ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إن نسيت مسح رأسك فامسح عليه وعلى رجليك من بلة وضوئك ، فإن لم يكن بقي في يدك من نداوة وضوئك شئ فخذ مما بقي منه في لحيتك وامسح به رأسك ورجليك ، وإن لم يكن لك لحية فخذ من حاجبيك وأشفار عينيك وامسح به رأسك ورجليك ، وإن لم يبق من بلة وضوئك شئ أعدت الوضوء (٣) ».

١٣٥ ـ وروى أبو بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل نسي مسح رأسه ، قال : فليمسح ، قال : لم يذكره حتى دخل في الصلاة؟ قال : فليمسح رأسه من بلل لحيته » (٤).

١٣٦ ـ وفي رواية زيد الشحام والمفضل بن صالح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل توضأ فنسي أن يمسح على رأسه حتى قام في الصلاة قال : فلينصرف فليمسح برأسه وليعد الصلاة ».

ومن شك في شئ من وضوئه وهو قاعد على حال الوضوء فليعد ، ومن قام عن

__________________

(١) يشعر بسقوط الترتيب فيما إذا سهى في خروج العضو ، والحمل على الاتيان بما بعده بعيد ، ويمكن الحمل على ما إذا لم يتيقن انه لم يصبه الماء بل إنما وجده جافا. ( مراد )

(٢) ظاهره يشمل ما إذا انتقل إلى عضو آخر بل ما إذا فرغ من الوضوء ولا يخفى حينئذ فوت الترتيب ، ويمكن حمله على ما إذا لم ينتقل إلى عضو آخر فلا يفوت الترتيب أو إذا أتى به وبما بعده ( سلطان ). محموله على ما إذا كان في الأثناء مع مراعاة الترتيب ويحمل على الشك والاستحباب جمعا بين الاخبار (م ت).

(٣) خبر أريد به معنى الامر. ( مراد )

(٤) قوله « حتى دخل في الصلاة » أي تهيا للدخول فيها فلا ينافي قوله في الخبر الآتي عن زيد الشحام « فلينصرف فليمسح برأسه وليعد الصلاة » وأيضا في هذا الحديث أن صلاته صحيحة غايته أنه لم يصرح ببطلان الصلاة ولابد من حمل الحديثين على وجوب المسح على الرجلين وان لم يصرح به ( مراد ).

٦٠