كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٩٩

لآخرته ودنياه قبل طلوع الفجر فأجيبه؟ ألا عبد مؤمن يتوب إلي من ذنوبه قبل طلوع الفجر فأتوب عليه؟ ألا من مؤمن قد قترت عليه رزقه (١) يسألني الزيادة في رزقه قبل طلوع الفجر فأوسع عليه ألا عبد [ مؤمن ] سقيم يسألني أن أشفه قبل طلوع الفجر فأعطيه؟ ألا عبد مؤمن محبوس مغموم يسألني أن أطلقه من حبسه فاخلي سربه (٢)؟ ألا عبد مؤمن مظلوم يسألني أن آخذ له بظلامته (٣) قبل طلع الفجر فأنتصر له وآخذ له بظلامته؟ قال : فما يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر ».

١٢٤٠ ـ وروى عبد العظيم بن عبد الله الحسني ـ رضي‌الله‌عنه ـ عن إبراهيم بن أبي محمود قال : قلت للرضا عليه‌السلام يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : إن الله تبارك وتعالى ينزل في كل ليلة جمعة إلى السماء الدنيا؟ فقال عليه‌السلام : لعن الله المحرفين الكلم عن واضعه والله ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك إنما قال عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى ينزل ملكا إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير وليلة الجمعة في أول الليل فيأمره فينادي (٤) هل من سائل فأعطيه؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ يا طالب الخير أقبل ، ويا طالب الشر أقصر (٥) فلا يزال ينادي حتى يطلع الفجر ، فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من ملكوت السماء ، حدثني بذلك أبي عن جدي ، عن آبائه ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٢٤١ ـ وروى أنه « ما طلعت الشمس في يوم أفضل من يوم الجمعة ». (٦)

__________________

(١) قتر على عياله قترا وقتورا : ضيق عليهم في النفقة وكذلك التقتير والاقتار.

(٢) السرب ـ بالفتح والكسر ـ : الطريق والبال والقلب. ( القاموس )

(٣) الظلامة والظليمة والمظلمة : ما تطلبه عند الظالم وهو اسم ما أخذ منك ( الصحاح )

(٤) أي من عند الله عزوجل فلذا يقول : فأعطيه بصيغة التكلم فيرجع معنى الحديثين إلى أمر واحد. ( مراد )

(٥) أي كف عن الشر ، وفى الصحاح أقصرت عنه كففت ونزعت مع القدرة عليه فان عجزت قلت : قصرت بلا ألف. ( مراد )

(٦) رواه الكليني ج ٤ ص ٤١٣ مسندا عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام.

٤٢١

وكان (١) اليوم الذي نصب فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمير المؤمنين عليه‌السلام بغدير خم يوم الجمعة ، وقيام القائم عليه‌السلام يكون في يوم الجمعة ، وتقوم القيامة في يوم الجمعة يجمع الله فيها الأولين والآخرين قال الله عزوجل : « ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ».

١٢٤٢ ـ وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في قول يعقوب لبنيه : « سوف أستغفر لكم ربي » قال أخرها إلى السحر ليلة الجمعة ».

١٢٤٣ ـ وروى أبو بصير عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « إن العبد لمؤمن ليسأل الله جل جلاله الحاجة فيؤخر الله عزوجل قضاء حاجته إلى يوم الجمعة. ليخصه بفضل يوم الجمعة ». (٢)

١٢٤٤ ـ وروى داود بن سرحان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل » وشاهد ومشهود « قال : الشاهد يوم الجمعة ». (٣)

١٢٤٥ ـ وروى المعلى بن خنيس عنه عليه‌السلام أيضا أنه قال : « من وافق منكم (٤) يوم الجمعة فلا يشتغلن بشئ غير العبادة فإن فيها يغفر للعباد وتنزل عليهم الرحمة ».

__________________

(١) من هنا كلام المصنف ظاهرا وأخذه من الاخبار ، وروى في الخصال ص ٣٩٤ بمضمونه خبرا.

(٢) رواه الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في التهذيب ج ١ ص ٢٤٦ إلى قوله « إلى يوم الجمعة ».

وقوله « ليخصه بفضل يوم الجمعة » أي ليخص الداعي بان يقضى حاجته في وقت فاضل ( مراد ) وقال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ أي ليخصه بمعرفة فضيلة يوم الجمعة باعتبار استجابة دعائه ليسعى في الدعاء فيه أو يقضى حاجته زائدا عما شاء وأكثر مما يقضيه في غيره.

(٣) في القاموس : الشاهد : من أسماء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واللسان ، والملك ، ويوم الجمعة ، والنجم ، وصلاة الشاهد : صلاة المغرب ، والمشهود : يوم الجمعة أو يوم القيامة أو عرفة ـ انتهى وقال الفاضل التفرشي : هذا لا ينافي ما مر آنفا من جعل يوم الجمعة مشهودا لان شهود الناس ليوم الجمعة يستلزم شهود يوم الجمعة لهم فكل واحد شاهد باعتبار مشهود باعتبار آخر.

(٤) أي اتفق وجوده فيه أو وافقه في الفرصة والفراغ ( سلطان ) وقال الفاضل التفرشي

٤٢٢

١٢٤٦ ـ وروى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال : « ليلة الجمعة ليلة غراء ويومها يوم أزهر (١) من مات ليلة الجمعة كتب [ الله ] له براءة من ضغطة القبر ومن مات يوم الجمعة كتب الله له براءة من النار ».

١٢٤٧ ـ وروى هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الرجل يريد أن يعمل شيئا من الخير مثل الصدقة والصوم ونحو هذا ، قال : يستحب أن يكون ذلك يوم الجمعة فإن العمل يوم الجمعة يضاعف ».

١٢٤٨ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أطرفوا (٢) أهلكم كل يوم جمعة بشئ من الفاكهة واللحم حتى يفرحوا بالجمعة ».

١٢٤٩ ـ وفي روية إبراهيم بن أبي البلاد ، عن زرارة (٣) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من أنشد بيت شعر يوم الجمعة فهو حظه من ذلك اليوم (٤) ».

١٢٥٠ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا رأيتم الشيخ يحدث يوم الجمعة بأحاديث

__________________

أي اتفق وجوده فيه لم يمت قبل ذلك أو وافقه في صحة العبادة أي كما أن اليوم صالح لان يعبد فيه هو أينما كان صالحا لان يعبد بأن يكون في صحة خاليا من المرض المانع للعبادة وغيره من الموانع.

(١) الغراء : البيضاء من كل شئ. الزهرة ـ بالضم ـ : البياض والحسن ، وقد زهر  ـ كفرح وكرم ـ وهو أزهر. ( القاموس )

(٢) أطرف فلان إذا جاء بطريفة ، يعنى اشتروا لهم من الفاكهة واللحوم التي تكون طرفة أي حسنة غير معتادة في سائر الأيام. (م ت)

(٣) في بعض النسخ وكتاب الخصال للمؤلف عن إبراهيم بن أبي البلاد عمن رواه عن أبي عبد الله عليه‌السلام. لكن نقله العلامة ـ رحمه‌الله ـ في المنتهى من حديث زرارة.

(٤) ظاهره انحصار حظه وثوابه فيه فلم يكن له حظ مما يعمل فيه من الأعمال الصالحات وهذا يشعر بالاحباط فالكلام محمول على المبالغة أي أتى بفعل يشبه ما يحبط الأعمال ( مراد ) وقال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : يدل على كراهية الشعر وربما يحمل على الشعر الباطل والترك مطلقا أولى.

٤٢٣

الجاهلية (١) فارموا رأسه ولو بالحصى » (٢).

١٢٥١ ـ وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من قال في آخر سجدة من النافلة بعد المغرب ليلة الجمعة وإن قاله كل ليلة فهو أفضل (٣) : « اللهم إني أسألك بوجهك الكريم واسمك العظيم أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تغفر لي ذنبي العظيم » سبع مرات انصرف وقد غفر له ، قال : وقال عليه‌السلام : إذا كانت عشية الخميس وليلة الجمعة تنزلت الملائكة من السماء ومعها أقلام ذهب وصحف الفضة لا يكتبون عشية الخميس [ و ] ليلة الجمعة ويوم الجمعة إلى أن تغيب الشمس إلا الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله » (٤).

١٢٥٢ ـ و « يكره السفر والسعي في الحوائج يوم الجمعة بكرة من أجل الصلاة فأما بعد الصلاة فجائز يتبرك به » (٥) ورد ذلك في جواب السري عن أبي الحسن علي ابن محمد عليهما‌السلام.

١٢٥٣ ـ وسأل أبو أيوب الخزاز أبا عبد الله عليه‌السلام « عن قول الله عزوجل :  فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابغوا من فضل الله » قال : الصلاة يوم الجمعة

__________________

(١) أي أخبار الكفرة وبيان أحوالهم مما لا موعظة فيه ، أو بأحاديث كانوا يتذاكرون بها قبل البعثة ( مراد ) والظاهر أن المراد القصص والاخبار الكاذبة أو الإسرائيليات.

(٢) أي لو أمكنكم الرمي بأعظم منه فارموه به وان لم يوجد غير الحصى فارموه بها ويمكن إرادة العكس ، هذا مع الامن من الضرر كما هو شرط النهى عن المنكر (م ت) و أقوال هنا في الخصال ص ٣٩٣ من رواية إبراهيم بن أبي البلاد.

(٣) اعتراض بين المبتدء وهو « من قال » وبين الخبر وهو « انصرف » ( مراد )

(٤) يعنى أنهم لا يكتبون غير ذلك فلا ينافي كتابة غيرهم سائر العبادات (م ت) والحاصل أن نزولهم لكتب ثواب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فحسب. ( مراد )

(٥) أي بايقاع السفر والسعي في الحوائج يوم الجمعة أي يجعل ذلك مباركا ذا نفع كثير بسبب ايقاعه في يوم الجمعة ( مراد ) أقول رواه المؤلف ـ رحمه‌الله ـ في الخصال ص ٣٩٥ في ذيل خبر رواه عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٤٢٤

والانتشار يوم السبت.

١٢٥٤ ـ وقال عليه‌السلام : « السبت لبني هاشم والأحد لبني أمية فاتقوا أخذ الأحد » (١).

١٢٥٥ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم بارك لامتي في بكورها يوم سبتها وخميسها.

١٢٥٢ ـ وقال الرضا عليه السلم : « ينبغي للرجل أن لا يدع أن يمس شيئا من الطيب في كل يوم فإن لم يقدر فيوم ويوم [ لا ] (٢) ، فإن لم يقدر ففي كل جمعة لا يدع ذلك ».

٧ ١٢٥ ـ و « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان يوم الجمعة ولم يصب طيبا دعا بثوب مصبوغ بزعفران فرش عليه الماء ، ثم مسح بيده ، ثم مسح به وجهه ».

ويستحب أن يعتم الرجل يوم الجمعة وأن يلبس أحسن ثيابه وأنظفها

__________________

(١) أي أخذه متبركا ، أو أخذ الأشياء في يوم الأحد ( سلطان ) ويمكن أن يكون من قبيل ضرب اليوم أي الاخذ الواقع في الأحد. ( مراد )

أقول : هذا الخبر ينافي ما رواه المؤلف في الخصال ص ٣٨٣ باسناده عن أبي عبد الله على السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « يوم الجمعة يوم عبادة فتعبدوا الله عزوجل ، ويوم السبت لآل محمد عليهم‌السلام ، ويوم الأحد لشيعتهم ، ويوم الاثنين يوم بنى أمية ـ الخ ». وما فيه أيضا ص ٣٩٤ باسناده صحيح عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « السبت لنا ، والأحد لشيعتنا ، والاثنين لأعدائنا ، والثلاثاء لبنى أمية ـ الخ » وقال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ في البحار قوله : « لأعدائنا » أي لجميع المخالفين وإن كان بنو أمية منهم ، والثلاثاء لخصوصهم وشيعتهم.

(٢) في بعض النسخ بدون « لا » لكن في الخصال ص ٣٩٢ والكافي ج ٦ ص ٥١٠ « فيوم ويوم لا » وقال الفاضل التفرشي : يمكن القول بتقدير « لا » في النسخ التي ليس فيها. أو المعنى ففي يوم وفى يوم بعد ذلك اليوم بفاصلة.

٤٢٥

ويتطيب فيدهن بأطيب دهنه (١).

٨ ١٢٥ ـ وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « إذا كان بين القريتين ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمع هؤلاء وهؤلاء (٢) ولا يكون بين الجمعتين أقل من ثلاثة أميال » (٣).

١٢٥٩ ـ وقال عليه‌السلام إن الملائكة المقربين يهبطون في كل يوم جمعة معهم قراطيس الفضة وأقلام الذهب فيجلسون على كل أبواب المساجد على كراسي من

__________________

(١) في الخصال والكافي ج ٦ ص ٥١٠ من حديث أبي عبد الله عليه‌السلام « الجمعة للتنظف والتطيب » وفيه عنه عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « ليتطيب أحدكم يوم الجمعة ولو من قارورة امرأته » وفى مرفوعة يعقوب بن يزيد عنه عليه‌السلام « فلا تدع الطيب في كل جمعة ».

(٢) في النهاية : جمعت ـ بالتشديد ـ أي صليت يوم الجمعة. وفى نسخة من الكتاب وفى التهذيب والكافي « يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء » من باب التفعيل أيضا.

(٣) المشهور أنه على الحرمة وقيل بالكراهة لعدم دلالة الخبر على الحرمة صريحا فان النهى لا سيما في الاخبار أعم من الحرمة مع قطع النظر عن طريق الصدوق إلى محمد بن مسلم فان فيه جهالة لكن رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (م ت) راجع الكافي ج ٣ ص ٤١٩. وقال صاحب المدارك ـ رحمه‌الله ـ :  أجمع علماؤنا على اعتبار وحدة الجمعة بمعنى أنه لا يجوز إقامة جمعتين بينهما أقل من فرسخ سواء كانتا في مصر واحد أو مصرين فصل بينهما نهر عظيم كدجلة أم لا ولم يعتبر غيرهم الفرسخ ، لكن اختلفوا فقال الشافعي ومالك : لا تجمع في بلدة وان عظم الا في مسجد واحد وأجازه أبو حنيفة في موضعين استحسانا ، وأجاز بعضهم التعدد في البلد ذي الجانبين إذا لم يكن بينهما جسر ، وقال أحمد : إذا كبر البلد وعظم كبغداد والبصرة جاز أن تقام فيه جمعتان وأكثر مع الحاجة ولا يجوز مع عدمها ـ إلى أن قال ـ : قيل : ويعتبر الفرسخ من المسجد ان صليت في مسجد والا فمن نهاية المصلين ، ويشكل الحكم فيما لو كان بعضهم بحيث لا يبلغ بعده عن موضع الأخرى النصاب دون من سواهم وتم العدد بغيرهم فيحتمل بطلان صلاتهم خاصة لانعقاد صلاة الباقي باستجماعهما شرائط الصحة أو بطلان الجمعتين من رأس لانتفاء الوحدة ولعل الأول أقرب.

٤٢٦

نور فيكتبون من حضر الجمعة الأول والثاني والثالث حتى يخرج الامام ، فإذا خرج الامام (١) طووا صحفهم.

١٢٦٠ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أتى الجمعة إيمانا واحتسابا استأنف العمل » (٢).

١٢٦١ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « لا يشرب أحدكم الدواء يوم الخميس فقيل : يا أمير المؤمنين ولم [ ذلك ]؟ قال : لئلا يضعف عن إتيان الجمعة ».

١٢٦٢ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « كل واعظ قبلة [ للموعوظ ] وكل موعظ قبلة للواعظ » (٣).

يعني في الجمعة والعيدين وصلاة الاستسقاء.

١٢٦٣ ـ وخطب أمير المؤمنين عليه‌السلام في الجمعة فقال :

الحمد لله الولي الحمد الحكيم المجيد ، الفعال لما يريد علام الغيوب ، وخالق الخلق ، ومنزل القطر ، ومدبر أمر الدنيا والآخرة ، ووارث السماوات والأرض ، الذي عظم شأنه فلا شئ مثله ، تواضع كل شئ لعظمته ، وذل كل شئ لعزته ، واستسلم كل شئ لقدرته ، وقر كل شئ قراره لهيبته (٤) وخضع كل

__________________

(١) أي من المسجد ، فما دام الامام في المسجد يكتبون ما أتاه سواء وصل إلى الصلاة أم لا. ( مراد )

(٢) « احتسابا » أي فعله مخلصا متقربا إلى الله سبحانه وعده من الأعمال الصالحات التي لها أجر. وقوله : « استأنف العمل » كناية عن غفران الذنوب يعنى غفر الله له ما مضى من ذنوبه وصار كيوم ولدته أمه.

(٣) أي ينبغي توجه المأموم إلى الامام والخطيب واقباله إليه والنظر إليه وكذا العكس (م ت) وقال الفاضل التفرشي : ويمكن الحمل على الاقبال بالقلب أي يقبل الواعظ على الموعوظ بالتفهيم والموعوظ بالانفهام.

(٤) أي ثبت على حالة ينبغي كونه عليها ، فضمير « قراره » لذلك الشئ وهو منصوب على الظرفية ، وفى الصحاح القرار : المستقر من الأرض ( مراد ) ويمكن ارجاع الضمير إلى الله تعالى. والهيبة : المهاية.

٤٢٧

شئ لملكته وربوبيته (١) الذي يمسك السماوات أن تقع على الأرض إلا باذنه وأن تقوم الساعة إلا بأمره ، وأن يحدث في السماوات والأرض شئ إلا بعلمه ، نحمده على ما كان ، ونستعينه من أمرنا على ما يكون ، ونستغفر ونستهديه ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ملك الملوك ، وسيد السادات ، وجبار الأرض والسماوات القهار الكبير المتعال ، ذو الجلال والاكرام ، ديان يوم الدين ، رب آبائنا الأولين.

ونشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالحق داعيا إلى الحق ، وشاهدا على الخلق ، فبلغ رسالات ربه كما أمره ، لا متعديا ولا مقصرا ، وجاهد في الله أعداءه ، لا وانيا ولا ناكلا (٢) ونصح له في عباده صابرا محتسبا ، فقبضه الله إليه وقد رضي عمله وتقبل سعيه ، وغفر ذنوبه صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣).

__________________

(١) أي السلطانة ومالكيته.

(٢) الوناء : الفتور والضعف والكلال والاعياء ، والناكل : الضعيف ، ونكل عن العدو أي جبن وضعف.

(٣) أي أظهر سبحانه للناس أن ليس له ذنب في دعوته إلى التوحيد ورفض الطواغيت حيث زعموا أنه مخطئ في هذه الدعوة كما قيل في قوله تعالى « انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر » والا فلا ربط بين فتحه تعالى له مكة وبين غفران ذنبه الا أن نقول : المراد بالذنب ما زعمه المشركون من جعل الآلهة إلها واحدا أو أنه يريد الرئاسة والسلطنة عليهم أو ما ربما يزعمه طائفة من الذين هاجروا معه بعد ما أصابهم. والظاهر كما يفهم من الفقرات الماضية أن قوله عليه‌السلام « وغفر ذنبه » إشارة إلى قوله تعالى  « ليغفرلك الله ما تقدم ـ ألخ » وبعد ما ثبت في أصول المذهب عصمته صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى من السهو والنسيان فلابد من التوجيه ، فقيل المراد ذنب أمته لأنهم منسوبون إليه. ولما لم يكن ربط بين فتحه تعالى عليه مكة وبين غفران ذنبه تعين أن المراد بالذنب ما زعمه الأمة فبعد ما فتح الله سبحانه عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله مكة ودخله من غير دم يريقه ولا استيصال من أهله ولا أخذهم بما قدموا من العداوة له والبغضاء وقوله « لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم » تبين للمشركين أنه صادق في ادعائه ولا يرد الرئاسة عليهم ، ولعل المراد بما تقدم ما كان قبل الهجرة. وأما ما تأخر فذلك أن طائفة من الذين هاجروا معه بل أكثرهم لما أصابتهم من جراء هذه الدعوة الشدائد والمحن والفاقة

٤٢٨

أوصيكم عباد الله بتقوى الله ، واغتنام ما استطعتم عملا به من طاعته في هذه الأيام الخالية (١) وبالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم وإن لم تكونوا تحبون تركها والمبلية لكم وإن كنتم تحبون تجديدها (٢) ، فإنما مثلكم ومثلها كركب سلكوا سبيلا فكأن قد قطعوه ، وأفضوا إلى علم فكأن قد بلغوه (٣) ، وكم عسى المجري

__________________

والفقر والبأساء والضراء والمرض والبعد عن الوطن المألوف وفراق الأهل والأولاد وغيرها ضاق بهم ذرعا ولم يكن لهم صبر على ما أصابهم فربما ظنوا في أنفسهم ظنونا وقالوا متى نصر الله وجماعة منهم ظنوا أنهم قد كذبوا فبعد أن جاء النصر من عند الله وفتح الله سبحانه عليهم مكة وخضع لهم كل شريف ، وذل لهم كل متكبر وانقضت أيام البلاء وطلع بياض المجد والرخاء وخرجوا من ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الزمان إلى عدل الاسلام ودخل الناس في الدين أفواجا تبين لهم أنهم خاطئون في فكرتهم وهو المصيب في دعوته وسيرته والصادق في وعده ووعيده فصار ذنبه مغفورا عندهم. وقد روى المؤلف في العيون عن الرضا عليه‌السلام « أنه سئل عن هذه الآية فقال : لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنبا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأنهم كانوا يعبدون ثلاثمائة وستين صنما فلما جاءهم بالدعوة إلى كملة الاخلاص كبر ذلك عليهم وعظم وقالوا » أجعل الآلهة إلها واحدا ـ إلى قوله ـ الا اختلاق « فما فتح الله عليه نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله مكة قال تعالى : انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر » عند مشركي مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم وما تأخرعند مشركي مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم وما تأخر لان مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة ومن بقي منهم لم يقدر على انكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه فصار ذنبه مغفورا عندهم بظهور عليهم.

(١) أي الماضية ، جعل عليه‌السلام تلك الأيام ماضية لسرعة مضيها فكأنها ماضية. والرفض الترك. ( مراد )

(٢) البلى : الخلق ، وهذا كناية عن انقضاء الشباب كل يوم وحصول الضعف بالشيب في كل ساعة. (م ت)

(٣) قوله : « فكان قد قطعوه » « كأن » بسكون النون مخفف « كأن » من حروف المشبهة بالفعل ، ولو كان « كان » من الافعال الناقصة لقيل : « كانوا » بالجمع ومثله « فكان قد بلغوه » والمراد بسلكوا وأفضوا أي أرادوا سلوك سبيل والافضاء والوصول إلى علم ويمكن أن يراد بالعلم الجبل ويراد به العلامة ، وحاصل تينك الفقرتين والفقرات الآتية أنه لابد من انقضاء

٤٢٩

إلى الغاية أن يجرى إليها حتى يبلغها (١) ، وكم عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه (٢) ، وطالب حثيث في الدنيا يحدوه حتى يفارقها (٣) ، فلا تتنافسوا في عز الدنيا وفخرها (٤) ولا تعجبوا بزينتها ونعيمها ، ولا تجزعوا من ضرائها وبؤسها فإن عز الدنيا وفخرها إلى انقطاع ، وإن زينتها ونعيمها إلى زوال ، وإن ضرها وبؤسها إلى نفاد ، وكل مدة منها إلى منتهى ، وكل حي منها إلى فناء وبلاء ، أو ليس لكم

__________________

العمر والوصول إلى ما ليس وراءه منزل ، فينبغي للعاقل أن يتفكر في عاقبة أمره ويتزود للمنزل. ( مراد )

(١) قوله : « وكم عيسى المجرى إلى الغاية » على صيغة اسم المفعول من أجريت الماء وغيره ، وكذا « أن يجرى » على صيغة المفعول ، ويحتمل أن يكون « المجرى » مصدرا وفى الصحاح « قوله تعالى : « بسم الله مجراها ومرساها » هما مصدران من أجريت السفينة و أرسيت ». وحاصله كثيرا ما يجرى الشئ إلى غاية فيجرى حتى يصل ذلك الشئ المجرى إلى تلك الغاية فهو اما واصل وهو غافل عن الوصول أو أنه يصل عن قريب ، وادخال لفظ « عسى » للاشعار بأن أمر الدنيا من هذا القبيل لا من النادر الذي قد لا يصل إلى الغاية. ( مراد )

(٢) أي أن يكون البقاء بقاء من له يوم لا يعدوه أي لا يعدو ذلك اليوم بل ينتهى عند تمام اليوم و « كم » في الموضعين يحتمل كونها خبرية واستفهامية ومميزها محذوف ، وهو مرة ( مراد ) وقيل : شبه (ع) أهل الدنيا بركب سلكوا طريق ووصلوا إلى غاية في المسافة قد بقي منها شئ كثير. وهذا بالحقيقة تشبيه الامتداد الزماني بالامتداد المسافتي.

وقوله عليه‌السلام : « وأفضوا إلى علم » أي ساروا نحو عقبة وبلغوها ولم يعلموا بلوغهم إياها ، وقوله : « كم عسى المجرى إلى الغاية ـ الخ » مميز « كم » الخبرية التي لانشاء التكثير محذوف أي المجرى إلى الغاية بقرينة اسم عسى المذكور وهو قوله : « المجرى » وهو مخفف اسم مفعول من جرى أن الواصل إلى غاية المسافة وخبرها « أن يجرى إليها » أي توجه إلى غاية المسافة حتى يبلغها يعنى وصل إليها وليس له شعور بوصوله إياها.

(٣) قوله : « طالب حثيث » أي كم مرة طالب للدنيا حريص عليها يحدوه أي يسوقه حريصا حيت يفارقها ، وفى بعض النسخ « حبيب » بالبائين الموحدتين بدل « حثيث » بالمثلثتين ( مراد ).

(٤) التنافس في الشئ الرغبة فيه ، وفى الصحاح البأساء والضراء : الشدة وهما اسمان مؤنثان من غير تذكير. ( مراد )

٤٣٠

في آثار الأولين وفي آبائكم الماضين معتبر وتبصرة إن كنت تعقلون ، ألم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون ، وإلى الخلف الباقين منكم لا يقفون ، قال الله تبارك وتعالى : « وحرام على قرية أهلكناها ، أنهم لا يرجعون » وقال : « كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار (١) وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور » أو لستم ترون إلى أهل الدنيا وهم يصبحون ويمسون على أحوال شتى ، فميت يبكى وآخر يعزى ، وصريع يتلوى (٢) وعائد ومعود وآخر بنفسه يجود ، وطالب الدنيا والموت يطلبه ، وغافل وليس بمغفول عنه ، وعلى أثر الماضين يمضي الباقين ، والحمد لله رب العالمين ، رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ، ورب العرش العظيم ، الذي يبقى ويفنى ما سواه ، وإليه يؤول الخلق ويرجع الامر.

ألا إن هذا اليوم يوم جعله الله لكم عيدا وهو سيد أيامكم وأفضل أعيادكم وقد أمركم الله في كتابه بالسعي فيه إلى ذكره ، فلتعظم رغبتكم فيه ، ولتخلص نيتكم فيه ، وأكثروا فيه التضرع والدعاء ومسألة الرحمة والغفران ، فإن الله عزوجل يستجيب لكل من دعاه ، ويورد النار من عصاه وكل مستكبر عن عبادته ، قال الله عزوجل « أدعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين » وفيه ساعة مباركة لا يسأل الله عبد مؤمن فيها شيئا إلا أعطاه ، والجمعة واجبة على كل مؤمن إلا على الصبي والمريض والمجنون والشيخ الكبير والأعمى والمسافر والمرأة والعبد المملوك ، ومن كان على رأس فرسخين ، غفر الله لنا ولكم سالف ذنوبنا فيما خلا من أعمارنا ، وعصمنا وأياكم من اقتراف الآثام بقية أيام دهرنا ، إن أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله عزوجل ، أعوذ بالله من الشيطان

__________________

(١) أي باعد عنها.

(٢) في بعض النسخ « وآخر معزى » والصريح الساقط على الأرض. وفى بعضها « وضريع » بالضاد المعجمة ومعناه الذليل. وقوله « يتلوى » أي يضطرب وينعطف وتلوى تلويا الشئ انعطف والبرق في السحاب اضطرب.

٤٣١

الرجيم إن الله هو الفتاح العليم بسم الله الرحمن الرحيم ثم يبدأ بعد الحمد بقل هو الله أحد ، أو بقل يا أيها الكافرون ، أو بإذا زلزلت الأرض زلزالها ، أو بألهيكم التكاثر أو بالعصر ، وكان مما يدوم عليه قل هو الله أحد.

ثم يجلس جلسة خفيفة ، ثم يقوم فيقول : « الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به ، ونتوكل عليه ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وآله ومغفرته ورضوانه ، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك صلاة نامية زاكية ، ترفع بها درجته ، وتبين بها فضله وصل على محمد وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ويجحدون آياتك ، ويكذبون رسلك ، اللهم خالف بين كلمتهم ، وألق الرعب في قلوبهم ، وانزل عليهم رجزك ونقمتك وبأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين ، اللهم انصر جيوش المسلمين وسراياهم ومرابطيهم في مشارق الأرض ومغاربها إنك على كل شئ قدير ، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، اللهم اجعل التقوى زادهم ، والايمان والحكمة في قلوبهم ، وأوزعهم أن يشكروا نعمتك التي أنعمت عليهم (١) ، وأن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه إله الحق وخالق الخلق اللهم اغفر لمن توفى من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ولمن هو لاحق بهم من بعدهم منهم ، إنك أنت العزيز الحكيم » إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون « اذكروا الله يذكركم فإنه ذاكر لمن ذكره واسألوا الله من رحمته وفضله فإنه لا يخيب عليه داع دعاه. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ».

١٢٦٤ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام أول من قدم الخطبة على الصلاة يوم الجمعة (٢)

__________________

(١) استوزعت الله شكره فأوزعني أي استلهمته فألهمني. ( الصحاح )

(٢) في نسخة « يوم العيد » والظاهر أنه اصلاح من بعض القراء والذي ذهب إليه الصدوق  ـ رحمه‌الله ـ هو تأخير الخطبة عن الصلاة لهذا الخبر اما لاطلاقه أو لخصوص الجمعة وما رأيناه

٤٣٢

عثمان لأنه كان إذا صلى لم يقف الناس على خطبته وتفرقوا وقالوا ما نصنع بمواعظه وهو لا يتعظ بها وقد أحدث ما أحدث ، فلما رأى ذلك قدم الخطبتين على الصلاة.

وسألت شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد رضي‌الله‌عنه عما يستعمله العامة من التهليل والتكبير على أثر الجمعة ما هو؟ فقال : رويت أن بني أمية كانوا يلعنون أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد صلاة الجمعة ثلاث مرات ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز نهى عن ذلك وقال للناس : التهليل والتكبير بعد الصلاة أفضل.

__________________

في الجمعة في شئ من الأصول والاخبار من العامة والخاصة بل ذكر العامة والخاصة تقديم الخطبة على الصلاة في صلاة العيد وتوهم الصدوق في اطلاقه شموله للجمعة وغفل عن الأخبار المستفيضة بل المتواترة في تقديم خطبة الجمعة. (م ت)

وقال الفاضل التفرشي : قوله : « أول من قدم الخطبة » لا يخفى ما فيه من الدلالة على وجوب تقديم الصلاة على الخطبة لان فعل عثمان ليس حجة وقد دل على أنها كانت فعل عثمان بعد الصلاة والروايات الدالة على تقديمها على الصلاة كثيرة كرواية أبى مريم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « سألته عن خطبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أقبل الصلاة أو بعد؟ فقال : قبل الصلاة ثم يصلى » ولذا اختلف في جواز تقديم الخطبة على الزوال وقد دل مستند كل من المتخالفين على تقديمها على الصلاة وقد يحمل كلام المؤلف ـ رحمه‌الله ـ على الاشتباه بين خطبة الجمعة وخطبة العيدين فروى ما ورد في خطبتهما في خطبة الجمعة ، ويمكن التوفيق بين هذا الحديث والأحاديث الدالة على أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقدم الخطبة على الصلاة بأن من سبق عثمان بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقدم الصلاة ثم قدم الخطبة عثمان للعلة المذكورة لا للتأسي بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله. ( مراد )

أقول : قد صرح المؤلف ـ رحمه‌الله ـ في كتاب علل الشرايع بتأخير الخطبة عن الصلاة وقال : ان الخطبتين في الجمعة والعيدين بعد الصلاة لأنهما بمنزلة الركعتين الأخيرتين ، ثم قال : ان أو من قدمهما عثمان ، وكذا في العيون في الباب الثالث والثلاثين. وإنما هذا التحريف وقع في خطبة العيد لا الجمعة. وقيل : إن ذلك شاهد لمن قال بعدم وجوب صلاة الجمعة تعيينا بالاجماع العملي من الامامية بتركهم للجمعة وان نقلهم رواياتها كنقل روايات الجهاد ، فان الصدوق ـ رحمه‌الله ـ لو كان صلى هو أو غيره من الشيعة في عصره الجمعة لما توهم هذا التوهم.

٤٣٣

باب

* ( الصلاة التي تصلى في كل وقت ) *

١٢٦٤ ـ روى زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « أربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة (١) صلاة فاتتك فمتى ما ذكرتها أديتها ، وصلاة ركعتي طواف الفريضة وصلاة الكسوف والصلاة على الميت هذه يصليهن الرجل في الساعات كلها ».

باب

* ( الصلاة في السفر ) *

١٢٦٥ ـ روي عن زرارة ومحمد بن مسلم أنهما قالا : « قلنا لأبي جعفر عليه‌السلام : ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي ، وكم هي (٢)؟ فقال : إن الله عزوجل يقول : » وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة « فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر ، قالا : قلنا : إنما قال الله عزوجل : فليس عليكم جناح » ولم يقل : افعلوا ، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟ فقال عليه‌السلام : أو ليس قد قال الله عزوجل في الصفا والمروة : « فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما » (٣) ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض لان الله عزوجل ذكره في كتابه وصنعه نبيه عليه‌السلام وكذلك التقصير في السفر شئ صنعه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وذكره الله تعالى ذكره في كتابه. (٤)

__________________

(١) وان كانت من الساعات التي يكره ابتداء الصلاة فيها كوقت طلوع الشمس وغروبها. ( مراد )

(٢) قوله : « كيف هي » أي على العزيمة أو على الرخصة. و « كم هي » أي في كم يجب القصر ، أو كم يصير عدد الركعات.

(٣) الاستشهاد لبيان أن نفى الجناح لا ينافي الوجوب إذا دل عليه دليل آخر.

(٤) حاصلة أن جواز التقصير في السفر علمناه من الكتاب ووجوبه من فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهذا أيضا يؤيد الآيات الدالة على وجوب التأسي. ( مراد )

٤٣٤

قالا : قلنا له فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا؟ قال : إن كان قد قرأت عليه آية التفسير وفسرت له فصلى أربعا أعاد (١) وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه ، والصلوات كلها في السفر الفريضة ركعتان كل صلاة إلا المغرب فإنها ثلاث ليس فيها تقصير تركها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في السفر والحضر ثلاث ركعات (٢).

وقد سافر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ذي خشب وهي مسيرة يوم من المدينة يكون إليها بريدان (٣) أربعة وعشرون ميلا فقصر وأفطر فصارت سنة (٤).

وقد سمى (٥) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قوما صاموا حين أفطر : العصاة ، قال عليه‌السلام : فهم العصاة إلى يوم القيامة (٦) وإنا لنعرف أبناءهم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا.

١٢٦٦ ـ وسأل محمد بن مسلم عليه‌السلام فقال له : الرجل يريد السفر

__________________

(١) لعل ذكر قراءة الآية بطريق التمثيل فالمراد أنه ان علم وجوب التقصير فعليه الإعادة والا فلا ، فالجاهل معذور هنا. ( سلطان )

(٢) إلى هنا رواه العياشي في تفسيره ج ١ ص ١ ٢٧ وفى دعائم الاسلام ج ١ ص ١٩٥ مثله إلى قوله « صنعه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ». وقال بعض الشراح : من قوله « والصلوات كلها في السفر » من كلام المصنف وليس بشئ.

(٣) هذا مضمون صحيحة أبي بصير حيث قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : في كم يقصر الرجل؟ فقال : في بياض يوم أو بريدين ، قال : فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج إلى ذي خشب فقصر ، فقلت فكم ذي خشب؟ فقال : بريدان » التهذيب ج ١ ص ٤١٥.

(٤) لعل مرجع الضمير مسيرة يوم أي فصارت مسيرة يوم يؤخذ بها في القصر.

(٥) من هنا إلى آخر الحديث مت تتمة حديث زرارة كما في الكافي ج ٤ ص ١٢٧ والتهذيب ج ١ ص ٤١٣.

(٦) في الكافي والتهذيب « قوما صاموا حين أفطر عصاة وقال : هم العصاة إلى يوم القايمة ـ الخ ». وقال الفاضل التفرشي « قوله : وانا لنرعف ـ الخ » فيه اشعار بان معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « فهم العصاة إلى يوم القيامة » أنهم وما توالدوا إلى يوم القيامة عصاة. أي يتبعون آباءهم.

٤٣٥

متى يقصر؟ قال : إذا توارى من البيوت (١) قال : قلت [ له ] : الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول الشمس؟ فقال : إذا خرجت فصل ركعتين.

١٢٦٧ ـ وقد روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « إذا خرجت من منزلك (٢) فقصر إلى أن تعود إليه ».

١٢٦٨ ـ وسمعه عبد الله بن يحيى الكاهلي يقول « في التقصير في الصلاة : بريد في بريد (٣) أربعة وعشرون ميلا ، ثم قال : كان أبي عليه‌السلام يقول : إن التقصير لم يوضع (٣) على البغلة السفواء والدابة الناجية ، وإنما وضع على سير القطار » (٥).

ومتى كان سفر الرجل ثمانية فراسخ فالتقصير واجب عليه ، وإذا كان سفره أربعة فراسخ وأراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه واجب ، وإن كان سفره أربعة فراسخ ولم يرد الرجوع من يومه فهو بالخيار إن شاء أتم وإن شاء قصر (٦).

__________________

(١) ظاهره أنه إذا بعد عن بيوته بحيث من كان عند بيوته لا يراه ، وقد يقيد بأن لا يتميز كونه راكبا من كونه راجلا ( مراد ) وقال سلطان العلماء : ظاهره أنه يكفي تواريه من البيوت ولا يلزم توارى البيوت منه. وقال المولى المجلسي : ظاهره خفاء الشخص عن البيوت أي أهلها وحمله الأصحاب على العكس.

(٢) يمكن تخصيص الخروج بما إذا وصل إلى محل الترخص وهو التواري المذكور ويرشد إليه قوله عليه‌السلام في الحديث السابق : « إذا خرجت فصل ركعتين » والمراد بعد التواري. ( مراد )

(٣) المراد منه بريدان بناء على إرادة المعنى اللغوي من لفظة « في » فإنه إذا كان بريد داخلا في بريد يصير المجموع بريدين. ( سلطان )

(٤) لما اشتهر أن البريدين مسيرة يوم أراد عليه‌السلام بيان أن ذلك السير ما هو.

(٥) بغلة سفواء أي خفيفة سريعة ، والدابة الناجية أي السريعة تنجو بمن ركبها ، والقطار : الإبل ( الصحاح ) وقال المولى المجلسي : أي الإبل المقطورة ، وسيرها في اليوم المتوسط ثمانية فراسخ غالبا.

(٦) ظاهره بقاء الخيار إلى أن يرجع أو يقيم أو يمضى ثلاثون يوما. ( مراد )

٤٣٦

١٢٦٩ ـ وروى معاوية بن وهب (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « إذا دخلت بلدا وأنت تريد المقام عشرة أيام فأتم الصلاة حين تقدم ، وإن أردت المقام دون العشرة فقصر ، وإن أقمت تقول : غدا أخرج وبعد غد ، ولم تجمع (٢) على عشرة فقصر ما بينك وبين شهر ، فإذا تم الشهر (٣) فأتم الصلاة ، قال : قلت : إن دخلت بلدا أول يوم من شهر رمضان ولست أريد أن أقيم عشرا؟ فقال : قصر وأفطر ، قلت : فإن مكثت كذلك أقول غدا أو بعد غد فأفطر الشهر كله وأقصر؟ قال : نعم هذا واحد (٤) إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت ».

١٢٧٠ ـ وقال أبو ولاد الحناط (٥) قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « إني كنت نويت حين دخلت المدينة أن أقيم بها عشرا فأتممت الصلاة ، ثم بدا لي لا أقيم بها فما ترى لي أتم أم أقصر؟ فقال لي : إن كنت دخلت المدينة وصليت بها صلاة واحدة فريضة بتمام فليس لك أن تقصر حتى تخرج منها ، وإن كنت حين دخلتها على نيتك في التمام (٦) ولم تصل فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار ، إن شئت فانو المقام عشرا وأتم ، وإن لم تنو المقام عشرا فقصر

__________________

(١) في الطريق محمد بن علي ماجيلويه ولم يوثق صريحا وعند العلامة ـ رحمه‌الله ـ صحيح. ورواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٣١٧ بسند صحيح.

(٢) الاجماع التصميم والعزم على الامر.

(٣) هذا الحكم اجماعي مقطوع به إنما كان الخلاف في الشهر أهو عددي أو هلالي ، والأكثر على الأول. (م ت)

(٤) أي هذا الذي ذكرت من حال الصوم والصلاة واحد أي هما متحدان في الحكم وفى بعض النسخ « واحدا » بالنصب ولعله على الحالية أو كونها اسم الفعل أي خذه واحدا. ( مراد )

(٥) اسمه حفص بن سالم كوفي جعفي مولى وطريق المصنف إلى عنوان أبى ولاد فيه الهيثم بن أبي مسروق وهو فاضل ولم يوثق لكن العلامة صحح طريق المؤلف إلى ثوير بن أبي فاختة وفيه الهيثم بن أبي مسروق. وأما طريقه إلى عنوان حفص بن سالم فصحيح.

(٦) ظاهره تعليق التمام على فعل فريضة تماما في المدينة من غير اعتبار نية الإقامة لكنه مراد بقرينة السؤال فتأمل. ( سلطان )

٤٣٧

ما بينك وبين شهر ، فإذ مضى لك شهر فأتم الصلاة (١) ».

١٢٧١ ـ وسأل زرارة أبا جعفر عليه‌السلام « عن الرجل يخرج مع القوم في سفر (٢) يريده فدخل عليه الوقت وقد خرج من القرية على فرسخين فصلوا وانصرف بعضهم في حاجة فلم يقض لهم الخروج ، ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين؟ قال : تمت صلاته ولا يعيد » (٣).

١٢٧٢ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من صلى في السفر أربعا فأنا إلى الله منه برئ » يعني : متعمدا (٤).

١٢٧٣ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « المتمم في السفر كالمقصر في الحضر ».

١٢٧٤ ـ وسأله أبو بصير « عن الرجل يصلي في السفر أربع ركعات ناسيا قال : إن ذكر في ذلك اليوم فليعد ، وإن لم يذكر حتى يمضي ذلك اليوم فلا إعادة عليه » (٥).

__________________

(١) يدل على أن حكم المدينة حكم ساير المدينة حكم ساير البلاد وسنذكر أخبارا على خلافه فيمكن حمل المدينة على مطلق البلد أو يحمل الامر بالتقصير على الجواز والامر بالاتمام على الاستحباب. (م ت)

(٢) في بعض السنخ « يخرج مع قوم في السفر ».

(٣) هذا الحديث صحيح وصريح في عدم إعادة صلاة المسافر إذا رجع عن قصد السفر ولا خلاف فيه الا من الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في الاستبصار استنادا إلى رواية ضعيفة السند مع امكان حملها على الاستحباب. ( الشيخ محمد ره ) وقال المولى المجلسي : ما ورد في الإعادة محمول على الاستحباب. أقول : المراد رواية سليمان بن حفص وقال الشيخ : يعيد مع بقاء الوقت. راجع الاستبصار ج ١ ص ٢٢٨.

(٤) رواه المصنف في المقنع والهداية إلى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « منه برئ » وقوله « يعنى متعمدا » من كلامه ـ ره ـ كما هو الظاهر ولعله أراد بالتعمد قصد التمام مع سماعه وجوب القصر كما قال التفرشي ـ رحمه‌الله ـ.

(٥) يفهم منه أنه ان ذكره في وقت الصلاة لان التذكر في اليوم حينئذ لا يكون الا في الظهرين ووقتهما ينقضي بانقضاء اليوم فينزل ذلك الجواب منزلة ان ذكر في الوقت والا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة لان السؤال كان شاملا للظهرين والعشاء فلو لم يشملها

٤٣٨

١٢٧٥ ـ وروى زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « أربعة يجب عليهم التمام في السفر كانوا أو في الحضر : المكاري ، الكري ، والراعي ، والاشتقان ، لأنه عملهم » (١) وروي « الملاح ». والاشتقان البريد.

١٢٧٦ ـ وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام أنه قال : « ليس على الملاحين في سفنهم تقصير ، ولا على المكاري والجمال ».

١٢٧٧ ـ وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « المكاري إذا لم يستقر في منزله إلا خمسة أيام أو أقل قصر في سفره بالنهار (٢) وأتم صلاة الليل (٣)

__________________

الجواب لم يتبين بعض المسؤول عنه ، وحمل اليوم على اليوم بليلته والإعادة على ما يشمل القضاء حتى لو ذكر اتمام صلاة النهار بالليل أو اتمام العشاء بعد نصف الليل وجب عليه القضاء بعيد ( مراد ) وقال الشهيد في الذكرى : لو أتم الصلاة ناسيا ففيه ثلاثة أقوال أشهرها أنه يعيد ما دام الوقت باقيا وان خرج فلا إعادة ، القول الثاني للصدوق في المقنع : ان ذكر في يومه أعاد وان مضى اليوم فلا إعادة. وهذا يوافق الأول في الظهرين وأما العشاء الآخرة فان حملنا اليوم على بياض النهار فيكون حكم العشاء مهملا ، وان حملنا على ذلك بناء على الليلة المستقبلة وجعلنا آخر وقت العشاء آخر الليل وافق القول الأول أيضا والا فلا. الثالث الإعادة مطلقا وهو قول علي بن بابويه والشيخ في المبسوط.

(١) الكرى في بعض النسخ « المكرى » على صيغة اسم المفعول من الافعال بمعنى المكترى ، وقال الشهيد ـ رحمه‌الله ـ في الذكرى : المراد بالكرى في الرواية المكترى وقال بعض أهل اللغة : قد يقال الكرى على المكارى. والحمل على المغايرة أولى بالرواية لتكثر الفائدة وأصالة عدم الترادف. وقال العلامة ـ رحمه‌الله ـ في المنتهى ج ١ ص ٣٩٣ الاشتقان هو أمين البيدر ذكر أهل اللغة ، وقيل : البريد. وقال الفاضل التفرشي : قوله « أربعة ـ الخ » ظاهره يفيد وجوب التمام ما صدق عليهم تلك الأسامي وان أقاموا في بلدهم عشرة إذا لم تكن الإقامة للاعراض عن ذلك العمل وقد تؤيد بالتعليل. وقوله « لأنه » أي ذكر المذكور المستلزم للسفر عملهم.

(٢) حمله العلامة ـ رحمه‌الله ـ في المختلف على تقصير النافلة بمعنى أن يسقط عنه نوافل النهار. وعمل به الشيخ في النهاية والمبسوط واختاره ابن البراج وابن حمزة ومنعه ابن إدريس. ( سلطان )

(٣) المراد بصلاة الليل صلاة العشاء وأكثر الأصحاب على الاتمام في النهار أيضا للاخبار لكن هذا الخبر خاص وهو مقدم على العام لصحته. (م ت)

٤٣٩

وعليه صوم شهر رمضان ، فإن كان له مقام في البلد الذي يذهب عشرة أيام أو أكثر وينصرف إلى منزله (١) ويكون له مقام عشرة أيام أو أكثر قصر في سفره وأفطر » (٢).

١٢٧٨ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « الجمال والمكاري إذا جد بهما السير قصرا فيما بين المنزلين ، وأتما في المنزلين » (٣).

١٢٧٩ ـ وروى عبد الله بن جعفر ، عن محمد بن جزك (٤) قال : « كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه‌السلام أن لي جمالا ولي قوام ولست أخرج فيها إلا في طريق

__________________

(١) هذا الحديث صحيح وظاهره أن التقصير موقوف على الامرين ، ولعل قوله « وينصرف » الواو فيه بمعنى « أو » ، وأما ما تضمنه من أن المكارى إذا لم يستقر الا خمسة أو أقل ففيه مخالفة للمعروف بين المتأخرين من أن الخلاف منحصر في إقامة الخمسة لا أقل منها. ( الشيخ محمد ره )

(٢) قوله : « قصر في سفره » أي سفره الذي ينشئ بعد ذلك وظاهر في أن تقصيره يتوقف على الامرين أي مقام عشرة في البلد الذي يذهب إليه وعشرة أخرى في منزله وكون كل واحد منهما مستقلا في ذلك يحتاج إلى التأويل ولعل معنى الواو هنا اشتراك الامرين في أن السفر الذي يقع بعدها يجب فيه التقصير. ( مراد )

(٣) أي السير جعلهما باذلين لجهدهما وفى الصحاح الجد : الاجتهاد في الأمور ويمكن أن يحمل المنزلان على ما لا ينبغي التقصير فيهما لكونهما منزلين لهما أو محلى إقامتهما وما بينهما بلوغ المسافة كما يفهم من قوله عليه‌السلام : « جد بهما السير » ، والجمال والمكاري على من لم يثبت له حكم التمام في السفر كما إذا كان أول سفرهما ولم يعد ذلك شغلا لهما ( مراد ) وقال الشهيد ـ رحمه‌الله ـ في الذكرى : المراد بجد السير أن يكون مسيرهما متصلا كالحج والاسفار التي لا يصدق عليها صنعه. وقال الكليني وتبعه الشيخ ـ رحمهما‌الله ـ : ان المراد أن يجعلوا المنزلين منزلا فيقصرون في الطريق ويتمون في المنزل ، قلت : الظاهر أنه أراد بالمنزل الذي ينتهيان إليه مسافرين لا منزلهما إذ منزلهما لا اشكال فيه ولعله للمشقة الشديدة بذلك لخروجه عن السير المعتاد ـ انتهى. وقال بعضهم : لعل المراد أنه إذا كانا قصدا مكانا من غير شغلهم كالزيارة وأمثالها. وفى بعض النسخ « أتما في المنزل ».

(٤) هو جمال من أصحاب الهادي عليه‌السلام. وفى بعض النسخ « محمد بن شرف »

٤٤٠