كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٩٩

سئل وأنا أسمع عن الرجل يختن (١) ولده وهو لا يصلي اليوم واليومين ، فقال : وكم أتى على الغلام؟ فقال : ثماني سنين ، فقال : سبحان الله يترك الصلاة؟ قال : قلت : يصيبه الوجع ، قال : يصلي على نحو ما يقدر ».

٨٦٣ ـ وروى عبد الله بن فضالة (٢) عن أبي عبداللهعليه‌السلاموأبي جعفر عليه‌السلام قال : « سمعته يقول : إذا بلغ الغلام ثلاث سنين يقال له : قل » لا إله إلا الله « سبع مرات ثم يترك حتى يتم له ثلاث سنين وسبعة أشهر وعشرون يوما فيقال له : قل : محمد رسول الله » سبع مرات ويترك حتى يتم له أربع سنين ثم يقال له : قل سبع مرات « صلى الله على محمد وآله ، ثم يترك حتى يتم له خمس سنين ، ثم يقال له : أيهما يمينك وأيهما شمالك؟ فإذا عرف ذلك حول وجهه إلى القبلة ويقال له : أسجد ، ثم يترك حتى يتم له سبع سنين فإذا تم له سبع سنين قيل له : اغسل وجهك وكفيك فإذا غسلهما قيل له : صل ، ثم يترك حتى يتم له تسع سنين فإذا تمت له علم الوضوء وضرب عليه ، وأمر الصلاة وضرب عليها ، فإذا تعلم الوضوء والصلاة غفر الله عز وجل له ولوالديه إن شاء الله ».

باب

* ( الأذان والإقامة وثواب المؤذنين ) *

٨٦٤ ـ روى حفص بن البختري (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « لما أسري برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حضرت الصلاة فأذن جبرئيل عليه‌السلام فلما قال : الله أكبر الله أكبر ، قالت الملائكة : الله أكبر الله أكبر ، فلما قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، قالت الملائكة : خلع الأنداد ، فلما قال : أشهد أن محمدا رسول الله ، قالت الملائكة : نبي بعث ، فلما

__________________

(١) في بعض النسخ « يجبر » والظاهر تصحيفه.

(٢) في الطريق محمد بن سنان وهو ضعيف على المشهور.

(٣) الطريق صحيح وكذا الخبر الآتي وما يأتي بعده إلى خبر أبي بصير.

٢٨١

قال : حي على الصلاة ، قالت الملائكة : حث على عبادة ربه ، فلما قال : حي على الفلاح ، قالت الملائكة : أفلح من اتبعه » (١).

٨٦٥ ـ وروى منصوربن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام [ أنه ] قال : « هبط جبرئيل عليه‌السلام بالاذان على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان رأسه في حجر علي عليه‌السلام فأذن جبرئيل عليه‌السلام وأقام ، فلما انتبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال يا علي سمعت؟ قال : نعم يا رسول الله ، قال : حفظت؟ قال : نعم ، قال : ادع بلالا فعلمه فدعا بلالا فعلمه ».

٨٦٦ ـ وروى زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « تؤذن وأنت على غير وضوء في ثوب واحد قائما أو قاعدا وأينما توجهت ، ولكن إذا أقمت فعلى وضوء متهيئا للصلاة » (٢).

٨٦٧ ـ وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن الرضا عليه‌السلام أنه قال : « يؤذن الرجل وهو جالس ويؤذن وهو راكب ».

٨٦٨ ـ وروى أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « لا بأس أن تؤذن راكبا أو ماشيا أو على غير وضوء ، ولا تقم وأنت راكب ولا جالس إلا من عذر (٣) أو تكون في

__________________

(١) قوله : « فلما قال : الله أكبر الله أكبر ـ الخ » لعل مراد الإمام (ع) بيان أصول الكلمات التي أتى به جبرئيل (ع) وما قالت الملائكة عند ذلك ، وأما تكرار التكبير فللإشارة إلى أنه يكرر فيه غير مرة ، ويحتمل أن يكون الاذان كذلك أولا ثم زاد. وقوله (ع) « خلع الأنداد » ان رجع الضمير إلى جبرئيل (ع) كان معناه نفى الأنداد عن الله تعلى ، وان رجع إلى الله سبحانه كان كناية عن انتفاء نده تعالى أي مثله. ( مراد )

(٢) يدل على اشتراط الإقامة بالوضوء كالصلاة مستقبل القبلة بخلاف الاذان ، وحملت على الاستحباب المؤكد في الإقامة وعلى عدم التأكد في الاذان للاجماع على استحباب الطهارة فيهما. (م ت)

(٣) النهى فيه عن الإقامة راكبا وجالسا محمول على الكراهة الشديدة كما أن الجواز في الاذان لا ينافي الكراهة أيضا ، وظاهر القدماء حرمة ايقاع الإقامة على غير حالة الصلاة من الاستقبال والستر والقيام والاحتياط معهم. (م ت)

٢٨٢

أرض ملصة » (١).

٨٦٩ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « للمؤذن فيما بين الأذان والإقامة مثل أجر الشهيد المتشحط بدمه (٢) في سبيل الله عزوجل فقال علي عليه‌السلام : إنهم يجتلدون (٣) على الاذان؟ فقال : كلا إنه يأتي على الناس زمان يطرحون الاذان على ضعفائهم فتلك لحوم حرمها الله على النار » (٤).

٨٧٠ ـ وقال علي عليه‌السلام « آخر ما فارقت عليه حبيب قلبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال يا علي إذا صليت فصل صلاة أضعف من خلفك ، ولا تتخذن مؤذنا يأخذ على اذانه أجرا ».

٨٧١ ـ وروى خالد بن نجيح (٥) عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « التكبير جزم في الاذان مع الافصاح بالهاء والألف » (٦).

٨٧٢ ـ وروي أبو بصير عن أحدهما عليهما‌السلام أنه قال : « إن بلالا كان عبدا

__________________

(١) أي وادى اللصوص.

(٢) تشحط في دمه أي تلطخ فيه واضطرب وتمرغ.

(٣) بالجيم من الجلادة أي يتقابلون ويتنازعون على الاذان رغبة فيه وحرصا عليه وقوله عليه‌السلام « يطرحون » أي يطرحون لضعفائهم كبرياء.

(٤) أي لحوم هؤلاء الضعفاء المطروح عليهم الاذان لحوم حرم على النار ، وفى بعض النسخ « يختارون على الاذان ».

(٥) الطريق إليه صحيح ( صه ) وهو حسن.

(٦) قوله : « التكبير جزم » يعنى بذلك على آخر كل فصل ، والافصاح بالهمزة في ـ ابتداءات ، وبالهاء في أواخر فصول الشهادتين والتهليل ( م ح ق ) وقال المولى المجلسي  ـ رحمه‌الله ـ : يدل الخبر على تأكد استحباب الوقف على التكبيرات مع اظهار هائها وألفها ، والمراد بالألف ما قبل الهاء ، ويمكن أن يكون المراد بها الأعم من الهمزتين في أول الجلالة وأكبر ، ولا ينافي استحبابهما في البواقي وفى الإقامة.

٢٨٣

صالحا فقال : لا أؤذن لاحد بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فترك يومئذ (١) حي على خير العمل ».

٨٧٣ ـ وروى الحسن بن السري (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « من السنة إذا أذن الرجل أن يضع أصبعيه في أذنيه ».

٨٧٤ ـ وروى خالد بن نجيح عنه أنه قال : « الأذان والإقامة مجزومان ». وفي خبر آخر « موقوفان ».

٨٧٥ ـ وروى زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام [ أنه ] قال : « لا يجزيك من الاذان إلا ما أسمعت نفسك أو فهمته ، وأفصح بالألف والهاء. (٣) وصل على النبي وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره.

وكلما (٤) اشتد صوتك من غير أن تجهد نفسك كان من يسمع أكثر وكان أجرك في ذلك أعظم ».

٨٧٦ ـ وسأل معاوية بن وهب (٥) أبا عبد الله عليه‌السلام عن الاذان فقال : « اجهر و ارفع به صوتك ، فإذا أقمت فدون ذلك ، ولا تنتظر بأذانك وإقامتك إلا دخول وقت

__________________

(١) أي يوم سماع ذلك الكلام من بلال رضي‌الله‌عنه لزعمهم أن الناس إذا اعتقدوا بأفضلية الصلاة لم يهتموا بأمر الجهاد فتركوا « حي على خير العمل » مصلحة استحسانا منهم واجتهادا قبال النص الصريح وجعلوا بدله التثويب في صلاة الصبح وهو قول المؤذن : « الصلاة خير من النوم ».

(٢) الطريق إليه صحيح كما في ( صه ) وهو حسن.

(٣) من هنا إلى قوله : « غيره » اختلف فيه هل كان جزءا للخبر أو من كلام المؤلف تسوط بين الخبر والحق أنه من الخبر كما فهمه صاحب الوسائل لما في الكافي ج ٣ ص ٣٠٣.

(٤) هذا الكلام من تتمة حديث زرارة.

(٥) الطريق فيه ماجيلويه ولم يوثق صريحا وقال العلامة (ره) الطريق صحيح.

٢٨٤

الصلاة ، واحدر إقامتك حدرا » (١)

٨٧٧ ـ وروى عنه عليه‌السلام عمار الساباطي أنه قال : « إذا قمت إلى الصلاة الفريضة فأذن وأقم ، وافصل بين الأذان والإقامة بقعود أو بكلام أو تسبيح ، وقال : سألته كم الذي يجزي بين الأذان والإقامة من القول؟ قال : الحمد لله ».

٨٧٨ ـ وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه‌السلام « عن الرجل يؤذن وهو يمشي وهو على غير طهر أو هو على ظهر الدابة؟ قال : نعم إذا كان المتشهد (٢) مستقبل القبلة فبأس »

٨٧٩ ـ وروى عنه عليه‌السلام زرارة أنه قال : « إذا أقيمت الصلاة حرم الكلام على الامام وعلى أهل المسجد إلا في تقديم إمام » (٣).

٨٨٠ ـ وقال علي عليه‌السلام : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يؤمكم أقرؤكم ، ويؤذن لكم خياركم » وفي حديث آخر « أفصحكم ».

٨٨١ ـ وقال رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أذن في مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له الجنة ».

٨٨٢ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « المؤذن يغفر الله له مد بصره ومد صوته

__________________

(١) في النهاية في حديث الاذان : « إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر » أي أسرع ، حدر في قراءته وأذانه يحدر حدرا وهو من الحدور ضد الصعود ويتعدى ولا يتعدى. وقال الشهيد  ـ رحمه‌الله ـ في الذكرى : الحدر في الإقامة مستحب مع مراعاة الوقوف على الفصول فيكره الاعراب فيها كما يكره في الاذان للحديث.

(٢) أي المؤذن في حال الشهادة. وفى بعض النسخ « إذا كان التشهد » أي إذا وقع التشهد منه مستقبل القبلة. وقوله : « لا بأس » بمنزلة التأكيد لنعم ، ويمكن أن يكون جزاء الشرط. ( مراد )

(٣) عمل الشيخان والمرتضى ـ رحمهم‌الله ـ بظاهر خبر تحريم الكلام وأفتوا بالتحريم الا بما يتعلق بالصلاة من تقديم امام وتسوية صف ، والمفيد والمرتضى حرما الكلام في الإمامة أيضا ( الذكرى ) وقال سلطان العلماء : قوله « في تقديم امام » أي الا أن يكون الكلام في باب تقديم الامام ليؤم الناس ، كأن يقول بعض البعض : تقدم يا فلان كما ورد في بعض الروايات.

٢٨٥

في السماء (١) ويصدقه كل رطب ويابس يسمعه ، وله من كل من يصلي معه في مسجده سهم ، وله من كل من يصلي بصوته حسنة ».

٨٨٣ ـ وقال عليه‌السلام : « من أذن سبع سنين محتسبا (٢) جاء يوم القيامة لا ذنب له ».

٨٨٤ ـ وروي « أن الملائكة إذا سمعت الاذان من أهل الأرض قالت : هذه أصوات أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بتوحيد الله فيستغفرون الله لامة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يفرغوا من تلك الصلاة ».

٨٨٥ ـ وروى زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « إن أدنى ما يجزي من الاذان أن يفتتح الليل بأذان وإقامة ويفتتح النهار بأذان وإقامة ، ويجزيك في سائر الصلاة إقامة بغير أذان ».

وجمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) بين الظهر والعصر بعرفة بأذان واحد وإقامتين ، وجمع

__________________

(١) كأنه من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس أي هذا المقدار من الذنب ، أو هذا المقدار من المغفرة ، أو يغفر لأجله المذنبين الكائنين في تلك المسافة ، أو المراد أن المغفرة منه تعالى تزيد بنسبة مد الصوت ، فكلما يكثر الثاني يزيد الأول وهذا إنما يناسب رواية ليس فيها ذكر مد الصوت ( البحار ) وفى النهاية الأثيرية : المد : القدر ، يريد به في خبر الاذان قدر الذنوب أي يغفر له ذلك إلى منتهى مد صوته ، وهو تمثيل لسعة المغفرة كقوله الاخر « لو لقيتني بقراب الأرض خطايا لقيتك بها بمغفرة » ويروى « مدى صوته » والمدى : الغاية ، أي يستكمل مغفرة الله إذا استنفد وسعه في رفع صوته فيبلغ الغاية في المغفرة إذا بلغ الغاية في الصوت.

(٢) أي طلبا لوجه الله وثوابه ، أو موقنا أن ذلك ذخر له عند الله تعالى. يقال لمن ينوى بفعله وجه الله : احتسبه.

(٣) من كلام المؤلف أخذه من أخبار أخر كخبر معاوية بن عمار في حج النبي صلى الله عليه وآله.

٢٨٦

بين المغرب والعشاء بجمع (١) بأذان واحد وإقامتين.

٨٨٦ ـ وروى عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام « أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين وجمع بين المغرب والعشاء في الحضر من غير علة بأذان [ واحد ] وإقامتين » (٢).

٨٨٧ ـ وروي « أن من صلى بأذان وإقامة صلى خلفه صفان من الملائكة ، و من صلى بإقامة بغير أذان صلى خلفه صف واحد ، وحد الصف ما بين المشرق والمغرب ».

٨٨٨ ـ وفي رواية العباس بن هلال (٣) عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام أنه قال : « من أذن وأقام صلى وراءه صفان من الملائكة ، وإن أقام بغير أذان صلى عن يمينه واحد ، وعن شماله واحد ، ثم قال : اغتنم الصفين ».

٨٨٩ ـ وفي رواية ابن أبي ليلى عن علي عليه‌السلام أنه قال : « من صلى بأذان وإقامة صلى خلفه صفان من الملائكة لا يرى طرفاهما. ومن صلى بإقامة صلى خلفه ملك ».

٨٩٠ ـ وقال الصادق عليه‌السلام « من قال حين يسمع أذان الصبح : « اللهم إني أسألك بإقبال نهارك وإدبار ليلك وحضور صلواتك ، وأصوات دعاتك أن تتوب علي إنك أنت التواب الرحيم » وقال مثل ذلك حين يسمع أذان المغرب ثم مات من يومه أو ليلته مات تائبا ، وكان ابن النباح (٤) يقول في أذانه : حي على خير العمل

__________________

(١) يعنى المزدلفة والمشعر وذلك لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يؤخر المغرب ويجمع بينه وبين العشاء من غير فصل معتد به.

(٢) هذه سيرته صلى‌الله‌عليه‌وآله كلما جمع بين الصلاتين لم يؤذن للثانية وفى قوله : « من غير علة » دلالة على الجواز.

(٣) في طريقة الحسين بن إبراهيم ناتانه ـ رضي‌الله‌عنه ـ وهو غير مذكور فاسترضاؤهم له ان أفاد مدحا فالسند حسن به وبإبراهيم بن هاشم.

(٤) في القاموس : « نباح ـ ككتان ـ والد عامر مؤذن علي رضي‌الله‌عنه ».

٢٨٧

حي على خير العمل ، فإذا رآه علي عليه‌السلام قال : مرحبا بالقائلين عدلا وبالصلاة مرحبا وأهلا ».

٨٩١ ـ وروى حارث بن المغيرة النضري (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « من سمع المؤذن يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله فقال مصدقا محتسبا : « وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، و [ أشهد ] أن محمدا رسول الله أكتفي بهما (٢) عن كل من أبى وجحد ، وأعين بهما من أقر وشهد » كان له من الاجر عدد من أنكر وجحد ، وعدد من أقر وشهد ».

٨٩٢ ـ وقال أبو جعفر لمحمد بن مسلم : « يا محمد بن مسلم لا تدعن ذكر الله على كل حال ، ولو سمعت المنادي ينادي بالاذان وأنت على الخلاء فاذكر الله عزوجل و قل كما يقول المؤذن ».

٨٩٣ ـ وسأل زيد الشحام أبا عبد الله عليه‌السلام « عن رجل نسي الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة ، فقال : إن كان ذكر قبل أن يقرأ فليصل على النبي وآله وليقيم ، وإن كان قد دخل في القراءة فليتم صلاته » (٣).

__________________

(١) الطريق صحيح كما في ( صه ) الا أن فيه البرقي عن أبيه ومحمد بن علي ماجيلويه.

(٢) « اكتفى بهما » على صيغة المتكلم أي اكتفى بهذين الشهادتين عن شهادة كل آب وجاحد فيقوم هذان الشهادتان مقام شهادتهم. وفى بعض النسخ « بها » مقام « بهما ». أي بهذه الكلمة.

(٣) الطريق ضعيف بأبي جميلة ويدل على جواز ابطال الصلاة بالصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والرجوع إلى الإقامة وحملت على السلام كما يدل عليه حسنة الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام * ويدل على الرجوع قبل القراءة. (م ت)

__________________

* قال : « سألته عن الرجل يفتتح صلاته المكتوبة ثم يذكر أنه لم يقم ، قال. فان ذكر أنه لم يقم قبل أن يقرء فليسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم يقيم ويصلى وان ذكر بعدما قرأ بعض السورة فليتم على صلاته » التهذيب ج ١ ص ٢١٥.

٢٨٨

٨٩٤ ـ وروي عن عمار الساباطي أنه قال : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل نسي من الاذان حرفا فذكره حين فرغ من الأذان والإقامة ، قال : يرجع إلى الحرف الذي نسيه فليقله وليقل من ذلك الحرف إلى آخره ولا يعيد الاذان كله ولا الإقامة ».

٨٩٥ ـ وسأل معاوية بن وهب أبا عبد الله عليه‌السلام « عن التثويب (١) الذي يكون بين الأذان والإقامة ، فقال : ما نعرفه » (٢).

٨٩٦ ـ وكان علي عليه‌السلام يقول : « لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم (٣) ولا بأس أن يؤذن المؤذن وهو جنب ، ولا يقيم حتى يغتسل » (٤).

٨٩٧ ـ وروى أبو بكر الحضرمي ، وكليب الأسدي (٥) عن أبي عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) ثوب الداعي تثويبا ردد صوته ورجع. والمراد به هنا قول المؤذن في أذان الصبح بعد قوله « حي على الفلاح » : « الصلاة خير من النوم » فان المؤذن إذا قال : « حي على الفلاح » فقد دعاهم إليها فإذا قال بعده « الصلاة خير من النوم » فقد رجع إلى كلام معناه المبادرة إليها.

(٢) كناية عن أنه ليس من السنة بل هو بدعة لان كل ما هو سنة فقد عرفه أهل البيت (ع) فكلما لم يعرفوه لم يكن من السنة فكان تشريعا حراما. ( مراد )

(٣) رواه الشيخ في الموثق عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عن أبيه عن علي عليهم‌السلام وقال صاحب المدارك : لا يشترط في الاعتداد بالاذان في الصلاة وقيام الشعار في البلد صدوره من بالغ بل يكفي كونه مميزا وهو اتفاق علمائنا كما في المعتبر ويدل عليه ( سوى خبر المتن ) قوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان « لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم » اما غير المميز فلا يعتد بأذانه قطعا لأنه لا حكم لعبادته ، والمرجع في التميز إلى العرف ، ثم نقل عن جده أنه قال : ان المراد بالمميز من يعرف الاضر من الضار والأنفع من النافع إذا لم يحصل بينهما التباس.

(٤) يستفاد من هذه الرواية اشتراط الطهارة في الإقامة وهو اختيار المرتضى في المصباح والعلامة في المنتهى ـ رحمهما‌الله ـ وقال في التذكرة بعدم الاشتراط تمسكا بمقتضى الأصل. ( المدارك )

(٥) أبو بكر عبد الله بن محمد الحضرمي وكليب كلاهما ممدوحان وطريق المصنف إلى الأول ضعيف بعبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، والى الثاني صحيح وروى عنهما الشيخ في الموثق.

٢٨٩

أنه « حكى لهما الاذان فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، حي على خير العمل ، حي على خير العمل ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله ، والإقامة كذلك » (١).

ولا بأس أن يقال في صلاة الغداة على أثر حي على خير العمل « الصلاة خير من النوم » مرتين للتقية.

وقال مصنف هذا الكتاب رحمه‌الله : هذا هو الاذان الصحيح لا يزاد فيه ولا ينقص منه ، والمفوضة لعنهم الله قد وضعوا أخبارا وزادوا في الاذان « محمد وآل محمد خير البرية » مرتين ، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أن محمدا رسول الله « أشهد أن عليا ولي الله » مرتين ، ومنهم من روى بدل ذلك « أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا » مرتين ولا شك في أن عليا ولي الله وأنه أمير المؤمنين حقا وأن محمدا وآله صلوات الله عليهم خير البرية ، ولكن ليس ذلك في أصل الاذان ، وإنما ذكرت ذلك ليعرف بهذه

__________________

(١) وقال المولى المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : « هذا الخبر وإن كان في الاذان موافقا للمشهور الا أنه في الإقامة خلاف المشهور ». وقال الفاضل التفرشي : « لعل مراد الإمام عليه‌السلام بيان أصول الكلمات التي أتى بها جبرئيل وما قالت الملائكة عند ذاك وأما تكرار الله أكبر فللإشارة إلى أنه يتكرر غير مرة ويحتمل أن يكون الاذان كذلك أولا ثم زاد ». وقال سلطان العلماء : ظاهر الخبر مساواة الأذان والإقامة في الفصول الا انه لا شك في أن « قد قامت الصلاة » جزء للإقامة فلعل المراد أنه كذلك في باقي الفصول غيرها وتركها لظهور جزئيتها وبعد ذلك ينبغي أن يحمل على أن المراد التشبيه في النوع دون عددها.

(٢) المفوضة : فرقة ضالة قالت بان الله خلق محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله وفوض إليه خلق الدنيا فهو خلق الخلائق. وقيل : بل فوض ذلك إلى علي عليه‌السلام ، وهم غير الذين يقولون بتفويض اعمال العباد إليهم كالمعتزلة وأضرابهم.

٢٩٠

الزيادة المتهمون بالتفويض ، المدلسون أنفسهم في جملتنا (١).

٨٩٨ ـ وقال الصادق عليه‌السلام في المؤذنين : « إنهم الامناء » (٢).

٨٩٩ ـ وقال عليه‌السلام : « صل الجمعة بأذان هؤلاء (٣) فإنهم أشد شئ مواظبة على الوقت ».

وينبغي أن يكون بين الأذان والإقامة جلسة إلا المغرب فإنه يجزي [ أن يكون ] بين الأذان والإقامة نفس. (٤)

٩٠٠ ـ وروى عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « يجزي في السفر إقامة بغير أذان ».

٩٠١ ـ وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « إذا أذنت في الطريق أو في بيتك ثم أقمت في المسجد أجزأك ».

٩٠٢ ـ و « كان علي عليه‌السلام يؤذن ويقيم غيره وكان يقيم وقد أذن غيره » (٥)

__________________

(١) « المتهمون » على البناء للفاعل أي المتهمون على الأئمة (ع) بتفويض أمور الخلق إليهم ويحتمل كونه مبنيا للمفعول ( سلطان ) أقول : حاصل كلام المؤلف أن الشهادة بالولاية من أركان الايمان بل الاسلام لا من فصول الاذان.

(٢) أي يستحب فيهم العدالة. وفى الذكرى « يعتد بأذان الفاسق خلافا لابن الجنيد لاطلاق ألفاظ في شرعية الاذان والحث عليه ولأنه يصح منه الاذان لنفسه فيصح لغيره ، نعم العدل أفضل لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله » يؤذن خياركم « ولان ذوي الأعذار يقلدونه لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المؤذنون أمناء ».

(٣) يعنى العامة والآتيان باسم الإشارة للحصر كما في قوله تعالى : « أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون ». ( مراد )

(٤) لان وقت المغرب ضيق.

(٥) فظهر أن صدورهما عن الاثنين كاف في الاعتداد بهما من غير علة حيث إن في الاتيان بكان اشعارا بوقوعه غير مرة ( مراد ) وفى التهذيب ج ١ ص ٢١٦ « ان أبا عبد الله عليه‌السلام كان يؤذن ويقيم غيره ».

٢٩١

٩٠٣ ـ وشكا هشام بن إبراهيم (١) إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام سقمه وأنه لا يولد له ، فأمره أن يرفع صوته بالاذان في منزله ، قال : ففعلت ذلك فأذهب الله عني سقمي ، وكثر ولدي ، قال محمد بن راشد : وكنت دائم العلة ما أنفك منها في نفسي وجماعة من خدمي وعيالي حتى أني كنت أبقى ومالي أحد يخدمني فلما سمعت ذلك من هشام عملت به ، فأذهب الله عني وعن عيالي العلل والحمد لله.

٩٠٤ ـ وروي « أن من سمع الاذان فقال : كما يقول المؤذن زيد في رزقه ».

٩٠٥ ـ وروي عن عبد الله بن علي قال : « حملت متاعي من البصرة إلى مصر فقدمتها فبينما أنا في بعض الطريق إذا أنا بشيخ طويل شديد الأدمة (٢) أبيض الرأس واللحية ، عليه طمران (٣) أحدهما أسود والآخر أبيض ، فقلت : من هذا؟ فقالوا : هذا بلال مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخذت ألواحا فأتيته فسلمت عليه فقلت له : السلام عليك أيها الشيخ ، فقال : وعليك السلام ، قلت : يرحمك الله تعالى حدثني بما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : وما يدريك من أنا؟ فقلت : أنت بلال مؤذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : فبكى وبكيت حتى اجتمع الناس علينا ونحن نبكي ، قال : ثم قال : يا غلام من أي البلاد أنت؟ قلت : من أهل العراق قال : بخ بخ (٤) ، ثم سكت ساعة ، ثم قال : اكتب يا أخا أهل العراق » بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : المؤذنون أمناء المؤمنين على صلواتهم وصومهم ولحومهم ودمائهم (٥) ،

__________________

(١) الطريق إليه حسن بإبراهيم بن هاشم ورواه الكليني في الكافي ج ٣ ص ٣٠٨ عن علي بن مهزيار عن محمد بن راشد عن هشام.

(٢) الأدمة : السمرة الشديدة واللون المائل إلى الغبرة والمائل إلى السواد.

(٣) الطمر ـ بالكسر ـ : الثوب الخلق والكساء البالي من غير صوف.

(٤) كلمة يقال عند المدح والرضا والاعجاب بالشئ ولعله قال ذلك لكون أهل العراق أكثرهم من شيعة علي عليه‌السلام في تلك الأيام.

(٥) كونهم أمناء المؤمنين في الصلاة والصوم ظاهر حيث إن بيان أوقاتهما موكول إليهم ، وأما كونهم أمناء على اللحوم والدماء كناية عن قبول شهادتهم في جميع الأشياء المتعلقة بالمؤمنين فان اللحوم والدماء أعز ما يتعلق بهم كما يفهم من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى عليه‌السلام « لحمك



٢٩٢

لا يسألون الله عزوجل شيئا إلا أعطاهم ، ولا يشفعون في شئ إلا شفعوا.

قلت : زدني يرحمك الله. قال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من أذن أربعين عاما محتسبا بعثه الله عزوجل يوم القيامة وله عمل أربعين صديقا عملا مبرورا متقبلا ».

قلت : زدني يرحمك الله ، قال : أكتب بسم الله الرحمن الرحيم « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من أذن عشرين عاما بعثه الله عزوجل يوم القيامة وله من النور مثل زنة السماء ».

قلت : زدني يرحمك الله ، قال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من أذن عشر سنين أسكنه الله عزوجل مع إبراهيم الخليل عليه‌السلام في قبته ، أو في درجته ».

قلت : زدني يرحمك الله عزوجل ، قال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من أذن سنة واحدة بعثه الله عزوجل يوم القيامة وقد غفرت ذنوبه كلها بالغة ما بلغت ولو كانت مثل زنة جبل أحد ».

قلت : زدني يرحمك الله قال : نعم فاحفظ واعمل واحتسب « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

لحمي ودمك دمى » فإذا قبل قولهم فيهما قبل في غيرهما بالأولى ، وقد يقال : المراد بذلك أن المسلمين إذا هموا بقتل أهل بلد من بلاد الكفار وجرحهم وسبى ذراريهم إذا سمعوا المؤذن يؤذن فيها قبلوا قوله في اسلامهم وكفوا عنهم ولذا قيل : لو ترك أهل بلد الاذان قوتلوا ( مراد ) أقول : حكى عن البخاري روى في صحيحه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان كلما أراد أن يحارب مع قوم بعث رجلا إليهم فان سمع منهم الاذان لم يحارب معهم فالقوم بسبب أذان المؤذنين عصم أموالهم ودماؤهم. هذا وقال سلطان العلماء :

هذا مؤيد لما ذهب إليه ابن الجنيد من عدم الاعتداد بأذان الفاسق ولعل المراد بكونهم أمناء على لحومهم ودمائهم أن بسبب أذانهم صار لحومهم ودماؤهم محفوظا من النار إذ هو الباعث على صلاتهم أو المراد بسبب أذانهم يعلم أنهم مسلمون فيصيرون محفوظين من القتل والأسر ، ويحتمل أن المراد بلحومهم ودمائهم ذبائحهم فان باذان المؤمنين يعلم اسلام بلدهم فيعلم حل ذبحهم والله أعلم.

٢٩٣

يقول : من أذن في سبيل الله صلاة واحدة إيمانا واحتسابا وتقربا إلى الله عزوجل غفر الله له ما سلف من ذنوبه ومن عليه بالعصمة فيما بقي من عمره ، وجمع بينه وبين الشهداء في الجنة ».

قلت : زدني يرحمك الله حدثني بأحسن ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ويحك يا غلام قطعت أنياط (١) قلبي ، وبكي وبكيت حتى أني والله لرحمته ، ثم قال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إذا كان يوم القيامة وجمع الله عزوجل الناس في صعيد واحد بعث الله عزوجل إلى المؤذنين بملائكة من نور ومعهم ألوية وأعلام من نور (٢) يقودون جنائب (٣) أزمتها زبرجد أخضر ، وحقايبها المسك الأذفر (٤) يركبها المؤذنون فيقومون عليها قياما تقودهم الملائكة ينادون بأعلا صوتهم بالاذان ، ثم بكى بكاء شديدا حتى انتحبت (٥) وبكيت فلما سكت قلت : ممن بكاؤك؟ فقال : ويحك ذكرتني أشياء سمعت حبيبي وصفيي عليه‌السلام يقول : « والذي بعثي بالحق نبيا إنهم ليمرون على الخلق قياما على النجائب (٦)

__________________

(١) النياط ـ ككتاب ـ : عرق غليظ يناط به القلب إلى الوتين فإذا قطع مات صاحبه وقوله « ويحك » كلمة رحمة ، ويقابلها « ويلك ».

(٢) ألوية جمع اللواء وهي العلم ـ بفتح اللام ـ والاعلام اما تفسير للألوية واما المعقود عليها الألوية ويكون اللواء ما يعقد عليه العلم واما أن يكون أحدهما الصغير والاخر الكبير. (م ت)

(٣) الجنائب جمع جنيبة وهي فرس تقاد ولا تركب ، فعيلة بمعنى مفعولة ومنه جنبته أجنبه من باب قتل إذا قدته إلى جنبك. والأزمة جمع زمام ( المصباح المنير ).

(٤) الحقائب جمع الحقيبة وهي كل ما يشد في مؤخر القتب وفى المصباح الحقيبة العجيزة والجمع حقائب : سمى ما يحمل من القماش على الفرس خلف الراكب حقيبة مجازا لأنه محمول على العجز. وفى كنز اللغة حقايب است وآن توشه دان وخرجين است. وفى بعض النسخ خفايفها ولعله جمع اخفاف وهي جمع الخف أي خف البعير والمراد بالاذفر الكثير الرائحة

(٥) النحيب أشد البكاء ونحب فلان من باب ضرب بكى ، وانتحب أي تنفس شديدا ورفع صوته بالبكاء.

(٦) النجيب : الحسيب الكريم ومن الإبل كريمها والجمع نجائب.

٢٩٤

فيقولون : « الله أكبر ، الله أكبر » فإذا قالوا ذلك سمعت لامتي ضجيجا ، فسأله أسامة ابن زيد عن ذلك الضجيج ما هو؟ قال : الضجيج التسبيح والتحميد والتهليل ، فإذا قالوا : « أشهد أن لا إله إلا الله » قالت أمتي : نعم إياه كنا نعبد في الدنيا ، فيقال : صدقتم ، فإذا قالوا : « أشهد أن محمدا رسول الله » قالت أمتي : هذا الذي أتانا برسالة ربنا جل جلاله وآمنا به ولم نره ، فيقال لهم : صدقتم هذا الذي أدى إليكم الرسالة من ربكم وكنتم به مؤمنين ، فحقيق على الله عزوجل أن يجمع بينكم وبين نبيكم ، فينتهي بهم إلى منازلهم ، وفيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

ثم نظر إلي فقال : إن استطعت ـ ولا قوة إلا بالله ـ أن لا تموت إلا وأنت مؤذن فافعل ، فقلت : يرحمك الله تفضل علي وأخبرني فإني فقير محتاج وأد إلي ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإنك قد رأيته ولم أره ، وصف لي كيف وصف لك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بناء الجنة؟ فقال : أكتب بسم الله الرحمن الرحيم « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن سور الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ولبنة من ياقوت وملاطها (١) المسك الأذفر ، وشرفها الياقوت الأحمر والأخضر والأصفر ، قلت : فما أبوابها؟ قال : إن أبوابها مختلفة باب الرحمة من ياقوتة حمراء ، قلت : فما حلقته؟ فقال : و كف عني فقد كلفتني شططا (٢) قلت : ما أنا بكاف عنك حتى تؤدي إلي ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم » أما باب الصبر فباب صغير ، مصراع واحد من ياقوتة حمراء لا حلق له ، وأما باب الشكر فإنه من ياقوتة بيضاء لها مصراعان مسيرة ما بينهما مسيرة خمسمائة عام ، له ضجيج وحنين يقول : « اللهم جئني بأهلي » قال : قلت : هل يتكلم الباب قال : نعم ينطقه الله ذو الجلال والاكرام ، وأما باب البلاء قلت : أليس باب البلاء هو باب الصبر؟ قال : لا ، قلت : فما البلاء؟ قال : المصائب و

__________________

(١) الملاط : الطين الذي يجعل بين سافي البناء يملط به الحائط ( الصحاح ).

(٢) الشطط : مجاوزة الحد والقدر أي كلفتني مشكلا.

٢٩٥

السقام والأمراض والجذام وهو باب من ياقوتة صفراء مصراع واحد ، ما أقل من يدخل فيه.

قلت : يرحمك الله زدني وتفضل علي فإني فقير ، فقال : يا غلام لقد كلفتني شططا ، أما الباب الأعظم فيدخل منه العباد الصالحون ، وهم أهل الزهد والورع و الراغبون إلى الله عزوجل المستأنسون به ، قلت : يرحمك الله فإذا دخلوا الجنة فماذا يصنعون؟ قال : يسيرون على نهرين في ماء صاف في سفن الياقوت ، مجاذيفها (١) اللؤلؤ ، فيها ملائكة من نور ، عليهم ثياب خضر شديدة خضرتها.

قلت : يرحمك الله هل يكون من النور أخضر ، قال : إن الثياب هي خضر ولكن فيها نور من نور رب العالمين جل جلاله ليسيروا على حافتي ذلك النهر ، قلت : فما اسم ذلك النهر؟ قال : جنة المأوى ، قلت : هل وسطها غيرها؟ قال : نعم جنة عدن وهي في وسط الجنان ، وأما جنة عدن فسورها ياقوت أحمر وحصاها اللؤلؤ ، فقلت : وهل فيها غيرها؟ قال : نعم جنة الفردوس ، قلت : فكيف سورها؟ قال : ويحك كف عني جرحت علي قلبي (٢) ، قلت : بل أنت الفاعل بي ذلك ، قلت : ما أنا بكاف عنك حتى تتم لي الصفة وتخبرني عن سورها ، قال : سورها نور ، قلت : ما الغرف التي فيها؟ قال : هي من نور رب العالمين عزوجل.

قلت : زدني يرحمك الله ، قال : ويحك إلى هذا إنتهى بي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طوبى لك إن أنت وصلت إلى ماله هذه الصفة ، وطوبى لمن يؤمن بهذا ، قلت : يرحمك الله أنا والله من المؤمنين بهذا. قال : ويحك إنه من يؤمن بهذا أو يصدق بهذا الحق

__________________

(١) في بعض النسخ « مجاذيفها » في الصحاح : المجذاف : ما تجذف به السفينة وبالدال أيضا ، وفيه عن الكسائي : جدف الطائر يجدف جدوفا إذا كان مقصوصا فرأيته إذا طار كأنه يرد جناحيه إلى خلفه ، وقال الأصمعي : ومنه سمى مجداف السفينة وجناحا الطائر مجدافا ، وقال ابن دريد : مجداف السفينة بالدال والذال جميعا لغتان فصيحتان ، وفى الصراح مجداف : بيل كشتى وبال مرغ.

(٢) في بعض النسخ « جرت على قلبي » وفى بعضها « حيرت » وفى بعضها « جربت ».

٢٩٦

والمنهاج لم يرغب في الدنيا ولا في زينتها وحاسب نفسه بنفسه ، قلت : أنا مؤمن بهذا قال : صدقت ولكن قارب وسدد ولا تيأس ، واعمل ولا تفرط ، وارج وخف و احذر (١).

ثم بكى وشهق ثلاث شهقات فظننا أنه قد مات ، ثم قال : فداكم أبى وأمي لو رآكم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لقرت عينه حين تسألون عن هذه الصفة ، ثم قال : النجاء النجاء الوحا الوحا (٢) الرحيل الرحيل ، العمل العمل ، وإياكم والتفريط ، وإياكم والتفريط ، ثم قال : ويحكم اجعلوني في حل مما قد فرطت ، فقلت له : أنت في حل مما قد فرطت جزاك الله الجنة كما أديت وفعلت الذي يجب عليك ، ثم ودعني وقال : اتق الله وأد إلى أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما أديت إليك. فقلت له : أفعل إن شاء الله ، قال : أستودع الله دينك وأمانتك وزودك التقوى وأعانك على طاعته بمشيئته ».

وقد أذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فكان يقول : أشهد أني رسول الله وقد كان يقول فيه : أشهد أن محمدا رسول الله لان الاخبار قد وردت بهما جميعا.

وكان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مؤذنان أحدهما بلال والآخر ابن أم مكتوم ، وكان ابن أم مكتوم أعمى ، وكان يؤذن قبل الصبح.

٩٠٦ ـ وكان بلال يؤذن بعد الصبح ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن ابن أم مكتوم يؤذن بالليل فإذا سمعتم أذانه فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان بلال » فغيرت العامة هذا الحديث عن جهته وقالوا : إنه عليه‌السلام قال : « إن بلالا يؤذن بليل فإذا سمعتم أذانه فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم ».

٩٠٧ ـ وروي أنه « لما قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله امتنع بلال من الاذان وقال : لا

__________________

(١) « قارب » أي اقتصد. « سدد » أي في أمورك. « ولا تيأس » أي من روح الله. « ولا تفرط » أي لا تقصر في العمل الصالح. « وارج » أي غفران الله تعالى. « وخف » أي من سخط الله سبحانه. « واحذر » أي من المعاصي. ( مراد )

(٢) الوحا ـ بالقصر والمد ـ : السرعة يعنى البدار البدار وهو منصوب على الاغراء بفعل مضمر. وكذا النجاء ممدودا : بمعنى السرعة والسبقة.

٢٩٧

أؤذن لاحد بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإن فاطمة عليها‌السلام قالت ذات يوم : إني أشتهي أن أسمع صوت مؤذن أبي عليه‌السلام بالاذان فبلغ ذلك بلالا فأخذ في الاذان ، فلما قال :  « الله أكبر ، الله أكبر » ذكرت أباها عليه‌السلام وأيامه فلم تتمالك من البكاء ، فلما بلغ إلى قوله : « أشهد أن محمدا رسول الله » شهقت فاطمة عليها‌السلام شهقة وسقطت لوجهها وغشي عليها ، فقال الناس لبلال : أمسك يا بلال فقد فارقت ابنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الدنيا وظنوا أنها قد ماتت فقطع أذانه ولم يتمه ، فأفاقت فاطمة عليها‌السلام وسألته أن يتم الاذان فلم يفعل ، وقال لها : يا سيدة النسوان إني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالاذان فأعفته عن ذلك.

٩٠٨ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا استلام الحجر ، ولا دخول الكعبة ، ولا الهرولة بين الصفا والمروة (١) ولا الحلق ، إنما يقصرن من شعورهن ».

وروي أنه يكفيها من التقصير مثل طرف الأنملة (٢).

٩٠٩ ـ وفي خبر آخر قال الصادق عليه‌السلام : « ليس على المرأة أذان ولا إقامة إذا سمعت أذان القبيلة وتكفيها الشهادتان ، ولكن إذا أذنت وأقامت فهو أفضل ».

وليس في صلاة العيدين أذان ولا إقامة أذانهما طلوع الشمس.

٩١٠ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إن تغولت لكم الغول فأذنوا ». (٣)

__________________

(١) محمول على عدم تأكد الاستحباب في غير الجمعة والهرولة. فإنهما ساقطتان عنهن ، وكذا صلاة العيدين.

(٢) في الكافي ج ٤ ص ٥٠٣ باسناد صحيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « تقصر المرأة من شعرها لعمرتها قدر أنملة ».

(٣) في النهاية : « الغول : أحد الغيلان وهي جنس من الجن أو الشياطين. كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فتتغول تغولا : أي تتلون تلونا في صور شتى ، وتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم ـ انتهى » أي إذا تشكلت وتلونت لكم الغول فادفعوا شره بذكر الله تعالى والاذان. وقال الفاضل التفرشي : لعل معناه إذا وقعتم في المهلكة كما قيل في معنى غالته غول.

٢٩٨

٩١١ ـ وقال عليه‌السلام : « المولود إذا ولد يؤذن في أذنه اليمنى ويقام في اليسرى ».

٩١٢ ـ وقال عليه‌السلام : « من لم يأكل اللحم أربعين يوما ساء خلقه ومن ساء خلقه فأذنوا في أذنه ».

٩١٣ ـ وقال عليه‌السلام : « كان اسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يكرر في الاذان فأول من حذفه ابن أروى ».

وري أنه كان بالمدينة إذا أذن المؤذن يوم الجمعة نادى مناد : حرم البيع لقول الله عزوجل « يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ».

٩١٤ ـ وفيما ذكره الفضل بن شاذان رحمه‌الله من العلل عن الرضا عليه‌السلام أنه قال : « إنما أمر الناس بالاذان لعلل كثيرة ، منها أن يكون تذكيرا للناسي ، و تنبيها للغافل ، وتعريفا لمن جهل الوقت واشتغل عنه ، ويكون المؤذن بذلك داعيا لعبادة الخالق ومرغبا فيها ، ومقرا له بالتوحيد ، ومجاهرا بالايمان ، معلنا بالاسلام مؤذنا لمن ينساها ، وإنما يقال له : مؤذن لأنه يؤذن بالاذان بالصلاة (٢) ، وإنما بدء فيه بالتكبير وختم بالتهليل لان الله عزوجل أراد أن يكون الا بذكره واسمه ، واسم الله في التكبير في أول الحرف وفي التهليل في آخره ، إنما جعل مثنى مثنى ليكون تكرارا في آذان المستمعين ، مؤكدا عليهم إن سها أحد عن الأول لم يسه عن الثاني ولان الصلاة ركعتان ركعتان فلذلك جعل الاذان مثنى مثنى ، وجعل التكبير في أول الاذان أربعا لان أول الاذان إنما يبدأ غفلة ، وليس قبله كلام ينبه المستمع له فجعل الأوليان تنبيها للمستمعين لما بعده في الاذان ، وجعل بعد التكبير الشهادتان لان أول الايمان هو التوحيد ، والاقرار لله تبارك وتعالى بالوحدانية ، والثاني الاقرار للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بالرسالة وأن إطاعتهما ومعرفتهما مقرونتان ، ولان أصل الايمان

__________________

(١) يحتمل أن يكون المراد بتكرار اسمه صلى‌الله‌عليه‌وآله تكراره باعتبار الصلاة عليه عند ذكره في الاذان والمراد بابن أروى هو عثمان لان اسم أمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس كما في المعارف لابن قتيبة.

(٢) الباء الأولى للسببية والثانية للصلة. ( مراد )

٢٩٩

إنما هو الشهادتان فجعل شهادتين شهادتين كما جعل في سائر الحقوق شاهدان فإذا أقر العبد لله عزوجل بالوحدانية وأقر للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بالرسالة فقد أقر بجملة الايمان لان أصل الايمان إنما هو بالله وبرسوله ، وإنما جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة لان الاذان إنما وضع لموضع الصلاة وإنما هو نداء إلى الصلاة في وسط الاذان ودعاء إلى الفلاح وإلى خير العمل ، وجعل ختم الكلام باسمه كما فتح باسمه ».

باب

* ( وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ) *

٩١٥ ـ روي عن حماد بن عيسى (١) أنه قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام يوما :  تحسن أن تصلي يا حماد؟ قال : قلت : يا سيدي أنا أحفظ كتاب حريز(٢) في الصلاة، قال : فقال عليه‌السلام : لا عليك (٣) قم فصل ، قال : فقمت بين يديه متوجها إلى القبلة فاستفتحت الصلاة وركعت وسجدت ، فقال : يا حماد لا تحسن أن تصلي ، ما أقبح بالرجل (٤) أن تأتي عليه ستون سنة أو سبعون سنة فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامة ، قال حماد : فأصابني في نفسي الذل ، فقلت : جعلت فداك فعلمني الصلاة ، فقام أبو عبد الله عليه‌السلام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضم أصابعه وقرب بين قدميه حتى كان بينهما ثلاث أصابع مفرجات ، فاستقبل بأصابع رجليه جميعا لم يحرفهما عن القبلة بخشوع واستكانة (٥) فقال : « الله أكبر » ثم قرأ الحمد بترتيل ،

__________________

(١) الطريق صحيح كما في ( صه ).

(٢) بفتح الحاء كشريف ـ ثقة كوفي.

(٣) أي لا بأس عليك.

(٤) زاد في الكافي والتهذيب « منكم » أي من الشيعة أو من خواصهم.

(٥) « بخشوع » أي بتذلل وخوف وخضوع. قال الجوهري : خشع ببصره أي غضه. وقال الفيض ـ رحمه‌الله ـ : الخشوع يكون بالقلب والجوارح فبالقلب أن يجمع الهمة ويفرغ قلبه عن غير العبادة والمعبود ، وبالجوارح أن يغض بصره ويقبل على العبادة ولا يلتفت ولا يعبث.

٣٠٠