كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٩٩

ثوبه ، قال : لا بأس به » (١).

٨٠١ ـ وسأله أبو بصير « عن الرجل يصلي في حر شديد فيخاف على جبهته من الأرض؟ قال : يضع ثوب تحت جبهته » (٢).

٨٠٢ ـ وسأل داود الصرمي (٣) أبا الحسن علي بن محمد عليهما‌السلام فقال له : « إني أخرج في هذا الوجه وربما لم يكن موضع أصلي فيه من الثلج فكيف أصنع؟ قال : إن أمكنك أن لا تسجد على الثلج فلا تسجد عليه ، وإن لم يمكنك فسوه واسجد عليه ».

٨٠٣ ـ وقال إبراهيم بن أبي محمود (٤) للرضا عليه‌السلام : « الرجل يصلي على سرير من ساج ويسجد على الساج؟ قال : نعم » (٥).

٨٠٤ ـ وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « لا بأس بالصلاة على البوريا والخصفة وكل نبات إلا الثمرة » (٦).

٨٠٥ ـ وسأل سماعة بن مهران أبا عبد الله عليه‌السلام « عن لحوم السباع من الطير و الدواب؟ قال : أما أكل لحمها فإنا نكرهه (٧) وأما الجلود فاركبوا عليها ولا تلبسوا

__________________

(١) لعل المراد بالثوب الرداء. ( مراد )

(٢) يدل على جواز السجود على الثوب في الحر الشديد وعليه عمل الأصحاب (م ت) وينبغي أن يحمل على عدم وجود ما يسجد عليه مما يجوز السجود عليه.

(٣) في طريقه محمد بن عيسى بن عبيد مختلف في شأنه وثقه جماعة ، ولم يوثق داود فالسند حسن.

(٤) الطريق صحيح كما في ( صه ) وهو ثقة.

(٥) الساج : ضرب عظيم من الشجر الواحدة ساجة وجمعها ساجات ، ولا ينبت الا بالهند ويجلب منها ، وقال الزمخشري : الساج : خشب أسود رزين يجلب من الهند ولا تكاد الأرض تبليه والجمع سيجان مثل نار ونيران ، وقال بعضهم : الساج يشبه الأبنوس وهو أقل سوادا منه ، والساج طيلسان مقور ينسج كذلك. ( مصباح المنير )

(٦) الخصفة ـ بالتحريك ـ الجلة التي تعمل من الخوص للتمر.

(٧) المراد هنا الحرمة واطلاقها على الحرمة شايع سيما إذا كانت تقية. (م ت)

٢٦١

منها شيئا تصلون فيه ».

وقال أبي رضي‌الله‌عنه في رسالته إلي : لا بأس بالصلاة في شعر ووبر كل ما أكلت لحمه وإن كان عليك غيره من سنجاب أو سمور أو فنك (١) وأردت الصلاة فانزعه ، قد روي في ذلك رخص (٢) وإياك أن تصلي في ثعلب ولا في الثوب الذي يليه من تحته وفوقه.

٨٠٦ ـ وقد روي عن سليمان بن جعفر الجعفري أنه قال : « رأيت الرضا عليه‌السلام يصلي في جبة خز ».

٨٠٧ ـ وروى علي بن مهزيار قال : « رأيت أبا جعفر الثاني عليه‌السلام يصلي الفريضة وغيرها في جبة خز طاروني (٣) وكساني جبة خز وذكر أنه لبسها على بدنه وصلى فيها وأمرني بالصلاة فيها ».

٨٠٨ ـ وروي عن يحيى بن أبي عمران (٤) أنه قال « كتبت إلي أبي جعفر الثاني عليه‌السلام في السنجاب والفنك والخز وقلت : جعلت فداك أحب أن لا تجيبني بالتقية في ذلك فكتب بخطه إلي : صل فيها ».

٨٠٩ ـ وروي عن داود الصرمي أنه قال : « سأل رجل أبا الحسن الثالث عليه‌السلام عن الصلاة في الخز يغش بوبر الأرانب؟ فكتب : يجوز ذلك (٥) ».

__________________

(١) السنجاب : حيوان أكبر من الجرذ ، له ذنب طويل ، كثيث الشعر ، ولونه أزرق رمادي ومنه اللون السنجابي. والسمور حيوان برى يشبه ابن عرس وأكبر منه ، لونه أحمر مائل إلى السواد ، يتخذ من جلده الفراء. والفنك : جنس من الثعالب أصغر منه وفروته أحسن الفراء.

(٢) مع الكراهة أو اضطرارا.

(٣) الطرن ـ بالضم ـ : ضرب من الخز. وفى بعض النسخ « طاروى » والطرية بلدة باليمن.

(٤) الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم.

(٥) نسبه الشيخ في التهذيبين إلى الشذوذ واختلاف اللفظ في السائل والمسؤول ثم حمله على التقية

٢٦٢

وهذه رخصة الآخذ بها مأجور ورادها مأثوم (١) والأصل ما ذكره أبي رحمه‌الله في رسالته إلي : وصل في الخز ما لم يكن مغشوشا بوبر الأرانب ، وقال فيها : ولا تصل في ديباج ولا حرير ولا وشي ولا في شئ من إبريسم محض إلا أيكون ثوبا سداه إبريسم ولحمته قطن أو كتان.

٨١٠ ـ وكتب إبراهيم بن مهزيار إلى أبي محمد الحسن عليه‌السلام يسأله « عن الصلاة في القرمز فإن أصحابنا يتوقون (٢) عن الصلاة فيه؟ فكتب : لا بأس مطلق ، والحمد لله ».

قال مصنف هذا الكتاب رحمه‌الله : وذلك إذا لم يكن القرمز من إبريسم محض والذي نهى عنه هو ما كان من إبريسم محض.

٨١١ ـ وكتب إليه « في الرجل يجعل في جبته بدل القطن قزا (٣) هل يصلي فيه؟ فكتب : نعم لا بأس به » يعني به قز المعز لا قز الإبريسم.

وقد وردت الاخبار بالنهي عن لبس الديباج والحرير والإبريسم المحض و الصلاة فيه للرجال ، ووردت الرخصة في لبس ذلك للنساء ولم يرد بجواز صلاتهن فيه فالنهي عن الصلاة في الإبريسم المحض على العموم للرجال والنساء (٤) حتى يخصهن

__________________

(١) هذا بناء على أنه ثبت عنده أن ذلك من قول الإمام عليه‌السلام فلا يصح نفيه والمنع عنه غايته أن يحمل على الكراهة أو الضرورة ولعل ذلك مراده بالأصل. ( مراد )

(٢) في بعض النسخ « يتوقفون ».

(٣) القز : ما يسوى منه الإبريسم أو الحرير وهو مجاج دود القز.

(٤) اما جواز اللبس في غير حال الصلاة للنساء فلا كلام فيه. وأما في حال الصلاة فقد استدل على الجواز بموثقة ابن بكير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « النساء تلبس الحرير والديباج الا في الاحرام » ( الكافي ج ٦ ص ٤٥٤ ) فان مقتضى الاستثناء جواز لبسهن له في الصلاة ، لكن يعارضها حسن حريز عن الصادق عليه‌السلام « كل ثوب يصلى فيه فلا بأس أن يحرم فيه » ( الكافي ج ٤ ص ٣٣٩ ) حيث إن مقتضاه اما جواز لبس الحرير وهو مخالف لظاهر الأخبار المستفيضة أو عدم جواز لبسه في الصلاة وهو المطلوب. وقد أجيب بأخصية الموثقة من هذا الحسن ، وليس بشئ لأنه لو كان الموثقة نصا في جواز الصلاة في الحرير لتم ما أجيب وليس كذلك ، ألا ترى أنه إذا قال : أكرم العلماء الا زيدا يصح اخراج عمرو أيضا بكلام آخر ، اللهم الا أن يدعى الأظهرية في مورد التعارض. ومما



٢٦٣

خبر بالاطلاق لهن في الصلاة فيه كما خصهن بلبسه.

ولم يطلق للرجال لبس الحرير والديباج إلا في الحرب ، ولا بأس به وإن كان فيه تماثيل. روى ذلك سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١).

٨١٢ ـ وروى يوسف بن محمد بن إبراهيم عنه أنه قال : « لا بأس بالثوب أن يكون سداه وزره وعلمه حريرا ، وإنما يكره الحرير المبهم للرجال » (٢).

٨١٣ ـ وروى عنه مسمع بن عبد الملك البصري (٣) أنه قال : « لا بأس أن يأخذ من ديباج الكعبة فيجعله غلاف مصحف ، أو يجعله مصلى يصلى عليه ».

٨١٤ ـ وسأل محمد بن إسماعيل بن بزيع أبا الحسن الرضا عليه‌السلام « عن الصلاة في الثوب المعلم فكره ما فيه من التماثيل » (٤).

ولا تجوز الصلاة في تكة رأسها من إبريسم ، ولا بأس بالصلاة في الفراء الخوارزمية وما يدبغ بأرض الحجاز (٥) ، ولا بأس بالصلاة في صوف الميتة لان

__________________

يدل على عدم الجواز رواية جابر الجعفي الطويلة المروية في الخصال ص ٥٨٥ قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا جماعة ـ إلى أن قال ـ ويجوز للمرأة لبس الحرير والديباج في غير صلاة ولا احرام وحرم ذلك على الرجال الا في الجهاد ويجوز أن تتختم بالذهب وتصلى فيه وحرم ذلك على الرجال الا في الجهاد » وهذه الرواية في سندها مجاهيل ولا ينجبر ضعفها لان المعمول بها إنما هو في مسأله حرمة لبس الذهب على الرجال فحسب.

(١) الكافي ج ٦ ص ٤٥٣ باسناده عنه قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن لباس الحرير والديباج فقال : أما في الحرب فلا بأس وإن كان فيه تماثيل ».

(٢) الطريق مجهول « والمبهم » كما في الاستبصار والتهذيب معناه الخالص الذي لا يمازجه شئ ومنه فرس بهيم أي مصمت لا يخالط لونه شئ.

(٣) الطريق ضعيف بقاسم بن محمد الجوهري.

(٤) المراد بالمعلم المخطط أو الملون.

(٥) في التهذيب ج ١ ص ١٩٥ في رواية بشر بن بشار قال : « سألته عن الصلاة في الفنك والفراء والسنجاب والسمور والحواصل التي تصاد ببلاد الشرك أو ببلاد الاسلام أن



٢٦٤

الصوف ليس فيه روح.

٨١٥ ـ وسأل سماعة بن مهران أبا عبد الله عليه‌السلام عن تقليد السيف في الصلاة فيه الغراء والكيمخت (١) فقال : لا بأس ما لم تعلم أنه ميتة (٢).

٨١٦ ـ وسأل علي بن الريان بن الصلت (٣) أبا الحسن الثالث عليه‌السلام « عن الرجل يأخذ من شعره أظفاره ثم يقوم إلى الصلاة من غير أن ينفضه من ثوبه؟ فقال : لا بأس ».

٨١٧ ـ وسأل يونس بن يعقوب (٤) أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الرجل يصلي وعليه البرطله (٥) فقال : لا يضره ».

وسمعت مشائخنا رضي‌الله‌عنهم يقولون : لا تجوز الصلاة في الطابقية (٦) ولا يجوز

__________________

أصلى فيه بغير تقية. قال : فقال : صل في السنجاب والحواصل والخوارزمية ولا تصل في الثعالب ولا السمور ». وفسر الحواصل الخوارزمية بطيور تكون في بلاد خوارزم يعمل من جلودها بعد نزع الريش مع بقاء الوبر الفراء ، وقد ينسج من أوبارها الثياب. وتخصيص الدباغ بأرض الحجاز لعله مبنى على أنهم يقولون بان الدباغ فيها بخرء الكلاب. ( مراد )

(١) الغراء ـ بالغين المعجمة المفتوحة والمد وككتاب ـ : ما يلصق به الشئ معمول من الجلود وقد يعمل من السمك ، والغرا مثل العصا لغة فيه. والكيمخت ـ بكسر الكاف وسكون المثناة التحتية وضم الميم وسكون الخاء المعجمة ـ : جلد الكفل المدبوغ من الحمار والبقر فارسية.

(٢) عدم البأس اما باعتبار أنهم لا يستحلون الميتة بالدباغ أو باعتبار أنهم لا يدبغون بخرء الكلاب بخلاف أهل العراق. (م ت) أي ان السمك الذي أخذ منه الغراء والحيوان الذي أخذ من جلده الكيمخت. ولو ثبت أن الصلاة في جلد مالا نفس له جائزة وإن كان ميتة وان جواز الصلاة في جلده يستلزم جوازها في الغراء المأخوذ منه فينبغي ارجاع الضمير إلى مامنه الكيمخت لقربه. ( مراد )

(٣) الطريق إليه حسن بإبراهيم بن هاشم.

(٤) قد تقدم أن في طريقه حكم بن مسكين ولم يوثق فالطريق حسن.

(٥) البرطل ـ بالضم ـ : قلنسوة وربما شدد.

(٦) الطابقية : العمامة التي لا حنك لها.

٢٦٥

للمعتم أن يصلي إلا وهو متحنك (١).

٨١٨ ـ وروى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « من خرج في سفر لم يدر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومن إلا نفسه » (٢).

٨١٩ وقال الصادق عليه‌السلام : « ضمنت لمن خرج من بيته معتما [ تحت حنكه ] أن يرجع إليهم سالما ».

٨٢٠ ـ وقال عليه‌السلام : « إني لأعجب ممن يأخذ في حاجة وهو على وضوء كيف لا تقضى حاجته ، وإني لأعجب ممن يأخذ في حاجة وهو معتم تحت حنكه كيف لا تقضى حاجته ».

٨٢١ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « الفرق بين المسلمين والمشركين التلحي بالعمائم ».

وذلك في أول الاسلام وابتدائه.

٨٢٢ ـ وقد نقل عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أهل الخلاف أيضا « أنه أمر بالتلحي ونهى عن الاقتعاط » (٣).

٨٢٣ ـ وسأل الحلبي وعبد الله بن سنان أبا عبد الله عليه‌السلام « هل يقرأ الرجل في صلاته وثوبه على فيه؟ فقال : لا بأس بذلك ». وفي رواية الحلبي « إذا سمع

__________________

(١) أي لم يصل إلينا خبر في استحباب الحنك في الصلاة لكن لما كان منقولا من المشايخ وظاهر أحوالهم أنهم أرباب النصوص فلا بأس بالعمل به (م ت) والاخبار في استحباب التحنك مروية في الكافي ج ٦ ص ٤٦٠ واما اختصاصه بحالة الصلاة فما عثرت فيه على خبر.

(٢) قال في الوافي : سنة التلحى متروكة اليوم في أكثر بلاد الاسلام كقصر الثياب في زمن الأئمة عليهم‌السلام فصارت من لباس الشهرة المنهية عنها.

(٣) التحلي تطويق العمامة تحت الحنك والاقتعاط : شد العمامة على الرأس من غير إدارة تحت الحنك. وفى النهاية في الحديث « أنه نهى عن الاقتعاط وأمر بالتحلي » وهو جعل بعض العمامة تحت الحنك ، والاقتعاط أن لا يجعل تحت حنكه منها شيئا.

٢٦٦

الهمهمة » (١).

٨٢٤ ـ وسأل رفاعة بن موسى أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن المختضب إذا تمكن من السجود والقراءة أيصلي في خضابه؟ فقال : نعم إذا كانت خرقته طاهرة وكان متوضيا ».

ولا بأس بأن تصلي المرأة وهي مختضبة ويداها مربوطتان. روى ذلك عمار الساباطي عن الصادق عليه‌السلام (٢).

٨٢٥ ـ وروى علي بن جعفر وعلي بن يقطين ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام أنهما سألاه « عن الرجل والمرأة يختضبان أيصليان وهما مختضبان بالحناء والوسمة؟ فقال : إذا أبرزوا الفم والمنخر فلا بأس (٣) ».

٨٢٦ ـ وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه‌السلام « عن الرجل يصلي ولا يخرج يديه ثوبه؟ فقال : إن أخرج يديه فهو حسن ، وإن لم يخرج يديه فلا بأس ».

٨٢٧ ـ وروى زياد بن سوقة عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : (٤) « لا بأس أن يصلي أحدكم في الثوب الواحد وأزراره محلولة ، إن دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حنيف ».

__________________

(١) تقدم الكلام فيه في ذيل الخبر الذي تحت رقم ٧٨٢.

(٢) في التهذيب ج ١ ص ٢٣٦ باسناده عن عمار الساباطي عنه عليه‌السلام « عن المرأة تصلى ويداه مربوطتان بالحناء؟ فقال : ان كانت توضأت للصلاة قبل ذلك فلا بأس بالصلاة وهي مختضبة ويداها مربوطتان ».

(٣) وفى قبال هذه الأخبار خبر أبي بكر الحضرمي المروى في الكافي ج ٣ ص ٤٠٨ والتهذيب ج ١ ص ٢٣٧ قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلى وعليه خضابه؟ قال : لا يصلى وهو عليه ولكن ينزعه إذا أراد أن يصلى ، قلت : ان حناه وخرقته نظيفة؟ فقال : لا يصلى وهو عليه والمرأة أيضا لا تصلى وعليها خضابها ». وحملوا هذه الرواية على الكراهة لدلالة أخبار المتن على الجواز كما في الاستبصار وغيره.

(٤) الطريق صحيح وهو ثقة. وقوله : « لا بأس » لا ينافي الكراهة التي يفهم مما تقدم.

٢٦٧

باب

* ( ما يسجد عليه وما لا يسجد عليه ) *

٨٢٨ ـ قال الصادق عليه‌السلام : « السجود على الأرض فريضة وعلى غير ذلك سنة (١) ».

٨٢٩ ـ وقال عليه‌السلام : « السجود على طين قبر الحسين عليه‌السلام ينور إلى الأرض السابعة (٢) ».

ومن كان معه سبحة من طين قبر الحسين عليه‌السلام كتب مسبحا وإن لم يسبح بها. (٣) والتسبيح بالأصابع أفضل منه بغيرها لأنها مسؤولات يوم القيامة (٤).

٨٣٠ ـ وروى حماد بن عثمان (٥) عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « السجود على ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس ».

٨٣١ ـ وروي عن ياسر الخادم (٦) أنه قال : « مربي أبو الحسن عليه‌السلام وأنا أصلي على الطبري (٧) وقد ألقيت عليه شيئا ، فقال لي : مالك لا تسجد عليه أليس هو

__________________

(١) الظاهر المراد بالسنة هنا الجائز لا أنه أفضل. ( الذكرى )

(٢) الظاهر أن المراد به ينور الساجد نورا يصل إلى الأرض السابعة. ( سلطان )

(٣) روى الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٢٧ عن الحميري مسندا قال : « كتبت إلى الفقيه عليه‌السلام أسأله هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر ( قبر الحسين » ع « ) وهل فيه فضل فأجاب ، وقرأت التوقيع ونسخت : سبح به فما في شئ من التسبيح أفضل منه فضله أن المسبح ينسى التسبيح ويدير السبحة فيكتب له ذلك التسبيح ».

(٤) أي مسؤولات من أعمالكم فيشهدن لكم بالتسبيح ، ويحتمل أن يكون المراد بأنها مسؤولات مكلفات فكثيرا ما يقع منها المعاصي فالتسبيح بها جبر لها فتأمل. ( سلطان )

(٥) الطريق صحيح.

(٦) الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم وفى الخلاصة صحيح.

(٧) الطبر قرية بواسط والنسبة إليها طبري ( القاموس ) ويحتمل النسبة إلى طبرستان وعلى أي تقدير المراد سجادة من حصير. ( سلطان )

٢٦٨

من نبات الأرض ».

وقال أبي رحمه‌الله في رسالته إلي : اسجد على الأرض أو على ما أنبتت الأرض ولا تسجد على الحصر المدنية لان سيورها من جلد (١) ولا تسجد على شعر ولا صوف ولا جلد ولا إبريسم ولا زجاج ولا حديد ولا صفر ولا شبه ولا رصاص ولا نحاس ولا ريش ولا رماد ، وإن كانت الأرض حارة تخاف على جبهتك الاحتراق أو كانت ليلة مظلمة خفت عقربا أو شوكة تؤذيك فلا بأس أن تسجد على كمك إذا كان من قطن أو كتان ، وإن كان بجبهتك دمل فاحفر حفرة فإذا سجدت جعلت الدمل فيها ، وان كانت بجبهتك علة لا تقدر على السجود من اجلها فاسجد على قرنك الأيمن من جبهتك ، فإن لم تقدر عليه فاسجد على قرنك الأيسر من جبهتك ، فإن لم تقدر عليه فاسجد على ظهر كفك ، فإن لم تقدر عليه فاسجد على ذقنك لقول الله عزوجل « إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا إلى قوله ويزيدهم خشوعا » ولا بأس بالقيام ووضع الكفين والركبتين والابهامين على غير الأرض ، وترغم بأنفك ، ويجزيك في وضع الجبهة من قصاص الشعر إلى الحاجبين مقدار درهم ، ويكون سجودك كما يتخوى البعير الضامر عند بروكه (٢) ، تكون شبه المعلق لا يكون شئ من جسدك على شئ منه.

٨٣٢ ـ وسأل المعلى بن خنيس (٣) أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الصلاة على القفر (٤) والقير فقال : لا بأس به » (٥).

__________________

(١) الأظهر في العبارة أن يقال : لان لحمتها أو سداها من جلد لان السير عين الجلد.

(٢) يتخوى الرجل أي يجافى بطنه من الأرض في سجوده بان يجنح بمرفقيه ويرفعهما عن الأرض ولا يفترشهما افتراش الأسد.

(٣) ضعيف جدا لا يعول عليه ( صه ).

(٤) شئ يشبه القير والزفت.

(٥) في التهذيب ج ١ ص ٢٢٢ والاستبصار ج ١ ص ٣٣٤ باسناده عن الحسين بن سعيد عن النضر عن محمد بن أبي حمزة عن معاوية بن عمار قال : « سأل المعلى بن خنيس أبا عبد الله (ع)

٢٦٩

٨٣٣ ـ وسأل الحسن بن محبوب أبا الحسن عليه‌السلام « عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ، ثم يجصص به المسجد أيسجد عليه؟ فكتب عليه‌السلام إليه بخطه : إن النار والماء قد طهراه » (١).

٨٣٤ ـ وسأل داود بن أبي زيد أبا الحسن الثالث عليه‌السلام « عن القراطيس والكواغذ المكتوبة عليها هل يجوز عليها السجود؟ فكتب : يجوز » (٢).

٨٣٥ ـ وسأل علي بن يقطين أبا الحسن الأول عليه‌السلام « عن الرجل يسجد على

__________________

وأنا عنده عن السجود على القفر وعلى القير ، فقال : لا بأس » ، وقال الشيخ ـ رحمه‌الله ـ : فالوجه في هذه الرواية أن نحملها على حال الضرورة أو التقية دون حال الاختيار. وذلك لما روى قبله عن أحمد بن إسماعيل بن عمرو بن سعيد ، عن أبي الحسن الرضا (ع) قال : « لا تسجد على القبر ولا على القفر ولا على الصاروج ».

(١) السند صحيح وقال في المدارك : يمكن أن يستدل بها على طهارة ما أحالته النار ووجه الدلالة أن الجص يختلط بالرماد والدخان الحاصل من تلك الأعيان النجسة ولولا كونه طاهرا لما ساغ تطهير المسجد به والسجود عليه والماء غير مؤثر في التطهير اجماعا كما نقله في المعتبر فتعين استناده إلى النار ، وعلى هذا فيكون استناد التطهير إلى النار حقيقة والى الماء مجازا ، أو يراد به فيهما المعنى المجازي وتكون الطهارة الشرعية مستفادة مما علم من الجواب أو ضمنا من جواز تجصيص المسجد به ولا محذور فيه انتهى. وفيه نظر لأن الظاهر أن عظام الموتى نجاستها غير معلومة الا أن يراد عظام الكلاب ، والعذرة إذا توقد تحت حجر الجص لم تنجسه حتى تكون النار طهره ودخانها وان قلنا بنجاسته لم يؤثر في الجص ، ولعل المراد بتطهير النار إحالة العذرة رمادا وكذا العظام النجسة ، ويمكن أن يكون المراد بتطهير الماء رفع ما يتوهم فيه من النجاسة كرش المكان بالماء للصلاة كما في بيت المجوسي. ويحتمل أن يكون المراد بقوله عليه‌السلام « قد طهراه » أي نظفاه. وأما قول السائل « أيسجد عليه » فيمكن أن يكون المراد أيصلى عليه فلا يلزم منه تجويز السجود على الجص أو حمل جواز السجود على حال الضرورة أو التقية.

(٢) الطريق صحيح ولا ينافي ما رواه الكليني باسناده عن جميل عن الصادق (ع) « أنه كره أن يسجد على قرطاس عليه كتابة » لأنه محمول على ضرب من الكراهة وخبر داود يدل على الجواز.

٢٧٠

المسح (١) والبساط ، فقال : لا بأس إذا كان في حال التقية ».

ولا بأس بالسجود على الثياب في حال التقية.

٨٣٦ ـ وسأل معاوية بن عمار أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الصلاة على القار فقال : لا بأس به » (٢).

٨٣٧ ـ وروى زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام أنه قال : قلت له : الرجل يسجد و عليه قلنسوة أو عمامة ، فقال : إذا مس شئ من جبهته الأرض فيما بين حاجبيه وقصاص شعره فقد أجزأ عنه.

٨٣٨ ـ قال يونس بن يعقوب : « رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يسوي الحصا في موضع سجوده بين السجدتين ».

٨٣٩ ـ وروي عن علي بن بجيل (٣) أنه قال : « رأيت جعفر بن محمد عليهما‌السلام كلما سجد فرفع رأسه أخذ الحصا من جبهته فوضعه على الأرض ».

٨٤٠ ـ وروى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « ما بين قصاص الشعر إلى طرف الأنف مسجد ، فما أصاب الأرض منه فقد أجزأك ». وروى زرارة عنه عليه‌السلام مثل ذلك.

٨٤١ ـ وسأل رجل الصادق عليه‌السلام « عن المكان يكون فيه الغبار فأنفخه إذا أردت السجود ، فقال : لا بأس » (٤).

وفي رسالة أبي رضي‌الله‌عنه إلي : ولا تنفخ في موضع سجودك فإذا أردت النفخ فليكن قبل دخولك في الصلاة.

٨٤٢ ـ وروي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « إنما يكره ذلك خشية أن يؤذي من

__________________

(١) المسح ـ بالكسر فالسكون ـ : البلاس يقعد عليه ، والكساء من شجر.

(٢) هذا الخبر متحد مع خبر المعلى بن خنيس السابق كما هو الظاهر ورواه ابن عمار تارة مع خصوصياته وتارة بالغاء الخصوصيات.

(٣) في الطريق الحكم بن مسكين وهو مهمل

(٤) لا ينافي الكراهة التي جاءت في بعض الأخبار.

٢٧١

إلى جانبه ».

ويكره أن يمسح الرجل التراب عن جبهته (١) وهو في الصلاة ، ويكره أن يتركه بعد ما صلى فإن مسح التراب من جبهته وهو في الصلاة فلا شئ عليه لورود الرخصة فيه.

باب

* ( علة النهى عن السجود على المأكول والملبوس دون الأرض وما أنبتت من سواهما ) *

٨٤٣ ـ قال هشام بن الحكم (٢) لأبي عبد الله عليه‌السلام : « أخبرني عما يجوز السجود عليه وعما لا يجوز؟ قال : السجود لا يجوز إلا على الأرض أو على ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس فقال له : جعلت فداك ما العلة في ذلك؟ قال : لان السجود خضوع لله عزوجل فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل أو يلبس لان أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون ، والساجد في سجوده في عبادة الله عزوجل فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها ، والسجود على الأرض أفضل لأنه أبلغ في التواضع والخضوع لله عزوجل ».

* ( باب القبلة ) *

٨٤٤ ـ قال الصادق عليه‌السلام (٣) : « إن الله تبارك وتعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد ، وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم ، وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا ».

٨٤٥ ـ وسأل المفضل بن عمر أبا عبد الله عليه‌السلام عن التحريف لأصحابنا ذات اليسار عن القبلة وعن السبب فيه؟ فقال : إن الحجر الأسود لما أنزل من الجنة و

__________________

(١) لم نطلع على خبره ويمكن أن يكون لمنافاته حضور القلب فتدبر. (م ت)

(٢) الطريق صحيح كما في ( صه ).

(٣) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٤٦ بسند مرسل.

٢٧٢

وضع في موضعه جعل أنصاب الحرم من حيث لحقه النور نور الحجر فهو عن يمين الكعبة أربعة أميال (١) ، وعن يسارها ثمانية أميال كله اثنا عشر ميلا ، فإذا انحرف

__________________

(١) أراد بأصحابه أهل العراق ، وروى الكليني في الكافي ج ٣ ص ٤٨٧ عن علي بن محمد رفعه قال : « قيل لأبي عبد الله (ع) : لم صار الرجل ينحرف في الصلاة إلى اليسار؟ فقال لان للكعبة ستة حدود أربعة منها عن يسارك واثنان منها على يمينك فمن أجل ذلك وقع التحريف إلى اليسار » وقال في المدارك : « استحباب التياسر هو المشهور وظاهر عبارة الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف يعطى الوجوب مستدلا باجماع الفرقة وبرواية المفضل بن عمر ، وبما رواه الكليني والروايتان ضعيفتا السند جدا والعمل بهما لا يؤمن معه الانحراف الفاحش عن حد القبلة وإن كان في ابتدائه قليلا والحكم مبنى على أن البعيد قبلته الحرم كما ذكره المحقق في النافع والعلامة  ـ رحمهما‌الله ـ في المنتهى واحتمل العلامة من المختلف اطراد الحكم على القولين وهو بعيد ». ( المرآة ) وقال الفيض ـ رحمه‌الله ـ : حملها الأصحاب على الاستحباب ، ان قيل الانحراف بالتياسر إن كان إلى القبلة فواجب أو عنهما فغير جائز ، أجيب بان الانحراف عنها للتوسط فيها فيستحب. وقال استاذنا الشعراني في هامش الوافي قوله « عن يمين الكعبة ـ أي من جانب المغرب فان البر من ذلك الجانب ضيق ينتهى إلى البحر فجعل الحرم من المغرب أضيق واما من جهة المشرق فالبر واسع جدا وجعل الحرم منه أوسع ومع ذلك فكلاهما للعراقي بمنزلة نقطة واحدة إذا تياسر خرج عن سمت الحرم الشرقي قطعا مع سعته وخبر علي بن محمد وكذلك رواية المفضل ضعيفان لا يحتج بهما قطعا ، واما التياسر الذي يتضمنه فالظاهر أنه كان مشهورا بين الشيعة والراوي وإن كان ضعيفا والخبر احتمل كونه موضوعا لكن المعلوم أن الراوي الضعيف إذا نقل عملا مشهورا فان لا يكذب فيه لئلا يتبين كذبه فالضعف في العلة التي ذكر لا في أصل التياسر وحينئذ فيتوجه قول المجلسي وغيره ـ رحمهم‌الله ـ في علة التياسر وأن ذلك كان لبناء محاريب ذلك الزمان على الغلط ، فعلى هذا إذا حققنا القبلة وبنى المحاريب على الصحيح كما في زماننا لا يجوز التياسر عن السمت الصحيح ويسقط اعتراض المحقق الطوسي رحمه‌الله على ما هو المعروف لأنا لا نعلم مقدار الغلط في المحاريب القديمة فلعله كان قليلا بحيث لا يخرج المتوجه إليه عن صدق الاستقبال فيكون التياسر القليل مستحبا لا واجبا ، ثم انا لا نعلم أن قدماء الشيعة كانوا يتياسرون وجوبا أو استحبابا وإنما الثابت من الحديث عملهم لا وجه عملهم وعبر بعض العلماء بالوجوب ». انتهى.

٢٧٣

الانسان ذات اليمين خرج عن حد القبلة لقلة أنصاب الحرم ، وإذا انحرف الانسان ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد القبلة.

ومن كان في المسجد الحرام صلى إلى الكعبة إلى إي جوانبها شاء ، ومصلى في الكعبة صلى إلى أي جوانبها شاء ، وأفضل ذلك أن يقف بين العمودين على لبلاطة الحمراء (١) ، ويستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود ، ومن كان فوق الكعبة وحضرت الصلاة اضطجع وأومأ برأسه إلى البيت المعمور (٢) ، ومن كاف فوق أبى قبيس استقبل الكعبة وصلى فان الكعبة ما فوقها إلى السماء.

وصلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى البيت المقدس بعد النبوة ثلاث عشرة (٣) سنة بمكة

__________________

(١) البلاط حجرا أحمر مفروش في الكعبة بين العمودين واشتهر أنه محل ولادة أمير ـ المؤمنين عليه‌السلام حتى بين العامة. (م ت)

(٢) المشهور عدم العمل به وان ادعى الشيخ الاجماع عليه والامر سهل لندرة الفرض ولو لم يصل للأخبار الصحيحة لكان أحوط الا مع الضرورة فيتخير بينه وبين الصلاة قائما لكن لا يسجد على طرف الجدار بحيث لا يبقى له قبلة وهو أحوط. (م ت)

(٣) ظاهر هذا الكلام يفيد أن قبلته صلى‌الله‌عليه‌وآله من أول البعثة بيت المقدس وهو ينافي ما ورد في بعض الروايات ففي الفصول المختارة احتج المفيد ـ رحمه‌الله ـ بحديث ابن مسعود « قال : أول شئ علمته من أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أننا قدمنا مكة فأرشدونا إلى عباس بن عبد المطلب فانتهينا إليه وهو جالس إلى زمزم فبينا نحن جلوس إذ أقبل رجل من باب الصفا ، عليه ثوبان أبيضان على يمنيه غلام مراهق أو محتلم تتبعه امرأة قد سترت محاسنها حتى قصدوا الحجر فاستلمه والغلام والمرأة معه ثم طاف بالبيت سبعا والغلام والمرأة يطوفان معه ، ثم استقبل الكعبة وقام فرفع يده فكبر ، والغلام على يمينه وقامت المرأة خلفهما فرفعت يديها وكبرت فأطال الرجل القنوت ثم ركع فركع الغلام والمرأة معه ـ الحديث » والمراد رسول الله و على وخديجة سلام الله عليهم كما نص عليه بعد ، فظاهر هذا الخبر أن قبلته صلى‌الله‌عليه‌وآله في أول الأمر الكعبة. وقيل يمكن الجمع بأن يقال : إنه صلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة بيت المقدس الا أنه كان يجعل الكعبة بينه وبينه.

٢٧٤

وتسعة عشر شهرا بالمدينة ، ثم عيرته اليهود فقالوا له : إنك تابع لقبلتنا فاغتم لذلك غما شديدا فلما كان في بعض الليل خرج صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقلب وجهه في آفاق السماء فلما أصبح صلى الغداة ، فلما صلى من الظهر ركعتين جاءه جبرئيل عليه‌السلام فقال له : « قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام الآية » ثم أخذ بيد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فحول وجهه إلى الكعبة وحول من خلفه وجوههم حتى قام الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال فكان أول صلاته إلى بيت المقدس وآخرها إلى الكعبة ، وبلغ الخبر مسجدا بالمدينة وقد صلى أهله من العصر ركعتين فحولوا نحو الكعبة ، فكانت أول صلاتهم إلى بيت المقدس وآخرها إلى الكعبة فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين (١) فقال المسلمون : صلاتنا إلى بيت ـ

__________________

وفي الكافي ج ٣ ص ٢٨٦ بسند حسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال : « سألته هل كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلى إلى بيت المقدس؟ قال : نعم ، فقلت : أكان يجعل الكعبة خلف ظهره؟ قال : أما إذا كان بمكة فلا ، وأما إذا هاجر إلى المدينة فنعم حتى حول إلى الكعبة » واستشكل بان هذا لا يمكن الا إذا كان المصلى في الناحية الجنوبية وقد كان المسلمون يصلون في شعب أبى طالب ثلاث سنين وليس الشعب في الناحية الجنوبية وكذا دار خديجة فإنها في شرقي مكة ، وما في الكافي من أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يجعل الكعبة خلفه فلا ينافي جعلها إلى أحد جوانبه.

وقول أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم الشورى وتصديقهم إياه ، حيث قال : « أمنكم أحد وحد الله قبلي؟ قالوا لا ، أمنكم أحد صلى القبلتين؟ قالوا : لا » يعطينا خبرا بأن القبلة في أول الأمر أعني قبل يوم الانذار الكعبة لان تصديق القوم باختصاصه (ع) بهذه الفضيلة مع أنهم اشتركوا معه في الصلاة إلى القبلتين بعد تحولها في المدينة وقبلة في مكة لا يستقيم وان قلنا بالتوجه إلى القبلتين معا في صلاة واحدة ، اللهم الا أن يكون القوم قطعوا بأن مراده (ع) التوجه أولا إلى الكعبة في السنين الثلاث التي لم يؤمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بدعوة القوم وكان يصلى غالبا في الحرم إلى الكعبة ثم بعد تلك الثلاث إلى بيت المقدس ولا يشاركه في هذا الفضل أحد من القوم.

ثم إن ما في المتن كلام يشبه الحديث وليس بلفظه كما يفهم من قول المؤلف في آخره « قد أخرجت الخبر في ذلك على وجهه » ونحوه في تفسير علي بن إبراهيم والنعماني.

(١) في الشمال الغربي قريب من مسجد الفتح.

٢٧٥

المقدس تضيع يا رسول الله؟ فأنزل الله عزوجل « وما كان الله ليضيع إيمانكم » يعني صلاتكم إلى بيت المقدس ، وقد أخرجت الخبر في ذلك على وجهه في كتاب النبوة.

٨٤٦ ـ وروي عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله أنه سأل الصادق عليه‌السلام « عن رجل أعمى صلى على غير القبلة ، فقال : إن كان في وقت فليعد ، وإن كان قد مضى الوقت فلا يعيد ، قال : وسألت عن رجل صلى وهي متغيمة (١) ثم تجلت فعلم أنه صلى على غير القبلة ، فقال : إن كان في وقت فليعد ، وإن كان الوقت قد مضى فلا يعيد » (٢).

٨٤٧ ـ وروى زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « يجزي المتحير أبدا (٣) أينما توجه إذا لم يعلم أين وجه القبلة ».

٨٤٨ ـ وسأله معاوية بن عمار « عن الرجل يقوم الصلاة ، ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى قد انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا ، فقال [ له ] : قد مضت صلاته ، وما بين المشرق والمغرب قبلة ».

ونزلت هذه في قبلة المتحير « ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله » (٤).

__________________

(١) يعنى السماء.

(٢) في الخبر باطلاقه دلالة على عدم الفرق بين الاستدبار والتشريق والتغريب وما بينهما وبين القبلة ، وحديث معاوية بن عمار الآتي تحت رقم ٨٤٨ أيضا صحيح لكنه يقيد هذا الحديث بما بين المشرق والمغرب وإن كان قوله « يمينا وشمالا » يتناوله الا أن قوله (ع) « وما بين المشرق والمغرب قبلة » يدل على نوع تخصيص لصدره ( الشيخ محمد ).

(٣) المراد المحبوس والأسير والا من كان في مفازة عليه أن يصلى إلى أربع جوانب كما سيجئ ، وفى بعض النسخ « يجزى التحري ». والظاهر أنه من النساخ لما في كتاب الحديث الفقه جميعا بلفظ « المتحير ». وقال الفاضل التفرشي : الحديث صحيح ويدل على صحة الاكتفاء بصلاة واحدة وحينئذ ينبغي حمل ما دل على الاتيان بأربع صلوات على الاستحباب.

(٤) وردت اخبار بأنها نزلت في النافلة في السفر كما في تفسير العياشي وعلي بن إبراهيم والتبيان للشيخ ـ رحمهم‌الله ـ.

٢٧٦

٨٤٩ ـ وروى محمد بن أبي حمزة عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام أنه قال : « إذا ظهر النز (١) من خلف الكنيف وهو في القبلة يستره بشئ ».

ولا يقطع صلاة المسلم شئ يمر بين يديه من كلب أو امرأة أو حمار أو غير ذلك (٢).

٨٥٠ ـ و « نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن البزاق في القبلة » (٣).

٨٥١ ـ و « رأى صلى‌الله‌عليه‌وآله نخامة في المسجد فمشى إليها بعرجون من عراجين ابن طاب فحكها ، ثم رجع القهقرى فبنى على صلاته ». وقال الصادق عليه‌السلام (٤) « وهذا يفتح من الصلاة أبوابا كثيرة » (٥).

٨٥٢ ـ و « نهى صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الجماع مستقبل القبلة ومستدبرها (٦) ، ونهى عن استقبال القبلة ببول أو غائط » (٧).

٨٥٣ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « لا يبزقن أحدكم في الصلاة قبل وجهه ، ولا عن يمينه ، وليبزق عن يساره وتحت قدمه اليسرى ».

__________________

(١) النز ـ بالفتح ـ : ما يتحلب في الأرض من الماء.

(٢) لما في موثقة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) سأله عن الرجل هل يقطع صلاته شئ مما يمر بين يديه؟ فقال : لا يقطع صلاة المؤمن شئ ولكن ادرأوا ما استطعتم.

(٣) حمل على الكراهة.

(٤) قيل : لعله الصدوق فصحف وزيد عليه « عليه‌السلام ».

(٥) لعل المراد أن هذا الفعل من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يفتح علينا أبواب علوم كثيرة متعلقة بالصلاة منها جواز المشي فيها للضرورة بل للمستحبات ومنها أنه لابد في المشي أن لا يستدير والظاهر من البناء أنه لم يقرء في المشي بل بنى بعد الرجوع ومنها جواز المشي القهقرى وجواز الفعل الكثير ولمثل هذا ، ويمكن حمل الصلاة على الصلاة المستحبة ( سلطان ) أقول : قوله « بعرجون من عرجون ابن طاب هو اسم رجل معروف يقال : عذق ابن طاب ، ورطب ابن طاب وتمر ابن طاب ، ومنه حديث جابر » وفى يده عرجون ابن طاب « كما في النهاية. وفى بعض النسخ » أرطاب وهو تصحيف.

(٦) محمول على الكراهة.

(٧) تقدم الكلام فيه ص ٢٦.

٢٧٧

٨٥٤ ـ قال الصادق عليه‌السلام : « من حبس ريقه إجلالا لله عزوجل في صلاته أورثه الله تعالى صحة حتى الممات ».

وقد روى فيمن لا يهتدي إلى القبلة في مفازة أنه يصلي إلى أربع جوانب (١).

٨٥٥ ـ وروى زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « لا صلاة إلا إلى القبلة ، قال : قلت : وأين حد القبلة؟ قال : ما بين المشرق والمغرب قبلة كله ، قال : قلت : فمن صلى لغير القبلة أو في يوم غيم (٢) في غير الوقت؟ قال : يعيد » (٣).

٨٥٦ ـ وقال في حديث آخر ذكره له (٤) « ثم استقبل القبلة بوجهك ولا تقلب بوجهك عن القبلة فتفسد صلاتك ، فإن الله عزوجل يقول لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الفريضة » فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره « فقم منتصبا فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من لم يقم صلبه فلا صلاة له ، واخشع ببصرك لله عزوجل ولا ترفعه إلى السماء ، وليكن حذاء وجهك في موضع سجودك » (٥).

__________________

(١) مضمون مأخوذ من الخبر لا لفظه راجع التهذيب ج ١ ص ١٤٦ والكافي ج ٣ ص ٢٨٦.

(٢) « لغير القبلة » أي غير ما بين المغرب والمشرق ،؟ وقوله « في غير الوقت » أي قبل الوقت.

(٣) لعل الإعادة في الحكم الأول ( يعنى إذا صلى في غير الوقت ) على الاستدبار أو على الانحراف عمدا ، وفى الحكم الثاني ( يعنى إذا صلى في غير الوقت ) على ايقاعها قبل الوقت إذ لو كان أوقعها بعد الوقت كما في صلاة الصبح لم يبعد صحتها قضاء. ( مراد )

(٤) ظاهره قال زرارة في حديث ذكر ذلك الحديث أبو جعفر لزرارة ، والمؤلف رحمه‌الله أخذ موضع الحاجة من ذلك الحديث. ( مراد )

(٥) يدل هذا الخبر على وجوب الاستقبال وعلى أن الالتفات مبطل للصلاة كما يدل عليه أخبار أخر ، وحمل على أنه إذا كان بوجهه كله إلى دبر القبلة ، ويدل على أن الامر في الآية بالاستقبال للفريضة وبه قال جماعة من الأصحاب وجوزوا صلاة النافلة اختيارا على خلاف جهة القبلة والأحوط العدم ، ولا ريب في جواز النافلة سفرا وحضرا مع الحاجة على خلاف القبلة فيمكن

٢٧٨

٨٥٧ ـ وقال عليه‌السلام لزرارة : « لا تعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور ، والوقت والقبلة ، والركوع ، والسجود » (١).

وقال أبي رضي‌الله‌عنه في رسالته إلي : إذا أردت أن تصلي نافلة وأنت راكب فصلها ، واستقبل برأس دابتك حيث توجهت بك مستقبل القبلة ومستدبرها ويمينا ويسارا ، فان صليت فريضة على ظهر دابتك فاستقبل القبلة وكبر تكبيرة الافتتاح ثم امض حيث توجهت بك دابتك واقرأ ، فإذا أردت الركوع والسجود فاركع واسجد على شئ يكون معك مما يجوز عليه السجود ولا تصلها (٢) إلا على حال اضطرار شديد وتفعل فيها إذا صليت ماشيا مثل ذلك إلا أنك إذا أردت السجود سجدت على الأرض.

وقال فيها (٣) : إذا تعرض لك سبع وخفت فوت الصلاة فاستقبل القبلة وصل صلاتك بالايماء ، وإن خشيت السبع وتعرض لك فدر معه كيف دار وصل بالايماء.

__________________

حمله عليه وأول الآية خطاب للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والتتمة للأمة ، أو الأول للقريب والتتمة للبعيد ويدل على وجوب القيام منتصبا ولا ريب فيه لاخبار أخر أيضا وأما ان الانتصاب التام واجب فلا يخلو من اشكال وإن كان أحوط ، ويدل على استحباب الخشوع بالبصر بان يكون نظره في حال القيام على موضع سجوده ، وعلى كراهية النظر إلى السماء في حال القيام. (م ت)

(١) الظاهر أن الحصر إضافي وأيضا لا يقتضى الا كون هذه الخمس موجبا للإعادة في ـ الجملة فلا ينافي عدم ايجاب بعض أفراده للإعادة كسجدة واحدة مثلا ( سلطان ) وقال الفاضل التفرشي قوله « الا من خمسة » أي إذا أخل بها عمدا أو سهوا من دون أن يقوم شئ مقامه كما في الايمان بدلا عن الركوع والسجود في موضعه ولا يرد النية والتكبير والقيام اما النية فإنها لا تنفك عن التكبير وهي لا تنسى كما وقع في بعض الأحاديث لأنه أول الصلاة لا يشرع فيها الا به وأما القيام المتصل بالركوع فلانه لا ينفك عنه واما القيام في التكبير والنية فلانه يلزمهما إذا وقعا على وجههما فانتفاؤه يستلزم انتفاءهما على وجههما.

(٢) الضمير للصلاة الفريضة المؤداة على الدابة وكذا ضمير « فيها ». ( مراد )

(٣) أي في الرسالة.

٢٧٩

٨٥٨ ـ ووري « أنه إذا عصفت الريح بمن في السفينة ولم يقدر على أن يدور إلى القبلة صلى إلى صدر السفينة » (١).

٨٥٩ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « كل واعظ قبلة وكل موعوظ قبلة للواعظ ».

يعني في الجمعة والعيدين وصلاة الاستسقاء في الخطبة يستقبلهم الامام و يستقبلونه حتى يفرغ من خطبته.

٨٦٠ ـ وقال رجل للصادق عليه‌السلام : « إني أكون في السفر ولا أهتدي إلى القبلة بالليل فقال : أتعرف الكوكب الذي يقال له الجدي؟ قلت : نعم ، قال : فاجعله على يمينك وإذا كنت على طريق الحج فاجعله بين كتفيك » (٢).

باب

* ( الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصلاة ) *

٨٦١ ـ قال الصادق عليه‌السلام : « إنا نأمر صبياننا بالصلاة وهم أبناء خمس سنين فمروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا أبناء سبع سنين ، ونحن نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا أبناء سبع سنين ما أطاقوا من صيام اليوم إن كان إلى نصف النهار أو أكثر من ذلك أو أقل ، فإذا غلبهم العطش أو الجوع أفطروا حتى يتعودوا الصوم ويطيقوه فمروا صبيانكم بالصيام إذا كانوا أبناء تسع سنين ما أطاقوه من صيام اليوم ، فإذا غلبهم العطش أفطروا ».

٨٦٢ ـ وروي عن الحسن بن قارن (٣) أنه قال : « سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام أو

__________________

(١) في بعض النسخ « صار إلى صدر السفينة » أي يتوجه إليه وفى بعضها « صل إلى صدر السفينة » وحينئذ « لم تقدر » و « أن تدور » على صيغة الخطاب وصدر السفينة هو الذي يقدم في الجري. ( مراد )

(٢) هذه العلامة إنما تستقيم لأهل العراق وراوي الخبر كأنه محمد بن مسلم وهو كوفي أو رجل من أهل العراق وإنما سأل عن قبلة بلاده. ( الوافي )

(٣) في الطريق حمزة بن محمد العلوي وهو مهمل.

٢٨٠