أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]
المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٩٩
نزورهم؟ فقال : نعم ، قلت : فيعلمون بنا إذا أتيناهم؟ فقال : إي والله إنهم ليعلمون بكم ويفرحون بكم ويستأنسون إليكم ، قال : قلت : فأي شئ نقول إذا أتيناهم؟ قال : قل : « اللهم جاف الأرض عن جنوبهم وصاعد إليك أرواحهم ، ولقهم منك رضوانا ، وأسكن إليهم من رحمتك ما تصل به وحدتهم ، وتؤنس به وحشتهم ، إنك على كل شئ قدير ».
٥٤١ ـ وقال الرضا عليهالسلام : « ما من عبد [ مؤمن ] زار قبر مؤمن فقرأ عنده إنا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات إلا غفر الله له ولصاحب القبر » (١).
٥٤٢ ـ وسأل إسحاق بن عمار أبا الحسن الأول عليهالسلام « عن المؤمن يزور أهله (٢) فقال : نعم ، قال : في كم؟ فقال : على قدر فضائلهم ، منهم من يزور في كل يوم ، ومنهم من يزور في كل يومين ، ومنهم من يزور في كل ثلاثة أيام قال : ثم رأيت في مجرى كلامه أنه يقول : أدناهم جمعة (٣) ، فقال له : في أي ساعة؟ قال : عند زوال الشمس أو قبيل ذلك فيبعث الله معه ملكا يريه ما يسر به يستر عنه ما يكرهه فيرى سرورا ويرجع إلى قرة عين » (٤).
٥٤٣ ـ وروى حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليهالسلام « أن الكافر يزور أهله فيرى ما يكرهه ويستر عنه ما يحب ».
٥٤٤ ـ وقال صفوان بن يحيى لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام : « بلغني أن المؤمن إذا أتاه الزائر آنس به ، فإذا انصرف عنه استوحش ، فقال : لا يستوحش ».
__________________
(١) رواه في ثواب الأعمال باسناده عن أحمد بن محمد قال : « كنت انا وإبراهيم بن هاشم في بعض المقابر إذ جاء إلى قبر فجلس مستقبل القبلة ، ثم وضع يده على القبر فقرأ سبع مرات » انا أنزلناه « ثم قال : حدثني صاحب هذا القبر ـ وهو محمد بن إسماعيل بن بزيع ـ انه من زار قبر مؤمن فقرأ عنده سبع مرات » انا أنزلناه « غفر الله له ولصاحب القبر ».
(٢) أي المؤمن الميت يزور أهله الاحياء.
(٣) أي أدناهم يزور جمعة وأريد بها الأسبوع لا اليوم المخصوص بقرينة الكلام.
(٤) أي يرجع قرير العين مسرورا.
٥٤٥ ـ وقال أبو جعفر عليهالسلام : « يصنع للميت مأتم (١) ثلاثة أيام من يوم مات ».
٥٤٦ ـ و « أوصى أبو جعفر عليهالسلام بثمانمائة درهم لمأتمه ، وكان يرى ذلك للسنة ، لان رسول الله صلى عليه وآله وسلم قال : اتخذوا لآل جعفر بن أبي طالب طعاما فقد شغلوا ».
٥٤٧ ـ و « أوصى أبو جعفر عليهالسلام أن يندب في المراسم عشر سنين ».
٥٤٨ ـ وقال الصادق عليهالسلام : « الاكل عند أهل المصيبة من عمل أهل الجاهلية والسنة البعث إليهم بالطعام كما أمر به النبي صلىاللهعليهوآله في آل جعفر بن أبي طالب عليهالسلام لما جاء نعيه » (٣).
٥٤٩ ـ وقال عليهالسلام : « لما قتل جعفر بن أبي طالب عليهالسلام (٤) أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله فاطمة عليهاالسلام أن تأتي أسماء بنت عميس ونساءها وأن تصنع لهم
__________________
(١) المأتم ـ كمشهد ـ : كل مجتمع في حزن أو فرح ، أو خاص بالنساء للموت وقد يطلق على الطعام للميت.
(٢) الندب تذكر النائحة للميت بأحسن أوصافه وأفعاله والبكاء عليه ، وقد روى الكليني في الكافي ج ٥ ص ١١٧ باسناده عن الصادق عليهالسلام قال : « قال أبى : يا جعفر أوقف لي من مالي كذا وكذا النوادب تندبني عشر سنين بمنى أيام منى » ، وذلك يدل على رجحان الندبة عليهم عليهم ـ السلام وإقامة المأتم لهم لما فيه من تشييد حبهم وبغض مخالفيهم في القلوب ، والظاهر اختصاصه بهم. والنوح عليهم سنة جارية بيننا خلافا للعامة فإنهم نقلوا أخبارا ظاهرها تحريم النياحة وعلى تقدير صحتها حملت على النوح بالباطل الذي كان عمل الناس في الجاهلية فإنهم وصفوا الميت بما ليس فيه وقد يظهر هذا الحمل من أخبارهم أيضا.
(٣) النعي : الاخبار بالموت ، ونعاه أي أخبر بموته ، ويظهر من الخبر كراهة الاكل من طعام صنعه أهل المصيبة لا ما بعث إليهم غيرهم. (م ت)
(٤) جعفر بن أبي طالب استشهد بمؤتة وهو ابن أربعين سنة أو أقل ، ونقل العسقلاني في الإصابة عن الطبراني أنه أصيب بتسعين جراحة.
طعاما ثلاثة أيام ، فجرت بذلك السنة ».
٥٥٠ ـ وقال الصادق عليهالسلام : « ليس لأحد أن يحد أكثر من ثلاثة أيام إلا المرأة على زوجها حتى تنقضي عدتها » (١).
٥٥١ ـ وسئل عن أجر النائحة ، فقال : « لا بأس به [ و ] قد نيح على رسول الله صلىاللهعليهوآله ».
٥٥٢ ـ وروي أنه قال : « لا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقا ». وفى خبر آخر قال : « تستحله بضرب إحدى يديها على الأخرى ».
٥٥٣ ـ و « لما انصرف رسول الله صلىاللهعليهوآله من وقعة أحد إلى المدينة سمع من كل دار قتل من أهلها قتيل نوحا وبكاء ولم يسمع من دار حمزة عمه فقال صلىاللهعليهوآله لكن حمزة لا بواكي له ، فآلى أهل المدينة (٢) أن لا ينوحوا على ميت ولا يبكوه حتى يبدؤا بحمزة فينوحوا عليه ويبكوه ، فهم إلى اليوم على ذلك ».
٥٥٤ ـ وقال عمر بن يزيد : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : يصل عن الميت؟ فقال : نعم حتى أنه ليكون في ضيق فيوسع الله عليه ذلك الضيق ، يؤتى فيقال له : خفف عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك عنك ، قال : فقلت له : فأشرك بين رجلين في ركعتين قال : نعم. فقال عليهالسلام : « إن الميت ليفرح بالترحم عليه والاستغفار له كما يفرح الحي بالهدية تهدى إليه » (٣).
__________________
(١) أحدت المرأة : امتنعت من الزينة ، وكذلك حدت ـ بشد الدال ـ والحداد : ثياب المأتم.
(٢) آلى يؤلى ايلاء أي حلف.
(٣) الاخبار في انتفاع الميت بالصلاة والصوم والحج والصدقة وغيرها من القربات متواترة جدا أوردها الشهيد ـ رحمهالله ـ في الذكرى وبسط الكلام ووفى حق المقام.
وربما يستشكل بأن ما جاء في تلك الروايات ينافي قوله تعالى : « وأن ليس للانسان الا ما سعى » وأجيب تارة بأن الآية منسوخ الحكم في شريعتنا لقوله تعالى « ألحقنا بهم ذريتهم » يعنى برفع الدرجة ورفع درجة الذرية مما لم يستحقوها بأعمالهم ونحو هذا. وقال بعضهم : ان ذلك لقوم إبراهيم وموسى فأما هذه الأمة فلهم ما سعى غيرهم نيابة عنهم ، وهو كما ترى. وتارة بعدم التنافي بيانه أن القربات والأعمال الصالحة التي ينتفع بها المؤمن بعد موته على أقسام ، قسم منها
ويجوز أن يجعل الرجل حجته (١) أو عمرته أو بعض صلاته أو بعض طوافه لبعض أوله وهو ميت وينتفع به حتى أنه ليكون مسخوطا عليه فيغفر له ، ويكون مضيقا عليه فيوسع له (٢) ، ويعلم الميت بذلك ، ولو أن رجلا فعل ذلك عن ناصب
__________________
كالصدقة الجارية وبناء المساجد والعلم الذي ينتفع به الناس وما شابهها فلا كلام في أنها تكون من عمله وسعيه فمجزى بها بعد موته ، وقسم له دخل ما في تحققه وان لم يكن في ظاهر الامر من عمله كالوصية بأنواع الخير فهو أيضا يعد من سعيه ويشمله عموم « ما سعى » لأنه ان لم يوص لم يتحقق ، أو كالولد البر التقى الذي أدبه في أيام حياته فيدعو له بعد موته ويصلى ويصوم ويحج عنه فهو أيضا من كسبه كما جاء في النبوي صلىاللهعليهوآله « ان أطيب ما أكل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه ». وقسم لا دخل للميت في وقوعه على الظاهر كاستغفار المؤمنين له والأعمال الصالحة التي تهدى إليه مثوباتها فذاك اما مرتبط بسعيه في الدخول في زمرة المؤمنين وتكثير سوادهم و تأييد ايمانهم الذي من آثاره ما يأتون به من القربات والخيرات كما في قوله تعالى : « و الذي جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان » واما مرتبط باحسانه ومحبته إليهم في حياته فهو أيضا نتيجة احسانه ومحبته ويشمله عموم السعي أيضا.
وقسم لا يتصور للميت أي مدخل فيه كتبرع ذوي قرباه أو غيرهم له لا من جهة أنه من المؤمنين بل من أجل القرابة في النسب فحسب أو لمحبوبية التبرع عن الغير عند الشارع ورجحانه عند الله تعالى فهذا أيضا لا ينافي حكم الآية التشريعي لان لكل عمل عبادي ثوابا مقررا عند الله تعالى يصل إلى العامل جزاء لعمله وسعيه لا محالة تفضلا كان أو استحقاقا ، فحينئذ إذا أهدى العامل ثواب عمله إلى شخص عينه وسأل الله سبحانه حوالته وأعطى أجره من كان يريده فلا منافاة لان ذلك جزاء علم المحيل لا غيره. هذا من إفادات استاذنا المعظم السيد محمد كاظم الموسوي الگلبايگاني دام ظله العالي. هذا وراجع في تحقيق آخر للكلام ج ٢. ص ٤٦١.
(١) الظاهر أنه يفعل ذلك نيابة عن الميت ، ويحتمل أن يجعل للميت ثواب ما فعله سابقا. ( مراد )
(٢) السخط خلاف الرضا ، ولعل المراد بالضيق تضيق القبر وضغطته ، وبالتوسع توسعه ورفع الضغطة ، ويحتمل العموم. ( مراد )
لخفف عنه (١) ، والبر والصلة والحج يجعل للميت والحي ، فأما الصلاة فلا تجوز عن الحي (٢).
٥٥٥ ـ وقال عليهالسلام : « ستة يلحقن المؤمن بعد وفاته : ولد يستغفر له ، ومصحف يخلفه ، وغرس يغرسه ، وصدقة ماء يجريه (٣) ، وقليب يحفره ، وسنة يؤخذ بها من بعده ».
٥٥٦ ـ وقال عليهالسلام : « من عمل من المسلمين عن ميت عملا صالحا أضعف له أجره ونفع الله به الميت ».
٥٥٧ ـ وقال عليهالسلام : « يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والبر والدعاء ، ويكتب أجره للذي يفعله وللميت ».
٥٥٨ ـ « ولما مات (٤) ذر بن أبي ذر رحمة الله عليه وقف أبو ذر على قبره فمسح القبر بيده ، ثم قال : رحمك الله يا ذر والله إن كنت بي لبرا ولقد قبضت وإني عنك لراض ، والله ما بي فقدك وما علي من غضاضة (٥) وما لي إلى أحد سوى الله من حاجة ، ولولا هول المطلع (٦) لسرني أن أكون مكانك ، ولقد شغلني الحزن
__________________
(١) يمكن أن يكون محمولا على المبالغة بمعنى أنه لو أمكن انتفاعه لانتفع ، لكن يستحيل انتفاعه لان النفع مشروط بالايمان ولا أقل من الاسلام وهو خارج عن الدين ضرورة ، الا أن يراد بالناصب غير المعادي كما هو شايع في الاخبار من اطلاق الناصب فيمكن انتفاعهم بفضل الله تعالى. (م ت)
(٢) الا صلاة الطواف فإنها جزاء للحج.
(٣) في بعض النسخ « صدقة ما يجريه » فحينئذ يشمل الماء غيره. ( مراد )
(٤) رواه الكليني في الكافي ج ٣ ص ٢٥٠ عن علي بن إبراهيم القمي مرفوعا مقطوعا.
(٥) أي ليس على بأس وحزن من فقدك وموتك ، أو ما وقع بي فقدك مكروها والحاصل ليس بي حزن فقدك. والغضاضة : الذلة والمنقصة والغيظ.
(٦) المطلع ـ بتشديد الطاء المهملة والبناء للمفعول ـ : أمر الآخرة وموقف القيامة أو ما يشرف عليه عقيب الموت فشبه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال.
لك (١) عن الحزن عليك ، والله ما بكيت لك ولكن بكيت عليك (٢) ، فليت شعري ما قلت وما قيل لك؟ اللهم إني قد وهبت له ما افترضت عليه من حقي فهب له ما افترضت عليه من حقك فأنت أحق بالجود مني والكرم ».
باب النوادر
٥٥٩ ـ قال الصادق عليهالسلام : « ما من أحد يموت أحب إلى إبليس من موت فقيه ».
٥٦٠ ـ وسئل عليهالسلام « عن قول الله عزوجل : « أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها » فقال : فقد العلماء ».
٥٦١ ـ وسئل عليهالسلام عن قول الله عزوجل : « أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر » (٣) فقال : توبيخ لابن ثمانية عشر سنة (٤).
٥٦٢ ـ وسئل عليهالسلام عن قول الله عزوجل : وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها « قال : هو الفناء بالموت » (٥).
__________________
(١) أي في أمر الآخرة وقوله « عن الحزن عليك » أي على مفارقتك.
(٢) قوله « ما بكيت لك » أي لفراقك و « بكيت عليك » أي للاشفاق عليك ، أو على ضعفك وعجزك عن الأهوال التي أمامك.
(٣) لفظة « ما » على هذا التفسير يراد به العمر والمعنى أو لم نعمركم عمرا يتذكر فيه من تذكر.
(٤) ظاهر الآية توبيخ المعمرين الذين لم يتذكروا ولم يتنبهوا أن الدنيا فانية والآخرة باقية حتى يسعوا في موجبات الثواب الأبدي. وفسر المعمر بمن كان له من العمر ثمانية عشر سنة ، يعنى هذا المقدار من العمر كاف للتذكر والتنبه وملوم بالتقصير فيه ، وكلما زاد فملامته أشد وأكثر. (م ت)
(٥) مرجع الضمير هو الاهلاك المفهوم من قوله : « مهلكوها ».
٥٦٣ ـ وقال الصادق عليهالسلام : « ليس لكم أن تعزونا ولنا أن نعزيكم ، إنما لكم أن تهنئونا لأنكم تشاركوننا في المصيبة » (١).
٥٦٤ ـ وسئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام « عن الرجل يقول لابنه أو لابنته : بأبي أنت وأمي أو بأبوي أنت ، أترى بذلك بأسا؟ فقال : إن كان أبواه حيين فأرى ذلك عقوقا ، وإن كان قد ماتا فلا بأس ».
٥٦٥ ـ وقال الصادق عليهالسلام : « الصبر صبران فالصبر عند المصيبة حسن جميل وأفضل من ذلك الصبر عندما حرم الله عزوجل عليك فيكون لك حاجزا ».
٥٦٦ ـ وقال عليهالسلام : « إن الله تبارك وتعالى تطول على عباده بثلاث : ألقى عليهم الريح بعد الروح (٢) ولولا ذلك ما دفن حميم حميما ، وألقى عليهم السلوة بعد المصيبة (٣) ولولا ذلك لانقطع النسل ، وألقى على هذه الحبة (٤) الدابة ولولا ذلك لكنزها ملوكهم كما يكنزون الذهب والفضة ».
٥٦٧ ـ وقال عليهالسلام : « إنا أهل بيت نجزع قبل المصيبة فإذا نزل أمر الله عزوجل رضينا بقضائه وسلمنا لامره وليس لنا أن نكره ما أحب الله لنا ».
٥٦٨ ـ وقال عليهالسلام : « من خاف على نفسه من وجد بمصيبة (٥) فليفض من دموعه فإنه يسكن عنه ».
__________________
(١) ذلك لان شركاء المصيبة لا يعزى بعضهم بعضا بخلاف شركاء النعمة فإنه يهنئ بعضهم بعضا ، ويمكن حمله على أن ليس لكم أن تعزونا في مصيبتنا بل لنا أن نعزيكم فيها لأنكم تشاركوننا فيها والتعزية أي الحمل على الصبر ينبغي أن يقع من الشريك الذي هو أصبر بالنسبة إلى الذي هو أقل صبرا. ( مراد )
(٢) أي النتن بعد ذهاب الروح.
(٣) الحميم : القريب ، والسلوة التسلي اسم من سلوت عنه سلوا من باب قعد ، قال أبو زيد : السلو طيب نفس الألف عن الفه. ( المصباح )
(٤) المراد بها الحنطة والشعير وأمثالهما.
(٥) الوجد ـ بفتح الواو ـ هنا : الحزن.
٥٦٩ ـ وقال ابن أبي ليلى (١) للصادق عليهالسلام : « أي شئ أحلى مما خلق الله عز وجل فقال : الولد الشاب ، فقال : أي شئ أمر مما خلق الله عزوجل؟ قال : فقده ، فقال : أشهد أنكم حجج الله على خلقه ».
٥٧٠ ـ وقال عليهالسلام : « ما من عبد يمسح يده على رأس يتيم ترحما له إلا أعطاه الله عزوجل بكل شعرة نورا يوم القيامة ».
٥٧١ ـ وروي « أنه يكتب الله عزوجل له بعدد كل شعرة مرت عليها يده حسنة ».
٥٧٢ ـ وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « من أنكر منكم قساوة قلبه فليدن يتيما فيلاطفه وليمسح رأسه يلين قلبه بإذن الله عزوجل فإن لليتيم حقا ».
وروي أنه قال : « يقعده على خوانه ويمسح رأسه يلين قلبه ».
٥٧٣ ـ وقال الصادق عليهالسلام : « إذا بكى اليتيم اهتز له العرش ، فيقول الله تبارك وتعالى : من هذا الذي أبكى عبدي الذي سلبته أبويه في صغره؟ فوعزتي وجلالي وارتفاعي في مكاني لا يسكته عبد مؤمن إلا أوجبت له الجنة ».
٥٧٤ ـ وقال الصادق عليهالسلام : « من قدم أولادا يحتسبهم عند الله (٢) حجبوه من النار بإذن الله عزوجل ».
٥٧٥ ـ وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « إن الله تبارك وتعالى كره لي ست خصال و كرهتهن للأوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي : العبث في الصلاة (٣) والرفث في
__________________
(١) هو قاض من قضاة العامة.
(٢) في الصحاح : واحتسبت بكذا أجرا عند الله والاسم الحسبة ـ بالكسر ـ وهي الاجر ، واحتسب فلان ابنا له أو بنتا ، إذا ما مات وهو كبير فان مات صغيرا قيل افترطه. انتهى ولعل معنى الاحتساب هنا موت الولد مطلقا.
(٣) « العبث في الصلاة » لعل المراد ما يؤتى به في الصلاة من غير أفعالها مما لا يبطلها ولا يتعلق به غرض يعتد به ، والرفث : الجماع والفحش من القول ، والعل المراد مقدمات الجماع مثل التقبيل وغيره.
الصوم ، والمن بعد الصدقة ، وإتيان المساجد جنبا ، والتطلع في الدور ، والضحك بين القبور ».
٥٧٦ ـ وقال الصادق عليهالسلام : « كلما جعل على القبر من غير تراب القبر فهو ثقل على الميت ».
٥٧٧ ـ وروي أن السندي بن شاهك قال لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام : « أحب أن تدعني على أن أكفنك ، فقال : إنا أهل بيت حج صرورتنا (١) ومهور نسائنا وأكفاننا من طهور أموالنا ».
٥٧٨ ـ وقال الصادق عليهالسلام : « إن أعداءنا يموتون بالطاعون وأنتم تموتون بعلة البطون ، ألا إنها علامة فيكم يا معشر الشيعة ».
٥٧٩ ـ وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « من جدد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج من الاسلام ».
واختلف مشائخنا في معنى هذا الخبر فقال محمد بن الحسن الصفار رحمهالله : هو جدد بالجيم لا غير ، وكان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضياللهعنه يحكي عنه (٢) أنه قال : لا يجوز تجديد القبر ولا تطيين جميعه بعد مرور الأيام عليه و بعد ما طين في الأول ولكن إذا مات ميت وطين قبره فجائز أن يرم سائر القبور من غير أن يجدد.
وذكر (٣) عن سعد بن عبد الله رحمهالله أنه كان يقول : إنما هو من حدد قبرا بالحاء غير المعجمة يعني به من سنم قبرا.
وذكر (٤) عن أحمد بن أبي عبدا لله البرقي أنه قال : إنما هو من جدث قبرا ، و تفسير الجدث (٥) القبر فلا ند ري ما عنى به ، والذي أذهب إليه أنه جدد بالجيم
__________________
(١) المراد بحج الصرورة حجة الاسلام.
(٢) يعني عن الصفار ـ رحمهالله ـ.
(٣) المستتر راجع إلى ابن الوليد ظاهرا.
(٤) المستتر راجع إلى ابن الوليد ظاهرا.
(٥) تتمة كلام ابن الوليد.
ومعناه نبش قبرا لان من نبش قبرا فقد جدده وأحوج إلى تجديده وقد جعله جدثا محفورا.
وأقول : إن التجديد على المعنى الذي ذهب إليه محمد بن الحسن الصفار ، و التحديد بالحاء غير المعجمة الذي ذهب إليه سعد بن عبد الله ، والذي قاله البرقي من أنه جدث كله داخل في معنى الحديث (١) ، وأن من خالف الإمام عليهالسلام في التجديد والتسنيم والنبش واستحل شيئا من ذلك فقد خرج من الاسلام (٢).
__________________
(١) مراده بهذه الكلام غير معلوم فإنه ان أراد ورود الخبر بكل ما قال فليس كذلك ، وان أراد أن لاحدها معنى عاما شاملا للجميع فليثبته. ثم اعلم أن ما في المتن أقرب الجميع و « جدث » أبعدها لأنه لم يسمع بفعل من « جدث » سوى « اجتدث » بمعنى اتخذ قبرا فلذا قال ابن الوليد بعد نقل كلام البرقي « لا ندري ما عنى به » ولكن الشيخ قال في التهذيب ج ١ ص ١٣٠ يمكن أن يكون المعنى بهذه الرواية النهى أن يجعل القبر دفعه أخرى قبرا لانسان آخر لان الجدث هو القبر فيجوز أن يكون الفعل مأخوذا منه ـ انتهى ، ولكن لم يستعمل فعل من جدث مجردا.
ثم أعلم أن الشيخ ـ رحمهالله ـ نسب قول ابن الوليد إلى الصدوق وهذا وهم منه كما عرفت وتبعه العلامة ـ رحمهالله ـ. وقد حكى عن المفيد أنه رواه « خدد » بالخاء المعجمة والدال مأخوذا من قوله تعالى : « قتل أصحاب الأخدود » والخد الشق. ( راجع الاخبار الدخيلة ص ٥٠ ).
(٢) قال بعض الشراح : المعاني المذكورة ليست من ضروريات الدين حتى يخرج مستحلوها بسبب استحلالها عن الاسلام مع أن الاستحلال ليس في الرواية والذي يدور في خلدي أن معنى الرواية على التمثيل والاستعارة حيث شبه بدن الجاهل بالقبر ، وروحه بالميت لان حياة الروح بالعلم وترويج أفعاله وأقواله فقد خرج عن الدين وقوله عليهالسلام « مثل مثالا » يعنى أبدع في الدين بدعة كما فسره الصدوق ـ رحمهالله ـ انتهى ، أقول : أخذه المؤلف مما رواه هو في كتابه معاني الأخبار عن الصادق عليهالسلام أنه قال « من مثل مثالا واقتنى كلبا فقد خرج من الاسلام فقيل له : هلك إذا كثير من الناس فقال : ليس حيث ذهبتم ، إنما عنيت بقولي « من مثل مثالا »
والذي أقوله في قوله عليهالسلام : من مثل مثالا يعني به أنه من أبدع بد ودعا إليها ، أو وضع دينا فقد خرج من الاسلام ، وقولي في ذلك قول أئمتي عليهمالسلام ، فإن أصبت فمن الله على ألسنتهم وإن أخطأت فمن عند نفسي.
٥٨٠ ـ وروي عن عمار الساباطي أنه قال : « سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن الميت هل يبلى جسده؟ فقال : نعم حتى لا يبقى لحم ولا عظم إلا طينته التي خلق منها فإنها لا تبلى ، تبقى في القبر مستديرة (١) حتى يخلق منها كما خلق أول مرة ».
٥٨١ ـ وقال الصادق عليهالسلام : « إن الله عزوجل حرم عظامنا على الأرض ، و حرم لحومنا على الدود أن تطعم منها شيئا ».
٥٨٢ ـ وقال النبي صلىاللهعليهوآله : « حياتي خير لكم ومماتي خير لكم ، قالوا : يا رسول الله وكيف ذلك؟ فقال صلىاللهعليهوآله : أما حياتي فإن الله عزوجل يقول : « وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم » وأما مفارقتي إياكم فإن أعمالكم تعرض علي كل يوم فما كان من حسن استزدت الله لكم ، وما كان من قبيح استغفرت الله لكم ، قالوا : وقد رممت يا رسول الله يعنون صرت رميما فقال : كلا إن الله تبارك وتعالى حرم لحومنا على الأرض أن تطعم منها شيئا » (٢).
٥٨٣ ـ وروي « أن أعمال العباد تعرض على رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلى الأئمة عليهمالسلام كل يوم أبرارها وفجارها فاحذروا ، وذلك قول الله عزوجل : وقل اعملوا فسيرى الله
__________________
من نصب دينا غير دين الله ودعا الناس إليه وبقولي » من اقتنى كلبا « مبغضا لنا أهل البيت اقتناه وأطعمه وسقاه ، من فعل ذلك فقد خرج من الاسلام ».
(١) لعله مأخوذ من دار يدور دورا بمعنى منتقلة من حال إلى حال ومن شأن إلى شأن ، و الحاصل ما سوى النطفة لا يبقى إنما تبقى الطينة مستديمة مستمرة ، ويؤيده ما في بعض النسخ من لفظ « مستديمة » بدل مستديرة فالنطفة مستديمة في جميع مراتب التغيير دايرة منتقلة من حال إلى حال مع بقائها في ذاتها حتى يخلق منها كما خلق أول مرة. ( سلطان )
(٢) هنا كلام وهو أن المعروض عليه هو الروح وصيرورة البدن رميما لا ينافي ذلك ولعل جوابه صلىاللهعليهوآله مبنى على رفع توهم القائل لا على توقف العرض على وجود البدن. ( مراد )
عملكم ورسوله والمؤمنون ».
٥٨٤ ـ وسئل الصادق عليهالسلام « عن المصلوب يصيبه عذاب القبر؟ فقال : إن رب الأرض هو رب الهواء فيوحي الله عزوجل إلى الهواء فيضغطه أشد من ضغطة القبر ».
٥٨٥ ـ وروى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : « إن غسلت رأس الميت ولحيته بالخطمي فلا بأس » وذكر هذا في حديث طويل يصف فيه غسل الميت. (١)
٥٨٦ ـ وقال أبو جعفر الباقر عليهالسلام : « غسل الميت مثل غسل الجنب ، فإن كان كثير الشعر فرد الماء عليه ثلاث مرات ».
٥٨٧ ـ وقال الصادق عليهالسلام : « لا بأس أن تجعل الميت بين رجليك ، وأن تقوم فوقه فتغسله إذا قلبته يمينا وشمالا تضبطه برجليك كي لا يسقط لوجهه » (٢).
٥٨٨ ـ و « إن رسول الله صلىاللهعليهوآله مشى خلف جنازة رجل من الأنصار فقيل له : ألا تركب يا رسول الله؟ فقال إني لأكره ان اركب والملائكة يمشون »
٥٨٩ ـ وقال الصادق عليهالسلام في آخر حديث يذكر فيه غسل الميت : « إياك أن تحشو مسامعه شيئا ، فان خفت أن يظهر من المنخرين شئ فلا عليك أن تصير عليه قطنا (٣) ، وإن لم تخف فلا تجعل فيه شيئا » (٤).
٥٩٠ ـ وقال عليهالسلام في آخر حديث طويل يصف فيه غسل الميت : « لا تخلل أظافيره » (٥).
__________________
(١) مروى بتمامه في التهذيب ج ١ ص ٨٧
(٢) هذا لا ينافي كراهة ذلك على ما صرح به الفقهاء لجواز أن يحمل نفى البأس على نفى الحرمة وجواز تخصيصه بما إذا لم يكن هنالك من يعين الغاسل في حفظ الميت لئلا يسقط على وجهه. ( مراد )
(٣) في بعض النسخ « ثمة قطعا ».
(٤) رواه الكليني بتمامه في الكافي ج ٣ ص ١٤٠ في حديث طويل.
(٥) هذا أيضا جزء من الخبر السابق.
٥٩١ ـ وقال عليهالسلام : « إذا مات لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة ، وكذلك إذا غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة ».
٥٩٢ ـ وقال الصادق عليهالسلام : « إذا قبضت الروح فهي مظلة فوق الجسد ، (١) روح المؤمن وغيره ينظر إلى كل شئ يصنع به ، فإذا كفن ووضع على السرير وحمل على أعناق الرجال عادت الروح إليه ودخلت فيه فيمد له في بصره فينظر إلى موضعه من الجنة أو من النار ، فينادي بأعلى صوته إن كان من أهل الجنة : عجلوني عجلوني ، وإن كان من أهل النار : ردوني ردوني ، وهو يعلم كل شئ يصنع به ، ويسمع الكلام ».
٥٩٣ ـ وقال الصادق عليهالسلام : « إن الأرواح في صفة الأجساد في شجرة من الجنة تتساءل وتتعارف فإذا قدمت الروح على الأرواح تقول : دعوها فقد أفلتت من هول عظيم (٢) ، ثم يسألونها ما فعل فلان؟ وما فعل فلان؟ فإن قالت لهم : تركته حيا ارتجوه ، وإن قالت لهم : قد هلك ، قالوا : هوى هوى » (٣).
٥٩٤ ـ وقال الصادق عليهالسلام (٤) : « إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى بن عمران عليهالسلام أن أخرج عظام يوسف عليهالسلام من مصر (٥) ووعده طلوع القمر فأبطأ طلوع
__________________
(١) في بعض النسخ « مطلقة » بضم الميم واهمال الطاء المكسورة من أطل عليه كذا أي أشرف. وفى النهاية « أظلكم » أي أقبل عليكم ودنا منكم لأنه القى عليكم ظله.
(٢) أي نجت وتخلصت. وفى الصحاح أفلت الشئ وتفلت وانفلت بمعنى وأفلته غيره. وفى بعض النسخ « أقلبت ».
(٣) أي سقط إلى دركات الجحيم إذ لو كان من السعداء لكان يلحق بنا. ( المرآة )
(٤) أخرجه في العلل والعيون بتمامه مسندا وفيهما « احتبس القمر عن بني إسرائيل فأوحى الله تعالى إلى موسى (ع) أن أخرج عظام يوسف (ع) من مصر ووعده طلوع القمر إذا خرج عظامه ـ الحديث ».
(٥) وذلك كما في بعض الكتب أن يوسف عليهالسلام لما مات تنازع بنو إسرائيل وأهل نواحي مصر في موضع قبره فكل يريد أن يدفن في محلته ليكون لهم افتخار ذلك أو بركته فأجمع أمرهم على أن يضعوه في تابوت مرمر واستثقلوه ونبذوه في ناحية من النيل وماء النيل جار في الأنهار وحيث يجرى ينتفع جميع الطوائف به ، يتطهرون بمائه ويشربون منه وتكون البركة لجميعهم على سواء.
القمر عليه (١) فسأل عمن يعلم موضعه ، فقيل له : ههنا عجوز تعلم علمه ، فبعث إليها فاتي بعجوز مقعدة عمياء ، فقال : تعرفين قبر يوسف عليهالسلام؟ قالت : نعم ، قال : فأخبريني بموضعه ، قالت : لا أفعل حتى تعطيني خصالا : تطلق رجلي ، وتعيد إلي بصري ، وترد إلي شبابي ، وتجعلني معك في الجنة ، فكبر ذلك على موسى ، فأوحى الله عزوجل إليه : إنما تعطي علي فأعطها ما سألت ، ففعل فدلته على قبر يوسف عليهالسلام فاستخرجه من شاطئ النيل في صندوق مرمر ، فلما أخرجه طلع القمر فحمله إلى الشام.
فلذلك يحمل أهل الكتاب موتاهم إلى الشام » (٢).
وهو يوسف بن يعقوب عليهماالسلام ، وما ذكر الله عزوجل يوسف في القرآن غيره (٣).
٥٩٥ ـ وقال الصادق عليهالسلام : « أكبر ما يكون الانسان يوم يولد ، وأصغر ما يكون يوم يموت » (٤).
٥٩٦ ـ وقال عليهالسلام : « ما خلق الله عزوجل يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت » (٥).
٥٩٧ ـ وقال عليهالسلام : « أول من جعل له النعش (٦) فاطمة بنت محمد صلوات الله عليها ».
__________________
(١) أي علق طلوع القمر على اخراج العظام فلما أبطأ اخراج العظام لجهالة موضعها أبطأ طلوع القمر. ( سلطان )
(٢) الشاطئ : الجانب ، والغرض جواز نقل الجنائز إلى الأماكن المقدمة ، بل استحبابه.
(٣) بخلاف إسماعيل حيث قيل : ما ذكر في القرآن من إسماعيل رجلان.
(٤) يعني أن الانسان يكون في يوم الولادة عزيزا العز والكبر وفى يوم يموت ذليلا غاية الذل والصغر. ويمكن الأكبرية والأصغرية باعتبار الاستعداد للكمالات وعدمه أو باعتبار المعصية وعدمها.
(٥) أي الموت يقين لا شك فيه وهو يشبه شكا لا يقين فيه حيث تغفل عنه الناس ولا يعملون على مقتضاه فكأنهم شاكون فيه وليس شئ في هذه الصفة مثل الموت. ( مراد )
(٦) يعنى أول من جعل السرير لجنازته في الاسلام.
أبواب الصلاة وحدودها
٥٩٨ ـ قال الرضا عليهالسلام : « الصلاة لها أربعة آلاف باب » (١).
٥٩٩ ـ وقال الصادق عليهالسلام : « الصلاة لها أربعة آلاف حد » (٢).
( باب فرض الصلاة )
٦٠٠ ـ قال زرارة بن أعين : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : « أخبرني عما فرض الله تعالى من الصلوات؟ قال : خمس صلوات في الليل والنهار ، قلت له : هل سماهن الله وبينهن في كتابه؟ فقال : نعم قال الله عزوجل لنبيه صلىاللهعليهوآله : « أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل » ودلوكها زوالها ، ففيما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل (٣) أربع صلوات سماهن الله وبينهن ووقتهن ، وغسق الليل انتصافه ، ثم قال : «وقرآن الفجر
__________________
(١) يمكن أن يراد أن لها أربعة آلاف من الواجبات والمستحبات المتعلقة باللسان والجنان والأركان بحسب الفعل والترك. ( مراد )
(٢) الظاهر أن المراد هنا بأربعة آلاف حد أربعة آلاف حكم وكذا المراد بالباب فان للصلاة أحكاما كثيرة وأبوابا كثيرة يذكر فيها تلك الأحكام. وقد يقال : إن المراد بالأبواب أبواب السماء التي ترفع منها إليها الصلاة كل من باب ، أو الأبواب على التعاقب فكل صلاة تمر على كل الأبواب ، ويمكن أن يراد بأبواب الصلات مقدماتها التي تتوقف صحة الصلاة عليها من معرفة الله تعالى وغير ذلك ( سلطان ) وفسر الشهيد ـ رحمهالله ـ الخبرين بواجبات الصلاة ومندوباتها وجعل الواجبات ألفا وشيئا يسيرا زائدا عليه وصنف لها الألفية ، وجعل المندوبات ثلاثة آلاف ، وألف لها النفلية بتكلفات كثيرة. والظاهر أن المراد بالأبواب والحدود المسائل المتعلقة بها وهي تصير أربعة آلاف بلا تكلف. (م ت)
(٣) دلكت الشمس دلوكا غربت أو اصفرت أو مالت ، أو زالت عن كبد السماء. وغسق الليل شدة ظلمته. ( القاموس )
إن قرآن الفجر كان مشهوداً» فهذه الخامسة. وقال في ذلك : «أقم الصلاة طرفي النهار» وطرفاه المغرب والغداة « وزلفا من الليل » وهي صلاة العشاء الآخرة ، وقال : «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى» وهي صلاة الظهر وهي أول صلاة صلاها رسول الله صلىاللهعليهوآله وهي وسط صلاتين بالنهار (١) صلاة الغداة وصلاة العصر ، وقال في بعض القراءة «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى [ و ] وصلاة العصر وقوموا لله قانتين» (٢) في صلاة الوسطى ، وقيل : أنزلت هذه الآية يوم الجمعة ورسول الله صلىاللهعليهوآله في سفر فقنت فيها وتركها على حالها في السفر والحضر ، وأضاف للمقيم ركعتين وإنما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي صلىاللهعليهوآله يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الامام فمن صلى يوم الجمعة في غير جماعة فليصلها أربعا كصلاة الظهر في سائر الأيام.
٦٠١ ـ وقال الصادق عليهالسلام « في قول الله عزوجل : « إن الصلاة كانت على المؤمنين
__________________
(١) قال الفاضل التفرشي : فعل هذا يكون الوسطى من التوسط وقد يفسر بالفضلى من قولهم للأفضل أوسط.
(٢) في بعض النسخ «
والصلاة الوسطى صلاة العصر » بدون الواو ، وروى أحمد بن حنبل عن
إسحاق ، عن مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن
حكيم عن أبي يونس مولى عائشة قال : أمرتني أن اكتب لها مصحفا وقالت : إذا بلغت هذه
الآية « حافظوا على الصلوات والصلاة
الوسطى » فأذني ، فلما بلغتها آذنتها فأملت على
« حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى
وصلاة العصر وقوموا لله قانتين » وهكذا رواه
مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك ، وقال
ابن جرير حدثني ابن المثنى عن الحجاج عن حماد ،
عن هشام بن عروة عن أبيه قال : « كان
في مصحف عائشة » حافظوا على الصلوات والصلاة
الوسطى وهي صلاة العصر ». وهكذا رواه
من طريق الحسن البصري أن رسول الله صلىاللهعليهوآله
قرأها كذلك. وقد روى الامام مالك أيضا عن
زيد بن أسلم عن عمرو بن نافع قال : كنت أكتب
مصحفا لحفصة زوج النبي صلىاللهعليهوآله
فقالت إذا
بلغت هذه الآية فأذني » حافظوا على الصلوات
والصلاة الوسطى « فلما بلغتها آذنتها ، فأملت
على » حافظوا على الصلوات الوسطى وصلاة العصر
وقوموا لله قانتين وهكذا رواه
محمد بن إسحاق بن يسار وزاد كما حفظتها من
النبي صلىاللهعليهوآله
وأورد ابن جرير هذا الخبر
بطرق عديدة وكما ترى في كلها عطف صلاة العصر على الوسطى بواو العطف التي تقتضي
كتابا موقوتا « قال : مفروضا » (١).
٦٠٢ ـ وقال عليهالسلام إن رسول الله صلىاللهعليهوآله لما أسري به أمره ربه بخمسين صلاة ، فمر على النبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى انتهى إلى موسى بن عمران عليهالسلام ، فقال : بأي شئ أمرك ربك؟ فقال : بخمسين صلاة ، فقال : اسأل ربك التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فسأل ربه فحط عنه عشرا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ ، حتى مر بموسى بن عمران عليهالسلام فقال : بأي شئ أمرك ربك؟ فقال بأربعين صلاة ، فقال : اسأل ربك التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فسأل ربه فحط عنه عشرا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى مر بموسى [ بن عمران ] عليهالسلام فقال : بأي شئ أمرك ربك؟ فقال : بثلاثين صلاة ، فقال : اسأل ربك التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فسأل ربه عزوجل فحط عنه عشرا ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألون عن شئ حتى مر بموسى بن عمران عليهالسلام فقال : بأي شئ أمرك ربك؟ فقال : بعشرين صلاة ، فقال : اسأل ربك التخفيف فإن أمتك
__________________
المغايرة ، وفى قبالها أخبار أخر تقضى عدم المغايرة ، روى ابن جرير باسناده عن عروة قال : كان في مصحف عائشة « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى هي صلاة العصر » وهكذا من طريق الحسن البصري أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قرأها كذلك. وروى أبو داود في سننه مسندا عن علي عليهالسلام أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال في يوم الخندق : « حبسونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملاء الله بيوتهم وقبورهم نارا ».
ورواه مسلم في صحيحه من طريق محمد بن طلحة ولفظه « شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ـ الحديث ». وفى سنن النسائي « شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس ».
وفى تفسير الكشاف : في قراءة ابن عباس وعائشة مع الواو وفى قراءة حفصة بدون الواو. وفى الكافي ج ٣ ص ٢٧١ أيضا هكذا « وفى بعض القراءة » حافظوا على الصلوات والصلاة [ و ] الوسطى صلاة العصر ـ الآية. وفى التهذيب مع العاطف.
(١) المفروض تفسير الموقوف على ما يجيئ في حديث زرارة والفضل وان أمكن هنا كونه تفسيرا للكتاب فان « كتب » جاء بمعنى « فرض » في قوله تعالى « كتب عليكم الصيام ». ( مراد )
لا تطيق ذلك ، فسأل ربه فحط عنه عشرا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى مر بموسى بن عمران عليهالسلام فقال : بأي شئ أمرك ربك؟ فقال : بعشر صلوات ، فقال : اسأل ربك التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك فإني جئت إلى بني إسرائيل بما افترض الله عزوجل عليهم فلم يأخذوا به ولم يقروا (١) عليه ، فسأل النبي صلىاللهعليهوآله ربه عزوجل فخفف عنه فجعلها خمسا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى مر بموسى عليهالسلام فقال له : بأي شئ أمرك ربك؟ فقال : بخمس صلوات ، فقال : اسأل ربك التخفيف عن أمتك فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فقال : إني لأستحي أن أعود إلى ربي ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوآله بخمس صلوات ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : جزى الله موسى بن عمران عن أمتي خيرا ، وقال الصادق عليهالسلام : جزى الله موسى [ بن عمران ] عنا خيرا (٢).
٦٠٣ ـ وروي عن زيد بن علي بن الحسين عليهماالسلام أنه قال : سألت أبي سيد العابدين عليهالسلام فقلت له : يا أبة أخبرني عن جدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله لما عرج به إلى السماء وأمره ربه عزوجل بخمسين صلاة كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتى قال له موسى بن عمران عليهالسلام : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك فقال : يا بني إن رسول الله صلىاللهعليهوآله لا يقترح على ربه عزوجل فلا يراجعه في شئ يأمره به ، فلما سأله موسى عليهالسلام ذلك وصار شفيعا لامته إليه لم يجز له أن يرد شفاعة أخيه موسى عليهالسلام فرجع إلى ربه عزوجل فسأله التخفيف إلى أن ردها إلى خمس صلوات ، قال : فقلت له : يا أبة فلم لم يرجع إلى ربه عزوجل ولم يسأله التخفيف من خمس صلوات وقد سأله موسى عليهالسلام أن يرجع إلى ربه عزوجل و
__________________
(١) في بعض النسخ « ولم يقووا ».
(٢) هذا الخبر مشهور بين العامة والخاصة. واستشكل بالنسخ قبل وقت الفعل بأنه يلزم البداء وأجيب بأنه يمكن أن تكون الفائدة الشكر على التخفيف وسعى المكلفين فيما أمكنهم من الصلوات فان الصلاة قربان كل تقى. (م ت).
يسأله التخفيف؟ فقال : يا بني أراد عليهالسلام أن يحصل لامته التخفيف مع أجر خمسين صلاة لقول الله عزوجل : « من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها » ألا ترى أنه عليهالسلام لما هبط إلى الأرض نزل عليه جبرئيل عليهالسلام فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول : [ لك ] إنها خمس بخمسين (١) « ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد (٢) » قال : فقلت له : يا أبة أليس الله جل ذكره لا يوصف بمكان؟ فقال : بلى تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، قلت : فما معنى قول موسى عليهالسلام لرسول الله صلىاللهعليهوآله : ارجع إلى ربك؟ فقال : معناه معنى قول إبراهيم عليهالسلام « إني ذاهب إلى ربي سيهدين » ومعنى قول موسى عليهالسلام « وعجلت إليك رب لترضى » ومعنى قوله عزوجل : « ففروا إلى الله » يعني حجوا إلى بيت الله ، يا بني إن الكعبة بيت الله فمن حج بيت الله فقد قصد إلى الله ، والمساجد بيوت الله فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله وقصد إليه ، والمصلي ما دام في صلاته فهو واقف بين يدي الله عزوجل فإن لله تبارك وتعالى بقاعا في سماواته ، فمن عرج به إلى بقعة منها فقد عرج به إليه (٣) ألا تسمع الله عزوجل يقول : « تعرج الملائكة والروح
__________________
(١) يمكن أن يكون إشارة إلى مراده سبحانه في أول الأمر حيث أمر بخمسين كان هذا أي خمس صلوات تعدل خمسين وهذا أحد توجيهات البداء وهو أن يأمر المكلف بما يوهم خلاف المراد ثم يظهر المراد ، ويحتمل أن يكون تأكيدا لما قبله من الكلام أي ما وعد من ثواب خمسين ما يبدل فان الله لا يخلف وعده وليس بظلام للعبيد ، والله أعلم. ( سلطان )
(٢) يعنى ما قرر الله لهم خمسين صلاة فلو بدله ولم يعطهم هذا الثواب لكان ظلما عظيما ولذا نفى كونه ظلاما للعبيد بصيغة المبالغة لأنه أي ظلم يقع منه يكون كثيرا لا أنه نفى مبالغة الظلم حتى يلزم منه الظلم. (م ت)
وقال الفاضل التفرشي : ربط الآية بالسابق اما باعتبار أنه لا يخلف الميعاد فيعطى بالخمس ثواب الخمسين البتة ، واما باعتبار أن مراده بفرض خمسين فرض ما ثوابه ثواب خمسين فلم يتبدل القول.
(٣) إنما يحتاج إلى هذا التصحيح الرجوع الجسماني والمعراج البدني كما هو الواقع والا فالرجوع إلى الله تعالى بحسب القلب احتمال ظاهر. ( سلطان )
إليه » ، ويقول [ الله ] عزوجل في قصة عيسى بن مريم عليهماالسلام : « بل رفعه الله إليه » ويقول الله عزوجل : « إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ».
وقد أخرجت هذا الحديث مسندا في كتاب المعارج (١).
والصلاة في اليوم والليلة إحدى وخمسون ركعة ، منها الفريضة سبع عشرة ركعة الظهر أربع ركعات وهي أول صلاة فرضها الله عزوجل ، والعصر أربع ركعات ، والمغرب ثلاث ركعات ، والعشاء الآخرة أربع ركعات ، والغداة ركعتان ، فهذه سبع عشرة ركعة فريضة وما سوى ذلك سنة ونافلة ، ولا تتم الفرائض إلا بها ، أما نافلة الظهرين فست عشرة ركعة ، ونافلة المغرب أربع ركعات بعدها بتسليمتين ، وأما الركعتان بعد العشاء الآخرة من جلوس فإنهما تعدان بركعة ، فإن أصاب الرجل حدث قبل أن يدرك آخر الليل ويصلي الوتر يكون قد بات على الوتر (٢) ، وإذا أدرك آخر الليل صلى الوتر بعد صلاة الليل.
٦٠٤ ـ وقال النبي صلىاللهعليهوآله : « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتن إلا بوتر » (٣).
__________________
(١) ذكروا للمؤلف ـ رحمهالله ـ كتابا باسم المعراج ولعله هو.
(٢) « يصلى الوتر » الظاهر أنه عطف على « يدرك » والمراد أن من أصابه حدث ومانع عن ادراك آخر الليل وصلاة الوتر فقد بات على الوتر فلا يكون خارجا عن قوله عليه السلام : « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر » وأما من أدرك آخر الليل ويقدر على الوتر فيصلى الوتر بعد صلاة الليل ، وقد نقل عن شيخنا البهائي أنه جعل الواو للحال في قوله « ويصلى الوتر » وحمل الوتر على الوتيرة وهو بعيد كما لا يخفى. ( سلطان )
(٣) حمل أبو حنيفة الوتر على معناه المشهور فذهب إلى وجوب الوتر بعد العشاء الآخرة فالمصنف ـ رحمهالله ـ أورده في هذا المقام تنبيها على أن المراد بالوتر ههنا الوتيرة كذا قال شيخنا البهائي ـ رحمهالله ـ ويمكن حمله على تأكد الاستحباب للوتر في مقامه المقرر. ( سلطان )