كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٩٩

٤٤٨ ـ وسأل سليمان بن خالد أبا عبد الله عليه‌السلام : « أيغتسل من غسل الميت؟ قال : نعم ، قال : فمن أدخله القبر؟ قال : لا إنما مس الثياب ».

٤٤٩ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « لما مات إسماعيل أمرت به وهو مسجى أن يكشف عن وجهه فقبلت جبهته (١) وذقنه ونحره ، ثم أمرت به فغطي ، ثم قلت : اكشفوا عنه فقبلت أيضا جبهته وذقنه ونحره ، ثم أمرتهم فغطوه. ثم أمرت به فغسل ، ثم دخلت عليه وقد كفن فقلت : اكشفوا عن وجهه ، فقبلت جبهته وذقنه ونحره وعوذته ، ثم قلت : أدرجوه ، فقيل له : بأي شئ عوذته؟ فقال : بالقرآن ».

٤٥٠ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل عثمان بن مظعون  ـ رضي‌الله‌عنه ـ بعد موته ».

باب

* ( الصلاة على الميت ) *

٤٥١ ـ قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من تبع جنازة كتب الله له أربعة قراريط قيراط لاتباعه إياها ، وقيراط للصلاة عليها ، وقيراط للانتظار حتى يفرغ من دفنها وقيراط للتعزية.

٤٥٢ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « من مشى مع جنازة حتى يصلى عليها ، ثم رجع كان له قيراط ، وإذا مشى معها حتى تدفن كان له قيراطان. والقيراط مثل [ جبل ] أحد ».

٤٥٣ ـ وقال عليه‌السلام : « من تبع جنازة امرئ مسلم أعطي يوم القيامة أربع شفاعات ، ولم يقل شيئا إلا قال له الملك : ولك مثل ذلك ».

٤٥٤ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « من أخذ بجوانب السرير الأربعة غفر الله له أربعين كبيرة ».

__________________

(١) في نسخة « وجهه ». ولعل الكشف عن وجهه وتقبيله ليروه فلا يبقى لاحد شك في موته.

١٦١

٤٥٥ ـ وقال عليه‌السلام : « من شيع جنازة مؤمن حتى يدفن في قبره وكل الله به سبعين ملكا (١) من المشيعين يشيعونه ويستغفرون له إذا خرج من قبره إلى الموقف ».

٤٥٦ ـ وقال عليه‌السلام : « أول ما يتحف به المؤمن في قبره أن يغفر لمن تبع جنازته ».

٤٥٧ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « إذا دخل المؤمن قبره نودي : ألا إن أول حبائك الجنة ، ألا وأول حباء من تبعك (٢) المغفرة ».

٤٥٨ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « من حمل أخاه الميت بجوانب السرير الأربعة محى الله عنه أربعين كبيرة من الكبائر ».

والسنة أن يحمل السرير من جوانبه الأربعة وما كان بعد ذلك فهو تطوع.

٤٥٩ ـ وقال الصادق : « من أخذ بقوائم السرير غفر الله له خمسا وعشرين كبيرة ، وإذا ربع خرج من الذنوب ».

٤٦٠ ـ وقال عليه‌السلام لإسحاق بن عمار : « إذا حملت جوانب السرير سرير الميت خرجت من الذنوب كما ولدتك أمك ».

٤٦١ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « إن المشي خلف الجنازة أفضل من المشي من بين يديها ، ولا بأس إن مشيت بين يديها ».

٤٦٢ ـ وكتب الحسين بن سعيد إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام يسأله عن سرير الميت يحمل أله جانب يبدأ به في الحمل من جوانبه الأربعة أو ما خاف على الرجل يحمل من أي الجوانب شاء؟ فكتب عليه‌السلام : من أيها شاء.

٤٦٣ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام عن الجنازة يخرج معها بالنار؟ فقال : « إن ابنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أخرج بها ليلا ومعها مصابيح » (٣).

__________________

(١) هكذا في الكافي وفى الأمالي « سبعين ألف ».

(٢) الحباء ـ بالفتح ـ : العطاء. وفى بعض النسخ « من شيعك ».

(٣) اخراج النار مع الميت من سنن الجاهلية وجوابه عليه‌السلام يتضمن الجواز بالليل دون النهار.

١٦٢

٤٦٤ ـ وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن المشي مع الجنازة فقال : بين يديها وعن يمينها وعن شمالها وخلفها ».

٤٦٥ ـ وروى عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « لما مات آدم عليه‌السلام فبلغ إلى الصلاة عليه ، قال هبة الله لجبرئيل عليه‌السلام : تقدم يا رسول الله فصل على نبي الله ، فقال جبرئيل عليه‌السلام : إن الله عزوجل أمرنا بالسجود لأبيك فلسنا نتقدم أبرار ولده وأنت من أبرهم ، فتقدم فكبر عليه خمسا عدة الصلوات التي فرضها الله تعالى على أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وهي السنة الجارية في ولده إلى يوم القيامة ».

٤٦٦ ـ و « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى على ميت كبر فتشهد ثم كبر فصلى على النبي وآله ودعا ، ثم كبر ودعا للمؤمنين والمؤمنات ، ثم كبر الرابعة ودعا للميت ، ثم كبر وانصرف ، فلما نهاه الله عزوجل عن الصلاة على المنافقين فكبر وتشهد ، ثم كبر فصلى على النبي وآله ، ثم كبر ودعا للمؤمنين والمؤمنات ثم كبر الرابعة وانصرف فلم يدع للميت » (١).

ومن صلى على ميت فليقف عند رأسه (٢) بحيث إن هبت ريح فرفعت ثوبه أصاب الجنازة ويكبر ويقول : « أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة » ويكبر الثانية ويقول : « اللهم صل على محمد وآل محمد ، وارحم محمدا وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ».

__________________

(١) مروى في الكافي بسند حسن كالصحيح.

(٢) هذا خلاف المشهور فان المشهور وسط الرجل وصدر المرأة وروى موسى بن بكر عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام « قال إذا صليت على المرأة فقم عند رأسها وإذا صليت على الرجل فقم عند صدره » وفى مرسلة عبد الله بن المغيرة عن الصادق عن أمير المؤمنين عليهما‌السلام قال : « من صلى على امرأة فلا يقوم في وسطها ويكون مما يلي صدرها وإذا صلى على الرجل فليقم في وسطه ». الكافي ج ٣ ص ١٧٧ والاستبصار ج ١ ص ٤٧١ وقال الشيخ (ره) : قوله « مما يلي صدرها » المعنى فيه إذا كان قريبا من الرأس وقد يعبر عنه بأنه يلي الصدر لقربه منه.

١٦٣

ويكبر الثالثة ويقول : « اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات » ، ويكبر الرابعة ويقول : « اللهم عبدك [ و ] ابن عبدك ابن أمتك ونزل بك وأنت خير منزول به ، اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا (١) وأنت أعلم به منا ، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه واغفر له ، اللهم اجعله عندك في أعلى عليين ، واخلف على أهله في الغابرين ، وارحمه برحمتك يا أرحم الراحمين » ثم يكبر الخامسة.

ولا يبرح من مكانه حتى يرى الجنازة على أيدي الرجال (٢).

والعلة التي من أجلها يكبر على الميت خمس تكبيرات أن الله تبارك وتعالى فرض على الناس خمس فرائض : الصلاة والزكاة ، والصوم ، والحج ، والولاية ، فجعل للميت عن كل فريضة تكبيرة. (٣)

٤٦٧ ـ وروي « أن العلة في ذلك أن الله تعالى فرض على الناس خمس صلوات فجعل من كل صلاة فريضة للميت تكبيرة ». (٤)

ومن صلى على المرأة وقف عند صدرها ، وليس في الصلاة على الميت تسليم إلا في حال التقية.

٤٦٨ ـ « وكبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على حمزة سبعين تكبيرة » (٥).

٤٦٩ ـ « وكبر علي عليه‌السلام على سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة » (٦).

٤٧٠ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « كان [ أمير المؤمنين عليه‌السلام ] يكبر خمسا خمسا كان إذا أدركه الناس قالوا : يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة على سهل بن حنيف ،

__________________

(١) حيث مات على الايمان بك والتصديق بنبيك وبكتابك والولاية لأوليائك المعصومين صلواتك عليهم.

(٢) كما في رواية المنقري عن يونس عن الصادق عليه‌السلام في التهذيب.

(٣) كما في العيون في حديث الحسين بن النضر عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام.

(٤) مروى في الكافي ج ٣ ص ١٨١ مرفوعا في خبر ومرسلا في آخر.

(٥) مروى في الكافي بسند ضعيف وعنه الشيخ في التهذيب.

(٦) رواه الكليني بسند حسن كالصحيح.

١٦٤

فيضعه فيكبر عليه خمسا حتى انتهى إلى قبره خمس مرات » (١).

ومن كبر على جنازة تكبيرة أو تكبيرتين فوضعت جنازة أخرى معها فان شاء كبر الآن عليهما خمس تكبيرات ، وإن شاء فرغ من الأولى واستأنف الصلاة على الثانية (٢).

ومن صلى على جنازة وكانت مقلوبة (٣) فليسوها وليعد الصلاة عليها.

٤٧١ ـ وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « إذا أدرك الرجل التكبيرة والتكبيرتين من الصلاة على الميت فليقض ما بقي متتابعا ».

٤٧٢ ـ وروى عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « إذا مات المؤمن فحضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين وقالوا : « اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا » قال الله تبارك وتعالى : قد أجزت شهاداتكم وغفرت له ما علمت مما لا تعلمون ».

٤٧٣ ـ وسأله الفضل بن عبد الملك « هل يصلى على الميت في المسجد؟ قال. نعم » (٤).

٤٧٤ ـ وسأله أبو بصير « عن المرأة تموت من أحق بالصلاة عليها؟ قال : زوجها ، فقال له : الزوج أحق من الأب والولد والأخ؟ قال : نعم ويغسلها ».

وقال أبي ـ رحمه‌الله ـ في رسالته إلي : إعلم يا بني أن أولى الناس بالصلاة على الميت من يقدمه ولي الميت ، وإن كان في القوم رجل من بني هاشم فهو أحق بالصلاة عليه إذا قدمه ولي الميت ، فان تقدم من غير أن يقدمه ولي الميت فهو غاصب.

__________________

(١) مروى في الكافي بسند ضعيف.

(٢) كما في خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام المروى في الكافي.

(٣) لعل المراد بالمقلوبة كون رأسه موضع رجله كما صرح به في ذيل رواية عمار المروية في الكافي ج ٣ ص ١٧٥.

(٤) مروى في التهذيب بسند صحيح.

١٦٥

٤٧٥ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إذا فاتتك الصلاة على الميت حتى يدفن فلا بأس أن تصلي عليه وقد دفن » (١).

٤٧٦ ـ و « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا فاتته الصلاة على الميت صلى على قبره » (٢).

٤٧٧ ـ وسأل اليسع بن عبد الله القمي أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الرجل يصلي على الجنازة وحده؟ قال : نعم ، قلت : فاثنان يصليان عليها؟ قال : نعم ولكن يقوم الآخر خلف الآخر ولا يقوم بجنبه ».

٤٧٨ ـ وقال جابر (٣) قال أبو جعفر عليه‌السلام : « إذا لم يحضر الرجال الميت تقدمت المرأة وسطهن وقام النسوة عن يمينها وشمالها وهي وسطهن ، تكبر حتى تفرغ من الصلاة ».

٤٧٩ ـ وقال الحسن بن زياد الصيقل : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام كيف تصلي النساء على الجنائز إذا لم يكن معهن رجل؟ فقال : يقمن جميعا في صف واحد ولا تتقدمهن امرأة ، قيل : ففي صلاة مكتوبة أيؤم بعضهن بعضا؟ قال : نعم ».

٤٨٠ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « صلوا على المرجوم من أمتي وعلى القاتل نفسه من أمتي ولا تدعوا أحدا من أمتي بلا صلاة ».

٤٨١ ـ وسأل هشام بن سالم أبا عبد الله عليه‌السلام « عن شارب الخمر والزاني والسارق يصلى عليهم إذا ماتوا؟ فقال : نعم ».

٤٨٢ ـ وقال عمار بن موسى الساباطي : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في قوم كانوا في سفر لهم يمشون على ساحل البحر فإذا هم برجل ميت عريان قد لفظه البحر وهم عراة ليس معهم إلا إزار فكيف يصلون عليه وهو عريان وليس معهم فضل ثوب يكفنونه به؟ قال : يحفر له ويوضع في لحده ويوضع اللبن على عورته

__________________

(١) حدده الشيخان إلى يوم وليلة ، وابن الجنيد إلى ما لم يعلم تغير صورة الميت ، وسلار إلى ثلاثة أيام. الخبر مروى في التهذيب والاستبصار بسند مجهول.

(٢) مروى في التهذيب والاستبصار بسند ضعيف.

(٣) يعني جابر الجعفي كما في التهذيب.

١٦٦

لتستر عورته باللبن وبالحجر ويصلى عليه ثم يدفن ».

٤٨٣ ـ وروى إسحاق بن عمار عن الصادق عن أبيه عليهما‌السلام : أن عليا صلوات الله عليه وجد قطعا من ميت (*) فجمعت ثم صلى عليها ثم دفنت.

٤٨٤ ـ وروى الفضل بن عثمان الأعور عن الصادق عن أبيه عليهما‌السلام « في الرجل يقتل فيوجد رأسه في قبيلة ، ووسطه وصدره ويداه في قبيلة ، والباقي منه في قبيلة؟ قال : ديته على من وجد في قبيلته صدره ويداه ، والصلاة عليه » (١).

٤٨٥ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إذا وجد الرجل قتيلا فإن وجد له عضو من أعضائه تاما صلى على ذلك ودفن ، وإن لم يوجد له عضو تام لم يصل عليه ودفن » (٢).

وإذا وسط الرجل بنصفين صلى على النصف الذي فيه القلب ، وإن لم يوجد منه إلا الرأس لم يصل عليه (٣).

٤٨٦ ـ وروى زرارة وعبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام « أنه سئل عن الصلاة على الصبي متى يصلى عليه؟ فقال : إذا عقل الصلاة ، فقلت : متى تجب الصلاة عليه (٤)؟ قال : إذا كان ابن ست سنين ، والصيام إذا أطاقه ».

ومن حضر مع قوم يصلون على طفل فليقل : « اللهم اجعله لأبويه ولنا فرطا » (٥).

٤٨٧ ـ و « صلى أبو جعفر عليه‌السلام على ابن له صبي صغير له ثلاث سنين ، ثم قال :

__________________

* كذا.

(١) إنما يجب الصلاة على الصدر لا على باقي الأعضاء سواء كان المصلى وجد في قبيلته الصدر أو غيره. ولا يتوهم ارجاع ضمير « عليه » إلى من وجد حتى يفيد تخصيص وجوب الصلاة بهم. ( سلطان )

(٢) الخبر إلى هنا في الكافي والتهذيب وفى سنده ارسال.

(٣) في القاموس وسطه توسيطا إذا قطعه بنصفين. وفى الكافي ج ٣ ص ٢١٣ باسناد فيه ارسال عن الصادق عليه‌السلام قال : « إذا وسط الرجل نصفين صلى على الذي فيه القلب » ، وفيه مرسلا « لا يصلى على الرأس إذا أفرد من الجسد ».

(٤) الظاهر أن هذا استفسار عن عقله الصلاة فيكون المراد بوجوب الصلاة عليه حيا كونه مأمورا من الولي بطريق التمرين وحينئذ يطابقه قوله « والصيام إذ أطاقه ». ( سلطان )

(٥) « فرطا » أي أجرا يتقدمنا ، يقال : افترط فلان ابنا له صغيرا إذا مات قبله. ( النهاية )

١٦٧

لولا أن الناس يقولون : إن بني هاشم لا يصلون على الصغار من أولادهم ، ما صليت عليه » (١).

٤٨٨ ـ « وسئل (٢) متى تجب الصلاة عليه؟ قال : إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين ».

٤٨٩ ـ وروى زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : الصلاة على المستضعف والذي لا يعرف مذهبه : يصلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ويقال : « اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ».

ويقال في الصلاة على من لم يعرف مذهبه : « اللهم إن هذه النفس أنت أحييتها وأنت أمتها ، اللهم ولها ما تولت. واحشرها مع من أحبت ».

٤٩٠ ـ وروى صفوان بن مهران الجمال عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : مات رجل من المنافقين فخرج الحسين بن علي عليهما‌السلام يمشي فلقي مولى له فقال له : إلى أين تذهب؟ فقال : أفر من جنازة هذا المنافق أن أصلي عليه ، فقال له الحسين عليه‌السلام : قم إلى جنبي فما سمعتني أقول فقل مثله ، قال : فرفع يديه فقال : « اللهم أخز عبدك في عبادك وبلادك ، اللهم أصله أشد نارك ، اللهم أذقه حر عذابك فإنه كان يوالي أعداءك ويعادي أولياءك ويبغض أهل بيت نبيك ».

٤٩١ ـ وروى عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : إذا صليت على عدو الله عزوجل فقل : « اللهم إنا لا نعلم منه إلا أنه عدو لك ولرسولك ، اللهم فاحش قبره نارا ، واحش جوفه نارا ، وعجله إلى النار ، فإنه كان يوالي أعداءك ويعادي أولياءك ويبغض أهل بيت نبيك ، اللهم ضيق عليه قبره ». فإذا رفع فقل : « اللهم لا ترفعه ولا تزكه » وإن كان مستضعفا فقل : « اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ». فإذا كنت لا تدري ما حاله فقل : « اللهم إن كان يحب الخير وأهله فاغفر له وارحمه وتجاوز عنه ».

__________________

(١) ظاهره عدم استحباب الصلاة على الصغار.

(٢) ظاهره أن المسؤول كان أبا جعفر (ع) ومروي في الكافي عن الصادق عليه‌السلام.

١٦٨

وإن كان المستضعف منك بسبيل (١) فاستغفر له على وجه الشفاعة منك لا على وجه الولاية.

٤٩٢ ـ و « كان علي عليه‌السلام إذا صلى على الرجل والمرأة قدم المرأة وأخر الرجل وإذا صلى على العبد والحر قدم العبد وأخر الحر ، وإذا صلى على الكبير والصغير قدم الصغير وأخر الكبير ».

٤٩٣ ـ وروى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « لا بأس بأن يقدم الرجل وتؤخر المرأة ، أو تقدم المرأة ويؤخر الرجل » (٢) يعني في الصلاة على الميت.

وأفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير ، والعلة في ذلك أن النساء كن يختلطن بالرجال في الصلاة على الجنازة.

٤٩٤ ـ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أفضل المواضع في الصلاة على الميت في الأخير » فتأخرن إلى الصف الأخير فبقي فضله على ما ذكره عليه‌السلام.

وإذا دعي الرجل إلى وليمة وإلى جنازة أجاب إلى الجنازة لأنها تذكر أمر الآخرة ، ويدع الوليمة لأنها تذكر الدنيا.

٤٩٥ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا دعيتم إلى الجنائز فأسرعوا ، وإذا دعيتم إلى العرائس فأبطئوا ».

وقال أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ في رسالته إلي : لا تصل على الجنازة بنعل حذو (٤)

__________________

(١) أي يكون لك به نوع تعلق كأن يكون قد أحسن إليك أو يكون له قرابة إليك ولكن الاستغفار لدفع الضرر ترحما لا لأجل المحبة والمودة. (م ت)

(٢) يدل على أن التقديم والتأخير الواقعين في الاخبار على سبيل الاستحباب (م ت)

(٣) في حديث أبي عبد الله عليه‌السلام عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله « قال : خير الصفوف في الصلاة المقدم وخير الصفوف في الجنائز المؤخر ، قيل : يا رسول الله ولم قال : صار سترة للنساء ». التهذيب ج ١ ص ٣٤٣ والكافي ج ٣ ص ١٧٦.

(٤) أي نعل يحتذى به. يعنى ما يستر القدم.

١٦٩

ولا تعجل ميتين على جنازة. وقال : إذا صلى رجلان على جنازة قام أحدهما خلف الامام ولم يقم بجنبه. وقال : إذا اجتمع جنازة رجل وامرأة وغلام ومملوك فقدم المرأة إلى القبلة ، واجعل المملوك بعدها ، واجعل الغلام بعد المملوك ، واجعل الرجل بعد الغلام مما يلي الامام ويقف الامام خلف الرجل فيصلي عليهم جميعا صلاة واحدة.

٤٩٦ ـ وسأل يونس بن يعقوب أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الجنازة يصلى عليها على غير وضوء؟ فقال : نعم إنما هي تكبير (١) وتسبيح وتحميد وتهليل كما تكبر وتسبح في بيتك. وفي خبر آخر » إنه : يتيمم إن أحب.

٤٩٧ ـ وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : « أن الحائض تصلي على الجنازة ولا تصف معهم ».

٤٩٨ ـ وفي رواية سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الطامث إذا حضرت الجنازة تتيمم وتصلي عليها وتقوم وحدها بارزة من الصف ». يعني أنها تقف ناحية ولا تختلط بالرجال.

والجنب إذا قدم للصلاة على الجنازة تيمم وصلى عليها (٢).

وإذا حمل الميت إلى قبره فلا يفاجأ به القبر لان للقبر أهوالا عظيمة ، ويتعوذ حامله بالله من هول المطلع (٣) ، ويضعه قرب شفير القبر ، ويصبر عليه هنيئة ، ثم يقدمه قليلا ويصبر عليه هنيئة ليأخذ أهبته (٤) ثم يقدمه إلى شفير القبر ، ويدخله القبر

__________________

(١) في بعض النسخ « إنما هو تكبير » فتذكير الضمير باعتبار الخبر أي هو ذكر من الأذكار وليس الصلاة حقيقة حتى لا يصح الا بطهور. ( مراد )

(٢) في هذا التيمم لا ينوى البدلية من الوضوء والغسل أصلا وإنما ينوى التعبد. ( م ح ق ) وقال الشهيد في الذكرى : لا يجب في تلك الصلاة الطهارة اجماعا منا.

(٣) المطلع ـ بضم الميم قبل الطاء المشددة المفتوحة ثم فتح اللام قبل العين المهملة على اسم المكان ـ من الاطلاع فشاع في الحديث اطلاقه على يوم القيامة والمراد هنا ما بعد الموت أي ينبغي أن يتعوذ حامله بالله بأن يقول : « أعوذ بالله من هول المطلع ».

(٤) أهبة الحرب ـ بضم الهمزة وفتح الموحدة ـ : عدتها.

١٧٠

من يأمره ولي الميت إن شاء شفعا وإن شاء وترا (١) ، ويقال عند النظر إلى القبر : اللهم اجعله روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النيران (٢).

٤٩٩ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « حد القبر إلى الترقوة. وقال بعضهم : إلى الثديين وقال بعضهم : قامة الرجل حتى يمد الثوب على رأس من في القبر ، وأما اللحد فإنه يوسع بقدر ما يمكن الجلوس فيه » (٣).

وقد روى عن أبي الحسن الثالث عليه‌السلام إطلاق في أن يفرش القبر بالساج ويطبق على الميت الساج (٤).

ولكل شئ باب وباب القبر عند رجلي الميت. (٥)

والمرأة تؤخذ بالعرض من قبل اللحد ويقف زوجها في موضع يتناول وركها ويؤخذ الرجل من قبل رجليه يسل سلا (٦).

وقال أبي ـ رحمه‌الله ـ في رسالته إلي : إذا دخلت القبر فاقرأ أم الكتاب والمعوذتين وآية الكرسي ، فإذا تناولت الميت فقل : « بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » ثم ضعه في لحده على يمينه مستقبل القبلة وحل عقد كفنه ، وضع خده على التراب وقل : اللهم جاف الأرض عن جنبيه ، وصعد (٧) إليك روحه

__________________

(١) أي اثنين من الرجال أو واحدا منهم. وقال في الذكرى : لا يعتبر الوتر عندنا.

(٢) في بعض النسخ « من حفر النار ».

(٣) في الكافي عن سهل بن زياد قال روى بعض أصحابنا أن حد القبر ـ وساق إلى آخره ـ بدون الاسناد إلى الصادق عليه‌السلام.

(٤) كما في خبر علي بن بلال في الكافي ج ٣ ص ١٩٧. وقوله « اطلاق » أي رخصة وتجويز من دون تقييد ذلك بضرورة دعية إليه. وقوله : « يطبق » أي يجعل على الميت وأطرافه. والساج : ضر من الشجر. ( مراد )

(٥) كما في النبوي المرسل في الكافي ج ٣ ص ١٩٣.

(٦) السل انتزاع الشئ بجذب ونزع كسل السيف من الغمد. ( المغرب )

(٧) في بعض النسخ « واصعد ». وقوله : « جاف الأرض » أي باعدها ، ولعل المراد حفظه عن ضغطة القبر ، أو من أن تأكل الأرض جنبيه. ( مراد )

١٧١

ولقه منك رضوانا.

٥٠٠ ـ وقد روى سالم بن مكرم عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : يجعل له وسادة من تراب ، ويجعل خلف ظهره مدرة لئلا يستلقي ، ويحل عقد كفنه كلها ، ويكشف عن وجهه ، ثم يدعا له ويقال : « اللهم عبدك وابن عبدك [ و ] ابن أمتك ، نزل بك وأنت خير منزول به ، اللهم افسح له في قبره ، ولقنه حجته ، وألحقه بنبيه ، وقه شر منكر ونكير ». ثم تدخل يدك اليمنى تحت منكبه الأيمن وتضع يدك اليسرى على منكبه الأيسر وتحركه تحريكا شديدا وتقول : يا فلان بن فلان الله ربك ومحمد نبيك والاسلام دينك وعلي وليك وإمامك ـ وتسمي الأئمة عليهم‌السلام واحدا واحدا إلى آخرهم ـ أئمتك أئمة هدى أبرار ، ثم تعيد عليه التلقين مرة أخرى ، وإذا وضعت عليه اللبن فقل : « اللهم ارحم غربته ، وصل وحدته ، وآنس وحشته ، وآمن روعته ، وأسكن إليه من رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك ، واحشره مع من كان يتولاه.

ومتى زرت قبره فادع له بهذا الدعاء وأنت مستقبل القبلة ويداك على القبر ، فإذا خرجت من القبر فقل ـ وأنت تنفض يديك من التراب ـ : « إنا لله وإنا إليه راجعون ». ثم احث التراب عليه بظهر كفيك ثلاث مرات (١) وقل : « اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ، هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله » فإنه من فعل ذلك وقال هذه الكلمات كتب الله له بكل ذرة حسنة ، فإذا سوي قبره فصب على قبره الماء ، وتجعل القبر أمامك وأنت مستقبل القبلة ، وتبدأ بصب الماء عند رأسه وتدور به على قبره من أربع جوانبه حتى ترجع إلى الرأس من غير أن تقطع الماء

__________________

(١) قال الأصحاب : لا يهيل ذو الرحم لما ذكر من حصول قسوة القلب ( ذكرى ) أقول : روى الكليني باسناده عن عبيد بن زرارة عن الصادق عليه‌السلام ـ في حديث ـ : « من كان منه ذا رحم فلا يطرح عليه التراب فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن يطرح الوالد أو ذو رحم على ميته التراب ـ إلى أن قال ـ أنهاكم أن تطرحوا التراب على ذوي أرحامكم فان ذلك يورث القسوة في القلب ومن قسا قلبه بعد من ربه ».

١٧٢

فإن فضل من الماء شئ فصبه على وسط القبر ، ثم ضع يدك على القبر وادع للميت واستغفر له ».

٥٠١ ـ وروي عن يحيى بن عبد الله أنه قال : « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ما على أهل الميت منكم أن يدرؤوا عن ميتهم لقاء منكر ونكير ، فقلت : وكيف نصنع؟ فقال : إذا أفرد الميت فليتخلف عنده أولى الناس به ، فيضع فاه على رأسه ثم ينادي بأعلى صوته : يا فلان ابن فلان أو يا فلانة بنت فلان! هل أنت على عهد الذي فارقناك (١) عليه من شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله عبده ورسوله سيد النبيين ، وأن عليا أمير المؤمنين وسيد الوصيين ، وأن ما جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حق ، وأن الموت حق ، والبعث حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ». فإذا قال ذلك قال منكر لنكير : انصرف بنا عن هذا فقد لقن بها حجته.

* ( باب التعزية ) *

* ( والجزع عند المصيبة وزيارة القبور والنوح والمأتم (٢) ) *

٥٠٢ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من عزى حزينا كسي في الموقف حلة يحبر بها » (٣).

٥٠٣ ـ وروي عن هشام بن الحكم أنه قال : « رأيت موسى بن جعفر عليهما‌السلام

__________________

(١) في بعض النسخ « فارقتنا ».

(٢) المأتم في الأصل : مجتمع الرجال والنساء في الغم والفرح ، ثم خص باجتماع النساء للموت وقيل هو للشواب من النساء لا غير ( النهاية ) ويطلق على الطعام للميت ( في )

(٣) في الكافي « يحبا بها » من الحباء بمعنى العطاء. وفى الصحاح الحبر : الحبور وهو السرور ، يقال : حبره يحبره ـ بالضم ـ حبر أو حبرة. وقال تعالى : « فهم في روضة يحبرونه » أي ينعمون ويكرمون ويسرون.

١٧٣

يعزي قبل الدفن وبعده ».

٥٠٤ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « التعزية الواجبة بعد الدفن ».

٥٠٥ ـ وقال عليه‌السلام : « كفاك من التعزية بأن يراك صاحب المصيبة ».

٥٠٦ ـ وأتى أبو عبد الله عليه‌السلام قوما قد أصيبوا بمصيبة فقال : « جبر الله وهنكم وأحسن عزاكم (١) ، ورحم متوفاكم ، ثم انصرف ».

٥٠٧ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « التعزية تورث الجنة ».

٥٠٨ ـ و « عزى الصادق عليه‌السلام رجلا بابن له فقال له عليه‌السلام : الله خير لابنك منك ، وثواب الله خير لك منه. فبلغه جزعه بعد ذلك فعاد إليه فقال له : قد مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أفما لك به أسوة! فقال له : إنه كان مراهقا (٢) ، فقال له : إن أمامه ثلاث خصال : شهادة أن لا إله إلا الله ، ورحمة الله ، وشفاعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلن تفوته واحدة منهن شاء الله عزوجل ».

٥٠٩ ـ وروى أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « ينبغي لصاحب الجنازة أن لا يلبس رداء ، وأن يكون في قميص حتى يعرف ، وينبغي لجيرانه أن يطعموا عنه ثلاثة أيام » (٣).

٥١٠ ـ وقال عليه‌السلام : « ملعون ملعون من وضع رداءه في مصيبة غيره ».

٥١١ ـ و « لما قبض علي بن محمد العسكري عليهما‌السلام رئي الحسن بن علي عليهما السلام قد خرج من الدار وقد شق قميصه من خلف وقدام ».

__________________

(١) الوهن : الضعف في العمل ويحرك والفعل كوعد وورث وكرم ( القاموس ) ، وقوله : « أحسن عزاكم » أي صبركم.

(٢) المراهق : الغلام الذي قارب الحلم ، وفى بعض النسخ « مرهقا » من باب التفعيل كما في ثواب الأعمال ص ٢٣٦ والكافي ج ٣ ص ٢٠٤ وهو الذي يأتي المحارم من شرب الخمر ونحوه وكأنه خاف عليه أن يعذب.

(٣) في الكافي ج ٣ ص ٢١٧ باسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « يصنع لأهل الميت مأتم ثلاثة أيام من يوم مات ». وعن أبي بصير عنه عليه‌السلام قال : « ينبغي لجيران صاحب المصيبة أن يطعموا الطعام [ عنه ] ثلاثة أيام ».

١٧٤

٥١٢ ـ و « قد وضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رداءه في جنازة سعد بن معاذ رحمه‌الله فسئل عن ذلك ، فقال : إني رأيت الملائكة قد وضعت أرديتها فوضعت ردائي ».

٥١٣ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « لولا أن الصبر خلق قبل البلاء لتفطر المؤمن كما تتفطر البيضة على الصفا ».

٥١٤ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أربع من كن فيه كان في نور الله عزوجل الأعظم : من كان عصمة أمره (١) شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، ومن إذا أصابته مصيبة قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ومن إذا أصاب خيرا قال : الحمد لله رب العالمين » ، ومن أصاب خطيئة قال : « أستغفر الله وأتوب إليه ».

٥١٥ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « ما من مؤمن يصاب بمصيبة في الدنيا فيسترجع عند مصيبته ويصبر حين تفجأه المصيبة إلا غفر الله له ما مضى من ذنوبه إلا الكبائر (٢) التي أوجب الله عزوجل عليها النار ، وكلما ذكر مصيبته فيما يستقبل من عمره فاسترجع عندها وحمد الله عزوجل عندها ، غفر الله له كل ذنب اكتسبه فيما بين الاسترجاع الأول إلى الاسترجاع الأخير إلا الكبائر من الذنوب ».

٥١٦ ـ وروى أبو بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (٣) أنه قال : إن ملكا (٤) موكلا بالمقابر ، فإذا انصرف أهل الميت من جنازتهم عن ميتهم أخذ قبضة من تراب فرمى

__________________

(١) في الصحاح « العصمة : المنع ، يقال عصمه الطعام أي منعه من الجوع ، والعصمة : الحفظ ، يقال : عصمته فانعصم ، واعتصمت بالله إذا امتنعت بلطفه من المعصية ». فالمراد من يمنعه الشهادتان عن ارتكاب ما لا ينبغي ارتكابه ليحفظ عن المكاره في الدنيا والعقاب في القيامة أو حفظتاه عنه ، أو اعتصم بهما لا يفارقهما. ( مراد )

(٢) لعل المراد بالكبائر ما يوجب الكفر ولذا قال : « أوجب عليها النار » ولم يقل أوعد الله عليه. ( سلطان )

(٣) في بعض النسخ « عن أبي عبد الله عليه‌السلام ».

(٤) خبر « أن » محذوف أي لله أولنا ملكا موكلا بالمقابر ( سلطان ) ويسمى هذا الملك المنسية.

١٧٥

بها في آثارهم ، ثم قال : « انسوا ما رأيتم » فلولا ذلك ما انتفع أحد بعيش.

٥١٧ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « من أصيب بمصيبة جزع عليها أو لم يجزع صبر عليها أم لم يصبر كان ثوابه من الله عزوجل الجنة ». (١)

٥١٨ ـ وقال عليه‌السلام : « ثواب المؤمن من ولده إذا مات الجنة ، صبر أو لم يصبر » (٢).

٥١٩ ـ وقال عليه‌السلام : « من قدم ولدا كان خيرا له من سبعين يخلفهم بعده ، كلهم قد ركب الخيل وقاتل في سبيل الله عزوجل ».

٥٢٠ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يدخل الجنة رجل ليس له فرط ، فقال له رجل ممن لم يولد له ولم يقدم ولدا : يا رسول الله أو لكنا فرط؟ فقال : نعم إن من فرط الرجل المؤمن أخاه في الله عزوجل ».

٥٢١ ـ و « قال صلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمة عليها‌السلام حين قتل جعفر بن أبي طالب : لا تدعي بذل ولا ثكل ولا حرب ، وما قلت فيه فقد صدقت ». (٣)

٥٢٢ ـ وروى مهران بن محمد عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « إن الميت إذا مات بعث الله عزوجل ملكا إلى أوجع أهله عليه فمسح على قلبه فأنساه لوعة الحزن ، لولا ذلك لم تعمر الدنيا » (٤).

__________________

(١) لا يخفى أنه بظاهره ينافي ما سبق من تعليق غفران الذنوب الا الكبائر بالصبر والاسترجاع فلابد من توجيه أحدهما مثل أن يقال بعدم اعتبار المفهوم مما سبق ، أو تخصيص الثاني بمصيبة خاصة ، أو يقال : غفران الذنوب مرتبة فوق دخول الجنة. ( سلطان )

(٢) يدل على أن الجزع لا يحبط أجر المصيبة ، ويمكن حمله على ما إذا لم يقل ولم يفعل ما يسخط الرب تعالى ، أو عدم الاختيار. ( المرآة )

(٣) الثكل ـ الضم ـ : الموت والهلاك وفقدان الحبيب. والحرب ـ بالتحريك ـ : مساوق الحزن والطعنة والسلب ، وفى القاموس : لما مات حرب بن أمية قالوا « واحربا » باسكان الراء ـ ثم ثقلوا فقالوا « واحربا » بالتحريك. والحرب : الغضب أيضا. أي لا تقولي : وا ذلاه وا ثكلاه ، وا حرباه ، وإن كان ما قلت في حق جعفر حقا.

(٤) لوعة الحزن : حرقته في القلب. وفى بعض النسخ « لم تقم الدنيا » وفى الكافي كما في المتن.

١٧٦

٥٢٣ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا قبض ولد المؤمن والله أعلم بما قال العبد (١) فيسأل الملائكة : قبضتم ولد فلان المؤمن ، فيقولون : نعم ربنا ، فيقول : فماذا قال عبدي المؤمن؟ فيقولون : حمدك ربنا واسترجع ، فيقول الله عزوجل : ابنوا له بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد ».

٥٢٤ ـ و « لما مات إسماعيل بن جعفر خرج الصادق عليه‌السلام فتقدم السرير بلا حذاء ولا رداء ». (٢)

٥٢٥ ـ و « كان علي بن الحسين عليهما‌السلام إذا رأى جنازة قال : الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم » (٣).

٥٢٦ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « لما مات إبراهيم (٤) ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : حزنا عليك يا إبراهيم وإنا لصابرون ، يحزن القلب وتدمع العين ولا نقول ما يسخط الرب ».

٥٢٧ ـ وقال عليه‌السلام : « إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حين جاءته وفاة جعفر بن أبي طالب عليه‌السلام وزيد بن حارثة كان إذا دخل بيته كثر بكاؤه عليهما جدا ويقول : كانا يحدثاني ويؤانساني فذهبا جميعا ».

٥٢٨ ـ وقال عليه‌السلام : « إن البلاء والصبر يستبقان إلى المؤمن فيأتيه البلاء وهو صبور (٥) ، وإن الجزع والبلاء يستبقان إلى الكافر فيأتيه البلاء وهو جزوع ».

__________________

(١) هذا لرفع توهم أن سؤاله تعالى لعدم علمه بل هو أعلم من ملائكته بما قال ، ولكن يسأل ذلك لكثير من المصالح. ( المرآة )

(٢) رواه الشيخ في التهذيب بسند حسن كالصحيح. ويدل على الجواز.

(٣) اخترم فلان عنا ـ مبنيا للمفعول ـ : مات ، اخترمته المنية : أخذته. واخترمهم الدهر وتخرمهم أي اقتطعهم واستأصلهم. وفسر السواد بالشخص وبعامة الناس.

(٤) إبراهيم هذا كان ابن رسول الله من مارية القبطية ، وولد بالمدينة في ذي الحجة سنة ثمان ومات في ذي الحجة سنة عشر وقيل : الربيع الأول سنة عشر. ( المرآة )

(٥) أي صبور باتيانه كالمتراهنين يريد كل منهما أن يسبق الاخر حتى أن البلاء لا يسبق الصبر بل إنما يرد مع ورود الصبر أو بعده ، وكذا الجزع والبلاء بالنسبة إلى الكافر.

١٧٧

٥٢٩ ـ وروي عن الكاهلي (١) أنه قال : « قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : إن امرأتي وأختي وهي امرأة محمد بن مارد تخرجان في المآتم فأنهاهما ، فقالتا لي : إن كان حراما انتهينا عنه وإن لم يكن حراما فلم تمنعنا فيمتنع الناس من قضاء حقوقنا (٢) فقال عليه‌السلام : عن الحقوق تسألني كان أبي عليه‌السلام يبعث أمي وأم فروة تقضيان حقوق أهل المدينة ». (٣)

٥٣٠ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « لا يسأل في القبر إلا من محض الايمان محضا أو محض الكفر محضا ، والباقون ملهو عنهم إلى يوم القيامة » (٤).

٥٣١ ـ وسأله سماعة بن مهران « عن زيارة القبور وبناء المساجد فيها ، فقال : أما زيارة القبور فلا بأس بها ، ولا يبنى عندها مساجد ».

٥٣٢ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدا فإن الله عز وجل لعن اليهود حين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ». (٥)

٥٣٣ ـ وسأل جراح المدايني أبا عبد الله عليه‌السلام « كيف التسليم على أهل القبور فقال : [ تقف و ] تقول : « السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، رحم الله

__________________

(١) الطريق إلى عبد الله بن يحيى الكاهلي صحيح الا أن عبد الله هو لا يخلو من كلام.

(٢) أي لأي شئ تمنعنا وذلك يوجب أن يمنع الناس من قضاء حقوقنا أي من أن يأتوا بما يستحق منهم بسبب ما حاق بنا باعتبار الاشتراك في الانسانية والجوار والاسلام. ( مراد ) (٣) يعنى أن من حقوق أهل الايمان بعضهم على بعض التعزية عند المصيبة والتهنئة عند النعمة فما سؤالك إياي الا عن الحقوق اللازمة ، كان أبى عليه‌السلام يبعث أمي وأم فروة بقضاء الحقوق. ( م ح ق )

(٤) « محض الايمان » على صيغة الفعل أي أخلص الايمان ، ويحتمل أن يكون بصيغة المصدر أي لا يسأل الا من الايمان والكفر ، ولعل الأول أظهر. وقوله « ملهو عنهم » كناية عن عدم التعرض لهم إلى يوم القيامة لما سوى الايمان والكفر من الأعمال.

(٥) السند قوى ، ويمكن أن يكون الوجه فيه أنه قد يسجد على القبر وهو يشبه ما لو سجد لصاحب القبر ، ولعل منع الناس من اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد ذلك لان احتمال وقوع السجدة



١٧٨

المستقدمين منا والمستأخرين (١) وإنا إن شاء الله بكم لاحقون.

٥٣٤ ـ وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا مر على القبور قال : « السلام عليكم من ديار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ».

٥٣٥ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام لما دخل المقابر : يا أهل التربة ويا أهل الغربة أما الدور فقد سكنت وأما الأزواج فقد نكحت وأما الأموال فقد قسمت

__________________

لصاحب القبر فيهم أقوى منه في قبور غيرهم. ( مراد ).

وقال العلامة المجلسي : النهى عن بناء المساجد في المقابر يمكن أن يكون باعتبار كراهة الصلاة فيها ، أو باعتبار تضييق المكان على الأموات ، أو باعتبار تغيير الوقف إذا كان وقفا للمقبرة ، والنهى الوارد عن اتخاذ قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قبلة ومسجدا يمكن أن يكون المراد به أن لا تجعلوه بمثل الكعبة ولا تسجدوا عليه كالكعبة كما فعلته اليهود في قبور أنبيائهم ، أو يكون نهيا عن المحاذاة إليهم في الصلاة لئلا يصير بمرور الأيام قبلة كالكعبة ، وكذا النهى عن الصلاة في البيت الذي فيه القبر ، هذا كله على تقدير صحة الخبر ، ويحتمل أن يكون وروده تقية لما روى عن عائشة. انتهى. وقال الشهيد ـ رحمه‌الله ـ في الذكرى : هذه الأخبار رواها الصدوق والشيخان وجماعة المتأخرين في كتبهم ولم يستثنوا قبرا ولا ريب أن الامامية مطبقة على مخالفة القضيتين من هذه إحداهما البناء والأخرى الصلاة في المشاهد المقدسة ، فيمكن القدح في هذه الأخبار لأنها آحاد وبعضها ضعيف وقد عارضها أشهر منها ـ انتهى وقال العلامة المجلسي : نستثني من هذا الحكم ( يعنى النهى عن البناء وكذا الصلاة في بيت فيه قبر ) قبور الأنبياء والأئمة عليهم‌السلام لاطباق الناس على البناء على قبورهم من غير نكير واستفاضة الروايات بالترغيب في ذلك بل لا يبعد استثناء قبور العلماء والصلحاء أيضا استضعافا لسند المنع والتفاتا إلى كون ذلك تعظيما لشعائر الاسلام وتحصيلا لكثير من المصالح الدينية كما لا يخفى. انتهى أقول : في مزار البحار أخبار تؤيد هذا القول ويفهم منها جواز البناء حول قبور الأئمة عليهم‌السلام والصلاة عند قبرهم بل رجحانهما فليراجع وقد قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : « كأني بالقصور وقد شيدت حول قبر الحسين عليه‌السلام وكأني بالأسواق قد حفت حول قبره ـ الخ ».

(١) في بعض النسخ « المتقدمين منا والمتأخرين ». على أهل الديار من المؤمنين المراد بالديار ديار الغربة ، و « من » بيانية أي الذين هم المؤمنون ، أو تبعيضية. ( مراد )

١٧٩

فهذا خبر ما عندنا (١) وليت شعري ما عندكم ، ثم التفت إلى أصحابه وقال : لو أذن لهم في الجواب لقالوا إن خير الزاد التقوى.

٥٣٦ ـ و « وقف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على القتلى ببدر وقد جمعهم في قليب (٢) فقال : يا أهل القليب إنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟! فقال المنافقون : إن رسول الله يكلم الموتى ، فنظر إليهم فقال : لو أذن لهم في الكلام لقالوا : نعم وإن خير الزاد التقوى ».

٥٣٧ ـ و « كانت فاطمة عليها‌السلام تأتي قبور الشهداء كل غداة سبت فتأتي قبر حمزة فتترحم عليه وتستغفر له ». (٣)

٥٣٨ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إذا دخلت الجبانة (٤) فقل : السلام على أهل الجنة ».

٥٣٩ ـ وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : « إذا دخلت المقابر فطأ القبور (٥) فمن كان مؤمنا استروح إلى ذلك (٦) ، ومن كان منافقا وجد ألمه ».

٥٤٠ ـ وروي عن محمد بن مسلم أنه قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الموتى

__________________

(١) في بعض النسخ « فهذا آخر ما عندنا ».

(٢) القليب البئر قبل أن يطوى يذكر ويؤنث ، وقيل : البئر العادية القديمة. ( الصحاح )

(٣) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٢١ مسندا عن الصادق عليه‌السلام.

(٤) الجبان والجبانة ـ بضم الجيم وشد الباء ـ : الصحراء وتسمى بها المقابر لأنها تكون في الصحراء تسمية للشئ باسم موضعه. ( النهاية )

(٥) ذكر الشهيد ـ رحمه‌الله ـ في الذكرى أحاديث تدل على منع المشي على القبور و حمله على الكراهة ، ثم قال : وزاد الشيخ كراهة الاتكاء عليه والمشي ونقله في المعتبر. فما نقله المؤلف  ـ رحمه‌الله ـ عن الكاظم عليه‌السلام يمكن حمله على القاصد زيارتهم بحيث لا يتوصل إلى القبر الا بالمشي على الاخر ، ويقال : يختص الكراهة بالقعود لما فيه من اللبث المنافى للتعظيم.

(٦) استروح : وجد الراحة كاستراح. ( القاموس )

١٨٠