كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٩٩

كيوم ولدته أمه.

٣٨٨ ـ وقال عليه‌السلام : « من غسل ميتا مؤمنا فأدى فيه الأمانة غفر الله له ، قيل : وكيف يؤدي فيه الأمانة؟ قال : لا يخبر بما يراه وحده (٢) إلى أن يدفن الميت ».

٣٨٩ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « أيما مؤمن غسل مؤمنا فقال إذا قلبه : « اللهم هذا بدن عبدك المؤمن وقد أخرجت روحه منه وفرقت بينها فعفوك عفوك عفوك » إلا غفر الله ذنوب سنة إلا الكبائر ».

٣٩٠ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « ما من عبد مؤمن يغسل ميتا مؤمنا ويقول وهو يغسله : « رب عفوك عفوك » إلا عفى الله عنه » (٤).

٣٩١ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « يغسل الميت أولى الناس به أو من يأمره الولي بذلك ». (٥)

٣٩٢ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « من غسل ميتا فستر وكتم خر من الذنوب كيوم ولدته أمه ». (٦)

٣٩٣ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام « كم

__________________

(١) في بعض النسخ « كما ولدته أمه ».

(٢) الخبر مروى في الكافي والتهذيب إلى قوله « بما يراه » فيمكن أن يكون قوله « وحده ـ الخ » من كلام الصدوق ـ رحمه‌الله ـ ومعنى الجملة أن حد الاخفاء أوحد الرؤية كان إلى أن يدفن. وقد قرء بالتخفيف وجعل الواو جزء الكلمة بمعنى أنه يخبر أحدا بما يرى هو وحده دون غيره من خروج الفضلات والعيوب المستورة فمعنى « إلى أن يدفن » ظاهر لا غبار عليه.

(٣) أي أطلب عفوك له.

(٤) ظاهره العامل ويحتمل الميت والأعم تجوزا.

(٥) روى صدره الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٢٢ بسند فيه جهالة وعليه عمل الأصحاب.

(٦) المناسب تقديم هذا الخبر على سابقيه.

١٤١

حد الماء الذي يغسل به الميت كما رووا أن الجنب يغتسل بستة أرطال من ماء (١) والحائض بتسعة أرطال (٢) فهل للميت حد من الماء الذي يغسل به؟ فوقع عليه‌السلام حد غسل الميت يغسل حتى يطهر إن شاء الله تعالى »

وهذا التوقيع في جملة توقيعاته عندي بخطه عليه‌السلام في صحيفة.

٣٩٤ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « لا يسخن الماء للميت ».

٣٩٥ ـ وروي في حديث آخر : « إلا أن يكون شتاء باردا فتوقي الميت مما توقي منه نفسك ».

٣٩٦ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « لا تدعن ميتك وحده فإن الشيطان يعبث به جوفه ».

٣٩٧ ـ وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن الميت يغسل في الفضاء؟ فقال : لا بأس وإن ستر بستر فهو أحب إلي ».

٣٩٨ ـ وسأل عبد الله بن سنان أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الرجل أيصلح له أن ينظر إلى امرأته حين تموت ، أو يغسلها إن لم يكن عندها من يغسلها؟ والمرأة هل تنظر إلى مثل ذلك من زوجها حين يموت؟ فقال : لا بأس بذلك إنما [ لم ] يفعل ذلك أهل المرأة كراهية أن ينظر زوجها إلى شئ يكرهونه منها ».

٣٩٩ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام « عن فاطمة عليها‌السلام من غسلها؟ فقال : غسلها أمير المؤمنين عليه‌السلام لأنها كانت صديقة لم يكن ليغسلها إلا صديق ».

__________________

(١) يحتمل أن يكون المراد بستة أرطال بالمدني حتى يكون تسعة بالعراقي ويوافق الصاع فلا ينافي ما سبق من أن الغسل بصاع. ( سلطان )

(٢) لعله مستند علي بن بابويه ـ رحمه‌الله ـ في غسل الحائض ص ٩١.

(٣) لعل المراد بعبث الشيطان ارسال الحيوانات والديدان إلى جوفه. ( المرآة )

(٤) يجب المساواة في الذكورية والأنوثية في الغسل الا للزوجين واختلف الأصحاب في جوازه لهما فذهب جماعة إلى الجواز مطلقا تمسكا بأمثال هذا الخبر ، واعتبر بعضهم كونه من وراء الثياب ، وحملوا الاخبار المخالفة على الكراهة.

١٤٢

( باب المس )

ومن مس قطعة من جسد (١) أكيل السبع فعليه الغسل إن كان فيما مس عظم وما لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه في مسه ، ومن مس ميتة (٢) فعليه أن يغسل يديه وليس عليه الغسل إنما يجب ذلك في الانسان وحده ، ومن مس ميتا قبل الغسل بحرارته فلا غسل عليه ، وإن مسه بعدما يبرد فعليه الغسل ، ومن مسه بعدما يغسل فليس عليه غسل.

٤٠٠ ـ وقال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : « مس الميت عند موته وبعد غسله والقبلة ليس بها بأس » (٣).

ومن أصاب ثوبه جسد الميت فعليه أن يغسل ما أصاب الثوب منه (٤).

وغاسل الميت يبدأ بكفنه فيقطعه ، يبدأ بالنمط (٥) فيبسطه ويبسط عليه الحبرة وينثر عليه شيئا من الذريرة (٦) ، ويبسط الإزار على الحبرة وينثر عليه شيئا من الذريرة ، ويبسط القميص على الإزار وينثر عليه شيئا من الذريرة ، ويأخذ جريدتين من النخل خضراوين رطبتين ، طول كل واحدة قدر عظم الذراع ، وإن كانت قدر ذراع فلا بأس أو شبر فلا بأس ، ويكتب على إزاره وقميصه وحبره والجريدتين : « فلان

__________________

(١) أي من جسد الانسان.

(٢) أي غير الانسان وغسل اليد محمول على الملاقاة رطبا ، وقيل بالوجوب تعبدا.

(٣) هكذا في كثير من النسخ وفى التهذيب أيضا وفى بعض النسخ « بعد موته وعند غسله » فيمكن أن يكون المراد نفى الحرمة أو الكراهة لا نفى وجوب الغسل.

(٤) رواه الكليني في الحسن كالصحيح وحمل على الملاقاة رطبا أو على الاستحباب وقال بعضهم : لو احتاط بغسل الثوب في الملاقاة يابسا لكان أحسن.

(٥) النمط : ما يفرش من مفارش الصوف ، والمراد هنا ما يفرش تحت الكفن.

(٦) الذريرة ـ بفتح المعجمة ـ فتاة قصب الطيب وهو قصب يجاء به من الهند أو من ناحية نهاوند ، والمراد هنا الطيب المسحوق كما في المعتبر والتذكرة.

١٤٣

يشهد أن لا إله إلا الله » ويلفها جميعا (١).

[ وضع الجريدتين ] (٢)

٤٠١ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام « عن علة الجريدة ، فقال : إنه يتجافى عنه العذاب ما دامت رطبة ».

٤٠٢ ـ و « مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على قبر يعذب صاحبه فدعا بجريدة فشقها نصفين فجعل واحدة عند رأسه الأخرى عند رجليه » وروي « أن صاحب القبر كان قيس بن قهد الأنصاري ، وروي قيس بن قمير ، وأنه » قيل له : لم وضعتهما؟ فقال : إنه يخفف عنه العذاب ما كانتا خضراوين (٣).

٤٠٣ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام « عن الجريدة توضع في القبر؟ فقال : لا بأس » (٤).

يعني إن لم توجد إلا بعد حمل الميت إلى قبره أو يحضره من يتقيه فلا يمكنه وضعهما على ما روي ، فيجعلهما معه حيث أمكن.

٤٠٤ ـ وكتب علي بن بلال (٥) إلى أبي الحسن الثالث عليه‌السلام : « الرجل يموت في بلاد ليس فيها نخل فهل يجوز مكان الجريدة شئ من الشجر غير النخل فإنه قد روي عن آبائكم عليهم‌السلام أنه يتجافى عنه العذاب ما دامت الجريدتان رطبتين وأنها

__________________

(١) قال بعض الشراح : الموجود عندنا من الاخبار أن الصادق عليه‌السلام كتب في حاشية كفن ابنه إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله ويمكن اطلاق الكفن على الثلاثة لكن الجريدة التي ذكرها الصدوق ـ رحمه‌الله ـ وتبعه الأصحاب وكتابة شهادة الرسالة و الإمامة لم نطلع على مستندهما ولعله يكون لهم مستند وروى الكفعمي كتابة الجوشن الكبير والسيد بن طاوس كتابة الصغير على الكفن.

(٢) العنوان منا أضفناه للتسهيل.

(٣) روى النسائي نحوه في السنن ج ٤ ص ١٠٦ باب وضع الجريدة على القبر.

(٤) قال الفاضل التفرشي : يستفاد منه أنه إذا نسي جعل الجريدة مع الميت جعل بعد الدفن في قبره كيف ما كانت.

(٥) طريقه إلى علي بن بلال حسن كما في ( صه ) لان فيه إبراهيم بن هاشم.

١٤٤

تنفع المؤمن والكافر؟ فأجاب عليه‌السلام : يجوز من شجر آخر رطب ».

ومتى حضر غسل الميت قوم مخالفون وجب أن يقع الاجتهاد في أن يغسل غسل المؤمن وتخفى الجريدة عنهم (١).

٤٠٥ ـ وروي عن يحيى بن عباد الملكي أنه قال : « سمعت سفيان الثوري يسأل أبا جعفر عليه‌السلام عن الخضير فقال : إن رجلا من الأنصار هلك فأوذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بموته ، فقال لمن يليه من قرابته : خضروا صاحبكم ما أقل المخضرين يوم القيامة ، قال (٢) : وما التخضير؟ فقال : جريدة خضراء (٣) توضع من أصل اليدين إلى أصل الترقوة » (٤).

٤٠٦ ـ وسأل الحسن بن زياد (٥) أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الجريدة التي تكون مع الميت ، فقال : تنفع المؤمن والكافر » (٦).

٤٠٧ ـ وقال زرارة : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أرأيت الميت إذا مات لم تجعل معه الجريدة؟ فقال : يتجافى عنه العذاب والحساب ما دام العود رطبا إنما الحساب والعذاب كله في يوم واحد في ساعة واحدة قدر ما يدخل القبر ويرجع القوم (٧) وإنما

__________________

(١) قال السيد المرتضى ـ رحمه‌الله ـ في الانتصار : مما انفردت به الإمامية استحبابهم أن يدرج مع الميت في أكفانه جريدتان خضراوان رطبتان من جرائد النخل طول كل واحد عظم الذراع. وخالف باقي الفقهاء في ذلك ولم يعرفوه. دليلنا على ذلك الاجماع المتقدم ثم قال : وقد روى من طرق معروفة أن سفيان الثوري ثم ذكر الخبر الآتي تحت رقم ٤٠٥.

(٢) كذا. وفى الانتصار « قالوا ».

(٣) جنس لا ينافي الكثرة والقرينة « توضع من أصل اليدين ».

(٤) الترقوة : العظم الذي في أعلى الصدر بين ثغرة النحر والعاتق.

(٥) طريقه إلى الحسن بن زياد فيه علي بن الحسين السعد آبادي وهو غير مصرح بالتوثيق وفيه أيضا أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه. ( صه )

(٦) انتفاع الكافر بها بتخفيف العذاب في القبر لا ينافي قوله تعالى : « لا يخفف عنهم العذاب » فإنه عذابه جهنم.

(٧) الطريق صحيح ويدل على أن العذاب في القبر في ساعة واحدة وينافى بظاهره ما تضمنه

١٤٥

جعلت السعفتان (١) لذلك فلا يصيبه عذاب ولا حساب بعد جفوفهما إن شاء الله تعالى

[ التكفين وآدابه ] (٢)

٤٠٨ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « تنوقوا (٣) في الأكفان فإنهم يبعثون بها » (٤).

٤٠٩ ـ وقال عليه‌السلام : « أجيدوا أكفان موتاكم فإنها زينتهم ».

٤١٠ ـ وقال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : « إذا كفنت الميت فإن استطعت أن يكون في كفنه ثوب كان يصلي فيه نظيفا فافعل ، فإنه يستحب أن يكفن فيما كان يصلي فيه » (٥).

__________________

كثير من الاخبار من اتصال نعيم القبر وعذابه إلى يوم القيامة ، اللهم الا ان يجعل اتصال العذاب مختصا بالكافر كما تضمنه بعض الأخبار كذا ذكره شيخنا البهائي ، وقيل : المراد أن عذاب الروح في بدنه الأصلي يوم يرجع إليه يكون في ساعة واحدة. هذا ، ويمكن أن يكون المراد أن ابتداء جميع أنوع العذاب وأقسامه في الساعة الأولى فإذا لم يبتدء فيها يرتفع العذاب رأسا ( المرآة ) أقول : لعل المراد ملازمة الحساب والعذاب وعدم انفكاكهما ، لا الحد الزماني للعذاب.

(١) أريد بهما الجريدتان توسعا ، وذلك إشارة إلى رفع العذاب رأسا حيث إنهما ما ـ دامتا رطبتين لا يكون عذاب وبعد جفوفهما ينتهى زمان الحساب والعذاب. ( مراد )

(٢) العنوان زيادة منا للتسهيل.

(٣) أي اطلبوا أحسنها وأجودها من قولهم تنوق في مطعمه وملبسه أي تجود وبالغ. وفى الكافي ج ٣ ص ١٤٩ « تنوقوا في الأكفان فإنكم تبعثون بها ».

(٤) قيل : ظاهره ينافي ما ورد « انهم يحشرون حفاة عراة » وظاهر قوله تعالى « كما بدأكم تعودون » ويمكن أن يكون الحشر في الأكفان بالنسبة إلى الناجي وهم الشيعة أو إلى الصلحاء منهم أو يختلف بالنظر إلى أحوالها بان يحشروا عراة أولا ثم يكسون. (م ت)

(٥) يمكن أن يقرء على البناء للفاعل ليكون تأكيدا للأول وبيانا للاستحباب وهو الأظهر وأن يقرء للبناء للمفعول فيكون مستحبا آخر أعم من أن يكون هو يصلى فيه أو غيره وإن كان إذا صلى فيه هو أفضل (م ت)

١٤٦

ولا يجوز أن يكفن الميت في كتان ولا إبريسم ، ولكن في القطن (١).

٤١١ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « الكتان كان لبني إسرائيل يكفنون به والقطن لامة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٤١٢ ـ وسئل أبو الحسن الثالث عليه‌السلام « عن ثياب تعمل بالبصرة على عمل العصب (٢) اليماني من قز وقطن هل يصلح أن يكفن فيها الموتى؟ فقال : إذا كان القطن أكثر من القز فلا باس ».

٤١٣ ـ وسئل موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن رجل اشترى من كسوة الكعبة شيئا فقضى ببعضه حاجته وبقي بعضه في يده هل يصلح بيعه؟ فقال : يبيع ما أراد ، ويهب ما لم يرده ، ويستنفع به ، ويطلب بركته ، قيل : أيكفن فيه الميت؟ قال : لا ».

٤١٤ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « ينبغي أن يكون القميص للميت غير مكفوف ولا مزرر » (٣).

٤١٥ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام « عن الرجل يكون له القميص أيكفن فيه؟ فقال : اقطع أزاره ، قلت : وكمه؟ قال : لا إنما ذلك إذا قطع له وهو جديد لم يجعل له أكمام فأما إذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع منه إلا الازرار ».

فإذا فرغ غاسل الميت من أمر الكفن وضع الميت على المغتسل مستقبل القبلة

__________________

(١) المشهور بين الأصحاب اشتراط كون الكفن من جنس ما يصلى فيه الرجال وكراهة الكتان والسواء ، واستحباب القطن الأبيض. (م ت)

(٢) العصب ـ بالمهملتين واسكان ثانيها ـ ضرب من برود اليمن سمى بذلك لأنه يصنع من العصب وهو نبت باليمن ( التذكرة ) وفى بعض النسخ « القصب » وهو ثياب ناعمة ، وفى النهاية : العصب : برود يمنية يعصب غزلها أي يجمع ويشد ثم يصبغ وينسج فيأتي موشيا لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه صبغ.

(٣) في القاموس كفة القميص ـ بالضم ـ : ما استدار حول الذيل أو كل ما استطال كحاشية الثوب والرمل وحرف الشئ لان الشئ إذا انتهى إلى ذلك كف عن الزيادة ومن الثوب طرته العليا التي لا هدب فيها وحاشية كل شئ. والمزرر في بعض النسخ « المزرور ».

١٤٧

ونزع القميص من فوقه إلى سرته ويتركه إلى أن يفرغ من غسله ليستر به عورته فإن لم يكن عليه قميص ألقى على عورته ما يسترها به ويلين أصابعه برفق ، فإن تصعبت عليه تركها ، ويسمع يده على بطنه مسحا رفيقا ، ثم يبدأ بيديه فيغسلهما بثلاث حميديات (١) بماء السدر ، ثم يلف على يده اليسرى خرقه يجعل عليها شيئا من الحرض ـ وهو الأشنان ـ ويدخل يده تحت الثوب ويصب عليه غيره الماء من فوق إلى سرته ، ويغسل قبله ودبره ولا يقطع الماء عنه ، ثم يغسل رأسه ولحيته برغوة السدر ، وبعده بثلاث حميديات ، ولا يقعده ، ثم يقلبه إلى جانبه الأيسر ليبدو له الأيمن ، ويمد يده اليمنى على جنبه الأيمن إلى حيث بلغت ، ثم يغسله بثلاث حميديات من قرنه إلى قدمه (٢) ، ولا يقطع الماء عنه ، ثم يقلبه إلى جانبه الأيمن ليبدو له الأيسر ، ويمد يده اليسرى على جنبه الأيسر إلى حيث بلغت ، ثم يغسله بثلاث حميديات من قرنه إلى قدمه ، ولا يقطع الماء عنه ، ثم يقلبه عن ظهره ، ويمسح بطنه مسحا رفيقا ويغسله مرة أخرى بماء وشئ من جلال الكافر (٣) مثل الغسلة الأولى ، ثم يخضخض الأواني التي فيها الماء (٤) ويغسله الثالثة بماء قراح (٥) ولا يمسح بطنه ثالثة ، ويقول عند غسله : « اللهم عفوك عفوك » فإنه من

__________________

(١) الحميديات : الأباريق الكبيرة في الغاية.

(٢) أي من رأسه إلى قدمه بناء على أنه لا ترتيب بين الرأس والبدن ، ويحتمل أن يكون المراد بالقرن انتهاؤه وهو الرقبة ، وفى بعض النسخ « إلى قدميه »

(٣) جلال الكافور : القليل منه واليسير ، وقيل. كثيره بشرط أن لا يخرجه من الاطلاق.

(٤) الخضخضة : تحريك الماء والسويق ونحوه. ولعل المراد قلبها وإراقة مائها ـ ليصفو الماء المصبوب فيها للغسل الثالث. ( مراد )

(٥) الترتيب في المياه واجب لظاهر خبر الكليني ( المروى في الكافي ج ٣ ص ١٣٩ ) وقال في الذكرى : « يلوح من كلام ابن حمزة استحباب الترتيب للأصل وحمل الروايات على الندب ، قلنا إن المذكور في بيان الواجب ظاهره الوجوب ». والقراح ـ بفتح القاف ـ : الخالي عن الخليطين وهو الخالص.

١٤٨

فعل ذلك عفى الله عنه.

والكافور السائغ للميت وزن ثلاثة عشر درهما وثلث (١) والعلة في ذلك :

٤١٦ ـ « ان جبرئيل عليه‌السلام أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأوقية كافور من الجنة ـ والأوقية أربعون درهما ـ فجعلها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة أثلاث : ثلثا له ، وثلثا لعلي عليه‌السلام ، وثلثا لفاطمة عليها‌السلام ».

ومن لم يقدر على وزن ثلاثة عشر درهما وثلث كافورا حنط الميت بوزن أربعة مثاقيل ، فإن لم يقدر فمثقال ، لا أقل منه لمن وجده.

وحنوط الرجل والمرأة سواء غير أنه يكله أن يجمر (٢) أو يتبع بمجمرة و لكن يجمر الكفن (٣) ، ويجمل الكافور على بصره وأنفه وفي مسامعه وفيه ويديه وركبتيه ومفاصله كلها وعلى أثر السجود منه (٤) ، فأن بقي منه شئ جعل على صدره.

__________________

(١) وهل ذلك كله للحنوط أو بعضه للحنوط؟ قال علي بن بابويه بالأول فإنه قال : إذا فرغت من كفنه حنطه بوزن ثلاثة عشر درهما وثلثا وبه قال أبو الصلاح وهو قول المفيد كما نقل في المختلف.

(٢) الظاهر أن الاستثناء منقطع ويكره التجمير مطلقا ويحتمل أن يكون المراد كراهة تجمير الرجل فيكون الاستثناء متصلا ( سلطان ) وقال المجلسي (ره) : المشهور أن تجمير الكفن مكروه سواء كان الميت رجلا أو امرأة.

(٣) المشهور كراهة تجمير الكفن ففي الكافي باسناده « عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : لا تجمروا الأكفان ولا تمسحوا موتاكم بالطيب الا بالكافور » وفيه أيضا عن أبي عبد الله عليه‌السلام « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن تتبع جنازة بمجمرة ».

(٤) الظاهر أنه لا خلاف في حنوط المساجد السبعة بل نقل عليه الاجماع واستدل عليه باخبار تشكل استفادة الوجوب منها لعدم دلالتها أو لاشتمالها غلى ما لا يلتزمون به أو لقصورها عن إفادة الوجوب أو لضعف سندها ولولا الاجماع المحصل والمنقول لكان استفادة الوجوب عن النصوص مشكلة. هذا في المواضع السبعة وأما الزائد عليها فمروى في أخبار يعارضها أخبار أخر بالنهي وما عثرت على قول بوجوبه. نعم بعد القول بالوجوب في المساجد السبعة لا يبعد وجوب مسح الانف كما ذهب إليه المفيد والعلامة في المنتهى وهذا كله إذا لم يكن الميت محرما والا فلا يقربه الكافور.

١٤٩

فإذا فرغ الغاسل من الغسلة الثالثة فليغسل يديه من المرفقين إلى الأصابع و ألقى على الميت ثوبا ينشف به الماء عنه (١).

ولا يجوز (٢) أن يدخل الماء الذي ينصب عن الميت من غسله في بئر كنيف ، وليكن ذلك في بلاليع أو حفيرة (٣).

ولا يجوز أن يقلم أظافيره ، ولا يجز شاربه ، ولا شيئا من شعره ، فإن سقط منه شئ جعل معه في أكفانه ، ثم يغتسل الغاسل يبده بالوضوء (٤) ثم يغتسل ، ثم يضع الميت في أكفانه ويجعل الجريدتين معه ، إحداها من عند الترقوة يلصقها بجلده ويمد عليه قميصه من الجانب الأيمن ، والجريدة الأخرى عند وركه من الجانب الأيسر (٥) ما بين القميص والإزار ، ثم يلفه في إزاره وحبره ، ويبدأ بالشق الأيسر فيمده على الأيمن ثم يمد الأيمن الأيسر ، وان شاء لم يجعل الحبرة معه حتى يدخله قبره فيلقيه عليه ويعممه ويحنكه ولا يعممه عمة الاعرابي (٦)

__________________

(١) كما في الكافي ج ٣ ص ١٤٢ في خبر يونس.

(٢) الظاهر أن مراده الكراهة ويحتمل الحرمة كما يظهر من خبر الكافي ج ٣ ص ١٥١ عن أبي محمد عليه‌السلام في توقيعه إلى الصفار جوابا لسؤاله.

(٣) البلاليع : جمع بالوعة والمشهور كراهة ارسال ماء الغسل في الكنيف الذي يجرى إليه البول والغائط.

(٤) قد عد من الأغسال المندولة الغسل لتكفين الميت وذكره شيخنا الشهيد في الذكرى فلا يتوهمن انصراف الاغتسال للتكفين في كلام الصدوق ـ رحمه‌الله ـ إلى غسل مس الميت الذي هو من الأغسال الواجبة على الأصح الأشهر. ( م ح ق )

(٥) هذا مخالف للمشهور إذ المشهور في الأخرى في الأيسر عند الترقوة إلى ما بلغت من فوق القميص كما في رواية جميل بن دراج ، وفى المحكى عن الغنية « يجعل إحداهما مع جانب الميت الأيمن ، قائمة من ترقوته ، ملصقة بجلده ، والأخرى من الجانب الأيسر كذلك الا أنها بين الدرع والإزار ».

(٦) أي بلا حنك. وقالوا : الأولى كونه بمقدار يدار على رأس الميت ويجعل طرفاه تحت حنكه على الصدر ، الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن من الصدر.

١٥٠

ويلقي طرفي العمامة على صدرة ، وقبل أن يلبسه قميصه يأخذ شيئا من القطن وينثر عليه ذريرة ويحشو به دبره ، ويجعل من القطن شيئا على قبله ، ويضم رجليه جميعا ، ويشد فخذيه إلى وركه بالمئزر شدا جيدا لئلا يخرج منه شئ.

فإذا فرغ من تكفينه حنطه بما ذكرته من الكافور (١) ثم يجعل على سريره ويحمل إلى حفرته. ولا يجوز أن يقال : ارفقوا به أو ترحموا عليه ، أو يضرب أحد يده على فخذيه عند المصيبة فيحبط أجره. (٢)

فإن خرج منه شئ بعد الغسل فلا يعاد غسله لكن يغسل ما أصاب الكفن إلى أن يوضع في اللحد ، فإن خرج منه شئ في لحده لم يغسل كفنه ولكن يقرض من كفنه ما أصابه الشئ الذي خرج منه (٣) ، ويمد أحد الثوبين على الآخر.

__________________

(١) لعله أراد بالتكفين تهيئته والقاء الميت عليه قبل أن يلفه في ازاره وحبره إذ لا يعقل التحنيط بعد اللف. ( مراد )

(٢) كما في رواية عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الصادق عليه‌السلام قال : « ثلاثة لا أدرى أيهم أعظم جرما : الذي يمش خلف جنازة في مصيبة غيره بلا رداء ، أو الذي يضرب يده على فخذه عند المصيبة أو الذي يقول : ارفقوا به أو ترحموا عليه يرحمكم الله ». ورواه الشيخ أيضا عنه عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله. وذلك لان الناس يضعون الرداء في مصيبة الغير ليراؤون الحزن كذبا ويتقربون بذلك إلى صاحب المصيبة فنهى عنه بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « ملعون ملعون من وضع رداءه في مصيبة غيره » وخص وضع الرداء بالمصاب فقط وقال : « ينبغي لصاحب الجنازة أن لا يلبس رداء وأن يكون في قميص حتى يعرف ». وأما قوله « ارفقوا به وترحموا » هذا أيضا نهى عما فعلوه بالجنائز حيث كانوا يضعونه على شفير القبر وأخروا الدفن وينادى عليه رجل « ارفقوا به وترحموا عليه » والسنة في ذلك تعجيل الدفن والدعاء للميت باللهم اغفر له واللهم ارحمه وأمثال ذلك مما ورد. فالمراد بالرفق عدم الاستعجال في الدفن ، وأما ضرب اليد على الفخذ فهو موجب لاحباط الاجر كما جاءت به الاخبار.

(٣) كما في الكافي ج ٣ ص ١٥٦. وقال أكثر الأصحاب بوجوب الغسل ما لم يطرح في القبر وبوجوب القرض بعده ونقل عن الشيخ ـ رحمه‌الله ـ أنه أطلق قرض المحل.

١٥١

٤١٧ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « من كفن مؤمنا فكأنما ضمن كسوته إلى يوم القيامة ، ومن حفر لمؤمن قبرا فكأنما بوأه بيتا موافقا إلى يوم القيامة ».

والجنب إذا مات غسل غسلا وحدا يجزي عنه لجنابته ولغسل الميت لأنهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة. (١)

٤١٨ ـ وسأل أبو الجارود أبا جعفر عليه‌السلام « عن الرجل يتوفى أتقلم أظافيره و ينتف إبطاه ، وتحلق عانت أطالت به من المرض؟ (٢) فقال : لا ».

وإذا أسقطت المرأة وكان السقط تاما غسل حنط وكفن ودفن ، وإن لم يكن تاما فلا غسل عليه ويدفن بدمه ، وحد تمامه إذا أتى عليه أربعة أشهر.

والكفن المفروض ثلاثة : قميص وإزار ولفافة سوى العمامة والخرقة فلا يعدان من الكفن (٣) فمن أحب أن يزيد زاد لفافتين حتى يبلغ العدد خمسة أثواب فلا بأس (٤).

٤١٩ ـ و « كفن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في ثلاث أثواب : في بردتين ظفريتين (٥) من ثياب اليمن ، وثوب كرسف ، وهو ثوب قطن ».

٤٢٠ ـ وروي أنه « حنط بمثقال مسك سوى الكافور ».

__________________

(١) كما في خبر زرارة المروى في التهذيب ج ١ ص ١٢٢ فما ورد بالغسل من الجنابة محمول على التقية أو الاستحباب. وقوله : « حرمتان » أي أمران لا يحل تركهما اجتمعا في امر واحد لا يحل تركه.

(٢) في بعض النسخ « وان طال به المرض ». والمشهور كراهة حلق رأسه وعانته وتسريح لحيته وقلم أظفاره ، وحكم ابن حمزة بالتحريم وحمل كلامه على تأكد الكراهة.

(٣) المشهور أنهما لا يعدان من الكفن الواجب بل هما مستحبان لأنهما لا يسميان كفنا في النصوص. ومن فائدة عدم عدهما كفنا أنه لو سرقهما سارق لم يقطع لان القبر حرز الكفن لا غير. وكذا تظهر الفائدة في النذر.

(٤) كما في خبر زرارة في التهذيب ج ١ ص ٨٣.

(٥) نسبة إلى ظفر ـ بكسر الفاء ـ : حصن باليمن.

١٥٢

٤٢١ ـ وقال الصادق عليه‌السلام « كتب أبي عليه‌السلام في وصيته أن أكفنه في ثلاثة أثواب : أحدها برد له حبرة كان يصلي فيه يوم الجمعة ، وثوب آخر ، وقميص ».

٤٢٢ ـ وسئل موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن الرجل يموت أيكفن في ثلاث أثواب بغير قميص؟ قال : لا بأس بذلك والقميص أحب إلي ».

٤٢٣ ـ وسأل عمار بن موسى الساباطي أبا عبد الله عليه‌السلام : عن المرأة إذا ماتت في نفاسها كيف تغسل؟ (١) قال : تغسل مثل ما تغسل الطاهرة وكذلك الحائض وكذلك الجنب إنما يغسل غسلا واحدا. (٢)

٤٢٤ ـ وسئل أبو الحسن الثالث عليه‌السلام « هل يقرب إلى إلى المسك والبخور قال : نعم ». (٣)

٤٢٥ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « المرأة إذا ماتت نفساء وكثر دمها أدخلت إلى السرة في الادم (٤) أو مثل الادم ، وتنظف ثم يحشى القبل والدبر ثم تكفن بعد ذلك ».

٤٢٦ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام « عن المرأة تموت مع رجال ليس معهم ذو محرم هل يغسلونها وعليها ثيابها؟ فقال : إذا يدخل ذلك عليهم ، ولكن يغسلون كفيها ». (٥)

__________________

(١) أي من دون أن يكون أحدها قميصا. ( مراد )

(٢) الحائض والجنب إذا ماتا غسلا كغيرهما من الأموات وقيل : عليه اجماع أهل العلم سوى الحسن البصري.

(٣) ظاهره يعارض ما مر ( ص ١٤٩ ) ويدل على أن أخبار النهى محمول على الكراهة ، مع أنها يمكن حملها على التقية. (م ت)

(٤) لعل ذلك لئلا يتعدى الدم الكفن ، والظاهر كونه بعد التنظيف والغسل والاحتشاء. والادم ـ بفتحتين ـ اسم جمع لاديم وهو الجلد المدبوغ.

(٥) قوله « إذا يدخل عليهم » ظاهره أن تغسيلها يصير منقصة عليهم حيث فعلوا ما لا

١٥٣

٤٢٧ ـ وسأله عبد الله بن أبي يعفور « عن الرجل يموت في السفر مع النساء وليس معهن رجل كيف يصنعن به؟ قال : يلففنه لفا في ثيابه ويدفنه ، ولا يغسلنه ». (١)

٤٢٨ ـ وسأله الحلبي « عن المرأة تموت في السفر وليس معها ذو محرم ولا نساء قال : تدفن كما هي بثيابها (٢) ، والرجل يموت وليس معه إلا النساء ليس معهن رجال؟ قال : يدفنه كما هو بثيابه ».

٤٢٩ ـ وسأله أبو النمير مولى الحارث بن المغيرة فقال : « حدثني عن الصبي إلى كم تغسله النساء؟ فقال : إلى ثلاث سنين ».

__________________

ينبغي فعله بالنسبة إليهم ، إذ ذلك لا يخلو غالبا عن رؤية ما لا ينبغي رؤيته ومس ما لا ينبغي مسه. والدخل ـ بالتحريك ـ : العيب والريبة ـ وهي بالكسر ـ التهمة والشك ، ويمكن رجع الضمير إلى الرجال والميت جميعا من باب التغليب ( مراد ) وقال الشيخ البهائي في الحبل المتين : « يدخل » للبناء المفعول أي يعاب ، والدخل ـ بالتحريك ـ : العيب ، والضمير في « عليهم » راجع إلى أقارب المرأة لدلالة ذكر « عليهم ». وتقرأ للبناء للفاعل ويجعل الإشارة إلى التلذذ وضمير « عليهم » إلى الرجال الذين يغسلونها ـ انتهى ـ. وأما غسل الكفين فليس ممنوعا شرعا لان الكف موضع لا تجب على المرأة سترها في حال الصلاة.

(١) الطريق صحيح وقيل : حسن وفى معناه أخبار صحيحة. والمشهور سقوط وجوب الغسل عند فقد المماثل لظاهر الاخبار وحكى عن الشيخ والحلبي ايجاب التغسيل من وراء الثياب لروايات اخر منها رواية جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام « في رجل مات ومعه نسوة ليس معهن رجل؟ قال : يصببن عليه الماء من خلف الثوب ويلففنه في أكفانه من تحت الستر ويصببن عليه صبا ويدخلنه في قبره ، والمرأة تموت مع الرجال ليس معهم امرأة؟ قال : يصبون الماء من خلف الثوب ويلفونها في أكفانها ويصلون ويدفنون » التهذيب ج ١ ص ١٢٥. وحمل على الاستحباب جمعا. واستبعده بعض أعلام المعاصرين.

(٢) هذا مختار الشيخ في المبسوط والخلاف والنهاية ، وقيل : جاز للأجانب تغسيل الأجنبية من فوق الثياب مع فقد المماثل وذي الرحم وكذا العكس وهو ظاهر المفيد وقال أبو الصلاح وابن زهرة مع تغميض العين. ( سلطان )

١٥٤

وذكر شيخنا محمد بن الحسن ـ رضي‌الله‌عنه ـ في جامعه في الجارية تموت مع الرجال في السفر قال : إذا كانت ابنة أكثر من خمس سنين أو ست دفنت ولم تغسل ، وإذا كانت ابنة أقل من خمس سنين غسلت ، وذكر عن الحلبي حديثا في معناه عن الصادق عليه‌السلام.

٤٣٠ ـ وسأله منصور بن حازم « عن الرجل يسافر مع امرأته فتموت أيغسلها؟ قال : نعم وأمه وأخته ونحوهما يلقي على عورتها خرقة ويغسلها ».

٤٣١ ـ وسأله سماعة بن مهران « عن رجل مات وليس معه إلا نساء ، فقال : تغسله امرأة ذات محرم منه وتصب النساء عليه الماء ولا تخلع ثوبه ، وإن كانت امرأة ماتت مع رجال وليس معهم امرأة ولا محرم لها فلتدفن كما هي في ثيابها ، وإن كان معها ذو محرم لها غسلها من فوق ثيابها ».

٤٣٢ ـ وسأله عمار الساباطي « عن الصبية لا تصاب امرأة تغسلها (١) قال : يغسلها أولى الناس بها من الرجال ».

٤٣٣ ـ وسأله « عن الرجل المسلم يموت في السفر وليس معه رجل مسلم ، ومعه رجال نصارى وعمته وخالته مسلمتان كيف يصنع في غسله؟ قال : تغسله عمته وخالته في قميصه ولا تقربه النصارى. وعن المرأة تموت في السفر وليس معها امرأة مسلمة ومعها نساء نصارى ومعها عمها وخالها مسلمان؟ فقال : يغسلانها ولا تقربها النصرانية غير أنه يكون عليها درع فيصب الماء من فوق الدر ».

٤٣٤ ـ وسأله (٢) « عن النصراني يكون في السفر وهو مع المسلمين فيموت قال : لا يغسله مسلم ولا يدفنه ، ولا كرامة ، ولا يقوم على قبره وإن كان أباه » (٣).

__________________

(١) « لا تصاب » على صيغة المجهول بمعنى ادراك الشئ ووجد انه ، لا توجد امرأة. ( م ح ق )

(٢) روى الكليني ـ رحمه‌الله ـ في الكافي ج ٣ ص ١٥٩ عن عمار الساباطي عن الصادق عليه‌السلام هذه المسائل الثلاث كلها وغيرها مما يأتي في خبر واحد عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار.

(٣) أي لا يصلى عليه ولا يدعو له عند قبره ولا يزوره.

١٥٥

٤٣٥ ـ وسأله المفضل بن عمر فقال له : « جعلت فداك ما تقول في المرأة تكون في السفر مع الرجال ليس فيهم لها ذو محرم ولا معهم امرأة فتموت المرأة ما يصنع بها؟ قال : يغسل منها ما أوجب الله عليه التيمم ولا تمس ولا يكشف لها شئ من محاسنها التي أمر الله عزوجل بسترها (١) ، فقال له : كيف يصنع بها؟ قال : يغسل باطن كفيها ثم يغسل وجهها ثم يغسل ظهر كفيها » (٢).

٤٣٦ ـ وسأله عمار بن موسى الساباطي « عن رجل مات وليس معه رجل مسلم ولا أمرة مسلمة من ذوي قرابته ومعه رجال نصارى ونساء مسلمات ليس بينهن وبينه قرابة؟ قال : يغتسل النصراني (٣) ثم يغسله ، فقد اضطر » (٤).

٤٣٧ ـ وسأله « عن المرأة المسلمة تموت وليس معها امرأة مسلمة ولا رجل مسلم من ذوي قرابتها ومعها نصرانية ورجال مسلمون؟ فقال : تغتسل النصرانية ثم تغسلها ».

وخمسة ينتظر بهم ثلاثة أيام إلا أن يتغيروا (٥) : الغريق ، والمصعوق ،

__________________

(١) المحاسن المواضع الحسنة من البدن ، الواحدة محسن ـ كمقعد ـ أولا واحد له أو : جمع حسن ـ بضم الحاء وسكون السين ـ من غير قياس. ( القاموس )

(٢) استدل بهذا الخبر على عدم وجوب ستر الوجه والكفين وكذا عدم وجوب الغض عنها ، وكذا قيل : لا منافاة بينه وبين آية الحجاب لأن النساء قبل نزولها كن مكشوفات الأعناق والصدور والأكتاف فلما نزلت الآية أمرن بسترها الا الوجه والكفين ، واستدلوا لهذا أيضا بقوله تعالى : « الا ما ظهر منها ».

(٣) لعل المراد إزالة الأوساخ من الخمر وغيرها لعدم اجتنابهم عنها.

(٤) هذا مخالف للمشهور من نجاسة أهل الكتاب ولا ينفع اغتسالهم ومن امتناع نية القربة في حقهم ولهذا لم يعمل به بعضهم ، ومن قال بطهارتهم أو قال بعدم وجوب النية في غسل الميت كان أمره أسهل ، والظاهر الجواز وان قلنا بنجاستهم وبوجوب النية للنص و حكم الصدوقين بصحته مع عمل معظم الأصحاب مع أنه مضطر كما في الخبر. (م ت)

(٥) أي تغيرا لا يحتمل معه الحياة كتغير الريح وحدوث علامات الموت ونفخ البطن وأمثالها. ( مراد ).

١٥٦

والمبطون ، والمهدوم ، والمدخن (١).

والمجدور (٢) إذا مات يصيب عليه الماء صبا (٣) إذا خيف أن يسقط من جلده شئ عند المس وكذلك الكسير والمحترق والذي به القروح.

٤٣٨ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « إذا مات الميت في البحر غسل وحنط وكفن ، ثم يوثق في رجله حجر ويرمى به في الماء ».

٤٣٩ ـ وقد روي أنه « يجعل في خابية ويوكى رأسها (٤) ويرمى بها في الماء » هذا كله إذا لم يقدر على الشط (٥).

٤٤٠ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام (٦) : « المرجوم والمرجومة يغسلان ويحنطان ويلبسان الكفن (٧) قبل ذلك ، ثم يرجمان ويصلى عليهما. والمقتص منه بمنزلة ذلك

__________________

(١) كما في رواية إسماعيل بن عبد الخالق عن الصادق عليه‌السلام المروية في الكافي ج ٣ ص ٢١٠ والتهذيب ج ١ ص ٩٦ والمصعوق : من أصابته الصاعقة والذي غشى عليه ، والمدخن من مات بسبب الدخان.

(٢) المجدور من به الجدري أي ما يقال بالفارسية ( آبله ).

(٣) أي لا يمس جسده ولا يدلك بل يكتفى بالصب لخوف تناثر جلده عند الدلك وفى المنتهى : « ويصب الماء على المحترق والمجدور وصاحب القروح ومن يخاف تناثر جلده من المس لأجل الضرورة ، ولو خيف من ذلك أيضا يمم بالتراب لأنه محل الضرورة ». وقال الشهيد في الذكرى : يلوح من الاقتصار على الصب الاجزاء بالقراح لان المائين الآخرين لا يتم فائدتهما بدون الدلك غالبا وحينئذ فالظاهر الاجزاء لان الامر لا يدل على التكرار.

أقول : يظهر من سياق الخبر ما ذكره لكن التمسك بعدم الفائدة غير تام. ( المرآة )

(٤) الخابية : الحب وأصلها الهمز من « خبأت » الا أن العرب تركت همزها.

و « يوكى » بضم الياء وفتح الكاف بدون الهمز ـ أي يشد رأسها.

(٥) الشط : جانب البحر ، أو جانب النهر ، أو جانب الوادي.

(٦) الخبر في الكافي ج ٣ ص ٢١٤ والتهذيب ج ١ ص ٩٥ مسندا عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٧) المشهور بين الأصحاب أنه يجب أن يؤمر من وجب عليه القتل بان يغتسل وظاهرهم غسل الأموات ثلاثا بخليطين وبان يحنط كما صرح به الشيخ وأتباعه. وزاد ابنا بابويه

١٥٧

يغسل ويحنط ويلبس الكفن ثم يقاد ويصلى عليه ».

فإذا كان الميت مصلوبا أنزل عن الخشبة بعد ثلاثة أيام وغسل وكفن ودفن ولا يجوز صلبه أكثر من ثلاثة أيام (١).

٤٤١ ـ وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن الرجل يأكله السبع أو الطير فتبقى عظامه بغير لحم كيف يصنع به؟ قال : يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن » (٢).

٤٤٢ ـ وفي خبر آخر « إن عليا عليه‌السلام لم يغسل عمار بن ياسر ولا هاشم ابن عتبة ـ وهو المرقال ـ ودفنهما في ثيابهما بدمائهما ولم يصل عليهما » (٣).

هكذا روى ، لكن الأصل أن لا يترك أحد من الأمة إذا مات بغير صلاة.

__________________

والمفيد تقديم التكفين أيضا والمستند هذا الخبر ، وقال في المعتبر ان الخمسة واتباعهم أفتوا بذلك ولا نعلم للأصحاب فيه خلافا ، ولا يجب تغسيله بعد ذلك ، وفى وجوب الغسل بمسه بعد الموت اشكال وذهب أكثر المتأخرين إلى العدم لان الغسل إنما يجب بمس الميت قبل غسله وهذا قد غسل. ( المرآة ).

(١) كما في رواية السكوني في الكافي ج ٣ ص ٢١٦ و ج ٧ ص ٢٦٩.

(٢) عليه عمل الأصحاب إذا كان مجموع العظام كما هو ظاهر الجمع المضاف أو إذا كان عظام الصدر (م ت) أقول : رواه الكليني ج ٣ ص ٢١٢ وزاد « إذا كان الميت نصفين صلى على النصف الذي فيه القلب ».

(٣) نقل الشيخ ـ رحمه‌الله ـ هذا الخبر في التهذيب ج ١ ص ٣٤٥ والاستبصار ج ١ ص ٤٦٩ باسناده عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام وقال : ما تضمن هذا الخبر من أنه لم يصل عليهما وهم من الراوي لأنا قد بينا وجوب الصلاة على كل ميت وهذه مسألة اجماع من الفرقة المحقة ، ويجوز أن يكون الوجه حكاية ما يرويه بعض العامة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام فكأنه المحقة ، ويجوز أن يكون الوجه حكاية ما يرويه بعض العامة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام فكأنه قال : « انهم يروون عن علي عليه‌السلام أنه لم يصل عليهما » وذلك خلاف الحق على ما بيناه. أقول : البلاء من مسعدة لأنه عامي بتري وله كتاب يرويه هارون بن مسلم. والحمل على التقية بعيد جدا لأنهم أجمعوا على أن



١٥٨

٤٤٣ ـ وروى أبو مريم الأنصاري ، عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « الشهيد إذا كان به رمق غسل وكفن وحنط وصلى عليه وإن لم يكن به رمق كفن في أثوابه ».

٤٤٤ ـ وسأله أبان بن تغلب « عن الرجل يقتل في سبيل الله أيغسل ويكفن ويحنط؟ فقال : يدفن كما هو في ثيابه بدمه إلا أن يكون به رمق ، فإن كان به رمق ثم مات فإنه يغسل ويكفن ويحنط ويصلى عليه لان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى على حمزة وكفنه وحنطه لأنه كان جرد » (١).

٤٤٥ ـ واستشهد حنظلة بن أبا عامر الراهب بأحد فلم يأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بغسله ، وقال : « رأيت الملائكة بين السماء والأرض تغسل حنظلة بماء المزن في صحاف (٢) من فضة وكان يسمى غسيل الملائكة ».

٤٤٦ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « ينزع عن الشهيد الفرو والخف والقلنسوة والعمامة والمنطقة والسراويل إلا أن يكون أصابه دم (٣) فان أصابه دم ترك ، ولا يترك عليه شئ معقود إلا حل ».

والمحرم إذا مات غسل وكفن ودفن وعمل به ما يعمل بالمحل إلا أنه لا يقربه الكافور.

__________________

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى على عمه حمزة. وقال العلامة في التذكرة : الشهيد يصلى عليه عند علمائنا أجمع وبه قال الحسن وسعيد بن المسيب والثوري وأبو حنيفة والمزني وأحمد في رواية ، وقال الشافعي ومالك وإسحاق وأحمد في رواية : لا يصلى عليه. ومالك والشافعي وإسحاق كانوا بعد زمان أبى جعفر عليه‌السلام.

(١) استدل به الأصحاب على الوجوب ولا يخفى أنه على أن الصلاة تابعة للكفن لأنه لم يذكر الصلاة في الأول وذكرها فيما إذا اخرج وبه رمق وعلل صلاة حمزة وتكفينه بأنه كان قد جرد ، ويمكن أن يأول بأن التعليل للتكفين فقط ، وعدم ذكر الصلاة أولا لا يدل على النفي ، وما ذكره آخرا إذا قطعنا عنه التعليل يدل على لزوم الصلاة مطلقا. ( المرآة )

(٢) جمع صفحة : قصعة كبيرة منبسطة.

(٣) الضمير في « اصابه » اما راجع إلى السراويل أو إلى كل واحد من المذكورات. ( المرآة ).

١٥٩

وقتيل المعركة في غير طاعة الله عزوجل يغسل كما يغسل الميت ، ويضم ( رأسه إلى عنقه ، ويغسل مع البدن.

وإذا ماتت المرأة وهي حامل وولدها يتحرك في بطنها شق بطنها من الجانب الأيسر وأخرج الولد (١) ، وإن مات الولد في جوفها ولم يخرج وهي حية أدخل إنسان يده في فرجها وقطع الولد بيده وأخرجه (٢).

٤٤٧ ـ وروى أنه « لما قبض أبو جعفر الباقر عليه‌السلام لم يزل أبو عبد الله عليه‌السلام يأمر بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتى قبض أبو عبد الله عليه‌السلام ثم أمر أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام بمثل ذلك في بيت أبي عبد الله عليه‌السلام حتى أخرج به إلى العراق ثم لا يدري ما كان » (٣).

ومن كان جنبا وأراد أن يغسل الميت فليتوضأ وضوء الصلاة ثم يغسله. ومن أراد الجماع بعد غسله للميت فليتوضأ ثم يجامع (٤).

وإن غسل ميت فخرج منه دم كثير لا ينقطع فإنه يجعل عليه الطين الحر (٥) فإنه ينقطع.

__________________

(١) راجع التهذيب ج ١ ص ٩٨ روى أخبارا تدل على ذلك.

(٢) المشهور وجوب شق الجوف واخراج الولد واطلاق الروايات يقتضى عدم الفرق في الجانب بين الأيمن والأيسر ، وفى المعتبر ما حاصله أنه وجوب إلى اسقاطه صحيحا بعض العلاج فان تعذر فالأرفق ثم الأرفق ، ويتولاه النساء ثم محارم الرجال ثم الأجانب دفعا عن نفس الحي.

(٣) ظاهر الخبر يدل على استحباب الاسراج في بيوت وفاتهم عليهم‌السلام وربما يتعدى إلى مشاهدهم مع ما يجب من تعظيمها عقلا ونقلا ، وربما يتعدى إلى مشاهد أولاد الأئمة والصلحاء بالتقريب المذكور ، وربما يتعدى إلى بيوت الوفاة مطلقا للتأسي ، ومنه الاسراج عند الميت لو مات ليلا مع عمومات تعظيم المؤمن. (م ت)

(٤) رواه الكليني ج ٣ ص ٢٥٠ من حديث شهاب بن عبد ربه عن الصادق عليه‌السلام ويدل على استحباب الوضوء للجنب إذا أراد تغسيل الميت أو الجماع ، أو لرفع الكراهة.

(٥) أي الذي لا رمل فيه والخالص.

١٦٠