كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٩٩

[ النفاس وأحكامه ] (١)

وإذا ولدت المرأة قعدت عن الصلاة عشرة أيام إلا أن تطهر قبل ذلك فان استمر بها الدم تركت الصلاة ما بينها وبين ثمانية عشر يوما ، لان أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر في حجة الوداع فأمرها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن تقعد ثمانية عشر يوما (٢).

٢١٠ ـ وقد روي أنه « صار حد قعود النفساء عن الصلاة ثمانية عشر يوما لان أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام فأوسطه (٣) خمسة أيام فجعل الله عزوجل للنفساء [ أيام ] أقل الحيض وأوسطه وأكثره ».

والاخبار التي رويت في قعودها أربعين يوما وما زاد إلى أن تطهر معلولة كلها

__________________

(١) العنوان زيادة منا وليس في الأصل.

(٢) في المحكى عن الذكرى : « أقله انقطاع الدم وأكثره عشرة في المشهور وللمفيد  ـ رحمه‌الله ـ قول بثمانية عشر وهو قول الصدوق وابن الجنيد والمرتضى وسلار ـ رحمهم‌الله ـ وجعله ابن أبي عقيل (ره) إحدى وعشرين يوما ». وخبر أسماء كما في التهذيب ج ١ ص ٥٠ هكذا « ان » أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر فأمرها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين أرادت الاحرام من ذي الحليفة أن تغتسل وتحتشي بالكرسف وتهل بالحج فلما قدموا ونسكوا المناسك سألت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الطواف بالبيت والصلاة فقال لها : منذ كم ولدت؟ فقالت : منذ ثماني عشرة فأمرها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن تغتسل وتطوف بالبيت وتصلى ولم ينقطع عنها الدم ففعلت ذلك وحمل على التقية لمخالفته لكثير من الصحاح ومخالفه من الاخبار أكثر عددا وأصح سندا وأوضح دلالة على أن أكثر أيام النفاس عشرة وما يدل على أن الحكم بالغسل في هذا الخبر بعد الثمانية عشر إنما كان عند مضى تلك المدة ولو سألته قبل ذلك لعله يأمرها بالغسل. وفى المحكى عن الذكرى : خبر أسماء بنت عميس متأول بأن سؤالها كان عقيب الثمانية عشر فأمرها بالغسل ولو سألته قبيلها لأمرها.

(٣) في بعض النسخ « أكثرها عشرة أيام فأوسطها » فالضمير ان يرجعان إلى الأيام. وعلى ما كان في المتن يرجعان إلى نفس الحيض.

١٠١

ووردت للتقية لا يفتي بها إلا أهل الخلاف.

٢١١ ـ وروى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن امرأة أصابها الطلق اليوم واليومين وأكثر من ذلك ترى صفرة أو دما كيف تصنع بالصلاة؟ قال : تصلي ما لم تلد فإن غلبها الوجع صلت إذا برئت » (١).

( باب التيمم )

قال الله عزوجل : « وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون » (٢).

__________________

(١) حاصله أنها قبل الولادة لا تكون نفساء فان قدرت على الصلاة وجب أن تصليها وان أغلبها وجع الولادة وهو الطلق صلت لو قدرت عليها فان كانت الوقت باقيا فأداء والا فقضاء. ( مراد )

(٢) « وان كنتم مرضى » بحيث يضر استعمال الماء « أو على سفر » على « بمعنى الحال أي حال سفر كما يقال : زرت فلانا على شربه ، وتخصيصه للأغلبية لا لاختصاصه بالإباحة ، بل يباح التيمم حضرا وسفرا مع عدم الماء » أو جاء « كلمة أو بمعنى الواو » أحد منكم « موضعا » من الغائط « على أن يكون » من « للتبيين ، أو من موضع الغائط على أن يكون للابتداء ، والغائط اسم للمكان المطمئن من الأرض ، ثم سمى به الحدث الخارج من الانسان تسمية للحال باسم المحل » أو لامستم النساء « أي جامعتموهن عبر عن الجماع بالملامسة لكونها من أقرب مقدماته فقد لاح أن المرخص له في التيمم اما محدث أو جنب والحالة المقتضية له في الغالب اما مرض أو سفر » فلم تجدوا ماء « فلم تتمكنوا من استعماله اما لعدم وجوده أو لسبب آخر ، وهو عطف على » كنتم « لا جواب الشرط لان » لم « يقلب المضارع ماضيا وينفيه بل الجواب » فتيمموا « أي فاقصدوا » صعيدا « أي شيئا من وجه الأرض » طيبا « أي طاهرا » فامسحوا بوجوهكم وأيديكم « أي بعضها اما لمكان الباء أو للنص وهو في الوجه من القصاص إلى طرف الأنف الاعلى ، وفى اليد من الزند إلى أطراف الأصابع ، » منه « أي من ذلك الصعيد وهو لا يدل على

١٠٢

٢١٢ ـ وقال زرارة : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ألا تخبرني من أين علمت وقلت : إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟ فضحك وقال : يا زرارة قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونزل به الكتاب من الله لان الله عزوجل قال : « فاغسلوا وجوهكم » فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل ، ثم قال : « وأيديكم إلى المرافق » فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين ، ثم فصل بين الكلام (١) فقال : « وامسحوا برؤوسكم » فعرفنا حين قال : « برؤوسكم » أن المسلح ببعض الرأس لمكان الباء ، ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال :  « وأرجلكم إلى الكعبين » فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح على بعضهما ، ثم فسر ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للناس فضيعوه (٢) ثم قال : « فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم » فلما أن وضع الوضوء عمن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحا (٣) لأنه قال : « بوجوهكم » ثم وصل بها « وأيديكم منه » أي من ذلك التيمم لأنه علم (٤) أن ذلك أجمع لم يجر على الوجه لأنه يعلق من [ ذلك ]

__________________

وجوب علوق شئ من الصعيد لجواز كون » من « ههنا ابتدائية » ما يريد الله « بشرعه » الطهارة من الوضوء والغسل والتيمم بدلهما « ليجعل عليكم من حرج » أي ضيق « من » هنا بيانية « ولكن ليطهركم » أي لينظفكم أو ليطهركم عن الذنوب فان الطهارة تكفير للذنوب « وليتم » بشرعه ما هو مطهر لأبدانكم مكفر لذنوبكم « نعمته عليكم » في الدين « لعلكم تشكرون » على تلك النعمة. (م ت)

(١) في بعض النسخ « الكلامين ».

(٢) في بعض النسخ « فصنعوه ».

(٣) أي جعل بعض ما كان يغسل في الوضوء ممسوحا في التيمم حيث أدخل الباء على الوجوه التي كان أمر بغسلها كلها ووصل بالوجوه الأيدي التي كان قد أمر بغسلها فعلم منه أن الممسوح في التيمم بعض ما كان مغسولا في الوضوء والممسوح ساقط رأسا. « منه » أي من ذلك الصعيد الذي يتيمم به ، وهذا يشعر بأنه لابد في التيمم من أن يقع المسح ببعض الصعيد. ( مراد )

(٤) تعليل لقوله : « أثبت بعض الغسل مسحا » أي جعل بعض المغسول ممسوحا حيث



١٠٣

الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها ، ثم قال الله : « ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج والحرج الضيق ».

٢١٣ ـ وقال زرارة : قال أبو جعفر عليه‌السلام : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم لعمار في سفر له : يا عمار بلغنا أنك أجنبت فكيف صنعت؟ قال : تمرغت يا رسول الله في التراب ، قال : فقال له : كذلك يتمرغ الحمار (١) أفلا صنعت كذا؟ ثم أهوى بيديه إلى الأرض فوضعهما على الصعيد ثم مسح جبينيه بأصابعه وكفيه إحديهما بالأخرى ثم لم يعد ذلك ». (٢)

فإذا تيمم الرجل للوضوء ضرب يديه على الأرض مرة واحدة ثم نفضهما و مسح بهما جبينيه وحاجبيه ومسح على ظهر كفيه ، وإذا كان التيمم للجنابة ضرب يديه على الأرض مرة واحدة ، ثم نفضهما ومسح بهما جبينيه وحاجبيه ، ثم ضرب يديه على الأرض مرة أخرى ومسح على ظهر يديه فوق الكف قليلا ويبدأ بمسح اليمنى قبل اليسرى.

__________________

قال « بوجوهكم » بالباء التبعيضية لأنه تعالى علم أن ذلك الصعيد العالق بالكف لا يجرى على كل الوجه لأنه يعلق ببعض الكف ولا يعلق ببعضها ، ويجوز أن يكون تعليلا لقوله عليه‌السلام « قال بوجوهكم » وهو قريب من الأول ، ولا يجوز أن يجعل تعليلا لقوله « أي من ذلك التيمم » سواء أريد بالتيمم معناه المصدري أو المتيمم به أما على الأول فظاهر وكذا على الثاني إذا جعلت « من » ابتدائية وأما إذا جعلت تبعيضية فلان المراد اما بعض الصعيد المضروب عليه أو بعضه العالق بالكف وعلى التقديرين لا يستقيم التعليل بعلم الله ان ذلك بأجمعه لا يجرى على الوجه ، ثم تعليل ذلك بأنه تعلق منه ببعض الكف ولا تعلق ببعضها فعليك بالتأمل الصادق. ( الحبل المتين ).

(١) التمرغ : التقلب في التراب ومنه حديث عمار ( النهاية ).

(٢) أي ذلك الوضع كذا فسره شيخنا ـ رحمه‌الله ـ وحينئذ فهو حجة لمن يكتفى بالضربة الواحدة فيما هو بدل من الغسل أيضا ويمكن حمله على عدم إعادة المسح. ( مراد ) أقول هذا إذا قرء « لم يعد » بضم حرف المضارعة ، فهو من الإعادة ، وان قرء بفتح حرف المضارعة واسكان العين فمعناه أنه لم يتجاوز عليه‌السلام عن مسح الجبينين والكفين.

١٠٤

٢١٤ ـ وسأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الرجل إذا أجنب ولم يجد الماء ، قال : يتيمم بالصعيد ، فإذا وجد الماء فليغتسل ولا يعيد الصلاة. و عن الرجل يمر بالركية وليس (١) معه دلو ، قال : ليس عليه أن يدخل الركية لان رب الماء هو رب الأرض (٢) فليتيمم. وعن الرجل يجنب ومعه قدر ما يكفيه من الماء لوضوء الصلاة أيتوضأ بالماء أو يتيمم؟ قال : لا بل يتيمم ، ألا ترى أنه إنما جعل عليه نصف الوضوء ». (٣)

ومتى أصاب المتيمم الماء ورجا أن يقدر على ماء آخر أو ظن أنه يقدر عليه كما أراده فعسر عليه ذلك ، فإن نظره إلى الماء ينقض تيممه وعليه أن يعيد التيمم ، فإن أصاب الماء وقد دخل في الصلاة فليضرب وليتوضأ ما لم يركع ، فإن كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين ، ومن تيمم ثم أصاب الماء فعليه الغسل إن كان جنبا والوضوء إن لم يكن جنبا ، فإن أصاب الماء وقد

__________________

(١) الركية ـ بفتح الراء وشد الياء ـ : البئر ذات الماء.

(٢) في بعض النسخ « هو رب الصعيد » وفى بعضها « هو رب التراب ». على أي حمل على خوف الضرر بالدخول. (م ت)

(٣) ذكر في مشرق الشمسين في وجه كون التيمم نصف الوضوء أن الوضوء يحصل منه الاستباحة والرفع والتيمم يحصل منه الاستباحة لا غير ، ويمكن أن يقال : إن الوضوء غسلتان ومسحتان كما نقل عن ابن عباس ، والتيمم مسحتان لا غير.

أقول : روى نحو هذا الخبر الكليني في الكافي ج ٣ ص ٦٥ من حديث ابن أبي يعفور عنه عليه‌السلام وفيه « إنما جعل عليه نصف الطهور ».

وقال الفاضل التفرشي : قوله : الا ترى أنه إنما ـ الخ لعل الراوي توهم أن بدلية التيمم عن الوضوء أو الغسل باعتبار مشابهته لهما فلو قدر الانسان على ما هو أشبه بهما ينبغي أن يأتي به ، فدفع عليه‌السلام ذلك التوهم بأن الطاعة الاتيان بالمأمور به وهو التيمم عند فقد الماء فلا يصح عنه غيره ، وأيد ذلك بأن الواجب في التيمم مسح بعض ما يغسل في الوضوء سواء كان بدلا من الوضوء أو الغسل ولو كان باعتبار الأشبهية لكان ما يمسح في بدل الغسل أكثر مما يمسح في بدل الوضوء ولما اكتفى في الوضوء أيضا بمسح بعض المغسول.

١٠٥

صلى بتيمم وهو في وقت فقد تمت صلاته ولا إعادة عليه. (١)

٢١٥ ـ وقال زرارة ومحمد بن مسلم : قلنا لأبي جعفر عليه‌السلام : « رجل لم يصب ماء و حضرت الصلاة فتيمم وصلى ركعتين ثم أصاب الماء أينقض الركعتين أو يقطعهما (٢) و يتوضأ ثم يصلي؟ قال : لا ولكنه يمضي في صلاته فيتمها ولا ينقضها لمكان الماء لأنه دخلها وهو على طهر بتيمم. وقال زرارة : قلت له : دخلها وهو متيمم فصلى ركعة ثم أحدث (٣) فأصاب ماء؟ قال : يخرج فيتوضأ ثم يبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم ».

__________________

(١) روى الكليني ـ ره ـ في الكافي ج ٣ ص ٦٣ بسند صحيح عن زارة عن أبي جعفر (ع) قال : « قلت له : يصلى الرجل بوضوء واحد صلاة الليل والنهار كلها؟ قال نعم ما لم يحدث ـ إلى أن قال ـ : قلت فان أصاب الماء ورجا أن يقدر على ماء آخر وظن أنه يقدر عليه كما أراد فعسر ذلك عليه؟ قال : ينقض ذلك يتممه وعليه أن يعيد التيمم ، قلت : فان أصاب الماء وقد دخل في الصلاة؟ قال : فلينصرف وليتوضأ ما لم يركع فإن كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين ». والمؤلف أفتى بمضمون هذا الخبر وقال المفيد في أحد قوليه والسيد المرتضى وجماعة من الفقهاء : يمضى في صلاته ولو تلبس بمجرد تكبيرة الاحرام. وقال الشيخ : الوجه في هذا الخبر ضرب من الاستحباب دون الفرض والايجاب ويمكن أن يكون إذا دخل في الصلاة في أول الوقت لأنا قد بينا أنه لا يجوز التيمم الا في آخر الوقت فلذلك وجب عليه الانصراف.

(٢) قوله « أو يقطعها » الظاهر أن الهمزة للاستفهام دخلت على الواو لتأكيد الهمزة الأولى ، ولو جعلت أو بكمالها للعطف فينبغي ارجاع ضمير ينقض إلى الإصابة أي انتقص إصابة الماء الركعتين أوله أن يقطعهما باختياره لأجل الإصابة ، ويمكن أن يراد بالنقض الابطال و بالقطع القطع للبناء ، ويستفاد من هذا الحديث جواز التيمم في سعة الوقت. ( مراد )

(٣) قال المفيد ـ رحمه‌الله ـ : إن كان عمدا أعاد وإن كان نسيانا تطهر ويبنى وتبعه الشيخ في النهاية وابن حمزة في الوسيلة كما في الذكرى ، وقال المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : ظاهر الخبر أن الحدث لا ينقض الصلاة وحمله الشيخ على النسيان ولا ينفع لأنه لا خبر يدل على أن الحدث ناسيا لا ينقض الصلاة ، وقيل : إن معنى « أحدث » جاء المطر كما في القاموس ويؤيده التفريع بقوله « فأصاب ماء » وعلى هذا يوافق الخبر سائر الأخبار ، وهذا



١٠٦

٢١٦ ـ وسأل عمار بن موسى الساباطي أبا عبد الله عليه‌السلام « عن التيمم من الوضوء ومن الجنابة ومن الحيض للنساء سواء؟ فقال : نعم ».

٢١٧ ـ وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه‌السلام « عن الرجل يكون به القروح و الجراحات فيجنب؟ فقال : لا بأس بأن يتيمم ولا يغتسل » (١).

٢١٨ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « المبطون والكسير يؤممان ولا يغسلان » (٢).

٢١٩ ـ وقيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا رسول الله إن فلانا أصابته جنابة وهو مجدور فغسلوه فمات ، فقال : قتلوه ، ألا سألوا؟ (٣) ألا يمموه ، إن شفاء العي السؤال ». (٤)

٢٢٠ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام « عن مجدور أصابته جنابة؟ فقال : إن كان أجنب هو فليغتسل (٥) ، وإن كان احتلم فليتيمم » (٦).

والجنب إذا خاف على نفسه من البرد تيمم.

٢٢١ ـ وسأله معاوية بن ميسرة (٧) « عن الرجل يكون في السفر فلا يجد الماء

__________________

وجه وجيه لا يطرح الخبر.

وقال سلطان العلماء : قد فسر البعض الحدث بالمطر ولا يخفى بعده ومنافاته لما سبق من أنه إن كان قد ركع فليمض.

(١) يفهم ن الاخبار التخيير بين الجبيرة والتيمم فحمل الخبر على الضرر بالجبيرة (م ت).

(٢) في بعض النسخ « يتيممان ولا يغتسلان ».

(٣) في بعض النسخ « ألا سألوه » ولعله من باب الحذف والايصال أي الا سألوا عنه ( مراد ).

(٤) العي ـ بالمهملة ـ : الجهل وعدم الاهتداء إلى وجه الصواب.

(٥) حمل على عدم خوف النفس لأنه خلاف المشهور من الفتاوى.

(٦) رواه الكليني ج ٣ ص ٦٨ والشيخ في كتابيه في حديث مرفوع.

(٧) الطريق صحيح كما في ( صه ) وفيه علي بن الحكم وهو مشترك بين الثقة وغيره. ومعاوية نفسه لم يوثق.

١٠٧

فيتيمم ويصلي ، ثم يأتي [ على ] الماء وعليه شئ من الوقت أيمضي على صلاته؟ أم يتوضأ ويعيد الصلاة؟ قال : يمضي على صلاته فان رب الماء هو رب التراب ». (١)

٢٢٢ ـ وأتى أبو ذر رحمه‌الله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « يا رسول الله هلكت ، جامعت على غير ماء ، قال : فأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بمحمل فاستترنا به ، وبماء (٢) فاغتسلت أنا وهي ، ثم قال : يا أبا ذر يكفيك الصعيد عشر سنين ».

وإذا أجنب الرجل في سفر ومعه ماء قدر ما يتوضأ به تيمم (٣) ولم يتوضأ إلا أن يعلم (٤) أنه يدرك الماء قبل أن يفوته وقت الصلاة.

٢٢٣ ـ وسأل عبد الرحمن بن أبي نجران (٥) أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن ثلاثة نفر كانوا في سفر أحدهم جنب ، والثاني ميت ، والثالث على غير وضوء و حضرت الصلاة ومعهم من الماء قدر ما يكفي أحدهم من يأخذ الماء وكيف يصنعون؟ فقال : يغتسل الجنب ، ويدفن الميت بتيمم ويتيمم الذي هو على غير وضوء ، لان الغسل من الجنابة فريضة (٦) ، وغسل الميت سنة (٧) ، والتيمم للآخر جائز ». (٨)

__________________

(١) هذا بظاهره على جواز التيمم مع سعة الوقت مطلقا ويحتمل حمله على صورة اليأس عن الماء وبالجملة ينافي مذهب التضييق مطلقا. ( سلطان )

(٢) عطف على بمحمل أي أمر أيضا بماء.

(٣) يدل على أنه يكفي عدم العلم بوجدان الماء ولا يشترط العلم بالعدم. ( سلطان )

(٤) هذا الاستثناء من قوله « يتيمم » لا من قوله « ولم يتوضأ » يعنى وجب عليه التيمم فقط بدون الوضوء الا أن يعلم أنه يدرك الماء في الوقت فيجب عليه أن يؤخر الصلاة إلى وقت وجدان الماء فان وجد فليغتسل وان لم يجد وضاق عليه الوقت فليتيمم ، وعلى أي حال ليس عليه الوضوء.

(٥) الطريق صحيح كما في ( صه )

(٦) أي ثابت بحكم الكتاب.

(٧) أي ثابت بالسنة لا بالكتاب.

(٨) لا يقال : التيمم للجنب أيضا جائز فلا ترجيح إذ كل من غسل الجنابة والوضوء فريضة أي وجوبه بالكتاب لا بمجرد السنة ، لأنا نقول : الفرق ظاهر من وجهين أحدهما ان رفع الحدث الأكبر أولى وأهم ، والاخر أن وجوب الوضوء للصلاة بالاتفاق ووجوب الغسل بنفسه عند البعض. ( مراد )

١٠٨

٢٢٤ ـ وسأل محمد بن حمران النهدي ، وجميل بن دراج أبا عبد الله عليه‌السلام « عن إمام قوم أصابته جنابة في السفر وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل أيتوضأ بعضهم ويصلي بهم؟ فقال : لا ولكن يتيمم الجنب ويصلي بهم فإن الله عزوجل جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا ». (١)

٢٢٥ ـ وسأل عبد الله بن سنان أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الرجل تصيبه الجنابة في الليلة الباردة ويخاف على نفسه التلف إن اغتسل؟ فقال : يتيمم ويصلي فإذا أمن من البرد اغتسل وأعاد الصلاة ». (٢)

وإذا كان الرجل في حال لا يقدر إلا على الطين يتيمم به فإن الله تبارك

__________________

(١) المشهور بين الأصحاب كراهة امامة المتيمم بالمتوضين. بل قال في المنتهى : انه لا نعرف فيه خلافا الا ما حكى عن محمد بن الحسن الشيباني من المنع من ذلك. واستدل الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في كتابي الاخبار بما رواه عن عباد بن صهيب « قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا يصلى المتيمم بقوم متوضين » وعن السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال : لا يؤم صاحب التيمم المتوضين ولا يؤم صاحب الفالج الأصحاء وفى الروايتين ضعف من حيث السند ولولا ما يتخيل من انعقاد الاجماع على هذا الحكم لأمكن القول بجواز الإمامة على هذا الوجه من غير كراهة. ( المرآة )

(٢) رواه الكليني في الكافي ج ٣ ص ٦٧ مرسلا والشيخ في التهذيب مسندا وحمل إعادة الصلاة على فرض صحة الخبر على ما إذا كان أجنب نفسه متعمدا.

وقال سلطان العلماء : لا يخفى منافاته لما سبق في خبر عبيد الله بن علي الحلبي من عدم إعادة الصلاة فيحمل هذا على الاستحباب أو على احداث الجنابة عمدا مع العلم غير من بعدم التمكن من استعمال الماء والسابق على غير هذه الصورة كما مر اشعار به في خبر المجدور ، ويمكن حمل هذا على صورة بقاء الوقت وذلك على خارجه الا أنه قد مر أيضا ما يدل على أن لا يعيد في الوقت أيضا ، فلا فائدة في هذا الحمل.

وقال الفاضل التفرشي : يمكن حمله على ما إذا أجنب مع علمه بعدم امكان الغسل جمعا بينه وبين ما يدل على عدم إعادة صلاة صليت بالتيمم ، ويمكن الحمل على الاستحباب.

١٠٩

وتعالى أولى بالعذر إذا لم يكن معه ثوب جاف ولا لبد (١) يقدر على أن ينفضه و يتيمم منه. (٢)

ومن كان في وسط زحام يوم الجمعة أو يوم عرفة (٣) ولم يستطع الخروج من المسجد من كثرة الناس تيمم وصلى معهم وليعد (٤) إذا انصرف.

ومن تيمم وكان معه ماء فنسي وصلى بتيمم ، ثم ذكر قبل أن يخرج الوقت فليعد الوضوء والصلاة. (٥)

ومن احتلم في مسجد من المساجد خرج منه واغتسل ، إلا أن يكون احتلامه في المسجد الحرام أو في مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فإنه إن احتلم في أحد هذين المسجدين تيمم وخرج ولم يمش فيهما إلا متيمما. (٦)

باب

* ( غسل يوم الجمعة ودخول الحمام وآدابه وما جاء في التنظيف والزينة ) *

٢٢٦ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل

__________________

(١) تأكيد لقوله لا يقدر الا على الطين أو يحمل ذلك على القدرة على الماء والتراب خاصة لا بالنسبة إلى غبار الثوب. ( سلطان ) واللبد ـ كحبر ـ : ما يتلبد من شعر أو صوف واللبدة أخص منه : واللبد ـ بالتحريك ـ الصوف.

(٢) في بعض النسخ « ويتيمم به ».

(٣) وهو محدث وليس له ماء يتوضأ به.

(٤) في أكثر النسخ « ولم يعد ». والصواب ما في المتن كما رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٢ بطريق وص ٣٢٤ بطريق آخر وكذا في الاستبصار ج ١ ص ٨١. ففيهما « ويصلى معهم ويعيد إذا انصرف ».

(٥) كما في خبر أبي بصير عن الصادق (ع) الكافي ج ٣ ص ٦٥ والتهذيب ج ١ ص ٦٠.

(٦) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١١٥.

١١٠

الحمام إلا بمئزر. و « نهى صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الغسل تحت السماء إلا بمئزر ». و « نهى عن دخول الأنهار إلا بمئزر ، فقال : إن للماء أهلا وسكانا ».

وغسل يوم الجمعة واجب على الرجال والنساء في السفر والحضر إلا أنه رخص للنساء في السفر لقلة الماء (١)

ومن كان في سفر ووجد الماء يوم الخميس وخشي أن لا يجده يوم الجمعة فلا بأس بأن يغتسل يوم الخميس للجمعة ، فإن وجد الماء يوم الجمعة اغتسل ، وإن لم يجد أجزأه.

٢٢٧ ـ فقد روى الحسن بن موسى بن جعفر عليهما‌السلام عن أمه وأم أحمد بن موسى عليه‌السلام قالتا : « كنا مع أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام في البادية ونحن نريد بغداد ، فقال لنا يوم الخميس : اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة فإن الماء غدا بها قليل قالتا : فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة ».

وغسل يوم الجمعة سنة واجبة ، ويجوز من [ وقت ] طلوع الفجر يوم الجمعة إلى قرب الزوال ، وأفضل ذلك ما قرب من الزوال ، ومن نسي الغسل أو فاته لعلة

__________________

(١) روى الكليني ـ رحمه‌الله ـ في الكافي ج ٣ ص ٤٢ باسناده عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « الغسل يوم الجمعة على الرجال والنساء في الحضر وعلى الرجال في السفر وليس على النساء في السفر. » وفى رواية أخرى أنه رخص للنساء في السفر لقلة الماء وعن عبد الله بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : « سألته عن الغسل يوم الجمعة فقال : واجب على كل ذكر وأنثى ، عبد أو حر ». واختلف الأصحاب في حكمه فالمشهور على استحبابه وظاهر المؤلف والكليني ـ رحمهما‌الله ـ وجوبه فمن قال بالوجوب استدل بأمثال هذه الأخبار وحمل الوجوب على الفرض ومن قال بالاستحباب حمل الوجوب على تأكده لعدم العلم بكون الوجوب حقيقة في المعنى المصطلح بين الفقهاء والأصوليين قال الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٣١ : « ما يتضمن هذه الأخبار من لفظ الوجوب فالمراد به أن الأولى على الانسان أن يفعله وقد يسمى الشئ واجبا إذا كان الأولى فعله ».

١١١

فليغتسل بعد العصر أو يوم السبت ، ويجزي الغسل للجمعة كما يكون للرواح (١). والوضوء فيه قبل الغسل ، ويقول المغتسل للجمعة : « اللهم طهرني وطهر قلبي وأنق غسلي وأجر على لساني محبة منك ». (٢)

٢٢٨ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « من اغتسل للجمعة فقال : « أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، واجعلني من التوابين ، واجعلني من المتطهرين » ، كان طهرا من الجمعة إلى الجمعة ».

٢٢٩ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « غسل يوم الجمعة طهور وكفارة لما بينهما من الذنوب من الجمعة إلى الجمعة ».

٢٣٠ ـ وقال الصادق عليه‌السلام في علة غسل يوم الجمعة : « إن الأنصار كانت تعمل في نواضحها وأموالها (٣) ، فإذا كان يوم الجمعة حضروا المسجد فتأذى الناس بأرواح آباطهم وأجسادهم فأمرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالغسل فجرت بذلك السنة ».

٢٣١ ـ وروي « أن الله تبارك وتعالى أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة ، وأتم صيام الفريضة بصيام النافلة ، وأتم الوضوء بغسل يوم الجمعة » (٤).

٢٣٢ ـ وروى يحيى بن سعيد (٥) الأهوازي ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ،

__________________

(١) الرواح بمعنى الذهاب إلى الجمعة وفى النهاية « من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة » أي من مشى إليها. فالمعنى أن غسل الجمعة مجز إذا قصد فيه وظيفة اليوم كما أنه مجز إذا نوى فيه الرواح إلى صلاة الجمعة ونقل العلامة في التذكرة عن مالك أنه قال : لا يعتد بالغسل الا أن يقصد به الرواح لقوله عليه‌السلام « من جاء إلى الجمعة فليغتسل » فذهب مالك إلى أن الغسل إذا نوى فيه الرواح فهو مجز ومعتد به والا ايقاعه لأنه وظيفة اليوم فهو غير مجز ومحتاج إلى اعادته بقصد الرواح. فقوله « ويجزى الغسل للجمعة كما يكون للرواح » رد على مالك.

(٢) أي ما يوجب محبتك ، وفى نسخة « مدحتك ».

(٣) النواضح : الإبل التي يستقى عليها الماء.

(٤) يفهم منه الاستحباب بقرينة الأختين.

(٥) كذا في النسخ والظاهر هو الحسين بن سعيد وصحف في النسخ لقرب كتابة الحسين بيحيى في الخط الديواني.

١١٢

عن محمد بن حمران ، قال : قال الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام : « إذا دخلت الحمام فقل في الوقت الذي تنزع فيه ثيابك : «اللهم انزع عني ربقة النفاق ، وثبتني على الايمان» وإذا دخلت البيت الأول فقل : « اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ، وأستعيذ بك من أذاه « وإذا دخلت البيت الثاني فقل : اللهم أذهب عني الرجس النجس ، وطهر جسدي وقلبي » ، وخذ من الماء الحار وضعه على هامتك ، وصب منه على رجليك وإن أمكن أن تبلع منه جرعة فافعل فإنه ينقي المثانة (١) ، والبث في البيت الثاني ساعة ، وإذا دخلت البيت الثالث فقل : « نعوذ بالله من النار ونسأله الجنة » ترددها إلى وقت خروجك من البيت الحار ، وإياك وشرب الماء البارد والفقاع في الحمام (٢) فإنه يفسد المعدة ، ولا تصبن عليك الماء البارد فإنه يضعف البدن ، وصب

__________________

(١) الذي يظهر من تتبع الاخبار أن الحمامات كانت في عصرهم ذات بيوت أربعة البيت الأول بارد يابس ـ وفيه ينزعون ملابسهم ـ. والثاني بارد رطب ـ فيه مخزن الماء البارد ـ الثالث حار رطب ـ فيه مخزن الماء الحار. الرابع حار يابس ـ فيه يحمى المستحم بدنه فيدلك ـ ( راجع الرسالة الذهبية ـ طب الرضا عليه‌السلام ـ ص ٩٤ ، مستدرك الوسائل ج ١ ص ٥٤ ) وكان في البيت الثالث الذي فيه مخزن الماء الحار بئر أو حوض يسيل فيه ماء الغسالة فقط وكان ممنوعا على المغتسل الارتماس في مخزن الماء سواء كان حارا أو باردا ، وكان حول المخزن مواضع ومصطبات يقوم المغتسل عليها فيأخذ الماء من المخزن بالمشربة فيصب عليه ويخرج الغسالة منه إلى البئر ، وكان في بعض الحمامات حول المخزن حياض صغار يخرج الماء من المخزن في أنابيب خاصة إلى تلك الحياض ويأخذ كل مستحم الماء بقدر حاجته. والمراد من حديث المتن من بيوت الحمام البيوت التي كان يدخل المستحم فيها بعد نزع ثيابه ، والمراد من تجرع الماء المنقى للمثانة الاغتراف من ماء المخزن أو الحوض الخاص الممنوع وروده والتجرع من ذلك الماء لا ماء المخازن التي يغتسل الناس فيه ويدلكون فيه أبدانهم. بل الظاهر كراهة الاغتسال والارتماس فيه فضلا عن شربه كما في الخبر الذي رواه الكليني ج ٦ ص ٥٠٣ عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام في حديث قال : « ومن اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومن الا نفسه ».

(٢) يمكن أن يكون المراد ماء الشعير أو الفقاع المحرم وهو وان وكان حراما الا أنه عليه‌السلام أكد حرمة شربه في الحمام. لأنه مع قطع النظر عن الاسكار يفسد المعدة.

١١٣

الماء البارد على قدميك إذا خرجت فإنه يسل الداء من جسدك (١) ، فإذا لبست ثيابك فقل : « اللهم ألبسني التقوى ، وجنبني الردى » فإذا فعلت ذلك أمنت من كل داء.

ولا بأس بقراءة القرآن في الحمام ما لم ترد به الصوت إذا كان عليك مئزر (٢).

٢٣٣ ـ وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه‌السلام فقال : « أكان أمير المؤمنين عليه‌السلام ينهى عن قراءة القرآن في الحمام؟ فقال : لا إنما نهى أن يقرأ الرجل وهو عريان فإذا كان عليه إزار فلا بأس ».

٢٣٤ ـ وقال علي بن يقطين لموسى بن جعفر عليهما‌السلام : « أقرأ في الحمام و أنكح فيه؟ قال : لا بأس ».

ويجب على الرجل أن يغض بصره ويستر فرجه من أن ينظر إليه.

٢٣٥ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام «عن قول الله عزوجل : «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم» فقال : كل ما كان في كتاب الله تعالى من ذكر حفظ الفرج فهو من الزنا إلا في هذا الموضع فإنه للحفظ من أن ينظر إليه».

٢٣٦ ـ وروي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « إنما [ أ ] كره النظر إلى عورة المسلم فأما النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار ». (٣)

__________________

(١) السل : اخراج الشئ بجذب ونزع.

(٢) الظاهر كونه من كلام المصنف لا من تتمة الخبر كما توهمه بعض لما في الكافي ج ٦ ص ٥٠٢ من حديث الحلبي عن الصادق عليه‌السلام قال. « لا بأس للرجل أن يقرأ القرآن في الحمام إذا كان يريد به وجه الله ولا يريد ينظر كيف صوته » ثم الظاهر من اختيار المصنف مدلول هذه الرواية والتي تأتى تحت رقم ٢٣٣.

(٣) رواه الكليني أيضا في الكافي ج ٦ ص ٥٠١ ويظهر من المؤلف والكليني ـ رحمهما الله ـ القول بمدلول الخبر ، ويظهر من الشهيد ـ رحمه‌الله ـ وجماعة عدم الخلاف في التحريم.

١١٤

٢٣٧ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « نعم البيت الحمام تذكر فيه النار و يذهب بالدرن ».

٢٣٨ ـ وقال عليه‌السلام : « بئس البيت الحمام يهتك الستر ويذهب بالحياء ».

٢٣٩ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « بئس البيت الحمام يهتك الستر ويبدي العورة ونعم البيت الحمام يذكر حر النار » (١).

ومن الآداب : أن لا يدخل الرجل ولده معه الحمام فينظر إلى عورته. (٢)

٢٤٠ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبعث بحليلته إلى الحمام. (٣)

٢٤١ ـ وقال عليه‌السلام : من أطاع امرأته أكبه الله على منخريه في النار ، فقيل : [ و ] ما تلك الطاعة؟ قال : تدعوه إلى النياحات والعرسات والحمامات ولبس الثياب الرقاق فيجيبها. (٤)

٢٤٢ ـ وسأل أبو بصير أبا عبد الله عليه‌السلام » عن الرجل يدع غسل يوم الجمعة

__________________

(١) روى الكليني في الكافي ج ٦ ص ٤٩٦ باسناده عن محمد بن أسلم رفعه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : « نعم البيت الحمام يذكر النار ويذهب بالدرن » وقال عمر : « بئس البيت الحمام يبدي العورة ويهتك الستر » قال : ونسب الناس قول أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى عمر وقول عمر إلى أمير المؤمنين.

(٢) في الكافي ج ٢ ص ٥٠٣ باسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يدخل الرجل مع ابنه الحمام فينظر إلى عورته ، وقال ليس للوالدين أن ينظرا إلى عورة الولد وليس للولد أن ينظر إلى عورة الوالد » وقال : « لعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الناظر والمنظور إليه في الحمام بلا مئزر ».

(٣) حمل على ما إذا لم تدع إليه الضرورة كما في البلاد الحارة أو على ما إذ بعثه إلى الحمامات للتنزه والتفريح.

(٤) ذلك لان الغالب في تلك الأماكن عدم خلوها عن المنهيات ، أما الحمام فبدخول بعضهن مكشوف العورة وهو حرام والنظر إليها حرام أيضا وهكذا في العرسات والنياحات من ارتكابهن فيها بعض المنهيات والمحرمات.

١١٥

ناسيا أو متعمدا ، فقال : إذا كان ناسيا فقد تمت صلاته ، وإن كان متعمدا فليستغفر الله ولا يعد.

٢٤٣ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « لا تتك في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين ، ولا تسرح في الحمام فإنه يرقق الشعر ، ولا تغسل رأسك بالطين فإنه يسمج الوجه ( وفي حديث آخر : يذهب بالغيرة ) ولا تدلك بالخزف فإنه يورث البرص ، ولا تمسح وجهك بالإزار فإنه يذهب بماء الوجه » (١). وروي « أن ذلك طين مصر و خزف الشام ». (٢)

والسواك في الحمام يورث وباء الأسنان. (٣)

ولا يجوز التطهير والغسل بغسالة الحمام. (٤)

٢٤٤ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « ليتزينن (٥) أحدكم يوم الجمعة ويغتسل ويتطيب ويتسرح ويلبس أنظف ثيابه ، وليتهيأ للجمعة ، وليكن عليه في ذلك اليوم السكينة والوقار (٦) ، وليحسن عبادة ربه ، وليفعل الخير ما استطاع (٧) فإن الله جل ذكره يطلع على الأرض (٨) ليضاعف الحسنات ».

٢٤٥ ـ وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : « لا تدخلوا الحمام على

__________________

(١) أي يقبح الوجه.

(٢) أي الذي يسمج الوجه أو يذهب بالغيرة طين مصر ، والذي يورث البرص خزف الشام لا مطلق الطين والخزف. ( مراد )

(٣) كذا في أكثر النسخ وفى بعضها « ونا الأسنان » بالنون وبالقصر بمعنى الضعف.

(٤) كما روى الكليني في الكافي ج ٣ ص ١٤ عن أبي عبد الله عليه‌السلام. والمراد بالغسالة ماء البئر الذي يسيل فيه ماء الغسالة.

(٥) أمر غائب مؤكد بالنون فكل واحد من الافعال الآتية مجزوم بالعطف عليه.

(٦) السكينة هيئة جسمانية تنشأ من استقرار الأعضاء وطمأنينتها ، والوقار هيئة نفسانية تنشأ عن طمأنينة النفس وثباتها.

(٧) من الصدقات والزيارات وعيادة المرضى والعبادات وتشييع الجنائز.

(٨) أي يلتفت إلى عباده بنظر الرحمة في يوم الجمعة.

١١٦

الريق ، ولا تدخلوه حتى تطعموا شيئا ».

٢٤٦ ـ وقال بعضهم : « خرج الصادق عليه‌السلام من الحمام فلبس وتعمم ، قال : فما تركت العمامة عند خروجي من الحمام في الشتاء والصيف ».

٢٤٧ ـ وقال موسى بن جعفر عليهما‌السلام : « الحمام يوم ويوم [ لا ] (١) يكثر اللحم وإدمانه كل يوم يذهب شحم الكليتين ».

٢٤٨ ـ و « كان الصادق عليه‌السلام يطلي في الحمام فإذا بلغ موضع العورة قال للذي يطلي : تنح ، ثم يطلي هو ذلك الموضع ».

ومن اطلى فلا بأس أن يلقي الستر عنه لان النورة سترة. (٢)

٢٤٩ ـ و « دخل الصادق عليه‌السلام الحمام فقال له صاحب الحمام : نخليه لك؟ فقال : لا إن المؤمن خفيف المؤونة ».

٢٥٠ ـ وروي عن عبيد الله المرافقي (٣) قال « دخلت حماما بالمدينة فإذا شيخ كبير وهو قيم الحمام ، فقلت [ له ] : يا شيخ لمن هذا الحمام؟ فقال : لأبي جعفر محمد ابن علي عليهما‌السلام ، فقلت : أكان يدخله؟ قال : نعم ، فقلت : كيف كان يصنع؟ قال : كان يدخل فيبدأ فيطلي عانته وما يليها ، ثم يلف إزاره على أطراف إحليله ويدعوني فأطلي سائر جسده ، فقلت له يوما من الأيام : الذي تكره أن أراه قد رأيته ، قال : كلا إن النورة سترة ». (٤)

__________________

(١) أي يوم تدخله ويوم لا تدخله. وفى بعض النسخ بزيادة « لا » بعد اليوم الثاني ( مراد ). والادمان : الإدامة.

(٢) هذا مدلول الخبر الذي يأتي تحت رقم ٢٥٠.

(٣) في بعض النسخ « الواقفي » وفى بعضها « الرافقي » وفى الكافي « الدابقي » ولم أجده.

(٤) رواه الكليني رحمه‌الله أيضا وقال المولى المجلسي رحمه‌الله : يفهم منه أن الحجم ليس بعورة ما لم يظهر اللون كما ذكره بعض الأصحاب ويفهم من بعض الأخبار كراهته. والسترة بالضم ما يستتر به. وقال سلطان العلماء : يدل على أن عورة رجل سوأتاه لا غير ، وعلى أن الواجب ستر اللون لا الحجم.

١١٧

٢٥١ ـ وقال عبد الرحمن بن مسلم المعروف بسعدان : « كنت في الحمام في البيت الأوسط فدخل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام وعليه إزار فوق النورة ، فقال : السلام عليكم ، فرددت عليه‌السلام ودخلت البيت الذي فيه الحوض فاغتسلت و خرجت ».

وفي هذا إطلاق في التسليم في الحمام لمن عليه مئزر ، والنهي الوارد عن التسليم فيه هو لمن لا مئزر عليه.

٢٥٢ ـ وروى حنان بن سدير ، عن أبيه قال : قال : « دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حماما في المدينة ، فإذا رجل في بيت المسلخ ، فقال لنا : ممن القوم؟ فقلنا : من أهل العراق ، فقال : وأي العراق؟ فقلنا : الكوفيون ، فقال : مرحبا بكم يا أهل الكوفة وأهلا أنتم الشعار دون الدثار ، ثم قال : وما يمنعكم من الإزار (١)؟ فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : عورة المؤمن على المؤمن حرام ، قال : فبعث عمي إلى كرباسة فشقها بأربعة ثم أخذ كل واحد منا واحدا ، ثم دخلنا فيها (٢) فلما كنا في البيت الحار صمد لجدي (٣) فقال : يا كهل ما يمنعك من الخضاب؟ فقال له جدي : أدركت من هو خير مني ومنك لا يختضب ، فقال : ومن ذاك الذي هو خير مني؟ فقال : أدركت علي بن أبي طالب عليه‌السلام ولا يختضب ، فنكس رأسه وتصاب عرقا وقال : صدقت وبررت ، ثم قال : يا كهل إن تختضب فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد خضب وهو خير من علي عليه‌السلام وإن تترك فلك بعلي عليه‌السلام أسوة ، قال : فلما خرجنا من الحمام سألنا عن الرجل في المسلخ فإذا هو علي بن الحسين ومعه ابنه محمد بن علي عليهم‌السلام ».

__________________

(١) الشعار : ما يلي شعر الجسد من الثياب ، والدثار : ما فوق الشعار من الثياب. والمراد أنكم من خواص الشيعة فكيف تكونون هكذا بلا ازار.

(٢) الظاهر أن الضمير راجع إلى الحمام وهو مذكر. ويجوز ارجاعه إلى الكراباسة. ويحتمل ارجاعه إلى الحمام بتأويل

(٣) صمد إليه أي وجه الخطاب وقصده.

١١٨

وفي هذا الخبر إطلاق للامام أن يدخل ولده معه الحمام دون من ليس بإمام وذلك أن الامام معصوم في صغره وكبر لا يقع منه النظر إلى عورة في الحمام ولا غيره. (١)

٢٥٣ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « الفخذ ليس من العورة ».

٢٥٤ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « النورة طهور » (٢)

٢٥٥ ـ وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : « ألقوا الشعر عنكم فإنه يحسن ».

٢٥٦ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « من أراد أن يتنور فليأخذ من النورة ويجعله على طرف أنفه ويقول : « اللهم ارحم سليمان بن داود عليهما‌السلام كما أمرنا بالنورة » فإنه لا تحرقه النورة إن شاء الله عزوجل ».

٢٥٧ ـ وروي « أن من جلس وهو متنور خيف عليه الفتق ».

٢٥٨ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « أحب للمؤمن أن يطلي في كل خمسة عشر يوما ».

٢٥٩ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « السنة في النورة في كل خمسة عشر يوما ، فإن أتت عليك عشرون يوما وليس عندك فاستقرض على الله عزوجل ».

٢٦٠ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يترك عانته فوق أربعين يوما ، ولا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تدع ذلك منها فوق عشرين يوما ».

__________________

(١) يظهر من الاخبار أن كراهة دخول الابن مع الأب الحمام كان باعتبار التعري فلذا لا ينكر عليه‌السلام دخول سدير مع أبيه ودخول أبيه مع جده بعد ما لبسوا الإزار. والصدوق رحمه‌الله فهم من الاخبار الحرمة فلذا استثنى المعصوم أو فهم الكراهة ويريد نفيها عنهم عليهم‌السلام وغفل عن دخول سدير مع أبيه وجده وتقريره عليه‌السلام إياهم. (م ت)

(٢) هذا من التشبيه البليغ أي كالطهور في إفادة النظافة. ( مراد )

١١٩

٢٦١ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « احلقوا شعر البطن للذكر والأنثى » (١)

٢٦٢ ـ و « كان الصادق عليه‌السلام يطلي إبطيه في الحمام ويقول : نتف الإبط يضعف المنكبين ويوهي ويضعف البصر ».

٢٦٣ ـ وقال عليه‌السلام : « حلقه أفضل من نتفه ، وطليه أفضل من حلقه ».

٢٦٤ ـ وقال علي عليه‌السلام : « نتف الإبط ينفي الرائحة المكروهة وهو طهور وسنة مما أمر به الطيب عليه وآله السلام » (٢).

٢٦٥ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يطولن أحدكم شعر إبطيه فإن الشيطان يتخذه مجنا يستتر به » (٣)

والجنب لا بأس بأن يطلي فإن النورة تزيده نظافة.

٢٦٦ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ينبغي للرجل أن يتوقى النورة يوم الأربعاء فإنه يوم نحس مستمر ، ويجوز النورة في سائر الأيام ».

٢٦٧ ـ وروي « أنها في يوم الجمعة تورث البرص ». (٤)

٢٦٨ ـ وروى الريان بن الصلت عمن أخبره عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : « من

__________________

(١) « للذكر والأنثى » اللام متعلق بقال أي قال ذلك لهما جميعا ، ويحتمل أن يكون تعليلا للحلق أي تحلق الأنثى لأجل الذكر والذكر لأجل الأنثى. ( مراد ). وفى بعض النسخ « شعر الإبط »

(٢) يحتمل أن يكون المراد بالنتف الإزالة بأي وجه كان فلا ينافي ما سبق ، أو معناه الخاص ونقول فضيلته لا ينافي أفضلية ذلك. ( سلطان )

(٣) كذا في بعض النسخ وفى بعضها « مخبأ » كما في الكافي. والمجن كل ما وقى من السلاح ، والمخبأ موضع الاستتار.

(٤) روى الكليني رحمه‌الله في الكافي ج ٦ ص ٥٠٦ في مرفوعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قيل له يزعم الناس أن النورة يوم الجمعة مكروهة ، فقال : ليس حيث ذهبت أي طهور أطهر من النورة يوم الجمعة ».

١٢٠