المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣
الجزء ١ الجزء ٢

كان للشفيع ابطال تصرفه ونقض المسجد وأخذه بالشفعة ، لأن حق الشفيع سابق لتصرفه ، لأنه يستحقه حين العقد ، وهو قول ( ـ ش ـ ) وجميع الفقهاء. ولح روايتان إحداهما ما قلناه ، وبه قال ( ـ ف ـ ). والأخرى لا ينقض المسجد.

مسألة ـ ٤٠ ـ : إذا باع في مرضه المخوف شقصا وحابى فيه من وارث صح البيع ووجب به الشفعة بالثمن الذي وقع عليه البيع ، لان هذا بيع صحيح وعند الفقهاء يبطل البيع ، لأن المحاباة هبة ووصية ، ولا وصية لوارث عندهم ، ويبطل البيع في قدر المحاباة ، ويكون الشفيع بالخيار بين أن يأخذ أو يترك ، وارثا كان أو غير وارث.

مسألة ـ ٤١ ـ : إذا وجب له الشفعة ، فصالحه المشتري على تركها بعوض صح وبطلت الشفعة ، لعموم الخبر (١) في جواز الصلح. وعند ( ـ ش ـ ) لا يصح ، وهل يبطل الشفعة؟ على وجهين.

مسألة ـ ٤٢ ـ : إذا وجبت الشفعة ، فسار إلى المطالبة ، فلم يأت المشتري فيطالبه ولا الى الحاكم ، بل مضى الى الشهود فأشهد على نفسه بأنه مطالب للشفعة لم يبطل شفعته ، لأنه لا دلالة على بطلانه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وقال ( ـ ش ـ ) : يبطل.

مسألة ـ ٤٣ ـ : إذا بلغ الشفيع أن الثمن دنانير فعفا فكانت دراهم ، أو حنطة فبان (٢) شعيرا ، لم يبطل شفعته ، لأنه لا دلالة على بطلانه ، وبه قال جميع الفقهاء الا زفر فإنه قال : ان كان الثمن دنانير فبان دراهم سقطت شفعته ، وان كان حنطة فبان شعيرا لم يسقط كما قلناه.

__________________

(١) م : لعموم الاخبار.

(٢) م ، د : فكانت.

٦٤١

كتاب القراض

مسألة ـ ١ ـ : لا يجوز القراض إلا بالأثمان التي هي الدراهم والدنانير ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ع ـ ) ، وابن أبي ليلى : يجوز بكل شي‌ء يتمول ، فان كان مما له مثل كالحبوب والادهان رجع الى مثله حين المفاضلة والربح بعده بينهما ، وان كان مما لا مثل له ، كالثياب والمتاع والحيوان ، كان رأس المال قيمته والربح بعده بينهما ويدل على مذهبنا أن ما اخترناه مجمع على جوازه ، وليس على جوازه ما قالوه دليل.

مسألة ـ ٢ ـ : القراض بالفلوس لا يجوز ، لأنه ليس على جوازه دليل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ م ـ ) : هو القياس الا أني أجيزه استحسانا ، لأنها ثمن الأشياء في بعض البلاد.

مسألة ـ ٣ ـ : لا يجوز القراض بالورق المغشوش ، سواء كان الغش أقل أو أكثر أو سواء ، لما قلناه في المسألة الاولى ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز ان كانا سواء أو كان الغش أقل ، ولا يجوز ان كان الغش أكثر بناء على أصله في الزكاة.

٦٤٢

مسألة ـ ٤ ـ : إذا كان القراض فاسدا استحق العامل أجرة المثل على ما يعمله ، سواء كان في المال ربح أو لم يكن ، لأنه إنما عمل بإذن صاحب المال ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان في المال ربح فله أجرة مثله ، وان لم يكن له ربح فلا شي‌ء له.

مسألة ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ليس للعامل أن يسافر بمال القراض بغير اذن رب المال وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : له ذلك. وبنى ( ـ ح ـ ) و ( ـ ك ـ ) ذلك على الوديعة ، وأن له أن يسافر بها. وعندنا ليس له ذلك في الوديعة أيضا.

مسألة ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا سافر بإذن رب المال ، كان نفقة السفر من المأكول والمشروب والملبوس من مال القراض.

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها لا ينفق كالحضر. والثاني : ينفق كمال نفقته كما قلناه. والثالث : ينفق القدر الزائد على نفقة الحضر لأجل السفر.

مسألة ـ ٧ ـ : إذا أعطاه ألفين وقال : ما رزق الله من الربح كان لي ربح ألف ولك ربح ألف كان جائزا ، لأنه لا مانع منه والأصل جوازه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأبو ثور. وقال ابن سريج : هذا غلط ، لأنه شرط لنفسه ربح ألف لا يشاركه العامل فيه وكذلك للعامل.

مسألة ـ ٨ ـ : إذا دفع اليه مالا قراضا ، فقال له : اتجر به ، أو قال : اصنع ما ترى ، أو تصرف كيف شئت ، فإنه يقتضي أن يشتري بثمن مثله نقدا بنقد البلد ، بدلالة طريقة الاحتياط ، لان ما ذكرناه مجمع على جوازه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : له أن يشتري بثمن مثله وبأقل أو بأكثر ونقدا ونسيئة وبغير نقد البلد.

مسألة ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى العامل في القراض أباه بمال القراض ، فان كان في المال ربح انعتق منه بقدر نصيبه من الربح واستسعى في باقي ذلك لرب

٦٤٣

المال ، وينفسخ القراض إذا كان معسرا ، وان كان موسرا قوم عليه بقيته لرب المال وسواء كان الربح ظاهرا أو يحتاج الى أن يقوم ليعلم أن فيه ربحا.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما مثل ما قلناه انه ينعتق بمقدار نصيبه ، ويلزم شراء الباقي ان كان موسرا ، وان كان معسرا قال : تبقى بقيته رقا لرب المال. والقول الثاني ان الشراء باطل.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا فسخ رب المال القراض ، وكان في المال شي‌ء باعه العامل بإذن رب المال نسيئة ، لزمه أن يجيبه ، سواء كان فيه ربح أو لم يكن ، لان على العامل رد المال كما أخذه ، وإذا أخذه ناضا وجب عليه أن يرده كذلك ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان فيه ربح فكما قلناه ، وان لم يكن فيه ربح لم يلزمه.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا قال خذ هذا المال قراضا على أن يكون الربح كله لي كان ذلك قراضا فاسدا ، ولا يكون بضاعة ، لأن لفظ القراض يقتضي أن يكون الربح بينهما ، فاذا شرط الربح لنفسه كان فاسدا ، كما لو شرط الربح للعامل ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يكون هذا بضاعة.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا كان العامل نصرانيا ، فاشترى بمال القراض خمرا أو خنزيرا ، أو باع خمرا مثل أن كان عصيرا فاستحال خمرا فباعه ، كان جميع ذلك باطلا ، لأنه لا دليل على جوازه والتصرف في المحرمات محظور ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : الشراء والبيع صحيحان. وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : الشراء صحيح والبيع باطل.

مسألة ـ ١٣ ـ : إذا قال اثنان لواحد : خذ هذا المال قراضا ولك النصف من الربح ، ثلثه من مال هذا وثلثاه من مال الأخر ، والنصف الأخر بيننا نصفين ، قال ( ـ ش ـ ) : القراض فاسد. وقال ( ـ ح ـ ) ، وأبو ثور : يصح ويكون على ما شرطا ، لأنهما

٦٤٤

قد جعلا له نصف جميع المال ، فكان الباقي بينهما على ما شرطا.

وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : هذا غلط ، لأن أحدهما إذا شرط الثلث والأخر الثلاثين بقي نصف الربح لهما وهو تسعة مثلا ، وكان من سبيله أن يكون لأحدهما منه ستة وللآخر ثلاثة ، فإذا شرطاه نصفين أخذ أحدهما فضلا عن شريكه بحق المال سهما ونصف ، وذلك غير جائز. والذي يقتضيه مذهبنا أنه لا يمنع من صحة هذا الشرط مانع والأصل جوازه.

مسألة ـ ١٤ ـ : إذا دفع إليه ألفا للقراض ، فاشترى به عبدا للقراض ، فهلك الالف قبل أن يدفعه في ثمنه اختلف الناس فيه على ثلاثة مذاهب : فقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : يكون المبيع لرب المال ، وعليه أن يدفع إليه ألفا غير الأول ليقضي به دينه ، ويكون الألف الأول والثاني قراضا ، وهما معا رأس المال.

وقال ( ـ ك ـ ) : رب المال بالخيار بين أن يعطيه ألفا غير الأول ليقضي به الدين ، ويكون الألف الثاني رأس المال دون الأول ، أو لا يدفع إليه شيئا فيكون المبيع للعامل والثمن عليه.

ونقل البويطي عن ( ـ ش ـ ) أن المبيع للعامل والثمن عليه ولا شي‌ء على رب المال ، وهو اختيار أبي العباس ، وهو الذي يقوى في نفسي.

لأنه لا يخلو : أن يكون الالف تلف قبل الشراء أو بعده ، فان كان قبل الشراء وقع الشراء للعامل ، لأنه اشتراه بعد زوال القراض ، وان كان التلف بعد الشراء وقع الشراء لرب المال ، وعليه أن يدفع الثمن من ماله الذي سلمه اليه ، فاذا هلك المال تحول الملك الى العامل ، وكان الثمن عليه ، لان رب المال انما فسح للعامل في التصرف في ألف : اما أن يشتريه به بعينه ، أو في الذمة وينقد منه ولم يدخل من ماله في القراض أكثر منه.

مسألة ـ ١٥ ـ : ليس للعامل أن يبيع بالدين إلا بإذن رب المال ، لأنه تصرف

٦٤٥

في مال الغير ، وجوازه يحتاج إلى دلالة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : له ذلك.

مسألة ـ ١٦ ـ : لا يصح القراض إذا كان رأس المال جزافا ، لأنه لا دليل على صحته ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يصح القراض ويكون القول قول العامل حين المفاضلة. وان كان مع واحد منهما بينة ، قدم بينة رب المال.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا قال خذ ألفا قراضا على أن لك نصف ربحها ، صح بلا خلاف. وان قال : على أن لك ربح نصفها كان باطلا ، لأنه لا دليل على جوازه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال أبو ثور : ذلك جائز ، وحكي ذلك عن ( ـ ح ـ ). وان قلنا بهذا أيضا كان قويا لأنه لا فرق بين اللفظين.

٦٤٦

كتاب المساقاة

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المساقاة جائزة وبه قال في الصحابة أبو بكر ، وعمر وفي التابعين سعيد بن المسيب ، وسالم بن عبد الله بن عمر ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وانفرد ( ـ ح ـ ) بأن المساقاة لا يجوز قياسا على المخابرة (١).

دليلنا [ مضافا الى إجماع الفرقة واخبارهم ] (٢) ما رواه محمد بن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن أبيه ، قال : ساقى رسول الله خيبر على تلك الأموال بالشطر وسهامهم معلومة ، قال : إذا شئنا أخرجناكم.

وروى ميمون بن مهران ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال : افتتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خيبر فاشترط أن له الأرض وكل صفراء وبيضاء ، قال أهل خيبر : نحن أعلم بالأرض منكم ، فأعطناها ولكم نصف الثمرة (٣) ولنا النصف فزعم أنه أعطاهم على ذلك ، فلما كان حين تصرم النخل بعث إليهم عبد الله بن

__________________

(١) المخابرة : المزارعة على نصيب معين.

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من نسخة « م ».

(٣) د ، ح : الثمن.

٦٤٧

رواحة فحزر (١) عليهم النخل وهو الذي يسميه أهل المدينة الخرص فقال : في ذه كذا وكذا ، قالوا : أكثرت علينا يا بن رواحة ، قال : فأنا آتي جذاذ النخل وأعطيكم نصف الذي قلت ، قالوا : هذا الحق وبه يقوم السماء والأرض قد رضينا أن تأخذه بالذي قلت.

وقال ابن الزبير : سمعت جابرا يقول : خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق ، وزعم أن اليهود لما خيرهم ابن رواحة أخذوا الثمر وعليهم عشرون ألف وسق.

مسألة ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز المساقاة في النخل والكرم ، وبه قال كل من أجاز المساقاة ، وخالف داود ، وقال : لا يجوز إلا في النخل خاصة ، لأن الخبر به ورد.

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز المساقاة فيما عدا النخل والكرم من الأشجار.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، قال في القديم : يجوز ذلك ، وبه قال أكثر من أجاز المساقاة ( ـ ك ـ ) وأبو ثور ، و ( ـ م ـ ) ، وزاد ( ـ ف ـ ) قال : يجوز المساقاة على البقل الذي يجز جزة بعد جزة وكذلك يقول. وقال في الجديد : لا يجوز المساقاة على ما عدا النخل والكرم.

[ يدل على مذهبنا مضافا الى إجماع الفرقة ] (٢) ما رواه نافع عن ابن عمر ، قال : عامل رسول الله أهل خيبر بالشطر مما يخرج من النخل والشجر. وهذا عام في سائر الأشجار.

مسألة ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن يعطي الأرض غيره ببعض ما يخرج منها ، بأن يكون منه الأرض والبذر ومن المتقبل القيام بها من الزراعة والسقي ومراعاتها ،

__________________

(١) حزر الشي‌ء : قدره بالحدس وخمنه. المنجد.

(٢) كأنه حذف هاهنا « وأخبارهم ».

٦٤٨

وخالف جميع الفقهاء في ذلك. وأجاز ( ـ ش ـ ) في الأرض اليسير إذا كان بين ظهراني نخل كثير ، فساقى على النخل وتخابر على الأرض.

[ ويدل على المسألة مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ] (١) ما رواه عبد الله بن عمر عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : عامل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أهل خيبر بشطر ما يخرج من تمر (٢) وزرع. وما روي من نهي النبي عليه‌السلام عن المخابرة بحمله على إجارة الأرض ببعض ما يخرج منها وذلك لا يجوز.

مسألة ـ ٥ ـ : إذا كانت نخل أنواع مختلفة معقلي وبرني وسكر ، فساقى من المعقلي على النصف ، ومن البرني على الثلث ، ومن السكر على الربع ، كان جائزا ، بدلالة عموم الاخبار في جوازه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : لا يصح حتى يكون الحصص سواء في الكل.

مسألة ـ ٦ ـ : إذا شرط في حال العقد على العامل ما يجب على رب النخل أو بعضه ، أو شرط على رب المال ما يجب على العامل عمله أو بعضه ، لم يمنع ذلك من صحته إذا بقي للعامل عمل ولو كان قليلا ، بدلالة الأصل وأنه لا مانع منه. وقال ( ـ ش ـ ) : يبطل ذلك العقد.

مسألة ـ ٧ ـ : إذا ساقاه بعد ظهور الثمرة ، كان جائزا إذا كان قد بقي للعامل عمل وان كان قليلا ، بدلالة عموم الاخبار في جواز المساقاة. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٨ ـ : يجوز أن يشترط المساقي على رب المال أن يعمل معه غلام لرب المال ، بدلالة [ ما قلناه في المسألة الاولى ] (٣) و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا ثبت أن ذلك جائز ، فلا فرق بين أن يكون الغلام موسوما

__________________

(١) م : دليلنا « وكذا في التالي ».

(٢) م : من ثمر.

(٣) م : بدلالة ما تقدم.

٦٤٩

بعمل هذا الحائط ، أو بعمل غيره من حوائط صاحبه ، بدلالة ما قلناه في المسألة الاولى ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في قوله الذي يجوز ذلك.

وقال ( ـ ك ـ ) : لا يجوز الا الغلام الذي هو موسوم بهذا الحائط فحسب.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا شرط على المساقي نفقة الغلام ، جاز ولا يلزم أن يكون مقدرة ، بل الكفاية على موجب العادة ، لأن الأصل جوازه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ م ـ ) : لا بد أن يكون مقدرة ، لأنها كالأجرة.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا اختلف رب النخل والعامل ، فقال رب النخل : شرطت على أن لك ثلث الثمرة. وقال العامل : على أن لي نصف الثمرة ، كان القول قول رب النخل مع يمينه ، لأنه مدعى عليه والثمرة له وانما يثبت للعامل بالشرط ، فاذا ادعى شرطا فعليه البينة ، فإذا عدمها فعلى رب النخل اليمين. وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : يتحالفان.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا كان مع كل واحد منهما بينة بما يدعيه ، قدمت (١) بينة العامل ، لما بيناه أنه هو المدعي ، فيجب تقديم بينته.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : يسقطان. والأخر : يستعملان ، فاذا استعملهما ففيه ثلاثة أقوال : أحدها يوقف. والأخر : يقسم. والثالث : يقرع.

مسألة ـ ١٣ ـ : إذا ظهرت الثمرة وبلغت الأوسق التي يجب فيها الزكاة ، كان الزكاة على رب المال والعامل معا ، فان بلغ نصيب كل واحد منهما خمسة أوسق وجبت فيه الزكاة ، وان نقص نصيب كل واحد منهما عن ذلك لم يجب على واحد منهما الزكاة ، وان بلغ نصيب أحدهما النصاب ونقص نصيب الأخر ، كان على من تمت حصته الزكاة ، ولا يلزم الأخر.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما أن الزكاة يجب على رب النخل دون العامل.

__________________

(١) م : قدمنا.

٦٥٠

والثاني : أنه على كل واحد منهما ، فاذا قال على رب النخل وبلغ خمسة أوسق كان عليه الزكاة ، ومن أين يخرج له؟ فيه وجهان : أحدهما في ماله وحده.

والثاني في مالهما معا. وإذا قال : يجب عليهما نظرت فان كان نصيب كل واحد منهما النصاب وجبت الزكاة. وان لم يبلغ نصيب كل واحد نصابا ، بل بلغ الحقان نصابا ، فهل فيه الزكاة؟ على قولين ان قال لا خلطه في غير الماشية فلا زكاة ، وان قال : يصح الخلطة في غير الماشية وجبت الزكاة.

دليلنا : أنه إذا كانت الثمرة ملكا لهما ، فينبغي أن يجب الزكاة على كل واحد منهما ، فمن أوجب الزكاة على أحدهما دون الأخر فعليه الدليل.

٦٥١

كتاب الإجارات

مسألة ـ ١ ـ : كل ما جاز أن يستباح بالعارية ، جاز أن يستباح بعقد الإجارة ، وبه قال عامة الفقهاء ، الا ما حكي عن عبد الرحمن الأصم أنه قال : لا يجوز الإجارة أصلا.

مسألة ـ ٢ ـ : عقد الإجارة من العقود اللازمة ، متى حصل لم يكن لأحدهما فسخ الإجارة إلا عند وجود عيب بالثمن ، مثل فلس المستأجر ، فحينئذ يملك الموجر الفسخ. أو وجود عيب بالمستأجر ، مثل غرق الدار وانهدامها على وجه يمنع من استيفاء المنفعة ، فإنه يملك المستأجر الفسخ. فأما من غير ذلك فلا ، لقوله تعالى « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » (١) والإجارة عقد فوجب الوفاء به ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ) ، وأبي ثور ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه : ان الإجارة يجوز فسخها لعذر ، قالوا : إذا اكترى الرجل جملا ليحج به ، ثمَّ بدا له من الحج أو مرض فلم يخرج ، كان له أن يفسخ الإجارة ، وكذلك إذا اكترى دكانا ليتجر فيه ويبيع ويشتري ، فذهب ماله وأفلس ، فإنه يجوز له أن يفسخ الإجارة ، قال : وبمثل هذه الاعذار لا يكون للمكري الفسخ ،

__________________

(١) سورة المائدة : ١.

٦٥٢

فاذا أكرى جماله من إنسان ليحج بها ، ثمَّ بدا له من ذلك لم يملك فسخ الإجارة.

وكذلك ان آجر داره أو دكانه وأراد السفر ، ثمَّ بدا له من السفر لم يكن له فسخ الإجارة ، الا أن أصحابه يقولون : للمكري فسخ الإجارة بعذر كالمكتري سواء ، ولا يبينون الموضع الذي يكون له الفسخ.

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من استأجر دارا أو دابة أو عبدا ، فإن المستأجر يملك تلك المنفعة ، والموجر يملك الأجرة بنفس العقد ، حتى أن المستأجر عندنا أحق بملك المنفعة من مالكها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : الموجر يملك الأجرة بنفس العقد ، والمستأجر لا يملك المنفعة وانما تحدث في ملك المكري ، ثمَّ يملك المكتري من المكري حدوثه في ملكه ، فعنده المنفعة غير مملوكة ، وانما المكري يملك حدوثها ، والمكتري يملك من المكري بعد ذلك. وعلى مذهبنا المكتري يملك المنفعة بنفس العقد.

مسألة ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أطلقا عقد الإجارة ولم يشرطا تعجيل الأجرة ولا تأجيله ، فإنه يلزم الأجرة عاجلا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : انما يلزمه أن يسلم إليه الأجرة جزءا فجزءا ، فكلما استوفى جزءا من المنفعة لزمه أن يوفيه ما في مقابلته من الأجرة.

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : القياس ما قال ( ـ ك ـ ) ، ولكن يشق ذلك ، فمهما استوفى منفعة يوم فعليه تسليم ما في مقابلته. وقال ( ـ ر ـ ) : لا يلزمه تسليم شي‌ء من الأجرة ما لم تنقض مدة الإجارة كلها.

مسألة ـ ٥ ـ : إذا قال آجرتك هذه الدار كل شهر بكذا ، كانت إجارة صحيحة ، لأن الأصل جوازه ، ولا دلالة على بطلانه ، وهو مذهب ( ـ ح ـ ). وقال بعض أصحاب ( ـ ش ـ ) : هذه إجارة باطلة.

مسألة ـ ٦ ـ : إذا استأجر دارا أو عبدا سنة ، فتلف المعقود عليه بعد القبض

٦٥٣

قبل استيفاء المنفعة ، فإنه ينفسخ الإجارة ، لأن المعقود عليه هو المنفعة وقد تعذرت ، فوجب أن ينفسخ الإجارة ، وهو مذهب ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال أبو ثور : لا ينفسخ الإجارة والتلف من ضمان المكتري ، لان هذه المنفعة صارت في حكم المقبوض كالعين.

مسألة ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الموت يبطل الإجارة ، سواء كان موت المؤجر أو المستأجر ، بدلالة إجماع الفرقة وأخبارهم ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، والليث بن سعد ، و ( ـ ر ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : الموت لا يفسخ الإجارة من أيهما كان ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وأبو ثور ، وفي أصحابنا من قال : موت المستأجر يبطلها ، وموت الموجر لا يبطلها (١).

وهذا القول شاذ لا معول عليه.

مسألة ـ ٨ ـ : « ج » ـ ) : إذا اكترى دابة من بغداد الى حلوان ، فركبها الى همدان ، فإنه يلزمه أجرة المسمى من بغداد الى حلوان ، ومن حلوان الى همدان أجرة المثل ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يلزمه أجرة التي تعدى فيها ، بناء على أصله أن المنافع لا يضمن بالغصب. وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان قد تجاوز بها شيئا يسيرا ، فإنه كما قلنا. وان تعدى فيها شيئا كثيرا ، فإن المكري بالخيار ان شاء أخذ منه أجرة المثل لذلك التعدي ، وان شاء أخذ منه قيمة الدابة.

مسألة ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ويضمن الدابة بتعديه فيها من حلوان بلا خلاف إذا لم يكن صاحبها معها ، فان ردها الى حلوان ، فإنه لا يزول ضمانه عندنا ، وان ردها الى بغداد الى يد صاحبها زال ضمانه ، وعليه أجرة المثل فيما تعدى على ما مضى ، ويكون عليه ضمانها من وقت التعدي إلى حين التلف ، لا من يوم

__________________

(١) سقط « وموت الموجر لا يبطلها » من نسخة « د ».

٦٥٤

اكتراها.

وقال ( ـ ش ـ ) أيضا : لا يزول ضمانه إذا ردها الى حلوان ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ف ـ ) : وكان ( ـ ح ـ ) يقول لا يزول الضمان بردها الى هذا المكان ثمَّ رجع ، فقال : يزول الضمان عنه ، وقال زفر ، و ( ـ م ـ ) : يزول الضمان عنه ، كما لو تعدى في الوديعة ، ثمَّ ردها الى مكانها. وعلى هذه المسألة إجماع الفرقة.

مسألة ـ ١٠ ـ : إجارة الفحل للضراب مكروه وليس بمحظور ، وعقد الإجارة عليه غير فاسد ، لأن الأصل الإباحة.

وقال ( ـ ك ـ ) : ليس بمكروه. وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : الإجارة فاسدة والأجرة محظورة.

مسألة ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الإجارة الى أي وقت شاء ، وبه قال أهل العراق. و ( ـ للش ـ ) قولان : أحدهما لا يجوز المدة في الإجارة أكثر من سنة ، والثاني مثل ما قلناه. وله قول آخر انه يجوز ثلاث سنين ، وقال : يجوز المساقاة سنتين.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا استأجر دارا أو غيرها من الأشياء وأراد أن يوجرها بعد القبض ، فإنه يجوز إذا أحدث فيها حدثا أن يوجرها بأقل مما استأجرها أو أكثر أو مثله ، وسواء آجرها من المؤجر أو من غيره. كل ذلك سواء وبه قال ( ـ ش ـ ) الا ان ( ـ ش ـ ) لم يراع احداث الحدث (١).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان آجرها من المكري بمثل تلك (٢) الأجرة أو أقل منها ، فإنه يجوز. وان آجرها (٣) بأكثر ، فإنه لا يجوز كما قال في البيع ، وان آجرها من غير المكري فكما قلناه.

__________________

(١) د : احداث أو يحدث ، ح ، احداث بحدث.

(٢) ليس في نسخة ، م ، ( تلك ).

(٣) في نسخة م ، ( آجر ).

٦٥٥

مسألة ـ ١٣ ـ : الإجارة لا يخلو من أحد أمرين : اما أن يكون معينة ، أو في الذمة. فإن كانت معينة ، مثل أن قال : استأجرت منك هذه الدار وهذا العبد سنة ، فإنه لا يمتنع دخول خيار الشرط فيه. وان كانت في الذمة فكذلك ، لأن الأصل جوازه ولا مانع منه ، وهو مذهب ( ـ ح ـ ) ، لان عنده يجوز أن يستأجر أرضا أو دارا بعد شهر.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كانت الإجارة معينة ، لا يجوز أن يدخله خيار الشرط ، لان من شرط هذه الإجارة أن يكون المدة متصلة بالعقد ، فيقول : آجرتك سنة من هذا اليوم ، وان شرط خيار الثلاث بطلت. وأما خيار المجلس ، فهل ثبت له؟ فيه وجهان ، وعندنا أنه لا يمتنع ذلك إذا شرط ، وان لم يشرط فلا خيار للمجلس.

مسألة ـ ١٤ ـ : إذا قال آجرتك هذه الدار شهرا ، ولم يقل من هذا الوقت وأطلق ، فإنه لا يجوز. وكذلك إذا آجره الدار في شهر مستقبل ما دخل بعد ، فإنه لا يجوز لأنه لا دلالة على جوازه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا أطلق الشهر جاز ، ويرجع الإطلاق إلى الشهر الذي يلي العقد ويتعقبه ، وإذا آجره شهرا مستقبلا جاز ذلك.

مسألة ـ ١٥ ـ : إذا آجره شهرا من وقت العقد ولم يسلمها اليه حتى مضت (١) أيام انفسخت الإجارة في مقدار ما مضى ، ويصح في الذي بقي ، بدلالة أن انفساخها فيما مضى مجمع عليه ، وفيما بعد يحتاج إلى دلالة ، ولا دلالة عليه.

وقال ( ـ ش ـ ) : ينفسخ فيما مضى ، وفيما بقي على طريقتين. ومنهم من قال : على قولين. ومنهم من قال : يصح قولا واحدا.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا اكترى بهيمة ليركبها الى النهروان مثلا ، أو يقطع بها

__________________

(١) ليس في نسخة ، م ، ( مضت ).

٦٥٦

مسافة معلومة ، فسلمها المكري إليه فأمسكها (١) مدة يمكنه المسير فيها فلم يفعل ، استقرت عليه الأجرة (٢) ووجبت بالعقد وإذا لم يستوف المنفعة مع التمكن منها فقد ضيع حقه ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يستقر عليه الأجرة حتى يسيرها في بقاع تلك المسافة.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا استأجر مرضعة مدة من الزمان بنفقتها وكسوتها ولا يعين المقدار لم يصح عليه العقد ، لأنه لا دلالة عليه ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يصح.

مسألة ـ ١٨ ـ : إذا استأجر امرأة لترضع ولده ، فمات واحد من الثلاثة بطلت الإجارة ، لعموم الأخبار التي وردت بأن الإجارة تبطل بالموت.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان ماتت المرأة بطلت الإجارة ، وان مات الأب لا يبطل ، وان مات الصبي ففيه قولان.

مسألة ـ ١٩ ـ : إذا آجرت نفسها للرضاع أو لغيره بإذن زوجها ، صحت الإجارة بلا خلاف ، وان آجرته بغير اذنه لم يصح الإجارة ، لأنه لا دلالة عليه.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما ما قلناه ، والثاني يصح الإجارة ، غير أنه يثبت له الخيار فله أن يفسخ.

مسألة ـ ٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وجد الأب من يرضع ولده بدون أجرة المثل ، أو وجد من يتطوع برضاعه وأم الصبي لا يرضى إلا بأجرة المثل كان له أن ينزع الصبي منها ويسلمه الى غيرها ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والأخر ان الأم أولى.

مسألة ـ ٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع الرقبة المستأجرة لم يبطل الإجارة ، سواء باعها من المستأجر أو باعها من غيره ، ثمَّ ينظر فان علم المشتري بالإجارة لم يكن

__________________

(١) ليس في نسخة ، م ، ( فأمسكها ).

(٢) وفي نسخة م ، ( لأن الأجرة وجبت بالعقد ).

٦٥٧

له خيار وعليه أن يمسك حتى تمضي مدة الإجارة ، وان لم يعلم كان له الرد بالعيب والخيار اليه ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والثاني : أن البيع باطل إذا كان من أجنبي ، وإذا باعها من المستأجر صح البيع قولا واحدا.

وقال ( ـ ح ـ ) : يكون البيع موقوفا على رأي المستأجر ، فإن رضي به صح البيع وبطلت إجارته ، وان لم يرض به ورده بطل البيع وبقيت الإجارة.

مسألة ـ ٢٢ ـ : إذا آجر الأب أو الوصي الصبي أو شيئا من ماله مدة ، صحت الإجارة بلا خلاف ، فان بلغ الصبي قبل انقضاء المدة ، كان له ما بقي ولم يكن للصبي فسخه ، لأنه لا خلاف أن العقد وقع صحيحا ، ولا دلالة على أن له الفسخ بعد البلوغ. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ١٣ ـ : إذا استأجر رجلا ليبيع له شيئا بعينه أو ليشتري له شيئا موصوفا ، فان ذلك يجوز عندنا ، لأنه لا مانع منه والأصل جوازه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز.

مسألة ـ ٢٤ ـ : يجوز اجارة الدفاتر ، سواء كان مصحفا أو غيره ما لم يكن فيه كفر ، لأنه لا مانع منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز إجارة شي‌ء من ذلك.

مسألة ـ ٢٥ ـ : لا يجوز إجارة حائط مزوق أو محكم للنظر اليه والتفرج به والتعلم منه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز ذلك إذا كان فيه غرض من الفرحة (١) أو التعلم منه.

دليلنا : أن ذلك عبث والمنع « النفع ( ـ خ ـ ) » (٢) منه قبيح وإذا لم يجز المنع « النفع ( ـ خ ـ ) » منه فإجارته قبيحة.

__________________

(١) خ ، م : من الفرجة.

(٢) م : والمنع منه قبيح.

٦٥٨

مسألة ـ ٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا انفرد الأجير بالعمل في غير ملك المستأجر ، فتلف الشي‌ء الذي استوجر فيه بتقصير منه ، أو بشي‌ء من أفعاله ، أو نقصان من صنعته ، فإنه يلزمه ويكون ضامنا ، سواء كان الأجير مشتركا أو منفردا.

وقال ( ـ ح ـ ) في الأجير المشترك مثل ما قلنا ، وذلك مثل أن يدق القصار الثوب فينخرق أو يقصره فينفرز ، فيكون عليه الضمان ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : ان تلف بأمر ظاهر لا يمكن دفعه ، كالحريق المنتشر واللهب الغالبة ، فإنه لا يضمنه. وان تلف بأمر يمكنه دفعه ضمنه. وأما الأجير المنفرد ، فلا ضمان عليه عندهم.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما أنه إذا انفرد بالعمل في غير ملك المستأجر ، فإنه يكون ضامنا متى تلف بأي تلف بالسرقة أو الحريق أو شي‌ء من فعله أو غير فعله ، وهو قول ( ـ ك ـ ) وابن أبي ليلى والشعبي. والأخر أنه لا ضمان عليه ، سواء كان مشتركا أو منفردا وقبضه قبض أمانة ، وهو قول عطاء ، وطاوس. وقال الربيع : كان ( ـ ش ـ ) يعتقد أنه لا ضمان على الصناع.

مسألة ـ ٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الختان والبيطار والحجام يضمنون ما يجنون بأفعالهم ، ولم أجد أحدا من الفقهاء ضمنهم.

مسألة ـ ٢٨ ـ : إذا حبس حرا أو عبدا مسلما فسرقت ثيابه ، لزمه ضمانها ، بدلالة أن الحبس كان سبب السرقة ، فيجب أن يلزمه الضمان.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان حرا ، فلا ضمان على حابسه إذا سرقت ثيابه ، وان كان عبدا لزمه ضمانها.

مسألة ـ ٢٩ ـ : الراعي إذا أطلق له الرعي حيث شاء ، فلا ضمان على ما يتلف من الغنم إلا إذا كان هو السبب فيه ، لأنه لا دلالة عليه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، مثل القول في الصناع سواء.

٦٥٩

مسألة ـ ٣٠ ـ : إذا اكترى دابة فركبها ، أو حمل عليها فضربها ، أو كبحها (١) باللجام ما جرت به العادة في التسيير فتلف ، فلا ضمان عليه ، لأنه لا دلالة عليه. وان كان ذلك خارجا عن العادة ، لزمه الضمان ، وهو قول ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : عليه الضمان في الحالين.

مسألة ـ ٣١ ـ : إذا سلم مملوكا الى معلم ، فمات حتف أنفه ، أو وقع عليه شي‌ء من السقف فمات من غير تعد من المعلم ، فلا ضمان عليه ، لأنه لا دلالة عليه.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، مثل ما قال في الوديعة.

مسألة ـ ٣٢ ـ : إذا عزر الامام رجلا ، فأدى الى تلفه ، لم يجب عليه الضمان لأنه فعل ما أمره الله تعالى به ، فلا يلزمه الضمان كما في الحدود ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : يجب فيه الضمان.

مسألة ـ ٣٣ ـ : إذا سلم الثوب الى غسال ، وقال له : اغسله ولم يشرط الأجرة ولا عرض له بها فغسله ، لزمته الأجرة ، لأن الاحتياط يقتضي ذلك ، وان لم يأمره بغسله فغسله لم يكن له أجرة ، وبه قال المزني.

ونص ( ـ ش ـ ) على أنه إذا لم يشرط ولم يعرض فلا أجرة ، ومن أصحابه من قال : ان كان الرجل معروفا بأخذ الأجرة على الغسل وجبت له الأجرة ، وان لم يكن معروفا به لم يجب له الأجرة.

ومنهم من قال : ان كان صاحب الثوب هو الذي سأل أن يغسله لزمته الأجرة.

وان كان الغسال هو الذي طلب منه الثوب ليغسله ، فلا أجرة له ، ومذهبهم ما نص ( ـ ش ـ ) عليه أنه لا أجرة له.

مسألة ـ ٣٤ ـ : إجارة المشاع جائزة ، لأن الأصل جوازه ، ولا مانع منه ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز.

__________________

(١) كبح الدابة باللجام : جذبها به لتقف ولا تجزى ( المنجد ).

٦٦٠