المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣
الجزء ١ الجزء ٢

« لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ » (١) وقال كانت اثنين وسبعين موطنا ، وروى أصحابنا أنها كانت ثمانين موطنا.

مسألة ـ ٢ ـ : إذا قال لفلان علي مال أكثر من مال فلان ، ألزم مقدار مال الذي سماه ، وقبل تفسيره في الزيادة ، قليلا كان أو كثيرا. وان فسر الكل بمثل ماله ، لم يقبل ذلك منه ، لان لفظة أكثر موضوعة في اللغة للزيادة.

وقال ( ـ ش ـ ) : يقبل منه إذا فسره بمثل ماله من غير زيادة.

مسألة ـ ٣ ـ : إذا قال له علي دراهم ، فإنه يلزمه ثلاثة دراهم ، لأن أقل الجمع ثلاثة ، وان قال دراهم عظيمة أو كثيرة أو خطيرة ، فعلى ما مضى من الخلاف فيه.

وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه ثلاثة على الأحوال كلها ، وفي الناس من قال : يلزمه درهمان.

مسألة ـ ٤ ـ : إذا قال له علي ألف ودرهم لزمه درهم ويرجع في تفسير الألف اليه ، وكذلك مائة ودرهم ، أو ألف ودار ، أو ألف وعبد ، فإنه يرجع في تفسير الألف إليه ، لأنه مبهم ، فيجب أن يرجع إليه في تفسيره ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان عطف على الالف من الموزون أو المكيل كان ذلك تفسيرا للألف ، فإن عطف عليها غير المكيل والموزون لم يكن تفسيرا لها.

فأما إذا قال : له عندي مائة وخمسون درهما ، فإنه يكون الكل دراهم ، لان الخمسين أفادت الزيادة ولم يفد التمييز والتفسير ، وقوله « درهما » في آخر الكلام يفيد تفسيرا وتمييزا ، فيجب أن يكون تمييزا وتفسيرا لجميع العدد.

وفي الناس من قال : ان المائة يكون مبهمة ، وقوله « وخمسون درهما » يكون قوله « درهما » تفسيرا للخمسين دون المائة ، لأنها جملة أخرى. والصحيح

__________________

(١) سورة التوبة : ٢٤.

٦٠١

الأول وبه قال أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). والثاني قول أبي علي بن خيران ، وأبي سعيد الإصطخري.

مسألة ـ ٥ ـ : إذا قال لفلان علي ألف ودرهمان ، كان مثل قوله ألف ودرهم وقد مضى. وان قال : ألف وثلاثة دراهم ، كان ذلك مفسرا للألف. وكذلك إذا قال : ألف وخمسون درهما ، أو ألف ومائة درهم ، أو مائة وثلاثة دراهم ، أو مائة وخمسون درهما ، أو مائة وخمسة عشر درهما ، أو خمسون وألف درهم ، أو خمسون ومائة درهم ، أو خمسة وعشرون درهما.

في كل ذلك يكون مفسرا للجميع ، لأن الزيادة الثانية معطوفة بالواو على الأول ، فصار بمنزلة جملة واحدة ، فإذا جاء بعد ذلك التفسير وجب أن يكون راجعا الى الجميع ، وليس كذلك قوله ألف ودرهم ، أو ألف ودرهمان ، لان ذلك زيادة وليس بتفسير ، ولا يجوز أن يجعل الزيادة في العدد تفسيرا ، ولان التفسير لا يكون بواو العطف ، وهذا مذهب أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ).

وقال ابن خيران والإصطخري : ان التفسير يرجع الى ما وليه ، والأول على إبهامه ، وعلى هذا قالا : لو قال بعتك بمائة وخمسين درهما كان البيع باطلا ، لان بعض الثمن مجهول.

مسألة ـ ٦ ـ : إذا قال لفلان علي درهم ودرهم الا درهم ، فإنه يلزمه درهم واحد ، لأنه بمنزلة أن يقول : له علي درهمان الا درهم.

وقال ( ـ ش ـ ) نصا : انه يلزمه درهمان. وفي أصحابه من قال : يصح الاستثناء ، ويلزمه درهم واحد. وكذلك إذا قال : أنت طالق طلقة وطلقة إلا طلقة يقع طلقة واحدة ، وعلى قول ( ـ ش ـ ) يقع طلقتان.

مسألة ـ ٧ ـ : إذا قال غصبتك ثوبا في منديل : كان إقراره بغصب الثوب دون المنديل ، لأنه يحتمل أن يكون أراد في منديل لي ، فلا يلزمه الا الثوب ،

٦٠٢

كما لو قال : له عندي ثوب في منديل أو تمر في جراب ، أو قال : غصبتك دابة في إصطبل ، أو نخلا في بستان ، أو غنما في ضيعة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يكون إقرارا بهما.

مسألة ـ ٨ ـ : إذا قال لفلان عندي كذا درهما ، فإنه يكون إقرارا بعشرين درهما ، لان ذلك أقل عدد انتصب الدرهم بعده ، فيجب حمله عليه ، وبه قال محمد بن الحسن. وقال ( ـ ش ـ ) : يكون إقرارا بدرهم واحد.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا قال له عندي كذا كذا درهما يلزمه أحد عشر درهما ، لان ذلك أقل عددين ركبا ونصب بعدهما الدرهم ، فيجب حمله عليه ، وبه قال محمد ابن الحسن. وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه درهم واحد.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا قال له عندي كذا وكذا درهما لزمه أحد وعشرون درهما لان ذلك أقل عددين عطف أحدهما على صاحبه ونصب بعدهما الدرهم ، وبه قال محمد بن الحسن.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما يلزمه درهم واحد ، والثاني يلزمه درهمان.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا قال له عندي كذا درهم ، لزمه مائة درهم ، لان ذلك أقل عدد يخفض بعده الدرهم ، وبه قال محمد بن الحسن.

وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه أقل من درهم واحد ، ويفسره بما شاء. وفي أصحابه من قال : يلزمه درهم واحد.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا أقر بدين في حال الصحة ، ثمَّ مرض فأقر بدين آخر في حال مرضه ، نظر فان اتسع المال لهما استوفيا معا ، وان عجز المال قسم الموجود فيه على قدر الدينين ، وبه قال ( ـ ش ـ ). ويدل عليه قوله تعالى « مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ » (١) ولم يفضل احد الدينين على الأخر ، فيجب أن يتساويا فيه.

__________________

(١) سورة النساء : ١٢.

٦٠٣

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا ضاق المال قدم دين الصحة على دين المرض ، فان فضل شي‌ء صرف الى دين المرض.

مسألة ـ ١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يصح الإقرار للوارث في حال المرض ، وبه قال أبو عبيد (١) ، وأبو ثور ، وعمر بن عبد العزيز ، والحسن البصري ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ).

والقول الأخر أنه لا يصح ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، وسفيان ، و ( ـ د ـ ). وقال أبو إسحاق المروزي : المسألة على قول واحد ، وهو أنه يصح إقراره ، وعلى المسألة إجماع الفرقة.

مسألة ـ ١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : قد بينا أن الإقرار للوارث يصح ، وعلى هذا لا فرق بين حال الإقرار وبين حال الوفاة ، فإنه يثبت الإقرار ، وكل من قال : لا يصح الإقرار للوارث ، فإنما اعتبر حال الوفاة كونه وارثا لا حال الإقرار ، حتى قالوا : لو أقر لأخيه وله ابن ثمَّ مات الابن ومات هو بعده لا يصح إقراره لأخيه.

ولو أقر لأخيه وليس له ولد ثمَّ رزق ولدا ، صح إقراره له ، لان حال الموت ليس هو بوارث. وقال عثمان البتي : الاعتبار بحال الإقرار ، وهذا الفرع يسقط عنا ، لما قدمنا من أن الإقرار للوارث يصح على كل حال بل الوصية للوارث عندنا صحيحة.

مسألة ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كانت له جارية ولها ولد ، فأقر في حال مرضه بأن ولدها ولده منها ، وليس له مال غيرها قبل إقراره فألحق الولد به ، سواء أطلق ذلك أو بين كيفية الاستيلاد لها في ملكه أو في ملك الغير بعقد أو شبهة.

وأما الجارية فإنها تصير أم ولده على كل حال أيضا ، الا أنها تباع في الدين إذا لم يخلف غيرها شيئا ، وان خلف غيرها شيئا قضى منه الدين ، وانعتقت هي على الولد ، وان لم يف بالدين استسعيت فيما يبقي من الدين.

__________________

(١) خ : أبو عبيدة ( أبو عبيد خ ).

٦٠٤

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يخلو أن يبين كيفية الاستيلاد أو يطلق ، فان بين ففيه ثلاثة أقوال : أحدها أن يقول استولدتها في ملكي ، فعلى هذا يكون الولد حر الأصل ، ولا يكون عليه ولاء ويثبت نسبه ، ويصير الجارية أم ولده ويعتق بموته من رأس المال ، فان كان هناك دين قدم عليه ، لأنه لو ثبت بالبينة لقدم عليه ، فكذلك إذا ثبت بالإقرار.

وان قال استولدتها في ملك الغير بشبهة ، فإن الولد حر الأصل ، وهل تصير الجارية أم ولد؟ فعلى قولين. وان قال : استولدتها بنكاح ، فان الولد قد انعقد مملوكا وعتق عليه لما ملك وثبت عليه الولاء والجارية لا تصير أم ولده ، خلافا لح. وان أطلق ولم يعين حتى مات ، فالولد حر في جميع الأحوال ولا ولاء عليه والجارية فيه خلاف بين أصحابه ، منهم من قال : لا تصير أم ولد وتباع في ديون الغرماء ، ومنهم من قال : تصير أم ولده.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا أقر بحمل وأطلق ، فإن إقراره باطل على ما قاله ( ـ ش ـ ) في كتاب الإقرار والمواهب ، وهو قول ( ـ ف ـ ). وذكر في كتاب الإقرار بالحكم الظاهر أنه صح ، وبه قال ( ـ م ـ ) ، وأصحاب ( ـ ح ـ ) ينصرون قول ( ـ ف ـ ) ، فالمسألة على قولين على مذهب ( ـ ش ـ ).

والاولى أن نقول : يصح إقراره ، لأنه يحتمل أن يكون إقراره من جهة صحيحة ، مثل ميراث أو وصية ، ويحتمل أن يكون من جهة فاسدة ، والظاهر من الإقرار الصحة فوجب حمله عليه.

مسألة ـ ١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أقر العبد بما يجب عليه به الحد ، مثل القصاص والقطع والجلد لم يقبل إقراره. وقال جميع الفقهاء : يقبل إقراره.

مسألة ـ ١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أقر العبد بالسرقة ، لا يقبل إقراره ولا يقطع. وعند الفقهاء يقبل ويقطع ، ولا يباع في المال المسروق. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

٦٠٥

مسألة ـ ١٩ ـ : إذا قال لفلان علي ألف درهم ، فجاء بألف ، فقال : هذه التي أقررت لك بها كانت لك عندي وديعة ، كان القول قوله ، لأن الأصل براءة الذمة (١) ، ولا يعلق عليها شي‌ء إلا بدليل ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يكون ذلك للمقر له ، وله أن يطالبه بالألف التي أقر بها.

مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا قال لفلان علي قفيز لا بل قفيزان ، أو درهم لا بل درهمان ، لزمه قفيزان ودرهمان ، لان قوله لا بل للإضراب عن الأول والاقتصار على الثاني ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال زفر ، وداود : يلزمه ثلاثة أقفزة وثلاثة دراهم. فأما إذا قال : له عندي قفيز حنطة لا بل قفيز شعير لم يسقط الذي أقر به أولا ، لأنه استدرك جنسا آخر.

مسألة ـ ٢١ ـ : إذا أقر لرجل يوم السبت بدرهم ، ثمَّ قال : يوم الأحد له علي درهم ، لم يلزمه الا درهم واحد ، ويرجع إليه في التفسير ، لأنه يحتمل أن يكون ذلك تكرارا واخبارا عن الدرهم المقدم ، والأصل براءة الذمة ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يلزمه درهمان.

مسألة ـ ٢٢ ـ : إذا قال له علي من درهم الى عشرة لزمه تسعة ، لأن لفظة « من » للابتداء ، كما إذا قال سرت من الكوفة إلى البصرة ، والحد هو العشرة فيحتمل أن يكون داخلة فيه ، والا يكون كذلك فلا يلزم الا اليقين ، وبه قال بعض أصحاب ( ـ ش ـ ).

وفيهم من قال : يلزمه ثمانية ، وبه قال زفر ، قالوا : لأنه جعل الأول والعاشر حدا ، والحد لا يدخل في المحدود. وفيهم من قال : يلزمه العشرة ، لان « من » للابتداء ، وهو داخل والعاشر حد وهو داخل في المحدود.

__________________

(١) م : براءة ولا يعلق عليها الا بدليل.

٦٠٦

مسألة ـ ٢٣ ـ : إذا قال له عندي ما بين الواحد إلى العشرة يلزمه ثمانية ، وبه قال أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال ابن القاص (١) : يلزمه تسعة ، وبه قال محمد بن الحسن ، لان عندهما ان الحد يدخل في المحدود ، وقد قلنا ان ذلك يحتمل ولا يلزم مع الاحتمال.

مسألة ـ ٢٤ ـ : إذا قال له علي ألف درهم من ثمن مبيع ، ثمَّ قال : لم أقبضه لم يلزمه ، عين المبيع أو لم يعين ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولا دلالة على أنه يلزمه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا عينه قبل منه وصل أو فصل ، وان أطلقه لم يقبل منه ولزمه الألف لأنه مبيع مجهول والمبيع إذا كان مجهولا لم يثبت الثمن في مقابلته ، كما لا يثبت في مقابلة الخمر والخنزير ، فاذا ثبت ذلك ، فقد فسر إقراره بما لا يقبله فلم يصح.

مسألة ـ ٢٥ ـ : إذا شهد عليه رجل بألف وشهد آخر بألفين ، ولم يضيفاه الى سببين مختلفين ، أو أضافاه إلى سبب متفق ، أو أضاف أحدهما إلى سبب وأطلق الأخر ، مثل أن يقول أحدهما ألف من ثمن عبد ويقول الأخر بألفين ، ففي هذه المسائل الثلاث يتفق الشهادة على ألف ، فيحكم له بألف بشهادتهما ، ويحصل له بالألف الأخر شهادة واحد (٢) ، فيحلف معه ويستحق ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، لأن الألف الذي شهد به أحدهما داخلة في الألفين ، فلا اختلاف بينهما ، فيثبت الشاهدان على ألف ، فوجب أن يحكم له به.

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يكون ذلك اتفاق شهادة على شي‌ء من الألوف ، ولا يحكم له بألف.

__________________

(١) م : ابن العاص.

(٢) م : واحدة.

٦٠٧

مسألة ـ ٢٦ ـ : قد مضى أن شرط الخيار يصح في الكفالة والضمان ، لأنه لا مانع منه في الشرع.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : لا يصح ، فان شرط ، فعند ( ـ ش ـ ) يبطل العقد والشرط ، وعند ( ـ ح ـ ) يبطل الشرط ويصح العقد (١).

مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا أقر بكفالة أو ضمان بشرط الخيار ، صح إقراره ولا يقبل دعواه في شرط الخيار ، ويحتاج الى بينة ، لان على المدعي البينة.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما يقبل إقراره ولا يلزمه شي‌ء. والأخر يبعض إقراره فيلزمه العقد ويسقط الشرط الذي ادعاه.

مسألة ـ ٢٨ ـ : إذا قال له علي ألف درهم الى وقت كذا لزمه الالف ، ويحتاج في ثبوت التأجيل إلى بينة ، لأنه أقر بالألف وادعى التأجيل ، فيجب عليه البينة ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما ما قلناه ، والأخر يثبت التأجيل ، فيلزمه الالف مؤجلا.

مسألة ـ ٢٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مات رجل وخلف ابنين ، فأقر أحدهما بأخ ثالث وأنكر الأخر ، فلا خلاف أنه لا يثبت نسبه ، وانما الخلاف في أنه يشارك في المال أم لا ، فعندنا أنه يشاركه ، ويلزمه أن يرد عليه ثلث ما في يده ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وابن أبي ليلى.

وقال ( ـ ح ـ ) : يشاركه [ بالنصف مما في يده ، لأنه يقر أنه يستحق من المال مثل ما يستحقه ، فيجب أن يقاسمه المال. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يشاركه في شي‌ء ] (٢) مما في يده.

__________________

(١) م : دون العقد.

(٢) م : سقط ما بين المعقوفتين.

٦٠٨

قال أبو الطيب الطبري : هذا في الظاهر فأما فيما بينه وبين الله ، فان كان سمع الأب يقربه ، أو بأنه ولد على فراشه ، فإنه يلزمه تسليم حقه اليه ، كما قال ( ـ ك ـ ) ، وحكي ذلك عن قوم من أصحابه ، وبه قال محمد بن سيرين.

مسألة ـ ٣٠ ـ : إذا كان الورثة جماعة ، فأقر اثنان رجلا أو رجل وامرأتان وكانوا عدولا يثبت النسب ويقاسمهم الميراث ، وبه قال ( ـ ح ـ ) الا أنه لم يعتبر العدالة في المقرين.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا أقر جميع الورثة بنسب ، مثل أن يكونوا بنين فيقروا بنسب أخ ، فإنه يثبت نسبه ويثبت له المال ، ولا فرق بين أن يكون من يرث المال جماعة أو واحدا ، ذكرا كان أو أنثى ، وفي الناس من قال : لا يثبت النسب بإقرار الورثة.

مسألة ـ ٣١ ـ : إذا أقر ببنوة صبي لم يكن ذلك إقرارا بزوجية أمه ، سواء كانت مشهورة الحرية أو لم يكن ، لأنه يحتمل أن يكون الولد من نكاح صحيح وأن يكون من نكاح فاسد ، أو من وطئ شبهة ، فلا يحمل على الصحيح دون غيره ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كانت معروفة الحرية كان ذلك إقرارا بزوجيتها ، وان لم تكن معروفة الحرية لم يثبت زوجيتها ، قال : لأن أنساب المسلمين وأحوالهم ينبغي أن يحمل على الصحة ، فإذا أقر ببنوة الصبي فوجه الصحة أن يكون من نكاح ، وإذا كان كذلك وجب أن يثبت زوجية امه.

مسألة ـ ٣٢ ـ : إذا دخلت امرأة من دار الحرب الى دار الإسلام ومعها ولد فأقر رجل في دار الإسلام أنه ولده ، ويمكن أن يكون كما قال بأن يجوز دخوله الى دار الحرب ، أو مجي‌ء المرأة إلى بلد الإسلام ألحق به ، وان علم أنه لم يخرج الى بلد الحرب (١) ولا المرأة دخلت الى بلد الإسلام لم يلحق به.

__________________

(١) م : دار الحرب. دار الإسلام.

٦٠٩

وقال ( ـ ش ـ ) : يلحق به إذا أمكن ذلك ، وان كان الظاهر أنه ما دخل الى بلد الكفر ، ولا المرأة دخلت بلد الإسلام ، لأنه يجوز أن يكون أنفذ إليها بماءه في قارورة فاستدخلته فخلق منه الولد وهذا بعيد.

ويدل على ما قلناه (١) ان الذي اعتبرناه لا خلاف أنه يلحق به الولد ، وما ادعوه لا دليل عليه.

مسألة ـ ٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان لرجل جاريتان ولهما ولدان ، فأقر أن أحد الولدين ابنه ولم يعين ومات ، استخرجناه بالقرعة ، فمن خرج اسمه ألحقناه به وورثناه (٢).

وقال ( ـ ش ـ ) : يعرض على القافة كما يعرض الولد الواحد إذا تنازعه اثنان ، غير أنه قال : يلحق النسب لأجل الحرية ولا يورث عليه ، وله في الميراث قولان : أحدهما يوقف الميراث ، وبه قال المزني. وقال باقي أصحابه : لا يوقف ويقسم الورثة المال ، لأنه لا طريق في نفيه. وقال ( ـ ح ـ ) : يعتق من كل واحد منهما نصفه.

مسألة ـ ٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كانت له جارية ولها ثلاثة أولاد ، فأقر أن أحدهم ابنه يسأل التعيين ، فان عين ألحق به ويكون الاثنان مملوكين ، سواء كان الذي عينه الأكبر أو الأوسط أو الأصغر ، فان لم يعين سئل الورثة فإن عينوا كان مثل ذلك سواء ، وان لم يعين أولا ورثة له ومات أقرع بينهم ، فمن خرج اسمه الحق به ويثبت حريته وورث ويكون الاثنان مملوكين له ، سواء كان من خرج اسمه الأكبر أو الأوسط أو الأصغر على كل.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان عين هو أو الورثة الأصغر ثبت حريته ، ويكون الأوسط والأكبر مملوكين. وان عين الأوسط ، كان حرا وكان الأكبر رقيقا ، وفي الصغير وجهان وان عين الأكبر ، كان حرا والاثنان على الوجهين. وان مات ولم يعين ولا عين

__________________

(١) م : دليلنا.

(٢) د : ورثناه به وورثناه.

٦١٠

الورثة عرض على القافة ، فان عينوا واحدا كان حكمه حكم من يعينه الوالد أو الورثة ، وحكم الباقين مثل ذلك سواء.

فان لم يكن قافة أو اختلفوا أقرع بينهم ، فمن خرج اسمه حرر ولا يورث ، وهل يوقف أم لا؟ على قولين ، قال المزني : يوقف. وقال الباقون : لا يوقف. قال المزني : قول ( ـ ش ـ ) يقرع بين الثلاثة خطأ ، لأن الأصغر على كل حال حر ، لأنه ان خرج اسمه فهو حر ، وان خرج اسم الأوسط فالأصغر حر أيضا ، لأنها صارت فراشا بالأوسط وألحق الأصغر به ، وان خرج الأكبر ألحق الأوسط والأصغر به ، لأنها صارت فراشا بالأول.

وهذا لازم ، غير أنه لا يصح على مذهبنا ، لأن الأمة ليست فراشا عندنا بحال ، وانما القول قول المالك في إلحاق من يلحق به وإنكار ما ينكره.

مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا شهد شاهدان على نسب لميت يستحق به ميراثا ، وقالا : لا نعرف له وارثا غيره قبلت شهادتهما ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ابن أبي ليلى : لا يحكم بها حتى يقولا لا وارث له غيره ، لأنه (١) إذا قالا : لا نعلم له وارثا غيره ، فما نفيا أن يكون له وارث ، فإنه يجوز أن يكون له وارث ولا يعلمانه.

ويدل على ما قلنا ان ذلك لا يمكن العلم به ، لأنه لا طريق اليه ، وما لا طريق اليه لا يجوز إقامة الشهادة عليه.

__________________

(١) م : لأنهما.

٦١١

كتاب العارية

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : العارية أمانة غير مضمونة ، الا أن يشرط صاحبها الضمان فان شرط ذلك كانت مضمونة والا فلا ، الا أن يتعدى فيها ، فيجب حينئذ الضمان عليه ، وبه قال قتادة ، وعبيد الله بن الحسن (١) العنبري ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، والنخعي ، والشعبي ، والحسن البصري الا انهم لم يضمونها بالشرط. وقال ربيعة : العواري مضمونة الا موت الحيوان ، فإنه إذا استعاره ثمَّ مات في يده لم يضمنه.

قال ( ـ ش ـ ) : هي مضمونة شرط ضمانها أو لم يشرط ، تعدى فيها أو لم يتعد ، وبه قال ابن عباس ، وأبو هريرة ، وعطاء ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

ويدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما رواه عمر بن شعيب (٢) ، عن أبيه ، عن جده أن النبي عليه‌السلام قال : ليس على المستعير غير العمل (٣) ضمان.

مسألة ـ ٢ ـ : إذا رد العارية إلى صاحبها أو وكيله برئ من الضمان ، وان

__________________

(١) د ، ح : بحذف « ابن ».

(٢) م : دليلنا ما رواه عمرو بن شعيب.

(٣) م : غير المغل « وكذا من نسخة خ ».

٦١٢

ردها الى ملكه مثل أن يكون دابة فردها إلى إصطبل صاحبها وشدها فيه لم يبرئ من الضمان ، لأنه لا دليل عليه ، والأصل أن ذمته مشغولة بالعارية ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يبرئ لأن العادة هكذا جرت في رد العواري إلى الأملاك ، فيكون بمنزلة المأذون من طريق العادة.

مسألة ـ ٣ ـ : إذا اختلف صاحب الدابة والراكب ، فقال الراكب : أعرتنيها ، وقال صاحبها : أكريتكها بكذا ، كان القول قول الراكب مع يمينه وعلى صاحبها البينة ، لأنه مدعي الكرى. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما ما قلناه ، والثاني أن القول قول صاحبها.

مسألة ـ ٤ ـ : إذا اختلف الزارع وصاحب الأرض ، فقال الزارع : أعرتنيها وصاحبها يقول : أكريتكها ، كان القول قول الزارع مع يمينه ، لما قلناه في المسألة الاولى (١). و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، واختيار المزني في المسألتين ما قلناه.

مسألة ـ ٥ ـ : إذا اختلفا ، فقال صاحب الدابة : غصبتنيها. وقال الراكب : بل أعرتنيها ، فالقول قول الراكب ، لما قلناه في المسألة الاولى ، وبه قال المزني.

وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : هذه المسألة والتي قبلها سواء على قولين.

مسألة ـ ٦ ـ : إذا تعدى المودع في إخراج الوديعة من حرزه فانتفع به ، ثمَّ رده الى موضعه ، فان الضمان لا يزول بذلك ، لأن بالتعدي وجب عليه الضمان بلا خلاف ، ولا دليل على أن الضمان يزول عنه بالرد الى موضعه ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يزول لأنه مأمور بالحفظ في جميع هذه الأوقات ، فإذا خالف في جهة منها ثمَّ رجع وعاد الى الحفظ ، كان متمسكا به على الوجه المأمور به ، فينبغي أن يزول عنه الضمان.

__________________

(١) م : بحذف ( ولما قلناه في المسألة الأولى ).

٦١٣

مسألة ـ ٧ ـ : إذا أبرأه من الوديعة صاحبها بعد تعديه فيها من غير أن يردها اليه أو إلى وكيله ، فقد سقط عنه الضمان ، لان ذلك حقه ، وله التصرف فيه بالإبراء أو المطالبة ، فوجب أن يسقط بإسقاطه.

و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان : أحدهما يبرئ ، وهو ظاهر قوله. والثاني : لا يبرئ ، قال : لأن الإبراء لا يصح عن القيمة ، لأنها لم تجب بعد ، ولا يصح الإبراء من العين ، لأنها في يده باقية.

مسألة ـ ٨ ـ : إذا أعاره أرضا ليبني فيها أو ليغرس فيها ، فلا يجوز له أن يخالف فيغرس في أرض البناء ، ولا أن يبني في أرض الغراس ، لأنه لا دليل على تجويز خلاف ذلك. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا طالب المعير المستعير بقلع ما أذن له في غرسه (١) من غير أن يضمن له أرش النقصان وأبى ذلك صاحب الغراس لم يجبر عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يجبر على ذلك وان لم يضمن.

يدل على ما قلناه ما روي عن النبي عليه‌السلام أنه قال : من بنى في رباع قوم بإذنهم فله قيمته ، ولأنا قد أجمعنا على أن له قلعه مع ضمان النقصان ، ولا دليل على جواز ذلك مع عدمه.

__________________

(١) م : في أرضه.

٦١٤

كتاب الغصب

مسألة ـ ١ ـ : من غصب شيئا يضمن بالمثلية ، فإن أعوز المثل ضمن بالقيمة ، فان لم يقبض القيمة بعد الإعواز حتى مضت مدة يختلف فيها القيمة ، كان له المطالبة بقيمته وقت القبض لا وقت الإعواز ، وان حكم الحاكم بالقيمة عند الإعواز لم يؤثر حكمه فيه ، وكان له المطالبة بقيمته يوم القبض ، ولا يلتفت الى حكم الحاكم به ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ م ـ ) ، وزفر : عليه قيمته يوم الإعواز.

دليلنا أن الذي يثبت في ذمته هو المثل ، وحكم الحاكم عليه بالقيمة لا ينقل المثل إلى القيمة ، بدلالة أنه متى زال الإعواز قبل القبض طولب بالمثل وإذا كان المثل هو الثابت في الذمة اعتبر بدل المثل حين قبض (١) البدل.

مسألة ـ ٢ ـ : إذا غصب ما لا مثل له ومعناه لا يتساوى قيمة أجزائه من غير جنس الأثمان ، كالثياب والحطب والخشب والحديد والرصاص والصفر والعقار وغير ذلك من الأواني وغيرها ، فإنها تكون مضمونة بالقيمة ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال عبيد الله بن الحسن العنبري البصري (٢) : يضمن كل هذا بالمثل.

__________________

(١) حتى قبض.

(٢) م : بحذف ( البصري ).

٦١٥

ويدل على المسألة ما رواه ابن عمر أن النبي عليه‌السلام قال : من أعتق شقصا له من عبد قوم عليه ، فأوجب عليه الضمان بالقيمة دون المثل.

مسألة ـ ٣ ـ : إذا جنى على حمار القاضي كان مثل جنايته على حمار الشوكي في أنه يلزمه أرش العيب إذا لم يسر الجناية إلى نفسه بدلالة الأصل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان حمار القاضي فقطع ذنبه ففيه كمال قيمته ، لأنه إذا قطع ذنبه فقد أتلفه عليه ، لأنه لا يمكنه ركوبه ، لأن القاضي لا يركب حمارا مقطوع الذنب ، والشوكي يمكنه حمل الشوك على حمار مقطوع الذنب ، ولم يقل هذا في غير ما يركبه من بهائم القاضي ، مثل الثور وغيره ، وكذلك لو قطع يد حماره.

مسألة ـ ٤ ـ : إذا قلع عين دابة ، كان عليه نصف قيمتها ، وفي العينين جميع القيمة ، وكذلك كل ما يكون في البدن منه اثنان ، ففي الدابة جميع القيمة فيهما وفي الواحد نصفها.

وقال ( ـ ح ـ ) : في العين الواحدة ربع القيمة ، وفي العينين نصف القيمة. وكذلك كل ما ينتفع بظهره ولحمه. وقال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : عليه الأرش ما بين قيمته صحيحا ومعيبا.

مسألة ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قتل عبدا ، كان عليه قيمته ما لم يتجاوز قيمته دية الحر عشرة آلاف درهم ، وكذلك ان كانت أمة ما لم يتجاوز قيمتها خمسة آلاف درهم دية الحرة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) الا أنه قال : ان كان قيمته عشرة آلاف نقص عشرة دراهم وكذلك في دية المملوكة. وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه قيمته بالغا ما بلغ.

مسألة ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مثل بمملوك غيره ، لزمه قيمته وانعتق ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

٦١٦

وقال ( ـ ش ـ ) : لا ينعتق ، والتمثيل أن يقطع أنفه أو إذنه.

مسألة ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كل جناية مقدرة من الحر بحساب ديته ، فهي مقدرة من العبد بقيمته ، مثل اليد والرجل والأنف والعين والموضحة والمنقلة وغير ذلك وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : في ذلك أرش ما نقص إلا في أربعة : الموضحة ، والمنقلة ، والمأمومة ، والجائفة ، فإن فيها المقدر كما قلناه.

مسألة ـ ٨ ـ : « ج » ـ ) : الحارصة والباضعة مقدرة في الحر ، وكذلك في العبد بحساب قيمته. وقال جميع الفقهاء : فيها الأرش ، لأنها غير مقدرة في الحر.

مسألة ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا جنى على ملك غيره جناية لها أرش ، فعند ( ـ ش ـ ) يمسك المالك ملكه ويطالب الجاني بأرشها ، قليلا كان أرش الجناية أو كثيرا ، سواء ذهب بالجناية منفعة مقصودة أو غير مقصودة ، وسواء وجب بالمقصودة كمال قيمة المجني أو دون ذلك.

وقال ( ـ ح ـ ) : ننظر (١) فيه ان لم يذهب بالجناية منفعة مقصودة ، مثل أن يخرق يسيرا من الثوب ، أو قطع إصبعا من العبد ، أو جنى عليه حارصة ، أو دامية ، أو باضعة فإنه يمسكه مالكه ويطالب بالأرش على ما قاله ( ـ ش ـ ). وان ذهب بها منفعة مقصودة مثل ان خرق الثوب بطوله أو قطع يدا واحدة من العبد ، فالسيد بالخيار بين أن يمسك العبد ويطالب بأرش الجناية ، وبين أن يسلم العبد برمته ويأخذ منه كمال قيمته ، قال : وان وجب بالجناية كمال قيمة الملك.

وهذا انما يكون في الرقيق خاصة ، مثل أن يقطع يديه ، أو رجليه ، أو يقلع عينيه ، أو يقطع لسانه ، أو أنفه ، فالمالك بالخيار بين أن يمسكه ولا شي‌ء له على الجاني وبين أن يسلمه إلى الجاني ويأخذ منه كمال قيمته.

__________________

(١) م ، د : ينظر.

٦١٧

وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : في هذا الفصل السيد بالخيار بين أن يسلمه ويأخذ كمال قيمته وبين أن يمسك ويأخذ من الجاني ما نقص بالقطع ويسقط التقدير.

والذي يقتضيه أخبارنا ومذهبنا أنه إذا جنى على عبد جناية يحيط بقيمة العبد ، كان بالخيار بين أن يسلمه ويأخذ قيمته ، وبين أن يمسكه ولا شي‌ء له ، وما عدا ذلك فله أرش : أما مقدار (١) ، أو حكومة على ما مضى القول فيه ، وما عدا المملوك من الأملاك إذا جنى عليه ، فليس لصاحبه إلا أرش الجناية ، وعليه إجماع الفرقة.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا غصب جارية ، فزادت في يده بسمن أو صنعة أو تعليم قرآن ، فزاد بذلك ثمنها ، ثمَّ ذهب عنها ذلك في يده حتى عادت الى الصفة التي كانت عليها حين الغصب كان عليه ضمان ما نقص في يده ، وهكذا لو غصب حاملا أو حائلا فحملت في يديه ضمنها وضمن حملها في الموضعين ، لان هذا النماء انما حدث (٢) في ملك المغصوب منه ، فيلزم الغاصب ضمانه إذ حال بينه وبينه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يضمن شيئا من هذا أصلا ويكون ما حدث في يديه أمانة ، فان تلف بغير تفريط فلا ضمان ، وان فرط في ذلك مثل أن جحد ثمَّ اعترف أو منع ثمَّ بذل ، فعليه ضمان ذلك.

مسألة ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المنافع يضمن بالغصب كالأعيان مثل منافع الدار والدابة والعبيد (٣) والثياب ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يضمن المنافع بالغصب بحال ، فان غصب أرضا فزرعها بيده

__________________

(١) م : مقدر.

(٢) ح ، د : أحدث.

(٣) د : والعبد.

٦١٨

كان الغلة له ولا أجرة عليه الا أن ينقص الأرض بذلك ، فيكون عليه نقصان ما نقص ، وزاد على هذا فقال : لو آجرها وأخذ أجرتها ملك الأجرة دون مالكها.

مسألة ـ ١٢ ـ : المقبوض ببيع فاسد لا يملك بالعقد ولا بالقبض ، لأنه لا دلالة عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يملك بالقبض.

مسألة ـ ١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا غصب جارية حاملا ضمنها وضمن ولدها ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ضمنها (١) وحدها دون حملها.

مسألة ـ ١٤ ـ : إذا غصب ثوبا قيمته عشرة ، فبلغ عشرين لزيادة السوق ثمَّ عاد إلى عشرة أو دونها ، ثمَّ هلك قبل الرد ، كان عليه قيمته أكثر ما كانت من حين الغصب الى حين التلف ، لان طريقة الاحتياط يقتضيه ، وهو قول ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : عليه قيمته يوم الغصب.

مسألة ـ ١٥ ـ : إذا لم يتلف الثوب وكان قائما بحاله رده ، ولا يرد ما نقص من القيمة ، لأن الأصل براءة الذمة ولا دلالة عليه ، وهو قول جميع الفقهاء ، إلا أبا ثور فإنه قال : يرده. وما نقص من القيمة (٢) ، فإن كانت قيمته يوم الغصب عشرة ثمَّ بلغت عشرين ثمَّ عاد إلى عشرة رده ومعه عشرة.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا أكره امرأة على الزنا ، وجب عليه الحد ولا حد عليها ولو كانت هي زانية وهو واطئ شبهة كان عليها الحد ولا حد عليه ولا يلزمه المهر في الموضعين ، لأنه لا دليل عليه في الشرع.

وقال ( ـ ش ـ ) : متى وجب عليه الحد دونها لزمه المهر. وقال ( ـ ح ـ ) : متى سقط عنه الحد دونها لزمه المهر.

مسألة ـ ١٧ ـ : السارق يقطع ويغرم ما سرقه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : الغرم

__________________

(١) م : يضمن.

(٢) م : من قيمته.

٦١٩

والقطع لا يجتمعان ، فان غرم لم يقطع ، وان قطع لم يغرم.

ويدل على المسألة قوله تعالى « السّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما » (١) ولم يفرق.

مسألة ـ ١٨ ـ : يصح غصب العقار ويضمن بالغصب ، لقوله تعالى « فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ » وللعقار مثل من طريق القيمة ، وهو قول ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ م ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) : لا يصح غصب العقار ولا يضمن بالغصب.

مسألة ـ ١٩ ـ : إذا غصب ثوبا فصبغه ، كان للغاصب قلع الصبغ ، لأنه عين ماله بشرط أن يضمن ما ينقص من قيمة الثوب ، لأنه بجنايته حصل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأصحابه.

قال المزني : ليس للغاصب قلع الصبغ ، لأنه لا منفعة له فيه ، سواء كان الصبغ أسود أو أبيض ، وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان مصبوغا بغير سواد ، فرب الثوب بالخيار بين أن يسلمه الى الغاصب ويأخذ منه قيمته أبيض ، وبين أن يأخذ هو ويعطيه قيمة صبغه ، وان كان مصبوغا بالسواد ، فرب الثوب بالخيار بين أن يسلمه الى الغاصب ويأخذ منه قيمته أبيض ، وبين أن يمسكه مصبوغا ولا شي‌ء عليه للغاصب. قال الطحاوي (٢) : والذي يجي‌ء على قوله ان عليه ما نقص وقال ( ـ ف ـ ) : الصبغ بالسواد وغيره سواء.

مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا غصب شيئا ، ثمَّ غيره عن صفته التي هو عليها أو لم يغيره

__________________

(١) المائدة ـ ٤٢.

(٢) م : فيه زيادة ( قال الطحاوي قال نقص الثوب بالصبغ قال ح لا ضمان على الغاصب ).

٦٢٠