المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣
الجزء ١ الجزء ٢

بالخيار.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا أذن الراهن للمرتهن في قبض الرهن ، ثمَّ رجع عن الاذن ومنعه لم يكن له ذلك ، لما قلناه في المسألة الاولى. وقال ( ـ ش ـ ) : له ذلك.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا أذن له في قبض الرهن ، ثمَّ جن أو أغمي عليه جاز للمرتهن قبضه ، لأنه قد ثبت أن اذنه صحيح قبل جنونه ، فمن أبطله فعليه الدليل [ وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز له ذلك ] (١).

مسألة ـ ١٣ ـ : إذا رهنه وديعة عنده في يده وأذن له في قبضه وجن (٢) ، فقد صار مقبوضا قلناه فيما تقدم.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا لم يأت عليه زمان يمكن قبضه (٣) لم يصر مقبوضا بعد جنونه.

إذا (٤) رهنه شيئا ، ثمَّ تصرف فيه الراهن بالبيع ، أو الهبة ، أو الرهن عند آخر قبضه ، أو لم يقبضه أو قبضه البائع أو لم يقبضه ، أو أصدقه امرأته (٥) لم يصح جميع ذلك وكان باطلا.

وقال ( ـ ش ـ ) : يكون ذلك فسخا للرهن وان زوجها لم ينفسخ الرهن.

دليلنا : ان القول ينفسخ (٦) الرهن بذلك يحتاج الى دليل والأصل صحته.

مسألة ـ ١٤ ـ : لا يجوز للوصي ان يشتري من مال اليتيم لنفسه وان اشتراه بزيادة ، لأن جواز ذلك يحتاج الى دليل وهو مذهب ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز ذلك.

__________________

(١) سقط ما بين المعقوفتين من ح ود.

(٢) خ : في قبضه ثمَّ جن.

(٣) خ : يمكن فيه قبضه.

(٤) خ : مسألة إذا رهنه.

(٥) خ : امرته.

(٦) خ : بفسخ الرهن.

٥٤١

مسألة ـ ١٥ ـ : إذا كان له في يد رجل مال وديعة أو إجارة أو غصبا ، فجعله رهنا عنده بدين له عليه ، كان الرهن صحيحا بلا خلاف ، ويصير الرهن مقبوضا بإذنه فيه ، لأنه إذا أذن له صار قبضا بالإجماع ، وإذا (١) لم يأذن فليس على كونه قبضا دليل ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، والقول الأخر يصير مقبوضا وان لم يأذن له فيه.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا غصب رجل عن (٢) غيره عينا من الأعيان ، ثمَّ جعله (٣) المغصوب منه رهنا في يد الغاصب بدين له عليه قبل أن يقبضها منه ، فالرهن صحيح بالإجماع ، ولا يزول ضمان الغصب ، لقوله عليه‌السلام : على اليد ما أخذت حتى تؤدي ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، وأبو ثور.

وقال ( ـ ح ـ ) ، والمزني : ليس عليه ضمان الغصب.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا رهن جارية وقد أقر بوطئها ، فولدت لستة أشهر من وقت الوطي فصاعدا الى تمام تسعة أشهر ، فالولد لا حق به ، وعند ( ـ ش ـ ) إلى أربع سنين ولا ينفسخ الرهن في الأم عندنا ، لأن أم الولد مملوكة يجوز بيعها عندنا على ما سنبينه (٤) فيما بعد.

وقال ( ـ ش ـ ) : في الجارية لها ثلاثة أحوال : اما أن يكون أقر بالوطئ في حال العقد ، أو بعد العقد وقبل القبض ، أو بعد القبض ، فان كان في حال العقد ، فان المرتهن إذا علم بإقراره ودخل فيه ، فقد رضي بحكم الوطي وما يؤدي إليه ، فعلى هذا يخرج من الرهن ، ولا خيار للمرتهن ان كان ذلك شرطا في عقد البيع.

__________________

(١) خ : وان لم يأذن.

(٢) خ : من غيره.

(٣) خ : ثمَّ جعلها.

(٤) خ : على ما سندل عليه فيما بعد.

٥٤٢

وان (١) أقر بذلك بعد عقد الرهن وقبل القبض فكذلك ، لأنه لما علم بإقرار الراهن بوطئها وقبضها مع العلم بذلك كان راضيا به. وان كان أقر بذلك بعد القبض فهل يخرج من الرهن؟ فيه قولان أحدهما يقبل إقراره ، والثاني لا يصح إقراره.

مسألة ـ ١٨ ـ : إذا وطئ الراهن الجارية (٢) المرهونة وحملت وولدت فإنها تصير أم ولده ولا يبطل الرهن ، فان كان موسرا لزم (٣) قيمة الرهن من غيرها ، لحرمة ولدها يكون رهنا مكانها ، وان كان معسرا كان الرهن (٤) باقيا وجاز انقباضه (٥).

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها يفصل (٦) بين الموسر والمعسر ، فان كان موسرا صارت أم ولد له (٧) وان أعتقها عتقت ووجب عليه قيمتها يكون رهنا مكانها ، أو قضاها من حقه. وان كان معسرا لم يخرج من الرهن ويباع في حق المرتهن هذا نقله المزني.

والثاني : تصير أم ولد وتعتق ، سواء كان موسرا أو معسرا ، ولكنه يوجب قيمتها على الموسر يكون رهنا مكانها.

والثالث : لا تخرج من الرهن وتباع بإذن المرتهن (٨) ، سواء كان موسرا أو

__________________

(١) خ : وان كان أقر بذلك.

(٢) خ : وطئ الراهن جاريته المرهونة.

(٣) خ : مؤسرا الزم.

(٤) خ : كان الدين باقيا.

(٥) خ ، م : وجاز بيعها فيه.

(٦) خ ، م : يفرق.

(٧) خ ، أم ولده.

(٨) خ : وتباع في دين المرتهن.

٥٤٣

معسرا ، فان (١) كان موسرا لزمته (٢) قيمتها ويكون رهنا مكانها ، وان كان معسرا تستسعي الجارية في قيمتها ان كانت دون الحق ويرجع بها على الراهن.

مسألة ـ ١٩ ـ : لا يجوز للراهن أن يطأ الجارية المرهونة ، ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا وطئ الراهن الجارية المرهونة بإذن المرتهن ، لم تنفسخ الرهن ، سواء حملت أو لم تحمل ، لان عندنا لا يزول ملكه بالحمل ، فإن أعتقها بإذنه انفسخ.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا وطئ الراهن الجارية المرهونة أو أعتقها بإذن (٣) المرتهن وأحبلها ، فإنها تخرج من الرهن ، ولا يجب على الواطئ قيمته ، لأنه (٤) أذن في فعل ينافي الرهن وبطل الرهن ، كما إذا أذن في البيع فباعها ، أو أذن في الأكل فيما يؤكل.

مسألة ـ ٢١ ـ : إذا وطئ المرتهن الجارية المرهونة بإذن الراهن مع العلم بتحريم ذلك لم يجب عليه المهر ، لأنه لا دلالة عليه في الشرع. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٢٢ ـ : إذا أتت هذه الجارية الموطوءة بإذن الراهن بولد ، كان حرا لاحقا بالمرتهن بالإجماع ، ولا يلزمه عندنا قيمته ، لأنه لا دلالة عليه والأصل براءة الذمة.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما يجب عليه قيمته ، والأخر لا يجب.

مسألة ـ ٢٣ ـ : إذا بيعت هذه الجارية ، ثمَّ اشتراها المرتهن ، فإنها يكون

__________________

(١) خ : وقال أبو حنيفة تصير أم ولد وتعتق سواء كان موسرا أو معسرا فان كان.

(٢) خ : لزمه.

(٣) خ : الجارية المرهونة بإذن المرتهن.

(٤) خ : قيمتها لأنه.

٥٤٤

أم ولده ، لان الاشتقاق يوجب ذلك (١) و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٢٤ ـ : إذا أذن المرتهن للراهن في البيع الرهن بشرط أن يكون ثمن الرهن رهنا ، كان صحيحا ، بدلالة قوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ » وقوله عليه‌السلام : المؤمنون عند شروطهم.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

إذا (٢) قال المرتهن للراهن بع الرهن بشرط أن تجعل ثمنه من ديني قبل محله فاذا باع الراهن صح البيع ، ويكون الثمن رهنا الى وقت حلوله ، ولا يلزمه الوفاء بتقديم الحق قبل الأجل ، لأنه لا دليل على ذلك.

و ( ـ للش ـ ) قولان : أحدهما البيع باطل. وقال المازني : ويكون ثمنه رهنا مكانه.

مسألة ـ ٢٥ ـ : رهن أرض الخراج وهي أرض سواد العراق ، وحده من القادسية إلى حلوان عرضا ، ومن الموصل الى عبادان طولا باطل ، لإجماع الفرقة على أن أرض الخراج لا يجوز بيعها ولا هبتها ، لأنها أرض المسلمين قاطبة لا يتعين ملاكها.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما ان عمر قسم بين الغانمين فاشتغلوا بها سنتين أو ثلاثا ، ثمَّ رأى من المصلحة أن يشتريها منه (٣) لبيت المال فاستنزلهم عنها ، فمنهم من نزل عنها بعوض ، ومنهم من ترك حقه ، فلما حصلت لبيت المال ، فلا مالك لها معين وقفها على المسلمين ، ثمَّ آجرها منهم بأجرة ضربها على الجربان ، فجعل على جريب (٤)

__________________

(١) خ : يقتضي ذلك.

(٢) خ : مسألة إذا قال.

(٣) خ : منهم.

(٤) خ : على كل جريب.

٥٤٥

نخل عشرة دراهم ، وعلى جريب كرم ثمانية (١) ، وعلى جريب شجر ستة ، وعلى (٢) الحنطة أربعة وعلى الشعير درهمين ، وبه قال الإصطخري ، والمأخوذ من القوم أجرة باسم الخراج.

وقال أبو العباس ما وقفها ولكن باعها من المسلمين ، فالمأخوذ (٣) من القوم ثمن ، فعلى قول ابن عباس (٤) الرهن والبيع فيهما صحيح ، وعلى قول ( ـ ش ـ ) والإصطخري باطل.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان عمر أقر هذه الأرض (٥) في يد أربابها المشركين وضرب عليهم الجزية هذا القدر ، فمن باع منهم حقه على مسلم لو أسلم كان المأخوذ منه خراجا ولا سقط (٦) ذلك الجزية بإسلامه فهي يباع (٧) ويوهب ويورث ويرهن.

مسألة ـ ٢٦ ـ : إذا جنى العبد جناية ثمَّ رهنه ، بطل الرهن ، سواء كانت الجناية عمدا أو خطا ، أو يوجب القصاص أو لا يوجبه ، لأنه إذا كان عمدا فقد استحق المجني عليه العبد ، وان كان خطا تعلق الأرش برقبته ، فلا يصح رهنه.

ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه ثلاث طرق منهم من قال : المسألة على قولين ، عمدا كان أو خطا ، ومنهم من قال : ان كانت عمدا صح قولا واحدا ، وان كانت خطأ فعلى قولين ، ومنهم من قال وهو المذهب : ان كانت خطأ بطلت قولا واحدا ، وان كانت عمدا فعلى قولين.

__________________

(١) خ : وعلى كل جريب كرم ثمانية دراهم.

(٢) خ : وعلى جريب شجر ستة دراهم وعلى جريب الحنطة أربعة.

(٣) خ : بثمن مضروب على الجريان فالمأخوذ.

(٤) خ : فعلى قول أبى العباس.

(٥) خ : الأرضين.

(٦) خ : ولا يسقط.

(٧) خ ـ فهي طلق تباع.

٥٤٦

مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا رهن عبيده رهنا على ألف وقبضه الرهن ، ثمَّ أقرض (١) ألفا آخر على ذلك الرهن بعينه ، كان ذلك صحيحا ويكون الرهن بألفين (٢) ألف متقدمة ، وألف متأخرة ، بدلالة عموم الاخبار والآية في جواز الرهن ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ) في القديم ، واختيار المازني ، وبه قال أبو يوسف.

وقال في الجديد : لا يجوز ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ).

مسألة ـ ٢٨ ـ : إذا أقر أن عبده جنى على غيره ، وأنكر المرتهن ذلك ، أو أقر أنه كان غصبه من فلان ثمَّ رهنه ، أو باعه منه ثمَّ رهنه ، أو أنه أعتقه ثمَّ رهنه ، وأنكر ذلك المرتهن ، كان إقراره لمن أقر له به صحيحا في حقه ويلزمه ، لأن إقرار العامل على نفسه جائز لا مانع منه في الشرع ، ولا يلزم ذلك في حق المرتهن.

و ( ـ للش ـ ) قولان : أحدهما لا ينفذ إقراره ، وبه قال ( ـ ح ـ ). والثاني : ينفذ (٣).

إذا دبر عبده ثمَّ رهنه ، بطل التدبير وصح الرهن ان قصد بذلك فسخ التدبير وان لم يقصد بذلك فسخ التدبير لم يصح الرهن.

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أقوال : أحدهما مثل ما قلناه إذا قال : انه وصيته. والثاني : ان التدبير عتق بصفة فينفذ التدبير ويبطل الرهن ، ومنهم من قال : الرهن باطل ، سواء قلنا التدبير وصيته أو عتق بصفة.

يدل على مذهبنا إجماع الفرقة على ان التدبير بمنزلة الوصية ، والوصية له الرجوع فيها بلا خلاف ، فاذا لم يقصد الرجوع فلا دلالة على بطلانه ، ولا دلالة على صحة الرهن ، فينبغي أن يكون باطلا. وقلنا انه يصح التدبير والرهن معا ، لأنه لا دلالة على بطلان أحدهما (٤) كان قويا ، وبه قال قوم من أصحاب ( ـ ش ـ ) ، وهو المذهب عندهم

__________________

(١) خ : ثمَّ افترض.

(٢) خ : بالالفين.

(٣) خ : والثاني ينفذ مسألة إذا دبر.

(٤) خ : على بطلان واحد منهما.

٥٤٧

لان ما جاز بيعه جاز رهنه وبيع المدبر جائز بلا خلاف وهذا قوي.

مسألة ـ ٢٩ ـ : إذا علق عتق عبده بصفة ثمَّ رهنه ، كان الرهن صحيحا والعتق باطلا (١) ، لإجماع الفرقة على ان العتق بصفة لا يصح.

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة مسائل :

إحداها : يحل الحق قبل العتق ، مثل أن علق عتقه بصفة إلى سنة ، ثمَّ رهنه بحق يحل بعد شهرين ، فالرهن صحيح.

والثانية : يوجد الصفة قبل محل الحق ، مثل أن قال أنت حر بعد شهر ، ثمَّ رهنه بحق محل (٢) إلى سنة ، فالرهن باطل.

الثالثة : إذا لم يعلم أيهما السابق ، مثل أن يقول إذا قدم زيد فأنت حر ، ثمَّ رهنه بحق إلى سنة ولا يعلم متى يقدم زيد ، فهذه على قولين.

مسألة ـ ٣٠ ـ : إذا رهنه عبدا ثمَّ دبره ، كان التدبير باطلا ، لإجماع الفرقة على أن الراهن لا يجوز له التصرف في الرهن بغير اذن المرتهن والتدبير تصرف وبه قال ( ـ ش ـ ) وأصحابه ، وحكى الربيع قولا (٣) آخر أن الرهن صحيح والتدبير صحيح.

مسألة ـ ٣١ ـ : إذا كان الرهن شاة فمات (٤) ذاك ، ملك الراهن عنها وانفسخ الرهن إجماعا ، فإن أخذ الراهن جلده فدبغه لم يعد ملكه ، لأنه لا يطهر

__________________

(١) خ : والعتق باطل.

(٢) خ ، م : يحل.

(٣) خ : فيها قولا.

(٤) خ : فماتت.

٥٤٨

بالدباغ عندنا.

وقال ( ـ ش ـ ) : يعود ملكه قولا واحدا ، وهل يعود الرهن؟ فيه وجهان (١).

مسألة ـ ٣٢ ـ : إذا اشترى عبدا بألف ورهن به عصيرا وقبضه واختلفا ، فقال الراهن : أقبضتك عصيرا ، وقال المرتهن : أقبضتنيه خمرا فلي الخيار ، كان القول قول المرتهن مع يمينه ، لان هذا اختلاف في القبض ، لأنه إذا ادعى المرتهن أنه قبضه خمرا وقبض الخمر كلا قبض ، فصار كأنه اختلاف في القبض وفي اختلاف القبض القول قول المرتهن ، وهو مذهب ( ـ ح ـ ) وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ).

والثاني القول قول الراهن ، وهذا القول أيضا قوي ، لأنهما اتفقا في القبض وانما يدعي المرتهن أنه قبض فاسد.

مسألة ـ ٣٣ ـ : الخمر ليست بمملوكة ويجوز إمساكها للتخلل وللتخليل.

وقال ( ـ ش ـ ) : ليست بمملوكة ولا يجوز (٢) إمساكها ويجب إراقتها.

وقال ( ـ ح ـ ) : هي مملوكة كالعصير ولا يجب عليه إراقتها ، ويجوز له إمساكها للتخلل وللتخليل (٣).

دليلنا : إجماع الفرقة على نجاسة الخمر وعلى تحريمها ، فعلى من ادعى انها مملوكة الدلالة ، ولا خلاف بين الطائفة في جواز التخلل والتخليل.

مسألة ـ ٣٤ ـ : إذا رهن نخلا مطلعا ولم يشرط أن يكون الطلع رهنا ، لم يدخل الطلع في الرهن ، لأن الأصل عدم كونه رهنا ، فمن ادعى دخوله في الرهن بدخول النخل فيه فعليه الدلالة. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

__________________

(١) خ : على وجهين.

(٢) خ : ليست مملوكة ولا يحل إمساكها.

(٣) ح : أو التخليل.

٥٤٩

مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا رهن ما يسرع اليه الفساد ، ولم يشرط انه إذا خيف هلاكه بيع (١) ، كان الرهن فاسدا ، لأنه لا دليل على أنه يجبر على بيعه.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما ما قلناه ، والثاني : يصح الرهن ويجبر على بيعه.

مسألة ـ ٣٦ ـ : إذا رهن عند غيره شيئا وشرط للمرتهن إذا حل الحق أن يبيعه صح شرطه ، ويجوز توكيل المرتهن في بيع الرهن ، لأن الأصل جواز ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يصح شرطه ولا توكيله ، الا أن يحضره (٢) الراهن ، فان حضره الراهن صح بيعه ، وفيهم من قال : لا يجوز بكل حال.

مسألة ـ ٣٧ ـ : إذا رهن عند غيره رهنا وشرطا (٣) أن يكون موضوعا على يد عدل صح شرطه ، فاذا قبضه العدل لزم الرهن ، وعليه إجماع الأمة إلا ابن أبي ليلى ، فإنه قال : لا يصح قبضه.

مسألة ـ ٣٨ ـ : إذا عزل الراهن العدل عن البيع لم تنفسخ وكالته ، وجاز له بيع الرهن ، لأنه قد ثبت وكالته بالإجماع ، فمن ادعى انفساخها ، فعليه الدليل.

وقال ( ـ ش ـ ) : ينفسخ وكالته ولا يجوز له بيعه.

مسألة ـ ٣٩ ـ : إذا عزل المرتهن العدل لم ينفسخ (٤) أيضا ، لأن ثبوت العدل بعد صحة الوكالة يحتاج إلى دلالة (٥). و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

__________________

(١) خ : بعه.

(٢) خ : الا بحضرة الراهن.

(٣) خ : عند غيره شيئا وشرط.

(٤) خ : لم ينعزل.

(٥) خ : أن الأصل ثبوت الوكالة وثبوت العزل بعدها يحتاج الى دليل.

٥٥٠

مسألة ـ ٤٠ ـ : إذا أراد العدل بيع الرهن فلا بد من اذن المرتهن ، ولا يلزم اذن الراهن لأنه اذن له (١) في حال التوكيل ، فلا يحتاج الى تجديده ، لأنه لا دلالة عليه.

و ( ـ للش ـ ) في اذن الراهن وجهان.

مسألة ـ ٤١ ـ : لا يجوز للعدل أن يبيع الرهن الا بثمن مثله حالا ويكون من نقد البلد إذا أطلق له الإذن ، فإن شرط له جواز ذلك كان جائزا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز له بيعه بأقل من ثمن مثله وبنسيئة حتى قال : لو وكله في بيع ضيعة يساوي مائة ألف دينار فباعها بدانق نسيئة إلى ثلاثين سنة كان جائزا.

دليلنا : انا قد اتفقنا على أنه إذا باع بما قلناه كان جائزا ، ولا دليل على صحة (٢) ما قاله.

مسألة ـ ٤٢ ـ : إذا باعه بثمن مثله ، ثمَّ جاءه الزيادة للراهن في حال خيار المجلس أو خيار الشرط فأقبلها (٣) ، كان له فسخ العقد ، وان لم يقبلها لم تنفسخ البيع.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما ينفسخ البيع على كل حال ، والثاني : لا تنفسخ لمكان الزيادة إذا لم ينفسخ.

ويدل على ما قلناه أن العقد قد ثبت (٤) بلا خلاف وانفساخه على كل حال يحتاج الى دليل.

مسألة ـ ٤٣ ـ : إذا باع العدل الرهن وقبض ثمنه ، فهو من ضمان الراهن

__________________

(١) خ : انه قد أذن له في بيعه في حال التوكيل.

(٢) خ : إذا باعه بما قلناه كان البيع ماضيا ولا دليل على أن ما قاله صحيح.

(٣) خ : فان قبلها.

(٤) خ : أن العقد ثبت.

٥٥١

حتى يقبضه المرتهن ، لأنه بدل الرهن إذا تلف (١) الثمن لم يسقط من دين المرتهن شي‌ء ، لما روى عن النبي عليه‌السلام (٢) قال : الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يسقط (٣) حق المرتهن إذا تلف ثمن الرهن.

مسألة ـ ٤٤ ـ : إذا باع العدل الرهن بتوكيل الراهن وقبض الثمن وضاع في يده واستحق البيع من يد المشتري ، فإنه يرجع على الوكيل ، والوكيل يرجع على الراهن لذلك كل وكيل باع شيئا فاستحق وضاع الثمن في يد الوكيل ، فإن المشتري يرجع على الوكيل ، والوكيل يرجع على الموكل لان الوكيل إذا كان هو العاقد للبيع ، فيجب أن يكون هو الضامن للدرك ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : في جميع هذه المسائل يرجع على الموكل دون الوكيل ، فأما إذا كان الوكيل صبيا ، أو باع الحاكم على اليتيم ، أو أمين الحاكم ، فإنه يرجع على الموكل إجماعا.

مسألة ـ ٤٥ ـ : إذا غاب المتراهنان وأراد العدل رد الرهن بغير عذر به ، لم يجز له رده الى الحاكم ، ومتى رده الى الحاكم كانا ضامنين ، لأنه لا دليل على جواز دفعه الى الحاكم وقد ثبت الرهن عنده بقبوله باختياره.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان سفرته (٤) بحيث يجب فيه التقصير وهي ستة عشر فرسخا عنده جاز له أن يرده الى الحاكم وان نقص عن هذا المقدار كانا بحكم الحاضرين.

مسألة ـ ٤٦ ـ : إذا شرطا أن يكون الرهن عند عدلين ، فأراد أحدهما أن يسلم إلى الأخر حتى ينفرد بحفظه ، لم يكن له ذلك ، لأنه لا دلالة على جوازه.

__________________

(١) خ : فاذا تلف.

(٢) خ : أنه قال.

(٣) خ : يسقط من حق المرتهن.

(٤) خ : ان كان سفرهما.

٥٥٢

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٤٧ ـ : ولا يجوز للعدلين أن يقتسما بالرهن إذا كان ما يصح قسمته من غير ضرر ، مثل الطعام والشيرج وغير ذلك ، لما قلناه في المسألة الاولى. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ٤٨ ـ : إذا استقرض ذمي من مسلم مالا ورهن عنده بذلك خمرا ، يكون على يد ذمي آخر يبيعها عند محل الحق ، فباعها واتى بثمنها ، جاز له أخذه ولا يجبر عليه ، لأنه لا دليل على إجبار عليه ، وله أن يطالب بما لا يكون ثمن محرم.

ولأصحاب ( ـ ش ـ ) في الإجبار عليه وجهان.

مسألة ـ ٤٩ ـ : إذا أقر العبد المرهون بجناية يوجب القصاص أو جناية الخطإ ، فإقراره باطل في الحالين.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان أقر بما يوجب القصاص قبل إقراره ، لأنه لا يتهم على نفسه ، ولو أقر بجناية خطأ لم يقبل إقراره ، لأنه إقرار على المولى.

مسألة ـ ٥٠ ـ : إذا أكره عبده (١) على جناية يوجب القصاص ، فلا قصاص على المكره ، وانما القصاص على المكره ، لقوله تعالى « أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ » وقد علمنا (٢) أنه أراد النفس القاتلة ، فمن أوجب القصاص على غير القاتلة فعليه الدلالة.

وقال ( ـ ش ـ ) : المكره يلزمه القصاص ، وفي المكره قولان : أحدهما يجب القصاص ، والأخر لا يجب للشبهة.

مسألة ـ ٥١ ـ : إذا عفى على مال عن هذا العبد المكره ، فان المال يتعلق

__________________

(١) خ : إذا أكره المولى عبده المرهون.

(٢) خ : ونحن نعلم.

٥٥٣

برقبة العبد (١) ، لأنه جاني فيجب أن يلزمه المال في رقبته دون المولى ، لأنه لا دليل عليه.

وقال ( ـ ش ـ ) : يتعلق نصفه برقبة السيد ، ونصفه برقبة العبد يباع منه بقدر نصف الأرش ، ويقوم (٢) على حق المرتهن.

مسألة ـ ٥٢ ـ : إذا باع شيئا بثمن معلوم إلى أجل معلوم وشرط رهنا مجهولا ، فان الرهن فاسد ، لأنه لا دلالة على صحته ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : يصح ويجبر (٣) أن يأتي برهن قيمته بقدر الدين.

مسألة ـ ٥٣ ـ : إذا اختلف المتراهنان في عبدين فقال المرتهن : رهنتني عبدين ، وقال الراهن : رهنتك أحدهما وكذلك ان اختلفا في مقدار الحق ، فقال الراهن : رهنتك بخمسمائة ، وقال المرتهن : بألف ، كان القول قول الراهن مع يمينه ، لأن الأصل عدم الرهن ، وما أقر له الراهن فقد اتفقا عليه ، وما زاد عليه فالمرتهن مدع ، فعليه البينة والا فعلى الراهن اليمين ، وكذلك القول في مقدار الحق ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : القول قول من شهد له قيمة الرهن ، فان كان الحق ألفا وقيمة كل واحد من العبدين ألفا ، كان القول قول الراهن مع يمينه ، لان الظاهر ان أحد العبدين رهن ، وان كان قيمتهما جميعا ألفا وقيمة أحدهما خمسمائة كان القول قول المرتهن ، لان الظاهر أن العبدين رهن ، وكذلك ان كان الخلاف في قدر الحق الذي فيه الرهن إذا كانت قيمة الرهن تشهد لقول أحدهما ، كان القول قوله.

مسألة ـ ٥٤ ـ : منفعة الرهن للراهن دون المرتهن ، وذلك مثل سكنى

__________________

(١) خ : جميعه.

(٢) خ : ويقدم.

(٣) خ : ويجبر على ان يأتي.

٥٥٤

الدار ، وخدمة العبد ، وركوب الدابة ، وزراعة الأرض ، وكذلك نماء الرهن المنفصل عن الرهن لا يدخل في الرهن ، مثل الثمرة والصوف والولد واللبن ، لأنه لا دلالة على بطلان هذه المنفعة ، ولا على دخوله في الرهن ، فيجب أن يكون للراهن ، لأن الأصل له.

وروى أبو هريرة عن النبي عليه‌السلام أنه قال : الرهن محلوب ومركوب ، فاثبت للرهن منفعة الحلب والركوب ، ولا خلاف أنه ليس ذلك للمرتهن ، فثبت (١) أنه للراهن.

وعنه عليه‌السلام أنه قال : الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه ونماءه غنمه. فيجب أن يكون له ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : منفعة الرهن يبطل ، فلا يحصل للراهن ولا للمرتهن ، واما النماء المنفصل ، فإنه يدخل في الرهن ويكري حكمه حكم الأصل وقال ( ـ ك ـ ) : يدخل الولد ولا يدخل الثمرة ، لأن الولد يشبه الأصل والثمرة لا يشبهها (٢).

مسألة ـ ٥٥ ـ : ليس للراهن أن يكون داره المرهونة أو يسكنها غيره الا بإذن المرتهن ، فإن إكراها وحصلت أجرتها كانت له.

وقال ( ـ ش ـ ) : له أن يؤجرها ويسكنها غيره ، وهل أن يسكنها بنفسه؟ لهم فيه وجهان.

مسألة ـ ٥٦ ـ : إذا زوج الراهن عبده المرهون ، أو جاريته المرهونة ، كان تزويجه صحيحا ، بدلالة الآية « وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ » ولم يفصل ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

__________________

(١) خ : ثبت.

(٢) خ : لا تشبهه.

٥٥٥

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يصح تزويجه.

مسألة ـ ٥٧ ـ : إذا شرط في حال عقد الرهن شروطا فاسدة ، لم يبطل الرهن ولا البيع الذي كان الرهن شرطا فيه ، وكانت الشروط فاسدة ، لأنه لا دليل على أن فساد الشرط يؤدي الى فساد الرهن ، ولا الى فساد البيع.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان الشرط ينقص من حق المرتهن ، فإنه يفسد الرهن قولا واحدا. وان زاد في حق المرتهن ، ففيه قولان : أحدهما يفسده والأخر لا يفسده.

فاذا قال بفساد (١) الرهن ، فهل يبطل البيع؟ فيه قولان ، فاذا (٢) البيع صحيح كان البائع بالخيار بين يجيزه بلا رهن ، وبين ان يفسخه ، لأنه لا يسلم (٣) له الرهن.

مسألة ـ ٥٨ ـ : إذا كان له على غيره ألف ، فقال : أقرضني ألفا آخر حتى أرهن عندك هذه الضيعة بالالفين صح ذلك ، لأنه لا مانع في الشرع منه.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يصح الرهن ولا القرض الثاني.

مسألة ـ ٥٩ ـ : إذا كانت المسألة بحالها الا ان من عليه الالف قال للذي له الألف بعني عبدك هذا بألف درهم على أن أرهنتك (٤) داري (٥) بهذا الالف بالألف الأخر الذي علي فباعه ، صح البيع ، لأنه لا مانع في الشرع من صحته ، ولا خلاف أن البيع والرهن (٦) جائزان على الانفراد ، فمن حكم بفسادهما عند الاجتماع فعليه الدليل (٧).

__________________

(١) خ : يفسد الرهن.

(٢) خ : وإذا قال البيع.

(٣) خ : لأنه لم يسلم.

(٤) خ : أرهنك.

(٥) خ : هذه.

(٦) خ : جميعا جائزان.

(٧) خ : فعليه الدلالة.

٥٥٦

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يصح البيع (١).

مسألة ـ ٦٠ ـ : إذا رهن نخلا أو ماشية على أن ما أثمرت أو نتجت يكون رهنا معه ، كان الشرط صحيحا والرهن صحيحا ، والبيع الذي يكون هذا شرطا فيه صحيحا ، لأنه لا دلالة على فساد ذلك ، والأصل جوازه.

و ( ـ للش ـ ) فيه أربعة أقوال أحدها ما قلناه. والثاني : أن الثلاثة فاسدة. والثالث أن الشرط فاسد والرهن صحيح والبيع صحيح ، ويكون البائع بالخيار. والرابع : يكون الشرط والرهن فاسدين والبيع صحيحا.

مسألة ـ ٦١ ـ : إذا قال : رهنتك هذا الحق بما فيه لا يصح الرهن فيما فيه بلا خلاف ، للجهل بما فيه ، ويصح عندنا في الحق ، لأنه لا مانع منه.

و ( ـ للش ـ ) فيه (٢) قولان بناء على تفريق الصفقة.

مسألة ـ ٦٢ ـ : الرهن غير مضمون عندنا ، فان تلف من غير تفريط فلا ضمان على المرتهن ، ولا يسقط دينه عن الراهن وبه قال علي عليه‌السلام فإنه روي عنه أنه قال الرهن أمانة وروي عنه انه قال إذا تلف الرهن بالجائحة فلا ضمان على المرتهن ، وهو مذهب عطاء بن أبي رياح ، واليه ذهب ( ـ ش ـ ) وأحمد بن حنبل ، و ( ـ ع ـ ) وأبو عبيد ، وأبو ثور ، وهو اختيار أبي بكر بن المنذر.

وذهب ( ـ ح ـ ) وسفيان الثوري الى أن الرهن مضمون بأقل الأمرين من قيمته أو الدين ، وبه قال عمر بن الخطاب ، وذهب شريح ، والشعبي ، والنخعي ، والحسن البصري الى أن الرهن مضمون بجميع الدين ، فاذا تلف الرهن في يد المرتهن سقط جميع الدين وان كان أضعاف قيمته ، وقالوا : الرهن بما فيه.

يدل على مذهبنا ما روي عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي عليه‌السلام

__________________

(١) خ : لا يصح مسألة.

(٢) خ : في الحق.

٥٥٧

أنه قال : لا يغلق الرهن والرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه.

وفيه دليلان : أحدهما أنه قال : عليه غرمه. والثاني انه قال الرهن من صاحبه يعنى من ضمان صاحبه ومعنى قوله « لا يغلق الرهن » أي : لا يرهنه (١) المرتهن.

وقول النبي عليه‌السلام « الخراج بالضمان » يدل عليه أيضا ، لأن خراجه للراهن بلا خلاف فيجب (٢) ان من ضمانه.

مسألة ـ ٦٣ ـ : إذا دعي المرتهن هلاك الرهن قبل قوله مع يمينه ، سواء ادعى هلاكه بأمر ظاهر قبل قوله ، وإذا حلف فلا ضمان عليه ، وإذا ادعى هلاكه بأمر خفي لم يقبل قوله الا ببينة ، والا فعليه الضمان.

مسألة ـ ٦٤ ـ : إذا كاتب عبده على نجمين وأخذ به رهنا صح الرهن ، لقوله تعالى « فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ » ولم يفرق ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا يصح.

__________________

(١) خ : اى لا يملكه المرتهن.

(٢) خ : الخراج بالضمان وخراجه للراهن بلا خلاف فوجب.

٥٥٨

كتاب التفليس

مسألة ـ ١ ـ : المفلس في الشرع من ركبته الديون وماله لا يفي‌ء بقضائها ، فإذا جاء غرماؤه إلى الحاكم وسألوه الحجر عليه ، فإنه يجب على الحاكم أن يحجر عليه الا مقدار نفقته إذا ثبت عنده دينهم وأنه حال غير مؤجل وان صاحبه مفلس لا يفي‌ء ماله بقضاء ديونهم ، وإذا ثبت جميع ذلك عنده فلسه وحجر عليه.

ويتعلق بحجره ثلاثة أحكام : أحدها أنه يتعلق ديونهم يعني المال الذي في يده. والثاني : أنه يمنع من التصرف في ماله وان تصرف لم يصح (١). والثالث : أن كل من وجد من غرمائه عين مال عنده كان أحق به من غيره ، وقد روي أنه يكون أسوة للغرماء ويتعلق دينه بذمته ، والصحيح الأول.

وان مات هذا المديون قبل أن حجر الحاكم عليه ، فهو بمنزلة ما لو حجر عليه في حال الحياة يتعلق بماله الأحكام الثلاثة التي ذكرناها ، وبه قال علي وعثمان ابن عفان وأبو هريرة ، وفي الفقهاء أحمد ، وإسحاق ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز للغرماء أن يسئلوا الحاكم الحجر عليه ، فان سألوه وأدى اجتهاده الى الحجر عليه ، فان ديونهم لا يتعلق بعين ماله ، بل يكون في ذمته ،

__________________

(١) خ : ولم يصح تصرفه.

٥٥٩

ويمنع من التصرف في ماله كما قلناه ، لان حجر الحاكم صحيح عنده ، ولا يجوز لمن وجد من الغرماء عين ماله أن نفسخ البيع وانما يكون أسوة بينهم كما رويناه في بعض الروايات ، وكذلك الحاكم إذا مات (١).

وقال مالك مثل قولنا إذا حجر الحاكم عليه ، فاما بعد الموت فإنه قال يكون أسوة للغرماء ولا يكون صاحب العين أحق بها من غيره.

مسألة ـ ٢ ـ : إذا مات المديون عليه ، فكل من وجد من غرمائه عين ماله ، كان أحق بها إذا كان خلف وفاء للباقين ، وإذا لم يخلف إلا الشي‌ء يعنه كان سواء ، ولم يكن واحد منهم أحق من غيره بعين ماله.

وقال أبو سعيد الإصطخري : كل من وجد من غرمائه عين ماله كان أحق بها ، سواء خلف وفاء أو لم يخلف. وقال الباقون من أصحاب ( ـ ش ـ ) : إذا خلف وفاء للديون لم يكن لأحد أن يأخذ عين ماله وانما له ذلك إذا لم يخلف غيره عكس ما قلنا.

مسألة ـ ٣ ـ : إذا باع شقصا من أرض أو دار ، ولم يعلم شريكه بالبيع حتى فلس المشتري ، فلما سمع جاء يطالبه بالشفعة ، فإنه يستحق الشفعة ويؤخذ ثمن الشقص منه ، فيكون بينه وبين الغرماء الباقين ، لأن المشتري إذا فلس انتقل الملك عنه الى حق الغرماء ، فلم يكن عين المبيع قائما ، فلا يكون البائع أحق به ، لان حق الشفيع ثابت على المشتري حين العقد ، فيؤخذ ثمنه منه ، فيكون أسوة للغرماء ولا يكون أحق بالثمن ، لأن الحق انما يثبت له في عين ماله ، فأما في ثمنه فلا دلالة على ذلك.

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها ما قلناه ، وهو الصحيح عندهم. والثاني : أن البائع أحق بعين ماله ، ولا حق للشفيع ولا سائر الغرماء. والثالث : أن الشفيع يأخذ

__________________

(١) خ : في بعض الاخبار وكذا الحكم إذا مات.

٥٦٠