المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣
الجزء ١ الجزء ٢

ويكتب له به وثيقة (١) كان جائزا. وقال ( ـ ش ـ ) : إذا شرط ذلك كان حراما.

مسألة ـ ٢٨٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن يقرض غيره مالا ويرد عليه خيرا منه من غير شرط ، سواء كان ذلك عادة أو لم يكن. وفي أصحاب ( ـ ش ـ ) من قال : ان كان ذلك عادة لا يجوز.

مسألة ـ ٢٨١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا شرط في القرض أن يرد عليه أكثر منه ، أو أجود منه فيما لا يصح فيه الربا ، مثل أن يقول : أقرضتك ثوبا بثوبين كان حراما ، بدلالة إجماع الفرقة (٢) وقوله عليه‌السلام « كل قرض جر منفعة فهو ربا » وقال أبو علي من أصحاب ( ـ ش ـ ) : يجوز ذلك كما يجوز في البيع.

مسألة ـ ٢٨٢ ـ : إذا لم يجد مال القرض بعينه وجب عليه مثله ، وعليه أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ) ، وفيهم من قال : يجب عليه قيمته كالمتلف.

دليلنا أنه إذا قضى مثله برأت ذمته ، وإذا رد قيمته فلا دلالة على براءة ذمته.

مسألة ـ ٢٨٣ ـ : كل ما يضبط بالوصف أو يصح السلم فيه ، يجوز إقراضه من المكيل والموزون والمذروع (٣) والحيوان وغيره ، بدلالة عموم الاخبار في جواز القرض ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز القرض في الثياب ولا في الحيوان ، ولا يجوز الا فيما له مثل من المكيل والموزون.

مسألة ـ ٢٨٤ ـ : يجوز استقراض الخبز ، بدلالة عموم الاخبار ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز. وقال ( ـ ف ـ ) : يجوز وزنا. وقال ( ـ م ـ ) : يجوز عددا.

مسألة ـ ٢٨٥ ـ : ليس لأصحابنا نص في جواز إقراض الجواري ، ولا أعرف لهم في ذلك فتيا ، والذي يقتضيه الأصول أنه على الإباحة ويجوز ذلك ، سواء كان من أجنبي أو ذي رحم. ومتى أقرضها ملكها المستقرض بالقرض ، ويجوز له

__________________

(١) م ، خ : سفتجة.

(٢) م : بحذف « إجماع الفرقة ».

(٣) م : ود : والمزروع.

٥٢١

وطئها ان لم تكن ذات رحم ، وبه قال داود ، ومحمد بن جرير الطبري.

وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز اقراضها من ذي رحمها ، مثل أخيها أو أبيها أو عمها أو خالها لأنه لا يجوز لهم وطئها. فأما الأجنبي ومن يجوز له وطئها من القرابة ، فلا يجوز قولا واحدا.

مسألة ـ ٢٨٦ ـ : المستقرض يملك القرض بالقبض ، لأنه يجوز له التصرف فيه ، ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه قولان : أحدهما ما قلناه ، والأخر أنه يملك بالتصرف فيه.

مسألة ـ ٢٨٧ ـ : يجوز للمستقرض أن يرد مال القرض على المقرض بلا خلاف ، فأما المقرض فعندنا أن له الرجوع فيه ، لأنه عين ماله ولا مانع منه ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، والأخر ليس له الرجوع ان قلنا انه يملك بالقبض ، وان قلنا يملك بالتصرف فليس له الرجوع بعد التصرف.

مسألة ـ ٢٨٨ ـ : من كان له على غيره دين من ثمن متاع حالا أو أجرة أو صداقا ، فحط منه شيئا ، أو حط جميعه كان جائزا ، وان أجله لم يصر مؤجلا ، ويستحب له الوفاء به ، وسواء كان ذلك ثمنا ، أو أجرة ، أو صداقا ، أو كان قرضا أو أرش جناية.

وان اتفقا على الزيادة لم يصح ولم يثبت ، لأنه يحتاج إلى دلالة ، والأصل عدمها. وان حط من الثمن شيئا ، أو حط جميعه ، كان ذلك إبراء ولا يلحق بالعقد ويكون ذلك إبراء في الوقت الذي أبرأه فيه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : التأجيل يثبت في الثمن والأجرة والصداق ويلحق بالعقد ، وكذلك الزيادة. وأما الحط فينظر فيه ، فان كان لبعض الثمن لحق بالعقد وان كان لجميع الثمن لم يلحق بالعقد ، وكان إبراء من الوقت الذي أبرء منه. قال : وأما في الدين من جهة القرض أو أرش الجناية ، فلا يثبت فيهما التأجيل ولا الزيادة بحال.

٥٢٢

وقال ( ـ ك ـ ) : يثبت التأجيل في الجميع من الثمن والأجرة والصداق والقرض وأرش الجناية. وقال في الزيادة مثل قول ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٢٨٩ ـ : لا يصح بيع الصبي ولا شراؤه ، سواء أذن له الولي منه أو لم يأذن ، لأنه لا دليل عليه في الشرع ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان بإذن الولي صح ، وان كان بغير اذنه وقف على اجازة الولي.

مسألة ـ ٢٩٠ ـ : الولي إذا كان فقيرا جاز له أن يأكل من مال اليتيم أقل الأمرين كفايته أو أجرة مثله ، ولا يجب عليه القضاء ، لقوله تعالى « وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ) (١) ولم يوجب القضاء. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان : أحدهما أن عليه القضاء.

مسألة ـ ٢٩١ ـ : لا يصح شراء العبد بغير اذن مولاه بثمن في ذمته ، لقوله تعالى « عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ » والبيع من جملة الأشياء. وقال ابن أبي هريرة : يصح.

مسألة ـ ٢٩٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أذن المولى للعبد في التجارة فركبه دين ، فان كان أذن له في الاستدانة قضى مما في يده من المال ، وان لم يكن في يده مال كان على مولاه القضاء عنه ، وان لم يكن أذن له في الاستدانة كان ذلك في ذمته يطالبه به إذا أعتق.

وقال ( ـ ش ـ ) : متى أذن له في التجارة فركبه دين ، فان كان في يده مال قضى عنه وان لم يكن كان في ذمته يتبع به إذا أعتق ولا يباع فيه.

وقال ( ـ ح ـ ) : يباع العبد فيه إذا طالبه الغرماء ببيعه.

مسألة ـ ٢٩٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أقر العبد على نفسه بجناية يوجب القصاص عليه أو الحد ، لا يقبل إقراره في حق المولى ، ولا يقتص منه ما دام مملوكا ، وبه قال

__________________

(١) سورة النساء : ٦.

٥٢٣

زفر ، والمزني ، وداود ، وابن جرير. وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : يقبل إقراره ويقتص منه.

مسألة ـ ٢٩٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أقر العبد بسرقة يوجب القطع لا يقبل إقراره.

وقال ( ـ ش ـ ) : يقبل ويقطع يده.

مسألة ـ ٢٩٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أقر العبد بمال وقد تلف المال لا يقبل إقراره.

وقال ( ـ ش ـ ) : فيه وجهان.

مسألة ـ ٢٩٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أقر العبد بمال في يده لغير سيده لا يقبل إقراره.

وقال ابن سريج : فيه قولان ، ومنهم من قال : يقبل قولا واحدا.

مسألة ـ ٢٩٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز بيع كلاب الصيد ويجب على قاتلها قيمتها إذا كانت معلمة ، ولا يجوز بيع غير المعلم على حال.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : يجوز بيع الكلاب مطلقا الا أنه مكروه ، وان أتلفه متلف لزمته قيمته. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز بيع الكلاب ، معلمة كانت أو غير معلمة ، ولا يجب على قاتلها القيمة.

مسألة ـ ٢٩٨ ـ : يجوز اجارة كلب الصيد ، لان كل من قال بجواز بيعه جوز إجارته ، فاختلف أصحاب ( ـ ش ـ ) ، فمنهم من قال : لا يجوز إجارته مطلقا وهو الصحيح وذهب ابن العاص إلى أنه يجوز إجارته.

مسألة ـ ٢٩٩ ـ : يجوز اقتناء الكلب لحفظ البيوت. ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٣٠٠ ـ : يجوز اقتناء الكلب لحفظ الحرث ، أو الماشية ، أو الصيد ان احتاج اليه ، وان لم يكن له في الحال ماشية ولا حرث ، لعموم ظواهر الاخبار.

ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، وفي تربية الجرو أيضا وجهان.

٥٢٤

مسألة ـ ٣٠١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : القرد لا يجوز بيعه ، لإجماع الطائفة (١) على أنه مسخ نجس ، وما كان كذلك لا يجوز بيعه. وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز.

مسألة ـ ٣٠٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز بيع الغراب الأبقع إجماعا ، والسود عندنا مثل ذلك ، سواء كانت كبارا أو صغارا. و ( ـ للش ـ ) في الصغار منها وجهان.

مسألة ـ ٣٠٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز بيع شي‌ء من المسوخ ، مثل القرد والخنزير والدب والثعلب والأرنب والذئب والفيل وغير ذلك مما سنبينه. وقال ( ـ ش ـ ) : كلما ينتفع به يجوز بيعه ، مثل القرد والفيل وغير ذلك.

مسألة ـ ٣٠٤ ـ : الزيت النجس لا يمكن تطهيره بالغسل ، لأنه لا دلالة عليه.

وقال ابن سريج ، وأبو إسحاق المروزي : يمكن غسله وتنظيفه ، وفي جواز بيعه وجهان ، والصحيح عندهم أنه لا يجوز. وقال أبو علي بن أبي هريرة في الإفصاح : من أصحابنا من قال لا يصح غسله كالسمن.

مسألة ـ ٣٠٥ ـ : سرجين ما يؤكل لحمه يجوز بيعه. وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز بيع السراجين. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز بيعها ولم يفصلا.

ويدل على جواز ذلك أنه طاهر عندنا ، ومن منع منه فإنما منع لنجاسته. وأما النجس فلا يجوز بيعه بدلالة إجماع الفرقة ، وروي عن النبي عليه‌السلام أنه قال : ان الله تعالى إذا حرم شيئا حرم ثمنه.

مسألة ـ ٣٠٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز بيع الخمر ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز أن يوكل ذميا ببيعها وشراءها.

ويدل على ذلك ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي عن النبي عليه‌السلام أنه قال : ان الذي حرم شربها حرم بيعها. وروى ابن عباس أن رسول الله أتاه جبرئيل ،

__________________

(١) م : الفرقة.

٥٢٥

فقال : يا محمد ان الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة اليه وشاربها وبائعها ومبتاعها وساقيها.

وروى جابر أنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عام الفتح بمكة يقول : ان الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ، فقيل : يا رسول الله أفرأيت شحوم الميتة ، فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس ، فقال : لا هو حرام ، ثمَّ قال : قاتل الله اليهود ان الله لما حرم عليهم شحومها حملوها ثمَّ باعوها فأكلوا ثمنها (١).

مسألة ـ ٣٠٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز بيع الزيت النجس لمن يستصبح به تحت السماء. وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز بيعه مطلقا. وقال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : لا يجوز بيعه بحال.

مسألة ـ ٣٠٨ ـ : يجوز بيع لبن الآدميات ، بدلالة الآية والأصل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : لا يجوز.

مسألة ـ ٣٠٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : بيع لبن الأتن يجوز ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

مسألة ـ ٣١٠ ـ : إذا اشترى كافر عبدا مسلما لا ينعقد الشراء ولا يملكه الكافر ، لقوله تعالى « وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً » (٢) وهو قول ( ـ ش ـ ) في الإملاء. وقال في الأم : يصح الشراء ويملكه ويجبر على بيعه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٣١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز بيع رباع مكة وإجارتها ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز.

يدل على ما قلناه قوله تعالى

__________________

(١) في ح ، م ، د : جائت الضمائر مذكرا.

(٢) سورة النساء : ١٤٠.

٥٢٦

« إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ » (١). والمسجد اسم لجميع الحرم ، بدلالة قوله « سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى » (٢) وانما أسرى به من بيت خديجة ، وروي من شعب أبي طالب فسماه مسجدا.

وروى عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي عليه‌السلام أنه قال : مكة حرام وحرام بيع رباعها وحرام أجر بيوتها. وهذا نص. وروي عن علقمة بن فضلة الكندي أنه قال : كانت يدعى بيوت مكة على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر السوائب لا تباع من احتاج سكن ومن استغنى أسكن. وروي عن النبي عليه‌السلام أنه قال : منى (٣) مناخ من سبق. وعليه إجماع الفرقة وأخبارهم فيه كثيرة.

مسألة ـ ٣١٢ ـ : إذا وكل مسلم كافرا في شراء عبد مسلم لم يصح ذلك ، لعموم الآية « وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً » (٤) و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٣١٣ ـ : إذا قال كافر لمسلم : أعتق عبدك عن كفارتي فأعتقه لم يصح إذا كان مسلما ، وان كان كافرا صح ، لأنا قد بينا أن الكافر لا يصح أن يملك المسلم (٥) والعتق فرع على الملك. وقال ( ـ ش ـ ) : يصح على كل حال.

مسألة ـ ٣١٤ ـ : إذا استأجر كافر مسلما بعمل في الذمة صح بلا خلاف ، وان استأجره مدة من الزمان ليعمل له عملا صح أيضا عندنا ، لأن الأصل جوازه والمنع يحتاج الى دليل.

__________________

(١) سورة الحج : ٢٥.

(٢) سورة الإسراء : ١.

(٣) ح ، م ، د : منا.

(٤) سورة النساء : ١٤٠.

(٥) م : مسلما.

٥٢٧

واختلف أصحاب ( ـ ش ـ ) فمنهم من قال : فيه قولان كالشراء ، ومنهم من قال : لا يصح قولا واحدا.

مسألة ـ ٣١٥ ـ : إذا رهن المبيع قبل قبضه من البائع صح رهنه ، لأنا قد بينا أنه يملك بالعقد ولا مانع يمنع من رهنه. ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

٥٢٨

كتاب الرهن

مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز السلم في المعدوم إذا كان مأمون الانقطاع في وقت المحل ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز الا أن يكون جنسه موجودا في حال العقد والمحل وما بينهما وبه قال ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ع ـ ).

مسألة ـ ٢ ـ : إذا أسلم في رطب إلى أجل ، فلما حل الأجل لم يتمكن من مطالبته ، لغيبة المسلم اليه ، أو غيبته ، أو هرب منه ، أو توارى من سلطان وما أشبه ذلك ، ثمَّ قدر عليه وقد انقطع الرطب ، كان المسلف بالخيار بين أن يفسخ العقد وبين أن يصبر الى العام القابل ، وهو أصح قولي ( ـ ش ـ ). والقول الأخر ان العقد ينفسخ.

ويدل على ما قلناه ان هذا العقد ثابت بلا خلاف ، فمن حكم بانفساخه فعليه الدليل.

مسألة ـ ٣ ـ : السلم لا يكون إلا مؤجلا ، ولا يصح أن يكون حالا ، قصر الأجل أم طال ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يصح أن يكون حالا إذا اشترط ذلك أو يطلق فيكون حالا ، ومنهم

٥٢٩

من قال : من شرطه أن يقول حالا ويكون السلم (١) في الموجود فأما إذا أسلم في المعدوم ، فلا يجوز حالا ولا مؤجلا إلى حين لا يوجد فيه وانما يجوز الى حين يوجد فيه غالبا ، وبه قال عطاء ، وأبو ثور.

وعن ( ـ ك ـ ) روايتان : إحداهما مثل قولنا. والأخرى لا بد فيه من أيام يتعين فيه الأسواق. وقال ( ـ ع ـ ) : ان سميت أجلا ثلاثة أيام ، فهو بيع السلف ، فجعل أقل الأجل ثلاثة أيام.

مسألة ـ ٤ ـ : رأس المال ان كان معينا في حال العقد ونظر إليه ، فإنه لا يكفي إلا بعد أن يذكر مقداره ، سواء كان مكيلا أو موزونا أو مذروعا ، ولا يجوز جزافا وان كان مما يباع كذلك ، مثل الجوهر واللؤلؤ فإنه يغني المشاهدة عن وصفه ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والقول الأخر لا يجب وهو الصحيح عند أصحابه.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان رأس المال من جنس المكيل والموزون ، فلا بد من بيان مقداره وضبطه بصفاته ، ولا يجوز أن يكون جزافا. وان كان من جنس المذروع مثل الثياب فلا يجب ذلك ويكفي تعينه ومشاهدته. ولا يعرف لما لك فيه نص يدل على صحة ما اعتبرناه أنه لا خلاف (٢) أنه يصح معه السلم (٣) ولا دليل على صحة ما قالوه ، فوجب اعتبار ما قلناه.

مسألة ـ ٥ ـ : كل حيوان يجوز بيعه يجوز السلم فيه من الرقيق والإبل والبقر والغنم والحمر والدواب وغيرها ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز السلم في الحيوان ، وبه قال ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ع ـ ).

__________________

(١) م : بحذف « السلم ».

(٢) م : فيه نفس دليلنا انه لا خلاف.

(٣) م : يصح السلم مع ما اعتبرناه.

٥٣٠

مسألة ـ ٦ ـ : من شرط صحة السلم قبض رأس المال قبل التفرق ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : ان تفرقا قبل القبض من غير أن يكون تأخير القبض شرطا كان جائزا وان لم يقبضه أبدا ، وان كانا شرطا تأخير القبض ، فان كان ذلك اليوم واليومين جاز وان كان أكثر من ذلك لا يجوز.

ويدل على مذهبنا أنا قد أجمعنا على أنه متى قبض الثمن صح العقد ، ولم يدل دليل على صحته قبل القبض ، فوجب اعتبار ما قلناه.

مسألة ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز أن يؤجل السلم الى الحصاد والدياس والجذاذ والصرام ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : ذلك جائز.

مسألة ـ ٨ ـ : إذا جعل محله في يوم كذا ، أو في شهر كذا ، أو في سنة كذا جاز ولزمه بدخول الشهر واليوم ، لان هذا معلوم ليس بمجهول ، لأنه إذا كان اليوم معلوما وأوله معلوما وهو طلوع الفجر ووجب طلوعه ، فصار الوقت والساعة معلومين ، وكذا الشهر أوله معلوم ، وبه قال ابن أبي هريرة من أصحاب ( ـ ش ـ ) ، وقاله ( ـ ش ـ ) نصا.

وقال أصحابه الباقون : لا يجوز لأنه جعل اليوم ظرفا لحلوله ولم يبين ، فيصير تقديره يحل (١) في ساعة من ساعاته ، أو وقت من أوقاته ، فيكون مجهولا.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا كان السلم مؤجلا ، فلا بد من ذكر موضع التسليم ، فان كان في حمله مئونة ، فلا بد من ذكره أيضا. و ( ـ للش ـ ) في ذكر الموضع (٢) قولان أحدهما يجب ذكره ، والثاني لا يجب. وأما المئونة ، فيجب ذكرها ، ذكره ابن القاص.

دليلنا طريقة الاحتياط ، لأنه إذا ذكرهما صح بلا خلاف.

__________________

(١) م : محل.

(٢) م : في ذلك الموضع.

٥٣١

مسألة ـ ١٠ ـ : يجوز السلم في الأثمان ، مثل الدراهم والدنانير إذا كان رأس المال من غير جنسهما ، لعموم الأخبار المتضمنة لذكر السلم ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز السلم في الأثمان.

مسألة ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ان أسلم دراهم في دراهم أو في دنانير مطلقا كان باطلا. وقال ( ـ ش ـ ) : إذا أطلق كان حالا ، فان قبضه في المجلس وقبضه رأس المال جاز ، وفي أصحابه من قال : لا يجوز.

مسألة ـ ١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز السلم في اللحوم. وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز إذا ذكر أوصافها.

مسألة ـ ١٣ ـ : الإقالة فسخ في حق المتعاقدين ، سواء كان قبل القبض أو بعده وفي حق غيرهما ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وقال ( ـ ك ـ ) : الإقالة بيع. وقال ( ـ ح ـ ) في حق المتعاقدين فسخ ، وفي حق غيرهما بيع.

وفائدته وجوب الشفعة بالإقالة ، فعند ( ـ ح ـ ) يجب الشفعة بالإقالة ، وعندنا لا يجب وقال ( ـ ف ـ ) : الإقالة فسخ قبل القبض وبيع بعده إلا في العقار ، فإن الإقالة فيها بيع سواء كان قبل القبض أو بعده ، لان بيع العقار جائز قبل القبض وبعده عنده.

دليلنا ما روي عن النبي عليه‌السلام أنه قال : من أقال نادما بيعته أقاله الله نفسه يوم القيامة. واقالة نفسه هي (١) العفو والترك ، فوجب أن يكون الإقالة في البيع هي العفو والترك وأيضا فلو كانت الإقالة بيعا لم يصح الإقالة في السلم ، لان البيع في المسلم فيه لا يجوز قبل القبض ، فلما صحت الإقالة فيه إجماعا دل على أنها ليست ببيع.

مسألة ـ ١٤ ـ : إذا أقاله بأكثر من الثمن أو بأقل أو بجنس غيره ، كان الإقالة فاسدة والمبيع على ملك المشتري كما كان ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وانما قلنا ذلك

__________________

(١) ح ، د : وهي العفو « وكذا في الثاني ».

٥٣٢

لأن كل من قال بأن الإقالة فسخ على كل حال قال بهذه المسألة ، فالمفرق بين الأمرين خارج عن الإجماع. وقال ( ـ ح ـ ) : يصح الإقالة ويبطل الشرط.

مسألة ـ ١٥ ـ : يصح الإقالة في بعض السلم كما يصح في جميعه ، لعموم الخبر في جواز الإقالة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، وفي الصحابة عبد الله بن عباس قال : لا بأس به.

وقال ( ـ ك ـ ) ، وربيعة ، والليث بن سعد : لا يجوز ذلك. وكره أحمد بن حنبل ذلك ، وهو قول ابن عمر ، والحسن البصري ، وابن سيرين ، والنخعي.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا أقال (١) جاز أن يأخذ ما أعطاه من غير جنسه ، مثل أن يكون أعطاه دنانير فأخذ دراهم ، أو عرضا فيأخذ دراهم وما أشبه ذلك ، بدلالة قوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ » وقوله عليه‌السلام إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم ولم يفرق ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز أن يأخذ بدله شيئا آخر استحسانا.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا أسلف في شي‌ء ، فلا يجوز أن يشرك فيه غيره ، ولا أن يوليه بالشركة ، وهو أن يقول له رجل : شاركني في نصفه بنصف الثمن والتولية أن يقول : ولني جميعه بجميع الثمن ، أو ولني نصفه بنصف الثمن فلا يجوز ، لان جواز ذلك يحتاج الى دليل ولقوله عليه‌السلام « من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه » ولأنه عليه‌السلام نهى عن بيع ما لم يقبض. وروى أبو سعيد الخدري أن النبي عليه‌السلام قال : من أسلم في شي‌ء فلا يصرفه الى غيره. وهو مذهب ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : يجوز ذلك.

مسألة ـ ١٨ ـ : إذا قال المسلم للمسلم اليه : عجل لي حقي وأخذ دون ما استحقه بطيبة من نفسه كان جائزا ، لأن الصلح والتراضي بين المسلمين جائز ولا مانع منه ، وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز.

__________________

(١) م ، د أقاله.

٥٣٣

مسألة ـ ١٩ ـ : لا يجوز السلف في الجوز والبيض إلا وزنا ، لان ذلك يختلف بالصغر والكبر ولا يضبط بالصفة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وعند ( ـ ح ـ ) يجوز عددا. فأما البطيخ فلا يجوز فيه السلم إجماعا.

مسألة ـ ٢٠ ـ : لا يصح السلف في الرؤوس ، سواء كانت مشوية أو نية ، لأن ذلك لا يمكن ضبطه بالصفة ، أما المشوية فلا خلاف فيها ، مثل اللحم المطبوخ فإنه لا خلاف أنه لا يجوز السلم فيه ، وأما النية ( ـ فللش ـ ) فيها قولان أحدهما يجوز وزنا (١) ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، والثاني لا يجوز ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٢١ ـ : اختلفت روايات أصحابنا في السلف في الجلود ، فروي أنه لا بأس به إذا شاهد الغنم ، وروي أنه لا يجوز. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز ولم يفصل. ويدل على جوازه الآية ودلالة الأصل (٢).

مسألة ـ ٢٢ ـ : إذا أسلم مائة درهم في كر طعام وشرط خمسين نقدا وخمسين دينا له في ذمة المسلم (٣) ، صح السلم فيما نقده بحصته من المسلم فيه ، ولا يصح في الدين ، وبه قال ( ـ ح ـ ). قال أصحاب ( ـ ش ـ ) : لا يصح في الدين ، وهل يصح في النقد؟ فيه قولان.

دليلنا الآية « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ » وقد أجمعنا على فساد العقد في الدين ، ولا دلالة على فساده في النقد.

مسألة ـ ٢٣ ـ : إذا أسلم في جنسين مختلفين في حنطة وشعير صفقة واحدة أو أسلم في جنس واحد إلى أجلين أو آجال ، فان السلم صحيح بدلالة الآية ، وأنه لا مانع في الشرع منه ، وهو أظهر قولي ( ـ ش ـ ). والقول الأخر أنه لا يصح.

__________________

(١) م : بحذف « وزنا ».

(٢) م : الاية والأصل.

(٣) م : المسلم إليه.

٥٣٤

مسألة ـ ٢٤ ـ : إذا اختلفا في قدر المبيع أو قدر الأجل ، كان القول قول البائع مع يمينه ، وان اختلفا في قدر الثمن كان القول قول المشتري مع يمينه إذا لم يكن مع أحدهما بينة ، بدلالة أن كل واحد منهما مدعى عليه فيما أوجبنا فيه اليمين عليه. وقال ( ـ ش ـ ) : يتحالفان.

مسألة ـ ٢٥ ـ : إذا خالف إنسان أهل السوق بزيادة سعر أو نقصانه ، فلا اعتراض لأحد عليه ، وبه قال الفقهاء أجمع ، إلا ( ـ ك ـ ) فإنه قال : اما أن يبيع بسعر أهل السوق ، واما أن ينعزل.

يدل على مذهبنا (١) أن النبي عليه‌السلام امتنع من التسعير وأخبر أن ذلك من جهة الله تعالى. وأيضا فإنه مالك ولا يجوز لأحد الاعتراض عليه الا بدليل ، ولا دلالة في الشرع على ذلك.

مسألة ـ ٢٦ ـ : إذا أسلم في تمر فأتاه بزبيب ، أو أسلم في ثوب قطن فأتاه بكتان وتراضيا به ، كان جائزا ، بدلالة الأصل وقول النبي عليه‌السلام : الصلح جائز بين المسلمين الا ما حرم حلالا أو حلل حراما. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز.

مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا أسلم في زبيب (٢) رازقي مثلا ، فأتاه بزبيب خراساني وتراضيا به ، كان جائزا ، بدلالة ما تقدم في المسألة الاولى (٣). و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من كان له عند غيره سلم لا يخاف عليه ولا هو مما يحتاج الى موضع كبير لحفظه فيه ، فأتاه به قبل محله ، لم يلزمه قبوله ولا يجبر عليه.

وقال ( ـ ش ـ ) : يجبر عليه ، وذلك مثل الحديد والرصاص وما أشبه ذلك.

مسألة ـ ٢٩ ـ : إذا شرط عليه مكان التسليم وأعطاه في غيره وبذل له اجرة

__________________

(١) م : دليلنا.

(٢) م : بزبيب.

(٣) م : ما تقدم و ( ـ للش ـ ).

٥٣٥

الحمل وتراضيا به ، كان جائزا ، لأنه لا مانع منه. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز أن يأخذ العوض عن ذلك.

مسألة ـ ٣٠ ـ : إذا أخذ المسلم السلم وحدث عنده فيه عيب ، ثمَّ وجد به عيبا كان قبل القبض ، لم يكن له رده ، وكان له المطالبة بالأرش ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ليس له الرجوع بالأرش.

دليلنا أنه إذا ثبت أنه انما يستحقه بريا من العيب ، فإذا أخذه معيبا كان له أرش عيبه ، فأما الرد فليس له إجماعا.

مسألة ـ ٣١ ـ : إذا جاء المسلم اليه بالمسلم فيه أجود مما شرطه من الصفة ، وقال : خذها (١) وأعطني بدل الجودة دراهم لم يجز ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز.

دليلنا أن الجودة صفة لا يمكن افرادها بالبيع ، ولا دليل على صحة ذلك.

مسألة ـ ٣٢ ـ : إذا أسلم جارية صغيرة في جارية كبيرة كان جائزا ، لأنه لا مانع منه ، والأصل جوازه. وقال أبو إسحاق المروزي من أصحاب ( ـ ش ـ ) : لا يجوز.

مسألة ـ ٣٣ ـ : استصناع الخفاف والنعال والأواني من الخشب والصفر والرصاص والحديد لا يجوز ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز لان الناس قد اتفقوا على ذلك.

يدل على بطلانه أنا أجمعنا على أنه لا يجب تسليمه ، وانه بالخيار بين التسليم ورد الثمن ، والمشتري لا يلزمه قبضه ، فلو كان العقد صحيحا لما جاز ذلك ، ولان ذلك مجهول غير معلوم بالمعاينة ، ولا موصوف بالصفة في الذمة فيجب المنع منه.

__________________

(١) م : خذ هذا.

٥٣٦

مسألة ـ ٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن يشتري فلعة (١) بدراهم على أن يجعلها مشتركة وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز.

مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا قال اشتريت منك هذه الفلعة واستأجرتك على أن تشركها أو تحذوها كان جائزا ، لأن البيع والإجارة جائزان على الانفراد ، فمن منع الجمع بينهما وحكم بفساده فعليه الدليل.

واختلف أصحاب ( ـ ش ـ ) ، فقال بعضهم : فيه قولان ، لأنه بيع في عقد اجارة ، ومنهم من قال : لا يجوز قولا واحدا ، لأنه استأجره في العمل فيما لا يملك.

مسألة ـ ٣٦ ـ : إذا أذن لمملوك غيره أن يشتري نفسه له من مولاه بكذا فاشتراه ، فإنه لا يصح ذلك. ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه قولان.

دليلنا ما قد ثبت أن العبد لا يملك شيئا ، فلا يجوز أن يكون وكيلا لغيره ، إلا إذا أذن له مولاه فيه.

مسألة ـ ٣٧ ـ : إذا اشترى العبد نفسه من مولاه لغيره ، فصدقه ذلك الغير أو لم يصدقه ، لم يكن البيع صحيحا ولا يلزمه شي‌ء ، لما قلناه في المسألة الاولى.

وقال ( ـ ش ـ ) على قوله بصحة ذلك : ان صدقه لزمه الشراء ، وان كذبه حلف وبرئ وكان الشراء للعبد ، فيملك نفسه وينعتق ، ويكون الثمن في ذمته يتبعه السيد ويطالبه.

مسألة ـ ٣٨ ـ : إذا قال اشتريت منك أحد هذين العبدين بكذا أو أحد هؤلاء العبيد الثلاثة بكذا لم يصح الشراء ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : إذا شرط فيه الخيار ثلاثة أيام جاز ، لان هذا غرر يسير. وأما في الأربعة فما زاد عليها ، فلا يجوز.

__________________

(١) خ : قلعه « كذا في المسألة التالية ».

٥٣٧

دليلنا أن هذا بيع مجهول فيجب أن لا يصح ، ولأنه (١) بيع غرر لاختلاف قيمتي العبد ، وروى أصحابنا جواز ذلك في العبدين ، فان قلنا بذلك تبعنا فيه الرواية ، ولم نقس غيرها عليه.

__________________

(١) ح ، د : لا يصح لأنه.

٥٣٨

كتاب الرهن

مسألة ـ ١ ـ « ج » يجوز الرهن في السفر والحضر وقال مجاهد لا يجوز إلا في السفر وحكى ذلك داود.

مسألة ـ ٢ ـ « ج » يجوز أخذ الرهن في كل حق ثابت في الذمة وحكي عن بعضهم ولم يذكر لشذوذه أنه قال لا يجوز الرهن إلا في السلم.

مسألة ـ ٣ ـ إذا قال إنسان لغيره من رد عبدي فله دينار لم يجز له أخذ الرهن عليه إلا بعد رد العبد وبه قال ابن (١) أبي هريرة واختاره أبو الطيب الطبري لأنه لم يستحق قبل الرد شيئا فلا يجوز له أخذ الرهن على ما لا يستحقه وفي أصحاب ( ـ ش ـ ) من قال يجوز ذلك.

مسألة ـ ٤ ـ لا يجوز شرط الرهن ولا عقده قبل الحق وبه قال ( ـ ش ـ ) وقال ( ـ ح ـ ) يجوز عقده وقال إذا دفع إليه ثوبا وقال رهنتك هذا الثوب على عشرة دراهم تقرضنيها وسلم إليه ثمَّ أقرضه من الغد جاز ولزم.

دليلنا أن ما اعتبرناه مجمع على جوازه وما قالوه ليس على جوازه دليل.

مسألة ـ ٥ ـ يلزم الرهن بالإيجاب والقبول لقوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٢)

__________________

(١) ( ـ خ ـ ) ابن أبي ليلى وابن أبي هريرة وفي ( ـ م ـ ) أبو هريرة

(٢) سورة المائدة ١

٥٣٩

وهذا عقد مأمور به والأمر يقتضي الوجوب ، وهو مذهب أبى ثور ، و ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : عقد الرهن ليس بلازم ، ولا يجبر الراهن على تسليم الرهن ، فان سلم باختياره لزمه بالتسليم.

مسألة ـ ٦ ـ : إذا عقد الرهن وهو جائز التصرف ، ثمَّ جن الراهن أو أغمي عليه أو مات لم يبطل الرهن ، لأنه لا دليل عليه ، وبه قال أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال أبو إسحاق المروزي : يبطل الرهن.

مسألة ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : رهن المشاع جائز ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، وعثمان البتي ، وابن أبى ليلى ، وداود. وقال ( ـ ح ـ ) : غير جائز.

مسألة ـ ٨ ـ : استدامة القبض ليس بشرط في الرهن ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ذلك شرط.

دليلنا قوله تعالى « فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ » (١) فشرط القبض ولم يشرط الاستدامة وأخبار الفرقة دالة على ذلك.

مسألة ـ ٩ ـ : إذا مات الراهن لا ينفسخ الرهن ، لأنه لا دلالة على أن الموت يبطله وقد ثبت (٢) صحته ، واليه ذهب أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال أبو إسحاق : ينفسخ مثل الوكالة.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا غلب على عقل المرتهن فولى الحاكم عليه رجلا لزم الراهن تسليم الرهن (٣) اليه ولا ينفسخ الرهن ، لأنا قد بينا أن الرهن يجب إقباضه بالإيجاب والقبول ، فمن قال بذلك قال بما قدمنا (٤). وقال ( ـ ش ـ ) : يكون الراهن

__________________

(١) البقرة : ٢٨٣.

(٢) م : لأنه لا دلالة على ذلك وقد ثبت.

(٣) م : المرهون.

(٤) م ، خ : بما قلناه.

٥٤٠