المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣
الجزء ١ الجزء ٢

ما يدخل في بيع الأرض

مسألة ـ ١٢٩ ـ : إذا قال بعتك هذه الأرض ، ولم يقل بحقوقها وفيها بناء وشجر ، لم يدخل في البيع البناء والشجر ، لأنه إذا أطلق البيع فإنه يتناول الأرض دون البناء والشجر.

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها يدخل البناء والشجر في البيع وفي الرهن ، قال : لا يدخل فيه الا إذا قال بحقوقها. والثاني : قال بعض أصحابه : لا فرق بين البيع والرهن [ لا يدخل البناء والشجر فيهما الا أن يقول بحقوقها ، ومنهم من قال : لا يدخلان في الرهن الا أن يقول بحقوقها ، ويدخلان في البيع بمطلق العقد ] (١).

مسألة ـ ١٣٠ ـ : إذا باع دارا وفيها رحى مبنية وغلق منصوب دخل الرحى التحتاني والغلق في البيع بلا خلاف ، وعندنا أن الرحى الفوقاني والمفتاح أيضا يدخلان فيه ، لان ذلك من حقوق الدار. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ١٣١ ـ : الماء الذي في البئر مملوك لصاحب الدار ، لان له منع الغير منه ومن التصرف فيه.

و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان : أحدهما يملك ، وهو اختيار ابن أبي هريرة. والأخر لا يملك ، وهو اختيار المروزي أبي إسحاق.

مسألة ـ ١٣٢ ـ : إذا باع أرضا وفيها حنطة وشعير مطلقا من غير اشتراط الزرع ، فالزرع للبائع ويلزم المشتري تبقيته في الأرض إلى وقت الحصاد ، لقوله عليه‌السلام « لا ضرر ولا ضرار » وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يلزمه نقله وتفريغ الأرض.

مسألة ـ ١٣٣ ـ : يجوز بيع الحنطة في سنبلها منفردا من الأرض ومع الأرض بدلالة الآية والأصل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في القديم. وقال في الجديد : لا يجوز.

مسألة ـ ١٣٤ ـ : إذا باع أرضا فيها بذر مع البذر ، فالبيع صحيح ، بدلالة

__________________

(١) م : بين المعقوفتين مشوشة مضطربة.

٤٨١

الاية ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، والأخر يبطل البيع فيهما.

مسألة ـ ١٣٥ ـ : إذا باع ثمرة منفردة عن الأصل ، مثل ثمرة النخل والكرم وسائر الثمار ، فلا يخلو من أحد أمرين : إما أن يكون قبل بدو الصلاح ، أو بعده.

فان كان الأول فلا يخلو البيع من أحد أمرين : اما أن يبيع سنتين فصاعدا ، أو سنة واحدة. فإن كان الأول ، فإنه يجوز عندنا خاصة ، بدلالة إجماع الفرقة وأخبارهم ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

وان باع سنة واحدة ، فلا يخلو البيع من ثلاثة أحوال : اما أن يبيع بشرط القطع ، أو مطلقا ، أو بشرط التبقية ، فإن باع بشرط القطع في الحال جاز بالإجماع وان باع مطلقا ، أو بشرط التبقية لم يصح ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز بشرط القطع ، ويجوز مطلقا ويجب عليه القطع في الحال ، ولا يجوز بشرط التبقية ، فجعل الخلاف في البيع المطلق.

ويدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روى عبد الله ابن عمر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري. وروى أيضا عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الثمار حتى يذهب العاهة ، فقيل لعبد الله بن عمر متى ذلك ، قال : إذا طلع الثريا.

وروى أنس بن مالك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الثمار حتى يزهى ، قيل : يا رسول الله وما يزهى؟ قال : حتى يحمر. وقال عليه‌السلام : أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ وروى جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الثمرة حتى يشقح ، قال : وما يشقح (١)؟ قال يحمر ويصفر ويؤكل منها.

وروى أبو سعيد الخدري عن النبي عليه‌السلام أنه قال : لا نبايعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها ، قيل : وما بدو صلاحها؟ قال : يذهب عاهتها ويخلص طيبها. وروى ابن

__________________

(١) د : سقط منه « قال ما يشقح ».

٤٨٢

عباس أن النبي عليه‌السلام نهى عن بيع التمر حتى يطعم. وروى أنس بن مالك أن النبي عليه‌السلام نهى عن بيع العنب حتى يسود ، وعن بيع الحب حتى يشتد.

مسألة ـ ١٣٦ ـ : إذا كانت الأصول لرجل والثمرة لاخر ، فباع الثمرة من صاحب الأصول ، فلا يصح (١) أيضا قبل بدو الصلاح ، بدلالة عموم الاخبار. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ١٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع الثمرة بعد بدو (٢) الصلاح ، صح البيع ان كان مطلقا ، أو بشرط التبقية ، أو بشرط القطع ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا باع مطلقا جاز وأجبر على القطع ، وإذا باع بشرط القطع جاز وإذا باع بشرط التبقية لم يجز.

مسألة ـ ١٣٨ ـ : لا اعتبار بطلوع الثريا في بدو الصلاح في الثمار ، بل المراعى صلاحها بأنفسها بالبلوغ أو التلون ، بدلالة الأخبار المروية في ذلك.

وقال بعض الناس : ان الاعتبار بطلوع الثريا ، لخبر ابن عمر ، وقول ابن عمر حتى يطل الثريا ليس من قول النبي عليه‌السلام وانما هو من قوله ولا يجب اتباع قوله.

مسألة ـ ١٣٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا بدا الصلاح في بعض الجنس جاز بيع جميع ما في البستان (٣) من ذلك الجنس ، وان لم يبدو صلاحه. وكذلك إذا بدا صلاح بعض الثمار في بستان واحد ولم يبد صلاح نوع آخر فيه ، فإنه يجوز بيع الجميع وان كان ذلك في بستانين أو بساتين ، فلا يجوز الا أن (٤) يبدو الصلاح في كل بستان

__________________

(١) م : فلا يصح بيعها.

(٢) م : قبل بدو الصلاح.

(٣) م : جميعه في البستان.

(٤) م : بحذف « الا ».

٤٨٣

اما في جميعه أو بعضه.

وقال ( ـ ش ـ ) : يعتبر في بعض الثمرة وان قل حتى لو وجد في بسره واحدة لكان الباقي من ذلك النوع في ذلك البستان تابعا لها ، وجاز بيع الجميع من غير شرط القطع ، وهل يكون بدو الصلاح في نوع بدو الصلاح في نوع آخر من جنس واحد في بستان واحد؟ فيه وجهان ولا يختلف مذهبهم في أن بدو الصلاح في جنس لا يكون بدو الصلاح في جنس آخر ، هذا كله في بستان واحد ، وأما في بستانين فلا يتبع أحدهما الأخر. وقال ( ـ ك ـ ) : يتبع أحدهما الأخر.

مسألة ـ ١٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع من البطيخ والباذنجان والقثاء وما أشبه ذلك الحمل الموجود وما يحدث بعده من الأحمال دون الأصول كان (١) صحيحا ، بدلالة الاية ، ودلالة الأصل ، وبه قال ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : يبطل في الجميع.

مسألة ـ ١٤١ ـ : يجوز بيع باقلا الأخضر في القشر الأخضر الفوقاني ، ويجوز بيع الجوز واللوز وما أشبه ذلك في القشر الفوقاني الأخضر على الأرض وعلى الشجر منفردا عن الشجر ومع الشجر ، بدلالة الآية والأصل ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : كل ذلك لا يجوز. وقال أبو العباس بن العاص ، وأبو سعيد الإصطخري من أصحابه : يجوز ذلك إذا كان رطبا ، فاذا جف ذلك القشر لا يجوز.

مسألة ـ ١٤٢ ـ : الفجل المغروس في الأرض والشلجم والجزر إذا اشترى ورقه بشرط القطع ، أو بغير شرطه ، أو أصله بشرط القطع ، أو بشرط التبقية جاز ، بدلالة الآية.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا اشترى ورقه بشرط القطع جاز ، وان لم يشترط ذلك لم يصح وأما بيع أصله فإنه لا يجوز على حال.

__________________

(١) م : كان البيع.

٤٨٤

مسألة ـ ١٤٣ ـ : يجوز بيع الحنطة في سنبلها ، بدلالة الآية والأصل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في القديم. وقال في الجديد : لا يجوز.

مسألة ـ ١٤٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع ثمرة بستان ، جاز أن يستثني أرطالا معلومة ، لأن الأصل جوازه وعليه إجماع الفرقة (١) ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : لا يجوز ذلك ، لان الثمرة مقدارها مجهول.

مسألة ـ ١٤٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن يبيع شاة ويستثني رأسها أو جلدها ، سواء كان ذلك في سفر أو حضر وعلى كل حال ، ومتى باع كذلك كان شريكا (٢) بمقدار ما يستثنيه من الثمن.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : لا يجوز ذلك على كل حال.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان في حضر لا يجوز ، وان كان في سفر يجوز.

مسألة ـ ١٤٦ ـ : إذا باع ثمرة وسلمها إلى المشتري ، والتسليم أن يخلي بينها وبينه ، ثمَّ أصابتها جائحة (٣) فهلكت ، أو هلك بعضها ، فإنه لا ينفسخ البيع ، لأنه لا دليل على الفسخ وقد ثبت العقد.

وقال ( ـ ش ـ ) في القديم : ينفسخ البيع. وقال في الأم : لا ينفسخ ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان ذلك فيما دون الثلاث ، فهو من ضمان المشتري ، وان كان الثلاث فصاعدا ، فهو من ضمان البائع.

مسألة ـ ١٤٧ ـ : القبض في الثمرة على رؤوس النخل هو التخلية بينها وبين المشتري ، لأن العادة في الشجرة أنها لا تنقل ولا يحول ، والثمرة ما دامت متصلة بها كانت بمنزلتها ، فيكون القبض فيها التخلية.

__________________

(١) م : سقط « عليه إجماع الفرقة ».

(٢) م : شريكا له.

(٣) في المنجد : جاح الله القوم : أهلكهم واستأصلهم.

٤٨٥

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما ما قلناه ، وهو قوله الجديد. والثاني وهو قوله القديم (١) ان القبض فيها النقل مثل ما يكون على وجه الأرض.

مسألة ـ ١٤٨ ـ : لا يجوز المحاقلة ، وهو بيع السنابل التي انعقد فيها الحب واشتد بحب من جنسه من ذلك السنبل ، لإجماع الفرقة على ذلك ، وروى أصحابنا أنه ان باع بحب من جنسه من غير ذلك السنبل ، فإنه يجوز.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز بيعها بحب من جنسها على كل حال ، واليه ذهب قوم من أصحابنا. وحكى عن ( ـ ك ـ ) أنه قال : المحاقلة اكراء الأرض للزرع بالحب.

مسألة ـ ١٤٩ ـ : المزابنة بيع التمر على رؤوس الشجر بتمر موضوع على الأرض ، وهو محرم بلا خلاف ، ومن أصحابنا من قال : ان المحرم أن يبيع ما على الرؤوس من النخل بتمر منه ، فأما بتمر آخر فلا بأس.

مسألة ـ ١٥٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز بيع العرايا ، وهو جمع عرية ، وهي أن يكون لرجل نخلة في بستان لغيره أو دار ، فشق دخوله في البستان ، فيشتريها منه بخرصها تمرا بتمر ويعجله له ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز بيع العرايا ، وهو بيع التمر على رؤوس النخل خرصا بمثله من التمر كيلا ، ويجوز فيما دون خمسة أوسق قولا واحدا ، أو في خمسة أوسق على قولين ، وفيما زاد على خمسة أوسق لا يجوز.

واختلف قوله ، فقال في الأم : الغني والفقير المحتاج سواء. وقال في اختلاف الأحاديث والإملاء : لا يجوز الا للفقير وهو اختيار المزني.

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز ذلك في القليل ، والكثير وهو ربا.

ويدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روى سهل بن أبي خيثمة أن النبي عليه‌السلام نهى عن بيع التمر بالتمر الا أنه رخص في العرايا أن

__________________

(١) م : قوله في القديم.

٤٨٦

يباع بخرصها تمرا يأكلها أهلها رطبا. وهذا نص وما ذكرناه من تفسير (١) العرية قول أبي عبيدة من أهل اللغة.

مسألة ـ ١٥١ ـ : إذا كان للرجل نخلة عليها تمر ، وللآخر نخلة عليها تمر ، فخرصاهما تمرين ، فلا يجوز بيع إحداهما بالأخرى الا أن يكونا عريتين ، لعموم الاخبار في النهي عن بيع المزابنة.

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها يجوز ، والثاني ان كانا نوعا واحدا لا يجوز ، وان كانا نوعين يجوز. والثالث لا يجوز بحال ، وانما يجوز بيعه بالتمر الموضوع على الأرض كيلا.

مسألة ـ ١٥٢ ـ : إذا فسرنا العرية بما تقدم ذكره ، فلا يجوز لأحد أن يبيع ثمرة بستانه نخلة نخلة بيع العرية ، لأن ما ذكرناه في حقيقة العرية لا يتأتى في نخل البستان كلها.

وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز أن يبيع نخلة نخلة أو نخلتين إذا كان ذلك دون الخمسة أوسق.

مسألة ـ ١٥٣ ـ : العرية لا يكون إلا في النخل خاصة ، فأما الكرم وشجر الفواكه فلا عرية فيها ، لأنه لا دليل على ذلك.

وقال ( ـ ش ـ ) في العنب عرية مثل ما في النخل قولا واحدا ، وفي سائر الأشجار له فيها قولان.

مسألة ـ ١٥٤ ـ : يجوز بيع ما عدا الطعام قبل أن يقبض ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز بيعه قبل القبض ، ولا فرق بين الطعام وبين غيره ، وبه قال عبد الله بن عباس.

وقال ( ـ د ـ ) : ان كان مكيلا أو موزونا ، لم يجز بيعه قبل القبض ، ويجوز في غيرهما

__________________

(١) ح ، د : في تقسيم.

٤٨٧

وبه قال الحسن البصري ، وسعيد بن المسيب.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) : ان كان مما ينقل ويحول لم يجز بيعه قبل القبض ، وان كان مما لا ينقل ولا يحول من العقار جاز بيعه قبل القبض.

يدل على ما قلناه ان الطعام مجمع عليه ، ولا دليل على ما عداه ، وظاهر الآية يقتضي جوازه. وأيضا قول النبي عليه‌السلام من اتباع طعاما ، فلا يبعه حتى يستوفيه ، فخص الطعام بذلك ، فلو كان حكم غيره حكمه لبينه.

مسألة ـ ١٥٥ ـ : القبض فيما عدا العقار والأرضين نقل المبيع الى مكان آخر لان ما اعتبرناه لا خلاف في أنه قبض ، ولا دليل على ثبوت ما ادعوه قبضا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : القبض هو التخلية في جميع الأشياء.

مسألة ـ ١٥٦ ـ : يجوز بيع الصداق قبل القبض ، وكذلك بيع مال الخلع بدلالة الآية والأصل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وعند ( ـ ش ـ ) لا يجوز.

مسألة ـ ١٥٧ ـ : الثمن إذا كان معينا يجوز بيعه قبل قبضه ما لم يكن صرفا ، وان كان في الذمة فيجوز أيضا ، بدلالة الآية والأصل.

وقال ( ـ ش ـ ) في المعين لا يجوز قولا واحدا ، وفيما في الذمة قولان.

وروى سعيد بن جبير عن ابن عمر أنه قال : كنت أبيع الإبل بالبقيع ، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم ، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير ، آخذ هذه من هذه ، وأعطي هذه من هذه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا بأس أن تأخذها ما لم تفترقا وبينكما شي‌ء.

مسألة ـ ١٥٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال لمن أسلم إليه : أذهب الى من أسلمت اليه واكتل منه الطعام لنفسك ، فذهب واكتاله ، لم يصح قبضه بلا خلاف. وإذا قال : احضر اكتيالي منه حتى أكتاله (١) ، فحضر معه واكتاله ، لم يجز أيضا بلا خلاف.

__________________

(١) م : أكتاله لك.

٤٨٨

وان قال : احضر معي حتى أكتاله لنفسي ثمَّ تأخذه أنت من غير كيل ، فإن رضي باكتياله لنفسه كان عندنا جائزا ، ولا يجوز عند ( ـ ش ـ ). وإذا اكتاله لنفسه ويتركه ولا يفرغه ، ويكون ما عليه مكيالا واحدا فكاله عليه جاز عندنا. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

وان اكتاله المشتري منه وفرغه ، ثمَّ كاله كيلا مستأنفا على من باع منه ، كان القبضان جميعا صحيحين بلا خلاف.

مسألة ـ ١٥٩ ـ : إذا كان لرجل على غيره قفيز طعام من جهة السلم والذي عليه الطعام من جهة السلم له على غيره طعام من جهة القرض ، فجاء المسلم فطالب المسلم اليه بالطعام ، فأحاله على من له عليه من جهة القرض ، كان جائزا.

وكذلك ان كان الطعام الذي له قرضا والذي عليه سلما كان جائزا ، لأن الأصل جواز ذلك ، والمنع يحتاج الى دليل ، ولان هذه حوالة ليست ببيع ، فلا وجه للمنع منه. وقال ( ـ ش ـ ) في المسألتين لا يجوز.

مسألة ـ ١٦٠ ـ : إذا كان الطعامان قرضين يجوز الحوالة بلا خلاف ، وان كانا سلمين يجوز أيضا عندنا ، بدلالة أن الأصل جوازه ، ولا دليل على المنع منه وعند ( ـ ش ـ ) لا يجوز (١).

مسألة ـ ١٦١ ـ : إذا انقطع المسلم فيه ، لم ينفسخ البيع ويبقى في الذمة لأن العقد ثابت والفسخ يحتاج الى دليل ولا دليل عليه.

و ( ـ للش ـ ) قولان : أحدهما ينفسخ السلم ، والأخر له الخيار ان شاء رضي بتأخيره إلى قابل وان شاء فسخه.

مسألة ـ ١٦٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع طعاما قفيزا بعشرة دراهم مؤجلة ، فلما حل الأجل أخذ بها طعاما جاز ذلك إذا أخذ مثله ، فان زاد عليه لم يجز.

__________________

(١) د : يجوز.

٤٨٩

وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز ولم يفصل ، وبه قال بعض أصحابنا ، وهذا قوي لأن ذلك بيع طعام بدراهم في القفيزين معا لا بيع طعام بطعام ، فلا يحتاج الى اعتبار المثلية وقال ( ـ ك ـ ) : لا يجوز ولم يفصل.

مسألة ـ ١٦٣ ـ : إذا باع عبدا أو سلعة وقبض المشتري المبيع ولم يقبض البائع الثمن ، يجوز للبائع أن يشتريه منه بأي ثمن شاء نقدا أو نسيئة وعلى كل حال ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، ومن الصحابة ابن عمر ، وزيد بن أرقم ، واليه ذهب أبو ثور وفي أصحابنا من روى أن ذلك لا يجوز وذهب إليه عائشة وابن عباس ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.

وتفصيل مذهب ( ـ ح ـ ) أن له أن يشتريه منه بمثل ذلك الثمن أو أكثر منه ، فان اشتراه بأقل منه لم يخل من أحد أمرين : اما أن يكون الثمنان معا مما فيه الربا أو مما لا ربا فيه ، فان لم يكن فيهما الربا اشتراه كيف شاء ، فلو باعه بثوبين واشتراه بثوب واحد جاز.

وان كان الثمنان فيهما الربا نظرت ، فان كان الثمنان جنسا واحدا كالطعامين أو دراهم أو دنانير ، لم يجز أن يشتريه بأقل من ذلك الثمن كيلا ولا وزنا ولا حكما وان كان النقص كيلا مثل أن باعه بمائة قفيز واشتراه بخمسين قفيزا لم يجز. وان كان النقص وزنا مثل أن باعه بمائة درهم واشتراه بخمسين لم يجز ، والحكم أن يبيعه (١) ويشتريه بذلك إلى سنة ، أو الى سنة ويشتريه الى سنتين ، كل هذا لا يجوز قال : وان كانا جنسين جاز أن يشتريه بأقل إلا في الذهب والورق فان القياس يقتضي أنه جائز ، لكنا لا نجوزه استحسانا.

وهذا انما يتصور في القيمة ، فإذا باعه بمائة درهم لم يجز أن يشتريه (٢) بدينار

__________________

(١) م : خ أن يبيعه نقدا.

(٢) ح ، د : أو يشتريه.

٤٩٠

قيمته أقل من مائة ، قال (١) : وكل موضع قلنا لا يجوز أن يشتريه البائع من المشتري فكذلك عبده البائع المأذون له في التجارة ، وكذلك مكاتبه ومدبره ومضاربه ، وكذلك شريكه ان دفع الثمن من مال الشركة ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : وكذلك لا يجوز أن يشتريه أبو البائع ولا ولده ، وخالفه ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) هاهنا ، قال : فان عاب العبد في يد المشتري جاز له أن يشتريه منه بأي ثمن شاء ، وان خرج العبد عن ملك المشتري نظرت ، فان خرج عن ملكه ببيع أو هبة جاز له أن يشتريه ممن انتقل الملك اليه كيف شاء ، وان خرج عن ملكه بالموت الى وارثه ، لم يجز له أن يشتريه من وارثه.

والخلاف معه في فصل واحد ، وهو إذا كان الجنس واحدا ، فأراد أن يشتريه بأقل من ذلك الثمن كيلا أو وزنا أو حكما على ما فصلناه.

ويدل على مذهبنا قوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ » (٢) وهذا بيع ، وقوله « إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ » (٣) وهذه تجارة عن تراض ، ومن منع منه فعليه الدلالة ، وأكثر أخبارنا يدل على ما قلناه.

واحتجوا بما روي أن رجلا باع من رجل حريرة (٤) بمائة ثمَّ اشتراها بخمسين ، فسأل ابن عباس عن ذلك ، فقال : دراهم بدارهم متفاضلة دخلت بينهما حريرة.

وروى يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن أمه عالية (٥) بنت أيفع (٦) قالت

__________________

(١) م : سقط « قال ».

(٢) سورة البقرة ٢٧٦.

(٣) سورة النساء : ٣٣.

(٤) الحريرة واحدة الحرير وهو الإبريسم ( مصباح المنير ).

(٥) م : عن أم عالية. د ، م : عن امة عالية.

(٦) في الخلاف : ايضع « أيضا ».

٤٩١

خرجت الى الحج أنا وأم محبة ، فدخلنا على عائشة فسلمنا عليها ، فقالت : من أين أنتن (١)؟ فقلنا : من الكوفة ، فكأنها أعرضت فقالت لها أم محبة يا أم المؤمنين كانت لي جارية فبعتها من زيدين أرقم بثمانمائة درهم الى عطاءه ، فأراد أن يبيعها فاشتريتها منه بستمائة نقدا ، فقالت : بئسما شريت وبئسما بعت ، أخبري زيد بن أرقم أنه أبطل جهاده مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الا أن يتوب ، فقالت : أرأيت إن أخذت رأس مالي ، فقالت : قوله تعالى « فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ » (٢).

ورواه أبو إسحاق السبيعي عن امرأته قالت : حجت أنا وأم ولد زيد بن ثابت فدخلنا على عائشة الحديث.

الجواب عن خبر عائشة أن رواية عالية (٣) بنت أيفع وأم محبة قال ( ـ ش ـ ) : وهما مجهولتان ، والمجهول أضعف من الضعيف المعروف وقال الطحاوي : عالية بنت أيفع زوجة أبي إسحاق السبيعي امرأة معروفة ولها ولدان فقيهان ، وجوابه أن الكلام عليها لا على أولادها ، وإذا كانت مجهولة لم تتعرف بأولادها.

قال ( ـ ش ـ ) : وأصل الخبر لا يصح من وجه آخر ، وذلك أنه لا يخلو زيد أن يكون قال ذلك اجتهادا أو سمع من النبي شيئا وخالفه ، فان كان الثاني فهذا طعن على الصحابي لا نقول به ، والقول الأول لا يحبط الجهاد مع رسول الله ، لأنه صادر عن اجتهاد ، فعلم بذلك بطلان الخبر على أنه لو سلم الخبر من كل طعن لم يكن فيه دلالة لأن المرأة أخبرت أن زيدا اشترى الجارية إلى العطاء ثمَّ باعها والشراء الى

__________________

(١) م : سقط « أنتن ».

(٢) سورة البقرة : ٢٧٦.

(٣) قال في طبقات ج ٨ طبعة ( سخو ) ص ٣٥٧ : العالية بنت أيقع بن شراحيل امرأة أبي إسحاق السبيعي دخلت على عائشة وسألتها وسمعت منها.

٤٩٢

العطاء باطل ، لأنه أجل مجهول والشراء بعد البيع الفاسد باطل ، ويدل على ذلك قولها بئس ما شريت وبئس ما بعت.

مسألة ـ ١٦٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التصرية تدليس يثبت به الخيار للمشتري بين الرد وفسخ البيع وبين الإمساك وبه قال ( ـ ك ـ ) والليث ، وابن أبى ليلى ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وهو مذهب عبد الله بن مسعود ، ذكره البخاري في صحيحه ، وبه قال ابن عمر ، وأبو هريرة ، وأنس بن مالك. وقال ( ـ ح ـ ) : لا خيار له.

مسألة ـ ١٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الخيار في المصراة ثلاثة أيام ، مثل الخيار في سائر الحيوان.

واختلف أصحاب ( ـ ش ـ ) فيها ، فقال أبو إسحاق : قدر الثلاثة للوقوف على التدليس ومعرفة عيب التصرية. وقال ابن أبي هريرة : الثلاثة إذا شرط الخيار فيه ، وخيار التصرية على الفور. ومنهم من قال : إذا وقف على خيار التصرية فيما دون الثلاث كان له الخيار في بقية الثلاث للسنة ، وعليه نص ( ـ ش ـ ) في اختلاف ( ـ ح ـ ) وابن أبي ليلى.

مسألة ـ ١٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : عوض اللبن الذي يحلبه صاع من تمر أو صاع من بر على ما نص النبي عليه‌السلام عليه (١) ، واختلف أصحاب ( ـ ش ـ ) فيه ، فذهب ابن سريج إلى أنه يرد في كل بلد من غالب قوته. وقال أبو إسحاق : الصاع من التمر هو الأصل وان كانت الحنطة أكثر ثمنا منه جاز ، وان كان دونه لم يجز. ومنهم من قال : التمر هو الواجب وان أتى على ثمن الشاة للسنة وهو الصحيح أو البر الذي يثبت أنه عوضه (٢).

مسألة ـ ١٦٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التصرية في البقرة مثل التصرية في الناقة والشاة ، وبه

__________________

(١) م : وعليه اختلف.

(٢) م : عوض عنه.

٤٩٣

قال ( ـ ش ـ ). وقال داود : لا يجوز له رد البقرة.

مسألة ـ ١٦٨ ـ : إذا صرى جارية وباعها ، لم يثبت له الخيار لمكان التصرية لأنه لا دليل عليه.

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها أن ذلك مثل التصرية في النعم ، وهو الأصح عندهم. والثاني أنه يردها ولا يرد معها صاعا من تمر. والثالث لا يردها أصلا.

مسألة ـ ١٦٩ ـ : إذا صرى أتانا ، فلا يثبت فيه حكم التصرية ، لأنه لا دليل عليه.

وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : له ردها. وأما رد التمر ، فمبني على طهارة لبنها ، فقال الإصطخري : لبنها طاهر ، وقال باقي أصحابه : لبنها نجس ، فمن قال : طاهر رد بدله صاعا من تمر ، ومن قال : نجس لا يرد شيئا ، وعندنا أن لبنها طاهر ، وعليه إجماع الفرقة.

مسألة ـ ١٧٠ ـ : إذا اشتراها مصراة ، ثمَّ زال تصريتها وصار اللبن عادة لجودة المرعى لم يثبت الخيار ، لان العيب قد زال ، وانما كان له الرد لمكان العيب.

ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه قولان : أحدهما مثل ما قلناه ، والأخر أن الخيار لا يسقط ، لأنه تدليس وعندي أن هذا الوجه قوي لمكان الخبر ، لأنه لم يفصل من أن يزول التصرية أو لا يزول.

مسألة ـ ١٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حصل من المبيع فائدة من نتاج أو ثمرة بعد القبض ، ثمَّ ظهر به عيب كان فيه قبل العقد ، كان ذلك للمشتري ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : الولد يرده مع الام ، ولا يرد الثمرة مع الأصول. وقال ( ـ ح ـ ) : يسقط رد الأصل بالعيب.

مسألة ـ ١٧٢ ـ : إذا اشترى حيوانا حاملا ، فولد في ملك المشتري بعد

٤٩٤

القبض ، ثمَّ وجد به عيبا كان به قبل البيع ردها ورد الولد معها ، لان عقد البيع قد اشتمل على جارية حامل ، فالحمل داخل في الثمن.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان. إذا قال : للولد قسط من الثمن ، قال : يرد. وإذا قال : ليس له قسط من الثمن ، قال : لا يرد الولد.

مسألة ـ ١٧٣ ـ : إذا اشترى جارية حاملا ، فولدت في ملك المشتري عبدا مملوكا ، ثمَّ وجد بالأم عيبا ، فإنه يرد الام دون الولد ، لعموم قوله عليه‌السلام « الخراج بالضمان ».

وقال ( ـ ش ـ ) : فيه قولان : أحدهما مثل ما قلناه ، والثاني : يردهما جميعا ، لأنه لا يفرق بين الام وولدها دون سبع سنين. والأول أصح عندهم.

مسألة ـ ١٧٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من اشترى جارية فوطئها ، ثمَّ علم بعد الوطي أن بها عيبا ، لم يكن له ردها وله الأرش ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وسفيان الثوري ، وهو مروي عن علي عليه‌السلام.

وقال ( ـ ش ـ ) ، وأبو ثور ، وعثمان البتي : له ردها ولا يجب عليه مهرها ان كانت ثيبا ، وان كانت بكرا لم يكن له ردها. وقال ابن أبي ليلى : يردها ويرد معها مهر مثلها.

مسألة ـ ١٧٥ ـ : إذا حدث بالمبيع عيب في يد البائع ، كان المشتري الرد أو الإمساك ، وليس له اجازة البيع مع الأرش ، ولا يجبر البائع على بذل الأرش بلا خلاف ، فان تراضيا على الأرض كان جائزا ، لقوله عليه‌السلام « الصلح جائز بين المسلمين الا ما حرم حلالا أو حلل حراما » وظاهر مذهب ( ـ ش ـ ) أنه لا يجوز.

مسألة ـ ١٧٦ ـ : إذا اشترى نفسان من إنسان عبدا أو جارية وقبضاها ، ثمَّ وجدا بها عيبا ، كان لهما الرد بالعيب إجماعا ، وان أراد أحدهما أن يرد نصيبه والأخر أراد إمساكه ، لم يكن لمن أراد الرد أن يرد نصيبه حتى يتفقا ، وبه

٤٩٥

قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : له أن يرد نصيبه.

وانما قلنا ذلك ، لأنا أجمعنا على أن لهما الخيار ، ولا دليل على أن له الرد على الانفراد ، وان قلنا له الرد لعموم الاخبار في ذلك كان قويا.

مسألة ـ ١٧٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى عبدين صفقة واحدة ، فوجد بأحدهما عيبا ، لم يجز له أن يرد المعيب دون الصحيح ، وله أن يردهما ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : له أن يرد المعيب دون الأخر.

مسألة ـ ١٧٨ ـ : إذا اشترى جارية رأى شعرها جعدا ، ثمَّ وجده سبطا (١) لم يكن له الخيار ، لأنه لا دليل عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : له الخيار.

مسألة ـ ١٧٩ ـ : إذا بيض وجهها ، ثمَّ أسمر (٢) أو حمر خديها بالدمام (٣) وهو الكلكون ثمَّ اصفر لم يكن له الخيار ، لأنه لا دليل عليه. وعند ( ـ ش ـ ) له الخيار.

مسألة ـ ١٨٠ ـ : إذا اشترى جارية على أنها بكر فكانت ثيبا ، روى أصحابنا أنه ليس له الرد. وقال ( ـ ش ـ ) : له الرد.

مسألة ـ ١٨١ ـ : إذا اشترى عبدا على أنه كافر فخرج مسلما ، لم يكن له الخيار لأنه لا دليل عليه ، وبه قال المزني. وقال باقي أصحاب ( ـ ش ـ ) : له الخيار.

مسألة ـ ١٨٢ ـ : إذا اشترى عبدا أو أمة فوجد (٤) زانيا أو زانية ، لم يكن له الخيار ، لأنه لا دليل عليه.

وقال ( ـ ش ـ ) : له الخيار. وقال ( ـ ح ـ ) : في الجارية له الخيار ، وفي العبد لا خيار عليه.

__________________

(١) قال في « المنجد » سبط ـ الشعر : سهل واسترسل وهو ضد جعد فهو السبط.

(٢) م : إذا أبيض وجهها بالطلاء.

(٣) قال في « المنجد » والدمام : كل ما طلى به.

(٤) م : وجده.

٤٩٦

مسألة ـ ١٨٣ ـ : إذا وجد العبد أبخر أو الجارية كذلك ، لم يكن له الخيار ، لما قلناه في المسألة « المسائل ( ـ خ ـ ) » المتقدمة.

وقال ( ـ ش ـ ) : له الخيار. وقال ( ـ ح ـ ) : الخيار (١) في الجارية دون العبد.

مسألة ـ ١٨٤ ـ : إذا كان العبد يبول في الفراش ، لا يثبت فيه الخيار ، سواء كان صغيرا أو كبيرا ، لما قلناه فيما تقدم.

وقال ( ـ ش ـ ) : يثبت الخيار في الكبير دون الصغير. وقال ( ـ ح ـ ) : يثبت في الجارية دون العبد.

مسألة ـ ١٨٥ ـ : إذا كان العبد غير مختون فلا خيار فيه ، صغيرا كان أو كبيرا ، لما قلناه في المسائل المتقدمة (٢).

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان صغيرا فلا خيار له ، وان كان كبيرا فله الخيار ، فإما الجارية فلا خلاف أنه لا خيار فيها.

مسألة ـ ١٨٦ ـ : إذا اشترى جارية فوجدها مغنية ، لم يكن له الخيار ، لأنه لا دليل عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : له الخيار.

مسألة ـ ١٨٧ ـ : إذا اشترى عبدا فقتله ، ثمَّ علم أنه كان به عيب ، كان له الرجوع بالأرش ، لأنه قد ثبت أنه له الرد بالعيب ، فمن أسقطه فعليه الدلالة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ليس له ذلك.

مسألة ـ ١٨٨ ـ : إذا اشترى شيئا وقبضه ، ثمَّ وجد به عيبا ، كان عند البائع وحدث عنده عيب آخر لم يكن له رده ، الا أن يرضى البائع بأن يقبله ناقصا ويكون له الأرش ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال أبو ثور وحماد : إذا حدث عند المشتري عيب ووجد عيبا قديما كان عند

__________________

(١) م : في الجارية له الخيار.

(٢) م : فيما تقدم.

٤٩٧

البائع رده ورد معه أرش العيب.

وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) : المشتري بالخيار بين أن يرده مع أرش العيب الحادث ، وبين أن يمسكه ويرجع على البائع بأرش العيب.

مسألة ـ ١٨٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى رجل من غيره عبدين ، أو ثوبين ، أو درهمين ، فوجد بأحدهما عيبا ، لم يكن له أن يرد المعيب منهما ، وكان بالخيار بين رد الجميع ، أو يأخذ أرش المعيب ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز له رده وفسخ البيع في المعيب منهما.

مسألة ـ ١٩٠ ـ : إذا اشترى عبدين ، ووجد بهما عيبا ، ثمَّ مات أحدهما لم يثبت الخيار في الباقي ، وله الأرش ، لأنا قد بينا أنه إذا حدث عند المشتري عيب آخر لم يكن له رده ، وله الأرش والموت في أحدهما من أكبر العيوب ، فوجب أن لا يثبت له الخيار.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما ما قلناه ، والأخر له رده إذا قال بتفريق الصفقة ، ويرده بحصته من الثمن. وقال بعض أهل خراسان : يفسخ العقد على هذا القول فيهما جميعا ، ثمَّ يرد الباقي وقيمة التالف ويسترجع الثمن.

مسألة ـ ١٩١ ـ : إذا أراد أن يرد المعيب « المبيع ( ـ خ ـ ) » بالعيب ، جاز له فسخ البيع في غيبة البائع وحضرته قبل القبض وبعده ، لان الرد إذا كان حقه فعل أي وقت شاء ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا كان قبل القبض ، فلا يجوز أن يفسخه في غيبة البائع ، وان كان بعد القبض ، فلا يجوز الا بحضوره ورضاه أو بحكم الحاكم.

مسألة ـ ١٩٢ ـ : إذا باع ما يكون مأكولة في جوفه وبعد كسره مثل البيض والجوز واللوز وغير ذلك ، فليس للمشتري رده وله الأرش ما بين قيمته صحيحا وفاسدا ، لأنه قد تصرف في المبيع ، فليس له رده ، لعموم الأخبار الواردة في

٤٩٨

ذلك.

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها لا يرده. والثاني يرده ولا يرد معه شيئا. والثالث يرده ويرد معه أرش النقص الذي حدث في يده.

مسألة ـ ١٩٣ ـ : إذا اشترى ثوبا ونشره فوجد به عيبا ، وكان النشر ينقص من ثمنه ، مثل الشاهجاني المطوي على طاقين ، لم يكن له الرد ، لما قلناه في المسألة الأولى سواء.

وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : ان كان مما لا يمكن الوقوف عليه الا بالنشر ، فعلى الخلاف الذي بينهم ، وفيه الأقوال الثلاثة التي في المسألة الأولى.

مسألة ـ ١٩٤ ـ : إذا كان لرجل عبد فجنى ، فباعه مولاه بغير اذن المجني ، فإن كانت جناية توجب القصاص ، فلا يصح بيعه ، لأنه بيع ما لا يملكه ، فإنه حق للمجني عليه. وان كانت جناية توجب الأرش ، صح إذا التزم مولاه الأرش ، لأنه لا وجه لفساد البيع هاهنا.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما يصح (١) ، وهو اختيار المزني ، و ( ـ ح ـ ) ، ولم يفصلوا والثاني لا يصح ، ولم يفصل.

مسألة ـ ١٩٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى رجل من غيره عبدا ، فقبضه ثمَّ ظهر به عيب ، فإنه يرده بكل عيب يظهر فيه في مدة الثلاثة (٢) أيام من حين العقد ، وما يظهر بعد الثلاث فإنه لا يرده بعد إلا ثلاثة عيوب : الجنون ، والجذام ، والبرص فإنه يرده إلى سنة ولا يرده بعد السنة بشي‌ء من العيوب.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز له رده بشي‌ء من العيوب التي يحدث بعد القبض.

مسألة ـ ١٩٦ ـ : من باع شيئا وبه عيب لم يبينه ، فعل محظورا وكان للمشتري

__________________

(١) م : يصح بيعه.

(٢) د : في هذه الثلاثة.

٤٩٩

الخيار بين إمضاء العقد والرضا بالعيب وبين فسخه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال داود : البيع باطل.

مسألة ـ ١٩٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع عبدا أو حيوانا أو غيرهما من المتاع بالبراءة من العيوب ، صح البيع وبرئ (١) من كل عيب ، ظاهرا كان أو باطنا ، علمه أو لم يعلمه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها « صح ـ ( ـ خ ـ ) » مثل ما قلناه. والثاني : لا تبرء من عيب بحال ، علمه أو لم يعلمه ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ). والثالث : لا تبرء الا من عيب واحد وهو عيب بباطن الحيوان لم يعلمه البائع ، فأما غير هذا فلا تبرء منه ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

فان كان المبيع غير الحيوان ، كالثياب والخشب والعقار ، ففيه قولان : أحدهما يبرئ بكل حال ، والثاني لا يبرئ من عيب بحال. وقال ابن أبي ليلى : يبرئ من كل عيب يعده على المشتري ، فان وجد به عيبا غير الذي عده البائع عليه كان له رده ولا يرده بما عده عليه.

مسألة ـ ١٩٨ ـ : إذا اشترى ثوبا فصبغه ، ثمَّ علم أن به عيبا كان له الرجوع بأرش العيب ولم يكن له رده ، لأنه قد تصرف فيه بالصبغ ، الا أن يشاء البائع أن يقبله مصبوغا ، ويضمن فيه قيمة الصبغ ، فيكون المشتري بالخيار بين إمساكه بغير أرش ، أو يرد ويأخذ قيمة الصبغ ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : المشتري بالخيار بين إمساكه ويطالب بالأرش ، وبين دفعه الى البائع ويأخذ قيمة الصبغ.

مسألة ـ ١٩٩ ـ : إذا اشترى ثوبا ، فقطعه وباعه أو صبغه ثمَّ باعه ، ثمَّ علم بالعيب ، فليس له الا المطالبة بالأرش. وهذه المسألة مبنية على الاولى ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان قد قطع الثوب ثمَّ باعه كما قلناه ، وان كان صبغه ثمَّ باعه

__________________

(١) د ، ح : براء.

٥٠٠