المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣
الجزء ١ الجزء ٢

مسألة ـ ١ ـ : بيع خيار الرؤية صحيح ، وصورته أن يقول : بعتك هذا الثوب الذي في كمي ، أو في الصندوق ، فيذكر جنسه وصفته. وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، والذي يختارونه أنه لا يصح.

وقال ( ـ ح ـ ) : يصح ذلك وان لم يذكر الجنس ، مثل أن يقول : بعتك ما في كمي ، أو صندوقي أو ما في الجراب وما أشبه ذلك ، فلا يفتقر عنده الى ذكر الجنس ، وانما يفتقر الى تعيين المبيع من غيره (١).

دليلنا قوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ » (٢) وهذا بيع. وأيضا روي عنهم عليهم‌السلام أنهم سئلوا (٣) عن بيع الجرب الهروية ، فقالوا : لا بأس به إذا كان لها بارنامج ، فان وجدها كما ذكرت والا ردها. وروي عن النبي عليه‌السلام أنه قال : من اشترى شيئا لم يره ، فهو بالخيار إذا رآه.

مسألة ـ ٢ ـ : إذا ثبت هذا العقد ، فمتى رأى المشتري المبيع لم يثبت له

__________________

(١) د : من غير.

(٢) سورة البقرة : آية ٢٧٦.

(٣) م ، د ، ح : سئلوا.

٤٤١

الخيار ، الا أن يجده بخلاف الجنس أو الصفة.

وقال ( ـ ش ـ ) على قوله الأصح : ان له الخيار على كل حال.

دليلنا : أن جواز الخيار في ذلك يحتاج إلى دلالة ، والعقد قد صح فمن أبطله أو أجاز الخيار مطلقا فعليه الدلالة.

مسألة ـ ٣ ـ : من باع شيئا على أن يسلمه بعد شهر صح العقد ، بدلالة الآية وعند ( ـ ش ـ ) لا يصح.

مسألة ـ ٤ ـ : إذا اشترى شيئا لم يره حال العقد ، وكان قد رآه قبل العقد ، صح الشراء ، بدلالة الآية ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ) قولا واحدا وجميع الفقهاء.

وقال الأنماطي من أصحاب ( ـ ش ـ ) : لا يصح حتى يشاهد المبيع حال العقد.

مسألة ـ ٥ ـ : إذا اشترى شيئا كان رآه قبل العقد ، ولم يره في حال العقد مما يجوز أن يتلف ولا يتلف ، صح بيعه. بدلالة الآية فاذا وجده (١) كما اشتراه مضى وان خالفه كان بالخيار بين إمضاء البيع وفسخه ، وبه قال أصحاب ( ـ ش ـ ) ، وفيهم من قال : لا يصح البيع.

مسألة ـ ٦ ـ : البيع ينعقد بوجود الإيجاب من البائع والقبول من المشتري لكنه لا يلزم المتبايعين بنفس العقد ، بل يثبت لهما ولكل واحد منهما خيار الفسخ ما داما في المجلس الى أن يفترقا ، أو يتراضيا بالتبايع في المجلس.

ورووا ذلك في الصحابة عن علي عليه‌السلام ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس وأبي هريرة ، وأبى برزة الأسلمي ، وبه قال الحسن البصري ، وسعيد بن المسيب ، والزهري ، وعطاء ، وفي الفقهاء ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وذهبت طائفة الى أن البيع يلزم بمجرد العقد ، ولا يثبت (٢) خيار المجلس

__________________

(١) د : ان يشترط.

(٢) م ، د : ولا يثبت فيه.

٤٤٢

بحال ، ذهب إليه في التابعين شريح والنخعي ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.

دليلنا ـ بعد إجماع الفرقة ـ ما روي عن نافع عن ابن عمر أن النبي عليه‌السلام قال : المتبايعان كل واحد منهما على صاحبه بالخيار ما لم يفترقا الا بيع الخيار.

فأثبت للمتبايعين الخيار بعد تسميتهما متبايعين.

مسألة ـ ٧ ـ : بيع الخيار عندنا على ثلاثة أضرب : أحدها خيار المجلس ، وهو أن يكون لكل واحد منهما الخيار وفسخ العقد ما لم يفترقا بالأبدان ، فإن قال بعد انعقاد العقد أحدهما لصاحبه : اختر إمضاء العقد ، فاذا اختار ذلك لزم العقد ولم يفتقر الى التفرق بالأبدان عن المكان.

والثاني : أن يشرطا (١) حال العقد ألا يثبت بينهما خيار المجلس بعد انعقاد البيع ، فاذا تعاقدا بعد ذلك صح البيع ويكون على ما شرطا.

والثالث : أن يشرطا في حال العقد مدة معلومة يكون لهما فيه الخيار ما شاء من الزمان ثلاثا أو شهرا أو أكثر ، فإنه ينعقد البيع ويكون لهما الخيار (٢) في تلك المدة ، الا أن يوجبا بعد ذلك على أنفسهما ، كما قلناه في البيع المطلق.

ويدل على ما ذكرناه الآية « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ » (٣) ويدل على خيار المجلس قول النبي عليه‌السلام : البيعان بالخيار ما لم يفترقا الا بيع الخيار. فأثبت لهما الخيار قبل التفرق (٤) ، ثمَّ استثنى بيع الخيار الذي لم يثبت فيه الخيار ، وهو ما أشرنا إليه من شرط ارتفاعه عند العقد أو إيجابه وابطال الخيار بعد ثبوت العقد.

__________________

(١) د : ان يشترط.

(٢) م : ينعقد العقد.

(٣) سورة البقرة : ٢٧٦.

(٤) م : التفريق.

٤٤٣

وأيضا روي (١) عن النبي عليه‌السلام أنه قال : المسلمون عند شروطهم وهذا شرط صحيح في مدة الخيار.

وروى ابن عمر أن النبي عليه‌السلام قال : المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا ، أو يكون بيعهما عن خيار ، فان كان بيعهما عن خيار ، فقد وجب البيع. وهذا نص (٢).

وروى نافع عن ابن عمر عن النبي عليه‌السلام قال : المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر.

وروى عطاء بن أبى رباح (٣) عن ابن عباس أن النبي عليه‌السلام قال : من اشترى بيعا فوجب له فهو بالخيار ان شاء أخذه وان شاء تركه ما لم يفارقه صاحبه ، فان فارقه فلا خيار له.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : بيع الخيار هو ما شرط (٤) فيه الخيار ، فثبت فيه خيار الشرط عند ( ـ ح ـ ) ثلاثا ، وعند ( ـ ك ـ ) ما تدعو الحاجة إليه ، فعندهما بيع الخيار ما ثبت فيه الخيار وعند ( ـ ش ـ ) بيع الخيار ما قطع فيه الخيار وأكثر أصحابه على ما اخترناه أولا في القسم الأول ، وفي أصحابه من قال بالقسم الثاني أيضا ، وأما القسم الثالث فلم يقل به أحد منهم وهو ما زاد على الثلاث.

مسألة ـ ٨ ـ : « ج » ـ ) : يثبت في الحيوان الشرط ثلاثة أيام ، شرط ذلك أو لم يشرط. وقال جميع الفقهاء : حكم الحيوان حكم سائر المبيعات.

مسألة ـ ٩ ـ : السلم يدخله خيار الشرط ، بدلالة عموم الأخبار الواردة في

__________________

(١) م : ما روى.

(٢) م : وهذا نصب.

(٣) قال في ميزان الاعتدال ج ٣ ص ٧٠ عطاء بن ابى رباح سيد التابعين علما وعملا وإتقانا في زمانه بمكة ولكن في جميع النسخ أبي رياح.

(٤) م ، خ : يشرط فيه الخيار فيثبت.

٤٤٤

جواز الشرط في العقود ، وعند ( ـ ش ـ ) لا يدخله.

مسألة ـ ١٠ ـ : الصلح إذا كان معاوضة ، مثل (١) أن يقر له بعين أو دين ثمَّ صالحه على ذلك لم يكن له بعد ذلك الرجوع فيه ، لأنه لا دليل عليه ، ولما روي عنهم عليهم‌السلام واتفقنا عليه من جواز الشرط في ذلك ومن ادعى دخول الخيار فيه فعليه الدليل.

وقال ( ـ ش ـ ) : هو مثل المبيع (٢) يدخله خيار الشرط وخيار المجلس ، وان كان صرفا يدخله خيار المجلس وحده.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا أحال بمال على غيره ، فقبل (٣) المحتال الحوالة ، جاز أن يدخلها خيار الشرط ، ولا خيار مجلس (٤) فيه ، لقولهم عليهم‌السلام : كل شرط لا يخالف الكتاب والسنة ، فإنه جائز. فأما خيار المجلس ، فلانه يدخل (٥) في البيع ، وهذا ليس ببيع ، بل هو إبراء (٦) محض ، فمن أجراه مجرى البيع فعليه الدلالة.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يدخله خيار الشرط ، وفي خيار المجلس وجهان.

مسألة ـ ١٢ ـ : الوكالة والعارية والقراض والجعالة والوديعة لا خيار فيها في المجلس ، ولا يمتنع (٧) دخول خيار الشرط فيها ، بدلالة ما ذكرناه في المسألة المتقدمة.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يدخلها الخياران.

__________________

(١) د : سقط ( مثل ).

(٢) م ، خ : مثل البيع.

(٣) م : قبل.

(٤) د ، م : للمجلس.

(٥) م : فلا يدخل.

(٦) م : بل إبراء محض.

(٧) د : ولا يمنع.

٤٤٥

مسألة ـ ١٣ ـ : إذا ملك الشفيع الشقص بالثمن وانتزع من يد المشتري ، فليس له خيار المجلس ، لأنه انما يأخذ الشقص بالشفعة لا بالبيع ، وخيار المجلس انما يثبت (١) في البيع ، فعلى من ألحقه بالبيع الدلالة ، والقياس عندنا لا يجوز.

و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ١٤ ـ : المساقاة لا يدخلها خيار المجلس لما قلناه أولا ، ويدخلها خيار الشرط ، لعموم الاخبار في جواز الشرط.

وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : لا يدخلها الخيار. وقال أبو حامد الاسفرائني : الذي يجي‌ء على قوله انه يدخلها خيار المجلس.

مسألة ـ ١٥ ـ : الإجارة على ضربين : معينة ، وفي الذمة ، وكلاهما لا يدخله خيار المجلس ، ولا يمتنع دخول خيار الشرط فيه ، لما قلناه في المسائل المتقدمة.

وقال ( ـ ش ـ ) : الإجارة المعينة لا يدخلها خيار الشرط قولا واحدا ، وأما خيار المجلس فعلى وجهين. والإجارة في الذمة فيها ثلاثة أوجه : قال أبو إسحاق : لا يدخلها الخياران. وقال الإصطخري : يدخلها الخياران معا. والمذهب أنه يدخلها (٢) خيار المجلس دون خيار الشرط عكس ما قلناه.

مسألة ـ ١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) (٣) : الهبة للواهب الخيار والرجوع فيها قبل القبض وبعد القبض ، الا أن يتعوض (٤) منها ، أو يتصرف فيها الموهوب له ، أو يكون الهبة لولده الصغار.

وقال ( ـ ش ـ ) : هو بالخيار قبل الإقباض ، فإذا أقبض فهو مبني على أن الهبة هل يقتضي الثواب أم لا؟ فيه قولان ، فاذا قال يقتضي الثواب فعلى وجهين : أحدهما

__________________

(١) د : ثبت.

(٢) د : يدخلهما.

(٣) د : سقط ( ج ).

(٤) م : سقط منه من هنا الى فهو مبنى.

٤٤٦

يدخلها الخياران معا ، والثاني لا يدخلان معا.

مسألة ـ ١٧ ـ : إذا أصدقها وشرط الخيار ثلاثا ، أو ما زاد عليه في النكاح بطل النكاح بلا خلاف ، وان شرط في الصداق الخيار وحده كان بحسب ما شرط بدلالة ما روي عنهم عليهم‌السلام كل شرط لا يخالف الكتاب والسنة فهو جائز.

وقال ( ـ ش ـ ) في الأم : فسد المهر. وقال في الإملاء : فسد النكاح. واختلفوا على طريقتين ، فمنهم من قال : المسألة على اختلاف حالين ، قوله في الأم فسد المهر إذا كان الشرط في المهر وقال في الإملاء : بطل النكاح إذا كان الشرط في النكاح.

ومنهم من قال : إذا كان الشرط في المهر وحده فهل يبطل النكاح على قولين : أحدهما يبطل ، والأخر لا يبطل. فاذا قال لا يبطل ، ففي الصداق ثلاثة أوجه : أحدها يصح الشرط والصداق فيهما مثل ما قلناه (١). والثاني : يبطلان معا ولها مهر المثل. والثالث : يبطل الشرط والصداق بحاله.

مسألة ـ ١٨ ـ : الخلع على ضربين : منجز ، وخلع بصفة. فالمنجز قولها طلقني طلقة بألف ، فقال : طلقتك بها طلقة ، فليس له خيار المجلس في الامتناع من قبض الالف ليكون الطلاق رجعيا ، لما بيناه أن خيار المجلس يختص بالبيع.

و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ١٩ ـ : الخلع المعلق بصفة : اما أن يكون عاجلا ، أو آجلا ، فالعاجل أن يقول : ان أعطيتني ألفا فأنت طالق ، والأجل أن يقول : متى أعطيتني ألفا فأنت طالق.

وعلى الوجهين جميعا لا يصح الخلع ولا الشرط ، لإجماع الفرقة على أن الخلع بصفة لا يقع ، سواء كان مبينا بنفسه ، أو يحتاج الى أن يتبع بطلاق.

وقال ( ـ ش ـ ) : العاجل على الفور ، فإن أعطته ألفا وقع الطلاق ، وان لم تعطه

__________________

(١) م : سقط ( مثل ما قلناه ).

٤٤٧

ارتفع العقد ولا خيار فيه ، والمؤجل بالخيار إليها في الإعطاء والامتناع ، وهل (١) يثبت له خيار المجلس في رفع ما أوجبه لها؟ على وجهين : أحدهما لا خيار له وهو المذهب ، والثاني له خيار المجلس وليس بشي‌ء.

مسألة ـ ٢٠ ـ : القسمة إذا كان فيها رد أو لم يكن فيها رد لا يدخله خيار المجلس إذا وقعت القرعة وعدلت السهام ، سواء كان القاسم الحاكم أو الشريكين أو غيرهما ويدخله خيار الشرط ، بدلالة ما قلناه في المسائل المتقدمة.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان فيها رد فهو كالبيع ، سواء يدخلها الخيار ، وان كانت (٢) مما لا رد فيه فعدلت السهام ووقعت (٣) القرعة ، فإن كان القاسم الحاكم ووقعت القرعة فلا خيار وان كان القاسم الشريكين فان قال : القسمة إفراز (٤) فلا يدخلها خيار المجلس. فان (٥) قال : بيع يدخله خيار المجلس ، ولا يدخلها خيار الشرط.

مسألة ـ ٢١ ـ : الكتابة ان كانت مشروطة ، لا يثبت للمولى (٦) خيار المجلس لأنه لا دليل عليه ، ولا يمتنع من دخول خيار الشرط ، لعموم الاخبار في جواز الشرط. والعبد له الخياران معا ، له أن يفسخ أو يعجز نفسه فينفسخ العقد ، وان كانت مطلقة فمتى (٧) أدى من مكاتبته شيئا فقد انعتق بحسابه ، ولا خيار لواحد منهما بحال.

__________________

(١) د : هل يثبت.

(٢) م : وان كان.

(٣) د : فوعت أو يمكن ان يكون تصحيف ( قرعت ).

(٤) د : اقراء.

(٥) م : وان قال.

(٦) م : للولي.

(٧) د : فمن ، م : فان.

٤٤٨

وقال ( ـ ش ـ ) ، لا خيار (١) للسيد في الكتابة ، والعبد له الخيار ، لأنه إذا امتنع كان الفسخ إليه.

مسألة ـ ٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز عندنا البيع بشرط ، مثل أن يقول : بعتك الى شهر ، فان رددت علي الثمن ، والا كان المبيع لي ، فإن رد عليه وجب عليه رد الملك ، وان جازت المدة ملك بالعقد الأول. وقال جميع الفقهاء : ان ذلك باطل يبطل به العقد.

مسألة ـ ٢٣ ـ : السبق والرماية لا يدخلهما خيار المجلس ، ولا يمتنع دخول خيار الشرط فيه ، لأنه لا مانع منه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما أنه مثل الإجارة فحكمه حكمه ، والثاني : أنه جعالة فحكمه حكمه.

مسألة ـ ٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من ابتاع شيئا معينا بثمن معين ولم يقبضه ولا قبض ثمنه وفارقه البائع ، فالمبتاع أحق به ما بينه وبين ثلاثة أيام ، فإن مضت ولم يحضر الثمن كان البائع بالخيار بين فسخ البيع وبين مطالبته بالثمن ، وان هلك المبيع في مدة الثلاثة كان من مال المبتاع ، وان هلك بعدها كان من مال البائع. وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

مسألة ـ ٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من ابتاع شيئا بشرط الخيار ولم يسم وقتا ولا أجلا بل أطلقه ، كان له الخيار ثلاثة أيام ، ولا خيار له بعد ذلك.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان البيع فاسد ، فان أجازه في الثلاثة جاز عنده خاصة ، وان لم يجز حتى مضت الثلاثة بطل البيع.

وقال أبو يوسف ومحمد : له أن يجيزه (٢) بعد الثلاث.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان لم يجعل للخيار وقتا جاز وجعل له من الخيار مثل ما يكون في

__________________

(١) م : وقال لا خيار.

(٢) م : د : ان يجيز.

٤٤٩

تلك الساعة. وقال الحسن بن صالح بن حي : إذا لم يعين أجل الخيار كان له الخيار أبدا.

مسألة ـ ٢٦ ـ : أقل ما ينقطع به خيار المجلس خطوة فصاعدا ، لأنه يقع عليه اسم الافتراق والزائد عليه يحتاج الى دليل.

وقال ( ـ ش ـ ) : يرجع في ذلك الى العادة وقسم أقساما.

مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا قال أحد المتبايعين لصاحبه في المجلس بعد العقد اختر فان اختار إمضاء (١) العقد انقطع الخيار بينهما ، وان سكت أو لم يختر كان بالخيار كما كان ، لأنه لا دلالة على زوال اختياره.

وقال ( ـ ش ـ ) : يثبت في حيز (٢) الساكت ، وفي حيز الأخر وجهان : أحدهما يثبت والأخر [ وهو المذهب (٣) أنه ] ينقطع خياره وحده ولصاحبه الخيار.

مسألة ـ ٢٨ ـ : إذا شرطا (٤) قبل العقد أن لا يثبت بينهما خيار بعد العقد ، صح الشرط ولزمه العقد بنفس الإيجاب والقبول ، لأنه لا مانع من هذا الشرط ، والأصل جوازه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٢٩ ـ : العقد يثبت بنفس الإيجاب والقبول ، فان كان مطلقا فإنه يلزم بالافتراق بالأبدان ، وان كان مشروطا يلزم بانقضاء الشرط ، فان كان الشرط لهما أو للبائع فإذا انقضى الخيار ملك المشتري بالعقد المتقدم ، وان كان الخيار للمشتري وحده زال ملك البائع عن الملك بنفس العقد ، لكنه لم ينتقل إلى المشتري حتى مضى [ ينقضي ( ـ خ ـ ) ] الخيار ، فاذا انقضى ملك المشتري بالعقد الأول.

__________________

(١) م : مضى العقد.

(٢) ح ، د : حين.

(٣) ليس في م ود.

(٤) د : إذا شرط.

٤٥٠

ويدل على لزومه بعد انقضاء الشرط والافتراق الإجماع ، فإنه لا خلاف فيه بين العلماء. وأما الذي يدل على أن العقد يحصل بالإيجاب والقبول قوله عليه‌السلام : البيعان بالخيار ما لم يفترقا. فأثبتهما بيعين مع ثبوت الخيار لهما.

و ( ـ للش ـ ) في انتقال الملك ثلاثة أقوال : أحدها ينتقل بنفس العقد. والثاني : ينتقل بشرطين العقد وقطع الخيار. والثالث : يراعى فان تمَّ البيع تبينا أن ملكه انتقل بنفس العقد ، وان فسخ تبينا أن ملكه ما زال ، سواء كان الخيار لهما أو للبائع وحده أو للمشتري وخيار الشرط فيه وخيار المجلس سواء.

فأما ( ـ ح ـ ) ، فلا يثبت عنده خيار المجلس ، ويثبت خيار الثلاث بالشرط ، فان كان البيع مطلقا انتقل بنفس العقد ، وان كان يختار الشرط ، فان كان الخيار لهما أو للبائع لم ينتقل الملك عن البائع ، فإذا انقضى الخيار ملك المشتري وكان بعقد متقدم ، وان كان الخيار للمشتري وحده زال ملك البائع عن الملك بالعقد ، لكنه لم ينتقل إلى المشتري ، فلا يكون له مالك حتى ينقضي الخيار ، فاذا انقضى ملكه المشتري الان (١).

مسألة ـ ٣٠ ـ : إذا أعتق المشتري في مدة الخيار ، ثمَّ انقضت مدة الخيار وتمَّ البيع ، فإنه ينفذ عتقه. لما روي عنهم عليهم‌السلام من أن المشتري إذا تصرف فيه لزمه البيع ، وبه قال أبو العباس بن سريج.

وقال باقي أصحاب ( ـ ش ـ ) : لا ينفذ لان (٢) ملكه ما تمَّ.

مسألة ـ ٣١ ـ : إذا وطئ المشتري في مدة الخيار لم يكن مأثوما ، ولحق به الولد وكان حرا ، ولزم العقد من جهته ، لاجتماع (٣) الفرقة على أن المشتري

__________________

(١) م : بسقط ( الان ).

(٢) د : بحذف ( لان ).

(٣) م : لإجماع.

٤٥١

متى تصرف في المبيع بطل خياره.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز له وطيه ، فإن وطئها فلا حد عليه ، وان علقت « حملت ( ـ خ ـ ) » فالنسب لا حق والولد حر. وفي لزوم العقد من جهته وجهان قال الإصطخري : يكون ذلك رضا بالبيع وقطعا لخياره مثل ما قلناه ، وعليه أكثر أصحابه. وقال أبو إسحاق : لا يلزم ذلك بل الخيار باق بحاله.

مسألة ـ ٣٢ ـ : إذا وطئ المشتري الجارية في مدة الخيار ، ثمَّ مضت مدة الخيار ولزم العقد وجاءت بولد ، كان لاحقا به ، ولا يلزمه قيمته ولا مهر عليه ، فان فسخ البائع العقد لزمه قيمة الولد ، وكانت الجارية أم ولده إذا (١) انتقلت اليه فيما بعد ، ويلزمه لأجل الوطي عشر قيمتها ان كانت بكرا وان كانت ثيبا فنصف عشر قيمتها.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان أمضى البائع العقد ، ففي لزوم المهر وقيمة الولد أقوال ثلاثة فإذا قال : ينتقل بالعقد ، أو قال : انه مراعى لا قيمة عليه والأمة أم ولده ولا يجب عليه مهر مثل ما قلناه ، وإذا قال : ينتقل بشرطين ، فعليه مهر المثل ، والأمة لا تصير في الحال أم ولده ، فاذا ملكها فيما بعد فعلى قولين.

وأما قيمة الولد ، فالمذهب أن عليه قيمته ، وفيهم من قال : لا قيمة عليه وان اختيار البائع الفسخ ، فان قال : مراعى أو يثبت بشرطين ، فعلى المشتري المهر ولا تصير أم ولده ، فان ملكها فيما بعد فعلى قولين وعليه قيمة الولد قولا واحدا مثل ما قلناه.

وإذا قال : ينتقل بنفس العقد فعلى قول أبي العباس لا مهر عليه ، وهي أم ولده ولا يجب عليه قيمة الولد (٢). وعلى قول ( ـ ش ـ ) عليه المهر ولا تصير أم ولده

__________________

(١) م : وإذا.

(٢) م : قيمة ولده.

٤٥٢

في الحال ، فان ملكها فيما بعد تصير أم ولده قولا واحدا.

دليلنا على أنه لا يلزمه مع نفوذ البيع تمامة (١) القيمة والمهر أن الأصل براءة الذمة ، وإيجاب ذلك يحتاج الى دليل. وأما مع الفسخ ، فالدليل على وجوب ما قلناه من قيمة الولد والمهر إجماع الفرقة ، وطريقة الاحتياط.

مسألة ـ ٣٣ ـ : إذا وطئ المشتري في مدة الخيار ، لم يبطل خيار البائع علم بوطيه أو لم يعلم ، لأنه لا دليل عليه (٢) ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأصحابه ، وفي أصحابه من قال : إذا وطئ بعلمه بطل اختياره.

مسألة ـ ٣٤ ـ : خيار المجلس يورث إذا مات المتبايعان أو أحدهما ، وكذلك خيار الشرط ، ويقوم الوارث مقام من مات منهما ، لأنه يجري مجرى سائر الحقوق التي تورث بظاهر التنزيل ، فان كان أحد المتبايعين مكاتبا قام سيده مقامه.

وبه قال ( ـ ش ـ ) في خيار الشرط. وقال في خيار المجلس : ان كان البائع مكاتبا فقد وجب البيع. ولأصحابه فيه ثلاث طرق ، منهم من قال : ينقطع الخيار ، ويلزم البيع بموت المكاتب ، ولا يلزم بموت الحر.

مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا أكره المتبايعان أو أحدهما على التفرق بالأبدان على وجه يتمكنان من الفسخ والتخاير فلم يفعلا ، بطل خيارهما ، أو خيار من تمكن من ذلك ، لأنه إذا لم يفسخ مع التمكن دل على رضاه بالإمضاء. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ٣٦ ـ : خيار الثلاث يورث ، كان لهما أو لأحدهما ، ولا ينقطع الخيار بالموت ، لأنه مثل سائر الحقوق التي يورث ، لعموم الآية ، فمن أخرج شيئا منها فعليه الدلالة. وكذلك إذا مات الشفيع قبل الأخذ بالشفعة قام وارثه مقامه.

__________________

(١) م : وتمامه القيمة أو المهر.

(٢) م : على ذلك.

٤٥٣

وهكذا في خيار الوصية إذا أوصى له بشي‌ء ومات الموصى كان الخيار في القبول إليه ، فان مات قام وارثه مقامه ، ولم ينقطع الخيار بوفاته ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : كل هذا ينقطع بالموت ، ولا يقوم الوارث مقامه. وقال في البيع : يلزم البيع بموته ولا خيار لوارثه فيه ، وبه قال ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ).

مسألة ـ ٣٧ ـ : إذا جن من له الخيار أو أغمي عليه ، صار الخيار الى وليه لقوله عليه‌السلام : رفع القلم عن ثلاث : عن المجنون حتى يفيق. فدل على أن حكم اختياره قد زال ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا ينقطع بالجنون.

مسألة ـ ٣٨ ـ : إذا ثبت أن خيار الشرط موروث ، فان كان قد مضى بعضه ورث الوارث ما بقي إذا كان حاضرا عند موت مورثه ، وان كان غائبا فبلغه الخبر وقد مضى مدة الخيار بطل خياره ، وان بقي منه ورث ما بقي. وانما قلنا بذلك لان هذا حق له ثبت في أيام معينة ، فإذا مضت وجب أن يبطل الخيار فيما بعدها.

و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان : أحدهما يبطل خياره ، والثاني : له ما بقي من الخيار.

مسألة ـ ٣٩ ـ : إذا كان المبيع حاملا ، فان الحمل لا حكم له ، ومعناه أن الثمن لا يتقسط عليه ، لان العقد انما وقع على الأصل ، فيجب أن يكون الثمن متعلقا به.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما ما قلناه ، والثاني : أن له حكما والثمن يتقسط عليهما ، كأنه اشترى ناقة وفصيلها.

مسألة ـ ٤٠ ـ : من باع بشرط شي‌ء ما صح البيع والشرط معا إذا لم يناف الكتاب والسنة ، لقوله عليه‌السلام : المؤمنون عند شروطهم. وهذا عام في كل شرط ، وبه قال ابن شبرمة.

وقال ابن أبي ليلى : صح البيع وبطل الشرط.

٤٥٤

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : يبطلان معا.

وفي هذا حكاية رواها محمد بن سليمان (١) الذهلي ، قال : حدثنا عبد الوارث ابن سعيد ، قال : دخلت مكة فوجدت بها ثلاثة فقهاء كوفيين أحدهم ( ـ ح ـ ) ، وابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، فصرت الى ( ـ ح ـ ) ، فقلت : ما تقول فيمن باع بيعا وشرط شرطا؟ فقال : البيع فاسد والشرط فاسد ، فأتيت ابن أبي ليلى ، فقلت : ما تقول في رجل باع بيعا وشرط شرطا؟ فقال : البيع جائز والشرط باطل. فأتيت ابن شبرمة ، فقلت : ما تقول فيمن باع بيعا وشرط شرطا؟ فقال : البيع جائز والشرط جائز.

قال : فرجعت الى ( ـ ح ـ ) ، فقلت ان صاحبيك خالفاك في البيع ، فقال : لست أدري ما قالا ، حدثني عمرو بن (٢) شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن النبي عليه‌السلام نهى عن بيع وشرط ، ثمَّ أتيت ابن أبي ليلى ، فقلت : ان صاحبيك خالفاك في البيع فقال : ما أدري ما قالا حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت : لما اشتريت بريرة جاريتي شرطت على مواليها أن أجعل ولاها لهم إذا أعتقتها فجاء النبي عليه‌السلام ، فقال : الولاء لمن أعتق فأجاز البيع وأفسد الشرط.

فأتيت ابن شبرمة ، فقلت : ان صاحبيك خالفاك في البيع ، فقال : لا أدرى ما قالا حدثني مشعر (٣) عن محارب بن ثار (٤) عن جابر بن عبد الله ، قال : ابتاع النبي عليه‌السلام بعيرا بمكة ، فلما نقدني الثمن شرطت عليه أن يحملني على ظهره إلى المدينة ، فأجاز النبي عليه‌السلام الشرط والبيع.

مسألة ـ ٤١ ـ : إذا تبايعا مطلقا ، فكان بينهما خيار المجلس أو تبايعا بشرط

__________________

(١) م : محمد بن سلمان.

(٢) ح : د : عمر بن.

(٣) م : خ مسعر وفي ، خ مسعر بن محارب.

(٤) ميزان الاعتدال ج ٣ ص ٤٤٨. محارب بن دثار ولكن في ح ، وثار وفي م : وثار وفي خ ، زياد.

٤٥٥

الخيار وكان بينهما خيار الشرط ، جاز أن يتقابضا في مدة الخيار ، ويكون الشرط قائما حتى ينقطع ، لأن الأصل جوازه ، ولا مانع في الشرع منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : يكره قبض الثمن في مدة الخيار.

مسألة ـ ٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : خيار الشرط يجوز (١) بحسب ما يتفقان عليه من المدة وان كثر ، وبه قال ابن أبي ليلى ، وأبو يوسف ، و ( ـ م ـ ).

وقال محمد ، و ( ـ ك ـ ) : يجوز بحسب الحاجة ، فإن كان المبيع ثوبا ودارا ونحو هذا جاز يوما ولا يزداد (٢) عليه ، وان كان قرية أو ما لا يقلب إلا في مدة جاز الشهر والشهران وقدر الحاجة.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) : لا يجوز الزيادة على ثلاثة أيام ، ويجوز أقل من ذلك قالوا : فان شرطا أكثر من ذلك كان البيع فاسدا عند ( ـ ش ـ ) ، وزفر (٣) ، وعند ( ـ ح ـ ) وحده إذا اتفقا على إسقاط ما زاد على الثلاث قبل انقضاء الثلاث صح العقد ، وان سكتا حتى مضى بعد الثلاث جزء من الزمان بطل العقد.

مسألة ـ ٤٣ ـ : مدة خيار الشرط من حين التفرق بالأبدان ، لا من حين حصول العقد ، لان العقد لا يثبت الا بعد التفرق. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ٤٤ ـ : إذا ثبت أنه من حين التفرق ، فشرطا أن يكون من حين الإيجاب والقبول صح ، لأن الأصل جوازه ، والمنع يحتاج الى دليل.

وقال ( ـ ش ـ ) على قوله انه من حين العقد متى شرطا من حين التفرق بطل العقد

__________________

(١) بحذف « يجوز ».

(٢) م : د : يزاد.

(٣) م : عند ش ور.

٤٥٦

وعلى قوله انه من حين التفرق فشرطا من حين العقد على وجهين : أحدهما يصح ، والأخر لا يصح.

مسألة ـ ٤٥ ـ : إذا تبايعا نهارا وشرطا (١) الى الليل انقطع بدخول الليل ، وان تعاقدا ليلا وشرطاه الى النهار انقطع بطلوع الفجر الثاني ، لأن ما قلناه متفق عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان البيع نهارا فكما قلناه ، وان كان ليلا لم ينقطع بوجود النهار ، وكان الخيار باقيا الى غد أو غروب الشمس ، وهكذا ان قال الى الزوال أو الى وقت العصر اتصل الى الليل.

مسألة ـ ٤٦ ـ : إذا اختار من له الفسخ ، كان له ذلك ، ولم يفتقر الى حضور صاحبه ، وهكذا فسخه بالعيب لا يفتقر الى حضور صاحبه ، وقبل القبض وبعده سواء ، لأن الأصل جوازه ، ومن ادعى الحاجة الى حضور غيره فعليه الدلالة ، والوكيل ليس له أن يفسخ بغير حضور موكله ، وكذلك الوصي ليس له أن يعزل نفسه ، لأنه لا دلالة على أن لهما الفسخ ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) إلا أنهما قالا في الوكيل والوصي : لهما ذلك بنفوسهما من غير حكم حاكم.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : إذا اختار فسخ البيع مدة خياره لم يصح الا بحضور صاحبه وإذا كان حاضرا لم يفتقر الى رضاه ، وهكذا فسخه بالعيب قبل القبض والفسخ بخيار الشرط ، فان كان ذلك بعد القبض فلا يفسخ الا بتراضيهما ، أو حكم الحاكم.

وأما الوكيل ، فلا يصح حتى يفسخ موكله. وأما الوصي ، فلا يملك أن يعزل نفسه ، وانما يعزله (٢) الحاكم بالخيانة ، أو بأن يقر بالعجز فيعزله الحاكم.

مسألة ـ ٤٧ ـ : إذا باع عينا بشرط الخيار لأجنبي صح ذلك ، لعموم الاخبار

__________________

(١) م : فشرطا.

(٢) ح ، د : يعزل.

٤٥٧

في جواز الشرط.

وقال ( ـ م ـ ) في الجامع الصغير ، قال ( ـ ح ـ ) : لو قال بعتك على أن الخيار لفلان كان الخيار له ولفلان. وقال أبو العباس : جملة الفقه في هذا أنه إذا باعه وشرط الخيار لفلان نظرت ، فان جعل فلانا وكيلا له في الإمضاء والرد صح قولا واحدا وان أطلق الخيار لفلان لو قال لفلان دوني فعلى قولين : أحدهما يصح ، والثاني لا يصح ، وهو اختيار المزني.

مسألة ـ ٤٨ ـ : إذا ثبت أن ذلك يصح ، فالخيار (١) يكون لمن شرط ، ان شرط للأجنبي وحده كان له وان شرط لهما كان لهما وان أطلق للأجنبي كان له دونه لما قلناه في المسألة الاولى.

و ( ـ للش ـ ) فيه على قوله انه يصح أن ذلك للعاقد على وجهين : أحدهما يكون له ، فيكون لهما الخيار ، وهو قول ( ـ ح ـ ). والثاني : يكون على ما شرطا ، ولا يكون للموكل شي‌ء من هذا.

مسألة ـ ٤٩ ـ : إذا باعه بشرط أن يستأمر فلانا ، فليس له الرد حتى يستأمره لما قلناه في المسألة المتقدمة. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان : أحدهما ما قلناه ، والثاني : له الرد من غير استيمار.

مسألة ـ ٥٠ ـ : إذا صح الاستيمار ، فليس له حد الا أن يشرط (٢) مدة معينة قلت أم كثرت ، لان تقييده بزمان مخصوص يحتاج إلى دلالة.

و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان : أحدهما لا يصح حتى يشرط ، والثاني مثل ما قلناه يمتد ذلك أبدا.

مسألة ـ ٥١ ـ : إذا باع عبدين وشرط مدة من الخيار في أحدهما ، فإن

__________________

(١) م : الخيار يكون لمن شرط للأجنبي.

(٢) م : الا شرط.

٤٥٨

أبهم ولم يعين من باعه منهما بشرط الخيار ، فالبيع باطل بلا خلاف ، لأنه مجهول.

وان عين ، فقال : علي أن لك (١) الخيار في هذا العبد دون هذا ثبت الخيار فيما عين فيه وبطل فيما لم يعين ، لعموم الخبر في جواز الشرط. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٥٢ ـ : إذا صح هذا البيع كان لكل واحد منهما بالقسط من الثمن وسواء قدر ثمن كل واحد منهما ، فقال : هذا بألف وهذا بألف ، أو أطلق فقال : بعتكهما بألفين ، لأنه إذا ثبت صحة البيع (٢) بما قدمناه ولم يتعين التقدير ، فلا بد من القسط ، والا أدى الى بطلان العقد.

وقال ( ـ ش ـ ) الكل على قولين. وقال ( ـ ح ـ ) : ان قدر ثمن كل واحد منهما صح ، وان أطلق بطل.

مسألة ـ ٥٣ ـ : روى أصحابنا أنه (٣) إذا اشترى عبدا من عبدين على أن للمشتري أن يختار أيهما شاء أنه جائز ، ولم يرووا من الثوبين شيئا ، ولا فرق بينهما لإجماع الفرقة. وقوله عليه‌السلام « المؤمنون عند شروطهم ».

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا اشترى ثوبا من ثوبين على أنه بالخيار ثلاثة أيام لم يصح البيع ، وكذلك إذا اشترى ثوبا من ثلاثة أثواب أو أكثر على أنه بالخيار ثلاثا لم يصح البيع.

وقال ( ـ ح ـ ) : يصح أن يشتري ثوبا من ثوبين على أنه بالخيار ثلاثا ، والقياس يدل عليه. ويجوز أن يشتري ثوبا من ثلاثة أثواب على أنه بالخيار ثلاثا والاستحسان يدل عليه ، ولا يجوز أن يشتري ثوبا من أربعة أثواب ، والقياس يدل على أنه لا يجوز.

__________________

(١) م : ذلك.

(٢) صح البيع.

(٣) م : انه اشترى.

٤٥٩

وإذا باع بثمن من ثلاثة أثمان ، قال أبو بكر الرازي : لا يحفظ ذلك عن ( ـ ح ـ ) وينبغي أن يجوز ، لأنه لا فرق بين الثمن والمثمن.

مسألة ـ ٥٤ ـ : إذا هلك المبيع في مدة الخيار بعد القبض ، لم ينقطع الخيار ، لأن الأصل ثبوته ، والانقطاع يحتاج الى دليل ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ينقطع.

مسألة ـ ٥٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى سلعة من غيره ولم يقبضها ، فهلكت في يد البائع ، فإنها (١) يهلك من ضمانه وينفسخ البيع ، ولا يجب على المشتري تسليم ثمنها اليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) (٢) إلا أنا نشرط أن يكون البائع لم يمكنه من التسليم ولم أجد لهم نصا في ذلك.

وقال (٣) ( ـ ك ـ ) : لا ينفسخ البيع ، ويتلف المبيع من ضمان المشتري ، وعليه تسليم الثمن إلى البائع ، ولا شي‌ء على البائع الا أن يكون طالبه المشتري بتسليمه إليه ، فلم يسلمه حتى تلف ، فيجب عليه قيمته للمشتري ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

مسألة ـ ٥٦ ـ : إذا قال بعنيه بألف ، فقال : بعتك لم يصح البيع حتى يقول المشتري بعد ذلك : اشتريت أو قبلت ، لان ما اعتبرناه مجمع على ثبوت العقد به.

وقال ( ـ ش ـ ) : يصح وان لم يقل ذلك. وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان القبول بلفظ الخبر كقوله اشتريت منك أو ابتعت منك صح ، وان كان بلفظ الأمر لم يصح ، فاذا قال : بعني ، فقال : بعتك لم ينعقد البيع حتى يقول المشتري بعد هذا قبلت.

مسألة ـ ٥٧ ـ : إذا قال بعتك على أن تنقدني الثمن الى ثلاث ، فان نقدتني

__________________

(١) م : فإنه.

(٢) م : بحذف « وش ».

(٣) م : وقال ك وش بفسخ.

٤٦٠