المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣
الجزء ١ الجزء ٢

وقال ( ـ ح ـ ) : لا مدخل (١) للصوم في ضمان صيد الحرم.

مسألة ـ ٢٧٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المحل إذا صاد صيدا في الحل وأدخله الحرم ممنوع من قتله ، فاذا قتله لزمه الجزاء ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : هو ممنوع وإذا قتل لاجزاء عليه.

مسألة ـ ٢٧٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترك جماعة في قتل صيد ، لزم كل واحد منهم جزاء كامل ، وبه قال من التابعين الحسن البصري والشعبي والنخعي ، ومن الفقهاء ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، وذهب قوم إلى أنه يلزم الجميع جزاء واحد ، وروي ذلك عن عمر ، وابن عمر ، وعبد الرحمن بن عوف ، وبه قال في التابعين عطاء ، والزهري ، وحماد ، وفي الفقهاء ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

مسألة ـ ٢٧٥ ـ : المحرم إذا قتل صيدا مملوكا لغيره ، لزمه الجزاء لله تعالى والقيمة لمالكه ، بدلالة قوله تعالى « وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ » (٢) ولم يفصل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وذهب ( ـ ك ـ ) ، والمزني الى أن الجزاء لا يجب بقتل الصيد المملوك بحال.

مسألة ـ ٢٧٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجب في قتل الحمام على المحرم شاة ، وفي فرخه ولد شاة صغير ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يجب قيمته بناء على أصله في أن الصيد مضمون بالقيمة.

وقال ( ـ ك ـ ) : في حمامة الحرم شاة ، وفي حمامة الحل قيمتها.

مسألة ـ ٢٧٧ ـ : إذا رمى صيدا وهو في الحل ، فدخل السهم الحرم وخرج فأصاب الصيد في الحل فقتله ، لم يلزمه ضمانه ، لأنه لا دليل عليه ، وفي أصحاب ( ـ ش ـ ) من قال : يلزمه ضمانه.

__________________

(١) م : لا مدح.

(٢) سورة الانعام : ٩٦.

٤٢١

مسألة ـ ٢٧٨ ـ : إذا كان طير على غصن من شجرة أصلها في الحرم والغصن في الحل ، فأصابه إنسان فقتله ، لزمه الضمان ، وعند ( ـ ش ـ ) لا يلزمه.

مسألة ـ ٢٧٩ ـ : الدجاج الحبشي ليس بصيد ، ولا يجب فيه الجزاء ، وعند ( ـ ش ـ ) يجب فيه الجزاء ، فأما الأهلي فلا خلاف أنه غير مضمون.

مسألة ـ ٢٨٠ ـ : إذا انتقل الصيد الى المحرم بالميراث لا يملكه ، لعموم الأخبار المانعة من تملك الصيد ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٢٨١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أحرم الإنسان ومعه صيد زال ملكه عنه ولا يزول ملكه عما يملكه في منزله وبلده ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما يزول ملكه ، ولا فرق بين أن يكون في يده أو بلده (١) ، والثاني لا يزول ملكه.

وقال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ح ـ ) : يزول عنه اليد المشاهدة ، ولا يزول اليد الحكمية.

مسألة ـ ٢٨٢ ـ : الجراد مضمون الجزاء ، وإذا قتله المحرم لزمه جزاؤه [ وبه قال عمر وابن عباس وهو مذهب ( ـ ش ـ ) ] (٢) وروي عن أبي سعيد الخدري أنه قال : الجراد من صيد البحر ولا يجب به الجزاء.

[ دليلنا قوله تعالى « وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً » (٣) ، والجراد من صيد البر مشاهدة ، فاذا ثبت انه من صيد البر ثبت انه مضمون إجماعا ] (٤).

مسألة ـ ٢٨٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : في قتل جرادة تمرة ، وروي ذلك عن عثمان ، وروي كف من طعام ، وبه قال ابن عباس ، وروي عن عمر أنه قال لكعب وقد قتل جرادتين : ما جعلت على نفسك؟ فقال : درهمين ، فقال : درهم خير من مائة جرادة.

__________________

(١) م : خ ل ح : بيته.

(٢) هذه الزيادة تختص م ، وهي موافقة لما في الخلاف.

(٣) المائدة : ٩٦.

(٤) هذه الزيادة تختص م وهي موافقة لما في الخلاف.

٤٢٢

وقال ( ـ ش ـ ) : هو مضمون بالقيمة. وعندنا في الكثير منه دم.

مسألة ـ ٢٨٤ ـ : إذا انفرش الجراد في الطريق ولا يمكن سلوكه الا بقتله ووطئه ، فلا جزاء على قاتله ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولقوله تعالى « ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ » (١) [ وهذا لا يمكنه التخلص منه الا بقتله فلا شي‌ء عليه ] (٢) وبه قال عطاء ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ).

مسألة ـ ٢٨٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : بيض النعام إذا كسره المحرم ، فعليه أن يرسل (٣) فحولة الإبل في إناثها بعدد البيض ، فما نتج كان هديا لبيت الله وان كان بيض الحمام ، فعليه أن يرسل فحولة الغنم في الإناث بعدد البيض ، فما خرج كان هديا ، فان لم يقدر على ذلك لزمه عن كل بيضة شاة أو إطعام عشرة مساكين أو صيام ثلاثة أيام ، فإذا كسره في الحرم وهو محل لزمته قيمته. وقال داود وأهل الظاهر : لا شي‌ء عليه في البيض. وقال ( ـ ش ـ ) : البيض إذا كان من صيد مضمون كان فيه قيمته. وقال ( ـ ك ـ ) : يجب في البيضة عشر قيمة الصيد.

مسألة ـ ٢٨٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كسر المحرم بيضة فيها فرخ ، فان كان بيض نعامة كان عليه بكارة من الإبل ، وان كان بيض قطاة ، فعليه بكارة من الغنم (٤). وقال ( ـ ش ـ ) : عليه قيمة بيضة فيها فرخها.

مسألة ـ ٢٨٧ ـ : إذا باض الطير على فراش محرم ، فنقله الى موضعه ، فنفر الطير فلم يحضنه لزمه الجزاء ، لعموم الأخبار الواردة في ذلك ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

__________________

(١) الحج : ٧٨.

(٢) هذه الزيادة تختص م وهي موافقة لما في الخلاف.

(٣) م : سقط منه من هنا الى قوله فحولة الغنم.

(٤) م : النعم.

٤٢٣

مسألة ـ ٢٨٨ ـ : إذا قتل السبع لزمه كبش ، على ما رواه بعض أصحابنا ، فأما الذئب وغيره من السباع فلا جزاء عليه في ذلك ، سواء صال أو لم يصل ، لأنه لا دلالة عليه.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا جزاء في ذلك بحال. وقال ( ـ ح ـ ) : إذا صال الضبع على المحرم فقتله لم يلزمه شي‌ء ، وان قتله من غير صول لزمه الجزاء.

مسألة ـ ٢٨٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الضبع لا كفارة في قتله ، وكذلك السمع (١) المتولد بين الذئب والضبع. وقال ( ـ ش ـ ) : فيهما الجزاء.

مسألة ـ ٢٩٠ ـ : إذا أراد المحرم تخليص صيد من شبكة أو فخ فمات بالتخليص لزمه الجزاء ، لعموم الاخبار في وجوب الجزاء في قتل الصيد. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.

مسألة ـ ٢٩١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نتف المحرم ريش طير أو جرحه ، فإن بقي ممتنعا على ما كان بأن تحامل فأهلك نفسه ، بأن أوقع نفسه في بئر أو ماء أو صدم حائطا ، فعليه ضمان ما جرحه. وان امتنع وغاب عن العين وجب عليه ضمانه كملا.

وقال ( ـ ش ـ ) مثل ما قلناه ، الا أنه قال : إذا غاب عن العين يقوم بين كونه صحيحا ومعيبا ، فان كان له مثل ألزم ما بين قيمتي المثل ، وان لم يكن له (٢) مثل ألزم ما بين القيمتين.

مسألة ـ ٢٩٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا جرح الصيد فجاء آخر فقتله ، لزم كل واحد منهما الفداء. وقال ( ـ ش ـ ) : على الجارح قيمة ما بين كونه صحيحا ومعيبا ، وعلى الثاني الجزاء.

مسألة ـ ٢٩٣ ـ : إذا جرح الصيد ، فصار غير ممتنع بعد الجرح أو النتف ،

__________________

(١) السمع : ولد الذئب.

(٢) ح ، د : بإسقاط ( له ).

٤٢٤

ثمَّ غاب عن العين ، لزمه الجزاء كملا (١) ، وبه قال أبو إسحاق من أصحاب ( ـ ش ـ ) [ وقال باقي أصحابه غلط في ذلك ] (٢) والمنصوص ( ـ للش ـ ) أنه لا يلزمه ضمان جميعه ، وانما يلزمه ضمان الجناية التي وجدت منه ، وهو الجرح والنتف.

مسألة ـ ٢٩٤ ـ : المتولد بين ما يجب فيه الجزاء وما لا يجب ، لا يلزمه الجزاء بقتله ، لأنه لا دلالة (٣) عليه ، وعند جميع الفقهاء يجب فيه الجزاء.

مسألة ـ ٢٩٥ ـ : الجوارح من الطير ، كالبازي والصقر والشاهين والعقاب ونحو ذلك ، والسباع من البهائم كالنمر والفهد وغير ذلك ، لا جزاء في قتل شي‌ء منها ، لأنه لا دلالة عليه ، والأصل براءة الذمة ، وقد قدمنا أن في رواية أصحابنا أن في الأسد خاصة كبشا.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا جزاء في شي‌ء منه. وقال ( ـ ح ـ ) : يجب الجزاء في جميع ذلك إلا الذئب فلا جزاء فيه ، والجزاء أقل الأمرين : اما القيمة ، أو الشاة ، ولا يلزم أكثرهما.

مسألة ـ ٢٩٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا رمى حلال صيدا قوائمه في الحل ورأسه في الحرم من الحل ، فأصاب رأسه فقتله ، فعليه الجزاء ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا جزاء عليه.

مسألة ـ ٢٩٧ ـ : أن حلب لبن صيد ضمنه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ان نقص بالحلاب ضمنه ، والا لم يضمن.

مسألة ـ ٢٩٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان الصيد قاصدا الى الحرم لم يجز اصطياده ، ولم يعتبر ذلك أحد من الفقهاء.

__________________

(١) ح ، د : بإسقاط ( كملا ).

(٢) كذا في م وفي ح ود : بدل هذه الجملة قالوا والمنصوص.

(٣) م : لا دليل.

٤٢٥

مسألة ـ ٢٩٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : روى أصحابنا أن المحرم إذا أصاب صيدا فيما بين البريد والحرم لزمه الفداء ، ولم يقل بذلك أحد من الفقهاء.

مسألة ـ ٣٠٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ما يجب فيه المثل أو القيمة إذا قتله المحرم في الحرم تضاعف ذلك عليه ، وان قتله المحل في الحرم لزمه القيمة لا غير ، ولم يفصل أحد من الفقهاء ذلك.

مسألة ـ ٣٠١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا بلغ قيمة مثل الصيد (١) أكثر من ستين مسكينا لكل مسكين نصف صاع ، لم يلزمه أكثر من ذلك ، وكذلك الصوم لا يلزمه أكثر من ستين يوما ، هذا في النعامة ، وفي البقرة ثلاثين مسكينا أو ثلاثين يوما ، وفي الظبي عشرة مساكين أو ثلاثة أيام ، ولم يعتبر أحد من الفقهاء ذلك.

مسألة ـ ٣٠٢ ـ : إذا عجز عن صيام شهرين وعن الإطعام صام ثمانية عشر يوما ، وفي البقرة تسعة أيام ، وفي الحمام ثلاثة أيام ، ولم يقل بذلك أحد من الفقهاء.

مسألة ـ ٣٠٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الشجر الذي ينبته الآدميون في العادة إذا أنبته الله في الحرم يجب الضمان بقطعه ، وان أنبته الله في الحل فقطعه آدمي وأدخله في الحرم فأنبته ، فلا ضمان عليه إذا قطعه.

وقال ( ـ ش ـ ) : شجر الحرم مضمون على المحل والمحرم إذا كان ناميا غير موذ وأما اليابس والمؤذي كالعوسج وغيره فلا ضمان عليه في قطعه. وقال داود وأهل الظاهر : لا ضمان في قطعه لكنه ممنوع منه.

مسألة ـ ٣٠٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : في الشجرة الكبيرة بقرة ، وفي الصغيرة شاة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : هو مضمون بالقيمة.

يدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي عن ابن عباس أنه قال :

__________________

(١) د ، ح : من الصيد.

٤٢٦

في الدوحة بقرة ، وفي الجزلة شاة.

مسألة ـ ٣٠٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا بأس بالرعي في الحرم ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز.

مسألة ـ ٣٠٦ ـ : لا بأس بإخراج حصى الحرم وترابه وأحجاره ، لأنه لا مانع منه والأصل الإباحة ، وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز ذلك الا أنه إذا أخرجه لا ضمان عليه ، وقال : البرام ليست من أحجار الحرم ، وانما تحمل اليه فتعمل فيه.

مسألة ـ ٣٠٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قتل القارن صيدا لزمه جزاء واحد ، وكذلك الحكم في اللباس والطيب وغير ذلك. وقال ( ـ ش ـ ) : يلزم القارن والمفرد جزاء واحد على تفسيرهم في القران. وقال ( ـ ح ـ ) : يلزم القارن جزائان في جميع ذلك.

مسألة ـ ٣٠٨ ـ : إذا جن بعد إحرامه ، فقتل صيدا أو حلق أو وطئ ما يفسد الحج ، لزمه الجزاء بقتل الصيد ، وليس عليه في ما عداه شي‌ء ، لأن الأصل براءة الذمة ، وحكم العمد والنسيان في الصيد سواء على ما بيناه. و ( ـ للش ـ ) في جميع ذلك قولان.

مسألة ـ ٣٠٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صيد المدينة حرام اصطياده ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ليس بحرام.

مسألة ـ ٣١٠ ـ : إذا صاد في المدينة لا يجب عليه الجزاء ، لأنه لا دلالة عليه و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، قال في القديم : عليه الجزاء ، والجزاء أن يسلب ما عليه يعني الصائد ، فيكون لمن سلبه ، وفيه قول آخر يكون للمساكين. وقال في الجديد : لا جزاء عليه.

مسألة ـ ٣١١ ـ : صيد و ( ـ « ج » ـ ) وهو بلد باليمن غير محرم ولا مكروه لأنه لا دليل عليه وقال ( ـ ش ـ ) مكروه [ وقال أصحابه ظاهر هذا المذهب انه أراد بذلك كراهة

٤٢٧

تحريم ] (١).

مسألة ـ ٣١٢ ـ : لا يجوز للمحصور أن يتحلل إلا بهدي ، لقوله تعالى « فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ » (٢) لما رووه عن جابر قال : أحصرنا مع رسول الله بالحديبية ، فنحرنا البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة. وقال ( ـ ك ـ ) : لا هدي عليه.

مسألة ـ ٣١٣ ـ : إذا أحصره العدو جاز أن يذبح هديه مكانه ، والأفضل أن ينفذ به الى منى أو مكة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). ويدل على ذلك فعل النبي عليه‌السلام بالحديبية والحديبية من الحل.

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز أن ينحر إلا في الحرم ، سواء أحصر في الحل أو الحرم فإن أحصر في الحرم نحر مكانه وان أحصر في الحل أنفذ بهديه ، ويقدر له مدة يغلب على ظنه أنه يصل فيها وينحر ، فاذا مضت تلك المدة تحلل ، ثمَّ نظر فان وافق تحلله (٣) بعد نحر هديه ، فقد صح تحلله ووقع موقعه ظاهرا وباطنا ، وان كان تحلل قبل أن يذبح هديه لم يصح تحلله في الباطن الى أن ينحر هديه ، فان كان تطيب أو لبس لزمه بذلك دم.

مسألة ـ ٣١٤ ـ : إذا أحصره العدو جاز له التحلل ، سواء كان مفردا أو قارنا أو متمتعا ، لعموم الآية ، وفعل النبي عليه‌السلام بحديبية ، وبه قال جميع الفقهاء الا ( ـ ك ـ ) فإنه قال : ان كان معتمرا لم يكن له التحلل.

مسألة ـ ٣١٥ ـ : إذا كان متمكنا من البيت ومصدودا عن الوقوف بعرفة ، جاز له التحلل أيضا ، لعموم الآية ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : ليس له ذلك.

__________________

(١) هذه الزيادة تختص م. وهي موجودة في الخلاف.

(٢) البقرة آية ١٩٢.

(٣) د : فحلله.

٤٢٨

مسألة ـ ٣١٦ ـ : المصدود عن الحج أو العمرة ان كانت حجة الإسلام أو عمرته لزمه القضاء في القابل ، وان كان تطوعا لا يلزمه القضاء ، لأنه لا دليل عليه ، وأيضا فإن النبي عليه‌السلام خرج في عام الحديبية في ألف وأربع مائة من أصحابه محرمين بعمرة ، فحصره العدو فتحللوا ، فلما كان في السنة الثانية عاد في نفر معدودين ، فلو كان القضاء واجبا على جماعتهم لأخبرهم بذلك ولفعلوا ، ولو فعلوا لنقل نقلا عاما أو خاصا.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا قضاء عليه بالتحلل ، فان كانت حجة تطوع أو عمرة تطوع لم يلزمه قضاؤها بحال ، وان كانت حجة الإسلام أو عمرة الإسلام وكانت قد استقرت في ذمته قبل هذه السنة ، فكأنه لم يفعلها ، فيكون باقيا في ذمته. وان كانت وجبت عليه في هذه السنة ، سقط وجوبها ولم يستقر في ذمته.

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا تحلل المحصر (١) لزمه القضاء ، فان كان أحرم بعمرة تطوع قضاها ، وان أحرم بحجة تطوع وأحصر تحلل عنه ، وعليه أن يأتي بحج وعمرة ، وان كان قرن بينهما فأحصر تحلل ولزمته حجة وعمرتان : عمرة لأجل العمرة وحجة (٢) وعمرة لأجل الحج.

مسألة ـ ٣١٧ ـ : الحصر الخاص مثل الحصر العام سواء ، لما قلناه (٣) في المسألة الاولى. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما مثل ما قلناه ، والثاني يجب عليه القضاء في القابل.

مسألة ـ ٣١٨ ـ : المحصر بعدو إذا لم يجد الهدي ولا يقدر على شرائه ، لا يجوز له أن يتحلل ويبقى الهدي في ذمته ، ولا ينتقل إلى الإطعام ولا الصوم ،

__________________

(١) د : المحصور.

(٢) م : بإسقاط ( وحجة.

(٣) م : بإسقاط ( التعليل رأسا.

٤٢٩

بدلالة (١) قوله تعالى « فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ » ثمَّ قال « وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ » (٢) فمنع من التحلل الى أن يبلغ الهدي محله وهو يوم النحر ولم يذكر البدل ، ولو كان له بدل لذكره ، كما أن نسك الأذى لما كان له بدل ذكره.

و ( ـ للش ـ ) (٣) فيه قولان : أحدهما مثل ما قلناه ، والثاني وهو الصحيح عندهم أنه ينتقل الى البدل ، وإذا قال بجواز الانتقال قال ينتقل الى الصيام ، وفيه قول آخر ينتقل إلى الإطعام ، وقول ثالث انه مخير بين الإطعام والصيام.

مسألة ـ ٣١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المحصر بالمرض يجوز له التحلل ، غير أنه لا يحل له النساء حتى يطوف في القابل ، أو يأمر من يطوف عنه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) الا أنه لم يعتبر طواف النساء ، وبه قال ابن مسعود.

وذهب قوم إلى أنه لا يجوز له التحلل بل يبقى على إحرامه أبدا إلى أن يأتي به ، فان فاته الحج تحلل بعمرة ، وبه قال (٤) ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، وروي ذلك عن ابن (٥) عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير ، وعائشة.

يدل على مذهبنا ـ بعد إجماع الفرقة ـ قوله تعالى « فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ » (٦) وذلك عام في منع العدو والمنع بالمرض ، فإنه يقال في اللغة : أحصره المرض وحصره العدو. وقال (٧) الفراء : أحصره المرض لا غير

__________________

(١) م : آخر الدليل الى آخر المسألة.

(٢) البقرة : ١٩٢.

(٣) م : أورد على عبارة الخلاف بلا تلخيص فليراجع الى الخلاف.

(٤) د : وقاله ، بدل وبه قال.

(٥) م : عن جماعة من الصحابة كابن عباس وابن عمر. إلخ.

(٦) البقرة : ١٩٢.

(٧) م : بإسقاط قول الفراء.

٤٣٠

وحصره العدو أحصره معا.

وروى عكرمة عن حجاج بن عمر الأنصاري عن النبي عليه‌السلام قال : من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى. وفي بعض الاخبار : وعليه الحج من قابل.

مسألة ـ ٣٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للمحرم أن يشرط في حال إحرامه أنه ان عرض له عارض يحبسه أن يحله حيث حبسه ، من مرض ، أو عدو ، أو انقطاع نفقة ، أو فوات وقت ، وكان ذلك صحيحا يجوز له أن يتحلل إذا عرض له (١) شي‌ء من ذلك ، وروي ذلك عن عمر ، وابن عمر ، وابن مسعود ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

[ وقال بعض أصحابه أنه لا تأثير للشرط ، وليس بصحيح عندهم ، والمسئلة على قول واحد في القديم ، وفي الجديد على قولين وبه قال ] (٢) ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) ، والزهري ، وابن عمر : الشرط لا يفيد شيئا ، ولا يتعلق به التحلل.

وقال ( ـ ح ـ ) : المريض له التحلل من غير شرط ، فان شرط سقط عنه الهدي.

وروت عائشة ان النبي دخل على صناعة (٣) بنت الزبير فقالت : يا رسول الله اني أريد الحج وأنا شاكية ، فقال النبي عليه‌السلام : أحرمي واشترطي أن تحلني حيث حبستني ، وهذا نص ] (٤).

مسألة ـ ٣٢١ ـ : إذا شرط على ربه في حال الإحرام ثمَّ حصل الشرط وأراد التحلل فلا بد من نية التحلل ، ولا بد من الهدي ، لعموم الآية في وجوب الهدي على المحصر. و ( ـ للش ـ ) قولان في النية والهدي معا.

مسألة ـ ٣٢٢ ـ : ليس للرجل أن يمنع زوجته الحرة من حجة الإسلام إذا

__________________

(١) ح ، د : بإسقاط ( له ).

(٢) ح ، د : بإسقاط هذه الجملة.

(٣) م : صاعد خ ل ف صباعة.

(٤) هذه الجملة تختص م ، وهي بعض ما في الخلاف من الدليل.

٤٣١

وجب عليها ، بدلالة أن الحج يجب على الفور ، وجواز منعها يحتاج إلى دلالة ، ولما روي عن النبي عليه‌السلام من قوله : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، فاذا خرجن فليخرجن تفلات (١). وهذا عام في سائر المساجد والمسجد الأعظم منها.

وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في اختلاف الحديث ، وقال في القديم والجديد : له منعها من ذلك.

مسألة ـ ٣٢٣ ـ : ليس للمرأة أن تحرم تطوعا إلا بإذن زوجها ، وله منعها منه و ( ـ للش ـ ) في جواز إحرامها قولان ، وفي المنع منها قولان.

مسألة ـ ٣٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : شرائط وجوب الحج على المرأة والرجل سواء ، وهي البلوغ ، والعقل ، والحرية ، والزاد والراحلة ، والرجوع الى كفاية ، وتخلية الطريق ، وإمكان المسير ، وهي بعينها شروط الأداء ، وليس من شرط الوجوب ، ولا من شرط الأداء في حجة الإسلام المحرم بل أمن الطريق ومصاحبة قوم ثقات يكفي ، فأما حجة التطوع فلا يجوز لها الا بمحرم.

وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وزاد فيه : أن من شرط الأداء محرما أو نساء ثقات ، وأقل ذلك امرأة واحدة ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، وخالف ( ـ ك ـ ) في فصل ، فقال : لا يجزئ امرأة واحدة.

وقال ( ـ ع ـ ) بمثل ما قلناه ، وزاد إذا كان الطريق مسلوكا متصلا بطريق السوق فهذا أمر لا يفتقر معه الى محرم ولا نساء (٢) ، وبه قال بعض أصحاب ( ـ ش ـ ).

وأما التطوع فقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز لها أن تسافر الا مع ذي محرم ، هذا هو المنصوص عليه ، ومن أصحابه من قال : يجوز ذلك بغير محرم كالفرض.

__________________

(١) تفلات جمع تفلة وهي المرية أنتن ريحها ترك الطيب والادهان وفي الخلاف نفقات ، خ ل ـ يفلات ، ثفلات.

(٢) م : بإسقاط ( لا ).

٤٣٢

وذهب ( ـ ح ـ ) الى أن المحرم شرط [ في الوجوب وأبى أصحابه هذا وقالوا : ليس بشرط في الوجوب ولكنه شرط في الأداء ] (١) والفرض والنفل عنده سواء.

مسألة ـ ٣٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للمرأة أن تخرج في حجة الإسلام وان كانت معتدة أي عدة كانت ، ومنع الفقهاء كلهم من ذلك.

مسألة ـ ٣٢٦ ـ : ليس للأبوين ولا لواحد منهما مع الولد (٢) في حجة الإسلام أمر بلا خلاف ، وعندنا أن الأفضل إلا يحرم الا برضاهما في التطوع ، فان بادر وأحرم لم يكن لهما ولا لواحد منهما منعه ، لأنه لا دلالة عليه ، والأصل جوازه.

وقال ( ـ ش ـ ) : لهما منعه من ابتداء الإحرام قولا واحدا ، فان بادر وأحرم كان لهما ولكل واحد منهما المنع على قولين.

مسألة ـ ٣٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز عندنا الذبح في اليوم الثالث من التشريق ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : لا يجوز ، لأنه ليس من المعلومات.

مسألة ـ ٣٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأيام المعدودات أيام التشريق بلا خلاف ، والأيام المعلومات عشرة أيام من أول ذي الحجة آخرها غروب الشمس من يوم النحر ، وهو قول علي ، وابن عمر ، وابن عباس ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : ثلاثة أيام ، أولها يوم النحر ، فجعل أول التشريق ، وثانيها من المعدودات والمعلومات.

وقال ( ـ ح ـ ) : ثلاثة أيام ، أولها يوم عرفة ، وآخرها أول التشريق ، فجعل أول التشريق من المعدودات والمعلومات.

__________________

(١) ح ، د : بإسقاط هذه الجملة.

(٢) م : منع الولد.

٤٣٣

وقال ( ـ ك ـ ) : لا ذبح إلا في المعلومات.

وقال ( ـ ح ـ ) : الذبح جائز في غير المعلومات ، وهو ثاني التشريق. ورووا عن علي عليه‌السلام أربعة أيام أولها يوم عرفة. وقال سعيد بن جبير : المعدودات هي المعلومات.

مسألة ـ ٣٢٩ ـ : إذا قال : لله علي هدي ، فعليه أن يهدي : اما من الإبل ، أو البقر ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصح القولين ( ـ للش ـ ) ، ويدل عليه انا روينا أن الهدي لا يقع الا على البدن والنعم.

وقال ( ـ ش ـ ) في القديم والإملاء : والندب لزمه ما يقع اسم الهدي عليه ، قل أو كثر.

مسألة ـ ٣٣٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الدماء المتعلقة بالإحرام ، كدم التمتع والقران وجزاء الصيد ، وما وجب بارتكاب المحظورات في الإحرام ، كاللباس والطيب وغير ذلك ان حصر جاز له أن تنحر مكانه في حل أو حرم إذا لم يتمكن من إنفاذه بلا خلاف وان لم يحصر فعندنا ما يجب بإحرام الحج على اختلاف أنواعه لا يجوز ذبحه الا بمنى ، وما يجب بإحرام العمرة المفردة لا يجوز ذبحه إلا بمكة قبالة الكعبة بالحزورة.

وقال ( ـ ش ـ ) : فيه ثلاث مسائل : ان نحر في الحرم وفرق اللحم في الحرم أجزأه بلا خلاف بينهم ، وان نحر في الحرم وفرق اللحم في الحل لم يجز عنده خلافا لح ، وان نحر في الحل وفرق اللحم في الحرم ، فان كان تغير لم يجز ، وان كان طريا في الحرم فعلى وجهين.

مسألة ـ ٣٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ما يجب عليه من الدماء بالنذر ، فان قيده ببلد أو بقعة لزمه في موضعه الذي عينه بلا خلاف ، وان أطلقه فلا يجوز عندنا إلا بمكة

٤٣٤

قبالة الكعبة بالحزورة (١) ، ولا يجزئ الا من النعم.

وقال ( ـ ش ـ ) في المطلق كدماء الحج ان كان محصرا فحيث يحل ، وان لم يكن محصرا ففيه المسائل الثلاث.

مسألة ـ ٣٣٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ساق الهدي من الإبل والبقر ، فمن السنة أن يقلدها نعلا ويشعرها في صفحة سنامها الأيمن ، وهو أن يشق المكان بحديدة حتى يسيل الدم ويشاهد ويرى ، وروي ذلك عن ابن عباس ، وابن عمر ولا مخالف لهم ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، غير أن ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) قالا : الاشعار من الجانب الأيسر.

وقال ( ـ ح ـ ) : يقلدها ولا يشعرها ، فان الاشعار مثلة وبدعة.

دليلنا ـ بعد إجماع الفرقة ـ ما روي عن ابن عباس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى بذي الحليفة ، ثمَّ دعا ببدنة فأشعرها من صفحة سنامها الأيمن ، ثمَّ سلت الدم عنها. وفي بعضها : ذلك (٢) الدم عنها. وفي بعضها : بيده. وفي بعضها : بإصبعه ، ثمَّ أتى براحلته فقعد عليها واستوت به على البيداء وأهل بالحج.

وروى عروة عن مسور بن محزمة ومروان أنهما قالا : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عام الحديبية ، فلما كان بذي الحليفة قلد الهدى وأشعره. وهذا في الصحيح.

مسألة ـ ٣٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الغنم يستحب تقليدها ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) : لا يقلد الغنم.

مسألة ـ ٣٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : عندنا يصير محرما بأحد ثلاثة أشياء : التلبية ، والتقليد والاشعار. ولا بد في ذلك من النية.

وقال ( ـ ش ـ ) : يصير محرما بمجرد النية ، وهو قول الجماعة ، وروي عن ابن عباس وابن عمر أنه يصير محرما بنفس التقليد.

__________________

(١) حزورة وزان قسورة موضع قبالة الكعبة بين الصفا والمروة.

(٢) م : هذه الضمائر مذكرة.

٤٣٥

وحكينا عن ( ـ ح ـ ) أنه لا يصير محرما بمجرد النية ، وانما ينعقد إحرامه بتلبية ، أو سوق هدي مثل ما قلناه ، وخالف في الاشعار.

مسألة ـ ٣٣٥ ـ : عندنا أن من ينفذ من أفق من الافاق هديا يواعد أصحابه يوما يقلدونه فيه أو يشعرونه ، ويجتنب هو ما يجتنبه المحرم ، فاذا كان يوم وافقهم على نحره أو ذبحه يحل مما أحرم منه. وروي ذلك عن ابن عباس ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

مسألة ـ ٣٣٦ ـ : يجوز اشتراك سبعة في بدنة واحدة ، أو بقرة واحدة ، إذا كانوا متقربين ، وكانوا أهل خوان واحد ، سواء كانوا متمتعين ، أو قارنين ، أو مفردين (١) ، أو بعضهم مفردا وبعضهم قارنا أو متمتعا ، أو بعضهم مفرضين أو متطوعين ولا يجوز أن يكون بعضهم يريد اللحم.

ويدل على ذلك خبر جابر ، قال : كنا نتمتع على عهد رسول الله ، ويشترك السبعة في البقرة أو البدنة. وما رواه أصحابنا أكثر من أن يحصى.

وعند ( ـ ح ـ ) مثله الا أنه لم يعتبر أهل خوان واحد ، وعند ( ـ ش ـ ) مثله الا أنه جاز أن يكون بعضهم يريد اللحم. وقال ( ـ ك ـ ) : لا يجوز الاشتراك إلا في موضع واحد وهو إذا كانوا متطوعين. وقد روى ذلك أصحابنا أيضا ، وطريقة الاحتياط يقويه.

مسألة ـ ٣٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ذبح الإبل ، أو نحر البقر أو الغنم ، كان حراما أكله ولم يجزه.

وقال ( ـ ش ـ ) : خالف السنة وأجزأه. وقال ( ـ ك ـ ) : ان ذبح الإبل لم يحل أكله مثل ما قلناه.

مسألة ـ ٣٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : السنة في البدن أن ينحر وهي قائمة ، وبه قال جميع

__________________

(١) ح ، د منفردين.

٤٣٦

الفقهاء. وقال عطاء : ينحرها باركة.

وإجماع الفرقة دليل على ما قلناه. وروى جابر أن النبي عليه‌السلام وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها. وأيضا قوله تعالى « فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ » (١) قال ابن عباس : صواف أي معقولة إحدى يديها. وقوله « فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها » أي : سقطت على جنوبها. وقال مجاهد : سقطت على الأرض.

مسألة ـ ٣٣٩ ـ : محل النحر للحاج منى ، وللمعتمر مكة ، فإن خالف لا يجزيه وبه قال ( ـ ك ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : السنة ما قلناه ، فان خالف أجزأه.

مسألة ـ ٣٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الهدي الواجب وهو ما يلزم المحرم بارتكاب محظور من اللباس والطيب والصيد وغير ذلك والنذر ، لا يحل له أن يأكل منه ، ويجوز أن يأكل من هدي التمتع ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز الأكل من جميع ذلك ، وله في النذر تفصيل ، وظاهر مذهبه أنه مثل سائر الواجبات.

وقال ( ـ ك ـ ) : يأكل من الكل الا من النذر وجزاء الصيد والحلاق.

مسألة ـ ٣٤١ ـ : الهدي المتطوع به يستحب أن يأكل ثلثه ويتصدق بثلثه ويهدى ثلثه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في أحد قوليه ، والأخر أنه يأكل نصفه ويتصدق بالنصف هذا في المستحب.

فأما الاجزاء ، فيكفي ما يقع عليه اسم الأكل قل أم كثر ، ولا ينبغي أن يأكل جميعه. وقال أبو العباس : له أن يأكل الكل وقال عامة أصحاب ( ـ ش ـ ) مثل ما قلناه.

[ دليلنا قوله تعالى « فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ » فسمى ثلاثة أجناس

__________________

(١) سورة ٢٢ ، آية ٣٧.

٤٣٧

فاستحب التسوية بينهم في ذلك ، وهو إجماع الفرقة ] (١).

مسألة ـ ٣٤٢ ـ : إذا أكل الكل لم يضمن شيئا ، لأنه لا دليل عليه ، وهو قول أبي العباس. وقال الباقون من أصحاب ( ـ ش ـ ) : يضمن ، وهو على وجهين أحدهما القدر الذي لو تصدق به أجزأه ، والثاني قدر المستحب.

مسألة ـ ٣٤٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : قد ذكرنا أن ما يجب بالنذر لا يجوز له الأكل منه سواء كان على سبيل المجازاة أو واجبا بالنذر المطلق ، وهو مذهب قوم من أصحاب ( ـ ش ـ ) ، وفيهم من قال وعليه أكثرهم ان ما وجب بالنذر المطلق أنه يأكل منه.

وقال ( ـ ك ـ ) : يأكل من الكل الا ما وجب بالنذر ، فلم يفصل بين ما وجب عن إتلاف صيد أو حلق شعر.

وقال ( ـ ح ـ ) : لا يأكل من الكل الا من دم التمتع والقران مثل ما قلنا ، وأصل الخلاف أن دم التمتع عندنا وعند ( ـ ح ـ ) نسك : وعند ( ـ ش ـ ) جبران.

مسألة ـ ٣٤٤ ـ : إذا ضل الهدي الواجب في الذمة ، فعليه إخراج بدله ، وان عاد الضال يستحب له إخراجه أيضا ، ويجوز له بيعه ان شاء أولا وان شاء أخيرا ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه قال : ان عاد الضال أخرجه أيضا.

ويدل (٢) على ما ذكرنا أن إيجاب ذلك يحتاج إلى دلالة ، والواجب عليه أحدهما بالاتفاق.

مسألة ـ ٣٤٥ ـ : لا يجوز أن يتولى ذبح الهدي والأضحية أحد من الكفار لا المجوس ولا اليهود والنصارى ، لان ذبيحة أهل الكتاب عندنا غير مباحة ، ووافقنا ( ـ ش ـ ) في المجوس ، وكره في اليهود والنصارى واجازه.

مسألة ـ ٣٤٦ ـ : إذا نذر هديا بعينه زال ملكه عنه وانقطع تصرفه ، ولا يجوز

__________________

(١) هذه تختص م.

(٢) م : دليلنا ان إيجابه ذلك.

٤٣٨

له بيعه وإخراج بدله ، لان البدل يحتاج الى دليل ، ولا دليل عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : له إخراج بدله.

مسألة ـ ٣٤٧ ـ : إذا حج حجة الإسلام ، ثمَّ ارتد ، ثمَّ عاد إلى الإسلام ، اعتد بتلك الحجة ولم يجب عليه غيرها ، وكذلك كل ما فعله من العبادات يعتد بها ، وعليه أن يقضي جميع ما تركه قبل عوده إلى الإسلام ، سواء تركه حال إسلامه أو حال ردته.

ويدل على ما ذهبنا إليه أنه لا خلاف أن حجة الإسلام يجب في العمر مرة واحدة فمن أوجبها ثانيا فعليه الدلالة. وأما وجوب القضاء فيما فات من العبادات ، فطريقة الاحتياط تقتضيه. وعند ( ـ ش ـ ) مثل ذلك.

وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : إذا أسلم حدث وجوب حجة الإسلام عليه ، كأنه ما كان فعلها وكل ما كان فعله قبل ذلك فقد حبط عمله وبطل ، وما تركه فلا يقضيه ، سواء تركه في حال إسلامه أو في حال ردته ويكون مثل كافر أصلي أسلم ، فاستأنف أحكام المسلمين.

مسألة ـ ٣٤٨ ـ : إذا أحرم المسلم ثمَّ ارتد لا يبطل إحرامه ، لأنه لا دلالة عليه فان عاد إلى الإسلام ، جاز أن يبني عليه. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان : أحدهما يبطل كالصلاة والصيام ، والأخر لا يبطل.

مسألة ـ ٣٤٩ ـ : المستحب للمكي والمتمتع ولمن يحرم من دويرة أهله أن يحرم ويخرج إلى منى ، ولا يقيم بعد إحرامه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : المستحب أن يحرم ويقيم ، فإذا أراد الخروج إلى منى خرج محرما.

مسألة ـ ٣٥٠ ـ : قال ( ـ ش ـ ) : يكره أن يقال لمن لم يحج صرورة ، لقوله عليه‌السلام : لا صرورة في الإسلام. ويكره أن يقال لحجة الوداع : حجة الوداع ، لان الوداع

٤٣٩

المفارقة والعزم على أن لا يعود ، ويكره أن يقال للمحرم وصفر : صفران بل يسمى كل واحد منهما باسمه. ويكره لمن طاف بالبيت أن يضع يده على فيه. ويكره أن يقال : شوط ودور ، بل يقال : طواف وطوافان.

ولا أعرف لأصحابنا نصا في كراهية شي‌ء من هذه المسائل ، بل ورد في أخبارهم لفظ صرورة ، ولفظ شوط وأشواط. والاولى أن يكون على أصل الإباحة ، لأن الكراهة تحتاج الى دليل.

مسألة ـ ٣٥١ ـ : قال ( ـ ش ـ ) : يستحب لمن حج أن يشرب من نبيذ السقاية الذي لم يشتد ولم يتغير ، لأن النبي عليه‌السلام رخص لأهل سقاية العباس ترك المبيت بمنى من أجل سقايته ، وأنه شرب من النبيذ. ولا أعرف لأصحابنا فيه نصا.

مسألة ـ ٣٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : مكة أفضل من المدينة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وأهل مكة ، وأهل العلم أجمع ، إلا ( ـ ك ـ ) قال : المدينة أفضل من مكة ، وبه قال أهل المدينة.

يدل على ذلك إجماع الفرقة ، فإنهم رووا أن صلاة في المسجد الحرام بعشرة ألف صلاة ، وصلاة في مسجد النبي بألف صلاة ، فدل ذلك على أن مكة أفضل.

وروي عن ابن عباس قال : لما خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من مكة التفت إليها ، وقال : أنت أحب البلاد الى الله ، وأنت أحب البلاد الي ، ولو لا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت. وروى جابر أن النبي عليه‌السلام قال : صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائتي صلاة في مسجدي.

مسألة ـ ٣٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب لمن أراد الخروج من مكة أن يشتري بدرهم تمرا ويتصدق به ، ولم أعرف لأحد من الفقهاء ذلك.

مسألة ـ ٣٥٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره للمحرم أن يلبي غيره إذا ناداه. ولم أجد لأحد من الفقهاء كراهية ذلك.

٤٤٠