المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣
الجزء ١ الجزء ٢

مسألة ـ ٣٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قرن بين الحج والعمرة في إحرامه لم ينعقد إحرامه إلا بالحج ، فان أتى بأفعال الحج لم يلزمه دم ، وان أراد أن يأتي بأفعال العمرة ويحل ويجعلها متعة جاز ذلك ويلزمه الدم. وقد بينا ما يريد الفقهاء بالقران.

واختلفوا في لزوم الدم ، فقال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) : يلزمه دم.

وقال الشعبي : عليه بدنة. وقال طاوس : لا شي‌ء عليه ، وبه قال داود ، وحكي أن محمد بن داود استفتى عن هذا بمكة ، فأفتى بمذهب أبيه فجروا برجله.

مسألة ـ ٣١ ـ : إذا أراد المتمتع أن يحرم بالحج ، ينبغي أن ينشئ الإحرام من جوف مكة ، فإن خالف وأحرم من غيرها وجب عليه أن يرجع الى مكة ويحرم منها ، سواء أحرم من الحل أو من الحرم ، وان لم يمكنه مضى على إحرامه وتمم أفعال الحج ولا يلزمه دم.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان أحرم من خارج مكة وعاد إليها ، فلا شي‌ء عليه. وان لم يعد إليها ومضى على وجهه الى عرفات ، فان كان أنشأ الإحرام من الحل فعليه دم قولا واحدا ، وان أنشأ من الحرم فعلى قولين ، أحدهما : عليه دم ، والأخر : لا دم عليه.

مسألة ـ ٣٢ ـ : المفرد إذا أراد أن يحرم بالعمرة بعد الحج ، وجب عليه أن يحرم من خارج الحرم ، فان خالف وأحرم من مكة وطاف وسعى وحلق لا يكون معتمرا ولا يلزمه دم ، لان كون ذلك عمرة يحتاج الى شرع ، وليس في الشرع ما يدل عليه.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : مثل ما قلناه. والثاني : يكون عمرته صحيحة.

مسألة ـ ٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التمتع أفضل من القران والافراد ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، وهو قول ( ـ ش ـ ) في اختلاف الحديث. وقال في عامة كتبه : الافراد أفضل ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وقال : التمتع أفضل من القران.

وقال ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) وأصحابه والمزني : القران أفضل ، وكره عمر المتعة. وكره

٣٦١

زيد بن صوحان القران ، وكذلك سليمان بن ربيعة.

دليلنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما رواه جابر أن النبي عليه‌السلام قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة. فتأسف على فوات إحرامه بالعمرة ، ولا يتأسف الا على ما هو أفضل.

مسألة ـ ٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : عندنا أن النبي عليه‌السلام حج قارنا على ما فسرناه في القران.

وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : حج قارنا على ما يفسرونه. وقال ( ـ ش ـ ) : حج عليه‌السلام مفردا.

مسألة ـ ٣٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : دم التمتع نسك ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه. وقال ( ـ ش ـ ) : هو دم جبران.

مسألة ـ ٣٦ ـ : المتمتع إذا أحرم بالحج من مكة لزمه دم بلا خلاف ، فان أتى الميقات وأحرم منه لم يسقط عنه فرض الدم. وقال جميع الفقهاء : يسقط عنه الدم ، وطريقة الاحتياط يقتضي ما قلناه.

مسألة ـ ٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أحرم بالحج ودخل مكة ، جاز أن يفسخه ويجعله عمرة ويتمتع ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وقالوا : ان هذا منسوخ.

مسألة ـ ٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أتى بالإحرام في غير أشهر الحج وفعل بقية أفعال العمرة في أشهر الحج لا يكون متمتعا ولا يلزمه دم. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : لا يجب عليه الدم كما قلناه. والثاني : يلزمه دم (١) التمتع ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ابن سريج : إذا جاوز الميقات محرما بعمرته في أشهر الحج لزمه دم وان جاوز في غير أشهر الحج فلا دم عليه.

مسألة ـ ٣٩ ـ : إذا أحرم المتمتع من مكة بالحج ومضى الى الميقات ، ثمَّ مضى منه الى عرفات ، لم يسقط عنه الدم ، لقوله تعالى

__________________

(١) د : دفع.

٣٦٢

« فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ » (١) ولم يفرق.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان مضى منها الى عرفات لزمه دم قولا واحدا ، وان مضى الى الميقات ثمَّ منه الى عرفات ، ففيه وجهان ، أحدهما : لا دم عليه ، والأخر : عليه دم.

مسألة ـ ٤٠ ـ : نية التمتع لا بد منها ، لقوله تعالى « وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ » ولا يكون العبادة على وجه الإخلاص إلا بالنية. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.

مسألة ـ ٤١ ـ : فرض المكي ومن كان من حاضري المسجد الحرام القران والافراد ، فإن تمتع سقط عنه الفرض ولم يلزمه دم.

وقال ( ـ ش ـ ) : يصح تمتعه وقرانه ، وليس عليه دم. وقال ( ـ ح ـ ) : يكره له التمتع والقران ، فان خالف وتمتع فعليه دم المخالفة دون التمتع والقران.

دليلنا : قوله تعالى « ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ » (٢) وقوله « ذلك » راجع الى الهدي (٣) لا الى التمتع ، لأنه يجري مجرى قول القائل من دخل داري فله درهم ذلك لمن لم يكن عاصيا في أن ذلك يرجع الى الجزاء دون الشرط ، ولو قلنا انه راجع إليهما وقلنا انه لا يصح منهم التمتع أصلا كان قويا.

مسألة ـ ٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من ليس من حاضري المسجد الحرام ففرضه التمتع فإن أفرد أو قرن مع الاختيار لم تبرء ذمته ، ولم يسقط حجة الإسلام عنه ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

__________________

(١) سورة البقرة : ١٩٢.

(٢) سورة البقرة : ١٩٢.

(٣) م : الهدى ـ الفدى.

٣٦٣

مسألة ـ ٤٣ ـ : إذا أحرم بالحج متمتعا وجب عليه الدم إذا أهل بالحج ويستقر في ذمته ، لقوله تعالى « فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ » فجعل الحج غاية لوجوب الهدي ، فالغاية وجود أول الحج دون إكماله ، كقوله تعالى « ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ » (١) فالغاية أول الليل دون إكماله ، وبه قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ).

وقال عطاء : لا يجب حتى يقف بعرفة. وقال ( ـ ك ـ ) : لا يجب حتى يرمي جمرة العقبة.

مسألة ـ ٤٤ ـ : لا يجوز إخراج الهدي قبل الإحرام بالحج ، لأنه لا يجب عليه قبل الإحرام بالحج بلا خلاف بيننا ، فإخراج ما لم يجب عما يجب عليه فيما بعد يحتاج الى دليل.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا تحلل من العمرة (٢) قبل الإحرام (٣) بالحج على قولين ، أحدهما : لا يجوز ، والأخر : يجوز.

مسألة ـ ٤٥ ـ : إذا أحرم بالحج وجب الهدي على ما قلناه ولا يجوز له إخراجه إلى يوم النحر ، لأنه لا دليل على اجزاءه قبل ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : إذا أحرم بالحج يجوز له إخراجه قولا واحدا.

مسألة ـ ٤٦ ـ : لا يجوز الصيام بدل الهدي إلا بعد عدم الهدي وعدم ثمنه فان عدمهما جاز له الصوم ، وان لم يحرم بالحج بأن يصوم يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة. وقد روي رخصة من أول العشر.

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا أهل بالعمرة يجوز له الصيام إذا عدم الهدي ودخل وقته ، ولا

__________________

(١) سورة البقرة : ١٨٧.

(٢) م : بالعمرة.

(٣) ح ، ود : وقبل الإحرام.

٣٦٤

يزال كذلك الى يوم النحر.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز الصوم الا بعد الإحرام بالحج وعدم الهدي ، ولا يجوز الصوم قبل الإحرام بالحج قولا واحدا. ووقت الاستحباب أن يكون آخره يوم التروية ، ووقت الجواز أن يكون آخره يوم عرفة.

مسألة ـ ٤٧ ـ : لا يجوز صيام أيام التشريق في بدل الهدي في أكثر الروايات عند المحصلين من أصحابنا ، وبه قال علي عليه‌السلام ، وأهل العراق ، و ( ـ ش ـ ) في الجديد.

وقال ( ـ ش ـ ) في القديم : يصومها ، وبه قال ابن عمر ، وعائشة ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقد روي في بعض روايات أصحابنا ذلك.

مسألة ـ ٤٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يصوم التطوع ولا صوما واجبا عليه ولا صوما نذره فيها بل يقضيها ، ولا صوما له به عادة في أيام التشريق ، هذا إذا كان بمنى ، فأما من كان في غيره من البلاد ، فلا بأس أن يصومهن.

وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) في غير صوم التمتع والتطوع : لا يجوز صومه بحال ، وما له سبب كالنذر والقضاء أو وافق صوم يوم له به عادة فعلى وجهين.

مسألة ـ ٤٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا تلبس بالصوم ، ثمَّ وجد الهدي لم يجب عليه أن يعود اليه وله المضي فيه ، والأفضل الرجوع الى الهدي ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان وجده وهو في صوم السبعة مثل قولنا ، وان كان في الثلاثة بطل صومه ، وان وجده بعد أن صام الثلاثة فإن كان ما حل من إحرامه بطل صومه أيضا وان كان حل من حجه فقد مضى صومه ، وهكذا مذهبه في كل كفارة على الترتيب متى وجد الرقبة وهو في الصوم فعليه أن يعود إلى الرقبة ، وهكذا المتيمم إذا وجد الماء بعد تلبسه بالصلاة ، ووافقه المزني في كل هذا.

مسألة ـ ٥٠ ـ : إذا أحرم للحج ولم يصم ثمَّ وجد الهدي ، لم يجز له الصوم ووجب عليه الهدي ، لأنه إذا أهدى فقد برئت ذمته بيقين.

٣٦٥

و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أقوال مبني على أقواله في الكفارات ، أحدها : أن الاعتبار بحال الوجوب ، فعلى هذا فرضه الصيام ، فإن أهدى كان أفضل. والثاني : الاعتبار بحال الأداء. والثالث : بأغلظ الأحوال ، فعلى الوجهين يجب عليه الهدي.

مسألة ـ ٥١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : قد بينا أنه إذا لم يكن صام الثلاثة أيام التي قبل النحر ، فلا يصوم أيام التشريق ويصوم غيرها ويكون أداء الى أن يهل المحرم ، فإذا أهل المحرم فان وقت الصوم قد فات ووجب عليه الهدي واستقر في ذمته.

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا لم يصم الى أن يجي‌ء يوم النحر سقط الصوم فلا يفعل أبدا ويستقر في ذمته. وقال ( ـ ش ـ ) في القديم : يصوم أيام التشريق ويكون أداء وبعدها يصومها ويكون قضاء. وقال في الجديد : لا يصوم التشريق ويصوم بعدها ويكون قضاء.

مسألة ـ ٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صوم السبعة أيام لا يجوز الا بعد أن يرجع الى أهله ، أو يصير بمقدار مسير الناس الى أهله ، أو يمضي عليه شهر ثمَّ يصوم بعده.

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا فرغ من أفعال الحج ، جاز له صوم السبعة أيام قبل أن يأخذ في السير. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : أن المراد هو الرجوع الى الأهل كما قلناه ، والأخر : انه إذا أخذ في السير خارج مكة بعد فراغه من أفعال الحج ، وفي أصحابه من يجعل القول الثاني مثل قول ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا لم يصم في مكة ولا في طريقه حتى عاد الى وطنه صام الثلاثة متتابعة والسبعة مخير فيها ، ويجوز أن يصوم العشر متتابعة و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما ما قلناه ، والثاني أنه يفصل بين الثلاثة والسبعة.

وكيف يفصل له فيه خمسة أقوال ، أحدها : أربعة أيام وقدر المسافة ، والثاني : أربعة أيام ، والثالث : قدر المسافة ، والرابع : لا يفصل بينهما ، والخامس : يفصل

٣٦٦

بينهما بيوم.

مسألة ـ ٥٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب للمتمتع أن يحرم بالحج يوم التروية بعد الزوال ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، سواء كان واجدا للهدي أو عادما له. وقال ( ـ ك ـ ) : المستحب أن يحرم إذا أهل ذو الحجة.

مسألة ـ ٥٥ ـ : إذا أفرد الحج عن نفسه ، فاذا فرغ من الحج خرج الى أدنى الحرم فاعتمر لنفسه ولم يعد الى الميقات لا دم عليه ، وكذلك من تمتع ثمَّ اعتمر بعد ذلك من أدنى الحرم ، وكذا لو أفرد عن غيره أو تمتع أو قرن ثمَّ اعتمر من ادنى الحل ، كل ذلك لا دم عليه ، لتركه الإحرام من الميقات بلا خلاف.

وأما ان أفرد عن غيره ، ثمَّ اعتمر لنفسه من خارج الحرم دون الحل ، فعند ( ـ ش ـ ) في قوله في القديم عليه دم ، وقال أصحابه على هذا لو اعتمر عن غيره ثمَّ حج عن نفسه ، فأحرم بالحج من جوف مكة ، فعليه دم لتركه الإحرام من الميقات وعندنا انه لا دم عليه ، لأنه لا دليل عليه ، والأصل براءة الذمة.

مسألة ـ ٥٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أكمل المتمتع أفعال العمرة تحلل منها إذا لم يكن ساق الهدي ، فإن كان ساق الهدي لا يمكنه التحلل ، ولا يصح له التمتع ويكون قارنا على مذهبنا في القران.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا فعل أفعال العمرة تحلل ، سواء ساق الهدي أو لم يسق.

وقال ( ـ ح ـ ) : إذا لم يكن معه هدي مثل قولنا ، وان كان معه هدي لم يحل من العمرة ، لكنه يحرم بالحج ، ولا يحل حتى يحل منهما.

مسألة ـ ٥٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المواقيت الأربعة لا خلاف فيها ، وهي : قرن ، ويلملم ، وقيل : الملم. والجحفة ، وذو الحليفة فاما ذات عرق ، فهو آخر ميقات أهل العراق ، لأن أوله المسلخ ، وأوسطه غمرة ، وآخره ذات عرق.

وعندنا ان ذلك منصوص عليه من النبي والأئمة عليه وعليهم‌السلام بالإجماع

٣٦٧

من الفرقة ، واخبارهم (١).

واما الفقهاء ، فقد اختلفوا فيه ، فذهب الطاوس وأبو الشعثا جابر بن زيد ، وابن سيرين إلى انه ثبت قياسا ، فقال طاوس : لم يوقت رسول الله ذات عرق ، ولم يكن حينئذ أهل المشرق ووقت الناس ذات عرق. واما أبو الشعثا ، فقال : لم يوقت رسول الله لأهل المشرق شيئا ، فاتخذ الناس بحيال قرن ذات عرق.

وابن سيرين قال : وقت عمر بن الخطاب ذات عرق لأهل العراق.

وقال عطاء : ما ثبت ذات عرق الا بالنص ، وقال : سمعنا أنه وقت ذات عرق أو العقيق لأهل المشرق.

وقال ( ـ ش ـ ) في الأم : لا أحبه إلا لما قال طاوس. وقال أصحابه : ثبت عن النبي نص في ذلك ، وروى محمد بن القاسم عن عائشة أن النبي عليه‌السلام وقت لأهل العراق ذات عرق ، وروى ابن الزبير عن جابر أن النبي عليه‌السلام وقت لأهل المشرق من العقيق. وقال ( ـ ش ـ ) : الإهلال لأهل المشرق من العقيق كان أحب الي ، وكذلك قال أصحابه.

مسألة ـ ٥٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من جاوز الميقات مريدا لغير النسك ، ثمَّ تجدد له إحرام بنسك رجع الى الميقات مع الإمكان ، والا أحرم من موضعه. وقال ( ـ ش ـ ) : يحرم من موضعه ولم يفصل.

مسألة ـ ٥٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المجاور بمكة إذا أراد الحج أو العمرة ، خرج الى ميقات أهله ان أمكنه ، وان لم يمكنه فمن خارج الحرم. وقال ( ـ ش ـ ) : يحرم من موضعه.

مسألة ـ ٦٠ ـ : من جاز الميقات محلا ، فأحرم من موضعه وعاد الى الميقات قبل التلبس بشي‌ء من أفعال النسك أو بعده لا دم عليه ، لأنه لا دليل عليه في الشرع.

__________________

(١) د : وأجدادهم.

٣٦٨

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان عوده بعد التلبس بشي‌ء من أفعاله ، مثل أن يكون طاف طواف الورود وجب عليه دم ، وان كان قبل التلبس لا دم عليه ، وبه قال الحسن البصري ، وسعيد بن جبير ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) وزفر : يستقر الدم عليه متى أحرم دونه ولا ينفعه رجوعه. وقال ( ـ ح ـ ) : ان عاد اليه ولبى فلا دم عليه ، وان لم يلب فعليه دم.

مسألة ـ ٦١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الإحرام قبل الميقات ، فإن أحرم لم ينعقد إحرامه الا أن يكون نذر ذلك.

وقال ( ـ ح ـ ) : الأفضل أن يحرم قبل الميقات ، و ( ـ للش ـ ) قولان ، أحدهما : مثل قول ( ـ ح ـ ) ، والثاني : الأفضل من الميقات الا أنه ينعقد قبله على كل حال.

مسألة ـ ٦٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب الغسل عند الإحرام ، وعند دخول مكة ، وعند دخول مسجد الحرام ، وعند دخول الكعبة ، وعند الطواف والوقوف بعرفة والوقوف بالمشعر.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما في سبع (١) مواضع للإحرام ولدخول مكة والوقوف والمبيت بالمزدلفة ولرمي الجمار الثلاث ولا يغتسل لرمي جمرة العقبة. وقال في القديم لتسع مواضع هذه السبع مواضع ولطواف الزيارة وطواف الوداع.

مسألة ـ ٦٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يتطيب للإحرام قبل الإحرام إذا كانت تبقى رائحته الى بعد الإحرام. وقال ( ـ ش ـ ) : يستحب أن يتطيب للإحرام ، سواء يبقى عينه ورائحته مثل الغالية والمسك ، أو لا يبقى له عين وانما يبقى له رائحته كالبخور والعود والند ، وبه قال عبد الله بن زبير ، وابن عباس ، ومعاوية ، وسعد ابن أبي وقاص ، وأم حبيبة ، وعائشة ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، وكان ( ـ م ـ ) معهما حتى حج الرشيد فرأى الناس كلهم متطيبين ، فقال : هذا بشع فامتنع منه.

__________________

(١) كذا في الخلاف وهو الصحيح ظاهرا وفي ح ، م « السبع مواضع ».

٣٦٩

وقال ( ـ ك ـ ) مثل قولنا انه يكره ، فان فعله فعليه أن يغتسل ، فان لم يفعل وأحرم على ما هو عليه فعليه الفدية ، وبه قال عطاء ، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب.

مسألة ـ ٦٤ ـ : يجوز أن يلبي عقيب إحرامه ، والأفضل أن يلبي إذا علت به راحلته البيداء ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، قال في الأم والإملاء : الأفضل أن يحرم إذا انبعث به راحلته ان كان راكبا ، وإذا أخذ في السير ان كان راجلا. وقال في القديم : أن يهل خلف الصلاة نافلة كانت أو فرضا ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة (١) ـ ٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا ينعقد الإحرام بمجرد النية ، بل لا بد أن يضاف إليه التلبية أو السوق أو الإشعار أو التقليد. وقال ( ـ ح ـ ) : لا ينعقد إلا بالتلبية أو سوق الهدي. وقال ( ـ ش ـ ) : يكفي مجرد (٢) النية.

مسألة ـ ٦٦ ـ : إذا أحرم كإحرام فلان وتعين له ما عمل به عمل عليه وان لم يعلم حج متمتعا ، لان طريقة الاحتياط يقتضيه. وقال ( ـ ش ـ ) : يحج قارنا على ما يقولونه في القران.

مسألة ـ ٦٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التلبية فريضة ورفع الصوت بها سنة ، ولم أجد من ذكر كونها فرضا. وقال ( ـ ش ـ ) : أنها سنة ولم يذكروا خلافا ، وكلهم قالوا : رفع الصوت بها سنة.

مسألة ـ ٦٨ ـ : لا يلبي في مسجد عرفة ، وبه قال ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : يستحب ذلك.

دليلنا : أن الحاج يجب عليه أن يقطع التلبية يوم عرفة قبل الزوال ، فان حصل بعرفات بعده هناك لم يجز التلبية ، وان حصل قبل الزوال جاز له ذلك

__________________

(١) سقطت كلمة ( مسئلة ) من. د.

(٢) د : بمجرد.

٣٧٠

لعموم الأخبار.

مسألة ـ ٦٩ ـ : لا يلبي في حال الطواف لا خفيا ولا معلنا ، لإجماع الفرقة على أنه يجب على المتمتع أن يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة ، وما روي عنهم عليهم‌السلام من قولهم ان هؤلاء يطوفون ويسعون ويلبون ، فكلما طافوا أحلوا وكلما لبوا عقدوا ، فيخرجون لا محلين ولا محرمين.

و ( ـ للش ـ ) قولان ، أحدهما قال في الأم : لا يلبي. وقال في غير الام : له ذلك ولكنه يخفض صوته ، وبه قال ابن عباس.

مسألة ـ ٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التلبية الأربعة لا خلاف في جواز فعلها على خلاف بيننا وبينهم في كونها فرضا أو نفلا وما زاد عليها عندنا مستحب.

وقال ( ـ ش ـ ) : ما زاد عليها مباح وليس بمستحب ، وحكى أصحاب ( ـ ح ـ ) أنه قال : انها مكروهة. وأما الألفاظ المخصوصة التي رواها أصحابنا من قوله « لبيك ذا المعارج لبيك » وما بعدها فلم يعرفها أحد من الفقهاء.

مسألة ـ ٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز للمرأة لبس القفازين ، وبه قال علي بن عمر وعائشة ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، والنخعي ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما ما قلناه ، والأخر أن لها ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) وبه قال سعد بن أبي وقاص ، فإنه أمر بناته أن يلبسن القفازين.

مسألة ـ ٧٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره للمرأة أن تختضب للإحرام قصدا به الزينة ، فإن قصدت السنة لم يكن به بأس. وقال ( ـ ش ـ ) : يستحب ذلك ولم يفصل.

مسألة ـ ٧٣ ـ : من لا يجد النعلين لبس الخفين وقطعهما حتى يكون أسفل من الكعبين على جهتهما ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وعليه أهل العلم.

وقال عطاء وسعيد بن مسلم : يلبسهما غير مقطوعين ولا شي‌ء عليه ، وبه قال ( ـ د ـ ) وقد رواه أيضا أصحابنا ، وهو الأظهر.

٣٧١

مسألة ـ ٧٤ ـ : من كان له نعلان لا يجوز له لبس الشمشك ، لان طريقة الاحتياط يقتضيه. وقال ( ـ ح ـ ) : هو بالخيار يلبس أيهما شاء ، وبه قال بعض أصحاب ( ـ ش ـ ) وقال في الأم : لا يلبسهما فان فعل افتدى.

مسألة ـ ٧٥ ـ : ان لبس الخفين المقطوعين (١) مع وجود النعلين لزمه الفداء لقولهم عليهم‌السلام كل من لبس ما لا يحل لبسه فعليه الفدية ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وفي أصحابه من قال : لا فدية عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٧٦ ـ : من لا يجد مئزرا ووجد سراويلا لبسه ولا فدية عليه ولا يلزمه فتقه ، بدلالة الأخبار الواردة في أنه لا بأس بلبسه وعمومها (٢) ، وبه قال ابن عباس ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، وأبو ثور.

وقال ( ـ ك ـ ) : لا يفعل ذلك فان فعل فعليه الفداء. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يلبسه بحال ، فان عدم الإزار لبسه مفتوقا ، فان لبس غير مفتوق فعليه الفداء.

مسألة ـ ٧٧ ـ : من لبس القبا ، فإن أدخل كتفيه فيه ولم يدخل يديه في كمه ولا يلبسه مقلوبا فعليه الفداء ، لان طريقة الاحتياط يقتضيه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : لا شي‌ء عليه ، ومتى توشح كالرداء لا شي‌ء عليه بلا خلاف.

مسألة ـ ٧٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز للمحرم لبس السواد ، ولم يكرهه أحد من الفقهاء.

مسألة ـ ٧٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجب على المحرم كشف رأسه بلا خلاف ، وكشف وجهه غير واجب ، وبه قال [ في الصحابة علي عليه‌السلام ، وعمر ، وعثمان ، وعبد الرحمن وسعد بن أبي وقاص ، وابن عباس ، وابن الزبير ، وزيد بن ثابت ، وجابر ،

__________________

(١) ح : مقطوطين.

(٢) م : الواردة في ذلك وعمومها.

٣٧٢

ومروان بن الحكم ، وبه قال ] (١) ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ك ـ ) : يجب عليه كشف وجهه.

مسألة ـ ٨٠ ـ : إذا حمل على رأسه مكتلا أو غيره لزمه الفداء ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ك ـ ) وعطاء : لا يلزمه.

مسألة ـ ٨١ ـ : إذا لبس المحرم ثمَّ صبر ساعة ثمَّ لبس شيئا آخر ، فعليه من كل لبسة كفارة ، سواء كفر عن الأولة أو لم يكفر ، وكذلك الحكم في الطيب لان طريقة الاحتياط يقتضيه.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان كفر عن الأول لزمته كفارة ثانية ، وان لم يكفر ففيها قولان.

قال في القديم : يتداخل ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال في الأم والإملاء مثل ما قلناه ، وبه قال ( ـ ف ـ ).

مسألة ـ ٨٢ ـ : ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئ المحرم ناسيا لم يلزمه كفارة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وعطاء ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ك ـ ) : عليه الفدية.

مسألة ـ ٨٣ ـ : إذا لبس ناسيا في حال إحرامه ، وجب عليه نزعه في الحال إذا ذكر ، فان استدام ذلك لزمه الفداء ، فإذا أراد نزعه فلا ينزعه من رأسه بل يشقه من أسفله. وقال ( ـ ش ـ ) : ينزعه من رأسه.

مسألة ـ ٨٤ ـ : إذا لبس أو تطيب مع الذكر ، فعليه الفدية بنفس الفعل سواء استدامة أو لم يستدمه حتى لو لبس ثمَّ نزع عقيبه أو تطيب ثمَّ غسل عقيبه فعليه الفدية ، لعموم الأخبار التي تضمنت الفدية ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وكان ( ـ ح ـ ) يقول في القديم : ان استدام اللباس أكثر النهار ففيه الفدية ، وان كان دون ذلك فلا فدية فيه [ وقال أخيرا : ان استدام طول النهار ففيه الفدية ، وان كان

__________________

(١) سقطت هذه العبارة من ـ د وح.

٣٧٣

دون ذلك فلا فدية فيه ] (١) ولكن فيه الصدقة. ووافقنا في الطيب ، وعن ( ـ ف ـ ) روايتان.

مسألة ـ ٨٥ ـ : من طيب كل العضو أو بعضه فعليه الفداء ، وكذلك ان ستر بعض رأسه وان وجد نعلين بعد لبس الخفين المقطوعين وجب عليه نزعهما ولبس النعلين فان لم يفعل فعليه الفداء ، لعموم الاخبار وطريقة الاحتياط ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : ان طيب جميع العضو أو لبس في العضو كله كاليد والرجل ففيه الفدية ، وان لبس في بعضه أو طيب بعضه فلا فدية ، ويجب فيه الصدقة إلا في الرأس فإنه ان ستر بعضه ففيه الفدية.

مسألة ـ ٨٦ ـ : « ج » ـ ) : ما عدا المسك والكافور والعنبر والزعفران والعود والورس عندنا لا يتعلق به الكفارة إذا استعمله المحرم ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك وأوجبوا في استعمال ما عداها الكفارة.

وأما الريحان الفارسي ، فاختلف أصحاب ( ـ ش ـ ) فيه ، فمنهم من قال مثل ما قلناه [ وبه قال عطاء وعثمان وابن عباس ] (٢) وقال آخرون : هو طيب [ وبه قال ابن عمر وجابر ] (٣) وكذلك الخلاف في النرجس والمرزنجوش واللفاح والبنفسج.

مسألة ـ ٨٧ ـ : الدهن على ضربين : طيب وغير طيب ، فالطيب وهو البنفسج والورد والزنبق والخيري والنيلوفر والبان وما في معناه ، لا خلاف أن فيه الفدية على أي وجه استعمله. والضرب الثاني ما ليس بطيب ، مثل الشيرج

__________________

(١) سقطت هذه العبارة من ح ود.

(٢) سقطت هذه العبارة من ح ود.

(٣) سقطت هذه العبارة من ح ود وفي الخلاف ( عمر ) وجعل ( ابن عمر ) نسخة.

٣٧٤

والزيت والسليخ من البان والزبد والسمن لا يجوز به الادهان على وجه عندنا ، ويجوز أكله بلا خلاف.

فأما وجوب الكفارة بالادهان ، فلست أعرف به نصا ، والأصل براءة الذمة.

واختلف الناس فيه على أربعة مذاهب ، فقال ( ـ ح ـ ) : فيه الفدية على كل حال. وقال الحسن بن صالح بن حي : لا فدية فيه بحال. وقال ( ـ ش ـ ) : فيه الفدية في الرأس واللحية ولا فدية فيما عداهما. وقال ( ـ ك ـ ) : ان دهن به ظاهر بدنه ففيه الفدية ، وان كان في بواطن بدنه فلا فدية.

مسألة ـ ٨٨ ـ : كل من أكل طعاما فيه شي‌ء من الطيب ، فعليه الدية على كل حال.

وقال ( ـ ك ـ ) : ان مسته النار فلا فدية. وقال ( ـ ش ـ ) : ان كانت أوصافه باقية من لون أو طعم أو رائحة فعليه الفدية ، وان بقي له لون ومعه رائحة ففيه الفدية قولا واحدا وان لم يبق غير لونه وما بقي ريح ولا طعم فيه قولان.

مسألة ـ ٨٩ ـ : العصفر والحناء ليسا من الطيب ، فان لبس المعصفر كان مكروها وليس عليه فدية ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ح ـ ) : هما طيبان فمن لبس المعصفر وكان مفدما مشبعا فعليه الفدية.

مسألة ـ ٩٠ ـ : إذا مس طيبا ذاكرا لإحرامه عالما بالتحريم رطبا ، كالغالية والمسك والكافور إذا كان مبلولا بماء ورد أو دهن طيب ، فعليه الفدية في أي موضع كان من بدنه ولو بعقبة ، وكذلك لو سعط به أو حقن به ، وظاهر البدن وباطنه سواء.

وكذلك ان حشا جرحه بطيب فداه ، لعموم الأخبار الواردة في أن من استعمل الطيب فعليه الفدية ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ان ابتلع الطيب فلا فدية.

مسألة ـ ٩١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وان كان الطيب يابسا مسحوقا ، فان علق بيده شي‌ء منه

٣٧٥

فعليه الفدية ، وان لم يعلق بحال فلا فدية ، وان كان يابسا غير مسحوق كالعود والعنبر والكافور ، فان علق رائحته (١) ففيه الفدية.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان علق به رائحة ، ففيها قولان.

مسألة ـ ٩٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مس خلوق الكعبة ، فلا فدية عليه ، عالما كان أو جاهلا عامدا أو ناسيا.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان جهل أنه طيب فبان طيبا رطبا ، فان غسله في الحال والا فعليه الفدية ، وان علمها طيبا فوضع يده عليه يعتقده يابسا فبان رطبا ففيه قولان.

مسألة ـ ٩٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره للمحرم القعود عند العطار وان جاز زقاق العطارين أمسك على نفسه.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا بأس بذلك وأن يجلس الى رجل مطيب وعند الكعبة وفي جوفها وهي تجمر إذا لم يقصد ذلك ، فان قصد الاشتمام كره ذلك الا الجلوس عند البيت وفي جوفه وان شم هناك طيب فإنه لا يكره.

مسألة ـ ٩٤ ـ : يكره للمحرم أن يجعل الطيب في خرقة ويشمها ، فان فعل فعليه الفداء. وقال ( ـ ش ـ ) : لا كفارة عليه ولا بأس به.

مسألة ـ ٩٥ ـ : لا يجوز للمحرم أن يحلق رأسه كله ولا بعضه مع الاختيار بلا خلاف ، فان حلقه لعذر جاز وعليه الفدية ، لقوله تعالى « فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ » (٢) ومعناه فحلق ففدية.

وحد ما يلزم به الفدية ما يقع عليه اسم الحلق ، وحد ( ـ ش ـ ) ذلك بثلاث شعرات فصاعدا الى جميع الرأس ، وحده ( ـ ح ـ ) بحلق ربع الرأس فصاعدا ، فان كان أقل من الربع فعليه الصدقة.

__________________

(١) د : رائحة.

(٢) سورة البقرة ١٩٢.

٣٧٦

مسألة ـ ٩٦ ـ : إذا حلق أقل من ثلاث شعرات لا يلزمه الفدية ويتصدق بما استطاع.

وقال ( ـ ش ـ ) : يتصدق بشي‌ء وربما قال مد من طعام عن كل شعرة ، وربما قال : ثلاث شياه (١) ، وربما قال : درهم وهكذا قوله في ثلاث ليالي منى إذا بات بغيرها وهكذا في الأظفار الثلاثة ، وفي ثلاث حصيات ، فان في الثلاث دما قولا واحدا ، وما دونه فيه الأقوال الثلاثة.

وقال مجاهد : لا شي‌ء عليه ، وعن مالك روايتان ، كقول ( ـ ش ـ ) ومجاهد.

دليلنا : أن الأصل براءة الذمة ولا يتناوله اسم الحلق ، وأما الصدقة فطريق وجوبها الاحتياط ، وما روي عنهم عليهم‌السلام أن من مس شعر رأسه ولحيته فسقط شي‌ء من شعره يتصدق بشي‌ء يتناول هذا الموضع.

مسألة ـ ٩٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من قلم أظافير يديه لزمته فدية ، فإن قلم دون ذلك لزمته عن كل إصبع مد من طعام.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان قلم خمس أصابع من يد واحدة لزمته الفدية ، ورواه أيضا أصحابنا وان قلم أقل من ذلك من يد أو خمسة من اليدين فعليه الصدقة.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان قلم ثلاث أصابع لزمته فدية ، سواء كانت من يد واحدة أو من اليدين ، فان قلم الأظفار كلها لزمته أيضا فدية واحدة إذا كان في مجلس واحد ، وان كان في مجالس لزمته عن كل ثلاث فدية ، وهكذا قوله في شعر رأسه كلما حلق ثلاث شعرات لزمته فدية ، وان حلق جميع الرأس لزمته فدية واحدة.

مسألة ـ ٩٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قلم ظفرا واحدا تصدق بمد من طعام ، و ( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أقوال ، أحدها : ما قلناه. والثاني : فيه درهم. والثالث : فيه ثلاث (٢)

__________________

(١) ح : ثلث شاة. وفي الخلاف مثل ما في المتن.

(٢) ح ، م : شاة وكلمة ثلث في جميع النسخ محملة للوجهين.

٣٧٧

شياه.

وان قلم ثلاث أظافير في ثلاثة أوقات ، ففي كل واحدة ثلاثة أقوال ، ولا يقول إذا تكاملت ثلاث ففيها دم ، وفي أصحابه من قال : دم وليس هو المذهب عندهم.

مسألة ـ ٩٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من حلق أو قلم ناسيا لم يلزمه الفداء ، والصيد يلزمه فداؤه ناسيا كان أو عامدا ، فأما إذا فعل ذلك جاهلا لزمه الفداء على كل حال.

وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه الفداء ، عالما كان أو جاهلا ، ناسيا أو ذاكرا ، فان زال عقله لجنون أو إغماء ففيه قولان.

مسألة ـ ١٠٠ ـ : يجوز للمحرم أن يحلق رأس المحل ولا شي‌ء عليه ، لأن الأصل براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ان فعل فعليه صدقة.

مسألة ـ ١٠١ ـ : المحل لا يجوز له أن يحلق رأس المحرم بحال ، فان فعل لم يلزمه الفداء ، لأنه لا دليل عليه ، والأصل براءة الذمة.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان حلق بأمره لزم الأمر الفدية ولم يلزم الحالق ، وان حلقه مكرها أو نائما فيه قولان ، أحدهما : على الحالق ، الفدية ولا شي‌ء على المحرم ، وبه قال ( ـ ك ـ ). والأخر : أنه يلزم المحرم الفدية ويرجع هو على الحالق بها.

وقال ( ـ ح ـ ) : على المحرم فدية ، وعلى الحالق صدقة ، والصدقة فيه نصف صاع.

مسألة ـ ١٠٢ ـ : إذا حلق محرم رأس محرم لا يلزمه شي‌ء وان كان فعل قبيحا لأنه لا دليل عليه.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان بإذنه فعلى الإذن الفدية وعلى الحالق الصدقة.

وقال ( ـ ش ـ ) : كالمحل يحلق رأس المحرم ان كان بأمره لزم الأمر الفداء (١) ، وان كان مكرها على قولين ، وان كان ساكتا على وجهين. فأما المحرم عندنا ، فان

__________________

(١) م : الفدية.

٣٧٨

كان بأمره لزمه الفداء ، وان كان بغير أمره لم يلزمه شي‌ء.

مسألة ـ ١٠٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الاكتحال بالإثمد مكروه للنساء والرجال ، و ( ـ للش ـ ) [ فيه ] (١) قولان هذا إذا لم يكن فيه طيب ، فان كان فيه طيب ، فلا يجوز ومن استعمله فعليه الفداء.

مسألة ـ ١٠٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للمحرم أن يغتسل ، ولا يجوز له أن يرتمس في الماء ، ويكره له أن يدلك جسده ورأسه بل يفيض الماء عليه ، فان سقط شي‌ء من شعره لم يلزمه شي‌ء ، ومتى ارتمس في الماء لزمه الفداء ، لأنه قد غطى رأسه بالماء وهو المماقلة والتماقل.

وقال ( ـ ش ـ ) وباقي الفقهاء : لا بأس بذلك ، الا أنه قال : ان سقط شي‌ء من شعره فالأحوط أن يفديه.

مسألة ـ ١٠٥ ـ : يجوز للمحرم أن يدخل الحمام ويزيل الوسخ عن بدنه لأن الأصل براءة الذمة والإباحة ، ويكره له دلك بدنه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، غير أنه لم يكره الدلك. وقال ( ـ ك ـ ) : عليه الفدية.

مسألة ـ ١٠٦ ـ : يكره أن يغتسل رأسه بالخطمي والسدر ، فان فعل لم يلزمه الفداء ، لأن الأصل براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : عليه الفدية.

مسألة ـ ١٠٧ ـ : يكره للمحرم أن يحتجم ، لأن الأصل الإباحة (٢) ، وعلى كراهته إجماع الفرقة. وقال ( ـ ش ـ ) : لا بأس به. وقال ( ـ ك ـ ) : لا يفعل.

مسألة ـ ١٠٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان الولي أو وكيله أو الزوج أو وكيله في القبول أو المرأة محرمين أو واحد منهم محرما ، فالنكاح باطل ، وبه قال في الصحابة علي عليه‌السلام وعمر ، وابن عمر ، وزيد بن ثابت ، ولا مخالف لهم ، وفي التابعين

__________________

(١) ليست هذه الكلمة في ح ود.

(٢) م : براءة الذمة والإباحة.

٣٧٩

سعيد بن المسيب ، والزهري. وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ر ـ ) : انه لا تأثير للإحرام في عقد النكاح بوجه.

مسألة ـ ١٠٩ ـ : إذا أشكل الأمر ، فلا يدري هل وقع العقد في حال الإحرام أو قبله؟ فالعقد صحيح ، لأن الأصل الإباحة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، والأحوط عندي تجديد العقد.

مسألة ـ ١١٠ ـ : ان اختلفا ، فقال الزوج : وقع العقد قبل الإحرام ، وقالت : وقع بعد الإحرام ، فالقول قول الزوج ، بلا خلاف بيننا وبين ( ـ ش ـ ). وان كان بالضد من ذلك ، فادعت أنه كان حلالا ، وقال : كنت حراما ، حكم عليه بتحريم الوطي ولزمه نصف المهر ، وهذا أيضا ينبغي أن يكون مذهبنا وسقط الخلاف فيهما ، والحكم في الأمة والحرة سواء إذا اختلفا أو اختلف السيد والزوج.

مسألة ـ ١١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا عقد المحرم على نفسه عالما بتحريم ذلك ، أو دخل بها وان لم يكن عالما ، فرق بينهما ولم يحل له أبدا ، ولم يوافقنا عليه أحد من الفقهاء.

مسألة ـ ١١٢ ـ : لا يجوز للمحرم أن يشهد على النكاح. وقال ( ـ ش ـ ) : لا بأس به. وقال أبو سعيد الإصطخري من أصحابه مثل ما قلناه.

مسألة ـ ١١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كل موضع حكمنا ببطلان العقد في المحرم يفرق بينهما بلا طلاق ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : يفرق بينهما بطلقة ، وكذلك كل نكاح وقع فاسدا عنده يفرق بينهما بطلقة.

مسألة ـ ١١٤ ـ : للمحرم أن يراجع زوجته ، سواء طلقها حلالا ثمَّ أحرم أو طلقها وهو محرم ، لقوله تعالى « وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ » (١) ولم يفصل. وقوله :

__________________

(١) سورة البقرة ٢٢٨.

٣٨٠