المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

فضل بن الحسن الطبرسي

المؤتلف من المختلف بين أئمّة السلف - ج ١

المؤلف:

فضل بن الحسن الطبرسي


الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣
الجزء ١ الجزء ٢

« وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى » (١) وابتغاء وجهه هو النية ، وقوله عليه‌السلام « الاعمال بالنيات ».

وبه قال جميع الفقهاء الا زفر فإنه قال : إذا تعين عليه شهر رمضان على وجه لا يجوز له الفطر ، وهو إذا كان صحيحا مقيما أجزأه بغير نية ، فان لم يتعين عليه بأن يكون مريضا أو مسافرا أو كان الصوم في ذمته كالنذر والقضاء والكفارات ، فلا بد فيه من النية ، وروى هذا عن مجاهد.

مسألة ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصوم على ضربين : مفروض ومسنون ، والمفروض على ضربين : ضرب يتعين بيوم ، كصوم شهر رمضان والنذر المتعين بيوم مخصوص فما هذا حكمه يجزي فيه تجديد النية الى قبل الزوال ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ويجزي في شهر رمضان نية واحدة من أول الشهر الى آخره ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

وما لا يتعين بل يجب في الذمة ، مثل النذر الواجب في الذمة والكفارات ، أو قضاء شهر رمضان ، وما أشبه ذلك ، فلا بد فيه من تجديد النية لكل يوم ، ويجوز ذلك الى قبل الزوال.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا بد أن ينوي بكل يوم من ليلته ، سواء وجب ذلك شرعا أو نذرا وسواء تعلق بزمان بعينه أو كان في الذمة ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، الا أن ( ـ ك ـ ) قال : إذا نوى (٢) لشهر رمضان في أول ليلة للشهر كله أجزأه كما قلناه.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان متعلقا بالذمة كقول ( ـ ش ـ ) ، وان كان متعلقا بزمان معين أجزأه أن ينوي لكل يوم قبل الزوال.

مسألة ـ ٤ ـ : الصوم المعين على ضربين : أحدهما شهر رمضان ، فيجزى

__________________

(١) سورة ٩٢ ، آية ١٩.

(٢) د : نودي.

٣٢١

فيه نية القربة ، ولا يجب فيه نية التعيين (١) ، ولو نوى صوما آخر نفلا أو قضاء وقع عن شهر رمضان ، وان كان المتعين بيوم مثل النذر يحتاج إلى نية متعينة.

وأما الصوم الواجب في الذمة ، مثل قضاء رمضان ، أو الصوم في النذر غير المعين ، أو غيره من أنواع الصوم الواجب ، وكذلك صوم النفل ، فلا بد في جميع ذلك من نية التعيين.

ونية القربة يكفي أن ينوي أنه يصوم متقربا به الى الله تعالى ، وإذا (٢) أراد الفضل نوى أنه يصوم غدا صوم شهر رمضان. ونية التعيين (٣) أن ينوي الصوم الذي يريده ويعينه بالنية.

وقال ( ـ ش ـ ) في جميع ذلك لا بد من نية التعيين ، وهو أن ينوي أنه يصوم غدا من رمضان فريضة ، ومتى أطلق النية ولم يعين أو نوى من غيره ، كالنذر والكفارات والتطوع ، لم يقع عن رمضان ولا عما نوى ، سواء كان في الحضر أو في السفر.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان الصوم في الذمة مثل قولنا ، وان كان متعلقا بزمان بعينه ، كالنذر وشهر رمضان ، لم يخل حاله في رمضان من أحد أمرين : اما أن يكون حاضرا أو مسافرا ، فان كان حاضرا لم يفتقر الى تعيين النية ، فإن نوى مطلقا أو تطوعا أو نذرا أو كفارة وقع عن رمضان وعن أي شي‌ء نوى انصرف الى رمضان.

وان كان في السفر نظرت : فان نوى مطلقا وقع عن رمضان وان نوى نذرا أو كفارة وقع عما نوى له ، وان نوى نفلا ، ففيه روايتان ، أحدهما : يقع عما نوى له كما لو نوى نذرا ، والثاني : عن رمضان كما لو أطلق.

وقال ( ـ ف ـ ) ومحمد عن أي شي‌ء نوى في رمضان وقع عن رمضان في سفر كان

__________________

(١) د : التعين.

(٢) م ، د : وان.

(٣) د : التعين.

٣٢٢

أو في حضر وأجروه في السفر على ما أجراه ( ـ ح ـ ) في الحضر.

دليلنا : قوله تعالى « فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ » (١) فأمر بالإمساك ، وهذا قد أمسك بلا خلاف ، فوجب أن يجزيه. وأيضا فإن تعيين (٢) النية انما يحتاج إليه في الموضع الذي يجوز أن يقع الصوم على وجهين ، وإذا لم يصح أن يقع الا عن (٣) شهر رمضان ، فلا نحتاج الى تعيين النية كرد الوديعة.

فأما حال السفر ، فعندنا لا يجوز أن يصومه على حال بل فرضه الإفطار ، فإن نوى نافلة أو نذرا كان عليه أو كفارة ، احتاج الى تعيين النية ويقع عما ينويه ، لان هذا زمان يستحق فيه الإفطار ، فجاز أن ينوي فيه صيام يوم يريده ، لأنه لا مانع منه هذا على قول من أجاز صوم النافلة في السفر على ما يختاره ، فأما إذا منعنا منه ، فلا يصح هذا الصوم على حال.

مسألة ـ ٥ ـ : وقت النية من أول الليل الى طلوع الفجر أي وقت نوى أجزأه ويتضيق عند طلوع الفجر ، هذا مع الذكر. فأما إذا فاتت ناسيا ، جاز تجديدها الى عند الزوال كما بيناه ، وأجاز أصحابنا في نية القربة في شهر رمضان خاصة أن يقدم على الشهر بيوم وأيام فأما نية التعيين ، فعلى ما بيناه أولا.

وقال ( ـ ش ـ ) : وقت الوجوب قبل طلوع الفجر الثاني لا يجوز أن يتأخر عنه ، فإذا بقي من الليل قدر النية فقط فقد تضيق عليه ، كما إذا بقي من وقت الظهر قدر أربع ركعات تعينت عليه.

قال : فان وافق انتهاء النية مع انتهاء الليل أجزأه ، وان ابتداء بالنية قبل طلوعه فطلع الفجر قبل إكمالها لم تجزه ، وأما وقت الجواز ففيه ثلاثة أوجه : ظاهر

__________________

(١) سورة ، البقرة : ١٨١.

(٢) ح ، د : تعين.

(٣) ح ، د : في.

٣٢٣

المذهب أن وقتها ما بين غروب الشمس الى طلوع الفجر ، الثاني : أي وقت أتى بها فيه فقد أجزأه ، وبه قال أبو العباس ، وأبو سعيد وغيرهما. ومنهم من قال : وقتها بعد نصف الليل ، فان نوى قبل النصف لم يجزه.

وقال أبو إسحاق : وقت النية أي وقت شاء من الليل ، ولكن بعد أن لا يفعل بعدها ما ينافيها مثل أن ينام بعدها (١) ولا ينتبه حتى يطلع الفجر ، فان انتبه قبل طلوع الفجر ، أو أكل أو شرب أو جامع ، فعليه تجديد النية. وحكى أن أبا سعيد الإصطخري لما بلغته هذه المقالة ، قال : يستتاب من قال هذا ، فان تاب والا قتل ، لأنه خالف إجماع المسلمين.

مسألة ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن ينوي لصيام النافلة نهارا ، ومن أصحابنا من أجازه إلى عند الزوال ، وهو الظاهر في الروايات ، ومنهم من أجازه إلى آخر النهار ، وبه قال ( ـ ر ـ ) ، ولست أعرف به نصا.

وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز ذلك قبل الزوال وبعد الزوال فيه قولان. وقال ( ـ ج ـ ) : لا يجوز بعد الزوال ، وبه قال ( ـ د ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) : لا يجوز حتى ينوي له ليلا كالفرض ، وبه قال المزني ، وروى ذلك عن ابن مسعود ، وحذيفة وأبي طلحة ، وأبي الدرداء ، وأبي أيوب الأنصاري ، وعن جابر بن زيد في التابعين.

مسألة ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نوى بالنهار يكون صائما من أوله لا من وقت النية وبه قال أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال أبو إسحاق : يكون صائما من وقت تجديد النية وما قبله يكون إمساكا لا صوما يثاب عليه.

مسألة ـ ٨ ـ : « ج » ـ ) : إذا أصبح يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان بنية الإفطار يعتقد أنه من شعبان ، ثمَّ بان أنه من رمضان لقيام بينة عليه قبل الزوال ، جدد النية وصام وقد أجزأه ، وان بان بعد الزوال أمسك بقية النهار وكان عليه

__________________

(١) د : بإسقاط بعدها ، م : بعده.

٣٢٤

القضاء ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : يمسك وعليه القضاء على كل حال ، واختلفوا إذا أمسك هل يكون صائما أم لا؟ قال الأكثر : يجب عليه الإمساك ولا يكون صائما. وقال أبو إسحاق : يكون صائما من الوقت الذي أمسك صوما شرعيا.

مسألة ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نوى أن يصوم غدا من رمضان ، فريضة أو نافلة ، أو قال : ان كان من رمضان فهو فرض ، وان لم يكن من رمضان فهو نافلة أجزأه ، ولا يلزمه القضاء لما قلناه من أن شهر رمضان يجزي فيه نية القربة ، ونية التعيين ليست شرطا في صحة الصوم. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجزيه وعليه القضاء.

مسألة ـ ١٠ ـ : إذا كان ليلة الثلاثين ، فنوى ان كان غدا من رمضان فهو صائم فرضا أو نفلا ، أو نوى انه ان كان من رمضان فهو فرضه ، وان لم يكن منه فهو نفل أجزأه لما قلناه. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجزيه في الموضعين.

مسألة ـ ١١ ـ : إذا عقد النية ليلة الشك على أنه يصوم من رمضان من غير امارة ولا رؤية ، أو خبر من ظاهره العدالة ، فوافق شهر رمضان أجزأه ، وقد روي أنه لا يجزيه وان صامه بأمارة من قول من ظاهره العدالة من الرجال أو المراهقين دون المنجمين ، فإنه يجزيه أيضا.

وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) في الاولى انه لا يجزيه ، وفي الثانية يجزيه. وقال ابن سريج : ان صام بقول بعض المنجمين وأهل الحساب أجزأه.

ويدل على ما قلناه إجماع الطائفة على أن من صام يوم الشك أجزأه عن رمضان ولم يفرقوا ، ومن قال من أصحابنا لا يجزيه تعلق بقولهم عليهم‌السلام أمرنا بأن نصوم يوم الشك بنية أنه من شعبان ، ونهينا عن أن نصومه من رمضان ، وهذا صامه بنية رمضان ، فوجب أن لا يجزيه ، لأن النهي يدل على فساد المنهي عنه.

مسألة ـ ١٢ ـ : إذا نوى الصوم من الليل ، فأصبح مغمى عليه يوما أو

٣٢٥

يومين وما زاد عليه ، كان صومه صحيحا ، وكذلك ان بقي نائما يوما أو أياما ، وكذلك ان أصبح صائما ثمَّ جن في بعضه ، أو مجنونا فأفاق في بعضه ونوى فلا قضاء عليه.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا نوى الصيام من الليل وأصبح مغما عليه واتصل الاغماء يومين وأكثر ، فلا صيام له بعد اليوم الأول ، لأنه ما نوى من ليلته ، وخرج النهار من غير نية. وأما اليوم الأول ، فان لم يفق في شي‌ء منه فلا صيام.

وقال ( ـ ح ـ ) والمزني : يصح صيامه وان أفاق في شي‌ء منه ، فنقل المزني إذا أفاق في شي‌ء منه صح صومه. وقال في البويطي : والظاهر ان كان مفيقا عند طلوع الفجر صح صومه ، وأما النوم فإنه إذا نوى ليلا وأصبح نائما وانتبه بعد الغروب صح صومه قولا واحدا ، وقال الإصطخري وغيره : لا يصح صومه.

وأما ان جن في أول (١) النهار وأصبح (٢) مجنونا ، ثمَّ أفاق أو أصبح مفيقا ثمَّ جن ، قال في القديم : لا يبطل صومه ، ومن أصحابه من قال : يبطل صومه ، وقال المزني : إذا نوى الصوم من الليل ثمَّ أغمي عليه جميع النهار أجزأه ، كما يجزيه إذا نام في جميع النهار.

مسألة ـ ١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نوى ليلا وأصبح مغمى عليه حتى ذهب اليوم صح صومه ، ولا فرق بين الجنون والاغماء ، وبه قال ( ـ ح ـ ) والمزني.

وقال ( ـ ش ـ ) وباقي أصحابه : لا يصح صومه.

مسألة ـ ١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أصبح يوم الشك مفطرا ، ثمَّ صح أنه كان من رمضان ، وجب عليه إمساك باقيه ، وبه قال ( ـ ح ـ ). و ( ـ للش ـ ) قولان.

مسألة ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من كان أسيرا في بلد الشرك ، أو كان محبوسا في بيت ،

__________________

(١) م : بعض النهار وكذلك في الخلاف.

(٢) م ، د : أو أصبح.

٣٢٦

أو كان في طرف من البلاد ، ولا طريق له إلى معرفة شهر رمضان ولا الى ظنه بأمارة صحيحة ، فليتوخ به شهرا فيصومه ، فان وافق شهر رمضان أو بعده أجزأه ، وان وافق قبله لم يجزه وعليه القضاء.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان غلب على ظنه شهر ولم يكن معه دليل ، فإنه يصومه غير أنه لا يعتد به ، وافق الشهر أو لم يوافق ، وان كان معه ضرب من الدليل والامارات ، مثل أن يعلم أنه صام في شدة الحر أو شدة البرد ، أو ذكر هذا في بعض الشهر عرفه بعينه صام حينئذ ، فله ثلاثة أحوال :

حالة يوافقه فإنه يجزيه ، وهو قول الجماعة إلا الكرخي ، فإنه قال : لا يجزيه ، وان وافقه وان (١) وافق ما بعده ، فإنه يجزيه أيضا ويكون قضاء إذا كان شهرا يجوز صيامه كله مثل المحرم أو صفر ونحوهما ، وان وافق شهرا لا يصح صومه كله مثل شوال أو ذي الحجة ، فإن صومه كله صحيح الا يوم الفطر ويوم النحر وثلاثة أيام التشريق ، فيقضي ما لا يصح صيامه ، ويسقط ها هنا الاعتبار بالهلال ويكون المعتبر العدد.

هذا ان صام شهرا بين هلالين ، فأما ان صام ثلاثين يوما من شهرين أجزأه إذا كانت أياما يصح صوم جميعها ، فان كان فيها ما لا يصح صيامه قضا ما لا يصح صيامه ، ومتى وافق ما قبله ثمَّ بان له الخطاء قبل خروج رمضان صامه ، وان كان قد خرج (٢) بعضه صام ما أدرك منه وقضى ما فات.

وان كان خرج كله فلهم فيه طريقتان : إحداهما عليه القضاء قولا واحدا ، وذهب شيوخ أصحابه مثل الربيع والمزني وأبي العباس الى أن المسألة على قولين : أحدهما ، لا قضاء عليه ذكره المزني ، قال : ولا أعلم أحدا قال به ، والثاني

__________________

(١) م : فان.

(٢) م : بإسقاط ( قد ).

٣٢٧

وهو الصحيح عليه القضاء ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وغيره من الفقهاء.

مسألة ـ ١٦ ـ : إذا نوى في أثناء النهار أنه قد ترك الصوم ، أو عزم على أن يفعل ما ينافي الصوم لم يبطل صومه ، وكذلك الصلاة ان نوى أن يخرج منها ، أو فكر هل يخرج منها أم لا؟ لم يبطل صلاته ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، لان نواقض الصوم والصلاة منصوص عليها ، وليس في جملتها هذه (١) النية.

وقال أبو حامد الاسفرائيني : يبطل صومه وصلاته ، وقال : ولا أعرفها منصوصة الشافعي. وأما الصلاة ، فنص ( ـ ش ـ ) على أنها تبطل.

مسألة ـ ١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صوم يوم الشك مستحب بنية شعبان ، ويحرم صومه بنية رمضان ، وصومه من غير نية أصلا لا يجزي عن شي‌ء. وذهب ( ـ ش ـ ) إلى أنه يكره افراده بصوم التطوع من شعبان ، أو صيامه احتياطا لرمضان ، ولا يكره إذا كان متصلا بما قبله من صيام الأيام.

وكذلك لا يكره أن يصومه إذا وافق عادة له في مثل ذلك اليوم أو يوم نذر أو غيره ، وحكى أن به قال في الصحابة علي عليه‌السلام وعمر ، وابن مسعود ، وعمار ابن ياسر ، وفي التابعين الشعبي ، والنخعي ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ). وقالت عائشة وأختها أسماء : لا يكره بحال.

وقال الحسن وابن سيرين : ان صام امامه صام ، وان لم يصم امامه لم يصم وقال ابن عمر : ان كان صحوا كره ، وان كان غيما لم يكره ، وبه قال ( ـ د ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ان صام تطوعا لم يكره ، وان صام على سبيل التحرز لرمضان حذرا أن يكون منه فهذا مكروه.

مسألة ـ ١٨ ـ : علامة شهر رمضان أحد الشيئين : إما رؤية الهلال ، أو شهادة شاهدين ، فان غم عد من شعبان ثلاثين يوما ، ويصام بعد ذلك بنية الفرض.

__________________

(١) د : بإسقاط ( هذه ).

٣٢٨

فأما العدد والحساب ، فلا يلتفت إليهما ولا يعمل بهما ، وبه قالت الفقهاء أجمع ، وحكي عن قوم شذاذ أنهم قالوا : تثبت (١) بهذين وبالعدد ، فاذا أخبر ثقتان من أهل الحساب والعلم بالنجوم بدخول الشهر وجب قبول قولهم ، وذهب قوم من أصحابنا إلى القول بالعدد ، وذهب شاذ منهم الى القول بالجدول.

دليلنا الأخبار المتواترة عن النبي ، وعن الأئمة عليهم‌السلام ، وقوله تعالى « يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالْحَجِّ » (٢).

مسألة ـ ١٩ ـ : إذا رأى الهلال قبل الزوال أو بعده ، فهي لليلة المستقبلة دون الماضية ، وبه قال جميع الفقهاء ، وذهب قوم من أصحابنا إلى أنه ان رأى قبل الزوال فهو لليلة الماضية ، وان رأى بعده فهو لليلة المستقبلة ، وبه قال ( ـ ف ـ ).

دليلنا : قول النبي عليه‌السلام : إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا. وهذا رآه بالنهار ، فينبغي أن يكون صومه وفطره من الغد ، لأنه ان صام ذلك اليوم يكون قد صام قبل رؤية الهلال.

مسألة ـ ٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يقبل في رؤية الهلال في رمضان إلا شهادة شاهدين فأما الواحد فلا يقبل منه. هذا مع الغيم ، فأما مع الصحو فلا يقبل الا خمسون قسامة (٣) ، أو اثنان من خارج البلد.

و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : مثل ما قلناه من اعتبار الشاهدين ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، والليث ، وسواء كان صحوا أو غيما. والأخر : أنه يقبل شهادة واحد ، وعليه أكثر أصحابه ، وبه قال في الصحابة عمر ، وابن عمر ، وحكوه عن علي عليه‌السلام وفي الفقهاء ( ـ د ـ ).

__________________

(١) د : ثبت.

(٢) سورة البقرة : ١٨٥.

(٣) م : بإسقاط ( قسامة ).

٣٢٩

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان يوم غيم قبلت شاهدا واحدا ، وان كان صحوا لم يقبل الا التواتر فيه والخلق العظيم.

مسألة ـ ٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يقبل في هلال شوال الا شاهدان. وقال أبو ثور : تثبت (١) بشاهد واحد.

مسألة ـ ٢٢ ـ : إذا رأى هلال رمضان وحده ، لزمه صومه ، قبل الحاكم شهادته أو لم يقبل. وكذلك إذا رأى هلال شوال أفطر ، لقوله عليه‌السلام : صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته. وهذا قد رأى ، وبه قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ).

وقال ( ـ ك ـ ) و ( ـ د ـ ) : يلزمه الصيام في أول الشهر ، ولا يملك الفطر في آخره. وقال الحسن وعطاء وشريك : ان صام الامام صام معه ، وان أفطر أفطر معه.

مسألة ـ ٢٣ ـ : إذا وطئ في هذا اليوم الذي رأى الهلال وحده ، كان عليه القضاء والكفارة ، لعموم الأخبار المتضمنة لوجوب الكفارة على من أفطر يوما من رمضان وهذا منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : عليه القضاء بلا كفارة.

مسألة ـ ٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أصبح جنبا في شهر رمضان ناسيا تمم صومه ولا شي‌ء عليه ، وان أصبح كذلك متعمدا من غير عذر بطل صومه وعليه قضاؤه وعليه الكفارة.

وقال جميع الفقهاء : يتم صومه ، ولا شي‌ء عليه لا قضاء ولا كفارة. وقال أبو هريرة : لا يصح صومه ، وبه قال الحسن بن صالح بن حي. ولا أعلم هل يوجبان الكفارة أم لا؟ وانما يروي عن أبي هريرة أنه قال : من أصبح جنبا فلا صوم له ، ما أنا قلته قاله محمد ورب الكعبة.

مسألة ـ ٢٥ ـ : من جامع في نهار رمضان متعمدا من غير عذر ، وجب عليه القضاء والكفارة ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال الليث والنخعي : لا كفارة عليه.

__________________

(١) د : ثبت.

٣٣٠

مسألة ـ ٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجب بالجماع كفارتان : إحداهما ، على الرجل ، والأخرى : على المرأة إذا كانت مطاوعة له ، فإن أكرهها كان عليه كفارتان.

وقال ( ـ ش ـ ) في القديم والام : عليه كفارة واحدة ، وعليه أصحابه ، وهل هي عليه أو عليهما ويتحملها الزوج؟ على وجهين. وقال في الإملاء : كفارتان على كل واحد منهما كفارة كاملة ، وبه قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ح ـ ).

مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا وطئها نائمة ، أو أكرهها قهرا على الجماع ، لم تفطر هي وعليه كفارتان. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان في لزوم كفارة واحدة أو كفارتين ، وان كان اكراه تمكين مثل ان يضربها فتمكنه فقد أفطرت ، غير أنه لا يلزمها الكفارة. و ( ـ للش ـ ) في إفطارها وجهان ، ولا يختلف قوله في أنه ليس عليها كفارة.

مسألة ـ ٢٨ ـ : إذا زنا بامرأة في رمضان ، كان عليه كفارة وعليها كفارة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وفي أصحابنا من قال : يلزمه ثلاث كفارات ، روى ذلك عن الرضا عليه‌السلام.

مسألة ـ ٢٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا شك في طلوع الفجر ، وجب عليه الامتناع من الأكل ، فإن أكل ثمَّ تبين أنه كان طالعا كان عليه القضاء ، وكذلك ان شك في دخول الليل ، فأكل ثمَّ تبين أنه كان ما غابت الشمس كان عليه القضاء ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال الحسن وعطاء : لا قضاء عليه.

مسألة ـ ٣٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يحرم الجماع إلا إذا بقي إلى طلوع الفجر مقدار ما يغتسل فيه من جنابة ، فان لم يعلم ذلك وظن أن الوقت باق ، فجامع فطلع الفجر نزع ، وكان عليه القضاء دون الكفارة ، فان لم ينزع وأولج كان عليه القضاء والكفارة فأما ان كان عالما بقرب الفجر فجامع فطلع الفجر عليه كان عليه القضاء والكفارة.

وقال ( ـ ش ـ ) : إذا أولج قبل طلوع الفجر ، فوافاه الفجر مجامعا ، فيه مسألتان : إحداهما ، أن يقع النزع والطلوع معا ، والثانية : إذا لم ينزع. فالأولى أنه إذا جعل ينزع وجعل الفجر يطلع لم يفسد صومه ولا قضاء عليه ولا كفارة ، وبه قال ( ـ ح ـ ).

٣٣١

وقال زفر والمزني : أفسد صومه وعليه القضاء بلا كفارة.

وأما الثانية ، فهو أن يتحرك لغير إخراجه أو يمكث ، فلا فرق بينه وبين من وافاه الفجر وابتدء بالإيلاج مع ابتداء طلوع ، فان كان جاهلا بالفجر ، فعليه القضاء بلا كفارة ، وان كان عالما به أفسد صومه وعليه الكفارة.

وقال ( ـ ح ـ ) : عليه القضاء بلا كفارة ، قال : لان صومه ما انعقد بعد وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) المذهب ان الصوم لم ينعقد ، وانما الكفارة وجب بجماع منع الانعقاد.

مسألة ـ ٣١ ـ : إذا أخرج من بين أسنانه ما يمكنه التحرز منه ويمكنه أن يرميه فابتلعه عامدا كان عليه القضاء ، لأنه قد ابتلع ما يفطره فوجب أن يفطره وأيضا فإن هذا أكل وهو ممنوع من الأكل ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا شي‌ء عليه ولا قضاء.

مسألة ـ ٣٢ ـ : غبار الغليظ والنفض الدقيق حتى يصل الى الحلق ، يفطر ويجب منه القضاء والكفارة متى تعمد ، بدلالة الأخبار الواردة في ذلك ، وطريقة الاحتياط ، ولم يوافقنا فيه أحد من الفقهاء ، بل أسقطوا كلهم القضاء والكفارة معا.

مسألة ـ ٣٣ ـ : إذا بلع الريق قبل أن ينفصل من فيه لا يفطر بلا خلاف ، وكذلك ان جمعه فيه ثمَّ بلعه لا يفطر ، وان (١) انفصل من فيه ثمَّ أعاد اليه أفطر ، ووافقنا ( ـ ش ـ ) في الأول والأخير.

فأما الذي يجمع في فيه ثمَّ يبلعه ، له فيه وجهان ، أحدهما : يفطر ، والأخر : لا يفطر. وكذا القول في النخامة.

دليلنا : هو أن الشرع لا يدل على أن ما ذكره يفطر ، ولا يحكم بإفساد الصوم الا بدليل.

مسألة ـ ٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا تقيأ متعمدا وجب عليه القضاء بلا كفارة ، فإن

__________________

(١) د : فان.

٣٣٢

ذرعه القي‌ء فلا قضاء عليه أيضا ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).

وقال ابن مسعود وابن عباس : لا يفطره (١) على حال وان تعمد. وقال عطاء وأبو ثور : ان تعمد القي‌ء أفطر وعليه القضاء والكفارة ، فإن ذرعه لم يفطره وأجرياه مجرى الأكل عامدا.

مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا كان شاكا في الفجر وأكل وبقي على شكه لا يلزمه القضاء ، لقوله تعالى « كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ » (٢) وبه قال ( ـ ش ـ ) وقال ( ـ ك ـ ) : يلزمه القضاء.

مسألة ـ ٣٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الكفارة لا تسقط قضاء الصوم الذي أفسد بالجماع سواء كفر بالعتق أو بالصوم. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : يسقط عنه القضاء ، والأخر : لا يسقط ، وعليه أكثر أصحابه ، سواء كفر بعتق أو صيام.

وقال ( ـ ع ـ ) : ان كفر بصيام فلا قضاء عليه.

مسألة ـ ٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا عجز عن الكفارة بكل حال سقط عنه فرضها واستغفر الله ولا شي‌ء عليه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه ، والثاني لا يسقط عنه ويكون في ذمته أبدا الى أن يخرج ، وهو الذي اختاره أصحابه.

مسألة ـ ٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أكل أو شرب ناسيا لم يفطر ، وكذلك الجماع ، وهو المروي عن علي عليه‌السلام وابن عمر ، وأبي هريرة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأصحابه ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه الا (٣) أن ( ـ ح ـ ) قال : القياس أنه يفطر غير أني لم أفطره استحسانا ، فعنده ان العمد والسهو فيها يفسد العبادات سواء الا الصوم ، فإنه مخصوص بالخبر.

__________________

(١) د : لا يفطر.

(٢) سورة البقرة : ١٨٣.

(٣) م : الى ، د : بإسقاط الكلمة رأسا.

٣٣٣

وقال ربيعة و ( ـ ك ـ ) : أفطر وعليه القضاء ولا كفارة. وقال ( ـ ك ـ ) : هذا في صوم الفرض فأما التطوع فلا يفطر الناسي. وقال ( ـ د ـ ) : ان أكل ناسيا فمثل ما قلناه ، فان جامع ناسيا فعليه القضاء والكفارة.

مسألة ـ ٣٩ ـ : لأصحابنا في كفارة من أفطر من شهر رمضان روايتان : إحداهما أنها على الترتيب مثل كفارة الظهار : العتق أولا ، ثمَّ الصوم ، ثمَّ الإطعام ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، والليث. والأخرى : انه مخير فيها ، وبه قال ( ـ ك ـ ).

فان رجحنا الترتيب فبطريقة الاحتياط ، وان رجحنا التخيير فلان الأصل براءة الذمة ، ولما رواه أبو هريرة أن رجلا أفطر في شهر رمضان ، فأمره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا. وخبر الأعرابي يقوي الترتيب.

مسألة ـ ٤٠ ـ : كل موضع يجب فيه كفارة عتق رقبة ، فإنه يجزئ أي رقبة كانت إلا في قتل الخطاء ، فإنه لا يجزئ الا المؤمنة ، بدلالة الظواهر التي وردت في وجوب عتق رقبة غير مقيدة بالايمان ، والأصل براءة الذمة وبه قال ( ـ ح ـ ).

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجزئ إلا مؤمنة في جميع الكفارات.

مسألة ـ ٤١ ـ : يستحب أن يكون الرقبة سليمة من الآفات ، وليس ذلك بواجب ، بدلالة ما قلناه في المسألة الاولى ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجزي الا سليمة.

مسألة ـ ٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصوم في الشهرين يجب أن يكون متتابعا ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال ابن أبي ليلى : ان شاء تابع ، وان شاء فرق.

مسألة ـ ٤٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أطعم فليطعم كل مسكين نصف صاع وروى مدا ، سواء كفر بالتمر أو بالبر أو غير ذلك.

وقال ( ـ ح ـ ) : ان كفر بالتمر أو الشعير ، فعليه لكل مسكين صاع ، وان كان بالبر

٣٣٤

فنصف صاع ، وعنه في الزبيب (١) روايتان.

مسألة ـ ٤٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا عملنا بالرواية التي يتضمن الترتيب ، فتلبس بالصوم ثمَّ وجد الرقبة ، لا يجب عليه الانتقال إليها ، فإن فعل كان أفضل ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وكذلك في سائر الكفارات المرتبة.

وقال ( ـ ح ـ ) : فيها كلها بوجوب الانتقال ، إلا في المتمتع إذا تلبس بصوم السبعة أيام ، فإنه قال : لا يرجع الى الهدي.

مسألة ـ ٤٥ ـ : إذا أفسد الصوم بالوطئ ، ثمَّ وطئ بعد ذلك مرة ومرات ، لا يتكرر عليه الكفارات ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولا أعرف فيه خلافا بين الفقهاء بل نصوا على ما قلناه ، وربما قال المرتضى من أصحابنا : انه يجب عليه بكل مرة كفارة.

مسألة ـ ٤٦ ـ : إذا أكل ناسيا ، فاعتقد أنه أفطر فجامع ، وجب عليه الكفارة بدلالة عموم الأخبار الواردة في لزوم الكفارة للواطي في الصوم. وقال ( ـ ش ـ ) في الأم : لا كفارة عليه.

مسألة ـ ٤٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باشر امرأته فيما دون الفرج فأمنى لزمته الكفارة ، سواء كان عند قبلة أو ملامسة ، أو أي شي‌ء كان ، وبه قال ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) : عليه القضاء بلا كفارة.

مسألة ـ ٤٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أدخل في دبر امرأة أو غلام ، كان عليه القضاء والكفارة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).

ودليلنا : إجماع الفرقة ، وطريقة الاحتياط ، ولأنا نبنى (٢) هذه المسألة على

__________________

(١) ح ، م : الرتيب. د : بإسقاط ( عنه ).

(٢) م : نبين.

٣٣٥

وجوب الحد (١) عليه بالقتل على كل حال.

يدل عليه إجماع الفرقة ، ورواية ابن عباس عن النبي عليه‌السلام أنه قال : من عمل عمل قوم لوط فاقتلوه. ويروى عن أبي بكر أنه يرمى به من شاهق ، وعن علي عليه‌السلام أنه يرمى عليه حائط. وكل من أوجب عليه الحد أوجب عليه القضاء والكفارة.

وقال ( ـ ح ـ ) : عليه القضاء بلا كفارة.

مسألة ـ ٤٩ ـ : إذا أتى بهيمة فأمنى ، كان عليه القضاء والكفارة ، فإن أولج ولم ينزل ، فليس لأصحابنا فيه نص ، لكن يقتضي المذهب أن عليه القضاء ، لأنه لا خلاف فيه. فأما الكفارة فلا يلزمه لأن الأصل براءة الذمة ، وليس في وجوبها دلالة. وأما الحد فلا يجب عليه ويجب عليه التعزير.

وقال ( ـ ح ـ ) : لا حد ولا غسل ولا كفارة. وكذلك إذا وطئ بالطفلة (٢) الصغيرة.

وقال ( ـ ش ـ ) وأصحابه : فيها قولان ، أحدهما : يجب عليه الحد ان كان محصنا الرجم ، وان كان غير محصن فالحد. والأخر : عليه القتل على كل حال ، مثل اللواط. ومنهم من ألحق به ثالثا ، وهو أنه لا حد عليه وعليه التعزير مثل ما قلناه ، فإذا أوجبوا الحد ألزموه الكفارة ، وإذا قالوا بالتعزير ففي الكفارة وجهان.

مسألة ـ ٥٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئ في يوم من شهر رمضان فوجبت الكفارة ، فإن وطئ في اليوم الثاني ، فعليه كفارة أخرى ، سواء كفر عن الأول أو لم يكفر ، فان وطئ ثلاثين يوما لزمه ثلاثون كفارة ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وجميع الفقهاء الا ( ـ ح ـ ) ، فإنه قال : ان لم يكفر عن الأول فلا كفارة في الثاني ، وان كفر عن الأول ففي الثاني روايتان ، رواية الأصول أن عليه الكفارة ، وروى عنه زفر أنه لا كفارة عليه.

__________________

(١) د : وجوب الحد أوجب عليه.

(٢) م : الطفلة.

٣٣٦

مسألة ـ ٥١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أكل أو شرب أو ابتلع ما يسمى به أكلا ، لزمه القضاء والكفارة ، مثل (١) ما يلزم الواطئ ، سواء كان ذلك في صوم رمضان أو صوم النذر.

وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجب هذه الكفارة إلا بالوطئ في الفرج إذا كان الصوم تاما ، وهو أن يكون أدى شهر رمضان في الحضر ، وان وطئ في غير الفرج ، أو غيره من الصيام من نذر أو كفارة أو قضاء فلا كفارة ، وعلى هذا جل أصحابه.

وقال أبو علي بن أبي هريرة : يجب الكفارة الصغرى ، وهي مد من طعام ، كالأكل والشرب وما يجري مجراهما ، وبه قال سعيد بن جبير ، وابن سيرين ، وحماد بن أبي سليمان.

وقال ( ـ ك ـ ) : من أفطر بمعصية فعليه الكفارة بأي شي‌ء أفطر من جماع وغيره حتى أنه لو كرر النظر فأمنى فعليه الكفارة.

وقال قوم : إذا أفطر بأكل ، فعليه الكفارة ذهب اليه ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، وإسحاق.

وقال ( ـ ح ـ ) : يكفر بأعلى ما يقع به الفطر من جنسه ، فأعلى جنس الجماع الوطء في الفرج ، وبه يجب الكفارة ، وأعلى جنس المأكولات ما يقصد به صلاح البدن من طعام أو دواء ، فأما ما لا يقصد به صلاح البدن مثل أن يبتلع جوهرة أو جوزة أو لوزة يابسة ، فلا كفارة بلى ان ابتلع لوزة رطبة ، فعليه الكفارة ، لأنه يقصد به صلاح البدن.

مسألة ـ ٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أفطر يوما من شهر رمضان على وجه يلزمه الكفارة المجمع عليها أو الكفارة على الخلاف ، فإنه يقضي يوما آخر بدله لا بد منه ، وبه قال جميع الفقهاء.

__________________

(١) د : مثلا.

٣٣٧

وقال ربيعة : يقضي اثنا عشر يوما ، لان الله رضي من عباده شهرا من اثنى عشر شهرا ، فوجب أن يكون كل يوم بإزاء اثنى عشر يوما.

وقال سعيد بن المسيب : يقضي عن كل يوم بشهر ، وروى ذلك أنس عن النبي عليه‌السلام. وقال النخعي : يقضي كل يوم بثلاثة آلاف يوم وروي عن علي عليه‌السلام وابن مسعود لا قضاء عليه لعظيم الجرم ولا يقنع القضاء عنه بصوم الدهر ، لما روى أبو هريرة أن النبي عليه‌السلام قال : من أفطر يوما من رمضان بغير رخصة لم يفصل صوم الدهر.

مسألة ـ ٥٣ ـ : من أكره على الإفطار (١) لم يفطر ولم يلزمه شي‌ء ، سواء كان اكراه قهر أو إكراها على أن يفعل باختياره ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولا دلالة على ذلك ، ولما روي عن النبي عليه‌السلام : رفع عن أمتي ثلاث : الخطاء ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه.

وقال ( ـ ش ـ ) : ان أكره اكراه قهر (٢) ، مثل أن يصب الماء في حلقه لم يفطر ، وان أكره حتى أكل بنفسه ، فعلى قولين. وكذلك ان أكره حتى يتقيأ بنفسه فعلى قولين. وكذلك ان أكرهها على الجماع بالقهر لم تفطر (٣) هي ، وان كان اكراه تمكين فعلى قولين.

مسألة ـ ٥٤ ـ : من ارتمس في الماء متعمدا ، أو كذب على الله ، أو على رسوله ، أو على الأئمة متعمدا أفطر ، ولزمه القضاء والكفارة ، وخالف الفقهاء في ذلك في الإفطار ولزوم الكفارة معا ، وبه قال المرتضى من أصحابنا والأكثر

__________________

(١) د : من أكره الإفطار.

(٢) د : اكراه فهو.

(٣) د : لم يفطر.

٣٣٨

على ما قلناه (١).

مسألة ـ ٥٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من تعمد البقاء على الجنابة إلى طلوع الفجر متعمدا ، أو نام بعد انتباهتين وبقي إلى طلوع الفجر نائما ، كان عليه القضاء والكفارة معا ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

مسألة ـ ٥٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أجنب في أول الليل ونام عازما أن يقوم في الليل ويغتسل ، فبقي نائما إلى طلوع الفجر لم يلزمه شي‌ء بلا خلاف ، فان انتبه دفعة ثمَّ نام وبقي إلى طلوع الفجر ، كان عليه القضاء بلا كفارة ، فإن انتبه دفعتين لزمه القضاء والكفارة على ما قلناه ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

مسألة ـ ٥٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أفطر يوما نذر صومه من غير عذر ، لزمته الكفارة ، وخالف جميعهم في ذلك.

مسألة ـ ٥٨ ـ : لا يكره السواك للصائم على كل حال. لعموم الاخبار في فضل السواك وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : يكره بعد الزوال.

مسألة ـ ٥٩ ـ : ) إذا أكل ما لا يؤكل باختيار ، كالخرق والخزف والخشب والجوهر ، أو شرب غير مشروب ، كماء الشجر والورد والعرق ، كل هذا يفطر ، لأنه يسمى بذلك آكلا وشاربا ، وهو قول جميع الفقهاء الا الحسن بن صالح بن حي ، فإنه قال : لا يفطر إلا المأكول المعتاد.

مسألة ـ ٦٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أكل البرد النازل من السماء يفطر ، وحكي عن أبي طلحة الأنصاري أنه كان يقول : لا يفطر.

مسألة ـ ٦١ ـ : الحقنة بالمائعات يفطر ، وأما التقطير في الذكر فلا يفطر.

__________________

(١) د : بإسقاط ( على ) م : بإسقاط ( على ما قلناه ).

(٢) م : بإسقاط مسألة.

٣٣٩

وقال ( ـ ش ـ ) : الواصل (١) منهما يفطر ، وهو الحقنة والتقطير في الذكر ، وبه قال ( ـ ف ـ ) و ( ـ م ـ ). وقال الحسن بن صالح بن حي : لا يفطر بهما. وقال ( ـ ك ـ ) : لا يفطر بقليل الحقنة ويفطر كثيرها.

وقال ( ـ ح ـ ) : يفطر بالحقنة على ما قلناه ، فأما التقطير في الذكر فقد قال الحاكم في المختصر يفطره ، وكان الجرجاني يقول لا يفطره.

ودليلنا على الحقنة إجماع الفرقة. وأما التقطير ، فليس على كونه مفطرا دليل ، والأصل بقاء الصوم وصحته.

مسألة ـ ٦٢ ـ : إذا داوى جرحه ، فوصل الدواء الى جوفه لا يفطر ، رطبا كان أو يابسا. وكذلك إذا طعن نفسه ، فوصلت الطعنة إلى جوفه أو طعن باختياره وكذلك ما كان بغير اختياره ، وهو مثل أن يوجر ماء في حلقه وهو نائم ، كل ذلك لا يفطر ، لأنه لا دلالة عليه في الشرع ، والأصل بقاء الصوم وصحته.

وقال ( ـ ش ـ ) : ما كان من ذلك باختياره يفطر ، وما كان منه بغير اختياره لا يفطر.

وقال ( ـ ح ـ ) : الدواء ان كان رطبا يفطر ، وان كان يابسا لم يفطر. وقال أصحابه : لأن اليابس لا يجري فلا يصل الى الجوف ، والطعنة فإن وصل الزج الى جوفه لم يفطر ، قال أصحابه : إذا لم يستقر فان استقر أفطر ، وما عدا ذلك من المسائل التي ذكرناها كلها يفطر عنده ، فاعتبر وصول ذلك الى جوفه ، بفعل آدمي كان أو غير آدمي إلا الذباب وغبرة الطريق فإنه لا يفطر.

وقال ( ـ ف ـ ) و ( ـ م ـ ) : لا يفطر بدواء ولا بطعنة ، والفطر عندهم أن يصل من المجاري التي هي خلقه في البدن ، فأما من غيرها فلا يفطر.

مسألة ـ ٦٣ ـ : السعوط مكروه الا أنه لا يفطر ، لأنه لا دليل عليه. وقال ( ـ ش ـ ) : ما وصل منه الى الدماغ يفطر.

__________________

(١) ح : بالواصل.

٣٤٠