الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة - ج ٣

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة - ج ٣

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٢
ISBN: 964-424-428-1
الصفحات: ٤١٦
الجزء ١ الجزء ٣

وناشرين وباعثين إلى بين يديه من الهدايا التي كان هو أصلها وفرعها إلى كلّ من وصلت إليه بحسب ما يقدرون عليه.

فقوم يظهرون نبوّته ودولته ممّا يشينها من المآثم والقبائح ، وقوم يعظّمون رسالته بزيادة العمل الصالح ، وقوم ينزّهون سمعه الشريف ان يبلغه عنهم ما يبعّده منهم ، وقوم يكرمون نظره المقدس ان يطّلع على ما يكره صدوره عنهم ، وقوم يصلّون المندوبات ويهدونها إليه ، وقوم يبالغون في الصلاة والثناء عليه.

وقوم يذكرون الله جلّ جلاله بما يوقعهم له من الأذكار ويهدونها إلى باب رسولهم صلوات الله عليه الساكن بها في دار القرار ، وقوم يتعبّدون بحسب ما يقدرون ويهدون ذلك ويرون انهم مقصّرون.

ويكون هذا اليوم عند الجميع بحسب ما خلّصهم به من كلّ أمر فظيع وبحسب ما اصطنع معهم من جليل الصّنيع ، ويختمونه بالتأسّف على فواته والتلهّف ، كيف لم يكن مستمرّا لهم في سعاداته وطاعاته ويسألون العفو عن التقصير ، ولو عملوا مهما عملوا ما قاموا وما عرفوا مقدار هذا اليوم العظيم الكبير.

فصل (١٠١)

فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة والعشرين من رجب

وجدناه في مفاوز السلامة وكرامة يوم القيامة ، مرويّا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ومن صلّى في اللّيلة الثامنة والعشرين من رجب اثنتي عشر ركعة ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) عشر مرات ، و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ ) عشر مرات ، فإذا فرغ من صلاته صلّى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مائة مرة واستغفر الله تعالى مائة مرة كتب الله سبحانه له ثواب عبادة الملائكة (١).

__________________

(١) عنه الوسائل ٨ : ٩٣ ، مصباح الكفعمي : ٥٢٤ عن مصباح الزائر.

٢٨١

فصل (١٠٢)

فيما نذكره من فضل صوم ثمانية وعشرين يوماً من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في أماليه وفي كتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلوات الله عليه ، قال : ومن صام من رجب ثمانية وعشرين يوما جعل الله عزّ وجلّ بينه وبين النار سبع خنادق ، كلّ خندق ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام (١).

وروى جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسني بإسناده إلى الرضا عليه‌السلام قال : ومن صام يوم الثامن والعشرين من رجب كان صومه لذلك اليوم كفّارة تسعين سنة.

فصل (١٠٣)

فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة والعشرين من رجب

وجدناه في تحف الشرف لمن علم وعمل ، مرويّاً عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ومن صلّى في اللّيلة التاسعة والعشرين من رجب اثنتي عشرة ركعة ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( سَبِّحِ اسْمَ ) عشر مرات ، و ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) عشر مرات ، فإذا فرغ من صلاته صلّى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مائة مرة واستغفر الله تعالى مائة مرة ، كتب الله سبحانه له ثواب عبادة الملائكة ، وقد تقدم هذا الثواب (٢).

فصل (١٠٤)

فيما نذكره من فضل صوم تسعة وعشرين يوما من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه من كتاب أماليه وكتاب ثواب

__________________

(١) ثواب الأعمال : ٨٢ ، أمالي الصدوق : ٤٣٣ ، عنهما البحار ٩٧ : ٣٠.

(٢) عنه الوسائل ٨ : ٩٤ ، مصباح الكفعمي : ٥٢٤ عن مصباح الزائر.

٢٨٢

الأعمال بإسناده إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال :

ومن صام من رجب تسعة وعشرين يوماً غفر الله له ولو كان عشّاراً ولو كانت امرأة فجرت سبعين مرّة ، بعد ما أرادت به وجه الله والخلاص من جهنم ، يغفر لها (١). (٢)

وروى جعفر بن محمد الدوريستي في كتابه بإسناده إلى الرضا عليه‌السلام قال : ومن صام يوم التّاسع والعشرين عن رجب كان صومه ذلك اليوم كفارة مائة سنة.

فصل (١٠٥)

فيما نذكره من عمل ليلة الثلاثين من رجب

وجدناه في خزائن خلع الأمان وتيجان الرضوان ، مرويّاً عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ومن صلّى ليلة الثلاثين من رجب عشر ركعات بالحمد مرة و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) عشر مرات ، أعطاه الله في جنة الفردوس سبع مدن ويخرج من قبره ووجهه كالبدر ، ويمرّ على الصراط كالبرق الخاطف وينجو من النار ، والحمد لله (٣).

فصل (١٠٦)

فيما نذكره من فضل صوم ثلاثين يوماً من رجب

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في أماليه وفي كتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ومن صام من رجب ثلاثين يوما نادى مناد من السماء : يا عبد الله امّا ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل فيما بقي ، فأعطاه الله في الجنان كلها ، في كلّ جنّة أربعين ألف مدينة من ذهب ، في كلّ مدينة أربعون ألف ألف قصر ، في كلّ قصر أربعون

__________________

(١) في المصادر : لغفر الله لها.

(٢) ثواب الأعمال : ٨٢ ، أمالي الصدوق : ٤٣٣ ، عنهما البحار ٩٧ : ٣٠.

(٣) عنه الوسائل ٨ : ٩٤ ، مصباح الكفعمي : ٥٢٤ عن مصباح الزائر.

٢٨٣

ألف ألف بيت ، في كل بيت أربعون ألف ألف مائة من ذهب ، على كل مائدة أربعون ألف ألف قصعة ، في كلّ قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام والشراب ، لكل طعام وشراب من ذلك لون على حدّة ، وفي كل بيت أربعون ألف ألف سرير من ذهب ، طول كل سرير الف ذراع في عرض الف ذراع ، على كل سرير جارية من الحور العين ، عليها ثلاثمائة ألف ذؤابة من نور ، تحمل كلّ ذؤابة منها ألف ألف وصيفة تغلفها بالمسك والعنبر ، الى ان يوافيها صائم رجب ، هذا لمن صام رجب كلّه.

قيل : يا نبي الله فمن عجز عن صيام رجب لضعف أو علّة كانت به أو امرأة غير طاهرة تصنع ما ذا لتنال ما وصفت؟ قال : تتصدّق عن كلّ يوم برغيف على المساكين ، والذي نفسي بيده انّه إذا صدّق بهذه الصدقة كل يوم ينال ما وصفت وأكثر ، لأنّه لو اجتمع جميع الخلائق كلّهم من أهل السماوات والأرض على ان يقدّروا قدر ثوابه ، ما بلغوا عشر ما يصيب في الجنان من الفضائل والدرجات.

قيل : يا رسول الله فمن لم يقدر على هذه الصدقة يصنع ما ذا لينال ما وصفت؟ قال : يسبح الله في كلّ يوم من شهر رجب إلى تمام ثلاثين يوما هذا التسبيح مائة مرة : سُبْحانَ الْإِلهِ الْجَلِيلِ ، سُبْحانَ مَنْ لا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ الاّ لَهُ ، سُبْحانَ الأَعَزِّ الاكْرَمِ ، سُبْحانَ مَنْ لَبِسَ الْعِزَّ وَهُوَ لَهُ اهْلٌ (١).

وروى جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسني بإسناده إلى الرضا عليه‌السلام قال : ومن صام يوم الثلاثين من رجب غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

فصل (١٠٧)

فيما نذكره من صلاة أواخر شهر رجب

رويناها عن جدّي أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه ، وقد تقدم إسنادها فيما أشرنا إليه ، وهي :

__________________

(١) ثواب الأعمال : ٨٣ ، أمالي الصدوق : ٤٣٣ ، عنهما البحار ٩٧ : ٣١.

٢٨٤

وصلّ في آخر الشهر عشر ركعات ، تقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة واحدة و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرات و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ثلاث مرات ، فإذا سلّمت فارفع يديك إلى السماء وقل :

لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

ثم امسح بها وجهك وسل حاجتك فإنه يستجاب لك دعاؤك ويجعل الله بينك وبين جهنم سبعة خنادق ، كل خندق كما بين السماء والأرض ، ويكتب لك بكلّ ركعة ألف ألف ركعة ، ويكتب لك براءة من النار وجواز على الصراط.

قال سلمان رضي‌الله‌عنه : فلمّا فرغ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الحديث خرّرت ساجداً أبكي شكراً لله تعالى لما سمعت من هذا الحديث (١).

وزاد في هذا الحديث مصنف كتاب دستور المذكرين فقال : ومن صام ذلك اليوم ـ ولم يذكر انّ دخول سلمان على النبي عليه‌السلام كان آخر يوم من جمادى الآخر ، فلذلك وغيره جعلنا ابتداء هذه الصلاة أول يوم من رجب.

فصل (١٠٨)

فيما نذكره ممّا يختم به شهر رجب

اعلم انّنا كنّا قد ذكرنا في أوّل ليلة من رجب وأوّل يوم منه طرفا من حرمة هذا الشهر والحمى الّذي جعله الله جلّ جلاله ، ممّا لا يسهل على العارف به الخروج عنه ، وأنت ان كنت مسلماً تجد فرقاً بين الدخول في حرم الملوك وحماهم لرعاياهم ، وبين الخروج عن الحمى والحرم الذي شرفهم به وحفظهم بسببه ووقاهم.

وقد عرفت ان مذ تخرج عن هذا شهر رجب الذي هو آخر أشهر الحرم والعظيم

__________________

(١) مصباح المتهجد ٢ : ٨١٩.

٢٨٥

الشّأن ، فتكون قد خرجت من حرم الحمى والأمان ، فكن خائفا ان تخرج منه إخراج من اعرض صاحب الحمى عنه أو إخراج المنفي المطرود أو المهجور المصدود ، واطلب من رحمة مالك الوجود وصاحب الجود ان يجعل لك من ذخائر مراحمه ومكارمه حمى وحرما تسكن بعد شهر رجب في خفارة معالمه ومواسمه ومراسمه إلى ان تظفر بشهر موصوف بصفات مثله ، فتأوي إلى حمى ظلّه وفضله.

واجمع ما عملت بلسان الحال وأعرضه على يد من تكون ضيفه من أهل الإقبال وتوجّه إليه بالله جلّ جلاله العظيم لديه وبكلّ عزيز عليه ، ان يتمّ نقصان أعمالك وإمساكك ، وتعرضها بيد توسّله وتوصّله في دوام إقبالك وإجابة سؤالك.

٢٨٦

الباب التاسع

فيما نذكره من فضل شهر شعبان وفوائده وكمال موائده وموارده

وفيه فصول :

فصل (١)

فيما نذكره من فضله بالمعقول والمنقول

واعلم ان شهر شعبان شهر عظيم الشأن ، فيه ليلة أغاث الله جلّ جلاله بمولودها ما كاد أن يطفيه أهل العدوان من أَنوار الإسلام والايمان ، وسيأتي شرح موقعها في موضعها.

وهو كما كنّا ذكرناه منزل من المنازل ومرحلة من المراحل ، يسعد أهل التوفيق (١) بالظفر بفوائده والجلوس على موائده والورود على موارده ، وكفاه شرفاً ما نذكره من انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اختاره لنفسه الشريفة بصريح مقاله ، ودعا لمن أعانه على صيامه بمقدّس ابتهاله ، فقال عليه‌السلام : شعبان شهري رحم الله من أعانني على شهري (٢).

فمن شاء ان يدخل تحت ظلّ هذه الدعوة المقبولة والرحمة الموصولة فيساعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على شهره ويكون ممّن شرفه لسان محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله المعظّم بذكره.

__________________

(١) أهل التصديق ( خ ل ).

(٢) مصباح المتهجد ٢ : ٨٢٥.

٢٨٧

فإذا دخلت في أول ليلة منه فأنت قد فصلت بين شهر رجب وفارقت ذلك الحمى وخرجت عنه ، وتريد ان تلقى شهر رمضان وأنت مستعدّ له بطهارة الجوارح في السر والإعلان ، وكن كما يليق بهذه الحال من الاستعداد بصلاح الأعمال وصواب المقال وصيانة نفسك عن أهوال الأعمال.

فصل (٢)

فيما نذكره من تعظيم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لشهر شعبان عند رؤية هلاله

روينا ذلك بإسنادنا إلى صفوان بن مهران الجمال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : حثّ من في ناحيتك على صوم شعبان ، فقلت : جعلت فداك ترى فيها شيئاً؟ فقال : نعم ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا رأى هلال شعبان أمر منادياً ينادي في المدينة : يا أهل يثرب انّي رسول الله إليكم ، الاّ انّ شعبان شهري فرحم الله من أعانني على شهري.

ثم قال : انّ أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يقول : ما فاتني صوم شعبان منذ (١) سمعت منادي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ينادي في شعبان ، فلن يفوتني أيّام حياتي صوم شعبان ان شاء الله ، ثم كان عليه‌السلام يقول : صوم شهرين متتابعين توبة من الله (٢).

أقول : وقد قدمنا في الجزء الخامس في عمل كل شهر ما يختصّ بأوّل ليلة منه ، وذكرنا في كتاب عمل كل شهر ما يدعا به عند رؤية هلال جميع الشهور فيعتمد على تلك الأمور (٣) ، فان لم يحضره فيقول ان شاء الله :

اللهُمَّ إِنَّ هذا هِلالُ شَعْبانَ (٤) وَقَدْ وَرَدَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِما فِيهِ مِنَ الإِحْسانِ ، فَاجْعَلْهُ اللهُمَّ هِلالَ بَرَكاتٍ وَسَعاداتٍ كامِلَةِ الأَمانِ وَالْغُفْرانِ وَالرِّضْوانِ

__________________

(١) مذ ( خ ل ).

(٢) مصباح المتهجد : ٨٢٥ ، عنه البحار ٩٧ : ٧٩.

(٣) شهر شعبان ( خ ل ).

(٤) الدروع الواقية : ٢٩.

٢٨٨

وَماحِيَةِ الأَخْطارِ فِي الأَحْيانِ وَالأَزْمانِ ، وَحامِيَةً مِنْ أَذَى اهْلِ الْعِصْيانِ وَالْبُهْتانِ ، وَشَرِّفْنا بِامْتِثالِ مَراسِمِهِ ( وَإِحْياءِ مَواسِمِهِ ) (١) ، وَالْحِقْنا بِشُمُولِ مَراحِمِهِ وَمَكارِمِهِ ، وَطَهِّرْنا فِيهِ تَطْهِيراً تَصْلَحُ بِهِ لِلدُّخُولِ عَلى شَهْرِ رَمَضانَ ، مُظَفَّرِينَ بِافْضَلِ ما ظَفَرَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ اهْلِ الإِسْلامِ وَالإِيمانِ بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ونذكر في أدعية شهر رمضان من الجزء السادس دعاء عند رؤية هلال كل شهر ، فيدعى عند رؤية هلال شعبان بذلك.

فصل (٣)

فيما نذكره من صلاة في أوّل ليلة من شعبان

وجدناه في مواهب السماح ومناقب أهل الفلاح ، مرويّا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من صلّى أول ليلة من شعبان مائة ركعة ، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) مرة ، فإذا فرغ من صلاته قرأ فاتحة الكتاب خمسين مرة ، والذي بعثني بالحق نبيّا انّه إذا صلّى هذه الصلاة وصام العبد ، دفع الله تعالى عنه شر أهل السماء وشر أهل الأرض وشر الشياطين والسلاطين ، ويغفر له سبعين ألف كبيرة ويرفع عنه عذاب القبر ولا يروعه منكر ولا نكير ويخرج من قبره ووجهه كالقمر ليلة البدر ، ويمرّ على الصراط كالبرق ويعطي كتابه بيمينه (٢).

صلاة أخرى في أوّل ليلة من شعبان :

وجدناه في معادن ذخائر اليوم الآخر ، مرويا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال :

من صلّى أول ليلة من شعبان اثنتي عشر ركعة ، يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) خمس عشرة مرة ، أعطاه الله تعالى ثواب اثني عشر ألف شهيد وكتب له عبادة اثنتي عشرة سنة وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه وأعطاه الله بكل آية في

__________________

(١) ليس في بعض النسخ.

(٢) عنه الوسائل ٨ : ١٠٠ ، مصباح الكفعمي : ٥٣٩.

٢٨٩

القرآن قصراً في الجنّة (١).

صلاة أخرى في أول ليلة من شعبان :

وجدناها في مناهل الجود وإكرام أهل الوفود ، مروياً عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : من صلّى أوّل ليلة من شعبان ركعتين ، يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة وثلاثين مرة ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ، فإذا سلّم قال : اللهُمَّ هذا عَهْدِي عِنْدَكَ الى يَوْمِ الْقِيامَةِ ، حفظ من إبليس وجنوده وأعطاه الله ثواب الصديقين (٢).

صلاة أخرى في أوّل ليلة من شعبان واللّيلة الثانية والثالثة مع صيام نهارها :

وجدناها في صحف الدلالة على كرم مالك الجلالة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انّه قال : من صام ثلاثة أيام من أول شعبان ويقوم لياليها وصلّى ركعتين ، في كلّ ركعة بفاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) إحدى عشرة مرة رفع الله تعالى عنه شرّ أهل السماوات وشرّ أهل الأرضين وشرّ إبليس وجنوده وشرّ كلّ سلطان جائر ، والذي بعثني بالحق نبيّا انّه يغفر الله له سبعين ألف ذنب من الكبائر فيما بينه وبين الله عزَّ وجلَّ ويدفع الله عنه عذاب القبر ونزعه وشدائده (٣).

فصل (٤)

فيما نذكره من أحاديث في صوم شهر شعبان كله

فمن ذلك ما

رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه من كتاب ثواب الأعمال فقال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أيّ الصّيام أفضل؟ قال : شعبان تعظيما لشهر رمضان (٤).

__________________

(١) عنه الوسائل ٨ : ١٠٣.

(٢) عنه الوسائل ٨ : ١٠٤.

(٣) عنه الوسائل ٨ : ١٠٤.

(٤) ثواب الأعمال : ٨٦.

٢٩٠

وفي حديث آخر من كتاب ثواب الأعمال عن أمّ سلمة رضي‌الله‌عنها : انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن يصوم من السّنة شهرا تامّا الاّ شعبان يصل به شهر رمضان (١).

ومن ذلك ما رويناه عن عدّة طرق بها من كتاب من لا يحضره الفقيه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من صام شعبان كان له طهرا من كلّ زلّة ووصمة وبادرة ، قال أبو حمزة : فقلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ما الوصمة؟ قال : اليمين في المعصية والنذر في المعصية ، قلت : فما البادرة؟ قال : اليمين عند الغضب والتوبة ، بها الندم عليها (٢).

ومن ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه من الكتاب فيما رواه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصوم شعبان وشهر رمضان يصلهما وينهى الناس ان يصلوهما ، وكان يقول : هما شهر الله وهما كفّارة لما قبلهما وما بعدهما من الذنوب (٣).

أقول : هما شهر الله ، وفي الأحاديث : شعبان شهره عليه‌السلام ، لانّه كلّما كان له فهو لله جلّ جلاله ، وقوله صلوات الله عليه : وينهى الناس ان يصلوهما ، لعل المراد بذلك التخفيف عن الناس من موالاة شهرين متتابعين ، فيراد منهم ان يفصلوا بينهما بذلك التخفيف عن الناس من موالاة شهرين متتابعين ، فيراد منهم ان يفصلوا بينهما بيوم أو يومين.

وينبّه على ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى المفضّل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان أبي يفصل بين شعبان وشهر رمضان بيوم (٤).

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : صوم شعبان حسن ولكن افصل بينهما بيوم ، وفي حديث آخر : بيوم أو اثنين.

أقول : فإن كنت تريد كمال السعادات بصوم شعبان كله والظفر بما فيه من

__________________

(١) ثواب الأعمال : ٨٦.

(٢) ثواب الأعمال : ٨٣ ، معاني الأخبار : ١٦٩ ، عنهما البحار ٩٧ : ٧٤ ، مصباح المتهجد ٢ : ٨٢٥.

(٣) ثواب الأعمال : ٨٥ ، مصباح المتهجد ٢ : ٨٢٨.

(٤) ثواب الأعمال : ٨٤ ، عنه البحار ٩٧ : ٧٦.

٢٩١

العنايات ، فأنت المستظهر لنفسه قبل الممات ، وان كان لك مانع ممّا أشرنا إليه فنحن ذاكرون فضائل أيام من شعبان فانظر ما تقدر على صومه منها ، فاعتمد عليها.

فصل (٥)

فيما نذكره من فضل شهر شعبان بالمنقول ، وفضل صوم أوّل يوم منه بالرواية عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله

روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه من كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال بإسناده إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بصريح المقال ، فقال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد تذاكر أصحابه عنده فضائل شعبان ، فقال : شهر شريف وهو شهري وحملة العرش تعظّمه وتعرف حقه ، وهو شهر زاد فيه أرزاق العباد لشهر رمضان وتزيّن فيه الجنان ، وانّما سمّي شعبان لأنّه يتشعّب فيه أرزاق المؤمنين ، وهو شهر العمل فيه يضاعف الحسنة بسبعين ، والسّيّئة محطوطة والذنب مغفور والحسنة مقبولة ، والجبّار جلّ جلاله يباهي به لعباده وينظر إلى صوّامه وقوّامه ، فيباهي بهم حملة العرش.

فقام علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : بأبي أنت وأمّي يا رسول الله صف لنا شيئا من فضائله لنزداد رغبة في صيامه وقيامه ولنجتهد للجليل عزّ وجلّ فيه ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من صام أوّل يوم من شعبان كتب الله له عزّ وجلّ سبعين حسنة الحسنة تعدل عبادة سنة (١).

فصل (٦)

فيما نذكره من فضل صوم يوم من شعبان من غير تعيين لأوّله ، وذكر فضله

روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه من كتاب أماليه بإسناده إلى عبد الله بن الفضل

__________________

(١) ثواب الأعمال : ٨٦.

٢٩٢

الهاشمي ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال :

صيام شعبان ذخر للعبد يوم القيامة ، وما من عبد يكثر الصيام في شعبان إلاّ أصلح الله له أمر معيشته وكفاه شرّ عدوه ، وانّ أدنى ما يكون لمن يصوم يوما من شعبان ان تجب له الجنّة (١).

فصل (٧)

فيما نذكره من صوم يوم أو يومين أو ثلاثة أيام منه

روينا بعدّة أسانيد إلى الصادق عليه‌السلام قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : شعبان شهري ورمضان شهر الله عزّ وجلّ ، فمن صام يوما من شهري كنت شفيعه يوم القيامة ، ومن صام يومين من شهري غفر الله له ما تقدّم من ذنبه ، ومن صام ثلاثة أيام من شهري قيل له : استأنف العمل (٢).

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه فيما رواه عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن حزم الأزدي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من صام أوّل يوم من شعبان وجبت له الجنّة البتة ، ومن صام يومين نظر الله إليه في كل يوم وليه في دار الدنيا ودام نظره إليه في الجنّة ، ومن صام ثلاثة أيام زار الله في عرشه في جنّته كل يوم (٣).

أقول : لعلّ المراد بزيارة الله في عرشه ، ان يكون لقوم من أهل الجنّة مكان من العرش ، من وصل إليه يسمّى زائر الله ، كما جعل الله الكعبة الشريفة بيته الحرام ، من حجّها فقد حجّ الله.

__________________

(١) أمالي الصدوق : ١١ ، عنه البحار ٩٧ : ٦٨.

(٢) أمالي الصدوق : ١٣ ، فضائل الأشهر الثلاثة : عنهما البحار ٩٧ : ٦٨.

(٣) ثواب الأعمال : ٨٤ ، مصباح المتهجد ٢ : ٨٣٠.

٢٩٣

وذكر الشيخ ابن بابويه رحمه‌الله في كتاب من لا يحضره الفقيه ان معنى هذا الحديث زيارة أنبياء الله وحججه في الجنان وانّ من زارهم فقد زار الله (١).

وقد وردت أحاديث كثيرة : أن زيارة المؤمن وعيادته وإطعامه وكسوته ، منسوبة إلى أنّها زيارة الله وموصوفة بأنّها عملت مع الله.

روينا ذلك بإسنادنا إلى سعد بن عبد الله بإسناده إلى داود بن كثير الرقي قال : سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام عن صوم رجب فقال : أين أنتم عن صوم شعبان ، فقلت له : يا بن رسول الله ما ثواب من صام يوما من شعبان؟ فقال :

الجنّة والله ، فقلت : يا بن رسول الله ما أفضل ما يفعل فيه؟ قال : الصدقة والاستغفار ، ومن تصدّق بصدقة في شعبان ربّاها الله تعالى كما يربّي أحدكم فصيله حتّى يوافي يوم القيامة وقد صار مثل أحد.

قال الشيخ أبو جعفر ابن بابويه في أماليه فيما رويناه بإسناده إلى الحسن بن علي بن فضّال قال : سمعت علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه وآله يقول : من استغفر الله تبارك وتعالى في شعبان سبعين مرّة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل عدد النّجوم (٢).

فصل (٩)

فيما نذكره من فضل التهليل ولفظ الاستغفار في شهر شعبان

وجدنا ذلك في كتب العبادات عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ومن قال في شعبان ألف مرة : لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَلا نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، كتب الله له عبادة ألف سنة ، ومحي عنه ذنب ألف سنة

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٩٣.

(٢) أمالي الصدوق : ٢٤.

٢٩٤

ويخرج من قبره يوم القيامة ووجهه يتلألأ مثل القمر ليلة البدر وكتب عند الله صديقا.

ذكر لفظ الاستغفار كل يوم من شعبان :

روينا ذلك بإسنادنا إلى محمد بن الحسن الصفار من كتاب فضل الدعاء بإسناده فيه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : من قال في كلّ يوم من شعبان سبعين مرة : اسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.

وفي رواية جدّي أبي جعفر الطوسي رحمه‌الله : اسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.

وفي رواية الصفار : يكتب في الأفق المبين ، قال : قلت : ما الأفق المبين؟ قال : قاع بين يدي العرش فيها أنهار تطرد فيه من القدحان عدد النجوم.

وفي رواية جدي الطوسي زيادة : كتبه الله في الأفق المبين ، ثم اتّفقا في اللفظ ، وزاد الطوسي : عدد نجوم السماء (١).

فصل (١٠)

فيما نذكره من الدعاء في شعبان ، مرويّ عن ابن خالويه

أقول أنا : واسم ابن خالويه الحسين بن محمد ، وكنيته أبو عبد الله ، وذكر النجاشي انّه كان عارفا بمذهبنا مع علمه بعلوم العربيّة واللّغة والشعر وسكن بحلب (٢) ، وذكر محمد بن النجار في التذييل : وقد ذكرناه في الجزء الثالث من التحصيل ، فقال عن الحسين بن خالويه : كان إماماً أوحد افراد الدهر في كل قسم من أقسام العلم والأدب وكان إليه الرّحلة من الأوقات وسكن بحلب وكان آل حمدان يكرمونه ومات بها.

قال : انها مناجاة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام والأئمّة من ولده عليهم‌السلام ، كانوا يدعون بها في شهر شعبان :

اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاسْمَعْ دُعائِي إِذا دَعَوْتُكَ ، وَاسْمَعْ

__________________

(١) مصباح المتهجد ٢ : ٨٢٩.

(٢) رجال النجاشي : ٦٧ ، الرقم : ١٦١.

٢٩٥

نِدائِي إِذا نادَيْتُكَ ، وَاقْبِلْ عَلَيَّ إِذا ناجَيْتُكَ ، فَقَدْ هَرَبْتُ الَيْكَ وَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ ، مُسْتَكِيناً (١) لَكَ ، مُتَضَرِّعاً الَيْكَ ، راجِياً لِما تَرانِي (٢) ، وَتَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وتَخْبُرُ حاجَتِي وَتَعْرِفُ ضَمِيرِي ، وَلا يَخْفى عَلَيْكَ امْرُ مُنْقَلَبِي وَمَثْوايَ ، وَما أُرِيدُ انْ أُبْدِئَ بِهِ مِنْ مَنْطِقِي ، وَأَتَفَوَّهُ بِهِ مِنْ طَلِبَتِي ، وَارْجُوهُ لِعافِيَتِي.

وَقَدْ جَرَتْ مَقادِيرُكَ عَلَيَّ يا سَيِّدِي ، فِيما يَكُونُ مِنِّي الى آخِرِ عُمْرِي ، مِنْ سَرِيرَتِي وَعَلانِيَتِي ، وَبِيَدِكَ لا بِيَدِ غَيْرِكَ زِيادَتِي وَنَقْصِي ، وَنَفْعِي وَضَرِّي.

الهِي انْ حَرَمْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْزُقُنِي ، وَانْ خَذَلْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُنِي ، الهِي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَضَبِكَ وَحُلُولِ سَخَطِكَ.

الهِي انْ كُنْتُ غَيْرَ مُسْتَأْهِلٍ (٣) لِرَحْمَتِكَ ، فَانْتَ اهْلٌ انْ تَجُودَ عَلَيَّ بِفَضْلِ سَعَتِكَ ، الهِي كَأَنِّي بِنَفْسِي واقِفَةٌ بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَقَدْ أَظَلَّها حُسْنُ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ ، فَفَعَلْتَ (٤) ما انْتَ اهْلُهُ وَتَغَمَّدْتَنِي بِعَفْوِكَ.

الهِي انْ عَفَوْتَ فَمَنْ أَوْلى مِنْكَ بِذلِكَ ، وَانْ كانَ قَدْ دَنى اجَلِي وَلَمْ يُدْنِنِي (٥) مِنْكَ عَمَلِي ، فَقَدْ جَعَلْتُ الإِقْرارَ بِالذَّنْبِ الَيْكَ وسِيلَتِي ، الهِي قَدْ جُرْتُ عَلى نَفْسِي فِي النَّظَرِ لَها فَلَها الْوَيْلُ انْ لَمْ تَغْفِرْ لَها.

الهِي لَمْ يَزَلْ بِرُّكَ عَلَيَّ أَيّامَ حَياتِي ، فَلا تَقْطَعْ بِرَّكَ عَنِّي فِي مَماتِي ، الهِي كَيْفَ آيَسُ مِنْ حُسْنِ نَظَرِكَ لِي بَعْدَ مَماتِي ، وَأَنْتَ لَمْ تُوَلِّنِي الاَّ الْجَمِيلَ فِي حَياتِي ، الهِي تَوَلَّ مِنْ امْرِي ما انْتَ اهْلُهُ وَعُدْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ عَلى مُذْنِبٍ قَدْ غَمَرَهُ (٦) جَهْلُهُ.

__________________

(١) مسكينا ( خ ل ).

(٢) ثوابي ( خ ل ).

(٣) مستأهل : مستوجب.

(٤) فقلت ( خ ل ).

(٥) لم يدن ( خ ل ).

(٦) غمرة : غطّاه.

٢٩٦

الهِي قَدْ سَتَرْتَ عَلَيَّ ذُنُوباً فِي الدُّنْيا وَانَا احْوَجُ الى سَتْرِها عَلَيَّ مِنْكَ فِي الأُخْرى ، الهِي قَدْ احْسَنْتَ الَيَّ إِذْ لَمْ تُظْهِرْها لأَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ الصَّالِحِينَ ، فَلا تَفْضَحْنِي يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى رُؤُوسِ الأَشْهادِ.

الهِي جُودُكَ بَسَطَ امَلِي وَعَفْوُكَ افْضَلُ مِنْ عَمَلِي ، الهِي فَسُرَّنِي بِلِقائِكَ يَوْمَ تَقْضِي فِيهِ بَيْنَ عِبادِكَ ، الهِي اعْتِذارِي الَيْكَ اعْتِذارُ مَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ قَبُولِ عُذْرِهِ ، فَاقْبَلْ عُذْرِي ، يا اكْرَمَ (١) مَنِ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُسِيئُونَ.

الهِي لا تَرُدَّ حاجَتِي وَلا تُخَيِّبْ طَمَعِي وَلا تَقْطَعْ مِنْكَ رَجائِي وَامَلِي ، الهِي لَوْ ارَدْتَ هَوانِي لَمْ تَهْدِنِي ، وَلَوْ ارَدْتَ فَضِيحَتِي لَمْ تُعافِنِي ، الهِي ما أَظُنُّكَ تَرُدُّنِي فِي حاجَةٍ قَدْ افْنَيْتُ عُمْرِي فِي طَلَبِها مِنْكَ.

الهِي فَلَكَ الْحَمْدُ ابَداً ابَداً دائِماً سَرْمَداً يَزِيدُ وَلا يَبِيدُ كَما تُحِبُّ وَتَرْضى ، الهِي انْ اخَذْتَنِي بِجُرْمِي اخَذْتُكَ بِعَفْوِكَ ، وَانْ اخَذْتَنِي بِذُنُوبِي اخَذْتُكَ بِمَغْفِرَتِكَ ، وَانْ (٢) ادْخَلْتَنِي النَّارَ اعْلَمْتُ أَهْلَها إَنِّي أُحِبُّكَ.

الهِي انْ كانَ صَغُرَ (٣) فِي جَنْبِ طاعَتِكَ عَمَلِي فَقَدْ كَبُرَ فِي جَنْبِ رَجائِكَ امَلِي ، الهِي كَيْفَ انْقَلِبُ مِنْ عِنْدِكَ بِالْخَيْبَةِ مَحْرُوماً ، وَقَدْ كانَ حُسْنُ ظَنِّي بِجُودِكَ انْ تَقْلِبَنِي بِالنَّجاةِ مَرْحُوماً.

الهِي وَقَدْ افْنَيْتُ عُمْرِي فِي شَرَهِ (٤) السَّهْوِ عَنْكَ وَأَبلَيْتُ شَبابِي فِي سَكْرَةِ التَّباعُدِ مِنْكَ ، الهِي فَلَمْ اسْتَيْقِظْ أَيَّامَ اغْتِرارِي بِكَ وَرُكُونِي الى سَبِيلِ سَخَطِكَ ، الهِي وَانَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ (٥) قائِمٌ بَيْنَ يَدَيْكَ ، مُتَوَسِّلٌ بِكَرَمِكَ الَيْكَ.

الهِي انَا عَبْدٌ اتَنَصَّلُ (٦) الَيْكَ مِمَّا كُنْتُ أُواجِهُكَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ اسْتِحْيائِي

__________________

(١) يا كريم يا أكرم ( خ ل ).

(٢) إذا ( خ ل ).

(٣) كان قد صغر ( خ ل ).

(٤) الشره : شدّة غلبة الحرص.

(٥) ابن عبديك ( خ ل ).

(٦) تنصّل من الجناية : خرج وبرء.

٢٩٧

مِنْ نَظَرِكَ ، وَاطْلُبُ الْعَفْوَ مِنْكَ ، إِذِ الْعَفْوُ نَعْتٌ لِكَرَمِكَ ، الهِي لَمْ يَكُنْ لِي حَوْلٌ فَانْتَقِلُ بِهِ عَنْ مَعْصِيَتِكَ إِلاّ فِي وَقْتٍ ايْقَظْتَنِي لِمَحَبَّتِكَ وَكَما ارَدْتَ انْ أَكُونَ كُنْتُ ، فَشَكَرْتُكَ بإدْخالِي فِي كَرَمِكَ ، وَلِتَطْهِيرِ قَلْبِي مِنْ أَوْساخِ الْغَفْلَةِ عَنْكَ.

الهِي انْظُرْ الَيَّ نَظَرَ مَنْ نادَيْتَهُ فَاجابَكَ ، وَاسْتَعْمَلْتَهُ بِمَعُونَتِكَ فَاطاعَكَ ، يا قَرِيباً لا يَبْعُدُ عَنِ الْمُغْتَرِّ بِهِ ، وَيا جَواداً لا يَبْخَلُ عَمَّنْ رَجا ثَوابَهُ ، الهِي هَبْ لِي قَلْباً يُدْنِيهِ مِنْكَ شَوْقُهُ ، وَلِساناً يَرْفَعُهُ (١) الَيْكَ صِدْقُهُ ، وَنَظَراً يُقَرِّبُهُ مِنْكَ حَقُّهُ.

الهِي انَّ مَنْ تَعَرَّفَ بِكَ غَيْرِ مَجْهُولٍ ، وَمَنْ لاذَ بِكَ غَيْرَ مَخْذُولٍ ، وَمَنْ اقْبَلْتَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَمْلُوكٍ (٢).

الهِي إِنَّ مَنِ انْتَهَجَ بِكَ لَمُسْتَنِيرٌ ، وَإِنَّ مَنِ اعْتَصَمَ بِكَ لَمُسْتَجِيرٌ ، وَقَدْ لُذْتُ بِكَ يا الهِي (٣) فَلا تُخَيِّبْ (٤) ظَنِّي مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَلا تَحْجُبْنِي عَنْ رَأْفَتِكَ ، الهِي اقِمْنِي فِي اهْلِ وِلايَتِكَ مُقامَ مَنْ رَجَا الزِّيادَةَ مِنْ مَحَبَّتِكَ.

الهِي وَالْهِمْنِي وَلَهاً (٥) بِذِكْرِكَ الى ذِكْرِكَ ، وَاجْعَلْ هَمِّي (٦) فِي رَوْحِ نَجاحِ أَسْمائِكَ وَمَحَلِّ قُدْسِكَ ، الهِي بِكَ عَلَيْكَ الاّ الْحَقْتَنِي بِمَحَلِّ اهْلِ طاعَتِكَ وَالْمَثْوَى (٧) الصَّالِحِ مِنْ مَرْضاتِكَ ، فَانِّي لا اقْدِرُ لِنَفْسِي دَفْعاً وَلا امْلِكُ لَها نَفْعاً.

الهِي انَا عَبْدُكَ الضَّعِيفُ الْمُذْنِبُ وَمَمْلُوكُكَ الْمَعِيبُ ، فَلا تَجْعَلْنِي مِمَّنْ صَرَفْتَ عَنْهُ وَجْهَكَ وَحَجَبَهُ (٨) سَهْوُهُ عَنْ عَفْوِكَ.

__________________

(١) يرفع ( خ ل ).

(٢) مملول ( خ ل ).

(٣) يا سيدي ( خ ل ).

(٤) خيّبه : لم ينله مطلوبه.

(٥) الوله : محركة الحزن أو ذهاب العقل حزنا.

(٦) همتي ( خ ل ).

(٧) ثوى بمكان : أقام فيه.

(٨) حجبك ( خ ل ).

٢٩٨

الهِي هَبْ لِي كَمالَ الانْقِطاعِ الَيْكَ ، وَانِرْ أَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها الَيْكَ ، حَتّى تَخْرِقَ أَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ ، فَتَصِلَ الى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ وَتَصِيرَ أَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ ، الهِي وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاجابَكَ وَلا حَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.

الهِي لَمْ اسَلِّطْ عَلى حُسْنِ ظَنِّي قُنُوطَ الإِياسِ وَلا انْقَطَعَ رَجائِي مِنْ جَمِيلِ كَرَمِكَ ، الهِي انْ كانَتِ الْخَطايا قَدْ اسْقَطَتْنِي لَدَيْكَ فَاصْفَحْ عَنِّي بِحُسْنِ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ ، الهِي انْ حَطَّتْنِي الذُّنُوبُ مِنْ مَكارِمِ لُطْفِكَ ، فَقَدْ نَبَّهَنِي الْيَقِينُ الى كَرَمِ عَطْفِكَ.

الهِي انْ أَنامَتْنِي الْغَفْلَةُ عَنِ الاسْتِعْدادِ لِلِقائِكَ ، فَقَدْ نَبَّهَتْنِي الْمَعْرِفَةُ بِكَرَمِ آلائِكَ ، الهِي انْ دَعانِي إِلَى النَّارِ عَظِيمُ عِقابِكَ ، فَقَدْ دَعانِي إِلَى الْجَنَّةِ جَزِيلُ ثَوابِكَ ، الهِي فَلَكَ اسْأَلُ وَالَيْكَ ابْتَهِلُ (١) وَارْغَبُ ، انْ (٢) تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يُدِيمُ ذِكْرَكَ وَلا يَنْقُضُ عَهْدَكَ ، وَلا يَغْفُلُ عَنْ شُكْرِكَ وَلا يَسْتَخِفُّ بِأَمْرِكَ.

الهِي وَالْحِقْنِي بِنُورِ عِزِّكَ الابْهَجِ ، فَأَكُونَ لَكَ عارِفاً ، وَعَنْ سِواكَ مُنْحَرِفاً ، وَمِنْكَ خائِفاً مُراقِباً ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.

ومن الدعاء كل يوم من شعبان عند الزّوال ما رويناه بعدّة طرق إلى جدّي أبي جعفر الطوسي ، ورواه محمد بن علي الطرازي في كتابه ووجدناه بخطّه ، فقالا فيما رويا عن محمد بن يحيى العطار ، قال : حدثني أحمد بن محمد السيّاري ، قال : حدثني العباس بن مجاهد ، عن أبيه قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يدعو عند كلّ زوال من أيّام شعبان وفي ليلة النصف منه ويصلّي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بهذه الصلوات :

__________________

(١) ابتهل : اتضرّع.

(٢) أسألك ( خ ل ).

٢٩٩

اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ وَمَوْضِعِ الرِّسالَةِ وَمُخْتَلَفِ الْمَلائِكَةِ وَمَعْدِنِ الْعِلْمِ وَاهْلِ بَيْتِ الْوَحْيِ ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، الْفُلْكِ الْجارِيَةِ فِي اللُّجَجِ الْغامِرَةِ ، يَأْمَنُ مَنْ رَكِبَها وَيَغْرَقُ مَنْ تَرَكَها ، الْمُتَقدمُ لَهُمْ مارِقٌ وَالْمُتَأَخِّرُ عَنْهُمْ زاهِقٌ وَاللاَّزِمُ لَهُمْ لاحِقٌ.

اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، الْكَهْفِ الْحَصِينِ وَغِياثِ الْمُضْطَرِّينَ وَالْمَساكِينَ (١) وَمَلْجَأِ الْهارِبينَ وَمَنْجَا الْخائِفِينَ وَعِصْمَةِ الْمُعْتَصِمِينَ.

اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةً كَثِيرَةً طَيِّبَةً تَكُونُ لَهُمْ رِضا وَلِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله أَداءً ( وَقَضاءً ) (٢) بِحَوْلِ مِنْكَ وَقُوَّةٍ يا رَبَّ الْعالَمِينَ ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الطَّاهِرِينَ الأَخْيارِ ، الَّذِينَ اوْجَبْتَ حَقَّهُمْ وَفَرَضْتَ طاعَتَهُمْ وَوِلايَتَهُمْ.

اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، اللهُمَّ وَاعْمُرْ قَلْبِي بِطاعَتِكَ وَلا تُخْزِنِي بِمَعْصِيَتِكَ ، وَارْزُقْنِي مُواساةَ مَنْ قَتَّرْتَ عَلَيْهِ مِنْ رِزْقِكَ بِما وَسَّعْتَ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ ، وَنَشَرْتَ عَلَيَّ مِنْ عَدْلِكَ ، وَاحْيَيْتَنِي تَحْتَ ظِلِّكَ ، وَهذا شَهْرُ نَبِيِّكَ سَيِّدِ رُسُلِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، شَعْبانُ الَّذِي حَفَفْتَهُ بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ ، الَّذِي كانَ رَسُولُكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَدْأَبُ فِي صِيامِهِ وَقِيامِهِ فِي لَيالِيهِ وَأَيَّامِهِ ، بُخُوعاً لَكَ فِي إِكْرامِهِ وَإِعْظامِهِ الى مَحَلِّ حِمامِهِ.

اللهُمَّ فَأَعِنَّا عَلَى الاسْتِنانِ بِسُنَّتِهِ فِيهِ وَنَيْلِ الشَّفاعَةِ لَدَيْهِ ، اللهُمَّ فَاجْعَلْهُ لِي شَفِيعاً مُشَفَّعاً وَطَرِيقاً الَيْكَ مَهْيَعاً ، وَاجْعَلْنِي لَهُ مُتَّبِعاً حَتّى أَلْقاهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَنِّي راضِياً وَعَنْ ذُنُوبِي غاضِياً (٣) ، وَقَدْ اوْجَبْتَ لِي مِنْكَ الْكَرامَةَ وَالرِّضْوانَ وَانْزَلْتَنِي دارَ الْقَرارِ وَمَحَلَّ الأَخْيارِ (٤).

__________________

(١) المضطر المستكين ( خ ل ).

(٢) ليس في بعض النسخ.

(٣) الإغضاء : احتمال المكروه وكظم الغيظ.

(٤) مصباح المتهجد ٢ : ٨٢٨.

٣٠٠