الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة - ج ٣

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة - ج ٣

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٢
ISBN: 964-424-428-1
الصفحات: ٤١٦
الجزء ١ الجزء ٣

وفاة فاطمة (١) صلوات الله عليها كانت يوم ثالث جمادى الآخرة (٢) ، فينبغي ان يكون أهل الوفاء محزونين في ذلك اليوم ، على ما جرى عليها من المظالم الباطنة والظاهرة ، حتّى انها دفنت ليلاً ، مظهرةً للغضب على من ظلمها وأذاها وأذى أباها ، صلوات الله عليه وعلى روحها الطاهرة.

وتزار بما قدمناه في كتاب جمال الأسبوع (٣) عند حجرة النبي عليه‌السلام لمن حضر هناك والاّ قرأ من أيّ مكان كان.

وقد ذكر جامع كتاب المسائل وأجوبتها من الأئمة عليهم‌السلام فيها ما سئل عنه مولانا علي بن محمد الهادي عليه‌السلام ، فقال فيه ما هذا لفظه : أبو الحسن إبراهيم بن محمد الهمداني قال : كتبت إليه : ان رأيت ان تخبرني عن بيت أمك فاطمة عليها‌السلام ، أهي في طيّبه أو كما يقول الناس في البقيع؟ فكتب : هي مع جدّي صلوات الله عليه وآله (٤).

قلت انا : وهذا النّص كاف في أنّها عليه‌السلام مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقول :

السَّلامُ عَلَيْكِ يا سَيِّدَةَ نِساءِ الْعالَمِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا والِدَةَ الْحُجَجِ عَلَى النّاسِ أَجْمَعِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُهَا الْمَظْلُومَةُ الْمَمْنُوعَةُ حَقُّها.

ثم قل : اللهُمَّ صَلِّ عَلى أَمَتِكَ وَابْنَةِ نَبِيِّكَ وَزَوْجَةِ وَصِيِّ نَبِيِّكَ ، صَلاةً تُزْلِفُها فَوْقَ زُلْفى عِبادِكَ الْمُكْرَمِينَ مِنْ اهْلِ السَّماواتِ وَاهْلِ الأَرضِينَ (٥).

فقد روي انّ من زارها بهذه الزيارة واستغفر الله ، غفر الله له وأدخله الجنّة ، وسيأتي زيارة لها عليها‌السلام نذكرها عقيب مولدها ان شاء الله.

__________________

(١) فاطمة الزهراء ( خ ل ).

(٢) عنه البحار ١٠٠ : ٩٨ ، ٩٨ : ٣٧٥.

(٣) جمال الأسبوع : ٢٧.

(٤) عنه البحار ١٠٠ : ١٩٨.

(٥) عنه وعن مصباح الأنوار ، البحار ١٠٠ : ١٩٩.

١٦١

فصل (٤)

فيما نذكره من فضل ليلة تسع عشر من جمادى الآخرة وانها ليلة ابتداء الحمل برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

ذكر محمد بن بابويه رضوان الله عليه في الجزء الرابع من كتاب النبوة في أواخره حديث : انّ الحمل بسيّدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى (١).

وإذا كان الأمر كذلك ، فينبغي تعظيم هذه الليلة الباهرة وإحياؤها بالعبادات الباطنة والظاهرة ، حيث كان فيها ابتداء الحمل بالمولود المعظم في الدنيا والآخرة ، الفاتح للسعادات المتناصرة والآيات المتواترة المحيي ما درس من علوم الأنبياء الأنبياء الدّاثرة (٢) صلوات الله عليه وعليهم.

فصل (٥)

فيما نذكره من صيام يوم العشرين من جمادى الآخرة ، وبعض فضائله الباطنة والظاهرة

روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رضوان الله عليه من كتابه المشار إليه ، فقال عند ذكر جمادى الآخرة ما هذا لفظه :

يوم العشرين منه كان مولد السيدة الزهراء عليها‌السلام سنة اثنتين من المبعث ، وهو يوم شريف يتجدّد فيه سرور المؤمنين ، ويستحب صيامه والتطوع فيه بالخيرات والصدقة على أهل الإيمان (٣).

__________________

(١) عنه البحار ٩٨ : ٣٧٥.

(٢) دثر الرسم : بلى وانحمى.

(٣) عنه البحار ٩٨ : ٣٧٥ ، ٤٣ : ٨.

١٦٢

فصل (٦)

فيما نذكره من تعظيم هذا اليوم العشرين منه ، المعظم عند الأعيان وما يليق به من الإحسان وزيارة سيّدتنا فاطمة الزهراء عليها أفضل السلام المولود فيه

اعلم انّ يوم ولادة سيدتنا الزهراء البتول ابنة أفضل الرسول صلوات الله عليه وآله ، وهو يوم عظيم الشأن من أعظم أيام أهل الإسلام والايمان لأمور :

منها : انّ نسب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انقطع الاّ منها.

ومنها : انّ أئمّة المسلمين والدّعاء إلى ربّ العالمين من ذرّيتها وصادر عن مقدّس ولادتها.

ومنها : انّها أفضل من كلّ امرأة كانت أو تكون في الوجوه ، وهذا فضل عظيم السعود.

ومنها : انّها المزوّجة في السماء ، والمختصّة بالطهارة والمباهلة ، وهي المختارة من سائر النّساء.

ومنها : انها المشرفة بنزول المائدة عليها من السماء وهذا مقام عظيم من مقامات الأنبياء.

فلو لا طلب التخفيف لذكرنا غير ذلك من مناقبها ومحلّها المنيف ، وقد صنّف جماعة من أهل الوفاق والخلاف مجلّدات في مناقب والدتنا المعظّمة فاطمة ، شرّفها الله جلّ جلاله بعلوّ الدرجات.

وحيث قد كان ذكرنا يوم ولادتها الشريفة وصومه وبعض فضلها ، فلنذكر زيارة لها ، ذكرها محمد بن علي الطرازي يومئ الزائر بها إلى شرف محلّها.

والظاهر انّ ضريحها المقدس في بيتها المكمّل بالآيات والمعجزات ، لأنّها أوصت أن تدفن ليلا ولا يصلّي عليها من كانت هاجرة لهم إلى حين الممات ، وقد ذكر حديث دفنها وستره عن الصحابة البخاري ومسلم فيما شهدا انّه من صحيح الروايات ، ولو كان قد أخرجت جنازتها الطاهرة إلى بقيع الغرقد أو بين الروضة والمنبر في المسجد ، ما كان

١٦٣

يخفى آثار الحفر والعمارة عمّن كان قد أراد كشف ذلك بأدنى إشارة ، فاستمرار ستر حال ضريحها الكريم يدلّ على انّها ما أخرجت من بيتها أو حجرة والدها الرءوف الرحيم ، ويقتضي أن يكون دفنها في البيت الموصوف بالتعظيم كما قدّمناه.

أقول : وقد فضح الله جلّ جلاله بدفنها ليلاً على وجه المساترة عيوب من أحوجها إلى ذلك الغضب الموافق لغضب جبار الجبابرة ، وغضب أبيها صلوات الله عليه صاحب المقامات الباهرة ، إذا كان سخطها سخطه ورضاها رضاه ، وقد نقل العلماء انّ أباها عليه‌السلام قال : فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها.

أقول : ولقد انقطعت اعذار المتعذّرين وحيلة المحتالين بدفنها ليلا ودعواهم انّ أهل بيت النبي صلوات الله عليه وعلى عترته الطاهرين كانوا موافقين لمن تقدّم عليهم من المتقدمين.

ذكر الزيارة المشار إليه لمولاتنا فاطمة الزهراء صلوات الله عليها ، تقول :

السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ نَبِيِّ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ حَبِيبِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَلِيلِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ أَمِينِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَيْرِ خَلْقِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ افْضَلِ أَنْبِياءِ اللهِ.

السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا سَيِّدَةَ نِساءِ الْعالَمِينَ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالاخَرِينَ.

السَّلامُ عَلَيْكِ يا زَوْجَةَ وَلِيِّ اللهِ وَخَيْرِ خَلْقِهِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا أُمَّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْن سَيِّدَيْ شَبابِ اهْل الْجَنَّةِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا أَيَّتُهَا الصِّدِّيقَةُ الشَّهِيدَةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها الرَّضِيَّةُ الْمَرْضِيَّةُ.

السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الصَّادِقَةُ الرَّشِيدَةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْفاضِلَةُ الزَّكِيَّةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْحَوْراءُ الانْسِيَّةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمُحَدَّثَةُ الْعَلِيمَةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمَعْصُومَةُ الْمَظْلُومَةُ.

١٦٤

السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الطَّاهِرَةُ الْمُطَهَّرَةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمُضْطَهَدَةُ (١) الْمَغْضُوبَةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْغَرَّاءُ (٢) الزَّهْراءُ (٣) ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا فاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ. صَلَّى اللهُ عَلَيْكِ يا مَوْلاتِي وَابْنَةَ مَوْلايَ وَعَلى رُوحِكِ وَبَدَنِكَ.

اشْهَدُ انَّكِ مَضَيْتِ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكِ ، وَانَّ مَنْ سَرَّكِ فَقَدْ سَرَّ رَسُولَ اللهِ ، وَمَنْ جَفاكِ فَقَدْ جَفا رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وَمَنْ آذاكِ فَقَدْ آذى رَسُولَ اللهِ ، وَمَنْ وَصَلَكِ فَقَدْ وَصَلَ رَسُولِ اللهِ ، وَمَنْ قَطَعَكِ فَقَدْ قَطَعَ رَسُولَ اللهِ ، لِأَنَّكِ بِضْعَةٌ مِنْهُ وَرُوحُهُ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ (٤) ، كَما قالَ عَلَيْهِ افْضَلُ الصَّلاةِ وَاكْمَلُ السَّلامِ.

اشْهِدُ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ انِّي راضٍ عَمَّنْ رَضِيتِ عَنْهُ وَساخِطٌ عَلى مَنْ سَخَطْتِ عَلَيْهِ ، وَلِيٌّ لِمَنْ والاكِ ، عَدُوٌّ لِمَنْ عاداكِ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكِ ، انَا يا مَوْلاتِي بِكِ وَبِأَبِيكِ وَبَعْلِكِ وَالأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكِ مُوقِنٌ ، وَبِوِلايَتِهِمْ مُؤْمِنٌ وَبِطاعَتِهِمْ مُلْتَزِمٌ ، اشْهَدُ انَّ الدِّينَ دِينُهُمْ ، وَالْحُكْمَ حُكْمُهُمْ ، وَانَّهُمْ قَدْ بَلَّغُوا عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَدَعَوْا الى سَبِيلِ اللهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ، لا تَأْخُذُهُمْ فِي اللهِ لَوْمَةُ لائِمٍ ، وَصَلَواتُ اللهِ عَلَيْكِ وَعَلى أَبِيكِ (٥) وَبَعْلِكِ وَذُرِّيَّتِكِ الأَئِمَّةِ الطّاهِرِينَ (٦).

اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ ، وَصَلِّ عَلَى الْبَتُولِ الطّاهِرَةِ ، الصِّدِّيقَةِ الْمَعْصُومَةِ ، التَّقِيَّةِ النَّقِيَّةِ ، الرَّضِيَّةِ [ الْمَرْضِيَّةِ ] (٧) ، الزَّكِيَّةِ الرَّشِيدَةِ ، الْمَظْلُومَةِ

__________________

(١) المظلومة ( خ ل ).

(٢) الغراء : البيضاء المنورة والميمونة المباركة مأخوذة من غرة الفرس ، أو الشريفة الكريمة.

(٣) الزهراء : البيضاء المنيرة.

(٤) في بدنه وبين جنبيه ( خ ل ).

(٥) وابنيك ( خ ل ).

(٦) ذريتك والأئمة الطاهرين من ذراريك ( خ ل ).

(٧) من البحار.

١٦٥

الْمَقْهُورَةِ ، الْمَغْصُوبَةِ حَقُّها ، الْمَمْنُوعَةِ إِرْثُها ، الْمَكْسُورِ ضِلْعُها ، الْمَظْلُومِ بَعْلُها ، الْمَقْتُولِ وَلَدُها ، فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ ، وَبِضْعَةِ لَحْمِهِ وَصَمِيمِ قَلْبِهِ (١) ، وَفِلْذَةِ كَبِدِهِ (٢) ، وَالنُّخْبَةِ (٣) مِنْكَ لَهُ ، وَالتُّحْفَةِ خَصَصْتَ بِها وَصِيَّهُ وَحَبِيبَهُ الْمُصْطَفى وَقَرِينَهُ الْمُرْتَضى ، وَسَيِّدَةِ النِّساءِ وَمُبَشِّرَةِ الأَوْلِياءِ (٤) ، حَلِيفَةِ الْوَرَعِ وَالزُّهْدِ (٥) ، وَتُفَّاحَةِ الْفِرْدَوْسِ وَالْخُلْدِ ، الَّتِي شَرَّفْتَ مَوْلِدَها بِنِساءِ الْجَنَّةِ ، وَسَلَلْتَ مِنْها أَنْوارَ الأَئِمَّةِ ، وَارْخَيْتَ (٦) دُونَها حِجابَ النُّبُوَّةِ.

اللهُمَّ صَلِّ عَلَيْها صَلاةً تَزِيدُ فِي مَحَلِّها عِنْدَكَ وَشَرَفِها لَدَيْكَ وَمَنْزِلَتِها مِنْ رِضاكَ ، وَبَلِّغْها مِنّا تَحِيَّةً وَسَلاماً ، وَآتِنا مِنْ لَدُنْكَ فِي حُبِّها فَضْلاً وَإِحْساناً وَرَحْمَةً وَغُفْراناً ، إِنَّكَ ذُو الْفَضْلِ (٧) الْكَرِيمِ.

ثمّ تصلّي صلاة الزيارة وان استطعت أن تصلّي صلاتها صلّى الله عليها ، فافعل ، وهي ركعتان تقرء في كلّ ركعة الحمد مرّة وستين مرّة ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ).

فان لم تستطع فصلّ ركعتين بالحمد وسورة الإخلاص والحمد و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ، فإذا سلّمتَ قلت (٨) :

اللهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنا مُحَمَّدٍ وَبِأَهْلِ بَيْتِهِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ ، وَاسْأَلُكَ بِحَقِّكَ الْعَظِيمِ عَلَيْهِمْ ، الَّذِي لا يَعْلَمُ كُنْهَهُ سِواكَ ، وَاسْأَلُكَ بِحَقِّ مَنْ حَقُّهُ عِنْدَكَ عَظِيمٌ ، وَبِأَسْمائِكَ الْحُسْنى الَّتِي امَرْتَنِي انْ ادْعُوكَ بِها.

وَاسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الاعْظَمِ الَّذِي امَرْتَ بِهِ إِبْراهِيمَ انْ يَدْعُوَ بِهِ الطَّيْرَ

__________________

(١) الصميم : العظم الذي به قوام العضو ، رجل صميم : محض.

(٢) الفلذة : القطعة من الكبد.

(٣) النخبة : المختار.

(٤) مبشرة الأولياء ـ على بناء اسم المفعول ـ أي التي بشر الله الأولياء بها ، ويحتمل بناء على اسم الفاعل لأنها تبشّر أوليائها واحبائها في الدنيا والآخرة بالنجاة من النار ـ البحار.

(٥) الحليف : الصديق ، يحلف لصاحبه ان لا يغدر به كناية عن ملازمتها لهما وعدم مفارقتها عنهما.

(٦) إرخاء الستر إسداله ، كناية عن نزول الوحي في بيتها وكونها مطلعة على أسرار النبوة ـ البحار.

(٧) دو العفو ( خ ل ).

(٨) قل ( خ ل ).

١٦٦

فَأَجابَتْهُ ، وَبِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الَّذِي قُلْتَ لِلنّارِ ( كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ ) (١) ، فَكانَتْ بَرْداً ، وَبِأَحَبِّ الأَسْماءِ الَيْكَ وَأَشْرَفِها وَأَعْظَمِها لَدَيْكَ ، وَأَسْرَعِها إِجابَةً وَأَنْجَحَها طَلِبَةً ، وَبِما انْتَ اهْلُهُ وَمُسْتَحِقُّهُ وَمُسْتَوْجِبُهُ ، وَأَتَوَسَّلُ الَيْكَ وَارْغَبُ الَيْكَ وَأَتَضَرَّعُ الَيْكَ وَأُلِحُّ عَلَيْكَ.

وَاسْأَلُكَ بِكُتُبِكَ الَّتِي أَنْزَلْتَها عَلى أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ ، مِنَ التَّوْراةِ وَالانْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، فَانَّ فِيهَا اسْمُكَ الاعْظَمُ ، وَبِما فِيها مِنْ أَسْمائِكَ الْعُظْمى ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْ تُفَرِّجَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (٢) وَشِيعَتِهِمْ وَمُحِبِّيهِمْ وَعَنِّي ، وَتَفْتَحَ أَبْوابَ السَّماءِ لِدُعائِي وَتَرْفَعَهُ فِي عِلِّيِّينَ ، وَتَأْذَنَ فِي هذَا الْيَوْمِ وَفِي هذِهِ السّاعَةِ بِفَرَجِي وَإِعْطاءِ امَلِي وَسُؤْلِي فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ.

يا مَنْ لا يَعْلَمُ احَدٌ كَيْفَ هُوَ وَقُدْرَتُهُ الاّ هُوَ ، يا مَنْ سَدَّ الْهَواءَ بِالسَّماءِ (٣) ، وَكَبَسَ الارْضَ عَلَى الْماءِ (٤) ، وَاخْتارَ لِنَفْسِهِ احْسَنَ الأَسْماءِ ، يا مَنْ سَمّى نَفْسَهُ بِالاسْمِ الَّذِي يُقْضى بِهِ حاجَةُ مَنْ يَدْعُوهُ.

اسْأَلُكَ بِحَقِّ ذلِكَ الاسْمِ فَلا شَفِيعَ أَقْوى لِي مِنْهُ ، انْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَقْضِيَ لِي حَوائِجِي وَتَسْمَعَ بِمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفاطِمَةَ ، وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَالْحُجَّةِ الْمُنْتَظِرِ لِاذْنِكَ ، صَلَواتُكَ وَسَلامُكَ وَرَحْمَتُكَ وَبَرَكاتُكَ عَلَيْهِمْ ، صَوْتِي ، لِيَشْفَعُوا لِي الَيْكَ وَتُشَفِّعَهُمْ فِيَّ ، وَلا تَرُدَّنِي خائِباً ، بِحَقِّ لا إِلهَ إِلاَّ انْتَ ـ وتسأل حوائجك تقضى ان شاء الله (٥) تعالى (٦).

__________________

(١) الأنبياء : ٦٩.

(٢) عن محمد وآل محمد ( خ ل ).

(٣) سد الهواء بالسماء كناية عن إحاطة السماء بها.

(٤) كبس البئر والنهر : طمها بالتراب.

(٥) تقضى باذن الله تعالى ( خ ل ).

(٦) عنه البحار ١٠٠ : ١٩٩ ـ ٢٠١.

١٦٧

أقول : فيا سعادة من ظفر بموافقة أهل بيت المباهلة والتطهير والثّقل المعظم المنير المصاحب للقرآن المنيف وسفينة النجاة في التكليف ، واحتمل في رضى المالك اللطيف كلّ تهديد وتخويف وسار معهم إلى محل مقامهم الشريف.

فينبغي ان يصاحب هذا اليوم بقدر ما يستحقّه من جلالته وحرمته والاعتراف لله جلّ جلاله بمنّته ولرسوله صلوات الله عليه وآله بمحلّ ولادته ولما صدر عنها ، من انّ المهدي الذي بشّر به النّبي صلى الله عليهما منها.

فليجتهد الإنسان في القيام لله جلّ جلاله بشكره ولرسوله عليه‌السلام بعظيم قدره ، ويواصل أهل الإيمان بما يقدر عليه من برّه ويختمه بخاتمه كلّ يوم أشرنا فيما سلف إلى تعظيم أمره ويستقبل كلّما يبلغ اجتهاده من الطّاعات والخيرات إليه ، فإنّ حقّ الله جلّ جلاله وحقّ رسوله صلوات الله عليه وآله وخاصّته لا يقضى ، وان اجتهد الإنسان بغاية إرادته ، لانّ المنة لهم سابقة ولا حقة وباطنة وظاهرة وماضية وحاضرة.

اما تعرف انّك لو وهبت غلامك أنعاما عليه ، أو أعطيت عبدك شيئا من الدنيا وسلّمته إليه ثمّ منّ عليك بشيء منه أنكرت ذلك عليه ، وكذلك لو هديت ضالًّا ، فمنّ عليك بشيء من هداياتك كنت قد عددته ظالماً وجاحداً حقوق مقاماتك ، ولا يخفى عليك ان كنت من المسلمين انّ كلّما أنت فيه بطريق سيّد المرسلين وعترته الطاهرين عليهم الصلاة والسلام أجمعين.

١٦٨

الباب الثامن

فيما نذكره ممّا يختصّ بشهر رجب وبركاته

وما نختاره من عباداته وخيراته

وفيه فصول :

فصل (١)

فيما نذكره بالمعقول من تعظيم شهر رجب والتنبيه على شرف محله وتحف فضله

اعلم انّنا كنا ذكرنا في أَوائل هذا الجزء وبعد إثبات أبواب هذا الكتاب انّ الشهور كالمراحل إلى الموت وما بعده من المنازل ، وانّ كلّ منزل ينزله العبد في دنياه في شهوره وأيّامه ، فينبغي أن يكون محلّه على قدر ما يتفضّل الله جلّ جلاله فيه من إكرامه وانعامه.

ومذ فارقت أيّها الناظر في كتابنا هذا شهر ربيع الأول الّذي كان فيه مولد سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما ذكرناه فيه من الفضل المكمّل ، لم تجد من المنازل المتشرّفة بزيادة المكتسب أفضل من هذا شهر رجب ، لاشتماله على وقت إرسال الله جلّ جلاله رسوله محمّداً صلوات الله عليه إلى عبادة وإغاثة (١) أهل بلاده بهدايته وإرشاده ،

__________________

(١) اعانة ( خ ل ).

١٦٩

ولأجل حرماته التي يأتي ذكرها في روايات بركاته وخيراته.

فكن مقبلا على مواسم (١) هذا الشهر بعقلك وقلبك ، ومعترفا بالمراحل والمكارم المودعة فيك من ربّك ، واملأ ظهور مطاياه من ذخائر طاعتك لمولاه ورضاه وممّا يسرّك ان تلقاه ، واجتهد ان لا تبقى في المنزل الّذي تعلم انّك راحل عنه ما تندم على تركه أوّلاً بذلك منه ، فكلّما أنت تاركه منهوب مسلوب وأنت مطلوب مغلوب ، وسائر عن قليل وراء مطايا أعمالك ، ونازل حيث حملت ما قدّمت من قماشك ورحالك ، فاحذّر نفسي وإياك ان يكون المقتول من الذخائر ندما وشرابه علقماً (٢) وعافيته سقماً.

فهل تجد انّك تقدر على إعادة المطايا إلى دار الرّزايا تعيد عليك ما مضى من حياتك ، وتستدرك ما فرّطت فيه من طاعاتك ونقل مهماتك وسعاداتك ، هيهات هيهات لقد كنت تسمع وأنت في الدنيا بلسان الحال تلهّف النادمين وتأسّف المفرطين وصارت الحجّة عليك لربّ العالمين ، فاستظهر رحمك الله استظهار أهل الإمكان في الظفر بالأمان والرضوان.

وسوف نذكر من طريق الاخبار طرفا من العبادات والأسرار في اللّيل والنّهار المقتضية لنعيم دار القرار ، فلا تكن عن الخير نوّاماً ولا لنفسك يوم القيامة لوّاماً ، وإذا لم نذكر إسناداً لكلّها فسوف نذكر أحاديث مسندة عن الثقات انّه من بلغه اعمال صالحة وعمل بها فإنّه يظفر بفضلها ، وقد قدّمناها في أول المهمّات ، وانّما اعددناها هاهنا في المراقبات.

فمن ذلك انّنا روينا بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه رضوان الله عليه من كتاب ثواب الأعمال فيما رواه بإسناده إلى صفوان عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام انّه قال : من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له أجر ذلك ، وان كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقله (٣).

__________________

(١) العلقم : الحنظل وكل شيء مرّ.

(٢) مراسم ( خ ل ).

(٣) ثواب الأعمال : ١٦.

١٧٠

أقول : ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني رحمه‌الله من كتاب الكافي ، في باب من بلغه ثواب من الله تعالى على عمل فصنعه فقال ما هذا لفظه : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من سمع شيئاً من الثواب على شيء فصنعه كان له وان لم يكن كما بلغه (١).

ووجدنا هذا الحديث في أصل هشام بن سالم رحمه‌الله عن الصادق عليه‌السلام.

ومن ذلك بإسنادنا أيضا إلى محمد بن يعقوب فقال : عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن عمران الزعفراني ، عن محمد بن مروان قال :

سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : من بلغه ثواب من الله عزّ وجلّ على عمل ، فعمل ذلك العمل ، التماس ذلك الثواب أوتيه ، وان لم يكن الحديث كما بلغه (٢).

أقول : وهذا فضل من الله جلّ جلاله وكرم ما كان في الحساب ، انك تعمل عملا لم ينزله في الكتاب ولم يأمر الله جلّ جلاله رسوله ان يبلّغه إليك فتسلم ان يكون خطر ذلك العمل عليك ، وتصير من سعادتك (٣) في دنياك وآخرتك.

فاعلم انّ هذا له مدخل في صفات الإسعاد والإرفاد ، فكيف لا يكون في صفات رحمته وجوده لذاته ومن لا نهاية لهباته ومن لا ينقصه الإحسان ولا يزيده الحرمان ، ومن كلّما وصل إلى أهل مملكته ، فهو زائد في مملكته وتعظيم دولته ، ولقد رويت ورأيت اخباراً لابن الفرات الوزير وغيره انّهم زوّر عليهم جماعة رقاعاً بالعطايا ، فعلموا انّها زوّر عليهم وأطلقوا ما وقع في التزوير ، وهي من الأحاديث المشهورة عند الأعيان فلا أطيل بذكرها في هذا المكان.

وقد جاءت شريعتنا المعظّمة بنحو هذه المساعي المكرمة ، وذاك انّ حكم الشريعة المحمّديّة انّه لو التقى صفّ المسلمين في الحرب بصفّ الكافرين فتكلّم واحد من أهل

__________________

(١) الكافي ٢ : ٧١ ، عنه الوسائل ١ : ٨٢.

(٢) الكافي ٢ : ٧١ عنه الوسائل ١ : ٨٢.

(٣) سعاداتك ( خ ل ).

١٧١

الإسلام كلمة اعتقدها كافر انّه قد أمّنه بذلك الكلام ، لكان ذلك الكافر أماناً من القتل ودرعاً له من دروع الإسلام والفضل ، وقد تناصر ورود الروايات : « ادرءوا الحدود بالشبهات » (١) ، فكن فيما نورده عاملا على اليقين بالظفر ومعترفاً بحق محمد صلوات الله عليه سيّد البشر.

فصل (٢)

فيما نذكره من فضل أوّل ليلة من شهر رجب بالمعقول من الأدب

فنقول : قد عرفت انّ الحديث المتظاهر والعمل المتناصر اتّفقا على انّ هذه أوّل ليلة من شهر رجب ، من الليالي الأربع التي تحيي بالعبادات والمراقبات لعالم الخفيّات ، ومن فضل هذه الليلة انّ الإنسان لمّا خرج شهر محرّم عنه ، وكأنّه قد فارق الأمان الذي جعله الله جلّ جلاله بالأشهر الحرم ، وأخذ ذلك الأمان منه ، فإذا دخلت أوّل ليلة من شهر رجب المقبل عليه ، فقد أنعم الله جلّ جلاله عليه بالأمان الّذي ذهب منه ، وأدخله في الحمى والحرم الذي كان قد خرج عنه.

وما يخفى عن ذوي الألباب الفرق بين الخروج عن حمى الملوك الحاكمين في الرّقاب ومفارقة ما جعلوه أماناً عند خوف العتاب أو العقاب ، وبين الدخول في التشريف بالمقام في معاينة الثواب ، فليكن الإنسان معترفاً لله جلّ جلاله في أوّل ليلة من شهر رجب بهذا الفضل الذي غير محتسب ومتمسّكاً بقوّة هذا السبب.

واعلم انّه إذا كانت أشهر الحرم قد اقتضت في الجاهليّة والإسلام ترك الحروب والسكون عن الفعل الحرام ، فكيف يحتمل هذه الشّهور ان يقع محاربة بين العبد ومالكه في شيء من الأمور ، وكيف يعظّم وقوع المحارم بين عبد وعبد مثله ولا يعظم أضعاف ذلك بين العبد وبين مالك امره كلّه ، فالحذر الحذر من التهوين بالله في هذه الأوقات المحرّمة ، وان يهتك العبد شيئاً من شهورها المعظّمة.

__________________

(١) المقنع : ١٤٧ ، عنه مستدرك الوسائل ١٨ : ٢٧.

١٧٢

فصل (٣)

فيما نذكره من عمل أوّل ليلة من رجب بالمنقول عن ذوي الرتب

فمن ذلك الدعاء عند هلال رجب ، وجدناه في كتب الدعوات ، ومرويّ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه كان يقول :

اللهُمَّ أَهِّلْهُ عَلَيْنا بِالْأَمْنِ وَالإِيمانِ وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَ (١).

وروي أنّه عليه‌السلام كان إذا رأى هلال رجب قال :

اللهُمَّ بارِكْ لَنا فِي رَجَبٍ وَشَعْبانَ ، وَبَلِّغْنا شَهْرَ رَمَضانَ ، وَأَعِنَّا عَلَى الصِّيامِ وَالْقِيامِ ، وَحِفْظِ اللِّسانِ ، وَغَضِّ الْبَصَرِ ، وَلا تَجْعَلْ حَظِّنا مِنْهُ الْجُوعَ وَالْعَطَشَ.

قال : ويستحبّ أن يقرء عند رؤية الهلال سورة الفاتحة (٢) سبع مرّات ، فإنّه من قرأها عند رؤية الهلال عافاه الله من رمد العين في ذلك الشّهر.

وروي أنّه عليه‌السلام كان إذا رأى الهلال كبّر ثلاثاً وهلّل ثلاثاً ثمَّ قال :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ شَهْرَ كَذا ، وَجاءَ بِشَهْرِ كَذا.

فصل (٤)

فيما نذكره من فضل الغسل في أول رجب وأوسطه وآخره

وجدناه في كتب العبادات عن النبي عليه أفضل الصلوات انّه قال : من أدرك شهر رجب ، فاغتسل في أوله وأوسطه وآخره ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه (٣).

__________________

(١) عنه البحار ٩٨ : ٣٧٦.

(٢) فاتحة الكتاب ( خ ل ).

(٣) عنه البحار ٩٨ : ٣٧٧ ، وعن نوادر الراوندي ٩٧ : ٤٦.

١٧٣

فصل (٥)

فيما نذكره من حديث الملك الداعي إلى الله في كلّ ليلة من رجب

نقلناه من كتب العبادات عن النبيّ صلوات الله عليه أنّه قال : إنَّ الله تعالى نصب في السّماء السَّابعة ملكاً يقال له : الداعي ، فإذا دخل شهر رجب ينادي (١) ذلك الملك كلَّ ليلة منه إلى الصّباح : طوبى للذاكرين ، طوبى للطّائعين ، ويقول الله تعالى :

أنا جليس من جالسني ، ومطيع من أطاعني ، وغافر من استغفرني ، الشّهر شهري ، والعبد عبدي ، والرّحمة رحمتي ، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته ، ومن سألني أعطيته ، ومن استهداني هديته ، وجعلت هذا الشّهر حبلاً بيني وبين عبادي ، فمن اعتصم به وصل إليّ (٢).

فصل (٦)

فيما نذكره من الدعاء في أول ليلة من رجب بعد العشاء الآخرة

روينا بإسنادنا إلى أحمد بن محمّد بن عيسى ـ وقد زكاه النّجاشي وأثنى عليه (٣) ـ بإسناده إلى أبي جعفر عليه‌السلام قال : تدعو في أوّل ليلة من رجب بعد عشاء الاخرة (٤) بهذا الدعاء :

اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ مَلِيكٌ ، وَأَنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرٌ (٥) ، وَأَنَّكَ ما تَشاءُ مِنْ أَمْرٍ يَكُونُ ، اللهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، يا مُحَمَّدُ يا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكَ

__________________

(١) نادى ( خ ل ).

(٢) عنه البحار ٩٨ : ٣٧٧.

(٣) رجال النجاشي : ٨١ ، الرقم : ١٩٨.

(٤) صلاة العشاء الآخرة ( خ ل ).

(٥) قدير ( خ ل ).

١٧٤

لِيُنْجِحَ بِكَ طَلِبَتِي ، اللهُمَّ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ ، وَبِالأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَنْجِحْ طَلِبَتِي ، ثمَّ تسأل حاجتك (١). (٢)

فصل (٧)

فيما نذكره من صلاة أول ليلة من شهر رجب والدعاء بعدها

نقلناه من كتاب المختصر من كتاب المنتخب ، فقال ما هذا لفظه :

تصلّي أوّل ليلة من رجب عشر ركعات مثنى مثنى ، تقرء في كلِّ ركعة فاتحة الكتاب مرَّة واحدة ، و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) مائة مرَّة ، وتقول سبعين مرَّة :

اللهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ لِما تُبْتُ إِلَيْكَ مِنْهُ ، ثُمَّ عُدْتُ فِيهِ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِما أَعْطَيْتُكَ مِنْ نَفْسِي ثُمَّ لَمْ أَفِ لَكَ بِهِ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِما أَرَدْتُ بِهِ وَجْهَكَ الْكَرِيمَ وَخالَطَهُ ما لَيْسَ لَكَ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِلذُّنُوبِ الَّتِي قَوَّيْتُ عَلَيْهَا بِنِعْمَتِكَ وَسِتْرِكَ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِلذُّنُوبِ الَّتِي بارَزْتُكَ بِها دُونَ خَلْقِكَ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِكُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُ وَلِكُلِّ سُوءٍ عَمِلْتُ.

وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، غافِرُ الذَّنْبِ وَقابِلُ التَّوْبِ ، اسْتِغْفارَ مَنْ لا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعاً وَلا ضَرّاً ، وَلا مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً إِلاّ ما شاءَ اللهُ.

وتقول بعد ذلك :

سُبْحانَكَ بِما تَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ ، وَسُبْحانَكَ بِما تَبْلُغُهُ أَحْكامُكَ وَلا أَبْلُغُهُ ، وَسُبْحانَكَ بِما أَنْتَ مُسْتَحِقُّهُ وَلا يَبْلُغُهُ الْحَيَوانُ (٣) مِنْ خَلْقِكَ ، وَسُبْحانَكَ بِالتَّسْبِيحِ الَّذِي يُوجِبُ عَفْوَكَ وَرِضاكَ ، وَسُبْحانَكَ بِالتَّسْبِيحِ الَّذِي لَمْ تُطْلِعْ عَلَيْهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ ، وَسُبْحانَكَ بِعِلْمِكَ فِي خَلْقِكَ كُلِّهِمْ ، وَلَوْ عَلَّمْتَنِي أَكْثَرَ

__________________

(١) عنه البحار ٩٨ : ٣٧٧ ، مصباح المتهجد ٢ : ٧٩٨.

(٢) حوائجك ( خ ل ).

(٣) الحيران ( خ ل ).

١٧٥

مِنْ هذا لَقُلْتُهُ.

اللهُمَّ لا خَرابَ عَلى ما عَمَّرْتَ ، وَلا فَقْرَ عَلى ما أَغْنَيْتَ ، وَلا خَوْفَ عَلى مَنْ أَمِنْتَ (١) ، وَأَنَا بَيْنَ يَدَيْكَ وَأَنْتَ عالِمٌ بِحاجَتِي ، فَاقْضِها يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، اللهُمَّ يا رافِعَ السَّماءِ فِي الْهَواءِ ، وَكابِسَ الْأَرْضِ عَلَى الْماءِ ، وَمُنْبِتَ الْخُضْرَةِ بِما لا يُرى ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَافْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ ، وَلا تَفْعَلْ بِي ما أَنَا أَهْلُهُ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ ، ناصِيَتِي بِيَدِكَ ، ماضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتابِكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي (٢) ، وَجَلاءَ حُزْنِي ، وَذِهابَ هَمِّي وَغَمِّي.

اللهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو يا اللهُ يا رَحْمانُ يا رَحِيمُ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، اللهُمَّ خَشَعَتِ الْأَصْواتُ لَكَ وَضَلَّتِ الْأَحْلامُ فِيكَ ، وَضاقَتِ الْأَشْياءُ دُونَكَ ، وَمَلأَ كُلَّ شَيْءٍ نُورُكَ ، وَوَجِلَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْكَ ، وَهَرَبَ كُلُّ شَيْءٍ إِلَيْكَ ، وَتَوَكَّلَ كُلُّ شَيْءٍ عَلَيْكَ.

أَنْتَ الرَّفِيعُ فِي جَلالِكَ ، وَأَنْتَ الْبَهِيُّ فِي جَمالِكَ ، وَأَنْتَ الْعَظِيمُ فِي قُدْرَتِكَ ، وَأَنْتَ الَّذِي لا يَؤُدُكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، يا غافِرَ زَلَّتِي ، وَيا قاضِيَ حاجَتِي ، وَيا مُفَرِّجَ كُرْبَتِي ، وَيا وَلِيَّ نِعْمَتِي ، أَعْطِنِي مَسْأَلَتِي لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ.

أَصْبَحْتُ وَأَمْسَيْتُ عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمالِي ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِنَ الذُّنُوب الَّتِي لا يَغْفِرُها غَيْرُكَ ، فَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا (٣) مَنْ هُوَ فِي عُلُوِّهِ دانٍ ، وَفِي دُنُوِّه

__________________

(١) ما آمنت ( خ ل ).

(٢) أي مائلاً إليه ومتروح به كما انّ الربيع مروح للقلب والإنسان مائل إليه.

(٣) اللهم يا ( خ ل ).

١٧٦

عالٍ ، وَفِي إِشْراقِهِ مُنِيرٌ ، وَفِي سُلْطانِهِ عَزِيزٌ ، ائْتِنِي بِرِزْقٍ مِنْ عِنْدِكَ ، لا تَجْعَلْ (١) لِأَحَدٍ عَلَيَّ فِيهِ مِنَّةً ، وَلا لَكَ فِي الآخِرَةِ عَلَيَّ تَبِعَةٌ إِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.

اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْحَرَقِ وَالشَّرَقِ وَالْهَدْمِ (٢) وَالرَّدْمِ (٣) ، وَأَنْ اقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِراً أَوْ أَمُوتَ لَدِيغاً ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ مَلِكٌ ، وَأَنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرٌ ، وَما تَشاءُ مِنْ أَمْرٍ يَكُونُ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُفَرِّجَ عَنِّي وَتَكْشِفَ ضُرِّي ، وَتَبْلُغَنِي امْنِيَّتِي ، وَتُسَهِّلَ لِي مَحَبَّتِي (٤) ، وَتُيَسِّرَ لِي إِرادَتِي ، وَتُوصِلَنِي إِلى بُغْيَتِي سَرِيعاً عاجلاً ، وَتَجْمَعَ لِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٥).

وتقول بعد ذلك وفي كلِّ ليلة من ليالي رجب : لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ أَلف مرَّة (٦).

فصل (٨)

فيما نذكره من صلاة أخرى في أول ليلة من رجب وثوابها

وجدنا ذلك في كتب العبادات مروياً عن النبيّ عليه أفضل الصلوات ، قال عليه‌السلام :

ما من مؤمن ولا مؤمنة صلّى في أوَّل ليلة من رجب ثلاثين ركعة ، يقرأ في كلِّ ركعة الحمد مرّة و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) مرّة ، و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ، ثلاث مرّات إلاّ غفر الله له كلَّ ذنب صغير وكبير ، وكتبه الله من المصلّين إلى السنة المقبلة ، وبريء من النفاق. (٧)

__________________

(١) ولا تجعل ( خ ل ).

(٢) الهدم : نقض البناء.

(٣) الردم : ما يسقط من الجدار.

(٤) محنتي ( خ ل ).

(٥) عنه البحار ٩٨ : ٣٧٧.

(٦) عنه البحار ٩٨ : ٣٧٧.

(٧) عنه وسائل الشيعة ٨ : ٩٨ ، رواه في البحار ٩٨ : ٣٧٩ مصباح الكفعمي : ٥٢٤ عن مصباح الزائر ، عنه الوسائل ٨ : ٩٢.

١٧٧

فصل : في صلاة أخرى في أوَّل ليلة من رجب :

ورأيت في كتاب روضة العابدين المقدم ذكره صلاة في أوَّل ليلة من رجب ، ذكر لها فضلاً نذكر شرحها ، قال : عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : من صلّى المغرب أوَّل ليلة من رجب ثمَّ يصلّي بعدها عشرين ركعة ، يقرأ في كلِّ ركعة فاتحة الكتاب و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) مرَّة ، ويسلّم بعد كلِّ ركعتين ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أتدرون ما ثوابه (١)؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فانَّ الرُّوح الأمين علّمني ذلك ، وحسر (٢) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذراعيه وقال : حفظ والله في نفسه وأهله وماله وولده ، وأجير من عذاب القبر ، وجاز على الصراط كالبرق الخاطف من غير حساب (٣).

فصل : في صلاة أخرى في أول ليلة من رجب :

رأيناها في كتاب روضة العابدين المذكور عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من صلّى ركعتين في أوَّل ليلة من رجب بعد العشاء يقرأ في أوَّل ركعة فاتحة الكتاب ، و ( أَلَمْ نَشْرَحْ ) مرّة ، و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرّات ، وفي الركعة الثانية فاتحة الكتاب و ( أَلَمْ نَشْرَحْ ) مرة و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) والمعوذتين. ثمّ يتشهّد ويسلّم ، ثمَّ يهلّل الله تعالى ثلاثين مرّة ، ويصلّي على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثين مرّة ، فإنّه يغفر له ما سلف من ذنوبه ، ويخرجه من الخطايا كيوم ولدته أمّه (٤).

فصل : فيما نذكره من صلاة ركعتين لكل ليلة من رجب :

رواها عبد الرحمن بن محمّد بن عليّ الحلوانيّ في كتاب التحفة ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من صلّى في رجب ستّين ركعة في كلِّ ليلة منه ركعتين ، يقرأ في كلِّ ركعة منهما

__________________

(١) ثوابها ( خ ل ).

(٢) حسر : كشف.

(٣) عنه وسائل الشيعة ٨ : ٩٤ ، البحار ٩٨ : ٣٧٩.

(٤) عنه وسائل الشيعة ٨ : ٩٤ ، البحار ٩٨ : ٣٧٩.

١٧٨

فاتحة الكتاب مرّة و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ثلاث مرّات ، و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) مرّة.

فإذا سلّم منهما رفع يديه وقال :

لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، النَّبِيِّ الأُمِّيِّ وَآلِهِ.

ويمسح بيديه وجهه ، فانّ الله سبحانه يستجيب الدّعاء ويعطي ثواب ستّين حجّة وستّين عمرة (١).

أقول : وجدت في بعض كتب عمل رجب صلاة في أوّل ليلة من الشهر ، فرأيت أنّ ذكرها في أوّل ليلة أليق بها لأنّها ليلة تحيي بالعبادات فيحتاج إلى زيادة الطّاعات ، ولأنّ الإنسان ما يدري إذا أخّر هذه الصلاة عن أوّل ليلة هل يتمكّن منها في غيرها أم لا ، وهذه الصلاة تروي عن سلمان رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

من صلّى ليلة من ليالي رجب عشر ركعات ، يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ثلاث مرّات ، غفر الله تبارك وتعالى له كلّ ذنب عمل وسلف له من ذنوبه ، وكتب الله تبارك وتعالى له بكلّ ركعة عبادة ستّين سنة ، وأعطاه الله تعالى بكلّ سورة قصراً من لؤلؤة في الجنّة ، وكتب الله تعالى له من الأجر كمن صام وصلّى وحجّ واعتمر وجاهد في تلك السّنة وكتب الله تعالى له إلى السّنة القابلة في كلّ يوم حجّة وعمرة ، ولا يخرج من صلاته حتّى يغفر الله له.

فإذا فرغ من صلاته ناداه ملك من تحت العرش : استأنف العمل يا وليّ الله فقد أعتقك الله تعالى من النار ، وكتبه الله تعالى من المصلّين تلك السنة كلّها ، وإن مات فيما بين ذلك مات شهيداً ، واستجاب الله تعالى دعاءه ، وقضى حوائجه ، وأعطاه كتابه

__________________

(١) عنه وسائل الشيعة ٨ : ٩٥ ، البحار ٩٨ : ٣٨٠.

١٧٩

بيمينه ، وبيّض وجهه ، وجعل الله بينه وبين النّار سبع خنادق (١).

ذكر صلاة أخرى في ليلة من رجب :

عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قرأ في ليلة من شهر رجب ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) مائة مرة في ركعتين ، فكأنّها صام مائة سنة في سبيل الله ، وأعطاه الله مائة قصر في جوار نبي من الأنبياء عليهم‌السلام (٢).

واعلم انّ الّذي تجده في كتابنا هذا من فضل صلوات في ليالي رجب وليالي شعبان وفضل صوم كل يوم من هذين الشهرين وتعظيم الثواب والإحسان بكلّه مشروط بالإخلاص ، ومن جملة إخلاص أهل الاختصاص الاّ يكون قصدك بهذا العمل مجرد هذا الثواب بل تعبّد به ربّ الأرباب ، لأنّه أهل لعبادة ذوي الألباب ، وهذه عقبة صعبة تبعد السلامة منها.

ومنها : ان لا تعجبك نفسك بعمل ولا تتّكل على عملك ، فإنّك إذا فكرت فيما عمل الله جلّ جلاله معك قبل ان يخلقك من عمارة الدّنيا لمصلحتك ، وقد خلق آدم عليه‌السلام إلى زمان عبادتك ، وما تحتاج ان يعمله جلّ جلاله معك في دوام آخرتك ، رأيت عملك لا محلّ له بالنسبة إلى عمله جلّ جلاله معك.

وإذا وجدت في كتابنا انّ من عمل كذا فله مثل عمل الأنبياء والأوصياء والشهداء والملائكة عليهم‌السلام ، فلعلّ ذلك انّه يكون مثل عمل أحدهم (٣) ، إذا عمل هذا الّذي يعمله دون سائر أعمالهم ، أو يكون له تأويل آخر على قدر ضعف حالك وقوّة حالهم.

فلا تطمع نفسك بما لا يليق بالإنصاف ولا تبلغ بها ما لا يصحّ لها من الأوصاف ، ولا تستكثر الله جلّ جلاله شيئاً من العبادات ، فحقّه أعظم من ان يؤدّيه أحد ، ولو بلغ غايات ويقع الطاعات لك دونه جلّ جلاله في الحياة بعد الممات.

__________________

(١) عنه وسائل الشيعة ٨ : ٩٥ ، البحار ٩٨ : ٣٨١.

(٢) عنه وسائل الشيعة ٨ : ٩٥ ، البحار ٩٨ : ٣٨١.

(٣) أحدها ( خ ل ).

١٨٠