رحلتي من الظلمات إلى النّور

السيد عبد الكريم هاشمي نجاد

رحلتي من الظلمات إلى النّور

المؤلف:

السيد عبد الكريم هاشمي نجاد


المترجم: علاء رضائي
الموضوع : علم‌النفس والتربية والاجتماع
الناشر: مؤسسة المعارف الإسلاميّة
المطبعة: پاسدار إسلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٦١
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

ولهؤلاء الناس ، يجب ان نقول : تصفّحوا التاريخ وانظروا اية حركة اصلاحية او ثقافية او ايديولوجية او ثورية قامت في المنطقة الاسلامية ولم يكن للعلماء دور فيها ، بل ولم يكونوا هم قادتها.

وهنا تذكرت كلاماً قاله احد الشخصيات الثورية البرازيلية ويسمىٰ « اسبينا » رغم ان كلامه يدور حول الروحانيين المسيحيين التقدميين ، ويرىٰ اسبينا ان من بين ثلاثة عشر الف روحاني ( قسيس ) برازيلي هناك الفين منهم يحملون افكاراً تقدمية ويمكن التعاون معهم.

ومن جهة اخرىٰ ، فالعديد من القساوسة هم رجعيون ومحافظون برأي الشيوعيين ، والحقيقة ان هناك من القساوسة ، خاصة الطبقة الفقيرة منهم ، من هم اكثر تطرفاً من الشيوعيين والاشتراكيين وسائر المجموعات اليسارية ، والكثير منهم مستعد لحمل السلام بيده والكفاح ، ولابد من الاعتراف ان الكنيسة التي تحمل افكاراً تقدمية تستطيع اكثر من غيرها من القوىٰ نشر الوعي بين صفوف الناس (١).

يقول الدكتور علي شريعتي في احد كتبه وضمن بحث حول دور العلماء الرساليين في جميع الثورات والانتفاضات التي حدثت في العالم الاسلامي ضد المستثمرين الداخليين والخارجيين :

اقول في هذا الصدد ـ واذكر انني لا ارجو فيه اية مصلحة ، فالله يعلم وهكذا الجماهير انني لم اكذب يوماً من اجل مصلحة ما ولن اكذب في المستقبل و ... وتاريخ حياتي دليل علىٰ ان كلامي هذا بسبب عقيدتي وايماني

________________

(١) قضايا امريكا اللاتينية : ١٨٠.

٤٤١

والضرورة الاجتماعية والمسؤولية الفكرية التي اشعر بها ـ فعلىٰ مدىٰ عملي في اوروبا أو هنا ، دافعت بكل ما اوتيت من قوة وبكل تعصب عن الروحانيين « الحقيقيين والتقدميين » وعن المجتمع الاسلامي العلمي والصحيح والأصيل وقد قلت لكم مراراً هنا ان الدفاع والانجياز لهذا المجتمع العلمي ، ليس فقط وظيفة المسلم والمؤمن ، بل وبما انه آخر مواقع مقاومة امام الهجوم الاستعماري الثقافي الغربي ، فانه وظيفة ومسؤولية كل « مثقف رسالي » حتىٰ ولو لم يكن مؤمناً بالاسلام (١).

ويضيف الدكتور شريعتي في مكان آخر

توجد ثقافات قومية وأديان اصيلة وقيم فنية وقومية ، لكنه وحتىٰ ذلك الوقت كانت جميع الشعوب المحلية والمجتمعات التاريخية المتحضرة ، تصنع اكبر الحضارات الساطعة ، وآخر القيم الانسانية التي لا تقارن بالقيم والحضارة الغربية.

والعلماء المسلمون التقدميون والمناهضون للاستعمار ، هم الذين حذّروا الآخرين من خطر الحضارة الغربية ودعوهم للرجوع الىٰ انفسهم ، وما يعلنه اليوم مؤتمر السود علىٰ لسان شخصيات امثال : ستغور وجوليوس تيربري ، في العالم ، كان العلماء المسلمون قد اعلنوا قبل مائة سنة امام الغزو الغربي المتعدد الاوجه ( اقتصادي وسياسي وثقافي ) ، خاصة الامبريالية الفكرية الغربية التي هي من اشد واخطر اوجه ذلك الغزو.

________________

١ ـ القاسطين ، والمارقين والناكثين : ٢٤٢.

٤٤٢

اجل : ان الامبريالية الثقافية والفكرية هي من اخطر اشكال الاستعمار والغزو الغربي ، حيث يقضي في البداية علىٰ الفكر والعصبية ، ويغير طريقة فهمنا للدين ويفتح الطريق لاستقرار افكاره في عقولنا ، وبعد ذلك يبدأ غزوه الاقتصادي والعسكري ، فلو لم يكن هناك غزو فكري وامبريالية ثقافية ، لما تمكن من غزونا اقتصادياً وعسكرياً بهذه السهولة.

وان أول من كشف النقاب عن وجه الاستعمار الاوروبي الكرية وكشف دسائسه في محو الاخلاق الفضيلة من المجتمعات هم المثقفون المسلمون الذين وقفوا في مقدمة المواجهة مع الغزو الثقافي الاستعماري الغربي.

ولهذا السبب طرح علماء المسلمون الجزائريون هذا الشعار في جهادهم ضد المستعمر :

« الاسلام ديننا والعربية لساننا والجزائر وطننا »

لانهم احسوا آنذاك ان فرنسا لم تأت لتبشر بالحضارة الجديدة ، او الاستهلاك الجديد ، او لتحصل علىٰ منافع مادية وتنهب الثروات فقط ! لا انها جاءت لمسخ الانسان وتغيير التاريخ ، جاءت لسحق جميع قيمنا الانسانية ... انهم حسّوا بذلك ولان الاستعمار الفرنسي كان يطلق هذا الشعار :

فلتكن الفرنسية لغتكم وفرنسا وطنكم والمسيحية دينكم !

فقد اطلقوا هم ايضاً شعارهم الذي ذكرناه من قبل ، هذا هو المعنىٰ الحقيقي للمثقف والواعي والتقدم والفهم السياسي والاجتماعي المناهض للاستعمار ، لا ان نقلد الاوروبيين في كل كلمة وخطوة.

٤٤٣

أمّا اليوم فقد ادرك المثقفون الشباب بعد الحرب العالمية الثانية خاصة في البلدان المستعمرة في افريقيا تلك الحقيقية وتنبهوا لخطورة الغزو الثقافي الاستعماري. وهذه القضية مورد اهتمام القادة السود والمثقفون التقدميون في امريكا اللاتينية ايضاً.

« نيريري » من علماء الاجتماع وقادة ومفكري افريقيا الشرقية ـ لغته ولغة جميع المتعلمين والمثقفين في مجتمعه هي الانجيليزية ، لقد درسوا في كمبريدج وتعلموا اشياء كثيرة في لندن. لكن لغتهم العامية ولغة جماهيرهم من الاميين ، فهي « السواحلية » ، لهذا يعلن اليوم امراً باستعمال اللغة السواحلية وهي لغة شبة وحشية ومحلية وهي لغة منحطة بدل اللغة الانجليزية في الجامعات ومدارسهم ودوائرهم ومراكزهم العلمية والسياسية ، وهذا النوع من التفكير خاص بالمثقف والمتنور التقدمي جداً ، والذي تعده الدنيا شخصاً ثورياً ، وجميع الاشخاص الذين ظهروا بعنوان قادة ثوريين في القرن العشرين من بين مجتمعات « الشعوب المغضوب عليها في الارض » رفعوا هذا الشعار ، وهو العودة الىٰ الذات وتلقي القيم والاطر الثقافية الغربية.

والذي اطلبه هو دراسة الحركات التقدمية التي قامت في مجتمعنا خلال القرن الاخير في مقابل الغزو والمؤامرات الغربية ، فاي نهضة وحركة وقفت امام لعبة « العصرنة » التي كانت تروج لكل الثقافات والبضائع الغربية ، وقاومت بعد المتعصرنيين المحليين الذين كانوا يسمون انفسهم خطأً المتنورين والتقدميين ! ستجدون في مقدمة جميع الحركات التي قاومت ووقفت بوجه الغزو الثقافي وحتىٰ السياسي والاقتصادي الغربي واوجدت حالة وعي في الامة ، شخصيات علمائية اسلامية تقدمية وشجاعة وواعية.

٤٤٤

انا لا اقول ذلك بعنوان مبلّغ ديني بل هي حقيقية تاريخية.

ولن اتعرض في حديثي عن اسباب المتنورين والمثقفين الذين يحكمون علىٰ الاسلام ، بتكرار تلك الاحكام التي اصدرها الاوروبيين من قبل حول مسيحية القرون الوسطىٰ والكنيسة والكاثوليكية.

اما اولئك الذين يملكون فكراً مستقلاً واحكاماً تستند الى دراساتهم وعقلياتهم ، ويتساءلون عن دور العلماء المسلمين والدين والمسجد والبازار في الحركات والثورات السياسية التي خدمت خلال القرن الاخير ، فلابد ان يعلموا ان الاسلام ليس كالمسيحية فهو ، لا يمتلك جهازاً ادارياً وروحانياً يمكن الحكم فيه ، فالعلماء في الاسلام هو النخبة الطبيعة للمجتمع والجماهير ، ولكل واحد منهم شخصية مستقلة ، اذن من الخطأ الكلام عن « مجمتع واحد باسم الروحانيين » واصدار الاحكام بحقه ، وعلىٰ الرغم من وجود اشخاص غير لائقين او عناصر مرتبطة بالانظمة الدكتاتورية بينهم ، إلّا انه ليس منطقياً مقارنتهم بالجهاز الروحاني المسيحي في القرون الوسطىٰ ، لانهما حقيقتان اجتماعيتان غير متجانستان ولا متشابهتان.

اما قولنا بأن الحركات الاسلامية التي قاومت الامبريالية والغزو الثقافي الغربي كانت قيادتها علمائية او انها تأسس اساساً علىٰ ايديهم ، فهو حقيقية موضوعية لا يمكن انكارها ، وفي جميع المجتمعات الاسلامية التي واجهت خلال المائة سنة الاخيرة قضايا الحضارة الجديدة والمسائل الاقتصادية والسياسية والعسكرية الاوروبية.

انظروا في جميع المعاهدات التي ابرمت خلال هذا القرن من الزمان او

٤٤٥

اكثر منه ، والتي كانت نتيجتها التبعية على السواء للأجنبي والمستعمر ، سوف لن تجدوا توقيع عالم اسلامي واحد ، لكنها مليئة ـ وللأسف الشديد ـ بأسماء وتواقيع اصحاب التعليم الحديث والمثقفين و « الحداثويين » وغير المتعصبين و « التقدميين » و « العلمانيين » ! وحتىٰ لو كان احد العلماء يريد ان يبيع نفسه ويوقع اسفل احدىٰ تلك « المعاهدات الاستعمارية » ، كان قبل كل شيء يخلع عمامته وعباءته ويحلق لحيته ويعقد ربطة عنقه ، ثم يذهب الىٰ اوروبا مسافراً وهناك يعمد في نهر التايمز ، بعد ذلك يعود الينا بعنوان شخصية متعصرنة وتقدمية وذات ميول اوروبية وعلمانية ، ثم بعد ذلك كله يوقع علىٰ تلك المعاهدة. كما ان اول من قام بتوعية الناس واخطارهم حول مقاصد الاوروبيين المستعمرين هم العلماء المسلمين الرساليين ( لا المتنورين المقلدين للغرب ) ، لقد اعلنوا للناس ان اوروبا لم تأت لتنهب خيراتنا المادية فقط من ذهب وفضة ونحاس ونفط وقطن و ... الخ بل جاءت ايضاً لتدمير ثرواتنا الانسانية والثقافية ولسحق فضائلنا الاخلاقية ، واقتلاع جذورنا الدينية والتقليدية ، جاءت لسحق وجودنا وتاريخنا وشخصيتنا واسقاط كل ما نملك في الحضيض ! فكان العلماء الرساليون اول من واجه الامبريالية ولم يقتصر نشاطهم علىٰ الجانب السياسي والاقتصادي كما فعل القادة القوميين ، بل انهم قاوموا المستعمر من خلال اساس فكري وايديولوجي ومعنوي ، ففهموا الاستعمار بجميع اوجهه وخاصة في اكثرها خفية وخطورة وهو البعد والوجه الفكري والمعنوي والاخلاقي والعلمي ، انهم اشتبكوا مع ثقافته (١).

________________

(١) القاسطين والمارقين والناكثين : ٢٤١.

٤٤٦

ويضيف الدكتور شريعتي في كتاب آخر حول هذا الموضوع :

« باعتباري متخصص في التاريخ والمسائل الاجتماعية ، اقول بصراحة ، لا يوجد في اسفل اي معاهدة استعمارية خلال القرنين الماضيين توقيع لمعمم درس في النجف ، في حين ان هذه المعاهدات مليئة بتواقيع الدكتور الفلاني والمهندس الفلاني من الذين درسوا في الخارج ( وهو ما يخجل الجميع ).

ومن جهة اخرىٰ ، في مقدّمة كل حركة تقدمية مناهضة للاستعمار في هذه الدول نجد شخصية عالم دين مسلم ، خاصة من الشيعة ، وانتم الذين تريدون اجتثاث هذه القاعدة الثقافية المتأصلة في عمق تاريخنا وفي اعماق وجدان مجتمعنا ، ما هو البديل الذي تطرحونه كقاعدة ثقافية وجماهيرية لكم باعتباركم متنورين ومثقفين رساليين ، مقابل الاستعمار الثقافي الغربي ؟ (١)

وفي مكان آخر من الكتاب ذاته ، يقول الدكتور علي شريعتي :

« ان اكبر قاعدة يمكن ان نرجوا منها وعي جماهيرنا ، وتقديم الاسلام الحقيقي لهم ، والتي يمكنها ان تعلب دوراً قوياً وحياتياً في انهاض الناس فكرياً واحياء الروح الاسلامية وايجاد حركة وعي الاسلامي وتكون قوة مقتدرة ، هي « الحوزة ».

« طلبة الحوزة » وتلك الغرف الضيقة والمظلمة التي خرج منها السيد

________________

(١) اقبال : ٦٣.

٤٤٧

جمال الدين وامثاله (١).

العلماء والعمل

بيضاوي : المسألة التي بقيت بالنسبة لي دون جواب ، هي لماذا لايعمل الروحانيون ارجو ان تفيدونا في هذا الموضوع ؟

الشيخ : الاسئلة التي تطرح حول عمل الروحانيين ، جميعها تنشأ من عدم وضوح لمفهوم العمل عند السائل ، ولهذا نواجه اعتراضات حتىٰ من قبل اشخاص ( مثل السيد بيضاوي ) الذي يشابه عمله ، عمل الروحانيين. ولمزيد التوضيح ، يقسم العمل الىٰ ثلاثة اقسام :

أ ـ الاعمال الانتاجية ، مثل الزراعة ، والنسيج وتربية المواشي و ... وامثالها.

ب ـ الاعمال الخدماتية ، مثل : الطب والتمريض والسياقة والحملة و ...

ج ـ الاعمال الثقافية والايديولوجية ، مثل : التدريس في الجامعات ، العمل في مجال التربية والتعليم ، الكتابة والعمل في سلك العلماء والروحانيين ، الذين يسعون لنشر وتطبيق اهدافهم والقيام بمسؤولياتهم وبهذا الشكل يتّضح نوع عمل الروحانيين والمجال الذي ينتمون اليه ، اي انهم من القسم الثالث للعمل وهو العلم الثقافي والايديولوجي والعملي ، وللأسف الشديد ، بما ان الاغلبية يتصورون خطأ ان العمل هو فقط في مجال الانتاج ، لذلك يتساءلون

________________

(١) ن. م.

٤٤٨

عن عمل علماء الدين ، في حين اننا لو حصرنا مفهوم العمل بالانتاج ( المادي ) فقط ، يجب ان نعد الاطباء والاساتذة والكتّاب والفنانين و ... من جملة العاطلين ، والغريب ان اغلب تلك التساؤلات يطرحها اشخاص لا يقومون هم بأي عمل انتاجي او خدماتي ، بل هم ايضاً ينتمون الىٰ قسم الاعمال الثقافية والعلمية ! ولو كان مصداق العمل النوع الانتاجي فقط. فما هو العمل الذي تقوم به وتنتجه يا سيد بيضاوي انت وجميع العاملين في سلك التعليم و ... ؟ كيف يعد المعلم حتىٰ الذي يدرّس طلاب الصف الاول الابتدائي ( مع ان الاسلام يحترم ويقدس هذا العمل ) عاملاً ويتغاضىٰ علىٰ ذلك مرتباً شهرياً (١) في حين ان اساتذة الحوزة العلمية الذين يدرّسون الطلاب علىٰ مدىٰ ساعات واكثر من المعلمين العاديين ، يعدون بلا عمل ؟! واصبحت نشاطات اساتذة الجامعات ( مع انها ليست انتاجية أو خدماتية ) عملاً يدفع لهم مقابله اجراً على الرغم من انه يصب احياناً لصالح الحكومات المستثمرة والفاسدة والظالمة ، بينما اساتذة الحوزة العلمية الذين يبحثون ويدرّسون العلوم الاسلامية « عاطلين » ولا يحق لهم استفادة من بين المال علىٰ حدّ كفافهم ؟!

ولماذا يعدّ ملايين الطلاب الجامعيين وطلاب المدارس اصحاب عمل في حين ان طلبة العلوم الاسلامية وعلىٰ الرغم من قلة الامكانيات المخصصة لهم يعتبرون عاطلين ؟! ولماذا تعد الكتابة عملاً مقدساً اذا قام بها شخص غير روحاني ، بينما يعد الروحاني عاطلاً حتىٰ لو كتب وألّف عشرات الكتب المفيدة ؟! فمثل هذه الاحكام بحق العلماء الروحانيين لابد وان مصدرها

________________

(١) هناك حقيقة مؤسفة ، وهي ان شريحة العاملين في سلك التعليم وعلىٰ الرغم من قداسة عملها ، لا زالت مجهولة في هذا البلد ويجحف حقها.

٤٤٩

الاستعمار الذي ذاق الويل علىٰ يد العلماء الرساليين الواعين الذين وقفوا بوجه وكشفوا حقيقته للناس.

اجل ، هذه الاراجيف والاحكام الباطلة هي ـ وكباقي اراجيفه ـ من صنع الاستعمار الذي القاها بأفواه بعض المغفلين ، فأخذوا يتناقلونها دون معرفة مفهوم « العمل » و « العامل ».

والغريب هو انني اعرف بعض الاشخاص ، ليسوا روحانيين ، ولكنهم يرون انفسهم من المطلعين علىٰ المسائل الاسلامية ( الى هنا لا اشكال علىٰ ذلك ) ولكنهم يتصورون ان المرتبات العالية التي يتقاضونها والتي تتجاوز عشرة آلاف تومان في الشهر مشروعة وحلال تماماً ، في حين انهم يتصورون العالم والروحاني الذي يودي عملاً مشابهاً لعلمهم شخصاً عاطلاً ولا يحق له اخذ ما يسدّ به حاجته من بيت المال ؟! مع انهم لابد ان يعرفوا ان المرتبات التي يحصلون عليها هي في الحقيقة من نفس بيت المال الذي يستفيد منه الروحانيون ( هذا اذا لم تكن تلك الاموال مجموعة بطرق غير شرعية ، مثل الضرائب التي تأخذ من الكسبة والمهنيين الصغار ... فيما يترك كبار الرأسماليين دون اية ضريبة ) ولان مصدر مرتبات الاثنين واحدة في حقيقتها ( رغم اختلاف التسمية ) ويجب علىٰ الروحاني الرسالي وغير الروحاني الخدوم ، ان لا يأخذوا منها اكثر من حاجتهم ، اجل ، لا يحق لغير الروحاني الملتزم والرسالي الذي يعمل في مجال الخدمات او مجال الثقافة ، ان يأخذ ويحلل كل ما يعطىٰ له من اموال ، ويصرفها كيفما يشاء.

واذكّر ثانية ان محور كلامنا هنا ، هم العلماء الحقيقيون والرساليون

٤٥٠

الملتزمون ، الذين فضلهم الاسلام ورفعهم علىٰ من سواهم ، اولئك الذين يجاهدون في سبيل القيام بمسؤلياتهم وتحقيق الاهداف التي حددها لهم الله عز وجل ، اي تعبئة القوىٰ من اجل محو الباطل والطوغيت ، واقامة الحكومة الاسلامية الحقّة ، اولئك الذين يصدق عليهم قول رسول الاسلام الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث قال :

« يحمل هذا الدين في كل قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين وتحريف الغالين وانتحال الجاهلين ... ». (١).

أجل ، من حق الروحانيين والعلماء ( علىٰ اختلاف مراتبهم ) ان يأخذوا اجوراً بقدر حاجاتهم علىٰ ما يقدموه من اعمال ايديولوجية وعلمية اسلامية. وفي نهاية هذا البث ، اجد من المناسب جداً ان انقل هذه الرواية المروية عن الامام الصادق عليه‌السلام في هذا الصدد : عن حمزة بن حمران ، قال : سمعت ابا عبد الله عليه‌السلام يقول : من استأكل بعمله افتقر ، قلت : ان في شيعتك قوماً يتحملون علومكم ويبثونها في شيعتكم فلا يعدمون منهم البر الصلة والاكرام ، فقال : ليس اولئك بمستأكلين ، انما ذاك الذي يفتي بغير علم ولا هدىٰ من الله ليبطل به الحوق طمعاً في حطام الدنيا (٢).

________________

(١) وسائل الشيعة : ج ١٨ كتاب القضاء ، الباب ١١ ، الرواية ٤٣.

(٢) المصدر نفسه.

٤٥١
٤٥٢

فهرس الموضوعات

الموضوع

الصفحة

المقدّمة ..........................................................................  ٥

العربة الرابعة ، المقعد ٤٤ ........................................................  ٧

بداية الحديث ..............................................................  ٨

الشيخ يتحدّث .............................................................  ٩

سؤال الشيخ ...............................................................  ٩

قضاء باطل ..............................................................  ١٠

قصّة حول الأحكام الباطلة .................................................  ١١

وعاء أحرّ من الأكل ......................................................  ١٥

حقائق العالم وآراء العلماء ......................................................  ١٧

مجهولات الانسان .........................................................  ١٩

لا أعلم ..................................................................  ٢٢

خطأ أديسون ............................................................  ٢٥

التعارف .................................................................  ٢٨

محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله رجلٌ فذّ ...........................................................  ٣٠

التشريع في عالمنا المعاصر ........................................................  ٣٣

نظرة إلى عالم الأمس ......................................................  ٣٤

اعتراف الدكتور لورافاكسيا فاغليري .......................................  ٣٦

٤٥٣

محطّة بندرگز .............................................................  ٣٨

اهانة عقيد لسائق سيارة اجرة ..............................................  ٣٩

السباق في الاسلام .............................................................  ٤١

ارض الجزيرة العربية ............................................................  ٤٥

قوانين الاسلام خالدة لا تُبلى ...................................................  ٤٨

الذين جلبوا العار لتاريخ المسلمين ...........................................  ٥٦

حديث للسيد جمال الدين .................................................  ٥٩

كلام مفكرو العالم حول الاسلام ................................................  ٦١

نفوذ رسول الاسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله في الماضي والحاضر ...................................  ٦٤

اعتراف أبو سفيان ........................................................  ٦٨

النفوذ المعنوي للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله براي الدكتور لوبون ..............................  ٧٣

كلام الدكتور لورافاكسيا فاغليري .........................................  ٧٤

الخليفة العباسي يزور سامراء ...............................................  ٧٥

اقتراح بهمنيار على ابن سينا ................................................  ٧٨

السبب الحقيقي لنفوذ نبي الاسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله ....................................  ٨١

سيرة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله المليئة بالفخر ...............................................  ٨٥

معاملة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لاهل بيته ...............................................  ٨٥

معاملة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لابنائه ..................................................  ٨٦

معاملة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لاصدقائه ...............................................  ٨٦

معاملة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لاعدائه .................................................  ٨٩

اعجاز النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الاخلاقي عند فتح مكّة ..................................  ٩١

مكّة في انتظار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .................................................  ٩٤

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يدعو بالسوء ................................................  ٩٩

٤٥٤

معاملة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لغلمانه .................................................  ٩٩

محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله مصدر الفضائل ...................................................  ١٠١

وفاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ........................................................  ١٠١

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله معلم الاخلاق ................................................  ١٠٢

تواضع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ......................................................  ١٠٤

جود النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكرمه .................................................  ١٠٥

قضاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .......................................................  ١٠٥

حقيبة الدكتور فارغة ....................................................  ١١١

المعجزة برأي العلماء والعلوم العصريّة .........................................  ١١٤

الأعمى الذي أبصر .....................................................  ١١٥

الرجل الذي لا يجد لقدمه علاجاً .........................................  ١١٥

حدث غريب في زاغ مرز ................................................  ١١٧

كيف فسّرت برقية الشفاء ؟ .............................................  ١٢٠

المعجزات من الزاوية الطبيّة والعلمية .......................................  ١٢١

ولادة عيسى عليه‌السلام بدون أب من منظار العلوم العصرية .....................  ١٢٥

ما تحدّث به علماء اوروبا حول نبي الاسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله ..............................  ١٣٠

لا أتكلّم عبثاً ...........................................................  ١٣١

١ ـ ماذا يقول بك الخوري ؟ ...........................................  ١٣٢

٢ ـ رسالة الدكتور شمّيل التاريخية .......................................  ١٣٣

٣ ـ كلام الدكتور غوستاف لوبون ......................................  ١٣٤

٤ ـ اعترافات توماس كارلايل ..........................................  ١٣٤

٥ ـ ليون تولستوي ....................................................  ١٣٥

٦ ـ المسيو سافاري ....................................................  ١٣٦

٤٥٥

٧ ـ المسيو سديل ......................................................  ١٣٦

٨ ـ غويته ............................................................  ١٣٧

٩ ـ السيد بلر .........................................................  ١٣٧

١٠ ـ جون ديفنبورت .................................................  ١٣٨

١١ ـ اللورد بيدلي .....................................................  ١٣٨

١٢ ـ ماذا يقول اسير وليام موليس ؟ ....................................  ١٣٩

١٣ ـ اعتراف غريب لفولتير ...........................................  ١٤٠

١٤ ـ كلام من برناردشو ..............................................  ١٤٠

١٥ ـ السيد جون فنيزات ..............................................  ١٤١

البحث في بعض قوانين الاسلام ................................................  ١٤٣

المساواة في القانون .......................................................  ١٤٤

ملك آل جفنة في قبضة القانون ...........................................  ١٤٥

لا بدّ أن يصفع ملك آل جفنة ............................................  ١٤٦

نماذج على التمايز العرقي في الغرب ............................................  ١٤٩

المساواة الاسلامية من منظور علماء اوروبا .....................................  ١٥٢

مسألة الرق وحلولها ..........................................................  ١٥٤

النظام الاقتصادي الاسلامي ...................................................  ١٦٠

بحث القوانين القضائية في الاسلام ..............................................  ١٦٢

أول مورد قضائي تطوّر في عالم اليوم ......................................  ١٦٤

نموذجان تاريخيان في استقلال القضاء في الاسلام ............................  ١٦٥

المورد الثاني للتطور القضائي في عالم اليوم ..................................  ١٦٦

المورد الثالث للتطور القضائي في عالم اليوم .................................  ١٦٧

شروط القضاء الاسلامي الفريدة ..........................................  ١٦٨

٤٥٦

لا بدّ من محكمة ........................................................  ١٦٨

أصحاب الأبل يشتكون الخليفة ...........................................  ١٧٠

التعجب والحيرة .........................................................  ١٧٤

أهم انجاز قضائي في الاسلام .............................................  ١٧٧

القضية التي استمرت ١٩ عاماً ............................................  ١٧٩

القضية التي استمرت ١٨ عاماً ............................................  ١٧٩

تنظيف الوفر في شهر آب ! ..............................................  ١٨٠

لا بدّ من تحمّل دلال ملك الموت ! ........................................  ١٨٠

المحكمة القضائية الاسلامية برأي غوستاف لوبون ...........................  ١٨١

ليس في الاسلام استئناف ولا تميز .........................................  ١٨٢

جواب سؤال ...........................................................  ١٨٥

موارد نقض الحكم في قوانين الاسلام القضائية .............................  ١٨٦

حول طلب اعادة المحاكمة في الاسلام ......................................  ١٨٧

خصوصيات المسألتين في القضائين الاسلامي والوضعي ......................  ١٨٧

ملاحظة بعض قوانين الاسلام الجزائية .....................................  ١٨٩

الخطوات الاسلامية لتطهير المجتمع .........................................  ١٩٠

الذين قطعت أيديهم ! ...................................................  ١٩٤

قاطعية الاسلام في مكافحة الفساد ........................................  ١٩٥

دنيا التناقضات .........................................................  ١٩٨

سرد موجز للجريمة في الدول المتقدّمة ......................................  ١٩٩

ضرورة وعي السياسة الغربية والشرقية ....................................  ٢٠٦

أقرأوا بدقّة أكثر : الهند في مخالب بريطانيا ! ...............................  ٢٠٧

امريكا وريثة الاستعمار .......................................................  ٢١٢

٤٥٧

التضحية بالمعنويات أمام المادّيات ..........................................  ٢١٦

اصبت بزكام اجنبي .....................................................  ٢١٨

اعتراف غريب للدكتور غوستاف لوبون ..................................  ٢٢٠

حرب الافيون في الصين .................................................  ٢٢١

البحث في قوانين الاسلام العسكرية ............................................  ٢٢٤

جوع وميدان ومعركة ...................................................  ٢٢٤

لنكتشف مجرى الماء .....................................................  ٢٢٩

لن اسمح بمنع الماء ........................................................  ٢٢٩

هدف الاسلام الاساسي من الحرب مع غير المسلمين ........................  ٢٣٠

لم ينتشر الاسلام بالسيف ................................................  ٢٣١

وثيقة صلح الحديبيّة .....................................................  ٢٣٣

اعتراف كبار العلماء بان الاسلام لم ينتشر بالسيف .........................  ٢٣٥

تاريخ الحروب الصليبية الاسود ...........................................  ٢٣٨

اواني الذهب والفضة .........................................................  ٢٤٤

غاليلو يُكفّر ............................................................  ٢٤٦

ساعة المسلمين ..........................................................  ٢٤٧

المسلمون مؤسّسوا حضارة ...............................................  ٢٤٨

ظلم الأمريكيين .........................................................  ٢٥١

على المسلمين أن ينتبهوا .................................................  ٢٥٢

فليقرأ المتيّمون بحضارة اوروبا وامريكا .....................................  ٢٥٣

اعتراف غريب للدكتور ليكليرك .........................................  ٢٥٤

التأثير الاخلاقي للمسلمين في اوروبا ...........................................  ٢٥٨

اسبانيا في ظل حكم المسلمين .............................................  ٢٦٠

٤٥٨

اسبانيا في ظل الحكم الأوروبي ............................................  ٢٦١

نماذج مضحكة من جهل الأوربيين ........................................  ٢٦٣

فطير وشراب ...........................................................  ٢٦٥

الأصفهاني يشتري النار ! ................................................  ٢٦٧

التقدّم العلمي عند المسلمين ...................................................  ٢٧٠

تقدّم المسلمين في مجال الطب ..................................................  ٢٧٧

تغيير المناخ في الطب الاسلامي ...........................................  ٢٨٠

الحفاظ على الصحّة في طب المسلمين .....................................  ٢٨١

تقدّم المسلمين في الصيدلة ................................................  ٢٨٢

التقدّم الجراحي عند المسلمين .............................................  ٢٨٤

مستشفيات المسلمين ....................................................  ٢٨٥

صيدليات المسلمين ......................................................  ٢٨٧

تقدّم المسلمين في الكيمياء .....................................................  ٢٨٩

تقدّم المسلمين في الفيزياء .....................................................  ٢٩٣

تقدّم المسلمين في علم الحيوان .................................................  ٢٩٦

تقدّم المسلمين في مجال الصناعة ................................................  ٢٩٧

تقدّم المسلمين في العلوم الرياضية ..............................................  ٢٩٩

تقدّم المسلمين في الهيئة والفلك ................................................  ٣٠٢

تقدّم المسلمين في الجغرافية ....................................................  ٣٠٤

تقدّم المسلمين في الصناعات الجميلة ............................................  ٣٠٧

تقدّم المسلمين في مجال الفنون .................................................  ٣٠٩

تقدّم المسلمين في صناعة الأخشاب والعاج .....................................  ٣١١

تقدّم المسلمين في صناعة الكاشي ..............................................  ٣١٣

٤٥٩

اختراع المسلمين للورق القطني ................................................  ٣١٤

تقدّم المسلمين في علم الميكانيك ...............................................  ٣١٦

تقدّم المسلمين في صناعة الزجاج ...............................................  ٣١٧

استعمال المسلمين للبوصلة في البحر ...........................................  ٣١٨

تقدّم المسلمين في مجال التعليم .................................................  ٣١٩

تقدّم المسلمين في مجال الاقتصاد السياسي .......................................  ٣٢١

أسباب تقدّم المسلمين ورقيهم .................................................  ٣٢٣

قَسَم القرآن ............................................................  ٣٢٤

ظواهر الوجود ومعرفة الله ................................................  ٣٢٥

مكانة العلم والعلماء من منظار القرآن .....................................  ٣٢٥

ماذا يعني حرمة التشبّه بالكفار .................................................  ٣٢٧

قصّة غريبة عن السيد جمال الدين في مصر .................................  ٣٢٩

المواد السبعة عشر التي أدّت إلى ثورة مصر .................................  ٣٣٤

تقارير اللورد كرومر ....................................................  ٣٣٨

أسباب انحطاط السلمين وتخلفهم ...............................................  ٣٤٢

مأساة اندحار المسلمين في الأندلس ........................................  ٣٤٤

الثقافة .......................................................................  ٣٥٤

الاسلام واللغات الأجنبية ................................................  ٣٥٥

داء بلا دواء ............................................................  ٣٦١

الموسيقى من الناحيتين الصحيّة والنفسية ........................................  ٣٦٣

أفضل جائزة لافضل مغني ................................................  ٣٧٢

المشروبات الكحولية .........................................................  ٣٧٦

انذار ........................................................................  ٣٩١

٤٦٠