الرسائل الفقهيّة - ج ٢

محمد اسماعيل بن الحسين بن محمد رضا المازندراني الخاجوئي

الرسائل الفقهيّة - ج ٢

المؤلف:

محمد اسماعيل بن الحسين بن محمد رضا المازندراني الخاجوئي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٢
الجزء ١ الجزء ٢

سلسلة آثار المحقق الخاجوئى

(٥٠)

رسالة

في حرمة تزويج المؤمنة بالمخالف

للعلّامة المحقّق العارف

محمّد إسماعيل بن الحسين بن محمّد رضا المازندراني الخاجوئي

المتوفّى سنة ١١٧٣ ه‍ ق

تحقيق

السيّد مهدي الرّجائي

٨١
٨٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي حرم المؤمنات على المسلمين ، كما حرم الكافرات على المؤمنين تنويها بشأن الايمان ، وتعظيما لأهل الدين ، والصلاة على أشرف المرسلين محمد وعترته الطاهرين.

وبعد : يقول العبد الواثق بتأييد ربه الجليل محمد بن الحسين بن محمد رضا المشتهر بإسماعيل سقاهم الله برحمته كأسا بعد كأس مزاجها الزنجبيل ، من عين خلقها في الجنة وسماها السلسبيل :

ان السبب المقدم لي على تأليف رسالتي هذه أني لما وقفت على مصنفات فقهائنا رحم الله السلف منهم والخلف ، وجدتهم بين مانعين تزويج المؤمنة بالمخالف ، وهم الأكثر ، متمسكين فيه بالأخبار الواردة عن الأئمة الأطهار عليهم صلوات الله الملك الغفار ، وذاهبين الى جواز ذلك على كراهة ، من غير دليل لهم عليه ، ولا شاهد من الآثار.

بيد أن من تأخر عنهم اعتذر لهم ، بأن تلك الاخبار بين مرسل وضعيف ومجهول ، فلا تفيد التحريم ، بل غايتها الكراهة ، كما قال بها أولئك الاخبار.

فلما راجعت كتب الاخبار ، وأمعنت النظر فيها وفيما فيها ، ألفيته ينطق بخلاف

٨٣

ذلك ، ويشهد بوجود صحاح وحسان وموثقات من الاخبار المنقولة عن سيد الأبرار وعترته الأخيار ، ناصة بالباب ، ناطقة بفصل الخطاب ، كما ستطلع عليه في هذا الكتاب ، بعون الله الملك الوهاب.

فقصدت نقلها والإشارة إلى صحتها وسقمها ، وما يستفاد منها ويتفرع عليها ، مما يتعلق بمسألتنا هذه.

فإن وجدتني في ذلك مصيبا ، والا فعليك بإصلاح الفساد وعدم ترويج الكساد ان الله لا يضيع أجر المحسنين.

فصل

[ تنقيح المسألة ]

هل يجوز للمؤمنة التزويج بالمخالف من أي فرق الإسلام كان ولو من الشيعة غير الإمامية؟ قولان :

أحدهما وعليه المعظم : المنع لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « المؤمنون بعضهم أكفاء بعض » (١) دل بمفهومه على أن غير المؤمن لا يكون كفوا للمؤمنة.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ، ألا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير (٢). والمؤمن لا يرضى دين غيره.

وقول الصادق عليه‌السلام : ان العارفة لا توضع الا عند عارف (٣).

__________________

(١) عوالي اللئالي ٢ / ٢٧٤ ، والتهذيب ٧ / ٣٩٧.

(٢) تهذيب الاحكام ٧ / ٣٩٤ ، ح ٢.

(٣) فروع الكافي ٥ / ٣٥٠ ، ح ١١.

٨٤

وفي معناها أخبار كثيرة واضحة الدلالة على المنع لو صح سندها ، وفي بعضها تعليل ذلك بأن المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه.

والثاني : الجواز على كراهية ، اختاره المفيد والمحقق ابن سعيد ، اما لان الإيمان هو الإسلام ، أو لضعف الدليل الدال على اشتراط الايمان فإن الأخبار بين مرسل وضعيف ومجهول.

ولا شك أن الاحتياط المطلوب في النكاح المترتب عليه مهام الدين ، مع تظافر الأخبار بالنهي ، وذهاب المعظم اليه ، حتى ادعى بعضهم الإجماع عليه ، يرجح القول الأول ، واقتصار المصنف على حكاية القولين مشعر بما نبهنا عليه ، كذا في اللمعة وشرحها (١).

وفيه نظر ، يتوقف بيانه على تمهيد مقدمة مفيدة في نفسها.

فنقول : موسى بن بكر الواسطي من أصحاب الكاظم عليه‌السلام أصله كوفي ، وهو واقفي له كتاب يرويه جماعة. وذكر الكشي رحمه‌الله في ترجمته روايات تدل على اختصاصه به عليه‌السلام.

منها : ما رواه عن جعفر بن أحمد ، عن خلف بن حماد ، عن موسى بن بكر ، قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول قال أبي عليه‌السلام : سعد امرء لم يمت حتى يرى منه خلفا تقر به عينه ، وقد أراني الله جل وعز من ابني هذا خلفا ، وأشار بيده الى العبد الصالح عليه‌السلام ما تقر به عيني (٢).

قال الفاضل القهبائي ملا عناية الله قدس‌سره في حاشيته المتعلقة على هذا الموضع : وذكر أبو عمرو الكشي رحمه‌الله في جعفر بن خلف بعد ذكر مثل هذه الرواية لمدح الرجل واعتباره ، حتى يرتقي إلى ذروة التوثيق هكذا : وفيه

__________________

(١) شرح اللمعة ٥ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦.

(٢) اختيار معرفة الرجال ٢ / ٧٣٧ ، ح ٨٢٥.

٨٥

دلالة على خصوصيته ، وكأنهما كانا في مجلس السماع من الامام عليه‌السلام فدل على توثيقهما واعتبار الرواية بهما ، إذا لم يوجد في الطريق من يطعن فيه ، كما لا يخفى (١) انتهى كلامه رفع مقامه.

وهذا منه رحمه‌الله إشارة الى ما رواه الكشي رحمه‌الله في ترجمة جعفر بن خلف من أصحاب أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، عن جعفر بن أحمد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن جعفر بن خلف ، قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : سعد امرء لم يمت حتى يرى منه خلفا ، وقد أراني الله من ابني هذا خلفا ، وأشار إليه يعني الرضا عليه‌السلام. وفيه دلالة على خصوصيته (٢) ، انتهى كلام الكشي رحمه‌الله.

قال الفاضل المذكور في حاشيته المتعلقة بقوله « وفيه دلالة على خصوصيته » هذا كلام الشيخ الجليل الكشي رحمه‌الله في مقام الاستدلال على اعتبار الراوي ، وليس له حكم الشهادة على النفس ، فان المضمون مما لا ريب فيه ، فإنه نقله غيره بطريق آخر ، كما نقل في موسى بن بكر الواسطي مبسوطا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٣) الى هنا كلامه رفع في عليين مقامه.

ومما نقلناه ظهر أن موسى هذا وان كان واقفيا ، الا أنه من خاصة الكاظم عليه‌السلام وبطانته وثقاته المعتبرين عنده ، وكان في خدمته عليه‌السلام كثيرا ، كما يظهر من ترجمة المفضل بن عمر.

ومما رواه الكشي بإسناده الصحيح الى محمد بن سنان ، وهو أيضا صحيح ، كما فصلناه في بعض رسائلنا ، عن موسى بن بكر الواسطي ، قال : أرسل الي أبو الحسن عليه‌السلام فأتيته ، فقال لي : ما أراك مصفرا؟ وقال لي : ألم آمرك بأكل اللحم؟

__________________

(١) مجمع الرجال ٦ / ١٥١.

(٢) اختيار معرفة الرجال ٢ / ٧٧٤ ، ح ٩٠٥.

(٣) مجمع الرجال ٢ / ٢٧.

٨٦

فقلت : ما أكلت غيره منذ أمرتني.

فقال : كيف تأكله؟ قلت : طبيخا ، قال : كله كبابا ، فأكلت ، فأرسل الي بعد جمعة فإذا الدم قد عاد في وجهي ، فقال لي : نعم.

ثم قال : يخف عليك أن نبعثك في بعض حوائجنا ، فقلت : أنا عبدك فمرني بم شئت ، فوجهني في بعض حوائجه إلى الشام (١). هذا آخر الرواية المذكورة في الكشي.

فعلم أن رواية موسى هذا موثقة ، إذا لم يكن في الطريق قادح من غير جهته ، وهذه فائدة تفيدك في كثير من الاخبار الواردة في الإيقاعات والعقودات والاحكام والعبادات ، فليكن على ذكر منك إن شاء الله العزيز.

وأما علي بن الحكم الأنباري الكوفي تلميذ ابن أبي عمير ، وشيخ الفضل بن شاذان ، فهو مثل ابن فضال وابن بكير على ما في الكشي ، وهذا منه إشارة إلى توثيقه ، كما صرح به الشيخ في فهرسته.

حيث قال : علي بن الحكم الكوفي ثقة جليل القدر ، له كتاب أخبرنا به جماعة ، ثم أسنده إليه بطرق عديدة (٢).

واعلم أن طريق الصدوق رحمه‌الله في الفقيه إلى زرارة صحيح كما يظهر من مشيخته ، حيث قال روح الله روحه : وما كان فيه عن زرارة بن أعين ، فقد رويته عن أبي رضي‌الله‌عنه ، عن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، والحسن بن ظريف ، وعلي بن إسماعيل بن عيسى ، كلهم عن حماد بن عيسى عن حريز ، عن زرارة بن أعين (٣). والسند كما ترى صحيح.

إذا تمهد هذا فنقول : في الكافي عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ،

__________________

(١) اختيار معرفة الرجال ٢ / ٧٣٧ ، ح ٧٢٦.

(٢) الفهرست ص ٨٧.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٤٢٥.

٨٧

عن علي بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : تزوجوا في الشكاك ، ولا تزوجوهم ، فإن المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه (١).

وهذا المتن بعينه مذكور في الفقيه بسند آخر عن زرارة عنه عليه‌السلام (٢). وقد عرف مما سبق أنه في الكافي موثق ، وفي الفقيه صحيح.

ورواه الشيخ في الاستبصار عن الحسين بن سعيد ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الكريم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : تزوجوا في الشكاك الحديث كما سبق (٣).

والسند موثق كالصحيح ، لان عبد الكريم هذا وان كان واقفيا الا أنه ثقة ، كما نص عليه النجاشي ، حيث قال : انه روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما‌السلام ، ثم وقف على أبي الحسن عليه‌السلام ، كان ثقة ثقة عينا ، يلقب كرام ، له كتاب يرويه عدة من أصحابنا ، ثم أسنده بإسناده اليه. (٤)

فصل

[ تحقيق حول خبر الكافي في المسألة ]

الخبر المذكور مذكور في الكافي في باب مناكحة النصاب والشكاك بطريقين :

أحدهما : ما رواه رحمه‌الله في أول هذا الباب عن عدة من أصحابه ، عن

__________________

(١) فروع الكافي ٥ / ٣٤٩ ، ح ٥.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٤٠٨ ، ح ٤٤٢٦.

(٣) الاستبصار ٣ / ١٨٤ ، ح ٧.

(٤) رجال النجاشي ص ٢٤٥.

٨٨

سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١).

والثاني : ما رواه في هذا الباب أيضا بعد هذا السند بفاصلة خبرين آخرين بسند ذكرناه آنفا (٢).

والشهيد الثاني قدس‌سره لما غفل عن هذا وكان نظره على الأول ، قال في شرح الشرائع في مقام القدح في هذا الخبر : وفي طريقه سهل بن زياد ، وهو فاسد المذهب. وعبد الكريم بن عمرو وهو واقفي ، وأبو بصير وهو مشترك بين الثقة والضعيف ، وعلى هذا بناء كلامه في شرحه على اللمعة.

وهذا منه قدس‌سره غريب ، وأغرب منه قوله باشتراك أبي بصير ، وروايات أبي بصير سواء أريد به الأسدي والمرادي وابن أبي القاسم صحيحة إذا لم يكن في الطريق قادح من غير جهتهم ، والاشتراك اشتباه.

والروايات الدالة على الطعن فيهم معارضة بأكثر منها الدالة على مدحهم وتوثيقهم. ونحن قد بسطنا الكلام فيهم في بعض رسائلنا بما لا مزيد عليه ، فليطلب من هناك.

واعلم أن المتبادر من الشكاك مطلق المخالفين ، سماهم بذلك لأنهم أرباب شكوك وخيالات وأصحاب شبه وجهالات ، ليس لهم قدم صدق عند ربهم فيما اعتقدوه ، ولإثبات جاش وطمأنينة فيما عقلوه.

بل علماؤهم وأئمتهم الباقون على ضلالتهم تائهين متحيرين ، وعلى ما حصلوه طول أعمارهم نادمين ، ولا يجزمون بنجاة أنفسهم من حيث العقيدة والدين ،

__________________

(١) فروع الكافي ٥ / ٣٤٨ ، ح ١.

(٢) فروع الكافي ٥ / ٣٤٩ ، ح ٥.

٨٩

وليسوا في سداد من يزعمونه امام الأمة وخليفة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بمستيقنين ، لما رووه فيهم ورأوه من ذويهم.

وأما الشيخ الشارح قدس‌سره ، فلم يفسرهم في شرح الشرائع بتفسير ، غير أنه قال في مقام رد هذه الرواية : انها لا تدل على المطلوب ، فإن النهي عن الشكاك لا يستلزم النهي عن غيرهم (١).

والظاهر منه أنه خصهم بفرقة منهم ، ولعل نظره الى ما في بعض الكتب المعقودة لنقل المذهب ، من أن الشاكية والشكاك من قولهم ان مرتكب الكبيرة لا كافر ولا مؤمن ولا فاسق ، بل منافق وان أماطته الأذى من الايمان ، ومنهم مالك ، والشافعي وشريك بن عبد الله وابن أبي ليلى ، وسفيان الثوري ، قالوا : الايمان كله باللسان والأركان.

فصل

[ تحقيق حول النبوية الواردة في المسألة ]

المروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الكافي (٢) وان كان ضعيفا ، الا أنه مروي في الفقيه عن أبي جعفر عليه‌السلام بسند موثق.

فإنه روى فيه عن محمد بن الوليد ، عن الحسين بن يسار ، وفي بعض النسخ بشار ، وستعرف وجهه ، قال : كتبت الى أبي جعفر عليه‌السلام في رجل خطب الي ، فكتب عليه‌السلام : من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته كائنا من كان فزوجوه ، الا تفعلوا

__________________

(١) المسالك في شرح الشرائع ١ / ٤٩٧.

(٢) فروع الكافي ٥ / ٣٤٧ ، ح ١.

٩٠

تكن فتنة في الأرض وفساد كبير (١).

وطريق الصدوق الى محمد بن الوليد موثق ، كما يظهر من مشيخته ، حيث قال نور الله مرقده : وما كان فيه عن محمد بن الوليد الكرماني ، فقد رويته عن أحمد ابن زياد بن جعفر الهمداني رضي‌الله‌عنه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن الوليد الكرماني (٢).

ومحمد هذا كرماني أصلا ، وكوفي جوارا ، ثقة عين من أجلة العلماء والفقهاء والعدول من الكوفة ، الا أنه فطحي.

وفي الكشي الحسين بن بشار بالموحدة سيذكر إن شاء الله تعالى بالمثناة والسين المهملة « م » الحسين بن بشار « ضا » الحسين بن بشار مدائني مولى زياد ثقة صحيح ، روى عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، والحسين بن بشار أشهر.

ومنه يعلم أن المراد بأبي جعفر هنا هو الثاني ، وهو محمد بن علي الجواد عليه‌السلام.

وبما نقلنا يندفع ما ذكره في شرح الشرائع بعد قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ، بقوله : اضافة الخلق الى الدين والخلق ليس معتبرا في الكفاءة إجماعا ، فدل على أن المقصود الأمر بتزويج من هو كذلك لكماله ، ولا يلزم منه تحريم غيره (٣).

وذلك لان المذكور في الفقيه هو أمانته. ومثله ما في التهذيب (٤) في رواية الحسين بن يسار الواسطي ، فإن المذكور فيها أيضا دينه وأمانته لا خلقه ، نعم هو

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٣٩٣ ، ح ٤٣٨١.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٥٢٤.

(٣) المسالك ١ / ٤٩٧.

(٤) تهذيب الاحكام ٧ / ٣٩٦ ، ح ٩.

٩١

مذكور في الكافي.

وفي التهذيب بسند صحيح عن علي بن مهزيار ، قال : قرأت كتاب أبي جعفر عليه‌السلام الى ابن شيبة الأصبهاني : فهمت ما ذكرت من أمر بناتك وانك لا تجد أحدا مثلك ، فلا تنظر في ذلك يرحمك الله ، فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ، فإنكم إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير (١).

وفيه عن محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابه ، عن سهل بن زياد ، ومحمد ابن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن علي بن مهزيار ، قال : كتب علي بن أسباط إلى أبي جعفر عليه‌السلام في أمر بناته أنه لا يجد أحدا مثله.

فكتب إليه أبو جعفر عليه‌السلام : فهمت ما ذكرت من أمر بناتك الحديث (٢). كما سبق ، والسند الثاني صحيح.

وفيه عنه عن عدة من أصحابه عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن إبراهيم بن محمد الهمداني ، والسند صحيح ، قال : كتبت الى أبي جعفر عليه‌السلام في التزويج فأتاني كتابه بخطه : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه الحديث (٣)

فصل

[ تحقيق حول أخبار المسألة ]

ومما نقلناه يعلم أيضا أن قوله « فإن الأخبار بين مرسل وضعيف ومجهول »

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٧ / ٣٩٥ ، ح ٤.

(٢) تهذيب الاحكام ٧ / ٣٩٦ ، ح ١٠.

(٣) تهذيب الاحكام ٧ / ٣٩٦ ، ح ٨.

٩٢

انما نشأ من عدم رجوعه الى الكتابين ، بل كان نظره وقت كتابة الشرحين مقصورا على ما في الكافي ، بل ولم يمعن النظر على ما فيه أيضا.

لأن ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من قوله « المؤمنون بعضهم أكفاء بعض » وان كان مرسلا في الكافي في باب بلوغهن وتحصينهن بالأزواج (١).

الا أنه روى فيه في باب أن المؤمن كفو للمؤمنة ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة الثمالي ، والسند كما ترى صحيح ، عن الباقر عليه‌السلام في حديث طويل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من حديث جويبر أنه قال : جويبر مؤمن ، والمؤمن كفو للمؤمنة والمسلم كفو للمسلمة (٢).

ومنه يعلم أن تأويلهم الايمان الى الإسلام في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « المؤمنون بعضهم أكفاء بعض » بعيد ، لدلالة العطف على المغايرة ، والحمل على التفسير خلاف الظاهر.

ويدل عليه قوله تعالى ( قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا ) (٣) نفى أحدهما وأثبت الأخر فتغايرا ، فبطل كون الايمان هو الإسلام.

وفي رواية سفيان بن السمط عن الصادق عليه‌السلام قال : الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس ، شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصيام شهر رمضان ، فهذا الإسلام ، والايمان معرفة هذا الأمر مع هذا ، فإن أقر بها ولم يعرف هذا الأمر كان مسلما وكان ضالا (٤).

__________________

(١) فروع الكافي ٥ / ٣٣٧ ، ح ٢.

(٢) فروع الكافي ٥ / ٣٣٩ ، ح ١.

(٣) سورة الحجرات : ١٤.

(٤) أصول الكافي ٢ / ٢٤ ، ح ٤.

٩٣

فما ذكره في شرح الشرائع بعد قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « المؤمنون بعضهم أكفاء بعض » بقوله : وفي الاستدلال به نظر. أما من حيث السند ، فلأنها مرسلة رواها الكليني عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وقال : سقط عني إسناده.

وأما من حيث دلالة المتن ، فلان المراد بالمؤمن المسلم ، أو المصدق بقلبه لما جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا الايمان الذي يعتبره أصحابنا ، فإنه اصطلاح متأخر لا يراد عند إطلاقه في كلام الله تعالى ونبيه إجماعا (١).

محل نظر أما إرسال السند ، فلأنك قد عرفت أنه لا يضر لوجود مثله في رواية مسندة صحيحة السند.

وأما قوله « المراد بالمؤمن المسلم » فقد سبق ما فيه ، ويزيده بيانا صحيحة جميل بن دراج عن الصادق عليه‌السلام في كريمة « قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنّا » الآية ، فقال عليه‌السلام : ألا ترى أن الايمان غير الإسلام (٢).

وموثقة أبي بصير عن الباقر عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول « قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا » فمن زعم أنهم آمنوا فقد كذب ، ومن زعم أنهم لم يسلموا فقد كذب (٣).

فإنهما صريحتان في أن الايمان غير الإسلام في كتاب الله العزيز.

وأما قوله « أو المصدق بقلبه لما جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا الايمان الذي يعتبره أصحابنا » فلان التصديق القلبي بجميع ما جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عين الإيمان الذي يعتبره أصحابنا ، فإن القول بامامة أثنا عشر اماما من أعظم ما جاء به وأكمل أفراده.

__________________

(١) المسالك ١ / ٤٩٧.

(٢) أصول الكافي ٢ / ٢٤ ، ح ٣.

(٣) أصول الكافي ٢ / ٢٥ ، ح ٥.

٩٤

فصل

[ المناقشة في استدلال من اكتفى بالإسلام مطلقا ]

وأما استدلاله على الاكتفاء بالإسلام بصحيحة ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام ، قال : سألته بم يكون الرجل مسلما يحل مناكحته وموارثته؟ وبم يحرم دمه؟ فقال : يحرم دمه بالإسلام إذا أظهر ، ويحل مناكحته موارثته (١). قال : وهو أصح ما في الباب سندا وأظهر دلالة.

ففيه مع معارضته بما في الكافي في باب مناكحة النصاب والشكاك ، عن علي ابن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن الحلبي.

فالسند صحيح على ما تقرر عندنا ، وذهب اليه الشيخ الشارح في شرح الشرائع ، والفاضل الأردبيلي في آيات أحكامه ، ونحن قد فصلناه في بعض رسائلنا.

عن الصادق عليه‌السلام أنه أتاه قوم من أهل خراسان من وراء النهر ، فقال لهم : تصافحون أهل بلادكم وتناكحونهم؟ أما أنكم إذا صافحتموهم انقطعت عروة من عرى الإسلام ، وإذا ناكحتموهم انهتك الحجاب فيما بينكم وبين الله عزوجل (٢) ان أهل الخلاف لا نصيب لهم في الإسلام. كما سيأتي في صحيحتي محمد وابن أبي يعفور ، الا ان يخص بالنصيب الأخروي.

ويقال : ان هذا الإسلام الظاهري يحقن دماءهم ، ويحل ذبيحتهم ، وبه يتحقق التوارث والتناكح بين المؤمنين وبينهم ، فهم يشاركون أهل الايمان في الأحكام

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٧ / ٣٠٣ ، ح ٢٣.

(٢) فروع الكافي ٥ / ٣٥٢ ، ح ١٧.

٩٥

الدنيوية ، ويفارقونهم في الأحكام الأخروية ، لا لمجرد ما ذكره قدس‌سره بل لروايات أصح سندا وأوضح دلالة.

كصحيحة حمران بن أعين عن الباقر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ان الايمان ما استقر في القلب ، وأفضى به الى الله عزوجل ، وصدقة العمل بالطاعة والتسليم لأمره ، والإسلام ما ظهر من قول أو فعل ، وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها ، وبه حقنت الدماء ، وعليه جرت المواريث وجاز النكاح.

الى أن قال قلت : فهل للمؤمن من فضل على المسلم في شي‌ء من الاحكام والحدود وغير ذلك؟

فقال : لا هما يجريان في ذلك مجرى واحد ولكن للمؤمن فضل على المسلم في إعمالهما وما يتقربان به الى الله الحديث (١).

وحسنة الفضيل بن يسار عن الصادق عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ان الايمان يشارك الإسلام ، ولا يشاركه الإسلام ، ان الايمان ما وقر في القلوب ، والإسلام ما عليه المناكح والموارث وحقن الدماء الحديث (٢).

وموثقة سماعة ، قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أخبرني عن الإسلام والايمان أهما مختلفان؟

فقال : ان الايمان يشارك الإسلام ، والإسلام لا يشارك الايمان.

قلت : فصفهما لي.

فقال : الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله ، والتصديق برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، به حقنت الدماء ، وعليه جرت المناكح والمواريث ، وعلى ظاهره جماعة الناس.

والايمان الهدى وما يثبت في القلوب من صبغة الإسلام ، وما ظهر من العمل

__________________

(١) أصول الكافي ٢ / ٢٦ ـ ٢٧ ، ح ٥.

(٢) أصول الكافي ٢ / ٢٦ ، ح ٣.

٩٦

به ، والايمان أرفع من الإسلام بدرجة ، أن الايمان يشارك الإسلام في الظاهر ، والإسلام لا يشارك الايمان في الباطن ، وان اجتمعا في القول والصفة (١).

أقول : ظاهر الأصحاب يفيد أن هذه الاخبار وما شاكلها لم تكن معمولا بها عندهم ، والا فلا وجه لذهابهم الى خلاف ظاهرها من عدم جواز مناكحة أهل الخلاف ، كما ذهب اليه معظم الأصحاب ، حتى ادعى عليه الإجماع بعضهم.

أو عدم ثبوت التوارث بيننا وبينهم ، بان نرثهم ولا يرثونا ، كما ذهب اليه المفيد وأبو الصلاح.

أو عدم جواز الصلاة عليهم ، كما ذهب اليه المفيد في المقنعة والشيخ في التهذيب.

أو عدم استحلال ذبيحتهم ، كما ذهب إليه القاضي وابن إدريس ، فإن القاضي منع من ذبيحة غير أهل الحق ، وقصر ابن إدريس الحل على المؤمن والمستضعف الذي لا منا ولا من مخالفينا ، واستثنى أبو الصلاح من المخالف جاحد النص ، فمنع من ذبيحته.

واحتج المانع من غير المؤمن بصحيحة زكريا بن آدم ، قال قال أبو الحسن عليه‌السلام : اني أنهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف الذي أنت عليه وأصحابك إلا في وقت الضرورة (٢).

وهي كما ترى تتضمن النهي عن ذبيحة من لم يكن مؤمنا.

هذا وذلك لان ظاهر هذه الاخبار على تقدير العمل يفيد عدم الفرق بين المؤمن والمسلم في شي‌ء من الاحكام ، وقد دل على خلافه كثير من الاخبار ،

__________________

(١) أصول الكافي ٢ / ٢٥ ، ح ١.

(٢) تهذيب الاحكام ٩ / ٧٠ ، ح ٣٣.

٩٧

حتى ورد أن المؤمن لا يقتل بالمخالف ، كما سيأتي في صحيحة بريد إن شاء الله العزيز.

فصل

[ التجنب عن النصاب والشكاك ]

من الغريب أن الشهيد الأول بعد توقفه في جواز تزويج المؤمنة بالمخالف جوز العكس ، معللا بأن المرأة تأخذ من دين بعلها ، فيقودها الى الايمان ، وهذا التعليل لو تم لدل على جواز الأصل قطعا من غير توقف ، لأنها ربما انتقلت عن دينها بكثرة المعاشرة إلى دين زوجها ، وهو غير دين الله.

كما تدل عليه صحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام فتصير ضالة بعد هداها تابعة غير سبيل المؤمنين ، فيوليها الله ما تولت ، ويصليها جهنم وساءت مصيرا.

قال أبو جعفر عليه‌السلام لمحمد بن مسلم : يا محمد ان أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا ، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شي‌ء وذلك هو الضلال البعيد (١).

ومثلها صحيحة عبد الله بن يعفور عن الصادق عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم : من ادعى امامة من الله ليست له ، ومن جحد اماما من الله ، ومن زعم أن لهما في الإسلام نصيبا (٢).

فإنها صريحة في أن اتباع أئمة الجور مثلهم في الكفر والضلال. وأيضا فإن أهل الضلال لا يجوز مصاحبتهم ولا مجالستهم ، لأنهم من أهل البدع والمناكير.

__________________

(١) أصول الكافي ١ / ٣٧٥ ، ح ٢.

(٢) أصول الكافي ١ / ٣٧٣ ، ح ٤.

٩٨

وقد قال سيدنا الصادق عليه‌السلام في صحيحة عمر بن يزيد : لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم ، فتصيروا عند الناس كواحد منهم ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المرء على دين خليله وقرينه (١).

والمرأة المسكينة لا بد لها من مصاحبة زوجها ومجالسته ومعاشرته ، فنأخذ من بدعه وأهوائه ومناكيره ما تصير به من أهل الضلالة والعداوة لأهل البيت عليهم‌السلام وقد أمر الله بولايتهم ومودتهم.

لأنها لنقصان عقلها سريعة الانخداع ، فتميل الى دين قرينها ، وهو شيطان مارد ، فتصير ناصبية بعد أن كانت إمامية ، إذ ما من مخالف الا وله نصب ، كما يشهد به تتبع أحوالهم ، ولا أقل من كتمانه حسنة من حسناتهم عليهم‌السلام ، وانقباضه عند ذكرهم ، أو ذكر مناقبهم وفضائلهم.

وأيضا من البين أنه من لا يبرأ من أعداء أهل البيت عليهم‌السلام فهو عدو لهم. كما هو صريح صحيح إسماعيل الجعفي ، قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : رجل يحب أمير المؤمنين عليه‌السلام ولا يبرأ من عدوه ، ويقول : هو أحب الي ممن خالفه ، فقال : هذا مخلط وهو عدو لا تصل خلفه ولا كرامة الا أن تتقيه (٢).

فحكم عليه‌السلام بعداوة من لا يبرأ من أعدائهم ، وان قال بأن أمير المؤمنين عليه‌السلام أحب إليه ممن خالفه ، ولا نعني بالناصب الا من نصب العداوة لأهل البيت عليهم‌السلام مسرا كان أو معلنا ، بل نقول : من يعادي أحباؤهم عليهم‌السلام فهو ناصب.

لقول سيدنا الصادق عليه‌السلام وقد سئل عن الناصب : ليس الناصب من نصب العداوة لنا ، فإنك لو دررت العراقين لما وجدت من يبغضنا ، وانما الناصبي من

__________________

(١) أصول الكافي ٢ / ٣٧٥ ، ح ٣.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٨٠ ، ح ١١١٧.

٩٩

نصب العداوة لشيعتنا وهو يعلم أنهم شيعتنا (١).

وعلى هذا التفسير وهو الحق ، فجل المخالفين بل كلهم داخلون في أهل النصب.

وقريب منه صحيحة ابن أذينة عنه عليه‌السلام قال : ما تروي هذه الناصية؟ فقلت : جعلت فداك في ما ذا؟ فقال : في آذانهم وركوعهم وسجودهم ، فقلت : انهم يقولون : ان أبي بن كعب رآه في النوم.

فقال : كذبوا فان دين الله عزوجل أعز من أن يرى في النوم الحديث وطوله (٢).

وفيه دلالة على أن من لم يقل بإمامتهم عليهم‌السلام من الفرق كلها فهو ناصب ، لانه لا يخلو من نصب عداوة لواحد منهم عليهم‌السلام ، حيث اعتقد فيه أنه ليست له مرتبة الإمامة وفرض الطاعة.

إذا تقرر هذا فنقول : في صحيحة ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته عن الناصب الذي عرف نصبه وعداوته هل يزوجه المؤمن وهو قادر على رده؟ قال : لا يتزوج المؤمن الناصبية ، ولا يتزوج الناصب المؤمنة. كذا في الكافي (٣).

وفيه إيماء إلى أنه لا يشترط في المنع من الناصب إعلانه بالعداوة ، بل متى عرف منه البغض وان كان بعنوان نصبه له اماما باطلا ، فهو ناصبي وان لم يعلن ، ولم يظهر ذلك منه ، وإطلاق الناصب على من نصب اماما باطلا ، وهو مطلق المخالف في الاخبار شائع.

منها : صحيحة وهب بن عبد ربه عن الصادق عليه‌السلام أيحج الرجل عن الناصب

__________________

(١) معاني الأخبار ص ٣٦٥.

(٢) فروع الكافي ٣ / ٤٨٢ ، ح ١.

(٣) فروع الكافي ٥ / ٣٤٩ ، ح ٨.

١٠٠