القواعد والفوائد - ج ٢

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

القواعد والفوائد - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: السيّد عبد الهادي الحكيم
الموضوع : الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٥
الجزء ١ الجزء ٢

نية إبطال ما تقدم من الأعمال الصالحة ، من أول عمره إلى آخره ، فيصير هنا في تقدير غير الواقع. ولكان يلزم منه صحة القصد إلى إبطال الأعمال القبيحة كلها ؛ إذ لا دليل على اعتبار العزم المتجدد فيما ذكرتم بالخصوص ، ولا فارق.

قال بعض العامة (١) : وهذا متجه لم أجد له دافعا.

والجواب : أن الفرق واقع بين العزم في أثناء العبادة ، ونيته (٢) بعدها ؛ لأن الصلاة ، والصوم ـ مثلا ـ لا يعد كل جزء منهما عبادة ، إلا عند الإتيان بالمجموع ، والنية كما هي شرط في العبادة ، فهي شرط في أجزائها ، فإذا وقع العزم على إبطال النية ، أو العزم على ما ينافيها ، بقي الجزء الواقع في تلك الحال وما بعدها بغير نية ، فيبطل في نفسه ، ويبطل ما قبله ، (باعتبار اشتراط) (٣) كل منهما بصاحبه اشتراط معية ؛ فيصير ما مضى وإن كان واقعا ، في تقدير غير واقع. أو نقول : بطل ما مضى ، كما يبطل الحدث الصلاة ، والإفطار الصوم.

قيل (٤) : ولا يخلو باب من أبواب الفقه عن التقدير.

قاعدة ـ ١٧٤

اعلم أن متعلقات الأحكام قسمان (٥) :

__________________

(١) هو القرافي في ـ الفروق : ٢ ـ ٢٨.

(٢) في (ح) و (أ) و (م) : وبينه.

(٣) في (ك) : باشتراط.

(٤) قاله القرافي في ـ الفروق : ١ ـ ١٦١ ، ٢ ـ ٢٩.

(٥) تقدم الحديث عن هذين القسمين ، وعن أقسام الوسائل ، في قاعدة (٣٠ ، ٣١) ، ق ١ ـ ٦٠ ـ ٦٣.

٨١

مقاصد بالذات ، وهي المتضمنة للمصالح والمفاسد في أنفسها.

ووسائل ، وهي الطرق المفضية إليها ، وحكمها في الأحكام الخمسة حكم المقاصد ، وتتفاوت في الفضائل بحسب المقاصد ، فالوسيلة إلى الأفضل ، أفضل الوسائل ، وإلى أقبح المقاصد ، أقبح الوسائل. وقد مدح الله تعالى على الوسائل ، كما مدح على المقاصد ، قال تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ ..) (١) الآية. فأثابهم على ذلك وإن لم يكن بقصدهم إليه (٢) ، لأنه إنما حصل بسبب التوسل إلى الجهاد ، الّذي هو وسيلة إلى إعزاز الدين ، الّذي هو وسيلة إلى رضوان الرب تعالى (٣).

ثمَّ الوسائل على ثلاثة أقسام :

[ الأول ] : قسم. اجتمعت الأمة على منعه ، كحفر الآبار في طرق (٤) المسلمين ، وطرح المعاثر ؛ لأنه وسيلة إلى ضررهم الحرام. وكذا إلقاء السم في مياههم ، وسبّ الأصنام وما في معناها عند من يعلم أنه يسبّ الله تعالى أو أحدا من أوليائه ، كما قال الله تعالى : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٥).

ومنه : بيع العنب ليعمل خمرا ، والخشب ليعمل صنما.

(الثاني) : ما اجتمعت الأمة على عدم منعه ، كالمنع من غرس

__________________

(١) التوبة : ١٢٠.

(٢) زيادة من (ح) و (م).

(٣) انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٣٢ ، وابن عبد السلام ـ قواعد الأحكام : ١ ـ ١٢٤ ـ ١٢٥.

(٤) في (ح) و (م) : طريق.

(٥) الأنعام : ١٠٨.

٨٢

العنب ، خشية إعصاره خمرا ، ومن عمل السيف ، خشية قتل مؤمن به.

(الثالث) : ما فيه خلاف ، كبيع العنب على من يعمله خمرا ، والخشب على من يعمله صنما ، وكالبيع بشرط الإقراض والنظرة ، أو بيع السلعة على غلامه ليخبر بالزائد ، وشراء ما باعه نسيئة عند حلول الأجل بنقيصة عن الثمن ، أو قبله ، كما إذا باعه ثوبا بمائة إلى سنة ، ثمَّ اشتراه منه حالا بخمسين ، فإنه في المعنى عاوض على خمسين في الحال بمائة إلى سنة.

وألحق به بعض العامة (١) مسائل كثيرة جدا تبلغ الألف ، ويسمونها (سدّ الذرائع) :

منها : تضمين الصناع ما تلف في أيديهم ؛ سدا لدعواهم التلف ، أو الاشتباه ، بسبب تغيرها بالعمل ، فيحلفون عليه.

ومنها : منع القضاء بالعلم ؛ سدا لتسلط بعض قضاة السوء على قضاء باطل.

وكذلك تضمين حامل الطعام.

فائدة (٢)

كل ما كان وسيلة لشي‌ء فبعدم ذلك الشي‌ء عدمت الوسيلة.

ويشكل : بإمرار المحرم (٣) الموسى على رأسه (٤) ، وبوقوف

__________________

(١) هو مالك بن أنس ، امام المذهب المالكي. انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٣٢.

(٢) في (أ) : قاعدة ، وفي (م) : فوائد.

(٣) أي المحرم الّذي لا شعر له.

(٤) انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٣٣.

٨٣

ناذر المشي في موضع العبور.

ويجاب : بأنه خرج بقوله عليه‌السلام : (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) (١).

وربما كان المتوسل إليه حراما والوسيلة غير حرام ، كدفع المال إلى المحارب ليكف ، ودفع المال إلى الحربي للكف ، عند العجز عن مقاومتهما ، أو في فك أسرى المسلمين ؛ فان انتفاعهم بذلك المال حرام ، ولكن لما لم يكن مقصودا للدافع ، لم يكن الدفع حراما.

ومما حرم لكونه وسيلة إلى المعصية : ترخّص العاصي بسفره ؛ لأن ترتب الرخصة على المعصية سعي في تكثير تلك المعصية.

ولو قارنت المعاصي أسباب الرخص لم تحرم ؛ للإجماع على جواز التيمم للفاسق العاصي إذا عدم الماء. وكذلك الفطر إذا أضرّ به الصوم ، والقعود في الصلاة إذا عجز عن القيام (٢) ؛ لأن الأسباب هنا غير معصية ، بل هي عجزه عن الماء ، أو العبادة ، والعجز ليس معصية. فالمعصية هنا مقارنة للسبب لا سبب.

فان قلت : مساق هذا الكلام ، أن العاصي بسفره يباح له الميتة ؛ لأن سبب أكله خوفه على نفسه ، لا سفره. فالمعصية مقارنة لسبب الرخصة ، لا أنها هي السبب (٣).

قلت : لا نصّ فيه للأصحاب ، وهذا متجه ، وإلا لزم أن

__________________

(١) صحيح البخاري : ٤ ـ ٢٥٨ ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.

(٢) انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٣٣ ـ ٣٤.

(٣) أورد القرافي هذا الإشكال لبعض الفقهاء. انظر : الفروق : ٢ ـ ٣٤.

٨٤

لا يباح للعاصي ما ذكرناه ، وهو باطل.

قاعدة ـ ١٧٥

النجاسة : ما حرم استعماله في الصلاة والأغذية ، للاستقذار ، أو للتوصل إلى الفرار (١).

فبالاستقذار : تخرج السموم (٢) ، والأغذية الممرضة (٣).

وبالتوصل إلى الفرار : ليدخل الخمر والعصير ، فإنهما غير مستقذرين ، ولكن الحكم بنجاستهما يزيدهما إبعادا عن النّفس ؛ لأنها مطلوبة بالفرار عنهما ، وبالنجاسة يزداد الفرار. وحينئذ يبقى ذكر الأغذية مستدركا ، إلا أن تذكر لزيادة البيان ، ولبيان موضوع (٤) التحريم ، فان في الصلاة تنبيها على الطواف وعلى دخول المسجد ، وفي الأغذية تنبيها على الأشربة.

ويقابلها الطاهر ، وهو : ما أبيح ملابسته في الصلاة اختيارا.

فحينئذ مرجع النجاسة إلى التحريم ، ومرجع الطهارة إلى الإباحة ، وهما حكمان شرعيان.

والحق : أن عين النجاسة والطاهر (٥) ليسا حكما ، وإنما هما متعلق

__________________

(١) انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٣٥.

(٢) في (أ) زيادة : القاتلة ، وهي غير موجودة في الفروق : ٢ ـ ٣٥.

(٣) في (ح) زيادة : القاتلة ، وهي غير موجودة كذلك في الفروق : ٢ ـ ٣٥.

(٤) في (ك) : موضع.

(٥) في (م) و (ح) : الطهارة.

٨٥

الحكم ، (من حيث) (١) استعمال المكلف. فموضوع الحكم : هو فعل المكلف في النجس والطاهر.

وربما قيل : النجاسة : معنى قائم بالجسم يوجب اجتنابه في الصلاة ، والتناول ، لعينه.

وفيه تنبيه على أن الجسم من حيث هو جسم لا يكون نجسا ، وإلا لعمت النجاسة الأجسام ، بل لمعنى قائم به ، من قذارة ، أو إبعاد عن الحرام.

وقوله (لعينه) : احترازا عن الأعيان المغصوبة ؛ فإنه يجب اجتنابها في الصلاة ، لكن لا لعينها بل باعتبار تعلق حق الغير بها.

وعطف (التناول) تحقيقا للخاصة (٢) ؛ لأن لقائل أن يقول : أكثر محرمات الصلاة حرمت لعينها ، كالكلام ، والحدث ، والفعل الكثير ، والاستدبار ، فيكون الحد غير مطرد ، إلا أن هذه لا تدخل (٣) في التناول أكلا وشربا وذكرهما أيضا (٤) لبيان محل إيجاب الاجتناب.

قاعدة ـ ١٧٦

الحدث هو : المانع من الصلاة المرتفع بالطهارة.

ويطلق [ أيضا ] : على نفس السبب الموجب للوضوء (٥).

__________________

(١) في (أ) و (م) : بحسب.

(٢) في (أ) : للحاجة.

(٣) في (ك) و (ح) و (م) : لا تحرم.

(٤) في (ح) : هنا.

(٥) انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٣٥.

٨٦

والمراد بقولهم (١) : ينوي رفع الحدث ، هو المعنى الأول ؛ لأن الثاني واقع ، والواقع لا يرتفع ، والمانع وان كان واقعا ، إلا أن المقصود بالرفع (٢) : منع استمراره ، كما أن عقد النكاح يرفع استمرار منع الوطء في الأجنبية. (وهذا يبين) (٣) قوة قول من قال : برفع التيمم الحدث (٤) ، لأن المنع متعلق بالمكلف ، وقد استباح الصلاة بالتيمم إجماعا ، والحدث مانع من الصلاة إجماعا. وقوله عليه‌السلام لحسان (٥) ، لما تيمم وصلى بالناس : (أصليت بأصحابك وأنت جنب؟) (٦) لاستعلام فقه ؛ كما قال لمعاذ : (بم تحكم؟) (٧).

__________________

(١) أي بقول العلماء ، كما ذكره القرافي في الفروق : ٢ ـ ٣٥.

(٢) في (أ) و (ح) زيادة : منه.

(٣) في (ح) : وبهذا تبين.

(٤) انظر : العلامة الحلي ـ منتهى المطلب : ١ ـ ١٥٦ ، ومختلف الشيعة : ١ ـ ٥٥ (نقله عن السيد المرتضى) والقرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٣٥ : ١١٦.

(٥) روي في عدة من كتب الحديث أن هذا القول صدر منه عليه الصلاة والسلام لعمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل. وذكر أبو داود رواية أخرى أنه صدر منه صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا القول لحسان بن عطية. انظر : سنن أبي داود : ١ ـ ٨١ ، والبيهقي ـ السنن الكبرى : ١ ـ ٢٢٥ ، والساعاتي ـ الفتح الرباني في ترتيب مسند أحمد : ٢ ـ ١٩١ ، حديث : ١٦.

(٦) أورد هذا النص القرافي في ـ الفروق : ٢ ـ ١١٦.

(٧) انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ١١٦. وروي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن : (كيف تقضى؟) قال :

٨٧

وأما وجوب استعمال الماء عند تمكنه منه ؛ فلأن القائل بأنه يرفع الحدث (يغيّه به كما يغيّه بطريان الحدث) (١).

قاعدة (٢) ـ ١٧٧

حكم الحدث متعلق بالمكلف ؛ لأن الحدث هو المنع الشرعي ، فلا يتعلق إلا بالمكلف.

فالقول بأنه يتعلق بالأعضاء (٣) ، بعيد.

وتظهر الفائدة : في عدم الحكم بارتفاع الحدث عن العضو بغسله وحده ؛ إذا العضو لا يقال : إنه ممنوع ، ولا ريب أن المنع من الصلاة باق ما بقي لمعة من الأعضاء. فعلى هذا لا يجوز له لمس المصحف بالعضو المغسول قبل تمام الغسل والمسح.

فإن قلت : ما تقول في وضوء الجنب للنوم ، فإنه قد رفع الحدث بالنسبة إلى النوم (٤)؟

__________________

(أقضي بكتاب الله ...). انظر : مسند أحمد : ٥ ـ ٢٣٦ ، ٢٤٢ ، والبيهقي ـ السنن الكبرى : ١٠ ـ ١١٤.

(١) في (ك) : يعينه به كما يعينه بطريان حدث. وما أثبتناه مطابق لما في الفروق الّذي اعتمد عليه المصنف على ما يبدو في هذه القاعدة. انظر : ٢ ـ ١١٦ ـ ١١٧ ، منه.

(٢) في (ح) و (م) : فائدة.

(٣) نسبه القرافي في ـ الفروق : ٢ ـ ١١٥ ـ ١١٦ ، إلى بعضهم ، ولم يذكر القائل.

(٤) هذا إشكال أورده القرافي في ـ الفروق : ٢ ـ ١١٥ ، لبعضهم ، ولم يذكر القائل.

٨٨

قلت : هذا ليس مما نحن فيه ، إذ لا نقول برفع الحدث عن أعضاء الوضوء من دون باقي البدن ، ولا رفع هنا حقيقة ، وانما هو تعبد محض. أو لوقوع النوم على الوجه الأكمل بغسل هذه الأعضاء.

والظاهر أن تعقب ريح أو بول لا ينقضه ، إذ (١) لم يجعل رافعا للحدث الأصغر ؛ فيقال فيه : أين معنا وضوء لا ينقضه الحدث (٢)؟

قاعدة ـ ١٧٨

يجب انحصار المبتدأ في خبره ، نكرة كان أو معرفة (٣) ؛ إذ الخبر لا يجوز أن يكون أخص ، بل (٤) مساويا أو أعم ، والمساوي منحصر في مساويه ، والأخص منحصر في الأعم.

فإن قلت : قد فرقوا بين (زيد عالم) وبين (زيد العالم) فجعلوا الثاني للحصر دون (٥) الأول ، فكيف يتوجه الإطلاق؟

قلت : الحصر الّذي أثبتناه على الإطلاق هو حصر يقتضي نفي النقيض ، والّذي نفوه عن النكرة هو الحصر الّذي ينتفي معه (٦) النقيض والضد والمخالف ؛ لأن قولنا : (زيد عالم) ، يقتضي حصر

__________________

(١) في (ك) : إذا. وفي (م) : إن.

(٢) فيلقون هذا الوضوء ـ كما يقول القرافي ـ لغزا على الطلبة. الفروق : ٢ ـ ١١٤.

(٣) انظر هذه القاعدة في ـ الفروق ، للقرافي ، : ٢ ـ ٤١ ـ ٤٧.

(٤) في (ح) زيادة : لا بد وأن يكون.

(٥) في (ح) و (أ) و (م) : لا.

(٦) في (ك) و (أ) و (م) : مع.

٨٩

(زيد) في مفهوم (عالم) لا يخرج عنه إلى نقيضه ، إلا أن (عالما) مطلق في العلم ، فهو في قوة موجبة جزئية في وقت واحد ، فنقيضه سالبة كلية دائمة ، أي لا يكون زيد عالما في زمان ماض ، ولا حال ، ولا استقبال ؛ وهذا المفهوم ينتفي بقولنا : (زيد عالم في وقت ما) ؛ بخلاف ما إذا كان الخبر معرفة ، فإنه ينتفي كل ما خالفه (١).

ويتفرع عليه أحكام.

منها : قوله عليه‌السلام : (تحريمها التكبير) (٢) ، فإنه يفيد انحصار دخولها في حرمة الصلاة بالتكبير ، دون نقيضه الّذي هو عدم التكبير ، وضده الّذي هو الهزل (٣) واللعب والنوم ، وخلافه الّذي هو الخشوع والتعظيم ، فلو فعل أحد هذه لم يتحرم بالصلاة.

ومنها : قوله عليه‌السلام : (وتحليلها التسليم) (٤) ، يقتضي انحصار المحلل في التسليم ، دون نقيضه الّذي هو عدمه ، ودون ضده وهي أضداد التكبير ، ودون خلافه الّذي هو الحدث وغير ذلك.

والمراد بالمحلل هنا ، ما كان مباحا آخر الصلاة ، ليخرج سائر مبطلات الصلاة ، ونفس التسليم إذا وقع في أثناها.

وكما اقتضى الحصر في التكبير ، اقتضى الحصر في الصيغة المعهودة ،

__________________

(١) انظر في هذا ـ القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٤٢.

(٢) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٤ ـ ٧١٥ ، باب ١ من أبواب تكبيرة الإحرام ، حديث : ١٠ ، وسنن ابن ماجه : ١ ـ ١٠١ ، باب ٣ من كتاب الطهارة ، حديث : ٢٧٥ ، ٢٧٦.

(٣) في (ك) و (أ) : الهزء. وما أثبتناه مطابق لما في الفروق : ٢ ـ ٤٣.

(٤) انظر نفس المصدرين السابقين.

٩٠

وهي : (الله أكبر) لأن (اللام) فيه للعهد ، والمعهود من فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك ، فلا ينعقد بمعناه ، ولا بتعريف الخبر ، ولا بتقديمه ، ولا بترجمته إلا مع العجز.

وكذا الكلام في التسليم.

ومنها : قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (ذكاة الجنين ذكاة أمه) (١) ، يقتضي حصر ذكاته في ذكاة أمه ، فلا يحتاج إلى ذكاة أخرى.

لا يقال : هذا مجاز ؛ لأن ذكاة الأم فري الأعضاء المخصوصة ، وهو غير حاصل هنا ، فكيف يقتضي أن يكون عين ذكاة الجنين عين ذكاة أمه؟! (٢).

فنقول : إضافة المصدر تخالف (٣) اسناد الأفعال ، فيكفي فيها أدنى ملابسة ، ويكون ذلك حقيقة لغوية ، كقوله تعالى (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) (٤) ، وكقولنا : صوم رمضان ، ويمتنع أن يقال : حج البيت ، أو صام رمضان ، فاعلين. وكذا يمتنع : ذكيت الجنين ، هنا ، ويجوز : ذكاة الجنين.

هذا فيمن رواه بالرفع ، ومن رواه بالنصب (٥) ، فالتقدير :

__________________

(١) انظر : سنن أبي داود : ٢ ـ ٩٣ ، باب ذكاة الجنين ، وسنن الترمذي : ٤ ـ ٢ ، باب ٢ من كتاب الأطعمة ؛ حديث : ١٤٧٦.

(٢) هذا الإشكال أورده القرافي لبعضهم ، وقد أجاب عنه بنحو ما أورده المصنف. انظر : الفروق : ٢ ـ ٤٥.

(٣) في (ح) : بخلاف.

(٤) آل عمران : ٩٧.

(٥) قال القرافي في الفروق : ٢ ـ ٤٦ : (هذا الحديث يروى

٩١

في ذكاة أمه ، أي داخلة في ذكاة أمه ، فحذف حرف الجر ، وانتصب على أنه مفعول ، كقولنا : دخلت الدار.

وقال الموجبون لذكاته (١) : التقدير : أن يذكى ذكاة مثل ذكاة أمه ، فحذف المضاف مع بقية الكلام ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، فنصب.

ولا يخفى ما فيه من التعسف ، وعدم موافقته لرواية الرفع.

قاعدة (٢) ـ ١٧٩

لا يتعلق الأمر ، والنهي ، والدعاء ، والإباحة ، والشرط ، والجزاء ، والوعد ، والوعيد ، والترجي ، والتمني ، إلا بمستقبل (٣) ، فمتى وقع تشبيه بين لفظي دعاء ، أو أمر ، أو نهي ، أو واحد مع الآخر ، فإنما يقع في مستقبل.

وعلى هذا خرّج بعضهم (٤) الجواب عن السؤال المشهور في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (قولوا اللهم صل على محمد وآله محمد كما صليت

__________________

بالرفع في الذكاة الثانية ، وبالنصب ، فتمسك المالكية والشافعية برواية الرفع على استغناء الجنين عن الذكاة ، وتمسك الحنفية برواية النصب على احتياجه للذكاة ، وأنه لا يؤكل بذكاة أمه).

(١) وهم الحنفية.

(٢) في (ح) : فائدة.

(٣) انظر هذه القاعدة في ـ الفروق : ٢ ـ ٤٨ ـ ٤٩.

(٤) هو عز الدين بن عبد السلام الفقيه الشافعي. انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٤٨.

٩٢

على إبراهيم ، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم) (١) وفي رواية : (كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم) (٢) : بأن التشبيه يعتمد كون المشبه به أقوى في وجه الشبه ، أو مساويا ، والصلاة هنا : الثناء ، أو العطاء ، أو التحية (٣) ، التي هي من آثار الرحمة والرضوان ، فيستدعي أن يكون عطاء إبراهيم ، أو الثناء عليه ، فوق الثناء على محمد صلى الله عليهما ، أو مساويا له (٤) ، وليس كذلك ، وإلا لكان أفضل منه (٥) ، والواقع خلافه (٦). فان الدعاء إنما يتعلق بالمستقبل ، ونبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله كان الواقع قبل هذا الدعاء أنه أفضل من إبراهيم ، وهذا الدعاء يطلب فيه زيادة على هذا الفضل مساوية لصلاته على إبراهيم ، فهما وإن تساويا في الزيادة ، إلا أن الأصل المحفوظ خال عن معارضة الزيادة.

وأجيب أيضا (٧) : بأن المشبه به المجموع المركب من الصلاة

__________________

(١) انظر : المتقي الهندي ـ كنز العمال : ١ ـ ١٢٥ ، حديث : ٢١٩١.

(٢) انظر : المصدر السابق : ١ ـ ١٢٤ ـ ١٢٥ ، حديث : ٢١٨٩ ، ٢١٩٣ ، وص ٢١٤ ، ٢١٥ ، حديث : ٤٠٠٢ ، ٤٠٠٩.

(٣) في (ك) و (م) : أو المنحة.

(٤) زيادة من (أ).

(٥) في (أ) و (م) زيادة : أو مساويا.

(٦) من هنا يبدأ الجواب عن السؤال المشهور.

(٧) أجاب به الشيخ عز الدين بن عبد السلام. انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٤٩. ولاحظ في الفروق وفي حاشية ابن الشاط عليه أكثر ما يأتي من الأجوبة.

٩٣

على إبراهيم وآله ، ومعظم الأنبياء هم آل إبراهيم ، والمشبه للصلاة على نبينا وآله ، فإذا قوبل آله (بآل إبراهيم) (١) رجحت الصلاة عليهم على الصلاة على آله ، فيكون الفاضل من الصلاة على آل إبراهيم لمحمّد ، (فيزيد به على إبراهيم) (٢).

ويشكل : بأن ظاهر اللفظ تشبيه الصلاة (على محمد) (٣) بالصلاة على إبراهيم ، وتشبيه الصلاة على آله بالصلاة على آل إبراهيم ، تطبيقا بين المسميين (٤) والآليين ، فكل تشبيه على حدته ، فلا يؤخذ من أحدهما للآخر.

وأجيب : بأن التشبيه إنما هو في صلاة الله على آل محمد وصلاته على إبراهيم وآله ، فقوله : (اللهم صل على محمد) على هذا منقطع عن التشبيه.

وفي هذين الجوابين هضم لآل محمد صلوات الله عليهم ، وقد قام الدليل على أفضلية علي عليه‌السلام على (خلق من) (٥) الأنبياء (٦) ،

__________________

(١) في (ك) و (ح) و (م) : بآلهم.

(٢) في (ح) : فزيد به على آل إبراهيم. وما أثبتناه مطابق لما في الفروق : ٢ ـ ٤٩.

(٣) في (ح) : عليه.

(٤) في (ح) : للنبيين.

(٥) في (م) : كل.

(٦) انظر : فخر المحققين ـ أجوبة المسائل المهنائية : ورقة ٥ ـ ب ، (مخطوط ضمن مجموع برقم : ١١٠٧ ، بمكتبة السيد الحكيم العامة بالنجف) ، والمتقي الهندي ـ كنز العمال : ٦ ـ ١٥٢ ، حديث : ٢٥١٦ ، وص ١٥٩ ، حديث : ٢٨٦٥ ، ٢٨٦٦.

٩٤

وهو واحد من الآل ، فيكون السؤال عند الإمامية باقيا بحاله.

وأجيب أيضا : بأنه تشبيه (لأصل الصلاة بالصلاة) (١) ، لا الكمية بالكمية ، كما في قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) (٢) فالمراد في أصله ، لا في قدره ووقته (٣).

ويشكل : بأن (الكاف) للتشبيه ، وهو صفة مصدر محذوف ، أي : صلاة مماثلة للصلاة على إبراهيم ، وظاهر أن هذا يقتضي المساواة ، إذ المثلان : هما المتساويان في الوجوه الممكنة.

وأجيب أيضا : بأن الصلاة بهذا اللفظ جارية في كل صلاة ، على لسان كل مصل ، إلى انقضاء التكليف ، فيكون الحاصل لمحمد بالنسبة إلى مجموع الصلوات أضعافا مضاعفة.

ويشكل : بأن التشبيه واقع في كل صلاة تذكر في حال كونها واحدة. فالإشكال قائم.

وقد يجاب : بأن مطلوب كل مصل المساواة لإبراهيم في الصلاة ، فكل منهم طالب صلاة مساوية للصلاة على إبراهيم ، وإذا اجتمعت هذه المطلوبات ، كانت زائدة على الصلاة على إبراهيم.

قلت : كل هذا بناء على أن صلاتنا عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله تفيده زيادة في رفع الدرجة ، ومزيد الثواب ، وقد أنكر هذا جماعة

__________________

(١) في (أ) : للأصل بالأصل.

(٢) البقرة : ١٨٣.

(٣) انظر : ابن الشاط ـ حاشيته على الفروق ، بهامش الفروق : ٢ ـ ٤٩.

٩٥

من المتكلمين ، وخصوصا الأصحاب (١) ، وجعلوا هذا من قبيل الدعاء بما هو واقع ، امتثالا لأمر الله تعالى (٢) ، وإلا فالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أعطاه الله من الفضل ، والجزاء ، والتفضل ، ما لا تؤثر فيه صلاة مصل ، وجدت أو عدمت. وفائدة هذا الامتثال إنما تعود إلى المكلف (٣) ، فيستفيد به ثوابا ، كما جاء في الحديث : (من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشرا) (٤).

فحينئذ يظهر ضعف الجواب الأول من طلب المنافع في المستقبل ، فان هذا كله في قوة الإخبار عن عطاء الله تعالى. وحينئذ يكون جواب التشبيه للأصل بالأصل سديدا ، ويلزمه المساواة في الصلاتين ، ولكن تلك أمور موهبية ، فجاز تساويهما فيها ، وإن تفاوتا في الأمور الكسبية المقتضية للزيادة ، فإن الجزاء على الأعمال هو الّذي يتفاضل به العمال ، لا المواهب التي يجوز نسبتها إلى كل واحد تفضلا ، خصوصا على قواعد العدلية.

وهب أن الجزاء كله تفضل ، (كما يقوله) (٥) الأشعرية (٦) ، إلا أن الصلاة هنا موهبة محضة ، ليست باعتبار الجزاء ، فالذي يسمى

__________________

(١) انظر : الشيخ المفيد ـ أجوبة المسائل الحاجبية : ٤. (مخطوط بمكتبة السيد الحكيم العامة بالنجف ، ضمن مجموع برقم : ٤٣٦).

(٢) وهو قوله تعالى في سورة الأحزاب : ٥٦ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).

(٣) في (ح) : المصلي.

(٤) انظر : المتقي الهندي ـ كنز العمال : ١ ـ ١٢٦ ، حديث : ٢٢١٢.

(٥) في (ح) و (أ) : في قول.

(٦) انظر : الجويني ـ الإرشاد : ٣٨١.

٩٦

جزاء عند العمل ، وإن لم يكن مسببا عن العمل ، هو الّذي يتفاضلان فيه. وهذا واضح.

قاعدة ـ ١٨٠

يظهر من كلام المرتضى (١) رحمه‌الله : أن قبول للعبادة وإجزائها غير متلازمين ، فيوجد الإجزاء من دون القبول ، دون العكس. وهو قول بعض العامة (٢). لأن المجزئ : ما وقع على الوجه المأمور به شرعا ، وبه يخرج عن العهدة ، وتبرأ الذّمّة ، ويسمى فاعله مطيعا.

والقبول : ما يترتب عليه الثواب.

والّذي يدل على انفكاكه منه :

١ : سؤال إبراهيم وإسماعيل عليهما‌السلام التقبل (٣) ، مع أنهما لا يفعلان إلا فعلا صحيحا مجزئا (٤).

وفيه نظر ، لأن السؤال قد يكون للواقع ، كما سلف (٥) ، وكالذي بعده (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) (٦) وقد كانا مسلمين.

__________________

(١) انظر : الانتصار : ١٧. (طبعة النجف المحققة).

(٢) انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٥١.

(٣) هو إشارة إلى قوله تعالى في سورة البقرة : ١٢٧ (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

(٤) انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٥٢.

(٥) أي سؤال إبراهيم وإسماعيل التقبل.

(٦) البقرة : ١٢٨.

٩٧

٢ : وقوله تعالى (فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) (١) مع أنهما معا قربا ، فلو كان عمله غير صحيح لعلل بعدم الصحة (٢).

وفيه نظر ، لإمكان التعبير عن عدم الإجزاء بعدم القبول ، لأنه غايته.

٣ : وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : (أما من أسلم وأحسن في (٣) إسلامه فإنه يجزى بعمله في الجاهلية والإسلام) (٤). شرط في الجزاء ان يحسن في إسلامه ، والإحسان هو التقوى (٥).

وفيه نظر ، إذ الظاهر أن الإحسان : هو العمل بالأوامر على شرائطها ، وأركانها ، وارتفاع موانعها ، ونحن نقول به.

٤ : وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (إن من الصلاة لما يقبل نصفها وثلثها وربعها ، وإن منها لما يلفّ كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجه صاحبها) (٦) مع أنها مجزئة عند الفقهاء ، إلا من شذّ من بعض فقهاء العامة ومن الصوفية (٧).

__________________

(١) المائدة : ٢٧.

(٢) انظر هذا الدليل في ـ الفروق ٢ ـ ٥١.

(٣) زيادة من (أ) ، وهي مطابقة لما في الفروق : ٢ ـ ٥٢.

(٤) أورده القرافي في ـ الفروق : ٢ ـ ٥٢ نقلا عن صحيح مسلم ولم أعثر في صحيح مسلم على هذا النص في مظانه ، ولعله موجود ولم أعثر عليه. نعم وجدت روايات بمضمونه. انظر : ١ ـ ١١١ ، باب ٥٣ من أبواب الأيمان ، حديث : ١٨٩ ، ١٩٠.

(٥) انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٥٢.

(٦) أورده القرافي في ـ الفروق : ٢ ـ ٥٣.

(٧) نقل عنهم القرافي انهم يذهبون إلى عدم الإجزاء : انظر : نفس المصدر السابق.

٩٨

وفيه نظر ، لأنه يمكن أن يكون ذلك مع استحقاق الثواب لكنه ناقص ، أما حديث النصف إلى العشر فظاهر. وأما الملفوفة ، فكناية عن حرمانه عن معظم الثواب ، كيف وقد حصل نية التقرب ، وهي مقتضية للثواب مع تمام العمل؟ ويمكن أن يراد بالملفوفة هنا : غير المجزئة ، لاشتمالها على نوع من الخلل.

٥ : ولأن الناس مجمعون على الدعاء بقبول الأعمال ، فلو كان القبول هو الإجزاء ، لم يحسن إلا قبل الشروع في العمل ، بمعنى تيسير الشرائط والأركان وارتفاع الموانع ، وهم يسألون قبل وبعد (١) :

وفيه نظر ، لأن السؤال قد يكون لزيادة القبول ، أي زيادة لازمة أعني : الثواب ، أو على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى.

٦ : وقوله تعالى (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٢) فظاهره أن غير المتقي لا يتقبل الله (٣) منه ، مع أن عبادته مجزئة بالإجماع (٤).

وفيه نظر ، لأن بعض المفسرين قال يراد : من المؤمنين (٥) ، لأن الإيمان هو التقوى ، قال الله تعالى (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) (٦).

__________________

(١) انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٥٣.

(٢) المائدة : ٢٧.

(٣) زيادة من (ك).

(٤) انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٥١.

(٥) انظر : تفسير الطبري : ٦ ـ ١٩١ (الطبعة الثانية) ، نسبه إلى جماعة من أهل التأويل ، منهم الضحاك.

(٦) الفتح : ٢٦.

٩٩

سلمنا ، لكن المراد : من المتقي في ذلك (١) العمل ، بحيث لا يكون ذلك العمل على غير التقوى ، كما يحكى عن الشيخ أبي جعفر مؤمن الطاق (٢) : أنه مر ومعه بعض رؤساء العامة في سوق الكوفة على بائع رمان ، فأخذ العامي منه رمانتين اختلاسا ، ثمَّ مر على سائل فدفع إليه واحدة ، ثمَّ التفت إلى أبي جعفر فقال : عملنا سيئتين ، وحصلنا عشر حسنات ، فربحنا ثماني حسنات. قال له : أخطأت ، (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٣).

قاعدة ـ ١٨١

الفعل يوصف بالأداء والقضاء بحسب الوقت المحدود ، ولا يوصف به ما لا وقت له محدود.

فعرّف الأداء بأنه : إيقاع الفعل في وقته المحدود له شرعا.

__________________

(١) في (ح) : الآية.

(٢) هو محمد بن علي بن النعمان ، الكوفي ، الصيرفي ، الملقب بمؤمن الطاق ، من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام ، ويلقب أيضا بالأحول. كان ثقة ، متكلما ، حاذقا ، حاضر الجواب ، له مناظرات مع أبي حنيفة النعمان بن ثابت. وله عدة مصنفات ، منها : كتاب الأمانة ، وكتاب الرد على المعتزلة. (القمي ـ الكنى والألقاب : ٢ ـ ٤٠٣ ، والأمين ـ أعيان الشيعة : ٤٦ ـ ١٦٢).

(٣) لم أعثر على هذه الحكاية. ولكن روي ما يشبهها عن الإمام الصادق عليه‌السلام مع أحد علمائهم. انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٦ ـ ٣٢٧ ، باب ٤٦ من أبواب الصدقة ، حديث ٦.

١٠٠