القواعد والفوائد - ج ٢

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

القواعد والفوائد - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: السيّد عبد الهادي الحكيم
الموضوع : الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٥
الجزء ١ الجزء ٢

أربع ، وظاهر أن تلك الثلث أو الربع.

وبهذا يندفع السؤالان الآخران ؛ لأنه لا عطف هنا إلا في كلام السائل.

سلمنا أن (أحق) للأفضلية على من أضيف إليه ، وأن من جملة من أضيف إليه الأب ، لكن نمنع أن الأحقية الثانية ناقصة عن الأولى ؛ لأنه إنما استفدنا نقصها من إتيان السائل بـ (ثمَّ) ، معتقدا أن هناك رتبة دون هذه ، فسأل عنها ، فأجاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله : (أمك) ، وكلامه صلى‌الله‌عليه‌وآله في قوة : أحق الناس بحسن صحابتك أمك ، (أحق الناس بحسن صحابتك أمك) (١). وظاهر أن هذه العبارة لا تفيد إلا مجرد التوكيد ، لا أن الثاني أخفض من الأول.

فالحاصل على التقديرين ، الأمر ببر الأم مرتين أو ثلاثا ، والأمر ببر الأب مرة واحدة ، سواء قلنا أن (أحق) بالمعنى الأول أو المعنى الثاني.

قاعدة ـ ١٦٤

النهي عن الغرر والجهالة ـ كما جاء في الخبر من نهيه عليه‌السلام عن الغرر (٢) وعن بيع المجهول ـ في قضية كلام الأصحاب مختص

__________________

(١) سقط من (ح) و (م).

(٢) الثابت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله النهي عن بيع الغرر ، لا عن مطلق الغرر. انظر : سنن ابن ماجه : ٢ ـ ٧٣٩ ، باب ٢٣ من كتاب التجارات ، حديث ٢١٩٤ ـ ٢١٩٥ ، والحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ١٢ ـ ٣٣٠ ، باب ٤٠ من أبواب آداب التجارة ، حديث : ٣. نعم أرسل للعلامة الحلي في التذكرة : ٢ ـ ٢٩٠ ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه نهى عن الغرر.

٦١

بالمعاوضات المحضة ، كالبيع ، فهنا أقسام ثلاثة (١) :

الأول : تصرف موجب لتنمية المال وتحصيلها بإزاء عوض محض مقصود بالذات ، كالبيع بأقسامه ، والصلح على الأقوى ، والإجارة ، منفعة وعوضا ، على الأقرب. وهذا لا تجوز فيه الجهالة.

الثاني : إحسان محض لا قصد فيه إلى تنمية مال ولا تحصيل ربح ، كالصدقة ، والهبة ، والإبراء. وهذا لا تضر (٢) فيه الجهالة ؛ إذ لا ضرر في نقصه ولا في زيادته.

الثالث : تصرف الغرض الأهم فيه أمر (٣) وراء المعارضات ، كالنكاح ، فإن المقصود الذاتي فيه هو الألفة والمودة ، لتحصيل التحصين من القبائح ، وتكثير النسل ، ولكن قد جعل الشرع فيه عوضا ، لقوله تعالى (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ ...) (٤) (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) (٥). فبالنظر إلى الأول ، جاز تجريده عن المهر وجهالة قدره ، وبالنظر إلى الثاني ، امتنع فيه الغرر الكثير ، كالتزويج على عبد آبق غير معلوم ، أو بعير شارد غير معلوم ومن ثمَّ قال الأصحاب (٦) : لو تزوجها على خادم أو بيت ، كان له وسط ؛

__________________

(١) انظر هذه الأقسام في ـ الفروق ، للقرافي : ١ ـ ١٥١.

(٢) في (ك) : لا نظر.

(٣) في (ح) و (م) : أمور.

(٤) النساء : ٢٤.

(٥) النساء : ٤.

(٦) انظر : الشيخ الطوسي ـ الخلاف : ٢ ـ ٧٦ ، وابن زهرة الغنية : ٦٢ ، والعلامة الحلي ـ قواعد الأحكام : ١٦٠.

٦٢

لقلة الغرر فيه. وكذلك الخلع ، يكفي في ماله المشاهدة ، لأن البضع ليس عوضا محضا ، ولهذا كان الغالب النزول عنه بغير عوض ، كالطلاق.

فرع :

لو وهبه المجهول المطلق ، كشي‌ء ونحوه ، لم يصح. وكذا لو وهبه دابة من دوابه ، أو درهما من كيسه ، من غير تعيين. ولكن الجهالة في الكيل ، أو الوزن ، أو الوصف ، لا تضر.

قاعدة ـ ١٦٥

لا ريب أن الطهارة ، والاستقبال ، والستر ، معدودة من الواجبات في الصلاة ، مع الاتفاق على جواز فعلها قبل الوقت (١) ، والاتفاق في الأصول : أن غير الواجب لا يجزئ عن الواجب. فاتجه هنا سؤال : وهو أن يقال : أحد الأمرين لازم ، وهو إما أن يقال : بوجوب هذه الأمور على الإطلاق ، ولم يقل به أحد ، أو يقال : باجزاء غير الواجب عن الواجب ، وهو باطل ؛ لأن الفعل إنما يجزئ عن غيره مع تساويهما في المصلحة المطلقة ، ومحال تساوي الواجب وغير الواجب في المصلحة.

وجوابه : إنا قد بينا أن الخطاب ينقسم إلى : خطاب التكليف ،

__________________

(١) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ١٦٥.

٦٣

وخطاب الوضع (١) ، أعني الخطاب بنصب الأسباب ، ولا يشترط فيه العلم ، ولا القدرة ، ولا عدمهما ، ولا التكليف ، لأن معناه قول الشارع : اعلموا أنه متى وجد كذا فقد وجب كذا ، أو حرم كذا ، أو أبيح كذا ، أو ندب كذا (٢). ومن ثمَّ حكم بضمان الصبي والمجنون ما أتلفاه ، مع عدم تكليفهما. وقد يكون خطاب الوضع بالمانع أيضا ، كما يقول : عدم كذا ، عند وجود المانع ، أو عند عدم الشرط.

إذا تقرر ذلك : فالطهارة من باب خطاب الوضع ، إذ هي شرط في صحة الصلاة ، وكذلك الاستقبال ، والستر. وذلك لا يشترط فيه شروط التكليف ، من إيقاعه على الوجه المخصوص ، فان دخل الوقت على المكلف وهو موصوف بهذه الأوصاف ، تمَّ الغرض ، وصحت الصلاة ، وإن لم يتصف بها أو ببعضها ، توجه إليه (٣) حينئذ خطاب التكليف وخطاب الوضع ، وصارت حينئذ واجبة. ولا استبعاد في وجوب الطهارة في حالة دون حالة ، لأن شأن الشرع تخصيص الوجوب ببعض الحالات دون البعض ، وببعض الأزمنة دون البعض (٤).

فان قلت : أليس ينوي في الطهارة قبل دخول الوقت الاستحباب ، وذلك خطاب التكليف فكيف جعلتها من خطاب الوضع؟! قلت : ذلك وإن احتيج إليه في الطهارة فهو غير محتاج إليه في الاستقبال والستر ، ولهذا لو اتفق كونه قائما إلى القبلة ، وقد ليس

__________________

(١) لم يرد منه سابقا هذا التقسيم ، وإنما ورد فيما مضى ما يدل عليه. راجع : ١ ـ ٣٩ ، ٧٠.

(٢) زيادة من (ك).

(٣) في (أ) و (م) : عليه.

(٤) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ١٦٨ ـ ١٦٩.

٦٤

ساتر العورة حياء من الناس ، أو ألبسه غيره كرها ، أجزأ ذلك في الصلاة. وأما وقوع الطهارة بنية الاستحباب ، فهو باعتبار أنها في نفسها مستحبة ؛ لاستحباب الدوام على الطهارة. ولا امتناع في كون الشي‌ء من خطاب الوضع باعتبار ، ومن خطاب التكليف باعتبار ، فإذا وجد سبب الوجوب ، كدخول الوقت ـ مثلا ـ على متطهر ندبا ، فقد خوطب بالصلاة حينئذ من غير أمر بتجديد طهارة ؛ لامتناع تحصيل الحاصل. وإن كان محدثا ، اجتمع عليه خطاب التكليف ، بفعل الطهارة وجوبا ، وخطاب الوضع ، ومن قبله كان عليه خطاب التكليف باستحباب الطهارة ، فلا امتناع في ذلك.

وهذا الإشكال اليسير (١) هو الّذي ألجأ بعض العلماء إلى اعتقاد وجوب الوضوء وغيره من الطهارات لنفسه ، غير أنه يجب وجوبا موسعا قبل الوقت ، وفي الوقت وجوبا مضيقا عند آخر الوقت.

ذهب إلى ذلك القاضي أبو بكر بن العنبري (٢) ، والجمهور (٣)

__________________

(١) عبّر القرافي عن هذا الإشكال بقوله : (هو من المشكلات التي يقل تحريرها والجواب عنها من الفضلاء). الفروق : ١ ـ ١٦٩.

(٢) في (أ) و (م) : أبو بكر العنبري. ولم أعثر على مصدر ينسب هذا القول لهذا القائل على كلا النسختين وهناك شخص ذكره بعض أصحاب التراجم باسم (أبو بكر محمد بن عمر العنبري) إلا انه أديب شاعر توفي سنة ٤١٢ ه‍ ، ومن آثاره ديوان شعر. (كحالة ـ معجم المؤلفين : ١١ ـ ٨٨). ولعل المقصود : القاضي أبو بكر بن العربي المتوفى سنة ٥٤٣ ه‍ ، فقد نقل القرافي عنه هذا الرّأي في ـ الفروق : ١ ـ ١٦٦ ، وجاء التصحيف من النساخ.

(٣) لم أعثر على ما يصحح هذه النسبة ، بل يبدو من القرافي خلافها. انظر : الفروق : ١ ـ ١٦٦ ـ ١٦٩.

٦٥

وحكاه الرازي (١) في التفسير (٢) عن جماعة. وصار بعض الأصحاب (٣) إلى وجوب الغسل أيضا بهذه المثابة.

قاعدة ـ ١٦٦

للحج والعمرة المتمتع بها ميقات بحسب الزمان ، وميقات بحسب المكان. واتفق الأصحاب (٤) : على أنه لا يجوز تقديمهما على الميقات الزماني. والأكثر (٥) : على جواز تقديم الإحرام على الميقات المكاني

__________________

(١) هو فخر الدين ، أبو عبد الله ، محمد بن عمر بن الحسين بن علي التميمي ، الرازي ، الشافعي ، الملقب بابن الخطيب. مفسر ، متكلم ، أصولي ، متطبب. له ما يقارب الثمانين كتابا في مختلف علوم الإسلام. توفي سنة ٦٠٦ ه‍. (الخوانساري ـ روضات الجنات : ٤ ـ ١٩٠ ، ومقدمة كتاب تفسير الفخر الرازي ـ المطبعة البهية بمصر).

(٢) ١١ ـ ١٥٠.

(٣) انظر : العلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ٣٥.

(٤) انظر : الشيخ الطوسي ـ المبسوط : ١ ـ ٣٠٧ ، والخلاف : ١ ـ ١٥٨ ، والعلامة الحلي ـ قواعد الأحكام : ٢٨ ، وتذكرة الفقهاء : ١ ـ ٣١٩.

(٥) انظر : الشيخ الطوسي ـ المبسوط : ١ ـ ٣٠٧ ، وابن حمزة ـ الوسيلة : ٢٦ ، وسلار ـ المراسم : ١٣ ، والعلامة الحلي ـ قواعد الأحكام : ٣٠.

٦٦

بالنذر إذا صادف الزمان. وكذلك جوّزوا تقديم الإحرام على الميقات المكاني في العمرة المفردة الرجبية إذا خيف خروجه قبل إدراك الميقات (١).

(فيسأل عن الفرق بين المكاني والزماني) (٢) مع استوائهما في التوقيت.

وأجيب (٣) : بأن ميقات الزمان مستفاد من قوله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) (٤) وقد تقرر في العربية والأصول : أن المبتدأ يجب انحصاره في الخبر ، والخبر لا يجب انحصاره في المبتدأ (٥) ، كقوله عليه‌السلام : (تحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم) (٦) ، (والشفعة فيما لم يقسم) (٧) ، فالتحريم منحصر في التكبير من غير عكس ، والتحليل منحصر في التسليم كذلك. وكذلك الشفعة منحصرة

__________________

(١) انظر : الشيخ الطوسي ـ المبسوط : ١ ـ ٣٠٧ ، وابن حمزة ـ الوسيلة : ٢٦ ، والعلامة الحلي ـ قواعد الأحكام : ٣٠.

(٢) في (ح) : فسئل عن الفرق بين المكان وللزمان.

(٣) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ١٧٠.

(٤) البقرة : ١٩٧.

(٥) سيذكر المصنف هذا البحث في قاعدة : ١٧٨.

(٦) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٤ ـ ٧١٥ ، باب ١ من أبواب تكبيرة الإحرام ، حديث : ١٠ ، وج ٤ ـ ١٠٠٣ ، باب ١ من أبواب التسليم ، حديث : ١ ، وسنن ابن ماجه : ١ ـ ١٠١ ، باب ٣ من كتاب الطهارة ، حديث : ٢٧٥ ، ٢٧٦.

(٧) انظر : ابن حجر العسقلاني ـ تلخيص الحبير : ٣ ـ ٥٦ ، حديث : ١٢٧٧.

٦٧

فيما لم يقسم من دون العكس. فحينئذ زمان الحج منحصر في الأشهر ، فلا يوجد في غيرها.

وأما ميقات المكان ، فمأخوذ من قوله عليه‌السلام ـ لما عدّ المواقيت ـ : (هنّ لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن) (١) ، والضمير في (هن) راجع إلى المواقيت ، وهو المبتدأ ، وفي (لهن) راجع إلى أهل المواقيت ، فالتقدير : المواقيت لأهل هذه الجهات ، أي لإحرام أهل هذه الجهات. فيجب انحصار المواقيت في أهل هذه الجهات ، ومن أنى عليها من غير أهلها ، ولا يجب انحصار إحرام أهل هذه (٢) الجهات في المواقيت ، قضية للقاعدة.

وأجيب أيضا (٣) : بأن الإحرام قبل الزمان يفضي إلى طول التكليف ، فلا يأمن المكلف من الوقوع في محظورات الإحرام ، بخلاف المكان. وبأن الميقات المكاني يسوغ الإحرام بعده ، للضرورة ، فكذا يسوغ قبله للضرورة ، أو النذر ، بخلاف الزماني فان الإحرام لا يسوغ بعده للنسكين ، لا لضرورة ، ولا لغيرها.

فائدة (٤)

قد سبق الفرق بين تملك المنفعة وتملك الانتفاع (٥) ، فالنكاح من

__________________

(١) انظر : صحيح البخاري : ١ ـ ٢٦٦ ، باب المواقيت من كتاب الحج.

(٢) زيادة من (أ).

(٣) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ١٧٠ ـ ١٧١.

(٤) في (ح) : قاعدة.

(٥) راجع : ١ ـ ٣٤٨ ـ ٣٥٠ ، قاعدة : ١٣٠.

٦٨

باب تملك الانتفاع إذا نسب إلى الزوجة ، دائما كان أو مؤجلا ، وإذا نسب إلى الأمة فهو من باب تملك المنفعة.

فالقسم الأول : لا يجوز فيه تمليكه لغيره ، بخلاف الثاني ، إلا أن الثاني إنما ملكت المنفعة فيه تبعا للعين.

ومما يشبه تملك الانتفاع : الوكالة بغير عوض ، فليس للموكل تمليك انتفاعه بالوكيل لغيره. أما لو وكله بعوض ، فهو في معنى الإجارة ، فيكون مالكا لمنفعته ، فله نقلها في موضع يصح النقل ، كالوكالة في بيع أو شراء شهرا مثلا ، بخلاف الوكالة في بيع سلعة معينة ، أو في تزويج امرأة معينة.

والقراض ، والمزارعة ، والمساقاة ، من قيل تملك الانتفاع بالنسبة إلى المالك. أما العامل ، فالحصة الخارجة يملكها ملك عين ، لا ملك (١) منفعة (٢).

فروع :

لو قال : وقفت هذا على العلوية ليسكنوا فيه ، فالظاهر أنه ليس لهم الإجارة ، لأنه تمليك الانتفاع لا المنفعة ، بخلاف ما إذا أطلق.

ولو شككنا في تناول اللفظ للمنفعة ، لم تدخل ، إلا بقرينة عادية أو حالية.

أما السكنى ، والعمرى ، فلا يتصور فيهما تمليك المنفعة بل الانتفاع ، فليس له أن يسكن غيره. بخلاف الوصية بالمنفعة ، كما لو أوصى له

__________________

(١) زيادة من (ح).

(٢) انظر في هذه الفائدة : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ١٨٧ ـ ١٨٨.

٦٩

بمنفعة الدار. ولو أوصى له أن يسكن الدار ، فهو تمليك الانتفاع أيضا. ويجوز أن يسكن المسكن معه من جرت العادة به ، قضية للعرف ، وأن يدخل إليها ضيفا وصديقا لمصلحة.

وكذا الكلام في بيوت المدارس ، والربط إنما تستعمل فيما وقفت له ، فلا يجوز استعمالها في غيره ، من خزن ، أو إبداع متاع ، إلا مع قصر الزمان ، أو ما جرت العادة به. وكذا لا تستعمل حصر المسجد في غيره ، (ولا فيه في الغطاء) (١) مثلا ، لأنها لم توضع لتملك العين ولا المنفعة ، بل للانتفاع على الوجه المخصوص (٢).

قاعدة ـ ١٦٧

الإذن العام لا ينافي المنع الخاصّ :

لأن الله تعالى وهب العبيد مالا ، وفوّض أمره إليهم ، تمليكا وإسقاطا ، فإذا وجد سبب من غير جهتهم في أموالهم لا يكون قادحا في زوال حقوقهم ، إلا أن يكون جاريا لا على طريق المعاوضة.

فمن ذلك : المأخوذ بالمقاصة من غير جنس الحق مع عدم الظفر بغيره ، لو تلف فيه وجهان ، والأقرب الضمان ؛ لأن إذن الشرع فيه عام ، والمنع من تصرف غير المالك فيه حق للمالك.

ومنه : المأكول في المخمصة (٣) ، مضمون على الآكل وإن كان مأذونا فيه ، على الأقرب.

__________________

(١) في (ح) : ولا للغطاء.

(٢) انظر هذه الفروع في ـ الفروق : ١ ـ ١٨٨ ـ ١٨٩.

(٣) المخمصة : المجاعة.

٧٠

ولقائل أن يقول : ليس هذا الإذن من الله تعالى مطلقا بل إذن بعوض ، فيكون من باب المعاوضات القهرية ؛ لأن المالك امتنع في موضع ليس له الامتناع.

نعم ذكر بعض العامة (١) لهذه القاعدة مثالين في الوديعة والعارية : أنه لو رفع الوديعة من مكان إلى غيره لمصلحة المالك ، أو انتفع بالعارية لمصلحته ، وتلفت لم يضمن. ولو سقط من يده شي‌ء عليهما فتلفا أو عابا يضمن (٢) ، لأن تصرف الإنسان في ماله وإن كان جائزا إلا أنه بإذن عام ، وصاحب الوديعة والعارية لم يأذن فيه ، بخلاف النقل والانتفاع.

وهذان لا يتمان عندنا ؛ لأن المعتبر التفريط ، فإذا سقط من يده بتفريطه ضمن ، (وإلا فلا) (٣).

قاعدة ـ ١٦٨

الحجر على الصبي والسفيه لا يؤثر في الأسباب الفعلية ، كالاحتطاب والاحتشاش ، (فيملكان بهما) (٤) ، بخلاف الأسباب القولية ،

__________________

(١) هو القرافي في ـ الفروق : ١ ـ ١٩٥ ـ ١٩٦.

(٢) الموجود في النسخ التي اعتمدت عليها : لم يضمن ، وما أثبتناه مطابق لما في الفروق ، وهو ما يقتضيه المعنى : وذكر بعض المحشين على القواعد : أنه رأى في نسخة مصححة إثبات الضمان ، أي بإسقاط (لم) ؛ فتكون مطابقة لما في الفروق.

(٣) زيادة من (ح) و (أ).

(٤) في (أ) : فيما كان بهما. والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب.

٧١

كالبيع وغيره ؛ لأن الأسباب الفعلية فوائد محضة غالبا ، بخلاف القولية ، فإنها من باب المكايسة والمغابنة ، وعقلهما قاصر عن ذلك.

وعلى هذا : لو وطئ السفيه أمته ، فأحبلها ، صارت أم ولد ، ويكون وطؤه مباحا وإن استعقب العتق ، ولو أعتقها باللفظ لم يصح ؛ لأن الطبع وتحصين الفرج يدعوه إلى الوطء ، فلا يمنع خوفا من نقص الثمن أو البدن ، فإذا أبيح الوطء ترتب عليه مسببه. ولهذا قيل (١) : السبب الفعلي أقوى ؛ لنفوذه من السفيه ، بخلاف القولي. وقيل (٢) : بل للقولي أقوى ؛ لأن مسببها يتعقبها بلا فصل ، كما في العتق ، بخلاف الفعلي.

قاعدة ـ ١٦٩

إذا اجتمع أمران أحدهما أخص والآخر أعم قدم الأخص :

كما لو وجد المضطر المحرم صيدا وميتة ، فإنه يأكل الصيد ؛ لأن تحريمه خاص ، وتحريم الميتة عام.

ولو اضطر إلى لبس حرير أو نجس ، احتمل أيضا لبس الحرير ؛ لأن تحريم الحرير خاص بالرجل والنجس عام.

ومنهم من قال (٣) : الأخص أولى بالاجتناب ، وأن الصيد اختص

__________________

(١) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ٢٠٤. (نقله عن بعضهم).

(٢) انظر : المصدر السابق : ١ ـ ٢٠٥. (نقله عن بعضهم).

(٣) انظر : المصدر السابق : ١ ـ ٢١٠ (نقله عن مالك) والسيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٩٦ ، وابن نجيم ـ الأشباه والنّظائر ؛ ٩٠ ، وابن رجب ـ القواعد : ٢٦٥.

٧٢

بالمحرم ، فيجتنبه ، ويأكل الميتة. وهما قولان للأصحاب (١).

وفصل بعضهم (٢) : بالقدرة على الفداء ، فيأكل الصيد ، وإلا الميتة.

والنجس يجتنب ؛ لأن تحريم الحرير يشمل المصلي وغيره ، بخلاف النجس فإنه خاص بالمصلي.

ومن هذا لو وثبت سمكة فوقعت في حجر أحد راكبيها (٣) ، كان أولى بها من صاحب السفينة ؛ لأن حوزه أخص من حوز صاحب (٤) السفينة ؛ لأن حوز السفينة يشمل هذا وغيره ، وحوز السمكة يختص به (٥)

قاعدة ـ ١٧٠

المتناول المغير للعقل ، إما أن تغيب معه الحواس الخمس ، أو لا ، والأول (٦) ، هو المرقد. والثاني ، إما أن يحصل معه نشوة وسرور وقوة نفس عند غالب المتناولين له ، أولا ، والأول المسكر ، والثاني المفسد للعقل ، كالبنج والشوكران (٧).

__________________

(١) انظر : الشيخ الطوسي ـ المبسوط : ٦ ـ ٢٨٧ ، وابن إدريس ـ السرائر : ١٢٩ ، والعلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ٥ ـ ١٣٥.

(٢) هو قول الشيخ الطوسي في ـ النهاية : ٢٣٠.

(٣) أي أحد راكبي السفينة.

(٤) زيادة من (أ).

(٥) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ٢٠٥.

(٦) زيادة من (ك).

(٧) نوع من النبت.

٧٣

والنبات المعروف (بالحشيشة) اتفق علماء عصرنا وما قبله من العصور التي ظهرت فيها (١) على تحريمها (٢). وهل هي لإفسادها ، فيعزر فاعلها ، أو لإسكارها ، فيحد؟

قال بعض العلماء (٣) : وهي إلى الإفساد أقرب ، لأن فعلها السبات (٤) ، وزوال العقل بغير عربدة ، حتى يصير شاربها أشبه شي‌ء بالبهيمة.

ولقائل أن يقول : لا نسلم أن الحدّ منوط بالعربدة والنشوة ، بل يكفي فيه زوال العقل ، وقد اشتهر زوال العقل بها ، فيترتب عليه الحد. وهو اختيار الفاضل في القواعد (٥). وقد حدّ بعضهم (٦) السكر : بأنه اختلال الكلام المنظوم وظهور السّر المكتوم. وفي المشهور أن هذا حاصل فيها (٧).

__________________

(١) قيل : إنها ظهرت في أواخر المائة السادسة. انظر : ابن الشيخ حسين ـ تهذيب الفروق ، بهامش الفروق : ١ ـ ٢١٦.

(٢) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ٢١٦.

(٣) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ٢١٦ ، ٢١٨ ، وابن حجر الهيثمي ـ الزواجر : ٢ ـ ١٥٠.

(٤) السبات النوم ، وأصله الراحة ، ومنه قوله تعالى في سورة النبإ : ٩ (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً). انظر : الجوهري ـ الصحاح : ١ ـ ٢٥٠ ، مادة (سبت) (الطبعة المحققة ، ط. دار الكتب العربي بمصر).

(٥) ص : ٢٠٦ ، ٢٤٨.

(٦) هو الشافعي. انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٢٣٨.

(٧) أي في الحشيشة.

٧٤

وقال بعضهم (١) : إن أثرها إثارة الخلط الغالب ، فصاحب البلغم يحدث له السبات والصمت ؛ وصاحب السوداء : البكاء والجزع ؛ وصاحب الدم : السرور بقدر خياله ؛ وصاحب الصفراء : الحدة ، بخلاف الخمر فإنها لا تنفك عن النشوة ، وتبعد عن البكاء والصمت.

وهذا إن صحّ فلا ينافي زوال العقل بل هو من مؤكداته.

وأما النجاسة ، فلا ريب أنها معلقة على المسكر المائع بالأصالة ، فلا يحكم بنجاسة هذا النبات. ولو جمد الخمر حكم بنجاسته ، كما لو كان مائعا.

وقال بعضهم : السكر والنجاسة متلازمان ، فان صح إسكارها حكم بنجاستها ، عملا بالعمومات الدالة على نجاسة المسكر ، وإلا فهي حرام قطعا ، لإفسادها ، وليست بنجسة.

قاعدة ـ ١٧١

قد يكون الشك سببا في حكم شرعي ، وقد لا يكون.

فالأوّل ، إما أن يكون الحكم وجوبا ، أو تحريما.

فالوجوب : كمن شك هل تطهر ، أم لا؟ ومن شك في الصلاة في وقتها هل فعلها ، أم لا؟ وكمن شك في إخراج الزكاة ، فإنه يجب الإخراج.

والثاني : كمن شك في الشاة المذكاة والميتة ، أو شك في أجنبية وأخته رضاعا أو نسبا ، وإن بعد فرض الشك في النسب.

ففي الوجوب ، يكون الناوي جازما بوجوب الفعل المشكوك فيه ،

__________________

(١) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ٢١٧.

٧٥

وقاطعا بالتقرب إلى بارئه سبحانه وتعالى ، للقطع بسببه (١). ومن ثمَّ إذا نسي صلاة ، ولم يعلمها ، وقلنا بوجوب الخمس أو الثلاث ، لا تقول بأن الناوي متردد في النية ، فتبطل نيته ، بل هو جازم بحصول سبب الوجوب ، وهو الشك.

وبهذا يندفع قول من قال (٢) : تتصور النية في النّظر الأول الّذي يعلم به وجود الصانع ، بأن ينوي مع الشك ، كما نوى في هذه المواضع ؛ لأن الشك هنا غير حاصل ، للجزم بوجود (٣) سببه ، فيجب مسببه. وإن كنا لا نقول بأن جميع أقسام الشك سبب الإيجاب ؛ لأن منها ما يلغى قطعا ، كمن شك هل طلق ، أم لا؟ وهل سها في صلاته أم لا (٤)؟

ولقائل أن يقول : لا نسلم أن الشك سبب في شي‌ء مما ذكر ، أما الشك في الطهارة فالوجوب مستند إلى الحدث بشرط وجوب الصلاة ، والأصل عدم فعلها. وكذلك الصلاة والزكاة. وأما التحريم ، فسببه أن اجتناب الحرام واجب ، ولا يتم إلا باجتنابهما. وكذا نقول (٥) في الصلاة المنسية فلا يكون الشك سببا في وجوب شي‌ء مما ذكر.

وأما النّظر المعرّف للوجوب ، فليس له قبله أصل يرجع إليه ، ليكون سببا في نيته الواقعة على طريقة التردد (٦).

__________________

(١) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ٢٢٥ ـ ٢٢٦.

(٢) قاله بعض العلماء. انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ٢٢٥.

(٣) في (ح) و (م) : بوجوب.

(٤) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ٢٢٦.

(٥) في (أ) : القول.

(٦) في (ح) : الترديد.

٧٦

نعم قد عد من موجبات سجدتي السهو : الشك بين الأربع والخمس. ومن موجبات الاحتياط : الشك بين الأعداد المشهورة ، ورتب على ذلك الشك وجوبه ، لقول الصادق عليه‌السلام : (إذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا ، زدت أو نقصت ، فتشهد وسلم واسجد سجدتي السهو) (١) ، ولقوله عليه‌السلام : (إذا لم تدر ثلاثا صليت أو أربعا ، ووقع رأيك على الأربع ، فسلم وانصرف ، وصل ركعتين وأنت جالس) (٢). وفي خبر آخر عنه : (إذا اعتدل الوهم بين الثلاث : والأربع ، فهو بالخيار إن شاء صلى ركعة وهو قائم ، وإن شاء صلي ركعتين وأربع سجدات) (٣) ولقائل أن يقول : الاحتياط خارج من هذا الباب ؛ لأن الأصل عدم فعل ما شك فيه ، فيكون الوجوب مستندا إلى هذا الأصل.

فيجاب : بأنه لو كان الاستناد إلى هذا لما انفصل عن الصلاة بنية ، وتكبير ، وتشهد ، وتسليم ، وجاز فيه الجلوس.

__________________

(١) رواه الحر العاملي في ـ الوسائل : ٥ ـ ٣٢٧ ، باب ١٤ من أبواب الخلل ، حديث : ٤ ، بلفظ : (أم نقصت أم زدت).

(٢) نصّ الرواية كما في الوسائل : ٥ ـ ٣١٦ ، باب ٧ من أبواب الخلل ، حديث : ١ : (إذا لم تدر ثلاثا صليت أو أربعا ووقع رأيك على الثلاث فابن علي الثلاث ، وإن وقع رأيك على الأربع فابن علي الأربع فسلم وانصرف ، وإن اعتدل وهمك فانصرف وصل ركعتين وأنت جالس).

(٣) انظر : الحر العاملي ـ الوسائل : ٥ ـ ٣٢٠ ، باب ١٠ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، حديث : ٢.

٧٧

فائدة (١)

لو صلى ما عدا العشاء بطهارة ، ثمَّ أحدث ، وصلّاها بطهارة ، ثمَّ ذكر إخلالا بعضو من إحدى الطهارتين ، احتمل وجوب الخمس بعد الطهارة ، ووجوب صبح ومغرب ورباعيتين ، يطلق في الأولى بين الظهر والعصر ، وفي الثانية بين العصر قضاء وبين العشاء أداء ، إذا كان الوقت باقيا. وإلا كان الجميع قضاء.

فلو سها عن الوضوء الّذي كلف به الآن ، وصلى الصلوات الخمس أو الأربع ، ثمَّ ذكر أنه صلّاها بغير وضوء مستأنف ، فعلى الأول ، ليس عليه إلا إعادة العشاء لا غير ؛ لأن الإخلال إن كان من طهارته الأولى ، فهو الآن متطهر ، وقد صلى بطهارة صحيحة ما فاته وزيادة ، وإن كان من طهارته الثانية فلم يضره هذا التكرار ، ووجب عليه صلاة العشاء. وأما على الثاني ، فيحتمل هذا أيضا. ويحتمل أن يعيد ما عدا الصبح (٢) ؛ لأنه إذا كانت طهارته الأولى فاسدة ، وجب عليه الصلاة بنية جازمة ، وهنا وقع الترديد (٣).

قاعدة ـ ١٧٢

التكاليف الشرعية بالنسبة إلى قبول الشرط والتعليق على الشرط أربعة :

__________________

(١) في (ح) : قاعدة. وقد تقدمت هذه الفائدة تحت عنوان قاعدة ، برقم ٢٩ في : ١ ـ ٥٩.

(٢) في (م) زيادة : والمغرب.

(٣) ذكر هذه الفائدة القرافي في ـ الفروق : ١ ـ ٢٢٧ ـ ٢٢٨.

٧٨

الأول : ما لا يقبل شرطا ولا تعليقا ، كالإيمان بالله ورسوله وبالأئمة عليهم‌السلام ، وبوجوب الواجبات القطعية ، وبتحريم المحرمات القطعية.

الثاني : ما يقبل الشرط والتعليق على الشرط ، كالعتق ، فإنه يقبل الشرط في العتق المنجز ، مثل : أنت حر وعليك كذا ؛ ويقبل التعليق في صورتي النذر ، والتدبير.

الثالث : ما يقبل الشرط ولا يقبل التعليق ، كالبيع ، والصلح ، والإجارة ، والرهن ؛ لأن الانتقال يعتمد الرضا ، ولا رضا إلا مع الجزم ، ولا جزم مع التعليق ؛ لأنه يعرضه عدم الحصول ولو قدر علم حصوله ، كالمعلق على الوصف ؛ لأن الاعتبار بجنس الشرط ، دون أنواعه وأفراده ، فاعتبر المعنى العام دون خصوصيات الأفراد.

الرابع : ما يقبل التعليق ولا يقبل الشرط ، كالصلاة ، والصوم بالنذر واليمين ، فلا يجوز : أصلي على أن لي ترك سجدة ، أو : أن لا احتياط إن عرض لي شك.

والاعتكاف من قبيل القابل للشرط والتعليق ، أما التعليق ، فبالنذر وشبهه ، وأما الشرط ، فكأن ينوي : أن له الرجوع متى شاء ، أو متى عرض عارض (١).

قاعدة ـ ١٧٣

ارتفاع الواقع لا ريب في امتناعه.

وقد يقال في فسخ العقد عند التحالف ؛ هل الفسخ من أصله أو من حينه؟ ويترتب على ذلك : النماء.

__________________

(١) تقدم ذكر هذه القاعدة بصورة أوسع في ١ ـ : ٦٤ ـ ٦٦ ، تحت رقم : ٣٥.

٧٩

فيرد هنا سؤال (١) وهو : أن العقد واقع بالضرورة في الزمان الماضي ، وإخراج ما تضمنه الزمان الماضي من الوقوع محال.

فان قلت : المراد رفع آثاره ، دونه (٢).

قلت : الآثار أيضا من جملة الواقع ، وقد تضمنها الزمان الماضي ، فيكون رفعها محالا.

وأجيب عن ذلك (٣) : بأن هذا من باب إعطاء الموجود حكم المعدوم ، فالآن نقدره معدوما ، أي نعطيه حكم عقد لم يوجد.

ومن هذا الباب : تأثير إبطال النية في أثناء العبادة بالنسبة إلى ما مضي في نحو الصلاة ، والصيام على الخلاف (٤) ، فإنه قد تضمن رفع الواقع.

ويجاب عنه : بأنّه من باب تقدير الموجود كالمعدوم ، (فالآن نقدره معدوما أي نعطيه حكم عقد لم يوجد) (٥) ، كما قلناه (٦).

وعورض (٧) : بأنه لو صحّ تأثير (٨) هذا العزم هنا ، لأثر في

__________________

(١) أورد هذا السؤال أحد علماء الشافعية. انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٢٧.

(٢) أورد الإشكال وأجاب عنه بعض الشافعية. انظر : نفس المصدر السابق.

(٣) أجاب به القرافي في نفس المصدر السابق.

(٤) فقد قيل : بأن نية إبطالهما تؤثر ، وهو المشهور لدى المالكية.

وقيل : بعدم التأثير. انظر : نفس المصدر السابق.

(٥) زيادة من (م).

(٦) أجاب عنه القرافي في نفس المصدر السابق.

(٧) هذا الإشكال أورده القرافي لبعضهم. انظر : نفس المصدر السابق

(٨) في (ح) : تقدير.

٨٠