الواحدة فيها لو لم يبعض ، قولان (١) ، أقربهما الوجوب.
واحترزنا (بالاختيارية) عن صلاة (جاهل الفاتحة) (٢) مع ضيق الوقت ، وعن المصلي بالتسبيح في شدة الخوف.
وألحق بهما ابن إدريس (٣) رحمهالله : ذا الحدث الدائم ، إذا لم يتمكن من الفاتحة لتوالي الحدث ، فإنه يجتزئ بالتسبيح أربعا في جميع الركعات. قال : فإن لم يتمكن ، لتوالي الحدث ، فليقتصر على مرة واحدة في قيامه ، ومثلها في ركوعه وسجوده.
وهذا التخفيف لم نقف لغيره عليه ، وردّه أولى ، بل إن كان مبطونا توضأ وبنى. والظاهر أنه مع التوالي يسقط الوضوء ، إلا في افتتاح الصلاة وإن كان سلسا استمر مطلقا ، (إلا ان يكون له) (٤) فترات يمكن فعل جميع الصلاة فيها ، وقد حررناه (٥) في كتاب الذكرى (٦).
قاعدة ـ ٢٨٦
إذا كان الفعل موصوفا بالوجوب ، وله هيئات يقع عليها ،
__________________
(١) قال ابن إدريس بعدم الوجوب ، خلافا لباقي علمائنا. انظر : السرائر : ٦٨ ، والعلامة الحلي ـ منتهى المطلب : ١ ـ ٣٥٠ ـ ٣٥١.
(٢) في (ح) : الجاهل بالفاتحة.
(٣) السرائر : ٧٥.
(٤) في (ك) : فيه.
(٥) في (ح) : جوزناه.
(٦) انظر : المسألة الثالثة ، والرابعة ، من البحث الثالث ، في أحكام الوضوء (غير مرقم).
وجب كل واحد منها تخييرا ، وجاز أن يوصف بعضها بالاستحباب ، لكماله ، ويكون الاستحباب راجعا إلى اختيار تلك الهيئة ، لا إلى نفسها ، وله صور :
منها : الجهر في صلاة الجمعة إجماعا ، وفي الظهر على قول مشهور (١) ، موصوف بالاستحباب ، وهو صفة للقراءة الواجبة.
ومنها : الجهر بالبسملة في مواضع الإخفات كذلك (٢).
ومنها : استحباب قراءة سورة بعينها في الفريضة ، مع وجوب أصل السورة.
ومنها : الجهر للإمام بالأذكار ، والإخفات للمأموم ، فإنه يوصف بالاستحباب ، مع وجوب أصله. ولو جعل الجهر صفة زائدة على الإخفات ، بحيث تكون نسبة الإخفات إلى الجهر كنسبة البعض إلى الكل ، لم يكن من هذا الباب.
ومنها : الهرولة بين الصفا والمروة ، موصوف بالاستحباب ، مع وجوب أصل الحركة. وهو السبب في إفتاء بعض الأصحاب (٣) بوجوب الجهر بالبسملة ، ووجوب الهرولة ، لأنهم لحظوا أصل
__________________
(١) انظر : الشيخ الطوسي ـ المبسوط : ١ ـ ١٥١ ، والعلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ٩٤ ـ ٩٥.
(٢) في (ح) : لذلك أيضا.
(٣) انظر : أبا الصلاح الحلبي ـ الكافي : ٤٦ ، ٨٢. (مخطوط في مكتبة السيد الحكيم العامة بالنجف برقم : ٦٤١) ، والعلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ٩٣ (نقله عن ابن البراج ، فإنه ذهب إلى الجهر بالبسملة خاصة).
الوجوب ، ولم ينظروا إلى جواز الانفكاك.
ومنها : التسبيح في الركوع والسجود ، فإن التسبيحة الكبرى موصوفة بالأفضل ، مع قيام أصل الوجوب بها ، من حيث اشتمالها على التسبيح ، أو الذّكر المطلق.
قاعدة ـ ٢٨٧
لا تكليف على الغافل ، لأنه في معنى النائم المرفوع عنه القلم.
ووجوب قضاء الصلاة على النائم ، والغافل ، والساهي ، بأمر جديد ، ولتعذر (١) وقوع ذلك هنا ، والأمر بالتحفظ من ذلك ، مع القدرة عليه غالبا.
وعليه يتخرج : عدم وجوب سجود العزائم على السامع ، مع دلالة صحيح عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليهالسلام (٢) ، عليه (٣).
وكذا باقي أسباب العقوبات إذا صدرت حال الغفلة ، إلا ما كان من قبيل الإتلاف ، كإتلاف مال الغير ، أو البضع ، أو الصيد في الإحرام ، أو الحرم. ولا خلاف في عدم توجه الإثم ، وإن وجب الضمان.
قاعدة ـ ٢٨٨
الأصل في هيئات المستحب أن تكون مستحبة ، لامتناع زيادة الوصف
__________________
(١) في (ح) : ولبعد.
(٢) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٤ ـ ٨٨٢ ، باب ٤٣ من أبواب القراءة ، حديث : ١.
(٣) زيادة من (ك) و (أ).
على الأصل. وقد خولف في مواضع :
منها : الترتيب في الأذان ، وصفه الأصحاب بالوجوب (١).
ومنها : رفع اليدين بالتكبير في جميع تكبيرات الصلاة ، وصفه السيد المرتضى (٢) بالوجوب.
ومنها : وجوب القعود في النافلة أو القيام تخييرا ، إن قلنا بعدم جواز الاضطجاع. وهذا وترتيب الأذان : الوجوب بمعنى الشرط.
ومنها : وجوب الطهارة للصلاة المندوبة ، ويسمى الوجوب غير المستقر.
قاعدة ـ ٢٨٩
السنة ترادف المستحب غالبا ، كما يرادفه التطوع ، والنفل ، والإحسان.
وقد أطلق على الواجب في مواضع :
منها : ما روي : التشهد سنة (٣) ، وغسل مس (٤) الأموات
__________________
(١) انظر : الشيخ الطوسي ـ النهاية : ٦٧ ، والعلامة الحلي ـ تحرير الأحكام : ١ ـ ٣٥.
(٢) الانتصار : ٤٥.
(٣) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٥ ـ ٥٩٥ ، باب ٧ من أبواب التشهد ، حديث : ١ ، ٢.
(٤) زيادة ليست في (أ). وعلى هذه النسخة ، أي : غسل الأموات سنة ، انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٨٧ ، باب ١٨ من أبواب التيمم ، حديث : ١ ، ٤.
سنة (١).
وقول ابن بابويه (٢) : القنوت سنة واجبة ، من تركها متعمدا في كل صلاة ، فلا صلاة له.
وقول الشيخ (٣) في (٤) رمي الجمرات : إنه مسنون ، فسره ابن إدريس (٥) بالوجوب.
وكل هذا يراد به : الثبوت بالسنة ، فصار لفظ السنة من قبيل المشترك.
قاعدة ـ ٢٩٠
قد غيا الشارع العبادات بغايات مخصوصة ، كتغيية (٦) الصيام بالليل ، والغسل بالمرافق ، والمسح بالكعبين ، والوقوف بالموقفين بغاياتهما.
والظاهر دخول الغاية في المغيى إذا لم ينفصل بمفصل محسوس (٧).
__________________
(١) انظر : النوري ـ مستدرك الوسائل : ١ ـ ١٥١ ، باب ١ من أبواب الأغسال المسنونة ، حديث : ١.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ ـ ٢٠٧.
(٣) الجمل والعقود : ٣٥. (مخطوط بمكتبة السيد الحكيم العامة بالنجف ضمن مجموع برقم ٢٩٨).
(٤) زيادة من (ك).
(٥) السرائر : ١٣٩.
(٦) في (ح) : كتعيينه.
(٧) في (ك) و (م) : مخصوص. وما أثبتناه هو الصواب على ما يبدو.
ويكفي مسمى الغاية.
وسن العبادات ، ما غايته آخر أفعاله ، كالطواف والسعي ، وإن كان تحقق الآخر موقوفا على جزء زائد من المطاف والمسعى.
ومن الأول : الانحناء في الركوع والسجود.
ومن الثاني : الصلاة ، فإن غايتها آخر أفعالها. ويظهر من كلام العلماء أنه لا يكفي انقضاء أفعالها في الخروج منها ، بل لا بدّ من محلل ، وهو التسليم بعينه على الأصح من قولي الأصحاب (١). فإن اتفق الخروج بغيره من حدث وشبهه ، سقط التسليم ، لوجود المخرج ، فاستغني عنه. ويمكن حمل صحيح زرارة ، عن الباقر عليهالسلام (٢) ، في المحدث قبل التسليم : أن صلاته تامة (٣) ، على على ذلك. ولا يكون فيه دلالة على نفي وجوب التسليم مطلقا ، وإنما يلزم ذلك لو كان التسليم واجبا وجزء ، أما إذا كان واجبا لا جزء ، لأجل الخروج من الصلاة ، فلا يلزم ذلك. وكذا قول النبي صلىاللهعليهوآله : (إنما صلاتنا هذه تكبير ، وقراءة ، وركوع ، وسجود) (٤) لا ينافي وجوب التسليم ، لأنه عدّ أجزاء الصلاة ،
__________________
(١) انظر : السيد المرتضى ـ المسائل الناصريات : ٢١ ، مسألة : ٨٨ ، وابن زهرة ـ الغنية : ٦٤ ، وابن حمزة ـ الوسيلة : ١٣ ، والعلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ٩٧.
(٢) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٤ ـ ١٠١١ ، باب ٣ من أبواب التسليم ، حديث : ٢.
(٣) في (م) : باقية. وما أثبتناه مطابق لما في الوسائل :
(٤) انظر : ابن إدريس ـ السرائر : ٤٤ ، والعلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ٩٧.
والتسليم ليس جزء. وكذا صحيح زرارة ، عن الباقر عليهالسلام : (فيمن صلى خمسا : إن كان قد جلس في الرابعة قدر التشهد تمت صلاته) (١) ، لا يلزم منه عدم وجوب التسليم ، للاستغناء عنه بالركعة الزائدة المنافية.
فإن قلت : هب أن التسليم ليس جزء ، لكن التشهد جزء قطعا ، فلا تكون الصحة مستندة إلى الإتيان بالمنافي بدلا عن التسليم ، بل إلى أنهما ليسا ركنا ، وترك غير الركن لا يبطل الصلاة.
قلت : هذا أيضا لا ينافي وجوب التسليم ، إذ لا يلزم من نفي ركنيته نفي وجوبه ، لأن انتفاء الأخص لا يلزم منه انتفاء الأعم. على أن الجلوس بقدر التشهد جاز أن يكون مصاحبا للتشهد ، فلم يتخلف سوى التسليم ، ولتستغني عنه بالإتيان بالمنافي.
فظهر بذلك كله ضعف متمسك القائل بندب التسليم (٢) ، وبقاء أدلة الوجوب خالية عن معارض.
قاعدة ـ ٢٩١
إذا دل دليل على حكم ، لم (يكتف به) (٣) إلا بعدم المعارض ،
__________________
(١) الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٥ ـ ٣٣٢ ، باب ١٩ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، حديث : ٤.
(٢) قال به : الشيخ المفيد ، والشيخ الطوسي ، وابن إدريس ، وابن البراج ، والعلامة الحلي في بعض كتبه. انظر : المقنعة : ٣٢ ، والنهاية : ٨٩ ، والسرائر : ٤٤ ، ومختلف الشيعة : ١ ـ ٩٧ ، وقواعد الأحكام : ١٤.
(٣) في (ك) و (م) : يكف.
لأن وجود المقتضي مع وجود المانع لا أثر له ، وخصوصا إذا كان ذلك الدليل قاصرا في كيفية الدلالة عن المعارض ، فلا يجوز أن يجعل مدلول ما عارضه مدلولا له ، وإلا لكان قد أقيم منافي الشيء مقام ذلك الشيء ، وهو غير جائز.
ومن هذا يظهر أنه لا يمكن الاستدلال بقوله تعالى (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (١) على وجوب التسليم على النبي صلىاللهعليهوآله في الصلاة ، لأن الإجماع واقع على خلاف الدليل ، إذ الإجماع حاصل على استحبابه فيها ، وتكرره ، وفوريته. والآية لو سلم كونها في التسليم عليه صلىاللهعليهوآله لم تدل على التكرار ، ولا على الفورية. ولا على كونه في الصلاة ، فكيف يجوز أن يجعل ما أجمع على منافاته للدليل موردا له؟؟
قاعدة ـ ٢٩٢
إذا تعارض العام والخاصّ بني العام على الخاصّ.
ومن صوره : استحباب الجهر في القنوت ، لأن قول الصادق عليهالسلام (٢) : (القنوت كله جهار) خاص. وقول النبي صلىاللهعليهوآله : (صلاة النهار عجماء) (٣) عام. وكذا قول الصادق
__________________
(١) الأحزاب : ٥٦.
(٢) هذا القول مروي عن الباقر عليهالسلام ، رواه عنه زرارة تارة ، وحريز السجستاني أخرى. انظر : الصدوق ـ من لا يحضره الفقيه : ١ ـ ٢٠٩ ، وابن إدريس ـ السرائر ـ المستطرفات ، كتاب حريز بن عبد الله السجستاني.
(٣) انظر : العلامة الحلي ـ تذكرة الفقهاء : ١ ـ ١١٧.
عليهالسلام : (السنة في صلاة النهار الإخفات) (١).
ومنها : لو سلم وتكلم ، لظنه تمام الصلاة ، فهذا كلام وتسليم وقعا عمدا ، وطريق العموم أن تعمدهما مبطل للصلاة ، إلا أنه معارض بأخبار صحاح (٢) تتضمن خصوصية هذا بالصحّة. على أن لمانع أن يمنع من تسمية ذلك تعمدا.
ومنها : كون الأكل والشرب مفسدين للصلاة ، فإنه خرج في الوتر بدليل خاص ، وهو خبر سعيد الأعرج ، عن الصادق عليهالسلام (٣).
قاعدة ـ ٢٩٣
إذا حكم الشرع باتحاد شيئين لا يمكن فيهما الاتحاد ، وجب الحمل على المماثلة والمساواة ، كما في قول النبي صلىاللهعليهوآله : (ذكاة الجنين ذكاة أمة) (٤) ، وكما في قول الصادق عليهالسلام في خطبتي
__________________
(١) انظر : الشيخ الطوسي ـ الاستبصار : ١ ـ ٣١٣ ـ ٣١٤ ، باب ١٧٢ ، حديث : ١. وورد فيه بلفظ : (... بالإخفاء).
(٢) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٥ ـ ٣٠٩ ـ ٣١٢ ، باب ٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، حديث : ٩ ، ١١ ، ١٦ ، ١٧ ، ١٩ ، ٢٠.
(٣) انظر : المصدر السابق : ٤ ـ ١٢٧٣ ، باب ٢٣ من أبواب قواطع الصلاة ، حديث : ١ ، ٢ (حيث أجاز الأكل والشرب في الوتر).
(٤) انظر : سنن أبي داود : ٢ ـ ٩٣ ، وصحيح الترمذي ٤ ـ ٧٢ ، باب ٢ من كتاب الأطعمة ، حديث : ١٤٧٦.
الجمعة : (هي صلاة حتى ينزل الإمام) (١) ، وهو أولى من حمل الصلاة على الدعاء ، لعدم شمول الدعاء جميع الخطبة ، وتغييتها بـ (حتى) مصرح بالتسمية المستوعبة لها. ولأنه قال في الحديث : (إنما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين ، فهي صلاة حتى ينزل الإمام) (٢). وهذا تصريح بإرادة المعنى الشرعي.
قاعدة ـ ٢٩٤
الأسباب تؤثر في مسبباتها ، ولا يجب دوام مسببها بدوامها إذا امتثل الأمر فيه.
والواجبات الموسعة بحسب الأوقات من هذا القبيل ، فان الوقت سبب ، ويكفي إيقاع الفعل في جزء منه. ومن ثمَّ اكتفي في صلاتي الكسوف والخوف بالمرة ، مع أن أصل الأمر لا يدل (٣) على التكرار.
ويظهر من كلام المرتضى (٤) ، وأبي الصلاح (٥) ،
__________________
(١) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٥ ـ ١٥ ، باب ٦ من أبواب صلاة الجمعة ، حديث : ٤.
(٢) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٥ ـ ١٥ ، باب ٦ من أبواب صلاة الجمعة ، حديث : ٤.
(٣) في (ك) : يدل.
(٤) جمل العلم والعمل : ٢٥. (مخطوط بمكتبة السيد الحكيم العامة بالنجف ضمن مجموع برقم : ٤٣٦).
(٥) الكافي : ٦٥.
وسلار (١) (٢) : وجوب الإعادة ما دام السبب ، كأنهم يذهبون إلى أن الوجوب مغيّى برد النور ، أو ذهاب الخوف ، فيكون الكسوف سببا لوجوب الصلاة ، ودوامه سببا أيضا. ويلزم من هذا إثبات سببية لم يدل عليها النص بإحدى الدلالات.
فان قلت : المشهور استحباب الإعادة (٣) ، والمنع قائم.
قلت : جاز أن يكون ابتداء الكسوف سببا في الوجوب ، ودوامه سببا في الاستحباب ، كما أن الزوال سبب في وجوب اليومية ، وطلب الجماعة لمن صلى منفردا سبب في استحبابها.
قاعدة ـ ٢٩٥
الموالاة في الصلاة شرط في صحتها ، لأن النبي صلىاللهعليهوآله صلّاها كذلك ، فيقطعها الفعل الكثير في أثنائها. وقد يعرض ما يخرجها عن الشرطية في مواضع :
منها : المبطون إذا فجأه الحدث ، فإنه يتوضأ ويبني.
__________________
(١) هو أبو يعلى ، حمزة بن عبد العزيز ، الديلمي ، الطبرستاني ، والمعروف عند الفقهاء بـ (سلار) أو (سالار). كان من وجوه علماء الإمامية. له مصنفات عديدة منها : المقنع في المذهب ، والمراسم في الفقه ، والتقريب في أصول الفقه. وتوفي سنة ٤٤٨ أو ٤٦٣ ه. (القمي ـ الكنى والألقاب : ٢ ـ ٢١٦).
(٢) المراسم : ٩.
(٣) انظر : العلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ١١٧.
ومنها : من سلم على بعض (١) من صلاته ثمَّ ذكر ، وقد رواه علي بن النعمان الرازي (٢) ، عن أبي عبد الله عليهالسلام (٣) ، والحسين بن أبي العلاء (٤) ، وعبيد بن زرارة ، عنه عليهالسلام ، بسند آخر (٥). وأبلغ منه ما رواه عمار بن موسى ، عنه عليهالسلام : (يبني ولو بلغ الصين ، ولا يعيد الصلاة) (٦). واختاره محمد بن بابويه (٧)
__________________
(١) في (ك) و (م) و (أ) : نقص.
(٢) في (م) و (أ) : الداري. وما أثبتناه هو الصواب ، لمطابقته لمن لا يحضره الفقيه والوسائل.
(٣) انظر : الصدوق ـ من لا يحضره الفقيه : ١ ـ ٢٢٨ ، باب ٤٩ ، حديث : ٢٨ ، والحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٥ ـ ٣٠٧ ، باب ٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، حديث. ٣.
(٤) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٥ ـ ٣١٥ ، باب ٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، حديث : ١.
(٥) انظر : الصدوق ـ من لا يحضره الفقيه : ١ ـ ٢٢٩ ، باب ٤٩ ، حديث : ٣٠.
(٦) انظر : المصدر السابق : ١ ـ ٢٢٩ ، باب ٤٩ ، حديث : ٢٩.
(٧) اعتمد المصنف ـ على ما يبدو ـ فيما نقله عن ابن بابويه وابن عبد الرحمن على العلامة الحلي في مختلف الشيعة : ١ ـ ١٣٤ ، فقد جاء فيه : (قال أبو جعفر ابن بابويه في كتاب المقنع : فان صليت ركعتين ثمَّ قمت فذهبت في حاجة لك ، فأضف إلى صلاتك ما نقص منها ولو بلغت الصين ، ولا تعد الصلاة ، فان إعادة الصلاة في هذه المسألة مذهب يونس بن عبد الرحمن). والموجود في المقنع ، المخطوط منه والمطبوع ، خلاف ذلك ، فقد جاء فيه : (وإن صليت ركعتين
ونقل عن يونس بن عبد الرحمن (*) إعادة الصلاة بذلك (١) ، ولم يرتضه.
ومنها : من كان في الكسوف ، فخشي فوت الحاضرة ، فإنه يقطع الكسوف ، ثمَّ يأتي بالحاصرة ، ثمَّ يبني على صلاة الكسوف. ذهب إليه أعيان الأصحاب (٢) رحمهمالله ، وقد رواه في الصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام (٣) ، وابن أبي عمير ، بسنده أيضا ، عنه (٤) عليهالسلام.
__________________
ثمَّ قمت فذهبت في حاجة لك فأعد الصلاة ولا تبني على ركعتين. وقيل لأبي عبد الله عليهالسلام : ما بال رسول الله صلىاللهعليهوآله صلى ركعتين وبنى عليهما؟ فقال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يقم من مجلسه).
ولم ينقل فيه شيئا عن ابن عبد الرحمن. انظر : المقنع : ٣١ ـ ٣٢ (الطبعة الحديثة) وص ٩ من الطبعة الحجرية.
(*) هو أبو محمد ، يونس بن عبد الرحمن ، مولى علي بن يقطين.
وجه من وجوه الإمامية ، عظيم المنزلة. ولد في أيام هشام بن عبد الملك ، وكان الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام يشير إليه في العلم والفتيا. توفي سنة ٢٠٨ ه. (المامقاني ـ تنقيح المقال : ٣ ـ ٣٣٨).
(١) تراجع التعليقة في الصفحة السابقة.
(٢) انظر : الصدوق ـ المقنع : ٤٤ ، ومن لا يحضره الفقيه : ١ ـ ٣٤٧ ، والشيخ الطوسي ـ النهاية : ١٣٧ ، والمبسوط : ١ ـ ١٧٢ ، وابن حمزة ـ الوسيلة : ١٦ ، وأبا الصلاح الحلبي ـ الكافي : ٦٥ ، والعلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ١١٨.
(٣) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٥ ـ ١٤٧ ، باب ٥ من أبواب صلاة الكسوف ، حديث : ٢.
(٤) انظر المصدر نفسه ، حديث : ٣.
ومنها : إذا لزمه احتياط ، ففعله ، ثمَّ ذكر النقص ، فإنه يجزئ ، مع أنه قد تخلل النية ، والتكبير ، والتشهد ، والتسليم ، وربما تخلل فعل آخر غير ذلك.
قاعدة ـ ٢٩٦
ضابط الجماعة : أن يكون المقتدى فيه فرضا ، أو أصله فرضا ، أو بصفة ما أصله الفرض ، كالاستسقاء. ولا يتخلف الاستحباب في ذلك ، كما لا يتجاوزه الاستحباب.
وخالف في الأمرين قوم. وذهب ابنا (١) بابويه (٢) في صلاة الكسوف إلى أنها تصلي جماعة ، مع استيعاب الاحتراق ، وفرادى لا معه.
واعتمدا على قول الصادق عليهالسلام ، في رواية ابن أبي يعفور : (إذا كسفت الشمس والقمر كلها فإنه ينبغي للناس أن يفزعوا إلى إمام يصلي بهم ، وإن كسف بعضه فإنه يجزئ الرّجل أن يصلي وحده) (٣).
__________________
(١) في (ح) : ابن.
(٢) انظر : للصدوق ـ المقنع : ٤٤ ، والعلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ١١٨ (نقله عنهما).
(٣) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٥ ـ ١٥٧ ، باب ١٢ من أبواب صلاة الكسوف ، حديث : ٢ وورد بلفظ : (إذا انكسفت الشمس والقمر ، فانكسف كلها فإنه ينبغي للناس أن يفزعوا إلى إمام يصلي بهم ، وأيهما كسف بعضه فإنه يجزئ الرّجل يصلي وحده).
وهو دال على تأكد الجماعة في احتراق الكل أكثر من البعض ، لا على النفي بالكلية ، والجماعة لا ينكر تأكدها في بعض دون بعض ، فإن الجمعة والعيدين تجب فيهما الجماعة ، وفي الفرائض آكد من النوافل التي تستحب فيها الجماعة.
والمفيد (١) رحمهالله يقول في قضاء الكسوف يقول ابني (٢) بابويه.
وذهب أبو الصلاح (٣) إلى استحباب الجماعة في صلاة الغدير ، وفي كلامه إيماء إلى أن النبي صلىاللهعليهوآله فعل ذلك.
فائدة (٤)
ذهب المرتضى (٥) ، وابن الجنيد ، وابن أبي عقيل (٦) رحمهمالله إلى : أن المنبر يحمل بين يدي الإمام في صلاة الاستسقاء إلى الصحراء. وبه رواية عن قرّة (٧) ، عن الصادق عليهالسلام (٨).
__________________
(١) المقنعة : ٥٣.
(٢) في (ح) و (م) و (أ) : ابن.
(٣) الكافي : ٦٧.
(٤) في (أ) : قاعدة.
(٥) انظر : العلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ١٢٥ (نقله عن المصباح للسيد المرتضى) ، وابن إدريس ـ السرائر : ٦٨.
(٦) انظر : العلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ١٢٥ (نقله عنهما).
(٧) في الوسائل : ٥ ـ ١٦٢ : مرّة.
(٨) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٥ ـ ١٦٢ ، باب ١ من أبواب الاستسقاء ، حديث : ١.
وأنكر ذلك متأخر والأصحاب (١) ، ولم نقف لهم على رواية ، سوى عموم : أنها كصلاة العيد (٢).
قاعدة ـ ٢٩٧
كل النوافل ركعتان بتسليمة ، إلا الوتر. ولا تزداد (٣) على ركعتين إلا ، في مواضع ثلاثة نقلت :
إحداها : صلاة الأعرابي (٤) ، وهي من مراسيل الشيخ (٥) ، عن زيد بن ثابت.
وثانيها : صلاة العيد إذا صليت بغير خطبة ، فان علي بن بابويه (٦)
__________________
(١) انظر : ابن إدريس ـ السرائر : ٦٨.
(٢) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٥ ـ ١٦٢ ، باب ١ من أبواب صلاة الاستسقاء ، حديث : ٢.
(٣) في (ح) و (أ) : تزاد.
(٤) هو رجل من الأعراب قال لرسول الله صلىاللهعليهوآله « بأبي أنت وأمي يا رسول الله إنا نكون في هذه البادية بعيدا عن المدينة ولا نقدر أن نأتيك في كل جمعة ، فدلني على عمل فيه فضل صلاة يوم الجمعة ، إذا مضيت إلى أهلي أخبرتهم به » فعلمه رسول الله صلىاللهعليهوآله الصلاة المذكورة في المصباح ، وانظر كيفيتها أيضا في مفاتيح الجنان ، للقمي : ٢٠٥ (هامش).
(٥) مصباح المتهجد : ورقة : ١٥٥ ـ بـ (مخطوط بمكتبة السيد الحكيم العامة بالنجف برقم : ١٢٥٩).
(٦) انظر : العلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ١١٤ (نقله عنه).
يقول : تصلى أربعا بتسليمة.
وثالثها : صلاة جعفر عليهالسلام (١) ، فان ظاهر أبي جعفر ابن بابويه (٢) : أنها أربع بتسليمة.
قاعدة ـ ٢٩٨
لا يقضى شيء من واجبات الصلاة بعد التسليم ، سوى : السجدة ، والتشهد ، والصلاة على النبي وآله عليهمالسلام.
وخالف في الصلاة ابن إدريس (٣) ، فأسقط قضاءها ، إلا مع فوات التشهد.
أما ما يفعل احتياطا عند الشك ، فإنه ليس معلوم الجزئية.
ولا يقضى شيء من المندوبات ، سوى : القنوت ، لو لم يتذكره بعد الركوع ، فإنه يقضيه بعد التسليم ، في المشهور (٤). وقال ابن الجنيد (٥) يقضيه في تشهده. وهو نادر. ولو تذكره فعله بعد الركوع ، للخبر الصحيح عن محمد بن مسلم عن الباقر (٦) عليه
__________________
(١) هو جعفر بن أبي طالب الطيار.
(٢) المقنع : ٤٣. ولكنه في ـ الهداية : ٣٧ ، نصّ على أنها أربع ركعات بتسليمتين.
(٣) السرائر : ٥١.
(٤) انظر : الشيخ المفيد ـ المقنعة : ٣٢ ، والشيخ الطوسي ـ المبسوط : ١ ـ ١١٣ ، والعلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ١٤٠.
(٥) انظر : العلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ١٤٠ (نقله عنه).
(٦) في (ح) : الصادق. وما أثبتناه مطابق لما في التهذيب.
السلام (١) ، وعليه الأصحاب ، إلا ابن أبي عقيل (٢) ، فإنه نفى قضاءه بعد الركوع. وبه خبر صحيح (٣) ، لكنه مجهول المسئول.
ولو سلم حمل على نفي وجوب القضاء لا على نفي شرعيته.
قاعدة ـ ٢٩٩
كل من فاتته صلاة فريضة نوعية لا بدل لها وجب قضاؤها ، مع تكليفه وإسلامه ـ ولو حكما ـ ، والطهارة من الحيض والنفاس.
فعلى هذا ، يقضي فاقد الطهورين ، لأن الوقت سبب ، ولم يثبت كون التمكن من المطهر شرطا في تحقق السببية (٤).
واجتزأ المفيد (٥) رحمهالله هنا بالذكر في أوقات الصلاة بقدرها عن الأداء والقضاء. وهو بدل لم يثبت.
قاعدة ـ ٣٠٠
قصر الصلاة قد يكون في الكم ، وهو ثابت في المسافر ، والخائف ،
__________________
(١) انظر : الشيخ الطوسي ـ تهذيب الأحكام : ٢ ـ ١٦٠ ، باب ٩ ، حديث : ٨٦.
(٢) انظر : العلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ١٣٩ (نقله عنه).
(٣) انظر : الشيخ الطوسي ـ تهذيب الأحكام : ٢ ـ ١٦١ ، باب ٩ ، حديث : ٩١.
(٤) في (ك) : السبب.
(٥) انظر : العلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ١٤٩ (نقله عن رسالة الشيخ المفيد إلى ولده).
وإن كان حاضرا ، سواء كان منفردا أو في جماعة ، إذا استوعب العذر الوقت ، أو بقي منه ما لا يسع الطهارة وركعة ، سواء كان الخائف رجلا أو امرأة.
وخالف ابن الجنيد (١) في المرأة ، فزعم أنها لا تقصر في الحرب.
وقد يكون في الكيف : وهو كثير ، كالمريض ، والخائف ، والمضطر.
تنبيه :
غاية القصر ركعتان ، سواء كان في السفر أو الخوف.
وظاهر ابن الجنيد (٢) ، ورواه ابن بابويه (٣) في الصحيح ، عن حريز ، عن الصادق عليهالسلام : (أن الخائف مع الإمام يقتصر على ركعة) ، فيكون للإمام ركعتان ، ولكل فرقة ركعة.
قاعدة ـ ٣٠١
كل مؤتم لا يجوز له التقدم في الموقف على إمامه ، إجماعا منّا.
والمشهور : جواز المساواة (٤).
وأوجب ابن إدريس (٥) تقدم الإمام بقليل في الصلاة الاختيارية ، وفي العراة.
والروايات خالية عن هذا القيد ، وقضية الأصل تنفيه. والتمسك
__________________
(١) انظر : العلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ١٥١ (نقله عنه)
(٢) انظر : العلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ١٥١ (نقله عنه)
(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ ـ ٢٩٥ ، باب ٦٣ من أبواب صلاة الخوف ، حديث : ٧.
(٤) انظر : العلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ١٥٢.
(٥) السرائر : ٥٦.
بصحة صلاة الاثنين ، لو قال كل منهما : كنت إماما (١). يضعّف : بجواز توهم كل منهما التقدم.
قاعدة ـ ٣٠٢
كل ما يضم إلى نية التقرب مما لا ينافي الإخلاص لا يقدح في صحة العبادة ، لحصول الغرض بتمامه ، وعدم تحقق المنافي. وله صور :
منها : إذا اغتسل غسل الجمعة ونوى مع التقرب النظافة ، فإن الغرض منه النظافة ، فلا ينافي الإخلاص.
ومنها : إذا أحسن وضوءه ، أو صلاته ، قاصدا للاقتداء به في التحسين ابتغاء وجه الله ، لا لتحصيل التعظيم له والثناء عليه ، وخصوصا إذا كان ذلك الفاعل مقتدى به.
ومنها : انتظار الإمام في ركوعه إذا استشعر بمسبوق ليدركه في ركوعه ، (فان فيه) (٢) إعانة على صلاة الجماعة المرادة للشارع ، ففيه جمع بين قربتين ، قربة الركوع ، وقربة الإعانة.
وتوهم بعض العامة (٣) : أن ذلك شرك في العبادة.
وليس الأمر كما زعم ، وإلّا لكان تبليغ الرسالة ، وتعليم العلم ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، شركا في الطاعة ، وكذلك الأذان والإقامة ، وليس كذلك ، بالإجماع.
ومنها : إعادة المصلي صلاته إذا وجد إماما أو مؤتما ، وإن كان غرضه الأتم نفع الّذي لم يصل ، بالإمامة له ، أو بالائتمام به ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوآله ، لما رأى رجلا يصلي منفردا :
__________________
(١) تمسك به العلامة في المختلف : ١ ـ ١٥٢.
(٢) في (أ) : فإنه.
(٣) ذهب إليه بعض الشافعية. انظر : الشيرازي ـ المهذب : ١ ـ ٧٠ وابن عبد السلام ـ قواعد الأحكام : ١ ـ ١٥١.