الرسائل الفقهيّة - ج ١

محمد اسماعيل بن الحسين بن محمد رضا المازندراني الخاجوئي

الرسائل الفقهيّة - ج ١

المؤلف:

محمد اسماعيل بن الحسين بن محمد رضا المازندراني الخاجوئي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢
الجزء ١ الجزء ٢

وفصل الشهيد تبعاً لما في حواشي الشرائع من أن الأصح أن المؤن المتقدمة على بدو الصلاح كالحرث والسقي ، يعتبر بلوغ النصاب بعدها ، لأن قدرها مستثنى للمالك ، فلا يصلح تعلق الزكاة به ، بخلاف المتأخرة عنه كالحصاد والجذاذ ، لانها بمنزلة المؤن اللازمة في المال المشترك ، فيكون من الشريكين.

ولعله مبني على اتحاد وقت تعلق الزكاة وزمان الإخراج ، كما يفهم من شرح القواعد ، فانه أورد التدافع على قول العلامة ، ويتعلق الزكاة عند بدو صلاحها واعتبار النصاب عند الجفاف حالة كونها تمراً أو زبيباً ، وفي الغلة بعد التصفية من التبن والقشر ، فقال : هذا الحكم كالمتدافع نظراً الى الدليل. وقد عرفت ما في اختصاص الاشتراك بالمؤن اللاحقة ، فتذكر.

وما أفاده من أن المئونة السابقة على بدو الصلاح يشترط بقاء النصاب ، وهو ما يتعلق به الزكاة ، والمتأخرة لا يخل استثناؤها بسقوط الزكاة عن الباقي ، كما لو تلف البعض ، لا يسمن ولا يغني من جوع ، لانه مجرد دعوى ، وقياسه على التلف فاسد. وقد سمعت أن ايجاب الحقوق في الأموال مخالف لظاهر التنزيل المجيد فلا بد من قصره على موضع اليقين. هذا كله فيما عدا خراج السلطان من المئونات.

وفي المعتبر : خراج الأرض يخرج وسطاً وتؤدي زكاة ما بقي اذا بلغ نصاباً لمسلم ، وعليه فقهاؤنا وأكثر علماء الإسلام (١).

وقال في المنتهى : خراج الأرض يخرج وسطاً ثم يزكى ما بقي ان بلغ نصاباً اذا كان المالك مسلماً ، وهو مذهب علمائنا وأكثر الجمهور (٢).

ويلوح من الشهيد الثاني أنه كالمؤن المتأخرة ، فيعتبر النصاب قبلها ، وكأنه

__________________

(١) المعتبر ٢ / ٥٤٠.

(٢) المنتهى ١ / ٥٠٠.

٤٤١

مسبوق بالإجماع ، وقد أفيد أنه ليس من مال الزارع ، فلا وجه لاستثنائه بعد النصاب.

تنبيه :

المئونة بفتح الميم وضم الهمزة قبل الواو الساكنة على فعولة : القوت والكفاية ، على ما في القاموس (١) وغيره ، من مأنه كمنعه اذا تحمل مئونته وقام بكفايته. أو من مأنه يمونه كصانه يصونه ، فأصلها مئونة بواوين قلبت المضمومة المتوسطة همزة.

وقال المطرزي : المئونة الثقل من مأنت القوم اذا احتملت مئونتهم ، وقيل : العدة ، من قولهم « أتاني هذا الأمر وما مأنت له مأناً » اذا لم تستعد له. وقال الفراء : هي مفعلة بزيادة الميم من الأين ، بمعنى التعب والشدة. وقيل : هي من الأون ، بمعنى أحد جانبي الخرج ، وهو الوعاء المعروف لثقلها على الانسان المتحمل لها ، كثقل أحد شطري الوتر على الحيوان الذي يحمله ، على ما في الصحاح (٢) ، وأصلها مأونة بضم الواو على مفعلة أيضاً ، فنقلت ضمها الى الهمزة الساكنة ، كما نقلت من الياء اليها على قول الفراء ، فانقلبت الياء واواً لسكونها وانضمام ما قبلها.

والمراد بها هاهنا ما يغرمه المالك على كل ما يحتاج اليه الغلة ، سواء تقدم على الزرع ، كالحرث والحفر وعمل الناضح ونحو ذلك ، أو قارنه كالسقي والحصاد والجذاذ وتنقية مواضع المياه مما يحتاج اليه كل سنة ، لا أعيان الدولاب والالات ونحو ذلك.

نعم يحسب نقصها لو نقصت ، ومما يحسب أجرة مصفى الغلة وقاطع الثمرة ،

__________________

(١) القاموس ٤ / ٢٦٩.

(٢) الصحاح ٦ / ٢١٩٨.

٤٤٢

وأجرة الأرض المستأجرة للزراعة ، كذا في حواشي الشرائع للمحقق الشيخ علي ، قال : والبذر من المئونة فيستثنى ، لكن اذا كان مزكى سابقاً. ولو اشتراه لم يبعد أن يقال : يحسب أكثر الأمرين من ثمنه وقدر قيمته. ولا يذهب عليك أن ما يأخذه الجائر مطلقاً مما يحتاج اليه الاشتغال بالزرع ولا يتأنى بدونه.

قال المحقق الأردبيلي : فانه لو لم يعط ما يمكن الزرع لانهم ما يخلون ، سواء كان ظلماً أو حقاً ، قال : وكذا حصة العاملين فيه ، وكذا البذر وغير ذلك من مئونة الأخشاب والحديد وأجرة صانعهما ومصلحهما وأجرة العوامل والدواب وغيرها (١) انتهى.

فلا يتجه ما ذكره المحقق الثاني من أن المراد بحصة السلطان ما يستحق في الأرض الخراجية من الخراج ، سواء أخذه العادل أم الجائر ، لكن بشرط أن لا يتجاوز مقدار الخراج المعتبر شرعاً ، فلو أخذ زيادة لم تكن مستثناة. وقال : ان أخذها قهراً من غير تقصير من المالك في المدافعة ولا في اخراج حصة الفقراء ، لم يكن عليه ضمان ، والا ضمن حصة الفقراء.

وكذا لا يتم ما ذكره الشهيد الثاني في شرح الشرائع : من أن المراد بالمؤن ما يغرمه المالك على الغلة مما يتكرر كل سنة عادة وان كان قبل عامه ، كاجرة الفلاحة والحرث والسقي والحفظ وأجرة الأرض ، ومئونة الأجير وما نقص بسببه من الالات والعوامل حتى ثياب المالك وعين البذر ، وان كان من ماله المزكى. ولو اشتراه تخير بين استثناء ثمنه وعينه ، وكذا مئونة العامل المثلية. وأما القيمة ، فقيمتها يوم التلف ، ولو عمل معه متبرع لم يحتسب أجرته ، اذ لا تعد المنة مئونة عرفاً (٢).

__________________

(١) مجمع الفائدة ٤ / ١٠٨.

(٢) المسالك ١ / ٥٦.

٤٤٣

وذلك لان مطلق المئونات وان لم تكن مكررة في كل عام مما يتوقف عليه الزرع ويحتاج اليه الغلة ، ويطلق عليه المئونة بالمعنى اللغوي ، كما يفهم مما أفاده المحقق الشيخ علي ، فان الظاهر أن قوله ما يحتاج اليه كل سنة قيل لما قارن الزرع وأما المتقدم عليه ، فمطلق على ما يشهد به التمثيل ، اللهم الا أن يكون مراد الشهيد الثاني رحمه‌الله أنه لا يعد غير المتكرر مئونة عرفاً ، كما صرح به في عمل المتبرع ، وفيه ما فيه.

نعم يمكن أن يقال : ان الغالب أن المتحمل لحفر الابار والأنهار وتنقيتها ، واصلاحها وتسوية الأراضي ، واعدادها للزرع والغرس ، وما يجري مجرى الاحياء مما لا يتكرر ، انما هو من أرباب الأرضين دون الفلاحين ، فأغنى عن اعتبارها ذكر أجرة الأرض لتناوله لذلك كله. ألا ترى أنه أدخل ما يأخذه السلطان تحت الأجرة أيضاً.

فانه قال في المسالك : المراد بحصة السلطان ما يأخذه على الأرض على وجه الخراج أو الأجرة ولو بالمقاسمة ، سواء في ذلك العادل والجائر ، الا أن يأخذ الجائر ما يزيد على ما يصلح كونه اجرة عادة فلا يستثنى الزائد ، قال : ولا يحتسب المصادرة الزائدة على ذلك (١).

فان الظاهر من انكار استثناء الزائد وعدم احتساب المصادرات الزائدة على قدر الأجرة أن الوجه في استثناء حصة السلطان انه من المئونات. ويحتمل أن يكون نظره الى ما ذكره الشيخ علي من اشتراط أن لا يتجاوز مقدار الخراج المعتبر شرعاً ، بناءً على أنه لا يزيد على ما يصلح أجرة للارض عادة.

قال في الخراجية : الخراج هو ما يضرب على الأرض كالاجرة لها ، وفي

__________________

(١) المسالك ١ / ٥٦.

٤٤٤

معناه المقاسمة ، غير أن المقاسمة تكون جزءاً من حاصل الزرع ، والخراج مقدار من النقد يضرب عليها ، وهذا هو المراد بالقبالة والطسق في كلام الفقهاء انتهى.

ويشكل بأنه فسر الخراج بمقدار من المال يضربه الحاكم بحسب ما يراه على الأرض أو الشجر. ولا ريب في اختلافه بحسب تغائر الحكام واختلاف الأحوال والأزمان ، ويتعسر انضباط ذلك جداً ، فكل ما يراه الحاكم يكون خراجاً ، مع أن ما يدل على استثناء حصة السلطان لا يتقيد بأمثال هذه الاعتبارات.

وقد مر أن على المنقين سوى قبالة الأرض العشر ونصف العشر ، فانه يفيد استثناء المأخوذ على وجه القبالة بقول مطلق ، وكذا ما سبق من قوله عليه الصلاة والسلام « انما العشر عليك فيما يحصل في يدك بعد مقاسمته لك » يدل على استثناء حصة المقاسمة مطلقا ، سواء كان بحسب المعتاد في أجرة الأرض ، أو زائداً على ذلك ، وكذا ما في المقنع والفقيه وفقه الرضا عليه‌السلام من استثناء خراج السلطان.

ولعله طاب ثراه اقتصر على المتيقن ، حملا له على المتعارف في أعصار الأئمة سلام الله عليهم أجمعين ، مع أنه لا بد أن يعلل العموم بما يفيد استثناء المئونة كما ارتكبه طاب ثراه لانتفاء النص العام.

وصرح في البيان بأن الخراج من المؤن ، وجعل من الشروط اخراج المؤن كلها من المبدء الى المنتهى ، وقال : ومنها البذر وحصة السلطان والعامل (١) وحينئذ يقتصر على ما لا يزيد على أجرة الأرض بحسب عادة ذلك الزمان.

لكن لا يلائمه ما في شرح اللمعة من أنه ورد استثناء حصة السلطان ، وهو أمر خارج عن المئونة ، وان ذكرت منها في بعض العبارات تجوزاً ، فان أراد بذلك ما قدمناه من استثناء الخراج والمقاسمة والقبالة ، فلا يجدي نفعاً لاثبات

__________________

(١) البيان ص ١٧٨.

٤٤٥

استثناء مطلق حصة السلطان ، اذ لا يتناول ذلك ما يأخذه باسم الزكاة وغيرها. وان أراد الأعم من ذلك ، فقد عرفت أن النصوص خالية عنه.

نعم هاهنا نصوص دالة على سقوط الزكاة عمن أخذها من السلطان وعما يؤخذ منه الخراج ، وهي متروكة الظاهر لمعارضتها بما هو أقوى منها مما اشتهر العمل بها بين الأصحاب ، فتحمل على نفي الزكاة عن خصوص هذا القدر المأخوذ ولا بعد في حمل كثير منها على ذلك.

كصحيحة رفاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يرث الأرض أو يشتريها ، فيؤدي خراجها الى السلطان هل عليه عشره؟ قال : لا (١). فان الظاهر أن المراد عشر الخراج ، والا كان المناسب أن يقال : هل عليه عشرها كما قال أو يشتريها ، فافهم.

وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال : سألته عن الرجل يتكاري الأرض من السلطان بالثلث والنصف ، هل عليه في حصته زكاة؟ قال : لا (٢). أي : في حصة السلطان ، كما في الوافي.

وروى الشيخ في التهذيب عنه في الصحيح ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل له الضيعة ، فيؤدي خراجها ، هل عليه فيها عشر؟ قال : لا (٣).

وفي المنتهى (٤) : ان حاصل المعنى أن العشر لا يثبت في غلة الضيعة بكمالها قال : ولا بأس بهذا الحمل ، اذ هو خير من الاطراح ، فان ما دل على ثبوت الزكاة في مثله كصحيحة البزنطي ظاهر الرجحان غير قابل للتأويل.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ١٣٢ ، ح ٢.

(٢) وسائل الشيعة ٦ / ١٣٠ ، ح ٥.

(٣) التهذيب ٤ / ٣٧ ، ح ٦.

(٤) المنتهى ١ / ٥٠٠.

٤٤٦

وعن سهل بن اليسع انه حيث أنشأ سهل آباد وسأل أبا الحسن عليه‌السلام عما يخرج منها ما عليه ، فقال : ان كان السلطان يأخذ خراجه ، فليس عليك شي‌ء ، وان لم يأخذ السلطان منك شي‌ء ، فعليك اخراج عشر ما يكون فيها (١).

وروى الشيخ عن أبي كهمس عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من أخذ منه السلطان الخراج ، فلا زكاة عليه (٢).

وظاهر هاتين الروايتين موافق لما ذهب اليه بعض العامة ، من أنه لا عشر في الأرض الخراجية ، وهو خلاف الإجماع.

قال في التذكرة : لا تسقط الزكاة بالخراج عند علمائنا أجمع. وفي التهذيب أنه مقصور على الأرضين الخراجية ، وذكر أن على أهلها سوى القبالة العشر ، قال : فيكون المعنى لا زكاة عليه لجميع ما أخرجته الأرض ، وان كان يلزمه فيما يبقى في يده.

ومن هنا يظهر أنه لا يفهم منه قول الشيخ بعدم وجوب الزكاة في الأرضين الخراجية ، كأبي حنيفة ، على ما جزم به بعض المحققين ، قال : فاجماع العلامة في محل المنع ، لان الشيخ أيضاً وافق الأصحاب ، كما صرح به في تهذيب الأحكام.

ويرشد اليه أيضاً ما في الإستبصار من أن الوجه فيما يتضمن نفي الزكاة عمن يأخذ السلطان منه الخراج أن يحمل على أنه لا زكاة عليه عن جميع ما يخرج من الأرض ، وان كان يلزمه فيما يبقى في يده اذا بلغ الحد الذي فيه الزكاة ، جمعاً بين الأخبار (٣).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ١٣٢ ، ح ١.

(٢) التهذيب ٤ / ٣٧ ، ح ٧.

(٣) الإستبصار ٢ / ٢٥.

٤٤٧

وفي الخلاف : أن مذهب أبي حنيفة أنه اذا أسلم من وضع عليه الجزية من أهل السواد اخذت تلك الجزية منه باسم الخراج عن رقبة الأرض ولا عشر في غلتها ، وعندنا يجب العشر عن غلتها ويسقط الخراج ، ولا يجتمع العشر والخراج أبداً اجماعاً ، قال : واعتقد أصحابنا أن أبا حنيفة يقول : ان العشر والخراج الذي هو الثمن هو الأجرة لا يجتمعون وتكلموا عليه ، واعتقد أصحاب أبي حنيفة انا نقول : العشر والخراج الذي هو الجزية يجتمعان وتكلموا عليه. وقد بينا الغلط فيه (١) هذا كلامه. وعليه يحمل ما احتج به أصحاب الرأي من قوله عليه‌السلام « لا يجمع العشر والخراج في أرض مسلم ».

قال الشهيد في البيان : ويتصور هذا الخراج في موضعين : في المفتوحة عنوة ، وفي أرض صالح الإمام أهلها الكفار على أن يكون للمسلمين وعلى رقابهم الجزية ، ثم رد الأرض عليهم مخرجة ثم يسلمون ، فانه يبقى الخراج ، ولا تسقط الزكاة ، بخلاف ما لو ضرب على أرضهم المملوكة خراجاً وأسلموا فانه يسقط ، والفرق أن الأول أجرة والثاني جزية (٢).

ويحتمل على بعد أن يحمل العشر على حصة المقاسمة ، ويقربه الاقتصار عليه وحيث اريد به الزكاة ردت بنصف العشر ، لئلا يلزم تأخير البيان ، فالمعنى أن من أخذ منه المال المضروب على الأرض ، فليس عليه قسط من حاصلتها ، فانهما لا يجتمعان.

وبالجملة فالظاهر أنه لا خلاف في أن الخراج لا يغني عن الزكاة ، على ما يظهر من التذكرة والمعتبر والمنتهى. وأما الزكاة التي يأخذها السلطان ، فالمشهور الذي يكاد يكون اجماعاً أنها لا تغني أيضاً ، للاخبار المستفيضة البالغة حد التواتر ،

__________________

(١) الخلاف ٢ / ٦٨ ـ ٧٠.

(٢) البيان ص ١٨٣.

٤٤٨

أن موضعها أهل الولاية ، ولا يجزئ ان أعطيت غيرهم وان كانوا ذوي قرابة ، وانه تجب اعادتها بعد الاستبصار اذا دفع الى غيرهم في زمان الضلالة.

وفي صحيحة أبي أسامة قال قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك ان هؤلاء المصدقين يأتونا فيأخذون منا الصدقة فنعطيهم اياها ، أتجزئ عنا؟ فقال : لا ، انما هؤلاء قوم غصبوكم أو قال : ظلموكم أموالكم ، وانما الصدقة لاهلها (١). فلا محيص عن ارتكاب التأويل فيما ظاهره خلاف ذلك.

مثل ما رواه الشيخان في الصحيح ، وما يجري مجراه عن سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان أصحاب أبي أتوه فسألوه عما يأخذ السلطان فرق لهم ، وانه ليعلم أن الزكاة لا تحل الا لاهلها ، فأمرهم أن يحتسبوا به ، فجال فكري والله لهم ، فقلت : يا أبة انهم ان سمعوا ذا لم يزك أحد ، فقال : يا بني حق أحب الله أن يظهره (٢).

وعن عيص بن القاسم في الصحيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الزكاة ، فقال : ما أخذ منكم بنو أمية فاحتسبوا به ، ولا تعطوهم شيئاً ما استطعتم ، فان المال لا يبقى على هذا أن يزكيه مرتين (٣).

وفي صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن صدقة الأموال يأخذه السلطان ، فقال : لا آمرك أن تعيد (٤).

وفي رواية ابن بكير : ليس على أهل الأرض اليوم زكاة الا من كان في يده شي‌ء مما أقطعه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ١٧٤ ـ ١٧٥ ، ح ٦.

(٢) وسائل الشيعة ٦ / ١٧٤ ، ح ٤.

(٣) وسائل الشيعة ٦ / ١٧٤ ، ح ٣.

(٤) وسائل الشيعة ٦ / ١٧٤ ، ح ٥.

٤٤٩

وفي قرب الاسناد أن علياً عليه‌السلام كان يقول : اعتد في زكاتك بما أخذ العشار منك ، واخفها عنه ما استطعت (١).

ومثله صحيحة يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن العشور التي تؤخذ من الرجل أيحتسب بها من زكاته؟ قال : نعم ان شاء (٢).

قال سلطان العلماء : لعل المراد ما أخذ باسم الزكاة. والظاهر من الاحتساب جعله من الزكاة ، يحتمل أن المراد بالاحتساب الاحتساب من المئونة ، فيزكي المال بعد وضعه ، وهو بعيد.

وفي معناها رواية السكوني على ما في الكافي والفقيه عن علي عليه‌السلام قال : ما أخذ منك العاشر فطرحه في كوزة فهو من زكاتك ، وما لم يطرح في الكوز تحتسبه من زكاتك (٣).

والظاهر أنه العاشر من قبل السلطان العادل ، وعدم احتساب الخارج عن الكوز ، لعدم وصوله الى بيت المال. والأشهر أن هذه الروايات أيضاً محمولة على أنه لا نخرج الزكاة عما أخذوه ، وان وجب اخراجها عما بقي ، على ما في روضة المتقين وغيرها ، جمعاً بينها وبين ما سبق. وربما يحمل على التقية ، لئلا يشتهر عنهم عليهم‌السلام أنهم لا يجوزون أداء الزكاة اليهم ، ويأمرون شيعتهم بالاعادة مرة اخرى.

قال الفاضل التقي المتقي : ظاهرها جواز الاحتساب واستحباب الاعادة ، والفرق بينهما ظاهر ، فان ظاهر الأخبار الأولة أداء الزكاة اختياراً الى غير المستحق بخلافه هنا ، فانهم يأخذون جبراً ، فلا استعاد في السقوط ، سيما اذا أخرج الزكاة

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ١٧٥ ، ح ٨.

(٢) وسائل الشيعة ٦ / ١٧٣ ، ح ١.

(٣) وسائل الشيعة ٦ / ١٧٣ ـ ١٧٤ ، ح ٢ ، من لا يحضره الفقيه ٢ / ٢٩ ح ١٦١٣.

٤٥٠

لان يؤدي الى المستحق ، فأخذها الظالم جوراً ، فانه بمنزلة التلف (١).

وفي شرح الارشاد للمحقق الأردبيلي قدس‌سره : يمكن الجمع بأنه ان أخذ الظالم الخراج على وجه الزكاة قهراً يحتسب وتبرأ ذمة المالك وتبقى في ذمتهم فكانهم أخذوا مال الفقراء المودوع عند المالك قهراً ومن غير تفريط (٢).

ويحتمل أن يكون المراد لا يجزئ عن غير ذلك المال ، لانهم اذا اخذوا زكاة الغلاة أكثر مما يستحق ، فلا يجوز له أن يحتسب الزائد من زكاة الذهب والفضة ، بل يجب اخراجها على حدة.

وفي الفقيه سئل أبو الحسن عليه‌السلام عن الرجل الذي يأخذ منه هؤلاء زكاة ماله ، أو خمس غنيمته أو خمس ما يخرج له من المعادن ، أيحسب له ذلك في زكاته وخمسه؟ فقال : نعم (٣).

وعلله في التعليقة السجادية بأن ذلك بمنزلة أخذ مال الغير عنهم بالجبر بل نفسه. ولا يبعد أن يوجبه ذلك ، بأنه يثاب الرجل عليه ثواب الزكاة والخمس ، ويحسب ذلك له في زكاته وخمسه عند الله سبحانه.

قال في البيان : لو أخذ الظالم العشر أو نصفه باسم الزكاة ، ففي الاجتزاء بها روايتان ، والأقوى عدمه ، ويزكي حينئذ الباقي وان نقص عن النصاب بالمخرج وذكر الشيخ في قوله عليه‌السلام « وليس على أهل الأرض اليوم زكاة » أنه قد رخص اليوم لمن وجب عليه الزكاة وأخذه السلطان الجائر أن يحتسب به من الزكاة ، وان كان من الأفضل اخراجه ثانياً ، لان ذلك ظلم به.

هذا ما ظفرنا به من افادات القوم رحمهم‌الله ، ولا يذهب على الفطن أن المفهوم

__________________

(١) روضة المتقين ٣ / ٧٤.

(٢) مجمع الفائدة ٤ / ١١٦.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٤٣ ، ح ١٦٥٦.

٤٥١

من كثير منها اختصاص الرخصة بالمخاطبين ومن يجري مجراهم ، فيشكل التمسك بها على عموم الأشخاص والأحوال بمجرد ما جوزه الشيخ في مقام الجمع.

وكذا ما في شرح الشرائع ، فانه بعد ما أجاز بيع ما يأخذه الجائر باسم المقاسمة أو الخراج تبعاً للمحقق ونفى عنه الخلاف ، وان كان ظالماً في أخذه ، وعلله باستلزام تركه والقول بتحريمه الضرر والحرج العظيم على هذه الطائفة ، قال : وكذا القول فيما يأخذه باسم الزكاة ، ولا يختص ذلك بالأنعام ، بل حكم زكاة الغلاة والأموال كذلك.

ثم قال : وهل تبرأ ذمة المالك من اخراج الزكاة مرة أخرى؟ يحتمله ، كما في الخراج والمقاسمة. والأقوى عدم الاجتزاء بذلك ، بل غايته سقوط الزكاة عما يأخذه اذا لم يفرط ، ووجوب دفعه اليه أعم من كونه على وجه الزكاة أو المضي معهم في أحكامهم والتحرز عن الضرر بمباينتهم (١) انتهى.

ويظهر منه انتفاء القائل به عنده ، والا لاستنده اليه ، والظاهر من التعليل أنه لا فرق في الجائر بين الامامي والمخالف ، ضرورة استلزام التحرج منه أعظم ما يكون من الطرح في هذه الأعصار ، مع ما عرفت أنه مما يتوقف عليه الزرع والفلاحة.

ولعل ما ذكره الشهيد الثاني من اختصاص ذلك بالمخالف ، متمسكا باصالة المنع الا ما أخرجه الدليل ، وشهادة القرائن بأن المسئول عنه الأئمة عليهم‌السلام انما كان مخالفاً للحق ، فيبقى الباقي ، مختص بما شاهده في عصره من عدم التضرر بالتحرج منه ، مع أنك قد علمت ما في أصالة المنع من الضعف ، فان الأصل براءة الذمة عن الحقوق المالية ، حتى يثبت خلافه ، على ما نبه عليه السيد المرتضى

__________________

(١) المسالك ١ / ١٦٨.

٤٥٢

في الإنتصار ، مضافاً الى ما مر من ظاهر القرآن.

فيشكل الحكم بوجوب اخراج الزكاة عن غير ما يبقى من النماء والفائدة بعد وضع المؤن كلها ، واخراج جميع ما يأخذه الظلمة على الغلة مطلقا ، لانتفاء ما تطمئن به من الأدلة عليه ، ولعل الاقتصار على استثناء ما يحتمل أن يكون خراجاً أو زكاة ، أو يجوز أن يكون مقاسمة وقبالة ، أقرب دون ما يقطع بخروجه عنها من المصادرات الزائدة ، لعدم الظفر بالقائل بالتعميم صريحاً ، والتردد في الاكتفاء في مثله بمجرد ما تضمنه استثناء المئونة ونحوها من الإطلاقات.

تنبيه :

أطلق الأكثر وجوب العشر فيما يبقى من الغلات بالجاري وما يجري مجراه مما ليس له مئونة ، كالثلج والمطر وما يشرب بالعروق من غير سقي ، ونصفه فيما يتوقف السقي به الى المئونة والكلفة ، مثل السقي بالرشا والقرب والدالية التي يديرها البقر وما أشبه ذلك ، ولم ينص أحد على حكم المسقى بالمياه الجارية من القنوات ، وهو لا يخلو عن اشكال ، لما فيها من الافتقار الى كلفة زائدة ومئونات كثيرة ، مع ما تقدم من أصالة نفي ايجاب الحقوق في الأموال وغير ذلك مما ينبه ، على أنه لا يجب فيه الا نصف العشر ، كما ذهب اليه بعض العامة.

وصرح الفاضل البقي المتقي رحمه‌الله في حديقة المتقين ، بأنها كالمطر والجاري والناعور الذي يديره الماء بنفسه كالدولاب ، وذكر جماعة من الأصحاب منهم العلامة في التذكرة أن الضابط في التنصيف احتياج ترقية الماء الى الأرض الى آلة من دولاب أو دالية أو نحو ذلك.

وأنت خبير بأن ما ورد في النصوص انما هو تعلق العشر بشي‌ء مما يفتقر الى

٤٥٣

المئونة للترقية ، ونصف العشر بما لا كلفة فيه كذلك ، فكيف يقاس عليه ما يشترك معه في تلك العلة المستنبطة ، وهي الافتقار الى الزرع على ما يسقى بالدوالي والنواضح والرشا والقرب ، لافتراقه عنه في جميع تلك الأوصاف.

وكذا الحال فيما لو كان الماء يجري من النهر في ساقية الى الأرض ويستوى في مكان قريب من وجهها ، لا يصعد الا بدولاب وشبهه ، فانه يشكل القطع بأنه من الكلفة المسقطة لنصف الزكاة ، بناءً على أن مقدار الكلفة وبعد الماء وقربه لا يعتبر ، كما في التذكرة ، لما عرفت من انتفاء النص العام على تلك الضابطة.

وما ادعاه من عدم اعتبار مقدار الكلفة وبعد الماء وقربه أول المسألة ، ولا يكتفى في مثله بمجرد الدعوى وفي المعتبر من الاشعار بكونه اتفاقياً غير مفيد.

والأظهر عدم التعدي عن المنصوص ، فما يصدق عليه السقي بالنهر والسيح والغيل والعين والجاري يكون عشرياً ، ولا يعتبر الاحتياج الى المئونات الكثيرة والكلفة الزائدة في بعض القنوات أو جميعها ، مع أن كثيراً منها من قبيل احياء الأرض ، لانها مما لا يتكرر وناشئة من حفر الأنهار الصغار من النهر العظيم والسواقي الى حيث يسوق الماء اليه.

على ما نبه عليه العلامة رحمه‌الله ، قال : ولا يؤثر حفر الأنهار والسواقي واحتياجها الى ساق يسقيها ويحول المال من موضع الى آخر في نقصان الزكاة لان الحرث من جملة احياء الأرض ولا يتكرر كل عام ، والساقي لا بد منه في كل سقي ، فجرى مجرى الحارث.

وفي صحيح زرارة وبكير عن الباقر عليه‌السلام قال : في الزكاة ما كان يعالج بالرشا والدوالي والنواضح ، ففيه نصف العشر وان كان يسقى من غير علاج بنهر أو

٤٥٤

عين أو بعل أو سماء ففيه العشر كاملا (١).

وفي رواية أخرى عنه عليه‌السلام : فاذا كان يعالج بالرشا والنضح والدلاء ففيه نصف العشر ، وان كان السقي بغير علاج بنهر أو عين أو سماء ففيه العشر (٢).

فان الظاهر منه أنه يجب العشر في كل ما يسقى بالنهر ونحوه من غير علاج بالرشا وغيره ، وفي الفرق بين القناة والناعور في ذلك نظر ، لان العلاج ان خص بما يكون بالرشا والنضح والدوالي نظراً الى صدر الرواية ، فلا يتناول الناعور ، كما لا يشمل ما يتكلف في اجراء مياه القنوات.

وان اعتبر التعدي عن موضع النص ، فيعم جميع ما يتعمل لاجراء المياه من العلاجات ، ولعله اقتصر في الترقي عنه على ما يختص بالترقية دون غيرها ، لكون ذلك أقرب اليه. ولا يذهب عليك اشتراكه مع الا بعد في انتفاء الدلالة.

هذا وقد قال صاحب مجمع البحرين في القنا انها الابار التي تحفر في الأرض متتابعة ليستخرج ماؤها ويسيح على الأرض ، ويجمع أيضاً على قنوات قال : ومنه الحديث « فيما سقت السماء والقني العشر » هذا كلامه (٣).

وكأنه من روايات العامة ، لانه لم نطلع عليه في كتب الأصحاب ، لكنه لا يخلو من تأييد لما ذكرنا فتدبر.

وتم استنساخ وتصحيح هذه الرسالة عن النسخة المغلوطة جداً في (١٣) ربيع الثاني سنة (١٤١١) هـ ق في بلدة قم المقدسة على يد العبد السيد مهدي الرجائي عفي عنه.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ / ١٢٥ ، ح ٥.

(٢) الوسائل ٦ / ١٢٦.

(٣) مجمع البحرين ١ / ٣٥٠.

٤٥٥
٤٥٦

سلسلة آثار المحقق الخاجوئي

(٢٧)

رسالة

في صلاة الجمعة

للعلّامة المحقّق العارف

محمّد اسماعيل بن الحسين بن محمّد رضا المازندراني الخاجوئي

المتوفّى سنة ١١٧٣ هـ ق

تحقيق

السيّد مهدي الرّجائي

٤٥٧
٤٥٨

بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم

الحمد لله الذي جعل الصلاة ذريعة للتقرب ، ومعراجاً للمؤمنين ، وأمر بفعلها وحث عليها ، ووعد بالجنة ، وبشر بنعيمها الفاعلين ، ونهى عن تركها وبالغ فيه ، وأوعد على النار ، وأنذر بأليمها التاركين ، وأوضح سبيلها ، وكشف عنها الغطاء فأظهر أمرها بالادلة والبراهين.

ثم أرسل رسوله ونصب حججه ليكونوا لها ولغيرها مبينين ومفسرين ، فطوبى ثم طوبى لمن كان لاخبار نبيه وآثار وصيه ، ثم أوصيائه من المقتفين ، صلى‌الله‌عليه‌وآله مقاليد السماء ، ومصابيح الدجى ، لمن تبعهم ملا السماوات وزنة الارضين.

أما بعد : فيقول العبد الذنيب الكئيب الضعيف الذليل الجاني اسماعيل بن الحسين بن محمد رضا بن علاء الدين محمد المازندرانى ، حوسبوا حساباً يسيراً ، وصيروا الى الجنة والمغفرة مصيراً :

اني لما رأيت الايات والروايات التي استدلوا بها على عينية وجوب الجمعة في زمن الغيبة مبالغين فيه ، حتى كاد أن يقولوا بحتميتها مع أهل الضلالة والخيبة غير دالة على دعواهم ، بل كلها فضلا عن جلها صريح بخلاف مدعاهم.

أردت أن أشير اشارة اجمالية الى طريق الحق والانصاف ، ساعياً في اظهار

٤٥٩

حقيقة الحال في تلك المسألة من غير اعتساف ، لئلا يغير المقلد بقول من يدعي أشياء لا يقدر على بيان ما يدعيه ، وان بذل فيه كمال جهده وتمام مساعيه ، والله يعصمنا من الخطإ والزلل ، كائناً ما كان منهما في القول والعمل ، انه ملهم العقل وملقن الصواب ، ومنه المبدأ واليه المآب.

فوجدت الرسالة (١) التي ألفها محمد بن المرتضى المدعو بمحسن قدس‌سره وأحسن اليه في كل موطن ، أشمل وأكمل من غيرها ، فتعرضت لاقانيم ما فيها وملاكه وأصوله من كلام الله تعالى وتقدس ، وأمنائه المعصومين عليهم‌السلام ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، مقتصراً عليها غير متجاوز عنها ، سوى ما يقتضي ذكره التقريب أو يكون مما يوجب للناظر فيه التعجيب ، لان باقي كلامه تطويل بلا طائل ، ومع ذلك ليس هو قدس‌سره به بقائل ، فحري بنا أن نتركه جملة واحدة مع ما فيه ، لان من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

فأقول : وبالله الهداية والرشاد ، ومنه التوفيق والسداد ، وبه تسهل صعاب الامور والشداد ، قال قدس‌سره في آخر المقدمة :

ونبدأ أولا بكلام الله تعالى ، ثم نورد كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم كلام الائمة المعصومين عليهم‌السلام ، والادلة الشرعية منحصرة عندنا في هذه الثلاثة ، ثم ننقل كلام الفقهاء المشتهرين من القدماء والمتأخرين ، ونثبت به الاجماع المعتبر عند القائلين به على الوجوب العيني ، ثم نأتي بالوجوه العقلية المعتبرة عند أهل الرأي على ذلك ، والادلة الشرعية منحصرة [ عندهم ] في هذه الخمسة (٢).

__________________

(١) وهى رسالة الشهاب الثاقب في وجوب صلاة الجمعة العينى ، للعلامة المحقق الحكيم المتأله صاحب التآليف المشهورة المولى الاجل الفيض الكاشانى المتوفى سنة (١٠٩١) هـ ق.

(٢) الشهاب الثاقب ص ١٣.

٤٦٠