القواعد والفوائد - ج ١

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

القواعد والفوائد - ج ١

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: السيّد عبد الهادي الحكيم
الموضوع : الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٧
الجزء ١ الجزء ٢

الاجزاء ، لأن نية الوجوب هي المقصودة ، فتلغو نية الندب. أو نقول : يقعان له ، فإن غاية غسل الجنابة رفع الحدث ، وغاية غسل الجمعة النظافة ، فهو كضم التبرد إلى التقرب.

ومن هذا الباب : لو جمع في الصلاة على الجنازة الوجوب والندب إذا اجتمع من تجب عليه الصلاة ومن لا تجب. ولو اقتصر على نية الوجوب أجزأ في الموضعين.

ويجوز اجتماع نية الندب مع الواجب في مواضع :

منها : نية الصلاة ، فإنها تشتمل على الواجب منها والمستحب ، ولا يجب التعرض لنية المستحب بخصوصه ، ولا إلى نية أفعال (١) الواجب لوجوبه ، والمندوب (٢) لندبه ، وإن كان ذلك هو المقصود ، لأن المندوب في حكم التابع للواجب ، ونية المتبوع تغني عن نية التابع.

ومنها : إذا صلى الفريضة جماعة ، فإنه ينوي الوجوب في الصلاة من حيث هي صلاة ، وينوي الندب في الصلاة من حيث هي جماعة ، سواء كان إماما أو مؤتما ، وإن كان قد اختلف في استحباب نية الإمام للإمامة (٣).

ومنها : إذا أدرك المأموم تكبيرة الركوع مع الإمام فكبر ناويا

__________________

(١) في (م) و (أ) : فعل.

(٢) في (م) و (أ) : والندب.

(٣) فقد ذهب الأوزاعي وجماعة إلى اشتراط نية الإمام للإمامة. انظر : العلامة الحلي ـ منتهى المطلب : ١ ـ ٣٦٧.

٨١

للركوع ، فقد حكم الشيخ (١) بالاجزاء ، وهو مروي (٢).

الفائدة الخامسة

إذا اجتمع أسباب الوجوب في مادة واحدة ، كما لو نذر الصلاة اليومية وقلنا بالانعقاد ، كما هو مذهب المتأخرين (٣). وكذا لو نذر الصوم الواجب ، أو الحج الواجب ، أو استؤجر عن الصلاة الواجبة عن الغير ، أو صلى عن أبيه بالتحمل ، ففي كل هذه الصور تكفي نية الوجوب ولا يجب التعرض للخصوصيات ، لأن الغرض إبراز الفعل على وجهه ، وقد حصل ، فلا حاجة إلى أن ينوي النائب : لوجوبه عليّ وعليه ، يعني المنوب عنه ، فان الوجوب عليه إنما هو الوجوب على المنوب ، وقد صار متحملا له.

ولو اشتمل النذر على هيئة زائدة ، فإن كانت زمانا ، كما لو نذر الصلاة في أول وقتها ، أو أداء الزكاة عند رأس الحول ، أو قضاء شهر رمضان في رجب ، أمكن أن يجب التعرض لنية تعينه في ذلك الزمان ، لأنه أمر لم يجب بالسبب الأول. والأقرب عدم الوجوب ، لأن الوجوب الأصلي صار متشخصا بذلك المشخص الزماني فنيته منصبة عليه.

وإن كانت هيئة زائدة ، كما لو نذر قراءة سورة معينة في الصلاة

__________________

(١) حكم الشيخ الطوسي بالاجزاء فيما إذا نوى بالتكبيرة الاستفتاح خاصة. انظر : المبسوط : ١ ـ ١٥٨ ، والخلاف : ١ ـ ٣٩.

(٢) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٤ ـ ٧١٩ ، باب ٤ من أبواب تكبيرة الإحرام ، حديث : ١ ، وج ٥ ـ ٤٤٢ ، باب ٤٥ من أبواب الجماعة ، حديث : ٤.

(٣) انظر : العلامة الحلي ـ تحرير الأحكام : ٢ ـ ١٠٥.

٨٢

ففي التعرض لها : الوجهان ، والأقرب عدم الوجوب.

ولو نذر قراءة القرآن في صومه فهما أمران متغايران يجب أن يفرد لكل منهما نية.

الفائدة السادسة الأصل أن كلا من الواجب والندب لا يجزي عن صاحبه ، لتغاير الجهتين ، وقد يتخلف (١) هذا الأصل في مواضع :

منها : إجزاء الواجب عن الندب في صلاة الاحتياط الّذي يظهر الغناء عنه. وكذا لو صام يوما بنية القضاء عن رمضان فتبين أنه كان قد صامه ، فإنه يستحق على ذلك ثواب الندب.

وأما إجزاء الندب عن الواجب ففي مواضع :

منها : صوم يوم الشك.

ومنها : صدقة الحاج بالتمر ما دام الاشتباه باقيا ، فلو ظهر أن عليه واجبا فالظاهر الاجزاء عنه ، إذا كان من جنس المؤدى ، كما يجزي الصوم عن رمضان لو ظهر أنه منه.

ومنها : الوضوء المجدد لو بان أنه محدث ، ففيه الوجهان ، والاجزاء قوي (٢).

ومنها : لو جلس للاستراحة فلما قام تبين أنه نسي سجدة ، فالأقرب قيامها مقام جلسة الفصل ، فيجب السجود ، ولا يجب الجلوس قبله.

ومنها : هذه الجلسة لو قام عقيبها إلى الخامسة سهوا وأتى بها ،

__________________

(١) في (ح) و (م) و (أ) : يختلف.

(٢) في (ح) : أقوى.

٨٣

وكانت الجلسة (١) بقدر التشهد ، فان الظاهر إجزاؤه عن جلسة التشهد وصحة الصلاة ، لسبق نية الصلاة المشتملة عليها. بخلاف من توضأ احتياطا ندبا ، فظهر الحدث ، فإن النية هنا لم تشتمل على الواجب في نفس الأمر ولو جلس بنية التشهد ، ثمَّ ذكر ترك سجدة أجزأت هذه الجلسة عن جلسة الفصل قطعا ، لأن التغاير هنا في القصد إلى تعيين الواجب ، لا بالوجوب والندب.

ومنها : لو أغفل لمعة (٢) في الغسلة الأولى فغسلها في الثانية بنية الاستحباب. وفيها الوجهان : من حيث مخالفة الوجه ، ومن اشتمال نية الاستباحة (٣) عليها.

ومنها : لو نوى الفريضة فظن أنه في نافلة ، فأتى بالأفعال ناويا للندب أو ببعضها ، فإن الأصح الاجزاء ، للرواية (٤) ، وقد أوضحناه في الذكرى (٥).

أما لو ظن أنه سلم فنوى فريضة أخرى ، ثمَّ ذكر نقص الأولى فالمروي عن صاحب الأمر عليه‌السلام الاجزاء عن الفريضة الأولى (٦).

__________________

(١) زيادة من (أ).

(٢) اللمعة : الموضع الّذي لا يصيبه الماء في الغسل والوضوء. انظر : ابن منظور ـ لسان العرب : ٨ ـ ٣٢٦ ، مادة (لمع).

(٣) في (ح) و (م) : الطهارة.

(٤) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٤ ـ ٧١١ ـ ٧١٢ ، باب ١٢ من أبواب النية ، حديث ١.

(٥) انظر : الذكرى ـ في أفعال الصلاة وتوابعها ـ النية ومعناها. المسألة الثامنة.

(٦) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٥ ـ ٣٢٥ ، باب ١٢ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، حديث : ١.

٨٤

والسر فيه : أن صحة التحريم بالثانية موقوف على التسليم من الأولى في موضعه أو الخروج منها ، ولم يحصلا ، فجرت التحريمة مجرى الأذكار المطلقة التي لا تخل بصحة الصلاة ، ونية الوجوب في الثانية لغو ، لعدم مصادفته محلا. وحينئذ هل تجب نية العدول إلى الأولى؟

الأقرب عدمه ، لعدم انعقاد الثانية ، فهو بعد (١) في الأولى. نعم يجب القصد إلى أنه في الأولى من حين الذّكر.

الفائدة السابعة

يجب الجزم في مشخصات النية من : التعيين ، والأداء ، والقضاء والوجوب ، والندب ، مع إمكانه ، ولا يجزي الترديد حيث يمكن الجزم لأن القصد إلى الفعل إنما يتحقق مع الجزم.

وقد جاء الترديد في مواضع :

منها : الصلاة المنسية المشتبهة بين الثلاث الرباعيات ، أو المشتبهة بين (٢) الأداء والقضاء.

ومنها : الزكاة المرددة بين الوجوب والندب ، على تقديري بقاء المال وعدم بقائه.

ومنها : نية صوم آخر شعبان المرددة بين الوجوب والندب ، فإنه غير واجب هنا ، وإن وجب في الأولين. ولو فعل ففي إجزائه نظر ، أقربه الإجزاء ، لمصادفته الواقع.

ولو ردد ليلة الشك في العيد بين الصوم وعدمه ، ففيه وجهان ،

__________________

(١) في (ك) : يعدّ.

(٢) في (ك) و (م) و (ح) : في.

٨٥

وأولى بالمنع ، لأنه تردد لا في محل الحاجة ، إذ يجب عليه الصوم من غير تردد.

ومنها : لو شك في تعيين الطواف المنسي فإنه يردد.

ولو شك في تعيين النسك المنذور من. التمتع ، أو القرآن ، أو الافراد ، أو العمرة المفردة ، أو عمرة التمتع ، فان الترديد يجزي في الأول ، وفي إجزائه في العمرتين تردد ، من حيث اختلافهما في الأفعال ، وترتب الحج على إحداهما دون الأخرى.

وليس الصلاة في الثياب المتعددة عند الاشتباه بالنجاسة ، والطهارة بالماء المطلق والمضاف عند اشتباههما من هذا القبيل ، لأن الجمع هنا واجب ، لأنه من باب ما لا يتم الواجب إلا به.

ومنها : لو نسي تعيين الكفارة مع علمه بوجوبها ، فإنه يردد بين الأقسام المحتملة لها.

ومنها : لو شهد عدل ، أو جماعة من الصبيان (١) أو الفساق ، أو النساء ، برؤية الهلال ، فنوى الوجوب ، فصادف رمضان ، ففي الإجزاء وجهان ، وظاهر الأكثر عدمه.

ومنها : لو توهمت الحائض انقطاع الحيض فنوت ، فصادف انقطاعه أو كان سائلا فنوت (٢) ، ثمَّ انقطع قبل الفجر ففي الإجزاء الوجهان.

ويقوى الاجزاء عند قوة الأمارة ككونه على رأس عادتها ، أو قريبا منها.

ومنها : لو ظن المسافر القدوم عادة قبل الزوال ، فنوى ليلا ، ففي إجزائه لو وافق ، الوجهان. وكذا الجنب لو نوى الصوم (٣) بعد

__________________

(١) زيادة من (أ).

(٢) في (ح) زيادة : الصلاة.

(٣) زيادة من (ح).

٨٦

الجنابة ثمَّ اغتسل.

ومنها : لو نذر يوم قدوم زيد ، فظنه في الغد ، فنوى ليلا ، ففي وجوب الصوم هنا وجهان. وكذا في إجزاء هذه النية إن قلنا بالوجوب.

ومنها : لو ظن دخول الوقت ، فتطهر بنية الوجوب ، فظهر مطابقته ، فان كان لا يمكنه العلم أجزأ ، قولا واحدا ، وإن كان متمكنا من العلم ففيه الوجهان.

ومنها : لو ظن ضيق الوقت ، فتيمم فرضا ، فان صادف الضيق أجزأ ، وإن صادف السعة أجزأ مع عدم التمكن من العلم ، ومع التمكن الوجهان. وكذا لو ظن ضيق الوقت إلا عن العصر فصلاها ، ثمَّ تبين السعة ، فالأقرب الاجزاء إذا وقعت في المشترك بينها وبين الظهر ، أو دخل (١) المشترك وهو فيها. ولو دخل المختص بالعصر وهو فيها ، ففيه الوجهان. ولو وقعت العصر في الأربع المختصة بالظهر بحيث يكون قد بقي بعد العصر مقدار أربع ركعات لا أزيد ، فالأقرب أنها لا تجزي ، ويعيد العصر الآن ، ويقضي الظهر. ويحتمل الإجزاء ، إما بناء على اشتراك الوقتين دائما ، وإما لتعاوضهما ، فكأن العصر قد اقترضت من الظهر وقتها وعوضتها بوقت نفسها. وهو ضعيف ، وإلا لكان ينوي في الظهر الأداء في هذه الأربع ، وظاهرهم عدمه ، وإنما ينوي القضاء لو قلنا باجزاء العصر.

ومنها : لو ترك الطلب فتيمم ، ثمَّ ظهر عدم الماء.

ومنها : لو صلى إلى جهة يشك أنها القبلة ، فصادفت ، أو شك في دخول الوقت ، فصلى ، فصادف ، والأقرب عدم الاجزاء إلا مع الظن ، حيث لا طريق إلى العلم.

__________________

(١) في (ح) زيادة : وقت.

٨٧

ومنها : لو صلى خلف الخنثى ، فظهر أنه رجل وفيه التفصيل المذكور.

ومنها : لو صلى على ميت يشك أنه من أهل الصلاة ، فصادف.

أو تيمم للصلاة على الميت شاكا في تغسيله ، وقلنا لا يشرع (١) التيمم قبل الغسل ، فصادف كونه قد غسل.

ومنها : إذا كان في مطمورة فتحرى (شهرا للصيام) (٢) ، فصادف. وهذا (٣) قد نصّ الأصحاب على إجزائه ما لم يتقدم على شهر رمضان (٤). ولو أوجبنا الاجتهاد هنا ، فصام من غير اجتهاد ، فصادف ، ففيه الوجهان.

ومنها : لو صام من عليه كفارة مرتبة قبل علمه بعجزه عن العتق فصادف عجزه.

ومنها : إذا شك في دخول شوال ، فأحرم بالحج أو بعمرة التمتع ، فصادف دخول شوال.

ومنها : أحرم بالعمرة المفردة ناسيا للتحلل من الإحرام بالحج ، أو أحرم بحج التمتع ناسيا للإحلال من العمرة ، فصادف التحلل (٥).

__________________

(١) في (أ) : لا يسوغ.

(٢) في (ح) و (م) و (أ) : شهر الصيام.

(٣) في (ح) : وهاهنا. وفي (م) : هنا.

(٤) انظر : الشيخ الطوسي ـ المبسوط : ١ ـ ٢٦٨ ، والعلامة الحلي ـ تحرير الأحكام : ١ ـ ٨٢.

(٥) انظر في هذه الفائدة أيضا : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٤٤ ـ ٤٥.

٨٨

الفائدة الثامنة

تعتبر النية في جميع العبادات إذا أمكن فعلها على وجهين ، إلا النّظر المعرف ، لوجوب معرفة الله تعالى ، فإنه عبادة ولا تعتبر فيه النية ، لعدم تحصيل المعرفة قبله.

وإلا إرادة الطاعة ، أعني : النية ، فإنها عبادة ولا تحتاج إلى نية وإلا لتسلسل.

وما لا يمكن فيه اختلاف الوجه ، كرد الوديعة وقضاء الدين ، لا يحتاج إلى نية مميزة ، وإن احتاج في استحقاق الثواب إلى قصد التقرب إلى الله تعالى (١).

الفائدة التاسعة

للنية غايتان :

إحداهما : التمييز.

والثانية : استحقاق الثواب.

وإن كان الفعل واجبا ، فإنه يستفيد المكلف بالفعل الخلاص من الذم والعقاب ، وبالترك يتعرض لاستحقاقهما. وهذه غاية ثالثة.

ثمَّ ينقسم الواجب إلى قسمين :

أحدهما : ما الغرض الأهم منه بروزه إلى الوجود ، كالجهاد ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وقضاء الدين ، وشكر النعمة ، ورد الوديعة. وهذا القسم يكفي مجرد فعله عن الخلاص من تبعة الذم والعقاب ، ولا يستتبع الثواب إلا إذا أريد به (٢) التقرب إلى الله تعالى.

__________________

(١) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ١٢٩ ـ ١٣١.

(٢) في (ك) : نية.

٨٩

الثاني : ما الغرض الأهم منه تكميل النّفس ، وارتفاع الدرجة في المعرفة ، والإقبال على الله تعالى ، واستحقاق الرضا من الله تعالى وتوابعه (١) من المنافع الدنيوية والأخروية كالتعظيم في الدنيا ، والثواب في الآخرة.

وهذا القسم لا يقع مجزيا في نظر الشرع إلا بنية القربة (٢).

الفائدة العاشرة

يجب ترك المحرمات ، ويستحب ترك المكروهات ، ومع ذلك لا تجب فيه النية ، بمعنى أن الامتثال حاصل بدونها ، وإن كان استحقاق الثواب بالترك يتوقف على نية القربة.

وهذه التروك يمكن استناد عدم وجوب النية فيها إلى كونها لا تقع إلا على وجه واحد ، فان الترك لا تعدد فيه. ويمكن استناد عدم الوجوب إلى كون الغرض الأهم منها هجران هذه الأشياء ليستعد بواسطتها للعمل الصالح.

ومن هذا الباب : الأفعال الجارية مجرى التروك ، كغسل النجاسة عن الثوب والبدن ، فإنه لما كان الغرض منها (٣) هجران النجاسة وإماطتها جرت مجرى الترك.

الفائدة الحادية عشرة

التميز الحاصل بالنية (تارة) يكون لتميز العبادة عن العادة ، كالوضوء والغسل ، فإنه كما يقع كل منهما عبادة يقع عادة ، كالتنظيف ،

__________________

(١) في (ك) : وثوابه.

(٢) في (ح) : التقرب.

(٣) في (م) : بها.

٩٠

والتبرد ، والتداوي.

و (تارة) لتميز أفراد العبادة ، كالفرض عن النفل ، والأداء عن القضاء ، والقربة عن الرياء.

وربما جعل التميز الحاصل بالقربة من قبيل امتياز العبادة عن العادة لأن الرياء المقصود في العبادة يخرجها عن حقيقة العبادة ، فهو كالفعل المعتاد.

ولا بد من استيعاب المميزات في النية ـ وإن كثرت ـ تحصيلا للغرض منها.

الفائدة الثانية عشرة

كل ما يعتبر في صحة العبادة لا يخرج عن الشرطية ، والجزئية.

وإزالة الموانع من قبيل الشروط.

وقد اختلف في النية هل هي من قبيل الشروط ، باعتبار تقدمها على العبادة ، ومصاحبتها مجموع الصلاة ـ مثلا ـ وهذا هو حقيقة الشرط ويقابله الجزء ، وهو ما يقارن العبادة أو لا يصاحب المجموع (١)؟

ويحتمل الفروق بين نية الصوم ، وباقي العبادات ، فيجعل شرطا في نية الصوم ، وركنا في باقي العبادات (٢) ، لأن تقدم نية الصوم على وجه لا يشتبه بالمقارنة. نعم لو قارن بها الصوم فإنه جائز ، على الأصح

__________________

(١) للتوسع في أن النية شرط أو جزء انظر : الشهيد الأول ـ الذكرى : الركن الأول في أفعال الصلاة ـ في النية ومعناها ـ المسألة الأولى ، (غير مرقم).

(٢) هذا قول لبعض الشافعية على ما يبدو من السيوطي في ـ الأشباه والنّظائر : ٤٧.

٩١

وانسحب فيها الخلاف.

وربما قيل : إن جعلنا اسم العبادة يطلق عليها من حين النية فهي جزء على الإطلاق ، وإلا فهي شرط.

وقيل أيضا (١) : كل ما اعتبرت النية في صحته فهي ركن فيه ، كالصلاة ، وكل ما اعتبرت في استحقاق الثواب به فهي شرط فيه ، كالجهاد والكف عن المعاصي ، وفعل المباح ، أو تركه إذا قصد به وجه راجح شرعا.

ولا ثمرة مهمة في تحقيق هذا ، فإن الإجماع واقع على أن النية معتبرة في العبادة (٢) ، ومقارنة لها غالبا ، وأن فواتها يخل بصحتها. فيبقي النزاع في مجرد النية ، وإن كان قد يترتب على ذلك أحكام نادرة ذكرناها في (الذكرى) (٣) ، كصحة صلاة من تقدمت نيته على الوقت ونية الوضوء المنوي به الوجوب.

فان قلت : ما تقول في التيمم فإنه غير معتاد فلم افتقر إلى النية المميزة؟

قلت : ليس التميز بين العبادة والعادة مما يمحض شرعية النية لأجلها ، بل الركن الأعظم فيها التقرب ، فلا بد من قصده في التيمم ، كغيره. ولأن التميز حاصل منه بالنسبة إلى الفرض والنفل ، والبدل عن الأصغر والأكبر.

__________________

(١) قاله العلائي من الشافعية. انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٤٨.

(٢) في (ح) : العبادات.

(٣) انظر : كتاب الطهارة ـ في نية قطع الطهارة ـ المسألة العاشرة ، والركن الأول ـ في أفعال الصلاة وتوابعها ـ المسألة الأولى.

٩٢

الفائدة الثالثة عشرة

قضية الأصل : وجوب استحضار النية فعلا في كل جزء من أجزاء العبادة ، لقيام دليل الكل في الأجزاء ، فإنها عبادة أيضا ، ولكن لما تعذر ذلك في العبادة البعيدة المسافة ، أو تعسر في القريبة المسافة ، اكتفي بالاستمرار الحكمي. وفسر : بتجديد العزم كلما ذكر. ومنهم من فسره : بعدم الإتيان بالمنافي (١). وقد بيناه (٢) في رسالة الحج.

فلو نوى القطع ، فان كان المنوي إحراما ، لم يفسد إجماعا ، لأن محللاته معلومة. ولأنه لا يبطل بفعل المفسد فلأن لا يبطل بنية القطع أحرى.

وإن كان صوما ، ففيه وجهان : من تغليب شبه (٣) الفعل ، أو شبه (٤) الترك عليه (٥).

وإن كان صلاة ، فوجهان مرتبان ، وأولى بالبطلان ، لأنها أفعال محضة كان من حقها استصحاب النية فعلا في كل منها ، فلا أقل من الاستصحاب الحكمي ، وظاهر أن نية القطع تنافي الاستصحاب الحكمي.

ووجه عدم التأثير ، النّظر إلى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم) (٦) ومقتضاهما الحصر. ولأن الصلاة عبادة واحدة

__________________

(١) انظر : النوويّ ـ المجموع : ٣ ـ ٢٧٨.

(٢) في (م) و (أ) : فسرناه.

(٣) في (ح) : نية.

(٤) في (ح) : نية.

(٥) بمعنى : أنه لو غلب في الصوم جانب الفعل يبطل لو نوى القطع ، لاحتياج الفعل إلى النية ، ولو غلب جانب الترك لا يبطل ، لأن المتروك لا يحتاج إلى النية ، فلا تؤثر فيه نية للقطع. (عن بعض الحواشي).

(٦) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٤ ـ ٧١٥ ، باب ١ من أبواب تكبيرة الإحرام ، حديث : ١٠ ، وج ٤ ـ ١٠٠٣ ، باب ١ من أبواب التسليم ، حديث : ١ ، وسنن ابن ماجه : ١ ـ ١٠١ ، باب ٣ من كتاب الطهارة ، حديث : ٢٧٥ ، ٢٧٦.

٩٣

وكل جزء منها العبادة فيه إنما هو بالنظر إلى المجموع ، فإذا تحقق انعقادها بالتكبير بعد النية لم تؤثر القصود اللاحقة لذلك ، لأنها لم تصادف ما يجب فيه النية فعلا.

أما الوضوء والغسل ، فإن نية القطع تبطل بالنسبة إلى ما بقي لا إلى ما مضى ، لأنه أفعال منفصلة ، وخصوصا الغسل. نعم لو خرج الوضوء عن الموالاة أثر ذلك ، باعتبار فوات الشرط ، لا باعتبار تأثير النية في الماضي.

الفائدة الرابعة عشرة

التردد في قطع العبادة فيه وجهان مبنيان : على تأثير نية الخروج ، أو نية فعل المنافي.

وأولى بالصحّة ، لأن المنافاة غير متحققة ، بالنظر إلى كون التردد ليس على طرف النقيض بالنسبة إلى النية المصححة للعبادة.

والوجه : أنهما سواء ، لأن أقل أحوال الاستصحاب الحكمي الجزم بالبقاء على ما مضى ، والشك ينافي الجزم.

وأما نية فعل المنافي فهي كنية الخروج من العبادة تؤثر حيث تؤثر ، وينتفي حيث ينتفي التأثير. فلو نوى الصائم الإفطار فهو كنية القطع.

ويقوى عدم تأثير النية في الصوم ، لأن الصوم لا تبطل حقيقته بنفس فعل المنافي ، ولهذا ووجبت الكفارة لو أفطر ثانيا ، فلأن لا يبطل بنيته أولى.

فإن منع وجوب الكفارة الثانية فلنا أن نستدل : بأن نية المنافي لو أبطلت لما وجبت كفارة أصلا ، لأن الأكل والجماع مسبوقان بنية فعلهما ،

٩٤

فإذا أفسدت (١) النية صادفا صوما فاسدا ، فلا يتحقق به كفارة.

والإجماع على خلافه ، إلا أن يقال بقول الشيخ أبي الصلاح الحلبي (٢) رحمة الله (٣) ، وقول شيخنا الإمام فخر الدين (٤) بن المطهر (٥) رحمه‌الله : من أن ترك النية في الصوم موجب للكفارة ، إما بمجردهما ، أو بشرط انضمام المنافي إليهما. إلا أنه يلزم من الأول ارتكاب وجوب كفارتين بالجماع : إحداهما على نيته ، والأخرى على فعله. ولم يقل به أحد من العلماء.

__________________

(١) في (ح) و (م) و (ك) : فسدت.

(٢) هو الشيخ تقي بن النجم الحلبي من كبار علماء الإمامية كان معاصرا للشيخ أبي جعفر الطوسي المتوفى سنة ٤٦٠ هـ. له كتاب الكافي في الفقه ، والبرهان على ثبوت الإيمان. (القمي ـ الكنى والألقاب : ١ ـ ٩٧).

(٣) لم أعثر في كتابه (الكافي) على هذا القول ، ولعله موجود في غيره من مصنفاته.

(٤) هو أبو طالب محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي من كبار علماء الإمامية ولد سنة ٦٨٢ هـ فاز بدرجة الاجتهاد في السنة العاشرة من عمره الشريف وكان والده العلامة الحلي يثني عليه ويعظمه توفي سنة ٧٧١ هـ. ألف في الفقه والكلام والأصول. (القمي ـ الكنى والألقاب : ٣ ـ ١٣).

(٥) جاء في إيضاح الفوائد لفخر المحققين : ١ ـ ٢٣٣ ـ ٢٣٤ : (وقال المرتضى في الموصليات : إن نذر صوم يوم معين فأفطر كان عليه كفارة رمضان ، وإن كان غير صوم أو ترك صومه بترك النية لا يفعل المفطر ووجب كفارة يمين) وظاهره أن هذا قول للسيد المرتضى لا لفخر الدين. ولعل له هذا الرّأي في غير هذا الكتاب ، أو فيه ولم أعثر عليه.

٩٥

الفائدة الخامسة عشرة

يمكن اجتماع نية عبادة في أثناء أخرى ، كنية الزكاة والصيام في أثناء الصلاة ، وقد تضمن القرآن العزيز إيتاء (١) الزكاة في حال الركوع (٢) على ما دل عليه النقل من تصدق علي عليه‌السلام بخاتمه في ركوعه ، فأنزلت فيه الآية (٣).

أما لو كانت العبادة الثانية منافية للأولى ، كما لو نوى في أثناء الصلاة طوافا ، فهو كنية القطع.

ولو نوى المسافر في أثناء الصلاة المقام وجب الإتمام ، ولا يكون ذلك تغيرا مفسدا.

والسر فيه : أن النية السابقة اشتملت على أبعاض الصلاة ، (والباقي كالمكرر فلا يقدح عدم تقدم نيته) (٤).

على أن للملتزم (٥) أن يلتزم بوجوب النية لما زاد على المقدار المنوي أولا. ولا استبعاد فيه ، وإن لم تصاحبه تكبيرة الإحرام ، للانعقاد أصل الصلاة بها.

ولو نوى المقيم في أثناء الصلاة السفر قبل أن يصلي على التمام ، ففي جواز رجوعه إلى القصر ثلاثة أوجه ، ثالثها : الفرق بين من تجاوز

__________________

(١) في (ك) و (أ) : إتيان.

(٢) وهو قوله تعالى في سورة المائدة : ٥٥ (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ).

(٣) انظر : الشيخ الطوسي ـ تفسير التبيان : ٣ ـ ٥٤٩.

(٤) في (ك) : والثاني كالمكرر فلا يقع عدم تعلق نيته.

(٥) في (ا) : للمانع.

٩٦

التقصير وبين من لم يتجاوز. وهنا لا قادح ، لعدم زيادة شي‌ء على العبادة ، وإنما هو حذف شي‌ء منها. نعم وجه الإتمام قوي (لقولهم عليهم‌السلام) (١) : (الصلاة على ما افتتحت عليه) (٢). ولوجوب.

إتمام العبادة الواجبة بالشروع فيها.

الفائدة السادسة عشرة

العدول من الصلاة المعينة إلى صلاة أخرى ، أو من الصوم فريضة إلى الصوم نافلة أو بالعكس ، ليس من باب نية فعل المنافي ، إذ لا تغير فاحشا فيه. وكذا في العدول من نسك إلى آخر ، ومن نسك التمتع إلى قسيميه ، وبالعكس.

ويجب في هذه المواضع إحداث نية العدول إليه ، ويحرم التلفظ بها في أثناء الصلاة ، فلو فعله بطلت. بخلاف باقي العبادات أو التلفظ بها في أول الصلاة ، فإنه جائز ، ولكن الأولى تركه ، لأن مسمى النية هو : الإرادة القلبية ، وهو حاصل ، فلا معنى للتلفظ. ولأن السلف لم يؤثر عنهم ذلك.

ومن زعم استحباب التلفظ (٣) ، ليجمع بين التعبد بالقلب واللسان ، فقد أبعد ، لأنا نمنع كون التلفظ (٤) باللسان عبادة ، وليس النزاع إلا فيه.

__________________

(١) في (م) و (ك) و (ح) : لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٢) انظر : العلامة الحلي ـ المختلف : ١ ـ ١٥٧. وقد ورد بمضمونه عن الإمام الصادق عليه‌السلام. انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٤ ـ ٧١٢ ، باب ٢ من أبواب النية ، حديث : ٢.

(٣) قاله بعض الشافعية. انظر الشيرازي ـ المهذب : ١ ـ ٧٠.

(٤) في (ك) و (م) و (أ) : اللفظ.

٩٧

الفائدة السابعة عشرة

اقتران عبادتين في نية واحدة جائز إذا لم يتنافيا ، (فتارة) تكون إحداهما منفكة عن الأخرى ، كنية دفع الزكاة والخمس ، و (تارة) مصاحبة لها ، كنية الصوم والاعتكاف ، أو (تابعة لها). وتتحقق التبعية في أمور :

منها : لو نوى النظافة في الأغسال المسنونة ، فان النظافة تابعة للغسل على وجه التقرب ، بل (١) هي المقصودة من شرعية الغسل.

ومنها : نية تحسين القراءة في الصلاة ، ونية (٢) تحسين الركوع والسجود ، ليقتدى به ، لا لاستجلاب نفع ، ولا لدفع ضرر.

ومنها : أن يزيد الإمام في ركوعه انتظارا للمسبوق ، ليفيده ثواب الجماعة ، ويستفيد الإمام بزيادة عدد الجماعة المقتضي لزيادة الثواب ، فإنه إعانة للمأموم على الطاعة ، والإعانة على الطاعة طاعة ، لأن وسيلة الشي‌ء يلحق بها حكمه.

وتوهم بعض العامة (٣) منعه ، لأنه شرك في العبادة.

وهو مدفوع بما قررناه. ولأنه لو كان ذلك شركا في العبادة لكان لاحقا بالأذان والإقامة ، والأمر بالمعروف ، بل بتعليم العلوم. وليس كذلك بالإجماع.

ومنها : رفع الإمام صوته بالقراءة في الجهرية ، ليسمعه المأمون ، ورفع الخطيب صوته في الخطبة ، ورفع القارئ صوته بالقراءة وتحسينه

__________________

(١) في (م) و (أ) : و.

(٢) زيادة من (ح).

(٣) قاله بعض الشافعية. انظر : الشيرازي ـ المهذب : ١ ـ ٩٦.

٩٨

لاستجلاب الاستماع المستتبع للطف ، لا لاستجلاب التعظيم ، ودفع الضرر.

ومنها : أنه إذا وجد منفردا يصلي استحب له أن يؤمه ، أو يأتم به ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد رأى رجلا يصلي منفردا ـ : (من يتصدق على هذا؟) فقام رجل فصلى خلفه (١).

الفائدة الثامنة عشرة

لا يجب عندنا النفل (٢) بالشروع فيه ، إلا الحج والاعتمار.

وفي الاعتكاف للأصحاب ثلاثة أوجه : الوجوب بالشروع ، والوجوب بمضي يومين ، وعدم الوجوب. وأوسطها وسطها.

نعم يكره قطع العبادة المندوبة بالشروع فيها ، وتتأكد الكراهية في الصلاة ، وفي الصوم بعد الزوال.

الفائدة التاسعة عشرة

جوّز بعض الأصحاب (٣) الإبهام في نية الزكاة بالنسبة إلى خصوصيات الأموال.

فلو وجب عليه شاة في الغنم وشاة في الإبل ، ونوى إخراج شاة ، برئت الذّمّة وإن لم يعين إحداهما. نعم يشترط قصد الزكاة المالية.

ولا يخلو من إشكال ، لأن البراءة إن نسبت إلى أحد المالين بعينه فهو تحكم بغير دليل ، وإن نسبت إليهما ، بمعنى التوزيع ، فهو غير منوي

__________________

(١) انظر مسند أحمد بن حنبل : ٣ ـ ٥ ، ٥ ـ ٢٦٩ (باختلاف بسيط).

(٢) في (ك) : الفعل.

(٣) انظر : العلامة الحلي ـ تذكرة الفقهاء : ١ ـ ٢٤٣.

٩٩

(وإنما لكل امرئ ما نوى) (١).

وتظهر الفائدة : فيما لو تلف أحد النصابين قبل التمكن من الدفع بعد أن دفع عن الأول.

فإن قلت : كيف يتصور عدم التمكن وقد كان يمكنه دفع الشاتين إلى من دفع إليه إحداهما؟

قلت : يتصور ذلك في ابن السبيل لا يعوزه إلا شاة ، وشبهه.

وأما الإبهام في العتق عن الكفارة ، ففيه خلاف مشهور (٢).

والأقرب المنع ، سواء اتحدت الكفارة جنسا أو اختلفت.

وأما الإبهام في النسك ، فقد صرح الأصحاب بمنعه (٣) حيث يكون المكلف مخاطبا بأحدهما ، كالحج أو العمرة. ولو لم يجب عليه أحدهما ، والزمان غير صالح للحج ، وجبت العمرة ، وإن صلح لهما ، كأشهر الحج ، ففيه وجهان : التخيير ، والبطلان ، لعدم التميز الّذي هو ركن في النية.

الفائدة العشرون

تجري النية في غير العبادات ، ولها موارد :

منها : قصد زكاة التجارة أو القنية. ويتفرع عليها : لو لم يستمر على قصد التجارة ، إما بأن نوى القنية ، أو نوى رفض التجارة ، فإنه

__________________

(١) انظر : ابن قدامة ـ المحرر في الحديث : ٢٠٤ ، والغزالي ـ إحياء علوم الدين : ٢ ـ ١٥.

(٢) انظر : العلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ٥ ـ ١١٤ ـ ١١٥.

(٣) انظر : العلامة الحلي ـ تحرير الأحكام : ١ ـ ٩٥ ، وقواعد الأحكام : ٣١.

١٠٠