القواعد والفوائد - ج ١

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

القواعد والفوائد - ج ١

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: السيّد عبد الهادي الحكيم
الموضوع : الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٧
الجزء ١ الجزء ٢

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد وآله الطيبين الطاهرين.

إن من ضروريات المتبحر في الفقه الاسلامي الذي يروم البلوغ إلى رتبة الاجتهاد الشرعي الإحاطة بنوعين من القواعد :

الأولى : أصولية ، ويرتكز عليها قياس استنباط الفقهاء للأحكام الشرعية الفرعية الكلية (١).

الثانية : قواعد فقهية ، وهي : أحكام كلية يندرج تحت كل منها مجموعة من المسائل الشرعية المتشابهة من أبواب شتى.

وبالإحاطة بهذه القواعد ـ إضافة إلى بعض المعدات الأخرى للاجتهاد ـ (٢) تحصل للفقيه ملكة الاجتهاد الشرعي.

وبقدر الإحاطة بتلكم القواعد يعظم قدر الفقيه ، وتتضح مناهج الاستنباط لديه.

__________________

(١) الاستاذ الحكيم / الاصول العامة للفقه المقارن : ٤١.

(٢) انظرها في المصدر السابق : ٥٧٢ ـ ٥٧٦.

٣

تدوين القواعد الفقهية

والقواعد الفقهية بوشر بصياغتها ـ على ما يبدو ـ بعد أن دون الفقه ، وأخذت تدرس مطولاته وفروعه ، وتظافر على التأليف والتنقيح فيه رجال التخريج والترجيح (١).

وبلغ من عناية قسم كبير من الفقهاء بالقواعد صياغتها على وجه التركيز حتى أن أبا طاهر الدباس ـ من فقهاء الحنفية في القرن الثالث الهجري ـ در جميع مذهب أبي حنيفة إلى سبع عشرة قاعدة. كما رد القاضي حسين ـ الفقيه الشافعي ـ جميع المذهب إلى أربع قواعد ، هي :

الأولى : اليقين لا يزال بالشك.

الثانية : المشقة تجلب التيسير.

الثالثة : الضرر يزال.

الرابعة : العادة محكمة.

وقد ضم بعضهم إلى هذه الأربع قاعدة خامسة ، وهي : الأمور بمقاصدها (٢).

وأرجع الشيخ عز الدين بن عبد السلام السلمي الشافعي المتوفى سنة ٦٦٠ هـ الفقه كله إلى اعتبار المصالح ودرء المفاسد (٣). وأرجع تاج الدين السبكي الفقه كله على نحو الاجمال إلى اعتبار المصالح ، فان درء المفاسد من جملتها (٤).

__________________

(١) محمد شفيق العاني / الفقه الاسلامي : ١٠٤.

(٢) انظر : السيوطي / الأشباه والنظائر : ٨.

(٣) قواعد الأحكام : ١ / ١١.

(٤) انظر : السيوطي / الأشباه والنظائر : ٨.

٤

وقال بعضهم ـ وهو يعقب على من أرجع الفقه كله إلى القواعد الأربع السابقة ـ : " في كون هذه الأربع دعائم الفقه كله نظر ، فان غالبه لا يرجع إليها إلا بواسطة وتكلف " (١). وإضافة القاعدة الخامسة إليها لا يعطيها استيعاب تمام الفقه. كما أن ارجاع الفقه كله إلى قاعدة واحدة أوضح في التمحل والتكلف ، كما هو لا يخفى.

المؤلفون في القواعد الفقهية

وقد اشتهر جمع من الفقهاء بتدوين القواعد (٢) ، منهم :

١ ـ عبد الله بن حسين بن دلال الكرخي الحنفي ، المتوفى سنة ٣٤٠ هـ صاحب كتاب (الأصول التي عليها مدار فروع الحنفية). مطبوع.

٢ ـ أبو زيد عبيد بن عمر الدبوسي القاضي الحنفي ، المتوفى سنة ٤٣٠ هـ له كتاب (تأسيس النظر). مطبوع.

٣ ـ محمد بن مكي بن الحسن العاملي المعروف بابن دوست المتوفى سنة ٥٠٧ هـ.

٤ ـ معين الدين أبو حامد محمد بن إبراهيم الجاجرمي الشافعي ، المتوفى سنة ٦١٣ هـ ، له كتاب (القواعد في فروع الشافعية).

٥ ـ أبو محمد عز الدين بن عبد السلام الشافعي المتوفى سنة ٦٦٠ ه‍ـ صاحب كتاب (قواعد الأحكام في مصالح الأنام). مطبوع.

٦ ـ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن العلاء الصنهاجي المشهور

__________________

(١) نفس المصدر السابق.

(٢) انظر : حاجي خليفة / كشف الظنون : ٢ / ١٣٥٨ ـ ١٣٥٩ ، وإسماعيل باشا / ايضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون : ٢ / ٢٤٣ ، والعاني / الفقه الاسلامي : ١٠٥ ـ ١٠٦.

٥

ب‍ـ (القرافي) ، المتوفى سنة ٦٨٤ هـ ، صاحب كتاب (الفروق) ، مطبوع.

٧ ـ نجم الدين سليمان بن عبد القوي الطوفي الحنبلي ، المتوفى سنة ٧١٠ هـ ، صنف كتابا في (القواعد الكبرى في فروع الحنابلة).

٨ ـ صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي الدمشقي الشافعي الشهير بابن العلاء ، المتوفى سنة ٧٦١ هـ ، له كتاب (المجموع المذهب في قواعد المذهب) و (الأشباه والنظائر في فروع فقه الشافعي).

٩ ـ تاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي الشافعي ، المتوفى سنة ٧٧١ هـ.

١٠ ـ أبو عبد الله محمد بن مكي العاملي الشهير بالشهيد الأول ، المتوفى سنة ٧٨٦ هـ مؤلف هذا الكتاب (القواعد والفوائد).

١١ ـ بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي ، المتوفى سنة ٧٩٤ هـ.

١٢ ـ أبو الفرج عبد الرحمان بن رجب الحنبلي ، المتوفى سنة ٧٩٥ ه‍ـ صاحب كتاب (القواعد في الفقه الاسلامي) ، مطبوع.

١٣ ـ شرف الدين علي بن عثمان الغزي ، المتوفى سنة ٧٩٩ هـ.

١٤ ـ المقداد بن عبد الله السيوري الحلي الشهير بالفاضل السيوري ، المتوفى سنة ٨٢٦ هـ ، له كتاب (نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية).

١٥ ـ جلال الدين عبد الرحمان السيوطي الشافعي ، المتوفى سنة ٩١١ ه‍ـ صاحب كتاب (الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية). مطبوع.

١٦ ـ زين الدين علي بن أحمد الجبعي العاملي الشهير بالشهيد الثاني المتوفى سنة ٩٦٥ هـ ، صاحب كتاب (تمهيد القواعد الأصولية والعربية لتفريع فوائد الأحكام الشرعية) ، مطبوع.

٦

١٧ ـ عمر بن إبراهيم بن محمد المصري المعروف بابن نجيم الحنفي ، المتوفى سنة ١٠٠٥ هـ ، صنف كتاب (الأشباه والنظائر) ، مطبوع.

١٨ ـ أبو سعيد محمد بن مصطفى الخادمي المتوفى سنة ١١٧٦ هـ ، صاحب كتاب (مجامع الحقائق).

١٩ ـ أحمد بن محمد أبي ذر النراقي الامامي ، المتوفى سنة ١٢٤٤ ه‍ـ صاحب كتاب (عوائد الأيام في مهمات أدلة الأحكام) ، مطبوع.

٢٠ ـ السيد عبد الفتاح بن علي الحسيني المراغي الامامي ، المتوفى سنة ١٢٥٠ هـ صنف كتاب (عناوين الأصول) ، مطبوع.

٢١ ـ الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ، المتوفى سنة ١٣٧٣ هـ ، صاحب كتاب (تحرير المجلة) ، مطبوع.

٢٢ ـ السيد ميرزا حسن الموسوي البجنوردي ، المتوفى سنة ١٣٩٥ ه‍ـ صاحب كتاب (القواعد الفقهية) ، مطبوع.

كتاب [ القواعد والفوائد ]

ومن خلال هذا العدد الكثير ممن شاركوا في الكتابة عن القواعد الفقهية لم نجد لدى فقهاء الإمامية قبل الشهيد الأول كتابا في هذا المضمار. ومن هنا فان كتاب (القواعد والفوائد) يعتبر أول مصنف يصل الينا في قواعد وفروع الامامية ، وقد قال عنه مصنفه في اجازته لابن الخازن : انه (لم يعمل الأصحاب مثله) (١). وهذا من أبرز الأسباب التي دفعتني لتحقيق هذا السفر الجليل.

وقد احتوى الكتاب على ما يقرب من ثلاثمائة وثلاثين قاعدة. إضافة إلى فوائد تقرب من مائة فائدة ، عدا التنبيهات والفروع ، وهي جميعا

__________________

(١) المجلسي / البحار : مجلد ٢٦ / ج ١ / ٣٨.

٧

قد استوعبت أكثر المسائل الشرعية.

وهذه القواعد والفوائد التي احتواها الكتاب ليست فقهية خالصة وإنما فيها بعض القواعد والفوائد الأصولية والعربية ، ولكن الطابع الفقهي هو الغالب عليها.

منهجه :

ومنهج المصنف في هذا الكتاب هو : أنه يورد القاعدة أو الفائدة ثم يبين ما يندرج تحتها من فروع فقهية ، وما قد يرد عليها من استثناءات إن كان هناك استثناء منها.

وهو لم يقتصر على بيان رأي الامامية فيما يذكره من المسائل ، وإنما اتخذ المقارنة في أغلب الفروع الفقهية ، فيعرض ما قيل من الوجوه سواء كان القائل إماميا أم غيره. كما أنه قد يذكر قولا نادرا تفرد به بعض الامامية أو غيرهم ، مما يدل على سعة اطلاعه واحاطته بآراء الفقهاء على اختلاف مذاهبهم. ولا غرو في ذلك وهو القائل في اجازته لابن الخازن الحائري : (وأما مصنفات العامة ومروياتهم فاني أروي عن نحو أربعين شيخا من علمائهم بمكة ، والمدينة ، ودار السلام بغداد ، ومصر ودمشق ، وبيت المقدس ، ومقام الخليل إبراهيم عليه السلام) (١).

كما أنه لا يكتفي بنقل تلكم الأقوال والوجوه في المسألة الفقهية بل هو غالبا ما يذكر أدلتها وحججها ، ويناقش ما لا يرتضيه منها مناقشات جليلة.

ويلاحظ أن المصنف لم يتبع في الغالب منهجا معينا في ترتيب ما أورده من قواعد وفوائد ، فهو لم يفصل القواعد الفقهية عن الأصولية

__________________

(١) المجلسي / البحار : مجلد ٢٦ / ج ١ / ٣٩.

٨

أو العربية كما أنه لم يرتب القواعد الفقهية منها على أبواب الفقه المشهورة ، فهو وإن كان قد جمع بعض قواعد الاجتهاد ، والمناكحات ، والجنايات ، ثم قسما من قواعد العبادات والعقود والإرث ، إلا أن الطابع العام له عدم الترتيب ، إذ هو في الوقت الذي يجمع قواعد المناكحات نراه يذكر في مكان آخر بعض القواعد التي تتعلق بالنكاح. وهكذا القول في قواعد الجنايات ، وباقي أبواب الفقه التي جمع قواعدها.

بالإضافة إلى كل ذلك فإنه أحيانا يكرر القاعدة في أكثر من موضع كالكثير من قواعد السبب ، وبعض قواعد المناكحات ، وقواعد الوسائل إلى المصالح.

ومن ثم قام تلميذه المقداد بن عبد الله السيوري الحلي بترتيب تلكم القواعد وتهذيبها ، ووضع في ذلك كتابا سماه (نضد القواعد الفقهية) الذي تقدمت الإشارة إليه. كما أن الشهيد الثاني زين الدين العاملي قام هو الآخر بفصل القواعد الأصولية عن العربية مع فهرس كامل للمطالب والمسائل الفرعية التي تندرج تحت تلكم القواعد ، فصنف كتاب (تمهيد القواعد الأصولية والعربية) الذي تقدمت الإشارة إليه أيضا.

مصادره

ونظرا لان المصنف أخذ بمنهج المقارنة بين مختلف المذاهب الاسلامية فيما يعرضه من مسائل فرعية فقد اعتمد على العديد من المراجع المختلفة وان لم يسم الغالب منها بالاسم صريحا.

ومن أهم مصادره في الفقه الإمامي :

١ ـ المقنعة للشيخ المفيد

٢ ـ الانتصار للسيد المرتضى

٩

٣ ـ المقنع للشيخ الصدوق

٤ ـ الخلاف للشيخ الطوسي

٥ ـ المبسوط للشيخ الطوسي

٦ ـ النهاية للشيخ الطوسي

٧ ـ السرائر لابن إدريس

٨ ـ الكافي لأبي الصلاح الحلبي

٩ ـ الجامع للشرائع لابن سعيد الحلي الهذلي

١٠ ـ شرائع الاسلام للمحقق الحلي

١١ ـ المعتبر للمحقق الحلي

١٢ ـ تحرير الأحكام للعلامة الحلي

١٣ ـ قواعد الأحكام للعلامة الحلي

١٤ ـ مختلف الشيعة للعلامة الحلي

١٥ ـ منتهى المطلب للعلامة الحلي

١٦ ـ إيضاح الفوائد لفخر المحققين

أما مصادره في الفقه السني فأهمها :

١ ـ المهذب للشيرازي

٢ ـ المجموع شرح المهذب للنووي

٣ ـ الوجيز للغزالي

٤ ـ فتح العزيز شرح الوجيز للرافعي

٥ ـ قواعد الأحكام لابن عبد السلام

٦ ـ الفروق للقرافي

ويبدو أن المصدرين الأخيرين ـ القواعد ، والفروق ـ اعتمد عليهما المصنف كثيرا في تدوين آراء أهل السنة.

١٠

كما أني وجدت من خلال مراجعتي للكتاب أنه يذكر قواعد وفروعا موجودة في الأشباه والنظائر للسيوطي المتوفى سنة ٩١١ هـ ، وغالبا ما يكون السيوطي قد نقلها عن آخرين ممن سبقوه من فقهاء الشافعية كالعلائي والسبكي وهذا مما يؤيد أن المصنف كان قد اطلع على بعض مصادر الشافعية ـ غير ما ذكرناه ـ التي عنيت بهذا النوع من البحث.

وقد ذكر الخوانساري في روضات الجنات (١) : أن الشهيد الأول كان معاصرا لشمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الخليلي الملقب ب‍ (العلاء) صاحب كتاب القواعد المشهور (وقد عاشره قليلا أو كان قد طالع مصنفاته كثيرا لما يوجد في مصنفاتهما من المشابهة وضعا والمشاركة سبكا ، بحيث قيل : إن غالب مطالب قواعد الشهيد مأخوذة من قواعد ذلك العلم الفريد).

والذي يبدو أن وجود التشابه بينه وبين العلاء لا يدل على أخذه من العلاء ، لجواز أخذ العلاء منه ، أو أن يكون العلاء نفسه قد اعتمد على المصادر المتقدمة التي اعتمد عليها المصنف. فهذا القول ليس عليه دليل قوي يستند إليه.

تأريخ تصنيفه

لم أعثر ـ في حدود تتبعي ـ على من يحدد تأريخ ابتداء تأليف كتاب (القواعد والفوائد) أو الفراغ منه ، ولكن الشئ الثابت أنه كان قبل (١٢ رمضان سنة ٧٨٤ هـ) بدليل أن المصنف ذكره من جملة الكتب التي صنفها في إجازته لابن الخازن بهذا التأريخ ، وأجاز له روايته ، فقد جاء فيها : (... وأجاز له جميع ما يجوز عنه وله روايته من مصنف ومؤلف ومنثور ومنظوم ... فمما صنفته : كتاب القواعد

__________________

(١) ٤ / ٢٠٥. (الطبعة الحجرية بإيران سنة ١٣٠٦ ه‍).

١١

والفوائد ، في الفقه ، مختصر مشتمل على ضوابط كلية أصولية وفرعية تستنبط منها أحكام شرعية لم يعمل الأصحاب مثله ..) (١). ويبدو من بعض فقرات الإجازة أنه كان تاما في ذلك الوقت ، فقد جاء فيها : (.. وغير ذلك من الرسائل وكتب شرع فيها يرجى إتمامها في الفقه والكلام والعربية إن شاء الله) (٢). فما ذكره ناسخ النسخة الخطية المحفوظة بمكتبة السيد الحكيم العامة بالنجف تحت رقم : ٢١٣٦ ، من أن القضاء قد عاجل المصنف قبل إتمامه (٣) ، لا دليل عليه.

شروحه وحواشيه

لقد تناول العلماء والمحققون هذا الكتاب بالشرح والتعليق ويبدو أنه كان من الكتب الدراسية (٤) فممن شرحه :

١ ـ الميرزا أبو تراب ، المعروف بميرزا أقا القزويني الحائري ، المتوفى بعد سنة ١٢٩٢ هـ.

٢ ـ الشيخ علي بن علي رضا الخوئي ، المتوفى سنة ١٣٥٠ هـ (٥). وأما حواشيه فكثيرة ، منها :

١ ـ حاشية الشيخ أبي القاسم علي بن طي العاملي المتوفى سنة ٨٥٥ هـ.

٢ ـ حاشية الشيخ البهائي محمد بن الحسين بن عبد الصمد الجبعي العاملي ، المتوفى سنة ١٠٣١ هـ. طبعت بهامش النسخة المطبوعة بإيران سنة ١٣٠٨ هـ.

__________________

(١) المجلسي / البحار : مجلد ٢٦ / ج ١ ص : ٣٨.

(٢) نفس المصدر.

(٣) انظر الصفحة الأخيرة من النسخة الخطية.

(٤) انظر : آغا بزرك / الذريعة : ١٤ / ١٦.

(٥) المصدر السابق : ١٤ / ١٦ ـ ١٧.

١٢

٣ ـ حاشية الشيخ محمد بن علي الحرفوشي ، المتوفى سنة ١٠٥٩ ه‍ـ طبعت أيضا بهامش النسخة المطبوعة سنة ١٣٠٨ هـ.

٤ ـ حاشية السيد محمد بن محمود الحسيني اللواساني الطهراني المعروف ب‍ (عصار) المتوفى سنة ١٣٥٦ هـ ، وهي طبعت أيضا بهامش النسخة المطبوعة.

٥ ـ حاشية المولى حسن علي بن عبد الله التستري المتوفى سنة ١٠٧٥ ه‍ـ.

٦ ـ حاشية ميرزا قاضي بن كاشف الدين محمد اليزدي المتوفى سنة ١٠٥٦ هـ ، وهي حاشية على قاعدة واحدة من قواعد الشهيد.

٧ ـ حاشية السيد إسماعيل بن نجف المرندي ، المتوفى سنة ١٣١٨ هـفرغ منها سنة ١٢٨٦ هـ.

٨ ـ حاشية الشيخ محمد بن محمد باقر الشهير بالفاضل الإيرواني ، المتوفى سنة ١٣٠٦ هـ ، وهي بهامش النسخة الخطية الخاصة بالأستاذ الشيخ محمد تقي الإيرواني التي اعتمدتها في التحقيق.

٩ ـ حاشية ميرزا محمد بن سليمان التنكابني (١).

الشهيد الأول [ مؤلف الكتاب ]

نسبه ونشأته

هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ جمال الدين مكي بن الشيخ شمس الدين محمد بن حامد بن أحمد النبطي العاملي الجزيني (٢) الشهير بـ‍ (الشهيد الأول) أو ب‍ (الشهيد) (٣).

__________________

(١) المصدر السابق : ٦ / ١٧٣.

(٢) نسبة إلى جزين من قرى جبل عامل جنوب لبنان.

(٣) الخوانساري / روضات الجنات : ٤ / ٧٨.

١٣

ولد في جزين سنة ٧٣٤ هـ ، ونشأ وترعرع في بيت من بيوت العلم والدين ، فقد كان والده الشيخ جمال الدين عالما جليلا ، وعلى يده تلقى مبادئ العلوم العربية والفقه. وكان يجد من والده الشيخ دافعا قويا على الدراسة والتفكير فيما يعرض من مسائل وما يطرح من أفكار. كما كان يجد في المجالس والندوات العلمية التي كانت تعقد هناك بكثرة مجالاخصبا للمناقشة وابداء الرأي. فأصبح وهو لم يتجاوز بعد المراحل الأولى من دراسته يشار إليه بالفضل والعلم (١).

أسفاره

لقد أراد الشهيد الأول التزود بالمعرفة من مختلف مصادرها ، ولم يقتصر على ما يتلقاه من الثقافة في جزين أو جبل عامل ، فشد الرحال إلى مراكز العلم والفكر الاسلامي الرئيسة في ذلك العهد. وكانت الهجرة الأولى له سنة ٧٥٠ هـ قاصدا الحلة ـ التي كانت مركزا من مراكز الفقه الشيعي في العراق ـ وعمره ست عشرة سنة ، وبقي فيها خمس سنين يتزود بالمعرفة ويتلقى العلم على يد شيوخ كبار من تلامذة العلامة الحلي في الفقه والحديث والأصول وغيرها من مجالات المعرفة. ثم رجع إلى بلاده وهو ابن احدى وعشرين سنة (٢).

ثم تتابعت رحلاته إلى الحلة ، وكربلاء ، وبغداد ، ومكة المكرمة والمدينة المنورة ، وبيت المقدس ، ومدينة الخليل ، ودمشق ، ومصر.

وقد أتيح له عن طريق هذه الرحلات مخالطة الكثير من علماء المذاهب الاسلامية المختلفة ، والتعرف على آرائهم وأفكارهم. كما كان على صلة وثيقة بمشيخة الرواية من علمائهم ، وفي إجازته لابن الخازن

__________________

(١) الآصفي / مقدمة الروضة البهية للشهيد الثاني : ٨٠ ـ ٨٢.

(٢) الأمين / أعيان الشيعة : ج ٤٧ / ٣٧.

١٤

المتقدمة خير دليل على ذلك.

شيوخه

تلقى الشهيد الأول العلوم المختلفة ، النقلية منها والعقلية ، على العديد من اعلام الفكر ، وكان لهم الأثر في تكوين شخصيته العلمية ، وقد عدد الكثير منهم في إجازتيه لابن الخازن (١) وابن نجدة (٢) ، وفيما يلي ذكر لقسم منهم فيما عثرنا عليه ، سواء من إجازته لتلامذته ، أم من إجازات شيوخه له :

١ ـ فخر الدين أبو طالب محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي ، المعروف ب‍ (فخر المحققين) ، والمتوفى سنة ٧٧١ هـ. اتصل به بعد أن هاجر الهجرة الأولى إلى الحلة ولازمه. وقيل (٣) : إن معظم اشتغاله العلمي كان عليه.

وقد أجازه أكثر من مرة ، الأولى كانت سنة ٧٥١ هـ بداره في الحلة يستفاد ذلك من كتابه (الأربعون) حيث يقول : (الحديث الثاني : ما أخبرني به ذلك الشيخ الامام شيخ الشيعة ورئيسهم فخر الدين أبو طالب محمد بن الحسن بن المطهر في آخر نهار عشرين شعبان بداره سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بالحلة عن والده الامام الأعظم ..) ولفظ (أخبرني) وإن كان قد يستعمل في تحمل الحديث بالسماع أو بالقراءة ، إلا أنه مما يكثر استعماله في التحمل بالإجازة (٤). ومن هنا فان النوري (٥) يراه

__________________

(١) انظر : المجلسي / البحار : مجلد ٢٦ / ج ١ : ٣٨.

(٢) المصدر السابق : ٤٠. (٣) الخوانساري / روضات الجنات : ٤ / ٧٨.

(٤) انظر : الشهيد الثاني / الدراية : ٨٦. (طبعة النجف ١٣٧٩ ه‍).

(٥) مستدرك الوسائل : ٣ / ٤٣٧.

١٥

من الألفاظ الصريحة في ذلك. وأجازه ثانية في ٦ شوال سنة ٧٥٦ هـ بالحلة وهي إجازة عامة كتبها على ظهر الجزء الأول من مصنفه (إيضاح الفوائد في شرح اشكالات القواعد) عند قراءته عليه (١). وإجازة ثالثة ـ على ما قيل (٢) ـ سنة ٧٥٧ هـ.

٢ ـ عميد الدين أبو عبد الله عبد المطلب بن مجد الدين أبي الفوارس محمد بن علي بن الأعرج الحلي الحسيني ، الشهير ب‍ (العميدي) المتوفى سنة ٧٥٤ هـ ، قرأ عليه كتاب (تذكرة الفقهاء) للعلامة الحلي ، وإجازة سنة ٧٥٢ هـ (٣). وله إجارة منه في الرواية في ١٩ رمضان سنة ٧٥١ ه‍

في الحضرة الحائرية ، كما يستفاد من مقدمة كتابه (الأربعون).

٣ ـ الشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن طراد المطار آبادي المتوفى سنة ٧٦٢ هـ. أجازه بالحلة في ٦ ربيع الثاني سنة ٧٥٤ هـ (٤).

٤ ـ جلال الدين أبو محمد الحسن بن الشيخ نظام الدين أحمد بن نماء الحلي ، كان من أكابر علماء الحلة وفقهائها. أجازه بالحلة في ربيع الثاني سنة ٧٥٢ هـ (٥).

٥ ـ السيد تاج الدين أبو عبد الله محمد بن السيد جلال الدين بن القاسم الحسيني الديباجي ، المعروف بابن معية ، المتوفى سنة ٧٧٦ هـ. وكان جليل القدر واسع الرواية. إجارة بالحلة في منتصف شوال

__________________

(١) المجلسي / البحار : مجلد ٢٦ / ج ١ : ٣٦.

(٢) انظر : البحراني / لؤلؤة البحرين : ١٤٣ (هامش) نقلا عن السيد حسن الصدر في تكملة أمل الآمل ، المخطوط.

(٣) انظر : النوري / مستدرك الوسائل : ٣ / ٤٥٩.

(٤) الشهيد الأول / الأربعون : حديث : ٤ ، ٣٢.

(٥) المصدر السابق : حديث : ٣.

١٦

سنة ٧٥٣ هـ (١). وله إجازة أخرى في ١١ شوال سنة ٧٥٤ هـ ، أجازه فيها برواية جميع مروياته ومصنفاته (٢).

٦ ـ الشيخ قطب الدين أبو جعفر محمد بن محمد الرازي البويهي الحكيم المتأله الفقيه ، من تلامذة العلامة الحلي ، المتوفى في ١٢ ذي القعدة سنة ٧٧٦ هـ. يقول عنه الشهيد الأول في إجازته لابن الخازن : (فاني حضرت في خدمته قدس الله لطيفه بدمشق عام ثمانية وستين وسبعمائة واستفدت من أنفاسه ، وأجاز لي جميع مصنفاته ومؤلفاته في المعقول والمنقول أن أرويها عنه ، وجميع مروياته) (٣). واجتمع به مرة أخرى بدمشق في أواخر شعبان سنة ٧٧٦ هـ ، وأجازه ثانية (٤).

٧ ـ قاضي قضاة مصر برهان الدين إبراهيم بن عبد الرحيم بن محمد ابن سعد بن جماعة. قرأ عليه الشاطبية.

٨ ـ شمس الدين محمد بن عبد الله البغدادي الحنبلي ، قرأ عليه الشاطبية أيضا ، وروى عنه كتاب (الجامع الصحيح) للبخاري (٥).

٩ ـ شمس الأئمة محمد بن يوسف القرشي الكرماني الشافعي ، وقد أجازه بإجازة عامة في أوائل جمادى الأولى سنة ٧٥٨ هـ ببغداد ، وجاء فيها : (وبعد فقد استجاز المولى الأعظم إمام الأئمة صاحب الفضلين مجمع المناقب والكمالات الفاخرة جامع علوم الدنيا والآخرة شمس الملة والدين محمد بن الشيخ العالم جمال الدين بن مكي بن شمس الدين محمد الدمشقي رزقه الله من

__________________

(١) المصدر السابق : حديث : ٥.

(٢) المجلسي / البحار : مجلد ٢٦ / ج ١ ص : ٣٧.

(٣) المصدر السابق : ص ٣٩.

(٤) النوري / مستدرك الوسائل : ٣ / ٤٤٧.

(٥) المجلسي / البحار : مجلد ٢٦ / ج ١ ص ٣٩.

١٧

أولاه وأخراه ما هو أولاه وأحراه رواية مالي فيه حق الرواية لا سيما كتب الثلاثة التي صنفها أستاذ الكل في الكل عضد الملة والدين عبد الرحمن المولى السعيد زين الدين أحمد بن عماد الدين عبد الغفار اللائجي ...) (١).

١٠ ـ الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن الحسن الحنفي ، فقيه بيت المقدس ، قرأ عليه الخلاصة المالكية ، وأجازه.

١١ ـ الشيخ برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري الفقيه بمقام الخليل إبراهيم عليه السلام. قرأ عليه الخلاصة المالكية أيضا (٢).

١٢ ـ السيد جمال الدين عبد الله محمد الحسني العريضي الخراساني. قرأ عليه في المعاني والبيان كتاب (الفوائد الغياثية وشرحها) و (المفتاح) للسكاكي (٣).

تلامذته

تتلمذ على يده جماعة من الاعلام أثناء تدريسه في الحلة ، وفي مدرسته الخاصة التي أنشأها بجزين ، وفي رحلاته التي كان يقوم بها في الأقطار الاسلامية.

وقد عرف في الحلة بتدريس كتاب (تهذيب الأحكام) للشيخ الطوسي ، و (علل الشرائع) للصدوق ، و (قواعد الأحكام) للعلامة الحلي. وكتب أخرى في الفقه والحديث والأصول (٤).

ومن تلامذته :

١ ـ الشيخ شمس الدين أبو جعفر محمد بن تاج الدين أبي محمد عبد علي

__________________

(١) المصدر السابق : ص ٣٧.

(٢) المصدر السابق : ص ٤٢.

(٣) المصدر السابق : ص ٤٠.

(٤) الآصفي / مقدمة الروضة البهية : ١١١.

١٨

الشهير ب‍ (ابن نجدة) المتوفى سنة ٨٠٨ هـ. جاء في إجازته له ، المؤرخة في ١٠ رمضان سنة ٧٧٠ هـ ، أنه قرأ عليه كتاب (قواعد الأحكام) للعلامة الحلي ، وكتاب (اللمع في النحو) لابن جني ، و (خلاصة المنظوم) لابن مالك. وسمع كتبا كثيرة بقراءة غيره في فنون مختلفة ، مثل كتاب

(تحرير الأحكام) و (إرشاد الأذهان) في الفقه ، و (المناهج) و (شرح النظم) و (شرح الياقوت) في علم الكلام ، وكتاب (نهج المسترشدين) ، وكلها من مصنفات العلامة الحلي ، و (عيون أخبار الرضا) للشيخ الصدوق ، وغيرها (١).

٢ ـ الشيخ أبو عبد الله المقداد بن عبد الله السيوري الحلي الشهير ب‍ (الفاضل السيوري) ، المتوفى سنة ٨٢٦ هـ ، وهو الذي هذب كتاب أستاذه (القواعد والفوائد) كما تقدمت الإشارة إليه. وله كتاب (شرح نهج المسترشدين في أصول الدين) ، و (كنز العرفان في فقه القرآن) وغيرهما.

٣ ـ شمس الدين محمد بن علي بن موسى الضحاك الشامي المتوفى سنة ٧٩١ هـ. كان رفيق شيخه الشهيد في أول اشتغاله بالحلة على يد فخر المحققين ثم تتلمذ على يده ولازمه إلى حين مقتله (٢).

٤ ـ الشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن عز الدين بن الخازن بالحضرة الحائرية ، كان من كبار تلامذته ، وكتب له الإجازة المعروفة والمؤرخة في ١٢ رمضان سنة ٧٨٤ هـ (٣).

٥ ـ السيد بدر الدين الحسن بن أيوب الشهير ب‍ (ابن نجم الدين

__________________

(١) انظر : المجلسي / البحار : مجلد ٢٦ / ج ١ ص ٤٠.

(٢) المصدر السابق : ص ٤٤.

(٣) انظر نص الإجازة في المصدر السابق ص ٣٨ ـ ٤٠.

١٩

الأعرج) الحسيني الاطراوي العاملي (١).

٦ ـ الشيخ حسن بن سليمان بن خالد الحلي. كان فقيها فاضلا له كتاب منتخب بصائر الدرجات (٢).

٧ ـ الشيخ شمس الدين محمد بن عبد العالي الكركي العاملي شيخ رواية الحسن بن العشرة (٣).

٨ ، ٩ ، ١٠ ـ أولاده الثلاثة : رضي الدين أبو طالب محمد ، وضياء الدين أبو القاسم علي ، وجمال الدين أبو منصور الحسن ، وقد أجازهم برواية جميع ما صنفه وألفه ورواه (٤).

آثاره

خلف لنا الشهيد الأول مؤلفات قيمة أحصاها بعض الباحثين باثنين وثلاثين كتابا (٥). نذكر منها :

١ ـ اللمعة الدمشقية ، وهي رسالة فقهية مختصرة جمع فيها أبواب الفقه ، صنفها إجابة لالتماس شمس الدين محمد الآوي من أصحاب السلطان علي بن مؤيد ملك خراسان وتوابعها. وقد استغرق في تأليفها سبعة أيام فقط بداره بدمشق سنة ٧٨٢ هـ على ما نقله عنه ولده أبو طالب محمد (٦) (٧).

__________________

(١) الخوانساري / روضات الجنات : ١ / ١٧٨ ، و ٤ ، ٧٩.

(٢) نفس المصدر.

(٣) انظر : الأمين / أعيان الشيعة : ج ٤٧ ص ٤٤ ، والخوانساري روضات الجنات : ٤ / ٧٩.

(٤) انظر نص الإجازة في / مستدرك الوسائل : ٣ / ٤٣٨ ـ ٤٣٩.

(٥) الآصفي / مقدمة الروضة البهية : ٩٩.

(٦) ذكر الحر العاملي في / أمل الآمل / : ١ / ١٨٣ ، والقمي في ـ

(٧) انظر : الشهيد الثاني / الروضة البهية : ١ / ٢٣ ـ ٢٤.

٢٠