القواعد والفوائد - ج ١

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

القواعد والفوائد - ج ١

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: السيّد عبد الهادي الحكيم
الموضوع : الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٧
الجزء ١ الجزء ٢

قاعدة ـ [٣١]

الوسائل أقسام (١) :

الأول : ما اجتمعت الأمة على تحريمه ، كحفر الآبار في طرق (٢) المسلمين ، وطرح المعاثر ، لأنه وسيلة إلى ضررهم ، وهو حرام بالإجماع.

ومنه : إلقاء السم في مياههم. ومنه : سب الأصنام ، وما يدعى من دون الله عند من يعلم منه أنه يسب الله تعالى أو أحدا من أوليائه ، وإليه الإشارة بقوله تعالى (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٣).

الثاني : ما اجتمعت الأمة على عدم منعه ، وهو ما كان المتوسل إليه بعيدا عن قصد فاعله ، كغرس العنب وإن أمكن اعتصاره خمرا ، وعمل السيف وإن أمكن أن يكون آلة في قتل محقون الدم ، ووضع الشبهة وحلها ، وإن كان قد يظفر بالشبهة من تتمكن في قلبه ويعجز عن الحل. ومع ذلك لو قصد هذه الغايات لكان الفعل حراما.

الثالث : ما اختلف فيه ، كالبيع بشرط الإقراض والنظرة ، وبيع العنب على الخمار ، والخشب على نجار الأصنام من غير شرط ، وبيع السلعة على ولده أو خادمه ليخبر بالزائد ، وشراء ما باعه بأقل من ثمنه ، سواء كان قد باعه نسيئة أو حالا ، وسواء اشتراه قبل حلول الأجل أو بعده ، لأنه يؤول إلى بيع الأكثر بالأقل ، فإنه إذا باعه السلعة بمائة ثمَّ اشتراها بخمسين ، فكأنه عاوض عن مائة بخمسين.

__________________

(١) ذكر هذه الأقسام القرافي في ـ الفروق : ٢ ـ ٣٢.

(٢) في (ك) و (ح) : طريق.

(٣) الأنعام : ١٠٨.

٦١

ومنه عند بعض الأصحاب (١) : تضمين الصناع وشبههم العين المستأجر على عملها ، إلا أن يقيم البينة بتلفها ، محافظة على حفظ أموال المستضعفين ، لئلا يدعي التلف.

ومنه : منع القضاء بالعلم في حقوق الله تعالى عند بعض الأصحاب (٢) لئلا يتسلط بعض قضاة السوء (٣) على قضاء باطل.

الرابع : ما كانت الوسيلة فيه مباحة بالنسبة إلى أحد المتعاطيين حراما بالنسبة إلى الآخر ، كدفع المال إلى المحارب ليكف ، (أو الحربي للعجز عن) (٤) المقاومة ، أو إلى صادّ الحاج ليرجع ، أو إلى الكفار في فك أسرى المسلمين ، فإنها مباحة بالنسبة إلى الدافع حرام بالنسبة إلى القابض.

ومنه : الرشوة إذا توسل (٥) بها إلى الحاكم بالحق ، فإنها حرام بالنسبة إلى القاضي.

الخامس : الوسيلة إلى المعصية حرام (٦) كالمتوسل إليه ، كرشوة

__________________

(١) انظر : الشيخ المفيد ـ المقنعة : ١٠٠ ، والسيد المرتضى ـ الانتصار : ٢٢٥.

(٢) انظر : ابن حمزة الطوسي ـ الوسيلة : ٣٩.

(٣) في (م) : الجور.

(٤) في (ك) : الحربي عن ، وفي (أ) : عن الحرب للعجز عن ، وسيأتي من المصنف ذكر هذه المسألة بما يشابه هذا التعبير.

(٥) في (ك) و (م) و (أ) : توصل.

(٦) في (ح) زيادة : فإنها.

٦٢

القاضي ليحكم (١) بالباطل ، وترخص العاصي بسفره ، لأن ترتب الرخصة على المعصية سعي في تكثير تلك المعصية.

ولا اعتبار بمقارنة المعصية للرخصة ، كالعاصي في سفره المباح ، فإنه يقصر الصلاة والصيام ، لأن السبب في القصر هو السفر المباح ، وهو ليس بمعصية ، وإنما المعصية مقارنة السبب.

ومنه : جواز التيمم للفاسق العاصي إذا عدم الماء ، والإفطار له إذا مرض أو سافر ، أو كان شيخنا كبيرا أو ذا عطاش ، والقعود في الصلاة إذا عجز عن القيام ، لأن السبب ، وهو العجز عن الماء وعن العبادة ، ليس بمعصية ، ولكنها مقارنة للمعصية.

فإن قلت : مساق (٢) هذا الكلام يقتضي (٣) أن العاصي بسفره يباح له الميتة ، لأن سبب أكله خوفه على نفسه ، فالمعصية مقارنة لسبب الرخصة ، لا أنها هي السبب (٤).

قلت : هذا متجه ، ولا يجعل (٥) هذا من باب الباغي والعادي (٦) اللذين تحرم عليهما الميتة.

__________________

(١) في (م) و (أ) : الحكم.

(٢) في (ح) : سياق.

(٣) زيادة من (ح).

(٤) ذكر هذا القول القرافي في ـ الفروق : ٢ ـ ٣٤.

(٥) في (م) : وليس.

(٦) الباغي : قيل : هو الخارج عن الإمام العادل. وقيل : هو الّذي يبغي الميتة. والعادي : قيل : هو قاطع الطريق. وقيل : الّذي يعدو شبعه. انظر : العلامة الحلي ـ قواعد الأحكام : ٢٠٧.

٦٣

قاعدة ـ [٣٢ ]

الشرط لغة (١) : العلامة.

وعرفا : ما يتوقف عليه تأثير المؤثر في تأثيره لا في وجوده.

ومن خاصيته : أنه يلزم من عدمه العدم ، لا من وجوده الوجود ، كالطهارة للصلاة ، والحول للزكاة.

قاعدة ـ [٣٣]

شرط السبب : ما يخل عدمه بحكمة السبب ، كالقدرة على التسليم بالنظر إلى صحة البيع ، الّذي هو سبب ثبوت الملك ، المشتمل على مصلحة وهي الانتفاع بالمبيع ، وهي متوقفة على التسليم ، الموقوف على القدرة عليه ، فعدم القدرة يخل بحكمة المصلحة.

قاعدة ـ [٣٤]

شرط الحكم : كل ما اشتمل على حكمه تقتضي عدمه نقيض حكمة السبب ، مع بقاء حكم السبب ، كالطهارة للصلاة ، فإن عدم الطهارة مع الإتيان بالصلاة يقتضي نقيض حكمة شرعية الصلاة ، لأن شرعيتها للثواب وفعلها بغير طهارة سبب في استحقاق العقاب.

قاعدة ـ [٣٥]

التكاليف الشرعية بالنسبة إلى قبول للشرط والتعليق أربعة أقسام (٢) :

__________________

(١) الشرط ـ بالتحريك ـ العلامة ، وأشراط الساعة : علاماتها. انظر : الجوهري ـ الصحاح : ٣ ـ ١١٣٦ ، مادة (شرط).

(٢) ذكر هذه الأقسام القرافي في ـ الفروق : ١ ـ ٢٢٨ ـ ٢٢٩.

٦٤

الأول : ما لا يقبل شرطا ولا تعليقا ، كالإيمان بالله ورسوله والأئمة (١) عليهم‌السلام ، واعتقاد وجوب الواجبات ، وتحريم المحرمات ونيات العبادات غالبا. واحترزنا (بالغالب) عن مثل قول المزكي : إن كان مالي الغائب باقيا فهذه زكاة (٢) ، وإن كان تألفا (فهي نافلة) (٣).

والطلاق ، والرجعة ، على الأصح.

الثاني : ما يقبل الشرط والتعليق على الشرط ، كالعتق فإنه يقبل الشرط مثل : أنت حر وعليك كذا. ويقبل التعليق على الشرط في صورة التدبير ، والنذر وشبهه. والاعتكاف ، كقوله : اعتكفت ثلاثة ولي الرجوع متى شئت. فهذا شرط. وأما تعليقه على الشرط فبالنذر أو العهد أو اليمين.

الثالث : ما يقبل الشرط دون التعليق على الشرط ، كالبيع ، والصلح والإجارة ، والرهن ، لأن الانتقال بحكم الرضا ، ولا رضا مع التعليق ، إذ الرضا يعتمد الجزم ، والجزم ينافي التعليق ، لأنه يعرضه عدم الحصول ولو قدر علم حصوله كالمعلق على الوصف ، لأن الاعتبار لجنس الشرط دون أنواعه وأفراده ، فاعتبر المعنى العام دون خصوصيات الأفراد.

فإن قلت : فعلى هذا يبطل قوله في صورة إنكار التوكيل (٤) : إن كان لي فقد بعته منه (٥) بكذا.

قلت : هذا تعليق على واقع لا على متوقع الحصول ، فهو علة للوقوع

__________________

(١) في (ح) و (م) : وحججه.

(٢) في (أ) و (م) و (ح) : زكاته.

(٣) في (م) : فنافلة.

(٤) في (ح) : التوكيل.

(٥) في (ح) : منك.

٦٥

أو مصاحب له ، لا معلق عليه الوقوع.

وكذا القول لو قال في صورة إنكار وكالة التزويج ، أو إنكار التزويج وتدعيه الزوجة ، فإنه يصح أن يقول : إن كانت زوجتي فهي طالق.

الرابع : ما يقبل التعليق. على الشرط ولا يقبل الشرط ، كالعبادات المنذورة عند حصول الشرط ، كبرء المريض ، وقدوم المسافر. وليست قابلة للشرط ، لامتناع صحة : أصلي على أن لي ترك سجدة ، أو على أن لا يلزمني احتياط عند الشك. وكذا : أصلي إلا أن يدخل فلان ، أو : أصلي إن بقيت على الطهارة ، وهو شاك في البقاء.

فان قلت : مساق هذا يقتضي أن لا تصح نية من نوى : أصلي إن بقيت على صفة التكليف ، أو (١) بقيت متطهر ، وهو يبقى عادة.

قلت : هذا من ضروريات التكليف ، فهو مقدر وإن لم ينوه المكلف ، ولا تضر نيته. ويحتمل أن يقال : لا يلزم من تقديره جعله مقصودا ، فإذا جعل مقصودا فقد أخل بالجزم الّذي هو شرط في النية.

ومن هذا الباب تعليق النيات بالمشيئة (٢) ، إلا أن يقصد التبرك فلا بحث في جوازه.

قاعدة ـ [٣٦]

مانع السبب : كل وصف وجودي ظاهر منضبط يخل وجوده بحكمة السبب. كالأبوة المانعة من القصاص في موضعه ، لأن الحكمة التي اشتملت الأبوة عليها هي كون الوالد سببا لوجود الولد ، وذلك يقتضي عدم القصاص ، لئلا يصير الولد سببا لعدمه.

__________________

(١) في (أ) : وإن.

(٢) أي بمشيئة الله تعالى كأن يقول : أصلي إن شاء الله تعالى.

٦٦

قاعدة ـ [٣٧]

مانع الحكم : هو (١) كل وصف ظاهر منضبط مستلزم لحكمة مقتضاها نقيض حكم السبب مع بقاء حكمة السبب.

كالدين المانع من وجوب الخمس في المكاسب ، فإن الحكمة في الخمس نفع أهل البيت عليهم‌السلام وتعويضهم عن الزكاة التي هي أوساخ الناس ، لكن الوجوب في المكاسب إنما هو فيما فضل عن قوت المكلف وقوت عياله.

وظاهر أن وفاء دينه أهم منه ، ولهذا قدم الدين على ما زاد عن قوت يوم وليلة ودست من الثياب (٢) ، فكان ذلك مانعا من وجوب الخمس لهذه الحكمة ، وإن كانت الحكمة باقية في الخمس.

قاعدة ـ [٣٨]

المانع ثلاثة (٣) :

الأول : ما يمنع ابتداء واستدامة ، كالرضاع المانع من ابتداء النكاح المبطل له لو وقع بعده.

الثاني : ما يمنع في الابتداء لا في الاستدامة ، كالعدة فإنها مانعة من ابتداء النكاح (إلا من صاحبها) (٤) ، ولا تمنع من الاستدامة ، كما

__________________

(١) زيادة من (ك).

(٢) الدست من الثياب : ما يلبسه الإنسان ويكفيه لتردده في حوائجه. وقيل : كل ما يلبس من العمامة إلى النعل. وليست الكلمة عربية. انظر : الطريحي ـ مجمع البحرين : ٢ ـ ٢٠٠ ، مادة (دست).

(٣) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ١١٠.

(٤) زيادة ليست في (ك).

٦٧

لو وطئت الحليلة بشبهة ، فإنها لا تقطع النكاح وإن حرم وطؤها ، لمكان العدة.

الثالث : ما اختلف فيه (١) ، كالإحرام بالنسبة إلى ملك الصيد النائي عنه لو عرض سببه في حال الإحرام. بل قيل (٢) : يملك وإن لم يكن نائيا عنه عند عروض السبب ، كالإرث ، ثمَّ يجب عليه (٣) إرساله. مع أنه لو أحرم ومعه صيد زال ملكه عنه.

فهذه مباحث السبب ، والشرط ، والمانع ، المفسر بها الوضع.

فائدة [٤]

زاد بعضهم (٥) في خطاب الوضع : الصحة ، والبطلان ، والعزيمة والرخصة.

وهي مفسرة في كتب الأصول (٦).

وزاد آخرون : التقدير (٧) ، والحجة (٨).

__________________

(١) فهل يلحق بالأول فيمتنع فيهما ، أو بالثاني فلا يمنع في الاستدامة ويمنع في الابتداء؟

(٢) قاله بعض الشافعية. انظر : النوويّ ـ المجموع : ٧ ـ ٣٠٩ ـ ٣١٠.

(٣) زيادة من (أ) و (م).

(٤) في (أ) و (م) و (ح) : قاعدة.

(٥) انظر : الآمدي ـ الأحكام في أصول الأحكام : ١ ـ ١٨٦ ـ ١٨٧.

(٦) انظر : العلامة الحلي ـ تهذيب الأصول : ٦ ، والآمدي ـ الأحكام في أصول الأحكام : ١ ـ ١٨٦ ـ ١٨٧.

(٧) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ١٦١.

(٨) لم أعثر على من أضاف الحجة. ومعناها : مستند قضاء الحاكم كالإقرار والبينة واليمين والنكول.

٦٨

مثال التقدير : الماء في الطهارة بالنسبة إلى مريض يتضرر باستعماله ، فيقدر الموجود كالمعدوم وإن كان موجودا. وكذا لو كان في بئر ولا آلة معه ، أو بثمن ليس عنده.

وقد يقدر المعدوم موجودا في صور :

منها : دخول الدية في ملك المقتول قبل موته بآن لتورث عنه ، وتقضى منها ديونه ، وتنفذ وصاياه ، فانا نقطع بعدم ملكه الدية في حياته لاستحالة تقدم المسبب على سببه ، ولكن يقدر الملك المعدوم موجودا.

ومنها : إذا قال لغيره : أعتق عبدك عني ، أو : أدّ من مالك ديني. فإنه يقدر الملك قبل العتق بآن ليتحقق العتق في الملك.

وكذا يقدر ملك المديون قبل تملك الدين بآن حتى يكون الدين قد قضي من مال المديون. مع أن القطع واقع بعدم ملكه إلى زمان العتق ، وقضاء الدين. ويسمى هذا (الملك الضمني).

وحمل عليه بعضهم (١) : ملك الضيف عند تقديم الطعام إليه بالأكل أو بالمضغ أو بالتناول.

وهو ضعيف ، لأنه لا ضرورة إلى التقدير هنا.

ومنها عند بعضهم (٢) : ما لو وطئ الأمة ثمَّ ظهرت حاملا ، وقلنا : بأن الفسخ للعيب يرفع العقد من أصله ، فإنه يكون الحكم بارتفاع الملك تقديرا لا تحقيقا ، لأن الوطء وقع مباحا فلا ينقلب حراما.

ويشكل هذا : بأن المشتري يردّ عوض البضع فلا يكون الوطء مباحا إلا ظاهرا (فلا ينقلب حراما) (٣).

__________________

(١) انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٢٥٠ (نقلا عن ابن السبكي).

(٢) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ٧١.

(٣) زيادة من (ك) و (ح).

٦٩

والتحقيق في هذه المسألة : أن الحمل من الأمة إنما يرد معه الواطئ إذا كان ولدا للبائع ، فإنها تكون أم ولد ، فيمنع بيعها. فليس الردّ هنا اختياريا بل قهريا. وإنما يجي‌ء المثال على قول أكثر الأصحاب (١) بأن مجرد الحمل عيب ، وأن الرد على سبيل الاختيار ، ويستثنون هذا من التصرف الّذي لا (٢) يمنع الردّ.

ومنها : أن الناسي لنية الصوم إذا جددها قبل الزوال ، فإنه يقدر كون النية واقعة من الليل فينعطف في التقدير إلى قبل الفجر ، مع أن الواقع عدم النية.

فإن قلت : لم لا يكون هذا من باب الكشف ، بمعنى إنا نتبين بموت المقتول تقدم ملكه ، وبوقوع العتق تقدم ملك المعتق عنه.

إلى آخرها؟

قلت : لا سبب متقدم هنا تستند إليه هذه الأمور حتى تكون هذه الأشياء (٣) كاشفة عنه ، إذ التقدير عدم السبب بالكلية.

قاعدة ـ [٣٩]

الأحكام بالنسبة إلى خطاب التكليف والوضع تنقسم إلى (٤) أربعة أقسام :

أحدها : ما اجتمع فيه الأمران ، وهو كثير :

__________________

(١) انظر : العلامة الحلي ـ تذكرة الفقهاء : ١ ـ ٥٢٦.

(٢) الظاهر أن (لا) زائدة ، لأن المثال المذكور مستثنى من التصرف الّذي يمنع الرد. انظر العلامة الحلي ـ تذكرة الفقهاء : ١ ـ ٥٢٦.

(٣) في (م) و (أ) : الأسباب.

(٤) زيادة من (ح) و (أ).

٧٠

فمنه : أسباب الحدث التي هي فعل العبد ، كالبول والغائط والجماع ، فإنها توصف بالإباحة في بعض الأحيان ، وهي سبب في وجوب الطهارة ، وتوصف بالتحريم كما في حالة الصلاة ، والسببية قائمة.

ومنها : غسل الميت فإنه (١) واجب ، وشرط في صحة الصلاة عليه. وكذا باقي أحكام الميت واجب ، وسبب في سقوط التكليف عن الباقين. وكذا جميع فروض الكفايات.

ومنها : الصلاة والصوم والزكاة والحج ، فإنها واجبة ، وسبب (في عدم عصمة دم الممتنع عنها) (٢).

ومنها : الاعتكاف ندب ، وسبب في تحريم محرماته.

والصوم المستحب ندب ، وسبب في كراهية المفطرات. والصوم الواجب واجب ، وسبب في تحريم المفطرات.

ومنها : النكاح ، فإنه مستحب تارة ، وواجب أخرى ، ومباح أولة ، ومكروه طورا ، وهو سبب لحل الاستمتاع ، وتحريم الأم عينا مطلقا ، والبنت كذلك مع الدخول وإلا حرمت جمعا ، والأخت جمعا ، وابنة الأخ مع عمتها ، وابنة الأخت على خالتها إلا بإذنهما. وسبب في وجوب الإنفاق ، والقسمة ووجوب الرجم بسبب الإحصان ، وسبب في استحباب التسوية بين الزوجات في الإنفاق وإطلاق الوجه ، وقسمة النهار.

وفي كراهية الإتيان في غير المأتي (٣) ، على القول المشهور (٤) (٥) ،

__________________

(١) زيادة من (ك).

(٢) في (م) و (أ) : في عصمة دم غير الممتنع عنها.

(٣) أي في الدبر.

(٤) في (ح) و (م) : الأشهر.

(٥) انظر : العلامة الحلي ـ قواعد الأحكام : ١٥٥ ، ومختلف الشيعة : ٤ ـ ٨٦.

٧١

وفي إباحة الاستمتاع بما شاء.

ومنها : الرضاع ، فإنه مستحب أو واجب أو مباح ، كما في الرضاع بعد الحولين إلى شهرين ، وسبب في التحريم.

ومنها : الطلاق ، فإنه واجب ومستحب ومكروه ، وهو سبب في التحريم.

ومنها : أسباب الحدود والجنايات ، فإنها محرمة ، وموجبة لتلك العقوبات من الحدّ والتعزير والقود والكفارة.

ومنها : العتق ، فإنه مستحب ، وهو سبب في الحرية وفي الأحكام اللاحقة بها.

ومنها : الظهار ، فإنه محرم ، وسبب في تحريم المظاهرة ، ووجوب الكفارة بشرط نية العود.

ومنها : الإيلاء ، فإنه مباح ، وسبب في التحريم ، والإلزام بالفئة بشرط التماس الزوجة.

ومنها : النذر والعهد ، فإنه مستحب ، وسبب في الوجوب والتحريم بحسب الفعل والترك.

ومنها : الصيد والالتقاط والاحتطاب ، فإنه مباح ، وسبب في التملك ، ووجوب التعريف.

القسم الثاني : ما كان خطاب التكليف ولا وضع فيه. وسئل بجميع التطوعات (١) ، فإنها تكليف محض ، ولا سببية فيها ولا شرطية ولا مانعية. وعلى ما قلناه يتصور كونها أسبابا ، كما ذكرناه (٢) في الصيام والاعتكاف.

__________________

(١) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ١٦٣.

(٢) راجع ص ٧١.

٧٢

وعدّ منها : الالتقاط بنية الحفظ على المالك ، فإنه لا يجب عليه التعريف ، ولا يفيد سبب التمليك.

وللنفقة والحضانة والجهاد اعتباران : فمن حيث أنها تكليف محض ، من هذا القسم. وإن اعتبرنا كون النفقة سببا لملك الزوجة ، والحضانة سببا لحفظ الطفل ، والجهاد سببا في إعلاء كلمة الله.

وكذا يحصل الاعتباران في استيفاء الحدود ، وفي القضاء ، فان استيفاء الحدود سبب للزجر عن المعصية ، والقضاء سبب في تسلط المقتضى له.

ويمكن سقوط هذا القسم من البين ، لأن جميع التكليفات أسباب في براءة الذّمّة وسقوط العقاب (١) ، واستحقاق الثواب.

القسم الثالث : ما كان خطاب وضع ولا تكليف فيه ، كالأحداث التي ليست من فعل العبد ، مثل : الحيض ، والنوم ، والاحتلام.

وكأوقات الصلوات (٢) ، ورؤية الهلال في الصوم والفطر ، فإنها أسباب محضة.

وكحؤول (٣) الحول في الزكاة ، فإنه شرط محض لوجوب الزكاة.

وكالحيض ، فإنه مانع محض من الصوم والصلاة واللبث في المساجد.

وكالإرث ، فإنه تملك محض (٤) بعد وقوع السبب.

وربما جعل ضابط خطاب الوضع : ما لا فعل فيه للمكلف. فيخرج القسم الأول عن خطاب الوضع. وليس كذلك.

__________________

(١) في (م) و (أ) : الخطاب.

(٢) في (ح) و (أ) : الصلاة.

(٣) في (ك) : وكجزء أول.

(٤) في (ح) و (م) و (أ) : شخص.

٧٣

القسم الرابع : ما كان من (١) خطاب الوضع بعد وقوعه ، ومن خطاب التكليف قبله ، كسائر العقود الشرعية مثل : البيع والصلح والقرض والضمان والمزارعة والمساقاة والوكالة والجعالة والوصية والهبة والسبق ، فإنها توصف بالإباحة تارة ، وبالاستحباب والوجوب أخرى ، بل ربما وصفت بالتحريم ، كالبيع وقت النداء ، ويترتب عليها أحكامها بعد وقوعها.

فائدة (٢)

مدارك الأحكام عندنا أربعة : الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، ودليل العقل.

وهنا قواعد خمس مستنبطة منها يمكن ردّ الأحكام إليها ، وتعليلها بها ، فلنشر إليها في قواعد خمس :

القاعدة (٣) الأولى : تبعية العمل للنية

ومأخذها من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : (إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى) (٤). أي صحة الأعمال واعتبارها بحسب

__________________

(١) في (ك) و (أ) : فيه.

(٢) في (ا) : قاعدة.

(٣) زيادة من (ح).

(٤) انظر : ابن قدامة ـ المحرر في الحديث : ٢٠٤ ، والغزالي ـ إحياء علوم الدين : ٢ ـ ١٥ ، والقرافي ـ الفروق : ١ ـ ٣٧. وانظر أيضا. سنن ابن ماجه : ٢ ـ ١٤١٣ ، حديث : ٤٢٢٧ ، وسنن أبي داود : ١ ـ ٥١٠ والحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ١ ـ ٣٤ ـ ٣٥ ، باب ٥ من أبواب مقدمة العبادات ، حديث : ١٠ (باختلاف بسيط).

٧٤

النية. ويعلم منه أن من لم ينو ، لم يصح عمله ، ولم يكن معتبرا في نظر الشرع. ويدل عليه ـ مع دلالة الحصر ـ الجملة الثانية فإنها صريحة في ذلك أيضا.

وفي هذه القاعدة فوائد :

الفائدة الأولى يعتبر

في النية التقرب إلى الله تعالى ، ودلّ عليه الكتاب والسنة.

أما الكتاب : فقوله تعالى (وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (١). أي : وما أمر أهل الكتابين بما فيهما إلا لأجل أن يعبدوا الله على هذه الصفة ، فيجب علينا ذلك ، لقوله تعالى (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (٢).

وقال تعالى (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) (٣). أي : لا يؤتي ماله إلا ابتغاء وجه ربه ، إذ هو منصوب على الاستثناء المنفصل. وكلاهما يعطيان أن ذلك معتبر في العبادة ، لأنه تعالى مدح فاعله عليه.

وأما السنة : ففيما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الحديث القدسي : (من عمل لي عملا أشرك فيه غيري تركته لشريكي) (٤).

__________________

(١) البينة : ٥.

(٢) البينة : ٥.

(٣) الليل : ١٩ ـ ٢٠.

(٤) رواه أحمد بلفظ : (أنا خير الشركاء من عمل لي عملا فأشرك فيه غيري فأنا منه برئ وهو للذي أشرك) مسند أحمد : ٢ ـ ٣٠١ ، ٤٣٢ وانظر أيضا : القرافي ـ الفروق : ٣ ـ ٢٢ (باختلاف بسيط).

٧٥

الفائدة الثانية (١)

معنى الإخلاص : فعل الطاعة خالصة لله وحده.

وهنا غايات ثمان :

الأولى : الرياء ، ولا ريب في (٢) أنه يخل بالإخلاص. ويتحقق الرياء بقصد مدح الرائي ، أو الانتفاع به ، أو دفع ضرره.

فان قلت : فما تقول في العبادات المشوبة بالتقية؟

قلت : أصل العبادة واقع على وجه الإخلاص ، وما فعل منها تقية فإن له اعتبارين : بالنظر إلى أصله ، وهو قربة ، وبالنظر إلى ما طرأ من استدفاع الضرر ، وهو لازم لذلك ، فلا يقدح في اعتباره. أما لو فرض إحداثه صلاة ـ مثلا ـ تقية فإنها من باب الرياء.

الثانية : قصد الثواب ، أو الخلاص من العقاب ، أو قصدهما معا.

الثالثة : فعلها شكرا لنعم الله واستجلابا لمزيده.

الرابعة : فعلها حياء من الله تعالى.

الخامسة : فعلها حبا لله تعالى.

السادسة : فعلها تعظيما لله تعالى ومهابة وانقيادا وإجابة.

السابعة : فعلها موافقة لإرادته ، وطاعة لأمره.

الثامنة : فعلها لكونه أهلا للعبادة. وهذه الغاية مجمع على كون

__________________

(١) في (ك) و (م) و (أ) : فائدة (من غير رقم) ولعل ما أثبتناه هو الصواب ، لأنه يوافق عدد الفوائد المذكورة في هذه القاعدة ، كما أنه يوافق الترقيم الوارد في (ك) من الفائدة العشرين وما بعدها.

(٢) زيادة من (ح) و (م).

٧٦

العبادة تقع بها معتبرة ، وهي أكمل مراتب الإخلاص ، وإليه أشار الإمام الحق أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بقوله : (ما عبدتك طمعا في جنتك ، ولا خوفا من نارك ، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك) (١).

وأما غاية الثواب والعقاب فقد قطع الأصحاب (٢) يكون العبادة فاسدة بقصدها. وكذا ينبغي أن تكون غاية الحياء والشكر وباقي الغايات.

والظاهر أن قصدها مجز ، لأن الغرض بها في الجملة ، ولا يقدح كون تلك الغايات باعثا على العبادة ، أعني : الطمع ، والرجاء ، والشكر والحياء ، لأن الكتاب والسنة مشتملتان على المرهبات : من الحدود ، والتعزيرات ، والذم ، والإيعاد بالعقوبات ، وعلى المرغبات : من المدح والثناء في العاجل والجنة ونعيمها في الآجل.

وأما الحياء فغرض مقصود ، وقد جاء في الخبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : (استحيوا من الله حق الحياء) (٣) و (أعبد الله كأنك تراه ، فان لم تكن تراه فإنه يراك) (٤). فإنه إذا تخيل الرؤية انبعث على الحياء والتعظيم والمهابة.

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ وقد قال له ذعلب اليماني ـ بالدال

__________________

(١) لم أعثر على هذا في المراجع المتقدمة عن عصر المؤلف ، وإنما رواه مرسلا كل من الفيض الكاشاني في ـ الوافي : ٣ ـ ٧٠ ، والمجلسي في ـ مرآة العقول : ٢ ـ ١٠١ (بتقديم وتأخير بين بعض فقراته).

(٢) انظر : العلامة الحلي ـ المسائل المهنائية : ورقة ٢٩ ب ، و ٣٢ ـ ٣٣ (مخطوط بمكتبة السيد الحكيم العامة في النجف ، ضمن مجموع برقم ١١٠٧).

(٣) انظر : صحيح الترمذي : ٩ ـ ٢٨١.

(٤) انظر : المتقي الهندي ـ كنز العمال : ٢ ـ ٦ ، حديث : ١٢٤.

٧٧

المعجمة المكسورة ، والعين المهملة الساكنة ، واللام المكسورة ـ : (هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليه‌السلام : أفأعبد ما لا أرى؟؟

فقال : وكيف تراه؟ فقال : لا تدركه العيون بمشاهدة الأعيان ، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان ، قريب من الأشياء غير ملامس (١) بعيد منها غير مباين ، متكلم بلا روية (٢) ، مريد لا بهمة ، صانع لا بجارحة ، لطيف لا يوصف بالخفاء ، كبير لا يوصف بالجفاء ، بصير لا يوصف بالحاسة ، رحيم لا يوصف بالرقة ، تعنو الوجوه لعظمته ، وتوجل القلوب من مخافته) (٣).

وقد اشتمل هذا الكلام الشريف على أصول صفات الجلال والإكرام التي عليها مدار علم الكلام ، وأفاد أن العبادة تابعة للرؤية ، وتفسير معنى الرؤية ، وأفاد الإشارة إلى أن قصد التعظيم بالعبادة حسن وإن لم يكن تمام الغاية. وكذلك الخوف منه تعالى.

الفائدة الثالثة

لما كان الركن الأعظم في النية هو الإخلاص ، وكان انضمام تلك الأربعة (٤) غير قادح فيه ، فحقيق (٥) أن نذكر ضمائم أخرى ، وهي أقسام :

__________________

(١) في (ك) : ملابس ، وفي (م) : ملاق ، وما أثبتناه مطابق لما في نهج البلاغة.

(٢) في (ك) : رؤية ، وما أثبتناه مطابق لما في النهج.

(٣) انظر : نهج البلاغة : ٢ ـ ١٢٠ ـ ١٢١ (شرح محمد عبده) مطبعة الاستقامة بمصر.

(٤) وهي : الطمع ، والشكر ، والحياء ، والرجاء.

(٥) في (ك) : فخليق.

٧٨

الأول : (ما يكون منافيا) (١) له ، كضم الرياء ، وتوصف بسببه العبادة بالبطلان ، بمعنى عدم استحقاق الثواب.

وهل يقع مجزئا بمعنى سقوط التعبد به ، والخلاص من العقاب؟

الأصح أنه لا يقع مجزئا ، ولم أعلم فيه خلافا إلا من السيد الإمام المرتضى (٢) قدس الله تعالى سره ، فان ظاهره الحكم بالاجزاء في العبادة المنوي بها الرياء (٣).

الثاني : ما يكون من الضمائم لازما للفعل ، كضم التبرد أو (التسخن أو التنظف) (٤) إلى نية القربة. وفيه وجهان ينظران : إلى عدم تحقق معنى الإخلاص ، فلا يكون الفعل مجزئا ، وإلى أنه حاصل لا محالة ، فنيته كتحصيل الحاصل الّذي لا فائدة فيه. وهذا الوجه ظاهر (٥) أكثر الأصحاب (٦). والأول أشبه ، ولا يلزم من (حصوله نية) (٧) حصوله.

__________________

(١) في (م) و (أ) : ما تكون منافيه.

(٢) هو علم الهدى أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى الشهير بالسيد المرتضى ولد سنة ٣٥٥ هـ تقلد نقابة الشرفاء وإمارة الحج والحرمين والنّظر في المظالم وقضاء القضاة توفي سنة ٤٣٦ هـ. خلف بعد وفاته ثمانين ألف مجلد من مقروءاته ومصنفاته ومحفوظاته. (القمي ـ الكنى والألقاب : ٢ ـ ٤٤٥).

(٣) انظر : السيد المرتضى ـ الانتصار : ١٧ (طبعة النجف).

(٤) في (ح) : التسخين أو التنظيف ، وفي (م) و (أ) : التسخين والتنظيف.

(٥) في (ح) و (م) زيادة : عند.

(٦) انظر : الشيخ الطوسي ـ المبسوط : ١ ـ ١٩ ، والعلامة الحلي ـ منتهى المطلب : ١ ـ ٥٦.

(٧) في (ك) : حصول نيته.

٧٩

ويحتمل أن يقال : إن كان الباعث الأصلي هو القربة ثمَّ طرأ التبرد عند الابتداء في الفعل ، لم يضر ، وإن كان الباعث الأصلي هو التبرد فلما أراده ضم القربة ، لم يجز. وكذا إذا كان الباعث مجموع الأمرين ، لأنه لا أولوية حينئذ فتدافعا ، فتساقطا ، فكأنه غير ناو.

ومن هذا الباب ضم نية الحمية إلى نية (١) القربة في الصوم ، وضم ملازمة الغريم إلى القربة في الطواف والسعي والوقوف بالمشعرين.

الثالث : ضم ما ليس بمناف ولا لازم ، كما لو ضم إرادة دخول السوق مع نية التقرب في الطهارة ، أو إرادة الأكل ، ولم يرد بذلك الكون على طهارة في هذه الأشياء ، فإنه لو أراد الكون على طهارة كان مؤكدا غير مناف ، وهذه الأشياء إن لم يستحب لها الطهارة بخصوصها إلا أنها داخلة فيما يستحب بعمومه. وفي هذه الضميمة وجهان مرتبان على القسم الثاني ، وأولى بالبطلان ، لأن ذلك تشاغل عما يحتاج إليه بما لا يحتاج إليه (٢).

الفائدة الرابعة

يجب في النية التعرض لمشخصات الفعل من غيره ، فيجب نية جنس الفعل ، ثمَّ فصوله وخواصه المميزة التي لا يشاركه فيها غيره ، كالوجوب والندب ، والرفع ، والاستباحة في الطهارة حيث يمكن ، أو الاستباحة وحدها حيث لا يمكن ، فلو ضم نية الوجوب (٣) والندب في فعل واحد ، كما لو نوى بالغسل الجنابة والجمعة ، بطل ، لتنافي الوجهين. ويحتمل

__________________

(١) زيادة من (م) و (أ).

(٢) انظر هذه الفائدة في الأشباه والنّظائر ـ للسيوطي : ٢٣.

(٣) في (ح) و (م) و (أ) : الواجب.

٨٠