القواعد والفوائد - ج ١

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

القواعد والفوائد - ج ١

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: السيّد عبد الهادي الحكيم
الموضوع : الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٧
الجزء ١ الجزء ٢

وبإطلاق حر من يد من ادعى رقه ولم يكن له بينة.

وبتقارب المدارك في المسائل الاجتهادية : يخرج ما ضعف مدركه جدا كالعول ، والتعصيب ، وقتل المسلم بالكافر ، فإنه لو حكم به حاكم وجب نقضه.

وبمصالح المعاش : تخرج العبادات ، فإنه لا مدخل للحكم فيها ، فلو حكم الحاكم بصحة صلاة زيد لم يلزم صحتها ، بل إن كانت صحيحة في نفس الأمر فذاك ، وإلا فهي فاسدة. وكذا الحكم بأن مال التجارة لا زكاة فيه ، أو أن الميراث لا خمس فيه ، فان الحكم به لا يرفع الخلاف بل الحاكم غيره أن يخالفه في ذلك. نعم لو اتصل بها أخذ الحاكم ممن حكم عليه بالوجوب ـ مثلا ـ لم يجز نقضه. فالحكم المجرد عن اتصال الأخذ إخبار ، كالفتوى ، وأخذه للفقراء حكم باستحقاقهم ، فلا ينقض إذا كان في محل الاجتهاد.

ولو اشتملت الواقعة على أمرين : أحدهما من مصالح المعاد (١) ، والآخر من مصالح المعاش ، كما لو حكم بصحة حج من أدرك اضطراري المشعر وكان نائبا ، فإنه لا أثر له في براءة ذمة النائب في نفس الأمر ، ولكن يؤثر في عدم رجوعهم عليه بالأجرة.

وبالجملة ، فالفتوى ليس فيها منع للغير عن مخالفة مقتضاها من المفتي (٢) ولا من المستفتي (٣) ، أما من المفتي (٤) فظاهر ، وأما من المستفتي (٥) فلأن المستفتي له أن يستفتي آخر ، وإذا اختلفا عمل بقول الأعلم ، ثمَّ الأورع ، ثمَّ يتخير مع التساوي.

__________________

(١) في (ك) : العباد.

(٢) في (ك) : المفتين.

(٣) في (ك) : المستفتين.

(٤) في (ك) : المفتين.

(٥) في (ك) : المستفتين.

٣٢١

والحكم لما كان إنشاء خاصا في واقعة خاصة رفع (١) الخلاف في تلك الواقعة بحيث لا يجوز لغيره نقضها ، كما لو حكم حاكم بتوريث ابن العم ، ومنع العم للأب ، وفي المسألة خال ، فإنه يقتضي بخصوصه منع حاكم آخر بتوريث العم والخال في هذه المسألة ، لأنه لو جاز له نقضها لجاز لآخر نقض الثانية. وهلم جرا ، فيؤدي إلى عدم استقرار الأحكام ، وهو مناف للمصلحة التي لأجلها شرع نصب الحكام من نظم أمور أهل الإسلام ، ولا يكون ذلك رفعا للخلاف في سائر الوقائع المشتملة على مثل هذه الواقعة (٢).

قاعدة ـ [١١٥]

مما يستثنى من الأمور الكلية من الفروع الجزئية للضرورة أو لمسّ الحاجة : صحة صلاة المستحاضة ، ودائم الحدث ، للضرورة ، وعدم الحكم بكون الماء مستعملا ما دام على عضو الجنب ، وإلا لم يرتفع حدث أصلا. وكالحكم بأن ملاقاة النجاسة (٣) للماء لا تنجسه إذا كان كرا فصاعدا ، وإلا لعسرت الطهارة. وطهارة الميتة من غير ذي النّفس السائلة ، والمني منه ، والعفو عن ماء الاستنجاء ، وعما لا يدركه الظرف من الدم عند كثير من الأصحاب (٤) ، والعفو

__________________

(١) في (ك) و (م) و (أ) : وقع.

(٢) انظر في هذه القاعدة : القرافي ـ الفروق : ٤ ـ ٤٨ ـ ٥٤.

(٣) في (ح) و (م) و (أ) : النجس.

(٤) لم أعثر لقائل به من المتقدمين غير الشيخ الطوسي في ـ المبسوط : ١ ـ ٧ ، والاستبصار : ١ ـ ٣. انظر : العلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ١ ـ ٣ ، ومنتهى المطلب : ١ ـ ٩ ، والعاملي ـ مفتاح الكرامة : ١ ـ ٧٤.

٣٢٢

عن سؤر الهرة وشبهها ، وقد نجس فوها ، بزوال العين ، غابت أولا. والعفو عن محل الاستجمار ، وعن زيادة ركن مع القدوة ، للحاجة إلى الاقتداء وعسر المتابعة في بعض الأحوال (١) لتباعد المأموم.

وتغيير الكيفية في صلاة الخائف لمصلحة الجماعة ، والحاجة إليها ، وإلى حراسة المجاهدين ، ولبس الحرير لدفع القمل ، وللمحارب ، وكاختصاص النسكين (٢) بعدم الخروج منهما بالمفسد ، وشرط العتق (في البيع) (٣) لما فيه من تحصيل الحرية وتشوق الشرع إليها ، بدليل السراية إلى نصيب الشريك. وهل يصح اشتراط (٤) الوقف في البيع؟ نظر ، لقربه من العتق ، ومن قصوره عنه ، لعدم التغليب فيه والسراية.

قاعدة ـ [١١٦]

الأصل يقتضي قصر الحكم على مدلول اللفظ وأنه لا يسري إلى غير مدلوله إلا في مواضع : منها : العتق في الأشقاص لا في الأشخاص ، إلا على مذهب الشيخ (٥) في السراية إلى الحمل ، والعفو عن بعض الشقص في الشفعة على

__________________

(١) في (م) و (أ) و (ح) : الأحيان.

(٢) النسكين : الحج والعمرة.

(٣) زيادة من (ح).

(٤) في (ك) : إسقاط.

(٥) انظر : الشيخ الطوسي ـ المبسوط : ٤ ـ ٥٥.

٣٢٣

احتمال (١) ، وعن بعض القصاص في النّفس على وجه (٢) ، والسراية في نية الصوم إلى أولى النهار.

ويحتمل سراية ثواب الوضوء إلى المضمضة والاستنشاق إذا نوى عند غسل الوجه ، لأنه يعد وضوء واحدا.

ويمكن الفرق بينه وبين الصوم : أن بعض اليوم مرتبط ببعضه ، بخلاف الوضوء فإنه لا يرتبط بالمقدمات.

ومن السراية : تسمية الآكل في الأثناء إذا قال : على أوله وآخره ، بعد نسيان التسمية ، وسراية الظهر (٣) إلى تحريم غيره. وهذا من الغرائب : أن الشقص يسري إلى الكل من غير عكس ، كما لو قال : أنت كأمي. ومثله في الإيلاء ، يختص بالجماع قبلا ، ويسري (٤) على احتمال.

قاعدة ـ [١١٧]

في ازدحام الحقوق (٥)

__________________

(١) انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ١٧٨ ، وابن عبد السلام ـ قواعد الأحكام : ٢ ـ ٩١.

(٢) انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ١٧٨ ، وابن عبد السلام ـ قواعد الأحكام : ٢ ـ ٩٠.

(٣) عند قوله في الظهار : أنت عليّ كظهر أمي.

(٤) أي ويسري إلى الجماع في الدبر.

(٥) انظر في هذه القاعدة : ابن عبد السلام ـ قواعد الأحكام : ١ ـ ٦٢ ـ ٧٧ ، ١٦٨ ـ ١٧٧.

٣٢٤

وهو من وجوه ثلاثة :

أحدها : حقوق الله تعالى ، فتقدم الصلاة عند ضيق (١) الوقت على الراتبة ، وعلى القضاء وعلى النوافل المطلقة مع اتساع الوقت.

وتقدم الوتر وسنة الفجر على صلاة الليل عند الضيق. والصوم والنسك الواجبين على نفلهما. والظاهر أنه لا ترتيب بين الصدقة الواجبة والمندوبة ، وتقديم الغسل الواجب على المستحب ، وتقديم المتبرع بالماء للجنب على الميت والمحدث ، وقيل (٢) : الميت أولى ، وتقديم الجنب على الحائض ، وتقديم غسل النجاسة على رفع الحدث. والأقرب تقديم غسل الجمعة على الأغسال المندوبة لو جامعته ولم يسع الماء الجميع ، أو وسع ليفوز بفضيلة السبق إلى المسجد مغتسلا.

وقد يتعارض أمران مهمان فيقدّم الأهم ، كما أن (الصلاة جماعة) (٣) مستحبة ، وفي المسجد مستحبة ، فلو تعارضا ، فالأقرب أن الجماعة أولى وإن كانت في البيت ، وصلاة النفل في المنزل أفضل ، وإن كان المسجد أفضل من المنزل ، لأنه أبعد من الرياء والإعجاب وادعى إلى الخشوع والإخلاص.

ولو قلنا باستحباب الرمل في أوائل الطواف ، ولم يمكن إلا بالبعد من البيت ، فالأقرب أن البعد أفضل لتحصيل الرمل ، وإن كان الدنو في أصله أفضل ، وكذا لو أدى الدنو إلى مزاحمة تعرض لضرره (٤)

__________________

(١) في (ح) و (أ) : تضيق.

(٢) انظر : الشيرازي ـ المهذب : ١ ـ ٣٥ ، وابن عبد السلام ـ قواعد الأحكام : ١ ـ ١٦٩.

(٣) في (م) و (أ) : صلاة الجماعة.

(٤) في (ك) و (أ) : لضرورة.

٣٢٥

أو غيره.

وقد تتساوى حقوق الله تعالى فيتخير المكلف حينئذ ، لعدم المرجح ، كمن عليه صوم فائت من رمضانين. ويحتمل تقديم الثاني. أما الفدية عن رمضان فالأقرب أن لا ترجيح بين الرمضانين.

ومن عليه نذران دفعة يقدم ما شاء. ولو نذر شاتين لسببين (١) ولم يكن عنده إلا واحدة خصها بما شاء. ولو نذر حجا وعمرة دفعة قدم ما شاء.

وقد اختلف في مواضع : كالصلاة في الثوب النجس وعاريا ، وتخصيص القبل بالستر عند عدم ما يستر العورتين جميعا ، وتقديم التيمم أو تأخيره مع اليأس من الماء آخر الوقت أو مع الطمع ، وتقديم الفائتة على الحاضرة ، وتقديم جميع أصحاب الأعذار في أول الوقت أو تأخيره ـ والخلاف هنا في الاستحقاق والاستحباب (٢) ـ والتأخير لأجل الجماعة مع تيقنها أو مع ترجيها ، وتقدمه في الصف الأول لو استلزم فوت ركعة ، فهل الصف الأخير حينئذ أفضل لفوزه بالركعة ، أو الأول؟ فيه نظر ، وأقوى في النّظر ما لو سعى إلى الأول لإدراك الركوع ، وإن تحرم عنده أدرك الركعة من أولها. ولعل الأقرب السعي ، ولا إشكال أن الصف الأخير أولى لو استلزم السعي فوات الركعة الأخيرة ، والاقتصار على إدراك السجود أو التشهد ، لأن إدراك فضيلة الجماعة بهذين غير معلوم ، بخلاف الركعة.

ولو وجد العاري ، المضطر أو المختار ثوبي حرير ونجس ففي ترجيح أيهما؟ احتمال.

__________________

(١) في (ك) و (م) : لسنتين.

(٢) بمعنى أن الخلاف في أن أولي الاعذار هل يجب عليهم المبادرة في أول الوقت أم يستحب؟

٣٢٦

ولو تزاحم إدراك عرفة وصلاة العصر ففي التقديم أوجه :

الأول : تقديم الصلاة والاجتزاء بالاضطراري ، فيشكل لو (١) تردد الحال في الاضطراري وصلاة العشاء على القول بامتدادها إلى الفجر.

والثاني : تقديم الوقوف ، لأن فوات الحج يستلزم مشقة كثيرة ولا يستدرك إلا في السنة القابلة وقد يدركه الموت ، ويتحقق هذا في وقوف المشعر بينا (٢) إذا كان قد فاته عرفات بالكلية ، ولم نقل بالاجتزاء باضطراري المشعر ، وكان المعارض له صلاة الصبح.

والثالث : أن يصلي ماشيا إليه ، وهذا أقوى ، لأن فيه جمعا بين الأمرين ، وقد شرعت الصلاة مع المشي لما هو أسهل من هذا كالخائف وغيره وثانيها : حقوق العباد ، فقد تكون متساوية ، كتسوية الحاكم بين الخصوم ، والزوج بين النسوة في القسم والنفقة ، والقريب في نفقة المتساويين في الدرجة ، وتخيير المرأة في توكيل الأخوين المتساويين في السن ، واستواء الشركاء في قسمة ما لا ضرر فيه ، والبائع والمشتري في القبض معا ، والشركاء في شقص مشفوع إما ابتداء على القول بثبوتها مع الكثرة ، أو استدامة كما لو ورثوا شفيعا ، وتسوية الغرماء في التركة ، ومال المفلس مع القصور.

وقد يترجح بعضها : كتقديم نفقته على نفقة الزوجة ، ثمَّ

__________________

(١) في (ح) زيادة : كان.

(٢) في (ح) : بمنى ، هذا ، وفي (ا) : مبيتا ، وفي (م) : هذا.

٣٢٧

الزوجة ، ثمَّ الأقارب (١) ، وتقديم نفقته على الغرماء في أيام الحجر ، ويوم القسمة ، وتقديم ذي العين بها في المفلس مطلقا والميت مع الوفاء ، وتقديم المضطر في المخمصة على مالك الطعام المستغني عنه ، وتقديم الرّجل على المرأة في المكان الضيق وفي الجنائز والدفن في واحد عند الضرورة ، وتقديم الأقرإ ، فالأفقه في الجماعة ، وتقديم السابق في الجناية في القصاص على احتمال ، أما تقديم صاحب الطرف المقدم (٢) فلا ريب فيه ، والتقديم في السبق إلى المساجد والمباحات ، وتقديم الفاسخ على المجيز في اجتماع الخيارين في البيع والنكاح ، وتقديم الشفيع على المشتري في المفلس (٣) ، والتقديم في الإرث بالقرب ، أو بقوة السبب باجتماع السببين ، والتقديم في الحضانة.

ومنه : تقديم البر على الفاجر في الإعتاق ، والأرفع قيمة على الأخس ، والأنقى على التقي ، لأن العتق إحسان فكلهما صادف الإحسان الأفضل كان أفضل ، وكذا تقديم القريب على غيره ، لاجتماع العتق والصلة ، ومن هو في شدة على غيره ، لأنه يدفع عنه مع ذل الرق إيذاء الجهد ، بل شراؤه لترفيهه فيه ثواب عظيم.

ومنه : في الدفاع (يقدم عن النّفس) (٤) ، ثمَّ العضو ، ثمَّ البضع ، ثمَّ المال ، إذا لم يمكن الجمع ، والدفع عن الإنسان على الدفع عن باقي الحيوان ، إما للأشرفية والأهمية ، وإما لأن تحمل أخف المفسدتين أولى

__________________

(١) في (م) : الأقرب.

(٢) أي تقديم صاحب الطرف الموجب للدية إذا كان مقدما في الجناية على صاحبه. (عن بعض الحواشي).

(٣) في (م) : المجلس ، والصواب ما أثبتناه.

(٤) في (ح) : تقديم النّفس.

٣٢٨

من تحمل الأعظم ، إذ مفسدة فوات النّفس والعضو أعظم من مفسدة فوات البضع ، ومفسدة فوات البضع أعظم من مفسدة فوات المال (١).

وثالثها : اجتماع حق الله وحق العباد ، ولا ريب في تقديم العبادات كلها على راحة البدن والترفه (٢) والانتفاع بالمال ، تحصيلا لمصلحة العبد في الفوز بثواب الله تعالى ورضوانه. ودفع الغرر في البيع ولا يسقط برضا المتبايعين. ووجوب حد الزنا بالإكراه وإن أسقطته المزني بها أو عصباتها (٣) وإن كان في ذلك دفع العار عنهم. وتحريم وطء الزوجة المتحيرة في الحيض ، وتضعيف الغسل عليها مرارا ، والصيام مرتين عند من قال به من الأصحاب (٤).

وتقديم حق العبد في مثل الاعذار المجوزة للتيمم مع وجود الماء كخوف المرض والشين (٥) وزيادة (٦) المرض. وكالأعذار المبيحة لترك الجمعة والجهاد والجماعة. وفي التلفظ بكلمة الكفر عند الإكراه. وكتقديم قتل القصاص على القتل بالردة. ورخص السفر من القصر والفطر. ولبس الحرير للحرب والحكة. والتداوي بالنجاسات حتى بالخمر شربا على قول (٧) ، وجواز التحلل بالصد والإحصار.

__________________

(١) انظر : ابن عبد السلام ـ قواعد الأحكام : ١ ـ ٧٣ ـ ٧٤.

(٢) في (ح) : بالترفيه ، وفي (م) و (أ) : بالترفه.

(٣) في (ح) : عصابتها.

(٤) انظر : الشيخ الطوسي ـ المبسوط : ١ ـ ٥٨ ، والعلامة الحلي ـ منتهى المطلب : ١ ـ ١٠٢ ، وقواعد الأحكام : ٧.

(٥) الشين : خلاف الزين.

(٦) في (ح) : في زيادة.

(٧) انظر : الشيرازي ـ المهذب : ١ ـ ٢٥١.

٣٢٩

ويقع الشك في مواضع :

كاجتماع حق سراية العتق والدين. ووجدان المضطر ميتة وطعام الغير. والمحرم إذا كان مستودعا صيدا فهل يرسله ، لحق الله ، أو يبقيه ، لحق الآدمي ، أو يرسله ويضمن للآدمي؟

ولو أصدقها صيدا وطلق وهو محرم ، فإنه قيل (١) : بدخول مثل هذا في ملكه لما كان قهرا ، على الصحيح. فحينئذ هل يرسله ويضمن لها نصيبها ، تغليبا لحق الله تعالى ، أو يبقيه ويضمن نصف الجزاء إن تلف عندها ، أو يكون مخيّرا؟

ولو مات وعليه دين وزكاة أو خمس ، أو هما مع الدين فالأقرب التوزيع. ونقل بعض الأصحاب (٢) تقديم الزكاة ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : (فدين الله أحق أن يقضى) (٣) ، وتقديم الدين ، لأن حق العباد مبني على التضييق وحق الله تعالى على المسامحة.

ويشكل : بما أن في الزكاة حقا للعباد فهي مشتملة على الحقين ، وكذلك الخمس.

هذا إذا كانت الزكاة مرسلة في المال بأن يكون قد فرّط في النصاب حتى تلف وصارت في ذمته ، أو كانت زكاة الفطرة ، أو كان الخمس من المكاسب إن قلنا بثبوته في الذّمّة. أما لو كان متعلق الزكاة والخمس باقيا ، فالأقرب تقديمهما على الدين ، لسبق تعلقهما على

__________________

(١) انظر : الغزالي ـ الوجيز : ٢ ـ ٢١.

(٢) انظر : العلامة الحلي ـ تذكرة الفقهاء : ١ ـ ٢٠٣. وهو قول للشافعية. انظر : الشيرازي ـ المهذب : ١ ـ ١٧٥.

(٣) انظر : صحيح مسلم : ٢ ـ ٨٠٤ ، باب ٢٧ من أبواب الصيام ، حديث : ١٥٥.

٣٣٠

تعلق الدين.

مسألة :

لو ترافع الذميان إلينا فالأقرب تخير الحاكم بين الحكم والرد ، سواء ، كان حق الله تعالى أو حق العبد ، لعموم الآية (١). هذا إذا كان عندهم يستوفي ، ولو كان الحق عندهم مهدورا ، كنكاح الأم في المجوس إذا تظاهر به ، لم يرد قطعا.

قاعدة ـ [١١٨]

مما يسري إلى الولد المتجدد : التدبير ، والرهن في الأصح ، والضمان في الغاصب ، والأمانة في الودعي ، والكتابة والوقف في وجه قوي (٢) ، والأضحية المنذورة بعينها ، والحرية إلا مع شرط المولى رقية ولد الحرة على قول (٣) ، والرقية إذا كان الواطئ عالما

__________________

(١) وهي قوله تعالى في سورة المائدة : ٤٢ (فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ، وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً ، وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).

(٢) هو قول للشافعية. انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٢٩٣.

(٣) انظر : ابن رجب ـ القواعد : ١٨٦ ، والعلامة الحلي ـ تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ٦٤٤ ، والمحقق الحلي ـ شرائع الإسلام : ٢ ـ ٣٠٩ ، وابن المرتضى ـ البحر الزخار : ٤ ـ ١٩٦ (نقلا عن الحسن بن صالح والأوزاعي).

٣٣١

بالتحريم ، وولد الأمة المنذور عتقها لو تجدد بعد حصول الشرط ، وقبله تردد ، وملك المشتري وإن كان في زمن خيار البائع لو حملت به فيه. وفي ولد الأمة الموصى بها وجه (١) بعيد ، ويقوى لو تجدد بعد الوفاة قبل القبول على القول بالكشف.

قاعدة ـ [١١٩]

في الاعتداد بالأبوين أو أحدهما بالنسبة إلى الولد وهو أقسام : أحدها : ما يعتد فيه بالأبوين ، ولا يكفي أحدهما ، كالإسهام في الجهاد للفرس لا للبغل ، وفي الحل والحرمة في الظاهر ، وفيما يجزئ في الأضحية والهدي والعقيقة كذلك ، والزكاة. ويمكن مراعاة الاسم هنا.

ومنه : الخلاف في المتولد من (٢) وحشي وإنسي ، أو ما يحل ويحرم بالنسبة إلى المحرم.

وثانيها : ما يعتد فيه بالأب ، وهو النسب ، خلافا للمرتضى (٣) ، ويتبعه استحقاق الخمس والوقف والوصية. ومهر المثل معتبر بأقرباء الأب. والولاء يغلب فيه جانب الأب.

ولو ضرب الإمام على أفراد قبيل جزية وعلى أفراد قبيل آخر

__________________

(١) هو وجه للشافعية. انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٢٩٣.

(٢) في (م) و (أ) : بين.

(٣) انظر : العلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ٢ ـ ٣٤ (نقلا عنه).

٣٣٢

جزية مخالفة للأخرى ، ثمَّ تولد تولد بين رجل وامرأة من القبيلين (١) ، أمكن اعتبار جانب الأب (٢).

ولو تولد بين وثني وكتابي ، فالظاهر أن ديته ثابتة على قاتله ، لإقراره (٣) بالجزية إن كان الأب كتابيا. ويمكن إقراره (٤) بالأم أيضا.

أما حجب الإخوة فالمعتبر فيه جانب الأب ، سواء كانت الأم واحدة أو لا.

وثالثها : ما يعتد فيه بالأم وحدها ، وهو الجنين المملوك يعتبر بعشر قيمة أمه على رواية (٥) ، والمشهور اعتباره بالأب (٦) ، والعامة (٧) يعتبرونه (٨) في صورتين :

__________________

(١) في (ك) و (م) : القبيلتين.

(٢) انظر في ذلك ـ السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٣٩١.

(٣) في (ك) و (م) : لإفراده.

(٤) في (ك) و (م) : إفراده.

(٥) انظر : الشيخ الطوسي ـ تهذيب الأحكام : ١٠ ـ ٢٨٨ ، باب ٢٥ من كتاب الحدود ، حديث : ١٨.

(٦) المشهور عند الإمامية اعتباره بالأم ، طبقا للرواية ، لا بالأب. انظر : الشيخ المفيد ـ المقنعة : ١٢١ ، والشيخ الطوسي ـ الخلاف : ٢ ـ ١٤٢ ، والمبسوط : ٧ ـ ٢٠٥ ، وسلار ـ المراسم : ٣٢ ، والمحقق الحلي ـ شرائع الإسلام : ٤ ـ ٢٨٠ ، والعلامة الحلي ـ تحرير الأحكام : ٢ ـ ٢٧٧ ، وقواعد الأحكام : ٢٧٦ ، والعاملي ـ مفتاح الكرامة : ١٠ ـ ٥٠٦ ، والنجفي ـ جواهر الكلام : ٦ ـ ٧٤٣.

(٧) انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٢٩١ ـ ٢٩٢.

(٨) في (ح) : يعتدونه.

٣٣٣

إحداهما : الحرية ، فمتى كانت حرة كان ولدها حرا. وهي عندنا معتبرة بأحد الأبوين.

وثانيتهما الرقية ، فمتى كانت الأم رقا كان الولد رقا عندهم إلا في مواضع فإنه حرّ ، كوطء الحرّ أمة لظنها زوجته الحرة ، ووطء المولى الحر مملوكته. ووطء الحر الأمة التي عيّن نكاحها ، ووطء الأب جارية ابنه ، ونكاح المسلم حربية للشبهة ثمَّ استرقت بعد الحمل فإن ولدها لا يسترق ، لأنه مسلم في الحكم.

ورابعها : ما يعتد فيه بأيهما كان ، كالإسلام ، وحرمة الأكل بحرمة أي الأبوين كان ، والنجاسة بنجاسة أيهما كان ، مع احتمال اعتبار الاسم ، وضرب الجزية في وجه (١) ، والمناكحة متعة أو بملك اليمين لو كانت امرأة ، وحقن الدم إذا أسلم أحد الأبوين الحربي قبل الظفر به ، ورد المبتدئة الفاقدة للتميز إلى عادة نسائها ، يعتبر بهن من أية جهة كانت.

قاعدة ـ [١٢٠]

الأغلب استواء الأب والجد في الأحكام كما في وجوب النفقة عليهما ، ولهما ، واشتراكهما في الولاية في المال والنكاح على طريقة الإجبار ، وانعتاقهما بالملك ، وبيع مال الطفل من نفسه ، وبيع ماله على الطفل ، وسقوط قودهما بالابن ، وتبعيتهما في تجدد إسلام أحدهما ، حيّا كان الآخر أو ميتا ، والولد صغير ، ومنعهما من تبعية السابي في الإسلام إذا كان الصغير مع أحدهما ،

__________________

(١) انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٢٩٣.

٣٣٤

واستئذانهما في سفر الجهاد وسائر الأسفار إذا لم تجب. وكذا الأجداد (١).

ويختلفان في صور ، منها :

أن الأب يحجب الإخوة ، والجد يشاركهم. والتفرقة بين الولد والأم أشد منها بين الأب وبينه ، إذ لا نصّ في جانب الأب إلا ما ذكره ابن الجنيد (٢) من إجرائه مجرى الأم ، وطرّد الحكم في الأجداد والإخوة والأخوات.

ولو أسلم الكافر قبل الاستيلاء (٣) أحرز ولده الأصاغر (٤) ، والظاهر أنه يحرز أولاد ابنه الصغار. ويمكن اشتراط كون الأوسط ميتا ، فلو كان حيّا التحق الولد به.

فائدة (٥)

هل للأبوين المنع من سفر طلب العلم؟

الأقرب : لا ، إلا أن يكون متمكنا من فعله عندهما على حدّ يمكنه مع السفر. نعم يستحب الاستئذان. ولو كان واجب التعلم وتعذر إلا بالسفر فلا حجر. أما لو كان طالبا درجة الفتوى وهو مترشح

__________________

(١) أي تساوي أجداد الأب في ذلك وإن علوا.

(٢) انظر : العلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ٢ ـ ١٦١ (نقلا عنه).

(٣) في (م) : الاستيلاد.

(٤) في (م) : الأصغر.

(٥) في (م) : قاعدة.

٣٣٥

لذلك ، فان لم يكن في البلد مستقل بها فهو ملحق بالواجب ، وإن كان فهو ملحق بالمستحب.

ولو خرج لطلب الفتوى وليس في البلد مستقل ، فخرج معه جماعة فهل للأبوين المنع؟ يمكن القول به إن قلنا لهم منعه من المستحب ، لأن كل واحد منهم قد يقوم مقامه. والأولى عدمه ، إذ الخارجون معه قد لا يحصل منهم الغرض التام.

ويجوز أيضا سفر التجارة إذا لم يكن متمكنا من تحصيلها في بلده ، وكذا لو كان في سفره توقع زيادة ربح ، أو إرفاق ، أو زيادة فراغ ، أو حذق أستاذ بالنسبة إلى طالب العلم. ولهما منعه من سفر التجارة مع الخوف الظاهر كالسير في البوادي المخطرة (١) ، وركوب البحر.

قاعدة ـ [١٢١]

يتبع النسب أحكام : كولاية أحكام الميت ، والحضانة ، والإرث ، وانتقال الولاء ، واستحباب الوصية ، والعقل (٢) ، وولاية النكاح ، والمال ، والمطالبة بالحد والقصاص ، وسقوط القصاص في بعض صوره (٣) (٤).

__________________

(١) في (ح) : الخطيرة.

(٢) أي صيرورة أقرباء القاتل خطأ عاقلة عنه يحملون عنه الدية.

(٣) كما إذا قتل الوالد ولده ، فإنه لا يقتص منه.

(٤) ذكر السيوطي اثني عشر حكما يترتب على النسب. انظر : الأشباه والنّظائر : ٢٩١.

٣٣٦

ويترتب على الإرث : استحقاق القصاص ، والشفعة والخيار.

ويتبع النسب : وجوب النفقة ، والعتق ، وعدم قبول الشهادة في صورة شهادة الابن علي أبيه ، وعدم الدفع من الزكاة إلا في مثل الغرم (١) ، وتحريم الموطوءة أو المعقود عليها بالنسبة إلى الأب وولده ، وثبوت المحرمية (٢).

قاعدة ـ [١٢٢]

للبدل والمبدل أحوال أربعة :

أحدها : تعيين المبدل للابتداء ، وهو الأكثر ، كالطهارة المائية والترابية ، وخصال المرتبة.

وثانيها : تعيين البدل ، كالجمعة إن جعلناها بدلا من الظهر ، وإن قلنا فرض مستقل ، فلا.

وثالثها : تعيين الجمع بينهما ، كما عند اشتباه المطلق بالمضاف ثمَّ يراق (٣) أحدهما ، فإنه يتطهر بالباقي ويتيمم.

ورابعها : التخيير بينهما ، كخصال الكفارة المخيرة إن جعلنا أحدها بدلا من الآخر ، والماء والأحجار في الاستنجاء إن قلنا بالبدلية ، وإن جعلنا كلا (٤) أصلا مستقلا ، فلا. وقد يكون منه : للتخيير بين الصلاة عاريا وفي الثوب النجس (٥).

__________________

(١) في (ك) : الغريم.

(٢) انظر في هذا : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٢٨٧ ـ ٢٨٨.

(٣) في (ح) : يهرق : وفي (ا) : يهراق.

(٤) في (ح) زيادة : منهما.

(٥) انظر في هذه القاعدة ـ الأشباه والنّظائر للسيوطي : ٥٦٧.

٣٣٧

قاعدة ـ [١٢٣]

في الجبر والزجر (١) وثمرتهما : تكميل المصلحة والدرء عن المفسدة.

وموضوع الجبر أعم ، بدليل تعلقه بالعامد والناسي والمخطئ ، بخلاف الزجر فإنه للعامد. فهنا أقسام :

الأول : جبر العبادة بالعمل البدني ، كالجبر بسجدتي السهو والاحتياط.

الثاني : جبرها بالمال ، كالفدية في الصيام ، والبدنة في الحج الفاسد والصحيح على الوطء (٢) وشبهه ، كالمفيض من عرفات قبل الغروب ، وكالشاتين والدراهم في الزكاة.

الثالث : ما يتعاقب عليه الأمران ، كهدي التمتع والصوم عنه ، إن جعلنا الهدي جبرا ، كما يلوح من كلام الشيخ في المبسوط (٣) حيث أسقط الدم عن المحرم من غير مكة مع تعذر عوده إليها ، وككفارة الصيد إن قلنا بالترتيب ، وكقضاء الصوم عن الولي فإنه (جابر لصوم) (٤) المولى عليه ، مع أن الصوم قد يجبر بالمال ، كالفدية في الشيخين ، والمستمر مرضه إلى رمضان آخر.

__________________

(١) انظر في هذه القاعدة : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ٢١٣ ـ ٢١٥ ، وابن عبد السلام ـ قواعد الأحكام : ١ ـ ١٧٨ ـ ١٩٥.

(٢) في (ا) : الواطئ.

(٣) انظر : ١ ـ ٣٦٥.

(٤) في (ك) : جائز كصوم ، وما أثبتناه أنسب بالمعنى على ما يبدو.

٣٣٨

الرابع : ما يتخير بين (الجبر بالمال) (١) والبدن ، كالكفارة المخيرة في الإحرام. ويحتمل في شهر رمضان.

الخامس : ما يجمع فيه بين البدن والمال ، كمن مات وعليه شهران متتابعان فإنه يصوم الولي شهرا ، وقد يتصدق عن شهر. وكذا الحامل والمرضع وذو العطاش إذا برئ (٢) فإنهم يقضون ويفدون.

تنبيه :

قد تكون الصلاة عن الميت جبرا بدنيا لما فاته من الصلاة ، كما قلناه في الصوم.

والحق فيهما : أنهما ليسا من قبيل الجبر ، لأن العمل (٣) يقع للميت لا للحي ، ولهذا لا يسمى قضاء الصلاة والصيام في الحياة من المكلف جبرا.

وأما الزجر فقسمان :

أحدهما : ما يكون زاجرا للفاعل عن العود ، ولغيره عن الفعل ، كالحدود ، والتعزيرات ، والقصاص ، والدّيات.

ويجب على المكلف إعلام المستحق في القصاص والدية وحد القذف وتعزيره. أما حقوق الله تعالى فالأولى لمتعاطيها سترها والتوبة ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : (من أتى شيئا من هذه القاذورات فليسترها بستر الله ..) (٤). الحديث. والسارق يجب عليه إيصال المال ،

__________________

(١) في (ح) : جبر المال.

(٢) في (ا) : برئوا.

(٣) في (ح) زيادة : قد.

(٤) رواه مالك في ـ الموطأ : ٢ ـ ١٦٩ ، بلفظ : (من أصاب

٣٣٩

لا الإقرار بالسرقة.

وثانيهما : ما يكون زاجرا عن الإصرار على القبيح ، كقتل المرتد والمحارب ، وقتال الكفار والبغاة والممتنع عن الزكاة ، وقتال الممتنعين عن إقامة شعائر الإسلام الظاهرة ، كالأذان وزيارة النبي والأئمة عليهم الصلاة والسلام.

ومنه : زجر الدفع ، والمتطلع إلى حريم الغير ، وضرب الناشز ، وتأديب الصبي والمجنون وإن لم يأثما ، وحبس الممتنع عن الحق.

ومنه : تحريم المطلقة ثلاثا ، والملاعنة ، زجرا عن ارتكاب مثله.

فائدة

هذه الزواجر منها ما تجب على متعاطي أسبابها : كالكفارات الواجبة في الظهار ، والإفطار ، والقتل العمد ، والخطأ إن جعلناها زاجرة ، ولا إثم فيه.

ومنها ما تجب على غيره : إما على الحكام ، كحد الزنا ، والسرقة ، والمحاربة ، والشرب ، والتعزير لحق الله تعالى ، أو (الحد للآدمي) (١) والتعزير له إذا طلبهما من الحاكم.

ومنها ما يتخير مستحقه بين فعله وتركه : كالقصاص. وقولهم : وجب عليه القصاص أو الحد أو التعزير ، مجاز عن وجوب إقامة ذلك

__________________

من هذه القاذورات فليستتر بستر الله ..). ورواه البيهقي في ـ السنن الكبرى : ٨ ـ ٣٣٠ ، بلفظ : (من أصاب منكم من هذه القاذورة شيئا فليستتر بستر الله ..).

(١) في (أ) و (م) و (ح) : لحق الآدمي.

٣٤٠