القواعد والفوائد - ج ١

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

القواعد والفوائد - ج ١

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: السيّد عبد الهادي الحكيم
الموضوع : الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٧
الجزء ١ الجزء ٢

وقد طبعت عدة طبعات مع شرحها الروضة البهية للشهيد الثاني.

٢ ـ الدروس الشرعية في فقه الامامية ، وهو يشتمل على الكثير من أبواب الفقه ، خرج منه إلى كتاب الرهن فأدركته الشهادة قبل إتمامه ، شرع فيه سنة ٧٨٠ هـ وفرغ من جزئه الأول في ١٢ ربيع الأول سنة ٧٨٤ هـ (١).

وقد نهض لاتمامه العالم السيد جعفر الملحوس وفرغ منه في ٢٦ رجب سنة ٨٣٦ هـ (٢).

وطبع كتاب الدروس بإيران سنة ١٢٦٩ هـ ، وله شروح عدة ذكرها صاحب الذريعة (٣).

٣ ـ الألفية ، وهي رسالة فقهية تشتمل على ألف واجب من واجبات الصلاة مرتبة على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة ، فرغ منها قبل

__________________

ـ الكنى والألقاب : ٢ / ٣٤٧ أن الشهيد ألف اللمعة وهو في الحبس ، ولم يكن يحضره من المراجع غير المختصر النافع للمحقق الحلي. وهذا على ما يبدو غير صحيح ، ذلك لان الشهيد نفسه قد ذكر كتاب اللمعة من جملة مصنفاته التي أجاز لابن الخازن روايتها ، حيث يقول فيها : (ومن ذلك كتاب الدمشقية مختصر لطيف في الفقه) وتأريخ الإجازة كما تقدم سنة ٧٨٤ ه‍. وهو رحمه الله قد حبس سنة قبل مقتله الذي كان في سنة ٧٨٦ ه‍. هذا أولا. وثانيا : أن هذا يتنافى مع ما نقله الشهيد الثاني في الروضة البهية عند شرحه لمقدمة المصنف عن ولده أبي طالب.

(١) آغا بزرك / الذريعة : ٨ / ١٤٥.

(٢) انظر : النوري / مستدرك الوسائل : ٣ / ٤٣٩.

(٣) الذريعة : ٨ / ١٤٥.

٢١

رمضان سنة ٧٨٤ هـ ، وعليها حواش وشروح كثيرة ، وطبعت مكررا (١) :

٤ ـ النفلية ، وهي رسالة ألفها بعد الألفية تشتمل على ثلاثة آلاف نافلة حصر فيها نوافل الصلاة. ذكرها في إجازته لابن الخازن.

٥ ـ غاية المراد في شرح نكت الارشاد : في الفقه ، والمتن للعلامة الحلي ، فرغ منه سنة ٧٥٧ هـ وقد أشار إليه في إجازته لابن الخازن الحائري ، وطبع بإيران مكررا منها في سنة ١٣٠٢ هـ (٢).

٦ ـ شرح التهذيب الجمالي في أصول الفقه ، والتهذيب من مصنفات العلامة الحلي ، وقد أشار إليه أيضا في إجازته لابن الخازن.

٧ ـ رسالة في التكليف وفروعه.

٨ ـ خلاصة الاعتبار في الحج والاعتمار : وهي رسالة مختصرة جدا في مناسك الحج والعمرة وجمعت فروعا وفذلكات كثيرة (٣). ذكرها أيضا في إجازته لابن الخازن.

٩ ـ البيان ، كتاب في الفقه لم يتمه ، خرج منه الطهارة والصلاة والزكاة والخمس وقسم من الصوم ، طبع بإيران سنة ١٣١٩ هـ (٤).

١٠ ـ ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة : في الفقه ، خرج منه الطهارة والصلاة بعد مقدمة فيها سبع إشارات في المباحث الأصولية ، وفرغ منه في ٢١ صفر سنة ٧٨٤ هـ (٥) ، وعليه عدة حواش ، طبع

__________________

(١) انظر : آغا بزرك / الذريعة : ٢ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧ ، و ١٣ / ١٠٧ ـ ١١٤.

(٢) الآصفي / مقدمة الروضة البهية : ١٠٥.

(٣) الأمين / أعيان الشيعة : ج ٤٧ ص ٤٥.

(٤) الآصفي / مقدمة الروضة البهية : ١٠٥.

(٥) في مقدمة الآصفي للروضة : فرغ منه سنة ٧٨٦ ه‍ ، ولعله

٢٢

على الحجر بإيران سنة ١٢٧١ هـ (١).

١١ ـ الأربعون حديثا : أكثرها في العبادات فرغ منه في ١٨ ذي الحجة سنة ٧٨٢ هـ ، طبع بإيران مع غيبة النعماني سنة ١٣١٨ هـ (٢).

١٢ ـ المقالة التكليفية : رسالة في العقيدة فرغ الشهيد من تأليفها سنة ٧٦٩ هـ ، وشرحها الشيخ زين الدين يونس البياضي (٣).

١٣ ـ القواعد والفوائد : وهو هذا الكتاب الذي بين أيدينا.

١٤ ـ مزار الشهيد : ويسمى ب‍ (منتخب الزيارات) ويضم جملة

من الزيارات. وترجم إلى الفارسية (٤).

١٥ ـ شرح قصيدة الشهفيني : والقصيدة في مدح الامام أمير المؤمنين علي عليه السلام ، وقد اطلع الناظم على الشرح فأعجب به (٥).

وفاته

استشهد رحمه الله يوم الخميس التاسع من جمادى الأولى سنة ٧٨٦ ه‍ بعد أن لفق بعض حساده ضده أقاويل شنيعة نسبها إليه ، فقتل بالسيف ثم صلب ثم رجم ثم أحرق بدمشق في دولة بيد مرو ، وسلطنة برقوق ، بعد أن حبس سنة كاملة في قلعة الشام (٦).

__________________

خطأ مطبعي ، لان مصدره في ذلك على ما يبدو الذريعة ، وما أثبتناه نصها.

(١) آغا بزرك / الذريعة : ٦ / ٨٦ ـ ٨٧ ، و ١٠ / ٤٠.

(٢) الآصفي / مقدمة الروضة البهية : ١٠٦.

(٣) المصدر السابق : ١١٠. (٤) المصدر السابق : ١٠٩.

(٥) المصدر السابق : ١١٠.

(٦) الحر العاملي / أمل الآمل : ١ / ١٨٢ ـ ١٨٣. وللتوسع

٢٣

مخطوطات الكتاب المعتمدة

لقد اعتمدت في تحقيق (القواعد والفوائد) على أربع نسخ خطية إضافة إلى النسخة المطبوعة بالحجر في إيران سنة ١٣٠٨ هـ.

والنسخ الخطية هي : الأولى : نسخة مكتبة الامام كاشف الغطاء العامة في النجف الأشرف

المحفوظة تحت رقم (٢٥٤).

وتقع في (٢٠٨) أوراق ، بمقياس (٥ / ٢١ × ١٢) سم. ناقصة الصفحة الأخيرة وقد أكملت بخط حديث ، وهي مصححة على عدة نسخ وعليها بعض التعليقات ، وفي أولها فهرس كامل للقواعد مع ترقيم لها ، وقد ختمت بعض أوراقها بختم مربع كتب فيه : (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وبتأريخ ١١٣٣ هـ ، وعليها تملك مؤرخ سنة ١١٤٣ هـ باسم (ناصر بن الحسن المنامي البحراني) مجهولة الناسخ وتأريخ النسخ. وقد رمزت إليها بالحرف (ك).

الثانية : نسخة مكتبة الإمام الحكيم العامة في النجف الأشرف ، المحفوظة تحت رقم (٢١٣٦).

تقع في (١٧٦) ورقة ، بمقاس (٨ / × ٢٣ ٥ /١٢) سم. وقد ثم نسخها على يد (حسين بن حمدان الحوارزي) في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة من السنة الحادية والستين بعد الألف (١٠٦١) من الهجرة ، وهي مقروءة ومصححة ، وإن كانت لا تخلو من أخطاء وسقط. وقد رمزت إليها بالحرف (ح).

__________________

انظر : المجلسي / البحار : مجلد ٢٦ ج ١ ص ٣٨ ، والخوانساري / روضات الجنات : ٤ / ٨٠ ـ ٨١

٢٤

الثالثة : النسخة المحفوظة بمكتبة الحجة الشيخ نوري مشكور الخاصة في النجف الأشرف.

وتقع في (٢٨١) ورقة ، بمقاس (١٧ × ٥ / ١١). ناقصة الأول والوسط وقد أكمل بعض النقص بخط حديث ، والبعض الآخر لم يكمل.

تم نسخها على يد (خليل الدين إبراهيم الجيلاني سنة خمس وثلاثون ... (١) وألف). وقد أتلفت الرطوبة أطراف بعض الأوراق الأخيرة منها ، ويكثر فيها الخطأ والسقط ، وعليها تملكان ، أحدهما : باسم الشيخ (مشكور محمد جواد) والثاني باسم الشيخ (عبد النبي بن الحاج علي الكاظمي). وقد رمزت إليها بالحرف (م).

الرابعة : النسخة المحفوظة بمكتبة الحجة الأستاذ الشيخ محمد تقي الإيرواني الخاصة في النجف الأشرف.

وتقع في (٢٧٩) ورقة ، بمقاس (٥ / ١٩ × ١١) سم. وقد كتبت بخطوط مختلفة إلا أنها مصححة على عدة نسخ وعليها تعليقات للشيخ محمد الإيرواني الشهير بالفاضل الإيرواني ، المتوفى سنة ١٣٠٦ هـ. مجهولة الناسخ وتأريخ النسخ. وقد رمزت إليها بالحرف (أ).

منهج التحقيق

نظرا لان نسخة مكتبة الامام كاشف الغطاء تمتاز على بقية النسخ بقلة الأخطاء والسقط ، ووضوح الخط ، فقد اتخذت منها أصلا أعتمد عليه في عملي ، وأن أضع القراءات المختلفة في الهوامش ، إلا إذا كان الموجود في الأصل أقل ملاءمة في تقويم النص والقراءة الأخرى أقرب ـ فيما اعتقده ـ إلى الصحة ، ففي هذه الحالة أدخل القراءة الصحيحة في

__________________

(١) غير واضح في النسخة.

٢٥

الأصل مع الإشارة في الهامش إلى ما كان موجودا فيه. متوخيا من ذلك أن أقدم للقارئ نصا هو أقرب فيما اعتقده إلى الصحة.

وقد شمل عملي في التحقيق ـ إضافة إلى ضبط النص ـ ما يلي :

١ ـ تخريج الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة المروية عن النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته الأطهار عليهم السلام.

٢ ـ إرجاع أكثر ما ذكره المصنف من الأقوال وما أورده من الأدلة والاعتراضات إلى أصحابها في حدود ما توفر لدي من مصادر. أما القسم الباقي فلم أوفق للعثور عليه. وقد أخذ مني الفحص عن كل ذلك في كتب المذاهب المختلفة الشئ الكثير من الجهد والوقت.

٣ ـ أن المصنف عندما أورد القواعد أوردها خالية من الترقيم إلا القليل منها ، كالقواعد الخمس التي يمكن رد الأحكام إليها ، وقواعد المناكحات والجنايات. وتسهيلا على القارئ عند الارجاع إلى بعضها فقد وضعت لكل من القواعد غير المرقمة رقما خاصا مبتدئا من الرقم (١) واضعا له بين قوسين معقوفتين [ ].

٤ ـ تخريج الأبيات الشعرية ـ وهي قليلة ـ وإرجاعها إلى قائلها ، في حدود ما استطعت العثور عليه.

٥ ـ شرح بعض المفردات اللغوية ، وبعض العبارات الغامضة التي في الكتاب.

٦ ـ تصحيح الأخطاء اللغوية أو الاملائية التي وقع فيها النساخ.

٧ ـ تغيير رسم بعض الكلمات التي جرت عادة القدامى على كتابتها على خلاف لغة العصر ، كتحويل الهمزة إلى ياء في مثل (وطي) و (فوايد) و (مشية) و (بايع) ، وما شاكل ذلك.

٨ ـ الإشارة إلى الزيادات التي تنفرد بها نسخة أو نسختان من النسخ

٢٦

المعتمدة. أما ما حدث فيها من سقط ـ وهو كثير وخاصة في النسخة المرموز إليها بحرف (م) ـ فلم أشر إليه إلا نادرا حتى لا أثقل الهوامش بما لا ضرورة إليه.

شكر وتقدير

ولا يفوتني هنا أن أقدم خالص شكري وتقديري لسماحة الشيخ نوري مشكور ولسماحة الأستاذ الشيخ محمد تقي الإيرواني ، والأخ الفاضل الشيخ شريف كاشف الغطاء لإعارتي النسخ الخطية التي تحت أيديهم. كما وأقدم جزيل شكري إلى إدارة مكتبة الإمام الحكيم العامة وأخص بالذكر مديرها الفاضل الشيخ محمد مهدي نجف الذي وفر لي بكل جهده ما احتاجه من مراجع.

وأخيرا لا أنسى أن أتقدم بالشكر إلى جمعية منتدى النشر في النجف الأشرف لتفضلها بنشر هذا الكتاب على نفقتها فأسدت بذلك خدمة للمكتبة الاسلامية.

والله أسأل أن يأخذ بأيدينا جميعا إلى ما فيه خيرنا وصلاحنا في ديننا ودنيانا إنه ولي التوفيق والسداد.

النجف الأشرف في ٣ / ٤ / ١٣٩٩ ه‍

٢ / ٣ / ١٩٧٩ م

المحقق

د. عبد الهادي السيد محسن الحكيم

٢٧
٢٨

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وبه أستعين

اللهم إني أحمدك والحمد من نعمائك ، وأشكرك والشكر من عطائك وأصلي على خير أنبيائك ، وسيد أصفيائك ، وخاتم رسلك ، أبي القاسم محمد بن عبد الله وعترته الطاهرين.

وأسألك أن تصلي عليهم وعلى جميع أنبيائك ، وأن تيسر لنا طاعتك لننتظم في سلك أوليائك ، ونعدّ في زمرة أحبائك وأن ترزقنا عونك على جميع مقاصدنا التي لا تخرج عن مرضاتك (١) في أرضك وسمائك ، وتجعل ما عزمنا عليه من تأليف هذه « القواعد والفوائد » عدة وذخرا ليوم لقائك. فإليك توجهنا ، وعليك توكلنا ، وإليك أنبنا ، فجازنا بأحسن جزائك وأفض علينا سوابغ نعمائك.

__________________

(١) في (ا) : رضاك.

٢٩

قاعدة ـ [١]

الفقه لغة (١) : الفهم. وشرعا : العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية.

فخرج : العلم بالذوات ، والعلم بالأحكام العقلية ، وعلم أصول الفقه ، وعلم المقلّد إذا استند إلى دليل إجمالي ، فإنه يقول في كل مسألة : هذا ما أفتاني به المفتي ، وكل ما يفتي (٢) به المفتي فهو حكم الله تعالى في حقي. فإنه ينتج : هذا حكم الله تعالى في حقي.

قاعدة (٣) ـ [٢]

الحكم الشرعي ينقسم إلى الخمسة المشهورة (٤) ، وربما جعل السبب والمانع ، والشرط ، مغايرا لها ، كالدلوك الموجب للصلاة ، والنجاسة المانعة منها ، والطهارة المصححة لها.

وكل ذلك ينحصر في أربعة أقسام : العبادات ، والعقود ، والإيقاعات والأحكام.

ووجه الحصر : أن الحكم الشرعي إما أن تكون غايته الآخرة ، أو الغرض الأهم منه الدنيا ، والأول : العبادات. والثاني : إما أن يحتاج إلى عبارة ، أو لا ، والثاني : الأحكام. والأول : إما أن تكون العبارة

__________________

(١) انظر : ابن منظور ـ لسان العرب : ١٣ ـ ٥٢٢ ، فصل الفاء حرف الهاء ، مادة (فقه).

(٢) في (ح) : ما أفتى.

(٣) في (ح) و (أ) : فائدة.

(٤) وهي : الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة ، والإباحة.

٣٠

من اثنين ـ تحقيقا أو تقديرا ـ أو لا ، والأول : العقود ، والثاني : الإيقاعات.

قاعدة (١) ـ[ ٣] العبادات (٢)

تنتظم ما عدا المباح ، فتوصف العبادة بالوجوب ، والاستحباب ، والتحريم ، والكراهة.

كالصلاة المنقسمة إلى الواجبة والمستحبة ، وإلى صلاة الحائض ، وإلى الصلاة في الأماكن المكروهة ، والأوقات المكروهة.

والصوم المنقسم إلى الأربعة ، كصوم رمضان ، وشعبان ، والعيد (٣) والسفر.

وأما العقود فهي أسباب تترتب عليها الأحكام الشرعية من الوجوب والندب ، والكراهة ، والتحريم ، والإباحة.

فإن عقد البيع ـ مثلا ـ يوصف بالإباحة. ويترتب على البيع الصحيح وجوب التسليم إلى المشتري والبائع في العوضين ، وتحريم المنع منه ، وإباحة الانتفاع ، وكراهة الاستحطاط بعد الصفقة ، واستحباب إقالة النادم.

وتلحق أيضا (٤) الأحكام الخمسة نفس العقد وإن كان سببا ، فيجب البيع عند توقف الواجب عليه ، كإيفاء الدين ، ونفقة الواجبي النفقة ، والحج به ، وصرفه في الجهاد.

__________________

(١) في (ح) و (أ) : فائدة ، وهي زيادة ليست في (م).

(٢) في (م) زيادة : وهذه.

(٣) في (أ) : والعيدين.

(٤) زيادة من (م).

٣١

ويستحب البيع عند الربح إذا كانت السلعة مقصودا بها الاسترباح وقصد بذلك التوسعة على عياله ، ونفع المحتاج.

ويحرم البيع إذا اشتمل على ربا ، أو جهالة ، أو منع حق واجب كبيع راحلة الحاج إذا علم عدم إمكان الاستبدال ، وبيع المكلّف ماء الطهارة إذا علم فقده بعده.

ويكره البيع إذا استلزم تأخير الصلاة عن وقت الفضيلة.

ويباح حيث لا رجحان ولا مرجوحية.

وتلحق أيضا الأحكام الخمسة بمقدمات العقد ، فالوجوب : كوجوب العلم (في العوضين) (١).

والتحريم : كالاحتكار ، والتلقي ، والنجش عند من حرمهما (٢) (٣).

والكراهة : كالزيادة وقت النداء (٤) والدخول في سوم المؤمن.

والمستحب : التساهل (٥) في البيع ، وإحضاره إلى (٦) موضع يطلب فيه.

والمباح : ما خلا عن هذه الوجوه.

__________________

(١) في (ح) : بالعوضين.

(٢) في (ح) : حرمها.

(٣) انظر : ابن إدريس ـ السرائر : ٢٠٩ ـ ٢١٠ ، وابن سعيد ـ الجامع : ١١٢ (مخطوط بمكتبة السيد الحكيم برقم ٤٧٦) ، والعلامة الحلي ـ مختلف الشيعة : ٢ ـ ١٦٨ ، والشيرازي ـ المهذب : ١ ـ ٢٩١ ـ ٢٩٢.

(٤) أي الزيادة في الثمن حال نداء المنادي على السلعة ، بل يصبر حتى يسكت ثمَّ يزيد إن أراد.

(٥) في (ح) و (م) : كالشاهد ، وفي (ا) : الشاهد.

(٦) في (ح) و (م) و (أ) : في.

٣٢

والإيقاعات يترتب عليها ما قلناه في العقود.

وأما المسماة بالأحكام فالغرض منها إما بيان الإباحة ، كالصيد ، والأطعمة ، والإرث ، والأخذ بالشفعة.

وأما بيان التحريم ، كموجبات الحدود والجنايات ، وغصب الأموال.

واما بيان الوجوب ، كنصب القاضي ، ونفوذ حكمه ، ووجوب إقامة الشهادة عند التعيّن ، ووجوب الحكم على القاضي عند الوضوح.

وأما بيان الاستحباب ، كالطعمة في الميراث ، وآداب الأطعمة والأشربة والذبائح. والعفو في حدود الآدميين وقصاصهم ودياتهم.

وأما بيان الكراهة ، كما في كثير من الأطعمة والأشربة ، وآداب القاضي.

قاعدة ـ [٤ ]

لما ثبت في علم الكلام (١) أن أفعال الله تعالى معللة بالأغراض ، وأن الغرض يستحيل كونه قبيحا ، وأنه يستحيل عوده إليه تعالى ، ثبت كونه لغرض يعود إلى المكلّف ، وذلك الغرض إما جلب نفع إلى المكلف أو دفع ضرر عنه ، وكلاهما قد ينسبان إلى الدنيا ، وقد ينسبان إلى الآخرة.

فالأحكام الشرعية لا تخلو (عن أحد) (٢) هذه الأربعة. وربما اجتمع في الحكم أكثر من غرض واحد ، فان المتكسب لقوته وقوت عياله الواجبي النفقة (٣) أو المستحبي النفقة إذا انحصر وجهه في التكسب ،

__________________

(١) انظر : العلامة الحلي ـ كشف المراد شرح تجريد الاعتقاد : ١٦٩ (الطبعة الحجرية بإيران ١٣١٠ هـ).

(٢) في (ح) : من أمر واحد من.

(٣) زيادة من (م) و (أ).

٣٣

وقصد به التقرب ، فإن الأغراض الأربعة تحصل من (١) تكسبه. أما النّفع الدنيوي (فلحفظ النّفس عن) (٢) التلف. وأما الأخروي فلأداء الفريضة المقصود بها القربة. وأما دفع الضرر الأخروي فهو اللاحق بسبب ترك الواجب. وأما دفع الضرر الدنيوي فهو الحاصل للنفس بترك القوت.

قاعدة ـ [٥]

كل حكم شرعي يكون الغرض الأهم منه الآخرة ، إما لجلب النّفع فيها ، أو لدفع الضرر فيها ، يسمى عبادة أو كفارة.

وبين العبادة والكفارة عموم وخصوص مطلق ، فكل كفارة عبادة وليس كل عبادة كفارة. وما جاء في الحديث : (الصلوات الخمس كفارة لما بينهن) (٣) ، و (ان غسل الجمعة كفارة من الجمعة إلى الجمعة) (٤) ، و (أن الحج والعمرة ينفيان الذنوب) (٥) ، و (أن العمرة كفارة كل ذنب) (٦) ، لا ينافي ذلك ، فإن الصلاة والحج

__________________

(١) في (ح) : في.

(٢) في (م) : فيحفظ النّفس من.

(٣) انظر : السيوطي ـ الجامع الصغير بشرح المناوي : ٢ ـ ٨٢.

(٤) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٢ ـ ٩٤٥ ، باب ٦ من أبواب الأغسال المسنونة ، حديث : ١٤.

(٥) انظر المصدر السابق : ٨ ـ ٨٧ ، باب ٤٥ من أبواب وجوب الحج حديث : ١.

(٦) انظر : المصدر السابق : ١٠ ـ ٢٤٠ ، باب ٣ من أبواب العمرة ، حديث : ٧.

٣٤

يتصور فيهما الوقوع ممن لا ذنب له ، كالمعصوم.

قاعدة ـ[ ٦ ]

وكل حكم شرعي يكون الغرض الأهم منه الدنيا ، سواء كان لجلب النّفع ، أو دفع الضرر ، يسمى معاملة ، سواء كان جلب النّفع ودفع الضرر مقصودين بالأصالة أو بالتبعية.

فالأوّل : هو ما يدرك بالحواس الخمس ، فلكل حاسة حظ من الأحكام الشرعية.

فللسمع : الوجوب ، كما في القراءة الجهرية. والتحريم ، كما في سماع الغناء وآلات اللهو.

وللبصر : الوجوب ، كما في الاطلاع على العيوب ، وإرادة التقويم.

والتحريم ، كما في تحريم النّظر إلى المحرمات.

وللّمس : أحكام الوطء ومقدماته ، والمناكحات ، ثبوتا وزوالا إذ الغرض الأهم منها اللمس. ومما يتعلق باللمس : اللباس ، والأواني ، وإزالة النجاسات ، وتحصيل الطهارات.

ويتعلق بالذوق : أحكام الأطعمة والأشربة ، والصيد ، والذبائح.

وهذا في جلب النّفع ، وأما دفع الضرر المقصود بالأصالة فهو حفظ المقاصد الخمس ، كما سيأتي إن شاء الله.

والثاني (١) : هو ما تكون المصلحة مقصودة بالتبع (٢) ، فهو : كل وسيلة إلى المدرك بالحواس أو إلى حفظ المقاصد.

__________________

(١) في (أ) : وأما.

(٢) في (ح) : بالتبعية.

٣٥

قاعدة ـ [٧]

الوسائل خمس :

أحدها : أسباب تفيد الملك ، وهي ستة :

الأول : ما يفيد الملك للعين بعقد معارضة ، كالبيع ، والصلح ، والمزارعة ، والمساقاة ، والمضاربة.

الثاني : ما يفيد ملك العين بعقد لا معارضة فيه ، كالهبة ، والصدقة ، والوقف ، والوصية بالعين ، وقبض الزكاة والخمس ، والنذر.

الثالث : ما يفيد ملك العين لا بعقد ، كالحيازة ، والإرث ، وإحياء الموات ، والاغتنام ، والالتقاط.

الرابع : ما يفيد ملك المنفعة بعقد معاوضة ، كالإجارة.

الخامس : ما يفيد ملك المنفعة بعقد غير معاوضة ، كالوصية بالمنفعة ، والعمرى عند الشيخ (١) (٢) ، وابن إدريس (٣) (٤).

__________________

(١) هو أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي شيخ الإمامية ورئيسها ولد في رمضان سنة ٣٨٥ هـ وقدم العراق من طوس سنة ٤٠٨ هـ. أعطي له كرسي الكلام في بغداد. هاجر إلى النجف وبقي هناك إلى أن توفي في شهر محرم الحرام سنة ٤٦٠ هـ. صنف في أكثر علوم الإسلام وفنونه. (القمي ـ الكنى والألقاب : ٢ ـ ٣٦٢).

(٢) انظر : الشيخ الطوسي ـ المبسوط : ٣ ـ ٣١٦ ، والخلاف : ٢ ـ ٦ مسألة : ٥.

(٣) هو محمد بن أحمد بن إدريس الحلي شيخ فقهاء الحلة توفي فيها سنة ٥٩٨ وهو ابن خمس وخمسين سنة صاحب كتاب السرائر ومختصر تبيان الشيخ الطوسي. (القمي ـ الكنى والألقاب : ١ ـ ٢٠٥).

(٤) انظر : السرائر : ٣٧٦.

٣٦

السادس : ما يفيد ملك المنفعة لا بعقد ، كإرث المنافع.

الوسيلة الثانية : أسباب تسلط (١) على ملك الغير ، وهي أقسام خمسة :

الأول : ما يسلط عليه بالتملك قهرا ، كالشفعة ، والمقاصة للمماطل وبيع مال الممتنع عن الحق الواجب ، ورجوع البائع في عين ماله للتفليس مطلقا ، وللموت إن كان في المال وفاء ، وفسخ البائع بخياره ، إن قلنا بانتقال المبيع بالعقد ، وهو الأصح.

الثاني : ما يسلط على ملك الغير بالتصرف لمصلحة المتصرف خاصة كالعارية.

الثالث : ما يسلط على ملك الغير بالتصرف لمصلحة المالك خاصة ، كالوديعة المأذون في نقلها وإخراجها ، والوكالة المتبرع بها.

الرابع : ما يسلط لمصلحتهما ، كالشركة ، والقراض ، والوكالة يجعل.

الخامس : ما يسلط على ملك الغير بمجرد وضع اليد ، كالوديعة غير المأذون له (٢) فيها إذا لم يحتج إلى النقل.

الوسيلة الثالثة : أسباب تقتضي منع المالك من التصرف في ماله ، وهي :

أسباب الحجر الستة (٣) وما يضاهيها ، كحجر الزوج على المرأة فيما يتعلق بالاستمتاع ، وحجر البائع والمشتري لتسليم الثمن والمثمن ، والحجر على سيد أم الولد فيما يتعلق بإخراجها عن ملكه ، إلا في

__________________

(١) في (ح) و (أ) : التسلط.

(٢) زيادة من (أ).

(٣) وهي : الجنون ، والصغر ، والرق ، والفلس ، والمرض المتصل بالموت ، والسفه.

٣٧

مواضع معدودة (١).

الوسيلة الرابعة : ما هو وصلة إلى حفظ المقاصد الخمسة ، وهي : النّفس ، والدين ، والعقل ، والنسب ، والمال ، التي لم يأت تشريع إلا بحفظها ، وهي (الضروريات الخمس).

فحفظ النّفس بالقصاص ، أو الدية ، أو الدفاع.

وحفظ الدين بالجهاد ، وقتل المرتد.

وحفظ العقل بتحريم المسكرات والحدّ عليها.

وحفظ النسب بتحريم الزنا ، وإتيان الذكران والبهائم ، وتحريم القذف والحد على ذلك.

وحفظ المال بتحريم الغصب ، والسرقة ، والخيانة ، وقطع الطريق والحدّ والتعزير عليها.

الوسيلة الخامسة : ما كان مقويا لجلب المصلحة ودفع (٢) المفسدة وهو القضاء والدعاوي ، والبيّنات ، وذلك لأن الاجتماع من ضروريات المكلفين ، وهو مظنة النزاع ، فلا بد من حاسم لذلك وهو الشريعة.

ولا بد لها من سائس وهو الإمام ونوابه ، والسياسة بالقضاء وما يتعلق به.

__________________

(١) وهي ثمانية مواضع : (أ) في ثمن رقبتها مع إعسار مولاها (ب) إذا جنت على غير مولاها. (ج) إذا عجز مولاها عن نفقتها. (د) إذا مات قريبها ولا وارث له سواها. (هـ) إذا كان علوقها بعد الإفلاس. (و) إذا مات مولاها ولم يخلف سواها وعليه دين مستغرق. (ز) إذا كان علوقها بعد الارتهان. (ح) بيعها على من تنعتق عليه. انظر : الشهيد الأول ـ اللمعة الدمشقية ، طبعت مع شرحها الروضة البهية للشهيد الثاني : ١ ـ ٢٤٦ ـ ٢٤٧ (الطبعة الحجرية).

(٢) في (ح) و (أ) : وذب ، وفي (م) : دون.

٣٨

وبهذه المقاصد والوسائل تنتظم كتب الفقه.

قاعدة ـ[٨]

الحكم : خطاب الشرع المتعلق بأفعال (١) المكلفين بالاقتضاء أو التخيير.

وزاد بعضهم (٢) : أو الوضع.

والوضع : هو الحكم على الشي‌ء بكونه سببا ، أو شرطا ، أو مانعا.

فلنذكر أحكام هذه الثلاثة في قواعد.

قاعدة ـ[ ٩ ]

السبب لغة (٣) : ما يتوصل به إلى آخر.

واصطلاحا : كل وصف ظاهر منضبط دلّ الدليل على كونه معرفا لإثبات حكم شرعي بحيث يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم ، ويمتنع وجود الحكم بدونه ، (وتخلف الحكم عنه يكون إما لوجود مانع أو فقد) (٤) شرط (٥).

__________________

(١) في (م) : بأحكام.

(٢) انظر : العلامة الحلي ـ تهذيب الوصول : ٢ (الطبعة الحجرية) وابن الحاجب ـ مختصر المنتهى الأصولي : ٣٤.

(٣) انظر : الجوهري ـ الصحاح : ١ ـ ٦١ ، فصل السين من باب الباء ، مادة (سبب).

(٤) في (م) : ويتخلف الحكم عنه لكونه سببا إما بوجود مانع أو فقدان.

(٥) في (ح) زيادة : (ووجود الحكم بدونه محال ، لأن المراد به نوع السبب فإذا عدم بعض أصنافه ووجد الحكم عند صنف آخر فهو

٣٩

قاعدة ـ [١٠ ]

السبب إما معنوي أو وقتي :

فالأوّل : أن يكون الوصف مستلزما لحكمة باعثة على شرعية الحكم المسبب ، كالملك ، فإنه سبب الانتفاع والإتلاف والمباشرة. واليد ، فإنها سبب الضمان. والزنا ، فإنه سبب الحدّ.

والثاني : أن يكون الوقت مقتضيا لثبوت حكم شرعي ، كمواقيت الصلاة.

قاعدة ـ [١١]

من الأسباب ما لا تظهر فيه المناسبة وإن كان مناسبا في نفس الأمر كالدلوك وباقي أوقات الصلاة الموجبة للصلاة ، والحدث الموجب للوضوء والغسل ، والاعتداد مع عدم الدخول ، واستئناف العدة في المسترابة بعد التربص. وعدّ منه : الهرولة في السعي ، ورمي الجمرات ، وتقديم الأضعف على الأقوى في ميراث الغرقى ، على القول الأصح من عدم التوريث مما ورث منه.

والحكمة الظاهرة في ذلك مجرد الإذعان والانقياد ، ومن ثمَّ قيل : بأن الثواب فيه أعظم ، لما فيه من الانقياد المحض.

ومنها ما تظهر فيه المناسبة ، ويختص باسم (العلة) ، كالنجاسة الموجبة للغسل ، والزنا الموجب للحدّ ، والقتل الموجب للقصاص ، والقذف الموجب للحدّ ، والكبيرة الموجبة للفسق.

__________________

تابع لذلك الآخر. أو نقول : الحكم الخاصّ المستند إلى سبب خاص يمتنع وجوده بدونه).

٤٠