القواعد والفوائد - ج ١

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

القواعد والفوائد - ج ١

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: السيّد عبد الهادي الحكيم
الموضوع : الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٧
الجزء ١ الجزء ٢

قاعدة ـ [٤٩]

لو علق حكما على سبب متوقع ، وكان ذلك الحكم يختلف بحسب وقت التعليق ووقت الوقوع ، ففي اعتبار أيهما؟ وجهان ، مأخذهما من الموصي بثلث ماله هل يعتبر يوم الوصية أو يوم الوفاة؟ والمشهور عندنا (١) :

الثاني : لأن بالموت يملك الموصى له. وكذا الصفات المعتبرة في الوصي (٢).

ومن قال : باعتبار يوم الوصية (٣) ، أجراه مجرى (النذر ، كما) (٤) لو نذر الصدقة بثلث ماله ، فإنه معتبر عند النذر إذا كان منجزا. ولو كان معلقا على شرط ففيه الوجهان. وكذا لو أطلق العبد الوصية فتحرر ومات ، أو نذر العتق أو الصدقة فتحرر ، أو علق الظهار على مشيئة زيد وكان ناطقا فخرس ، فهل تعتبر الإشارة حينئذ كما لو كان أخرس ابتداء؟ أو نذر عتق عبده عند شرط متوقع فوقع حال المرض ، ففيه الوجهان.

قاعدة ـ [٥٠]

لو شك في سبب الحكم بنى على الأصل ، فهنا صورتان :

إحداهما : أن يكون الأصل الحرمة ويشك في سبب الحل ، كالصيد

__________________

(١) انظر : الشيخ الطوسي ـ الخلاف : ٢ ـ ٤٣ ، والعلامة الحلي ـ تحرير الأحكام : ١ ـ ٢٩٤.

(٢) في (ح) و (م) : الموصي.

(٣) ذهب إليه بعض الشافعية. انظر : الشيرازي ـ المهذب : ١ ـ ٤٥١ ، والسيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ١٩٧.

(٤) زيادة من (ح) و (م).

١٨١

المتردي بعد رميه ، وكالجلد المطروح أو اللحم مع عدم قيام قرينة معينة.

ولو ظن تأثير السبب ظنا غالبا خرج عن الأصل ، كما لو كانت الضربة قاتله ، أو لم يعرض له سبب آخر.

الثانية : أصالة الحل والشك في السبب المحرم ، كالطائر المقصوص ، والظبي المقرّط (١) وقوى (٢) الأصحاب التحريم (٣).

أما لو علق أحد رجلين ظهار زوجته بكون الطائر غرابا ، وعلقه الآخر بكونه غير غراب ، فالأولى عدم وقوع الظهارين ، إذا امتنع استعلام حاله ، عملا بالأصل ، وإن كان الاجتناب أحوط. ولو كان في زوجتين لواحد ، اجتنبهما ، لأنه قد علم تحريم إحداهما في حقه لا بعينها.

ولو غلب الظن على تأثير السبب بنى على التحريم ، كما لو بال كلب في الماء فوجده متغيرا. أما لو كان بعيدا فلا أثر له ، كتوهم الحرمة فيما في يد الغير ، وإن كان الورع ترك ما في يد من لا يجتنب المحارم ، وقد روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : (اني لأجد التمرة ساقطة على فراشي فلو لا أني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها) (٤).

ولو تساوى الاحتمالان ، كطين الطريق ، وثياب مدمن الخمر (٥) والنجاسة ، والميتة مع المذكى غير المحصور ، والأخت مع نساء غير محصورات

__________________

(١) القرط : الّذي يعلق في شحمة الاذن.

(٢) في (م) و (أ) : فظاهر.

(٣) انظر : الشيخ الطوسي ـ المبسوط : ٦ ـ ٧٥ ، وابن إدريس ـ السرائر : ٣٦٠ ، والعلامة الحلي ـ التحرير. ٢ ـ ١٥٨.

(٤) انظر : المتقي الهندي ـ كنز العمال : ٣ ـ ٢٨٥ ، حديث : ٤٧٠٥ (باختلاف بسيط). وقد تقدم في قاعدة ٢٦.

(٥) زيادة من (أ).

١٨٢

فالأقرب البناء على الحل ، وإن كان تركه أحوط مع وجود غيره مما لا شبهة فيه. أما لو انحصرا ، فالأولى الحرمة ، لأنه من باب ما لا يتم الواجب إلا به.

ولو عم في بلدة (١) الحرام وندر فيها الحلال ، فالأولى التجنب مع الإمكان ، ولو لم يمكن ، تناول ما لا بد منه من غير تبسط. هذا إذا علم المالك ، ولو جهل فعندنا الفرض الخمس ، فيمكن أن يقال : من تناول منه خمسه. وعند العامة (٢) كل مال جهل مالكه ولا يتوقع معرفته فهو لبيت المال. وقد نظم بعضهم (٣) وجوه بيت المال فقال :

جهات أموال بيت المال سبعتها

في بيت شعر حواها فيه لافظه (٤)

خمس ، خراج ، وفي‌ء ، جزية ، عشر

وإرث فرد ، ومال ضل حافظه (٥)

وظاهر كلام أصحابنا (٦) انحصار وجوه بيت المال في المأخوذ من الأرض المفتوحة عنوة ، خراجا أو مقاسمة. ويمكن إلحاق سهم سبيل الله في الزكاة به على القول بعمومه (٧). وقد ذكر (٨)

__________________

(١) زيادة من (أ).

(٢) انظر : ابن عبد السلام ـ قواعد الأحكام : ١ ـ ٨٤.

(٣) هو القاضي بدر الدين بن جماعة. انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٥٦٤.

(٤) في الأشباه والنّظائر : كاتبه.

(٥) في الأشباه والنّظائر : صاحبه.

(٦) انظر : العلامة الحلي ـ تذكرة الفقهاء : ١ ـ ٤٢٧.

(٧) قيل : ان مصرف سبيل الله القرب كلها ، وهو اختيار المصنف في اللمعة. وقيل : يختص بالجهاد. انظر : الشهيد الثاني ـ الروضة البهية : ١ ـ ١٠٩.

(٨) في (ح) زيادة : بعض.

١٨٣

الأصحاب (١) أن مصرف الجزية عسكر الإسلام. والعشر لا أصل له عندنا (٢). وإرث من لا وارث له للإمام. والمال المأيوس من صاحبه يتصدق به. نعم قد يشكل (٣) المرتضى (٤) رحمه‌الله في دية الجناية على الميت أنها لبيت المال. ويجري في كلام بعض أصحابنا (٥) أن ميراث من لا وارث له لبيت المال. وأما الخمس فمصرفه معروف عندنا.

قاعدة ـ [٥١]

الشرط إذا دخل على السبب منع تنجيز حكمه لا سببيته ، كتعليق الظهار على دخول الدار ، فإنه لو لا التعليق وقع الظهار في الحال.

وعند الحنفية (٦) ، ويظهر من كلام الشيخ (٧) ، منع سببية السبب

__________________

(١) انظر : الشيخ الطوسي ـ الخلاف : ٢ ـ ٥١ ، والعلامة الحلي ـ تذكرة الفقهاء : ١ ـ ٤٤٢.

(٢) ذكر الشيخ الطوسي والعلامة الحلي أن الأعشار التي تؤخذ من المشركين للمقاتلة المجاهدين ، كالجزية. انظر : الخلاف : ٢ ـ ٥١ ، وتذكرة الفقهاء : ١ ـ ٤٤٢.

(٣) في (ك) : استشكل.

(٤) انظر : الانتصار : ٢٧٢ ، وأجوبة المسائل الموصليات الثانية : ٦٨ (مخطوطة بمكتبة السيد الحكيم العامة بالنجف برقم ٤٣٨).

(٥) انظر : العلامة الحلي ـ قواعد الأحكام : ٢١٤ ـ ٢١٥.

(٦) انظر أصول السرخسي : ٢ ـ ٣٥ ، وعبد العزيز البخاري ـ كشف الأسرار : ٤ ـ ١٧٣ ، والزنجاني ـ تخريج الفروع على الأصول : ٦٤ ـ ٦٥.

(٧) انظر : الشيخ الطوسي ـ المبسوط : ٥ ـ ١٥٤.

١٨٤

لأنه داخل على ذات السبب.

قلنا : بل دخل على حكم السبب ، وهو التنجيز ، فأخره (١).

وتظهر الفائدة في مسائل :

منها : أن البيع بشرط الخيار ينعقد سببا لنقل الملك في الحال ، وإنما أثر الشرط في تأخير حكم السبب ، وهو اللزوم.

ومنها : أن الخيار يورث ، لأن الملك انتقل إلى الوارث ، والثابت له بالخيار حق الفسخ والإمضاء ، وهما راجعان إلى نفس العقد.

ومنها : بطلان تعليق الطلاق والظهار على النكاح ، وتعليق العتق على الملك ، لأن الصيغة المعلقة سبب لوقوع الطلاق عندهم (٢) ، والظهار عندنا ، ولا بد من كون المحل صالحا لاتصال الصيغة به حتى يمكن تأخيره وقبل النكاح ليس صالحا.

قاعدة ـ [٥٢]

المانع ثلاثة أقسام (٣) :

أحدها : ما يكون مانعا ابتداء واستدامة ، كالمعصية في السفر ، وكالردة تمنع صحة النكاح ابتداء وتبطله استدامة ، إما في الحال كقبل

__________________

(١) في (ح) زيادة : ابتداء.

(٢) أي عند غير الإمامية. انظر في ذلك : الشيرازي ـ المهذب : ٢ ـ ٨٨ ، وابن جزي ـ قوانين الأحكام الشرعية : ٢٥٦.

(٣) انظر في هذه القاعدة : ابن عبد السلام ـ قواعد الأحكام : ٢ ـ ١٠٣ ـ ١٠٤.

١٨٥

الدخول أو كون الزوج عن فطرة ، أو بعد انقضاء العدة في غيرها (١).

والرضاع كذلك. وفي الزنا ووطء الشبهة خلاف (٢).

ومنه : أن الملك يمنع من العقد ، ولو طرأ بعد النكاح أبطله.

وفي منع الكر من النجاسة استدامة كالابتداء ، قولان (٣) ، يعبر عنهما (بإتمام النجس كرا).

(ومنه : العنة في العنين) (٤) والجنون في الرّجل ابتداء يمنع لزوم العقد ، وكذا يمنع استدامة النكاح.

الثاني : ما يكون مانعا ابتداء لا استدامة ، كالإحرام ، يمنع من ابتداء النكاح ، وطريانه لا يبطله. والإسلام ، يمنع من ابتداء السبي ولا يمنع من (٥) استدامته. والتمكن من استعمال الماء ، مانع من ابتداء الصلاة ، ولا يبطل استدامتها في الأصح. والدين ، لا يصح ابتداء الرهن فيه ، ويصح بالاستدامة ، كما لو أتلف متلف الرهن ، فعوضه رهن ، وقد صار دينا ، لأنه ثبت في ذمة المتلف.

ولو سبي الذمي لم يحكم بإسلام المسبي ، ولو طرأ تملك ما سباه المسلم لم يخرج عن حكم الإسلام. وكذا ما عدا العنة والجنة (٦) من العيوب.

__________________

(١) في (ك) و (م) و (ح) : غيرهما. والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب ، لأن الضمير يعود إلى (الفطرة) أي أن الارتداد إن كان عن غير فطرة يبطل النكاح بعد انقضاء العدة.

(٢) انظر : العلامة الحلي ـ المختلف : ٤ ـ ٧٤ ـ ٧٧.

(٣) انظر : المصدر السابق : ١ ـ ٣.

(٤) في (ك) : ونية القنية في العين.

(٥) زيادة من (م) و (أ).

(٦) أي الجنون.

١٨٦

وعصف الريح يوجب الضمان لو كان ابتداء ، لا استدامة.

والإسلام يمنع من تملك الذمي إياه ، ولو طرأ الإسلام لم يزل ملك الذمي.

والارتداد يمنع من ابتداء الإحرام ، وفي منعه استدامة وجه ضعيف (١). فلو أسلم بعد الردة بنى (٢) ، على الأقوى ، كالمعصية في السفر ، والمأخذ : أن المؤمن لا يمكن كفره ، وقد تبين فساده في علم الكلام (٣). ولو سلم (٤) لم يكن مما نحن فيه ، لأن ذلك يكشف عن سبق الكفر.

والإحرام ، يمنع التوكيل في عقد النكاح ، ولو كان له وكيل لم ينعزل ، إلا أنه لا يباشر إلا بعد تحلل الموكل. ولا فرق بين الحاكم وغيره في أن إحرامه يمنع من عقد النكاح ، وهل يمنع إحرامه نوابه (٥) المحلّين من عقد النكاح؟ نظر. والإمام الأعظم أقوى في عدم المنع ، لأدائه إلى تعطيل حكام الأرض من التصرف.

والعدد في الجمعة شرط في الابتداء ، لا الدوام.

ولو جنى المرهون على سيده الراهن خطأ لم يثبت له الفك ، ولو جنى على مورث السيد فالأقرب أن له الفك ، لأن الفك وقع أولا للمورث.

الثالث : ما يكون مانعا استدامة لا ابتداء ، كابتداء الرهن (فان

__________________

(١) ذهب إليه بعض الشافعية. انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٢٠٣.

(٢) أي بنى على الإحرام.

(٣) انظر : العلامة الحلي ـ المسائل المهنائية : ورقة : ٣ (مخطوطة بمكتبة السيد الحكيم العامة بالنجف ، ضمن مجموع برقم : ١١٠٧).

(٤) في (ك) : أسلم والظاهر أن الصواب ما أثبتناه.

(٥) في (م) : تولية ، وفي (ا) : نيابة.

١٨٧

أمانته ترفع) (١) ضمان الغاصب ، على احتمال ، مع أنه لو تعدى في الاستدامة ضمن.

فائدة

من فروع المجاز : أن المشرف على الزوال هل له حكم الزائل ، أو حكم نفسه؟

ويترتب عليه :

دخول المكاتب في عتق عبيده إذا كان مطلقا أو مشروطا ، ولو أدى المطلق اتجه الكلام في الباقي. وكذا إقامة الحدّ عليه هل هي للسيد أو للحاكم؟

وجواز وطء المشتري الجارية بعد التنازع (٢) في الثمن قبل التحالف. وتغريم الغاصب إذا بلّ الحنطة وتمكن منها العفن بحيث لا يرجى عودها ، وكذا لو جعل منها هريسة ، أو غصب تمرا ودقيقا وسمنا واتخذ منه عصيدة ، فإن مصيره إلى الهلاك لمن ، لا يريده. وبيع العبد الجاني بما يوجب القصاص في النّفس ، وبيع المرتد خصوصا عن فطرة ، ورهن ما يتسارع إليه الفساد قبل الأجل ولم يشترط بيعه ، ورهن ثمنه ، والحجر بظهور إمارة الفلس ، كأن تكون الديون مساوية لماله إلا أن كسبه لا يفي بمئونته فإنه مشرف على قصور ماله عن ديونه. وينعكس فيما لو كانت أمواله أقل لكن كسبه يزيد عن مئونته ، فهو مشرف على الغنى.

__________________

(١) في (ح) : فإنه أمانة يرفع.

(٢) في (م) و (أ) : النزاع.

١٨٨

قاعدة ـ [٥٣]

الواجب : ما يذم تاركه شرعا لا إلى بدل.

ويطلق على ما لا بد منه وإن لم يتعقبه الذم. ويبنى عليه :

نية الصبي ـ في تمرينه ـ (١) الوجوب. وإن استعمله (٢) في الطهارة الكبرى هل يلحقه حكم الاستعمال؟ وأن طهارته الواقعة في الصبي مجزية حتى لو بلغ لم يجب إعادتها. وأن صلاته في أول الوقت صحيحة ، فلو بلغ لم يعدها. والأصح وجوب الإعادة في الموضعين (٣). وأنه لو غسل ميتا أو صلى عليه هل يعتد به؟ والأصح عدم الاعتداد (٤).

فصل

الواجب على الكفاية له شبه بالنفل من حيث يسقط عن البعض بفعل الباقين. وقد يسقط بالتعرض له فرض العين ، كمن له مريض يقطعه تمريضه عن الجمعة ، وإن كان غيره من الأقارب قد يقوم مقامه ، ومن ثمَّ ظن بعض الناس (٥) : أن الإتيان بفرض الكفاية أفضل من فرض العين (٦) ، من حيث انه يسقط بفعله الحرج عن نفسه وعن غيره.

__________________

(١) في (ح) و (أ) زيادة : نية.

(٢) أي استعمل الماء.

(٣) وللشافعية قول بالاجزاء. انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٢٤١ ، ٢٤٦.

(٤) وهو قول للشافعية. انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٢٤١.

(٥) في (م) و (أ) : المتأخرين.

(٦) ذهب إليه أبو إسحاق الأسفراييني والجويني ووالده. انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ١٦٠ ، ٤٣٩ ، وعلاء الدين البعلي ـ القواعد والفوائد الأصولية : ١٨٨.

١٨٩

ويشكل : بجواز استناد الأفضلية إلى زيادة الثواب والمدح ، لا إلى إسقاط الذم.

اما الشروع فيه ، فإنه يلزم إتمامه غالبا ، كالجهاد وصلاة الجنازة.

ومن أن فيه شبها بالندب جاز الاستئجار عليه ، كالاستئجار على الجهاد. وربما جاز أخذ الأجرة على فرض العين ، كاللبأ (١) من الأم ، وإطعام المضطر إذا كان له مال ، فإنه يطعمه ويأخذ العوض.

قاعدة (٢) ـ [٥٤]

يصح الأمر تخييرا (بين أمور) (٣) ، ويتعلق بالقدر المشترك وهو مفهوم أحدها (٤) ، ولا تخيير فيه. ومتعلق التخيير الخصوصيات ، لأنه لا يجب عليه عين أحدها ، كما لا يجوز له الإخلال بجميعها.

وهل يصح النهي تخييرا؟

منع منه بعضهم (٥) ، لأن متعلقه هو مفهوم أحدها ، الّذي هو مشترك بينهما ، فيحرم جميع الأفراد ، لأنه لو دخل فرد إلى الوجود لدخل

__________________

(١) اللبأ : على فعل بكسر الفاء وفتح العين : أول الألبان عند الولادة. انظر : ابن منظور ـ لسان العرب : ١ ـ ١٥٠ ، مادة (لبأ).

(٢) في (ا) : فائدة.

(٣) زيادة من (ك) و (ح).

(٤) في (ك) : واحد.

(٥) وهم المعتزلة. انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ٥ ، ٨.

١٩٠

في ضمنه المشترك ، وقد حرم بالنهي.

لا يقال : ينتقض بالأختين ، والأم ، والبنت ، فإنه منهي عن التزويج بأيتهما شاء (١).

فنقول : التحريم هنا ليس على التخيير ، لأنه إنما يتعلق بالمجموع عينا لا بالمشترك بين الافراد ، ولما كان المطلوب أن لا تدخل ماهية المجموع في الوجود ، وعدم الماهية يتحقق بعدم جزء من أجزائها ، أي الأجزاء كان ، فأي أخت تركها خرج عن عهدة النهي عن المجموع ، لا لأنه نهي عن القدر المشترك ، بل لأن الخروج عن عهدة المجموع يكفي فيه فرد من أفراد ذلك المجموع ، ويخرج عن العهدة بواحدة لا بعينها.

وكذا نقول في خصال الكفارة لما وجب (٢) المشترك حرم ترك الجميع ، لاستلزامه ترك المشرك ، فالمحرم ترك الجميع لا واحدة بعينها من الخصال.

فلا يوجد نهي على هذه الصورة إلا وهو متعلق بالمجموع لا بالمشترك ، وكيف لا يكون كذلك ، ومن (٣) المحال العقلي أن يفعل فرد من نوع ، أو جزئي من كلي مشترك ، ولا يفعل ذلك المشترك المنهي عنه؟؟ لاشتمال الجزئي على الكلي بالضرورة ، وفاعل الأخص فاعل الأعم ، فلا يخرج عن العهدة في النهي إلا بترك كل فرد.

فرعان : أحدهما : يمكن التخيير بين الواجب والندب إذا كان التخيير بين جزء وكل ، لا بين أمور متباينة ، وذلك كتخيير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في قيام الليل بين الثلث ، والنصف ، والثلاثين (٤). وتخيير

__________________

(١) أورد هذا الإشكال وأجاب عنه القرافي في ـ الفروق : ٢ ـ ٦ ـ ٧.

(٢) في (ا) زيادة : القدر.

(٣) في (ا) : لأنه من.

(٤) قال تعالى في سورة المزمل : ١ ـ ٤ (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)

١٩١

المسافر في الأماكن الأربعة (١) بين القصر والإتمام ، وتخيير المدين في إنظار المعسر والصدقة (٢) ، وفي هذا يقال : المندوب أفضل من الواجب.

ثانيهما : قد يقع التخيير بين ما يخاف سوء عاقبته وبين ما لا خوف فيه ، كخبر الإسراء ، وأنه عليه‌السلام خير بين اللبن والخمر ، فاختار اللبن. فقال له جبرئيل عليه‌السلام : (اخترت الفطرة ولو اخترت الخمر لغوت أمتك) (٣). وليس هذا تخييرا بين المباح والحرام ، لأن سوء العاقبة يرجع إلى اختيار الفاعلين.

فائدة

من المبني على أن ما لا يتم الواجب إلا به واجب : وجوب غسل الثوب كله عند اشتباه النجاسة في اجزائه ، وغسل الثياب المحصورة عند اشتباه النجس منها ، ووجوب إعادة ثلاث صلوات أو الخمس عند اشتباه الفائتة ، ووجوب أجرة الكيال والوزان على البائع في المبيع وعلى

__________________

= الليل إلا قليلا أو انقص منه قليلاً أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً). قال بعض العلماء : خيره الله تعالى بين الثلث والنصف والثلثين. انظر : القرافي / الفروق : ٢/٩

(١) وهي : المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والحائر الحسيني ، ومسجد الكوفة.

(٢) في الفروق : ٢ ـ ١٠ : والإبراء ، بدلا من : الصدقة.

(٣) انظر : القرافي ـ الفروق : ٢ ـ ١٢. ورواه مسلم مجردا عن الفقرة الأخيرة وهي (ولو اخترت ..). انظر : صحيح مسلم : ١ ـ ١٤٥ ، باب ٧٤ من كتاب الإيمان ، حديث : ٢٥٩.

١٩٢

المشتري في الثمن. ووجوب الأكاف (١) ، والحزام ، والزمام (٢) ، والقتب (٣) ، على المؤجر.

فائدة

روى ابن عباس رضي‌الله‌عنهما عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : (إن الله تجاوز لي عن أمتي : الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه) رواه ابن ماجه (٤) ، والدارقطني (٥) بإسناد حسن ، وصححه الحاكم في المستدرك (٦) ، ورويناه نحن عن أهل البيت (٧) عليهم‌السلام.

__________________

(١) الأكاف والأكاف من المراكب شبه الرحال والأقتاب توضع على ظهرها. انظر : ابن منظور ـ لسان العرب : ٩ ـ ٨٠ ، مادة (أكف).

(٢) الزمام : الخيط الّذي يشد في البرة أو في الخشاش ثمَّ يشد في طرفه مقود الحيوان. انظر : الجوهري ـ الصحاح : ١ ـ ٢٩٥ ، مادة (زمم).

(٣) القتب رحل صغير على قدر سنام البعير. انظر : المصدر السابق : ١ ـ ٢٩٠ ، مادة (قتب).

(٤) روى هذا النص ابن ماجه عن أبي ذر الغفاري (رض). وروى عن ابن عباس : (إن الله وضع ..). سنن ابن ماجه : ١ ـ ٦٥٩ ، باب ١٦ من كتاب الطلاق ، حديث : ٢٠٤٣ ، ٢٠٤٥.

(٥) سنن الدار قطني : ٤ ـ ١٧٠ ـ ١٧١ ، حديث : ٣٣ من كتاب النذور ، بلفظ : (ان الله عزوجل تجاوز لأمتي).

(٦) انظر : ٢ ـ ١٩٨ ، بلفظ : (تجاوز الله عن أمتي).

(٧) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ١٦ ـ ١٧٣ ، باب ١٦ من أبواب الأيمان ، حديث : ٤ و ٥ (باختلاف بسيط). كما ورد بمضمونه عدة أحاديث. انظر نفس المصدر ، حديث : ٣ ، ٦ ، وج ١١ ـ ٢٩٥ ، باب ٥٦ من أبواب جهاد النّفس ، حديث : ١ ـ ٣.

١٩٣

وفي حكم الخطأ الجهل.

ولا بد فيه من تقدير ، ويعبر عنه (بالمقتضى) ، إما حكم ، أو إثم ، أو لازم ، أو الجميع ، على خلاف بين الأصوليين (١).

وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : (لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها) رواه مسلم (٢). وفيه دلالة على إضمار جميع التصرفات المتعلقة بالشحوم في التحريم ، وإلا لما توجه الذم على البيع.

وقد وقع في الأحكام ارتفاع الحكم ، كمن نسي صلاة الجمعة ، أو تكلم في الصلاة ناسيا ، أو فعل المفطر في الصوم المتعين ناسيا ، أو أخطأ فصلى بغير طهارة صحيحة ، أو ظن طهارة الماء فتطهر ، أو أكره على أخذ مال الغير.

وورد فيها ارتفاع الإثم ، كمن نسي صلاة الظهر ، أو ظن جهة القبلة فأخطأ ، فإنه لا يرتفع الحكم ، إذ يجب القضاء ، وإنما ترتفع المؤاخذة به ، والإثم عليه. ووجوب التدارك هنا من أمر جديد ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) انظر : العلامة الحلي ـ نهاية الأصول : بحث المجمل ـ في بيان أن رفع الخطأ ليس مجملا (مخطوطة بمكتبة السيد الحكيم العامة بالنجف برقم : ٨٧٨).

(٢) روى مسلم عدة أحاديث بهذا المضمون ، وليس بالنص الّذي أورده المصنف. انظر : صحيح مسلم : ٣ ـ ١٢٠٧ ، ١٢٠٨ ، باب ١٣ من أبواب المساقاة ، حديث : ٧١ ـ ٧٤. نعم أورده بهذا النص القرافي في ـ الفروق : ٣ ـ ٢٣٩ ـ ٢٤٠.

١٩٤

(من نام عن صلاة ، أو نسيها ، فليصلها إذا ذكرها) (١).

وقد يقع النسيان والخطأ في المنهيات عنها لذواتها ، وهو ثلاثة أقسام :

الأول : ما لا يتعلق بالغير ، كمن نسي فأكل طعاما نجسا ، أو جهل كون هذا خمرا فشربه. وهذا أيضا يرتفع فيه الحكم والإثم ، لأن الحد ـ مثلا ـ للزجر ، وذلك إنما يكون مع الذّكر.

الثاني : ما يتعلق بالغير ، كمن أكل ما أودعه نسيانا أو مخطئا ، فالمرفوع هنا الإثم والمؤاخذة بالتعزير ، وإن كان عليه الضمان.

الثالث : ما يتعلق بحق الله وحق العباد ، كالقتل خطأ أو نسيانا ، أو الإفطار في الصوم المتعين ، وهذا كالثاني فتجب الكفارة والدية.

وربما جعل هذا من (٢) خطاب الوضع ، كوجوب القيمة على النائم المتلف ، والصبي والمجنون ، وإن لم يتصور فيهم تكليف. ومثله الوطء بالشبهة ، ويمين الناسي. وفي حنث الجاهل نظر ، كما لو حلف على ترك شي‌ء في وقت معين ، ففعله جاهلا به والأقرب العدم ، للحديث (٣).

__________________

(١) أورده بهذا اللفظ الغزالي في ـ المستصفى : ٢ ـ ٥ (الطبعة الأولى) وانظر : سنن ابن ماجه : ١ ـ ٢٢٨ ، باب ١٠ من أبواب الصلاة ، حديث : ٦٩٨ ، وسنن النسائي : ١ ـ ٢٩٤ ، باب ٥٣ من أبواب المواقيت ، وصحيح الترمذي : ١ ـ ٢٨٩ ، باب ١٥ من أبواب الصلاة ، حديث : ١ (باختلاف في اللفظ).

(٢) في (ح) زيادة : باب.

(٣) لعله يقصد به حديث الرفع عما لا يعلم ، فقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (رفع عن أمتي تسعة أشياء : الخطأ ، والنسيان ، وما أكرهوا عليه ، وما لا يعلمون). انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ١١ ـ ٢٩٥ ، باب ٥٦ من أبواب جهاد النّفس ، حديث : ١ ، ٣.

١٩٥

ولو علق الظهار على فعل ، ففعله جاهلا به ، فالإشكال أقوى في وقوع الظهار.

واتفق الأصحاب (١) على أن الجاهل والناسي لا يعذران في قتل الصيد في الإحرام ، ولا في ترك شرط أو فعل من أفعال العبادات (٢) المأمور بها ، إلا ما ذكروه من الجهر والإخفات ، والقصر والتمام.

وبعضهم (٣) جعل ما هو من قبيل الإتلاف في محرمات الإحرام لا حقا بالصيد ، كحلق الشعر ، وقلم الظفر ، وقلع الحشيش والشجر في الحرم.

وقالوا : يعذر المخطئ في دفع الزكاة إلى من ظهر غناه أو فسقه إذا اجتهد (٤) ، وفي بقاء الليل مع المراعاة فيظهر خلافه ، وفي دخول الليل فيكذب ظنه.

ومن ذلك : الصلاة خلف من يظنه أهلا فبان غير ذلك.

ويشكل في الجمعة ، لأن من شرط صحتها الإمام فينبغي البطلان لو ظهر عدم الأهلية. وكذا في العيد مع الوجوب.

ولو أخطأ جميع الحاج فوقفوا العاشر ، فالأقرب الإجزاء ، للمشقة العامة ، وكثرة وقوعه ، بخلاف الثامن ، لندور شهادة الزور مرتين في شهرين ، بخلاف ما إذا أخطأ شرذمة قليلة فوقفوا العاشر ، فان التفريط

__________________

(١) انظر : الشيخ الطوسي ـ الخلاف : ١ ـ ١٦٧ ، وابن إدريس ـ السرائر : ١٢٤ ـ ١٢٥ ، والعلامة الحلي ـ تحرير الأحكام : ١ ـ ١١٥.

(٢) في (أ) و (م) : العبادة.

(٣) انظر : الشافعي ـ الأم : ٢ ـ ١٧٥ ، والنوويّ ـ المجموع : ٧ ـ ٣٤٢.

(٤) هو قول للشافعية والأصح عند الحنابلة ، انظر : الشيرازي ـ المهذب : ١ ـ ١٧٥ ، والسيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٢٠٧ ، وابن رجب ـ القواعد : ٢٣٦.

١٩٦

منهم ، حيث لم يبحثوا.

قاعدة ـ [٥٥]

الإكراه يسقط أثر التصرف ، إلا في مواضع :

الأول : إسلام الحربي ، والمرتد عن ملة ، والمرأة مطلقا ، لا (١) الذمي.

الثاني : الإرضاع ، فينشر الحرمة لارتباطه بصورة وصول اللبن إلى الجوف لا بالقصد.

الثالث : الإكراه على القتل.

الرابع : الإكراه على الحدث بالنسبة إلى الصلاة ، والطواف.

الخامس : طلاق المظاهر والمولي ، ومع الاشتباه بين الزوجين ، حيث حكمنا بصحة الإكراه.

السادس : بيع المال في الحقوق الواجبة ولا سبيل إلا به.

السابع : قبض الزكاة والخمس ، فإنه معتبر مع الإكراه.

الثامن : اختيار من أسلم على أكثر من النصاب لو أدى الأمر إلى إكراهه عليه.

التاسع : تولي الحد والقصاص لو لم يباشره أحد إلا بالإكراه.

واختلف في الإكراه على فعل المنافي في الصلاة (٢) عدا الحدث.

__________________

(١) في (ك) : إلا. وفي وجه للشافعية أنه لا أثر لا كراهة. انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٢٢٤.

(٢) ذهب الشافعية إلى أنه لا أثر للإكراه في فعل المنافي للصلاة ، فإنه يبطلها. انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٢٢٣.

١٩٧

وفي تحقق الإكراه على زنا الرّجل (١) ، والأظهر تحققه ، لأن الانتشار طبيعي ، والإكراه إنما هو على الإيلاج ، وهو متصور (٢).

قاعدة ـ [٥٦]

الأمر والنهي متعلقهما إما أن يكون معينا أو مطلقا.

والمعين إما أن يتجزأ ، أو لا.

والأول : يشترط في الأمر الاستيعاب ، كمن حلف على الصدقة بعشرة ، فلا يكفي البعض.

وفي النهي يكفي الانتهاء عن البعض ، فلو حلف على أن لا يأكل رغيفا ، أو علق الظهار به ، فلا بد من استيعابه في تحقق الحنث ، فلا يحنث بالبعض ، لأن الماهية المركبة تعدم بعدم جزء منها.

وقال بعض العامة (٣) : يحنث في النهي بمباشرة البعض ، فلو أكل بعض الرغيف المحلوف على تركه حنث ، لأنه إذا أكل منه شيئا فقد أخرجه عن مسمى الرغيف ، لأن الحقيقة المركبة تعدم بعدم بعض أجزائها.

قلنا : توجه النهي إنما هو على المجموع.

واما ما لا يتجزأ فلا فرق بين الأمر والنهي ، كالقتل ، لو حلف

__________________

(١) ذهب بعض الشافعية إلى أن الإكراه لا يتصور في زنا الرّجل فلا أثر له. انظر : السيوطي ـ الأشباه والنّظائر : ٢٢٨.

(٢) في (م) و (أ) : مقصود ، والظاهر أن الصواب ما أثبتناه.

(٣) ذهب إليه بعض الحنفية والمالكية. انظر : القرافي ـ الفروق : ٣ ـ ٧٤ ، ٧٦ ، وقاضي خان ـ الفتاوى الخانية : ٢ ـ ٤٥ ، وابن عابدين ـ رد المختار : ٣ ـ ٩٦ ـ ٩٧.

١٩٨

على فعله أو تركه.

واما المطلق : ففي الأمر يخرج عن العهدة بجزئي من جزئياته ، وفي النهي لا بد من الامتناع عن جميع جزئياته ، فلو حلف على أكل رمان ، برّ بواحدة ، ولو حلف على تركه ، لم يبرّ إلا بترك الجميع ، لأن المطلق في جانب النهي كالنكرة المنفية في العموم مثل : لا رجل عندنا.

قاعدة ـ [٥٧]

النهي في العبادات مفسد وإن كان بوصف خارج ، كالطهارة بالماء المغصوب ، والصلاة في المكان المغصوب.

وفي غيرها مفسد إذا كان عن نفس الماهية ، لا لأمر خارج ، فالبيع المشتمل على الرّبا فاسد لا يملك المساوي ولا الزائد ، والبيع وقت النداء صحيح ، لأن النهي في الأول لنفس ماهية البيع ، وفي الثاني لوصف خارج.

وفي ذبح الأضحية والهدي بآلة مغصوبة ، نظر.

فائدة (١)

مما يشبه الأمر الوارد بعد الحظر : النّظر إلى المخطوبة هل هو مجرد الإباحة أم مستحب؟ والإبراد في شدة الحر كذلك. ورجوع المأموم إذا سبق الإمام بركن ، ظاهر الأصحاب وجوبه. وكقتل الأسودين (٢) ، الحية والعقرب ، في الصلاة ، وقد وقع (٣) الأمر به (٤) ، مع أن

__________________

(١) في (ح) و (م) : قاعدة.

(٢) في (ح) : الأسود من.

(٣) في (ح) و (م) : ورد.

(٤) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٤ ، ١٢٦٩ ـ ١٢٧٠ ، باب ١٩ من أبواب قواطع الصلاة ، حديث : ١ ـ ٥.

١٩٩

الأفعال الكثيرة في الصلاة محرّمة ، والقليلة مكروهة ، فهل هذا مع القلة مستحب أم مباح؟

قاعدة ـ [٥٨]

مما يجب على الفور من الأوامر بدليل من خارج : دفع الزكاة ، والخمس ، والدين عند المطالبة ، لأن المقصود من شرعية الزكاة والخمس سدّ خلة الفقراء ومعونة الهاشميين ، ففي تأخيرهما إضرار بهم لا سيما مع تعلق أطماعهم به. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لأن تأخيرهما كالتقرير على المعصية. والحكم بين الخصوم ، لأن المعتدي (١) منهما ظالم فيجب كفه عن ظلمه ، كالأمر بالمعروف ، ولأن ظلمه مفسدة ناجزة ، وتأخر الحكم يحققها. وإقامة الحدود والتعزيرات ، لأن في تأخيرها تقليل الزجر عن المفاسد المترتبة عليها ، إلا أن يعرض ما يوجب التأخير ، كخوف الهلاك ، والسراية حيث لا يكون القصد إتلاف النّفس.

ومنها : الجهاد ، وقتال البغاة ، لئلا تكثر المفسدة.

ومنها : الحج عندنا ، لدلالة الأخبار عليه (٢). ولأن تأخيره كالتفويت ، لجواز عروض العارض ، إذ قد يتمادى تأخيره سنة إلى سنة ، والسلامة فيها من العوارض ، مشكوك فيه.

ومنها : الكفارات ، لأنها كالتوبة الواجبة على الفور من المعاصي.

ورد السلام ، لفاء التعقيب في قوله تعالى (فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها) (٣).

__________________

(١) في (أ) و (م) و (ح) : المتعدي.

(٢) انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٨ ـ ١٦ ـ ٢١ ، باب ٦ من أبواب وجوب الحج ، حديث : ١ ـ ١٢.

(٣) النساء : ٨٦.

٢٠٠